بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

رد الاعتبار

المقدمـــة:
تعرف العقوبة على أنها الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر المشرع وذلك لتحقيق الهدف المتوخى منها ألا وهو إصلاح الأفراد وحماية الجماعة وصيانة نظامها لذلك يقول عنها بعض الفقهاء " إنها موانع قبل الفعل زواجر بعده، أي العلم بشرعيتها يمنع الإقدام على الفعل وإيقاعها بعده يمنع العودة إليه".
فعند تسليطها لا بد من مراعاة إشباع الحاجة منها ، ذلك أن بعض الأحكام الجزائية بعد تنفيذها أو انقضائها تترك أثارا معينة على حرمان المحكوم عليه في الغالب من بعض الحقوق أو المزايا وقد أعتبر هذا الحرمان عقبة في وجه المحكوم عليه تعترض سبيل إعادة إدماجه في المجتمع من جديد، وغاية السياسة الجنائية الحديثة هي إعادة إدماج المحكوم عليه في المجتمع و استعادته لمركزه كمواطن شريف ، فقد فسحت له القوانين طريقا للتخلص من أثار هذه الأحكام ومن هنا تكمن أهمية رد الاعتبار موضوع بحثنا هذا الذي يقف حائلا دون أبدية آثار أحكام الإدانة ، فهو من هذه الوجهة إجراء تقتضيه العدالة والمصلحة معا.
ولا يشك أحد فيما للعدالة من قيمة تتوقف عليها حياة المجتمع وحيويته ذلك لأن إنتاج الإنسان رهين كما ونوعا بصفاء نفسه وعدم إحساسها بالحسرة على حق سليب، فمذ كان الإنسان وحتى يكون كان العدل وسيبقى حلم حياته وأمل مفكريه وجوهر شرائعه وسياج أمنه.
دوافع اختيار الموضوع:
طبعا لاختيار أي موضوع لا بد له من دوافع وأسباب ؛ ودوافع اختيار موضوعنا هذا يمكن تقسيمها إلى شطرين ذاتية وموضوعية
الدافع الذاتي: نابع من إيماننا العميق بالعدالة وإيماننا بأن العقوبة هي وسيلة للإصلاح وليست غاية وأيضا تكريسا للمبدأ القائل " لا كرامة لجائع ولا قوة لمريض و لا طمأنينة لمن لا عيش له ، لا مقاومة ولا صمود لمن لا يطمئن إلى غده ومن لا يشعر بأن حوله مجتمعا يكفله ويرعاه."
أما الدافع الموضوعي: فهو مستمد من أهمية رد الاعتبار في حد ذاته ذلك أنه الحد الفاصل بين الأبدية و التأقيت وهو أحد معايير احترام كرامة الإنسان
الإشكالية:
كيف عالج المشرع الجزائري فكرة رد الاعتبار؟ وإلى أي مدى استطاع تحقيق الغاية من وجوده؟.
سنحاول معالجة هذه الإشكالية في ثلاث فصول، نتناول في الفصل الأول رد الاعتبار بوجه عام وفي فصل ثان نتناول رد الاعتبار الجزائي وفي الفصل الأخير نتناول رد الاعتبار التجاري.
مبررات الخطة:
تقسيم الموضوع إلى ثلاث محاور تقتضيه ضرورة الدراسة ذلك أنه لابد من تحديد المفاهيم وتمييز رد الاعتبار عن بقية الأنظمة المشابهة له وهذا ما تناولناه في الفصل الأول أو المحور الأول أما المحور الثاني والثالث فتطرقنا فيهما إلى شطري رد الاعتبار الجزائي والتجاري مستبعدين رد الاعتبار الإداري أو ما يسمى بالتأديبي استنادا إلى المعيار الذي اعتمدناه وهو المصدر أي صدوره من الجهات القضائية كوننا مرتبطين بالممارسة القضائية. وعلى كل ستكون الخطة على الشكل التالي:
الفصـــــــــل الأول : تأصيل رد الاعتبار
المبحــــــــث الأول : رد الاعتبار و مفهومه
المطلــــــــب الاول : نظرة تاريخية لتطور رد الاعتبار
الفــرع الأول: نشأة فكرة رد الاعتبار
الفــرع الثاني: نظرة عامة حول رد الاعتبار في
التشريع الجزائري .
المطلـــــب الثاني : المفاهيم المختلفة لرد الاعتبار
الفــــــرع الأول: المفاهيم اللغوية و الشرعية
الفــــــرع الثاني: المفاهيم الفقهية و التشريعية
المبحــــث الثاني : تمييز رد الاعتبار عن الأنظمة الأخرى
المطلـــــب الأول : رد الاعتبار و العفو بأنواعه المختلفة
الفـــــرع الأول: العفو بأنواعه المختلفة
الفــــرع الثاني: التمييز بين رد الاعتبار و العفو بأنواعه
المطلـــــب الثــاني : رد الاعتبار وقف التنفيذ و تقادم العقوبة
الفــــــرع الأول: رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة
الفـــــرع الثاني: رد الاعتبار و تقادم العقوبة
الفصـــــــل الثاني : رد الاعتبار الجزائي
المبحــــــث الأول : رد الاعتبار القانوني .
المطلـــــب الأول : شروط رد الاعتبار القانوني
الفــــــرع الأول:الشروط المتعلقة بالعقوبة
الفــــــرع الثاني: الشروط المتعلقة بسلوك المعني
المطلــــب الثاني : أثار رد الاعتبار القانوني
الفـــرع الأول: أثار رد الاعتبار القانوني على الأشخاص .
الفـــــرع الثاني أثار رد الاعتبار القانوني على صحيفة
السوابق القضائية
المبـــحث الثاني : رد الاعتبار القضائي
المطـــلب الأول : شروط رد الاعتبار القضائي
الفـــــرع الأول: الشرط الزمني
الفـــــرع الثاني: الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة
الفـــــرع الثالث: الشرط المتعلق بالطلب .
المطلب الثـــاني : إجراءات رد الاعتبار القضائي و آثاره .
الفـــــرع الأول: إجراءات رد الاعتبار القضائي
الفــــرع الثاني: آثار رد الاعتبار القضائي
الفصـــل الثالث : رد الاعتبار التجاري
المبحـــث الأول: رد الاعتبار التجاري و أنواعه
المطلـب الأول : مفهوم رد الاعتبار التجاري
الفــــرع الأول: تعريفه
الفـــــرع الثاني: رد الاعتبار بين التجاري و الجزائي
الفـــــرع الثالث: العلة من رد الاعتبار التجاري
المطلــــب الثاني : شروط رد الاعتبار التجاري و أنواعه
الفـــــرع الأول: شروط صحة رد الاعتبار التجاري
الفــــرع الثاني: أنواع رد الاعتبار التجاري
المبحـــث الثاني : إجراءات رد الاعتبار التجاري و آثاره
المطلــــب الأول : إجراءاته
الفـــــرع الأول: الإجراءات الأولية
الفــــــرع الثاني:الفصل في الطلب
الفـــــرع الثالث: الطعن في حكم رد الاعتبار
الفــــرع الرابع: حالة وفاة المفلس
المطلـــب الثاني : أثاره
الفــــرع الأول: أثار حكم شهر الإفلاس
الفـــــرع الثاني: فقد الاعتبار
الفـــــرع الثالث: أثار الرد



الفصل الأول:

 تأصيل رد الاعتبار

سوف نتعرض في هذا الفصل إلى بعض النقـاط التي نراها تمهيدية للموضوع نجسدها في النظرة التاريخية لنشأة وتطور نظام رد الاعتبار في مختلف التشريعات القديمة.
والحديثة, بما فيها التشريـع الجزائري، و نتبع ذلك بتأصيل المفاهيم المختلفة لرد الاعتبار.
و كل هذا في المبحث الأول.
أما في المبحث الثاني نبين فيه أوجه التفرقـة بين نظام رد الاعتبار وبعض الأنظمة الشبيهة لـه.
ويكون ذلك على الشكل التالي :
المبحث الأول: رد الاعتبار ومفهومه.
المبحث الثاني: تمييز رد الاعتبار عن بعض الأنظمة المشابهة لـه.
المبحث الأول:

 رد الاعتبـار ومفهومـه

نتنـاول في هذا المبحث نظرة تاريخية حول تطور رد الاعتبار في القوانين القديمة وفي الشريعة الإسلامية ، وفي القوانين الحديثة و على الخصوص في القانون الفرنسي باعتباره القانون الحديث الأول الذي أخذ بفكـرة رد الاعتبار كنظام قانوني مستقل ثم نتطرق إلى الاعتبار في التشريع الجزائري و هذا كله في المطلب الأول.
أما في المطلب الثاني نتطرق إلى المفاهيم المختلفة لرد الاعتبار سواء اللغوية أو الفقهية أو التشريعيـة.
المطلب الأول: نظرة تاريخيـة لتطور رد الاعتبار
الفرع الأول:

 نشأة فكرة رد الاعتبـار

إن فكرة رد الاعتبار لها جذور ضاربة في التاريخ، فحسب بعض فقهاء القانون (1) فأن أصل هذه الفكرة نجده في القانون الروماني ، فقد كان عبارة عن منحة السلطة العامة restitution in integram ( )تمنح للمحكوم عليهم الذين فقدوا صفة الروماني بقصد استرجاع حقوقهم وكرامتهم ، وما تجدر الإشارة إليه أن فكرة رد الاعتبار في القانون الروماني لم تكن أبدا لها مميزات رد الاعتبار المعروف في القوانين الحديثة، فهي أقرب إلى العفو ذلك أنها تمحي آثار الإدانة بالنسبة للمستقبل و الماضي هذا من جهة ومن جهة أخرى فهو عمل من أعمال الإمبراطور أي بمثابة عطف و منحة منه( )
لكن في الواقع إن فكرة رد الاعتبار يعود أصلها إلى الشريعة الإسلامية قبل أي تشريع آخر، و هناك أدلة كثيرة من القران الكريم و السنة الشريفة كلها تحث المسلمين على
التوبة النصوح و الدخول في رحمة الله تعالى، و من هذه الأدلة قوله تعالى في سورة الفرقان: ( و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيها مهانا(69) إلا من تاب و امن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما (70).
فحسب تفسير ابن كثير لهذه الآيـات: ( ذلك السيئات الماضية للعبد تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات، فكلما تذكر الإنسان ما مضى ندم و استرجع و استغفر فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبـار، فيوم القيامة و إن وحده مكتوبـا عليه، فانه لا يضره، و ينقلب في صحيفته حسنة).( )
إن هذه الآيات البينات من سورة الفرقان لدليل عظيم على واسع رحمة الله تعالى بعباده فكل مسلم توفرت فيه شروط التوبة النصوح، فان جميع الذنوب التي ارتكبها تنقلب حسنات و كأنه لم يرتكب أي ذنب و تكتب في صحيفته يوم القيامة حسنات، و إن مفهوم التوبة في هذه الآيات قريب من مفهوم رد الاعتبار في القوانين الوضعية الحديثة، فرد الاعتبار القضائي كما هو معلوم يشترط فيه توفر بعض الشروط و بالخصوص شرط السيرة الحسنة و هي قريبة من التوبة، كما إن أثار رد الاعتبار في القوانين الحديثة قريبة من أثار التوبة النصوح التي تمحي أثار الإدانة في المستقبل، و بل في بعض القوانين الوضعية الحديثة يؤدي رد الاعتبار إلى سحب صحيفة السوابق القضائية.
و من السنة الشريفة هناك أحاديث نبوية كثيرة تدعو إلى التوبة و تحث الآثمين عليها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال:" إن السارق إن تاب سبقته يده إلى الجنة و إن لم يتب سبقته إلى النار "( )
كما أن النبي صلى الله عليه و سلم دعا إلى عدم تعيير المجرم حتى لا يكون بعيدا عن الناس، و قد سمع عليه الصلاة و السلام بعض الناس يعيرون من أقيم عليه الحد يقولون له، أخزاك الله. فقال عليه الصلاة و السلام: ( لا تعينوا عليه الشيطان) ( )
و هذان الحديثان الشريفان لدليلان آخران على عناية الشريعة الإسلامية بالمذنبين التائبين و حرصها على رد الاعتبار لهم
أما في التشريعات الوضعية فقد عرفه التشريـع الفرنسي القديم باسم lettres de (4) réhabilitation كحق للمحكوم عليهم الذين قضوا عقوباتهم و دفعوا الغرامات والتعويضات المدنية، فيمكن لهم طلب رأفة الأمير من اجل رد الاعتبار لسمعتهم مثلما كانت عليه قبل الحكم بالإدانة، ثم عرف هذا النظام في تشريع الثورة الفرنسية باسم bateme civique ، و تجدر الإشارة إلى أن رد الاعتبار كان يعد شكلا من أشكال العفو يدخل ضمن أعمال السيادة.
والمرة الأولى التي ادخل رد الاعتبار في التشريع العادي سنة 1791 في قانون التحقيقات الجنائية إلا انه ظل شكل من أشكال العفو الخاص.
و بموجب مرسوم الحكومة الفرنسية المؤقتة المؤرخ في 18/4/1808 و توسع رد الاعتبار ليشمل الجنح.
و بصدور قانوني 28 أفريـل 1872 و قانون 3 جويليـة 1852 المعدلان لنصوص قانون التحقيقات الجنائية أصبح رد الاعتبـار عملا مشتركا تشترك في الفصل فيه السلطتان القضائية و الإداريـة( ).
أين طالب رد الاعتبار يقدم طلبـه إلى غرفة الاتهـام التي يقع في دائرة اختصاصها مقر إقامته، هذه الأخيرة التي تقوم بإجراء تحقيق حول سلوك المحكوم عليه و سيرته و يحول الملف مشفوعا برأيها إلى النائب العام ممثل وزير العدل الذي يرفعه إلى رئيس الدولة الذي يبث فيه، و بالتالي فان قرار رد الاعتبار بقي عملا من أعمال السيادة يخضع للسلطة التقديرية لرئيس الدولة ، و بصدور قانون 14/8/1885 المعدل لقانون التحقيقات الجنائية أصبح رد الاعتبار الخاص بعقوبة وقف التنفيذ في قانون 26/3/1891 و ذلك بعد اجتياز المحكوم عليه اختبار مدته 5 خمس سنوات أما رد الاعتبار القانوني فقد جاء به قانوني 5اوت 1899 و 11 جويلية1900 Le ré habitation de droit (2)
و بعد التعديلات الكثيرة في التشريع الفرنسي جاء أمر 10اوت 1945 الذي ادمج ضمن قانون التحقيقات الجنائية وذلك في المواد 619 إلى 634 التي تضمنت رد الاعتبار القانوني و القضائي و هذه النصوص نقلت بمجملها و بدون تغييرات كثيرة إلى قانون الإجراءات الجزائية و خصص رد الاعتبار في المواد 782 الى799.
و آخر تعديل لقانون الإجراءات الجزائية الفرنسية جاء به قانون 16/12/1992 الذي دخل حيز التنفيذ في 1/3/1994 و الذي عدل بعض المواد المتعلقة برد الاعتبار ولا سيما المادة 769 منه.
و في الأخير ما يمكن أن نستخلصه من تطور رد الاعتبار في التشريع الفرنسي أنه مر بثلاث مراحل متتالية: المرحلة الأولى بدأت برد الاعتبار الإداري كمنحة من السلطة العامة المتمثلة في رئيس الدولة و ذلك بعد إجراءات خاصة و استكمال بعض الشروط و في هذه المرحلة كان يعد رد الاعتبار عملا من أعمال السيادة، و المرحلة الثانية هي رد الاعتبار القضائي الذي أصبح من اختصاص غرفة الاتهام، و بالتالي أصبح عملا قضائيا خالصا.
و المرحلة الثالثة و الأخيرة هي ظهور رد الاعتبار القانوني، و بالتالي أصبح هناك نوعين من رد الاعتبار قضائي و قانوني و من البلدان التي أخذت بنظام رد الاعتبار نجد ايطاليا من خلال قانون 1889، و أصبح في التشريع الحالي قضائيا فحسب المواد 878 إلى 881 منه( ).
و من البلدان العربية التي أخذت بنظام رد الاعتبار نجد التشريع المصري بموجب قانون رقم 31/41 لسنة 1931.
و بعد ذلك صدر قانون الإجراءات الجزائية لسنة 1950( قانون150/50 ) معدلا و مضيفا إلى نظام رد الاعتبار القضائي نظاما جديدا و هو رد الاعتبار القانوني ( المواد 536الى 553 ).
و من التشريعات العربية الأخرى التي أخذت بنظام رد الاعتبار نجد التشريع الأردني، الذي ادخل هذا النظام القانوني بموجب تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية ( قانون 16/91 المؤرخ في 1/9/1991) في المواد 364 و 365 منه ( )
الفرع الثاني: 

نظرة عامة حول فكرة رد الاعتبار في التشريع الجزائري

أما في الجزائر فبموجب أمر رقم 66/155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية اعتنق المشرع الجزائري نظام رد الاعتبار في صورتيه القانوني و القضائي و ذلك في المواد من 676 إلى 693 قانون الإجراءات الجزائية
و إلى جانب رد الاعتبار الجزائي و الذي سنتناوله بالتفصيل في الفصل الأول، هناك رد الاعتبار التجاري و الذي اخذ به المشرع الجزائري بموجب أمر 75/59 المؤرخ في 26 سبتمبـر 1975 المتضمن القانوني التجـاري في ثـلاث صـور: القانـوني والإلزامي و الجوازي، و ذلك في المواد من358 إلى 368 منه، و الذي سنتناوله بالتفصيل هو الآخر في الفصل الثاني.
بالإضافة إلى رد الاعتبار الواردين في قانوني الإجراءات الجزائية و القانون التجاري، و اللذان كما قلنا سابقا سنستعرض لهما بالدراسة في فصلين مستقلين. هناك نوع آخر من رد الاعتبار و الذي يصدر عن هيئات شبه قضائية، أو ما يعرف برد الاعتبار التأديبي، و هو ليس موضوع دراستنا كما بينا ذلك في المقدمة، و لكن ليس من الإشارة إليه، و لعل ابرز ما تناول رد الاعتبار التأديبي نجد: الأمر رقم 66/133 المؤرخ في 2 يونيو 1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية و المتمم بالمراسيم المطبقة له، و أيضا القانون العضوي رقم 04/11 المؤرخ في 6 سبتمبر 2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء.
فبالنسبة للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، فلقد نص على رد اعتبار
الموظفين المحكوم عليهم بعقوبة تأديبية في المرسوم المطبق له رقم 66/152 المؤرخ في 2 يونيو المتعلق بالإجراء التأديبي في المادة السابعة منه التي نصت: على انه يجوز للموظف المحكوم عليه بعقوبة تأديبية و غير المبعد من الإطارات من السلطة التي لها حق التأديب شطب إشارة العقوبة الصادرة و المقيدة من ملفه و ذلك بعد 3 سنوات إذا كان الأمر متعلقا بإنذار أو توبيخ، و بعد 6 سنوات إذا كان الأمر متعلق بعقوبة أخرى.
و إذا كان سلوك الموظف بوجه عام مرضيا تماما بعد العقوبة التي تعرض لها فيقتضي إجابة طلبه.
و لا يسوغ للسلطة التي لها حق التاديب البث في الطلب إلا بعد أخذ رأي مجلس التاديب و يجرى إحداث ملف جديد للموظف يجب وضعه تحت رقابة مجلس التأديب.( )
يتبين من خلال هذا النص أن المشرع الجزائري في تأديب الموظفين اخذ بالنظام الشبه القضائي مسايرا في ذلك المشرع الفرنسي و الايطالي، أي أن هناك هيئة استشارية تتدخل
في مرحلة سابقة على إصدار القرار التأديبي، و هذه الهيئة هي اللجان المتساوية الأعضاء التي تتكون من ممثلي الإدارة و ممثلي الموظفين تقوم بدور مجلس التأديب.
و تختص سلطة التعيين بمفردها بعد استشارة اللجنة المتساوية الأعضاء في البث في طلبات رد الاعتبار.
فبالنسبة لعقوبتي الإنذار و التوبيخ يقدم طلب رد الاعتبار بعد مرور 3 سنوات من النطق بالعقوبة، أما باقي العقوبات الأخرى يقدم الطلب بعد 6 سنوات، و لا يسري رد الاعتبار على عقوبتي العزل و الإحالة على التقاعد التلقائي.
و يشترط إلى جانب القضاء المدة المحددة قانونا لقبول طلب رد الاعتبار حسن سلوك الموظف، و العمل الوظيفي منذ توقيع العقوبة عليه و يستخلص ذلك من واقع تقاريره السنوية و ملف خدمته، و ما يبديه الرؤساء عنه ( )
و يترتب على رد اعتبار الموظف محو آثار العقوبة و اعتبارها كان لم تكن بالنسبة للمستقبل، و بالتالي فان محو العقوبة من ملف الخدمة يسمح للموظف بان يكون قابلا للترقية، و لا يتأثر مستقبله الوظيفي.
أما بالنسبة لرد اعتبار القضاة ؛ فلقد نص قانون 89/21 المؤرخ في 12/11/1989 المتضمن القانون الأساسي للقضاء في المادتين 100 و 101 على جواز طلب رد الاعتبار من طرف القضاة الذين تعرضوا لعقوبات تأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء ولقد تم استبدال هذا القانون بالقانون العضوي رقم 04/11 المؤرخ في 6 سبتمبر 2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء ( )
و لقد نصت المادتين 71 و 72 منه على رد اعتبار القضاة و إجراءاته و شروطه، فتنص المادة 71 الفقرة 2و 3 منه على أنه: "يمكن للقاضي المعني أن يقدم طلبا برد الاعتبار إلى السلطة التي أصدرت العقوبة بعد مضي سنة إبتداءا من تاريخ تسليط العقوبة يتم رد الاعتبار بقوة القانون بعد مضي سنتين من تاريخ توقيع العقوبة".
و تضيف المادة 72:" يجوز للقاضي محل العقوبات من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة أن يرفع طلبا لرد الاعتبار أمام المجلس الأعلى للقضاء في تشكيلته التأديبية.
لا يجوز قبول هذا الطلب إلا بعد مضي سنتين من النطق بالعقوبة.
يتم رد الاعتبار بقوة القانون بعد مضي 4 سنوات من النطق بالعقوبة" .
و ما يمكن أن نستخلصه من هاتين المادتين أن القضاة الذين تعرضوا لعقوبات تأديبية نتيجة لارتكابهم لأخطاء تأديبية.
يمكن لهم طلب رد اعتبارهم أمام السلطة التي أصدرت العقوبة، فإذا كانت العقوبة التأديبية التي صدرت في حق القاضي إنذارا صادرا عن وزير العدل أو عن أحد رؤساء الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي العادي أو الإداري، فيمكن لهذا القاضي أن يقدم طلبا لرد اعتباره أمام السلطة التي أصدرت عقوبة الإنذار، و ذلك بعد مضي سنة من تاريخ تسليط هذه العقوبة، و يتم رد اعتباره بقوة القانون بعد مضي سنتين من تاريخ توقيع العقوبة.
أما فيما يخص العقوبات التأديبية التي تصدر عن المجلس الأعلى للقضاء، و المنصوص عليها في المادة 68 من القانون العضوي، و هي العقوبات من الدرجة الأولى و من الدرجة الثانية و من الدرجة الثالثة، فان القاضي الذي يتعرض لإحدى هاته العقوبات التأديبية يمكن له أن يقدم طلبا أمام المجلس الأعلى للقضاء و ذلك بعد مضي سنتين من النطق بالعقوبة.
و يتم رد اعتباره بقوة القانون بعد مضي أربع سنوات من النطق بالعقوبة، غير أن عقوبتي الدرجة الرابعة العزل و الإحالة على التقاعد التلقائي لا يسري عليها نظام رد الاعتبار.
و الغاية من رد اعتبار القضاة الذين يتعرضون لعقوبات تأديبية هو أن بقاء الجزاء التأديبي بملف خدمتهم دون محوه قد يؤثر على مستقبلهم المهني، كما قد يلقى ظلالا على قابليتهم للترقية.
إذن فهناك نوعين من رد الاعتبار الخاص بالقضاة، رد اعتبار بطلب من القاضي المعني و الذي تفصل فيه الجهة القضائية التي أصدرته أو المجلس الأعلى للقضاء حسب الحالة، و هذا يمكن أن نسميه رد الاعتبار بناءا على طلب القاضي المعني، و هناك رد الاعتبار بقوة القانون، و هذا دون أن يطلبه القاضي المعني فيكفي أن تمر المدة المنصوص عليها قانونا حسب الحالة.
المطلب الثاني :

 المفاهيم المختلفة لرد الاعتبار

سنعرض في هذا المطلب مختلف المفاهيم التي أعطيت لرد الاعتبار بعد أن عرض لتطوره التاريخي. و قد أجملنا هذه المفاهيم في الجوانب اللغوية و الشرعية و الفقهية و كذا التشريعية إن وجدت، و من هذا المنطق ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فرعين متتاليين على النحو التالي:
الفرع الأول: المفاهيم اللغوية و الشرعية
الفرع الثاني: المفاهيم الفقهية و التشريعية

الفرع الأول:

 المفاهيم اللغوية و الشرعية

إن أصل كلمة رد الاعتبار لاتيني Réhabilite ( ) و يقابلها في اللغة الفرنسية Réhabilitation و التي تعني واقعة استعادة أحد ما لحقوقه كما كانت في المرة الأولى ) ) ، و من ثمة يمكن أن يكون رد الاعتبار في الزواج و يعرف بـ Réhabilitation de mariage. و قد يكون رد الاعتبار في النبلاء Réhabilitation de noblesse ، ومن الصعب جدا تصور رد الاعتبار التاريخي لأن رد الاعتبار يتعلق بشيء فقد) ( ناهيك عن رد الاعتبار العادي أو ما يعرف برد الاعتبار الجزائي و رد الاعتبار التجاري.
أما من الناحية الشرعية فإن الشريعة الإسلامية لم تعرفه بهذا المفهوم بقدر ما عرفته بفكرة أوسع من ذلك في إطار ما يعرف بالتوبة. التي تكون بإرادة العبد يجسدها في أعماله اليومية إزاء مجتمعه، و من أدلة التوبة قوله تعالى: في سورة الفرقان- الآية 71 - : " فأما من تاب وعمل عملا صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا".
و التوبة لغة هي الندم و العزم على عدم معاودة الذنب( ) و من ثمة فإن مدلول التوبة هو الإقلاع عن المعصية بعد الندم و من شروطها ( ) إذن :
الشرط الأول: الاعتراف بالذنب
الشرط الثاني: عقد العزم على ألا يعود إلى الذنب بعد توبته.
الشرط الثالث: الإقلاع عن هذا الذنب بالفعل.
و آثارها أنها تمحو المعصية و الوزر على صاحبها و يمتد آثارها إلى علاقة العبد بربه. و هو يغفر لمن يشاء ماعدا الكفر و الشرك بالله.

