بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

قضـــــاء الأحداث


المقـدمـــة:
تجمع القوانين على أن الحدث هو صغير السن الذي لم تكتمل لديه عناصر المسؤولية والمتمثلة في عنصر الخطأ الذي نعني به إتيان فعل مجرم قانونا ومعاقب عليه سواء عن قصد أو دون قصد، وعنصر الأهلية حتى يتم إسناد الفعل المجرم إلى الشخص .فلا يتم مساءلة الشخص عن تصرفاته إلا إذا كان قادرا على التمييز بين الأفعال. ويعتبر المرء حدثا في نظر القانون في فترة معينة، وبذلك يكون غير مسؤول عن أفعاله في تلك الفترة. ولا نعني بذلك انعدام المسؤولية كلية بل تقوم مسؤوليته لكن بصفة جزئية نظرا لعدم بلوغه سن الرشد الجزائي. ولقد وضع المشرع الجزائري قرينة في المادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية مفادها أن كل من بلغ سن الثامنة عشرة سنة يكون مسؤولاً جزائيا عن أفعاله لبلوغه سن الرشد الجزائي.
كما عرفت اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة سنة 1959الحدث بقولها أن كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه.كما نصت القاعدة الثانية من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون الأحداث بأن الحدث هو الطفل صغير السن يجوز بموجب النظم القانونية ذات العلاقة مساءلته عن جرم بطريقة تختلف عن طريقة مساءلة البالغ.
وتعتبر مشكلة الأحداث المنحرفين والمعرضين للانحراف من أهم مشاكل العصر الحديث التي وضعتها الدول على رأس اهتماماتها الكبرى وهذا للآثار السلبية التي تنجر عنها , والتي تنعكس على المجتمع في كل جوانبه .ولهذا حرصت الدول على التعامل مع ظاهرة انحراف الأحداث كمشكلة اجتماعية قبل أن تكون قضية جزائية تستحق الوقاية والعلاج والإصلاح أكثر مما تستحق المتابعة بهدف توقيع الجزاء. ومن أجل هذا الغرض وخاصة لما كان الحدث في حاجة إلى رعاية خاصة وعناية تتناسب مع سنه ومستواه العقلي وحالته النفسية وقلة تجاربه وممارساته في الحياة رئي تفريد قضايا هذه الشريحة الهامة من المجتمع بقضاء خاص. وفي هذا الصدد قال العالم الأمريكي الدكتور"فريدريك وانيز" الذي خاطب مواطنيه قائلا:"إننا نضع مجرمين من أطفال غير مجرمين بمحاكمتنا إياهم ومعاملتهم كأنهم مجرمون ولكن في الواقع أمر خاطئ خطير يلزم تجنبه ويجب أن يهدف نظامنا الجزائي إلى تغيير هذا الأسلوب الضار وإيجاد محاكم خاصة للأحداث الذين يقترفون الجرائم ويقدمون على مخالفة القانون وتعيين قضاة لا يمارسون أي عمل سوى النظر في دعاوى صغار الجانحين".
ومع التقدم والوعي الاجتماعي فيما يتعلق بمعاملة الأحداث والاهتمام بهذه الفئة على المستوى الدولي الذي تجسد في مواثيق دولية هامة ابتداء من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29-11-1985، ودعت الدول الأعضاء إلى تكييف تشريعاتها وسياستها الوطنية وفقا لهذه القواعد التي تعكس أهداف قضاء الأحداث والشروط الدنيا المقبولة دوليا لمعاملة الأحداث المنحرفين، مرورا باتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20-11-1989، والتي تهدف إلى حماية المصلحة الفضلى للأطفال، إلى مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لمنع جنوح الأحداث أو ما يعرف بمبادئ الرياض التوجيهية، وكذا قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14-12-1990. وقد انعكس الاهتمام الدولي بشأن الأحداث على المستوى الداخلي للدول التي اعتمدت –معظمها- المواثيق الدولية المتعلقة بالأطفال، وأسندت مهمة الفصل في قضايا الأحداث إلى جهات خاصة بعدما كان الحدث يخضع في معاملته إلى الطريقة نفسها التي يعامل بها البالغ، وانقسمت الدول في تحديد الجهة المختصة بمحاكمة الأحداث إلى اتجاهين أساسيين:
أ- اتجاه يرى نزع ولاية النظر في قضايا الأحداث من القضاء وإسنادها إلى جهات إدارية تضم عناصر مختلفة من أطباء ومعلمين وباحثين اجتماعيين. ومن هذه الدول التي اعتمدت هذا الاتجاه نجد كل من السويد، النرويج، البرتغال، والدنمارك.
ب- اتجاه يرى إبقاء ولاية النظر في قضايا الأحداث لاختصاص القضاء الجزائي ولكن بتخصيص محاكم خاصة لذلك تعرف بمحاكم الأحداث التي تتميز عن المحاكم العادية من حيث جو المحاكمة وطريقة انعقادها وإجراءاتها، وتعدد أعضائها نظرا للمهمة التربوية والوقائية والعلاجية والإصلاحية والتأديبية لهذه المحاكم من جهة، والمهمة القضائية التقنية من جهة أخرى. لهذا فإن تشكيل محاكم الأحداث يشمل إلى جانب القضاة المحترفين مساعدين تربويين مهمتهم تنوير القاضي ومساعدته على كشف شخصية الحدث وفهم طبائعه لاختيار الإجراء المناسب والأصلح له والذي يتماشى مع ظروفه وشخصيته ومحيطه بهدف الإصلاح والتقويم.
وتجدر الإشارة إلى أن أهمية دراسة موضوع قضاء الأحداث تتجلى في عدة جوانب أهمها:
01- أن الهدف من هذه الدراسة وبشكل عام هو توفير وصف وتحليل لأجهزة العدالة في الجزائر، ومعرفة ارتباطها بالأحداث وهذا لحساسية الموضوع كونه يتعلق بفئة حساسة وبالغة الأهمية في المجتمع، فالحدث قد يكون في غالب الأحيان ضحية المجتمع قبل كل شيء.
02- محاولة القيام بعملية توضيحية للإجراءات التي خصها المشرع للحدث أثناء التحقيق معه ومحاكمته، من أجل ضمان حقوقه الإجرائية وحمايتها في كل مرحلة قد تكون مصيرية بالنسبة له.
ومن ثمة جاء اختيارنا لهذا الموضوع ومعالجتنا له كانت بناء على أسباب شخصية وأخرى موضوعية. فدراسته تسمح بمعرفة جوانبه وحالات تطبيقه تسهيلا لعملية الفصل فيه من جهة، ومن جهة أخرى فإن الباحثين في مجال القانون تطرقوا إلى موضوع الأحداث في كافة جوانبه من خلال محاولة معرفة أسباب الانحراف وعوامل الجنوح، ودراسة سبل الوقاية منه، دون التطرق بصفة دقيقة إلى موضوع قضاء الأحداث والذي يبين كيفية التحقيق مع الحدث ومحاكمته والإجراءات الخاصة التي يتمتع بها كحق من حقوقه. وتبعا لذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه والممهد لبحثنا هو: ما هي وضعية قضاء الأحداث في الجزائر؟ وما هي الحماية الإجرائية التي خصها المشرع للحدث؟
إن دراسة موضوع قضاء الأحداث وبسبب ما يطرحه من إشكالات متفاوتة يحتم علينا القيام بدراسة تحليلية تستند إلى البحث في كل ما يتعلق بتلك المادة من نصوص قانونية وأراء فقهية وطرح كل ما يهمنا ولا يفيدنا جانبا. لذا ستكون هذه الطريقة أو هذا المنهج هو السائد لدينا من بداية الدراسة إلى نهايتها، وهذا دون أن ننسى طبعا استعمالنا لعملية المقارنة في بعض الجوانب من هذه الدراسة. وسوف نتطرق في بحثنا هذا إلى واقع قضاء الأحداث في الجزائر بمفهومه الضيق ( التحقيق والحكم) دون التطرق إلى أعضاء النيابة لعدم تخصيص المشرع الجزائري على خلاف بعض الدول نيابة خاصة تتكفل بقضايا الأحداث. وعليه فإن القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية والمتعلقة بالمتابعة تطبق على الأحداث دون تخصيص إجراءات خاصة بهم. لذلك سوف نحصر دراستنا في مرحلتين هما: التحقيق والمحاكمة مع التطرق إلى الإجراءات الخاصة التي سنها المشرع للحدث والضمانات التي كفلها له في هاتين المرحلتين، وتبيان أوجه الحماية الإجرائية منها.

الفصل الأول: التحقيـق مع الحـدث

التحقيق الابتدائي هو مجموعة الإجراءات التي تباشرها سلطة التحقيق قبل بدء مرحلة المحاكمة بهدف البحث والتنقيب عن الأدلة في شأن جريمة ارتكبت و تجميعها ثم تمحيصها للتحقق من مدى كفايتها لإحالة المتهم على المحاكمة . ورغم أن التحقيق مع الحدث يتناول البحث في الواقعة الإنحرافية المنسوبة إليه وجمع الأدلة عن ارتكابه لها سواء كان الانحراف إيجابيا أو سلبيا، إلا أنه بالإضافة إلى ذلك فإن للتحقيق في مجال الأحداث مدلول آخر يتفق مع فكرة الاهتمام بشخص الحدث والظروف والدوافع التي أدت به إلى ارتكاب الفعل المنحرف و ذلك هو الفارق الأساسي والجوهري بين التحقيق مع الحدث المنحرف والمتهم البالغ .
وتعتني التشريعات الجزائية بحماية الحدث سواء كان منحرفا أو في خطر معنوي، فاعلا أو ضحية، وامتدت هذه الحماية إلى الحماية الإجرائية للحدث وخصته بقواعد إجرائية مميزة في كافة مراحل الدعوى مع الرجوع إلى القواعد العامة في حالة عدم وجود نص خاص.
وبالرجوع إلى القواعد الخاصة بالمجرمين الأحداث الواردة في الكتاب الثالث من قانون الإجراءات الجزائية، والأمر رقم 72/03 المؤرخ في 10/02/1972 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة نجد أن المشرع الجزائري أوكل مهمة التحقيق مع الأحداث إلى كل من:
قاضي الأحداث على مستوى المحكمة الذي يحقق في قضايا الأحداث الموجودين في خطر معنوي والأحداث المحالين إليه من قسم المخالفات، وفي الجنح البسيطة طبقا للمواد 01- 02- 03 من الأمر رقم 72/03 السالف الذكر والمادتين 446/ف2 و 451 من قانون الإجراءات الجزائية.
قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث على مستوى المحكمة يحقق في الجنايات التي يرتكبها الحدث وفي الجنح المتشعبة طبقا للمادتين 449/ف3 و 452 من قانون الإجراءات الجزائية.
المستشار المندوب لحماية الأحداث في حالة استئناف الأحكام الصادرة في شأن الأحداث على مستوى المجلس طبقا للمادة 473من قانون الإجراءات الجزائية.
قاضي التحقيق بالنسبة للأحداث البالغين ستة عشر سنة (16سنة) والذين ارتكبوا أفعال إرهابية أو تخريبية طبقا للمادة 249/ف2من قانون الإجراءات الجزائية.
وسوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين: نتناول في المبحث الأول التحقيق بواسطة قاضي الأحداث وفي المبحث الثاني التحقيق بواسطة قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث دون التطرق إلى المستشار المندوب المكلف بحماية الأحداث وقاضي التحقيق المختص بالتحقيق مع البالغين كون مهام الأول لا تخرج عن مهام قاضي الأحداث طبقا للمادة 473من قانون الإجراءات الجزائية، ومهام الثاني لا تخرج عن مهام قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث طبقا للمادة 464من قانون الإجراءات الجزائية .

المبحث الأول: التحقيق مع الحدث بواسطة قاضي الأحداث

يعين قاضي أو قضاة يختارون لكفاءتهم وللعناية التي يولونها للأحداث بقرار من وزير العدل لمدة 03أعوام في كل محكمة تقع بمقر المجلس القضائي. أما في المحاكم الأخرى فإن قضاة الأحداث يعينون بموجب أمـر صـادر من رئيس المجلس القضائي بناء على طلب النائب العام (المادة 449من قانون الإجراءات الجزائية).
ويرى الفقه وجوب تخصص قضاة الأحداث بحيث إلى جانب تكوينهم في المجال القانوني لا بد أن تكون لهم معرفة ودراية بالعلوم التي تساعد على الوصول إلى التدبير المناسب والأصلح للحدث بعد دراسة وفهم شخصيته مثل: علم النفس، علم الاجتماع، وعلوم التربية.

المطلب الأول: اختصاص قاضي الأحداث

الاختصاص هو مباشرة سلطة التحقيق وفقا للقواعد التي رسمها فهو عبارة عن الحدود التي سنها المشرع ليمارس فيها القاضي ولاية التحقيق بالنسبة للدعوى المعروضة عليه والاختصاص أنواع: شخصي، محلي، نوعي.

الفرع الأول: الاختصاص الشخصي لقاضي الأحداث

إن ضابط الاختصاص الشخصي لقاضي الأحداث يرجع إلى سن المتهم وقت ارتكابه للجريمة فالمشرع الجزائري منح لقاضي الأحداث صلاحية التحقيق مع الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم بوصف جنحة أو مخالفة والذين لم يبلغ سنهم 18سنة يوم ارتكابها. والأشخاص المعرضين لخطر معنوي ولم يبلغ سنهم21سنة طبقا للأمر رقم 72/03المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة. وهذا هو الاختصاص الشخصي الأصلي لقاضي الأحداث أين يحقق مع الحدث عند وجوده في حالة خطر معنوي أو في حالة انحراف.
إلا أن المشرع الجزائري وكاستثناء عن الاختصاص الشخصي الأصلي لقاضي الأحداث منح له سلطة النظر في شؤون الأحداث الذين ارتكبت ضدهم جناية أو جنحة وهذا بعد صدور حكم الإدانة ورفع الأمر من النيابة العامة إلى قسم الأحداث طبقا للمادة 494 من قانون الإجراءات الجزائية.
كما أن المادة 493 من نفس القانون منحت لقاضي الأحداث إمكانية التدخل من تلقاء نفسه إذا كانت الجناية أو الجنحة مرتكبة من والديه أو وصيه أو حاضنه , والحدث المجني عليه لم يبلغ 16سنة وهذا من أجل اتخاذ تدابير الحماية.
إلا أنه ما يؤخذ على هاتين المادتين هو منح الاختصاص إلى قسم الأحداث –محكمة الأحداث– وكان الأجدر إحالة الحدث الضحية إلى قاضي الأحداث لأنه ليس متهما بل هو في خطر معنوي. ومن المستقر عليه قضاء أن القواعد المتعلقة بالاختصاص بالنسبة للشخص متعلقة بالنظام العام لأن المشرع راع في وضعها لا مصلحة المتقاضين فحسب وإنما المصلحة العامة وتحقيق العدالة على الخصوص وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في عدة قرارات .

الفرع الثاني: الاختصاص المحلي لقاضي الأحداث

يقوم الاختصاص المحلي أساسا على تقسيم الدولة إلى مناطق وتخصيص محكمة أحداث لكل من هذه المناطق. تختص بنظر قضايا الأحداث ضمن نطاق منطقتها .
ولقد حدد المشرع ضوابط الاختصاص المكاني بالنسبة للأحداث المنحرفين في المادة 451/03 من قانون الإجراءات الجزائية. وعليه يكون قاضي الأحداث مختصا إقليميا متى ارتكبت الجريمة بالدائرة التي عين فيها أو إذا كان محل إقامة الحدث أو والديه أو وصيه أو المكان الذي عثر فيه على الحدث أو المكان الذي أودع به الحدث تابعا للدائرة الإقليمية التي عين فيها قاضي الأحداث.
أما بالنسبة للأحداث الموجودين في خطر معنوي فقد حددت المادة 02 من الأمر رقم 72/03 اختصاص قاضي الأحداث بنصها :"يختص قاضي الأحداث لمحل إقامة القاصر أو مسكنه أو محل إقامة أو مسكن والديه أو الولي عليه وكذلك قاضي الأحداث للمكان الذي وجد فيه القاصر في حال عدم وجود هؤلاء..."
وتعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص المحلي أو الإقليمي من النظام العام مثلها مثل القواعد الأخرى.(قرار صادر بتاريخ 22/04/1975من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم10132) .

الفرع الثالث: الاختصاص النوعي لقاضي الأحداث

تقوم فكرة الاختصاص النوعي على أساس طبيعة الجريمة وجسامتها أو تكييفها القانوني.وقد قسم قانون العقوبات الجرائم من هذه الزاوية إلى ثلاثة أنواع: مخالفات، جنح، وجنايات وحصر المشرع تدخل قاضي الأحداث بالتحقيق مع الحدث في الجنح والمخالفات المحالة إليه من قسم المخالفات سواء ارتكبها بمفرده أو مع فاعلين آخرين.
كما أنه يختص أيضا بالنظر في قضايا الأحداث المجني عليهم في جنايات أو جنح طبقا للمادة 493من قانون الإجراءات الجزائية ,ويحقق في الإدعاءات المدنية المرفوعة أمامه سواء عن طريق المبادرة أو التدخل إلى جانب النيابة العامة .كما أنه يفصل في قضايا الحضانة الخاصة بالأحداث محل دعوى الحماية أو دعوى جزائية ويفصل في القضايا العارضة وذلك في حالة الإغفال الواضح للرقابة من جانب الوالدين أو الوصي أو متولي الحضانة وفق ما جاء في المادة 481/03 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها: "وإذا كشفت حادثة عن إغفال واضح للرقابة من جانب الوالدين أو الوصي أو متولي الحضانة أو عوائق منظمة مقامة في مباشرة مهمة المندوب فلقاضي الأحداث أو قسم الأحداث كيفما يكون القرار المتخذ بالنسبة للحدث أن يحكم على الوالدين أو الوصي أو متولي الحضانة بغرامة من100إلى 500دج."
وتعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من النظام العام يترتب على مخالفتها البطلان

المطلب الثاني: مباشرة التحقيق مع الحدث في خطر معنوي

نقصد بالحدث في خطر معنوي كافة الحالات التي لا يكون فيها الحدث قد ارتكب جريمة، وإنما يوجد في حالة تعرضه للانحراف ويخشى من تركه على الحالة التي هو عليها فينحرف فعلا. وفي هذه الحالات يمكن القول بأن الحدث يمثل خطورة اجتماعية قد تؤدي إلى وقوعه في الجريمة.
وتقرر غالبية التشريعات تدابير خاصة لمواجهة هذه المرحلة من أجل التغلب على العوامل التي تنبئ بأن هناك احتمال كبير بارتكاب الحدث لجريمة مستقبلا, وتجعل احتمال تعرضه لهذا الخطر على درجة كبيرة من الأهمية وهو ما سار عليه المشرع الجزائري بصدور الأمر 72/03 والذي حدد اختصاص قاضي الأحداث وكيفية إخطاره والأشخاص المؤهلين لذلك والإجراءات الممنوحة له أثناء التحقيق مع الحدث.
فبالنسبة للاختصاص وهو أول مسألة يتأكد منها القاضي قد تم التطرق إليها في المطلب الأول من المبحث ,أما كيفية إخطار قاضي الأحداث والأشخاص المؤهلين لذلك وكذا سلطات قاضي الأحداث أثناء التحقيق سوف نخصص فرع لكل منها.

الفرع الأول: كيفية إخطار قاضي الأحداث

تنص المادة 02من الأمر رقم72/03 على ما يلي: "يختص قاضي الأحداث لمحل إقامة القاصر أو مسكنه أو محل إقامة أو مسكن والديه أو الولي عليه وكذلك قاضي الأحداث للمكان الذي وجد فيه القاصر في حال عدم وجود هؤلاء ,بالنظر في العريضة التي ترفع إليه من والد القاصر أو والدته أو الشخص الذي يسند إليه حق الحضانة على القاصر بنفسه وكذلك العريضة التي ترفع إليه من الولي أو وكيل الدولة أو رئيس المجلس الشعبي البلدي لمكان إقامة القاصر أو المندوبين المختصين بالإفراج المراقب...."
فمن خلال نص المادة السالفة الذكر يتبين لنا أن المشرع حصر تدخل قاضي الأحداث بوجوب تقديم عريضة إليه، ومن طرف أشخاص محددين على سبيل الحصر .وهذا يعني أن الطريقة الوحيدة لعلم القاضي بالوقائع هو وجوب تقديم العريضة، إلا أنه وطبقا للقواعد العامة فإن لقاضي الأحداث إمكانية التدخل بمجرد التبليغ عن الحدث بالرغم من عدم النص على هذا الإجراء في المادة السالفة الذكر. فيمكن لكل فرد من أفراد المجتمع حتى ولو لم يكن واردا ضمن الأشخاص المذكورين أعلاه أن يبلغ عن وجود حدث في خطر معنوي ,وبالتالي نقل المعلومات إلى القاضي وعلمه بالوقائع حتى يتدخل لحماية الحدث .

