بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

قواعد الاختصاص النوعي و المحلي و عوارض الاختصاص في ق م

المقدمة
إن من الحقوق التي كفلها الدستور للمواطنين هو حق اللجوء إلى القضاء و ضمانا لحسن سير العدالة و لتقريب العدالة من المتقاضين أقر المشرع مبدأ التقاضي على درجات ( اختصاص نوعي ) و هذا يؤدي إلى تحديد درجة المحكمة المختصة ( محكمة، مجلس قضائي، محكمة عليا ) و أقر تعدد المحاكم ذات الدرجة الواحدة مما يؤدي إلى وضع قواعد تبين أية محكمة من محاكم الدرجة الواحدة تختص بالفصل في النزاع و هذا كله يؤدي إلى نتيجة حتمية و هي وجوب إيجاد قواعد تبين نصيب كل محكمة من المنازعات و هو ما يعرف بالاختصاص و هو ما نص عليه المشرع بالأخص في قانون الإجراءات المدنية و يعرف الاختصاص بأنه صلاحية التحقيق و الحكم بمقتضى القانون في خصومة معينة ،و يقصد بالمحكمة المختصة المحكمة التي يمنحها القانون سلطة الفصل في نزاع معين، فما هي إذا قواعد الاختصاص المحلي و النوعي و كيف نظم المشرع هذه القواعد ؟
و قد يحدث طارئ أثناء النظر في الدعوى فيحول دون السير فيها مثل حالة رفع دعوى ثانية في الموضوع الواحد إلى محكمة أخرى أو حالة ارتباطها بدعوى أخرى معروضة على القضاء أو الدفع بعدم اختصاص المحكمة لنظر الدعوى المرفوعة إليها ، و إذا كان المشرع قد دقق نوعا ما الإجراءات المطبقة في حالة ما إذا قضت عدة محاكم باختصاصها (تنازع ايجابي ) و بعدم اختصاصها ( تنازع سلبي ) فإنه من جهة أخرى أغفل تماما على تقديم الحلول المناسبة عندما يدفع المتقاضى بعدم اختصاص الجهة القضائية المرفوع أمامها الدعوى و اكتفى فقط بالنص على بعض المبادئ ، و السؤال المطروح ، ما هي الحلول التي نص عليها المشرع في حالتي الإحالة للارتباط و الإحالة لوحدة الموضوع و في حالة الدفع بعدم الاختصاص، ما هي الحلول القانونية المطبقة في حالة تنازع الاختصاص ؟.

الفصل الأول : قواعد الاختصاص النوعي و المحلي

مفهوم الاختصاص :
يعرف الاختصاص على أنه '' صلاحية التحقيق و الحكم بمقتضى القانون في خصومة معينة''(1 )
و يعرف أيضا على أنه '' توزيع العمل القضائي بين الجهات القضائية المختلفة و بين محاكم هذه الجهات''.
و يعرف أيضا بأنه ''سلطة الحكم في نزاع معين أي هو السلطة المسندة لمحكمة ما للنظر في النزاع المعروض أمامها و فقدان هذه السلطة يفضي إلى عدم الاختصاص.'' و بالتالي بين المشرع قواعد الاختصاص لتحدد:
أولا : بيان اندراج النزاع ضمن ولاية القضاء الجزائري ( الاختصاص الوظيفي).
ثانيا : تحديد درجة المحكمة المختصة (محكمة ، مجلس قضائي ، محكمة عليا ) و طبيعة الجهة القضائية المختصة. و بيان القسم أو الغرفة التي تنظر في النزاع ( الاختصاص النوعي ) .
ثالثا : بيان قواعد الاختصاص المحلي لتبين أية محكمة من بين محاكم الدرجة الواحدة تختص بالفصل في النزاع و هو ما ستركز دراستنا عليه أي الاختصاص النوعي و المحلي و نشير إلى أن الدور الأساسي لقواعد الاختصاص الوظيفي يتمثل في بيان المنازعات التي تدخل ضمن ولاية القضاء و بالتالي و بالمقابل بيان المنازعات التي تخرج من مجال اختصاصه و نذكر على سبيل المثال :
المسائل التي تدخل ضمن اختصاص الجهات القضائية الأجنبية: فلا يختص القضاء الجزائري بالنظر في المنازعات التي يكون أحد أطرافها دولة أجنبية أو عضوا في السلك الدبلوماسي لكن يمكن للدولة المعنية أو ممثلها الدبلوماسي، التنازل عن حقها في الدفع بعدم الاختصاص .
____________________________
(1)بوبشير محند أمقران- النظام القضائي الجزائري –ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الثانية- 1994- صفحة267 ،268 ،269 ،270.
مسألة دستورية القوانين : بحيث يمنع القضاء من النظر في دستورية القوانين لأن ذلك يعد من الوظائف الأساسية للمجلس الدستوري .
أعمـــال السيادة: وهي نوع من تصرفات السلطة التنفيذية تحيط بها اعتبارات خاصة كسلامة الدولة تجعلها بمنأى عن رقابة القضاء ونشير إلى أن المشرع لم ينص على أعمال السيادة ولكن القضاء لم ينكر وجودها وسنركز دراستنا أساسا في هذا الفصل على الاختصاص النوعي والمحلي.

المبحث الأول : قواعد الاختصاص النوعي

تتمثل الوظيفة الأساسية لقواعد الاختصاص النوعي في توزيع القضايا على مختلف درجات الجهات القضائية ، المحاكم ، المجالس القضائية ، والمحكمة العليا ففي حين يعد موضوع النزاع هو الفصل في تحديد الجهة القضائية المختصة في منازعات الإدارة نجد أن المحكمة ذات اختصاص عام في المنازعات الأخرى تفصل فيه بحكم ابتدائي قابل للاستئناف أمام المجلس القضائي، أما المحكمة العليا فتعتبر الجهة القضائية التي تقوم بالرقابة اللاحقة على الأحكام الصادرة عن جميع الجهات القضائية الأخرى .
وخلافا لفرنسا ومصر اللتان تعرفان نظام تعدد الجهات القضائية على مستوى الدرجة الأولى- محكمة المرافعة ، ومحكمة المرافعة الكبرى -في فرنسا و-المحكمة الجزئية والمحكمة الابتدائية -في مصر، فالمشرع الجزائري بسط التنظيم القضائي بجعل المحكمة ذات اختصاص عام في نظر المنازعات ماعدا ما استثنى بنص خاص(1).
___________________________
(1)بوبشير محند أمقران – المرجع السابق – صفحة 271 .
تنص المادة الاولى من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي :''إن المحاكم هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام ، وهى تفصل في جميع القضايا المدنية و التجارية أو دعاوى الشركات التى تختص بها محليا .
ويمتد الاختصاص المحلي في جميع المواد المذكورة أعلاه و الآيلة إلى المحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية الى دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي تكون المحكمة تابعة له'' .

المطلب الأول : الاختصاص النوعي في المواد المدنية :

الاختصاص النوعي يحدد حسب طبيعة الدعوى وهو المعيار الذي على أساسه يتم تعيين الجهة القضائية التي يتعين رفع النزاع أمامها وبشكل عام فان القضايا المدنية والقضايا التجارية والقضايا الاجتماعية تتوزع على محاكم الدرجة الأولى وهو ما تنص عليه المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية في فقرتها الأخيرة والتي تنص على أن''الاختصاص يؤول إلى المحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية وكذا ما جاء في المادة 07 مكرر من قانون الإجراءات المدنية التي جعلت الاختصاص يؤول إلى المحاكم في بعض القضايا التي تكون فيها الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العامة ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها'' (1)

الفرع الأول : الاختصاص النوعي للمحاكم.

