بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الآثار الإقتصادية للزكاة


د. محمد علي سميران
د. محمد راكان الدغمي(*)
الملخص
الزكاة فريضة مالية إسلامية تطبق على المسلمين، وهي واجب شرعي، وحق للفقراء على الأغنياء، ممّن ملك النصاب، وحال عليه الحول، وليست منة ولا استجداء.
وقد بيّنت الدراسة الدور التمويلي والإستثماري والتوزيعي لفريضة الزكاة، في تحقيق الإستقرار الإقتصادي في المجتمع المسلم، من خلال تحريكها للأنشطة الإقتصادية والمالية، والقضاء على الفقر، ومحاربة البطالة، وبالتالي الإستقرار والأمن والأمان .
وخلصت الدراسة إلى أن تطبيق الزكاة في المجتمع المسلم أوفر دخلاً، وأكثر راحة لنفسية المكلف من ضريبة الدخل، طالما أن الأفراد يلتزمون بأحكام الشريعة الإسلامية، ويؤدون الزكاة في وقتها المحدد.
Abstract
“Zakah” is an obligatory annual Islamic tax paid by all wealthy Muslims and distributed to the poor as a right not as a charity. All sorts of wealth and property whether in money or in kind amounting to, or exceeding a specific minumum, “Nisab”, and owned by a Muslim for a complete lunar year are subject to “Zakah”.
The study has clearly shown the funding, investing and distributing roles played by “Zakah” in achieving economic stability and security in the Muslim society. Zakah encourages financial and economic activites and eliminates poverty and unemployement in the society.Its application is far better financially and psychologically for the society than the income tax as far as the Muslims abide by the Islamic laws and pay and distribiute their “Zakah” in time.
المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن إتبع دعوته وسار على نهجه إلى يوم الدين، وبعد:
فقد شغل المال الفكر الإنساني منذ القدم، وفطر الإنسان على حبه قال تعإلى:(وتحبون المال حباً جماً)(1)، فتراه يجد ويتعب في سبيل ذلك لكسب ما يشبع حاجاته وحاجات من يعول، وتفاوت الأفراد في الإكتساب وطلب الرزق والجد والعمل، ولهذا إعتبر الإسلام أن الفقر والغنى حقيقتان ثابتتان، وقرر أنهما من طبيعة الوجود الإنساني، بدليل قوله تعإلى: "فأما الإنسان إذا ما إبتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن"(2).
ويعاني العالم اليوم من مشكلات إقتصادية، أوقعته في مصائب لا حصر لها من الفقر والبطالة والمديونية نتيجة عدم تطبيقه شرع الله، والتقيد بتعاليم الإسلام الإقتصادية.
هذا وتعدّ فريضة الزكاة من أهم موارد الدولة المالية، والمحرك الفعال التي تحث المسلمين على إستثمار أموالهم حتى لا تأكلها الصدقة، زيادة على توصيل الأموال من الأغنياء إلى الفقراء التي ستنفق في الغالب لقضاء حاجاتهم الإستهلاكية من سلع أو خدمات، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الإستثمار، والذي يؤدي إلى الانتعاش الإقتصادي، وتوفير فرص عمل جديدة.
أهمية الموضوع:
يعدّ هذا الموضوع من الأمور الهامة المعاصرة، ويحتاج إلى دراسات متعددة – مع كثرة ما كتب – في جوانبه المختلفة، ولإثراء ما كتب حول هذا الموضوع من دراسات سابقة، مما دعانا إلى الكتابة فيه، وتبيان دور الزكاة التمويلي والإستثماري والتوزيعي في حل مشكلة البطالة وتحقيق الإستقرار الإقتصادي في المجتمع الإسلامي الواحد.
أهداف الدراسة :
وتهدف الدراسة إلى الإجابة على التساؤلات التي تقلل من آثار الزكاة الإقتصادية في المجتمع المسلم،وبيان ذلك من خلال أدوار الزكاة التمويلية والإستثمارية والتوزيعية في تحريك الفعاليات الإقتصادية، والتخفيف من حدة مشكلة الفقر والبطالة في المجتمع المسلم عنها في المجتمعات الأخرى. ووصولاً إلى تحقيق أهداف الدراسة في بيان آثار الزكاة الإقتصادية ودورها في تحقيق الإستقرار الإقتصادي، قسمت الدراسة إلى ستة مطالب وهي كالتالي:
· المطلب الأول: مفهوم الزكاة في الإسلام.
· المطلب الثاني : الدور التمويلي للزكاة .
· المطلب الثالث : الدور الإستثماري للزكاة .
· المطلب الرابع : الدوري التوزيعي للزكاة .
· المطلب الخامس : أثر الزكاة في التضييق على وسائل الإنتاج المعطلة .
· المطلب السادس : أثر الزكاة في القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل.
خاتمة البحث :
والله أسأل أن يوفقنا للصواب، ويجنبنا الزلل في الأقوال والأفعال، إنه سميع قريب مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
المطلب الأول

مفهوم الزكاة في الإسلام

الزكاة : النّماء والريّع، زكاءً وزكوا، والزكاة ما أخرجه الله من الثمر، والزكاة، زكاة المال المعروفة، وهي تطهيره، والفعل منه زكّى يزكّي تزكية: إذا أدى عن ماله زكاته، والزكاة ما أخرجته من مالك لتطهيره، فالزكاة تأتي بمعنى النماء والطهارة(3).
ثانياً: مفهوم الزكاة إصطلاحاً
وردت تعريفات كثيرة للزكاة وكلها تدور حول فرضية الزكاة والمال الذي تجب فيه الزكاة، زيادة على وقت الزكاة، ولمن تدفع الزكاة، والتعريف الجامع لذلك ما ذكره البهوتي، حيث قال عن الزكاة بأنها: "حق واجب في مال مخصوص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص(4).
ثالثاً: شرح التعريف المختار
قول "حق واجب" أي أن الزكاة حق واجب للفقراء على الأغنياء وليس منِّة أو صدقة، ويقاتل من منع الزكاة حتى يؤديها إلى أصحابها، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه(5).
قوله "في مال مخصوص" أي المال الذي وجبت فيه الزكاة، فهي تجب في كل عشرين ديناراً ذهباً(6). ومائتي درهم فضة(7)، وفي خمس من الإبل، وثلاثين رأساً من البقر، وأربعين من الغنم(8) بشروط مخصوصة لكل نوع من الأنواع السابقة، زيادة على الحق الواجب في الزروع والثمار، "ويعتقد الفقهاء والإقتصاديون المعاصرون أن الزكاة من قسم الضرائب النسبية لثبات سعرها عند 2.5% في النقود، 5% في الزرع الذي يُسقى بآلة، 10% في الزرع الذي لا يُسقى بها، ثم أجروا نفس الحكم على زكاة الماشية (الإبل والبقر والغنم) بالحدس(9).
قوله "لطائفة مخصوصة"، أي ما ذكرتهم الآية الكريمة بقوله تعإلى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وإبن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم(10).
قوله "في وقت مخصوص"، أي أن زكاة الأثمان لا تجب إلا بعد مرور الحول عليها وكذلك الماشية إذا بلغت النصاب، وأما الزروع والثمار فزكاتها تستحق وقت الحصاد، لقوله تعإلى:"وءاتوا حقه يوم حصاده"(11).
الفرع الثاني: الإرتباط بين المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي
الإرتباط بين المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي ظاهر، إذ إن الزكاة في اللغة هي النماء والبركة والطهارة، وكذلك في المعنى الإصطلاحي فالبركة والنماء والطهارة لمن زكى أمواله ولا تُنْقص الزكاة المال بل تزيده وتطهر المال من شوائب الحرام، والغني من البخل، والفقير من الحقد، فكان المعنى الإصطلاحي مرتبطاً ومراعياً للمعنى اللغوي ومتضمناً إياه.
المطلب الثاني

الدور التمويلي للزكاة

يعدّ التمويل من أهم موارد الدولة، إذ إنه : "وجود القدر الكافي من الموارد والطاقات المادية والبشرية التي تم حشدها، وتعبئتها لتشيد الإستثمارات المختلفة(12).
وتعدّ الزكاة من أهم موارد الدولة التمويلية من حيث، تعداد مواردها ومصادرها، ويظهر ذلك من خلال أدوارها المباشرة وغير المباشرة، وسوف أبين ذلك من خلال الفروع الآتية:

الفرع الأول: من حيث حصيلتها

الزكاة تكليف مالي عقائدي تدخل في صميم الأعمال الإيمانية، التي يقوم عليها إسلام المرء، فهي الفريضة الواجبة بعد الصلاة مباشرة، وهي المصدر المالي الأولي لبيت مال المسلمين، إذ يقبل عليها الأفراد على أنها ركن من أركان الإسلام، وبأنها حق وواجب لأصحابها، وليست مِنِّة ولا صدقة .
والزكاة لا تحتاج إلى إيقاظ الضمير المسلم، على الجانبين: الجهاز والممولين، فبالنسبة للمول، فإنه لا يقدم الزكاة للدولة، إنما قدمها لله رب العالمين، الذي يعبده بالصلاة، ويعبده بالزكاة، ويعبده بالعمل لتحقيق التنمية، وعمارة الأرض، وبالنسبة لجهاز التحصيل، فإنه بجانب الحافز المادي، يعمل على إقامة فريضة من فرائض دينه، وتطبيق شرع الله في الأرض(13).
وإذا تأملنا فريضة الزكاة من حيث أسعارها (مقدار الزكاة) ومن حيث وعاؤها (الأموال التي تجب فيها الزكاة) فإننا نلاحظ بأنها فريضة مالية تشمل الثروات النامية جميعها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد أنها تمثل نسباً فعالة ومجدية، فهي تصل في بعض الثروات إلى 20% (مثل ضريبة الركاز من الذهب والفضة ففيها الخمس أي مقدار الضريبة هنا 20%)(14)، ولا تقل هذه الفريضة عن 2.5% في الثروة النقدية وعروض التجارة (على رأس المال والدخل معاً) بعد حسم الديون المستحقة(15).
وهنا نلاحظ أن الزكاة لم تفرض على مال دون آخر، بل كل نوع من أنواع الأموال يخضع للزكاة بصورة مستقلة عن النوع الآخر.
وفيما يتعلق بتحديد مقدار الزكاة، نجد أن الزكاة قد راعت الظروف الإقتصادية والإجتماعية والنفسية للمكلف، (أي أنها راعت الظروف التكليفية للمول فنجد وفقاً لطبيعة الوعاء تحدد مقدار الزكاة فيكون نسبة مئوية إذا كان الوعاء مثلياً (النقود)، ويكون المقدار بالوحدة عندما يكون المقدار لا يسمح إلا بالأداء العيني (كالماشية)، بل وتسهيلاً على المكلفين وتمشياً مع هذا الغرض (مراعاة ظروف الممول) حددت الوحدة في الماشية على أساس من السن(16)، وعلى العموم إذا تتبعنا أوعية الزكاة المختلفة ومقدار الزكاة في كل وعاء نجد إرتباطاً وثيقاً بين طبيعة كل وعاء منها، والمقدار المطبق عليه بشكل يمكن معه القول بأنه في تحديد مقدار الزكاة روعي البساطة والإعتدال، ولا سيما إذا ما قورنت بالضرائب التي كانت مطبقة في الدول المجاورة في ذلك الوقت(17).
ولبيان دور الزكاة التمويلي من حيث حصيلتها لا بد من إفراد كل نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة وبيان مقدار نصابها، ونسبة الزكاة فيها، وهي كما يلي :