الفرع الثاني: الأشخاص المؤهلين لإخطار قاضي الأحداث

بالرجوع إلى المادة 02 من الأمر رقم 72/03 نجدها عددت الأشخاص المؤهلين لتقديم العريضة لقاضي الأحداث وهم:
1- والد القاصر أو والدته.
2- الشخص الذي يسند إليه حق الحضانة على القاصر نفسه.
3- الوالي لمكان إقامة القاصر .
4- رئيس المجلس الشعبي البلدي لمكان إقامة القاصر.
5- وكيل الجمهورية لمكان إقامة القاصر.
6- المندوبين المختصين بالإفراج المراقب.
كما أجازت نفس المادة إمكانية تدخل القاضي من تلقاء نفسه وهذا من أجل تقديم حماية للحدث الموجود في خطر معنوي ,وفي حالة اكتشافه لذلك بصدد قيامه بتحقيق مع حدث آخر.وهذا خلافا للقواعد العامة التي تقضي بأن قاضي الأحداث لا يخطر نفسه بنفسه بل لابد أن يقدم إليه طلب افتتاحي من طرف وكيل الجمهورية أو عن طريق الإدعاء المدني المصحوب بشكوى طبقا للمادة 72 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية. وبهذا فإن المشرع أزال جميع العراقيل التي يمكن أن تكون أمام قاضي الأحداث والتي تحول دون تدخله من أجل حماية الحدث واتخاذ التدابير إزاءه خاصة في حالة الاستعجال. كما أن نفس المادة لم تمنع إمكانية تقديم العريضة من طرف القاصر نفسه قصد توفير الحماية له.
وعليه فإن قاضي الأحداث لا يتدخل إلا عندما يكون مختصا بالنظر في العريضة أو البلاغ المقدم إليه من قبل الأشخاص المؤهلين لذلك بشأن حدث يقل عمره عن ذ21 سنة في حالة خطر معنوي .
وما يعاب على المشرع الجزائري أنه لم يوحد سن الرشد الجزائي وسن تدخل قاضي الأحداث في حالة وجود حدث في خطر معنوي ,حيث حدد سن الرشد الجزائي ب 18سنة طبقا للمادة 442من قانون الإجراءات الجزائية. أما المادة 01 من الأمر رقم72/03 فنصت على تدخل القاضي بشأن القاصر الذي لم يكمل 21سنة ويكون في حالة خطر معنوي حيث جاء فيها: "إن القصر الذين لم يكملوا 21عاما وتكون صحتهم وأخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حياتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهم، يمكن إخضاعهم لتدابير الحماية والمساعدة التربوية ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد الواردة بعده".
لهذا حبذا لو وحد المشرع بين سن الرشد الجزائي وسن تدخل قاضي الأحداث الموجودين في خطر معنوي حتى يكون هناك تناسق وانسجام بين التشريعات. فمن غير المعقول أن يعرف المشرع للشخص بمسؤوليته الجزائية ببلوغ سن18سنة، ومن جهة أخرى يقر بأنه في حاجة إلى الحماية القضائية.

الفرع الثالث: إجراءات التحقيق مع الحدث في خطر معنوي

بعد أن أصبح من المسلم به في علم النفس والإجرام و الاجتماع والقانون أن الأحداث يتمتعون بعقليات وطبائع خاصة وأنهم في حاجة إلى رعاية وعناية ونوع خاص من المعاملة تشعرهم دائما بالأمن والطمأنينة وسعيا من المشرع لفهم شخصية الحدث وعوامل انحرافه أو التي قد تؤدي إلى انحرافه منح لقاضي الأحداث مجموعة من الصلاحيات التي تخول له اتخاذ إجراءات كفيلة لحماية الحدث من جهة وإصلاحه من جهة أخرى. وعليه يجب أن يعرف قاضي الأحداث شخصية الحدث أولا وذلك بالاستماع إليه ولوالديه وكل شخص يمكن أن يستعين به في هذا المجال أثناء مثوله أمامه وبهذا يمكن تحديد موطن الداء واختيار الإجراء الكفيل لتخليص الحدث من هذا الداء.
أولا: الإجراءات التي تساعد في التعرف على شخصية الحدث
01- سماع الحدث:
من الطبيعي أن للمحقق مناقشة الحدث في التهمة المنسوبة إليه والظروف التي أوجدته في حالة الانحراف وذلك بعد إشعاره بالثقة والطمأنينة وجذب انتباهه وعدم الظهور في مظهر السلطة حتى لا يخاف وعدم استعمال الطرق الاحتيالية معه للوصول إلى الحقيقة وعدم تضخيم أخطائه لأن كل ذلك يؤدي بالحدث إلى الكذب وعدم إظهار الحقيقة. ولقد نص الأمر رقم72/03 في مادته الثالثة على الإستماع للحدث بالإضافة إلى الإستماع لوالديه أو ولي أمره. كما يمكن للحدث أن يستعين بمستشار ,أو يطلب تعيين مستشار بصفة تلقائية من قبل قاضي الأحداث ويجري التعيين خلال 08 أيام لتقديم الطلب طبقا لنص المادة07 من الأمر السالف ذكره.
كما أن للحدث الحرية الكاملة في الإجابة عن الأسئلة التي يوجهها له قاضي الأحداث أو الامتناع عن ذلك ولابد من الإشارة إلى ذلك في محضر الإستماع .ولا يجوز تحليفه اليمين عند سماعه.
والتزام الصمت هو من الحقوق المقررة للحدث وعليه لا يمكن إكراهه أو إجباره على الإدلاء بوقائع معينة تتعلق به أي لا يمكن إجباره على الكلام بطريق القوة والعنف والتهديد.وتجدر الإشارة أنه في حالة تقديم العريضة من طرف الأشخاص المذكورين في المادة الثانية غير الوالدين أو ولي أمره يقوم قاضي الأحداث بإخطار والدي الحدث والحدث القاصر قبل القيام بسماعهما.
02- سماع والدي القاصر
من أجل معرفة واضحة لشخصية الحدث يستعين قاضي الأحداث بوالدي الحدث أو وليه، ويستمع إليهم ويسجل آرائهم بالنسبة لوضع القاصر و مستقبله. وهذا ما نصت عليه المادة03 من الأمر رقم 72/03.وعادة ما تدور الأسئلة الموجهة لوالدي الحدث حول علاقة هذا الأخير بوسطه العائلي وكيفية تصرفه إزاء إخوته واتجاههما والظروف الاجتماعية التي يعيش فيها وكذا علاقته مع الأصدقاء وطبيعتها.
وسماع والدي الحدث إجراء مهم وجوهري وقد يكون هو نور قاضي الأحداث قي تحديد شخصية الحدث والداء الذي يعاني منه هذا الأخير وبالتالي إتخاذ الإجراء الصحيح والملائم للحدث خاصة إذا امتنع الحدث عن الكلام أو قام بالإدلاء بتصريحات كاذبة قد تغلط قاضي الأحداث.
03- البحث الاجتماعي والفحوص الطبية والعقلية والنفسية للحدث
هذا الإجراء شأنه شأن الإجراءين السابقين يساعد بدوره على معرفة شخصية الحدث. إذ نصت المادة 04/ف2 من الأمر 72/03: "يتولى قاضي الأحداث دراسة شخصية القاصر، لاسيما بواسطة التحقيق الاجتماعي والفحوص الطبية والطب العقلي والنفساني ومراقبة السلوك ثم بواسطة فحص التوجيه المهني إذا كان له محل ..."
وهذا الإجراء جوازي بالنسبة لقاضي الأحداث يمكنه التخلي عنه أو إتخاذ أي تدبير يساعده ويراه مناسبا في إصلاح الحدث وتحقيق الحماية له. وهذا ما نصت عليه المادة أعلاه بقولها: "ويمكنه مع ذلك إذا توافرت لديه عناصر التقدير الكافية أن يصرف النظر عن جميع هذه التدابير وأن لا يأمر إلا ببعض منها."
والتحقيق الاجتماعي يهدف إلى جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات عن الحدث سواء تعلق الأمر بالظروف الاجتماعية التي يعيش فيها,ومشواره الدراسي وأصدقائه والأماكن التي يتردد عليها. وبالتالي معرفة النقاط والأسباب التي أدت بالحدث إلى التعرض إلى الانحراف. وعليه يصدر قاضي الأحداث أمر بإجراء تحقيق اجتماعي حول الحدث ويحدد فيه الجوانب التي يتم التركيز عليها في البحث إلى الجهات التي حددتها المادة 05/02 من نفس الأمر بنصها: ".....ويجوز له أن يكلف مصلحة للمراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة بملاحظة القاصر في وسطه العائلي أو المدرسي أو المهني عند الاقتضاء...."
ومن خلال هذه المادة نلاحظ أن المشرع الجزائري أوكل مهمة إجراء البحث الاجتماعي المتعلق بالأحداث المعرضين للانحراف إلى الأشخاص المعنوية دون الأشخاص الطبيعية عكس ما نصت عليه المادة 478 من قانون الإجراءات الجزائية التي أجاز بموجبها المشرع لقاضي الأحداث بشأن الأحداث المنحرفين أن يعهد بإجراء البحث الاجتماعي إلى أشخاص طبيعية وهم الأشخاص الحاصلين على شهادة الخدمة الاجتماعية .
أما الفحوص الطبية فتهدف إلى التأكد من السلامة الصحية للحدث الموجود في خطر معنوي خاصة وإن كان الحدث في حالة تشرد أو بدون مأوى، كما أن هذا الإجراء هو إجراء وقائي يهدف من ورائه منع إصابة الأحداث الموجودين في المراكز المتخصصة بالتكفل بالأحداث في حالة ما إذا أمر قاضي الأحداث بوضع الحدث بتلك المراكز.
أما الفحوص النفسية وهذا الإجراء جوازي طبقا للمادة 04 من الأمر رقم 72/03 إلا أننا نراه جوهريا لما يقدمه للقاضي من مساعدة لاختيار الإجراء المناسب للحدث، فالخبير النفساني يقترح على قاضي الأحداث ما إذا كان الحدث في حاجة إلى تدبير ما دون غيره يتناسب مع حالته النفسية .لهذا فإن علم قاضي الأحداث بالعلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية له دور كبير في سن اختيار الإجراء المناسب للحدث الموجود في خطر معنوي والحدث المنحرف بصفة عامة.
كما تجدر الإشارة أن قاضي الأحداث غير ملزم بآراء الخبير النفساني فله أن يأخذ بها كما وردت في تقرير الخبير النفساني وتطبيق الإجراء المقترح فيه، وله أن يستبعدها ويطبق ما يراه مناسبا.
ثانيا: التدابيرالتي يمكن أن يتخذها قاضي الأحداث أثناء التحقيق:
الأصل أن قاضي الأحداث لا يقوم باتخاذ أي إجراء مع الحدث إلا بعد انتهاء التحقيق أي بعد سماعه وسماع والديه والقيام بالتحقيق الاجتماعي والنفسي والطبي، إلا أنه واستثناء من ذلك وفي حالة الإستعجال فإنه يمكن لقاضي الأحداث إصدار تدابير قضائية مؤقتة مع الحدث الموجود في خطر معنوي دون إتمام إجراءات التحقيق.
وهذه التدابيرهي تدابير مؤقتة يتخذها قاضي الأحداث بصورة مؤقتة إلى غاية استكمال التحقيق النهائي مع الحدث، فله أن يبقيها بعد ذلك أو يلغيها أو يعدلها.
ونصت المادتين05 و06 من الأمر رقم 72/03 على هذه التدابير إذ نصت المادة 05 على التدابير التي تبقي الحدث في وسطه العائلي و هي:
- إبقاء القاصر في عائلته.
- إعادة القاصر لوالده أو لوالدته اللذين لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عمن يعود إليه القاصر.
- تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة .
- تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.
ويجوز لقاضي الأحداث أن يكلف مصلحة للمراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة بملاحظة القاصر في وسطه العائلي أو المدرسي أو المهني عند الاقتضاء، وذلك عندما تتخذ بحق القاصر تدابير الحراسة المؤقتة المنصوص عليها أعلاه.
ونصت المادة 06 على التدابير المؤقتة التي تخرج الحدث المعرض للانحراف من وسطه العائلي وهي تدابير لها صدى كبير على الحدث وأسرته وتتمثل في:
- إلحاق القاصر بمركز للإيواء أو المراقبة.
- إلحاق القاصر بمصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة.
- إلحاق القاصر بمؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري خول لقاضي الأحداث سلطة التراجع عن هذه التدابير وسلطة تعديلها سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الحدث أو والده أو وكيل الجمهورية. وهذا ما نصت عليه المادة 08 من الأمررقم72/03 بقولها: "ويجوز لقاضي الأحداث في كل حين أن يأمر بتعديل التدابير المؤقتة التي أمر بها أو العدول عنها بناء على طلب القاصر أو والديه أو ولي أمره أو وكيل الدولة. وعندما لا يبت قاضي الأحداث بصفة تلقائية في هذه التدابير وجب عليه ذلك في مدة لا تتجاوز الشهر الذي يلي تقديم الطلب".

المطلب الثالث: مباشرة التحقيق مع الحدث المنحرف

لم يتم في مؤتمر جنيف المنعقد عام 1955لمكافحة الجريمة تحديد معنى شامل للحدث الجانح، حيث ظهر اتجاهان فقهيان لكل منهما نظرة خاصة إلى هذا المفهوم.
وبخصوص الاتجاه الأول يعتبر حدثا جانحا كل شخص يرتكب جرائم مخالفة لأحكام القانون، في حين يرى الاتجاه الثاني أن الحدث الجانح هو ذلك الشخص الذي تعرض للانحراف,أي المحروم من الرعاية الكافية .
ومع هذا الخلاف ظهر رأي موسع شمل كلا المعنيين، ولقد تبنى هذا الاتجاه (حلقة دراسات الشرق الأوسط لمنع الجريمة ومعاملة المذنبين المنعقدة في القاهرة سنة 1955) .
ويعرف البعض الحدث الجانح بأنه :"الحدث في الفترة بين سن التمييز وسن الرشد الجنائي، الذي يثبت أمام السلطة القضائية ,أو أية سلطة أخرى مختصة، أنه قد ارتكب إحدى الجرائم أو تواجد في إحدى الحالات الخطرة التي يحددها القانون " ويلاحظ أن هذا التعريف يشمل الأحداث الجانحين والأحداث المشردين.
وهذا هو المفهوم الواسع للحدث الجانح، ولقد أخذ به المشرع المصري حيث ساوى بين الحدث المنحرف والمتشرد في التدابير الموقعة عليهما، لأن الانحراف مقدمة للإجرام، وحالات التعرض للانحراف تنذر باحتمال ارتكاب جريمة في المستقبل وقد حددها المشرع على سبيل الحصر في المادتين 96-97من قانون الطفل المصري رقم12لسنة1996. في حين لم تأخذ المؤتمرات الدولية اللاحقة بالمفهوم الواسع للحدث الجانح، مما أدى(بالحلقة الدراسية للدول الغربية لمنع الجريمة ومعاملة المذنبين المنعقدة في كوبنهاجن سنة1955) إلى وضع مفهوم ضيق للحدث الجانح الذي ينصب على أن الحدث الجانح هو كل من يرتكب فعلا يعاقب عليه في قانون العقوبات.
وقد اهتم المشرع الجزائري بالأحداث الجانحين والأحداث المعرضين للانحراف، تطبيقـا للسياسـة الجنائيـة بهدف الوقاية والإصلاح، وجاءت الأحكام المتعلقة بإجرام الأحداث واردة في قانونـي العقوبـات في المـواد:49-50-51، والإجراءات الجزائية في المواد: 444-445.
فظاهرة جنوح الأحداث هي ظاهرة اجتماعية تواجه كافة الدول وتسعى هذه الأخيرة جاهدة للتصدي للمشكلة في بدايتها قبل تفاقمها وتطورها وانعكاس آثارها السلبية على الحدث والمجتمع ككل.
ولقد أسند المشرع الجزائري مهمة التحقيق مع الحدث فيما يخص المخالفات والجنح البسيطة إلى قاضي الأحداث إذ نصت المادة 446 من قانون الإجراءات الجزائية: "...وللمحكمة فضلا عن ذلك إذا ما رأت في صالح الحدث إتخاذ تدبير مناسب أن ترسل الملف بعد نطقها بالحكم إلى قاضي الأحداث الذي له سلطة وضع الحدث تحت نظام الإفراج".
أما بالنسبة للجنح فنصت المادة 458من قانون الإجراءات الجزائية :"إذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع لا تكون جنحة أصدر أمر بأن لا وجه للمتابعة ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 163.
ونصت المادة 459 من قانون الإجراءات الجزائية: "إذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع لا تكون إلا مخالفة أحال القضية على المحكمة الناظرة في مادة المخالفات المنصوص عليها في المادة 164".ونصت المادة 460 من قانون الإجراءات الجزائية : "إذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع تكون جنحة أصدر قرارا بإحالتها إلى قسم الأحداث ليقضي فيها في غرفة مشورة ".
من خلال المواد السالفة الذكر نستنتج أن التحقيق في الجنح وجوبي وجوازي في المخالفات التي يرتكبها الحدث على خلاف نص المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت على جوازية التحقيق في الجنح ما لم يكن ثمة نصوص خاصة ,واختياري في المخالفات إذا طلبه وكيل الجمهورية.
وسوف نتطرق في هذا المطلب إلى كيفية التحقيق مع الحدث في حالة ارتكابه مخالفة وأحالت المحكمة التي فصلت في المخالفة بالإدانة إلى قاضي الأحداث لتطبيق تدبير مناسب إزاء الحدث، وإلى كيفية التحقيق في الجنح من طرف قاضي الأحداث.

الفرع الأول:كيفية التحقيق مع الحدث في حالة ارتكابه مخالفة.

التحقيق مع الحدث في المخالفات جوازي وليس وجوبي خلافا للجنح والجنايات المرتكبة من طرف الحدث.فيمكن للقاضي الفاصل في مواد المخالفات (كبار) التي يرتكبها الحدث أن يحيل هذا الأخير إلى قاضي الأحداث لاتخاذ تدبير وضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب وهذا ما نصت عليه المادة 446/04 من قانون الإجراءات الجزائية. فيتم أولا الفصل في المخالفات المرتكبة من طرف الأحداث من قبل القاضي الذي يترأس قسم المخالفات المختص بالفصل في مخالفات البالغين، ثم يحيل الملف إلى قاضي الأحداث بمعرفة وكيل الجمهورية للتحقيق معه وتقدير ما إذا كان يجب وضعه تحت نظام الإفراج المراقب.
فلا يمكن لقاضي قسم المخالفات إتخاذ هذا التدبير –الوضع تحت نظام الإفراج المراقب– كون مهمته تكمن في الفصل في الملف ويكون الفصل بعقوبة جزائية، أما الوضع تحت نظام الإفراج المراقب هو تدبير من التدابير المخولة وحدها لقاضي الأحداث.
ولكن ما تم ملاحظته على مستوى المحاكم وعند الفصل في المخالفات المرتكبة من الحدث فإن إجراءات الجلسة تتم عادية شأنها شأن محاكمة البالغين دون تحقيق مسبق مع الحدث وهذا لا يؤدي حتما إلى معرفة أسباب جنوح الحدث ومعالجتها قبل أن تنمو داخل الحدث المنحرف ويصبح مجرم خطير في المجتمع خاصة وأن جنوح الأحداث يعد بذرة إجرام للغد يتطلب ذلك تدخل المجتمع ليس من أجل العقاب بل من أجل العلاج لأن الجريمة رد فعل عن مرض أكثر عمق ويجب علاجه للوقاية من العود .
فمن غير المنطق أن يكون التحقيق وجوبي في حالة وجود الحدث في حالة خطر معنوي ,ولا يكون لازما في حالة ارتكاب الحدث لمخالفة رغم إظهاره لنيته الإجرامية.

الفرع الثاني: كيفية التحقيق مع الحدث في حالة ارتكابه جنحة

تنص المادة 458 من قانون الإجراءات الجزائية : "إذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع تكون جنحة أصدر قرارا بإحالتها إلى قسم الأحداث ليقضى فيها في غرفة مشورة."
يفهم من نص المادة أن التحقيق وجوبي في جميع الجنح التي يرتكبها الحدث ,وبعد إنتهاء التحقيق يقوم قاضي الأحداث بإحالة القضية إلى قسم الأحداث الذي يفترض أن يترأسه قاضي غير قاضي الأحداث الذي حقق مع الحدث وهذا هو الاستثناء والمبدأ السائد في قضاء الأحداث والقاضي بالجمع بين سلطة التحقيق والحكم.
فمن المفروض أن قاضي الأحداث له سلطة التحقيق والأمر بالتدبير المؤقت أو إصدار أوامر التحقيق ذات الطابع الجزائي دون الفصل في القضية بحكم جزائي أو تدبير نهائي. وهو ما جعل بعض الفقهاء الفرنسيين يذهبون إلى القول بأن اختصاص قاضي الأحداث في الجنح اختصاص غريب لا يؤسس في القضية إلا جزئيا .
إلا أن ما وجدناه عمليا هو أن قاضي الأحداث الذي يحقق في قضايا الأحداث يحيل إلى نفسه ليفصل بالتدبير النهائي أو العقوبة. فقاضي الأحداث والقاضي الفاصل في جنح الأحداث هو شخص واحد.
ويقوم قاضي الأحداث ببذل كل همة وعناية ويجري التحريات اللازمة للوصول إلى إظهار الحقيقة وللتعرف على شخصية الحدث وتقرير الوسائل الكفيلة بتهذيبه .وتحقيقا لهذا الغرض فإنه يقوم إما بإجراء تحقيق غير رسمي أو طبقا للأوضاع المنصوص عليها في هذا القانون في التحقيق الابتدائي وله أن يصدر أي أمر لازم لذلك مع مراعاة قواعد القانون العام.ويجري بحثا اجتماعيا يقوم فيه بجمع المعلومات عن الحالة المادية والأدبية للأسرة وعن طبع الحدث وسوابقه وعن مواظبته في الدراسة وسلوكه فيها وعن الظروف التي عاش أو نشأ وتربى فيها(المادة 453من قانون الإجراءات الجزائية).
ومن خلال هذه المادة نلاحظ أن المشرع قد أورد إجراء استثنائي غير مألوف طبقا للقواعد العامة وهو التحقيق غير الرسمي. ولقاضي الأحداث السلطة التقديرية في إتخاذ هذا الإجراء من عدمه أو اللجوء مباشرة إلى التحقيق الرسمي. وهذا الإجراء ينفرد به قاضي الأحداث دون جهات التحقيق الأخرى.
ويقصد بالتحقيق غير الرسمي ذلك التحقيق الذي يقوم به قاضي الأحداث متحررا من الشكليات التي يتطلبها القانون من تدوين التحقيق بمعرفة كاتب أو عدم الاستعانة به على الإطلاق أي يقوم بالتحقيق بمفرده، وعدم الترتيب في سماع أطراف القضية.
كما أن نفس المادة منحت لقاضي الأحداث حتى عند اتخاذه إجراء التحقيق غير الرسمي إمكانية إتخاذ جميع التدابير التربوية أو الجزائية بنصها : "...وله أن يصدر أي أمر لازم مع مراعاة قواعد القانون العام".
وعليه عند قيام قاضي الأحداث بالتحقيق غير الرسمي للحدث أن يخطر ولي الحدث ومحاميه أو يعين محامي بصورة تلقائية في حالة عدم توكيله. ولابد أن تكون الأوامر التي أصدرها سواء تدابير تربوية أو جزائية متطابقة مع القانون العام. أما التحقيق الرسمي فهو ذلك التحقيق الذي يتم مطابقا لإجراءات التحقيق وفقا للقانون العام من تدوين التحقيق بمعرفة كاتب ضبط ووجوب حضوره واحترام جميع الإجراءات المنصوص عليها قانونا.