الفرع الثاني: 

المفاهيم الفقهية و التشريعية

وردت كلمة رد الاعتبار ( ) في بعض التشريعات العربية و في بعضها الآخر إعادة الاعتبار. ( )
و يعرف بعض الفقه رد الاعتبار الجزائي بأنه منح الشخص الذي تعرض لعقوبة واحدة أو عدة عقوبات جزائية بعد فترة من الزمن تعد كمرحلة اختبار له عن حسن سلوكه، كافة حقوقه التي فقدها بسب ذلك ) (، و يعرف Garraud رد الاعتبار القضائي بأنه نظام يسمح للشخص المحكوم عليه بعقوبة بعد ثبوت سيرته الحسنة بمحو آثار الإدانة بقرار من العدالة ) ( و يعرف نفس الفقيه رد الاعتبار القانوني بأنه طريق تلقائي يمحو بموجبه الإدانة منذ الوقت الذي حصلت فيها.) (
كما أن الفقه العربي كان قد تصدي لهذا النظام بتعريفه فيرى البعض أن المقصود به هو محو الآثار الجنائية للحكم بالإدانة بحيث يأخذ المحكوم عليه وضعه في المجتمع كأي مواطن لم تصدر ضده أحكام جنائية، و حسبه فإن هدف هذا النظام هو التخفيف من الآثار الاجتماعية للأحكام الجنائية و التي تقف صحيفة السوابق القضائية فيها عائقا ضد المحكوم عليه في أن يشق طريقه العادي لكسب معاشه ( ) و يعرفه الدكتور الشواربي بأنه "إزالة حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل على وجه تنقضي معه جميع آثاره، و يصبح المحكوم عليه ابتداء من تاريخ رد الاعتبار في مركز من لم تسبق إدانته( ) و يعني حسب رأيه أن من يحصل على رد الاعتبار يجتاز بمرحلتين الأولى هي السابقة لرد الاعتبار، و فيها يكون حكم الإدانة قائما منتجا لجميع آثاره، أما المرحلة الثانية فهي اللاحقة على حصوله على رد الاعتبار و فيها يزول حكم الإدانة و تنتهي جميع آثاره.( )
و يذهب محمود نجيب حسني إلى القول بأن " رد الاعتبار يمنح للذي نفذت العقوبة بحقه، و أبرأ ذمته اتجاه السلطة و الخزانة و الشخص المتضرر، فيعاد له وضعه السابق كما كان قبل الحكم بالإدانة دون أن يستطيع أحد حرمانه من أي حق، أو يلحق به أي صفة من صفات العار لأن الحرمان من الحقوق وصمة العار أصبحا ملغيين من يعيد المقرر اعتباره إلى ممارسة جميع حقوقه المدنية( )
و يذهب البعض الآخر من الفقه إلى اعتباره "حق رتبة الشارع" لمن أدين أو جرم و حكم عليه بعقوبة جنحية أو جنائية يستصدره من القضاء أو يترتب له حكما إذا استوفى شروطه القانونية، و الحصول على هذا الحق يمكنه من التخلص من الآثار المترتبة عن هذا الحكم من حيث ما يتصل بحرمانه من حقوقه، أو الإشارة إلى تلك الآثار و ربطه بها للحطّ من قيمته الأدبية أو المعنوية أو الاجتماعية ( )
بينما اكتفى البعض من الفقه في تعريفه لرد الاعتبار بالإشارة إلى أنه يتم بحكم من المحكمة، و بناءا على طلب المحكوم علية( )
أما التشريعات العربية فقد أوردت رد الاعتبار و حاولت بعضها تعريفه من خلال الآثار المترتبة عنه كما هو الحال بالنسبة للمشرع الجزائري الذي نص على أنه يمحو في المستقبل كل أثار الإدانة العادلة و ما نجم عنها من حرمان الأهليات.( )
المبحث الثـاني:

 تمييز رد الاعتبار عن بعض الأنظمـة الأخرى

رد اعتبار المحكوم عليه نظام يهدف إلى محو آثار الحكم الجنائي الصـادر عليـه
و إزالة كافة آثاره المحتومة، و بوجه خاص تلك الماسة بحقوقه المدنية وبأهليته، حتى يستعيد مكانته السابقة في المجتمع.
تترك بعض الأحكام القضائية بعد تنفيذها أو انقضائها بالعفو أو التقادم آثارا معينة قد تشترك بعضها من حيث الآثار مع رد الاعتبـار و يختلف من جوانب أخرى.
و رد الاعتبار كنظام قانوني يجب تمييزه عن بعض الأنظمة الأخرى التي من الأهمية بمكان الإشارة إليها في مطالب مستقلة خاصة إذا علمنا أن رد الاعتبار كان قديما من صور العفو و يعد منحة من السلطات العامة ( )هذا من جهة.
و من جهة أخرى يجب التمييز بين رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة و تقادم العقوبة باعتبار كليهما يؤدي إلى محو الإدانة بعد مرور فترة معينة بحيث يتصل كل منهما بالعقوبة المحكوم بها و ما عليهما و يلتقيان بصورة جزئية مع طرف المشرع في الآثار المتربة.( )
و عليه سنتناول في هذا المبحث مطلبين، سنخصص المطلب الأول للتمييز بين رد الاعتبار و العفو بأنواعه.
ثم في مطلب ثاني سنتناول التمييز بين رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة و تقادمها.
المطلب الأول:

 رد الاعتبار و العفو بأنواعه المختلفـة

نظرا لارتباط كلا من رد الاعتبار و العفو بانقضاء العقوبة بحيث يعتبر أن من الأسباب التي تمحوا الآثار الجزائية للعقوبة و لو بدرجات متفاوتة، فالعفو يؤدي إلى التخلي عن تنفيذ العقوبة، في حين رد الاعتبار يؤدي إلى محو آثار الحكم الجزائي لاسيما تلك المتعلقة بالحقوق و الأهلية، هذا ما نصت عليه م 676 ق/ج: "يمحو رد الاعتبار في المستقبل كل أثار الإدانة العادلة و ما نجم عنها من حرمان الأهليات" .
و على هذا قسمنا هذا المطلب إلى فرعين سنتناول في الفرع الأول العفو بأنواعه المختلفة ثم في الفرع الثاني رد الاعتبار و العفو بأنواعه.
الفرع الأول: 

العفـو بأنواعه المختلفـة

تنقضي العقوبة عادة بتنفيذها فعلا على المحكوم عليه، و إذا كان تنفيذ العقوبة هو الطريق العادي و الطبيعي لانقضائها، فثمة أسباب أخرى تعد الطريق غير العادي و الطبيعي لانقضاء العقوبة و تتمثل في العفو عن العقوبة و سقوط العقوبة بالتقادم و وفاة المتهم و رد الاعتبار سنقتصر من خلال دراستنا للموضوع على العفو بأنواعه.

1) تعريف العفو:

هو إنهاء الالتزام بتنفيذ العقوبة كله أو جزءا منه أو التعديل منه عن طريق استبداله بعقوبة أخف( )
هذا التعريف يتماشى و ما جاء به المؤسس الدستوري من خلال نصه في المادة 77 منه الفقرة السابعة و التي جاءت في الباب الثاني تنظيم السلطة، الفصل الأول السلطة التنفيذية
يضطلع رئيس الجمهورية بالإضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور بالسلطات و الصلاحيات الآتية:
"له حق إصدار العفو و حق تخفيض العقوبات أو استبدالها"

2)- أنواع العفو:

بالرجوع إلى المادة 77 من الدستور نجدها تنص على أن رئيس الجمهورية يضطلع سلطة إصدار العفو و تخفيض العقوبة أو استبدالها.
كما نصت المادة 122 من الدستور الجزائري بان البرلمان يشرع في الميادين التي يخصصها له الدستور و كذلك في المجالات الآتية:
قواعد قانون العقوبات و الإجراءات الجزائية لاسيمـا تحديد الجنايـات و الجنح والعقوبات المختلفة المطابقة لها، و العفو الشامل و تسليم المجرمين و نظام السجون.
من خلال تفحصنا للمادتين السالفتي الذكر نجد بان هناك نوعين لنظام العفو فالمادة 177 من الدستور خولت لرئيس الجمهورية صلاحية إصدار العفو أو تخفيض العقوبة أي عفو تام، و عفو مخفف و هو ما سأطلق عليه تسمية العفو عن العقوبة، و المادة 122 التي خولت للبرلمان سلطة التشريع في مجال العفو الشامل.
و من الأهمية الإشارة إلى بعض الكتب القانونية التي اعتمدت على تقسيم آخر له نفس المدلول مع تغيير في العبارات المستعملة ألا و هي:
- العفو العام و يقصد به العفو الشامل.
- العفو الخاص ويقصد به العفو عن العقوبة.
حقيقة وان كان هذا التقسيم لا يخلو من الصحة لكون العفو العام هو إجراء موضوعي لجريمة معينة أو نوع معين من الجرائم يتخذ دون تعيين جناتها فهو لا يعين أسمائهم بل قد يعين طائفة من الجرائم أو عدة طوائف وقعت في وقت معين، و العفو الخاص هو إجراء شخصي يمنح الفرد واحدا أو أكثر لا لنوع معين من الجرائم( )
غير انه و حسب رأينا و تماشيا مع المصطلحات التي استعملت في القانون الدستوري و التشريع العقابي. فإننا نتمسك بالتقسيم الأول أي العفو عن العقوبة و العفو الشامل. فما هي أوجه الشبه و الاختلاف بينهما ؟

3)- مقارنة بين العفو عن العقوبة و العفو الشامل

* أوجه الشبه:
أ- يهدف كلا من العفو عن العقوبة و العفو الشامل إلى إسدال ستار النسيان عن الواقعة و الإفضاء عن القصاص على الجاني.
ب- القانون لم يقيد أيهما بأي قيد، بل تركهما لحسن تصرف السلطات العامة.
ج- لا يحول دون المطالبة بالتعويضات .
د- لا يقبل تنازل صاحب الشأن بالعفو لتطبيقه( )
* أوجه الاختلاف:
أ)- يتضمن العفو عن العقوبة معنى الإفضاء عن تنفيذها فحسب بمعنى لا تسقط العقوبة التبعية و لا الآثار الجنائية الأخرى المترتبة على الحكم بالإدانة ما لم ينص في أمر العفو على خلاف ذلك فالحكم يظل قائما محتسبا سابقة في العود و مستتبعا جميع آثاره و يكون بأمر من رئيس الجمهورية.
في حين العفو الشامل يزيل الصفة الإجرامية عن الفعل، فهو بمثابة تنازل عن الهيئة الاجتماعية عن جميع حقوقها قبل الجاني وحسب ما يشير إليه الأصل اللغوي لكلمة amnistie إفضاء من الهيئة الاجتماعية و نسيان للواقعة، و يستتبع انقضاء العقوبة الأصلية و التكميلية و التبعية و الآثار الجنائية لها. و يكون بقانون لان القانون لا يلغي إلا بقانون.
ب)- العفو عن العقوبة يسري أثره من يوم الأمر به و بالنسبة للمستقبل فقط
أما العفو الشامل فيسري بأثر رجعي و يصبح الفعل كما لو كان مباحا و عليه لا يصح صدور العفو عن العقوبة إلا بعد صدور حكم نهائي لان الحكم غير النهائي قد يلغى عند الطعن فيه فيكون في العفو عن العقوبة استباق للحوادث و تدخل من السلطة التنفيذية في عمل القضاء
ج)- العفو عن العقوبة إجراء شخصي يمنح لفرد واحد أو أكثر لا لنوع معين من الجرائم
في حين العفو الشامل هو إجراء موضوعي لجريمة معينة أو نوع معين من الجرائم يتخذ دون تعيين جناتها
د)- العفو عن العقوبة يصدر عادة لتخفيف وطأة حكم قضائي خانه التوفيق في تقدير العقوبة و ليس هناك ما يمنع من صدوره لباعث سياسي في حين العفو الشامل يكون عادة في ظروف الانقلابات السياسية
الفرع الثاني: التمييز بين رد اعتبار و العفو بأنواعه
يشبه رد الاعتبار في آثاره العفو الشامل لأنه كان قديما من صور العفو و يعد منحة من السلطات العامة، أما حديثا فهو يختلف عن العفو الشامل من عدة وجوه يمكن حصرها في النقاط التالية:
من حيث المصدر:
حين يكون العفو الشامل بقانون يكون رد الاعتبار بحكم القاضي أو بقوة القانون
من حيث مدى تحققه:
يعد العفو الشامل إجراءا استثنائيا قد يتحقق من أن لآخر أما رد الاعتبار فهو إجراء عادي مستديم.
وقت صدوره :
قد يصدر العفو الشامل قبل المحاكمة و الحكم أما رد الاعتبار لا يكون إلا بعد مضي مدة كافية اشترطها القانون بدءا من تنفيذ الحكم أو سقوطه بالتقادم.
من حيث الحق في طلبه:
يعد العفو الشامل منحة تتوقف على رغبة الشارع، في حين رد الاعتبار أصبح حقا مكتسبا للمحكوم عليه إذا استوفى شروطه.
من حيث آثاره:
رد الاعتبار يزيل أثار الحكم الجنائي بالنسبة للمستقبل دون الماضي.
في حين العفو الشامل الذي له اثر رجعي لذا لا يجوز أن يعتبر هذا الحكم سابقة في العود. ( )
كما أن نظام العفو عن العقوبة يختلف عن رد الاعتبار باعتبار العفو عن العقوبة يمنع من تنفيذ العقوبة لكنه لا يزيل أثارها الجنائية، في حين رد الاعتبار سواء كان قضائيا أم قانونيا فهو يزيل آثار العقوبة بصرف النظر عما إذا كانت قد نفذت في الماضي أم لم تنفذ لتقادمها فلا يحتسب الحكم سابقة في العود كما تسقط العقوبات التبعية المتصلة بانعدام الأهلية و بالحرمان من الحقوق و المزايا بصريح النص. لكن لا يستعيد من رد اعتباره إليه وظيفته لمجرد رد اعتباره بعد صدور حكم بالإدانة.
المطلب الثاني: 

رد الاعتبار و وقف التنفيذ و تقادم العقوبة


الأصل في العقوبة التي ينص بها القاضي هو تنفيذها، مع مراعاة ما هو مقرر لتدابير الأمن التي يجوز إعادة النظر فيها وفق ما يقتضيه تطور الحالة الخطيرة لصاحب الشأن.
غير أن المشرع الجزائري أجاز في حالات معينة و ضمن شروط محددة وقف تنفيذ العقوبة بل وأجاز أحيانا إنهائها و ذلك بمفعول بعض الأنظمة و التي اصطلح بتسميتها بأنظمة انقضاء العقوبة إما بسبب محو العقوبة و التي تشمل العفو الشامل و برد الاعتبار و هو ما تم تناوله بإسهاب في المطلب الأول. أو انقضاء العقوبة بسبب التخلي عن تنفيذها و التي تشمل التقادم.
و حتى يكون الإلمام بأكبر قدر ممكن لجوانب الموضوع ارتأينا أن نتناول في الفرع الأول رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة كنظامين قانونيين يشتركان في مال العقوبة المحكوم بها ثم نعرج في الفرع الثاني على رد الاعتبار و تقادم العقوبة باعتبارها سبب من أسباب انقضاء العقوبة.
الفرع الأول:

 رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة

ذكر المشرع الجزائري في نص المادة 678 ق.إ.ج.
إذا كانت عقوبة الحبس أو الغرامة مع وقف التنفيذ برد اعتبار المحكوم عليه بقوة القانون بعد مضي فترة اختبار خمس سنوات ما لم يحصل إلغاء وقف التنفيذ فان حصل ذلك فقد المحكوم عليه حقه في رد الاعتبار بقوة القانون .
و يبدأ احتساب المدة المذكورة من يوم صدور الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به.
يتضح لنا من المادة 678 ق/ج أن رد الاعتبار القانوني للمحكوم عليه بوقف النفاذ يكون بعد مضي فترة اختبار كشرط أولي و لم يحصل إلغاء وقف التنفيذ كشرط ثاني
و لكن يثار التساؤل حول:
* آليات إلغاء وقف تنفيذ العقوبة باعتبار المشرع الجزائري لم ينص على الجهة المختصة في القضاء بإلغاء وقف النفاذ مما تثير إشكالات في تطبيقها ؟
* إن كان قد سبق الحكم بجناية أو جهة موقوفة النفاذ و سقطت بفعل رد الاعتبار، هل تعد سابقة تحول دون تطبيق نظام وقف النفاذ ؟
للإجابة على هذه الإشكاليات ارتأينا أن أتناول وقف تنفيذ العقوبة أولا ثم التمييز بين رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة
1) وقف تنفيذ العقوبة :
هو نظام يجيز وقف تنفيذ العقوبة بعد النطق بها، و يرجع الفضل في اعتماد هذا النظام الذي أخذت به معظم الشرائع العقابية بما فيها التشريع الجزائري إلى المدرسة الوضعية التي رأت أن من مصلحة المجتمع وقف تنفيذ عقوبة الحبس على مجرمي الصدفة.
ذلك أن تنفيذ العقوبة عليهم يعود عليهم و على المجتمع بضرر اكبر نتيجة لاختلاطهم في السجن بغيرهم من الجناة بالفطرة فيتحولون بذلك إلى مجرمين بالعادة.
و قد اخذ المشرع الجزائري بهذا النظام و طبقه على الحبس و الغرامة على حد سواء منذ صدور قانون الإجراءات الجزائية بموجب الأمر رقم66-155 المؤرخ في 8/6/1966 حيث أجاز للقاضي تعليق تنفيذ عقوبتي الحبس و الغرامة المقضي بهما و أوقف ذلك على شروط معينة و رتب على ذلك آثار محددة
أ‌- صور وقف التنفيذ:
و لنظام وقف التنفيذ صور متنوعة لا يعرف القانون الجزائري إلا واحدة و هي وقف التنفيذ البسيط تماشيا مع القانون المصري ، بالإضافة إلى وقف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار و هو نظام قديم ظهر في أواخر القرن الثامن عشر في الإمبراطورية النمساوية ثم انتشر ليشمل معظم التشريعات على اختلاف مذاهبها العقائدية و أنظمتها السياسية ( ) خاصة الانجلوساكسونية.
و لكن ما هي شروط الحكم بوقف التنفيذ البسيط و آثاره ؟
ب- شروط الحكم بوقف التنفيذ:
أجازت المادة 594 ق/ج للقاضي الحكم بوقف العقوبة بعد النطق بها متى توافرت شروط معينة منها ما يتعلق بالجريمة و منها للمحكوم عليه و منها ما يتصل بالعقوبة ذاتها
- الشروط المتعلقة بالجريمة :
يجوز تطبيق نظام وقف التنفيذ في كل الجنح و المخالفات و في الجنايات إذا قضي منها على الجاني بعقوبة الحبس الجنحية بفعل إفادته بالظروف المحققة طريقا لأحكام المادة 53 ق ع و يتحقق ذلك في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت دون الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد.
- الشروط المتعلقة بالجاني:
إن الاستفادة من وقف التنفيذ متاحة للمتهمين لم يسبق الحكم عليهم بالحبس لجناية أو ضجة من جرائم القانون العام.
و يترتب عن هذا الشرط ما يلي( )
- كل ما يقضي به من عقوبات في المخالفات. حتى و إن كانت بالحبس لا يحول دون تطبيق نظام وقف التنفيذ.
- لا يعتد بعقوبة الغرامة المقضي بها في الجنح و الجنايات لحرمان صاحبها من نظام وقف التنفيذ.
- لا تؤخذ في الاعتبار عقوبة الحبس المقضي بها في الجرائم العسكرية و السياسية.
- و يثور التساؤل حول ما إذا كانت تعد سابقة تحول دون تطبيق نظام وقف تنفيذ العقوبة التي سبق الحكم بها لجناية أو جنحة و سقطت برد الاعتبار.
بالرجوع إلى أحكام المادة 592 ق/ج التي تفيد بعدم التنويه عن العقوبات التي صدر بشأنها قرار برد الاعتبار في القسيمة رقم 2 نستنتج بان العقوبة التي شملها رد الاعتبار لا تحول دون تطبيق نظام وقف التنفيذ على صاحبها.
- الشروط المتعلقة بالعقوبة:
لا يكون وقف التنفيذ إلا بالنسبة لعقوبات الحبس و الغرامة أي العقوبات الأصلية و من ثم لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبات التكميلية و لا تدابير الأمن.
و متى توافرت كل هذه الشروط يجوز للقاضي أن يأمر بوقف التنفيذ و هذا الإجراء ليس حقا و إنما هو أمر اختياري متروك لتقدير القاضي يقرره بكل سيادة لمن يراه مستحقا له من المتهمين بحسب ظروف الدعوى و شخصية المتهمين.
و في هذا السياق صدر قرار من المحكمة العليا جاء فيه:
" إن الاستفادة من وقف التنفيذ المنصوص عليه في المادة 592 ليس حقا مكتسبا للمتهم
الذي تتوافر فيه الشروط القانونية و إنما هي مكنة جعلها المشرع في متناول القضاة وترك تطبيقها لسلطتهم التقديرية ". ( )
- كما أوجب المشرع أن يصدر القاضي قرارا مسببا عند ما يقضي بإيقاف التنفيذ أي ما هي الأسباب التي دعته إلى إيقاف التنفيذ كتوافر ظروف خاصة للمتهم كان يكون كبير السن أو معتل الصحة أو تصالح مع المجني عليه. ( )
ج‌- آثار وقف التنفيذ: يمكن حصرها فيما يلي:
1- إن العقوبة مع وقف التنفيذ هي عقوبة جزائية، و بهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ في صحيفة السوابق القضائية في القسيمة رقم 01، و في القسيمة رقم 02 التي تقدم إلى بعض الإدارات. ما لم تنقض مهلة الاختبار المحددة بخمس سنوات.
في حين لا تسجل في القسيمة رقم 03 التي تسلم للمعني بالأمر. و تحتسب هذه العقوبة في تحديد العود.
2- عقوبة تنفيذها معلق على شروط: أن تنفيذ العقوبة المحكوم بها مع وقف التنفيذ معلق على شرط و هو ألا يرتكب المحكوم عليه مدة 5 سنوات من تاريخ صدور الحكم الأول لجناية أو جنحة من القانون العام توقع عليه من اجلها عقوبة السجن أو الحبس.
و هكذا يلغي وقف التنفيذ بتوافر شرطين:
الشرط الأول: أن يرتكب المستفيد من وقف التنفيذ في مدة 05 سنوات من تاريخ صدور الحكم الأول جناية أو جنحة من القانون العام.
و بالتالي لا يؤخذ بالجرائم العسكرية و السياسية كما و لا يؤخذ بعقوبة الغرامة و لا بالعقوبات التكميلية ولا بتدابير الأمن.
الشرط الثاني : أ، توقع على هذه الجناية أو الجنحة عقوبة الحبس أو السجن ومن ثن لا يؤخذ بعقوبة الغرامة ولا بالعقوبات التكميلية ولا بتدابير الأمن.
و إذا توافر هذان الشرطان يلغى وقف التنفيذ بمجرد صدور الحكم هذا و يترتب على ذلك تنفيذ المنطوق بها في الحكم الأول دون أن تلتبس بالعقوبة الثانية.
- و نظرا لخطورة الآثار المترتبة على وقف التنفيذ أوجب المشرع في المـادة 594 ق إ ج على رئيس المحكمة أو المجلس الذي يفيد المحكوم عليه بوقف التنفيذ أن ينذره بأنه في حالة صدور حكم جديد عليه بالإدانة فان العقوبة الأولى ستنفذ عليه دون أن يكون من الممكن أن تلتبس بالعقوبة الثانية كما انه يستحق عقوبات العود.( )
و الجدير بالملاحظة أن قضاء المحكمة العليا لم يستقر بعد بخصوص ما يترتب على خرق أحكام المادة 594 المذكورة. فالقضاء منقسم في هذا المجال بين النقض لعدم الالتزام بأحكام المادة 594 و بين الرفض و هذا ما يتجلى لنا من خلال القرارين الصادريـن بتاريخ 13/06/1989 ملف 57427 المحكمة القضائية 1991 غ 02. ص 211. أين تم فيه نقض القرار لعدم الالتزام بأحكام المادة 594
و القرار الصادر بتاريخ 26/06/1994 ملف 113036 أين تم الرفض.
3- عقوبة تزول بفعل انقضاء مهلة التجربة بدون عارض: يعتبر الحكم القضائي الصادر في جناية أو جنحة مع وقف التنفيذ كأن لم يكن إذا لم يرتكب المحكوم عليه جناية أو ضجة من القانون العام خلال 5 سنوات من ذلك الحكم
و يترتب على ما سبق عدم تسجيل العقوبة في القسيمة رقم2 من صحيفة السوابق القضائية كما تزول أيضا العقوبات التكميلية المقضي بها.
2)- التمييز بين رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة:
منذ صدور قانون الإجراءات الجزائية في 8/06/1966 اعتنق المشرع الجزائري نظام رد الاعتبار في صورتيه بقوة القانون و القضائي و ذلك في المواد من 676 حتى 693.
كما تبنى نظام وقف تنفيذ العقوبة في المواد من 592 إلى 596 ق/ج الذي أخذت به معظم الشرائع العقابية بما فيها التشريع الجزائري من المدرسة الوضعية التي رأت من مصلحة المجتمع وقف تنفيذ عقوبة الحبس على مجرمي الصدفة( )
و يشترك كلا من النظامين في مجموعة من النقاط كما يختلفان في نقاط أخرى
أ- نقاط الشبه:
يتشابه النظامان اللذان تبناهما المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية في مجموعة من النقاط و التي يمكن حصرها فيما يلي:
أولا- كلا من نظامي رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة مرتبطان بالعقوبة المحكوم بها و من ثم لهما ارتباط بصحيفة السوابق القضائية.
ثانيا- كلا من النظامين لهما شروط و آجال يجب احترامهما.
ثالثا- كلا من النظامين لا يمتد أثرهما إلى ما تضمنه نفس الحكم بالنسبة للتعويضات المدنية و لا بالنسبة لمصاريف الدعوى ذلك لان كلا من النظامين جنائيين فلا مساس له بالآثار غير الجنائية للجريمة.( )
ب- نقاط الاختلاف: يمكن حصر الاختلافات فيما يلي:
- من حيث المفهوم:
رد الاعتبار هو إزالة حكم الإدانة بالنسبة إلى المستقبل على وجه تنقضي معه جميع آثاره ( ) في حين يمكن تعريف الحكم مع إيقاف تنفيذ العقوبة بأنه تعليق تنفيذ العقوبة على شرط واقف خلال فترة معينة يحددها القانون و يتمثل الشرط الواقف في عدم ارتكاب المحكوم عليه جريمة أخرى تالية خلال المهلة التي حددها المشرع.( )
- من حيث القوة الإلزامية:
هناك صورتين لرد الاعتبار في التشريع الجزائري: رد اعتبار قانوني و رد اعتبار قضائي.
فان كان رد اعتبار قانوني تتوافر فيه جميع الشروط القانونية فالقاضي ملزم بمنحه للمتهم دون أن يخضعه لسلطته التقديرية. و لو عمليا يكون رد الاعتبار القانوني باللجوء مباشرة إلى أمين الضبط و دون أن يمر على غرفة الاتهام كما هو عليه الحال بالنسبة لرد الاعتبار القضائي
أما وقف تنفيذ العقوبة فحتى يتوافر شروطه فانه يبقى من السلطة التقديرية للقاضي بإمكانه منحه للمتهم كما يجوز حرمانه منه و لا يستطيع المتهم الاحتجاج به.
مع الإشارة إلى انه إذا قرر القاضي وقف تنفيذ العقوبة وجب عليه أن يذكر أسباب ذلك في الحكم نفسه و إلا كان معيبا يترتب عليه النقض، إلا انه في حالة ما إذا قضي بتنفيذ العقوبة فانه غير ملزم ببيان سبب الرفض و لو كان المتهم قد طلب منه الاستفادة من وقف تنفيذ العقوبة لان الأصل في الأحكام تنفيذها، و ما وقف التنفيذ إلا خروج على الأصل و لذلك فهو وحده الذي يستلزم بيان الأسباب المميزة لذلك.
- من حيث الشروط و الآجال:
يختلف كلا من النظامين في كون لكل واحد منهما شروط و آجال يميزه عن الآخر تم ذكرهما في المواد 676 إلى 693 بالنسبة لرد الاعتبار. و من 592 إلى 596 بالنسبة لوقف التنفيذ.
- من حيث الهدف:
يهدف رد الاعتبار إلى إزالة حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل لتأهيل المحكوم عليه و تمكينه من استعادة مركزه في المجتمع كمواطن شريف، فإذا كان الحكم بالإدانة يستتبع حرمانه من حقوق و مزايا عديدة و يضع المحكوم عليه في وضع دون وضع سائر المواطنين فان تأصيله الكامل – حين يثبت جدارته بذلك – يقتضي إعادة هذه الحقوق و المزايا إليه و الاعتراف له بمركز مشروع في المجتمع و إزالة وصمة الإجرام و الإدانة عنه و تمكينه بذلك من أن يساهم في نشاط المجتمع و ازدهاره على الوجه الطبيعي المألوف و وظيفة رد الاعتبار هي تحقيق ذلك.
في حين يهدف وقف تنفيذ العقوبة بعد النطق بها إلى إعطاء فرصة أخرى لمجرمي الصدفة لكون تنفيذ العقوبة يعود عليهم و على المجتمع بضرر اكبر نتيجة لاختلاطهم في السجن بغيرهم من الجناة بالفطرة فيتحولون إلى مجرمين بالعادة.
- من حيث تطبيق أحكام الآثار و العود:
إن العقوبة مع وقف التنفيذ هي عقوبة جزائية و بهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ في صحيفة السوابق القضائية في القسيمة رقم 1 ( م618-623 ق.إ.ج ) و في القسيمة رقم 2 التي تسلم لبعض الإدارات ما لم تنقضي مهلة الاختبار المحددة بخمسة سنوات، في حين لا تسلم في القسيمة التي تسلم للمعني و تحتسب هذه العقوبة في تحديد العود.( )
أما بالنسبة لرد الاعتبار فينوه عنه في الحكم القاضي بالعقوبة كما ينوه عنه في البطاقة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية. في حين لا ينوه عن العقوبة التي شملها رد الاعتبار في القسيمتين 02 و 03 من صحيفة السوابق القضائية.( )
كما انه يؤدي إلى زوال الحكم بالإدانة في المستقبل و يترتب عن ذلك إذا إرتكب المحكوم عليه جريمة ثانية فلا يعتبر عائدا.( )
- من حيث العقوبة التبعية:
إن الحكم بوقف تنفيذ العقوبة لا يمتد إلى التعويضات المدنية و لا بالنسبة لمصاريف الدعوى و لا بالنسبة للعقوبات التبعية فهذه كلها تنفذ على المحكوم عليه لان الوقف لا يشملها في حين رد الاعتبار فيؤدي إلى زوال حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل و تسقط عنه جميع العقوبات التبعية و التكميلية بالإضافة إلى التزام بتنفيذ العقوبة الأصلية الذي يفترضه ابتداء رد الاعتبار( )، هذا و لو لم نجد نص ينص على ذلك صراحة في القانون الجزائي الجزائري و لكن يمكن أن نستنتجه من خلال نية المشرع من تبنيه لنظام رد الاعتبار و العلاقة التي تربط العقوبة الأصلية بالعقوبة التبعية.
الفرع الثاني:

 رد الاعتبار و تقادم العقوبة

تأخذ اغلب الشرائع بنظام انقضاء العقوبة بمضي المدة، لان مضيها يعد قرينة على نسيان الجريمة و الحكم الصادر فيها، و لحث السلطات على المبادرة إلى تنفيذ الأحكام النهائية و تعقب المحكوم عليهم فور صدورها، هذه الاعتبارات لا يعترف بها القانون الإنجليزي الذي يجهل نظام تقادم العقوبة.
كما أن العقوبات التي لا تقبل تنفيذا ماديا إيجابيا بل تنفذ من تلقاء نفسها بدون عمل مادي فلا تخضع لنظام التقادم و إنما تخضع للعفو الشامل أو رد الاعتبار و هي في التشريع المصري الحرمان من بعض الحقوق و المزايا( )

1) تقادم العقوبة:

أخذ المشرع الجزائري بنظام التقادم متضمنا أحكامه في قانون الإجراءات الجزائية المواد من 612 إلى 616 ق إج.
يميز القانون الجزائري من حيث مدة تقادم العقوبة حسب وصف الجريمة المحكوم فيها و ليس حسب طبيعة العقوبة التي صدرت فقد تكون العقوبة التي صدرت في الجناية عقوبة جنحية يحدث هذا في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت في حالة إفادة المحكوم عليه من الظروف المخففة( ) .
و هكذا فان كانت الواقعة جناية فان العقوبة تنقضي فيها بمضي عشرين سنة كاملة تحسب من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائيا و هذا ما تنص عليه المادة 613 ق إج
أما إذا كانت الجريمة المحكوم فيها جنحه فالعقوبة تنقضي بمضي 05 سنوات كاملة من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم نهائيا غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المقضي بها تزيد على الخمس سنوات فان مدة التقادم تكون مساويه لهذه المدة و ذلك حسب المادة 614 ق اج.
و تتقادم العقوبات في المخالفات بمضي سنتين كاملتين و لكن ما هي العقوبات التي تتقادم؟
- العقوبات التي تتقادم:
العقوبات التي تتقادم هي العقوبات التي تقبل تنفيذا ماديا مثل عقوبة الإعدام إذا تمكن المحكوم عليه من الإفلات من قبضة العدالة و العقوبات السالبة للحرية سواء كانت بالسجن أو الحبس
أما العقوبات التي لا تقبل بحكم طبيعتها تنفيذا ماديا كالحرمان من الحقوق الوطنية مثلا فإنها لا تخضع للتقادم و لا تسقط عن المحكوم عليه إلا بالعفو الشامل أو برد الاعتبار لان مثل هذه الحقوق متصلة بأهلية المحكوم عليه و الأهلية لا تسقط بالتقادم إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك. ( )
و لا تسقط عقوبة الحظر من الإقامة في التشريع الجزائري إلا بعد خمس سنوات من تاريخ سقوط العقوبة الأصلية و بالتالي فالمشرع الجزائري قد اخذ بما أخذ التشريع المصري في ذلك. ( )
- سريان التقادم :
يبدأ سريان تقادم العقوبة من الوقت الذي يكون فيه الحكم الصادر نهائيا حائزا لحجية الشيء المقضي به باستنفاذ طرق الطعن الثلاث و هي المعارضة و الاستئناف و النقذ أو بفوات مواعيد الطعن الثلاث حيث يتحصن الحكم ضد الإلغاء لان مع العلم الطعن بالنقض في القانون الجزائري له اثر موقف ماعدا ما قضي به الحكم في الجانب المدني.
- انقطاع التقادم ووقفه:
تنقطع مدة تقادم العقوبة بالقبض على المحكوم عليه و بكل إجراء من إجراءات التنفيذ التي تتخذ في مواجهته.
و يقصد بانقطاع مدة التقادم أن يعرض سبب يمحو المدة التي مضت بحيث يتعين بعد زوال سبب الانقطاع أن تبدأ مدة جديدة كاملة فلا تضاف إليها المدة التي قبلها
أما وقف مدة التقادم فيعني عدم احتسابها خلال فترة من الوقت يعرض فيها سبب يحدده القانون فإذا زال ذلك السبب فان المدة التي تمضي بعد زواله تكمل المدة التي سرت قبل طرده أي تضاف المدتان إلى الحد الذي يكتمل به التقادم مدته
فالفرق بين إيقاف التقادم و انقطاعه أن الأول لا يخرج من الاعتبار المدة التي مضت قبل طرده أما الثاني فيخرجها من الاعتبار فكأنه لم يمض من التقادم أية مدة( )
- أثار تقادم العقوبة:
تتحدد هذه الآثار وفقا لقاعدتين:
الأولى هي انقضاء الالتزام بتنفيذ العقوبة فليس للسلطات العامة أن تتخذ إزاء المحكوم عليه إجراء لتنفيذها و لا يقبل منه أن يتقدم اختيارا للتنفيذ فانقضاء العقوبة بالتقادم من النظام العام .
أما القاعدة الثانية فتقرر بقاء حكم الإدانة فيظل محتفظا بوجوده القانوني منتجا جميع أثاره عدا ما انقضى منها بالتقادم فيعتبر سابقة في العود و يظل سببا للحرمان من بعض الحقوق و المزايا و يبقى مسجلا في صحيفة السوابق القضائية.
و نتيجة لذلك فان للمحكوم عليه مصلحة في أن يحصل على رد اعتباره كي يتخلص من ذلك الحكم و أثاره التي لم تنقض بالتقادم، و يعترف له الشارع بهذه المصلحة

2) التمييز بين رد الاعتبار و تقادم العقوبة:

يمكن حصر نقاط الاختلاف بين رد الاعتبار و تقادم العقوبة فيما يلي:
- من حيث المفهوم:
تقادم العقوبة هو مضي فترة من الزمن يحددها القانون تبدأ من تاريخ صدور الحكم البات دون أن يتخذ خلالها إجراء لتنفيذ العقوبة التي قضي بها، و يترتب على التقادم انقضاء الالتزام بتنفيذ العقوبة مع بقاء حكم الإدانة قائما ( )
في حين رد الاعتبار هو إزالة حكم الإدانة بالنسبة إلى المستقبل على وجه تنقضي معه جميع آثاره، و يصبح المحكوم عليه ابتداء من رد اعتباره في مركز من لم تسبق إدانته
- من حيث العلة:
قد يبدو انقضاء العقوبة بالتقادم نوعا من المكافأة التي يقررها القانون للمجرم الماهر في الاختفاء و الابتعاد عن إجراءات التنفيذ أو انه بمثابة جزاء لتقاعس السلطات العامة عن القيام بواجبها في تنفيذ العقوبة، و على الوجهين فهو نظام معيب إذ لا يجوز أن يكون الاختفاء و هو في ذاته سلوكا شائنا سببا في مكافأته.
و لكن هذا النظام يستند إلى علة قوية بررت اخذ التشريعات المعاصرة به و تجاهلها الانتقادات.
السابقة انه بمضي زمن طويل على صدور حكم بالعقوبة واجب التنفيذ دون أن تتخذ خلاله إجراءات لتنفيذه يعني في الواقع أن الجريمة و عقوبتها قد محيتا من ذاكرة الناس، و من المصلحة الإبقاء على هذا النسيان لان ذكرياتهما سيئة و مثيرة مشاعر من الحقد و الانتقام ليس من المصلحة إيقاضها، و بالإضافة إلى ذلك فان الوضع الواقعي الذي استقر خلال ذلك الزمن ينبغي الإبقاء عليه و تحويله إلى وضع معترف به قانونا تحقيقا لاعتبارات الاستقرار القانوني. ( )
في حين يرتبط رد الاعتبار بالتحديد الحديث أغراض العقوبة و القول بأنها تستهدف في المقام الأول تأهيل المحكوم عليه و تمكينه من استعادة مركزه في المجتمع كمواطن شريف، فإذا كان الحكم بالإدانة يستتبع حرمانا من حقوق و مزايا عديدة و يضع المحكوم عليه في وضع دون وضع سائر المواطنين، فان تأهيله الكامل حين تثبت جدارته بذلك يقتضي إعادة هذه الحقوق و المزايا إليه و الاعتراف له بمركز مشروع في المجتمع و إزالة وصمة الإجرام و الإدانة عنه و تمكينه بذلك من أن يساهم في نشاط المجتمع و ازدهاره ( )
من حيث التنفيذ:

العقوبات التي لا تقبل بحكم طبيعتها تنفيذ ماديا كالحرمان من الحقوق الوطنية فإنها لا تخضع للتقادم. في حين يمكن لهذه العقوبات أن تسقط برد الاعتبار أو العفو الشامل لان مثل هذه الحقوق متصلة بأهلية المحكوم عليه.
- من حيث الآثار:
من آثار تقادم العقوبة هو انقضاء الالتزام بتنفيذ العقوبة، فليس السلطات العامة أن تتخذ إزاء المحكوم عليه إجراء بتنفيذها، و لا يقبل منه أن يتقدم اختيارا للتنفيذ فانقضاء العقوبة بالتقادم من النظام العام.
كما انه بتقادم العقوبة يقرر بقاء حكم الإدانة فيظل محتفظا بوجوده القانوني منتجا جميع أثاره عدا ما انقضى منها بالتقادم، فيعتبر سابقة في العود و يظل سببا للحرمان من بعض الحقوق و المزايا. ( )
في حين رد الاعتبار فهو يمحي الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل و زوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية و الحرمان من الحقوق ( ) و سائر الآثار الجنائية ويعني زوال حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل أن يعتبر المحكوم عليه بدءا من تاريخ حصوله على رد اعتباره في مركز شخص لم يجرم و لم يدن و لم يحكم عليه بعقوبة ما فتسقط عنه جميع العقوبات التبعية و التكميلية، بالإضافة إلى الالتزام بتنفيذ العقوبة الأصلية الذي يفترض ابتداء رد الاعتبار و يترتب على زوال الحكم بالإدانة انه إذا ارتكب المحكوم عليه جريمة تالية فلا يعتبر عائدا.
الفصل الثاتي :

 رد الإعتبار الجزائي

رد الإعتبار الجزائي هو الأداة التي تسمح للمحكوم عليه بعقوبة جزائية التخلص من هذه العقوبة و استعادة مركزه في المجتمع كمواطن سوي و بالتالي الإستفادة من كل الحقوق و المزايا التي يرتبها القانون لهذا الأخير , و قد تناوله المشرع الجزائري في الباب السادس من الكتاب السادس من قانون الإجراءات الجزائية تحت عنوان: "في رد الاعتبار للمحكوم عليهم " و ينقسم رد الإعتبار الجزائي إلي قسمين: رد اعتبار قانوني و رد اعتبار قضائي يشتركان في أنهما يشملان الأحكام الصادرة عن جهات قضائية جزائرية فقط, و سنحاول التطرق لكل واحد منهما في مبحث مستقل .
المبحث الأول :

 رد الإعتبار القانوني

تناولته المادتان 677 و 678 من قانون الإجراءات الجزائية إضافة إلى نص المادة 676 من نفس القانون و الذي يتحدث عن رد الإعتبار بصفة عامة , و من خلال هذه النصوص سنحاول التطرق إلى شروط رد الإعتبار القانوني في مطلب أول و إلى آثاره في مطلب ثان .
المطلب الأول :

 شروط رد الإعتبار القانوني

بالرجوع إلى نص المادتين 677 و 678 من ق ا ج يمكن تصنيق هذه الشروط إلى صنفين: شروط المتعلقة بالعقوبة و شروط متعلقة بسلوك المعني سنتطرق إلى كل صنف في فرع مستقل .
الفرع الأول : الشروط المتعلقة بالعقوبة
تختلف هذه الشروط باختلاف طبيعة العقوبة فيما إذا كانت نافذة أو موقوفة النفاذ
1) بالنسبة للعقوبة النافذة : العقوبة النافذة قد تكون سالبة للحرية و قد تكون غرامة .
أ- إذا كانت العقوبة سالبة للحرية : تنص المادة 677 –02-03-04 ق ا ج على مايلي: "...2) فيما يختص بالحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته ستة شهور بعد مهلة عشر سنوات اعتبارا من انتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم.
3)فيما يختص بالحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي تتجاوز مدته السنتين أوبعقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة بعد مهلة خمس عشرة سنة تحتسب كما تقدم الذكر في الفقرة السابقة.
4)فيما يختص بالعقوبة الوحيدة بعقوبة الحبس لمدة تزيد على سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنتين بعد مضي مهلة عشرين سنة تحتسب بالطريقة نفسها" .
من خلال فقرات هذه المادة نستنج أن المشرع يشترط فيما يخص العقوبة السالبة للحرية أن تكون حبسا "emprisonnement " و أن يتم تنفيذ هذه العقوبة أو أن تتقادم إضافة إلى ضرورة مرور مهلة معينة تتحدد مدتها تبعا لمدة الحبس المحكوم بها من جهة و تبعا لكون الحكم المراد رد الإعتبار بخصوصه صدر مرة واحدة أو أنه صدرت عدة أحكام من جهة أخرى, و سنتحدث عن هذه الشروط تباعا :
أ-1) ضرورة كون العقوبة السالبة للحرية حبسا: و الحبس هو عقوبة أصلية في مادة المخالفات و الجنح طبقا لنص المادة 05 من قانون العقوبات و أدنى مدة للحبس حسب هذه المادة هي يوم واحد و أقصى مدة له هي خمس سنوات ماعدا الحالات التي يقررفيهاالمشرع حدودا أخرى و بذلك استبعد هذا الأخير عقوبة السجن"la réclusion" وبالتالي فالعبرة هي باللفظ المستعمل في الحكم المقرر للعقوبة السالبة للحرية مع مراعاة المدة المشترطة في رد الإعتبار .
أ-2) ضرورة تنفيذ عقوبة الحبس : تنفيذ هذه العقوبة يقتضي أن يوضع المعني في المؤسسة العقابية و يقضي الفترة المحددة له, و لا يبدأ حساب المدة المشترط مرورها في رد الإعتبار إلا من اليوم الذي يخرج فيه المعني من المؤسسة العقابية, و الأصل في تنفيذ الأحكام السالبة للحرية أن يتم فور صيرورة الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به و لا يجوز تأجيل تنفيذه إلا في حالات معينة حصرتها المادة 16 من الأمر 72/02
المؤرخ في 10/02/1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين ومن هذه الحالات: حدوث وفاة في عائلة المحكوم عليه أو ثبوت مشاركته في امتحان هام بالنسبة لمستقبله.... كما تحسب- بالنسبة لتنفيذ العقوبة- مدة السنةب 12 شهرا الشهر وب 30 يوما و اليوم ب 24 ساعة و هذا حسب المادة 12من الأمر72-02 المذكور
أعلاه, و إذا لم تنفذ عقوبة الحبس فإنه يجب أن تكون قد تقادمت.
و تتقادم العقوبة في مادة المخالفات بمرور سنتين كاملتين من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار نهائيا و هذا حسب المادة 615 ق ا ج , كما تتقادم الجنح بمرور خمس سنوات كاملة من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار نهائيا طبقا للمادة 614 من ق ا ج, و العقوبات التي تتقادم هي العقوبات التي تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا كعقوبة الحبس حيث تطبق عليها فكرة التقادم إذا أفلت المحكوم عليه من قبضة العدالة , أما العقوبات التي لا تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا كالحرمان من الحقوق الوطنية فإنها لا تكون محلا للتقادم و لا تسقط إلا بالعفو الشامل أو رد الإعتبار ( ) و لا يبدأ حساب ميعاد التقادم إلا بعد استنفاذ طرق الطعن المتمثلة في المعارضة ,الاستئناف و الطعن بالنقض أو بفوات المواعيد المقررة لها.
و تنقطع مدة تقادم العقوبة بالقبض على المتهم أو إتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ ضده , و تجدر الإشارة إلى أن تقادم العقوبة سواء كانت غرامة أو حبسا يحرم المعني من الإستفادة من رد الإعتبار القضائي و هذا خلافا لرد الإعتبار القانوني .
أ-3) ضرورة مرور مهلة معينة : إن طول هذه المهلة يتحدد تبعا لمدة الحبس المحكوم بها من جهة و تبعا لكون الشخص محل رد الإعتبار القانوني قد صدر عليه حكم مرة واحدة أو عدة أحكام و سنحاول تحديد هذه المدة كما ذكرتها المادة 677/4,3,2 من ق اج كما يلي:
 - بخصوص الحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته ستة أشهر: فهنا يجب أن تمر مهلة عشر سنوات اعتبارا من إنتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم كما تم شرحه أعلاه أي في حالة الحكم على المعني بعقوبة الحبس مرة واحدة فقط وكانت مدة هذا الحبس لا تتجاوز ستة أشهر فإنه يجب أن تمر عشر سنوات ابتداء
من تاريخ خروج المعني من المؤسسة العقابية أو اعتبارا من تقادم عقوبة الحبس , وقد يتبادر سؤال للذهن هل عقوبة الحبس ستة أشهر بالضبط تدخل ضمن هذه الحالة أولا ؟ لكن بالرجوع إلى عبارة "لا تتجاوز" فإنه يفهم منها أنها تدخل ضمن هذه الحالة.
 بخصوص الحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة بعد مهلة خمس عشرة سنة تحسب كما تقدم ذكره في الفترة السابقة, يفهم من هذه الفقرة أنه إذا كانت عقوبة الحبس وحيدة وتراوحت مدتها بين أكثر من ستة أشهر و سنتين كحد أقصى أو إذا كانت عدة عقوبات بالحبس و لكن لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة فإنه يجب مرور خمس عشرة سنة كاملة تحسب بنفس الطريقة المذكورة أعلاه .
 بخصوص الحكم بالعقوبة الوحيدة بالحبس لمدة تزيد عن سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنتين بعد مضي عشرين سنة تحسب كما سبق شرحه: ففي هذه الحالة يجب أن تمر عشرين سنة كاملة سواء كان الحكم بعقوبة الحبس مرة واحدة
تزيد مدته عن سنتين أو كان الأمر متعلقا بعقوبات متعددة تتراوح مدتها بين أكتر من سنة و بين سنتين كحد أقصى, و بالتالي فإن رد الإعتبار القانوني بخصوص العقوبات المتعددة التي يتجاوز مجموعها سنتين حبسا مستبعد ( ) و هو أمر منطقي كون المادة
678-04 لم تتحدث عن المدة المشترط مرورها في حالة تجاوز مجموع عقوبات الحبس المتعددة السنتين .
ب– إذا كانت العقوبة غرامة : الغرامة عقوبة أصلية طبقا للمادة "05" من قانون العقوبات و تكون في الجنح و المخالفات دون الجنايات و كون الغرامة عقوبة أصلية في المواد الجزائية فهي بذلك شخصية لا توقع إلا على من تمت إدانته جزائيا و يجب أن تفرض بناء على حكم قضائي ( ) , كما أن الحكم المتضمن للغرامة يمكن أن يعتبر سابقة في العود( ) , كما يجب أن يحدد مبلغها تحديدا دقيقا , و باعتبار الغرامة عقوبة أصلية فإنه
يجب تنفيذها سواء تنفيذا عينيا أي تسديدها أو تنفيذها من خلال الإكراه البدني , وإذا لم تنفذ فإنه يشترط أن تكون قد تقادمت و هذا حسب المادة 677-01 و التي تنص :
"...1) فيما يختص بعقوبة الغرامة بعد مهلة خمس سنوات اعتبار من يوم سداد الغرامة أو إنتهاء الإكراه البدني أو مضى أجل التقادم ", و بالتالي فالشروط المطلوبة لرد الإعتبار القانوني بخصوص عقوبة الغرامة تقتضي أن يتم تسديد هذه الغرامة أو مرور مدة الإكراه البدني أو تقادمها إضافة إلى ضرورة مرور خمس سنوات يبدأ حسابها من تاريخ التسديد أو إنتهاء الإكراه البدني أو التقادم .
ب-1) تسديد الغرامة : الأصل أن تنفيذ عقوبة الغرامة يكوم عينيا بمجرد صيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به طبقا للمادة 597/02 من ق ا ج و يتم ذلك من خلال تسديدها لدى مصالح الضرائب و التي تسلم للمعني وصلا يثبت ذلك, غير أنه و حسب المادة 598 من ق ا ج و إذا لم تكن أموال المحكوم عليه كافية لتغطية المصاريف و الغرامة أو رد ما يلزم رده خصص المبلغ الموجود لديه فعلا حسب ترتيب الأولوية الأتي:
-المصاريف القضائية .
-رد ما يلزم رده .
-التعويضات المدنية .
-الغرامة .
و في هذه الحالة يبدأ حساب مدة الخمس سنوات المشترطة ابتداء من تاريخ تسديد الغرامة , و إذا لم يقم المحكوم عليه بالوفاء بمبلغ الغرامة فإنه يلجأ إلى إكراهه بدنيا وذلك ما سنبينه فيما يلي :
-2) الإكراه البدني: تناولته المواد من 597 إلى 611 من قانون الإجراءات الجزائية تحت عنوان " في الإكراه البدني " و الإكراه البدني معناه حبس المحكوم عليه بعقوبة مالية لمدة من الزمن ( ) و يتم بأمر من وكيل الجمهورية, و تنص المادة 599
من ق ا ج: " ويجوز تنفيذ الأحكام الصادرة بالإدانة و برد ما يلزم رده والتعويضات المدنية و المصاريف بطريق الإكراه البدني و ذلك بقطع النظر
عن المتابعات على الأموال حسب ما هو منصوص عليه المادة 597. ويتحقق تنفيذ هذا الإكراه البدني بحبس المحكوم عليه المدين و لا يسقط الإكراه البدني بحال من الأحوال الالتزام الذي يجوز أن تتخذ بشأنه متابعات لاحقة بطرق التنفيذ العادية "يفهم من أن هذه المادة أن قضاء المحكوم عليه مدة معينة من الحبس تنفيذا للإكراه البدني لا يعفيه البتة من الالتزامات المالية التي يمكن للدائنين بها متابعة المحكوم عليه بشأنها و مطالبتهم إياه تسديدها .
و تنص المادة 600 / 01 ) ق ا ج: " يتعين على كل جهة قضائية جزائية حينما تصدر حكما بعقوبة غرامة أو رد ما يلزم رده أو تقضي بتعويض مدني أو مصاريف أن تحدد مدة الإكراه البدني " و بذلك فمن غير الممكن إبقاء المكره بدنيا مدة غير محددة في الحبس , و هذه المدة تتحدد حسب مقدار الغرامة المحكوم بها كما يلي :
- من يومين إلى عشر أيام إذ لم يتجاوز مقدار الغرامة أو الأحكام المالية الأخرى 100 د ج .
- من عشرة أيام إلى عشرين يوما إذا كان مقدارها يزيد على 100 د ج و لا يتجاوز 250 د ج.
- من عشرين إلى أربعين يوما إذا زاد على 250 دينارا و لم يتجاوز 500 د ج.
- من أربعين إلى ستين يوما إذا زاد عن 500 دينار و لم يتجاوز 1000 د ج.
- من شهرين إلى أربعة شهور إذا زاد عن 1000 دينار و لم يتجاوز ألفي دينار .
- من أربعة إلى ثمانية شهور إذا زاد عن ألفي دينار و لم يتجاوز أربعة آلاف دينار .
- من ثمانية أشهر إلى سنة واحدة إذا زاد عن أربعة آلاف دينار و لم يتجاوز ثمانية آلاف دينار .
- من سنة واحدة إلى سنتين إذا زاد عن ثمانية آلاف دينار .
و في قضايا المخالفات لا يجوز أن تتجاوز مدة الإكراه البدني شهرين
كما تنص المادة 603 /01 ) من ق ا ج على أنه :" يوقف تنفيذ الإكراه البدني لصالح المحكوم عليهم الذين يثبتون لدى النيابة عسرهم المالي بأن يقدموا خصيصا لذلك شهادة فقر يسلمها رئيس المجلس الشعبي البلدي أو شهادة الإعفاء من الضريبة يسلمها لهم مأمور الضرائب البلدة التي يقيمون فيها ".
و هنا يطرح تساؤل حول التاريخ الذي يبدأ منه حساب مهلة الخمس سنوات هل من تاريخ توقيف الإكراه البدني أو من تاريخ إنتهاء المدة التي كان من المفروض على المحكوم عليه قضاءها في الحبس , لكن بالرجوع إلى عبارة :" اعتبارا من يوم سداد الغرامة أو إنتهاء الإكرام البدني ". فإنه يمكن القول بأن حساب المدة يبدأ من تاريخ توقيف الإكراه البدني لأن توقيفه يعتبر بمثابة انتهاء له .
و تنص المادة 604/01 و02 من ق ا ج على أنه :" لا يجوز القبض على المحكوم عليه بالإكراه البدني و حبسه إلا بعد:
1- أن يوجه إليه تنبيه بالوفاء و يظل بغير جدوى لمدة تزيد عن عشرة أيام .
2- أن يقدم من طرف الخصومة المتابع له طلب بحبسه ..."
و كذلك يجب - قبل توجيه بالوفاء إليه - أن يبلغ بحكم الإدانة و إذا لم يتم تبليغه به فإنه يجب أن يتضمن التنبيه بالوفاء مستخرجا من الحكم .
و إذا لم يسدد المحكوم عليه مبلغ الغرامة أو لم ينفذ عليه بطريق الإكراه البدني فإنه يشترط أن تكون عقوبة الغرامة قد تقادمت حتى يستفيد من رد الإعتبار القانوني .
ب-3) تقادم عقوبة الغرامة : بالرجوع إلى نص المادتين 614 و 615 من قانون الإجراءات الجزائية نجد بأن عقوبة الغرامة في مواد الجنح تتقادم بمرور 5 سنوات كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصبح حكم أو قرار الإدانة نهائيا، كما أن عقوبة الغرامة في مواد المخالفات تتقادم بمضي سنتين كاملتين من يوم صيرورة الحكم أو القرار نهائيا , و بذلك في هذه الحالة فإن مدة الخمس سنوات المشترطة يبدأ حسابها من يوم إنتهاء مدة تقادم عقوبة الغرامة حسب المدد التي ذكرتاها أعلاه .
و قد تكون العقوبة مركبة أي الحبس و الغرامة معا ففي هذه الحالة من أين يبدأ حساب المهلة المشترطة لرد الإعتبار القانوني هل من تاريخ الإفراج عن المحكوم عليه أم من تاريخ تسديده الغرامة ؟ و قانون الإجراءات الجزائية لم يتحدث من هذه الحالة و لكن يرى البعض أن العبرة تكون بتاريخ الإفراج على المحكوم عليه و هذا لا يعني إعفائه من تسديد الغرامة المفروضة عليه.
وتجدر الإشارة إلى أنه و حسب المادة 677 ق ا ج فإن العقوبات التي صدر أمر بإدماجها تعد بمثابة عقوبة واحدة في مجال تطبيق الأحكام السابقة و هذا يسري على عقوبة الحبس و الغرامة معا و ذلك تطبيقا للمواد 35/02 ,36 , 37 و 38 من قانون العقوبات، كما تجدر الملاحظة إلى أن الإعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريق العفو أي " La Grâce " يقوم مهام تنفيذها الكلي أو الجزائي و هذا كذلك ينطبق على عقوبة الحبس و الغرامة معا و هذا إستنادا إلى المادة 677 الفقرة الأخيرة .
في الأخير و بخصوص عقوبة يمكننا تلخيص الشروط المتعلقة بها و المتمثلة في : مرور مهلة خمس سنوات يبدأ حسابها سواء من يوم تسديد الغرامة أو إنتهاء مدة الإكراه البدني أو من يوم تقادمها .
2 ) بالنسبة للعقوبة موقوفة النفاذ :
تنص المادة 678 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه :"يرد الإعتبار بقوة القانون لكل محكوم عليه بعقوبة الحبس أو الغرامة مع إيقاف التنفيذ، و ذلك بعد إنتهاء فترة إختيار خمس سنوات إذا لم يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ و تبدأ هذه المهلة من يوم ضيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي "
من خلال هذا النص يمكن استخراج شروط رد الإعتبار القانوني بالنسبة للعقوبة موقوفة النفاذ و هي :
- صدور حكم بالحبس أو الغرامة موقوف النفاذ.
- مرور الفترة التجريبية المقدرة بخمس سنوات.
- و عدم حصول إلغاء لإيقاف التنفيذ.
أ- صدور حكم بالحبس أو الغرامة موقوفة النفاذ :
ما يمكن الإشارة إليه في البداية هو أن العقوبة الموقوفة النفاذ لا يمكن الحكم بها إلا إذا لم يكن المعني قد سبق الحكم عليه بعقوبة الحبس لجناية أو جنحة من جرائم قانون العام و هذا حسب المادة 592 من ق ا ج , و بذلك فإن عقوبة المخالفات حتى لو كانت بالحبس لا تحول دون إفادة المحكوم عليه بوقف التنفيذ , و نفس الشيء يقال على الغرامة المحكوم بها وحدها في جنحة , كما أن الجرائم العسكرية و السياسية لا تؤخذ بعين الإعتبار( ) ، و يشترط في العقوبة موقوفة التنفيذ و التي تكون محلا لرد الإعتبار القانوني أن تكون حبسا أو غرامة .
ب -مرور الفترة التجريبية المقدرة بخمس سنوات :
يجب أن تمر خمس سنوات كاملة من تاريخ صيرورة حكم الإدانة نهائيا و هذا دون أن يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ .
ج- عدم حصول إلغاء لإيقاف التنفيذ :
تنص المادة 593 ق ا ج:" إذا لم يصدر ضد المحكوم عليه بعد ذلك خلال مهلة خمس سنوات من تاريخ الحكم الصادر من المحكمة أو المجلس حكم بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها لإرتكاب جناية أو جنحة اعتبر الحكم بإدانته غير ذي أثر .
و في الحالة العكسية تنفذ أولا العقوبة الصادر بها الحكم الأول دون أن تلتبس بالعقوبة الثانية".
هذا النص يتحدث عن الحالات التي يتم فيها إلغاء وقف النفاذ و هي صدور حكم جديد بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها لإرتكاب جناية أوجنحة لكنه لم يوضح بدقة إجراءات إلغاء وقف النفاذ , فهل يحصل هذا الإلغاء بقوة القانون أو يتطلب صدور حكم بخصوصه ؟لقد أجابت المحكمة العليا عن هذا التساؤل في إحدى قراراتها ( ) و أهم ما جاء فيه:
" إن إلغاء وقف التنفيذ في هذه الحالة يؤدي إلى التنفيذ المتوالي للعقوبة الأولى و الثانية مع الملاحظة و أن سقوط الحق في وقف التنفيذ يتم بقوة القانون دون حاجة لصدور أمر لهذا العرض من طرف القاضي الذي وقعت أمامه المتابعة الثانية و ليس ملزما بإصدار أمر بذلك "، ومما جاء فيه كذلك :
"... وحيث متى كان ذلك فإنه يتعين على النيابة العامة و على النيابة وحدها أن تبادر بتنفيذ العقوبة التي تم إلغاؤها على الشكل المنوه عنه أعلاه ..."
من خلال هذا القرار يمكن القول بأن إلغاء وقف التنفيذ يكون بقوة القانون دون حاجة إلى صدور أي حكم يقضي بإلغائه كما أن النيابة هي التي تسعى إلى تنفيذ العقوبة الأولى لأن ذلك يدخل ضمن صلاحياتها.
الفرع الثاني : الشروط المتعلقة بسلوك المعني
تنص المادة 677 /01 من قانون الإجراءات الجزائية :" يعتبر رد الإعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه الذي لم يصدر عليه خلال المهل الأتي بيانها حكم جديد بعقوبة الحبس أو عقوبة أخرى أكثر منها جسامة لارتكاب جناية أو جنحة ".
كما تنص المادة 678 /01 من نفس القانون :"يرد الإعتبار بقوة القانون لكل محكوم عليه بعقوبة الحبس أو الغرامة مع إيقاف التنفيذ و ذلك بعد إنتهاء فترة اختبار خمس سنوات إذا لم يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ " من خلال هذين النصين نلاحظ أن المشرع الجزائري اشترط – حتى يتمتع الشخص برد الإعتبار بقوة القانون – ألا يرتكب هذا الأخير خلال المدد التي سبق ذكرها أي جريمة يترتب عليها صدور حكم بعقوبة الحبس أو عقوبة أكثر منها جسامة لارتكاب جناية أو جنحة، أي بعبارة أخرى فإن المشرع إشترط حسن سلوك المعني خلال تلك المدد الطويلة نسبيا، و ما يمكن إستنتاجه من المادة 677/01 من ق ا ج هو :
1- أن ارتكاب المعني خلال المدة المشترط مرورها لمخالفة سواء كان معاقبا عليها بعقوبة الحبس أو الغرامة أو هما معا لا يحرمه من الإستفادة من رد الإعتبار القانوني.
2- أن ارتكاب المعني خلال المدة المشترط مرورها لجنحة تم عقابه عليها بالغرامة فقط لا يحرمه من الإستفادة من رد الإعتبار القانوني .
3- استبعاد العقوبات التكميلية و تدابير الأمن( ) التي يتضمنها الحكم الجديد
4- استبعاد الجرائم العسكرية و السياسية و هذا بالنسبة للعقوبة الموقوفة التنفيذ لأن لأن المشرع في المادة )592( من ق ا ج في صياغتها الفرنسية - و هي الأسلم بإعتبارها النص الأصلي - ينص على اشتراط عدم صدور حكم جديد على المعني يقضي بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها لإرتكاب جناية أو جنحة من القانون العام :
« ... Le condamné n'a encouru aucune poursuite suivie de condamnation a l'emprisonnement ou a une peine plus grave pour crime ou délit de droit commun …. »
غير هذا النوع من الجرائم غير مستبعد في العقوبة النافذة .