1. النقدان:

 الذهب والفضة، وهما الأثمان، ودليل مشروعية الزكاة فيهما، قوله تعإلى:(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)(18). وأكدت السنة النبوية ما جاء بيانه في القرآن الكريم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار)(19). نصاب الذهب والفضة (مقدار الواجب فيهما).
حددت السنة النبوية الشريفة مقدار الواجب في الذهب والفضة، فعن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانتا لك مائتا درهم وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء– يعني من الذهب والفضة – حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً، وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك)(20).
وورد كذلك في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ليس فيما دون خمس أواق صدقة)(21) أي من الفضة .
مما تقدم يتضح أنه لا زكاة في الذهب الخالص حتى يبلغ عشرين ديناراً، وأما الفضة فلا زكاة فيها حتى تبلغ مائتي درهم، فإذا تحققت فيها شروط الوجوب من بلوغ النصاب، وحولان الحول، والفراغ من الدين، والفضل عن الحاجات الأصلية، وجبت فيها الزكاة(22). ويظهر كذلك إنخفاض نصاب الزكاة فيها، وإتساع وعائها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد، وأنه ما زاد عن النصاب فبحسابه قل أو كثر، لأنه لا عفو في زكاة النقد بعد بلوغ النصاب.

2. الماشية: 

وتطلق على الإبل والبقر والغنم، وقد أجمعت الأمة على وجوب العمل بالأحاديث الصحيحة التي أوجبت الزكاة فيها(23)، وكما ورد الوعيد بالعذاب الشديد يوم القيام لمن لم يؤد حقها، فعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده، والذي لا إله غيره، أو كما حلف، ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي حقها، إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه، تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها ردت عليه أولادها حتى يقضي بين الناس)(24)، وفيما يلي أنصبة الماشية كما يلي :

‌أ- نصاب الإبل :

أجمع المسلمون على وجوب الزكاة فيها(25)، وأنه لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً، وكما في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم:(وليس فيما دون خمس ذود صدقة)(26)، وكذلك حديث أنس رضي الله عنه، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، وفيه .... في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم، من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى(27)، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى(28)، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل(29)، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتاً لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقه(30).
وتطهر مما تقدم إنعقاد الإجماع على هذه المقادير، وإن أقل نصاب خمس من الإبل، فإذا تحققت فيها شروط الوجوب من بلوغ النصاب، وحولان الحول، وأن تكون سائمة، وألا تكون عاملة وجبت فيها الزكاة(31). وبهذا يتبين إنخفاض نصاب زكاة الإبل، وإتساع وعائها، لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد .

‌ب- نصاب البقر :

قال جمهور العلماء على أن في ثلاثين من البقر تبيعاً، وفي أربعين مسنة، وليس فيما دون ثلاثين زكاة(32)، وحجية هذا القول ما روى مسروق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة(33).
فإذا تحقق فيها شروط الوجوب من بلوغ النصاب، وحولان الحول، وأن تكون سائمة، وألا تكون عاملة وجب فيها الزكاة. ومما تقدم يتضح إنخفاض نصاب زكاة البقر، وإتساع وعائها كذلك.

‌ج- نصاب الغنم :

أجمع العلماء(34) على أن في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة، شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على العشرين ومائة ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت على المائتين فثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا زادت على الثلاثمائة ففي كل مائة شاة، ودليل ذلك حديث أنس رضي الله عنه في كتاب أبي بكر رضي الله عنه في زكاة الإبل(35).
ويعلق القرضاوي على زكاة الغنم، ويذكر أن الواجب في الغنم يختلف عنه في الإبل والبقر كما في النقود وعروض التجارة الذي لا يتجاوز 2.5%، أي ربع العشر، ويرد على رأي شوقي إسماعيل، وفيه يذكر أن سبب ذلك هو أن الشريعة قصدت من وراء ذلك تشجيع إنتاج الثروة الحيوانية، وجعلت فيه الضريبة ذات تصاعد معكوس، ويرد عليه القرضاوي أن ذلك ليس مطرداً في الثروة الحيوانية، إذ إن الواجب في الإبل إذا كثرت في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وكذلك البقر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة، أي بمتوسط ربع العشر 2.5 بالمئة تقريباً، ويرجح رأيه الذي يذكر فيه أن السبب هو أن الغنم إذا كثرت من الضأن والماعز وجد فيه الصغار بكثرة، لأنها تلد في العام أكثر من مرة، وأكثر من واحد، وهذه الصغار تحسب على أرباب المال ولا تقبل منهم، لهذا استحقت الغنم هذا التخفيف على أصحاب المال، تحقيقاً للعدل الذي حرصت عليه الشريعة(36).
فنصاب الأغنام تختلف عن باقي أنواع الثروة الحيوانية لهذا السبب وفيه تتحقق العدالة، خاصة عند احتساب صغار الماشية في النصاب وعدم قبول الأخذ منها.

3. الزروع والثمار:

لقد أوجبت الشريعة الإسلامية الزكاة في الزروع والثمار، ويستدل لذلك، بما يلي :
أولاً: من الكتاب الكريم بقوله تعإلى: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم، ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه"(37).
وقال الشوكاني : "وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن الآية في الصدقة المفروضة، وذهب آخرون إلى أنها نعم صدقه الفرض والتطوع"(38).
ثانياً: ويستدل كذلك من السنة النبوية على وجوب زكاة الزروع والثمار بما ورد في الصحيح عن إبن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثرياً – ما يشرب من غير سقي – العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)(39).
ثالثاً: وكذلك أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب العشر، أو نصفه فيما أخرجته الأرض من الزروع والثمار(40).
وذهب جمهور العلماء إلى أن الزكاة لا تجب في الزروع والثمار حتى يبلغ خمسة أوسق(41) وإستدلوا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)(42). وأما الواجب في الزروع والثمار هو العشُر ي الزروع والثمار المروية بماء المطر، ونص العشُر يما سُقيبالري والساقية، وذلك للحديث السابق: " يما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشُر وما سُقي بالنضح نصف العشُر "
وذهب أبو حنيفة إلى عدم اشتراط النصاب في زكاة الزروع والثمار، فتجب الزكاة في قليل ذلك وكثيرة(43)، واستدلوا لذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء العشر)(44).
ومما تقدم يتضح لنا أن الإعفاءات في الزروع والثمار تكون مرتفعة، وذلك لإعفاء الأرض من الزكاة، وإنما الواجب في الزروع والثمار فقط، بينما نجد أن نسبة الزكاة مرتفعة قد تصل إلى العشر أو نصف العشر .

4. زكاة الثروة التجارية (عروض التجارة) :

تعتبر التجارة مصدراً مهماً من مصادر الثروة، ومن أنواع الكسب المشروع في الإسلام، لذلك اعتنى بها الإسلام، وشجع الأفراد للإقبال عليها، فهي المحرك للمال، والجالب للثروة، وهذا ما جعل الإسلام يفرض عليها زكاة سنوية، كزكاة النقود، شكراً لنعمة الله تعإلى، ووفاء بحق ذوي الحاجات من عباده . ويستدل لوجوب زكاة التجارة بما يلي :
أولاً: من الكتاب الكريم قول الله سبحانه وتعإلى:( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتهم ومما أخرجنا لكم من من الأرض)(46).
يقول إبن كثير عند تفسيره لهذه الآية : "يأمر تعإلى عباده المؤمنين بالإنفاق، والمراد به الصدقة ههنا قاله إبن عباس من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها، قال مجاهد: يعني التجارة(47).
ثانياً: من السنة النبوية
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : (في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته)(48).
ثالثاً: الإجماع
وقد نقل الإجماع على ذلك: قال إبن المنذر: "اجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة إذا حال عليها الحول(49)، وكذلك نقل أبو عبيد الإجماع على أن الزكاة فرض واجب في عروض التجارة(50). ونصاب زكاة عروض التجارة ومقدار الواجب فيه كما في النقود، ويتم احتساب زكاة عروض التجارة كما يلي :
قال إبن سلام حدثنا يزيد عن هشام عن الحسن قال : "إذا حضر الشهر الذي وقت الرجل أن يؤدي فيه زكاته أدى كل مال له، وكل ما ابتاع من التجارة، وكل دين إلا ما كان منه ضماراً"(50).
وكذلك قال : حدثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال : "إذا حلت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض للبيع فقومه قيمة النقد، وما كان من دين في ملأه – أي على مليء، غني – فاحسبه ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين، ثم زك ما بقي"(52).
وبهذا يتضح أن نصاب عروض التجارة كنصاب النقود، ومقدار زكاتها 2.5%، أي إنخفاض نصاب الزكاة فيها، وإتساع وعائها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد، أي أن الإعفاء قليل، ونسبة الزكاة قليلة.
ومما تقدم نخرج بنتيجة أن الإعفاءات في الزروع والثمار تكون في أصل الأرض والمواد الزراعية، في حين نسبة الزكاة مرتفعة، وأما النقود والأنعام وعروض التجارة فالإعفاءات قليلة ونسبة الزكاة ومقدارها كذلك قليل، وهذا ما يحفز أصحاب الدخول من النقود والأنعام وعروض التجارة التي تشملها الزكاة لإستثمار أموالهم وإلا أكلتها الزكاة.