الفقرة الأولى: الولاية العامة للمحاكم.
لقد بسط المشرع الجزائري التنظيم القضائي بجعل المحكمة ذات اختصاص عام في نظر كل المنازعات ماعدا ما أستثني بنص خاص (1) ،ولا يعد التقسيم الجاري العمل به على مستوى المحاكم إلى أقسام إلا إجراء تنظيميا لا يرقى إلى درجة التكلم عن اختصاص نوعى بين مختلف أقسام المحكمة وهذا ما أكدته المحكمة العليا في عدة قرارات نذكر منها ما يلي :
''متى كان من المقرر قانونا أن المحاكم هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام وهي تفصل في جميع القضايا المدنية والتجارية أو دعاوي الشركات التي تختص بها محليا فان إنشاء بعض الفروع لدى المحاكم لا يعد اختصاصا نوعيا لهذه الفروع بل هو تنظيم إداري بحت ومن ثم فان النعي على القرار بخرق قواعد الاختصاص النوعي غير سليم يتعين رفضه '' قرار رقم288 54 مؤرخ في 19/02/1989 مجلة قضائية 1990 عدد 04 صفحة 108 .
" من المقرر قانونا أن المحاكم هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام وهي تفصل في جميع القضايا المدنية والتجارية والاجتماعية التي تختص بها محليا ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا
_____________________
وتنص المادة الثانية من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي " ويؤول الاختصاص للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية للفصل دون سواها بموجب حكم قابل للاستئناف أمام المجلس القضائي في المواد التالية : الحجز العقاري، ، تسوية قوائم التوزيع ، بيع المشاع ، حجز السفن و الطائرات و بيعها قضائيا، تنفيذ الحكم الأجنبي ومعاشات التقاعد الخاصة بالعجز و المنازعات المتعلقة بحوادث العمل و دعاوي الإفلاس و التسوية القضائية و طلبات بيع المحلات التجارية المتعلقة بقيد الرهن الحيازي ''.
(1)بوبشير محند أمقران : المرجع السابق صفحة 271
للقانون " قرار رقم 039 52 مؤرخ في 05/04/1989 مجلة قضائية 1990 عدد 03 صفحة 45(1)
وبالتالي فان للمحكمة اختصاص شامل وكامل بمعنى أنها تنظر في كل المواد فالمادة 07 من الأمر رقم 65/278 المؤرخ في 16/11/1965 و المتضمنة التنظيم القضائي تنص على أن " المحاكم تفصل بقاضي فرد في كل المواد مع مراعاة التدبير المتعلقة بنظام المساعدين " .
وان المحاكم لا تتوفر كلها على نفس الصلاحيات فالمشرع أسند للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية دون سواها ، الفصل في بعض المواد ومن الناحية العملية فان المحكمة مقسمة إلى فروع حسب نوع المواد وأهميتها التي نجدها تقريبا في كل المحاكم هي : الفرع المدني ، فرع شؤون الأسرة ، الفرع العقاري ، الفرع الاجتماعي ، الفرع التجاري ،و تقسيم المحكمة إلى أقسام تم بموجب المرسوم 66/161 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتعلق بتسيير المجالس القضائية و المحاكم ومن ثم فالقاضي يفصل في جميع القضايا المعروضة عليه بغض النظر عن القسم المسند إليه وبغض النظر عن تصنيف القضية يوم تسجيلها على مستوى كتابة الضبط وفي هذا الشأن نشير إلى ما يلي :
*أنه فيما يتعلق بالقضايا التجارية وبعد أن أصبح رسم تسجيلها على مستوى الصندوق يقدر ب 2000 دج فان عدم إمكان القاضي غير المكلف بالقسم التجاري القضاء بعدم اختصاصه النوعي بمناسبة نظره في قضية تجارية ، قد يصبح وسيلة لبعض المتقاضين للتهرب من دفع هذا الرسم وأمام مثل هذه الحالة على القاضي أن يؤجل الفصل في القضية حتى يتمكن المدعي بعد تنبيهه من طرف القاضي باستكمال مبلغ الرسم المقرر قانونا وإذا لم يستكمله بعد التأجيل يوقف الفصل فيها ، ذلك أن الرسم ليس عملا إجرائيا ومن ثم لا يترتب على مخالفته بطلان الإجراءات .
وفيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية التي ساد خطأ عند البعض أن يقضي بعدم الاختصاص النوعي في حالة عرضها على القاضي غير المكلف بالقسم الاجتماعي في المحكمة والصواب أن هذا الأخير بمجرد أن يطلع على ملف القضية في أول جلسة يؤجل نظرها إلى غاية استكمال تشكيلة المحكمة وهي التشكيلة المكونة من مساعدين من العمال ومساعدين من المستخدمين لهم صوت تداولي حسب المادة 08 من القانون رقم 90/04 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل ومن ثم فالقانون نظم فقط تشكيلة المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية وإجراءات تعيين المساعدين دون أن يتطرق للاختصاص وكذلك الأمر بالنسبة للمرسوم رقم 72/61 المؤرخ في 21/03/1972 المتعلق بسير المحاكم في المسائل الاجتماعية وبما أن الاختصاص النوعي يحدد بنص القانون فقط فان سلطة المحكمة تنحصر في نظر النزاع بما جري تحديده تبعا لنوع الدعوى و المادة الأول من قانون الإجراءات المدنية خولت للمحكمة اختصاصا شاملا فلا يمكن الخروج عن هدا التحديد الا بموجب نص خاص و في ظل عدم
____________________________________
(1)حمدي باشا عمر - مبادئ الاجتهاد القضائي في مادة الإجراءات المدنية دار هرمة للطباعة و النشر و التوزيع – طبعة 2002 – صفحة 04
وجود هدا النص القانوني الخاص لا يمكن التصريح بعدم الاختصاص النوعي في مثل هده
الحالة (1)
الفقرة الثانية:الاختصاص الابتدائي للمحاكم :
تعد المحاكم الجهات القضائية التي تختص بالفصل في جميع القضايا المدنية و التجارية و الاجتماعية و قضايا شؤون الأسرة و هدا طبقا للمادة الأولى من قانون الإجراءات المدنية بأحكام قابلة للاستئناف طبقا للمادة الثالثة من قانون الإجراءات المدنية التي تنص علي ما يلي :'' تختص المحاكم في جميع الدعاوى الأخرى بأحكام قابلة للاستئناف''.
كما تختص المحكمة ببعض الدعاوى التي تكون فيها الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصيغة الإدارية طرف فيها وهدا طبقا لنص المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية استثناء للقاعدة العامة التي تقرر الاختصاص للقاضي الإداري في المنازعات التي يكون أحد أطرافها الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري و هي:
*مخالفات الطرق :
وهي تلك الاعتداءات أو عمليات الإتلاف العمدية أو الغير العمدية التي تقع علي شبكات الطرق و المواصلات بمختلف أنواعها أو هي تلك الأعمال التي تشكل اعتداء علي الطرق العمومية سواء بالتخريب أو العرقلة وهي عبارة في الحياة العملية عن دعاوي ترفع من قبل الإدارة ضد المخالفين الذين تسببوا في اعتداءات علي الطرق .
فالإدارة هي صاحبة المال العام حسب قانون الأملاك الوطنية (الدولة، الولاية، البلدية ) و بالتالي المعيار العضوي الذي يخول الاختصاص للجهات القضائية الإدارية متوفر و لكن مع ذلك حبذ المشرع الجزائري علي خلاف المشرع الفرنسي تحويل ولاية النظر في منازعات مخالفات الطرق إلى المحاكم العادية و المفروض أن لجوء الإدارة صاحبة الدومين العام إلى القضاء لطلب التعويض عن الأضرار التي لحقت ملكيتها يكون أمام القسم المدني بالمحكمة و لكن قلما تلجأ الإدارة إلى ذلك لان الاعتداءات على الطرق العمومية مجرم في قانون العقوبات المادة 406-408 من قانون العقوبات و بالتالي فان الإدارة تكتفي بتأسيسها كطرف مدني أمام القسم الجزائي الذي ينظر في الدعوي العمومية المباشرة ضد مرتكب عملية الإتلاف أو التخريب إذ تجيز المادتان 2، 3 من قانون الإجراءات الجزائية بمباشرة الدعوى المدنية مع الدعوي الجزائية أما إذا تأسست الإدارة أمام القضاء الجزائي و لم تستطع تقديم طلبها لسبب أو لآخر فان حقوقها المدنية تكون محفوظة بقوة القانون فتلجأ فيما بعد بدعوى مدنية مستقلة أمام القسم المدني.
وكذلك الأمر في الحالة التي تتأسس أصلا كطرف مدني أمام القاضي الجزائي و تختار الطريق المدني أساسا و لعل الحكمة التي ابتغاها المشرع الجزائري من إسناد الاختصاص بالنسبة لمخالفات الطرق للمحاكم العادية تكمن في أن القاضي يطبق في الدعوى هنا قواعد المسؤولية المدنية و علي وجه التحديد المادة 124 من القانون المدني المتضمن المبدأ المعروف ''من سبب ضررا للغير إلتزم بتعويض'' ومن ثمة فلا داعي لجعل الاختصاص للقاضي الإداري في الوقت الذي هو ملزم بتطبيق قواعد القانون الخاص و بالتالي فان القاضي
_____________________________
(1) الأستاذ المستشار زودة عمر- محاصرات ملقاة علي الطلبة القضاة – الدفعة الحادية عشر بالمعهد الوطني للقضاء .
العادي هو الأولى بتطبيق قانونه (1) .
وقبل صدور قانون الإجراءات المدنية سنة 1966 كانت هذه المنازعات من اختصاص القاضي الإداري الذي كان يتمتع بصلاحيات توقيع عقوبات جزائية على المخالف إلى جانب إلزامه بإصلاح الضرر أما الآن فالقاضي الإداري في الجزائر ليس له اختصاص جزائي و إنما العقوبة يوقعها القاضي العادي ويجب التمييز هنا بين مخالفات الطرق عن المنازعات المتعلقة بالمسؤولية الإدارية بسبب صيانة الطرقات أو الناتجة عن الأشغال العمومية التي يرفعها الغير ضد الإدارة و التي هي من صميم اختصاص القاضي الإداري.
*المنازعات المتعلقة بالإيجارات بمختلف أنواعها .
سواء تعلق الأمر بأماكن معدة للسكن أو لمزاولة مهنة أو الإيجارات التجارية فان المنازعات التي تنشأ بين المؤجر و المستأجر سواء بخصوص الإيجار ، فسخه، رفع بدل الكراء ، الطرد... إلى غير ذلك و التي تكون الإدارة طرفا فيها كلها من اختصاص القاضي العادي (2) و هذا حسب نص الفقرة 2 من المادة 07 مكرر من قانون الإجراءات المدنية و نورد في هذا الشأن القرارات التالية:
حيث أن النزاع القائم لا يتعلق بالطعن في هده الوثيقة بل بفسخ العقد المبرم بين الطرفين.
وحيث أن المشرع أعطى صراحة للقاصي المدني الاختصاص في الإيجارات المعدة للسكن مهما كانت صفة أطراف العقد و ذلك عملا بأحكام المادة 07 مكرر من قانون الإجراءات المدنية و حيث أن فسخ العقود الإيجارية لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق التقاصي أمام المحاكم.
قرار رقم 252 48 المؤرخ في 16/06/1992 مجلة قضائية 1994 عدد 03 صفحة 105 ''متى استثنت المادة 07 مكرر من القانون الإجراءات المدنية من اختصاص المجالس الفاصلة ابتدائيا
- بحكم قابل لاستئناف أمام المحكمة العليا المنازعات المتعلقة بإيجار الأماكن المعدة للسكن و أتبعتها لاختصاص المحاكم العادية وجب اعتبار النزاع القائم بين الإدارة و شخص طبيعي حول تحديد بدل الإيجار داخلا ضمن اختصاص الجهة القضائية المذكورة و يتعين التصريح برفض الطعن الرامي إلي المنازعة في قيام الوالي من جانب واحد برفع بدل الإيجار للشقة لسبب عدم اختصاص الغرفة الإدارية'' قرار رقم 139 33 مؤرخ في 09/07/1983 مجلة قضائية 1989 عدد 03 صفحة 187.
وجدير بالملاحظة أن القاضي العادي قبل أن يعلن عن اختصاصه لا بد عليه أن يكيف النزاع و ذلك بالتحقق من وجود عقد إيجار مكتوب أو شفوي أو اعتراف بوجود علاقة إيجار و إذا لم تتوفر هذه العناصر وجب عليه أن يعلن عدم اختصاصه النوعي لتعلق النزاع باحتلال و شغل دون وجه حق للاماكن التابعة للإدارة و الذي يعود ولاية النظر فيه للاختصاص الأصيل للقضاء الإداري دون غيره .كذلك يجب علي القاضي التحقق إن كان الأمر يتعلق فعلا بإيجار جزء من الأماكن الخاصة التابعة للدولة أو المجموعات المحلية و ليس عقد شغل للاماكن لجزء من الأملاك الوطنية العمومية لان كل الأملاك الوطنية العمومية هي من اختصاص الجهات القضائية
____________________________________________
(1)حمدي باشا عمر – المرجع السابق – صفحة 16، 17
(2)زروقي ليلي – عمر حمدي باشا – المنازعات العقارية – دار هومة للنشر - الطبعة الثانية 2006 صفحة 26
الإدارية لان الأملاك الوطنية لا يمكن أن تكون محلا لتوقيع حقوق إمتلاكية عليها فلا نتكلم بشأنها عن عقد إيجار تجاري و إنما بشغل بعقد أو بترخيص إداري مؤقت قابل للسحب في أي وقت و لكن يخضع لمراقبة القاضي الإداري. أما بالنسبة للإيجارات الفلاحية التي تكون الإدارة طرفا فيها هي التي نصت عليها المادة 42من القانون رقم 91/10/المؤرخ في 27/04/1991 المتعلقة بالأوقاف و المادة 22و23 من المرسوم التنفيذي رقم 98/381 المؤرخ في 01/12/1998 الذي يحدد شروط إدارة الأملاك الوقفية و تسييرها و حمايتها و كيفيات ذلك بالنسبة لإيجار الأراضي الوقفية من طرف ناظر الأوقاف بالنسبة للوقف العام إدا كانت أرضا فلاحية كذلك الإيجارات الفلاحية التي تكلم عنها قانون التوجيه العقاري في المادة 53 منه.
وقد أكدت الغرفة الإدارية لمجلس قضاء قسنطينة في قرار مؤرخ في 15/12/1972 علي اختصاص المحاكم العادية بالفصل في المنازعات المتعلقة بالإيجارات الفلاحية وورد في القرار المذكور:''حيث أن المنازعات المتعلقة بالإيجارات الفلاحية تدخل ضمن الاختصاص الانفرادي للمحاكم و أنه يتعين و الحالة هذه إعلان عدم الاختصاص'' و لعل الحكمة من إسناد الاختصاص في المنازعات الايجارية إلى المحاكم العادية بدلا من الجهات القضائية الإدارية يكمن''في معيار القانون الواجب التطبيق'' لأن جل هذه المنازعات يحكمها القانون الخاص (المدني و التجاري) حسب الحالات فما دام عقود الإيجار التي تبرمها الإدارة تخضع لأحكام القانون الخاص الذي تخضع له عقود الخواص (الأفراد، الأشخاص الخاصة ) في مسائل الإيجار فليس هناك مبرر لتمييز عقود الأشخاص المعنوية العامة بأحكام متميزة لان الإدارة تظهر هنا مجردة من السلطة و لا تختلف عن أي شخص خاص وهو يؤجر أو يستأجر الممتلكات (1)
*المواد التجارية :
المقصود بالمواد التجارية هي تلك المنازعات التي تخضع لأحكام القانون التجاري، و التي تكون الإدارة طرفا فيها سواء تعلق الأمر بإبرام عقود اكتساب بضاعة أو بيعها أو غير ذلك من المعاملات التجارية شريطة أن لا تدخل ضمن مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية لان العقود المتعلقة بالصفقات هي عقود إدارية و بالتالي يؤول الاختصاص في المنازعات التي تثار بشأنها إلى القضاء الإداري وجدير بالإشارة أن الإدارة تملك امتيازات السلطة العامة سواء في إبرام العقود أو في فسخها بإرادتها المنفردة.
ولعل الحكمة من ذلك هو وحدة القانون المطبق هنا علي الأشخاص العامة و الخاصة علي السواء في المسائل التجارية هي التي قادت المشرع الى تقرير وحدة القاضي ألا و هو قاضي القانون الخاص صاحب الاختصاص في هذه المسائل .
*المواد الاجتماعية :
لقد نصت المادة 07 مكرر من قانون الإجراءات المدنية علي استثناء المواد الاجتماعية من اختصاص الجهات القضائية الإدارية و أخضعت ولاية النظر فيها للمحاكم العادية و يقصد بالمنازعات الاجتماعية تلك المنازعات المتعلقة بعلاقات العمل بين العامل و المستخدم سواء أكان هذا المستخدم هي الدولة الولاية أو البلدية أو المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري
_________________________
(1)حمدي باشا عمر المرجع السابق صفحة 18 الى 22
أو الاقتصادي أو التجاري وهي المنازعات المتعلقة بالضمان الاجتماعي بشتى أنواعها و التقاعد، حوادث العمل و الأمراض المهنية قانون التأمينات الاجتماعية التزامات المكلفين في مجال الضمان الاجتماعي.
و هذا ما أكدته المحكمة العليا في القرار التالي:'' أن ما جاء في المادة 07 مكرر من استثناء لقواعد الاختصاص النوعي الذي بمقتضاه تنظر المحاكم في القضايا الاجتماعية لا يشمل إلا القضايا المتعلقة بنزاعات الضمان الاجتماعي بشتى أنواعها ''. قرار رقم 338 95 المؤرخ في 08/12/1994 مجلة قضائية 1996 عدد01 صفحة 129 (1).
كون أن هيئات الضمان الاجتماعي قبل صدور مرسوم 92/07 المؤرخ في 04/01/1992 كانت مؤسسات ذات طابع إداري ومع ذلك يخضع النزاع المتعلق بالضمان الاجتماعي للقاضي العادي أما الآن فهي مؤسسات ذات طابع خاص و لا تخضع لأحكام القانون الإداري .
قد نصت المادة 01 من قانون الإجراءات المدنية علي أن المنازعات المتعلقة بالتقاعد و معاشات العمل و حوادث العمل هي من اختصاص المحكمة المنعقدة بمقر المجلس القضائي و هي أيضا منازعات إجتماعية غير أنه يجب التذكير بأن المنازعات المتعلقة بتطبيق قانون الإضراب هي من إختصاص القاضي الإداري إذا تعلق بالإدارة و موظفيها للنص على أحكام خاصة بالنسبة للإضراب في الإدارات(2) .
كما يجب إستثناء المنازعات المتعلقة بتطبيق قانون الوظيف العمومي فهي من اختصاص القضاء الإداري لأن الموظف في مواجهة الإدارة يوجد في وضعية قانونية تنظيمية ولا يوظف بموجب عقد عمل و بالتالي لا يخضع للقاضي العادي الفاصل في المادة العمالية لأنه يعين بقرار إداري و تنتهي مهامه بقرار إداري أيضا طبقا لقاعدة توازي الأشكال (3).
*المنازعات المتعلقة بالمسؤولية الإدارية عن حوادث المرور:
كل المنازعات المتعلقة بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن حوادث المرور و السيارات التابعة للإدارة هي من اختصاص القاضي العادي و يمثل الدولة فيها أمام المحاكم العادية الوكيل القضائي للخزينة وهي إستثناء لدعوى المسؤولية التي هي من إختصاص الغرفة الإدارية عندما تكون الإدارة طرفا فيها وهي الحالة الوحيدة التي يجوز فيها للقاضي العادي استدعاء الوكيل القضائي للخزينة و الحكم عليه سواء تعلق الأمر بالقاضي المدني أو القاضي الجزائي حال فصله في الدعوى المدنية التبعية فلا يجوز للقاضي المدني أو الجزائي أن يستدعي الوكيل القضائي للخزينة و أن يحمله التعويضات التي يحكم بها للأطراف المدنية في حالة إدانة موظف لتسببه في أضرار للغير أثناء أداء وظيفته أو بسببها لأن هذا من إختصاص القاضي الإداري وحده أما القاضي العادي فإما يلزم الموظف شخصيا بالتعويض و إما يصرح بعدم الاختصاص إذا تمسك الطرف المدني بمطالبة التعويض من الدولة .
_____________________________
(1)حمدي باشا عمر – المرجع السابق صفحة 22- 23-24
(2)زروقي ليلي – حمدي باشا عمر – المرجع السابق -صفحة 29-30
(3)حمدي باشا عمر – المرجع السابق – صفحة 23 - 24
*اختصاص المحاكم المنعقدة بمقر المجالس القضائية :
وهي المنازعات التي أحالت المادة 07 مكرر من قانون الإجراءات المدنية علي نص المادة الأولى منه المتعلقة علي الخصوص بالحجز العقاري و حجز و بيع السفن و الطائرات و تسوية قوائم التوزيع و البيع المشاع ،دعاوى الإفلاس و التسوية القضائية و طلبات بيع المحلات التجارية المثقلة تعيد الرهن الحيازي ( هذا هو مفهوم المواد التجارية التي تكون الإدارة طرفا فيها و تخضع للقاضي العادي ) في هذه المنازعات الإدارة هي المدعية أو طرف منظم لأن الأمر يتعلق ببيوع جبرية وحجوز الإدارة لايحجز عليها علما أن الفقرة التي تحدد الاختصاص النوعي لمحاكم مقر المجلس حولت في الطبعة الأخيرة التي أصدرتها وزارة العدل من المادة الأولى إلى الفقرة الأخيرة من المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية(1)
*المنازعات التي تعود لاختصاص المحاكم العادية بموجب أحكام و قوانين خاصة :
*المنازعات المتعلقة بحقوق الجمارك:
لقد أورد قانون الجمارك عدة مواد نذكر منها المواد التالية 273-274-287-288 -300 منه على أن المنازعات المتعلقة بدفع الرسوم الجمركية و المعارضات و الحجز و الإكراه و المصادرة كلها إلى جانب بيع المحجوزات تخضع لاختصاص القاضي العادي فرغم أن الإدارة تمارس صلاحيات السلطة العامة عند تطبيق قانون الجمارك لكن نظرا للطابع الجبائي للنزاع الجمركي فإن القاضي المدني هو الذي يفصل في النزاعات الناتجة عن إرتكاب هذه المخالفات مثلها مثل حوادث المرور و مخالفات الطرق .
*قانون الجنسية
نصت المادة 37 من قانون الجنسية على أن المحاكم تختص وحدها بالنظر في المنازعات حول الجنسية الجزائرية عندما تثار هذه المنازعات عن طريق الدفع أمام الجهات الأخرى لكن تبقى الغرف الإدارية هي المختصة للنظر في مدى شرعية أو إلغاء القرارات الإدارية التي تصدرها الجهات الإدارية في هذا المجال كرفض منح الوثائق المرتبطة بالجنسية أو التجريد أو الفقدان .
*قانون الأملاك الوطنية
بعض المنازعات المتعلقة بالأملاك الوطنية الخاصة أخضعها المشرع صراحة للقاضي العادي أو لتطبيق أحكام القانون المدني مثال ذلك الاستيلاء على التركات المهملة أو على الأملاك التي ليس لها مالك أو وارث المادة 53 من قانون الأملاك الوطنية المادة 773 من القانون المدني، وترفع الدعوى أمام القاضي المدني وذلك باعتبار أن هذه ملكية خاصة و الحامي الطبيعي لها هو القاضي العادي كذلك بالنسبة للمبادلات فقد نصت المادة 92 من قانون الأملاك الوطنية على أن أحكام القانون المدني هي التي تطبق وأحالت المادة 130 من قانون الأملاك الوطنية بالنسبة للبيع الجبري في الحجز العقاري على أحكام قانون الإجراءات المدنية المادة الأولى منه أي أن
_____________________________
(1)ليلي زروقي – عمر حمدي باشا – المرجع السابق – صفحة 30-31-32-33-34
محكمة مقر المجلس هي المختصة .
*قانون المنافسة
المادة 63 من الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 يتعلق بالمنافسة نصت على أن الطعن في قرارات مجلس المنافسة الذي يشكل هيئة إدارية تكون قابلة للطعن أمام الغرفة التجارية لمجلس قضاء الجزائر سواء صدر الطعن من الوزير المكلف بالتجارة أو من الأطراف المعنية و ذلك تجسيدا للمعيار الموضوعي نظرا للطبيعة التجارية للمنازعات التي ينظر فيها مجلس المنافسة.
*منازعات السجل التجاري