المبحث الثاني: التحقيق مع الحدث بواسطة قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث

لقد أكد لنا قضاة الأحداث وقضاة التحقيق المختصين بشؤون الأحداث عن تزايد الجرائم المرتكبة من طرف الأحداث وتنوعها وخطورتها, فلم تعد تقتصر على المخالفات والجنح البسيطة بل تمتد حتى إلى المتشعبة والتي يشترك فيها الحدث مع مجموعة من البالغين وتصل حتى إلى ارتكاب الجنايات وأخطرها على الإطلاق جريمة القتل العمدي.
لهذا الغرض فإن المشرع وتنبؤا منه إلى إمكانية اقتراف الأحداث للجرائم الخطيرة فقد أوكل التحقيق فيها إلى قاضي الأحداث المختص بشؤون الأحداث، وتجدر الإشارة إلى أنه من خلال تدريبنا الميداني لمدة 03 أعوام على مستوى المحاكم لم نلاحظ قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث مهمته الوحيدة هو التحقيق مع الحدث .إذ غالبا إن لم نقل بصفة مطلقة أن مهمة التحقيق مع الحدث في الجنح المتشعبة والجنايات تسند إلى قاضي التحقيق العادي الذي يحقق مع البالغين و إضافة إلى ذلك يحقق مع الحدث المقترف للجنح المتشعبة والجنايات. وسوف نتعرض في هذا المبحث إلى تحديد اختصاص قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث ثم نتناول الضمانات التي يقرها المشرع للحدث أثناء مرحلة التحقيق ثم سلطات قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث.

المطلب الأول: اختصاص قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث

سنتطرق في هذا المطلب إلى الاختصاص النوعي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث واختصاصه المحلـي و كذا الشخصي، مع الإشارة إلى أن الاختصاص في المواد الجزائية من النظام العام بمختلف أنواعه يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى ويمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه إذا لم يثره الخصوم.

الفرع الأول: الاختصاص النوعي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث

يحقق قاضي الأحداث في الجنايات و الجنح المتشعبة التي يرتكبها الحدث.
أولا: بالنسبة للجنايات
نصت المادة 452 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: "لا يجوز في حالة ارتكاب جناية ووجود جناة بالغين سواء أكانوا قائمين أصليين أم شركاء مباشرة أي متابعة ضد حدث لم يستكمل الثامنة عشر من عمره دون أن يقوم قاضي التحقيق بإجراء تحقيق سابق على المتابعة..."
يتبين من خلال نص المادة أعلاه أنه في حالة ارتكاب الحدث لجناية فإن التحقيق فيها وجوبي ويؤول إلى قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وبهذا فإن المشرع لم يخرج عن القواعد العامة التي تلزم بالتحقيق في الجنايات حسب المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية .إلا أن النص العربي للمادة 452 من قانون الإجراءات الجزائية منح لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث سلطة التحقيق مع الحدث في حالة ارتكابه لجناية بشرط وجوده مع البالغين سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء في الجناية .ولم يعالج النص العربي حالة إارتكاب حدث بمفرده لجناية. وهو ما يدفعنا إلى القول بتطبيق القواعد العامة، إذ طبقا للقاعدة العامة فالتحقيق مع الحدث هو من اختصاص قاضي الأحداث.
إلا أنه بالرجوع إلى النص الفرنسي للمادة 452 من قانون الإجراءات الجزائية فإنها كانت واضحة وعالجت كلا الاحتمالين أي في حالة ارتكاب حدث لجناية سواء بمفرده أو في حالة وجوده مع البالغين بنصها:
. (En cas de crime ; qu'il yait ou non des coauteurs ou complices majeurs )
وهذا ما هو جاري به العمل إذ يؤول الاختصاص إلى قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث في حالة الجنايات المرتكبة من طرف الحدث.
والأصل في حالة ارتكاب الحدث لجناية أو جنحة رفقة بالغين فإن النيابة تقوم بفصل الملف وإحالة الحدث إلى قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث حسب نوع الجريمة. إلا أنه عمليا يتم تقديم طلب افتتاحي لإجراء تحقيق إلى قاضي التحقيق الذي يفترض فيه أن يكون مختص بشؤون الأحداث والذي يحقق مع الحدث والبالغين وبعد إنهاء التحقيق يقوم بفصل الملف وإحالة كل منهما على الجهة القضائيـة المختصـة للمحاكمة.
ولقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث إمكانية اتخاذ التدابير المنصوص عليها في المواد 455 و456 من قانون الإجراءات الجزائية وعليه إخطار والدي الحدث بإجـراءات المتابعة طبقـا للمـادة 454 من قانــون الإجراءات الجزائية.
ثانيا: بالنسبة للجنح
الأصل أن الجنح التي يرتكبها الحدث التحقيق فيها وجوبي من إختصاص قاضي الأحداث إلا أنه استثناء عن الأصل يمكن أن يؤول التحقيق في جنح الأحداث إلى قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث في حالة تشعب القضية وهذا ما نصت عليه المادة 452/04 من قانون الإجراءات الجزائية: "....ويجوز للنيابة العامة بصفة استثنائية في حالة تشعب القضية أن تعهد لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق نزولا على طلب قاضي الأحداث وبموجب طلبات مسببة."
فمن خلال نص المادة نستنتج أنه حتى يؤول الإختصاص إلى القاضي المختص بشؤون الأحداث للتحقيق في جنح الأحداث يجب توافر03 شروط هي:
01- أن تكون الجنحة متشعبة معناه ارتكاب حدث لجنحة مع بالغين وتكون القضية على درجة من التعقيد أو الخطورة.
02- تقديم طلب من قاضي الأحداث إلى قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وهو ما يعرف بالتخلي.
03- يجب أن يكون الطلب مسببا.
كما يختص قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث شأنه شأن قاضي الأحداث بتدخلات المدعي المدني التي تهدف إلى ضم الدعوى العمومية التي تباشرها النيابة العامة.
أما مبادرة المدعي المدني لتحريك الدعوى العمومية بشأن جريمة مرتكبة من طرف حدث فلا تقدم أمام قاضي الأحداث بل يختص بها قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بمقر قسم الأحداث الذي يقيم بدائرتها الحدث ويتم ذلك وفقا لأحكام المواد من 72 إلى 78 من قانون الإجراءات الجزائية لعدم وجود نص خاص.
وفي هذا الصدد نصت المادة 475 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: "يجوز لكل من يدعي إصابته بضرر ناجم عن جريمة نسبتها إلى حدث لم يبلغ 18 سنة أن يدعي مدنيا .
وإذا كان المدعي المدني قد تدخل لضم دعواه المدنية إلى الدعوى التي تباشرها النيابة العامة فإن إدعاؤه يكون أمام قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث أو أمام قسم الأحداث.
أما المدعي المدني الذي يقوم بدور المبادرة إلى تحريك الدعوى العمومية فلا يجوز له الإدعاء مدنيا إلا أمام قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بمقر قسم الأحداث الذي يقيم بدائرتها الحدث."
كما تجدر الإشارة أنه يذهب رأي إلى عدم منح محاكم الأحداث اختصاص النظر في الدعوى المدنية لتمكينها من التفرغ لبحث الجريمة وحالة مرتكبها الحدث وتقدير التدبير التقويمي المناسب له وبالتالي قطع الطريق على المدعي المدني للتأسيس كطرف مدني أمام قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث.

الفرع الثاني: الإختصاص المحلي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث

لا يوجد نص خاص يحدد الإختصاص المحلي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وهو ما يعني معه تطبيق القواعد العامة التي تحدد الإختصاص المحلي لقـاضي التـحقيـق. وحـددت المـادة 40 و47/ف04 من قانون الإجراءات الجزائية الإختصاص المحلي لقاضي التحقيق.
ونصت المادة 40 على ما يلي: "يتحدد اختصاص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها أو بمحل القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر..."
ونصت المادة 47/ف04 على ما يلي: "عندما يتعلق الأمر بالجرائم المذكورة في الفقرة الثالثة أعلاه. يمكن قاضي التحقيق أن يقوم بأية عملية تفتيش أو حجز ليلا أو نهارا وفي أي مكان على امتداد التراب الوطني أو يأمر ضباط الشرطة المختصين بذلك".
وبالرجوع إلى أحكام المادة 47/ف03 نجدها حصرت الجرائم في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب وكذا الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف.

الفرع الثالث: الإختصاص الشخصي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث

يختص قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بالتحقيق مع الأحداث مهما كان سنهم في الجنايات التي يرتكبونها والجنح المتشعبة إذا توافرت الشروط السالفة الذكر من تخلي قاضي الأحداث لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بموجب طلب مسبب وأن تكون الجنحة متشعبة شارك فيها حدث مع مجموعة من البالغين وتتسم بالتعقيد أو الخطورة.

المطلب الثاني: ضمانات الحدث أثناء التحقيق

لقد أقر المشرع الجزائري مجموعة من الضمانات خاصة بالحدث أثناء التحقيق معه بغض النظر عن الجهة القضائية المكلفة بذلك. وأكدت هذه الضمانات قواعد بكين العالمية وتتمثل فيما يلي:

الفرع الأول: قرينـة البــــراءة

افتراض براءة المتهم حتى تثبت إدانته بحكم قضائي قاعدة أساسية من قواعد الإجراءات الجنائية تحقق مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع في آن واحد. وقرينة البراءة ترتب آثار هامة بالنسبة لموقف المتهم أهمها:أن عبء إثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم يقع على عاتق سلطة الإتهام وأن الشك يفسر لصالح المتهم لأن الأصل فيه البراءة ولقد نص الدستور الجزائري على هذا الحق في المادة 45 منه والتي تنص: "كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة نظامية إدانته مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون". كما أن المشرع الدولي سعى لوضع نص خاص بالأحداث وذلك ما حققته قواعد بكين في قاعدتها 07-1 التي جاء فيها: "تكفل في جميع مراحل الإجراءات ضمانات إجرائية أساسية مثل افتراض البراءة..."

الفرع الثاني: الحـق في التـزام الصمــت

طبقا لهذا الحق يكون للحدث الحرية الكاملة للإجابة عن الأسئلة التي يوجهها له قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث أو الامتناع عن ذلك دون إمكانية إجباره على ذلك .
وعليه لا يمكن انتزاع الأجوبة من الحدث عن طريق تعذيبه أو تحليفه اليمين أو إكراهه على الكلام ولا يعد التزامه للصمت اعترافها بالتهمة المنسوبة إليه .وقد جسد حديثا هذا الحق بالنسبة للأحداث المتهمين في قواعد بكين بمقتضى القاعدة 07-1 وكذا في اتفاقية حقوق الطفل بمقتضى المادة 40/ف04 التي تنص على عدم إكراه الحدث على الإدلاء بشهادته أو الاعتراف بالذنب.

الفرع الثالث: الحق في حضور أحد الوالديـن أو الوصـي

نصت المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية على أن إجراءات التحري والتحقيق سرية، وهذا هو الأصل فالتحقيق يكون سري، إذ يكون علني بالنسبة لأطراف القضية من شهود ومتهم وضحايا وسري بالنسبة للجمهور.
إلا أن المشرع خرج عن هذه القاعدة وحد من سرية التحقيق مع الحدث ,ومنح لوليه صلاحية الحضور أثناء التحقيق وهذا يشكل ضمانة من الناحية النفسية له. ولقد نصت المادة 454 من قانون الإجراءات الجزائية على هذا الحق بقولها: "يخطر قاضي الأحداث بإجراء المتابعات والدي الحدث أو وصيه أو من يتولى حضانته المعروفين له..."
وبموجب القاعدة 07-1 فإن حق الحدث في حضور أحد والديه أو وصيه جلسات التحقيق يعد ضمانة أساسية بالنسبة له.أما بالنسبة لحق أحد الأبوين أو الوصي في المشاركة في الإجراءات فقد تناولته القاعدة 15-2 بنصها: "للوالدين أو الوصي حق الاشتراك في الإجراءات، ويجوز للسلطة المختصة أن تطلب حضورهم لصالح الحدث، على أنه يجوز للسلطة المختصة أن ترفض إشراكهم في الإجراءات إذا كانت هناك أسباب تدعو إلى اعتبار هذا الاستبعاد ضروريا لصالح الحدث" .

الفرع الرابع: الحق في الاستعانة بمحام

حق الدفاع هو أهم الضمانات المقدمة للحدث أثناء مرحلة التحقيق ومرحلة المحاكمة فالدفاع هو عون للقاضي الذي يساعده في التعرف على شخصية الحدث وأسباب الانحراف وأماكن الداء في شخصيته والدواء المناسب لها باتخاذ التدبير الصحيح والملائم لوضع الحدث وظروفه ويؤدي إلى إصلاحه وإدمـاجه في حالـة انحرافـه. والقاعدة 07-1من قواعد بكين تؤكد على هذا الحق بقولها :"تكفل في جميع مراحل الإجراءات ضمانات إجرائية أساسية مثل:...الحق في الحصول على خدمات محام".

المطلب الثالث: سلطات قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث

فيما يتعلق بنوع الأعمال التي يقوم بها قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث نجد المادة 464 من قانون الإجراءات الجزائية تبين أن الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث لا تختلف عن الإجراءات المعتادة ، أي أنها لا تختلف عن قواعد التحقيق الخاصة بالبالغين. وتنقسم هذه القواعد إلى قواعد تتخذ في مواجهة الملف وأخرى في مواجهة المتهم.وهو ما سنتطرق إليه في الفرعين التاليين:

الفرع الأول: أعمال التحقيق في مواجهة الملف

يقوم قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بالتحقيق في قضايا الأحداث وفق القواعد العامة والنصوص الخاصة بالأحداث في قانون الإجراءات الجزائية وتبعا لذلك فإنه:
01- يجري المعاينات المادية طبقا لنص المادة 79 من قانون الإجراءات الجزائية وذلك بغرض إثبات الآثار المادية التي تخلفت عن الجريمة أو إثبات حالة الأماكن أو الأشياء أو الأشخاص التي لها علاقة بالجريمة أو إثبات الوسيلة التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو المكان الذي وقعت فيه.
02- يجري التفتيش طبقا لنصوص المواد:45-47-48-80-81-82 من قانون الإجراءات الجزائية بغرض العثور على وثائق أو أشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة.
03- يضبط الأشياء والوثائق التي يرى أنها مفيدة لإظهار الحقيقة أو التي قد يضر إفشاؤها بسير التحقيق سواء كانت لدى المتهم أو لدى الغير حسب ما تقتضيه نصوص المواد من 84إلى87 من قانون الإجراءات الجزائية. ويشمل الحجز الأشياء التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو تحصلت منها.
04- يجري الإنابات القضائية متى كان اللجوء إليها ضروريا مع مراعاة نصوص المواد من 138إلى 142من قانون الإجراءات الجزائية.
05- يجري الخبرة القضائية لتقدير المسائل الفنية التي تعترضه أثناء التحقيق حسب ما تنص عليه المواد من143إلى 156من قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الثاني: أعمال التحقيق في مواجهة المتهم الحدث

يستدعي قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث الحدث ووليه ,ويتم سماع الولي واستجواب الحدث وفقا للمادة 100من قانون الإجراءات الجزائية في محضر مكتوب، سماع الضحية وسماع الشهود وإجراء المواجهة في حالة الضرورة، وله أن يصدر جميع الأوامر الجنائية التي يمكن أن يصدرها قاضي التحقيق المختص بالتحقيق مع البالغين، إلا أنه بالنسبة للحبس المؤقت تراعى أحكام المادة 456 من قانون الإجراءات الجزائية. وله أن يعهد بإجراء البحث الاجتماعي إلى المصالح الاجتماعية المختصة، وأن يأمر بإجراء فحص طبي ونفسي ويأمر بأي تدبير مؤقت يراه مناسبا لحالة الحدث في انتظار إتمام إجراءات التحقيق .إضافة إلى ذلك فإنه ملزم بأن يعين محاميا للحدث في حالة ما إذا كان لا الحدث ولا وليه إختار محاميا لأن تعيين محام للدفاع عن الحدث أمر وجوبي .

المبحث الثالث: الأوامر الصــادرة عن جهات التحقيق

خول المشرع لجهات التحقيق –قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث- سلطة إصدار مجموعة من الأوامر المؤقتة أثناء مرحلة التحقيق مع الحدث وهي أوامر ذات طبيعة تربوية التي نصت عليها المادة 455 من قانون الإجراءات الجزائية، وأوامر ذات طبيعة جزائية المتمثلة في أمر القبض و الإحضار والأمر بالحبس المؤقت والأمر بالوضع تحت الرقابة القضائية وكذا الأوامر الصادرة بعد إنتهاء التحقيق والمتمثلة في الأمر بالإحالة والأمر بألا وجه للمتابعة.

المطلب الأول: الأوامر المؤقتة ذات الطابع التربوي

نصت المادة 455 من قانون الإجراءات الجزائية على مجموعة من الأوامر التربوية التي يمكن لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث أن يتخذها أثناء التحقيق سواء كان هذا التحقيق رسمي أو غير رسمي. والأمر جوازي بالنسبة لكل منهما فيمكن اتخاذ هذه التدابير أو عدم اتخاذها، كما يمكن تعديلها أو إلغاؤها.
وتتمثل هذه الأوامر في التسليم المؤقت للحدث المجرم إلى إحدى الجهات التالية:
- والديه أو وصيه أو الشخص الذي يتولى حضانته أو شخص جدير بالثقة.
- مركز إيواء.
- قسم إيواء بمنظمة لهذا الغرض سواء أكانت عامة أو خاصة .
- مصلحة الخدمة الاجتماعية المنوط بها معاونة الطفولة أو بمؤسسة إستشفائية.
- مؤسسة أو منظمة تهذيبية أو للتكوين المهني أو للعلاج تابعة للدولة أو لإدارة عامة مؤهلة لهذا الغرض أو مؤسسة خاصة معتمدة.
- مركز ملاحظة معتمد إذا كانت حالة الحدث الجسمانية أو النفسانية تستدعي فحصا عميقا.
كما خولت المادة أعلاه إجراء آخر غير إجراء التسليم المؤقت وهو نظام الإفراج تحت المراقبة دون أن تتطرق إلى مدة التسليم في حالة التسليم الذي يتم إلى الأشخاص المعنوية .إلا أنه بالرجوع إلى الأمر رقم 75/64المتعلق بإحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة والمراهقة حدد في مادته الخامسة (05) بأن مدة التسليم لا تتجاوز ستة (06) أشهر. وعمليا لاحظنا بأن التدبير الذي يتخذ عادة هو تسليم الحدث إلى والديه.

المطلب الثاني: الأوامر الجزائية

خول المشرع لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث سلطة إتخاذ أوامر قسرية لضبط وإحضار المتهمين وإيداعهم في المؤسسات العقابية.
يعد إصدار الأوامر القسرية من أخطر المهام المنوطة بقاضي التحقيق لما تشكله من إنتهاكات على الحرية الفردية. وهكذا يجوز لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث خلال سير التحقيق وحسب ما تقتضيه الحالة إصدار الأوامر الآتي بيانها: الأمر بإحضار الحدث، الأمر بالقبض على الحدث، الأمر بإيداع الحدث. كما يمكن لقاضي الأحداث اللجوء إلى بدائل الحبس المؤقت المتمثلة في الرقابة القضائية والإفراج والوضع تحت نظام الإفراج المراقب .

الفرع الأول: الأمــر بالإحضـــار

الأصل أن جهة التحقيق لا تلجأ إلى إصدار أمر الإحضار، بل تقوم باستدعاء الحدث ووليه عن طريق برقية. إلا أنه لا يوجد مانع قانوني يحول دون ذلك. ولقد عرفت المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية الأمر بالإحضار على أنه الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم ومثوله أمامه فورا.
كما تنص المادة 116من نفس القانون على أنه: "إذا رفض المتهم الامتثال لأمر الإحضار أو حاول الهرب بعد إقراره أنه مستعد للامتثال إليه تعين إحضاره جبرا عنه بطريق القوة". وهو ما يفيد أن الأصل في تنفيذ الأمر بالإحضار لا يتم فيه اللجوء إلى القوة العمومية إلا في حالة رفض الحدث المثول أمام قاضي الأحداث.

الفرع الثاني: الأمــر بالقبــض

نصت عليه المادة 119من قانون الإجراءات الجزائية وعرفته على أنه الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية للبحث عن المتهم واقتياده إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه وحبسه.
ويجوز لقاضي التحقيق إصدار الأمر بالقبض بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية في حالتين:
أ- إذا كان المتهم هاربا.
ب- إذا كان مقيما خارج إقليم الجمهورية.
وفيما عدا هاتين الحالتين يتعين على قاضي التحقيق أن يمتنع عن إصدار الأمر بالقبض وأن يستخدم الأمر بالإحضار وقبله ينبغي أن يوجه استدعاء إلى الشخص المطلوب ضمن الأوضاع القانونية المنصوص عليها في المواد من439 إلى 441 من قانون الإجراءات الجزائية.
وينتظر رجوع وصل الاستلام ليتأكد من عدم امتثال صاحب الشأن للاستدعاء .ولكن السؤال الذي يطرح نفسه :هل يمكن إصدار أمر بالقبض ضد حدث لم يبلغ 13سنة؟
في رأينا وبالرجوع إلى أحكام المادة 456/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص: "لا يجوز وضع المجرم الذي لم يبلغ من العمر 13سنة كاملة في مؤسسة عقابية ولو بصفة مؤقتة". وبالرغم من أن أحكام هذه المادة تتعلق بالحبس المؤقت والتي تمنع إيداع المتهم الحدث مؤقتا في مؤسسة عقابية إذا كان غير بالغ لسن 13سنة فإنه لا مانع من تطبيقها على أمر القبض. فإذا كان المشرع منع حبس الحدث الذي لم يبلغ 13سنة مؤقتا فمن باب أولى منع إصدار الأمر بالقبض ضد الحدث الذي لم يكمل 13سنة.