الفرع الثاني : من حيث ما تحرره من موارد معطلة في شكل أرصدة نقدية

الزكاة كما هو معلوم تفرض على الأموال النقدية، سواء كانت هذه الأموال عاملة أم معطلة، ويترتب على هذا أن الزكاة تعتبر مصدراً تمويلياً هاماً، إذ لا يقف بها الحد عند المقدار الذي تحصله فقط، مع العلم بإتساع هذا المقدار وضخامته إلاّ أن الزكاة تقدم تمويلاً أيضاً بمقدار ما تحرره من رؤوس أموال نقدية معطلة ومكنّزة، ولهذا، كثيراً ما نجد التوجيهات والأوامر النبوية تحت أوصياء اليتامى على إستثمار أموالهم، فقد ورد في الحديث الشريف(ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)(53).
ولهذا لم يفرط الإسلام في المال الخاص حتى ولو كان صاحبه صبياً أو مجنوناً، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحث على إستثمار أموال اليتامى إذ قال : (ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة)(54) لأن الزكاة يراد بها ثواب المزكي ومواساة الفقير، والصبي المجنون من أهل الثواب وأهل المواساة(55).
والأثر التمويلي المترتب على هذا الحث على الإستثمار والتشغيل هو دخول أموال نقدية جديدة وعديدة إلى مجالات التشغيل والتوظيف بعد أن كانت هذه الأموال والثروات عاطلة ومكتنزة، يقول صاحب الروضة الندية: "من وضع مالاً في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه إلى أهل الحاجات ومصالح المسلمين"(56)، فمن وقف على مسجد أو على الكعبة، أو سائر المساجد في العالم شيئاً فيها لا ينتفع به أحد فهو ليس بمتقرب ولا واقف ولا متصدق لله سبحانه وتعإلى، وهو يدخل في قوله تعإلى:(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)(57)، والإمام الغزالي رحمه الله عند تفسيره لهذه الاية الكريمة يقول : "وكل من اتخذ من الدراهم والدنانير آنية من ذهب أو فضة فقد كفر النعمة وكان أسوأ حالاً مما كنز لأن مثال هذا مثال من استسخر حاكم البلد في الحياكة والمكس والأعمال التي يقوم بها أخساء الناس..، ويقول "من نعم الله تعإلى خلق الدراهم والدنانير، وبهما قوام الدنيا، وهما هجران لا منفعة في أعيانهما، ولكن يضطر الخلق إليهما من حيث أن كل إنسان محتاج إلى أعيان كثيرة في مطعمه وملبسه، وسائر حاجاته، وقد يعجز عما يحتاج إليه، ويملك ما يستغنى عنه، ... فخلق الله تعإلى الدنانير والدراهم حاكمين متوسطين بين سائر الأموال حتى تقدر الأموال بهما....فكل من عمل فيهما عملاً لا يليق بالحاكم بل يخالف الغرض المقصود فقد كفر نعمة الله تعإلى فيهما"(58).
ومعلوم أن إكتناز المال وادخاره وعدم إستثماره وتشغيله في معترك الحياة والتقتير والإسراف إلى حد السفه والترف أمور منهي عنها في الإسلام، والدولة مسؤولة عن منع ذلك. حتى ولو كان الكنز منها، لتأثير ذلك على البلاد، يقول إبن خلدون: "فالمال إنما هو تردد بين الرعية والسلطان منهم إليه، ومنه إليهم، فإذا حبسه السلطان عند فقدته الرعية، سنة الله في عباده"(59)، وكذلك أورد إبن خلدون كتاب طاهر بن الحسين إلى إبنه عبدالله عندما ولاه المأمون ولاية الرقة ومصر، فقال فيه: "واعلم أن الأموال إذا كثرت وادخرت في الخزائن لا تنمو، وإذا كانت في صلاح الرعية وإعطاء حقوقهم، وكف الأذية عنهم نمت وتركت وزكت وصلحت به العامة ..... فليكن كنز خزانتك تفريق الأموال في عمارة الإسلام وأهله"(60).
وللدولة الحق بل عليها مسؤولية أن تتعرف على تلك الأموال ثم تستأدي مها حق الزكاة، وعندما يجد الفرد نفسه قد تحقق عليه الواجب في الزكاة للدولة الإسلامية من جهة، وعدم إستثمار أمواله من جهة أخرى، فإنه سوف يقدم على تحرير تلك الأموال وتشغيلها حتى يؤدي الزكاة من إيرادها لا من أصلها(61).
ومع أن الشرع قد حرم الإكتناز كما في الآية السابقة، إلا أن الزكاة لم تترك هذا المالك المكتنز للعقوبة الآخروية، بل حررته من كنزه لتؤخذ منه الزكاة، والتي تحثه على الإستثمار، وكما ينقل د. قحف عن السيد محمد ارشاد قوله : "لم يعرف العالم بأسره نظاماً إقتصادياً مثل النظام الإسلامي في حله لمشكلة تراكم الثروة المعطلة دون أن تستثمر في تحسين الأحوال المعيشية للمجتمع"، وينقل كذلك عن عبد المنان بأنه يرى الزكاة الأداة الإقتصادية التي لا تقبل المساواة في موضوع الإكتناز لأنها تحد من الميل لإكتناز الثروة وتشكل باعثاً حثيثاً على إستثمار الثروات المجمدة(62).
واليوم نجد أن كثيراً من هذه الأموال المعطلة بالنسبة للأفراد التي تتمثل في الودائع الجارية (وهي ودائع تحت الطلب يحق لصاحبها أن يطلبها أو يسحبها في أي وقت يشاء ولو بعد يوم) لدى البنوك التجارية أو في ودائع حقيقية لديها – مجوهرات معدة للتجارة.........الخ وبالتالي يصبح من السهولة أخذ الزكاة من هذه الأموال المعطلة بقوة القانون، بل يفرض ضرائب عليها بحكم أنها فائضة من جهة، وكحمل للأفراد على إستثمارها وتوظيفها من جهة أخرى، والزكاة تؤدي دوراً هاماً لا في التمويل العام فحسب، بل في التمويل الخاص من حيث تحريرها للمواد المعطلة(63).
وبهذا يظهر لنا أن الإسلام سبق النظريات الحديثة، ففرض الزكاة على جميع الأموال المعدة للنماء، سواء أكانت أموالاً نقدية أم أموالاً عينية، فقد فرض الزكاة بنسب محددة معلومة على الأموال النقدية، وعلى السوائم وهي تشمل الإبل والبقر والغنم التي كانت تمثل في ذلك الوقت طاقة مالية ضخمة، وعلى لزروع والثمار التي تخرجها الأرض، وفائدة الضريبة المتعددة أنها لا تشعر دافع الضريبة بالثقل ولا ترهقه بالدفع لأنها موزعة على جميع أنواع المال، كما أنها تحقق العدالة الضريبية بين الناس من يعمل منهم في ميدان التجارة والزراعة أو من يعمل في ميدان تربية الحيوان(64).
وعند مقارنة فريضة الزكاة بالضرائب المعاصرة لا بد من ملاحظة التكييف القانوني للزكاة الذي يختلف عنه في الضرائب من حيث توافر فكرة الاستخلاف وفكرة التكليف والتكافل الاجتماعي، والإخاء بين المسلمين وغير ذلك من الأمور التي تتميز بها الزكاة، فهي فريضة الخالق بأمور الخلق.

الفرع الثالث : من حيث إنفاقها

كما هو معلوم إقتصادياً بأن المقدرة التمويلية لأي مبلغ لا تقف عند المبلغ ذاته بقدر ما تقف هذه المقدرة عند كيفية إنفاقه، وعند إنفاق هذا المبلغ في مجالات غير مجدية أو غير مفيدة (غير فعالة بلغة الإقتصاد) فسوف تنتهي القدرة لهذا المبلغ عند هذا الحد، أما إذا استخدم هذا المبلغ في مجالات إستثمارية، فإنه ينتج عن ذلك دخول إضافية ورؤوس أموال وعوائد إقتصادية أخرى لهذا المبلغ وبالتالي تعزز هذه المقدرة التمويلية(65).
ومن هنا نلاحظ أن الزكاة لم تصرف إلا لذوي الحاجات من أصحاب المصارف الثمانية وهم الذين فيهم صفة الحاجة والعوز، الذين ذكروا في الآية الكريمة بقوله تعإلى : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وإبن السبيل من الله والله عليم حكيم)(66)، وقد حدد الله تعإلى هذه الأوجه ولم يتركها للإجتهاد سواء كان هذا الإجتهاد من ملك مقرب أو من نبي مرسل، فقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعإلى لم يرض في قسمة الأموال بملك مقرب أو نبي مرسل حتى تولي قسمتها بنفسه)(67).
ونجد كذلك أن الدولة لا تتكلف شيئاً عن الجهاز الإداري للزكاة، وإنما ينفق عليه من واردات الزكاة(68)، بأجرة معلومة على قدر عملهم، ولا يستأجرون بجزء منها للجهالة بقدره(69).
ومن جهة أخرى فإن هذا التحديد لا يعني الحجر والجمود الذي يتنافى مع طبيعة المنهج الإسلامي من حيث مرونته وقابليته لتلبية حاجيات الناس وتطورات الحياة، فالمصارف وإن حصرت في حدود النص الكريم إلا أنه لم يحدد مواصفات وشروط كل مصرف، بل ترك ذلك للفقه الإسلامي لمواكبة استخدام حصيلة الزكاة وتطور المجتمع وظروفه .
المطلب الثالث

الدور الإستثماري للزكاة

الإستثمار في اللغة من الثمر وهو حمل الشجر، وأنواع المال والولد، والثمر والذهب والفضة، وثمّر ماله أي نماه وكثره، ويقال ثمر الله مالك أي كثر(70).
ويعرف الإستثمار إصطلاحاً بأنه: "جهد وراع رشيد يبذل في الموارد المالية، والقدرات البشرية، بهدف تكثيرها وتنميتها، والحصول على منافعها"(71).
ويعتبر الإستثمار المحدد الرئيس للنمو الإقتصادي من خلال آثاره على الرصيد النقدي، والمحرك الفعال في تنمية الطاقات الإنتاجية، والتحسينات والتطورات التي تحدث في أساليب الإنتاج، وبالتالي على التوظيف الكامل للدخل القومي.
هذا وللإستثمار محفزات تحث عليه، وتشجعه وتدفعه إلى الأمام لزيادة الدخل الكلي، ومن هذه المحفزات التي تحث عليه الزكاة، ويظهر أثرها من خلال الفروع الثانية.

