دور القضاء في معاونة التحكيم والرقابة عليه

دور القضاء في معاونة التحكيم والرقابة عليه
(دراسة مقارنة) (1-2)
إعداد: الدكتور/أحمد سعيد يحيى
أستاذ مساعد القانون التجاري- كلية إدارة الأعمال- جدة- المملكة العربية السعودية
تمهيد:
إذا كان من المسلم به أن التحكيم نظام قضائي خاص، وهو مواز لقضاء الدولة ومتميز عنه، ولا يختلط به، وأن أحكام المحكمين ذات طبيعة قضائية وترتب العديد من الآثار التي تترتب على الحكم القضائي الصادر من محاكم الدولة، فإن من المسلم به أيضاً أن التحكيم (سواءً كان تحكيماً بالقضاء أو تحكيماً بالصلح) يلتقي مع قضاء الدولة حيث يمنحه القانون سلطة مساعدة المحكمين، وأيضاً سلطة الرقابة على أعمالهم، وتتم ممارسة ذلك في الغالب من خلال المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أو وفقاً لما هو منصوص عليه بالقوانين المختلفة التي تنظم التحكيم سواءً أكانت داخلية أو دولية•
وتتمثل الغاية من منح قضاء الدولة سلطة مساعدة التحكيم والرقابة على أعماله في تدعيم فاعلية التحكيم حتى يتمكن من أداء دوره المأمول على المستويين المحلي والدولي• وتجدر ملاحظة أن التقاء التحكيم بالقضاء من أجل تحقيق هذه الغاية المهمة والجديرة بتكاتف الجهود الوطنية والدولية في سبيل تحقيقها يجب فهمه وتفسيره وتكييفه بموضوعية وحرص شديدين وذلك نظراً لحساسية وخطورة النتائج المترتبة على سوء التقدير أو خطأ التكييف في هذا الصدد لكونها تؤثر حتماً بصورة سلبية على فاعلية التحكيم، ومن ثم، لاتتحقق الغاية• ولتدعيم هذه الملاحظة أشير الى ما ذهب إليه جانب من الفقه من أنه ;لايمكن الوصول الى تحديد طبيعة عمل المحكم إلا إذا سلمنا أن الاختصاص بالتحكيم موزع بين محاكم الدولة والتحكيم
ومن وجهة نظري إن مثل هذه العبارة قد تشكك في جدوى وفي فاعلية التحكيم، لكونها خلطت بين مسألة الاختصاص ومسألة أخرى تختلف عنها تماماً هي مسألة التقاء التحكيم بقضاء الدولة بهدف المساعدة أو الرقابة لتدعيم وتحقيق فاعلية التحكيم•
2- ذاتية نظام التحكيم- كقضاء خاص مواز لقضاء الدولة- لاتحول دون تنظيم مساعدة قضاء الدولة للمحكمين أو رقابته على أعمالهم:
يتمتع قاضي الدولة بسلطة الأمر أي سلطة إصدار أوامر تقترن بجزاءات في حالة عدم الالتزام بتنفيذها، أما المحكم فهو كقاض لايتمتع -في الغالب- بسلطة الأمر هذه، لكون سلطاته تنحصر في ما يقرره له أطراف التحكيم وفي حدود ما يسمح به القانون له(2)•
وهذا يؤثر بلا شك على سلطات المحكم بصدد سير إجراءات خصومة التحكيم• وارتباطاً بذلك، حرصت قوانين التحكيم الدولية والمحلية على تنظيم ما يلي:
أولاً: رقابة قضاء الدولة على التحكيم من خلال مراجعته لأحكام المحكمين قبل إصدار الأمر بتنفيذها، وأيضاً من خلال تصديه للفصل في الطعن في الحكم الصادر من المحكمين وفقاً لما يسمح به القانون•
ثانياً: معاونة قضاء الدولة للتحكيم في الحالات التي تقتضي التمتع بسلطة الأمر التي لايتمتع بها المحكم، ومن ذلك على سبيل المثال: إجبار شاهد على الحضور أمام المحكم، أو إجبار الغير على تقديم مستند تحت يده•
ثالثاً: كما تتجسد مساعدة قضاء الدولة للتحكيم بصدد الحالات التي تتسبب في تعثر التحكيم مع عدم اتفاق الخصوم على كيفية مواجهتها، من ذلك على سبيل المثال حالة امتناع أحد الخصوم عن تعيين محكمه، أو امتناع المحكم أو هيئة التحكيم بعد التعيين بمعرفة الخصوم عن العمل، أو اعتزالهم، أو عزلهم أو ردهم(3)•
والفرض أن تنظيم تشريعات التحكيم - الوطنية والمحلية - لكيفية التقاء التحكيم بقضاء الدولة للحصول على معاونته وتدعيمه والرقابة على أعماله لايمس ذاتية نظام التحكيم -كقضاء خاص مواز لقضاء الدولة - ولا ينقص من هذه الذاتية شيئاً، ولكن تحقيق ذلك الفرض مرهون بأن يحاط التنظيم النظري والتطبيق العملي لالتقاء التحكيم بقضاء الدولة بضوابط تكفل تحقيق الغرض من هذا الالتقاء وهو تدعيم فاعلية التحكيم، ذلك أن المبالغة والمغالاة بشأن دور قضاء الدولة في نظام التحكيم تحقق بلا شك نتيجة عكسية وآثاراً سلبية قد تؤدي الى فشل التحكيم• ولذلك حرصت قوانين التحكيم -الدولية والمحلية- على تحديد تلك الضوابط التي ترسم حدود التقاء التحكيم بقضاء الدولة•
وسوف نعرض في ما يلي نماذج توضح تلك الضوابط كما وردت في تشريعات التحكيم محل المقارنة في هذا البحث•