و قد يطرح تساؤل بخصوص عبارة « حكم جديد » الواردة في نص المادة 677/01 ق ا ج - و التي تخص العقوبة النافذة – هل يقصد به الحكم بمفهومه الضيق أم بمفهومـه الواسع أي الحكـم و القـرار سواء كان صـادرا عن المجلس أو المحكمة العليا ؟ هذا من جهة و من جهة أخرى هل صدور حكم جديد ابتدائي على المعني خلال المدة المشترطة لرد الإعتبار القانوني و صيرورته نهائيا بعد فواتها يحرم المعني من الإستفادة من رد الإعتبار القانوني أم لا ؟
و حسب رأينا فإن المقصود بالحكم في التساؤل الأول هو الحكم بمفهومه الواسع ذاك أنه إذا تم قصره على الحكم بمفهومه الضيق فقط فنكون أمام أمر غير مستصاغ لأنه من باب أو لى أن يشمل القرار مادام الحكم مشمولا .
أما بخصوص التساؤل الثاني فإن الإجابة عليه تعتمد على مدى اعتبار أن الحكم الجديد يجب أن يكون نهائيا أو لا , و في رأينا يجب أن يكون هذا الحكم نهائيا لأن هذا أمر منطقي كما أنه يكون قي صالح المحكوم عليه خاصة و أن المدد المطلوبة في رد الإعتيار القانوني طويلة نسبيا.
و بهذا يشترط أن تمر على الحكم الجديد مواعيد المعارضة إذا صدر غيابيا
وكذا مواعيد الاستئناف و الطعن بالنقض , و بالنتيجة فإن صدور حكم جديد ابتدائي على المعني خلال المدة المشترطة لرد الإعتبار القانوني و صيرورته نهائيا بعد مرورها لا يحرمه من الاستفادة من رد الإعتبار القانوني مادام لم يكن نهائيا قبل فواتها.
المطلب الثاني :

 أثار رد الإعتبار القانوني

المقصود بآثار رد الإعتبار القانوني هي النتائج التي تترتب عليه أو بالأحرى الفائدة التي يجنيها المحكوم عليه و يمكن تقسيم هذه الآثار إلى نوعين :
آثار على الأشخاص وآثار على صحيفة السوابق القضائية و سنتطرق في كل فرع مستقل:
الفرع الأول :

 آثار رد الإعتبار القانوني على الأشخاص

تنص المادة 676 / 02 من قانون الإجراءات الجزائية على: « و يمحو رد الإعتبار في المستقبل كل أثار الإدانة العادلة و ما نجم عنها من حرمان الأهليات »
يستخلص من هذه الفقرة أن آثار رد الإعتبار تكون بالنسبة للمستقبل لا الماضي
و بالتالي فليس له أثر رجعي , و بذاك فإن حدث وأن تم عزل شخص من وظيفته بسبب الحكم محل رد الإعتبار فإن ذلك الشخص لا يستطيع التحجج برد الإعتبار للمطالبة بإعادته إلى منصبه السابق ، غير أنه يمكنه الإستناد عليه لتولي وظيفة ما( )
و هذا ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها الصادرة بتاريخ 14 أكتوبر 1971 ( )
كما أن سقوط أثار الحكم بالإدانة بالنسبة للعقوبات الأصلية يؤدي إلى سقوط العقوبات التبعية و التكميلية الناتجة عنه( )
و العقوبات التبعية هي التي تترتب على عقوبة أصلية و لا يصدر الحكم بها
و إنما تطبق بقوة القانون و هي متعلقة بالجنايات فقط و تتمثل في الحجر القانوني
و الحرمان من الحقوق الوطنية و هذا حسب المادتين 04/03 و 06 من قانون العقوبات، في حين العقوبات التكميلية هي التي لا يحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية و يجب أن تذكر في الحكم و هي :
- تحديد الإقامة.
- المنع من الإقامة.
- الحرمان من مباشرة بعض الحقوق.
- المصادرة الجزائية للأموال.
- حل الشخصي الإعتباري.
- ونشر الحكم.
و قد نصت عليها المادتان 04 / 04 و المادة 09 من قانون العقوبات .
و العقوبة التي شملها رد الإعتبار القانوني لا تحول دون تطبيق نظام وفق التنفيذ( )
و هذا ما يستشف من المادة 692/02 من ق إ ج: « و في هذه الحالة لاينوه عن العقوبة في القسيمتين 02 و03 من صحيفة السوابق القضائية ».
و من المعلوم أن صحيفة السوابق القضائية رقم "02" يستعين بها القضاة في منح نظام وفق التنفيذ من عدمه.
و رد الإعتبار القانوني لا يؤدي إلي سقوط الحكم محل رد الإعتبار كما لا يؤدي إلى سقوط الجريمة كونها حدثت بالفعل و هي واقع لا يمكن تغيره( )
كما أن رد الإعتبار القانوني للمحكوم عليه يجعل من الحكم محل رد الإعتبار كأن لم يكن و بالتالي لا يؤخذ بعين الإعتبار لتطبيق قواعد العود( ) المنصوص عليها بالمواد من54 إلى 59 من قانون العقوبات .
الفرع الثاني :

 آثار رد الإعتبار القانوني على صحيفة السوابق القضائية

تنص المادة 692 /01 و 02 على أنه : « ينوه عن الحكم الصادر برد الإعتبار على هامش الأحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية .
و في هذه الحالة لا ينوه عن العقوبة في القسيمتين 02 و 03 من صحيفة السوابق القضائية »
ما يلاحظ أن الصياغة العربية لهذه المادة قي فقرتها الأولى مخالفة للصياغة الفرنسية و التي جاءت كما يلي
« Mention de l'arrêt prononçant la réhabilitation est faite en marge des jugements de condamnation et au casier judiciaire ».
و هذه الصياغة أوضح من صياغة النص العربي كما أنها الأقرب إلى الواقع و بالتالي يمكن الأخذ بها باعتبار النص الفرنسي هو النص الأصلي .
وتتمثل آثار رد الاعتبار القانوني على صحيفة السوابق القضائية في أنه يتم التأشير على القسيمة رقم "01" للمعني بأنه قد رد إعتباره القانوني مع ذكر تاريخ التأشير
و إمضاء أمين الضبط المكلف بمصلحة السوابق القضائية ، كما أنه و بمجرد رد الاعتبارالقانوني فإنه لا يتم ذكر العقوبة محل رد الاعتبار وهذا في القسيمتين 02 و03
و في عديد من المجالس القضائية فإن التأشير برد الاعتبار القانوني لا يتم على القسيمة رقم"01"
و إنما يتم على سجل رد الاعتبار القانوني و القضائي الممسوك على مستوى مصلحة السوابق القضائية ثم توضع البطاقة (B1) قي حافظة خاصة مع جميع البطاقات(B1) للأشخاص الذين تم رد اعتبارهم .
وتشدر الملاحظة إلى أنه إلى جانب عملية التأشير المذكورة أعلاه فإنه و بعد إنشاء المركز الوطني لصحيفة السوابق القضائية فإن التأشير على رد الاعتبار أصبح يتم كذلك على مستوى جهاز الإعلام الآلي إلا أن هذا التأشير بخصوص رد الاعتبار القانوني يتطلب نوعا من الوقت لأن البيانات المستعملة في النظام القديم لا تسمح بذلك هذا و قد عملت المدرية العامة للعصرنة و التنظيم و المناهج بوزارة العدل على تثبيت تشغيل المركز الوطني لصحيفة السوابق القضائية و لذلك الغرض أرسلت بالارسالية رقم 50 بتاريخ 08/02/2004 إلى السادة النواب العامين ومما جاء فيها بخصوص رد الاعتبار القانوني : « كل خانات بطاقات صحيفة السوابق القضائية رقم 01 يجب أن تملأ بصفة سليمة و لكي يمكن استغلال جميع أقسام ( Modules) النظام الجديد
و لا سيما المتعلق برد الاعتبار بقوة القانون » ، كما أعدت المديرية العامة للعصرنة
و التنظيم المناهج دليلا لتطبيق البرنامج الخاص بصحيفة السوابق القضائية تم إنجازه في جويلية 2004 و مما جاء فيه بخصوص رد الاعتبار القانوني : « فيما يخص فعالية هذا الزر فإنه في الوقت الحالي لا يمكنك استعماله (أي زر رد الاعتبار بقوة القانون) ذلك أن هذه العملية تتطلب أن تكون الحقول الآتية الذكر مملوءة بالمعلومات
) تاريخ الحكم ,تاريخ الخروج من الحبس , طبيعة العقوبة , تسديد الغرامة , نوع الغرامة , [الدفع , الإكراه البدني ]) و بما أنك لم تكن تستعمل هذه الحقول من قبل سواء بعدم ملئها أو أنها لم تكن موجودة أصلا في النظام القديم ,لذلك فإنك لن تتمكن من إستعمال هذا الزر إلا بعد مدة معينة، أي بعد أن تكون قد استعملت هذه الحقول في تحصيلك للمخالفات في النظام الجديد. و في إنتظار ذلك فإن آليات رد الاعتبار بقوة القانون يتم إعمالها عند تحقيق الآجال التقادم القانوني »
و حتى يتسني فهم آثار رد الاعتبار بطريقة جيدة لا بأس أن نذكر أنواع قسائم السوابق القضائية و ما تتضمنه كل قسيمة :
هذه الأنواع تناولتها المواد من 618 إلى 645 من ق ا ج كما يلي :
1- القسيمة رقم 01: تناولتها المواد من 618 إلى 629 من ق إ ج وهي تتضمن :
- أحكام الإدانة الحضورية أو الغيابية غير المطعون فيها بالعارضة المحكوم بها في جناية أو جنحة حتى و لو موقوفة النفاذ.
- الأحكام الحضورية أو الغيابية غير المطعونة فيما بالمعارضة الصادرة في المخالفات إذا كانت العقوبة تزيد عن الحبس لمدة ) (10 أيام أو 400 د ج غرامة حتى و لو كانت موقوفة النفاذ .
- الأحكام الصادرة في حق الأحداث المجرمين .
- القرارات التأديبية الصادرة من السلطات القضائية أو السلطات الإدارية إذا ترتب عليها أو نص فيها عن التجريد من الأهليات .
- الأحكام المقررة لشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .
- إجراءات الأبعاد المتخذة ضد الأجانب .
* إن كل حكم صاد ر بالإدانة و كل قرار تأديبي يكون محلا لقسيمة B1 مستقلة . * هذه القسيمة أمين ضبط محكمة الإدانة ويؤشر عليها النائب العام أو وكيل الجمهورية بالنسبة للأحكام أما القرارات التأديبية فيحرر القسيمة (B1) الخاصة بها أمين ضبط محكمة ميلاد المعني.
* هذه القسيمة يؤشر فيها برد الاعتبار القانوني أو القضائي.
* نرسل نسخة طبق الأصل منها إلى وزارة الداخلية للعلم بها .
* تنشأ بمجرد صيرورة الحكم نهائيا إذا صدر حضوريا و بعد مرور 15 يوما من تبليغه إذا صدر غيابيا و بمجرد صدوره من محكمة الجنايات إذا صدر غيابيا .
* هذه القسيمة تبقى من متضمنة العقوبة حتى بعد رد الاعتبار.
2 – القسيمة رقم 02 : تناولتها المادتان 630 و 631 من ق إ ج و تتضمن نفس البيانات التي تتضمنها القسيمةرقم01 غير أنها تسلم إلى :
- أعضاء النيابة.
- قضاة التحقيق.
- وزير الداخلية .
- رؤساء المحاكم لضمها إلى قضايا الإفلاس و التسوية القضائية .
- السلطات العسكرية.
- مصلحة الرقابة التربوية بالنسبة للموضوعين تحت إشرافها .
- المصالح العامة للدولة التي تتلقى طلبات الالتحاق بالوظائف العامة أو عروض المناقصات عن الأشغال العامة أو التوريدات للسلطات العامة .
- السلطات العامة التي تباشر الإجراءات التأديبية أو التي يطلب إليها التصريح بمنشآت تعليمية خاصة.
* هذه القسيمة لا تتضمن الأحكام الصادرة ضد الأحداث إلا إذا كانت موجهة للسلطات القضائية فقط.
* يوقع عليها أمين الضبط الذي حررها و يؤشر عليها النائب العام أو القاضي المكلف بمصلحة السوابق القضائية المركزية .
* بعد رد الاعتبار للمحكوم عليه فإن العقوبة محل رد الاعتبار لا تذكر في هذه القسيمة .
3- القسيمة رقم 03 : تناولتها المواد من 632 إلى 645 من ق ا ج و تتضمن :
- الأحكام القاضية بعقوبة نافذة مقيدة للحرية الصادرة من جهة قضائية جزائرية و لم يمحها رد الاعتبار سواء كان قانونيا أو قضائيا و هي تخص الجنايات و الجنح فقط .
* و لا يمكن أن يطلبها إلا المعني بها فقط و لا تسلم إلى الغير إطلاقا .
* يوقع عليها أمين ضبط المحكمة التي حررتها و يؤشر عليها النائب العام أو القاضي المكلف بمصلحة السوابق القضائية المركزية .
*بعد رد الاعتبار سواء القانوني أو القضائي فإنه لا ينوه عن العقوبة محل رد الإعتبار قي هذه القسيمة .
المبحث الثاني : 

رد الاعتبار القضائي

يمكننا تعريف رد الاعتبار القضائي على أنه : " إزالة حكم الإدانة بالنسبة إلى المستقبل على وجه تنقصي معه جميع آثاره وذلك بناء على طلب من المحكوم عليه الذي يصبح ابتداء من رد اعتباره بموجب حكم من المحكمة في مركز من لم تسبق إدانته"(1).

ومعنى ذلك أن من يحصل على رد اعتباره عموما يجتاز مرحلتين الأولى سابقة على رد الاعتبار و يكون فيها الحكم قائما منتجا لأثاره، أما المرحلة الثانية فهي لاحقة على رد الاعتبار و فيها يزول حكم الإدانة و تنتهي جميع أثاره.
هذا و بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، نجد أن المشرع الجزائري قد نظم رد الاعتبار القضائي في المواد 679 إلى 693 منه، و هو ما سنتطرق إليه.
المطلب الأول :

 شروط رد الاعتبار القضائي

بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، نجد أن لرد الاعتبار القضائي شروطا منها ما هو زمني و منها ما هو متعلق بتنفيذ العقوبة و كذلك بالطلب.(2)
غير انه و بالرجوع إلى القانون المقارن و تحديدا القانون المصري, نجده يتطلب توافر الشروط التالية : ( المواد 537 و 538 و 538 و 540 و 541 من قانون الإجراءات الجنائية المصري).
1- تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو انقضائها بالتقادم و هذا خلافا للمشرع الجزائري الذي لم يشترط سوى استنفاذ العقوبة ، وعليه فإذا انقضت العقوبة بالتقادم فلا يجوز للمحكوم عليه أن يحصل على رد الاعتبار القضائي إلا استثناء وهذا ما نصت عليه المادة 682/3 ق.إ.ج التي جاء فيها : " و فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 فلا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي " , و هي الحالة المتعلقة بالمحكوم عليه الذي أدى خدمات جليلة للبلاد مخاطرا فيها بحياته. ولكن يطرح السؤال بالنسبة لرد الاعتبار القانوني ، نظرا لان المادة السابقة حصرت المنع في رد الاعتبار القضائي فقط، فهل يجوز إذا للذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القانوني ؟ .

بالرجوع إلى المادتين 677 و 678 من ق.إ.ج المتعلقتين برد الاعتبار القانوني لا نجد ما يمنع صراحة و على غرار رد الاعتبار القضائي, من تقادمت عقوبته أن يحصل على رد الاعتبار القانوني و بما انه لا استثناء أو حظر إلا بنص، فإنه يستنتج أنه يجوز رد اعتبار المحكوم عليه قانونا حتى و لو انقضت العقوبة بالتقادم، كما أن أقصى مدة مقررة لتقادم العقوبة في الجنايات وهي 20 سنة (المادة 613 ق .إ.ج) موافقة لأقصى مدة مقررة لرد الاعتبار قانونا و هي 20 سنة (المادة 677/4 ق. إ. ج) مما يستنتج معه أن من تتقادم عقوبته في الجنايات يرد له اعتباره قانونيا.
ضف إلى ذلك أن المادة 677 السالفة الذكر تحدد ميعاد حساب رد الاعتبار القانوني من تاريخ مضي من أجل التقادم، و عليه يجوز لمن تقادمت عقوبته الحصول على الاعتبار القانوني ،هذا و قد صدر قرار عن المحكمة العليا بخصوص هذا الموضوع جاء فيه ما يلي :" لا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي، و القرار المطعون فيه الذي قضى برد الاعتبار للمطعون ضده رغم تقادم العقوبات و عدم توافر شروطه، قد اخطأ في تطبيق القانون".( )
كما انه و في القانون الجزائري و خلافا للقانون المصري , لا يرد الاعتبار القضائي لمن صدر بحقه عفو شامل و هذا بنص المادة 679 ق إ ج التي جاء فيها
ما يلي :" يتعين أن يشمل طلب رد الاعتبار مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل".
غير انه يطرح تساؤل بالنسبة للعفو عن العقوبة، فهل يجوز لمن استفاد من العفو عن العقوبة أن يطلب رد اعتباره قضاءا ؟ , إن المادة السالفة الذكر استثنت العفو الشامل فقط و لم تنص على العفو عن العقوبة، و عليه قد يفسر ذلك على أنه إجازة لطلب رد الاعتبار القضائي لمن استفاد من العفو عن العقوبة خاصة و انه يتعين تفسير النص الجزائي الإجرائي الذي هو في غير صالح المتهم تفسيرا ضيقا، هذا و ننتظر تدخل المشرع الجزائري ليوضح موقفه بخصوص هذه النقطة.
2- كما يشترط المشرع المصري كذلك مضي فترة التجربة( )و قد عبر عنها المشرع الجزائري بفترة الاختبار في المادة 682/2 ق.إ.ج وهي مرور مدة زمنية معينة لطلب رد الاعتبار القضائي و للتأكد من حسن سيرة المحكوم عليه.
3- و كذلك اشترط المشرع المصري الوفاء بالالتزامات المالية الناشئة عن الجريمة، و عليه فإن شروط رد الاعتبار القضائي في التشريع الجزائري هي :
الفرع الأول :

 الشرط الزمني

فرق المشرع الجزائري من حيث الشرط الزمني بين حالة المحكوم عليه بعقوبة جنائية و المحكوم عليه بعقوبة جنحية من جهة، وبين المبتدئ و العائد من جهة أخرى( ):
1- فإذا كان المحكوم عليه مبتدئا و كانت العقوبة جنائية، يجوز له تقديم طلب رد الاعتبار من القضاء بعد مضي خمس سنوات و تبدأ هذه المهلة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه و من يوم سداد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بها( المادة 681/2 ق.إ.ج).
2- أما إذا كان المحكوم عليه مبتدئا و كانت العقوبة جنحية، فلا يجوز تقديم طلب رد الاعتبار قبل انقضاء مهلة ثلاث سنوات ، تحسب هذه المدة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية، و من يوم سداد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بها ( المادة 681/1 ق.إ.ج).
3- أما إذا كان المحكوم عليه في حالة عود، فلا يجوز له تقديم طلبه إلا بعد مضي مدة ست سنوات على الأقل تبدأ من يوم الإفراج عنه، و نفس الحكم ينطبق على من صدر عليه حكم بعقوبة جديدة بعد رد اعتباره، غير أن المدة ترتفع إلى عشر سنوات إذا كانت العقوبة الجديدة جناية ( المادة 681/1 ق.إ.ج).
4- أما بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ، فقد قرر الاجتهاد القضائي في فرنسا بان سريان الشرط الزمني يبدأ من تاريخ انتهاء فترة الاختبار المحددة بخمس سنوات، على أساس أن الحكم لا يعد منفذا إلا بانقضاء تلك الفترة ولم نعثر على أي موقف بخصوص هذه المسألة في قرارات المحكمة العليا بالجزائر.

هذا و تجدر الإشارة أن العبرة في حساب المواعيد المتعلقة برد الاعتبار القضائي
تكون بنوع العقوبة لا بنوع الواقعة، فرد الاعتبار عن عقوبة الحبس يستلزم له مضي ثلاث سنوات فقط من يوم تنفيذها و لو كان الحكم قد صدر في جناية بسبب توافر ظروف قضائية مخففه أو عذر قانوني( ).
و هذا ما أشارت إليه الحكمة العليا في احدد قراراتها : " ...من المقرر قانونا أن المهلة التي يجوز فيها للمحكوم عليه تقديم طلب رد الاعتبار تتحدد بنوع العقوبة الصادرة عليه لا بنوع الجريمة المسندة إليه، و من ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير مؤسس يستوجب رفضه و لما كان من الثابت -في قضية الحال – أن المطعون ضده المحكوم عليه بعام واحد حبسا قدم طلب رد الاعتبار بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من يوم الإفراج عليه، فإن قرار غرفة الاتهام القاضي بقبول طلب رد الاعتبار طبق صحيح و متى كان ذلك استوجب رفض الطعن."( )
و في هذا الإطار نسجل القرار الصادر عن غرفة الاتهام بمجلس قضاء تيارت بتاريخ 27/09/2004 الذي جاء فيه ما يلي : " ... حيث أن المدعو بوخديجة خالد تقدم بطلب رد الاعتبار ضد العقوبات التي سلطت عليه بتاريخ 23/01/2002 بشهرين حبس غير نافذة ,عن تهمة الجروح العمدية و الصادرة من طرف محكمة تيارت.
في الشكل / حيث يتبين من دراسة مستندات الملف و لا سيما شهادة السوابق القضائية بطاقة رقم 2 لطالب رد الاعتبار بوخديجة خالد انه صدر ضده حكم من محكمة تيارت بتاريخ 23/01/2002 بشهرين حبس غير نافذة.
- حيث و بذلك لا يجوز تقديم طلب رد الاعتبار قبل انقضاء مهلة ثلاث سنوات طبقا للمادة 681 من قانون الإجراءات الجزائية
- حيث أنه في هذه الحالة يجب عدم قبول الطلب شكلا "
الفرع الثاني :

 الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة

يجب على المحكوم عليه أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية والغرامة والتعويضات التي يكون قد حكم بها عليه و هذا ما نصت عليه المادة 683/1 ق. إ. ج التي جاء فيها ما يلي : " يتعين على المحكوم عليه فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية أو إعفاؤه من أداء ما ذكر".
و عليه فلا يكفي توافر الشرط الزمني ، بل يجب أن يثبت المحكوم عليه قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المحكوم بها عليه, و هذا ما نص عليه قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه: " لا يكفي لقبول رد الاعتبار القضائي تقديم الطلب في الفترة الزمنية المحددة قانونا، بل يجب على الطالب مراعاة جميع الإجراءات الشكلية ومن بينها تسديد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية .
و القرار المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لما قضى برفض الطلب رغم استيفاء الطالب الشروط القانونية "( )
إذا ينبغي على المحكوم عليه حتى يقبل طلبه في رد الاعتبار القضائي أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية أو إعفائه من أداء ما ذكر.
وإن المحكوم عليه يثبت ذلك عن طريق وصل الدفع و ليس شهادة عدم الإخضاع الصادرة عن إدارة الضرائب مثلا وهذا ما أكده القرار الصادر عن المحكمة العليا والذي جاء فيه ما يلي "إن غرفة الاتهام أخطأت لما اعتمدت على شهادة عدم الإخضاع الصادرة عن إدارة الضرائب للتصريح برد الاعتبار و التي لا يمكنها أن تحل محل وصل الدفع الذي يثبت سداد الغرامة المحكوم بها كما أنها أخطأت عند عدم مراعاتها للمهلة القانونية و عدم ردها على دفوع النيابة العامة"( ).
هذا و يجوز للمحكوم عليه الذي يطلب رد اعتباره قضاءا, أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية بأي وثيقة أخرى غير وصل الدفع و التي لها الصبغة الرسمية كنسخة وصل مطابقة للأصل موقع عليها من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي يشهد ضمنها القائم بالتنفيذ أن المحكوم عليه قد قدم مبلغ التعويض للطرف المدني، وهذا ما بينه القرار الصادر عن المحكمة العليا و الذي جاء فيه ما يلي:" يتعين على طالب رد الاعتبار أن يثبت قيامه بتسديد المصاريف القضائية المدنية ، ومتى قدمت نسخة وصل يثبت تسديد التعويضات المدنية لها صبغتها الرسمية في طلب رد الاعتبار فهي سليمة و استوفى بذلك الطالب الشروط الشكلية ، يعد القضاء لرد الاعتبار تطبيقا سليما للقانون" ( )
أما إذا لم يستطع المحكوم عليه إثبات ذلك تعين, عليه أن يثبت انه قد قضى مدة الإكراه البدني أو أن الطرف المتضرر قد أعفاه من التنفيذ بهذه الوسيلة ( المادة 683/2 ق إ ج).
هذا و تجدر الإشارة انه لا يكفي لقبول رد الاعتبار تقديم الطلب في الفترة الزمنية المحددة قانونا، بل يجب على الطالب أن يراعي جميع الإجراءات الشكلية و من بينها تسديد المصاريف القضائية ثلاث سنوات على الأقل قبل تقديم الطلب. ( قرار رقم 37 صادر يوم 4 فبراير 1986عن الغرفة الجنائية الثانية)( ).
أما إذا كان محكوما عليه لإفلاس بطريق التدليس فعليه أن يثبت أنه قام بالوفاء بديون التفليسة أصلا, فضلا عن الفوائد والمصاريف أو ما يثبت إبراءه من ذلك، و هذا ما نصت عليه المادة المادة 683/3 ق.إ.ج، وعليه يطرح السؤال بالنسبة للإفلاس بالتقصير، فهل من أفلس بالتقصير و ليس بالتدليس غير ملزم بان يثبت قيامه بالوفاء بديون التفليسة و الفوائد و المصاريف ؟
هذا ما نميل إليه لان المادة السالفة الذكر نصت فقط على الإفلاس بالتدليس دون التقصير ، غير أن المحكوم عليه إذا اثبت عجزه عن أداء المصاريف القضائية جاز له أن يسترد اعتباره حتى في حالة عدم دفع هذه المصاريف أو جزء منها و هذا ما نصت عليه المادة 683/4 ق. إ. ج.
ويثبت المحكوم عليه عجزه عن طريق إثبات إعساره ,كأن يقدم شهادة العوز أو شهادة الاحتياج التي تقدمها البلدية مثلا ليمكنه طلب رد الاعتبار القضائي رغم عدم دفع المصاريف القضائية و ذلك دون التعويضات المدنية و الغرامة التي يبقى ملزما بها( ).
أما إذا كان الحكم بالإدانة يقضي بالأداء على وجه التضامن، حدد المجلس القضائي مقدار جزء المصاريف و التعويض المدني و أصل الدين الذي يتعين على طالب رد الاعتبار أن يؤديه و هذا ما نصت ليه المادة 683/5 ق إ ج , غير أن هذه الفقرة تطرح السؤال حول تطبيقها عمليا, فلنفرض أن حكم الإدانة قد صدر على مستوى محكمة أول درجة و قد قضى بالأداء على وجه التضامن، فهنا المجلس القضائي هو المختص في تحديد جزء المصاريف و التعويض المدني وأصل الدين الذي يتعين على المحكوم عليه الوفاء به فأي غرفة مختصة في تحديد هذا المقدار ؟
إننا نستبعد غرفة الاتهام بداءة لأنها مختصة في الفصل في طلب رد الاعتبار بعد استيفاء الطالب كامل الشروط بما فيها الشرط السالف الذكر في الفقرة السابقة .
و بعد طرح ذلك السؤال على قضاء محكمة و مجلس قضاء تيارت كانت الإجابة.
بأن الغرفة الجزائية هي المختصة بالفصل في تحديد هذا المقدار، ولكن يبقى السؤال بالنسبة للحكم بالإدانة الذي يقضي بالأداء على وجه التضامن و الصادر عن محكمة الجنايات، فمن هي الجهة المختصة في المجلس القضائي في تحديد هذا المقدار؟, أم أنّ محكمة الجنايات نفسها هي التي تحدده ؟ أم أنّ الغرفة الجزائية هي المختصة كذلك؟.
وإذا لم يمكن العثور على الطرف المتضرر أو امتنع عن استلام المبلغ المستحق الأداء أودع المبلغ الخزينة ( المادة 683 / 6 ق. إ. ح).
هذا وحسب المادتين 682/3 و684 من ق .إ. ج, فإنه لا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي إلا في حالة ما إذا أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبلاد, مخاطرا في سبيلها بحياته وفي هذه الحالة لا يتقيد طلبه برد الاعتبار بأي شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة.
إذا فيجب على المحكوم عليه أن يكون قد نقد العقوبة تنفيذ كاملا مع دفعه كل الأعباء المترتبة عنها حتى يستفيد من رد الاعتبار قضاءا، غير أن ذلك قد يثير بعض التساؤل، فنحن نعلم أن العقوبات إما أن تكون أصيلة أو تبعية أو تكميلية وهذه لا جدال في أنها مشمولة برد الاعتبار عموما رغم بعض الخلاف الفقهي غير أنه يثور التساؤل بالنسبة لتدابير الأمن, سواءا الشخصية أو العينية فهل هي كذلك يجوز فيها طلب رد الاعتبار أم لا ؟ سواء كان قضائيا أو قانونيا؟.
تتردد ( )التشريعات الوضعية في تطبيق رد الاعتبار على التدابير

الاحترازية ( ) فمنها ما لم يذكر شيئا عن التدابير الاحترازية مكتفية بتحديد نطاق هذا النظام في آثار العقوبات الناتجة عن جناية أو جنحة،وهو ما ذهب إليه قانون الإجراءات الجزائية الجزائري (المواد من 676 إلى 693) وقانون الإجراءات الجنائية المصري (المواد من 531 إلى 553) وقانون العقوبات الأسباني المادة (119).
وفى قانون العقوبات المجري, يتناول رد الاعتبار الآثار المترتبة على الحكم فيما يتعلق بالمنع من المشاركة في الشؤون العامة أو ممارسة مهنه أو الطرد (المادة 163/1)، أما قانون العقوبات الإيطالي فقد نص على أن رد الاعتبار يزيل كل العقوبات التبعية وكل الآثار الجنائية الأخرى ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (المادة 179)، وتضيف الفقرة الرابعة من نفس القانون على انه لا يمنح رد الاعتبار عند ما يكون المحكوم عليه خاضعا لتدبير احترازي فيما عدا حالة طرد الأجنبي أو المصادرة إذا كان هذا التدبير لم يبلغ بعد.
وإن التشريع اللبناني أوضح هذه التشريعات, إذ نص في المادة 161 منه على ما يلي: " إعادة الاعتبار تبطل للمستقبل مفاعيل جميع الأحكام الصادرة وتسقط العقوبات الفرعية أو الإضافية والتدابير الاحترازية وما ينجم عنها من فقدان أهلية ".
فمن المنطق أن الحكم برد الاعتبار يتناول كل الآثار المترتبة عن الإدانة (المادة 676/2 ق. ا. ح) بما في ذلك التدابير الاحترازية، فرد الاعتبار هو حكم بزوال الخطورة الإجرامية ولا مبرر لتدابير احترازي مع زوال الخطورة الإجرامية وليس في القوانين التي استعرضناها ,ما يتنافى مع هذه النتيجة ولكن متى يكون التدبير الاحترازي أثار من أثار الحكم الجنائي؟.
لا يتصور ذلك بالنسبة للتدبير الشخصي الذي ينزل بسب خطورة الفاعل، فلا يطلق سراح المحكوم عليه إلا بعد التأكد من زوال خطورته، إذن فكيف يطبق رد الاعتبار على هذه الطائفة من التدابير؟، هذا ما دفع بعض الشراح إلى القول بعدم إمكانية تطبيق نظام رد الاعتبار على التدابير الاحترازية ( ).
ولكن هنالك بعض التدابير التي يمكن أن تكون أثرا من أثار الحكم الجزائي وهى التدابير يمكن أن يكون موضوعها الحرمان من بعض الحقوق، كالوصاية وسقوط السلطة الأبوية والقوامة والمنع من ممارسة مهنة أو عمل, فهي تدابير يختلط مفهومها في بعض القوانين بالعقوبات التبعية لذلك يمكن تطبيق رد الاعتبار عليها.
ويرى ليفاسير أنه من المبـالغ القول بأن نظام رد الاعتبار ليس له أي تأثير على التدابير الاحترازية إذ هو مناسبة لإعادة فحص الخطورة الإجرامية لدى الجاني.
وفي الحقيقة فإنه وللفصل في هذا الأمر, يجب على المشرع الجزائري أن يتدخل في هذه النقطة وأن ينص صراحة على أن التدابير الاحترازية- تدابير الأمن حسب المشرع الجزائري-, يشملها رد الاعتبار سواء كان قضائيا أو قانونيا وعلى التعديل الجديد المزمع إجراؤه في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري أن يتطرق لهذه النقطة.
الفرع الثالث:

الشروط المتعلقة بالطلب

حتى يقبل الطلب المتضمن رد الاعتبار القضائي, يتعين أن تتوافر فيه بعض الشروط تحت طائلة عدم قبوله شكلا وهي:
1. يجب أن يقدم الطلب من قبل المحكوم عليه ,الذي صدر حكم يقضي بإدانته فإذا كان محجورا عليه فمن نائبه القانوني ( ) ،وفي حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لزوجة أو أصوله أو فروعه تتبع الطلب ,بل إن لهم أيضا أن يقوموا بتقديم الطلب ,ولكن في مهلة سنة اعتبارا من تاريخ وفاة المحكوم عليه وهذا ما نصت عليه المادة 680 ق. إ. ج.
2. يجب أن يتضمن الطلب المتضمن رد الاعتبار القضائي, مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل وهذا طبقا لنص المادة 679 ق إ ج, ذلك أن طلب رد الاعتبار لا يتجزأ فإذا كان لطالب رد الاعتبار سوابق متعددة في جرائم القانون العام ، فلا يجوز رد إعتباره في أي حكم منها دون الآخر، بل إذا قام مانع من رد الاعتبار بالنسبة لحكم منها ،وجب رفض الطلب, لأن رد الاعتبار معناه عدّ المحكوم عليه تقي السيرة حسن الخلق ,فلا يصح الحكم بإعادة الاعتبار إلى المحكوم عليه بالنسبة لبعض الأحكام دون البعض الآخر( ).
وهذا ما يعبر عنه الفقه بمبدأ عدم قابلية رد الاعتبار القضائي للتجزئة فإذا تعددت الأحكام التي صدرت ضد طالب رد الاعتبار ,فلا يجوز رد اعتباره عن بعضها دون البعض الآخر، و نتيجة لذلك فإنه إذا لم تكن شروط رد الاعتبار متوافرة بالنسبة لأحد هذه الأحكام فلا يجوز رد اعتباره عما عداه منها، وعلة هذا المبدأ أن رد الاعتبار يعني جدارة المحكوم عليه باسترداد مكانته في المجتمع كمواطن شريف، وهذه الجدارة تقدر بالنظر إلى شخصيته في مجموعها ككل لا يتجزأ، فإذا كانت غير جديرة برد الاعتبار في أحد جوانبها فمعنى ذلك أنها غير جديرة به على الإطلاق( ).
وعليه طبقا لأحكام المادة 679 من قانون الإجراءات الجزائية يجب أن يشمل طلب رد الاعتبار مجموع العقوبات التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل.
وبما أن المشرع قد استعمل عبارة " يجب " في النص القانوني فإن الطلب الذي لا يشمل على جميع العقوبات المحكوم بها على الطالب يكون غير مقبول ( ).( قرار صادر يوم 28 جوان 1988 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 50325).
3. يجب أن يتضمن طلب رد الاعتبار تاريخ الحكم بالإدانة والأماكن التي أقام فيها المحكوم عليه, منذ تاريخ الإفراج عنه وهذا ما نصت عليه المادة 685 ق.إ. ج, و يهدف ذلك إلى التأكيد من تحسن سيرة المحكوم عليه وجدارته برد الاعتبار القضائي وذلك بإجراء تحقيق اجتماعي في الأماكن التي أقام فيها المحكوم عليه منذ تاريخ الإفراج عنه.
وإن الشروط السالفة الذكر يجب توفرها في طلب الاعتبار القضائي وهذا ما أكده قرار المحكمة العليا والذي جاء فيه:" لا يكفي لقبول رد الاعتبار القضائي تقديم الطلب في الفترة الزمنية المحددة قانونا بل يجب على الطالب مراعاة جميع الإجراءات الشكلية".(3)
هذا وتجب الإشارة نه وطبقا لنص المادة 691 من ق إ ج فإنه لا يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد حتى ولو في الحالة المنصوص عليها في المادة 684 قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض.
وهذا ما أشار إليه قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي: " من المقرر قانونا أنه لا يجوز تقديم طلب رد اعتبار جديد قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبار من تاريخ رفض الطلب الأول والقرار المطعون فيه لم يناقش الخطأ المادي الوارد في القرار الأول - الذي رفض الطلب بحجة عدم استيفاء المدة القانونية المحددة – و اكتفى بقبول بطلب رد الاعتبار دون توضيح أساس ذلك, مما يشكل تناقضا بين القرارين ويترتب على غرفة الاتهام أن تفصل في الموضوع من جديد".( )
هذا وإن القاعدة المنصوص عليها في المادة 691 السابقة الذكر, لا تسري إلا إذا كان القرار الأول قد فصل في موضوع الطلب و قضى برفضه، أما إذا كان القرار الأول قد اكتفى بالفصل في شكل الطلب و قضى بعدم قبوله شكلا ,على أساس أنه مثلا قدم مباشرة إلى النائب العام لدى المجلس القضائي دون تقديمه إلى وكيل الجمهورية كما تنص على ذلك المدة 685 ق.إ.ج.
فيجوز للمعني بالأمر أن يصحح طلبه، بتقديمه إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامته و على غرفة الاتهام في هذه الحالة أن تفصل في موضوع الطلب لا أن تقرر عدم قبوله لعدم انقضاء مهلة سنتين على صدور القرار الأول، و هذا ما قضت به الفرقة الجنائية بالمحكمة العليا في قرارها الصادر في 07/01/1986 ( ).
و بعد تفصيل هذا الشرط الثالث و الأخير لقبول طلب رد الاعتبار القضائي فإننا نطرح السؤال التالي:
هل يجوز في إطار التشريع الجزائري تكرار الحكم برد الاعتبار؟ أو بمعنى آخر هل يجوز رد اعتبار على رد اعتبار ؟ ، بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية و تحديدا المواد من 679 إلى 693 منه المنظمة لرد الاعتبار القضائي لا نجد مادة صريحة تحكم هذه الحالة.
فهل سكوت المشرع الجزائري عن التطرق لها معناه أنه أجاز تكرار الحكم برد الاعتبار؟ خاصة و أننا نعلم أنه لا بطلان و لا حظر إلا بنص قانوني ؟ .
بالرجوع إلى القانون المقارن و تحديدا قانون الإجراءات الجنائية المصري نجد المادة 547 منه التي تنص على مايلي: " لا يجوز الحكم برد اعتبار المحكوم عليه إلاّ مرة واحدة ".
ويعني ذلك أنه و طبقا للقانون المصري إذا رد اعتبار المحكوم عليه، ثم صدر عليه بعد ذلك حكم آخر فلا يجوز أن يرد إليه اعتباره و هذا بالنسبة لهذا الحكم الأخير( )
وعلة ذلك أنّه إذا أدين المحكوم عليه بعد أن رد إليه اعتباره فقد أثبت بذلك –على وجه نهائي- أنه غير جدير بالمزايا التي ينطوي عليها هذا النظام، ولا داعي لتكرار التسامح من جانب المجتمع إزاء شخص يكرر الاعتداء على حقوق المجتمع.
وفي الحقيقة فإن المادة 547 السالفة الذكر، التي جاء بها المشرع المصري تتفق مع فلسفة رد الاعتبار، الذي على الطالب أن يثبت اندماجه في المجتمع من جديد وبصفة قطعية لا رجوع فيها و عليه فإن الشخص الذي يرد اعتباره, ثم يصدر ضده حكم جديد بالإدانة, قد أثبت بصفة نهائية بأنه غير جدير بنظام رد الاعتبار وأنه غير أهل له وعليه فلا يجوز له تكرار طلبه برد الاعتبار، كما لا يجوز الحكم برد الاعتبار إليه مرة أخرى، وعلى المشرع الجزائري أن يتدخل و يتدارك الفراغ الموجود في القانون الجزائري وذلك بالنص صراحة على عدم جواز تكرار الحكم برد الاعتبار حتى لا يفسر عدم تطرقه لهذا الموضوع على أنه إجازة له,وهذا رغم مقتضيات المادة 682 من ق.إ.ج، التي تنص على رد الاعتبار القضائي للمحكوم عليهم الذين يكونون في حالة العود القانوني.
المطلب الثاني:

 إجراءات رد الاعتبار القضائي و آثاره

بعد أن تطرقنا في المطلب الأول للشروط المتعلقة برد الاعتبار القضائي، و بعد أن قمنا بتفصيلها و رأينا أنّ منها الشرط الزمني و الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة و الشرط المتعلق بالطلب.
نتطرق في هذا المطلب الثاني لإجراءات رد الاعتبار القضائي و كذلك الآثار المترتبة عنه.
الفرع الأول:

 إجراءات رد الاعتبار القضائي

بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري, و تحديد المواد686 إلى 693 منه، يمكننا تقسيم إجراءات رد الاعتبار القضائي إلى نوعين:
الإجراءات الأولية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي، و الإجراءات النهائية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي.
أولا: الإجراءات الأولية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي:
و هي الإجراءات المنصوص عليها في المواد 686 إلى 688 من ق.إ.ج.
و تبدأ هذه الإجراءات التي يقوم بها وكيل الجمهورية، بعد الطلب الذي يقدمه المحكوم عليه إلى وكيل الجمهورية و الذي يطلب فيه رد اعتباره قضاءا, و حسب نص المادة 685 من ق.إ.ج فيجب أن تتوفر في هذا الطلب الشروط التالية:
1- يجب أن يقدم المحكوم عليه طلب رد الاعتبار, إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص محل إقامته، و عليه إذا قدم المحكوم عليه طلب رد الاعتبار إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص أخرى, غير دائرة اختصاص محل إقامته فيكون هذا الطلب غير مقبول شكلا.
2 - على الطالب أن يذكر بدقة في هذا الطلب:
أ- تاريخ الحكم بالإدانة.
ب- الأماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ الإفراج عنه.
وهي نفس الشروط المنصوص عليها في المادة 790 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي.
غير أن هذه المادة تميز بين ما إذا كان المحكوم عليه مقيما في فرنسا أو مقيما في الخارج.
فإذا كان المحكوم عليه مقيما في فرنسا وقت تقديم الطلب، فإنه يقدم طلبه إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص محل إقامته.
أما إذا كان المحكوم عليه مقيم خارج فرنسا وقت تقديم الطلب فإنه يقدم إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص آخر محل إقامة له بفرنسا.
وإن ذلك يدفعنا لإثارة نقطة يمكن تصورها عمليا في الجزائر، وهي تلك المتعلقة بالأجانب الذين تصدر ضدهم أحكام بالإدانة في الجزائر، فهل يجوز لهم رد اعتبارهم في الجزائر باعتباره بلد الإدانة ؟ .
تنص المادة 676 من ق.إ.ج على أنه : " يجوز رد اعتبار كل شخص محكوم عليه لجناية أو جنحة من جهة قضائية بالجزائر".
إن المادة السالفة الذكر جاءت عامة، و عليه فإذا كان الشخص أجنبيا وصدر حكم بإدانته بجناية أو جنحة و كان هذا الحكم صادر عن جهة قضائية بالجزائر, فإنه يجوز له طلب رد اعتباره أمام الجهات القضائية الجزائرية.
وعليه نستنتج من هذا النص أنّ الأجنبي الذي صدرت ضده أحكام في الإقليم الجزائري، لا يسمح له القانون الجزائري بطلب رد الاعتبار في بلاده.
وفي حالة قيامه بهذا الطلب يصبح في نظر المشرع الجزائري باطلا، لأن هذه المسألة تمس بالسيادة.
وحسب مبدأ المعاملة بالمثل، فإن الجزائري الذي صدر ضده حكم يقضي بإدانته في الخارج، فإنه لا يجوز له طلب رد اعتباره, إلاّ أمام الجهات القضائية للدولة الأجنبية التي أدين فيها.
ونفس الأحكام السالفة الذكر، نصت عليها المادة 782 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي التي جاء فيها مايلي: " كل شخص أدين من طرف محكمة فرنسية بعقوبة جناية أو جنحة أو مخالفة، يمكن أن يرد له اعتباره".
أما في كندا فإن رد الاعتبار الذي يحصل في كندا، غير معترف به في الخارج وهذا في عدة دول ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، فالشخص إذا تمت إدانته في كندا و أراد الذهاب إلى و.م.أ، فعليه تقديم طلب الحصول على وثيقة تسمى في التشريع الأمريكي بـ: وثيقة تنازل مصلحة الهجرة و التجنس الأمريكية ( )
American Immigration and Naturalization Service Waiver
وهذه الوثيقة تتطلب إجراء استعلامات حول بطاقة السوابق القضائية للطالب, و هذا من طرف أعوان مصلحة الهجرة و التجنس الأمريكية، و في نهاية هذه الاستعلامات يمكن للطالب الحصول على وثيقة التنازل السالفة الذكر لدى مصالح السفارة الأمريكية بكندا، ليمكنه الدخول الو.م.أ.