الفرع الثالث: الأمـر بالحبس المؤقــت

يقصد بالحبس المؤقت سلب حرية المتهم بإيداعه الحبس خلال مرحلة التحقيق الابتدائي. وهو بذلك يعد أخطر إجراء من الإجراءات المقيدة للحرية قبل المحاكمة وهذا استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن الشخص لا يحبس إلا بعد صدور حكم إدانة يقضي بذلك. ولهذا فقد حدد المشرع مجموعة من الشروط لإصداره تتمثل في:
01- استجواب المتهم.
02- أن تكون الجريمة المنسوبة للمتهم جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس.
03- أن تكون التزامات الرقابة القضائية غير كافية طبقا للحالات التي أشارت إليها المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية.
04- وجوب إصدار أمر إيداع تنفيذا لأمر الوضع رهن الحبس المؤقت.
وتجدر الإشارة إلى أن سلطة إصدار الأوامر القسرية في الميدان العملي قليلا ما يلجأ إليها قاضي الأحداث على عكس قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث الذي يحقق في الجنح والجنايات المتشعبة.كما لاحظنا أنه لايتم اللجوء إلى الحبس المؤقت تجاه الحدث ,بل يتم تسليم الحدث إلى والديه أو وضعه تحت الرقابة القضائية أو الإفراج تحت المراقبة أو الإيداع في المؤسسات أو المصلحة المختصة بحماية الطفولة.

المطلب الثالث: أوامــر التصرف في التحقيــق

بعد الانتهاء من التحقيق يتم إبلاغ الملف إلى النيابة العامة عن طريق أمر إبلاغ من أجل إبداء رأيها وتقديم طلباتها. إذ نصت المادة 457 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: "إذا تبين لقاضي التحقيق أن الإجراءات قد تم استكمالها أرسل الملف بعد أن يرقم الكاتب أوراقه إلى وكيل الجمهورية الذي يتعين عليه تقديم طلباته خلال 10أيام على الأكثر".
وبعد تقديم وكيل الجمهورية لطلباته التي يراها مناسبة يكون لجهة التحقيق –قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث –إتخاذ أحد الأمرين:

الفرع الأول :الأمر بأن لا وجه للمتابعة

يصدر هذا الأمر في حالة ما إذا كانت الأفعال المرتكبة لا تشكل أي وصف جزائي، أي لا تكون لا جنحة ولا مخالفة أو لا تكون هناك دلائل كافية ضد المتهم أو في حالة إذا بقي الفاعل مجهولا. وفي هذا الصدد نصت المادة 458 من قانون الإجراءات الجزائية: "إذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع لا تشكل جنحة ولا مخالفة أو أنه ليس ثمة من دلائل كافية ضد المتهم أصدر أمر بأن لا وجه للمتابعة وذلك ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 163".
وتنص المادة 464/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية: "بعد إنتهاء التحقيق يصدر قاضي التحقيق بناء على طلبات النيابة العامة وعلى حسب الأحوال إما أمرا بألا وجه للمتابعة وإما بإحالة الدعوى على قسم الأحداث".

الفرع الثاني: الأمــر بالإحالــــة

في حالة ما إذا توصل قاضي الأحداث أن الأفعال المنسوبة إلى الحدث تشكل جنحة أو مخالفة وبعد استطلاعه لرأي وكيل الجمهورية يصدر أمر الإحالة إلى الجهة المختصة لمحاكمة الحدث حسب وصف الجريمة.
فإذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع لا تكون إلا مخالفة أحال القضية على المحكمة الناظرة في مادة المخالفات بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 164من قانون الإجراءات الجزائية وهذا طبقا للمادة 459من قانون الإجراءات الجزائية.
وإذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع تكون جنحة أصدر قرارا بإحالتها على قسم الأحداث ليقضى فيها في غرفة مشورة (المادة464/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية ).
وبموجب المادة 465 من قانون الإجراءات الجزائية إذا كان مع الحدث في ارتكاب جناية أو جنحة فاعلون أصليون أو شركاء راشدون وسبق لقاضي التحقيق أن أجرى تحقيقا ضدهم جميعا يحيل هؤلاء إلى الجهة المختصة عادة لمحاكمتهم طبقا للقانون العام ويفصل عنه القضية التي تخص الحدث وإحالته على قسم الأحداث.
وفي الأخير فيما يتعلق بالأوامر التي تصدرها جهات التحقيق وباختلاف طبيعتها سواء كانت أوامر متعلقة بالحماية والتربية أو ذات طبيعة جزائية أو أوامر تصرف فيمكن استئنافها. إذ نصت المادة 466 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: "تطبق على الأوامر التي تصدر من قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وقاضي الأحداث أحكام المواد من170إلى 173من قانون الإجراءات الجزائية. غير أنه إذا تعلق الأمر بالتدابير المنصوص عليها في المادة 455 تكون مهلة الاستئناف محددة بعشرة أيام. ويجوز أن يرفع الاستئناف من الحدث أو نائبه القانوني ويرفع أمام غرفة الأحداث بالمجلس القضائي".

الفصل الثاني: محـــــــــاكمة الحدث

إذا كان الهدف من محاكمة المجرم البالغ هو تمحيص الأدلة وتقييمها بصفة نهائية بغرض الفصل في موضوع الدعوى بالبراءة أو بالإدانة فإن الهدف من محاكمة القصر لا يرتكز أساسا على ذلك لأن الحدث المنحرف أو المعرض لخطر معنوي عادة ما يكون ضحية عوامل شخصية، إقتصادية واجتماعية، عجز عن مقاومتها فدخل في دائرة الخطر وذلك ما جعل المشرعين ينظرون إلى محكمة الأحداث على أنها هيئة اجتماعية قانونية تختص بالفصل في أعقد السلوكات لأهم فئة من أفراد المجتمع هدفها الأساسي حماية الأحداث الموجودين في خطر ومحاولة تقويم انحرافاتهم ومصالحتهم مع المجتمع وفق المبادئ الحديثة للدفاع الاجتماعي وفي إطار إحترام حقوق الإنسان للطفل .
ولما كانت قضايا الأحداث هي مسائل اجتماعية أكثر منها وقائع جنائية، بل إنه تنتفي فيها هذه الصفة إذا كان موضوعها حدثا معرضا للانحراف فإنه من الطبيعي أن تقوم سياسة محاكمة الأحداث على قواعد ومبادئ تختلف عن تلك التي تقوم عليها محاكمة المجرمين البالغين سواء فيما يتعلق بكيفية تنظيم قضاء الأحداث أو بكيفية سريان المحاكمة أمام محاكم الأحداث. لذلك سوف نركز دراستنا لهذه المرحلة على النقاط التالية:

المبحث الأول :هيئات الحكم الفاصلة في قضايا الأحداث

تعد محاكم الأحداث من المحاكم الخاصة يتقيد إختصاصها ببعض الجرائم وبمحاكمة فئة معينة هم الأحداث وهي تقابل محاكم القانون العام التي تختص بجميع الجرائم وجميع المتهمين بارتكابها وتعد نوعا من القضاء الطبيعي بالنسبة للمتهمين أو الجرائم التي تدخل في إختصاصها. وتعتبر محاكم الأحداث جهاز ذو طبيعة مزدوجة فهي قانونية إجتماعية لأن القانون هو الذي يحدد سن الحدث ويحدد الحالات التي يعد الحدث فيها منحرفا أو في خطر معنوي ويحدد للمحكمة إختصاصها ويحدد لها الوسائل التقويمية والعلاجية التي تتفق مع ظروف الحدث، هذا في الوقت الذي يمنح فيه القانون للمحكمة دورا اجتماعيا يتمثل في ضرورة فحص هذه الحالة من النواحي الاجتماعية والطبية والنفسية يساعدها في اختيار العلاج الذي يقضي على أساس انحراف الصغير والمحكمة تطبق في ذلك مبادئ الدفاع الاجتماعي بنبذه فكرة الردع أو العقوبة وإتباع الوسائل التقويمية بشأن الأحداث وتبعا لذلك سوف نتناول :

المطلب الأول: اختصــاص محكمة الأحداث

الإختصاص هو مباشرة ولاية القضاء في نظر الدعوى في الحدود التي رسمها القانون، وقد نظم المشرع الجزائري قواعد الإختصاص لمحاكمة الأحداث في المادة 451 من قانون الإجراءات الجزائية. وتقوم معايير الإختصاص على ثلاثة ضوابط فهي إما تتعلق بالشخص وهو ما يسمى بالاختصاص الشخصي, وإما تتعلق بنوع الجريمة وهو ما يسمى بالاختصاص النوعي، إما تتعلق بمكان الجريمة وهو ما يسمى بالاختصاص المحلي.
وتعتبر قواعد الإختصاص في المواد الجزائية من النظام العام باتفاق الفقه والقضاء يترتب على مخالفتها بطلان الإجراءات ولا يجوز التنازل عنه بل ويجب أن تثيره المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز أيضا التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى وأمام أي هيئة قضائية .

الفرع الأول: الاختصـاص الشخصي لقضاء الأحداث

القاعدة العامة في المسائل الجنائية أنه لا عبرة بشخص المتهم أو صفته أو حالته ومع ذلك فقد يخرج المشرع بعض الأشخاص بسبب صفاتهم أو حالتهم عن اختصاص المحاكم الجنائية العادية فلا يتوافر للمحكمة الإختصاص بنظر الدعوى بسبب شخص المتهم فيها، هو ما أقره المشرع الجزائري بشأن الأحداث الذين خصهم بمحاكمة خاصة تفصل في قضاياهم ويكون غرضها الأساسي هو العمل على إصلاحهم عن طريق التعرف على طبيعة المنحرف الصغير وحالته الاجتماعية وسبب انحرافه وتقدير التدبير الذي يناسبه ومراقبة تنفيذه عليه .
أولا: الاختصاص الشخصي الأساسي لقضاء الأحداث
بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية نجد أن المشرع قد اهتدى بالمعيار الشخصي في تحديد المحكمة المختصة بالاعتماد على سن المتهم وقت ارتكاب الجريمة وهذا ما نصت عليه المادتين 442 و443 من قانون الإجراءات الجزائية .
ويتم التأكد من أن الماثل أمام هيئات الحكم حدث إما بواسطة شهادة ميلاد الحدث أو بواسطة بطاقة تعريفه الشخصية وفي حالة انعدامهما للقاضي أن يستعين بالخبرة للتحقق من أن الماثل أمامه حدث وهو المعمول به رغم عدم وجود نص يقضي بذلك.
في حين أن المشرع المصري نص في المادة 02 من قانون الأحداث المصري على:
"ويكون إثبات سن الطفل بموجب شهادة ميلاده أو بطاقة شخصية أو مستند رسمي آخر"، كما نصت المادة 95 من نفس القانون: "لا يعتد في تقدير سن الطفل بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقدر سنه بواسطة خبير".
فالأصل أن قضاء الأحداث هو المختص بالفصل في قضايا الأحداث المنحرفين متى كانت سنهم لا تتجاوز 18سنة والأحداث المعرضين للانحراف متى كانت سنهم لا تتجاوز 21 سنة. وبالتالي متى تجاوز الشخص تلك السن أصبحت المحاكم العادية هي المختصة إلا أن المشرع أرجع الإختصاص الشخصي في بعض قضايا الأحداث للقضاء العادي وذلك في حالتين:
الحالة الأولى: حدث أقل من 18 سنة ارتكب مخالفة فالاختصاص الشخصي يكون لقسم المخالفات كبار.
الحالة الثانية: حدث أتم 16 سنة ارتكب فعل إرهابي أو تخريبي فالاختصاص الشخصي يكون لمحكمة الجنايات.
وفي حالة اشتراك بالغ مع حدث في جريمة واحدة يحال الحدث إلى قضاء الأحداث ويحال البالغ إلى المحكمة العادية المختصة (المادة 465 من قانون الإجراءات الجزائية).
ثانيا: الإختصاص الشخصي الإستثنائي لقضاء الأحداث
استثناء من قاعدة الإختصاص الشخصي الأساسي لقضاء الأحداث,فإن قوانين الأحداث العربية ومنها المشرع الجزائري تقضي باختصاص محكمة الأحداث في بعض الجرائم المتصلة بقضايا الأحداث التي يرتكبها بالغون وكذا الجرائم التي يرتكبها الأحداث ذوو الصفة العسكرية .
01- امتداد قضاء الأحداث للفصل في قضايا البالغين: يكون في حالتين
الحالة الأولى: الإغفال الواضح للرقابة من جانب الوالدين أو الوصي أو متولي الحضانة وحالة خلق أي شخص عراقيل تحول دون مباشرة المندوب المعين لمراقبة سلوك الحدث مهامه، حيث خول المشرع لقاضي الأحداث أن يحكم على الوصي أو الوالدين أو الحاضن بغرامة مدنية من 100 إلى 500 دج (المادة481/ف03 من قانون الإجراءات الجزائية).
الحالة الثانية: مسألة إسناد الحضانة أو إسقاطها عن أحد الوالدين متى رأى أن مصلحة الحدث تقتضي ذلك (المادة 493 من قانون الإجراءات الجزائية).
02- إمتداد قضاء الأحداث بالنسبة للأحداث ذوو الصفة العسكرية
تنص المادة 74/ف05 من قانون القضاء العسكري:"يحق لوكيل الجمهورية العسكري في زمن الحرب أن يستحضر مباشرة أمام المحكمة العسكرية أي شخص كان ما عدا القصر، عن كل جريمة إلا إذا كانت هذه الجريمة تستوجب الإعدام". فالأحداث –الطلبة العسكريين- التابعين للمؤسسة العسكرية متى ارتكبوا جرائم تتم إحالتهم على قضاء الأحداث العادي ماعدا إذا تعلق الأمر بجريمة عقوبتها الإعدام فإن القضاء العسكري يكون مختصا رغم أن المتهم حدثا.

الفرع الثاني: الاختصـاص المكاني لقضاء الأحداث

تنص المادة 451/ ف03 من قانون الإجراءات الجزائية: "ويكون قسم الأحداث المختص إقليميا هو المحكمة التي ارتكبت الجريمة بدائرتها أو التي بها محل إقامة الحدث أو والديه أو وصيه أو محكمة المكان الذي عثر فيه على الحدث أو المكان الذي أودع به الحدث سواء بصفة مؤقتة أو نهائية".
من نص المادة يتحدد الإختصاص المحلي للمحكمة حسب الحالات التالية:
01- مكان وقوع الجريمة: يعتبر مكان وقوع الجريمة الأصل في الإختصاص لأنه يسهل كثيرا الحصول على الشهود، وإمكان معاينة مكان الجريمة والظروف المحيطة بها. والعبرة في تحديد مكان وقوع الجريمة هي وقوع الأعمال التنفيذية، وقد اعتبر الفقه والقضاء أنه إذا وقعت هذه الأفعال التنفيذية في أكثر من دائرة قضائية فيكون الإختصاص لكل محكمة وقع فيها بعض تنفيذ هذه الأفعال وتكون الأسبقية للمحكمة التي تباشر أولى إجراءات المتابعة القضائية.
02- محل إقامة الحدث أو والديه أو وصيه ونقصد به مكان الإقامة المعتاد للحدث أو والديه أو وصيه.
03- محكمة مكان القبض على الحدث: و تظهر أهمية مكان القبض على الحدث وضبطه في اختصاص المحكمة إذا تعذر معرفة مكان وقوع الجريمة من البداية,أولم يكن للمتهم محل إقامة معروف وبذلك يكون المشرع قد نص على أن اختصاص المحكمة يكون بمكان القبض على المتهم ولو كان هذا القبض قد وقع لسبب آخر.
04- المكان الذي أودع به الحدث سواء بصفة مؤقتة أو نهائية: في هذه الحالة يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها المكان الذي أودع فيه الحدث بعد قبضه سواء بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة ونهائية والأماكن المؤقتة التي نص عليها المشرع نجدها في نص المادة 455 من قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الثالث: الاختصـاص النوعي لقضاء الأحداث

إن الجهات الجزائية الخاصة بمحاكمة البالغين تنقسم من حيث توزيع الإختصاص النوعي للجرائم إلى محكمة الجنايات الناظرة في مواد الجنايات ومحكمة الجنح الفاصلة في مواد الجنح ومحكمة المخالفات الناظرة في مواد المخالفات.والأفعال الإجرامية التي يرتكبها الأحداث لا تخرج عن هذا التقسيم1 وسنفصل ذلك فيما يلي:
أولا: الإختصاص النوعي لقاضي الأحداث
حصر المشرع الإختصاص النوعي لقاضي الأحداث في:
01- الفصل في القضايا المحالة إليه من محكمة المخالفات عن طريق النيابة بغرض وضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب (المادة 446/04 من قانون الإجراءات الجزائية) .
02- النظر في قضايا الأحداث ضحايا جناية أو جنحة وفق الشروط التي حددتها المادة 493 من قانون الإجراءات الجزائية التي بينت أنه إذا وقعت جناية أو جنحة على حدث لم يبلغ 16من عمره من أحد والديه أو وصيه أو حاضنه فإن لقاضي الأحداث التدخل لاتخاذ التدبير الملائم لحالة الحدث بعد استطلاع رأي النيابة العامة.
03- النظر في القضايا المتعلقة بالأحداث الموجودين في خطر معنوي وذلك طبقا للمادة 02/ف01 من الأمر رقم 72/03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة.
ثانيا: المحكمة المختصة الفاصلة في جنايات الأحداث
إذا كيفت الواقعة المشكلة للجريمة التي أقترفها الحدث بأنها جناية يحال ملف القضية إلى قسم الأحداث بمحكمة مقر المجلس القضائي طبقا للمادة 451/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية. باستثناء نص المادة 249/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية .فإذا قام قاضي التحقيق بإحالة الملف على غير قسم الأحداث بمحكمة مقر المجلس فإنه يجب على من أحيلت إليه هذه القضية أن يدفع بعدم اختصاصه النوعي وفي حالة ما إذا فصل فيها فإنه يكون قد ارتكب خطأ إجرائيا يترتب عليه نقض الحكم في حالة الطعن فيه بالنقض.
إلا أنه تثور إشكالية مفادها أنه في حالة ما إذا أحال قاضي التحقيق بالمحكمة القضية إلى قسم الأحداث بمحكمة مقر المجلس، وبعد المناقشات والمرافعات في الجلسة أعادت المحكمة تكييف الجريمة إلى جنحة بعد ما كانت جناية فما هو الحكم الذي تصدره في هذه الحالة؟
وحل هذه الإشكالية إحدى الخيارات التالية :
01- إن الإجراءات المقررة للأحداث في قانون الإجراءات الجزائية لم تتضمن نص يقضي بأنه ليس لقسم الأحداث بمقر المجلس أن يقضي بعدم اختصاصه وبذلك لم يجعل له الولاية العامة بالنظر في الجرائم المحالة إليه على أساس جناية ثم غير تكييفها إلى جنحة فقاعدة الولاية العامة كرسها وأقرها المشرع فقط لمحكمة الجنايات.
02- إن قاعدة من يملك الكل يملك الجزء طبقا للتفسير الضيق في المادة الجزائية تنصرف حصرا إلى الجرائم المرتبطة (المادة 188 من قانون الإجراءات الجزائية)، وفي هذه الحالة تنصرف إلى إعادة التكييف. ولكن إذا كانت هناك جناية مطروحة على قسم الأحداث بمحكمة مقر المجلس وكانت ترتبط بها جنح أو مخالفات حسب مفهوم المادة السابقة فإنها تفصل في الجناية وفي الجرائم المرتبطة بها أما إذا أعيد التكييف من جناية إلى جنحة فالقاعدة لا يمكن تطبيقها هنا.
03- الجاري به العمل هو أنه بناء على المبدأ الإجرائي (من يملك الكل يملك الجزء) فإن قسم الأحداث بمحكمة مقر المجلس يفصل في الجريمة التي أعيد تكييفها من جناية إلى جنحة وذلك بناء على الاعتبارين السابقين.
ثالثا: المحكمة المختصة الفاصلة في جنح الأحداث
يختص قسم الأحداث الموجود بمحكمة خارج مقر المجلس بالنظر في الجنح التي ترتكب من أحداث تقل أعمارهم عن 18سنة طبقا لنص المادة 451/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية ويختص كذلك بنظر قضايا الأحداث الضحايا طبقا لنص 494من قانون الإجراءات الجزائية بشروط:
- أن تقع جناية أو جنحة ويصدر حكم بإدانة المتهم فيها.
- لا يستطيع قاضي الأحداث التدخل إلا بناء على رفع الأمر إليه من طرف النيابة.
وجدير بالذكر فإن قاضي الأحداث عندما يحيل ملف القضية باعتباره محقق بموجب أمر الإحالة إلى قسم الأحداث بالمحكمة فإنه يكون قد أحالها على نفسه باعتباره رئيس تشكيلة قسم الأحداث المنعقدة في شكل جهة حكم.
غير أن هناك حالة تفرض نفسها طرحها المشرع وهي أنه إذا ظهرت لمحكمة الأحداث بقسم الأحداث أن الجريمة المقترفة بوصفها جنحة تكون في الحقيقة جناية فإنه في هذه الحالة يجب على قسم الأحداث بالمحكمة أن يحيلها إلى قسم الأحداث بمحكمة مقر المجلس ويجوز لهذه الأخيرة قبل أن تفصل فيها أن تأمر بإجراء تحقيق تكميلي ويندب لهذا الغرض قاضي التحقيق إذا كان أمر الإحالة قد صدر من قاضي الأحداث.
رابعا: المحكمة المختصة الفاصلة في مخالفات الأحداث
عقد المشرع الاختصاص النوعي في جميع المخالفات التي يرتكبها الأحداث سواء كانت مخالفات من الفئة الأولى أومن الفئة الثانية لقسم المخالفات الخاص بالبالغين حسب المادة 446من قانون الإجراءات الجزائية. و إذا كان المشرع أعطى قاضي قسم المخالفات السلطة التقديرية في إرسال ملف الحدث إلى قاضي الأحداث الذي له سلطة وضع الحدث تحت الإفراج المؤقت بعد نطقه بالعقوبة فإن ذلك من باب الحماية والإصلاح، فالتدابير المتخذة لا تكون اتجاه الحدث الذي ثبتت إدانته ولكن تتخذ أيضا اتجاه الحدث الذي يتبين أنه في خطر معنوي ولو تم الحكم عليه بالبراءة.
خامسا: الاختصاص النوعي لقسم الأحداث بالفصل في الدعوى المدنية
تنص المادة 475/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية: "يحق لكل من يدعي إصابته بضرر ناجم عن جريمة نسبها إلى حدث لم يبلغ 18سنة أن يدعي مدنيا".
فكل من تضرر من جريمة ارتكبها حدث له الحق في أن يطالب بالتعويض وذلك باختيار الطرق التالية:
01- التدخل: عندما تكون النيابة العامة قد حركت الدعوى العمومية وبالتالي فإن إدعاء المضرور يكون أمام قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث أو قسم الأحداث.
02- مبادرة المدعي المدني: إذا لم يصل إلى علم النيابة العامة وقوع الجريمة أصلا وهنا يجوز الإدعاء مدنيا فقط أمام قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بمقر قسم الأحداث الذي يقيم بدائرة اختصاصه الحدث وذلك وفق الشروط المنصوص عليها قانونا في المواد 72-75 من قانون الإجراءات الجزائية مع وجوب إدخال النائب القانوني للحدث.
03- إذا وجد في قضية واحدة متهمون بالغون وأحداث: فإذا أراد المضرور مباشرة الدعوى المدنية في مواجهة جميع المتهمين من أحداث وبالغين فيتم ذلك أمام المحكمة الجزائية للبالغين.
والأصل أن الحكم بالبراءة لا يعفي المتهم من المسؤولية المدنية غير أن المادة 476/ف03 من قانون الإجراءات الجزائية تقضي بأن المدعي المدني ترفض دعواه إذا حكمت إحدى هيئات الحكم المختصة بالنظر في قضايا الأحداث ببراءة الحدث المتهم. ولكن هذا لا يمنع المضرور من مباشرة دعواه المدنية أمام القضاء المدني.