الفرع الأول : طريقة دفع الزكاة للأفراد .

تحقق الزكاة هذا الهدف بعدة طرق نذكر منها(72):
1. أن يعطى للفرد من حقه في الزكاة أموالاً (نقدية أو عينية) وعندها سوف يقوم هذا الفرد باستهلاكها عن طريق الشراء مما يساهم في تحريك عجلة الإقتصاد الوطني، فبمجرد قيام هذا الفرد بالشراء سيزيد الطلب على السلع المطلوبة والتي بدورها تؤدي إلى زيادة الإنتاج .
2. أن يعطى للفرد وسيلة إنتاجية تتلائم مع ما يجيد حرفة أو مهنة فيكون هذا التلاؤم دافعاً للفرد بالعمل الإنتاجي، مما يشجع على تحريك الإقتصاد الوطني، وعنندها تكون الزكاة قد حولت هذا الفرد من إنسان عاطل غير منتج إلى إنسان فعال قادر على العطاء والإنتاج .
وبالنظر إلى هذين الأسلوبين نجد أن الأخير هو الأجدى والأنفع للفرد والجماعة، فالفرد عند إعطائه الوسيلة الإنتاجية الملائمة لمقدرته وحرفته نجد أنه قد كفل نفسه إقتصادياً بالإضافة إلى أثر ذلك كلياً على المجتمع .
ولقد إعتمدت الزكاة على الأسلوب الثاني، فقد شجعت أصحاب المهن بإعطائهم وسائل الإنتاج المناسبة لهم ولم تقدم لهم أموالاً نقدية إستهلاكية تذهب بمجرد الاستهلاك فيكون هدف الزكاة الأمد الطويل للإغناء وليس حالة مؤقتة، فبذلك تكون الزكاة قد اعتمدت الأسلوب الإنتاجي ولم تركز على الأسلوب الشرائي أو الاستهلاكي(73).
ومن واجب الدولة إذا رأت بأن العامل (الفرد) لا يجيد مهنة ما فإنها تقوم بتدريبه وتعليمه حسب المهنة المناسبة لقدراته متكلفة ذلك من أموال الزكاة، وقد ضرب لنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة حينما جاءه سائل يسأله فأعطاه قدوماً وقال له اذهب واحتطب ولا تأتيني إلا بعد ثلاثة أيام، وعندما رجع وجد أنه قد أغنى نفسه بنفسه(74). ولهذا وجدنا كيف أن من واجب الدولة والتي كانت ممثلة برئيسها الأول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، أن توفر للفرد العمل وكذلك رأس مال هذا العمل إذا كان عاجزاً عن توفيره هو بنفسه .
فهذه الإعانة من الزكاة هي وقاية إجتماعية أخيرة، وضمانة للعاجز الذي يبذل جهده، ثم لا يجد أو يجد دون الكفاية أو يجد مجرد الكفاف، ثم هي وسيلة لأن يكون المال دولة بين الجميع لتحقيق الدورة الكاملة السليمة للمال بين الإنتاج والاستهلاك والعمل من جديد، وفي هذا يجمع الإسلام بين الحرص على أن يعين المحتاج بما يسد خلته ويرفع عنه ثقل الضرورة ووطأة الحاجة وييسر له الحياة الكريمة(75).
والإستثمار نفسه يساعد على تحقيق أهداف المجتمع الإسلامي لأنه انتفاع بنعم الله لتحسين أحوال الناس من خلال إيجاد فرص العمل لكل الناس ومن خلال زيادة معدلات النمو الإقتصادي اللذين بدورهما سيحصران الفقر في أضيق حدوده، ويوفران قاعدة عريضة للرفاء الإقتصادي والتوزيع العادل للدخل(76). وحتى نتعرف أكثر وتتضح الصورة أمامنا عن تأثير الزكاة على الإستثمار وتشجيعه لا بد أن نفرق في هذا المجال بين تحصيل الزكاة وبين إنفاقها .
الفرع الثاني : من حيث تحصيل الزكاة
إن مجرد تحصيل الزكاة سوف يحث الناس على إستثمار أموالهم وإلا أتت عليها الزكاة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم :
(ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)(77). فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الأوصياء بإستثمار أموال اليتامى فمن باب أولى يجب على الإنسان أن يستثمر أمواله وينميها حتى لا تأكلها الصدقة، وحتى يكون قادراً على دفع الزكاة من أرباح أو عوائد هذه الأموال لا من أصل رأس المال إذا لم يستثمر .
ولهذا لا بد لصاحب المال المسلم إذا أراد المحافظة على ماله وعدم هلاكه أن لا ينخفض المعدل الحدي للربح عن النسبة اللازمة للإبقاء على الثروة غير متناقصة على الأقل في أي وضع طبيعي للحركة الإقتصادية، ولو كانت نسبة الربح 2.5%، أي ما يعادل المعدل الإجمالي للزكاة في حالة توازن القرار الإقتصادي لمالك الثروة، وبما أن الزكاة تدفع على الثروة وإيرادها المتراكم عليها معاً، فإنه يمكن حساب المعدل الإجمالي للزكاة على الشكل الآتي :
الفرض : مقدار الزيادة على الثروة بعد دفع الزكاة = صفر .
ر-2.5%(1+ر) = صفر، حيث ر = المعدل الحدي ل لربح، ونتيجة لذلك فإن :
ر= 2.564% وهو بنفس الوقت المعدل الإجمالي للزكاة)(7).
لهذا فإن على الفرد أن يستثمر ماله ولو بنسبة ربح ضئيلة تكون مقارنة لنسبة فريضة الزكاة، ولو أقل منها حتى يخفف على نفسه سرعة تآكل أمواله في فترة زمنية وجيزة، لا سيما أن الإسلام قد حث على إستثمار المال، وبين أن على الإنسان أن يختار لأمواله أنفع الطرق وأنسبها، وأكثرها نفعاً لنفسه وللمجتمع .
قال صاحب تيسير التحرير : "الواجب على سبيل الكفاية، وهو مهم متحتم قصد حصوله من غير نظر إلى فاعله : إما ديني، كصلاة الجنازة، .........وإما دنيوي كالصنائع المحتاج إليها(79).
ومن هنا نلاحظ أن الزكاة تصبح عقوبة مالية على كنز المال وعدم إستثماره بسبب ما لهذا الكنز من نتائج سلبية على المجتمع كالركود الإقتصادي، والزكاة لا تعدّ استهلاكاً لرأس المال المنقول إلا في حالة إكتنازه فقط وعدم إستثماره، فإن لم يستثمره مالكه وتركه معطلاً أو اكتنزه ولم يعمل على تنميته وجبت فيه الزكاة وأخذت منه، وفي ذلك حث لأصحاب الأموال على إستثمارها(80).
الفرع الثالث : من حيث إنفاق الزكاة
وأما إنفاق الزكاة على مستحقيها فله بدوره آثار إقتصادية على الإستثمار:
‌أ- إن مستحقي الزكاة من المصارف الثمانية المذكورين في الآية الكريمة سوف ينفقونها حتماً وفي الغالب لقضاء الحاجات الإستهلاكية سواء كانت سلعاً أو خدمات، فقد أصبح من المعروف إقتصادياً أن الميل الحدي للاستهلاك عند الفقراء مرتفع أكثر منه لدى الأغنياء، وعلى العكس من ذلك نجد بأن الميل الحدي للادخار لدى الفقراء منخفض ومرتفع بالنسبة للأغنياء، فهذا مبدأ إقتصادي ومتفق عليه بين جميع الإقتصاديين إسلاميين كانوا أم تقليديين.
وهذا كله من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، ومن المعلوم إقتصادياً كذلك بأن زيادة الاستهلاك تؤدي إلى إستثمار جديد، فهذا الإنفاق المتمثل بزيادة الاستهلاك يؤدي إلى خلق قدرة شرائية جديدة تؤدي إلى نماء المال المزكى بزيادة الطلب على منتجاته وخدماته، فبزيادة الطلب الفعال من قبل الفقراء يؤدي ذلك حتماً إلى التوسع في المشاريع الإنتاجية، ويؤدي هذا بدوره إلى زيادة الإستثمارات، والتي تحقق بدورها انتعاشاً إقتصادياً وسيؤدي هذا إلى توفير فرص عمل جديدة كما سنرى فيما بعد(81).
وإذا كان من أسس الإقتصاد الإسلامي في إنعاش السوق الداخلي هو عدالة توزيع الدخل القومي، فإن للزكاة دوراً أو أثر في إنعاش تلك ا لسوق، وتخفف من تكدس السلع الإستهلاكية في المخازن لدى المصانع، وذلك لأن الزكاة تعمل في كل فترة زمنية على تحويل جزء من دخول الأغنياء إلى جيوب الفقراء، الذين يرتفع ميلهم الحدي للاستهلاك نسبياً فيقبلون على إنفاق معظم وربما كل ما يصل إليهم، ولذلك يمكن القول إن الزكاة تساعد على تحريك السوق نتيجة للإقبال على شراء السلع الإستهلاكية منه(82).
‌ب- إنفاق أموال الزكاة الممنوحة لبعض الفقراء من أصحاب الحرف والمهن سوف تستخدم كأداة لمساعدتهم في القيام ببعض الإستثمارات الصغيرة، ولهذا فإن صرف الأموال لهذه الفئة من الناس من شأنه أن يحثهم على العمل والإنتاج وبالتالي يساعد على تحقيق تنمية إقتصادية للأفراد أنفسهم وللمجتمع كذلك.
‌ج- إن من بين المصارف التي تتصرف أو تنفق عليها الزكاة "سداد ديون الغارمين" والغارمون صنفان، صنف منهم استدانوا في مصالح أنفسهم كأن يستدين في نفقة أو كسوة، أو زواج، أو علاج مرض، أو بناء مسكن، أو شراء أثاث، أو تزويج ولد، أو أتلف شيئاً على غيره خطأ أو سهواً أو نحو ذلك، فيدفع إليهم مع الفقر دون الغنى ما يقضون به ديونهم، وصنف منهم استدانوا في مصالح المسلمين فيدفع إليهم مع الفقر والغنى قدر ديونهم من غير فضل(83)، وقال إبن كثير : وأما الغارمون فهم أقسام فمنهم من تحمل حمالة أو ضمن ديناً فلزمه فاجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب فهؤلاء يدفع لهم(84).
فهذا يعني أن بيت المال يضمن للدائن وفاء دينه وفي هذا تشجيع للإئتمان عندها لن يمتنع المقرض عن إقراض ماله ولن يمتنع المستقرض من الاقتراض لأن الدولة سوف تقوم بسداد دينه إذا عجز عن ذلك، إذا انفق هذا المبلغ في غير معصية، وبالتالي تعمل الزكاة على تيسير الإئتمان وتشجيعه، الأمر الذي له أكبر الأثر في تمويل التنمية الإقتصادية، وفي تعهد الشرع بسداد الدين عن المدينين تشجيع على القرض الحسن لأنه لا يذهب دين على صاحبه بإفلاس أو نحوه لأنه إذا عجز عن أدائه فستؤدي عنه الزكاة(85)، وعلى المؤسسات المالية ألا تمتنع عن الإقراض طالما أن الدولة تضمن الغارمين(86).
ويؤيد ما سبق، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، فأيما مؤمن مات وترك مالا ً فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني، فأنا مولاه)(87)، أي فأوفي دينه، وأكفل عياله، علماً بأن في بداية الإسلام لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على ميت عليه دين، ولكن لما أصبح في بيت مال المسلمين مال، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم يسدد عنه، مصداقاً للحديث الصحيح السابق.
‌د- وأخيراً فإن الإنفاق في مصرف (الرقاب) من شأنه أن يحرر قوة إنتاجية بشرية لا بأس بها لتساهم في الأعمال الإقتصادية الإنتاجية المختلفة بما يعود على المجتمع كله بمزيد من الإنتاج، الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الإستثمارات، وبالتالي إحداث التنمية الإقتصادية، وذلك أن الإسلام شجع على تحرير الرقاب العبيد" وإذا تأملنا في مفهوم "تحرير" نجد أنه يقابلها "تقييد" وهذا الرقيق كان مقيداً بعمل ما لدى سيده (الخدمة البيتية) فمبجرد تحريره فإنه ينطلق من هذا القيد إلى الإنتاج والعمل فيساهم في بعض المهن التي يجيدها، وهنا نلاحظ دور الزكاة في تحرير هذه الأعداد من البشر ذات الطاقة الإنتاجية ممثلة بعنصر العمل(88).
وهكذا نجد أن قواعد المال في الإسلام حرمت إكتناز المال كما فرضت ضريبة على رأس المال المدخر غير المستثمر، أي على ثروات المجتمع المعطلة من النقود والثروات الحيوانية والحلي المعدة للتجارة، وتهدف من وراء ذلك إلى تعبئة جميع الثروات وإستثمارها لمواجهة التنمية الإقتصادية في المجتمع الإسلامي(89).
ولا بد من التذكير بأن النظام الإسلامي لا يعتمد على الاستغلال لتحقيق أعلى ربح ممكن للفرد، إذ إن تحقيق أقصى ربح للأفراد ليس هو الهدف الرئيس، إنما الهدف الرئيس هو زيادة الإنتاج إلى أقصى حد ممكن، بحيث يمكن أن يؤدي الناس ما عليهم من زكوات أو زكاة، وذلك لأن الإسلام يرى أن النشاط الإقتصادي كسباً وإستثماراً، عبادة يثاب الفرد عليها إذا أخلص النية فيها لله تعإلى كما في قوله تعإلى : (وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك)(90)، ويبين الشاطبي ذلك في وصف الإجارات والتجارات في المجتمع المسلم بقوله : "ونجدهم في الإجارات والتجارات لا يأخذون إلا بأقل ما يكون من الربح أو الأجرة، حتى يكون ما حاول أحدهم كسباً لغيره، لا له، ولذلكم بالغوا في النصيحة فوق ما يلزمهم لأنهم وكلاء للناس لا لأنفسهم، بل إنهم يرون المحاباة لأنفسهم وإن جازت كالغش لغيرهم"(91)، فالفرق واضح بين النظرتين، نظرة على زيادة الإنتاج لزيادة الزكاة لقوله تعإلى : (والذين هم للزكاة فاعلون)(92)، أي يزيدون الإنتاج إلى اقصى حد ممكن بحيث تكون هناك زيادة يعطى منها الزكاة(93)، بعكس النظر الغربي المبني على تحقيق أعلى ربح ممكن للفرد بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، فمن كانت غايته المادة جعلها معبوداً له، يقاتل من أجلها، ويحب ويبغض، وهذا ما يؤدي إلى الأنانية والاحتكار.
وأخيراً، لكي نعرف مدى حرص الإسلام وتشجيعه على الإستثمار ومنع الإكتناز للأموال، فقد روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت "يا رسول الله، مالي شيء إلا ما أدخل عليّ الزبير بيته فأعطي منه؟ قال : (أعطي ولا توكي فيوكى عليك)(94)، أي لا تدخري وتحبسي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عليك، وهذا الحديث يستدل منه على تشجيع الإستثمار، وعدم الإكتناز، وإدامة حركة المال بين أفراد المجتمع .
وزيادة على ما سبق يرى السحيباني أن الزكاة يمكن أن تؤثر على الإستثمار بطرق أخرى أهمها(95):
1. تمويل الفقير برأس مال نقدي يعمل فيه، أي إعطاء الفقير المحترف ما يمكنه من الاعتماد على نفسه.
2. قيام صندوق الزكاة بشراء أصول ثابتة، مثل أدوات الصنعة، وتوزيعها على الفقراء ليعملوا بها.
3. تدريب الفقراء على مهارات وخبرات تفسح أمامهم الفرص.
4. إستثمار أموال الزكاة في مشاريع إستثمارية، وغيرها من تقديم الخدمات في برامج التنمية.
ويخلص إلى أن جمهور الفقهاء لا يجيزون إلا الصورة الأولى، وذلك من تركيز الفقهاء على إعطاء ثمن الآلة وليس الآلة نفسها، ومنهم النووي والرملي.
المطلب الرابع