غير أن طالب رد الاعتبار قد لا يقدم طلب إلى وكيل الجمهورية حسب نص المدة 685 السالفة الذكر، بل يقدمه مباشرة إلى النائب العام دون المرور عبر وكيل الجمهورية، فهل يجوز ذلك ؟ .
لقد أجابت عن ذلك المحكمة العليا في قرارها الذي جاء فيه: " إنّ مؤدي نص المادة 33 من قانون الإجراءات الجزائية هو أن النائب العام يمثل النيابة العامة أمام المجلس القضائي ومجموع المحاكم، ويباشر أعضاء النيابة العامة الدعوى العمومية تحت إشرافه، كما أن مؤدي نص المادة 35 من نفس القانون هو أنّ وكيل الجمهورية يمثل النائب العام لدى المحكمة المعين في نطاق دائرة اختصاصها، فإن ذلك كله يجسد مبدأ عدم قابلية النيابة للتجزئة.
إذا كان ثابتا من ملف الإجراءات أن الطاعن كان قد تقدم بطلب رد الاعتبار إلى النائب العام وأنه عند عرض هذا الطلب على غرفة الاتهام للبث فيه فإنها قررت عدم قبوله لعدم تقديمه إلى وكيل الجمهورية كما تنص على ذلك أحكام المادة 685 من قانون الإجراءات الجزائية وتقديمه مباشرة إلى النائب العام.
إن الطعن بالنقض ضد القرار المطعون فيه تأسيسا على الخطأ في تطبيق القانون يكون مقبولا وفي محله ولذلك يستوجب نقض القرار وإبطاله" ( ).
وعليه وتجسيدا لمبدأ عدم قابلية النيابة للتجزئة, فيجوز للمحكوم عليه أن يقدم طلبه مباشرة إلى النائب العام دون المرور عبر وكيل الجمهورية.
وبعد ذلك تبدأ الإجراءات الأولية للفصل في طلب رد الاعتبار والتي يقوم بها بداية وكيل الجمهورية الذي يجب عليه القيام بما يلي:
1- يجب على وكيل الجمهورية حسب المادة 686 من قانون الإجراءات الجزائية أن يقوم بإجراء تحقيق بمعرفة مصالح الشرطة أو الأمن في الجهات التي كان المحكوم عليه مقيما بها وأن يستطلع رأي القاضي تطبق العقوبات.
وعليه وحسب المادة السالفة الذكر فإن التحقيق الاجتماعي يعد ضروريا لتقدير اندماج المحكوم عليه من جديد في المجتمع, وأهليته للحصول على رد الاعتبار وهذا ما أشار إليه قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي: " إن إثبات التحقيق الاجتماعي بأن سلوك المتهم قد استقام ودفعه الرسوم المستحقة إلى الخزينة، يترتب عنه إصدار قرار رد الاعتبار القضائي من طرف غرفة الاتهام".( )
ويطرح السؤال بالنسبة للحصول على رأي قاضي تطبيق العقوبات حسب نفس المادة فهل هو إلزامي أم لا ؟.
بعد تقديم الطلب مشتملا على بيان هوية الطالب وتاريخ الحكم بإدانته والأماكن التي أقام بها من ذلك الحين.
يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيقي بمعرفة مصالح الشرطة أو الدرك الوطني ثم يستطلع رأي قاضي تطبيق العقوبات طبقا للأحكام المادة 686 قانون الإجراءات الجزائية غير أن سهو النيابة عن استطلاع رأي قاضي تطبيق العقوبات لا يترتب عليه النقض طالما أن غرفة الاتهام غير مقيدة برأيه وما دام أن قضاءها يرفض الطلب أو قبوله يجب أن يكون مسببا كافيا ( )
2- بعد ذلك وحسب المادة 687 من قانون الإجراءات الجزائية يقوم وكيل الجمهورية بتشكيل ملف طلب الاعتبار القضائي والذي يتكون من:
أ‌- نسخة من الأحكام الصادرة بالعقوبة.
ب- مستخرج من سجل الإيداع بمؤسسات إعادة التربية التي قضى بها المحكوم عليه مدة عقوبته وكذلك رأي المدير أو الرئيس المشرف على مؤسسة إعادة التربية عن سلوكه في الحبس.
ج – القسيمة رقم 1 من صحيفة الحالة الجزائرية.
ثم ترسل هذه المستندات مشفوعة برأي إلى النائب العام.
غير أن الفقرة الأخيرة السالفة الذكر, تصطدم مع نفس الفقرة من النص الفرنسي التي تنص على القسيمة رقم 02 من صحيفة السوابق القضائية كجزء من هذا الملف وليس القسيمة رقم 01 فأيهما يطبق هنا، هل النص العربي أم النص الفرنسي؟
بغض النظر عن الدستور الذي ينص في مادته الثالثة على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، فإن النص الفرنسي هو الصحيح، ذلك أنّ القسيمة رقم 01 من صحيفة الحالة الجزائية هي الأصل، وأن القسيمة رقم 02 هي بيان كامل بكل القسائم الحاملة لرقم 01 والخاصة بالشخص نفسه وهذا حسب نص المادة 630 /1 ق.إ.ج ولا تسلم القسيمة رقم 02 حسب الفقرة الثانية من نفس المادة، سوى لأشخاص مذكورين على سبيل الحصر، ومن بينهم أعضاء النيابة، بمن فيهم وكيل الجمهورية هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن العمل من الناحية الميدانية هو أن القسيمة رقم 01من صحيفة الحالة الجزائية عندما يصدر حكم رد الاعتبار, يقوم أمين الضبط بحفظها- قبل إدخال نظام الإعلام الآلي- وذلك بإخراجها من الحافظة التي كانت موجودة فيها, دون ضمها للملف، وأنه عندما اطلعنا على ملف متعلق برد الاعتبار على مستوى محكمة تيارت، وجدنا أن الملف يحتوي على القسيمة رقم 2 لصحيفة السوابق القضائية وليس رقم 1، كل ذلك إضافة إلى أنّه في سنة 1966م -تاريخ صدور قانون الإجراءات الجزائية- كان النص الفرنسي هو النص الأصلي.
وعليه فإن وكيل الجمهورية يستعمل القسيمة رقم 02 من صحيفة السوابق القضائية وليس رقم 01.
هذا وتجب الإشارة إلى انه لا يجوز لوكيل الجمهورية ,أن يتخلى عن اختصاصه في تشكيل الملف إلى طالب رد الاعتبار القضائي، وهذا ما أكده القرار الصادر عن المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي: " إنّ غرفة الاتهام برفضها طلب الاعتبار المقدم على أساس عدم تقديم حكم محكمة الجنايات وكذلك الوضعية الجزائية من طرف الطالب قد خالفه أحكام المادة 687 من قانون الإجراءات الجزائية لأن وكيل الجمهورية المختص هو المكلف بتقديم الوثيقتين السابقتين".( )
3- بعد أن يقوم وكيل الجمهورية بتشكيل الملف المتعلق برد الاعتبار القضائي يقوم بعد ذلك بإرسال هذا الملف مشفوعا برايه إلى النائب العام.
4- يقوم النائب العام وحسب مقتضيات المادة 688 من ق.إ.ج برفع الطلب إلى غرفة الاتهام بالمجلس القضائي.
وعليه لا يجوز لوكيل الجمهورية أن يقوم برفع الملف المتعلق برد الاعتبار القضائي مباشرة إلى غرفة الاتهام دون المرور عبر النائب العام.
ونفس هذه الأحكام نصت عليها المادة 793 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي التي نصت على ما يلي: " تخطر غرفة الاتهام من طرف النائب العام لدى المجلس القضائي"
هذا ويجوز للطالب أن يقدم مباشرة إلى غرفة الاتهام, سائر المستندات المفيدة حسب الفقرة الثانية من المادة 688 ق.إ.ج دون أن يمر عبر وكيل الجمهورية الذي قدم له طلب رد الاعتبار لأول مرة.
ثانيا: الإجراءات النهائية للفصل في طلب رد الاعتبار القضائي.
لقد نص المشرع الجزائري على هذه الإجراءات في المواد 689 إلى 693 من قانون الإجراءات الجزائية، وهي الإجراءات التي تختص بها غرفة الاتهام.
حيث يتعين على غرفة الاتهام بعد إخطارها بالطلب المتعلق برد الاعتبار عن طريق النائب العام، أن تفصل في الطلب خلال ميعاد شهرين, وذلك بعد إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال الطرف الذي يعينه الأمر أو محاميه أو بعد استدعائه بصفة قانونية، وهذا ما نصت عليه المادة 689 ق.إ.ج.
والجهة القضائية المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار في فرنسا هي غرفة الاتهام على غرار الجزائر، وهذا ما نصت عليه المادة 783 و 794 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي.
أما في كند فيختص بالفصل في طلب رد الاعتبار لجنة خاصة تسمى باللجنة الوطنية للحريات المشروطة التي هي وحدها المخولة حسب القانون الكندي المتعلق بصحيفة السوابق القضائية بتحرير، منح، رفض، إلغاء رد الاعتبار( )
أما في مصر فيختص بالفصل في طلب رد الاعتبار القضائي محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة المحكوم عليه بناءا على طلبه، حسبما جاء بنص المادة 536 من قانون الإجراءات الجنائية المصري( )
وعليه يختص بالفصل في طلب رد الاعتبار في الجزائر غرفة الاتهام وهي غرفة من غرف المجلس القضائي، نظمها المشرع الجزائري في المواد 176 إلى 211 من قانون الإجراءات الجزائية.
حيث تتكون غرفة الاتهام من رئيس ومستشارين يعينون بقرار من وزير العدل لمدة ثلاثة سنوات، وإذا حصل لأحدهم مانع تعين إخبار مصالح الوزارة، وعلى الخصوص مديرية الشؤون الجزائية والعفو فورا، لكي يقوم الوزير بتعيين من يخلفه، إذ لا يسوغ لرئيس المجلس القضائي، إلا انتداب قضاة المحاكم الابتدائية بصفة مؤقتة ( )
وعليه فإن غرفة الاتهام تفصل في طلب رد الاعتبار في ميعاد لا يجوز شهرين بعد إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال الطرف الذي يعنيه الأمر أو محاميه أو بعد استدعائه بصفة قانونية، أما في مصر ( ) فتنظر محكمة الجنايات في الطلب وتفصل فيه في غرفة المشورة دون تحديد أجل قانوني معين، بخلاف الجزائر التي يجب فيها على غرفة الاتهام أن تفصل في الطلب في ميعاد شهرين، وهذا ما نصت عليه المادة 544 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وحسب المادة 690 ق.إ.ج :"يجوز الطعن في حكم غرفة الاتهام لدى المحكمة العليا ضمن الكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون", وعليه فقرار غرفة الاتهام غير قابل للطعن فيه سوى بالنقض على غرار المشرع الفرنسي الذي نص على ذلك في المادة 795 ق.إ.ج.ف
في حين نصت المادة 544/3 ق.إ.ج مصري على الآتي :" ولا يقبل الطعن في الحكم إلاّ بطريق النقض لخطأ في تطبيق القانون أو تأويله، وتتبع في الطعن الأوضاع والمواعيد المقررة للطعن بطريق النقض في الأحكام"( )
وعليه فالمشرع المصري وإن أجاز الطعن في الحكم الصادر برد الاعتبار بطريق النقض، إلاّ أنه ضيق من نطاقه بان سمح به حالة واحدة فقط، وهي الخطأ في تطبيق القانون أو تفسيره وهذا خلافا لمشرع الجزائري- وكذلك الفرنسي- الذي أجاز الطعن فيه بطريق النقض دون حصره في صورة معينة من الصور المنصوص عليها في المادة 500 ق.إ.ج.
أما في كندا فإن القرار الصادر عن اللجنة الوطنية للحريات المشروطة والفاصل في طلب رد الاعتبار غير قابل للطعن فيه بأي طعن، فقط على الطالب أن ينتظر مرور سنة كاملة من تاريخ الرفض ليقوم بتجديد طلبه( )
وإن الطعن بالنقض في قرار غرفة الاتهام حسب المادة 690 ق.إ.ج السالفة الذكر، قد يكون من طرف الطالب وهذا في حالة صدور قرار بالرفض وفي هذا الصدد نشير إلى قرار غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيارت الصادر بتاريخ 27/09/2004 والذي جاء فيه مايلي: " . . .حيث وبذلك لا يجوز تقديم طلبات الاعتبار قبل انقضاء مهلة 03 سنوات طبقا للمادة 681 من قانون الإجراءات الجزائية .
حيث أنه في هذه الحالة يجب عدم قبول الطلب شكلا . . . ".
كما قد يكون الطعن بالنقض من طرف النيابة العامة إذا صدر القرار بالقبول وكان مخالفا لطلبات النيابة العامة, التي أبدتها أمام غرفة الاتهام حسب المادة 689 ق.إ.ج وفي هذا الإطار نشير إلى قرار غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيارت الصادر بتاريخ 09/11/2004 والذي جاء فيه ما يلي: " .....إنّ السلطات المعنية بالأمر قد أحضرت الشهادات اللازمة وأدلت برأيها حسبما تنص عليه المادة 686 من قانون الإجراءات الجزائية.
حيث أنّ السيد النائب العام لم يتعرض للطلب المذكور أعلاه.
حيث أنه يجب الاستجابة لهذا الطلب......"
غير أنه إذا كانت القاعدة حسب القانون الجزائري هو أنّ غرفة الاتهام هي المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار، إلا أن هنالك استثناءا نصت عليه المادة 693 ق.إ.ج التي جاء فيها ما يلي :" في الحالة التي تصدر فيها المحكمة العليا حكما بالإدانة بعد رفع الأمر إليها كاملا، فإن هذه الجهة القضائية تكون وحدها المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار.
ويجري التحقيق حينئذ في الطلب بمعرفة النائب العام لدى المحكمة المذكورة. ",وعليه فإن المحكمة العليا يمكن أن تفصل في طلب رد الاعتبار حسب المادة السالفة الذكر.
ولكن السؤال المطروح: ما هي الحالة التي تصدر فيها المحكمة العليا، حكما بالإدانة بعد رفع الأمر إليها كاملا؟, مع العلم أنّ المحكمة العليا هي محكمة قانون وليست محكمة موضوع؟
بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية، لا نجد مادة محددة تنص صراحة على اختصاص المحكمة العليا بالفصل في موضوع الدعوى وإصدار حكم بالإدانة بناءا على ذلك.
فقط هنالك نص المادة 531/7 و8 من ق.إ.ج والمتعلقة بطلبات إعادة النظر والتي جاء فيها ما يلي: " لا يسمح بطلبات إعادة النظر إلا بالنسبة للقرارات الصادرة عن المجالس القضائية أو للأحكام الصادرة عن المحاكم إذ حازت قوة الشيء المقضي فيه وكانت تقضي بالإدانة في جناية أو جنحة.
وتفصل المحكمة العليا في الموضوع في دعوى إعادة النظر، ويقوم القاضي المقرر بجميع إجراءات التحقيق وعند الضرورة بطريق الإنابة القضائية.
وإذا قبلت المحكمة العليا الطلب قضت بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي تثبت عدم صحتها."
غير أنّه وفقا للفقرة الثامنة من نفس المادة، فإنّ المحكمة العليا وإن كانت تفصل في الموضوع، إلا أنها لا تصدر حكما بالإدانة كما تشترطه المادة 693 ق.إ.ج بل تصدر حكما ببطلان أحكام الإدانة وعليه فالحالة المنصوص عليها كاستثناء عن اختصاص غرفة الاتهام في نظر طلب رد الاعتبار القضائي والتي تختص بها المحكمة العليا حسب المادة 693 لا تنطبق على طلب إعادة النظر.
أم أنّ الحالة المنصوص عليها في المادة 693 ق.إ.ج هي عندما تنقض المحكمة العليا الحكم بدون إحالة؟ كما نصت على ذلك المادة 524/2 ق.إ.ج :" وإن لم يدع حكم المحكمة من النزاع شيئا يفصل فيه نقض الحكم المطعون فيه دون إحالة"
هذه المادة تقضي بان المحكمة العليا تصدر حكما بنقض الحكم المطعون فيه دون إحالة وبالتالي دون أن تفصل في الموضوع أو تصدر حكما بالإدانة, وعليه هذه المادة لا تخص الحالة المنصوص عليها في المادة 693 ق.إ.ج.
أم أن الحالة المنصوص عليها في المادة 693 ق.إ.ج تتعلق بامتياز التقاضي المنصوص عليه في المواد 573 إلى 581 ق.إ.ج, غير أنّه باستقراء المواد السالفة الذكر نجد أن المحكمة العليا تختص بالتحقيق في مثل هذه الحالات فقط دون أن تصدر حكما بالإدانة لأنه بعد انتهاء التحقيق فأنّها تقوم وحسب المواد 574 و 575 و 576 ق.إ.ج بإحالة القضية أمام الجهة القضائية المختصة الواقعة خارج دائرة اختصاص الجهة التي كان يمارس فيها المتهم مهامه دون أن تفصل فيها المحكمة العليا وتصدر حكما بالإدانة.
وعليه يمكننا القول أن هذه المادة لم تعد ذات جدوى، باعتبارها موجودة منذ تاريخ صدور قانون الإجراءات الجزائية أي منذ سنة 1966، أين كانت المحكمة العليا آنذاك تصدر أحكاما ما بالإدانة وعليه يعود لها الاختصاص في النظر في طلبات رد الاعتبار غير أنها لم تعد تصدر مثل هذه الأحكام بسبب مختلف التعديلات التي أدخلت على قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، مما يتعين معه القول بضرورة إلغاء هذه المادة( )
بالإضافة إلى ذلك، يرد في التشريع الجزائري استثناء آخر وارد على اختصاص غرفة الاتهام في الفصل في طلب الاعتبار القضائي، وهو الاستثناء المنصوص عليه في المادة 490 ق.إ.ج التي جاء نصها كما يلي:" إذا أعطى صاحب الشأن ضمانات أكيدة على انه صلح حالة، جاز لقسم الأحداث بعد انقضاء مهلة خمس سنوات اعتبارا من يوم انتهاء مدة تدبير الحماية أو التهذيب أن تقرر بناءا على عريضة مقدمة من صاحب الشأن أو من النيابة أو من تلقاء نفسها إلغاء القسيمة رقم 01 المنوه بها عن التدبير.
وتختص بالنظر في ذلك كل من المحكمة التي طرحت أمامها المتابعة أصلا أو محكمة الموطن الحالي لصاحب الشأن أو محل ميلاده.
ولا يخضع حكمها لأي طريق من طرق الطعن.
وإذا صدر الأمر بإلغاء أتلفت القسيمة رقم 1 المتعلقة بذلك التدبير"
وعليه فإن رد الاعتبار المتعلق بالأحداث تختص بالنظر فيه حسب المادة السالفة الذكر المحكمة التي طرحت أمامها المتابعة أصلا أو محكمة الموطن الحالي لصاحب الشأن أو محل ميلاده وليس غرفة الاتهام.
مع ملاحظة أن رد الاعتبار هذا ,يخص تدابير الحماية أو التربية التي يتخذها قاضي الأحداث لصالح الحدث حسب نص المادة 444 ق.إ.ج، وأنه يختلف عن رد الاعتبار الخاص بالبالغين من حيث شروطه وآثاره.
فبينما يترتب عن رد الاعتبار القضائي حسب المادة 692 ق.إ.ج التنويه عن الحكم الصادر برد الاعتبار على هامش الأحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية وان لا ينوه عن العقوبة في القسيمتين 02 و 03 من صحيفة السوابق القضائية, دون المساس بالقسيمة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية، يترتب عن رد الاعتبار القضائي الخاص بالحدث إتلاف القسيمة رقم 01 من صحيفة السوابق القضائية المتعلقة بذلك التدبير، وعليه فمصيرها هو الإتلاف المادي ,وليس الحفظ كما هو الحال بالنسبة للبالغ كما أن الحكم بالنسبة للحدث يصدر بالإلغاء ويكون بناء على أمر، وليس حكم برد الاعتبار كما هو الحال للبالغ هذا ويثير اختصاصا غرفة الاتهام في الفصل في طلب رد الاعتبار القضائي إشكالا عمليا وجدناه عند إجراء التدريب بمحكمة ومجلس قضاء تيارت يتعلق بما يمكن أن نسميه برد الاعتبار الإداري ويتلخص ذلك في حالة واقعية عرضت على وكيل الجمهورية، إذ تمت متابعة مجموعة من الأشخاص بتهمة السرقة, ومن بينهم طالب بكلية الحقوق وبعد إحالة القضية على قاضي التحقيق أصدر هذا الأخير أمرا بأن لا وجه للمتابعة.
وبعد أن تخرج هذا الطالب من كلية الحقوق وأراد المشاركة في بعض المسابقات للظفر بوظيفة، اصطدم بانّ مصالح الأمن لا زالت تحتفظ بملف القضية السابقة، بمعنى آخر فإن كل متقدم لوظيفة ما، تجرى حوله تحقيقات بما فيها الأمنية, وإن كان المعني بالأمر قد تحصل حتى على حكم بالبراءة وليس فقط أمر بان لا وجه للمتابعة، فإن مصالح الأمن (شرطة ودرك) لا تشير إلى ذلك، بل تكون خلاصة التحقيق الأمني "....بأنه معروف لدى مصالحنا ومتورط في القضية كذا..." , دون الإشارة للحكم بالبراءة أو برد الاعتبار, وعليه فما فائدة الحكم بالبراءة أو استفادة المحكوم عليه من رد الاعتبار، إذا كان الحكم بالبراءة أو الحكم برد الاعتبار لا يكون له أثر على ملفه الأمني المحفوظ لدى مصالح الأمن؟
ومن المختص برد الاعتبار الإداري في هذه الحالة، هل هي غرفة الاتهام؟ أم وكيل الجمهورية المختص طبقا للمادة 12/2 ق.إ.ج.
وعليه يجب على المشرع أن يتدخل وينص على هذه الحالة وكذلك الجهة القضائية المختصة برد الاعتبار الإداري.
كما أنّ الحديث عن اختصاص غرفة الاتهام بالفصل في طلب الاعتبار القضائي لا بد أن يؤدي بنا إلى الحديث بالضرورة عن رد الاعتبار العسكري والجهة المختصة به.
1- فالقاعدة العامة فيما يخص رد الاعتبار العسكري، أن تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية السالفة الذكر، سواء تعلق الأمر برد الاعتبار القانوني أو القضائي وهذا حسبما جاء في المادة 233/1 من قانون القضاء العسكري( ) :" تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة برد الاعتبار القانوني أو القضائي على الأشخاص المحكوم عليهم من قبل المحاكم العسكرية".
على انه وبالرجوع للفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه نجدها تنص على ما يلي:" وتوجه عريضة رد الاعتبار إلى وكيل الدولة العسكري، الذي يرتب لها ملفا بالإجراءات يرفعه إلى المحكمة العسكرية التابعة لمحل إقامة مقدم العريضة"
وعليه حسب هذه الفقرة فإن طلب رد الاعتبار يقدم أمام وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي أدانت المحكوم عليه الذي يرتب لها ملفا بالإجراءات " مستخرج من الحكم الحالة الجزائيةّ", ويرفعه إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة العسكرية التابعة لمحل إقامة مقدم العريضة لتقوم هذه الأخيرة بمواصلة الإجراءات إلى غاية الفصل في الطلب من طرف المحكمة العسكرية المنعقدة بهيئة غرفة الاتهام.
وقد ذهبت المحكمة العليا في قرارها رقم 03 703 الصادر بتاريخ 24/04/1990 إلى أن عريضة رد الاعتبار يجب أن تودع لدى المحكمة العسكرية لمحل إقامة مقدمها استنادا إلى نص المادة 233 من قانون القضاء العسكري ، وهو التفسير الخاطئ( ) لنص المادة 233 لسببين:
أ-أن المشرع لو قصد إيداع الطلب لدى وكيل الجمهورية لمحكمة محل الإقامة لاكتفى بالفقرة الأولى من نص المادة التي تحيل على قانون الإجراءات الجزائية ,التي تنص على تقديم الطلب لدى وكيل الجمهورية لمحل الإقامة.
ب- انه بالرجوع للفقرة الثانية نجدها مقسمة إلى شطرين، الشطر الأول يتكلم عن تقديم الطلب لوكيل الدولة العسكري، في حين الشطر الثاني يتكلم عن إحالة هذا الأخير- الطلب، أمام المحكمة العسكرية لمحل إقامة مقدم العريضة ويفهم من هذا السياق أن المحكمة العسكرية التي تتلقى الطلب ليست نفسها التي تفصل فيه.
2-أما المحكوم عليهم المجردون بموجب الأحكام الجزائية الصادرة عن جهات القضاء العسكري من الرتب والأوسمة, التي كانوا قد تحصلوا عليها خلال فترة التحاقهم بصفوف الجيش الوطني الشعبي، رد اعتبارهم إليهم لا يعطيهم الحق في استرجاع هذه الرتب والأوسمة مهما كانت رتبهم، ومع ذلك يجوز لهم في حال الالتحاق مرة ثانية بصفوف الجيش أن يكتسبوا رتبا وأوسمة جديدة ( المادة 234 قانون القضاء العسكري).
3- يخضع لأحكام رد الاعتبار العسكري كل شخص حكم عليه من جهة قضائية عسكرية:- العسكريون الذين لا يزالوا في الخدمة، العسكريون المتقاعدون، العسكريون المطرودون، شبه العسكريون، المدنيون في حالة إدانتهم لارتكابهم جرم يعود فيه الاختصاص للمحاكم العسكرية.
4-إذا طلب شخص رد اعتباره عسكريا, وكان طلبه يتضمن أحكام صادرة عن جهات قضائية عادية، إضافة لأحكام صادرة ضده عن الجهات العسكرية, فإن المحكمة العسكرية تمنحه رد الاعتبار العسكري إذا توفرت شروطه دون النظر في الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية العادية التي تبقى من اختصاص هذه الأخيرة.
5- المحكمة العسكرية المنعقدة بهيئة غرفة الاتهام ,لدى إصدارها لقرار رد الاعتبار توجه إرسالية إلى الجهات القضائية العادية " النيابة العامة"، حتى تقوم هذه الأخيرة بالتأشير برد الاعتبار على هامش صحيفة السوابق القضائية رقم 01.
الفرع الثاني:

 آثار رد الاعتبار القضائي

يؤدي القرار القاضي برد الاعتبار القضائي إلى محو آثار الحكم الذي شمله رد الاعتبار, وفي هذا الصدد تنص المادة 676/2 ق.إ.ج :"و يمحو رد الاعتبار في المستقبل كل آثار الإدانة العادلة وما نجم عنها من حرمان الأهليات".
وينوه عن هذا القرار على هامش الحكم القاضي بالعقوبة، كما ينوه عنه في البطاقة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية، في حين لا ينوه عن العقوبة التي شملها رد الاعتبار في القسيمتين 2 و 3 من صحيفة السوابق القضائية, وهذا ما نصت عليه المادة 692/1 ق.إ.ج، وحسب الفقرة الثانية من نفس المادة، فيجوز لمن يرد اعتباره أن يستلم بدون مصاريف نسخة من القرار الصادر برد الاعتبار ومستخرجا من صحيفة السوابق القضائية.
علما أنّ كل حكم صادر بالإدانة يكون موضوعا للبطاقة رقم 01 يحررها كاتب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم ويرسلها بمعرفة وكيل الجمهورية إلى مصلحة صحيفة السوابق القضائية للمجلس القضائي المولود في دائرته المحكم عليه (المادة 624 ق.إ.ج)( )
وفي هذا الإطار يستفاد من المادة 676 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية أن رد الاعتبار يمحي آثار الإدانة التي لحقت الشخص نتيجة الحكم الصادر عليه في جناية أو جنحة من طرف جهة قضائية جزائرية وهو نوعان : قضائي وقانوني.
وكلاهما لا يمحوان العقوبات المذكورة في البطاقة رقم 2 للسوابق القضائية خلافا للعفو العام أو الشامل الذي يزيل أثر الإدانة المذكور بالقسيمة رقم 1 زوالا تاما كما تنص على ذلك صراحة المادة 628/2 ق.إ.ج ( )
(قرار صادر في 09 جوان 1991 من القسم الثالث لغرفة الجنح والمخالفات في الطعن رقم 62960"
أما في فرنسا فمنذ تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب قانون 16/12/1994م الذي دخل حيزا النفاذ في 01/03/1994، لم يعد ينوه بالقرار القاضي برد الاعتبار في صحيفة السوابق القضائية، بل ينوه عنه على هامش الحكم القاضي بالعقوبة فحسب، بحيث أصبح رد الاعتبار يؤدي إلى سحب البطاقة رقم 1 من صحيفة السوابق القضائية ( المادة 798 ق.إ.ج)( )
أما في مصر فقد نصت المادة 546 ق.إ.ج على ما يلي :" ترسل النيابة العامة صورة من حكم رد الاعتبار إلى المحكمة التي صدر منها الحكم بالعقوبة للتأشير به على هامشه وتأمر بان يؤشر به في قلم السوابق".، وعليه فإن مصر وعلى غرار الجزائر وخلافا لفرنسا منذ سنة 1994م، الحكم الصادر فيها برد الاعتبار ينوه عنه في الحكم القاضي بالعقوبة وكذلك في صحيفة السوابق القضائية، وفي هذا الإطار نسجل القرار الصادر عن غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيارت بتاريخ 09/11/2004 والذي جاء في منطوقه ما يلي:".....فلهذه الأسباب ومن أجلها-
- بعد الإطلاع على المادتين 184 و 185 من قانون الإجراءات الجزائية.
قررت غرفة الاتهام بحجرة المشورة /
في الشكل / بقبول الطلب شكلا
في الموضوع / القضاء برد الاعتبار للعارض بن شيخ سعيد من مواليد 30/11/1970 بدار البصري ابن ميلود ويوسف العالية، جزائري الجنسية والساكن بقرية عين مصباح تيارت والمحكوم عليه بعقوبة عام حبس نافذة عن تهمة إخفاء أشياء مسروقة والصادرة من طرف محكمة الجنايات بتيارت بتاريخ 25/11/1997.
-والإشارة إلى هذا القرار في بطاقة السوابق القضائية رقم 1 الممسوكة في مجلس قضاء تيارت والأمر بسحبها من البطاقة والإشارة غليه في هامش الأحكام والقرارات المشار إليها أعلاه..."
وفي الحقيقة فإن الآثار الناتجة عن رد الاعتبار القضائي هي آثار هامة يمكن تقسيمها إلى نوعين:
أولا: آثار رد الاعتبار القضائي بالنسبة للمحكوم عليه.
وهي الآثار المذكورة في المادة 692 ق.إ.ج السالفة الذكر، والمادة 676/2 ق.إ.ج فيترتب على الاعتبار القضائي محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل، وزوال ما يترتب عن ذلك من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق الوطنية، فلا يحتسب الحكم سابقة العود( )، ويعود للمحكوم عليه كل الحقوق والمزايا التي كان محروما منها بناءا على الحكم بالإدانة، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 90/04 الصادر في 06 فيفري 1990م المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل: "لا يمكن أن ينتخب كمساعدين وكأعضاء مكاتب مصالحة:
- الأشخاص المحكوم عليهم بارتكاب جناية أو الحبس بسبب ارتكاب جنحة والذين لم يرد إليهم اعتبار.
- المفلسون والذين لم يرد غليهم اعتبارهم"
وعليه فالمحكوم عليه الذي رد إليه اعتباره يجوز أن ينتخب كمساعد أو كعضو في مكاتب المصالحة.
ثانيا: آثار رد الاعتبار القضائي بالنسبة للغير.
لا يجوز الاحتجاج برد الاعتبار القضائي على الغير وهذا بالنسبة للحقوق التي تترتب لهم من الحكم الصادر بالإدانة وعلى الأخص فيما يتعلق بالرد والتعويضات، فجميع هذه الحقوق لا تسقط برد الاعتبار وإنما وفقا للقواعد المقررة في القانون المدني
فرد الاعتبار هو نظام جزائي لمحو الآثار الجزائية المترتبة عن الحكم دون ما يترتب للغير من حقوق، ونظرا لأنّ عقوبة الغرامة تتحول إلى دين في ذمة المحكوم عليه، فإنّ رد الاعتبار لا يعفى المحكوم عليه من جزاء الغرامة الذي لم يستطع الوفاء به.( )


الفصل الثالث : 

رد الاعتبار التجاري

بعدما تناولنا في الفصل الأول رد الاعتبـار بوجه عــام ، وفي الفصل الثاني فصلنا رد الاعتبار الجزائي ، وعليه وبالتالي سنتطرق في هذا الفصل الثالث والأخير من المذكرة إلى رد الاعتبار التجاري في مبحثين .
- المبحث الأول : تعريفه وأنواعه .
- المبحث الثاني : إجراءاته و أثاره .
المبحث الأول :

 رد الاعتبار التجاري و أنواعه

- إن رد الاعتبار التجاري على غرار رد الاعتبار الجزائي ينقسم إلى عدة أنواع ، كما أنه ثمة أحكام اتفاق وأحكام اختلاف بين النوعين سوف نتعرض لهما لاحقا .
المطلب الأول :

 مفهوم رد الاعتبار التجاري

الفرع الأول :

 تعريفه

إن رد الاعتبار التجاري قد جاء النص عليــه في القانون التجاري الصادر بالأمـر رقم 75 – 59 المؤرخ في 20 رمضان 1395 هجري الموافق لـ26 سبتمبر سنة 1975 أي أنه عرف بعد رد الاعتبار الجزائي بحوالي تسع سنين .
ونص القانون التجاري على أحكام رد الاعتبار في المواد من 358 إلى 368 من الباب الثاني في رد الاعتبار التجاري من الكتاب الثالث في الإفلاس والتسوية القضائية ورد الاعتبار والتفليس وماعداه من جرائم الإفلاس .
ويقصد برد الاعتبـار التجاري تمكين المفلس من استعادة الحقوق التي سقطت عنه، واستــرداد مركزه في الهيئة الاجتماعية ورفع الوصمة التي لحقته في عالم التجارة( )
ولقد قررت المادة 243 من القانـون التجاري في حكمها بأنه » يخضع المدين الذي أشهـر إفلاسه للمحظورات وسقوط الحق المنصوص عليها في القانون .
وتستمر هذه المحظورات وسقوط الحـق قائمة حتى رد الاعتبار ما لم توجد أحكام قانونية تخالف ذلك «
وكلمة القانون الواردة في هذا النص يجب أن تؤخذ بمفهومها الواسع ، بحيث لا تقتصر على القانـون التجاري .
كما أن المقصود بسقوط الحـق و المحظورات ، السقوط والمحظورات التي تبقـى قائمـة بعد انتهاء التفليسة ، بحيث يخرج عنها السقوط و المحظورات التي تقوم أثناء الإجراءات وتنتهي بانتهائها وكمثال على الحظر الذي طبقه المشرع على المفلس الذي لم يرد اعتباره الحظر الوارد في المادة 149 من القانون التجاري التي تنص على انه » لا يجــوز أن يتدخل بطريق مباشر أو غيـر مباشر ولو بالتبعة كسماسرة أو وسطاء أو مستشارين مهنيين في التنازلات و الرهون المتعلقة بالمجلات التجارية ، كما لا يجوز لهم أن يكون تحت أي اسم كان مودعين لائتمان بيع المحلات التجارية :
- الأفراد المحكوم عليهم بجريمة أو تفليس أو سرقة أو خيانة الأمانة أو الاحتيال أو اختلاس مرتكب من مودع عمومي أو ابتزاز الأموال أو التوقيع أو القيـم أو إصدار شيك عن سوء نية بدون رصيد
أو المس باعتماد الدولة أو اليمين الكاذبة أو الشهادة الكاذبة أو إغراء شاهد أو المحاولـــة أو الاشتراك في إحدى الجرائم أو الجنح المشار إليها أعلاه .
- المفلسون الذين لم يرد إليهم اعتبارهم « .
وكما تعاقب المادة 150 من القانون التجاري المفلس الذي يخالف هذا الحظر بالحبس من شهر إلى 03 أشهـر وبغرامة لا تتجاوز 100.000 د ج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ، وتضاعف العقوبة في حالـة العود ( ) ( )




الفرع الثاني: 

في رد الاعتبار بين التجاري والجزائي


1- نقاط الاتفاق:
-كلاهما يتيحان عودة الحقوق السياسية والمدنية لمن سلبت منه ويعتبران بمثابة الاعتراف الاجتماعي بصلاح المحكوم عليه .
- يتضمن كل منهما رد الاعتبار بقوة القانون ( )
- يجوز رد الاعتبار في كل من المواد التجارية والجزائية حتى بالنسبة للمتوفي وهذا حسب المادتين 367 من القانون التجاري والمادة 680 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية .
- إن العقوبات والجزاءات التي يريد طالب رد الاعتبـار محوها فـي رد الاعتبـار الجزائـي أو حكم الإفلاس والتسوية القضائية في رد الاعتبـار التجاري كلاهما محل تسجيل في صحيفـة السوابق القضائيـــة وهذا ما تنص عليه المادة 618 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على انه » يتلقى قلم كتاب كل مجلس قضائي فيما يتعلق بالأشخاص المولودين في دائرة ذلك المجلس وبعد التحقق من هويتهم من واقع سجلات الحالة المدنية قسائم مثبوتا فيها :
1) أحكام الإدانة الحضورية أو الغيابية أو الأحكام الغيابية المطعون فيها بالمعارضة المحكوم بها في جناية أو جنحة من أية جهة قضائية بما في ذلك الأحكام المشمولة بوقف التنفيذ .
2) الأحكام الحضورية أو الغيابية المطعون فيها بالمعارضة الصادرة في مخالفات إذا كانت العقوبة المقررة قانونا تزيد على الحبس لمدة عشرة أيـام أو بأربعمائة دينار
(400) غرامة بما في ذلك الأحكـام المشمولة بوقف التنفيذ .
3) الأحكام الصادرة تطبيقا للنصوص الخاصة بالأحداث المجرمين .
4) القرارات التأديبية الصادرة من السلطة القضائيـة أو من سلطة إدارية إذا ترتب عليها أو نص فيها على التجريد من الأهليات .
5) الأحكام المقررة لإشهار الإفلاس أو التسوية القضائية .
6) الأحكام الصادرة بسقوط الولاية الأبوية أو بسحب الحقوق المتعلقة بها كلها أو بعضها
7) إجراءات الأبعاد المتخذة ضد الأجانب «
2- نقاط الاختلاف :
- في ردا لاعتبار التجاري يرد الاعتبـار لكل تاجر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا أشهـر إفلاسه( )
أما في رد الاعتبار الجزائي فهو لم يتطرق أصلا إلى رد اعتبـار الشخص المعنوي المحكوم عليـه فـي جريمة ( ) فالأشخاص الطبيعيين المحكوم عليهم بشهر إفلاسهم أو بالتسوية القضائيـة يسجل الحكم في صحيفة السوابق القضائية كما سبق ذكره ، أما بالنسبة لشهـر إفلاس أو التسويـــة القضائيــة للأشخاص المعنوية أي الشركات فيسجل ذلك في صحيفـــة تسمى فهرس الشركات ، فعلى كل جهة قضائيـة أو سلطة أوقعت عقوبة أو جزاء فيما يلي :
1) كل عقوبة ضريبية صادرة ضد شركة .
2) كل عقوبة جنائية في الأحوال الاستثنائية التي يصدر فيها مثلها على الشركة .
3) كل إجراء أمن أو إغلاق ولو جزئيا أو مؤقتا وكل مصادرة محكوم بها على شركة ولو نتيجة لجزاء موقع على شخص طبيعي .
4) أحكام اشهر الإفلاس أو التسوية القضائية .
5) العقوبات الجنائية الصادرة ضد مديري الشركات ولو بصفتهم الشخصية عن جرائم متعلقة بقانـون الشركات أو رقابة النقد أو التشريع الضريبي أو الجمركي وعن جنايـة أو جنحة سرقــة أو نصب أو خيانة أمانة أو إصدار شيك من دون رصيد أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو تعد على ائتمان الدولـة أو ابتزاز أموال أو غش .
فعلى هذه الجهة أن تخطر بها القاضي المكلف بمصلحة صحيفـة السوابق القضائيـة المركزيــة وذلك في ظرف خمسة عشر يوما ، ففهرس الشركات المدنية والتجارية لدى وزارة العـدل يهدف إلى تركيز هذه الاخطارات والخاصة بالعقوبات أو الجزاءات الصادرة ضد الأشخاص المعنوية التي غرضها الكسب وكذلك الأشخاص الطبيعيين الذين يديرونها، وهـذه العقوبات والجزاءات يجري إثباتها على بطاقات طبقا للنموذج النظامي الذي يحدده وزير العدل ( )
- في رد الاعتبار الجزائـي مجاله الجريمة بمعنى العقوبة ، أما في رد الاعتبـار التجاري فمجاله التجارة بمعنى الإفلاس والتسويــة القضائية ، أي أن رد الاعتبـار التجاري خاص بالمفلس ، بينمـا رد الاعتبــار الجزائي المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجزائية خاص بمن حكم عليه في جناية أو جنحة .