المطلب الثاني: تشكيـــل محكمة الأحـداث

أراد المشرع أن يحقق حماية مثلى للأحداث فخصهم بقضاء خاص يفصل في مختلف القضايا التي تحال إليه فلا تصل جميع قضايا الأحداث إلى قاضي الأحداث عن طريق النيابة العامة أو عن طريق الإحالة من قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث أو قاضي قسم المخالفات بل أن قاضي الأحداث في بعض الأحيان هو أول من يتلقى العريضة وفي أحيان أخرى يتدخل من تلقاء نفسه.

الفرع الأول : القضـــاء الفــردي

خروجا عن مبدأ فصل التحقيق عن المحاكمة فإن قاضي الأحداث يحقق بمفرده في قضايا الأحداث المعرضين للخطر وذلك طبقا للمادة 09من الأمر رقم 72/03، والأحداث الضحايا طبقا للمادة 493من قانون الإجراءات الجزائية وينظر في المخالفات التي تحال إليه من قسم المخالفات الخاص بالبالغين بعد نطقه بالعقوبة إذا ما رأى القاضي أنه من صالح الحدث أن يتخذ اتجاهه تدبير الوضع تحت الإفراج المراقب المادة 446/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية ويتخذ قاضي الأحداث أحكامه في غرفة مشورة.

الفرع الثاني:القضــاء الجمــاعي

أولا: قسم الأحداث بالمحكمة
يتشكل قسم الأحداث سواء خارج محكمة مقر المجلس أو الموجود بها من قاضي الأحداث رئيسا ومن قاضيين محلفين ويعين المحلفون الأصليون و الإحتياطيون لمدة 03 سنوات بقرار من وزير العدل بشرط بلوغهم أكثر من 30سنة من عمرهم، وتمتعهم بالجنسية الجزائرية مع ضرورة درايتهم واهتمامهم بشؤون الأحداث ويجب عليهم أداء اليمين أمام المحكمة قبل القيام بمهامهم( المادة 450 من قانون الإجراءات الجزائية )، إضافة إلى وجود النيابة العامة وكاتب الجلسة.
ويتم اختيار هؤلاء المحلفين من جدول محرر بمعرفة لجنة مختصة تجتمع لدى كل مجلس قضائي وتعين هذه اللجنة في تشكيلها وطريقة عملها عن طريق مرسوم .
وبموجب المادة 449 من قانون الإجراءات الجزائية يعين في كل محكمة تقع بمقر المجلس القضائي قاضي أو قضاة يختارون لكفاءتهم وللعناية التي يولونها للأحداث وذلك بقرار من وزير العدل لمدة 03 أعوام. أما في المحاكم الأخرى فإن قضاة الأحداث يعينون بموجب أمر صادر من رئيس المجلس القضائي بناء على طلب النائب العام.
ثانيا:غرفة الأحداث بالمجلس
تنص المادة 472من قانون الإجراءات الجزائية: "توجد بكل مجلس قضائي غرفة للأحداث وأنه يعهد إلى مستشار أو أكثر من أعضاء المجلس القضائي بمهام المستشارين المندوبين لحماية الأحداث بقرار من وزير العدل".
لذلك إذا ثبت أن الجهة القضائية التي فصلت في استئناف يخص قضية قاصر هي الغرفة العادية للاستئنافات الجزائية لا غرفة الأحداث المشكلة وفقا لأحكام المادة 472 من قانون الإجراءات الجزائية كان قرارها باطلا لصدوره عن هيئة معيبة التشكيل .
ثالثا: محكمة الجنايات
تنص المادة 249/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية على نظر محكمة الجنايات في قضايا الأحداث البالغين من العمر 16سنة الذين ارتكبوا أفعالا إرهابية أو تخريبية المحالين إليها بقرار نهائي من غرفة الإتهام.
وفي غياب النص القانوني فإن تشكيل محكمة الجنايات للنظر في قضايا الأحداث لا يخرج عن التشكيل القانوني العادي المنصوص عليه في المادة 258/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية: "تتشكل محكمة الجنايات من قاضي يكون برتبة رئيس غرفة بالمجلس القضائي على الأقل رئيسا ومن قاضيين يكونان برتبة مستشار بالمجلس على الأقل ومن محلفين أثنين". ويقوم بوظيفة النيابة النائب العام أو أحد مساعديه، ويعاون المحكمة بالجلسة كاتب ضبط المواد:256-257 من نفس القانون .

المبحث الثاني :سيــر محاكمـة الأحـــداث

إجراءات قضاء الأحداث في مختلف مراحلها تجري وفق القواعد المقررة في إجراءات القضاء الجنائي العادي باستثناء ما نصت عليه القوانين من إجراءات خاصة بقضاء الأحداث تنسجم مع الطابع الإنساني والرعائي الواجب مراعاته مع الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح. وطبقا لما نصت عليه المادة 03/ف01 من اتفاقية حقوق الطفل فإنه في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية ,يولى الاعتبار لمصالح الطفل الفضلى.
وهكذا نصت القوانين ومنها القوانين العربية بصريح العبارة وإن كان ذلك بصيغ مختلفة على إتباع قضاء الأحداث نفس إجراءات القضاء الجنائي العادي باستثناء إجراءات معينة خصته بها وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا المبحث.

المطلب الأول: الضمانات الإجرائية المقررة للحدث أثناء المحاكمة

تقضي قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث بوجوب انطواء جميع مراحل الإجراءات القضائية بشأن الأحداث الجانحين على ضمانات أساسية لتحقيق المصلحة القصوى للحدث مراعاة لتكوينه الغض وعدم اكتمال إدراكه والظروف المشوبة المحيطة به.وتضم هذه الضمانات إحترام حق الحدث في حماية خصوصياته تفاديا لأي ضرر قد يصيبه بفعل علنية لا مبرر لها أو نشر أي معلومات يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هويته وكذلك يجب أن تتم تلك الإجراءات في جو من الفهم يتيح للحدث أن يشارك فيه وأن يعبر عن نفسه بحرية مع حقه في فحص شخصيته وفي أن يمثله محام للدفاع عنه طوال سير الإجراءات .

الفرع الأول: تكليف الحدث ووليه بالحضور في جلسة المحاكمة

أقر المشرع الجزائري في ميدان الأحداث مبدأ الإعلان لشخص المتهم و مسؤوله القانوني في محل إقامتهم,فأوجب أن يتم الإعلان بجميع الإجراءات للاثنين وأن يحضر الحدث ووليه الجلسة بل إن المشرع أوجب حضور الولي أو الممثل القانوني مع الحدث في مختلف مراحل الدعوى الجزائية.وهو ما نصت عليه المادة 454 من قانون الإجراءات الجزائية: "يخطر قاضي الأحداث بإجراء المتابعات والدي الحدث أو وصيه أو من يتولى حضانته المعروفين له".
والهدف من إجراء التكليف هو سماع الحدث ووليه وكل من يرى القاضي أن سماعه يحقق فائدة لإعادة تربيته وإصلاحه. وإجراء السماع يتم وفق نص المادة 461 من قانون الإجراءات الجزائية. والمشرع لم يضع نصا خاصا في قانون الإجراءات الجزائية يحدد فيه المهلة التي يجب منحها للولي المستدعى لحضور الجلسة وبالتالي تبقى القواعد العامة هي التي تطبق خلافا لما ورد بالنسبة للأحداث المعرضين لخطر معنوي .

الفرع الثاني: إعفــاء الحدث من حضور الجلسـة

من القواعد المسلم بها في المحاكمات الجزائية أن تجري بحضور المتهم ولا يغني عن ذلك حضور وكيله أو من يمثله قانونا، كما هو المعمول به في المحاكمات المدنية ,وذلك لتمكين المتهم من الدفاع عن نفسه باعتباره طرفا في الخصومة لإثبات براءته أو ما يتصور أنه سبب مبرر لجريمته، ومناقشة الشهود وتفنيد الأدلة المقدمة ضده وعرض ما لديه من أدلة لصالحه وتقديم ما يراه من طلبات.
هذا في حين أن أغلب التشريعات العربية الخاصة بالأحداث تخرج عن القاعدة المذكورة فتجيز للمحكمة إعفاء الحدث من حضور جلسة محاكمته إذا رأت أن مصلحته تقتضي ذلك كأن تكون حالته النفسية متدهورة وحضوره المحاكمة يزيدها سوءا أو كأن تكون الجريمة المنسوبة إليه مخلة بالأخلاق والآداب العامة وأن سرد الوقائع المتعلقة بها من الخصوم أو الشهود أو عرض تقارير الخبرة أو مشاهدة الصور يؤثر تأثيرا سيئا على نفسيته ويكتفي في هذه الحالة بحضور وليه أو وصيه أو محاميه .
وهو الإجراء الذي تناولته المادة 467/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية: "ويجوز لها إذا دعت مصلحة الحدث إعفاؤه من حضور الجلسة، وفي هذه الحالة يمثله محام أو مدافع أو نائبه القانوني ويعتبر القرار حضوريا".
كما نصت المادة 468/ف03 من قانون الإجراءات الجزائية: "ويجوز للرئيس أن يأمر في كل وقت بانسحاب الحدث طيلة المرافعات كلها أو جزء منها أثناء سيرها ويصدر الحكم في جلسة علنية بحضور الحدث".
فالمشرع اعتبر القرارات التي يصدرها قضاة الأحداث التي تقضي اتجاههم بتدبير حماية أو تهذيب حضورية ولو تم إخراج الحدث من جلسة غرفة المشورة، وأن النطق بها لا يستوجب أن يكون الحدث حاضرا .كما أنه أجاز إخراج الحدث المتهم بجناية أو جنحة أو مخالفة من الجلسة وأوجب أن يتم النطق بالحكم بحضور الحدث ومخالفة ذلك يؤدي إلى بطلان الحكم الصادر من الهيئة القضائية بطلانا مطلقا لأن شرط حضور الحدث أثناء النطق بالحكم شرط لمصلحته .

الفرع الثالث: سريــة جلسـة الأحـــداث

خلافا للقاعدة العامة فرضت تشريعات الأحداث السرية على محاكمة الأحداث .ويقصد بالسرية منع الجمهور من دخول قاعة الجلسة ,والجمهور هو كل فرد ليست له علاقة بالقضية المطروحة على المحكمة. ولهذا فالسرية لا تسري بالنسبة للخصوم ووكلائهم ,فلهؤلاء أن يحضروا الجلسة السرية بغير حاجة إلى قرار من المحكمة وإلا أخلت المحكمة بحقوقهم في الدفاع . والغرض من وجوب سرية جلسات محاكمة الأحداث ضمان مصلحة الحدث بصيانة سمعته وسمعة أسرته وإبعاده قدر الإمكان عن جو المحاكمة وما يتبعه من رهبة.
والمشرع الجزائري وكباقي المشرعين أشار في قانون الإجراءات الجزائية وبالتحديد في المادة 468 منه على مجموعة محددة من الأشخاص يسمح لهم بحضور جلسة محاكمة الحدث المتهم بقولها:
"يفصل في كل قضية على حدا في غير حضور باقي المتهمين، ولا يسمح بحضور المرافعات إلا لشهود القضية والأقارب المقربين للحدث، ووصيه، ونائبه القانوني، وأعضاء نقابة المحامين وممثلي جمعيات أو الرابطات أو المصالح أو الأنظمة المهتمة بشؤون الأحداث والمندوبين المكلفين بالرقابة على الأحـداث المـراقبين ورجال القضاء ".
ومن استقراء المادة نجد أن هذه الفئات لها علاقة وصلة بالحدث ولكل فئة دور فعال اتجاه القضية وعن المغزى من السماح لهذه الفئات بحضور جلسة المحاكمة أن لكل فئة معينة دو فعال حيال القضية المطروحة على القضاء، فوجوب حضور ولي الحدث أو من يدافع عنه يؤمن للحدث دفاعا عن مصالحه فهو عاجز عن تأمينه بسبب قلة إدراكه. كما أن دور المراقبين الاجتماعيين وكذا مندوبي الجمعيات المهتمة بشؤون الأحداث يتمثل في وضع تقارير شخصية وتدابير ومقترحات بما يناسب حالة الحدث الشيء الذي يضمن اختيار القاضي للتدبير المناسب والناجع .
والمشرع الجزائري بالنسبة للأحكام بالتدابير في الجنح جعل النطق بالحكم سريا في غرفة المشورة وذلك طبقا للمادة 463 من قانون الإجراءات الجزائية والنطق بالعقوبات علنيا في قاعة الجلسات، وفي المخالفات على العكس جعل النطق بالحكم علنيا طبقا للمادة 446 من قانون الإجراءات الجزائية التي تحيل للمادة 468 من نفس القانون ماعدا إذا كان الحكم بتدبير الوضع تحت الإفراج المراقب. وفي الجنايات النطق بالحكم يتم علنيا طبقا للمادة 468/ف03 من قانون الإجراءات الجزائية. أي أن المشرع بعد أن أقر مبدأ السرية في جميع الإجراءات التي تتبع أثناء محاكمة الأحداث في الجنايات والجنح والمخالفات، عاد وميز بين الجنايات والجنح والمخالفات فيما يتعلق بالنطق بالأحكام .

الفرع الرابع: التحري والفحص الاجتماعي للحدث قبل المحاكمـة

من الأمور التي أقرتها الغالبية العظمى من التشريعات قيام المحكمة وقبل صدور الحكم على الحدث بإجراء تحقيق اجتماعي للحدث للوقوف على أحواله الشخصية والأسرية والاجتماعية والثقافية والمهنية وغيرها من الأمور التي تضيء الطريق للمحكمة لاختيار أنسب العقوبات أو التدبير للحدث المنحرف أو المعرض للانحراف، ويعد هذا الإجراء من الإجراءات الجوهرية التي تلتزم المحكمة بإجرائه قبل صدور الحكم على الحدث .
وفحص شخصية الحدث في مرحلة التحقيق الابتدائي إجراء إلزامي بالنسبة للأحداث المتهمين بجناية أو جنحة ,وبالنسبة للأحداث المعرضين لخطر معنوي أوجب المشرع التحقيق المسبق طبقا للمادة 04 من الأمر رقم72/03 والمادة 06 من الأمر رقم75/64 السالف الذكر. وعليه فإن قاضي الحكم قبل أن يشرع في محاكمة الحدث يجب أن يتأكد أولا من أن هيئات التحقيق أجرت تحقيقا معمقا حول الجريمة ومرتكب الفعل الإجرامي خاصة البحث في حالة الحدث الاجتماعية، الصحية والتربوية. وفي مجال الأحداث فإن تقارير الخبرة غير ملزمة لقاضي الأحداث,وفي حالة ما إذا رأى قاضي الأحداث استبعاد جميع تقارير فحص الشخصية أو بعضها فعليه أن يسبب ذلك في حكمه وهو ما أكدته المادة 453/ف05 من قانون الإجراءات الجزائية.
فلقاضي الحكم باعتباره في النهاية مستعمل ملف التحقيق السلطة التقديرية في استعمال التقارير التي أنجزت حول حالة الحدث أو عدم استعمالها وتسبيب ذلك في أحكامه كما له أن يأمر بإنجاز تحقيق تكميلي بغرض تحقيق العدل وفق ما نصت عليه المادة 467/ف03 من قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الخامس: حظــر نشر وقائع محاكمة الحــدث

لا يجوز من حيث المبدأ نشر أية معلومات يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هوية الحدث وذلك للحيلولة دون إساءة سمعته وللحفاظ على شخصيته التي هي في دور التكوين . وعليه فإن مبدأ الحماية التي أقرها المشرع فيما يتعلق بسرية الجلسات يكون عديم الأثر أو على الأصح ذا أثر نسبي إذا لم يستتبعه إقرار مبدأ آخر وهو مبدأ حظر نشر كل ما يتعلق بجلسات محاكم الأحداث من طرف جميع وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة.
والسرية في جلسات محاكم الأحداث أقرها المشرع بصفة تقطع الشك حيث جاءت النصوص تؤكد ذلك بالنسبة لجميع الجرائم: جنايات، جنح، مخالفات وحتى التعرض للانحراف وتطبيقا لمبدأ السرية أضفى المشرع حماية أخرى للحدث تتمثل في حظر النشر بنصه في المادة 477 من قانون الإجراءات الجزائية .وبالمقابل فإن المشرع لم يتناول موضوع حظر النشر بالنسبة للأحداث المعرضين لخطر معنوي مع أن قاعدة الحظر تشملهم ولو كان الفصل في قضاياهم يتم في غرفة المشورة.
وإذا كان نطاق حظر النشر يشمل جميع الإجراءات التي تتخذ حيال الأحداث، فإن الأحكام الصادرة بشأنها أجاز المشرع نشرها وقيد ذلك بقاعدة إلزامية وهي ألا يتضمن النص المنشور إسم الحدث ولو كان بأحرف إسمه الأولى، وتشديدا منه فرض عقوبة الغرامة على كل من خالف هذه القاعدة .

الفرع السادس: الاستعانة بمحــام دفـــاع

إذا كان المتهم البالغ الكامل الإدراك بحاجة إلى محام للدفاع عنه فإن المتهم الحدث الناقص الإدراك أكثر حاجة إلى محام لإرشاده والدفاع عنه.وقد قضت القاعدة 15من قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث بأن للحدث الحق في أن يمثله طوال سير الإجراءات القضائية مستشاره القانوني أو أن يطلب أن ينتدب له محاميا مجانا ، وهذا الحق مكرس دستوريا بموجب المادة 151من دستور 1996والدفاع يساعد القاضي على تكوين رأي قضائي لصالح الحدث سواء بالنسبة للأحداث المعرضين لخطر معنوي أو الأحداث المنحرفين.
أولا:الحدث المعرض لخطر معنوي
نصت المادة 07 من الأمر رقم72/03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة على ما يلي: "يجوز للقاصر أو والديه أو ولي أمره اختيار مستشار بصفة تلقائية من قبل قاضي الأحداث ويجري التعيين خلال 08 أيام من تقديم الطلب". معناه أن الأمر جوازي وليس إلزامي مع العلم أن قاضي الأحداث يهدف إلى إعادة بناء شخصية الحدث في خطر معنوي الأمر الذي جعل البعض يرى أنه في مرحلة ما قبل الانحراف الحدث ليس بحاجة إلى من يدافع عنه لعدم وجود تعارض بين مصلحته ومصلحة المجتمع. في حين يرى البعض الآخر أن إستعانة الحدث المعرض للانحراف بمدافع لا يخلو من فائدة خصوصا إذا حصر المدافع مهمته في نطاق بيان الأوجه القانونية للواقعة المنسوبة للحدث بأن يتطرق إلى شرح الجوانب الإنسانية والاجتماعية لهذه الواقعة.
ثانيا: الحدث المنحرف
الأصل بالنسبة للمتهم البالغ إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة فلا يشترط أن تعين المحكمة محاميا له، ولكن هذا لا يمنعه من أن يستعين بمحام إذا أراد، أما في الجنايات فإن الأمر يختلف حيث أوجب القانون تعيين مدافع لكل متهم بجناية صدر أمر بإحالته على محكمة الجنايات إذا لم يكن قد وكل محاميا للدفاع عنه .
واستثناء من ذلك فإن المشرع الجزائري بالنسبة للأحداث الجانحين قد وحد أحكام الاستعانة بمحام سواء تعلق الأمر بجناية أو جنحة أو مخالفة وجعل الأمر وجوبيا. فبالنسبة للجنايات تطبق أحكام المادتين292 و467/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية. وبالنسبة للجنح تطبق أحكام المادة 461من قانون الإجراءات الجزائية.وبالنسبة للمخالفات تطبق أحكام المادة 25من القانون رقم01/06.
وبالتالي فإن تعيين محامي للدفاع عن الحدث من يوم رفع الدعوى إلى غاية صدور الحكم وتنفيذه يعد من اختصاص المسؤول القانوني عنه ,وإذا لم يقم هذا الأخير بذلك عين القاضي محاميا للدفاع عن الحدث في الجنايات والجنح والمخالفات من تلقاء نفسه ,إلا أن المشرع خرج عن القاعدة السابقة وأجاز للحدث تكليف محام للدفاع عنه في جميع إجراءات الدعوى وفي مختلف درجات التقاضي وهو ما تناولته المادة 454/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية وأكدته المادة 471/ف02 من نفس القانون .