الدور التوزيعي للزكاة

شرح الإسلام الزكاة التي تكفلت بتقريب الفقراء من الأغنياء، لأنهم أصبحوا شركاء لهم في رؤوس أموالهم، ولهم الحق فيها مما يخرج منها، وهذا ما يحد من التفاوت الفاحش بينهم في الدخل، والذي يؤثر على مقدرة كل واحد منهم في الاستهلاك، وإشباع حاجاته الإستهلاكية(96)، ويظهر أثر الزكاة في ذلك من خلال الفرعين التاليين :

الفرع الأول : تضييق الفجوات بين الغني والفقير

فمن أهم الأدوار التوزيعية التي تلعبها الزكاة أن تضمن للفرد حد الكفاية أو حد الغنى لا حد الكفاف، فالمقدار الذي يعطى للفرد الفقير يجب أن يكون مغطياً لهذا الغرض، وهذا معناه أن الزكاة من حيث المبدأ أن تغطي الحاجات الأساسية للفرد وهي حد الكفاف، وما زاد على ذلك يضمن مستوى لائقاً لمعيشة كل فرد، وهو حد يحرص الإسلام على ضمانه .
والزكاة هي المورد المالي والتشريع المالي الأول الذي يواجه به الإسلام اختلال التوزيع في الدخول بين الأفراد، فيعمل على تضييق الفجوة بين الطبقات الغنية والطبقات الفقيرة لا كما يفهم البعض من أن الزكاة تعمل على التساوي في الدخول بين الأفراد، وذلك لأن الإسلام يقر التفاوت بين الناس في الرزق والمعاش لأن ذلك يتفق مع طبيعة البشر وتفاوت قدراتهم ومواهبهم، ولكن مع ذلك الإقرار لهذا التفاوت فلا يسمح ولا يعني بأي حال من الأحوال أن يزداد الغني غنى والفقير فقراً، فتتسع الهوة بين الطرفين وتحدث الاختلالات الإقتصادية غير المحمودة(97)، ولهذا نجد أن الإسلام يتدخل في تقريب الفجوة أو الهوة بين الطرفين، فمتى التزم المسلمون بتأدية الحقوق المطلوبة منهم والواجبات المفروضة عليهم كالزكاة وغيرها من النفقات الأخرى، فسوف يؤدي ذلك حتماً إلى تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبالتالي يمكن القضاء على الفقر الذي يعدّ آفة إجتماعية حاربها الإسلام منذ الباية، ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (اللهم إني أعوذ بك من الفقرة والقلة والذلة)(98).
ويمكن لأموال الزكاة أن تلعب دوراً مهماً وبخاصة في مجال التأمين الاجتماعي، وهي تشبه ما يطبق اليوم من أنظمة الضمان الاجتماعي .