أولاً: في القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985م:

مما لاشك فيه أن الحد من تدخل المحاكم في التحكيم التجاري الدولي هو من أهم متطلبات تحقيق فاعلية هذا التحكيم، ولذلك فقد حرصت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي على إقرار هذا المفهوم بما نص عليه صراحة في المادة رقم (5) من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985م (الاونسيترال) وهي بعنوان ;مدى تدخل المحكمة; من أنه: ;في المسائل التي ينظمها هذا القانون، لايجوز لأي محكمة أن تتدخل إلا حيث يكون منصوصاً على ذلك في هذا القانون;•
وارتباطاً بما تقدم، ولأن الحد من تدخل المحاكم يستلزم بالضرورة تحديد حالات هذا التدخل فقد نصت المادة رقم (6) من القانون النموذجي (الأونسيترال) وهي بعنوان ;محكمة أو سلطة أخرى لأداء وظائف معينة تتعلق بالمساعدة والاشراف في مجال التحكيم; على ما يلي: ;تتولى أداء الوظائف المشار إليها في الفقرتين (3)، (4) من المادة (11)، والفقرة (3) من المادة (13)، وفي المادة (14)، والفقرة (3) من المادة (16)، والفقرة (2) من المادة (34)،•• تحدد كل دولة تصدر هذا القانون النموذجي المحكمة أو المحاكم أو السلطة الأخرى، عندما يشار الى تلك السلطة في ذلك القانون المختصة بأداء هذه الوظائف;•
ووفقاً لهذا النص تتدخل المحاكم لأداء وظائف معينة تتعلق بالمساعدة والاشراف في مجال التحكيم التجاري الدولي وذلك في الحالات التالية:
1- الحالات المتعلقة بتعيين المحكم ورده وإنهاء ولايته (الفقرتان 3 و4 من المادة 11 والفقرة 3 من المادة 13 والمادة 14)•
2- الحالات المتعقلة باختصاص هيئة التحكيم (المادة 16)•
3- حالات الطعن في قرار التحكيم عن طريق تقديم طلب إلغاء (المادة 34)•
وفضلاً عن تلك الحالات المنصوص عليها بالمادة (6) نص القانون النموذجي على حالات أخرى تتدخل فيها المحاكم لمساعدة التحكيم التجاري الدولي وهي:
(أ) المساعدة المقدمة من المحاكم للحصول على أدلة في إجراءات التحكيم (المادة 27)•
(ب) اعتراف المحاكم باتفاق التحكيم (المادة 8)•
(ج) اتخاذ المحاكم قبل بدء اجراءات التحكيم أو في أثنائها إجراء وقتياً مؤقتاً (المادتان 9، 17)•
(د) اعتراف المحاكم بقرارات التحكيم وتنفيذها (المادتان 35 و36)•
ويكشف استقراء ما تقدم عن أنه وفقاً لنصوص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولية لسنة 1985م (الاونسيترال) يكون للمحاكم أن تتدخل لمعاونة ومساعدة التحكيم التجاري الدولي والإشراف عليه ابتداءً من مرحلة الاتفاق على التحكيم وحتى تنفيذ قرار التحكيم•