القانون 90/22 المؤرخ في 18/08/1990 معدل و متمم المتعلق بالسجل التجاري نص على أن المنازعات المتعلقة بالسجل التجاري هي من إختصاص القاضي المكلف بالسجل التجاري علما أنه في السابق كان السجل التجاري يشكل رخصة إدارية لكن التوجه الليبرالي في الاقتصاد المجسد بأحكام المادة 37 من الدستور يجعل ممارسة التجارة حرة ويختص القاضي التجاري وحده بالنظر في المنازعات المتعلقة بالسجل التجاري .
*الطعن في العقود التوثيقية
لم يرد نص صريح في القانون يستثني من اختصاص القضاء الإداري ولاية النظر في مدى صحة العقود التوثيقية التي تبرم من قبل الأفراد وهو ما جعل القضاء الجزائري لا يتخذ موقفا موحدا بالنسبة لدعاوى البطلان التي ترد على عقود الشهرة من قبل الإدارة ( البلدية ،مديرية أملاك الدولة ) إذ لوحظ في الحياة العملية أن المحاكم العادية و الجهات القضائية الإدارية تفصل في القضايا ولكل منهما حججه و مبرراته فالجهات القضائية الإدارية تفصل بحجة أن المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية تنص على مخاصمة الإدارة سواء كمدعية أو مدعى عليها أمام القاضي الإداري لا أمام المحاكم العادية، و المحاكم العادية تفصل بحجة أن العقود التوثيقية ليست بعقود إدارية حتى يتم الطعن فيها أمام الجهات القضائية الإدارية ومن جهتنا نرى بأنه إذا كانت العقود الإدارية المحررة من قبل  مدير أملاك الدولة بصفته موثق الدولة تخضع للاختصاص الأصيل للقاضي الإداري، فان القاضي العادي هو الشخص الوحيد المؤهل قانونا لمراقبة مدى صحة و شرعية العقود التوثيقية المحررة من قبل الموثق بما فيها عقود الشهرة المحررة في إطار أحكام المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 المتعلق بسن إجراء التقادم المكسب و إعداد عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملكية ولا يمتد اختصاص القضاء الإداري بالنسبة لعقود الشهرة إلا في الحالة التي يرفض فيها المحافظ العقاري إشهار العقد إذ يسوغ للمعني طلب إلغاء قرار الرفض أمام الجهات القضائية الإدارية ( الغرفة الإدارية ) تطبيقا للمعيار العضوي الوارد بالمادة 07 من قانون الإجراءات المدنية باعتبار أن الدولة هنا ممثلة في وزير المالية الذي يتبعه المحافظ العقاري طرفا في الخصومة القضائية (1)
___________________________________________
(1)عمر حمدي باشا – زروقي ليلي – المرجع السابق – صفحة 33-34 -35-36-37.
*الاختصاص النوعي للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية
المواد التي يؤول اختصاصها للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية كثيرة و متنوعة وحددتها المادتين01 و08 من قانون الإجراءات المدنية و هي كالتالي :
*الحجز العقاري: تكون المحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي دون غيرها هي المختصة للفصل في القضايا الخاصة بالحجز العقاري و ذلك إذا تعلق الأمر بتبليغ أمر الحجز ( المادة 379 من قانون الإجراءات المدنية ) أو إجراء المزايدة ( المادة 383 من قانون الإجراءات المدنية ) أو بالطوارئ التي تطرأ خلال المزايدة ( المادة 387 من قانون الإجراءات المدنية )
*تسوية قوائم التوزيع: إذا كان ثمن بيع الأشياء المحجوزة لا يكفي جميع الدائنين، تفتح إجراءات التوزيع بالمحاصة بناء على طلب يقدم ممن يعنيه تعجيل التوزيع إلى قلم كتاب المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدين (المادة 401 من قانون الإجراءات المدنية ) و يجوز لكل ذي مصلحة الاعتراض على مشروع التوزيع الذي وضعه القاضي و يكون الحكم الفاصل في المناقضة قابلا للإستئناف وفقا للقواعد العامة لإختصاص المحاكم ( المادة 405 من قانون الإجراءات المدنية )
*بيع المشاع:يجب تقديم طلب بيع الملكية الشائعة بالمزاد إلى المحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي و كلما إختلف الشركاء في إقتسام المال الشائع فعلى من يريد الخروج من الشيوع أن يرفع الدعوى على باقي الشركاء أمام هذه المحكمة (المادة 724من القانون المدني) .
*حجز السفن و الطائرات و بيعها قضائيا: إذا امتنع المدين عن دفع دينه ،حق لدائنه حجز طائرته أو سفينته و بيعها و المحكمة المختصة في هذا المجال هي المحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي.
*تنفيذ الحكم الأجنبي:التشريع الجزائري يمنع تنفيذ الأحكام الأجنبية و لا تكون قابلة لذلك إلا وفقا لما يقضي بتنفيذه من إحدى جهات القضاء الجزائري دون الإخلال طبعا بما قد تنص عليه الاتفاقيات الدبلوماسية ( المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية ).
*معاشات التقاعد الخاصة بالعجز و المنازعات المتعلقة بحوادث العمل:المواد المتصلة بتشريع الضمان الاجتماعي تختص بها المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية المنعقدة في مقر المجلس القضائي .
*دعاوي الإفلاس و التسوية القضائية و بيع المحلات التجارية المثقلة بقيد الرهن الحيازي: هذه المواد تفصل فيها المحكمة التجارية إلا أن المشرع فضل إسناد الاختصاص إلى القسم التجاري للمحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي (1) .
*الفقرة الثالثة: الاختصاص الابتدائي و الإنتهائي :
جمع المشرع بين المعيار الموضوعي والمعيار القيمي لتحديد الدعاوى التي تصدر فيها أحكاما غير قابلة للطعن بالاستئناف بحيث تنص المادة الثانية من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي :
-تختص المحاكم ابتدائيا و نهائيا:
_____________________________
(1) محمد ابراهميي– الوجيز في الإجراءات المدنية– ديوان المطبوعات الجامعية–الجزء الأول– طبعة 2002 –صفحة 129 -130-131.
1-بالدعاوى المنقولة والدعاوى الشخصية العقارية إذا كانت قيمة النزاع لا يتجاوز ألفي دينار(2000 دج)
2-الدعاوى المتعلقة بحقوق عينية عقارية إذا كان الدخل السنوي مقدرا بإيراد أو قيمة إيجارية لا تجاوز ثلاثمائة دينار (300 دج ).
3-بالمنازعات بين المستأجر و المؤجر إذا كانت قيمة الإيجار السنوي يوم رفع الدعوى لا تجاوز ألفا و خمسمائة دينار (1500 دج) وفي المنازعات المتعلقة بإيجار الأماكن المفروشة إذا كانت القيمة الايجارية السنوية يوم رفع الدعوى لا تجاوز ثلاثة ألاف و ستمائة دينار (3600 دج)
يستثنى من هذه الدعاوى القضايا المذكورة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى حيث تعد الأحكام الصادرة بشأنها قابلة للاستئناف في كل الحالات و بالنسبة لتقدير قيمة الدعوى فلم يعنى المشرع ببيان قواعد تقدير قيمة الدعوى مكتفيا بنص واحد وهو المادة الرابعة من قانون الإجراءات المدنية و يتعلق بحالة تعدد الطلبات المقدمة الي جانب الطلب الأصلي و مضمونه ما يلي:
إذا تعددت الطلبات المقدمة من المدعي أو المدعى عليه تكون العبرة بقيمة أكثر هذه الطلبات حيث يكفي أن تكون قيمة إحداها أعلى من النصاب المحدد في المادة الثانية من قانون الإجراءات المدنية كي يكون قابلا للإستئناف في جميع الطلبات المقدمة و هذا عكس حالة كون كل من هذه الطلبات على حدى في حدود الإختصاص الإنتهائي للمحكمة حيث يكون الحكم الصادر غير قابل للاستئناف حتى ولو كان مجموع قيمة هذه الطلبات يجاوز حدود اختصاصها النهائي و يستثني من هذه القاعدة حالة واحدة تتمثل في كون الطلب المقابل بالتعويضات المبني كله على الطلب الأصلي هو وحده الذي يجاوز إختصاص المحكمة النهائية حيث يكون الحكم الصادر نهائيا (1)
*إن طريقة تحرير المادة 02 من قانون الإجراءات المدنية قد تثير إشكالا في حالة ما تكون قيمة النزاع يساوي المبلغ المحدد في المادة 02 و لكن باعتبار أن إنشغال المشرع هو إعفاء المجالس القضائية من النظر في القضايا البسيطة تكون المحكمة مختصة ابتدائيا و نهائيا إذا كانت قيمة النزاع تساوي المبلغ المحدد في نص المادة (2)
*الفقرة الرابعة: قواعد الاختصاص النوعي في القضاء الوقتي:
إن الاختصاص النوعي للمحاكم بصفتها جهات قضائية فاصلة في الموضوع تطغى عليها إجراءات صارمة و معقدة لذلك أنشأ المشرع جهات قضائية تفصل في الدعاوى عن طريق أوامر إستعجالية أو أوامر على عريضة و تخضع هذه الهيئات القضائية لقواعد إختصاص متميزة تتماشي مع الصلاحيات المسندة لها، و سيتم التعرض إلى الشروط العامة لإختصاص قاضي الأمور المستعجلة ثم التطرق إلى الأوامر على عريضة.
*الشروط العامة لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة:
الجهة القضائية الإستعجالية تخضع لقواعد إستثنائية و القاعدة الأساسية هي أن قاضي الأمور المستعجلة .
____________________________
(1)بوبشير محند امقران – المرجع السابق – صفحة 275-277
(2)محمد ابراهيمي – المرجع السابق – صفحة 132
يتدخل في كل المواد التي تدخل في إختصاص المحكمة و يثبت إختصاص قاضي الأمور المستعجلة في ثلاث حالات:
1–يتعلق الأمر بالحالة التي يرخص فيها الاستعجال بنص صريح.
2–و حسب نص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية (1) ، يكون الاستعجال سببا لفتح إختصاص قاضي الأمور المستعجلة .
3-و حسب نفس المادة تقع الحالة الثالثة عندما يتعلق الأمر بالبت في إشكالات تنفيذ سند تنفيذي أو حكم (2).
إن قاضي الأمور المستعجلة ألا و هو رئيس المحكمة الذي يثبت له الإختصاص بوصفه متمتعا بهذه الصفة وذلك عندما يرخص الاستعجال بنص صريح و ثانيا حسب نص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية يكون الاستعجال سببا لفتح إختصاص قاضي الأمور المستعجلة و حسب نفس المادة تقع الحالة الثالثة عندما يتعلق الأمر بالبت في إشكالات التنفيذ وفق ما يلي :
*إختصاصات رئيس المحكمة بصفته قاضي الأمور المستعجلة :
1-إختصاصه في القضايا التي تتسم بالاستعجال :
وهذا الاختصاص مقرر بمقتضى المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية حيث تنص المادة على ما يلي : '' في جميع أحوال الإستعجال يرفع الطلب إلى رئيس المحكمة '' و منه ففي هذه الحالة فإن عنصرالإستعجال هو الشرط الأساسي لمنح الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة و الاستعجال يجب أن يتسم بعدم قابليته الانتظار كإثبات لحالة المتصلة بوقائع مادية على وشك الانقضاء أو رد خطر محدق و تكون الحاجة لاتخاذ التدابير فورية و إلا زالت فائدته و الإستعجال مسألة واقع تخضع للسلطة التقديرية للقاضي و الشرط الآخر بعد الاستعجال هو عدم المساس بأصل الحق ، أي يجب أن تكون الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس
بأصل الحق و من ثم فالإجراء المتخذ يكون مؤقتا ريثما يفصل في أصل النزاع من طرف قاضي الموضوع.
2- اختصاصه في المواد التي يكون الاستعجال فيها مفترضا .
كلما تعلق الأمر بتدبير تحفظي يجوز للأطراف تقديم الطلب لقاضي الأمور المستعجلة ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك طبقا للمادة 183 من قانون الإجراءات المدنية و التدابير التحفظية متنوعة و تتصل بكل المواد التي تدخل في إختصاص المحكمة كإسناد حضانة الولد بصفة مؤقتة في الحالات التي نستدعي ذلك أثناء دعوى الطلاق أو رفع الحجز ...الخ ،و عندما يتعلق الأمر بالبت في تدبير الحراسة القضائية مثلما ورد في المادة 603 من القانون المدني يجوز للقاضي أن يأمر بالحراسة في الأمور المشار إليها في المادة 603 (متعلقة بالحراسة الاتفاقية ) إذا لم يتفق ذوو الشأن على الحراسة .
__________________________
(1)-تنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي : '' في جميع أحوال الإستعجال، أو عندما يقتضي البت في تدبير للحراسة القضائية فإن الطلب يرفع الى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى.''
(2)محمد ابراهيمي – المرجع السابق – صفحة 133، 134
-إذا كان صاحب الحق في المنقول أو العقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزة.
-في الأحوال الأخرى المنصوص عليها في القانون .
3-اختصاصه في المواد التي لا تحتاج إلى توفر عنصر الاستعجال.
يجوز في بعض الحالات لرئيس المحكمة بوصفه قاضي الأمور المستعجلة أن يصدر أمرا دون أن
يلزم بمراقبة توفر عنصر الاستعجال ، و يتعلق الأمر بإشكالات التنفيذ و الأمر باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق و إصدار أمر بتهديدات مالية و قد نصت الفقرة الثانية من المادة 183 على حالة إشكالات التنفيذ أما حالة الأمر باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق فقد نص عليها المادة 187 من قانون الإجراءات المدنية و هي تشترط اتفاق الخصوم للموافقة على الطلب كحالة طلب الاستشهاد بشاهد حيث يجوز لمن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشاهد على موضوع لم يعرض بعد أمام القضاء و يحتمل عرضه عليه و يكون ضروري للفصل فيه أن يطلب سماع ذلك الشاهد إذا كان هذا الأخير مريضا يخشى أن يؤدي مرضه الى الوفاة أو على وشك سفر طويل أو مجند في الحرب مثلا، أما حالة التهديدات المالية فقد نصت المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية على أنه '' يجوز لقاضي الأمور المستعجلة بناء على طلب الخصوم أن يصدر أحكاما بتهديدات مالية ''.
4-اختصاص رئيس المحكمة في بعض القضايا :
لم يحصر المشرع مفهوم الاستعجال في نطاق ضيق بل ترك للقاضي السلطة التقديرية لتقدير حالة الاستعجال و مدى توافرها بشرط عدم المساس بأصل الحق عندما يتدخل قاضي الأمور المستعجلة في بعض القضايا بحكم اختصاصه و يتجسد مثلا :
-في المنازعات المتفرعة عن عقد الإيجار مثل طرد المستأجر الذي يحتل الأمكنة بعد انتهاء مدة الإيجار المعينة في العقد أو الذي يستعمل العين المؤجرة بصفة تتنافى مع مضمون عقد الإيجار أو طرد الشاغل الذي يحتل الأمكنة دون عقد الإيجار كما إذا قام المالك بطرد المستأجر تعديا دون
اللجوء إلى الطرق القانونية، جاز لقاضي الأمور المستعجلة الأمر بعودة المستأجر إلى العين المؤجرة.
-كذلك حالة طلب تقرير نفقة وقتية في مسائل الأحوال الشخصية .
-كما يختص قاضي الأمور المستعجلة في مجال دعاوى الحيازة بنظر دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا توافر بشأنها شروط اختصاص القضاء المستعجل و هي الإستعجال و كون الإجراء المطلوب إتخاذه وفتي و يتجسد الاستعجال في الشروع في القيام بأعمال لو تمت لتضمنت تعرضا للحيازة ، أما كون المطلوب إجراء وقتي فذلك لأن المقصود من هذه الدعوى هو الحكم
بوقف الأعمال دون تعرض لأصل الحق و القضاء بإزالة الأعمال أو التعويض عنها (1)
كما يختص رئيس المحكمة بتحديد بدل الإيجار حسب ما نصت عليه المادة 195 من القانون التجاري ، فإذا وافق المؤجر على تحديد الإيجار و كان أمر الخلاف يتعلق ببدل الإيجار أو المدة
أو الشروط اللاحقة أو بمجموع هذه العناصر ، فان حضور الطرفين وجوبي أمام رئيس المحكمة
___________________________________
(1)د/عبد الحميد الشواربي -قواعد الاختصاص القضائي في ضوء القضاء و الفقه -منشأة المعارف-الإسكندرية صفحة 134 .
التي يكون موقع العمارة تابعا لهاو ذلك مهما كان مبلغ الإيجار ليقوم بالبت فيه حسب الإجراء المقرر في قضايا الأمور المستعجلة ،و يجوز لرئيس المحكمة أن يكلف خبيرا بالبحث عن كل عناصر التقدير التي من شأنها أن تحدد بإنصاف شروط الإيجار الجديد ، و يودع تقرير الخبرة بكتابة ضبط المحكمة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ استلام العلم بتعيينه و يجوز لرئيس المحكمة أن يعين بعد إنقضاء هذه المهلة خبيرا جديدا خلفا للمتخلف بطلب من الطرف الذي يهمه التعجيل.
و الملاحظ أن الاختصاص بالدعاوى المستعجلة الموكل لرئيس المحكمة إنما يرجع إلى نوع هذه الدعاوى أي كونها تتعلق بمسائل مستعجلة يخشى عليها من فوات الوقت بصرف النظر عن أي إعتبار آخر، فلا عبرة بطبيعة أصل الحق أو نوعه ، وإنما العبرة في انعقاد هذا الاختصاص هو بتوافر الاستعجال الذي يتحقق كلما توافر أمر يتضمن خطرا داهما أو يتضمن ضررا فلا يمكن تلافيه إذا لجأ الخصوم إلى قضاء الموضوع و المحكمة تستنبط توافر الاستعجال من طبيعة النزاع و كيانه و ما يحيط به من ظروف و ما يتضمنه من وقائع و لا عبرة بوصف الخصوم للمنازعة بأنها مستعجلة و إنما يعود تقدير توافر الاستعجال للمحكمة التي ترفع إليها الدعوى.فقاضي الأمور المستعجلة يختص بالحكم بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت فأساس اختصاصه أن يكون المطلوب الأمر باتخاذ قرار عاجل و أن لا يمس هذا القرار بأصل الحق الذي يترك لذوي الشأن يتقاضون فيه أمام قضاء الموضوع فإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلا أو يمس بأصل الحق ، حكم بعدم اختصاصه بنظر الطلب.
اختصاص رئيس المحكمة بالأوامر على العرائض:
نصت المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية على أن الطلبات التي يكون الغرض منها إصدار أمر بإثبات حالة أو بالإنذار أو باتخاذ إجراء مستعجل آخر في أي موضوع كان دون مساس بحقوق الأطراف تقدم إلى رئيس الجهة القضائية المختصة الذي يصدر أمرا بشأنها و أما في مادة إثبات الحالة المتصلة بوقائع مادية بحتة أو مادة إنذار غير مطلوب الرد عليه يجوز أن يطلب الخصم من الكاتب القيام بالإجراء المطلوب مباشرة دون أمر سابق من القاضي و في حالة رفض القيام بالإجراء المطلوب يفصل رئيس الجهة القضائية المختصة في هذا الأمر حسب الفقرة الثالثة من المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية و أجازت المادة 173 من قانون الإجراءات المدنية تعيين خبير للقيام بإثبات الحالة بموجب أمر على العريضة و من التدابير الأخرى التي تتخذ بواسطة أمر على ذيل عريضة نذكر الأمر بالحجز التحفظي طبقا للمادة 345 من قانون
الإجراءات المدنية و استصدار حجزما للمدين لدى الغير المادة 156 من قانون الإجراءات المدنية و تثبيت الحجز أو إبطاله أو رفعه حسب المادة 162 من قانون الإجراءات المدنية و الحجز على منقول المادة 329 من قانون الإجراءات المدنية و كذا ما تنص عليه المادة 57 مكرر من قانون الأسرة ''يجوز للقاضي الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على عريضة في جميع التدابير المؤقتة و لا سيما ما تعلق منها بالنفقة و الحضانة و الزيارة و المسكن''. (الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27/02/2005) و حتى يمكن الفصل بموجب أمر على عريضة يجب أن يكون الإجراء المطلوب اتخاذه مستعجلا و أن لا ينتج عن هذا الإجراء مساس بحقوق الأطراف.
*الشروط العامة للدعوى المستعجلة الوقتية:
1-احتمال وجود الحق: تتميز الدعوى المستعجلة بعنصر الاحتمال سواء بالنسبة للحق محل الحماية أو بالنسبة للاعتداء عليه فالدعوى المستعجلة هي دعوى مجردة لا تفترض وجود حق أو مركز قانوني وحتى تنشأ هذه الدعوى يجب أن يكون هناك إحتمال لوجود هذا الحق أو المركز القانوني فإذا لم يتوفر هذا الاحتمال يجب رد الدعوى المستعجلة و يتوفر هذا الاحتمال بتوفر أمرين هما:
-وجود قاعدة قانونية تحمي مالا مما يتطلب المدعي حمايته بالدعوى الموضوعية فيجب رد الدعوى المستعجلة في حالة ماذا كان الدين غير مشروع مثلا .
-أن تدل وقائع القضية المستعجلة إحتمالا لوجود الحق محل الحماية الموضوعية من الناحية الفعلية فيكفي من المدعي أن يبين من الوقائع ما من شأنه أن يعطي إحتمالا لوجود الحق.
2- الاستعجال خطر من التأخير فيجب أن يوجد خوف من احتمال وقوع ضرر بالحق الموضوعي على فرض وجوده إذا لم يتمكن المدعي من الحصول على الحماية الوقتية المطلوبة .
3- المصلحة في الدعوى المستعجلة:
وهي تثبت لمن به حاجة للحماية الوقتية المطلوبة في مواجهة من يحتمل أن يكون طرفا سلبيا في الدعوى الموضوعية و قد يتصور أن تنشأ دعوى وقتية مستعجلة لشخص بتوافر شروطها و لا تنشأ الدعوى الموضوعية التي تتعلق بها تلك الدعوى مثلا لعدم ثبوت الحق الموضوعي فانه يتصور توافر المصلحة لشخص في دعوى مستعجلة وعدم توافرها له في الدعوى الموضوعية (1)
-إذا الاستعجال يعتبر مسألة واقعية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي في حين أنها لا تخضع لمراقبة المحكمة العليا و القاضي المختص في الأمور المستعجلة هو رئيس المحكمة ، و ذلك في كل المواد التي تختص بها المحكمة.
4- قاعدة عدم المساس بأصل الموضوع: يجب علي قاضي الأمور المستعجلة أن يطبق هذا المبدأ وهو ما أقرته المادة 186* من قانون الإجراءات المدنية فيسوغ لقاضي الأمور المستعجلة اتخاذ كل التدابير التي يراها صالحة حتى ولو كان من المحتمل أن ينتج عنه ضرر لأحد الأطراف و كل ما عليه هو أن يترك الجهة القضائية المعتادة حق الفصل في أصل النزاع و بما أنه يمنع على قاضي الأمور المستعجلة المساس بأصل الحق فالإجراء الذي يتخذه هو إجراء مؤقت فقط و ذلك ريثما يتم الفصل في النزاع بصورة نهائية من طرف المحكمة المختصة في الموضوع، كما أنه يجوز لقاضي الأمور المستعجلة تغيير أو تعديل التدبير الذي سبق أن إتخذه إذا طرأت وقائع جديدة. (2).
_____________________________
(1)مفلح عواد – القضاة - أصول المحاكمات المدنية و التنظيم القضائي 2004 – مكتبة الثقافة للنشر و التوزيع – صفحة 2
* تنص المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية علي ما يلي:'' الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس بأصل الحق'' .
(2)محمد ابراهيمي – المرجع السابق- صفحة 133 إلى 140