الفرع الثاني : إعادة توزيع الثروة بين الأفراد

إن للزكاة دوراً كبيراً في إعادة توزيع الثروة بين الأفراد في المجتمع، وقبل أن نتعرض لهذا الدور بشيء من التوضيح، لا بد من التعرض لإحدى الظواهر الإقتصادية الهامة التي اكتشفت حديثاً وهي ظاهرة "تناقص المنفعة الحدية. ومؤداها أنه عندما يستهلك الإنسان وحدات متتابعة من سلعة واحدة فإن الإشباع الذي يحصل عليه من الوحدة اللاحقة يكون أقل من الإشباع الذي يحصله من الوحدة السابقة وهكذا(99).
وبناءً على ذلك يمكن الإستدلال على تناقض المنفعة الحدية للدخل كلما زاد عدد وحداته، فالغني تكون لديه منفعة الوحدة الحدية للدخل (الوحدة الأخيرة) أقل من منفعة الوحدة الحدية للدخل لدى الفقير، لهذا فإن نقل عدد من الوحدات من دخل الغني المتمثلة بالزكاة سوف تسبب كسباً للفقير أكثر من خسارة الغني، ويترتب على ذلك أن النتيجة هي أن النفع الكلي للمجتمع بشكل عام سوف يزيد وذلك بإعادة توزيع الدخل عن طريق الزكاة(100)، ومن أسباب نجاح الزكاة كوسيلة من وسائل إعادة توزيع الثروة أنها تفرض على جميع الأموال النامية وبذلك تتسم بالشمول وبإتساع قاعدة تطبيقها(101).
وأخيراً لا بد من التذكير بأن هناك وسائل أو نظم كثيرة جاءت بها الشريعة الإسلامية وطبقت فعلاً إلى جانب الزكاة خلال العهد النبوي وإبان العهد الراشدي وتؤدي جميعها وإن كانت بدرجات متفاوتة إلى إعادة توزيع الثروة لصالح الفقراء ومنها، أحكام الإرث، وزكاة الفطر، والأضاحي، والفيء، والغنائم، والركاز، والكفارات، والصدقة المطلقة، وغيرها من الوسائل الأخرى، ولهذا فالشريعة الإسلامية لا تعتبر الزكاة هي وحدها الكافية لإعادة التوزيع للثروة، لذلك أردفتها بوسائل عديدة أخرى ومتنوعة(102).
المطلب الخامس

أثر الزكاة في التضييق على وسائل الإنتاج المعطلة

ويبدومما سبق أن من خصائص الزكاة كون النصاب – الحد المعفى من الزكاة – منخفض جداً، وهذا يؤدي إلى الضغط على أصحاب الثروات من أجل تشغيلها وإستثماراتها، وإلا تعرضت ثرواتهم إلى التناقض وإلى فقدان ربعها في مدة لا تزيد عن اثنتي عشرة سنة، ولقد قام بحساب ذلك د. محمد قحف، فقد بين ما يلي(103) :
القيمة الحالية في نهاية كل سنة = مقدار الثروة × (1-ز) ن.
حيث (ز) معدل الزكاة = 2.5%، و (ن) عدد السنوات المنقضية منذ توفر النصاب، ومن هذه المعادلة نجد :
ن = لغ (القيمة الحالية / مقدار الثروة)
لغ (0.975).
وبذلك يمكن استخراج المعلومات التالية :
نسبة ما تأكله الزكاة من الثروات عدد السنوات
10% أقل من خمس سنوات
25% أقل من 12 سنة
50% أقل من 18 سنة
75% أقل من 55 سنة
90% أقل من 100 سنة
وهكذا يمكن استخراج المنحنى البياني لحجم الثروة المعطلة مع وجود الزكاة وهو منحنى يستمر بالتنقض حتى يصل إلى الحد الأدنى (النصاب) كما يلي :
clip_image001
فهذا الرسم يبين الطريقة التنازلية التي يتناقص بموجبها رأس المال مع الزمن وزيادة الإستثمار والإنتاج فتوسع قاعدة الدخل وتزيد فرص التوظيف، والزكاة موجهة من حيث آثارها لحفظ الإقتصاد في حالة نمو وحركة بمعدلات عالية تزيد عن معدلات الزكاة(104).
وهكذا يتضح لنا أن التشريع الإسلامي عندما فرض ضريبة الزكاة على رأس المال جعل سعرها منخفضاً بحيث يمكن دفعها من الدخل، أما في الحالات التي يعمد فيها صاحب المال إلى تعطيله فإن فرض هذه الضريبة تحثه على إستثمار هذه الأموال وعدم تعطيلها، فالتشريع الإسلامي جعل موارد الدولة من دخل الافراد وحافظ كل المحافظة على رأس المال المنتج لهذه الدخول(105).
والزكاة لم تترك الأموال بجميع أنواعها التي تتصف بصفة النماء، بغض النظر عن طبيعة مالكها، فهي تفرض حتى على الصغير والمجنون من أصحاب الأموال، ولنا في الأثر خير دليل، عن أبي رافع، كانت لآل بني رافع أموال عند علي، فلما دفعها إليهم وجدوها تنقص فحسبوها من الزكاة فوجدوها كاملة تامه، فأتوا علياً فقال : كنتم ترون أن يكون عندي مال لا أزكيه(106).
مما سبق يتضح أن الإسلام قرر تحريم كنز الأموال وتعطيلها دون إستثمار، وقرر أن يتداول المجتمع الثروة ولا تكون دولة بين الأغنياء، وجعل للفقراء والمحرومين حصة سنوية لا تقل عن جزء من أربعين جزءاً من ثروة الأمة كلها، يزاد عليها بأمر الحاكم وإحسان المحسنين.
المطلب السادس