المطلب الثاني: سيــر جلسـة الحكـــم

نقصد بسير الجلسة كافة الإجراءات المتخذة من قبل رئيسها بهدف الوصول إلى الحقيقة القضائية وإصدار حكم في القضية المطروحة عليه. ولما كان قضاء الأحداث قضاء إستثنائي لا يهدف فقط إلى الوصول إلى الحقيقة بقدر ما يهمه إتخاذ الإجراء المناسب للحدث فإن جلسة محاكمة الحدث تتميز بإجراءات خاصة سوف نتطرق إليها في الفرعين التاليين:

الفرع الأول: سير الجلسة بالنسبة للحدث في خطر معنوي

مهما كانت حالات الخطر المعنوي أو التعرض للانحراف حسب المادة 01 من الأمر 72/03 السالف الذكر خطيرة فإن التدابير المتخذة من قاضي الأحداث لمواجهتها مجردة من الطابع الجزائي ويطغى عليها الطابع الوقائي أو الحمائي التربوي حيث تقتصر أساسا على التسليم إلى من يكون أهلا لرعاية الحدث وكذا العناية به سواء كان شخصا أو مؤسسة تربوية.
ومن ثمة يقوم قاضي الأحداث بعد قفله للتحقيق بشأن الحدث في خطر معنوي بإرسال الملف إلى السيد وكيل الجمهورية للإطلاع عليه وإبداء طلباته بخصوصه، إضافة إلى استدعائه للقاصر ووالديه أو ولي أمره 08 أيام قبل النظر في القضية. كما يجب عليه أن يخطر مستشار القاصر أو محاميه بيوم وساعة ومكان إنعقاد الجلسة في غرفة المشورة.
وفي اليوم المحدد للنظر في القضية فإن الجلسة تتم في غرفة المشورة برئاسة قاضي الأحداث ودون حضور المساعدين ولا النيابة العامة ,ويحضر فيها الحدث المعني ووالديه أو ولي أمره والمحامي إن وجد والذين يستمع إليهم من قبل قاضي الأحداث هذا الأخير له الحق أيضا في الاستماع إلى أي شخص يرى شهادته حول القضية ضرورية من أجل الوصول إلى الحل الأنسب والذي يخدم مصلحة الحدث.
كما يمكن لقاضي الأحداث أيضا إعفاء الحدث من حضور الجلسة كلما دعت الضرورة ومصلحة القاصر ذلك، وأن يأمر بانسحاب هذا الأخير من مكتب غرفته أثناء كل المناقشات أو بعضها,ويحاول استمالة عائلة الحدث بغرض الموافقة على التدبير الذي سيتخذه .

الفرع الثاني: سير الجلسة بالنسبة للحدث الجانح

يعتبر التسلسل في الإجراءات المتمثل في سماع المتهم وأقوال المدعي المدني وطلبات النيابة العامة ودفاع المتهم وأقوال المسؤول عن الحقوق المدنية، وإعطاء فرصة للمدعي المدني والنيابة العامة وحق الرد على باقي الخصوم متى طلبوا ذلك، وللحدث المتهم ومحاميه دائما الكلمة الأخيرة من الأمور الإجرائية الواجب احترامها .
غير أن المشرع جعل محكمة الأحداث تنفرد ببعض الخصوصيات بالنسبة لإجراءاتها وكل ذلك حماية لسمعة الحدث وحفاظا على شخصيته.
من المستقر عليه أنه يتبع أمام محاكم الأحداث في جميع الأحوال الإجراءات المقررة في مواد الجنح ما لم يوجد نص يخالف ذلك,وعليه فإنه يتبع في سير الجلسة بالنسبة للأحداث الإجراءات المتبعة بشأن البالغين بحيث تتفق مع ما خصه المشرع من إجراءات خاصة عند محاكمة الأحداث كحضور الحدث وسرية جلسات المحاكمة وحق الحدث في الاستعانة بمدافع وغيرها من الإجراءات وعليه تكون إجراءات سير الجلسة على النحو التالي:
- يوضع الأحداث المتهمين في قاعة الجلسة المتصلة بغرفة المشورة دون أن يسمح للجمهور بالدخول إليها ويقوم الحاجب بالمناداة على الحدث ,ويفضل أن تكون المناداة بذكر رقم القضية خاصة وأنه في العادة يحضر محامي مع الحدث أو وليه معه.
- يكفي المحكمة أن تسأل الحدث عن إسمه وسنه خاصة وأن كافة البيانات عن الحدث تكون موجودة في التقرير الذي أعده الباحث الاجتماعي.
- أما عن سؤال المحكمة للحدث عما إذا كان قد ارتكب الفعل المسند إليه فهذا أمر ضروري ولكن يفضل أن يكون توجيه السؤال بصيغة لا تصدم الحدث وتضعه موضع المجرم.
-إذا بادر الحدث بالاعتراف فلا يجب أن يؤخذ اعترافه سببا للحكم عليه مباشرة دون تحقيق وإنما يجب على محكمة الأحداث رغم اعترافه أن تجري التحقيق معه لمعرفة الظروف والدوافع وراء ارتكاب الجريمة وحتى يتمكن القاضي من اختيار التدبير المناسب أو العقوبة المناسبة والتي تكون سببا في إصلاح الحدث وتأهيله لكي يعود إلى المجتمع عضوا صالح.
- أما عن سؤال المحكمة للشهود ومناقشتهم فهذا أمر مطلوب ولكن يجب أن لا يسمع الشهود قدر الإمكان في وجود الحدث.
- أما عن المرافعة من النيابة أو من محامي الحدث فيجب قدر الإمكان أن تتم في غيبة الحدث لأنها تثير في العادة كل القضية وما أحاطها من ملابسات وغيرها الأمر الذي يجب أن نبعد عنه الحدث قدر الإمكان ويكون الحدث أو محاميه آخر من يتكلم.

المبحث الثالث: الحكـم الصادر في مواجهة الحـدث

بعد أن تنتهي محكمة الأحداث من إجراءات التحقيق النهائي مع الحدث عليها أن تصدر الحكم في القضية سواء بالبراءة أو بتوقيع عقوبة أوتدبير من التدابير التي نص عليها القانون. والحكم كما عرفه البعض فإنه القرار الصادر عن محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا في منازعة مطروحة عليها بخصومات رفعت إليها وفقا للقانون.وحرصا منا على سلامة ودقة البحث سوف نتعرض في هذا المبحث إلى أربع مسائل هي: أنواع الأحكام- مراكز ومؤسسات الأحداث- إمكانية مراجعة التدابير المقررة- طرق الطعن في الأحكام الصادرة بشأن الأحداث.

المطلب الأول: أنــــواع الأحكـام

تتعامل محاكم الأحداث مع الأحداث الذين يرتكبون جرائم والأحداث الذين هم في خطر معنوي وتتخذ إجراءات مختلفة إتجاههم تبعا لحالتهم، سنهم ونوع الجرائم المرتكبة وذلك إلى غاية صدور حكم بشأنهم يتضمن إما تدابير أو عقوبات جزائية.

الفرع الأول: التدابير القضائية المتخذة في شأن الحدث في خطر معنوي

للفصل في قضية الحدث في خطر معنوي فإن قاضي الأحداث مكنه المشرع من اتخاذ تدبير أو أكثر من تدابير الحماية والوقاية لفائدة الحدث وذلك بصفة نهائية ويكون ذلك بموجب حكم يصدره في غرفة المشورة وهذه التدابير التي يمكن تقريرها تتمثل في:
أولا: تدابير الحراسة
نصت عليها المادة 10من الأمر رقم72/03 وهي:
- إبقاء القاصر في عائلته.
- إعادة القاصر لوالده أو لوالديه الذين لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عمن يعاد إليه القاصر.
- تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة.
- تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.
وفي جميع الأحوال يمكن لقاضي الأحداث أن يكلف مصلحة المراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة بملاحظة القاصر وتقديم كل الحماية له وكذلك المساعدة الضرورية لتربيته وتكوينه وصحته.
ثانيا: تدابير الوضع
نصت عليها المادة 11من الأمر رقم 72/03 وهي :
حيث يجوز لقاضي الأحداث زيادة لما ذكر في المادة 10أعلاه تقرير بصفة نهائية إلحاق الحدث إما بـ:
- مركز للإيواء أو المراقبة .
- مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .
- مؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج.
وفي هذا الصدد نشير إلى أن مراكز الإيواء أو المراقبة المنصوص عليها في مواد الأمر رقم72/03 يفهم منها المراكز المكلفة برعاية الشباب والطفولة المنصوص عليها في الأمر رقم 75/64 المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة أو المراهقة، أما المصالح المكلفة بمساعدة الطفولة فمنها المراكز المخصصة للأطفال المسعفين طبقا للمرسوم رقم 87/26 المتضمن إنشاء دور الأطفال المسعفين. وهذه التدابير يجب أن تكون في كل الأحوال مقررة لمدة محددة لا تتجاوز تاريخ إدراك القاصر تمام 21 سنة (المادة 12من الأمر رقم 72/03).

الفرع الثاني: الجــزاء المقرر للحدث الجانــح

يمكن اتخاذ إجراءات تربوية أو إجراءات شبه عقابية اتجاه الجانحين أقل من 13سنة أو الذين هم في سن مابين 13و18سنة وارتكبوا جرائم غير خطيرة .غير أن عقوبتي الغرامة والحبس لا تسلطان إلا اتجاه الأحداث الجانحين فوق سن 13سنة وهذا طبقا للمواد49-51 من قانون العقوبات .
واتخاذ الإجراء المناسب اتجاه الحدث يرجع إلى قاضي الأحداث ومساعديه، بعد الأخذ بعين الاعتبار تقريره الاجتماعي ومدى إمكانية تربيته. ويحضر التقرير الاجتماعي حول الحدث الجانح من طرف مربي تابع لمصلحة الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح. وسنتناول في هذا الفرع ثلاث نقاط نخصص الأولى للأحكام الصادرة في مواد المخالفات والثانية للأحكام الصادرة في مواد الجنح والجنايات أما الثالثة فنخصصها لنظام الإفراج تحت المراقبة الذي يعتبر إجراء وقائي.
أولا: الأحكام المتخذة في المخالفات
إذا تم تكييف ما ارتكبه الحدث على أساس وصف مخالفة فإن الحكم الذي يصدر إذا نسبت هذه المخالفة بدليل إلى الحدث لا يمكن أن يخرج عن التوبيخ مع تدبير الإفراج تحت المراقبة أو إجراء التوبيخ مع الغرامة.
تنص المادة 446 من قانون الإجراءات الجزائية: "غير أنه لا يجوز في حق الحدث الذي لم يبلغ من العمر 13سنة سوى التوبيخ. وللمحكمة فضلا عن ذلك إذا ما رأت في صالح الحدث إتخاذ تدبير مناسب أن ترسل الملف بعد نطقها بالحكم إلى قاضي الأحداث الذي له سلطة وضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب".
وتنص نفس المادة على: "إذا كانت المخالفة ثابتة جاز للمحكمة أن تقضي بمجرد التوبيخ البسيط للحدث وتقضي بعقوبة الغرامة المنصوص عليها". فإجراء التوبيخ مع الغرامة يكون إذا ارتكب الحدث مخالفة وكان سنه يساوي 13سنة أو يفوقها.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطبق على الحدث الذي لم يبلغ 13سنة أي عقوبة سالبة للحرية ولو بصفة مؤقتة وهذا ما تقضي به المادة 456/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية، وكرسته اتفاقية بكين الخاصة بقضاء الأحداث لسنة1984 حيث أنها منعت إتخاذ أي إجراء سالب للحرية الشخصية، بالنسبة للأحداث ولم تميز في ذلك بين حد معين في السن مع تقريرها لإمكانية إتخاذ عقوبات مالية على هذا الحدث بالإضافة إلى التعويضات أو ما يسمى بالمسؤولية المدنية وهذا ما جاء في البند 18من الاتفاقية.
ثانياً: الأحكام المتخذة في الجنح والجنايات
إن ارتكاب الحدث لفعل وصف بأنه جناية أو جنحة يدل على توجيه خطير لسلوك الحدث وهذا ما يقتضي تدابير أكثر صرامة وشدة من طرف المشرع، هذا الأخير أخذ كقاعدة عامة بالتدابير الوقائية والتربوية كأساس للأحكام الصادرة في الجنح والجنايات وكاستثناء طبق الأحكام الوقائية السالبة للحرية وذلك في حالة الخطورة الإجرامية للحدث.
01- تدابير الحماية والتهذيب
تناولتها المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية بنصها على ما يلي: "لا يجوز في مواد الجنح والجنايات أن يتخذ ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامنة عشر إلا تدبير أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب الآتي بيانها:
01- تسليمه إلى والديه أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة.
02- تطبيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة .
03- وضعه في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو التكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض.
04- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
05- وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعد.
06- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة .
غير أنه يجوز أن يتخذ كذلك في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشر تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإصلاحية.
ويتعين في جميع الأحوال أن يكون الحكم بالتدابير المذكورة آنفا لمدة معينة لا يجوز أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني".
02- التدابير المتخذة في حالة الجرائم التي تقع على الحدث نفسه
تناولتها نصوص المادتين 493و494 من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة الأولى على: "إذا وقعت جناية أو جنحة على شخص قاصر لم يبلغ السادسة عشرة من والديه أو وصيه أو حاضنه فإنه يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر بمجرد أمر منه بناء على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسه بعد سماع رأي النيابة ,أن يودع الحدث المجني عليه في الجريمة إما لدى شخص جدير بالثقة وإما في مؤسسة وإما أن يعهد به للمصلحة العمومية المكلفة برعاية الطفولة ". في حين نصت المادة الثانية على: "إذا أصدر حكم بالإدانة في جناية أو جنحة ارتكبت على شخص حدث جاز للنيابة العامة إذا تبين لها أن مصلحة الحدث تبرر ذلك أن ترفع الأمر إلى قسم الأحداث لكي تأمر باتخاذ جميع تدابير حمايته".
03- إجراءات الحبس
يمكن أن تتعرض فئة الأحداث الجانحين في سن ما بين 13و18سنة والذين ارتكبوا جرائم خطيرة إلى عقوبة الحبس .تنفذ هذه العقوبة في جناح خاص بالأحداث موجود في مؤسسة عقابية للكبار أو في مراكز خاصة بالأحداث الجانحين تدعى المراكز الخاصة لإعادة التأهيل التي تدار من طرف وزارة العدل ,وهذه المراكز في العادة تكون مكتظة وبالتالي تلجأ محاكم الأحداث إلى وضع الكثير من الأحداث الجانحين الخطرين في أجنحة خاصة بسجون الكبار .
وطبقا لقانون 1972المتعلق بإعادة تنظيم النظام العقابي في الجزائر، فإن حبس الأحداث الجانحين الخطرين يهدف أساسا إلى إعادة تربيهم وإدماجهم اجتماعيا، ونظرا لصغر سنهم وعدم نضجهم فإن عقوبة الأحداث الجانحين الخطرين تكون أخف من عقوبة المجرمين الكبار وهذا ما نصت عليه المادتين 49 و51 من قانون العقوبات.
ويمكن الإفراج عن الأحداث الجانحين قبل إتمام عقوبتهم طبقاً لنظام الإفراج المشروط وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية .
ثالثاً: الإفراج تحت المراقبة
تعرف المراقبة الاجتماعية في ميدان الأحداث الجانحين بأنها نظام للعلاج يتواجد الحدث عن طريقه في بيئته الطبيعية متمتعا بحريته الاجتماعية إلى حد كبير، ولكنه يكون خلال فترة الإشراف تحت ملاحظة ورعاية ممثل لمحكمة الأحداث يعرف بضابط المراقبة أو المراقب الاجتماعي .وتتضمن المراقبة الاجتماعية قيام علاقة شخصية بين المراقب والحدث الجانح بصورة تتيح للمراقب التعرف التام على خصائص الحدث، أخلاقه، وظروفه...إلخ .
01- تطبيقات المراقبة الاجتماعية
أجاز قانون الإجراءات الجزائية الجزائري لمحكمة الأحداث تطبيق نظام المراقبة الاجتماعية بحق جميع الأحداث الذين لا تتجاوز أعمارهم 18سنة وبحق مختلف الجرائم سواء أكانت جنايات أم جنح أم مخالفات. ويمكن لنظام المراقبة الاجتماعية حسب الأحوال أن يلعب دور التدبير المؤقت أو التدبير النهائي.
أ- المراقبة الاجتماعية المؤقتة
نصت المادة 469 من قانون الإجراءات الجزائية: "إذا كانت التهمة ثابتة فصل قسم الأحداث في التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بقرار مسبب، وإذا اقتضى الحال فإنه يقضى بالعقوبات المقررة في المادة 50 من قانون العقوبات.
غير أنه يجوز لقسم الأحداث أن يبت صراحة في إدانة الحدث ,وقبل أن يفصل في شأن العقوبات أو التدابير أن يأمر بوضع الحدث بصفة مؤقتة تحت نظام الإفراج مع المراقبة فترة تحدد مدتها".
ب - المراقبة الاجتماعية النهائية
نصت المادة 462 من قانون الإجراءات الجزائية :"إذا أظهرت المرافعات الحضورية أن الجريمة غير مسندة إلى الحدث قضى قسم الأحداث بإطلاق سراحه.
وإذا أثبتت المرافعات إدانته نص قسم الأحداث صراحة في حكمه على ذلك وقام بتوبيخ الحدث وتسليمه بعد ذلك لوالديه أو لوصيه أو للشخص الذي يتولى حضانته، وإذا تعلق الأمر بقصر تخلى عنه ذووه سلم لشخص جدير بالثقة، ويجوز فضلا على ذلك أن يأمر بوضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب، إما بصفة مؤقتة تحت الاختبار لفترة أو أكثر تحدد مدتها، وإما بصفة نهائية إلى أن يبلغ سنا لا يجوز أن تتعدى تسع عشرة سنة مع مراعاة أحكام المادة 445. ويجوز لقسم الأحداث أن يشمل هذا القرار بالنفاذ العاجل رغم الاستئناف".
كما يجوز لقاضي الأحداث أن يأمر بوضع الحدث المرتكب لمخالفة تحت نظام المراقبة الاجتماعية عندما يحال إليه ملف القضية من محكمة المخالفات طبقا للمادة 446من قانون الإجراءات الجزائية.
02- شروط المراقبة الاجتماعية
تنص المادة 481/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية: "يخطر الحدث ووالده أو وصيه والشخص الذي يتولى حضانته في جميع الأحوال التي يتقرر فيها نظام الإفراج المراقب بطبيعة هذا التدبير والغرض منه والالتزامات التي يستلزمها". وهذا يعني أن المشرع الجزائري قد ترك أمر تقرير شروط المراقبة الاجتماعية لمحكمة الأحداث التي لها وحدها سلطة تقديرها في ضوء ما تستخلصه من دراسة شخصية الحدث وظروفه. وقد ترك المشرع الجزائري تحديد مدة المراقبة الاجتماعية لقاضي الأحداث على أن لا تتجاوز في جميع الأحوال بلوغ الحدث 19سنة.
ويعين مراقب بالنسبة لكل حدث إما بأمر من قاضي الأحداث أو عند الاقتضاء من قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وإما بالحكم الذي يفصل في موضوع القضية .
وتناط بالمراقب مهمة مراقبة الظروف المدنية والأدبية لحياة الحدث وصحته وتربيته وعمله وحسن استخدامه لأوقات فراغه، ويقدمون حسابا عن نتيجة أداء مهمته لقاضي الأحداث بتقارير كل 03 أشهر، وعليه فضلا عن ذلك موافاته بتقرير في الحال فيما إذا ساء سلوك الحدث أو تعرض لضرر .