الفرع الثاني: الإختصاص النوعي للمجالس القضائية:

يعد المجلس القضائي الجهة القضائية ذات الاختصاص العام في النظر في إستئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم حتى و لو وجد خطأ في وصفها كما لو وصفت بأنها إنتهائية و هذا ما تنص عليه المادة 05 من قانون الإجراءات المدنية ''تختص المجالس القضائية بنظر إستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم في جميع المواد في الدرجة الأولى حتى ولو وجد خطأ في وصفها '' وتشمل الأحكام القرارات الصادرة من القضاء المستعجل (المادة 190من قانون الإجراءات المدنية) كما يعد ذا صلاحية الفصل في بعض القضايا باعتباره جهة قضائية ذات درجة أولى بحكم قابل للإستئناف كقاعدة عامة و بحكم انتهائي في الحالات المستثناة بنص صريح و هذا ما سنتعرض له عند التطرق للإختصاص النوعي في المادة الإدارية (1).
*الإختصاص الإبتدائي و الإنتهائي
تختص المجالس القضائية إبتدائيا و إنتهائيا في القضايا التالية:
1-تنازع الاختصاص بين القضاة إذا نشب بين المحاكم الواقعة في دائرة اختصاص مجلس قضائي واحد حيث تنص المادة 206 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي:''إذا كانت المحاكم التي قضت باختصاصها أو بعدم اختصاصها تابعة لمجلس قضائي واحد تقدم عريضة تعيين الإختصاص لذلك المجلس القضائي''.
2- طلبات رد قضاة المحاكم،حيث تنص المادة 06 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي :'' تختص المجالس القضائية بالفصل في الدرجة الأخيرة بالطلبات المتعلقة بتنازع الاختصاص بين القضاة إذا كان النزاع متعلق بجهتين قضائيتين واقعتين في دائرة اختصاص المجلس القضائي نفسه و كذلك بطلبات الرد المرفوعة ضد المحاكم التابعة لدائرة اختصاصها'' .
3-القضايا التي يرد بشأنها نص خاص مثل الاعتراضات التي يمكن أن تثار في موضوع الرسوم مثلما تنص عليه المادة 498 من الأمر رقم 76/104 المؤرخ في 09/12/1976 المتضمن قانون الضرائب غير مباشرة.
الأصل أن المجلس القضائي ينظر الدعوى لثاني مرة بعد الفصل فيها من المحكمة الابتدائية كما سبق الذكر فهو لا ينظر أي دعوى مبتدأة رفعت إليه مباشرة و لكن هناك بعض الدعاوى يمكن رفعها ابتداء أمام المجلس ليحكم فيها لأول مرة و نجد تطبيقا لذلك في المادة 220 من قانون الإجراءات المدنية (2) المتعلقة بدعوى سقوط الخصومة و عليه في حالة صدور حكم إبتدائي في خصومة واستؤنف هذا الحكم أمام المجلس القضائي ثم وقف السير في الخصومة بفعل المدعي أو امتناعه لمدة سنتين يمكن للمدعى عليه أن يرفع دعوى مبتدأة أمام المجلس يطلب فيها سقوط الخصومة المرفوعة أمامه.
__________________________
(1) بوبشير محند أمقران – المرجع السابق – صفحة 278 ، 281 ، 282
(2) تنص المادة 220 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي : '' يجوز للمدعى عليه أن يطلب إسقاط الدعوى-و الأصح الخصومة- أو الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع إذا تسبب المدعي في عدم الاستمرار فيها أو عدم تنفيذ الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع و ذلك طيلة مدة سنتين '' .'
*و أيضا إذا تعلق الأمر بدعاوى تفسير القرارات الصادرة عن المجالس القضائية إذا شابها غموض أوإبهام في منطوقها و يقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى .
*وكذلك دعاوى مخاصمة القضاة، زيادة على بعض الطلبات الجديدة التي يسمح القانون على سبيل الاستثناء بموجب نص خاص للخصوم في مرحلة الإستئناف أمام المجلس القضائي أن يضيفوها إلى طلباتهم التي أبدوها أما محكمة الدرجة الأولى ، هذا ما تنص عليه المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية ،هذا ما ذهب إليه بعض الفقه غير أن الرأي الراجح و ماعدا إذا ما تعلق الأمر بدعاوى تفسير القرارات الصادرة عن المجالس القضائية فإن ما سبق الإشارة إليه من طلب سقوط الخصومة و إبداء الطلبات الجديدة على سبيل الاستثناء تبدى في شكل دفع ممن له مصلحة في ذلك و لا تعد من باب الاستثناء بوصفها دعاوى مبتدأة أمام المجلس القضائي .(1)

الفرع الثالث : الاختصاص النوعي للمحكمة العليا.

باعتبارها قمة هرم التنظيم القضائي تختص المحكمة العليا بالفصل في الطعون بالنقض المقدمة ضد الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية الدنيا،و المنازعات التي تدخل في مجال اختصاص المحكمة العليا تتمثل فيما يلي :
أولا: الطعن بالنقض : تنظر المحكمة العليا في الطعون بالنقض ضد الأحكام النهائية الصادرة عن الجهات القضائية التالية :
-المحاكم المادة 231 من قانون الإجراءات المدنية
-المجالس القضائية
-محاكم الجنايات المادة 313 من قانون الإجراءات الجزائية .
-غرفة الاتهام المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية .
-المحاكم العسكرية المادة 171 من قانون قضاء عسكري .
و تنظر المحكمة العليا فضلا عن ذلك فيما يلي :
________________________________________
(1)تنص المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي '' لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف ما لم تكن خاصة بمقاصة أو كانت بمثابة دفاع في الدعوى الأصلية كما يجوز للخصوم أيضا طلب الفوائد ومتأخر الأجرة و سائر الملحقات التي تستحق منذ صدور الحكم المستأنف و كذا التعويضات المستحقة عن أضرار وقعت منذ ذلك الحكم و لا يعد بمثابة طلب جديد الطلب المشتق مباشرة من
الطلب الأصلي في الدعوى و الذي يهدف إلى الغاية نفسها و لو كان مؤسسا على أسباب و أسانيد مختلفة عنه'' .
*نص المادة 231 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي '' فيما عدا ما إستثنى بنص خاص و مع عدم المساس بالباب الرابع من هذا الكتاب تختص المحكمة العليا بالحكم :-في الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة عن المجالس القضائية و من المحاكم بجميع أنواعها''.
-الطعن الخاص لمصلحة القانون الذي يقدمه النائب العام لدى المحكمة العليا حسبما تنص المادة 297 من قانون الإجراءات المدنية .
-إنكار الخصم إجراء من إجراءات التقاضي الذي أجري بإسمه، المادة 298 من قانون الإجراءات المدنية.
*تختص المحكمة العليا أيضا في المسائل الآتية :
1-تنازع الاختصاص بين جهات قضائية لا تعلوها جهة قضائية مشتركة غير المحكمة العليا (1)
2-المخاصمات المقدمة بحق القضاة و الأحوال التي يجوز فيها مخاصمة القضاة حددتها المادة 214 من قانون الإجراءات المدنية و هي جاءت على سبيل الحصر و لا يقبل الطلب إلا إذا كان الأمر متعلقا بوقائع طرأت أثناء ممارسة القاضي لوظائفه و هذه الحالات هي :
-إذا و قع من القاضي تدليس أو غش أو غدر أثناء سير الدعوى أو عند صدور الحكم.
-إمتناع القاضي عن الحكم بالمعني الذي أتت به المادة 215 من قانون الإجراءات المدنية و التي تنص على تنص على أنه ''يعد امتناعا عن الحكم رفض القضاة الفصل في العرائض المقدمة إليهم أوإهمالهم الفصل في قضايا صالحة للحكم و يثبت الامتناع عن طريق إنذارين يبلغان إلى قاضي التحقيق عن طريق كاتب الضبط'' المادة 216 من قانون الإجراءات المدنية.
-الأحوال التي يقضي فيها القانون بمسؤولية القاضي و الحكم عليه بالتعويضات، أو إذا كانت المخاصمة منصوص عليها صراحة في نص تشريعي (2).
3-طلب تنحي المحكمة عن الحكم لشبهات مشروعة سواء بطلبها أو بطلب من الخصوم .
4-تنحي المحكمة عن نظر الدعوى لداعي الأمن العمومي حسبما تنص عليه المادة 232 من قانون الإجراءات المدنية ،و طلب إحالة الدعوى للسبب نفسه حسب ما تنص عليه المادة 299 من قانون الإجراءات المدنية.
5-طلب رد أحد مستشاري المجلس القضائي حسبما تنص عليه المادة 202 الفقرة 04 من قانون الإجراءات المدنية أو المحكمة العليا حسبما تنص عليه المادة 301 من قانون الإجراءات المدنية (3)
-من خلال ما سبق يتبين أن المحكمة العليا باعتبارها قمة هرم التنظيم القضائي فإن نطاق إختصاصها النوعي ضيق بالمقارنة باختصاص المحاكم الأدنى منها نوعيا ، إذ يقتصر اختصاص المحكمة العليا على النظر في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية الدنيا بقصد ممارستها حقها في رقابة مدى التطبيق السليم للقانون من عدمه من طرف هذه الجهات القضائية و من ثم فهي محكمة قانون و ليست محكمة وقائع و أبرز أهدافها توحيد الاجتهاد القضائي بتوحيد التطبيق السليم للقانون .
__________________________
(1)بوبشير محند أمقران –المرجع السابق- صفحة 282، 283، 284 .
(2)محمد ابراهيمي –المرجع السابق- صفحة 154 ، 155 .
(3) بوبشير محند أمقران –المرجع السابق -صفحة 284 ، 285 .