أثر الزكاة في القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل

هناك خطأ شائع بين كثير من الناس، وهو أن الزكاة قد تشجع على البطالة والتقاعس وخلق روح الاتكالية عند العامل، وبكل تأكيد فإن هذا الظن خاطئ من ناحيتين وهما :
1. موقف الإسلام من العمل واعتباره أحد عناصر الإنتاج وأحد وسائل التملك في الإقتصاد الإسلامي.
2. إن الزكاة لا تعطى إلا للعاجزين عن الكسب فلا تعطى للقادر على العمل والكسب .
فلذلك نرى في المجتمع الإسلامي الصحيح أن أفراده يعملون ويتقنون العمل ويمشون في مناكب الأرض ويلتمسون الرزق في خباياها، وينتشرون في أرجاء الأرض في جميع المهن زراعاً وصناعاً وتجاراً وعاملين في شتى الميادين ومحترفين بشتى الحرف مستغلين كل الطاقات ومنتفعين بكل ما استطاعوا مما سخر الله لهم من السموات والأرض جميعاً(107).
أ‌- من المتفق عليه بين جميع الإقتصاديين أن إعادة توزيع الدخل تؤدي إلى تقليل الفوارق والتفاوت بين الأفراد فقراء وأغنياء، فهذا أمر له تأثيره الكبير في علاج البطالة.
ب‌- إن الزكاة تقوم بعملية نقل وحدات نقدية من دخول الأغنياء إلى الفقراء، وقد ذكرنا أن الأغنياء يقل عندهم الميل الحدي للاستهلاك ويزيد عندهم الميل الحدي للادخار.
والأثر الإقتصادي الذي يترتب على ذلك هو أن الدخل الذي يحصله الفقراء من أموال الزكاة سيتوجه إلى طائفة من المجتمع يزيد عندهم الميل الحدي للاستهلاك، وهذا يعني أن الدخل سيتوجه إلى استهلاك السلع الضرورية وبالتالي سيزيد الطلب الفعال، ويترتب على هذا نتيجة إقتصادية هامة وهي زيادة الطلب على السلع الإستهلاكية، فتروج الصناعات الإستهلاكية التي تؤدي إلى رواج السلع الإنتاجية المستخدمة في إنتاج السلع الإستهلاكية المطلوبة من قبل الفقراء، وبذلك يزيد وتبعاً لذلك ستزيد فرص العمل الجديدة (فتقلل من حدة البطالة) التي تظهر نتيجة للتوسع في الإنتاج(108).
لذا فإن الزكاة نظام يقتضي أن يستمر التداول في النقد دون انقطاع، وذلك يعني استمرار الطلب على المنتجات بما توسعه في القاعدة المحلية المستهلكة، واستمرار الطلب معناه حث العرض على مقابلة الطلب أي زيادة الإنتاج، وكل زيادة في الإنتاج تعني زيادة في الطلب على العمال، وزيادة الطلب على العمال تعني، ارتفاع أجورهم وبالتالي زيادة أخرى في القوة الشرائية أو زيادة جديدة في الطلب(109).
الخاتمة
وبعد، فقد توصل الباحث إلى النتائج التالية :
· أولاً: إن الزكاة فريضة إسلامية تجب على المكلفين الأغنياء للفقراء ممن لا يقدرون على العمل، أو العجز عن الكسب رغم طلبهم له، لأنه لاحظ فيها لقوي مكتسب، وليست منّة أو استجداء.
· ثانياً: إن للزكاة أنواعاً متعددة من الأموال ولذلك فهي تخضع للضريبة المتعددة الوعاء.
· ثالثاً: مراعاة الزكاة لظروف الممول الإقتصادية، إذ إنها حددت نسبة مئوية للزكاة في النقود والماشية وعروض التجارة والزروع والثمار، وحددت الوحدة في الماشية على أساس من السن، وبذلك روعي التخفيف على المكلف إذا ما قورن ذلك بالضرائب التي كانت سائدة في الدول المجاورة ذلك الوقت .
· رابعاً: مراعاة الزكاة لظروف الممول الإجتماعية والنفسية، فقد طهرت نفس الممول من الشح والبخل، وعودته على البذل والعطاء، وبذلك أزالت الفوارق الإجتماعية وأبعدت عنه الحقد والحسد، وما في ذلك من راحة نفسية وتقارب بين أفراد المجتمع .
· خامساً: سبقت الزكاة النظم الوضعية بوضع الحلول المناسبة لحالة العوز والفقر .
· سادساً : الزكاة دافع ومحرك للأنشطة المالية والإقتصادية حيث تشجع على الإستثمار .
·
· سابعاً: من خلال مصارف الزكاة نلاحظ أنها استوعبت أكثر أفراد المجتمع وبذلك تكون قد استوعبت أكثر الناس فقراً ممن نقص وعاؤهم عن النصاب القانوني للزكاة .
· ثامناً: الزكاة كفريضة إسلامية رفعت مستوى الفرد من حد الكفاف إلى حد الكفاية وبذلك تكون قد غطت الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع.
· تاسعاً: سبقت الزكاة جميع النظم الحديثة في إزالة الفوارق الطبقية والإجتماعية بين الأغنياء والفقراء .
· عاشراً : كان الإسلام سباقاً إلى إرساء أسس التعامل بالأنظمة المعاصرة لمناداته بأفكار تعد ركائز في العلوم المالية المعاصرة كاللامركزية في الإدارة والحكم في محلية توزيع الزكاة والعمومية والتي هي إحدى الدعائم الهامة في الضريبة في شمول الزكاة لأكبر قدر ممكن من الأشخاص والأموال .
· حادي عشر : ويوصي الباحث المسلمين تطبيق فريضة الله (الزكاة) على الأصعدة الفردية والشعبية ففيها من المنافع الدينية والدنيوية ما يكمل إيمان المسلم، ويسد حاجته، ويخفف عنه من عوزه وفقره.
الهوامش
1. سورة الفجر، آية 20.
2. سورة الفجر، آية 15 .
3. إبن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، ط3، دار صادر، بيروت، 1414هـ- 1996م، ج14، ص 358، الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، ط2، دار عمار، الأردن، 1417هـ، 1996م، ص140 .
4. البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع على متن الإقناع، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة، 1394هـ، ج1،/ ص192، وانظر : الكاساني، علاء الدين أبي بكر بن مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، ج2، ص2، القرطبي، يوسف بن عبد البر، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، تحقيق محمد أحمد، ط1، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1398 هـ، 1978م، ج1، ص284، القفال، محمد الشاشي، حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء، تحقيق د. ياسين درادكة، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400هـ- 1980م، ج3، ص7.
5. السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء، دار الفكر، بيروت، 1394هـ - 1974م، ص26.
6. ابو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، ط1، مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1371هـ، ج1، ص362، أبو عبيد، القاسم بن سلام، الأموال، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ص 518، وقد ذكر الألباني، محمد ناصر الدين، أرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ط2، المكتب الإسلامي، بيروت، 1405هـ- 1985م، ج3، ص289-291، أن سند الحديث جيد، وللحديث شواهد منها حديث عائشة وإبن عمر رضي الله عنهما (كان يأخذ من كل عشرين مثقالاً نصف دينار) رواه إبن ماجه، وأنه صحيح.
7. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط4، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1412هـ-1991م، ج2، ص675.
8. الزبيدي، التجريد الصريح (مختصر صحيح البخاري)، ط5، اليمامة للطباعة والنشر، دمشق، 1994م، 1415هـ، ص223، وانظر : أبو عبيد، الأموال، ص367-368.
9. عوض، أحمد صفي الدين، البراهين على الطبيعة التصاعدية لجميع أنواع الزكاة، كلية الدراسات الإقتصادية والإجتماعية، الخرطوم، 1978م، ص1.
10. سورة التوبة، آية 60.
11. سورة الأنعام، آية 141.
12. دنيا، شوقي أحمد، تمويل التنمية في الإقتصاد الإسلامي، دراسة مقارنة، ط1، مؤسسة، الرسالة، بيروت، 1404هـ-1984م، ص7.
13. مشهور، د.نعمت عبداللطيف، الزكاة، الأسس الشرعية والدور الإنمائي والتوزيعي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة الرسائل الجامعية 2، ص23.
14. للحديث ( وفي الركاز الخمس) مختصر صحيح البخاري، ص231.
15. شوقي دنيا، تمويل التنمية، ص275-267 .
16. مختصر صحيح البخاري، ص 234، حيث ذكر السن المطلوبة لكل عدد من الإبل .
17. السيد، عاطف، فكرة العدالة الضريبية، دون مكان نشر، أو تاريخ نشر، ص219.
18. سورة التوبة، آية 34.
19. النووي، الإمام محيي الدين، صحيح مسلم بشرح النووي، حققه الشيخ خليل مأمون، دار المعرفة، بيروت، 1414هـ- 1994م، ج7، ص74.
20. أبو داود، سنن أبي داود، ج1، ص362، وذكره الألباني في إرواء الغليل وقال : أخرجه إبن أبي شيبه ج4، ص8، وأبو عبيد والبيهقي عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه، وهذا سند جيد.
21. البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تقديم أحمد محمد شاكر، دار الجيل، بيروت، بدون تاريخ نشر، ج2، ص132، ج3، ص291.
22. الكاندهلوي، محمد زكريا، أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك، دار الفكر، بيروت، 1413هـ-1989م، ج5، ص238 وانظر : إبن نجيم، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ط2، دار المعرفة، بيروت، 1413هـ - 1963م، ج2، ص42 – 243.
23. إبن قدامة، عبدالله بن أحمد، المغني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ج2، ص573.
24. البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص 148.
25. إبن قدامة، المغني، ج2، ص573.
26. البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص 133.
27. إبنة مخاض: هي التي لها سنة ودخلت في الثانية، وسميت بذلك لأن أمها قد حملت غيرها، إبن قدامة، المغني، ج2، ص 579.
28. بنت اللبون: هي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة، وسميت بذلك لأن أمها قد وضعت حملها ولها لبن، إبن قدامة، المغني، ج2، ص 579 – 580.
29. الحقة: هي التي لها ثلاث ودخلت في الرابعة، واستحقت أن يطرقها الفحل، واستحقت أن يحمل عليها إبن قدامة، المغني، ج2، ص 580.
30. البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص145.
31. إبن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المختار، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، 1421هـ - 2000م، ج2، ص 301-302، وانظر : الدسوقي، محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1417هـ - 1996م، ج2، ص6-7.
32. المرداوي، علي بن سليمان، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ج3، ص52-53، ويذكر أن التبيع ما عمره سنة ودخل في الثانية، أو ما تبع أمه، وقيل جذع البقر، وأما المسنة فهي التي لها سنتان، وقيل هي التي لها سنة، وقيل ثلاث سنين، وانظر إبن حزم، أحمد بن سعيد، المحلى، دار الجيل ودار الآفاق الجديدة، بيروت، ج6، ص3-5، فقد ذكر أن القائلين بهذا هم: علي بن أبي طالب، وهو قول الشعبي، وشهر بن حوشب، وطاوس، وعمر بن عبد العزيز، والحكم بن عتبة، وسليمان بن موسى، والحسن البصري، وذكره الزهري عن أهل الشام، وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ورواية غير مشهورة عن أبي حنيفة.
33. أبو داود، سنن أبي داود، ج1، ص363، ويذكر الألباني في إرواء الغليل ج3، ص268-269 إن الحديث صحيح، ورواه الترمذي وقال عنه: حديث حسن، ورواه الحاكم وقال عنه: صحيح علي شرط الشيخين .
34. المرداوي، الإنصاف، ج3، ص57-58، إبن عابدين، حاشية رد المحتار، ج2، ص305-306، الدسوقي، حاشية الدسوقي، ج2، ص8.