المطلب الثاني: مراكــز ومؤسسـات الأحداث

تعتبر المراكز المعدة خصيصا لاستقبال الأحداث مؤسسات عمومية ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة. وتتكفل برعاية الأحداث الذين صدرت في حقهم أوامر أو أحكام بالوضع أو الإيداع من قبل الجهات القضائية المختصة سيما منها أقسام الأحداث بالمحاكم أو غرف الأحداث بالمجالس القضائية. كما تنقسم هذه المراكز إلى نوعين منها ما هو تابع لوزارة العدل كمراكز إعادة تربية وإدماج الأحداث، وكذا الأجنحة الخاصة بهم في المؤسسات العقابية، ومنها ما هو تابع لوزارة العمل والحماية الاجتماعية طبقا للأمـر 75/64 المؤرخ في26-09-1975المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة والمراهقة، أو بالأحرى مراكز مخصصة لاستقبال الأحداث الذين هم في خطر معنوي، وأخرى مخصصة لاستقبال الأحداث الجانحين، وهو ما سنعالجه في الفرعين الآتيين:

الفرع الأول:المراكز المخصصة للأحداث في خطر معنوي

نصت المادة الأولى من الأمر رقم72/03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة على أن: "القصر الذين لم يكملوا الواحد والعشرين عاما وتكون صحتهم وأخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حمايتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهم، يمكن إخضاعهم لتدابير الحماية والمساعدة التربوية ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد الواردة بعده".
ويتبين من خلال هذه المادة أنه إذا ثبت لقاضي الأحداث أن حدثا وجد في إحدى الحالات التي أشارت إليها، أمكن له زيادة على تدابير الحراسة الواردة في المادة 10من نفس الأمر المذكور سلفا أن يأمر باتخاذ تدابير الوضع بشأن الحدث الذي هو في خطر معنوي بصفة نهائية بإحدى المؤسسات التالية:
- مركز للإيواء أو المراقبة .
- مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة.
- مؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج.
ومن استقرائنا للمادة 11من نفس الأمر نجد أن المشرع أشار إلى مراكز الإيواء أو المراقبة ,هذه الأخيرة لم تكن معروفة إلا بعد صدور الأمر رقم 75/64 المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة والمراهقة وحصرها في المراكز التخصصية للحماية ومصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح والمكلفة خصيصا باستقبال الأحداث الذين هم في خطر معنوي.
أولا: المراكز التخصصية للحماية: وتشتمل على ثلاثة مصالح هي:
01- مصلحة الملاحظة: مهمتها دراسة شخصية الحدث وإمكانياته وأهليته عن طريق فحوصات وتحقيقات متنوعة.
02- مصلحة التربية: مكلفة خصيصا بتزويد الحدث بالتربية الأخلاقية والوطنية والرياضية والتكوين المدرسي والمهني بغية دمجه اجتماعيا، وذلك طبقا للبرامج الرسمية المعدة من الوزارات المعنية.
03- مصلحة العلاج البعدي: مهمتها البحث عن جميع الحلول التي من شأنها السماح للأحداث بالاندماج الاجتماعي ,لاسيما القادمين من مصلحة التربية أو من مركز متخصص لإعادة التربية .
ثانيا: مصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح
تأخذ هذه المصالح على عاتقها الأحداث الموضوعين تحت إشرافها وهم حسب المادة 19من الأمر رقم 75/64:
* الأحداث الجانحين الموضوعين تحت نظام الحرية المراقبة طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية لاسيما المادتان 444 و455منه.
* الأحداث الذين هم في خطر معنوي الموضوعين تحت الملاحظة طبقا للمواد5 و10من الأمر رقم 72/03المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة وتتكفل أيضا بالأحداث الذين أمر قاضي الأحداث أو الجهة القضائية الخاصة بالأحداث بوضعهم لدى مصالحها.
ويجوز لمصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح التعاون مع المراكز المتخصصة لإعادة التربية والمراكز المتخصصة للحماية، والقيام بجميع الأبحاث والأعمال الهادفة إلى الوقاية من سقوط الأحداث الذين هم في خطر معنوي في الجنوح,وذلك بمساعدتهم من خلال إجراء اتصالات مع آبائهم وأصدقائهم بما فيه الاتصال بأماكن قضاء أوقات فراغهم.
وتشمل هذه المصالح على أقسام وهي كالآتي :
01- قسم الاستقبال والفرز: يهتم بإيواء الأحداث وحمايتهم وتوجيههم لمدة لا تتعدى 03 أشهر الذين عهد بهم من قاضي الأحداث.
02- قسم المشورة التوجيهية والتربوية: مهمته القيام بمختلف الفحوصات والتحقيقات قصد معرفة شخصية الحدث وبالتالي كيفية معاملته وإعادة تربيته.

الفرع الثاني: المراكـز المخصصة للأحـداث الجانحيــن

أشرنا سلفا في مقدمة هذا المطلب إلى أن المشرع الجزائري ميز بين المراكز المخصصة لاستقبال الأحداث الجانحين عن تلك المعدة للأحداث الذين هم في خطر معنوي ,فجعل بذلك مراكز إعادة تربية وإدماج الأحداث ، وكذا الأجنحة بالمؤسسات العقابية المكلفة باستقبال الأحداث الذين صدرت في حقهم عقوبات سالبة للحرية المنصوص عليها في قانون السجون رقم 05/04، كما خصص المراكز التخصصية لإعادة التربية للأحداث، الذين صدرت في حقهم تدابير الحماية والتهذيب المنصوص عليها في المادة444 من قانون الإجراءات الجزائية طبقا للأمر رقم 75/64المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة والمراهقة.
أولا: مراكز إعادة تربية وإدماج الأحداث
أشارت المادة 28 و116من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، إلى هذا الصنف من المراكز المخصصة للأحداث الجانحين.
حيث نصت المادة 28على: "تصنف مؤسسات ومراكز متخصصة للأحداث ,مخصصة لاستقبال الأحداث الذين تقل أعمارهم عن18سنة المحبوسين مؤقتا والمحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة مهما تكن مدتها".
ونصت المادة 116على: "يتم ترتيب وتوزيع الأحداث المحبوسين داخل مراكز إعادة تربية وإدماج الأحداث, حسب سنهم ووضعيتهم الجزائية ,ويخضعون لفترة ملاحظة وتوجيه ومتابعة".
وهذه المراكز هي مؤسسات عمومية تابعة لوزارة العدل وتتمثل مهمتها الأساسية في إعادة تربية الأحداث وإدماجهم بالمجتمع,وذلك بإعطائهم حسب مستواهم الثقافي تعليما وتكوينا مهنيا ,بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية.
وتشترك هذه المراكز في المصالح التي تشتمل عليها والمتمثلة في: مصلحة الاستقبال، مصلحة الملاحظة والتوجيه، مصلحة إعادة التربية .
ونشير إلى أن هذه المراكز تخضع لرقابة قاضي الأحداث بصفة دورية مرة واحدة في الشهر على الأقل طبقا للمادة 33من القانون رقم 05/04.
ثانيا: المراكز التخصصية لإعادة التربية
المراكز التخصصية لإعادة التربية منصوص عليها في الأمر رقم 75/64المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة والمراهقة، على أنها مؤسسات عمومية ذات طابع إداري وشخصية معنوية واستقلال مالي، تحدث بموجب مرسوم يصدر بناء على تقرير وزير الشبيبة والرياضة، كما تعد مؤسسات داخلية لإيواء الأحداث الذين لم يكملوا 18من عمرهم بقصد إعادة تربيتهم، وكانوا موضوع أحد التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية باستثناء الأحداث المتخلفين بدنيا وعقليا .
كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع في المادة 04 من الأمر المذكور أعلاه, لا يجيز الأمر بالترتيب النهائي أو المؤقت في هذه المراكز إلا لقاضي الأحداث والجهات القضائية الخاصة بالأحداث، واستثناء من هذا المبدأ أجاز للوالي أو لممثله في حالة الاستعجال الأمر بوضع الأحداث فيها شريطة أن لا تتجاوز مدة الوضع 08 أيام، على أن يقوم مدير المركز برفع الأمر إلى قاضي الأحداث للبت فيه ,إضافة إلى ذلك فإن المادة 05 من نفس الأمر حددت مدة 06 أشهر كحد أقصى لعمليات الإيواء المؤقت المنصوص عليها في المادة 455 من قانون الإجراءات الجزائية. ومدة سنتين كحد أقصى بالنسبة لتدابير الوضع المشار إليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية وهذا طبقا للمنشور الوزاري رقم 09 الصادر في:11-06- 1974.
أما فيما يتعلق بالتنظيم الداخلي للمراكز التخصصية لإعادة التربية فإنها تشتمل على ثلاث مصالح أوكل لكل واحدة منها القيام بمهام معينة وهي:
01- مصلحة الملاحظة: تقوم بمهمة دراسة الحدث وذلك عن طريق الملاحظة المباشرة لسلوكه بواسطة فحوصات وتحقيقات والإقامة فيها لا يمكن أن تقل عن 03 أشهرولا يجوز أن تزيد على 06 أشهر .وعند إنتهاء المدة تقوم بإرسال تقرير إلى السيد قاضي الأحداث المختص مشفوعا بملاحظاتها وباقتراح يتضمن التدبير النهائي الممكن اتخاذه إزاء الحدث .
02- مصلحة إعادة التربية: تقوم هذه الأخيرة بتزويد الحدث بتكوين مدرسي ومهني يتناسب وشخصيته بالإضافة إلى سهرها على تربيته أخلاقيا، دينيا، وطنيا، ورياضيا بغية إعادة إدماجه في الوسط الاجتماعي وذلك بإتباع البرامج الرسمية المسطرة من الوزارات المعنية.
03- مصلحة العلاج البعدي: وهي مصلحة مكلفة بإعادة إدماج الأحداث في الوسط الاجتماعي ويتم ذلك بالشروع في ترتيبهم الخارجي ,في انتظار نهاية التدبير المتخذ بشأنهم، وخلالها يمكن إلحاقهم بورشات خارجية للعمل أو بمركز للتكوين المهني، وهذا بعد أخذ رأي لجنة العمل التربوي المشار إليها في المادة 03 من الأمر 75/64السالف الذكر.
وبالرغم من أن المشرع حدد اختصاص المراكز التخصصية لإعادة التربية، والمتمثل في استقبال الأحداث الجانحين فقط طبقا للمادة08 من الأمر رقم 75/64، إلا أنه في الواقع الميداني عكس ذلك تماما، بحيث أصبحت تستقبل أيضا الأحداث الذين هم في خطر. مما دفع بالوزارة الوصية إلى إعادة النظر في الاختصاصات المنوطة بكل مركز، واعتمادها معيار السن بحيث أصبحت المراكز التخصصية لإعادة التربية تختص بقبول استقبال الأحداث الذين يتراوح سنهم ما بين 14إلى 19سنة سواء كانوا جانحين أو في خطر معنوي.

المطلب الثالث:إمكانيـة مراجعـة التـدابيــرالمقررة للحـدث

أناط المشرع قاضي الأحداث بسلطة واسعة في اختيار التدبير الذي يراه مناسب في حق الحدث وهو بذلك يهدف إلى حماية الحدث وإصلاحه.وما دامت التدابير تهدف إلى تقويم الحدث وكذا علاجه وتهذيبه فإنه من الضروري أن تكون هذه التدابير قابلة للمراجعة والتعديل متى أدت الغرض المنشود منها وكلما اقتضت مصلحة الحدث ذلك .

الفرع الأول: مراجعة التدابير المقررة بشأن الحدث في خطر معنوي

عندما يتعلق الأمر بتعديل أو تغيير التدابير المقررة في حق الحدث في خطر معنوي نجد المشرع قد نص في أحكام المادة 13من الأمر رقم72/03 بأنه يجوز لقاضي الأحداث في كل حين الذي نظر في القضية أولا أن يعدل حكمه بصفة تلقائية أو بناء على طلب القاصر أو والديه أو ولي أمره، وفي هذه الحالة الأخيرة وجب عليه النظر فيها خلال 03 أشهر الموالية لإيداع الطلب ولا يجوز للقاصر أو والديه أو ولي أمره تقديم إلا عريضة واحدة في السنة بخصوص التعديل طبقا للمادتين12و13من نفس الأمر. إضافة إلى ما سبق فإن الحكم الذي يصدره قاضي الأحداث بخصوص الحدث الذي وجد في خطر معنوي أوجب القانون تبليغه إلى والدي القاصر أو ولي أمره خلال 48ساعة من صدوره بواسطة رسالة موصى عليها مع العلم بالوصول وهو حكم غير قابل لأي طريق من طرق الطعن حسب المادة 14من الأمر رقم 72/03 .

الفرع الثاني: مراجعة تدابير الحماية والتهذيب المقررة بشأن الحدث الجانح

لقد أجاز المشرع الجزائري مراجعة الأحكام الصادرة بالتدابير المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية ,ونص على إمكانية طلب مراجعة التدابير من طرف عدة أشخاص سيأتي بيانهم، وفي إطار مراجعة التدابير فإنه يجب التمييز بين نوعين من المراجعة .
أولا: مراجعة التدابير الخاصة بمراقبة وحماية الأحداث في حدود المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية
ومعنى هذا أن يتم تعديل أو استبدال تدبير بآخر من المنصوص عليهم في المادة دون أن يكون هناك لجوء إلى تدابير عقابية ويمكن مراجعة التدابير بطلب من الأشخاص التالية:
- قاضي الأحداث :بناء على طلب النيابة العامة أو على تقرير المندوب المعين في نظام الإفراج تحت المراقبة المادة482 من قانون الإجراءات الجزائية.
- أحقية الوالدين أو الوصي: في طلب تسليم أو إرجاع الحدث إلى حضانتهم وذلك بعد مرور سنة على الأقل من صدور الحكم القاضي بإيداع الحدث خارج أسرته المادة 483من قانون الإجراءات الجزائية.
- أحقية الحدث نفسه: في طلب إرجاعه إلى والديه أو وصيه بإثبات تحسين سلوكه وذلك بعد مرور سنة على الأقل من صدور الحكم.
ثانيا: مراجعة التدابير الخاصة بمراقبة وحماية الأحداث إلى تدابير عقابية
وفي هذه الحالة يرى المشرع ضرورة اتخاذ العقوبات السالبة للحرية ضد الحدث الذي كان يخضع لإجراء من إجراءات التدابير المنصوص عليها في المادة 444من قانون الإجراءات الجزائية وذلك بإيداعه لدى مؤسسة عقابية لمدة لا يمكن أن تتجاوز الحد الذي يبدأ منه سن الرشد المدني 19سنة وحتى يتم اتخاذ هذا الإجراء أن تتوفر الشروط التالية:
1- أن يبلغ سن الحدث 16سنة .
2- أن يكون سلوكه خطيرا بصفة ظاهرة .
3- أن يتبين سوء سيرته وعدم محافظته على النظام.
4- أن يتبين عدم وجود فائدة من التدابير السابقة.
فإذا توفرت هذه الشروط أمكن لقسم الأحداث أن يصدر قرارا مسببا بإيداع الحدث لدى مؤسسة عقابية المادة 486من قانون الإجراءات الجزائية كذلك يمكن لقاضي الأحداث أن يأمر بإيداع الحدث الذي يبلغ من العمر 13سنة إلى أحد السجون وحبسه بصفة مؤقتة وذلك بموجب قرار مسبب المادة487 من قانون الإجراءات الجزائية .
وبموجب المادة 445 من قانون الإجراءات الجزائية يجوز لجهة الحكم بصفة استثنائية بالنسبة للأحداث البالغين من العمر أكثر من 13سنة أن تستبدل أو تستكمل التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بعقوبة الغرامة أو الحبس المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العقوبات إذا رأت أن ذلك ضروري نظرا للظروف أو لشخصية المجرم الحدث على أن يكون ذلك بقرار توضح فيه أسبابه.
يتضح من نص المادة أن العقوبات المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العقوبات يجوز تطبيقها كبديل للتدابير المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية أو كإجراء تكميلي إذا ما رأى أن التدبير المتخذ لم يجد نفعا في إصلاح الحدث.

المطلب الرابع: طرق الطعن في الأحكام الصادرة بشأن الأحداث

إن الأحكام الصادرة بشأن الأحداث يمكن أن تتضمن في مضمونها إما تدبير أمن أو عقوبة أو كلاهما طبقا لنص المادة 445 من قانون الإجراءات الجزائية التي أجازت استبدال أو استكمال التدابير المنصوص عليها بالمادة 444 بعقوبة سالبة للحرية أو الغرامة والتي أحالت بشأن تطبيق العقوبات السالبة للحرية لأحكام المادة 50من قانون العقوبات .
وقد يشوب الحكم الجنائي عند صدوره بعض الأخطاء الإجرائية أو الموضوعية أو يتبين بعد صدوره ما يجعله مجافيا للواقع أو القانون الأمر الذي يتعين معه فتح باب الطعن في هذا الحكم لأنه يؤدي إلى إصلاح مضمون الحكم الجنائي . ونقصد بالطعن في الأحكام كافة طرق الطعن المقررة قانونا سواء تعلق الأمر بالطرق العادية أو الطرق غير العادية.
وبالرجوع إلى المواد 442 من قانون الإجراءات الجزائية وما يليها أي القواعد الخاصة بالأحداث المنحرفين فإن المشرع لم يحدد طرق خاصة للطعن في الأحكام الصادرة بشأن الأحداث وهو ما يدفعنا إلى تطبيق القواعد العامة في حالة غياب نص خاص. ولقد قسم المشرع الجزائري طرق الطعن إلى طرق الطعن العادية المتمثلة في المعارضة والاستئناف، وطرق الطعن غير العادية والمتمثلة في الطعن بالنقض والتماس إعادة النظر وسوف نتطرق لكل واحد منهما في فرع.

الفرع الأول: طــرق الطعن العاديــة في الأحكـام

أولا: المعارضة
لقد أجاز المشرع للمتهم الحدث الطعن بطريق المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة بشأنه وهذا إما لأنه لم يكلف تكليفا صحيحا للجلسة أو أنه لم يكلف شخصيا بذلك، أو أنه كلف شخصيا بالجلسة لكن هناك أعذار مقبولة منعته من حضور جلسة المحاكمة. وهذا حتى يتسنى للحدث الدفاع عن نفسه بشأن التهمة المنسوبة إليه.
ولقد نظم المشرع الجزائري المعارضة في المواد من 409 إلى 415 من قانون الإجراءات الجزائية. ومن خلال أحكام هذه المواد يمكن للحدث المحكوم عليه أن يطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي الذي يدينه من أجل جنحة أو مخالفة أو جناية خلال 10أيام من تبليغه للحكم، وإلا فإن المعارضة ترفض شكلا. وتمدد مهلة المعارضة إلى مهلة شهرين إذا كان الطرف المتخلف عن المحاكمة يقيم خارج التراب الوطني وهذا ما نصت عليه المادة 411 من قانون الإجراءات الجزائية: "يبلغ الحكم الصادر غيابيا إلى الطرف المتخلف عن الحضور وينوه في التبليغ على أن المعارضة جائزة القبول في مهلة عشرة أيام اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم إذا كان التبليغ لشخص المتهم. وتمدد هذه المهلة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني".
أما بالنسبة للجنح فقد أحالت المادة 471 من قانون الإجراءات الجزائية على تطبيق القواعد العامة المقررة للتخلف عن الحضور وكذا المعارضة على أحكام قسم الأحداث. وتجدر الإشارة أنه في حالة عدم تبليغ الحكم الغيابي للحدث نفسه فإن تبليغ الحكم يكون في موطن الحدث أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة وتسري المواعيد السابقة من تاريخ التبليغ.
غير أنه إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم ولم يخلص من إجراء تنفيذي ما أن المتهم قد أحيط علما بحكم الإدانة فإن معارضته تكون جائزة القبول حتى بالنسبة للحقوق المدنية إلى حين انقضاء مواعيد سقوط العقوبة بالتقادم.
وبمجرد قيام المتهم الحدث بالمعارضة فإن الحكم الغيابي يعتبر كأن لم يكن سواء كان ذلك في شقه الجزائي أو المدني.وفي حالة غياب المعارض في التاريخ المحدد له في التبليغ الصادر إليه شفويا أو المثبت في محضر في وقت المعارضة أو بتكليف بالحضور مسلم لمن يعنيه الأمر فإن المعارضة تعتبر كأن لم تكن.
وفيما يتعلق بالمعارضة لا يجوز تطبيق النصوص الخاصة بالتخلف عن الحضور أمام محكمة الجنايات الواردة في المواد من 317 إلى327 من قانون الإجراءات الجزائية. فهل يمكن تطبيقها على الجنايات الموصوفة بأفعال تخريبية أو إرهابية التي يرتكبها الحدث؟ أي بمجرد إعلان اختصاص محكمة جنايات كبار بمحاكمة الأحداث البالغين سن 16سنة فما فوق وارتكبوا جنايات إرهابية أو تخريبية فهل يتم معاملتهم كالكبار ؟وبعبارة أخرى هل أن المشرع رشدهم بهذا الإجراء؟
وعليه فإن الأحكام الصادرة بشأن الأحداث غيابيا سواء تضمنت أحكام جزائية أو تدابير أمن فإنه يمكن المعارضة فيها أمام الجهات القضائية باستثناء الأوامر التي تتخذ بشأن الأحداث المجني عليهم في جنايات أو جنح فلا تكون قابلة لأي طريق من طرق الطعن طبقا لنص المادة 493/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية: "ولا يكون هذا القرار قابلا للطعن". وكذلك الأمر بالنسبة للأوامر التي يتخذها قاضي الأحداث بشأن الأحداث الموجودين في خطر معنوي وهو ما نصت عليه المادة 14/ف02 من الأمر رقم 72/03 : "ولا تكون الأحكام الصادرة عن قاضي الأحداث طبقا لهذا الأمر قابلة لأي طريق من طرق الطعن". والعلة من قطع طريق الطعن في هذه الأوامر كونها ذات طابع تربوي كما أنه من الأفضل أن لا تصدر أحكام غيابية بشأن الحدث، فقضاء الأحداث هو قضاء تقويمي يهدف إلى إصلاح الحدث وحمايته وليس الردع وتوقيع الجزاء ولا يتحقق ذلك إلا بحضور الحدث طيلة مراحل التحقيق والمحاكمة.
ثانيا: الاستئناف
الاستئناف طريق طعن عادي يهدف الطاعن من ورائه طرح دعواه مرة أخرى على محكمة أعلى درجة من تلك التي أصدرت الحكم المطعون فيه وذلك لمراجعة المحاكمة والحكم لرفع ما قد يكون وقع فيه القاضي من خطأ في القانون أو خطأ في الحكم في الموضوع. وهذا معناه أن الاستئناف طريق إصلاح وتغيير يحقق مبدأ التقاضي على درجتين . ويتم الاستئناف أمام غرفة الأحداث على مستوى المجلس القضائي أين يتم سماع الحدث المنحرف ووليه القانوني وأطراف القضية من شهود وضحية إن وجدوا، وبحضور محامي مع الحدث.
ولقد نص المشرع الجزائري على الاستئناف في المواد من 416 إلى 438 من قانون الإجراءات الجزائية .ويرفع الاستئناف في مهلة عشرة أيام من يوم النطق بالحكم .غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن وإلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو يتكرر الغياب أو حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 347 و353 من نفس القانون. وفي حالة استئناف أحد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة إضافية 05 أيام لرفع الاستئناف(المادة 418 من قانون الإجراءات الجزائية).
والأصل أن جميع الأحكام وتدابير الحماية والتهذيب يجوز استئنافها، فالأحكام الجزائية بشأن المخالفات أو الجنح أو الجنايات التي يرتكبها الحدث جائزة الاستئناف. فبالنسبة للمخالفات والجنح الأمر مألوف بالنسبة للإجراءات المتبعة مع البالغين في مجال الاستئناف. أما بالنسبة للجنايات التي يرتكبها الحدث فإن الأحكام الصادرة بشأنها فيمكن استئنافها أمام غرفة الأحداث على مستوى المجلس القضائي، على خلاف أحكام محكمة الجنايات كبار التي لا تكون إلا محلا للطعن بالنقض.وهذه ضمانة وحماية للحدث في حقه في الطعن في الأحكام الصادرة بشأنه.
واستثناء من هذا الأصل الذي يجيز استئناف كافة الأحكام الجزائية وجميع التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية حتى وإن كانت القرارات التي يتخذها قضاء الأحداث والمتضمنة لتدبير أو إحدى التدابير المنصوص عليها في المادة السالفة الذكر مشمولة بالنفاذ المعجل,أخرج المشرع الجزائري بعض الأحكام الجزائية التي لا يمكن استئنافها وهي التي نصت عليها المادة 416/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه لا يجوز استئناف الأحكام الصادرة في مواد المخالفات إذا قضت بعقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز 05 أيام والغرامة التي لا تتجاوز 100دج.
إلا أننا نرى أن أحكام المادة يمكن تطبيقها في شق الغرامة دون الشق المتعلق بالحبس كون أن العقوبة المقررة للمخالفات التي يرتكبها هي تدابير الحماية والتهذيب والتوبيخ استثناء طبقا لنصوص المواد 49 و51 من قانون العقوبات. وعليه نخلص أن الأحكام الجزائية الغير قابلة للاستئناف بشأن الأحداث هي تلك التي تقضي بغرامة لا تتجاوز 100دج بالرغم من إحالة المادة 474 من قانون الإجراءات الجزائية إلى القواعد العامة في الاستئناف.