المطلب الثاني : قواعد الاختصاص النوعي في المادة الإدارية .

في مجال اختصاص الغرف الإدارية هناك ثلاثة أنواع من الغرف الإدارية : الغرفة الإدارية المحلية الموجودة على مستوى كل مجلس قضائي ثم الغرف الإدارية الجهوية الموجودة على مستوى خمس مجالس قضائية ، لها اختصاص جهوي يشمل عدة ولايات ، و أخيرا مجلس الدولة و إن تعدد أنواع الهيئات القضائية يؤدي بالضرورة إلى لزوم تحديد اختصاص كل فئة منها بنوع معين من المنازعات (1)

الفرع الأول : الاختصاص النوعي للغرف الإدارية المحلية.

يتضح من نص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية أن الغرف الإدارية هي صاحبة الولاية العامة بمنازعات الإدارة العامة في مواجهة المحاكم، فكل القضايا التي يكون أحد أشخاص القانون العام طرفا فيها تدخل في اختصاص الغرف الإدارية أما على مستوى الغرف الإدارية فيما بينها فانه يتضح كذلك من نص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية أن الغرف الإدارية المحلية هي صاحبة الولاية العامة في مواجهة الغرف الجهوية و مجلس الدولة و يظهر ذلك من صياغة الفقرة 2/2 من المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية، التي تجعل الغرف الإدارية المحلية مختصة بكل المنازعات الإدارية( إلغاءا و تعويضا ) و قد عددتها حالة بحالة و هي : منازعات الإلغاء و التفسير و المشروعية بالنسبة للقرارات المحلية ثم منازعات القضاء الكامل .
إن الغرف الإدارية المحلية هي قاضي إلغاء و قاضي القضاء الكامل في نفس الوقت (2) .
حيث تنص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية " تختص المجالس القضائية- أي الغرف الإدارية -بالفصل إبتدائيا بحكم قابل للاستئناف أمام المحكمة العليا في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها
التي تكون الدولة أو الولايات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها ، و ذلك حسب قواعد الاختصاص التالية :
-تكون من إختصاص المجالس القضائية التي تحدد قائمتها و كذا إختصاصها الإقليمي عن طريق التنظيم
-الطعون بالبطلان في القرارات الصادرة عن رؤساء المجالس الشعبية البلدية و عن المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية .
-الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى شرعيتها .
-المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة و الولاية و البلدية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و الرامية لطلب تعويض .
*إن القول بأن الغرف الإدارية هي صاحبة الولاية العامة بمنازعات الإدارة يعني أنها لا تحتاج إلى نص لممارسة الاختصاص بينما لا يجوز للمحاكم نظر أي نزاع إداري إلا بموجب نص صريح لأن اختصاصها يأتي على سبيل الاستثناء و الاستثناء يحتاج دائما إلى نص صريح .
___________________________
(1)مسعود شيهوب –المبادئ العامة للمنازعات الإدارية –نظرية الاختصاص – الجزء الثالث- ديوان المطبوعات الجامعية- الطبعة الرابعة- 2005- صفحة 454 ،455
(2)مسعود شيهوب – المرجع السابق - صفحة 456 ،457
و إن الشرط الوحيد لانعقاد الاختصاص للغرف الإدارية هو أن يكون النزاع إداريا بمعنى أن يكون أحد طرفي الدعوى شخص من أشخاص القانون العام و قد حددت المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية هذه الأشخاص على سبيل الحصر بالدولة، الولاية ، البلدية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية (1)
غير أن المشرع بإصداره القانون 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 و المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله، أضاف أطرافا أخرى إذا وجدت فإن النزاع يكون إداريا و حسب نص المادة 09 منه تتمثل هذه الأطراف في الهيئات العمومية الوطنية و المنظمات المهنية الوطنية .
و بمفهوم المخالفة لما اتجه إليها المشرع فإنه يفهم بأن المؤسسة العمومية ذات الطابع التجاري و الصناعي لا تدخل نزاعاتها ضمن اختصاصات القضاء الإداري غير أنه قد توجد نصوص قانونية خاصة تعطي الإختصاص إلى القضاء الإداري في بعض الحالات رغم أن المؤسسة العمومية تكون ذات طابع صناعي و تجاري و من أمثلة دلك ما تضمنه القانون 88/01 المؤرخ في 12/01/1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية و الذي بعد تفحص أحكامه لا سيما المادة 45 منه تبين أن الهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري تخضع للقواعد المطبقة على الإدارة في علاقتها مع الدولة و بالتالي فهي ضمن إختصاص القاضي الإداري و تعد تاجرة في علاقاتها مع الغير و تخضع لقواعد القانون التجاري أي لإختصاص القاضي العادي.
وأوردت المادتان 55 و 56 من نفس القانون حالتين إذ تحققنا فإن الاختصاص يؤول إلى القضاء الإداري حتى و إن كان طرفا المنازعة، المؤسسة الاقتصادية من جهة وأشخاص طبيعيين من جهة أخرى فالمعيار العضوي لم تعد له أهمية في تحديد مفهوم النزاع الإداري في هده الحالة
و إ نما النشاط الذي تقوم به تلك المؤسسة هو الذي يجعل النزاع إداريا و من ثم يخضع لاختصاص القضاء الإداري و الحالتان هما :
1-عندما تكون المؤسسة العمومية الاقتصادية مؤهلة قانونا لتسير مباني عامة أو جزء من الأملاك الاصطناعية و يكون هدا التسيير وفقا لعقد إداري للامتياز .
2-عندما تكون المؤسسة العمومية الاقتصادية مؤهلة قانونا لممارسة صلاحيات السلطة العامة و ما تضمنه القانون 83/17 المؤرخ في 16/07/1983 المتضمن قانون المياه في مادته 21 فقرة 2 والمادة 23و اللتان يفهم منهما بأن الشخص الطبيعي الذي يستفيد من عقد إمتياز استغلال الملكية العامة للمياه فانه يخضع في منازعاته حتى مع الأشخاص الطبيعيين بمناسبة قيامه بالنشاطات المنوه عنها في المادة 23 إلى اختصاص القاضي الإداري ،فالغرفة الإدارية المحلية مختصة بكل المنازعات الإدارية سواء كانت متعلقة بالإلغاء أو التعويض و أوردتها بالترتيب حالة بحالة و هي منازعات الإلغاء و التفسير و المشروعية المتعلقة بالقرارات المحلية و منازعات
التعويض و بذلك فالغرف الإدارية مختصة بقضاء الإلغاء و قضاء التعويض و عليه فإن الغرف الإدارية المحلية مختصة بما يلي:
________________________
(1)مسعود شيهوب –صفحة 352، 353 ،354.
1–دعاوي الإلغاء الموجهة ضد القرارات الصادرة عن رؤساء المجالس الشعبية البلدية و عن المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و موضوع دعوى الإلغاء في هذه الحالة هو القرارات الإدارية الصادرة عن البلدية كشخص معنوي عام، عندما يتعلق الأمر بالقرارات الصادرة عن رئيس المجلس الشعبي البلدي و هدا ما أورده المشرع في النص غير أن القرارات المعنية قد تكون أيضا صادرة عن المجلس نفسه أو عن الأجهزة الإدارية من كاتب عام و رؤساء مصالح ، وتعد القرارات الصادرة عن المؤسسات العمومية البلدية و الولائية ذات الصبغة الإدارية موضوعا لدعوى الإلغاء من اختصاص الغرف الإدارية المحلية .
2 –قد يصدر قرار إداري عن البلدية أو إحدى المؤسسات المحلية ذات الصبغة الإدارية و يكون مشوبا بغموض ،ففي هده الحالة تكون الغرف الإدارية المحلية هي المختصة بعد أخذ رأيها بإعطاء المضمون الحقيقي لهذا القرار وقبل قانون 18/08/1990 كانت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا هي المختصة بذلك .
3-يلجأ إلى الغرفة الإدارية المحلية لفحص مدى مشروعية القرارات الصادرة عن البلديات و المؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية و في هده الحالة لا تحكم بإلغاء القرارات و لكن يبقى قائما و يتم استبعاده و عدم تطبيقه في النزاع المطروح .
4-تختص الغرف الإدارية المحلية أيضا بنظر المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة و الولاية و البلدية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و الرامية لطلب التعويض وهو ما يعرف بدعاوى القضاء الكامل سواء كانت المسؤولية المشار إليها تعاقدية أو ناتجة عن خطأ مرفقي أو
بدون خطأ و الناتجة عن الأشغال العمومية أو المخاطر أو عن سير المرافق العامة التي بسبب طبيعة نشاطها قد تسبب قي أضرار للغير .
و كان على المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية أن تنص على إختصاص الغرف الإدارية المحلية ''بجميع منازعات القضاء الكامل '' لأن منازعات المسؤولية أي بالعبارة التي وردت بها المادة نوع من القضاء الكامل و ليس كله إذ تدخل ضمن القضاء الكامل منازعات أخرى لم يشملها النص، منها على سبيل المثال منازعات الضرائب و منازعات العمران و غيرها فحتى عندما لا يتعلق الأمر بالمسؤولية في جميع هذه المنازعات فإن الإختصاص يعود إلى الغرف الإدارية و أساس الإختصاص هنا هو توفر المعيار العضوي أولا و عدم ورود نص عليها ضمن إختصاصات الغرف الإدارية الأخرى ثانيا مما يعني أنها تبقى لإختصاص الغرف الإدارية المحلية بإعتبارها صاحبة الولاية العامة .
و قد توسع قضاء المحكمة العليا في إختصاص الغرف الإدارية المحلية بحيث قرر إختصاصها بالنظر في طلبات التعويض حتى إذا لم تكن كجزاء للمسؤولية .
و في قضايا الموظفين يعود الاختصاص للغرفة الإدارية المختصة بالقضاء الكامل ( و هي الغرفة المحلية) كما هو في طلبات التعويض المرتبطة بالوظيفة ( عدم صرف علاوة مستحقة أو مرتب مثلا ) و في طلبات الرجوع إلى مناصب العمل و بصفة عامة فإن الإختصاص يعود للغرف الإدارية المحلية في أي نزاع حول مناقشة مشروعية طلب المدعي في إعادة إدماجه في منصب عمله ...، إن النزاع الذي لا يتعلق بإبطال قرار إداري بل مناقشة مسألة قانونية يعود الاختصاص قضاة القضاء الكامل .
و في قضايا الضرائب يعود الاختصاص للغرف الإدارية المحلية بخصوص الدعاوى الموجهة ضد القرارات الضريبية بوجه عام ، و لقد ورد النص على هذا الإختصاص العام في قوانين الضرائب الجديدة و يتعلق الأمر بقانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة و قانون الضرائب الغير المباشرة ،الرسم على القيمة المضافة الصادرين بالقانونين رقم 90/36 و رقم 91/25 المتضمن على
التوالي قانوني المالية لسنة 1991 ولسنة 1992 .
و إن النصوص الجبائية السالفة الذكر تتضمن بعض الغموض بسبب صياغتها التي تتحدث عن ''رفع القرارات الصادرة عن مدير الضرائب للولاية إلى الغرفة الإدارية لدى المجلس القضائي'' توحي الصياغة الظاهرية بأن الأمر يتعلق فقط بدعاوى الإلغاء دون دعاوى القضاء الكامل و لكننا نعتقد أن ذلك هو المقصود، فالمقصود هو النزاع الضريبي ككل سواء تعلق الأمر بالإلغاء الكلي أو الجزئي لقرار فرض الضريبة أو بطلب الإعفاء منها أوتخفيضها و بعبارة أخرى سواء تعلق الأمر بمنازعات فرض الضريبة أو بالتحصيل.
و الغرفة الإدارية المحلية هي قاضي العقود بوصفها هيئات القضاء الكامل.
فلقد قررت المحكمة العليا اختصاص جهات القضاء الكامل بمنازعات العقود بوجه عام و هكذا فان النزاع المتعلق بفسخ عقد توظيف أستاذ مساعد بالجامعة يخضع لاختصاص قاضي العقود و الالتزامات، أي لاختصاص الغرفة الإدارية لمجلس القضاء ، مما يستتبع أن العريضة المقدمة مباشرة أمام( المحكمة العليا ) غير مقبولة، قرار المحكمة العليا (الغرفة الإدارية ) رقم 32126 بتاريخ 07 جانفي 1984( قضية ر.ر ضد وزير التعليم العالي ) غير منشور.
إذا إن الغرف الإدارية المحلية هي قاضيا للعقود ،لأن منازعات العقود هي نوع من أنواع القضاء الكامل و يستوي أن يكون أحد طرفي العقد شخصا معنويا إقليميا (بلدية أو ولاية ) أو سلطة مركزية، أو مؤسسة عمومية إدارية محلية أو قومية ففي جميع الحالات يعود الاختصاص للغرفة الإدارية المحلية المختصة إقليميا بوصفها قاضيا للعقود و ليست بوصفها قاضيا للإلغاء.
و في قضايا إثبات الملكية يكون الاختصاص للغرف المختصة بالقضاء الكامل (أي الغرف المحلية) و ليس غرف الإلغاء (الغرف الجهوية أو غرفة المحكمة العليا ) في الطلبات الرامية إلى الاعتراف بصفة المالك لقطعة أرض.
و نورد في هذا الشأن القرار التالي : ''حيث أن طلب السيدة (ب) يرمي إلى الاعتراف لها بصفة المالكة لقطعة أرض المتنازع عليها مع معاينة حصول مساس بحقها بكيفية غير قانونية و مثل هده الدعوى تخضع للقضاء التام التي تختص المجالس القضائية بالفصل فيها بقرار إبتدائي قابل للإستئناف أمام الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى تطبيقا للمادة 7 من قانون الإجراءات المدنية مما يتعين التصريح بعدم الإختصاص'' .
قرار المحكمة العليا (الغرفة الإدارية)رقم 31433 بتاريخ 11/12/1982 ( قضية السيدةب.ب. م.س.
ضد والي ولاية ... و رئيس دائرة ...) غير منشور.
و في مجال اكتساب الملكية وفقا لقانون 07/02/1981 الخاص بالتنازل عن أملاك الدولة الخاصة من سكنات و محلات مهنية و تجارية ، فان الإختصاص بإثبات ما إذا كان للمدعي الحق في إكتساب الملكية يعود للغرف المحلية المختصة بالقضاء الكامل و ليس لقاضي الإلغاء المختص فقط بإلغاء قرارات التنازل .