35. سبق تخريجه، هامش 30.
36. القرضاوي، يوسف، فقه الزكاة، ط24، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1418هـ - 1997م، ج1، ص 205-206.
37. سورة البقرة، آية 267.
38. الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير، الناشر محفوظ العلي، بيروت، بدون تاريخ نشر، ج1، ص289.
39. أخرجه البخاري، مختصر صحيح البخاري، ص 229.
40. الكاساني، بدائع الصنائع، ج3، ص54، الكوهجي، عبدالله بن الشيخه حسن، زاد المحتاج بشرح المنهاج، ط2، إحياء التراث الإسلامي، قطر، 1407هـ - 1987م، ج1، ص450-451.
41. الكوهجي، زاد المحتاج، ج1، ص466، الكاندهلوي، أوجز المسالك، ج5، ص237-239.
42. البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص144.
43. الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص59.
44. سبق تخريجه، هامش39.
45. سبق تخريجه، هامش39.
46. سورة البقرة، آية 267.
47. إبن كثير، إسماعيل، تفسير القرآن العظيم، مكتبة الدعوة الإسلامية، القاهرة، 1400هـ-1980م، ج1، ص320.
48. حنبل، الإمام أحمد، المسند، ط1، دار الحديث، القاهرة، 1416هـ-1995م، ج16، ص22، رقم الحديث 21449، وصححه الحاكم، ج1 ص388، وقال على شرطهما، ووافقه الذهبي، ج3، ص63، أنظر هامش مسند أحمد، ج16، ص22.
49. إبن قدامة، المغني، ج3، ص30.
50. أبو عبيد، الأموال، 429.
51. المصدر السابق ذاته، ص431.
52. المصدر السابق نفسه، ص431.
53. الترمذي، محمد بن عيسى، الجامع الصحيح، دار الحديث، القاهرة، بدون تاريخ، ج3، ص24، البيهقي، أحمد بن الحسين، دار الفكر، بدون تاريخ، ج4، ص179، وقال (أبو عيسى) الترمذي، في إسناده مقلل لأن المثنى بن الصباح يضعف الحديث، وقد ذكره الألباني في الأحاديث الضعيفة، الألباني، محمد ناصر الدين، ضعيف سنن الترمذي، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1411هـ - 1991م، ص69، ولكن الحديث ورد بوجوه عدة تقوية .
54. الزرقاني، الشيخ محمد، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، المكتبة التجارية، 1355هـ-1936م، ج2، ص103، الزيلعي، نور الدين علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مكتبة القدس، 1352هـ، ج3، ص67، والحديث أخرجه كذلك الطبراني عن أنس بن مالك، وفي الموطأ عن عمر بن الخطاب، وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب، الدار قطني، سنن الدار قطني، نشر عبدالله هاشم يماني، المدينة المنورة، 1386هـ، ج2، ص110، والحديث يتقوى بكثرة طرقه.
55. الشيرازي، إبراهيم، المهذب، ط2، دار المعرفة، بيروت، 1959م، ج1، ص47، أبو عبيد، الأموال، ص455، إبن قدامة، المغني، ج2، ص622.
56. خان، صديق حسن، الروضة الندية، شرح الدرر البهية، المطبعة المنيرية، 1307هـ، ج2، ص160-162.
57. سورة التوبة، آية 34.
58. الغزالي، محمد، إحياء علوم الدين، ط4، دار الحديث، القاهرة، 1994م، ج4، ص142.
59. إبن خلدون، عبد الرحمن، مقدمة إبن خلدون، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1982م، ص507.
60. المصدر السابق ذاته، ص507.
61. قحف، محمد منذر، الإقتصاد الإسلامي، دراسة تحليلية للفعالية الإقتصادية في مجتمع يتبنى النظام الإقتصادي الإسلامي، ط2، دار القلم، الكويت، 1401هـ- 1981م، ص128 وما بعدها .
62. المصدر السابق، ص237-138.
63. شوقي دنيا، تمويل التنمية في الإقتصاد الإسلامي، ص277، والمقصود بالودائع الجارية الأموال التالية وضعت في البنوك بلا فائدة – فهي غير معطلة بالنسبة للبنك، ولكنها معطلة بالنسبة لصاحبها، ولا تجلب له شيء، سواء أكانت في البنوك الإسلامية، ولم تحول إلى نظام المقارضة، فالزكاة قد تؤثر عليها وتقتطع من أصلها حيث لا إيراد لها، وكذلك المجوهرات المعدة للتجارة وكانت زائدة عن الحاجة وحال عليها الحول وهي مخزنة في البنوك فهي معطلة بالنسبة لصاحبها، والزكاة تؤخذ من أصلها، لا من إيرادها عند من أجاز الزكاة فيها من الفقهاء.
64. النبهان، محمد فاروق، الاتجاه الجماعي في التشريع الإقتصادي الإسلامي، ص3، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404هـ- 1984م، ص289.
65. شوقي دنيا، تمويل التنمية في الإقتصاد الإسلامي، ص278.
66. سورة التوبة، آية 60.
67. البيهقي، السنن الكبرى، ج4، ص174، والحديث في إسناده عبد الرحمن بن أنعم الإفريقي، وقد تكلم فيه غير واحد وكذلك روي في سنن أبي داود، المنذري، الحافظ، مختصر سنن أبي داود، دار المعرفة، بيروت، 1990م، ج2، ص230، والحديث روي بطرق تقوية
68. القضاة، زكريا، بيت المال في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، مجلة أبحاث اليرموك، المجلد 4، العدد1، 1988م، ص23.
69. إبن عبد البر، الكافي، ج1، ص326.
70. إبن منظور، لسان العرب، ج4، ص107، الرازي، مختار الصحاح، ص50.
71. شوقي دنيا، تمويل التنمية، ص87.
72. نعمت مشهور، الزكاة الأسس الشرعية والدور الإنمائي والتوزيعي، ص 275، السحيباني محمد إبراهيم، أثر الزكاة على تشغيل الموارد الإقتصادية، رسالة ماجستير، جامعة الإمام بن سعود، الرياض، بدون تاريخ، ص168-175.
73. النووي، محيي الدين بن شرف، المجموع شرح المهذب، دار الفكر للطباعة والنشر، بدون مكان وتاريخ نشر، ج6، ص189.
74. سليمان بن الاشعث، سنن أبي داود، ج1، ص381-382، وقد ضعف الحديث الألباني، الألباني، ضعيف عن سنن أبي داود، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1412هـ -1991م، ج1، ص165، وضعفه الألباني كذلك في، الألباني، ضعيف سنن إبن ماجة، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1408هـ-1988م، ج2، ص169.
75. كركر، رؤى في النظام الإقتصادي في الإسلام، ط1، مطبعة تونس، قرطاج، ص970.
76. قطب، سيد، العدالة الإجتماعية في الإسلام، ط8، بدون دار نشر وتاريخ نشر، 1982م، ص117.
77. سبق تخريجه، هامش 53.
78. قحف، الإقتصاد الإسلامي، ص137.
79. أمين، محمد، تيسير التحرير، مصطفى الحلبي، القاهرة، 1351هـ، ج2، ص213.
80. الحصري، أحمد، السياسة الإقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ط1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986م، ص536.
81. العسال، أحمد وفتحي، أحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، مبادؤه وأهدافه، ط3، بدون دار نشر ومكان نشر، 1980م، ص112.
82. البقر، أحمد ماهر، الزكاة ودورها في التنمية، ط1، دار الدعوة، الاسكندرية، 1986م، ص13.
83. انظر، الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص45، إبن نجيم، البحر الرائق، ج2، ص260، إبن عبد البر، الكافي، ج1، ص326، الشيرازي، المهذب، ج1، ص179، البهوتي، كشاف القناع، ج2، ص328-329، المرتضى، أحمدم بن يحيى، شرح الأزهار، دار إحياء التراث العربي، دون مكان وتاريخ، ج1، ص514، الشماخي، عامر، الإيضاح، ط2، وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، 1416هـ-1996م، ج3، ص7.
84. إبن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص365-366.
85. أبو زهرة، الإمام محمد، تنظيم الإسلام للمجتمع، بدون دار نشر، وتاريخ نشر، 1965م، ص157.
86. سلامة، عابدين، الحاجات الأساسية في الإسلام، مجلة أبحاث الإقتصاد الإسلامي، جدة، العدد الثاني، 1404هـ، ص44.
87. أخرجه البخاري، مختصر صحيح البخاري، ص334.
88. القرضاوي، يوسف، آثار الزكاة في الأفراد والمجتمعات، أبحاث وأعمال مؤتمر الزكاة الأول 29 رجب 1404هـ - 30 إبريل، 1984م، بيت الزكاة، الكويت، ص50.
89. الكفراوي، عوض، الرقابة المالية في الإسلام، مؤسسة شباب الجامعة، الاسكندرية، 1983م، ص95.
90. سورة القصص، آية 77.
91. الشاطبي، إبراهيم موسى، الموافقات في أصول الأحكام، تعليق محمد خضر، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بدون مكان نشر وتاريخ نشر، ج2، ص132.
92. سورة المؤمنون، آية 4.
93. زبير، محمد عمر، خصائص الفكر الإسلامي الإقتصادي، منظمة الندوة العلمية للشباب الإسلامي، اللقاء الثاني للندوة، من 23 ذي القعدة حتى 3 من ذي الحجة، الرياض1393هـ، ص206.
94. أخرجه البخاري، صحيح البخاري، ج3، ص520، رقم الحديث 1366، سنن أبي داود، ج1، ص394.
95. السحيباني، أثر الزكاة على تشغيل الموارد الإقتصادية، ص175-176، وممن نقل عنهم ذلك: القرضاوي، محمد أنس الزرقاء، منذر قحف، عبدالله الطاهر، نعمت مشهور، محمد سر الختم.
96. الخالدي، محمود، سوسيولوجيا الإقتصاد الإسلامي، ط1، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، 1985م، ص40.
97. مرطان، سعيد مدخل للفكر الإقتصادي في الإسلام، مؤسسة الرسالة، 1986م، ص186 .
98. أبو داود، سنن أبي داود، ج1، ص 354، الحاكم، محمد عبدالله، المستدرك على الصحيحين، ط1، حيدر أباد، الهند، ج1، ص531، وقال عنه الحاكم حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
99. العسال وأحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، ص14، وانظر : القيسي، حميد، مبادئ الإقتصاد السياسي، ط3، مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر، الكويت، 1978م، ص26-27، محروس، محمد، مقدمة في الإقتصاد، ط3، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972م، ص364، المحجوب، رفعت، الإقتصاد السياسي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1977م، ج1، ص92، هاشم، إسماعيل محمد، محاضرات في مبادئ الإقتصاد، دار الجامعات المصرية، الاسكندرية، ص63-64.
100. مرطان، مدخل للفكر الإقتصادي في الإسلام، ص182.
101. العسال وأحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، 114.
102. الزرقاء، محمد أنس، دور الزكاة، في الإقتصاد والسياسة المالية، مؤتمر الزكاة الأول، الكويت، 1984م، ص281، مرطان، مدخل للفكر الإقتصادي في الإسلام، ص187.
103. قحف، الإقتصاد الإسلامي، ص136.
104. صقر، محمد، الإقتصاد الإسلامي مفاهيم ومرتكزات، ط1، بدون دار نشر ومكان نشر، 1978م، ص86، وما بعدها .
105. الكفراوي، الرقابة المالية في الإسلام، ص88.
106. البيهقي، السنن الكبرى، ج4، ص180، وقال فيه: ورواه حسن بن صالح وجرير بن عبد الحميد عن أشعث، وقالا عن أبي رافع وهو الصواب.
107. القرضاوي، فقه الزكاة، ج2، ص889-892، أبو السعود، محمود، خطوط رئيسية في الإقتصاد الإسلامي، ط2، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، 1388 هـ - 1968م، ص20.
108. العسال وأحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، ص115.
109. المصري، عبد السميع، مقومات الإقتصاد الإسلامي، ط3، مكتبة وهبة، القاهرة، 1983م، 125.
(* ) كلية الدراسات الفقهية والقانونية، جامعة آل البيت، المفرق – الأردن .

0 تعليق:

إرسال تعليق