الفرع الثاني: طــرق الطعن غير العاديــة

أولا: النقـض
هو طريق غير عادي للطعن في الأحكام والقرارات النهائية الصادرة عن المحاكم والمجالس القضائية بهدف مراقبة صحة تطبيق القانون والإجراءات التي اتبعتها محاكم الدرجة الأولى والثانية. ويتم الطعن بالنقض في الأحكام والأوامر الصادرة بشأن الأحداث أمام المحكمة العليا كونها محكمة قانون وليست محكمة موضوع.
والأحكام والأوامر الصادرة لا يكون للطعن فيها بالنقض أثر موقف إلا إذا تضمنت هذه الأحكام عقوبات سالبة للحرية طبقا للمادة 50 من قانون العقوبات.وهذا ما نصت عليه المادة 474 من قانون الإجراءات الجزائية.
وللحدث المنحرف مهلة 08 أيام للطعن بالنقض في الأحكام الجزائية وتدابير الحماية والتهذيب المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية. وتسري مهلة 08 أيام من يوم النطق بالحكم بالنسبة لأطراف الدعوى الذين حضروا أو حضر من ينوب عنهم يوم النطق بالحكم أي مهلة 08 أيام من تاريخ النطق بالحكم إذا كان حضوريا .أما بالنسبة للأحكام الغيابية فتسري مهلة 08 أيام من التاريخ الذي تصبح المعارضة فيه غير مقبولة.
وللطعن بالنقض أثر موقف طبقا لما نصت عليه المادة 499 من قانون الإجراءات الجزائية، فالأحكام الجزائية الصادرة بشأن الأحداث يتم إيقاف تنفيذها إلى غاية صدور حكم من المحكمة العليا إذا ما طعن فيها بالنقض.أما الطعن بالنقض في تدابير الحماية والتهذيب فإنه لا يكون له أثر موقف وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 474/ف03 من قانون الإجراءات الجزائية. كما أن الأوامر أو التدابير الصادرة بشأن الحدث الموجود في خطر معنوي فلا تكون قابلة لأي طريق من طرق الطعن بما فيها الطعن بالنقض.
ثانياً: إعادة النظر
هو طريق غير عادي يخص الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي فيه بسبب وقوع خطأ يتعلق بتقدير وقائع الدعوى أي في حالة وجود خطأ موضوعي. وهذا الطريق مسموح للحدث الذي صدر ضده حكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه يقضي بإدانته في جناية أو جنحة وهذا من أجل تحقيق العدالة بالرغم من أنه يمس بحجية الأحكام النهائية التي تعتبر عنوان للحقيقة. ونقصد بإعادة النظر في الأحكام الجزائية الصادرة بشأن الأحداث وليس مراجعة تدابير الحماية والتهذيب التي يمكن لقاضي الأحداث تعديلها أو إلغاؤها.
ووفقا لأحكام المادة 531 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه لإعادة النظر في حكم جزائي صادر بشأن حدث أو بالغ لابد من توافر الشروط التالية:
- لابد أن يكون الحكم أو القرار حائز لقوة الشيء المقضي فيه يقضي بالإدانة في جناية أو جنحة .
- تقديم طلب إلى الجهة المختصة وهي المحكمة العليا.
- لابد أن يؤسس الطلب على إحدى الحالات الواردة في المادة 531 حصرا.
الخـاتمــــة:
إن الهدف من دراسة موضوع قضاء الأحداث هو معرفة السلطة التي خصها المشرع بنظر قضايا الأحداث سواء المنحرفين أو الموجودين في خطر معنوي، وبصورة خاصة الوقوف عند الإجراءات الإستثنائية التي خصها المشرع للحدث الجانح والحدث الموجود في خطر معنوي على حد سواء أثناء مرحلة التحقيق والمحاكمة ، ومدى تمكين الحدث من إستعمال حقه الإجرائي الذي خصه به المشرع.
حيث خلصت هده الدراسة أن المشرع الجزائري ورغم عدم الجمع بين النصوص الخاصة بالأحداث المنحرفين والأحداث الموجودين في خطر معنوي إلا أنه أسند للقضاء سلطة النظر في قضايا هذه الفئة مع إزدواجية مهام السلطة القضائية في التعامل معها التي جمعت بين المهام التربوية والمهام القضائية.
كما يغلب على الإجراءات التي يخضع لها الحدث أثناء مرحلة التحقيق والمحاكمة وما بعدها الطابع التربوي والتهذيبي ،والهدف من وراء ذلك هو حماية الحدث نفسه وإعادة إصلاحه وتقويمه .وبهذا يكون المشرع الجزائري قد راع في ذلك مصلحة الحدث وفصلها عن الجانب الردعي بوجه عام والحكم بوجه خاص مسايرا بذلك الأساليب الحديثة في التعامل مع الحدث.بالإضافة إلى تمكينه بحقوق إجرائية تعتبر في حد ذاتها ضمانات تكفل حماية شخصيته وسمعته. فقضاء الأحداث في الجزائر هو قضاء وقائي علاجي تقويمي يهدف إلى حماية الحدث وإصلاحه بدلا من معاقبته وردعه.
غير أننا لاحظنا من خلال هذه الدراسة أن المشرع الجزائري لم يخص الأحداث أثناء مرحلة المتابعة بإجراءات خاصة تتميز عن الإجراءات المتبعة بشأن البالغين. كما نص على ذلك في مرحاة التحقيق والمحاكمة بل القواعد العامة المطبقة على البالغين في مرحلة المتابعة تنطبق على الأحداث دون تمييز ،على خلاف الدول التي خصصت تشريعاتها نيابة خاصة تتعامل مع الحدث في مرحلة المتابعة وخصصت سن معينة لمتابعة الحدث الأمر الذي لم يتداركه مشرعنا، ضف إلى ذلك فأن سن الحدث في خطر معنوي يختلف عن سن الحدث الجانح.
كما لاحظنا رغم وضوح النصوص الخاصة بالأحداث وصراحتها خصوصا تلك المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية أن هناك جملة من المواد ميتة لا يتم تطبيقها من قبل القضاة على مستوى المحاكم كالتحقيق في المخالفات، ومصطلح قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وإختصاصاته التي سلبها قاضي التحقيق العادي، وكذا الإدعاء المدني ضد الحدث وغيرها من النصوص. وربما يرجع ذلك إلى تعدد وتنوع القوانين الخاصة بالأحداث وعدم جمعها في قانون موحد، الأمر الذي جعل من مهمة القضاة في التعامل مع الأحداث وتطبيق الإجراءات الخاصة بهم مهمة صعبة .أما فيما يخص الجنايات الإرهابية التي يرتكبها الحدث فإنها تطرح صعوبة في الميدان حول كيفية التعامل مع الحدث سواء في مرحلة التحقيق أو في مرحلة المحاكمة.
وكاقتراحات للنقائص التي تم ملاحظتها من خلال بحثنا ندرج ما يلي:
- توحيد النصوص القانونية الخاصة بالأحداث المعرضين للإنحراف والأحداث المنحرفين في قانون موحد مع تحديد سن واحدة للحداثة .
- تحديد سن معينة لمتابعة الحدث.
- إسناد مهمة النظر في قضايا الأحداث المعرضين للإنحراف إلى جهة غير جهة قضائية تتكون من أشخاص لهم دراية بشؤون الأحداث، وعلم النفس والإجتماع لمعالجة مثل هذا النوع من القضايا لتخفيف عدد القضايا على القضاء من جهة، ولعدم تخصص قاضي الأحداث في هذه العلوم أي حصر مهمة قضاء الأحداث في المهام القضائية لا غير.
- تخصيص نيابة خاصة تتكفل بشؤون الأحداث .
- حذف المواد الخاصة بقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وإسناد مهامه إلى قاضي الأحداث.
- إسناد مهمة الفصل في قضايا الأحداث بكافة أنواعها إلى قسم الأحداث.
- جعل كافة الأحكام الصادرة بشأن الأحداث قابلة للإستئناف بخلاف ما نصت عليه المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية.
وفي الأخير نأمل أن يكون قانون الطفل المزعم صدوره قد تدارك النقائص المشار إليها، وقدم الحلول المناسبة من أجل تفادي مختلف الصعوبات والمشاكل التي تواجه قضاة الأحداث في الميدان ومن ثمة تقديم صورة أفضل لقضاء الأحداث في الجزائر.
قائمـــة المراجــــع:
- النصوص القانونية:
01- الدستور الجزائري لسنة 1996.
02- مدونة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالأطفال ،صادرة عن المدرسة العليا للقضاء:
أ- الأمر رقم 72/03 المؤرخ في: 10-02-1972المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة.
ب- الأمر رقم75/64 المؤرخ في: 26-09-1975المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة والمراهقة.
03- قانون رقم 05/04 المؤرخ في:02-02-2005المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمساجين .
04- قانون رقم 01/06 المؤرخ في: 22/05/2001 المتعلق بالمساعدة القضائية .
05- الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 08/07/1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم.
06- الأمر رقم 66/156 المؤرخ في 08/07/1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم.
07- قواعد بكين (قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث ) الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1985.
- المؤلفات:
01- الدكتور:أحسن بوسقيعة، التحقيق القضائي، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الخامسة منقحة ومتممة في ضوء 10/11/2004، سنة 2006.
02- الأستاذ:جيلالي بغدادي، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الأولى،الجزء الأولسنة 2002.
03- الأستاذ:جيلالي بغدادي، التحقيق (دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية )، الديوان الوطني للأشغال التربـويـة، طبعة 1999.
04- الدكتور: حسن محمد ربيع، الجوانب الإجرائية لانحراف الأحداث وحالات تعرضهم للإنحراف ( دراسة مقارنة )، دار النهضة العربية، القاهرة.
05- الدكتور: حمدي رجب عطية، الإجراءات الجنائية بشأن الأحداث في التشريعين الليبي والمصري في ضوء الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في مجال الأحداث، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 1999.
06- الدكتور: حسن الجوخدار، قانون الأحداث الجانحين، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، طبعة 1992.
07- الأستاذ: حسين بن الشيخ، مبادىء القانون الجزائي العام، دار هومة للطباعة والنشر، طبعة 2000.
08- الدكتورة: زينب أحمد عوين، قضاء الأحداث ( دراسة مقارنة )، الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، سنة 2003.
09- الدكتورة: زيدومة درياس، حماية الأحداث في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار الفجر للنشر والتوزيع، سنة 2007.
10- الدكتور: علي مانع، جنوح الأحداث والتغير الإجتماعي في الجزائر المعاصرة ( دراسة في علم الإجرام المقارن )، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، طبعة 2002.
11- الدكتور: فتوح عبد الله الشاذلي، قواعد الأمم المتحدة لتنظيم قضايا الأحداث (دراسة تأصيلية مقارنة بقوانين الأحداث العربية)، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية.
12-الأستاذ: محمد عبد القادر قواسمية، جنوح الأحداث في التشريع الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر.
- المذكرات والمحاضرات:
01- مذكرة التخرج لنيل شهادة الليسانس في الحقوق بعنوان: جنوح الأحداث في التشريع الجزائري، من إعداد الطلبة : مداني نصير، بلمهدي سميحة، تيغة نوال، بن الذيب ذهبية، تحت إشراف الأستاذ: حسان عبد السلام، جامعة سطيف، سنة 2003-2004.
02- مذكرة التخرج لنيل شهادة الليسانس في الحقوق بعنوان : نظام جرائم الأحداث في القانون الجنائي الجزائري ( دراسة مقارنة )، من إعداد الطالبتين: عزوز هدى، عبود فاطمة الزهراء، تحت إشراف الأستاذ: عدو عبد القادر، جامعة أدرار، سنة 2005-2006.
03- محاضرة لأمناء الضبط بمحكمة أدرار بعنوان : التدابير القانونية لحماية الأحداث في خطر معنوي على ضوء التشريع الجزائري، من إعداد الأستاذة: سلطاني شهرة، قاضي الأحداث بمحكمة أدرار، بتاريخ: 09/05/2007 .
- المجلات القضائية:
01- المجلة القضائية للمحكمة العليا، العدد الثالث، سنة 1989.
02- المجلة القضائية للمحكمة العليا، العدد الأول، سنة 1990.
03- المجلة القضائية للمحكمة العليا، العدد الثاني، سنة 1990.
الـفــهـــرس:
الصفحة
المقدمــة...................................................................................................01
الفصل الأول: التحقيق مع الحدث.............................................................................05
المبحث الأول: التحقيق مع الحدث بواسطة قاضي الأحداث....................................................06
المطلب الأول: إختصاص قاضي الأحداث.....................................................................06
الفرع الأول: الإختصاص الشخصي لقاضي الأحداث..........................................................06
الفرع الثاني: الإختصاص المحلي لقاضي الأحداث.............................................................07
الفرع الثالث: الإختصاص النوعي لقاضي الأحداث............................................................08
المطلب الثاني: مباشرة التحقيق مع الحدث في خطر معنوي....................................................08
الفرع الأول: كيفية اخطار قاضي الأحداث....................................................................09
الفرع الثاني: الأشخاص المؤهلين لإخطار قاضي الأحداث.....................................................09
الفرع الثالث: إجراءات التحقيق مع الحدث في خطر معنوي...................................................10
أولا: الإجراءات التي تساعد في التعرف على شخصية الحدث.................................................11
ثانيا: التدابير التي يمكن أن يتخذها قاضي الأحداث أثناء التحقيق...............................................13
المطلب الثالث: مباشرة التحقيق مع الحدث المنحرف...........................................................14
الفرع الأول: كيفية التحقيق مع الحدث في حالة إرتكابه مخالفة.................................................15
الفرع الثاني: كيفية التحقيق مع الحدث في حالة إرتكابه جنحة..................................................16
المبحث الثاني: التحقيق مع الحدث بواسطة قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث...........................17
المطلب الأول: إختصاص قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث............................................18
الفرع الأول: الإختصاص النوعي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث...................................18
أولا: بالنسبة للجنايات.........................................................................................18
ثانيا: بالنسبة للجنح............................................................................................19
الفرع الثاني: الإختصاص المحلي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث...................................20
الفرع الثالث: الإختصاص الشخصي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث.................................20
المطلب الثاني: ضمانات الحدث أثناء التحقيق..................................................................20
الفرع الأول: قرينة البراءة....................................................................................21
الفرع الثاني: الحق في التزام الصمت.........................................................................21
الفرع الثالث: الحق في حضور أحد الوالدين أو الوصي........................................................21
الفرع الرابع: الحق في الإستعانة بمحام........................................................................22
المطلب الثالث: سلطات قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث..............................................22
الفرع الأول: أعمال التحقيق في مواجهة الملف................................................................22
الفرع الثاني: أعمال التحقيق في مواجهة المتهم الحدث.........................................................23
المبحث الثالث: الأوامر الصادرة عن جهات التحقيق...........................................................23
المطلب الأول: الأوامر المؤقتة ذات الطابع التربوي...........................................................24
المطلب الثاني: الأوامر الجزائية...............................................................................24
الفرع الأول: الأمر بالإحضار.................................................................................25
الفرع الثاني: الأمر بالقبض...................................................................................25
الفرع الثالث: الأمر بالحبس المؤقت...........................................................................26
المطلب الثالث: أوامر التصرف في التحقيق...................................................................26
الفرع الأول: الأمر بأن لا وجه للمتابعة.......................................................................26
الفرع الثاني: الأمر بالإحالة...................................................................................27
الفصل الثاني: محاكمة الحدث.................................................................................28
المبحث الأول: هيئات الحكم الفاصلة في قضايا الأحداث.......................................................28
المطلب الأول: اختصاص محكمة الأحداث....................................................................29
الفرع الأول: الإختصاص الشخصي لقضاء الأحداث...........................................................29
أولا: الإختصاص الشخصي الأساسي لقضاء الأحداث..........................................................29
ثانيا: الإختصاص الشخصي الإستثنائي لقضاء الأحداث........................................................30
الفرع الثاني: الإختصاص المكاني لقضاء الأحداث.............................................................31
الفرع الثالث: الإختصاص النوعي لقضاء الأحداث.............................................................32
أولا: الإختصاص النوعي لقاضي الأحداث....................................................................32
ثانيا: المحكمة المختصة الفاصلة في جنايات الأحداث..........................................................32
ثالثا: المحمة المختصة الفاصلة في جنح الأحداث..............................................................33
رابعا: المحكمة المختصة الفاصلة في مخالفات الأحداث........................................................33
خامسا: الإختصاص النوعي لقسم الأحداث بالفصل في الدعوة المدنية..........................................34
المطلب الثاني: تشكيل محكمة الأحداث........................................................................34
الفرع الأول: القضاء الفردي..................................................................................34
الفرع الثاني: القضاء الجماعي................................................................................35
أولا: قسم الأحداث بالمحكمة..................................................................................35
ثانيا: غرفة الأحداث بالمجلس.................................................................................35
ثالثا: محكمة الجنايات.........................................................................................35
المبحث الثاني: سير محاكمة الأحداث..........................................................................36
المطلب الأول: الضمانات الإجرائية المقررة للحدث أثناء المحاكمة.............................................36
الفرع الأول: تكليف الحدث ووليه بالحضور في جلسة المحاكمة...............................................37
الفرع الثاني: إعفاء الحدث من حضور الجلسة.................................................................37
الفرع الثالث: سرية جلسة الأحداث............................................................................38
الفرع الرابع: التحري والفحص الإجتماعي للحدث قبل المحاكمة...............................................39
الفرع الخامس: حظر نشر وقائع محاكمة الحدث...............................................................40
الفرع السادس: الإستعانة بمحامي دفاع........................................................................40
أولا: الحدث المعرض لخطر معنوي..........................................................................40
ثانيا: الحدث المنحرف........................................................................................41
المطلب الثاني: سير جلسة الحكم..............................................................................41
الفرع الأول: سير الجلسة بالنسبة للحدث في خطر معنوي.....................................................42
الفرع الثاني: سير الجلسة بالنسبة للحدث الجانح ..............................................................42
المبحث الثالث: الحكم الصادر في مواجهة الحدث..............................................................43
المطلب الأول: أنواع الأحكام..................................................................................44
الفرع الأول: التدابير القضائية المتخذة بشأن الحدث في خطر معنوي.........................................44
أولا: تدابير الحراسة..........................................................................................44
ثانيا: تدابير الوضع...........................................................................................44
الفرع الثاني: الجزاء المقرر للحدث الجانح....................................................................45
أولا: الأحكام المتخذة في المخالفات............................................................................45
ثانيا: الأحكام المتخذة في الجنح والجنايات.....................................................................46
ثالثا: الإفراج تحت المراقبة...................................................................................47
المطلب الثاني: مراكز ومؤسسات الأحداث....................................................................49
الفرع الأول: المراكز المخصصة للأحداث في خطر معنوي...................................................49
أولا: المراكز التخصصية للحماية.............................................................................50
ثانيا: مصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح............................................................50
الفرع الثاني: المراكز المخصصة للأحداث الجانحين...........................................................51
أولا: مراكز إعادة تربية وإدماج الأحداث......................................................................51
ثانيا: المراكز التخصصية لإعادة التربية.......................................................................51
المطلب الثالث: إمكانية مراجعة التدابيرالمقررة للحدث.........................................................52
الفرع الأول: مراجعة التدابير المقررة بشأن الحدث في خطر معنوي...........................................53
الفرع الثاني: مراجعة تدابير الحماية والتهذيب المقررة بشأن الحدث الجانح.....................................53
أولا: مراجعة التدابير الخاصة بمراقبة وحماية الأحداث في حدود المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية...53
ثانيا: مراجعة التدابير الخاصة بمراقبة وحماية الأحداث إلى تدابير عقابية......................................53
المطلب الرابع: طرق الطعن في الأحكام الصادرة بشأن الأحداث...............................................54
الفرع الأول: طرق الطعن العادية في الأحكام.................................................................55
أولا: المعارضة...............................................................................................55
ثانيا: الإستئناف...............................................................................................56
الفرع الثاني: طرق الطعن غيرالعادية في الأحكام.............................................................57
أولا: النقض..................................................................................................57
ثانيا: إعادة النظر.............................................................................................58
الخاتمــة...................................................................................................59
قائمة المراجع ................................................................................................61
الفــــهرس...............................................................................................64

هناك تعليق واحد:

  1. هدا موضوع يناسبني شكرا لكم على المعلومة

    ردحذف