ثانياً: في القانون الفرنسي:

حرص المشرع الفرنسي على الأخذ بالاتجاهات التشريعية الحديثة في التحكيم إبان إعداده المرسوم رقم 80/354 وتاريخ 4/5/1980م الذي تضمن تنظيماً شاملاً لقواعد التحكيم، وأيضاً المرسوم 81/500 وتاريخ 12/5/1981م الذي اختص بتنظيم التحكيم التجاري الدولي (وقد أضيفت نصوص هذين المرسومين الى قانون المرافعات الفرنسي الجديد (المواد 1442-1507)• ومن أبرز الاتجاهات الحديثة التي تبناها القانون الفرنسي الجديد، الاتجاه الى تنظيم تدخل قضاء الدولة لمساعدة ومعاونة التحكيم في كافة مراحله، ووفقاً لهذا التنظيم لم يعد دور قضاء الدولة في نطاق نظام التحكيم قاصراً على الدور التقليدي المتمثل في إصدار الأمر بتنفيذ أحكام المحكمين، وإنما أصبح هذا الدور الجديد موجوداً منذ ميلاد الاتفاق على التحكيم وحتى بعد صدور الحكم• ويعزو الفقه حرص المشرع الفرنسي على إعطاء قضاء الدولة دوراً إيجابياً يكفل مساعدته في نطاق نظام التحكيم ورقابته عليه الى اعتبارين أولهما: أن المحكم كقاض خاص لايتمتع بسلطة الأمر التي يتمتع بها قاضي الدولة• وثانيهما: أن نجاح نظام التحكيم يستوجب التصدي للخصم سيئ النية الذي يتعمد إعاقة إجراءات التحكيم•
وتكشف نصوص القانون الفرنسي الجديد عن أن تدخل قضاء الدولة في نطاق نظام التحكيم يتم في أغلب الحالات بواسطة قاضي الأمور المستعجلة وهو رئيس المحكمة الكلية، وأحياناً يتم بواسطة غيره كمحكمة الاستئناف، ومحكمة النقض، وكذلك قاضي التنفيذ(4)•
ومن أهم صور تدخل القضاء الفرنسي للمساعدة في نطاق التحكيم والرقابة عليه ما يلي:

1- المساعدة في تعيين المحكم أو المحكمين إذا قامت عقبة في تشكيل المحكمة التحكيمية:

وفي هذا الصدد تنص المادة 1444 على ما يلي:
;إذا حصل بعد نشوء النزاع أن قامت عقبة في تشكيل المحكمة التحكيمية بفعل أحد الأطراف، أو في تطبيق طريقة تعيينهم، يعين عندئذ رئيس المحكمة الكلية المحكم أو المحكمين•
إلا أن هذا التعيين يمكن أن يحصل من قبل رئيس محكمة التجارة إذا نص الاتفاق على ذلك صراحة•
إذا كان الشرط التحكيمي باطلاً بطلاناً واضحاً أو غير كاف كي يتيح تشكيل المحكمة التحكيمية، يصدر رئيس المحكمة قراراً يثبت فيه ذلك ويعلن فيه أنه لامجال لتعيين المحكمين;•
كما تنص المادة 1454 على أنه:
;عندما يعين الأطراف محكمين بعدد وتري، تستكمل المحكمة التحكيمية بمحكم يختار إما وفق ما نص عليه الأطراف وإلا باتفاق المحكمين، وإذا لم يتفقوا يعين من قبل رئيس المحكمة الكلية;•