الفرع الثاني : الاختصاص النوعي للغرف الإدارية الجهوية .

أنشأت الغرف الإدارية الجهوية بموجب فانون 18 أوت 1990 الذي وزع قضاء الإلغاء بين الغرف المحلية و الغرف الإدارية بالمحكمة العليا (مجلس الدولة حاليا) و بموجب القانون المذكور أصبحت الغرف الإدارية الجهوية لها اختصاص النظر بالدعاوى الرامية إلى إلغاء قرارات الولاية و الدعاوى الرامية إلى تفسيرها و مدى مشروعيتها حيث جاء نص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية في الفقرة الثانية الشطر الأول بعد التعديل بموجب قانون 18 أوت 1990 '' تكون من اختصاص مجلس قضاء الجزائر ، وهران ، قسنطينة و بشار ، ورقلة التي يحدد إختصاصها عن طريق التنظيم ''.
-الطعون بالبطلان في القرارات الصادرة عن الولاية.
-الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى شرعيتها .
و يقصد بالقرارات الصادرة عن الولاية هي تلك الصادرة عن الولاية بجميع مصالحها الإدارية بما فيها تلك الصادرة عن الوالي و المجلس الشعبي الولائي و لا يطرح مشكل بالنسبة للمصالح الإدارية الولائية (مديرية الوظيف العمومي ) في مجال إختصاص الغرف الإدارية الجهوية بالاختصاص في نظر القرارات الصادرة عنها بهدف إلغائها أو تفسيرها أو فحص مشروعيتها إبتدائيا بقرار قابل للاستئناف أمام مجلس الدولة و يطرح الإشكال بالنسبة للمصالح الخارجية
للدولة ( مديرية الثقافة مثلا ) فهي تجسد عدم التركيز و غير متمتعة بالشخصية المعنوية و هي تمثل الوزارة التي تتبعها على مستوى الولاية ،و المنطق يقتضي أن تكون القرارات الصادرة عن هذه المصالح قرارات مركزية مثلها مثل القرارات الصادرة عن الوزارة كهيئة مركزية خاصة إذا تصرف المدير الولائي باسم الوزير و بتفويض منه و بهذا الوصف تصبح الغرف الإدارية الجهوية غير مختصة بنظر الدعاوى المتعلقة بها لأنها تكون من اختصاص مجلس الدولة .
كما تختص الغرفة الإدارية الجهوية بالفصل في الطعن بالإلغاء في قرار رفض قبول المحامي المتربص الصادر عن نقابة المحامين حسب ما جاء في المادة 290 من قانون تنظيم مهنة المحاماة.

الفرع الثالث : إختصاص مجلس الدولة .

يعد مجلس الدولة هرم التنظيم القضائي الإداري الجزائري و بالرجوع الى المواد 7 ،231 ،274، من قانون الإجراءات المدنية و الخاصة بالمحكمة العليا (مجلس الدولة حاليا ) و كذا بعض القوانين الخاصة، فان مجلس الدولة يتميز بكونه مختص بالفصل في المنازعات كدرجة أولى للتقاضي و كجهة استئناف و كجهة نقض و هذا ما تنص عليه المواد 9 ،10 ،11 من القانون العضوي 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله .
أولا:و يختص كدرجة أولى للتقاضي:
إن إختصاص مجلس الدولة في هذه الحالة هو إختصاص ابتدائي و نهائي لا تخضع قراراته للطعن بالنقض ويستنتج ذلك من خلال نص المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على ما يلي : '' تكون من إختصاص... المحكمة العليا الطعون المذكورة بالمادة 231 من قانون الإجراءات المدنية.''
و بالرجوع إلى المادة 231 في قانون الإجراءات المدنية تنص على ما يلي: ''فيماعدا ما أستثنى بنص خاص و مع عدم المساس بالباب الرابع من هذا الكتاب تختص المحكمة العليا بالحكم:
1-في الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية و من المحاكم بجميع أنواعها .
2- في طلبات إلغاء القرارات الصادرة من السلطات الإدارية المركزية لتجاوز سلطاتها.
و نصت المادة 274 من قانون الإجراءات المدنية على: " تنظر الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا - مجلس الدولة حاليا - ابتدائيا و نهائيا في: الطعون بالبطلان في القرارات التنظيمية أو القرارات الفردية الصادرة من السلطة الإدارية المركزية."
-الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى مشروعية الإجراءات التي
تكون المنازعة فيها من اختصاص المحكمة العليا'' .
كما نصت المادة 276 /2 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي :
''يجوز للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بالرغم من أية أحكام مخالفة أن تفصل في الطلبات المرتبطة التي تضمنتها نفس العريضة أو عريضة أخرى مرتبطة بالأولى و الخاصة بالتعويض عن الضرر المنسوب وقوعه إلى القرار المطعون فيه و ذلك مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة'' .
و نستنتج من خلال هذه النصوص زيادة على القانون العضوي 98/01 المتعلق بإختصاصات مجلس الدولة بأن مجلس الدولة يختص بالفصل في المنازعات التي كانت تدخل ضمن اختصاصات الغرفة الإدارية في المحكمة العليا و تتضمن تلك المنازعات الرامية إلى الطعن بإلغاء القرارات الإدارية الفردية أو التنظيمية الصادرة عن السلطات المركزية و التي تكون مشوبة بعدم المشروعية و هي تشمل الوزارات و المديريات العامة مثل المديرية العامة للجمارك و المديرية العامة للأمن الوطني و المديرية العامة للحماية المدنية و قد أضاف القانون العضوي 98/01 الهيئات الوطنية العمومية يقصد بها الهيئات الإدارية المستقلة عن الوزارات كسلطة الضبط المستقلة المتعلقة بالبريد و المواصلات أو الهيئات الدستورية عندما تتصرف كمرافق عامة مثل المجلس الشعبي الوطني ، المجلس الدستوري ، البنك المركزي، كما نصت المادة 07 من نفس القانون على قرارات المنظمات الوطنية المهنية كمنظمة المحامين مثلا و يختص مجلس الدولة أيضا بتفحص مشروعية القرارات الصادرة عن هذه الهيئات و تفسيرها و بإمكانه أن ينظر أيضا في دعاوى التعويض الناتجة عن الضرر المسبب بفعل تلك القرارات .
و نلاحظ أن المشرع جعل الفصل في دعوى التعويض المرتبطة بدعوى إلغاء القرارات المركزية جوازي و كان من الأفضل تبسيط الإجراءات أن يكون الفصل في التعويض من اختصاص مجلس الدولة إلزاما ، ذلك أنه هو الجهة التي ألغت القرار الإداري المشوب بعدم المشروعية و
منه فهو الأقدر على منح التعويض العادل و الأنسب مما يحقق مبدأ العدالة التي ينشدها المواطن
ثانيا : إختصاص مجلس الدولة كدرجة إستئناف .
يعتبر مجلس الدولة كجهة إستئناف بالنسبة للقرارات القضائية الصادرة عن الغرف الإدارية المحلية و الغرف الإدارية الجهوية و قد نصت على ذلك المواد 07 ، 277، من قانون الإجراءات
المدنية المادة 10 من القانون رقم 98/01 المتعلق بإنشاء المحاكم الإدارية و ميعاد الاستئناف
هو شهر واحد من تاريخ التبليغ ،و جميع القرارات التي تصدر بصفة ابتدائية عن الغرف الإدارية المحلية و الجهوية قابلة للاستئناف أمام مجلس الدولة سواء تعلقت تلك القرارات بدعاوى قضاء الإلغاء أو بدعاوى القضاء الكامل أو بدعاوى فحص المشروعية و هو ما ورد في المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على أنه:'' تختص المجالس القضائية بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئناف أمام المحكمة العليا -مجلس الدولة -....''،كما نصت المادة 10 من القانون 98/01 على أن مجلس الدولة يفصل في إستئناف القرارات الصادرة إبتدائيا من قبل المحاكم الإدارية -الغرف الإدارية المحلية و الجهوية حاليا- في جميع الحالات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك و مجلس الدولة هنا يتمتع بجميع صلاحيات قضاء الإستئناف على وجه الخصوص إعادة دراسة الملف من حيث الوقائع و القانون معا و في حالة إلغاء القرار يتصدى من جديد للفصل في النزاع بقرار نهائي ، غير أنه يجوز له أن يحيل الملف بعد الإلغاء على المجلس القضائي و ذلك في حالة ما اذا لم يكن لديه كافة العناصر اللازمة للفصل في الملف كأن يتطلب الأمر مثلا الانتقال للمعاينة.
ثالثا : اختصاصه كجهة نقض.
إن اختصاصات الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا –مجلس الدولة حاليا - هنا تبدو رمزيه و لا نجد لها سوى حالات نادرة منها ما تنص عليه المادة 498 من قانون الضرائب غير المباشرة التي يستفاد منها أن قرارات الغرفة الإدارية في مجال الضرائب غير المباشرة لا تخضع للإستئناف لأنها تصدر بصفة نهائية و عليه فهي قابلة للطعن بالنقض عكس الضرائب المباشرة التي تخضع القرارات الصادرة بشأنها للإستئناف بالنص الصريح للقانون .و منها أيضا قرارات اللجنة الوطنية في مجال تأديب المحامين فهي تخضع للطعن بالنقض أمام مجلس الدولة (1) .
كما نصت المادة 110 من قانون مجلس المحاسبة على أن الطعن في القرارات الصادرة بعد الاستئناف من قبل الغرف المجتمعة لمجلس المحاسبة في مجال الانضباط في التسيير المالي و المشرع لم يذكر الغرفة الإدارية تحديدا و لكن ما دام الطعن بالنقض منصوص عليه أمام المحكمة العليا فانه بالنظر للجهة التي تصدر هذه القرارات و طبيعة النزاع لا يمكن أن تكون إلا من إختصاص الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا و مجلس الدولة حاليا زيادة على ما أوردته المادة 11 من القانون 98/01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه بأن مجلس الدولة يفصل في الطعون بالنقض في قرارات مجلس المحاسبة كما أنه يمكن الطعن بالنقض أمام مجلس الدولة في قرارات اللجنة الوطنية للطعن في مجال تأديب المحامين.

الفرع الرابع : الاختصاص النوعي للقضاء الإستعجالي الإداري :

يتم قضاء الإستعجال عن طريق القاضي الفرد -و هو رئيس الغرفة الإدارية المعنية- بينما يتم قضاء الموضوع بتشكيلة جماعية تضم أعضاء الغرفة .
*شروط إنعقاد الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة :
إن الدعوى الاستعجالية هي إجراء يطلب بموجبه أحد الأطراف اتخاذ إجراء مؤقت سريع لحماية مصالحه قبل أن تتعرض لنتائج يصعب تداركها ، و بالإضافة الى شروط قبول الدعوى و شروط قبول العريضة
__________________________
(1) د. مسعود شيهوب –المرجع السابق- صفحة 482، 483
فإنه يتعين توفر شروط معينة لينعقد الإختصاص لقاضي الأمور المستعجلة و هي الشروط التي
إذا تخلفت ترتب عنها الحكم بعدم الإختصاص النوعي و تتمثل هذه الشروط في :
1-وجود حالة إستعجال:نصت المادة 171 مكرر من قانون الإجراءات المدنية على الدعوى
الإستعجالية ولم تعرف هذه المادة حالة الإستعجال و تركت المجال مفتوحا للاجتهاد القضائي ليحدد مفهومها و يمكن أن نقول أن حالة الاستعجال تقوم بمجرد وجود وضعية يخشى أن تصبح غير قابلة للإصلاح.
-إن الدعوى الإستعجالية إذا إجراء يطلب بموجبه أحد الأطراف في الغالب الفرد إتخاذ إجراء مؤقت و سريع لحماية مصالحه قبل أن تتعرض لنتائج يصعب تداركها، فقد تطرأ أثناء سير الدعوى الإدارية مشاكل تتطلب حلولا إستعجاليه في شكل تدابير مؤقتة يتعين إتخاذها قبل الفصل في موضوع النزاع نهائيا و أحيانا أخرى قد يحدث أمور يخشى لو إتبعت بشأنها إجراءات دعوى الموضوع الطويلة أن تنمحي آثارها و يصعب بالتالي تدارك الأضرار الناتجة عنها ، الأمر الذي يفرض اتخاذ إجراءات سريعة في انتظار رفع دعوى الموضوع.
إن هذه الإجراءات السريعة و التدابير المؤقتة لا تعود لإختصاص قاضي الموضوع و إنما إلى إختصاص قاضي الأمور المستعجلة و الذي يلجأ إليه الأطراف في هذه الحالة بموجب دعوى إستعجاليه (1).
2 -ألا يتعلق النزاع بأصل الحق: يفصل القاضي المستعجل في الدعوى الاستعجالية دون أن يتعرض للموضوع -أي لأصل الحق- فمهمة القاضي الإستعجالي هي تسوية حالة مستعجلة عن طريق الأمر بتدبير تحفظي أما الفصل في موضوع الحق فمن اختصاص قاضي الموضوع للغرفة الإدارية بتشكيلتها الجماعية .
3-ألا يكون الهدف من الدعوى اعتراض تنفيذ قرار إداري:
فإذا كانت الدعوى الإستعجالية ترمي إلى وقف تنفيذ القرار الإداري حكم القاضي بعدم الإختصاص و نستثني من هذه القاعدة حالة القرارات التي تشكل تعديا و حالة قرارات الاستيلاء و في الحالتين يجوز طلب وقف تنفيذ القرار، و لقد ورد هذا الشرط بالفقرة الثالثة من المادة 171 مكرر من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على ما يلي: ''الأمر بصفة مستعجلة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة و ذلك باستثناء ما تعلق منها بأوجه النزاع التي تمس النظام العام
أو الأمن و دون المساس بأصل الحق و بغير اعتراض تنفيذ أية قرارات إدارية بخلاف حالات التعدي و الاستيلاء و الغلق الإداري...''
4-ألا يتعلق النزاع بالنظام العام :
إذا كانت الدعوى الاستعجالية ترمي إلى اتخاذ إجراء يتعلق بالنظام العام حكم القاضي بعدم
الإختصاص.
لقد تطور مفهوم النظام العام من المدلولات التقليدية الثلاث (الأمن العام ، الصحة العامة، السكينة العامة) إلى مدلولات حديثة إضافية تتعلق بالنظام العام الأخلاقي و النظام العام الجماعي ...الخ.
__________________________
(1) مسعود شيهوب –المرجع السابق –صفحة 484، 485، 486، 487، 488، 489 .
و يأخذ النظام العام مفهوما واسعا في القضاء الجزائري و هذا المفهوم الواسع نجده مثلا في اجتهاد المحكمة العليا ، فالقرارات المتعلقة بالمنع من الإقامة هي في مفهومها تدابير أمنية تندرج
تحت مفهوم النظام العام و بالتالي تفرض ''عدم قبول الدعوى الرامية إلى تأجيل تنفيذ قرار المنع من الإقامة رغم أن رفض تمديد الإقامة لم يكن لدواعي أمنية أو على الأقل لا تشير الوقائع إلى ذلك'' .
المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 26998 بتاريخ 26/12/1981 قضية د.ك ضد رئيس
مكتب الأبحاث و التنظيم و الأمن العام لقسم الهجرة –المجلة القضائية 2-1989 –ص 188 و جاء في نص القرار :''إذا كان من المقرر قانونا أن قاضي الأمور المستعجلة الجالس للبث في القضايا الإدارية مختص باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في حالة الاستعجال فان مقتضيات (المادة 171 مكرر قانون الإجراءات المدنية ) المخولة له ذلك قد إستثنت من نطاق اختصاصه النزاعات المتعلقة بالنظام و الأمن العام، و من ثمة وجب اعتبار قرار المنع من الإقامة تدبيرا أمنيا صادرا عن مصالح الأمن العام متخذا ضمن نطاق الصلاحيات الموكلة إليها مما يتعين تأييد الأمر الاستعجالي المستأنف الذي صرح بعدم قبول الدعوى الرامية إلى تأجيل تنفيذ قرار المنع من الإقامة''.
و إن تبني مفهوما واسعا للنظام العام على هذا النحو، بالإضافة إلى طابعه السياسي يعني تكريس قيد كبير على الدعوى الإستعجالية.
5-أن ترفع الدعوى في آجال معقولة :
و هو شرط كرسه الاجتهاد القضائي لتقرير إختصاص القاضي الإستعجالي و هو شرط يتعلق بميعاد رفع الدعوى الاستعجالية، فالاجتهاد القضائي لا يعتبر النزاع ذو طابع إستعجالي كلما
طالت المدة بين تاريخ الوقائع و تاريخ رفع الدعوى ،فلا وجود لحالة إستعجال في مفهوم المحكمة العليا كلما كانت المدة الفاصلة بين الوقائع و بين تاريخ رفع الدعوى طويلة، و هكذا ''فلا وجود لحالة الإستعجال طالما أن الطاعن لم يلجأ إلى القضاء بدعوى إستعجاليه إلا بعد مرور ثلاثة سنوات من صدور القرار المطلوب وقف تنفيذه''،على الرغم من أنه ليس من شروط الدعوى الإستعجالية ميعاد معين و لكن منطقيا يجب ألا يتجاوز ميعاد دعوى الموضوع كحد أقصى و إلا فإن ذلك يعني عدم وجود حالة إستعجال من هذا المنطق فان المحكمة العليا تعتد بعامل الوقت في تقدير حالة الإستعجال كما جاء في قرار المحكمة العليا رقم 18614 بتاريخ 16/05/1961 (قضية والي ولاية...ضد فريق ج.س) غير منشور.
و جاء في حيثيات القرار:''... حيث أن دعوى الإستعجال لا يمكن إذن رفعها إلا في حالة الإستعجال أو حالة وجود خطر يهدد المسكن حيث أنه من الثابت أن المدعين (المستأنف عليهم) قد إنتظروا قرابة الثلاث سنوات لرفع دعواهم الرامية إلى إيقاف تنفيذ القرار الإداري
حيث أن ظرف الإستعجال غير قائم إذن في هذه القضية ،و أن دعوى الإستعجال بالتالي غير مقبولة ... و عليه القضاء بإلغاء القرار المستأنف'' و الصحيح أن تقضي المحكمة بعدم الاختصاص و ليس بعدم قبول الدعوى.
6-أن تكون دعوى الموضوع قد نشرت :
في بعض الأحيان يكون من اللازم نشر دعوى الموضوع بالموازات مع الدعوى الإستعجالية كما هو الحال في دعاوى وقف تنفيذ القرارات إذ ليس من المنطق قبول الدعوى ''الاستعجالية'' الرامية إلى وقف تنفيذ قرار إداري و قبول طلب المدعي بوقف تنفيذ قرار لم ينازع في عدم مشروعيته أمام قاضي الموضوع و عندما تكون دعوى الموضوع من الدعاوى التي يشترط فيها التظلم فانه يكفي أن يقدم المدعي ما يثبت أنه شرع في إجراءات الدعوى أي ما يثبت قيامه بالتظلم و في بعض الأحيان الأخرى لا يكون من الضروري نشر دعوى الموضوع كما هو الحال في الدعوى الإستعجالية الرامية إلى إثبات وقائع مادية قبل زوالها (1)