مع مراعاة أنه في حالة الحكـم في جريمة إفلاس بالتقصير أو بالتدليس ( ) وفقا لنص المادة 383 من قانون العقوبات – التي تنص على أن» كل من قضي بارتكابه جريمة الإفلاس التجاري يعاقب :
- عن الإفلاس البسيط بالحبس من شهرين إلى سنتين .
- عن الإفلاس بالتدليس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات .
يجوز علاوة على ذلك أن يقضى على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثـر من الحقوق الواردة في المادة 14 لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر«- فانه يمنع رد الاعتبار الجزائي قبل الحصول على رد الاعتبار التجاري وهو ما يستنتج من المادة 683 الفقرة الثالثة من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص» فإذا كان محكوما عليه لإفلاس بطريق التدليس فعليه أن يثبت أنه قام بوفاء ديـون التفليسة أصلا وفوائد ومصاريف أو ما يثبت إبراءه من ذلك «
وتجدر الإشارة إلى أن الملاحظ أن رد الاعتبار التجاري لمـن أفلس بالتدليس في القانون
التجاري المصري غير جائز أصلا وهذا بنص المادة 418 منه مما يستتبع استحالة رد الاعتبار الجزائي في هذه الحالة ولكن في القانون الجديد رقم 17 لسنة 1999 نصت المادة 716 ثانيا على رد الاعتبار في هذه الحالة بانقضاء خمس سـنوات من تاريخ تنفـيذ العقوبة المحكوم بها أو صدور عفو عنها ( ) كما أنه لا يقبل رد الاعتبار التجاري للأشخاص المحكوم عليهم في جناية أو جنحة مادام من أثار الإدانة منعهم من ممارســة تجارية أو صناعية أو حرفية يدوية وهذا ما نصت عليه المادة 366 من القانون التجاري الجزائري .
- في رد الاعتبار التجاري إذا قدم طلب رد الاعتبار ورفض فلا يجوز تجديده إلا بعد انقضاء عام واحد وهذا ما تقضي به المادة 365 من القانون التجاري ، أما بالنسبة لرد الاعتبار الجزائي فلا يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد حتى ولو في حالة أن أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبلاد ومخاطر في سبيلها بحياته قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض وهذا ما تقضي به المادة 691 من قانون الإجراءات الجزائية
الفرع الثالث :

 في العلة من رد الاعتبار التجاري

تبرير وجود هذا الفرع هو التساؤل الذي نطرحـه كيف يمكن أن نرد للتاجر المحكوم عليه بشهر إفلاسه اعتباره بعيدا عن الجانب الجزائي ؟ وطبعا نجد تبريره في خصوصيـــة الحكم بشهر الإفلاس الذي يتميــز عن الأحكام العادية :
1- في أن حجيته مطلقـة من حيث الأشخاص الذين يسري عليهــم والأموال التي يتناولهـا ، فأثر حكـم الإفلاس يتعدى أطراف دعوى شهر الإفلاس لذلك أوجب المشرع شهـر حكـم الإفلاس حتى يكون معلوما للكافة، وبمقتضى حكم الإفلاس يعتبر المدين مفلسا إزاء جميـع ذوي المصلحة ، حتى ولـو لم يكونوا طرفا في الدعوى التي أسفر عنها شهر الإفلاس.
2- كذلك تتعلق الحجية المطلقة لحكم شهر الإفلاس بأموال المديـــن المفلس كلها اذ يرتب القانون عليه حجز عام على جميع أمواله الحاضرة والمستقبلة وسواء كانت متصلة بتجارتـه أم غير متصلة بهــا .
3- ويتميز شهر الإفلاس كذلك بأنـه ذو أثر منشئ لا كاشف كالأحكـام العاديـة ، حيث ينشىء مركـز قانوني جديد لم يكن موجودا قبل صدوره فلا يعتبر المدين مفلسا إلا إذا صدر حكـم بشهر إفلاسه ويترتب على ذلك بقوة القانون جملة أثار منها ما يتعلق بأموال المدين ومنها ما يتعلـق بشخصـه أما بصدد الأموال فيترتب عليها : غل يد المدين عن إدارة أموالـه ، وتعيين وكـلاء لادارة التفليسة وندب قاضيا للإشراف عليها وتسقط آجال الديون وتنشأ جماعة الدائنيـن وتوقف الإجراءات الانفرادية وينشأ رهن لصالح جماعة الدائنين على أمواله أما ما يتعلق بشخصه كحرمانه من كثير من حقوقه المدنيـة والسياسية وتقييد حريته بعقوبات جنائية في حالة إفلاسه بالتقصير أو بالتدليس ( )
ومنه نستنتج الغرض من وجود رد الاعتبار التجاري بأنه من شهر إفلاس المدين يترتب حرمانه بقوة القانون من التمتع ببعض الحقوق السياسية ومزاولة بعض المهـن وهو ما سنتعرض له في المبحث الثاني من هذا الفصل في أثار رد الاعتبار التجاري ، والغرض من هذا الفقد هو حرمان المفلس من الاحتـرام والمساس بكرامته وإذلاله وتحقيره بين الناس واشعاره بنقص اعتباره ، وتهديده حتى يبذل قصارى جهده لتفادي الإفلاس، ولكن يجوز إنهاء هذا الحرمان إذا توافرت شروط معينة ويسمى برد الاعتبار التجاري ( )
والقاعدة أن هذا الحرمان من الحقوق خاص بالمفلس وحده دون وكلائـه ومساعديه ولو كان أحدهم وكيلا عاما مباشرا لجميع المعاملات بسبب مرض التاجر أو سفره وكذلك إذا توفــي المفلس فلا يســري الحرمان على الورثة ويجوز بعد الوفاة رد اعتبار المدين المفلس أو المقبول في تسويـة قضائيـة كما نصت على ذلك المادة 366من القانون التجاري التي أجازت رد اعتبــار المفلس بعد وفاتــه على أن يكـون ذلك بطلب من أحد ورثته فيعـود للمفلس بعد وفاته جميع الحقوق التـي سقطت عنه بحكم القانــون إذا قام الورثة بالوفـاء بديون المورث بكاملها من أصل ومصاريف ، أو إذا حصلوا على صلـح من دائني المورث المفلس أو إبراء منهم أو موافقتهم الجماعية على رد اعتباره .
والعلة من تقرير ذلك أن المشرع أراد تمكين الورثة من الحصول على رد اعتبــار مورثهـم لإزالة الوصمة التي لحقته بالإفلاس ولحثهم على الوفاء بديونهم ، ومن الواضح أن مصلـحة الورثـة في استرداد اعتبار مورثهم أدبية محضة إذ لا أثر لإفلاسه في حقوقهم السياسية أو المهنية ( )
وإذا أذنت المحكمة للوصي بأن يستغل مال القاصر في تجارة ، وفي هذه الحالـة إذا توقف الوصي فتحكم المحكمة بشهر إفلاس القاصر ولكن لا يؤدي ذلك إلى فقد اعتبـاره ، بحيث إذا بلغ رشده فيتمتـع بجميع الحقوق ويشترك في الانتخاب بدون حاجة إلى إعادة اعتـباره، وعلى كل حــال فلا محل لشهـر إفلاس الوصي أو فقد اعتباره لأنه مجرد وكيل قانونـي، وأما إذا كان القاصـر بلغ ثمانية عشرة سنة ومأذونا له من المحكمة بالتجارة ثم توقف وحكم بشهر إفلاسه فالرأي الظاهر أنه يعامل كالراشد فيفقـد اعتباره لعــدم الحكمة في تمييز هذا القاصر عن باقي التجار .
وأما إذا احتـرف القاصر التجارة ولو بعد سن الثامنة عشر ولكن بدون إذن المحكمـة فلا يعتبـر تاجـر( )
ولا محل لشهر إفلاسه مهما توقف ومن باب أولى لا محـل لفقد اعتبـــــاره ، وما قيل عن القصـر يقال عن المحجور عليهم والمشمولين بولاية الأب والغائبين المعين لهم وكيل بمعرفة المحكمـة . أما المحكوم عليه بعقوبة جنائية وعينت المحكمة قيما عليــه فإذا توقف هذا القيم في تجارة المجرم وحكم بشهر إفلاس هذا المجرم ، فان هــذا المفلس يفقد اعتباره
ولا محل للقياس على المحجور عليهم والغائب لأن المجرم يمكنه أن يطلب من المحكمـة منع وكيله من التجارة فضلا عن أنه يستشار في تعيين هذا القيم ( )
المطلب الثاني : 

شروط رد الاعتبار التجاري وأنواعه

عني المشرع التجاري ببيان الحالات التي يجوز فيها رد الاعتبار إلى المفلس ، كما عني ببيان حالات رد الاعتبار القانوني و أل وجوبي وفي هاتين الطائفتين لا تتمتع المحكمة بأية سلطة تقديرية ، و إنما تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية في طائفة ثالثة من الحالات هي حالات رد الاعتبار الجوازي .
وقبل التطرق إلى أنواع رد الاعتبار التجاري ، نتعرض في المطلب الأول إلى شروط صحة طلب رد الاعتبار .
الفرع الأول :

 شروط صحة رد الاعتبار التجاري

يشترط لصحة رد الاعتبار أن يتوافر في المفلس شرطان :
1- السداد الكامل :
تنص المادة 358 من القانون التجاري الفقرة الأولى :» يرد الاعتبار بقوة القانون لكل تاجر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا ، أشهر إفلاسه أو قبل في تسوية قضائية متى كان قد أوفي كامل المبالـغ المدين بها من أصل ومصاريف «
أ- فأما المقصود بالديـون الأصليـة فهي القيمة الأصلية لديون المفلس بدون الالتفات إلى تخفيضها بالصلح .
ولا يعتبر كافيا مجرد وفاء الأقساط المقررة بالصلح ، بل يجب وفاء الديون حسب قيمتها الأصلية والقاعدة أن يشمل هذا الوفاء جميع ديون المفلس الناشئة قبل صدور حكـــم الإفلاس ( )، وسواء كانت هذه الديون مدنية أم تجارية وعادية أم مضمونة ولا يهم نوع هذا الضمان فسواء كان امتيازا عاما أم خاصا أو رهنا أم اختصاصا وسواء كان الضمان منقولا أم عقارا وسواء كان مقدما من الغير أم مملوكا للمفلس، كما لا يهم أن يكون الدين مضمون بكفالة الغيـر ( )، وكما تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يشترط سداد وعوائد الديون حتى يرد اعتبار التاجر المفلس وهذا بخلاف المشرع المصري الذي نص في قانون التجارة الجديد لسنة 1999 في المادة 713 منه الفقرة الأولى على انه » يجب الحكم برد الاعتبار إلى المفلس ولو لم ينقضى الميعــاد المنصوص عليه في المادة السابقة إذا أوفى جميـع ديونه من أصل ومصاريف وعوائـد مدة لا تزيد على سنتين « . وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه » ليقوم مقام الوفاء بالديون ولا يكفي بالرد الاعتبار إبراء الدائن المفلس أو تجديد الدين ، فيتعين على المفلس الوفاء بهذا الجزء المتنازل عنـه لأنه يظل متعلقا بوصفه دينا طبيعيا « ( )
ب- ويلزم المفلس بسداد مصاريف التفليسة ويشمل ذلك أتعاب الوكيل المتصرف القضائـي والديون الجديدة التي باشرها هذا الأخير لأجل أعمال التفليسة خصوصا وأن هذه الديون مفضلة في السداد عن الديون القديمة مما يبرر الاهتمام بوفائها فضلا عن أنها نتيجة التفليسة ومن أجلها، بل صرفت لمصلحة الجميع بما في ذلك أرباب الديون القديمة .
وبالعكس لا يشمل ذلك الديون الجديدة التي باشرها المفلس أثناء التفليسة رغما من رفع يده أو يباشرها المفلس بعد إقفال هذه التفليسة بالصلح أو بالاتحاد وذلك لعدم علاقة هذه الديون الجديدة بالإفلاس وفقد الاعتبار مادامت ناشئة بعد صدور حكم الإفلاس.
ولكن المقصود بالسداد هو السداد الفعلي وما في حكـه ويشمل ذلك الدفـع بالنقود أو المقاصة أو المقايضة أو اتحاد الذمة ، ولكن بالعكس لا يشمل هذا السداد حالات انقضـاء الالتزام بالتقادم أو الإبراء بدون مقابل أو بالتجديد .
وقد يحدث أحيانا أن شريك متضامن في شركة حكم بشهر إفلاسها أو قبلت بتسوية قضائية فحتى يرد اعتباره عليه أن يثبت أنه أوفى كافة ديون الشركة وذلك حتى وان كان منح صلحا منفردا،وهذا حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 358 من القانون التجاري

والعلة في إلزام المفلس المتضامن في شركة بسداد الدين كله وعدم الاكتفاء بسداد حصته لأن من حق الدائن مطالبة المفلس بالدين كله بموجب التضامن ( ) ولأن تقسيم الدين بين المدينين المتضامنين من العلاقات الداخلية التي تنظم المديونية بين المدينين المتضامنين فلا تأثير لها بالنسبة للدائن .
2- المساس بالشرف :
وأما الشرط الثاني الواجب توافــره في المفلس فهو على حد تعبير الفقرة الأولى من المادة 359 من القانون التجاري » يجوز أن يحصل على رد اعتبــاره متى ثبتت استقامته« أي عـدم ارتكابه أحد الأمور التـي اعتبرها القانـون مخلـة بالشرف ، والمقصود بذلك أنـه لا يجوز رد الاعتبار التجاري للأشخاص المحكوم عليهم في جناية أو جنحة مادام من أثار الإدانة منعهم من ممارسة تجارية أو صناعية أو حرفية يدوية كما جاء في نص المادة 366 من القانون التجاري .
ونتساءل على حكم المدين المفلس الذي رد اعتباره التجاري ، ولكن فيما بعد ارتكب إحدى جرائـم الإفلاس ، فان المشرع الجزائري أغفل النص عن هذه الحالة .
وبالرجوع إلى التشريع المقارن نجد القانون المصري قد تعرض لحالة إدانة المدين فـي أتحدى جرائـم الإفلاس بعد الحكم برد الاعتبار في نص المادة 724 من قانــون التجارة رقم 17 لسنـة 1999 ، كما عرضت هذه المادة أيضا الشروط التي يتم بها رد الاعتبار فقد تضمنت على أنه إذا صـدر على المدين حكم بالإدانة في إحدى جرائم الإفلاس ، سـواء إفلاس بالتدليس أو إفلاس بالتقصير بعد أن صدر حكـم برد الاعتبار اعتبر هذا الحكم كأن لم يكن ، ولا يجوز للمدين أن يحصل بعــد ذلك على رد الاعتبار إلا بالشروط المنصوص عليها في المادة 716 من قانون التجارة الجديد كما يلي :
أ- حالة المفلس بالتقصير : عرضت هذه الحالة المـادة 716 من قانون التجارة الجديد في فقرتها الأولى حيث تضمنت على انه لا يرد الاعتبـار إلى المفلس الذي صدر عليه حكم بالإدانة في إحدى جرائم الإفلاس بالتقصير إلا بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها أو صدور عفو عنها أو انقضائهـا بمضي المدة .
ب- حالـة المفلس بالتدليس : عرضت هـذه المادة لحالة المفلس بالتدليس في فقرتها الثانيـة التـي ذكرت أنه ، ولا يرد الاعتبار إلى المفلس الذي صدر عليه حكم بالإدانة في إحدى جرائــم الإفلاس بالتدليس إلا بعد انقضاء مدة خمس سنوات من تاريخ تنفيذ العقوبة المحكوم بها أو صدور عفو عنهـا .
ج- الشرط العام : ثم جاءت المادة 716 من قانون التجارة الجديد في فقرتها الثالثـة بشرط عام لجميــع الأحوال حيث ذكرت أنه وفي جميع الأحوال المذكورة لا يجــوز رد الاعتبار إلى المفلس إلا إذا كان قد وفى جميع الديون المطلوبة منه من أصل ومصاريف وعوائد مدة لا تزيد على سنتين أو أجر تسوية بشأنه مع جماعة الدائنين ( ) . الفرع الثاني : أنواع رد الاعتبار التجاري
كما ذكرنا سابــق فان تقسيم رد الاعتبار التجاري مرتبط ارتبــاط وثيق بسلطة القضـاء في مسألــة رد الاعتـبــار ، وعليه فان بالنظر لسلطة القضاء في مسألة رد الاعتبار التجــاري يقســم هذا الأخير إلى ثلاثـة أنواع : قانوني ، إلزامي أو وجوبي ، وجوازي .
1- رد الاعتبار القانوني :
لقد أدرج المشرع في المادة 357 من القانون التجاري قاعدة بمقتضاهـا، يؤدي الحكم بإقفال إجراءات التفليسة لانقضاء الديون إلى رد كافة حقوق المديــن و إعفائه من كل إسقاطات الحق التي كانت لحقت به .
ففي هذه الحالة يكفي صدور الحكم بانقضــاء الديـون ، حتى يترتب هـــذا الأثــر المتمثل بــرد الاعتبار التجاري لهذا المديــن إلا إذا كان من بين الذين حكم عليهم بعقوبة جزائية من أثارها منعه
من ممارســـة تجارة أو صناعة أو حرفة يدوية ، وهذا سواء حكم بالعقوبة قبل الحكــم المعلن للإفلاس أو بعـده ( ) .
لكن يمكن أن ننتقد هذا الرأي على أنه لم يصدر أصلا حكم بشهر الإفلاس حتى يمكننا بعده من الحديث عن رد الاعتبار التجاري بقوة القانون ، وهذا على خلاف المشرع المصري والمشرع اللبناني .
فالمشرع المصري عالج رد الاعتبار القانوني في المادة 712 من قانون التجارة المصري رقـم 17 لسنة 1999 والذي يتقرر بقوة القانون دون حاجة إلى طلب ، فقرر المشرع أنه بعـد مرور ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء التفليسة تعود إلى المفلس الحقوق السياسية والمهنية التي سقطت عنـه طبق للمادة 588 بحكم القانون وذلك بشرط ألا يكون المفلس قد أفلس بالتدليس .
أما في التشريع اللبناني فقد نصت المـادة 651 من القانـون التجاري على أنه » بعد مرور عشر سنـوات على إعـلان الإفلاس يستعيد المفلس اعتباره حتما بدون أن يقوم بأية معاملة إذا لم يكن مقصـرا أو محتالا « .
ويستفاد من النص أن المفلس يستعيد اعتباره بحكم القانون دون حاجة إلى القيام بأي إجراء بمجــرد مرور عشر سنوات على تاريخ شهر الإفلاس بشرط أن لا يكون قد حكــم عليــه في جريمة آفلا تقصيري أو احتيالي .
على أن المفلس لا يستعيد قانونا على هذا النحو إلا الحقوق السياسية والمدنية التي سقطت عنـــه نتيجـة للحكم بشهر إفلاسه ، أما وظائف وكلاء التفليسة إذا كانت مهمتهم لم تنته بعد أو حقـــوق الدائنيــن إذا كانت ذمة مدينهم لم تبرأ تماما فلا تأثير لإعادة الاعتبار القانوني عليها المادة 651 الفقرة الثانيــة مـن القانون التجاري اللبناني ( )
2- رد الاعتبار الإلزامي أو الوجوبي :
يقصد برد الاعتبـار الإلزامي ، أنه ليس للمحكمة أية سلطـة في التقدير عندما يتوفر الشرط القانوني ، وهذا الأخير يتمثل في سداد كامل المبالغ المديـن به التاجر من أصل ومصاريف ، فيجب على المحكمـة أن تعيد الاعتبار حتما إلى المفلس إذا أوفى جميع المبالــغ المطلوبة منـه .
وحتى يرد الاعتبار بقوة القانون إلى شريك متضامن في شركة أشهر إفلاسها أو قبلت في تسويـة قضائية ، يتعين عليه إثبات الوفاء طبقا لنفس الشروط بكافة ديون الشركة وذلك حتى ولو كان قد منـح صلحا خاصـا المادة 358 للفقرة الثانية من القانون التجاري.
وفي القانون التجاري اللبنانـي يجب أن يشمل الوفاء فضلا عن أصل الديـون والنفقات يجب أن يشمل حتى الفوائد ، على أنه فيما يتعلق بالفائدة فقد اكتفى المشرع بالفائدة عن مدة لا تزيد على خمس سنوات المـادة 652 الفقرة الأولى .
وهو نفس مذهب المشرع المصري حيث عرضت المادة 713 من قانون التجارة الجديـد على أنـه يجب الحكم برد الاعتبار إلى المفلس حتى لو لم ينقض ميعـاد الثلاث سنوات من تاريــخ انتهــاء التفليســة إذا أوفى المفلس جميع ديونه من أصل ومصاريف وعوائد مدة لا زيد على السنتين
3- رد الاعتبار الجوازي :
إن هذا الشكل من رد الاعتبار يجوز منحه لمديــن متصف الاستقامـــة المعترف بها propité reconnue وفي حالتين ذكرتهما المادة 359 مــن القانــون التجــاري وأن السلطة التقديرية للمحكمة تتمحور حول هذه الصفة، ومن أجل ذلك تأخذ المحكمة بعيـن الاعتبــار الحيـاة الخاصة للمدين وحياته المهنية وتصرفاته السابقة على الإجراءات وجهوده المبذولة بعد ذلك من أجل تلبية رغبات الدائنين.
أما الحالتين المذكورتان في المادة 359 فتخصان :
أ- المدين الذي حصل على صلح وسدد الحصص الموعود به كاملــــة ، ويطبق هذا الحكـم على الشريك المتضامن الذي حصل من الدائنين على صلح منفرد .
كأن يتفق المفلس والدائنين على أن يتنازل الدائنون عن جزء من ديونهم ، ونفذ المفلس وأوفى بالباقـي فأجاز المشرع في هذه الحالة الحكم برد الاعتبار ، أي أن المشرع لم يعتبر الجزء الذي وقــع عليـه التنازل دينا يجب على المفلس رده ، أي أجاز الحكـم برد الاعتبار بأي حالة تنتهي بها العلاقــة بين المفلس والدائنين كالصلح .
ب- من أثبت إبراء الدائنين له من كامل الديون أو موافقتهم الجماعية على رد اعتباره فالمشرع اعتبر أيضا الإبراء مجيز الحكم برد الاعتبار مثلما إعتبر الصـلح كذلك ، وهو أيضا إجراء تنتهي بـه العلاقة بين الدائنين والمفلس في حدود هذه التفليسة فقط ، فلا يلزم الوفاء بالدين أو بالأجزاء المتبقيــة واعتبــر المشرع هــذه الديون المبرأ منها المدين المفلس دينا طبيعيا غير ملزم وغير مؤثر في حكم رد الاعتبار ، ولم يعتبره دينا مدنيا ملزم ، وأعتبر أيضا في حالــة موافقــة جميع الدائنين على رد الاعتبار المفلس فلا يجوز أن يرفض أحدهم ، و إلا كان على المفلس أن يرد له الباقي من نصيبه حتى يرد اعتباره .
المطلب الثاني:

 آثار رد الإعتبار التجاري

من خلال رد الاعتبار تظهر أهميته و تظهر أيضا الغاية من طلبه من طرف المفلس أو أحد ورثته و قبل التطرق إلى آثاره لابد من أن نتناول آثار حكم شهر الإفلاس في فرع اول و في فرع ثان نتناول فقد الاعتبار و في فرع ثالث نتطرق إلى آثار رد الاعتبار و في فرع أخير نشير إلى أهم الفروقات بين القانون التجاري الجزائري
و القانون المصري الجديد.
الفرع الأول:

 آثار حكم شهر الإفلاس

من أهداف نظام الإفلاس التضيق على المدين و منعه من الإضرار بحقوق دائنيه
و تحقيقا لهذا الغرض إعتبر المشرع الإفلاس وصمة تلحق بالمفلس و تجعله غير أهل لمباشرة بعض حقوقه المهنية و الوطنية و الغرض من ذلك كله تهديد المدين حتى يزن أموره و لا يندفع في التيارات المتضاربة فيلحق ضرر بنفسه و بدائنيه( ) لذلك يترتب على صدور حكم شهر الإفلاس آثار مختلفة منها ما يتعلق بالمدين كالتي تتعلق بشخصه كسقوط الحقوق المهنية و السياسية عنه و أخرى تتعلق بماله و أثار تتعلق بالدائن , كما يمتد أثر الإقلاس إلى الماضي و هي التصرفات التي تصدر من المفلس في الفترة الواقعة بين الوقوف عن الدفع و صدور حكم الإفلاس( ).
طبعا المجال لا يسعنا إلى التطرق إلى جميع التفاصيل المتعلقة بهذا الفرع و إنما >تنحصر الدراسة حول ما يتعلق بموضوع بحثنا هذا.
1) آثار الحكم بالنسبة للمدين:
تتمثل في:- سقوط حقوق المفلس المهنية و الوطنية.
- غل يد المدين من التصرف في أمواله أو إدارتها.( )
بالنسبة لسقوط الحقوق المهنية و الوطنية نصت المادة 243 من ق تجاري على أنه: « يخضع المدين الذي أشهر إفلاسه للمحظورات و سقوط الحق المنصوص عليها في القانون و تستمر هذه المحظورات و سقوط الحق قائمة حتى رد الاعتبار مالم توجد أحكام فانونية تخالف ذلك. »
و لم ينص المشرع على هذه المحظورات و الحقوق في القانون التجاري و إنما نص عليها في قوانين خاصة تقضي بحرمان المفلس من حق الإنتخاب و الترشح في المجلس الشعبي الوطني و مجالس البلديات و الولايات و الغرف التجارية و النقابات المهنية و مزاولة مهنة الخبرة أمام المحاكم ( ) و نتناول هذه المحظورات في الفرع الثاني الخاص بفقد الإعتبار.
أما بالنسبة للأثر الثاني و المتمثل في غل يد المدين عن التصرف في أمواله و إدارتها رأى المشرع إقصاء المدين عن إدارة أمواله و غل يده عن الصرف فيها و حلول وكيل التفليسة محله ليباشر المحافظة عليها و إدارتها حتى يتم بيعها و توزيع ثمنها بين الدائنين و بهذا الوضع أصاب المشرع الهدفين الأساسين من نظام الإفلاس و هما حماية الدائنين، من سوء نية المدين و إقامة المسواة بينهم ( ) و أشارت المادة 244 ق ت لهذا بقولها « يترتب بحكم القانون على الحكم بإشهار الإفلاس و من تاريخه تخلي المفلس إدارة أمواله أو التصرف فيها بما فيها الأموال التي قد يكتسبها بأي سبب كان , و مادام في حالة الإفلاس ويمارس وكيل التفلسة جميع الحقوق و دعاوى المقلس المتعلقة بذمته طيلة مدة التفليسة على أنه يجوز للمفلس القيام بجميع الأعمال الإحتياطية لصيانة حقوقه و التدخل في الدعاوي التي يخاصم فيها وكيل التفلسة... » .
فغل اليد يعتبر بمثابة حجز شامل لأموال المفلس برمتها و يبقى هذا الحجز لمصلحة جماعة الدائنين بمجرد صدور حكم الإفلاس و لكن على الرغم من ذلك يظل المفلس مالكا لأمواله طوال فترة التفليسة، و لا يعتبر غل اليد بمثابة عارض من عوارض الأهلية ينقص منها أو يعدمها بل يظل للمفلس كامل الأهلية بعد شهر إفلاسه , غير أن تصرفات المدين المفلس في مرحلة الإفلاس لا تنفذ في مواجهه جماعة الدائنين( ).
2) أثار الحكم شهر الإفلاس بالنسبة للدائنين:
نصت عليها المادة 245 ق ت و تتمثل في وقف الدعاوى و الإجراءات الإنفرادية بقولها « يترتب على الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية وقف كل دعوى شخصية لأفراد جماعة الدئنين »
ذلك أن من أهداف تشريع نظام الإقلاس تنظيم تصفية جماعية لأموال المفلس يوضع فيها الدائنون على قدم المساواة و يشتركون بنسبة ديونهم .
و نصت المادة 246 ق ت على أثر أخر و هو سقوط أجال الديون إذ تنص المادة « يؤدي حكم الإفلاس أو التسوية القضائية إلى جعل الديون غير مستحقة حالة الأجل بالنسبة للمدين »
و ما يهمنا في أثار حكم شهر الإفلاس هو فقد الاعتبار الذي نتناوله فيما يلي :
الفرع الثاني :

 فقد الاعتبار

ذكرنا أنفا أنه يترتب على شهر الإفلاس حرمان المفلس من بعض الحقوق السياسية و المهنية المادة 243 ق ت . نأخذ على سبيل المثال المنع من الترشح لبعض المهام مثل ما نصت عليه المادة 13 من القانون 90 /04 المتعلق بتسوية المنزعات الفردية.( )
لايمكن أن ينتخبوا كمساعدين و كأعضاء مكاتب مصالحة :
- الأشخاص المحكوم عليهم بإرتكاب جناية أو بالحبس بسبب إرتكاب جنحة
و الذين لم يرد إعتبارهم.
- المفلسون الذين لم يرد إليهم إعتبارهم .
- المستخدمون المحكوم عليهم منذ فترة تقل عن سنتين بسبب عرقلة حرية العمل .
- قدماء المساعدين أو الأعضاء الذين أسقطت عنهم صفة العضوية .
و أيضا ما نصت عليه المادة 149 ق ت التى تنص على : « لا يجوز أن يتدخل بطريق مباشر و غير مباشر و لو بالتبعية كسماسرة أو وسطاء أو مستشارين مهنيين في التنازلات و الرهون المتعلقة بالمحلات التجارية.
كما لا يجوز لهم أن يكون تحت أي إسم مودعين لإئتمان بيع المحلات التجارية .
- و الأفراد المحكوم عليهم بجريمة أو تفليس أو سرقة أو حيانة الأمانة أو الإحتيال أو إختلاس يرتكب من مودع عمومي أو إبتزاز الأموال أو التوقيع أو القيم أو إصدار شيك عن سوء النية بدون رصيد أو المس بإعتماد الدولة أو اليمين الكاذبة أو الشهادة الكاذبة أو إغراء الشاهد أو المحاولة أو الإشتراك في أحد الجرائم أو الجنح المشار إليها أعلاه - المفلسون الذين لم يرد لهم إعتبارهم.
كذلك يسقط حق المفلس في الإنتخاب ما لم يرد إعتباره و هذا تناولته المادة 06 من قانون الإنتخاب( ) « لا يصوت إلا من كان مسجل في قائمة الناخبين بالبلدية التي بها موطنه بمفهوم المادة 6 3 من قانون المدني المادة 7 من نفس القانون تنص على :
لا يسجل قي الثائمة الأنتخابية كل من :
- حكم عليه في جناية
- حكم عليه بعقوبة الحبس في الجنح التي يحكم فيها بالحرمان من ممارسة حق الإنتخاب وفق المادتين 8/2/14/من قانون العقوبات
- سلك سلوكا أثناء الثورة التحريرية مضادا لمصالح الوطن
- أشهر إفلاسه ولم يرد اعتباره
- المحجوز والمحجور عليه
و تطلع السلطة القضائية المختصة البلدية المعنية بكل الوسائل القانونية ».
و أيضا يحظر عليه ممارسة الأنشطة التجارية بصريح نص المادة 8 من القانون 04/08 "( ) دون الإخلال بأحكام قانون العقوبات لا يمكن أن يسجل في السجل التجاري أو يمارس نشاطا تجاري الأشخاص المحكوم عليهم الذين لم يرد لهم.
الإعتبار لارتكابهم الجنايات والجنح الأتية:
- اختلاس الأموال.
- الغدر.
- الرشوة
- السرقة والإحتيال
- إخفاء الأشياء
- خيانة الامانة
- الإفلاس
- إصدار شيك بدون رصيد
- التزوير و غسكان المزور
و أيضا ما نصت عليه المادة 16 من ق إ م التي تنص على : « إن النيابة عن الأطراف أمام القضاء فيما يتعلق بالمحامين بصفة نظامية في جدول النقابة الوطنية للمحامين تسودها النصوص السارية المفعول على نظام المهنة و ممارستها ولا يقبل كوكيل على الأطراف
- كل شخص محروم من أداء الشهادة أمام القضاء
- كل محكوم عليه
أ- في جناية
ب- في سرقة أو إخفاء مسروقات او خيانة الامانة أو نصب أو إفلاس بسيط أو إفلاس بالتدليس أو تبديد أشياء محجوز عليها أو مرهونة أو إبتزاز أموال أو جريمة التهديد بالتشهير... ».
هذه المحظورات التي تطرقنا إليها ما هي إلا على سبيل المثال و في مجملها يطلق عليها فقد الأعتبار و الغرض منه كما سبقت الإشارة إليه هو حرمان المفلس من الإحترام و المساس بكرامته و إذلاله و تحقيره بين الناس ولذلك فإن فقد الإعتبار مستمر مدى الحياة و بدون إلتفات إلى حل التفليسة بالصلح، و لكن يجوز إنهاء هذا الحرمان إذا توافرت شروط معنية و يسمى برد أو إعادة الإعتبار التجاري ( ) .
و الملاحظ أن فقد الإعتبار واجب في جميع حالات شهر الإفلاس و ذلك من تفحص النصوص السابقة .
و يمتاز فقد الإعتبار التجاري بعدة خصائص .
- أنه قيد مدة عقوبة جنائية
- أنه خاص بشهر الإفلاس فلا يشمل الإعسار المدني .
- أنه لا يشمل الإفلاس الفعلي إذ يجب صدور حكم .
- إن المفلس يفقد إعتباره بمجرد صدور الحكم، بشهر الإفلاس و بدون إجراءات وبدون حاجة إلى طلب أو نص في الحكم بحيث يعتبر ذلك أثرا تبعيا للحكم( ) .
و نظرا لكون فقد الإعتبار أبدي بحيث يبقى المفلس محروما مدى حياته من الحقوق التي سبق ذكرها مادام لم يرد إعتباره بحكم قضائي .
الفرع الثالث :

 آثار الرد

القانون التجاري أباح للمفلس أو لورثته أن يطلب من لمحكمة بإنهاء هذا الحرمان
و إعادة إعتباره و ذلك من أجل إستئناف حياته طبيعيا دون أي محظورات أو عوائق .
ذلك أن الهدف من رد الإعتبار التجاري هو إعادة الحقوق التي سقطت و إزالة المحظورات عن المفلس سواء كان هذا الأخير شخصا طبيعيا أو معنويا( ).
فعند صدور الحكم بإعادة الإعتبار يزول كل ما ترتب على الحكم شهر الإفلاس من إسقاط الحقوق ، بمعنى أن المفلس يسترد الحقوق التي فقدها بسبب الحكم الصادر بالإفلاس و يعتبر هذا الحكم كأن لم يكن( ) .
و الجدير بالملاحظة أن حكم رد الإعتبار لا يؤثر في التفلسية بل تستمر قائمة حتى يتم إقفالها بالطرق المعتادة ألا و هي الصلح .
و أيضا أن حكم الإعتبار لا يؤثر في حقوق الدائنين فيجوز لهؤلاء الدئنين المطالبة بكامل حقوقهم إذا ثبت عدم سداد بعض الديون و يمكنهم فسخ و إعادة فتح التفليسة القديمة( ) يالإضافة إلى بقاء حقوق الدائنين الذين لم تلب رغباتهم كاملة ، و خاصة يحتفظ الدائنون الذين وافقوا على رد الإعتبار القضائي بحق المطالبة بإستيفاء ديونهم( ) و عليه فإنه بمجرد صدور الحكم برد الإعتبار تنتهي أثار الحرمان و الوصمة التي لحقت بالمفلس ، فيستطيع المشاركة في الإنتخابات و و مزاولة المهن المختلفة و ذلك دون إجراءات فلا يهم لصق الحكم أو قيده بالسجل التجاري بالإضافةه إلى ذلك يسترد المفلس سمعته و إحترام الناس فصدق رسول لله صلى الله عليه و سلم " التائب من الذنب كن لا ذنب له " .
بعد تطرقنا إلى فقد الإعتبار و رده في التشريع التجاري الجزائري نحاول أن نقارن بينه و بين القانون التجاري المصري الجديد و ذلك لتعميم الفائدة و هذا فيما يخص فقد الإعتبار و رده في التشريعين المصري و الجزائري وهذه الموازنة لتكريس .
ما نلاحظة في القانون التجاري الجزائري أنه لم يتطرق للحقوق التي تسقط عن المفلس و إنما إكتفى بنص المادة 243 القانون التجاري الجزائري التي جاءت بمبدأ عام و هو سقوط الحقوق و خصوعه للمحظورات ، و ترك تعداد هذه الحقوق و المحظورات لنصوص خاصة سبقت الإشارة إلى البعض.
بينما المشرع المصري في تعديله الجديد سنة 1999 تعرضت المادة 588 من قانون التجاري الجديد على أنه( ) « لا يجوز لمن أشهر إفلاسه أن يكون ناخب أو عضو في المجالس النيابية أو المجالس المحلية أو الغرف التجارية أو الصناعية أو النقابات المهنية ، و لا أن يكون مديرا أو عضوا في مجلس إدارة أية شركة و لا أن يشتغل يأعمال البنوك أو الوكالة التجارية أو التصديرا و الإستراد أو السمسرة في بيع أو شراء الأوراق المالية أو البيع بالمزاد العلني هلي كل ذلك ما لم يرد الإعتبار .
- و لا يجوز من أشهر إفلاسه أن ينوب عن غيره في إدارة أمواله، و مع ذلك يجوز للمحكمة المختصة أن تأذن في إدارة أموال أولاده القصر إذا لم يترتب على ذلك ضرر لهم... » ، في الواقع نري أنه كلا القانونين لهما مزايا .
- فمزايا المادة 243 القانون التجاري الجزائري أنها لم تحصر الحقوق التي سقطت
و إنما تركت المجال مفتوحا للقوانين الخاصة لكن تشترط قبول أو عدم قبول المفلس
وبالنسبة للقانون المصري يمتاز بأنه أعفى الدارس من عناء البحث عن الحقوق و التي سقطت في القوانين الخاصة وإنما أعطى نماذج و فكرة عند تلك الحقوق التي يمكن أن تسقط عن المفلس .
و في الواقع النص 588 القانون التجاري المصري له أهمية كبيرة في مجال الغاية من فقد الإعتبار ذلك أن المشرع قصد إشعار التاجر بنقص إعتباره و تهديده حتى يبذل قصارى جهده لتفادي الإفلاس .
في حين التاجر الجزائري لا يمكن أن يدرك هذا إلا بعد مطالعة جميع القوانين الخاصة و هذا ما يعاب على النص الجزائري كونه يقلل من الغاية من تشريع فقد الإعتبار و ذلك لعدم معرفة هذه الحقوق التي سوف تسقط في حالة ما إذا حكم بشهر الإفلاس .
و إذا كانت التشريعات تتباين في أسلوب معاملة المفلس في هذا المجال إلا أنها جميعا تجير رد إعتباره إذا تحققت الشروط المقررة لذلك .
أما رؤية القانون التجاري المصري و الجزائري فيما يخص آثار رد الإعتبار الملاحظ أن المشرع المصري نص صراحة على إستفادة الحقوق المسلوبة بمجرد رد الإعتبار إذ نصت المادة 712 من القانون المصري الجديد على « تعود بحكم القانون جميع الحقوق التي ستقطت عن المفلس... » ( ) و هذا النص لا يوجد مايقابله في القانون التجاري الجزائري و ربما أثر المشرع الجزائري عدم التطرف لذلك كونه تحصيل حاصل ذلك أن جميع النصوص التي تتكلم عن الحقوق التي تسقط عن المفلس تذيلها بعبارة " مالم يرد إعتبار " فهذا يعني أن رد الإعتبار يعيد الحق المحروم لصاحبه .
وأما تبرير و جوده في التشريع المصري ذلك أنه تطرف إليه في القانون التجاري أي نص في المادة 588 على سقوط الحقوق فكان لزاما عليه أن ينص على تلك الحقوق التي تعود برد الإعتبار .
و المهم أنهما يتفقان في أن المفلس تسقط عن بعض الحقوق و ممارسة بعض المهن و أنهما يتفقان على أن هذا الحظر يسمى فقد الإعتبار و يتفقان أيضا في النص على رد الإعتبار و آثاره .



الخــــاتمـــة :
بعد أن تطرقنا في هذه الدراسة إلى نظام رد الاعتبار , باعتباره نظاما يهدف إلى إعادة إدماج المحكوم عليه من جديد في المجتمع، و إزالة عبء الإدانة الذي لحقه فان رد الاعتبار ووفقا للسياسة العقابية الحديثة يضمن الموازنة بين إعمال النظام العقابي و حقوق الإنسان
و من خلال دراستنا لرد الاعتبار الجزائي الذي نص عليه المشرع الجزائري في المواد 676 إلى 693 من قانون الإجراءات الجزائية و رد الاعتبار التجاري الذي نظمه المشرع الجزائري في المواد 358 إلى 368 منم قانون التجاري , فإننا نلاحظ بعض النقائص على مستوى التشريع الجزائري , يتعين على المشرع أن يتدخل لتداركها و من بينها :
1- لم يتطرق المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائرية لموضوع رد إعتبار الشخص المعنوي , خلافا للمشرع الفرنسي الذي نص على ذلك في المادة 798 – 1 ق إ ج و اكتفى بالنص على ذلك في القانون التجاري , بالنسبة للشركات التجارية و هذا حسب المادة 358 من ق ت , و عليه يجب على المشرع الجزائري أن يتدخل لينص على رد اعتبار الشخص المعنوي من الناحية الجزائية , سواء كان شخصا معنوي عاما كالجمعيات و المنظمات الوطنية , أو شخصا معنويا خاصا كالشركات التجارية و نظرا للتوجه الحالي نحو اقتصاد السوق , و بالتالي كثرة الشركات الخاصة
و العامة , العاملة في ميدان الاقتصاد , مما قد يؤدي بها إلى ارتكاب مخالفات جزائية و ليس تجارية فقط
2- نص المشرع الجزائري على اختصاص المحكمة العليا , بالفصل في طلب رد الاعتبار القضائي في المادة 693 من ق إ ج , و لكنه لم ينص على الحالة التي تختص فيها المحكمة العليا برد الاعتبار حسب المادة السالفة الذكر , و في الحقيقة فإن هذه المادة لم تعد تتماشى مع اختصاص المحكمة العليا حاليا باعتبارها محكمة قانون مما يتطلب تدخل المشرع لإلغاء هذه المادة .َ

3- على المشرع الجزائري أن يتدخل و يقوم بتصحيح الخطأ الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 686 من ق إ ج , و أن ينص على القسيمة رقم 02 لصحيفة السوابق القضائية و ليس رقم 01 و هذا في النص العربي , كجزء مكون لملف رد الاعتبار القضائي الذي يشكله وكيل الجمهورية .
4- على المشرع الجزائري أن لا يكتفي بالنص على رد الاعتبار القانوني , بل يجب أن ينص على إجراءاته كذلك على غرار ردا لاعتبار القضائي ، و هذا تفاديا لأي تعسف من طرف أمناء الضبط أو القضاة , في إعمال هذا الحق , في غياب نص يضبط إجراءاته .5- لابد من تعديل نص المادة 692 من ق إ ج حتى تساير التطور الذي عرفته التشريعات الحديثة كما هو الحال بالنسبة للتشريع الفرنسي – و بالتالي يؤدي القرار القاضي برد الاعتبار إلى سحب البطاقة رقم 1 – من صحيفة السوابق القضائية بدلا من الاقتصار على التأشير بهذا القرار على هامشي الحكم القاضي بالعقوبة و صحيفة السوابق القضائية – البطاقة رقم 01 .
6- هنالك فراغ قانوني واضح , في مسألة تحديد الآجال للنيابة العامة , عندما يرفع لها طلب رد الاعتبار، و تحويله إلى غرفة الاتهام حسب المادة 688 من قانون إ ج
و عليه يجب على المشرع أن يحدد هذه الآجال للنيابة العامة , و هذا من أجل الإسراع في إدماج المحكوم عليه من جديد في المجتمع .
7- لم ينص المشرع الجزائري على عدم جواز طلب رد الاعتبار على رد إعتبار سابق صراحة , و هذا خلافا للمشرع المصري , و على المشرع الجزائري أن ينص على ذلك بنص صريح تفاديا , لتفسير ذلك على أنه إجازة له و هو ما يتعارض مع فلسفة رد الاعتبار .
8- عدم تطرق المشرع الجزائري في القانون التجاري للحقوق التي تسقط على المفلس و إنما نص عليها في قوانين خاصة لذلك نقترح تجميع و حصر الحقوق السياسية و المهنية التي تسقط على المفلس ووضعها في باب رد الاعتبار و هذا الطرح ينطبق أيضا على رد الاعتبار الجزائي.
9- أيضا لم ينص المشرع الجزائري في القانون التجاري على شرط تسديد الفوائد التجارية إذ نص على الوفاء بأصل الدين و المصاريف و أغفل الفوائد عدا ما يخالف منها القانون , خلاف المشرع المجري الذي نص على سقوط الحقوق وبيّنها في القانون التجاري .






قــــــــائمــــــة المــــــــراجع
أولا : - المراجع باللغة العربية :
أ - المؤلفات
1- د : أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي العام ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ، الطبعة الأولى ، 1992 م .
2- د : أحسن سعيد المومني ، إعادة إعتبار ووقف تنفيذ العقوبة ، جمعية عمال المطابع التعاونية ، عمال الاردن ، الطبعة الأولى 1992 م
3- د : أحمد محرز ،العقود التجارية و نظام الإفلاس ، النسر الذهبي للطباعة 1990
4- إسماعيل إبن كثير , تفسير القرأن العظيم الجزء الخامس و السادس , مكتبة القاهرة , الطبعة الاولى , 2004 .
5- الإمام أبو زهرة , الجريمة و العقوبة في الفقه الإسلامي , دار الفكر العربي .
6- جيلالي بغدادي , الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية , الجزء الثاني , الطبعة الأولى الديوان الوطني للأشغال التربوية , 2000 .
7- جيلالي بغدادي , التحقيق القضائي , الديوان الوطني للأشغال التربوية , 1999
8- راشد راشد , الأوراق التجارية و التسوية القضائية في القانون التجاري , ديوان المطبوعات الجامعية , 1992 .
9-د: رؤوف عبيد, مباديء القسم العام من التشريع العقابي , دار الفكر العربي , القاهرة , الطبعة الأولى .
10- سمير الأمين المحامي , الإفلاس معلقا عليه بأحدث أحكام محكمة النقض, دار الكتب القانونية .
11- د . عبد الله سليمان , النظرية العامة للتدابير الاحترازية , المؤسسة الوطنية
للكتاب , 1994 .
12- عبد الفتاح مراد , شرح الإفلاس من الناحيتين التجارية و الجنائية , دار الكتب و الوثائق المصرية , 1992 .
13- د. عبد الحميد الشواربي , التنفيذ الجنائي على ضوء الفقه , منشأة المعارف , الإسكندرية .
14 – علي بن هادية و بلحسن البليش و الجيلالي بن الحاج يحي , القاموس الجديد للطلاب , المؤسسة الوطنية للكتاب , الطبعة السابعة , الجزائر , 1991 .
15- د . مأمون محمد سلامة , قانون العقوبات القسم العام , دار الفكر العربي , الطبعة الثالثة , 1990 .
16- د. محمود نجيب حسني , القانون الجزائي العام , دار الفكر العربي , الطبعة الأولي , 1993 .
17- المستشار أنور العمروسي , رد الاعتبار في القانون الجنائي و القانون التجاري , دار الفكر الجامع , 2001 .
18- مصطفى كمال طه , أصول القانون التجاري : الأوراق التجارية و الإفلاس , الدار الجامعية .
19- مغاوري محمد شاهين , القرار التأديبي و ضماناته القضائية بين الفاعلين و الضمان , دار الكتاب الحديث , طبعة 1986 .

ب – المجلات القضائية
1 – المجلة القضائية لسنة 1989 , العدد الأول .
2 – المجلة القضائية لسنة 1993 , العدد الثاني .
3 - المجلة القضائية , عدد خاص بالاجتهاد القضائي للغرفة الجنائية للمحكمة العليا , سنة 2003 .
ثـانيا : المراجع باللغة الفرنسية
1- R. GARRAUD , traité pénal français , tome 2 , Sirey , paris ,3em édition , 1914 .
2- W . jeandidier , droit pénal général , monchrestion , paris, 2em édition 1991 .
3- Dictionnaire la rousse du 20eme siècle , 5eme volume , maison la rousse , paris 1932.
ثــالثــا: القـــوانين :
1- قانون الإجراءات الجزائية الجزائري .
2- قانون العقوبات الجزائري .
3- قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
4- القانون التجاري الجزائري .
5- القانون رقم 90/04 المؤرخ في 06 /02/1990 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل .
6- الأمر رقم 97/07 المؤرخ في 06/03/1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات .
7- القانون رقم 04/08 المؤرخ في 14/08/2004 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية .





الفهــــرس
المقـدمـــة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 01
الفصــــل الأول : تأصيل رد الاعتبار. . . . . . . . . . . . . . . . . . . 05
المبحــث الأول : رد الاعتبار و مفهومه. . . . . . . . . . . . . . . . . . 06
المطلـــب الأول : نظرة تاريخية لتطور رد الاعتبار. . . . . . . . . . . . 06
الفــرع الأول: نشأة فكرة رد الاعتبار. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .06
الفــرع الثاني: نظرة عامة حول رد الاعتبار في التشريع الجزائري. . . . . .10
المطلــب الثاني : المفاهيم المختلفة لرد الاعتبار. . . . . . . . . . . . . . . .13
الفــرع الأول: المفاهيم اللغوية و الشرعية . . . . . . . . . . . . . . . . . . 14
الفــرع الثاني: المفاهيم الفقهية و التشريعية . . . . . . . . . . . . . . . . . 15
المبحــث الثاني : تمييز رد الاعتبار عن الأنظمة الأخرى. . . . . . . . . . 17
المطلـب الأول : رد الاعتبار و العفو بأنواعه المختلفة . . . . . . . . . . . . 17
الفــرع الأول: العفو بأنواعه المختلفة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 18
الفــرع الثاني: التمييز بين رد الاعتبار و العفو بأنواعه . . . . . . . . . . . 21
المطلـب الثـاني : رد الاعتبار وقف التنفيذ و تقادم العقوبة . . . . . . . . . .22
الفــرع الأول: رد الاعتبار و وقف تنفيذ العقوبة . . . . . . . . . . . . . . .22
الفــرع الثاني: رد الاعتبار و تقادم العقوبة . . . . . . . . . . . . . . . . . 30
الفصــــل الثاني : رد الاعتبار الجزائي . . . . . . . . . . . . . . . . . .35
المبحــث الأول : رد الاعتبار القانوني . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 35
المطلـب الأول : شروط رد الاعتبار القانوني . . . . . . . . . . . . . . . . 35
الفــرع الأول:الشروط المتعلقة بالعقوبة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 36
الفــرع الثاني: الشروط المتعلقة بسلوك المعني. . . . . . . . . . . . . . . . 49
المطلـب الثاني : أثار رد الاعتبار القانوني. . . . . . . . . . . . . . . . . . .51
الفــرع الأول: أثار رد الاعتبار القانوني على الأشخاص. . . . . . . . . . . .52
الفــرع الثاني: أثار رد الاعتبار القانوني على صحيفة السوابق القضائية. . . .54
المبـحث الثاني : رد الاعتبار القضائي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 60
المطلـب الأول : شروط رد الاعتبار القضائي . . . . . . . . . . . . . . . . .60
الفــرع الأول: الشرط الزمني . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .62
الفــرع الثاني: الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة . . . . . . . . . . . . . . . . . 64
الفــرع الثالث: الشرط المتعلق بالطلب . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 70
المطلب الثــاني : إجراءات رد الاعتبار القضائي و آثاره . . . . . . . . . . .74
الفــرع الأول: إجراءات رد الاعتبار القضائي . . . . . . . . . . . . . . . . 74
الفــرع الثاني: آثار رد الاعتبار القضائي . . . . . . . . . . . . . . . . . . .88
الفصـل الثالث : رد الاعتبار التجاري . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 91
المبحـث الأول: رد الاعتبار التجاري و أنواعه . . . . . . . . . . . . . . . . .92
المطلـب الأول : مفهوم رد الاعتبار التجاري . . . . . . . . . . . . . . . . . .92
الفــرع الأول: تعريفه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .92
الفــرع الثاني: رد الاعتبار بين التجاري و الجزائي . . . . . . . . . . . . . .94
الفــرع الثالث: العلة من رد الاعتبار التجاري . . . . . . . . . . . . . . . 99
المطلـب الثاني : شروط رد الاعتبار التجاري و أنواعه . . . . . . . . . . . .102
الفــرع الأول: شروط صحة رد الاعتبار التجاري . . . . . . . . . . . . . .102
الفــرع الثاني: أنواع رد الاعتبار التجاري . . . . . . . . . . . . . . . . .105
المبحـث الثاني : إجراءات رد الاعتبار التجاري و آثاره . . . . . . . . . . .109
المطلـب الأول : إجراءاته . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .109
الفــرع الأول: الإجراءات الأولية . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 109
الفــرع الثاني:الفصل في الطلب . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .112
الفــرع الثالث: الطعن في حكم رد الاعتبار . . . . . . . . . . . . . . . . 119
الفــرع الرابع: حالة وفاة المفلس . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 120
المطلـب الثاني : أثاره . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 122
الفــرع الأول: أثار حكم شهر الإفلاس . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 122
الفــرع الثاني: فقد الاعتبار . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .125
الفــرع الثالث: أثار الرد . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 130
الخـاتمــــة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .135
قائمـة المراجع . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 138
الفهــــرس . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .141

0 تعليق:

إرسال تعليق