المبحث الثاني: قواعد الاختصاص المحلي

بعد أن بين قواعد الإختصاص النوعي الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع يأتي دور قواعد
الاختصاص المحلي لتحدد محكمة معينة يمكن أن تقدم إليها الدعوى، و ترجع أهمية قواعد الإختصاص المحلي إلى إنتشار محاكم الدرجة الواحدة في كل أنحاء البلاد و الذي يقصد منه تقريب القضاء من المواطنين و تيسير التقاضي عن طريق تقريب المحاكم من محل المنازعات مع العلم أن هذه القواعد تخص المحاكم و المجالس القضائية فحسب لأنه لا توجد سوى محكمة عليا واحدة لها إختصاص يشمل كامل التراب الوطني(2)، ويعرف الاختصاص المحلي على أنه نصيب المحكمة الواحدة من محاكم طبقة معينة من ولاية القضاء و ذلك وفقا لموقعها الجغرافي من إقليم الدولة و يعبر عنه بدائرة اختصاص المحكمة فتهتم قواعد الإختصاص المحلي بتوزيع القضايا على أساس إقليمي بين مختلف المحاكم من نفس النوع المنتشرة في ربوع البلاد (3) و سيتم
التعرض إلى قواعد الإختصاص المحلي في المواد المدنية و في المواد الإدارية.

المطلب الأول : قواعد الإختصاص المحلي في المواد المدنية

تشكل المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية النص الأساسي الذي يرتكز عليه الاختصاص
المحلي للمحاكم و إذا كانت هده المادة قد وضعت قاعدة مبدئية فإنها تتضمن من جهة أخرى مجموعة من الإستثناءات(4)

الفرع الأول : القاعدة العامة في الإختصاص المحلي

القاعدة الأصلية في الاختصاص المحلي هي في الأخذ بالضابط المكاني لتوزيع ولاية القضاء وهي عقد الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها الإقليمية موطن المدعي عليه فالأصل أن المدعي يسعى إلى المدعي عليه في أقرب المحاكم إلى موطنه ،و أساس هده القاعدة هو أن الأصل براءة ذمة المدعي عليه فقد يكون المدعي محقا في دعواه و قد يكون غير محق و لدلك يجب أن يتحمل
هو مشاقة الانتقال إلى محكمة المدعي عليه وهذه القاعدة تقوم على أساس المنطق و العدالة إذ أن المدعي هو المهاجم و ليس من المنطق أن يستدعي خصمه إلى موطنه هو لكي يوجه له هجومه،و كذلك فان الأخذ بهده القاعدة يؤدي إلى تحقيق مبدأ المساواة بين الخصوم فالمدعي هو الذي يختار الوقت الذي يرفع فيه الدعوى و يستطيع أن يعد مستنداته قبل رفعها و لذلك
__________________________
(1)مسعود شيهوب-المرجع السابق- صفحة 499، 500، 501، 502، 503، 504.
(2)-بوبشير محند أمقران- المرجع السابق -صفحة 285 ، 286
(3)-أحمد مليجي–الاختصاص القيمي و النوعي و المحلي للمحاكم-مكتبة دار النهضة العربية–الطبعة الأولى- 1993-صفحة 133
(4)-محمد ابراهيمي- المرجع السابق –صفحة 167 .
يكون في مركز أفضل من المدعي عليه و لتحقيق المساواة بينهما يجب رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدعي عليه (1) ، و لقد نصت على هده القاعدة المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية ، الفقرة الأولى و جاء في مضمون المادة أنه:'' يكون الاختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه بالنسبة للدعاوى الخاصة بالأموال المنقولة و دعاوى الحقوق الشخصية العقارية و كذلك في جميع الدعاوى التي لم ينص فيها على إختصاص محلي خاص، فإن لم يكن للمدعى عليه موطن معروف يعود الإختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرتها محل إقامته، و إن لم يكن له محل إقامة معروف فيكون الاختصاص للجهة القضائية الواقع بدائرتها أخر موطن له''.
*و ينبغي في هدا المجال تحديد المقصود بالموطن :
الموطن هو المحل الذي يوجد فيه السكن الرئيسي للشخص و في حالة عدم وجوده يحل محله مكان الإقامة العادي و هو ما تنص عليه المادة 36 من القانون المدني (2) ، فالموطن يتكون من عنصرين ، عنصر مادي يتمثل في الإقامة الفعلية في مكان معين و عنصر معنوي يتمثل في نية البقاء و الاستقرار في هذا المكان و لا يؤثر في توفر نية الاستقرار مبارحة المكان بعض الوقت ، فالمكان يعتبر موطن و لو كان الشخص يغيب عنه بعض الوقت و ذلك لأن التغيب لا ينفي الاستقرار ما دام الشخص الذي يغيب عن موطنه و إنما يتغيب عنه و في نيته الرجوع إلى نفس الموطن (3).
و يعتبر المكان الذي يمارس فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنا خاصا بالنسبة إلى المعاملات
المتعلقة بهذه التجارة، أو المهنة و هو ما تنص عليه المادة 37 من القانون المدني .
و موطن القاصر و المحجور عليه و المفقود و الغائب هو موطن من ينوب عن هؤلاء قانونا و هو
ما تنص عليه المادة 38 من القانون المدني.
و يلاحظ أن موطن الشخص الاعتباري هو المحل الذي يوجد فيه مركز إدارته الرئيسي و هذا ما تنص عليه المادة 50 من قانون الإجراءات المدنية *.
*حالة تعدد المدعى عليهم :
في حالة تعدد المدعى عليهم و كان موطن كل منهم يقع في دائرة محكمة غير الدوائر التي بها موطن الآخرين فإن الإختصاص في هذه الحالة يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم و حكمة ذلك
__________________________
(1) أحمد مليجي –المرجع السابق- صفحة 134
(2) تنص المادة 36 من القانون المدني على ما يلي : ''موطن كل جزائري هو المحل الذي يوجد فيه سكناه الرئيسي و عند عدم وجود سكن يحل محلها مكان الإقامة العادي'' .
(3) بوبشير محند أمقران- المرجع السابق- صفحة 286، 287
*تنص المادة 50 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي : ''يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ماكان منها ملازما لصفة الإنسان و ذلك في الحدود التي يقررها القانون و يكون لها خصوصا :-موطن و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها''.
التيسير على المدعى حتى لا يضطر إلى رفع دعاوى متعددة فتتضاعف نفقات التقاضي كما قد تتناقض الأحكام ، و مثال تعدد المدعى عليهم إقامة دعوى على مسئولين عن فعل خطأ و على مدينين و لو لم يكونوا متضامنين (1) ،و لكن يشترط لجواز رفع المدعي دعواه أمام إحدى المحاكم التي يقع بدائرتها موطن أحد المدعى عليهم في حالة تعددهم عدة شروط و هي :
-أن يكون تعدد المدعى عليهم تعددا حقيقيا و ليس صوريا كأن يتعمد مثلا المدعي إقامة الدعوى أمام محكمة موطن شخص لا شأن له بها و تكون المحكمة المختصة في هذه الحالة هي
محكمة الخصم الحقيقي .
-أن يتساوى المركز القانوني للمدعى عليهم أي بأن يكونوا مختصمين فيها بصفة أصلية فلا يكون أحدهما مختصما بصفة تبعية أو إحتياطية فمثلا إذا كان أحد المدعى عليهم مدينا أصليا و الثاني كفيلا فإن المحكمة المختصة في هذه الحالة هي المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدين الأصلي و ليس المحكمة الكائن بدائرتها موطن الكفيل .
-أن تكون المحكمة المرفوع إليها الدعوى هي محكمة موطن أحد المدعى عليهم لا المحكمة المختصة بالنسبة له بسبب اعتبار آخر خاص به مثلا: إذا إتفق المدعي مع أحد المدعى عليهم على إختصاص محكمة أخرى غير محكمة موطنه في الحدود التي يسمح بها القانون لهذا الاتفاق فإن هذه المحكمة تكون مختصة بالنسبة لهذا المدعى عليه فقط ، فلا يجوز للمدعي رفع الدعوى على جميع المدعى عليهم أمامها .
-أن تكون الدعوى واحدة بمعنى أن يكون موضوعها واحدا بالنسبة للمدعى عليهم سواء إتحد السبب أم إختلف .
و مما تقدم تتضح لنا القاعدة الأصلية في الاختصاص المحلي أي التوزيع الجغرافي لولاية القضاء و هي عقد الاختصاص لمحكمة موطن المدعي عليه، و رغم أن هذه القاعدة هي أساس التوزيع الجغرافي لولاية القضاء فإنها ليست مطلقة بل ترد عليها كثير من الاستثناءات و في هذه الاستثناءات قد يمنح المشرع الاختصاص لمحكمة معينة أو يخول المدعي حق الاختيار بين محكمتين أو أكثر(2) .

الفرع الثاني :الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة .

بعد تقرير القاعدة العامة في الاختصاص المحلي أورد المشرع إستثناءات :
الأول: يحدد محكمة معينة لتختص بالنزاع .
الثاني : يخول المدعي حق الإختيار بين محكمتين أو أكثر و سنتطرق إلى الإختصاص المخول
لصالح المواطن الجزائري.
الفقرة الأولى : تحديد محكمة معينة طبقا لنص المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية .
جاء في مضمون نص المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية ما يلي :'' و مع ذلك ترفع الطلبات المتعلقة بالمواد المذكورة أدناه أمام الجهات القضائية دون سواها على الوجه التالي :
-في الدعاوي العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاوي الإيجارات بما فيها التجارية المتعلقة
__________________________
(1) بوبشير محند أمقران- المرجع السابق -صفحة 286، 287
(2)أحمد مليجي- المرجع السابق -صفحة 136 ،137 ، 138 ،139
بالعقارات أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
و حكمة ذلك أن هذه المحكمة هي الأقدر على الفصل في هذه الدعاوى نظرا لقربها من العقار إذ أن قرب المحكمة من العقار يجعلها أكثر قدرة على الإحاطة بعناصر النزاع و قد يستلزم الفصل في الدعوى الإنتقال إلى العقار لمعاينته أو ندب خبير لذلك (1).
-و في مواد الميراث ، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاص مكان افتتاح التركة .
قصد تركيز عمليات تصفية التركة في موقع واحد (2).
-و في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية أمام المحكمة التي تقع في دائرة إختصاصها مكان إفتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية .
قصد تركيز كل المنازعات و إحصاء كل الطلبات الموجهة ضد المدعي و مثلما سبق توضيحه في دراسة قواعد الإختصاص النوعي فإن دعاوى الإفلاس و التسوية القضائية يؤول الإختصاص
بنظرها إلي المحكمة المنعقدة بمقر المجلس القضائي.
-دعاوى الطلاق أو العودة إلى مسكن الزوجية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مسكن الزوجية لأنها أقدر على التعرف بسهولة إلى المشاكل المطروحة بين الزوجين.
-وفي دعاوى الحضانة أمام المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها مكان ممارسة الحضانة.
لأنها أقرب المحاكم من أشخاص الدعوى .
-وفي الدعاوى المتعلقة بالنفقة أمام المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها موطن أو مسكن الدائن بقيمة النفقة لأنه محتاج و ليس من المنطق تكبده مصاريف إضافية بسبب دعواه.
-وفي الدعاوى المتعلقة بالشركات، بالنسبة لمنازعات الشركاء أمام المحكمة التي يقع في دائرة
إختصاصها المركز الرئيسي للشركة بسبب ارتباط هده المنازعات بالشركة. -وفي الدعاوى المتعلقة بفرض الضريبة و الرسوم أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة إختصاصها مكان فرض الضريبة أو الرسوم .
لأن أدلة الإثبات توجد كقاعدة عامة لدى المصالح التي فرصت الصربية أو الرسوم .
-وفي الدعاوى المتعلقة بالأشغال العمومية أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ الأشغال.
-وفي المنازعات المتعلقة بالصفقات الإدارية بجميع أنواعها أمام الجهة القضائية للمكان الذي أبرم فيه عقد الصفقة.
-الدعاوى المتعلقة بالخدمات الطبية ، تعرض على المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المكان الذي قدم فيه العلاج .
-الدعاوى المتعلقة بأداءات الأغذية و السكن ، تختص بنظرها محكمة المكان الذي تمت فيه الأداءات .
__________________________
(1)احمد مليجي –المرجع السابق – صفحة 144
(2)بوبشير محند امقران – المرجع السابق- صفحة 289
لأن هذه الطلبات تكون في الغالب ضئيلة القيمة بالمقارنة مع تكاليف التقاضي.
-و في مواد الحجز سواء كانت بالنسبة للإذن بالحجز و الإجراءات التالية له أمام محكمة المكان الذي تم فيه الحجز لأنها أكثر إلماما بموضوعها.
-وفي مواد مصاريف الدعوى أو أجور المساعدين القضائيين أمام المحكمة التي فصلت في الدعوى الأصلية لأنها أقدر على تحديد قيمتها.
-و في دعاوى الضمان أمام المحكمة التي قدم إليها الطلب الأصلي لأن ارتباط الطلبات يستوجب نظرها في المحكمة نفسها لتتضح أمامها كل جوانب النزاع .
-و في المنازعات التي تقوم بين صاحب العمل و صاحب الأجر إذا كان العمل حاصلا في مؤسسة ثابتة أمام محكمة المكان الواقعة في دائرة اختصاصها تلك المؤسسة و إذا كان العمل غير حاصل في مؤسسة ثابتة، فيعود الاختصاص لمحكمة المكان الذي أبرم فيه عقد العمل .
غير أن التشريع المتعلق بالعمل أحدث تعديلا في قواعد الاختصاص المحلي بحكم المادة 24 من القانون 90/11 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل فإن الطلب يرفع أمام المحكمة الواقعة
في مكان تنفيذ علاقة العمل أو في محل إقامة المدعى عليه، و يجيز هذا النص رفع الدعوى لدى المحكمة التي تقع في محل إقامة المدعي عندما ينجم تعليق أو انقطاع علاقة العمل عن حادث عمل أو مرض مهني .
-و في القضايا المستعجلة أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان المشكل التنفيذي أو التدبيرالمطلوب لأنها أقدر على التدخل بصفة سريعة لاتخاذ التدابير اللازمة (1)
الفقرة الثانية : جواز الاختيار بين أكثر من محكمة طبقا لنص المادة 09 من قانون الإجراءات المدنية:
حيث تنص المادة 09 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي : ''يجوز أن يرفع الطلب إما إلى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعي عليه أو مسكنه و إما إلى الجهة أو الجهات القضائية المذكورة أدناه تبعا للمواد التالية :
-في الدعاوى المختلطة : أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة إختصاصها مقر الأموال و هذا يعني أنه يمكن أن يعرض طلب فسخ بيع العقار إما أمام المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها موطن المدعى عليه (المشتري) أو أمام محكمة موقع العقار و يرجع أساس الاختيار بين محكمتين في هذه الدعاوى إلى إستنادها على حقين ، حق شخصي و حق عيني -و في دعاوى تعويض الضرر الناشئ من جناية أو جنحة أو مخالفة أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الفعل الضار.
-و في المنازعات المتعلقة بالتوريدات و الأشغال وأجور العمال أو الصناع يكون الاختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرة إختصاصها مكان إبرام الإتفاق أو تنفيذه و ذلك متى كان أحد الأطراف مقيما في ذلك المكان.
__________________________
(1) بوبشير محند أمقران- نفس المرجع -صفحة 288 ،291
ويقصد بالمنازعات المتعلقة بالتوريدات تلك التي تنشأ نتيجة لتعامل بين المستهلكين و الموردين كالبقالين و الخبازين أو أصحاب المحال العامة و بالنسبة لأجور العمال و الصناع فإنه يشترط
لإعمال النص أن يكون المطلوب هو أجر عامل أو صانع و ليس بتعويض عن الفعل أو غير
ذلك و أن يكون مطلوب المدعي مترتبا على عقد إجارة الأشخاص كالخادم و العامل أما ما يستحقه الطبيب أو المحامي أو المقاول من أجر فلا يسري عليه هذا النص.
-وبالتالي فإن الاختصاص بهذه الدعاوى ( المتعلقة بالتوريدات ...) ينعقد لإحدى المحكمتين ، المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ في دائرتها متى
كان أحد الأطراف مقيما في ذلك المكان ،و إختصاص المحكمة الأولى يتفق و القاعدة العامة إذ هي محكمة موطن المدعى عليه أما إختصاص المحكمة الثانية فهو إستثناء من هذه القاعدة و هذا الإستثناء مشروط بشرطين :
1-أن يكون قدتم في دائرة هذه المحكمة الاتفاق على التوريد و الأشغال و أجور العمال أو الصناع أو يكون قد نفذ فيها حتى و لو كان الاتفاق قد تم في دائرة محكمة أخرى .
2-أن يكون أحد الأطراف مقيما في دائرة اختصاص هذه المحكمة و يجب توفر هذين الشرطين معا فإذا لم يتوافر أحدهما فلا ينبغي الأخذ بهذا الإستثناء بل يجب الرجوع إلى القاعدة العامة و هي رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدعى عليه .
و إذا تعلقت المنازعات المذكورة آنفا ( أجور العمال أو الصناع ) بأمور أخرى غير الأجور فإن هذا الإستثناء لا ينطبق و ينبغي إعمال القاعدة العامة أي عقد الاختصاص لمحكمة موطن المدعى عليه (1) .
و علة هذا الإستثناء هي التيسير على من قام بالتوريدات أو الأشغال أو ما يخص أجور العمال أو الصناع حتى لا يضطر إلى رفع دعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه للمطالبة بما هو مستحق له و قد تكون هذه المحكمة بعيدة عن أن قيمة المطالبة ضئيل فالمدعي في هذه الدعاوى
هو الطرف الضعيف أو الأحق بالرعاية و لذلك فقد أراد المشرع التيسير عليه.
-و في دعاوى الأضرار الحاصلة بفعل الإدارة أمام الجهة القضائية التي وقعت في دائرة إختصاصها تلك الأضرار مما يسمح للمضرور بعرض دعواه على المحكمة الأقرب إلى محل إقامته
-و في الدعاوى التجارية غير الإفلاس و التسوية القضائية أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة إختصاصها الوعد أو تسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة إختصاصها .
و بالتالي ففي الدعاوى التجارية غير الإفلاس و التسوية القضائية إلى جانب حق المدعي في توجيه دعواه إلى محكمة موطن المدعى عليه يجوز للمدعي رفعها إما إلى المحكمة التي وقع في دائرة إختصاصها الوعد أو تسليم البضاعة أو إلى المحكمة التي يتم الوفاء في دائرة إختصاصها .
يشترط لاختصاص المحكمة التي تم فيها الوعد أو تسليم البضاعة بنظر الدعوى أن يكون الوعد و تسليم البضاعة قد تما في دائرة اختصاص محكمة واحدة، أما إذا كان أحدهما قد تم في دائرة
_____________
(1)-أحمد مليجي –المرجع السابق – صفحة 167،166
إختصاص محكمة مختلفة عن المحكمة التي تم في دائرتها الأخر فلا إختصاص لأي من المحكمتين(1).
-و في حالة اختيار الموطن أمام الجهة القضائية للموطن المختار، يجوز للشخص اختيار موطن خاص لتنفيذ عمل قانوني معين و يكون إثبات ذلك الاختيار كتابة و هو ما تنص عليه المادة 39 من القانون المدني، و بالتالي يجوز للمدعي رفع دعواه إما إلى محكمة موطن المدعى عليه أو إلى المحكمة التي تقع في دائرة إختصاصها الموطن المختار شرط ألا يكون موضوع الدعوى بطلان الإتفاق ما دام السبب الذي بني عليه البطلان يمتد إلى الاتفاق على تعيين المحل المختار (2).
-و في الدعاوى المرفوعة ضد شركة أمام الجهة القضائية التي تقع في دائرة إختصاصها إحدى مؤسساتها، فالمدعى عندما يرفع دعوى ضد شركة يوجهها إلى إحدى المحكمتين :
-محكمة موطن الشركة بمعنى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مركز إدارة الشركة و هو ما تنص عليه المادة 50 من القانون المدني .'' الموطن و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته .''
-المحكمة التي يقع في دائرتها إحدى مؤسسات الشركة .
-وفي الدعاوى المتعلقة بالمنازعات الخاصة بالمراسلات و الأشياء الموصى عليها و الإرسالية ذات القيمة المصرح بها و طرود البريد أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المرسل
أو موطن المرسل إليه.
-الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري يجوز أن ترفع إما أمام الجهة القضائية التي يوجد بها ميناء الشحن أو أمام محكمة ميناء التفريغ و هو ما تنص عليه المادة 745من القانون البحري،و وفقا لقرارات المحكمة العليا ،و نورد في هذا المجال القرارات التالية:
« من المقرر قانونا أن الدعاوى الناتجة عن عقد النقل البحري ترفع أمام الجهة القضائية التي يوجد بها ميناء التفريغ و لما كان ثابتا في قضية الحال أن قضاة الموضوع لما قرروا بأن الجهة
القضائية بعنابة هي المختصة بنظر الدعوى لكون الشحن تم بميناء عنابة يكونوا قد طبقوا صحيح القانون» قرار رقم 64975 مؤرخ في 24/02/1990 مجلة قضائية 1991 عدد 01 صفحة 67
''من المقرر قانونا أنه ترفع النزاعات التي تتعلق بعقد النقل البحري أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا حسب قواعد القانون العام و من ثمة فإن قضاة الموضوع لما ألزموا الشركتين المدعيتين برفع دعواهما أمام محكمة مقر إقامة المدعى عليه رغم أن المادة 745 من القانون البحري تمنح للمدعى حق الاختيار بين محكمة إقامة المدعى عليه أو محكمة ميناء التفريغ يكونوا قد
__________________________
(1)بوبشير محند امقران – المرجع السابق- صفحة 293،292
(2)تنص المادة 39 من القانون المدني على ما يلي:
« يجوز إختيار موطن خاص لتنفيذ عمل قانوني معين ، يجب إثبات إختيار الموطن كتابة»
الموطن المختار لتنفيذ تصرف قانوني يعد موطنا بالنسبة إلى كل ما يتعلق بهذا التصرف بما في ذلك إجراءات التنفيذ الجبري ما لم يشترط صراحة هذا الموطن على تصرفات معينة .
أخطئوا في تطبيق القانون'' (1) القرار رقم 192697مؤرخ في 16/12/1997 عدد خاص 1999 صفحة 165 .
الفقرة الثالثة : إنعقاد الاختصاص للمحاكم الجزائرية
تنص المادة 10 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي «كل أجنبي حتى و لو لم يكن مقيما بالجزائر يجوز أن يكلف بالحضور أمام المحاكم الجزائرية لتنفيذ الإلتزامات التي تعاقد عليها في الجزائر ،كما يجوز أيضا أن يقدم إلى المحاكم الجزائرية بشأن عقود أبرمها في بلد أجنبي مع جزائريين» و تنص المادة 11 من نفس القانون على ما يلي: « يجوز تقديم كل جزائري للجهات القضائية الجزائرية بشأن إلتزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي حتى و لو كان مع أجنبي».
-يجوز رفع دعوى على أجنبي مقيم في الجزائر أو غير مقيم بها أمام المحكمة الجزائرية التي يختارها المدعي من أجل تنفيذ الالتزامات التي كانت محل التعاقد في الجزائر مع مواطن جزائري كما يجوز أن ترفع الدعوى على أجنبي أمام محكمة جزائرية يختارها المدعي بشأن عقود أبرمها مع
جزائري في بلد أجنبي طبقا للمادة 10 من قانون الإجراءات المدنية .
-يجوز رفع الدعوى على المواطن الجزائري أمام الجهات القضائية في الجزائر بشأن إلتزامات تترتب عليه من أجل تعاقد في بلد أجنبي سواء حصل ذلك مع مواطن جزائري أو مع أجنبي
طبقا للمادة 11 من قانون الإجراءات المدنية.

المطلب الثاني : قواعد الاختصاص المحلي في المادة الإدارية

الفرع الأول: الاختصاص المحلي للغرف الإدارية المحلية .

يتحدد الإختصاص المحلي للغرف الإدارية المحلية بالإختصاص الإقليمي للمجالس القضائية التي توجد بها أي أن كل غرفة إدارية محلية تختص بالمنازعات الإدارية الحاصلة في النطاق الجغرافي للمجلس القضائي الذي توجد به و هذا يعني أن إختصاص بعض الغرف الإدارية يشمل ولاية إدارية واحدة بينما يشمل بعضها أكثر من ولاية إدارية (2) غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف نستطيع القول أن نزاعا معينا يعتبر حاصلا ضمن الحدود الإقليمية للمجلس القضائي و بالتالي القول بأن الإختصاص المحلي ينعقد للغرفة الإدارية التابعة له؟
إن الجواب على ذلك وارد في قانون الإجراءات المدنية حيث إعتمد المشرع معيارا أساسيا في
توزيع الإختصاص الإقليمي بين الغرف الإدارية المحلية أي بين المجالس و هو نفسه المعيار المعتمد في المواد المدنية و المتمثل في قاعدة أن الجهة القضائية لموطن المدعى عليه هي المختصة بنظر
__________________________
تنص المادة 745 من القانون البحري على ما يلي :ترفع القضايا التي تتعلق بعقد النقل البحري أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا حسب قواعد القانون العام .
Article 745 : ( les actions découlant du contrat de transport maritime sont portés devant les juridictions territorialement compétentes selon les règles du droit commun.
Elles peuvent en outre , être portées devant les juridictions du port de chargement ou devant la juridiction du port de déchargement , si celui-ci est situé sur le territoire national ).
(1) حمدي باشا عمر –المرجع السابق- صفحة 12.
(2)مسعود شيهوب – المرجع السابق -صفحة 472
النزاع (المادة 8/1 من قانون الإجراءات المدنية) و بتطبيق هذه القاعدة على منازعات الإدارة يكون المقصود هنا أن الاختصاص المحلي ينعقد للغرفة الإدارية المحلية الواقعة بدائرتها موطن المدعى عليه و هي شبيهة بالقاعدة المعروفة في فرنسا ''قاعدة مكان وجود السلطة الإدارية مصدره القرار أو موقعة العقد '' و قاعدة'' موطن المدعى عليه '' في الجزائر يعرف عدة استثناءات أيضا و إن الهدف من هذه الاستثناءات هو تقريب جهة التقاضي من المدعي لأسباب معينة حالة مرض أو ظروف صعبة يوجد فيها و إن قائمة الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة جاء في المادة 8 و 9 من قانون الإجراءات المدنية و قد سبق و أن
تم تناولها بالدراسة (1) .

الفرع الثاني : الاختصاص المحلي للغرف الإدارية الجهوية

أحالت المادة 7/2 -1 من قانون الإجراءات المدنية على التنظيم في تحديد الاختصاص الإقليمي
للغرف الإدارية الجهوية الخمسة و بالفعل صدر المرسوم التنفيذي رقم 90-407 بتاريخ
22/12/1990 محددا في مادته الثانية الاختصاص المحلي لهذه الغرف على النحو التالي :
-الغرفة الإدارية الجهوية لدى مجلس قضاء الجزائر و يشمل اختصاصها الإقليمي ولايات
الجزائر، المدية، تيزي وزو، بومرداس، بجاية، البليدة، البويرة، غرداية، الأغواط ، الجلفة .
-الغرفة الإدارية لدى مجلس قضاء وهران و يشمل اختصاصها الإقليمي ولايات : وهران، سيدي بلعباس، عين تموشنت، تلمسان، معسكر ، مستغانم ، غليزان ، تيارت ، الشلف ، سعيدة، عين الدفلة، تيسمسيلت.
-الغرفة الادارية الجهوية لدى مجلس قضاء قسنطينة و يشمل اختصاصها الاقليمي الولايات التالية: ميلة، سكيكدة، عنابة، الطارف، جيجل، أم البوقي، خنشلة، قالمة، سوق أهراس،تبسة، باتنة، بسكرة، سطيف، المسيلة، برج بوعريريج .
- الغرفة الإدارية الجهوية لدى مجلس قضاء بشار و يشمل اختصاصها الاقليمي الولايات التالية: بشار تندوف، النعامة، البيض، أدرار.
- الغرفة الإدارية الجهوية لدى مجلس قضاء ورقلة و يشمل إختصاصها الاقليمي ولايات:
ورقلة، الوادي، إليزي ،تامنغست (2).
__________________________
(1)مسعود شيهوب –المرجع السابق- صفحة 472
(2) مسعود شيهوب –المرجع السابق -صفحة 478

0 تعليق:

إرسال تعليق