2- المساعدة في تمديد المهلة القانونية أو التعاقدية للتحكيم وذلك بناءً على طلب أحد الأطراف أو المحكمة التحكيمية:

وفي هذا الصدد تنص المادة 1456 على أنه:
;إذا لم يحدد العقد التحكيمي مهلة التحكيم، فإن مهمة المحكمين تنتهي في خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته• ويجوز تمديد المهلة القانونية أو التعاقدية إما باتفاق الأطراف أو بقرار من رئيس المحكمة الكلية أو من رئيس محكمة التجارة، في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 1444 بناءً على طلب أحد الأطراف أو المحكمة التحكيمية;•

3- المساعدة في حل مشاكل التحكيم الناجمة عن امتناع المحكم عن العمل أو رده:

وفي هذا الصدد نصت المادة 1463 على أنه:
;لايجوز للمحكم الامتناع عن التحكيم كما لايجوز رده إلا لسبب يحدث أو يظهر بعد تعيينه• وتعرض المصاعب الناشئة عن تطبيق هذه المادة على رئيس المحكمة المختصة;•
ووفقاً لنص المادة 1457 من قانون المرافعات الفرنسي في الحالات المنصوص عليها بالمواد 1444، 1454، 1456، 1463 (المشار إليها آنفاً) يجب أن يصدر رئيس المحكمة المختصة قراره على وجه السرعة بناءً على طلب أحد الأطراف أو المحكمة التحكيمية، ولا يقبل هذا القرار أي طريق من طرق الطعن، على أنه يجوز استئناف هذا القرار في حالة إذا ما أعلن رئيس المحكمة المختصة أن لا مجال لتعيين المحكم أو المحكمين لأخذ الأسباب الموضحة في المادة (1444/3) وهي حالة ما إذا كان الشرط التحكيمي باطلاً بطلاناً واضحاً أو غير كاف لكي يتيح تشكيل المحكمة التحكيمية•

4- دور قضاء الدولة الفرنسي بصدد تفسير أو تصحيح أو إكمال الحكم التحكيمي:

بعد صدور الحكم التحكيمي، في حال تعذر إعادة عقد هيئة التحكيم لأي سبب من الأسباب، تتولى محكمة الدولة المختصة أصلاً بنظر النزاع مهمة تفسير الحكم التحكيمي أو تصحيح الأخطاء أو السهو الذي وقع فيه، وكذلك إكماله في حالة إغفال المحكم أو هيئة التحكيم النظر بأحد الطلبات:
وفي هذا الصدد نصت المادة (1475) على أنه:
;ان صدور الحكم التحكيمي من شأنه رفع يد المحكمين عن النزاع الذي فصلوه• ولكن للمحكم صلاحية تفسيره أو تصحيح الأخطاء أو السهو الذي وقع فيه وإكماله في حال إغفل النظر بأحد الطلبات• وتطبق في هذا الصدد أحكام المواد 461 الى 463• وإذا لم يكن اجتماع المحكمة التحكيمية ممكناً، فإن هذه الصلاحية تعود الى المحكمة التي كانت مختصة أصلاً بالنظر في النزاع في غياب التحكيم;•

5- دور قضاء الدولة الفرنسي في ما يتعلق بالأمر بالتنفيذ والنفاذ المعجل للحكم التحكيمي:

في هذا الصدد نصت المادة (1477) من قانون المرافعات الفرنسي الجديد على أنه: ;لايكون الحكم التحكيمي قابلاً للتنفيذ الإجباري إلا بموجب صيغة تنفيذية تصدرها المحكمة الكلية التي صدر في نطاقها الحكم التحكيمي• ويأمر بالصيغة التنفيذية قاضي التنفيذ في المحكمة•
لهذه الغاية يودع أحد المحكمين أو الطرف الأكثر عجلة أصل الحكم التحكيمي مرفقاً بنسخة عن العقد التحكيمي قلم المحكمة;•
وقد أوضحت المادة (1478) أن الصيغة التنفيذية توضع على أصل الحكم التحكيمي• ووفقاً لهذه المادة أيضاً يجب أن يكون القرار الصادر من قاضي التنفيذ برفض منح الصيغة التنفيذية مسبباً•
وفي ما يتعلق بشمول حكم المحكمين بالنفاذ المعجل فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (1479) على أنه:
;تطبق على الأحكام التحكيمية القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام•
في حالة الاستئناف أو الطعن بطريق الإبطال يمكن للرئيس الأول أو للقاضي المكلف بتحضير الدعوى عندما يطلب منه ذلك، أن يمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي المقترنة بالتنفيذ المعجل• ويمكنه الأمر بالتنفيذ المعجل وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 525 و526 ويعتبر قراره الصادر بهذا الشأن صيغة تنفيذية;•
ولدعم فاعلية التحكيم فقد حرص المشرع الفرنسي على أن ينص في المادة (1488) على أن القرار الصادر بمنح الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين لايقبل أية مراجعة• أما القرار الذي يرفض الصيغة التنفيذية فيكون قابلاً للاستئناف في خلال مهلة شهر اعتباراً من تاريخ تبليغه• وقد ورد النص على ذلك بالمادة (1489) التي أوضحت أيضاً أنه في حالة استئناف القرار الذي يرفض الصيغة التنفيذية يكون لمحكمة الاستئناف أن تنظر بناءً على طلب الأطراف في الأسباب التي تصلح للطعن بالاستئناف أو لرفع دعوى البطلان وذلك بهدف حصر جميع تلك المنازعات أمام ذات المحكمة•

6- دور قضاء الدولة الفرنسي في ما يتعلق بالطعن في حكم المحكمين:

حصر قانون المرافعات الفرنسي الجديد طرق الطعن ضد حكم المحكمين في ما يلي:

أ- اعتراض الخارج عن الخصومة:

فقد نصت المادة (1481) على أنه:
;لايقبل الحكم التحكيمي الاعتراض ولا طلب النقض•
ويجوز الطعن فيه بطريق اعتراض الغير أمام المحكمة المختصة بنظر النزاع في غياب التحكيم مع مراعاة أحكام المادة 588 (الفقرة الأولى);•

ب- وبالنسبة للطعن بالاستئناف في حكم المحكمين:

نصت المادة (1482) على أنه:
;الحكم التحكيمي يقبل الاستئناف ما لم يكن الأطراف قد تنازلوا عن هذه المراجعة في العقد التحكيمي• ولكن الحكم التحكيمي الصادر عن محكم بالصلح لايكون قابلاً للاستئناف إلا إذا كان الأطراف قد احتفظوا صراحة بحق الاستئناف في العقد التحكيمي;•
ووفقاً للمادة (1486) المحكمة المختصة بنظر الطعن بالاستئناف في حكم المحكمين هي محكمة الاستئناف التي صدر في نطاقها الحكم التحكيمي•

ج- أما في ما يتعلق بالطعن في الحكم التحكيمي عن طريق دعوى البطلان الأصلية:

فقد نصت المادة 1484 على أنه:
;وفقاً للتفريق المنصوص عليه في المادة 1482 إذا تنازل الأطراف عن الاستئناف، أو لم يحتفظوا صراحة بحق الاستئناف في العقد التحكيمي، فإنه يمكن الطعن بالحكم التحكيمي الصادر عن المحكمين بطريق الإبطال وذلك بالرغم من أي اتفاق مخالف•
ولا يكون الطعن بطريق الابطال جائزاً إلا في الحالات التالية:
1¬- إذا فصل المحكم النزاع من دون عقد تحكيمي أو بناءً على عقد تحكيمي باطل أو انتهت مدته•
2- إذا لم يتم تشكيل المحكمة التحكيمية بصورة قانونية أو لم يتم تعيين المحكم الوحيد وفقاً للأصول•
3- إذا فصل المحكم النزاع دون التقيد بالمهمة التحكيمية التي عهد بها إليه•
4- إذا لم يتم احترام مبدأ الوجاهية•
5- في كافة حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 1480•
6- إذا خالف المحكم قاعدة من قواعد النظام العام;•
ولتدعيم فاعلية التحكيم حرص المشرع الفرنسي على أن يكون الاختصاص بنظر الطعن في حكم المحكمين بدعوى البطلان لذات المحكمة المختصة بنظر الطعن بالاستئناف في حكم المحكمين وهي طبقاً للمادة (1486) محكمة الاستئناف الصادر في نطاقها الحكم التحكيمي•
وفضلاً عما تقدم هناك طريق مستقل للطعن في الحكم التحكيمي هو الطعن بطريق التماس إعادة النظر:
وفي هذا الصدد نصت المادة 1491 على أنه:
;يقبل الحكم التحكيمي الطعن بطريق إعادة النظر في الحالات والشروط المحددة للطعن في الأحكام القضائية بهذا الطريق• ويقدم هذا الطعن الى محكمة الاستئناف التي كانت مختصة للنظر بطرق الطعن الأخرى بالحكم التحكيمي;•
ووفقاً لهذا النص تختلف أسباب الطعن بالتماس إعادة النظر عن أسباب رفع الدعوى ببطلان الحكم التحكيمي•

7- دور قضاء الدولة الفرنسي في نطاق التحكيم الدولي:

وفضلاً عما سبق عرضه وهو يتعلق بالتحكيم في القانون الداخلي، فقد نظم قانون المرافعات الفرنسي الجديد دور قضاء الدولة في نطاق التحكيم الدولي ووفقاً لهذا التنظيم:
أ- يساعد قضاء الدولة (رئيس محكمة باريس الكلية) في حل ما قد يطرأ من صعوبات في تشكيل المحكمة التحكيمية (المادة 1493/2)•
ب- يمنح قاضي التنفيذ الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة في خارج فرنسا أو في التحكيم الدولي (المادة 1498)•
ج- يختص قضاء الدولة بالنظر في طرق الطعن في الأحكام التحكيمية الصادرة في الخارج أو في تحكيم دولي (المواد 1501- 1507)•

ثالثاً: في القانون الانجليزي (قانون 1996 المتعلق بالتحكيم):

لتأكيد الحرص على وضع ضوابط تحدد تدخل محاكم الدولة في نظام التحكيم نصت الفقرة (ج) من المادة (1) من قانون 1996 الانجليزي المتعلق بالتحكيم على أنه ;يستحسن ألا تتدخل المحاكم في المسائل التي يرعاها هذا الفصل إلا في الحالات التي ينص عليها هذا الأخير صراحة;•
ومن أهم صور تدخل قضاء الدولة للمساعدة في نطاق التحكيم والرقابة عليه وفقاً للقانون الانجليزي (قانون 1996 المتعلق بالتحكيم) ما يلي:

1- اتخاذ التدابير الوقائية في حالة إعلان عدم اختصاص محكمة بحرية:

وفي هذا الصدد نصت المادة (11) من قانون 1996 المتعلق بالتحكيم على أنه:
;11-1- ان المحكمة البحرية التي تعلن عدم اختصاصها لأنه يجب إحالة الأطراف الى التحكيم، يمكنها، إذا تم خلال الدعوى إجراء حجز، أو إصدار كفالة أو أية ضمانة أخرى لتلافي حجز أو الحصول على رفع للحجز:
(أ) إما الأمر بحبس المال المحجوز لضمان تنفيذ أي حكم تحكيمي سيصدر في النزاع•
(ب) أو الأمر بأن رفع يد المحكمة عن النزاع موقوف على إعطاء ضمانة مقابلة تضمن تنفيذ الحكم التحكيمي•
(ج) مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في القواعد الخاصة بكل محكمة والتعديلات الضرورية، ان الأموال التي تم الأمر بحبسها تخضع لنفس الأحكام كتلك المنصوص عليها في القانون أو الناتجة عن ممارسة المحاكم للأموال الموضوعة تحت سلطة حارس لمصلحة نزاع ما من قبل المحكمة التي تأمر بالحبس•

2- صلاحية القاضي في تمديد المهل التي يجب خلالها تقديم طلب التحكيم:

وفي هذا الصدد أوضحت المادة (12/1) أنه عندما ينص شرط تحكيمي أن دعوى أو حقاً يسقط بمرور الزمن أو أن المدعي تسقط حقوقه إذا لم يتخذ في مهلة معينة التدابير اللازمة لتقديم الإجراءات التحكيمية أو البدء بإجراءات أخرى منصوص عليها لتسوية النزاعات قبل البدء بالإجراءات التحكيمية، فإنه يمكن للقاضي أن يأمر بتمديد المهل المنصوص عليها تعاقدياً، ثم نصت المادة (12/2) على أنه:
;يمكن لأي من الأطراف في عقد تحكيمي (بعد إبلاغ الأطراف الأخرى) أن يتقدم من القاضي بمثل هذا الطلب للتمديد، بشرط وجود نزاع وبعد استنفاد كافة الطرق التي تمكن من الحصول على تمديد المهل في إطار التحكيم;•
وفضلاً عما تقدم فقد حرص المشرع على أن يضمن المادة (12/3) شروطاً أخرى لايأمر القاضي بالتمديد إلا إذا تبينها• كما أوضحت الفقرة الرابعة من ذات المادة أن القاضي يمدد المهل للمدة وبالشروط التي يراها مبررة حتى ولو كانت المهل المحددة سابقاً قد انتهت• أما الفقرة السادسة من المادة (12) فقد أوضحت أن أمر القاضي الصادر عملاً لهذه المادة لايمكن أن يكون موضوعاً لأي مراجعة إلا بعد موافقة القاضي نفسه•
وفضلاً عما تقدم، فقد أوضحت المادة (50) شروط تمديد مهلة إصدار الحكم التحكيمي بمعرفة القاضي•

3- دور قضاء الدولة بصدد اجراءات تعيين المحكمين وتشكيل المحكمة التحكيمية:

أوضحت المادة (16) إجراءات تعيين المحكمين ومنحت الفقرة الأولى من هذه المادة للأطراف حرية الاتفاق على إجراءات تعيين المحكم الفرد أو المحكمين بما في ذلك اجراءات تعيين رئيس المحكمة التحكيمية أو المحكم المرجح، ثم نظمت المادة (17) حالة تخلف أحد الأطراف عن تعيين محكمه أو عدم تعيينه في المهلة المحددة، وفي ما يتعلق بدور قضاء الدولة بصدد هذه الحالة نصت (المادة 17/3) على أنه:
;عندما يعين المحكم الفرد وفقاً للشروط المذكورة في الفقرة السابقة يمكن للطرف المتخلف أن يطلب من القاضي هذا التعيين (بعد إبلاغ ذلك الى الطرف الذي قام بالتعيين;•
ثم أوضحت الفقرة الأخيرة من المادة (17) أن أياً من قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة لاتكون قابلة لطرق المراجعة إلا بعد موافقته•
أما في صدد فشل إجراءات تشكيل المحكمة التحكيمية فقد أوضحت المادة (18) في فقرتها الأولى أن للأطراف حرية الاتفاق على مصير الإجراءات التحكيمية في حال فشل إجراءات تشكيل المحكمة التحكيمية• أما في حال عدم وجود اتفاق على ذلك فقد نصت المادة (18/2) على أنه:
;في حال عدم وجود اتفاق، يحق لأي من أطراف العقد التحكيمي (بعد تبليغ الأطراف الأخرى) أن يطلب من القاضي ممارسة الصلاحيات الممنوحة له في هذه المادة;•
كما نصت المادة (18/3) على أنه:
;يمكن للقاضي:
(أ) اعطاء التعليمات للقيام بأي تعيين•
(ب) الأمر بأن المحكمة التحكيمية ستشكل من المحكمين الذين سبق تعيينهم أو من بعض منهم أو أن يتم استكمال تشكيل المحكمة التحكيمية•
(ج) إما نقض أي تعيين تم إجراؤه•
(د) إما القيام مباشرة بالتعيين المطلوب;•
هذا وقد أوضحت الفقرة الرابعة من المادة (18) أن أي تعيين يقوم به القاضي عملاً بهذه المادة يكون له نفس الأثر كما لو قام بها الأطراف بصورة مشتركة• وقد اختتمت هذه المادة أيضاً بالنص على أن أياً من قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة لاتكون قابلة لطرق المراجعة إلا بعد موافقته• 
وجدير بالإيضاح أن المادة (19) من القانون الانجليزي (قانون 1996 المتعلق بالتحكيم) قد الزمت القاضي بأن يأخذ في عين الاعتبار عند ممارسته للصلاحيات الممنوحة له بصدد إجراءات تعيين المحكمين أي نص تعاقدي يتعلق بالمؤهلات الواجب توافرها في المحكمين•

4- دور قضاء الدولة في حال الاختلاف بالرأي بين المحكمين المعينين:

في هذا الصدد نصت المادة (21/5) على أنه:
;في حال الاختلاف بالرأي بين المحكمين المعينين وامتناعهما عن إعلام الأطراف أو في حال رفض أحدهما الانضمام الى الآخر لإعلام الأطراف، يجوز لأي من الأطراف في الإجراءات التحكيمية (بعد إبلاغ المحكمة التحكيمية أو الأطراف الأخرى) بأن يطلب من القاضي أن يأمر أن يحل المحكم الفيصل مكان المحكمين ليمارس نفس المهام مع سلطة اتخاذ القرارات واصدار الأوامر والأحكام التحكيمية كما لو كان محكماً فرداً;•
وأيضاً أضافت الفقرة (6) من هذه المادة أن أياً من قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة لايكون قابلاً لطرق المراجعة إلا بعد موافقته•

5- دور قضاء الدولة في رد المحكمين:

وفقاً للفقرة الأولى من المادة (24) يمكن لأي طرف من أطراف التحكيم أن يطلب من القاضي رد المحكم وذلك في الحالات التالية:
(أ) وجود ظروف من شأنها أن تثير شكوكاً لها ما يبررها حول حيدته واستقلاله•
(ب) إذا كان المحكم لايتمتع بالمؤهلات المنصوص عليها في العقد التحكيمي•
(ج) إذا كان المحكم عديم الأهلية (عقلياً أو جسديا) بشكل لايمكنه من ممارسة مهمته أو أن أهليته مشكوك فيها وبالتالي بقدرته على ممارسة مهمته•
(د) (1) إذا لم يقم المحكم، بطريقة مناسبة أو بالسرعة المناسبة، بالإجراءات•
(2) أو لم يصدر المحكم، بالسرعة المناسبة، الحكم التحكيمي بشكل أضر بالمدعي ويخشى معه أن يلحق ضرراً هاماً•
وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة (24) أنه:
;عندما يصدر القاضي قراره برد المحكم، يمكنه في نفس الوقت أن يبت في مسألة المصاريف والأتعاب التي تعود للمحكم إذا لزم الأمر، أو أن يأمر المحكم بإعادة المصاريف والأتعاب التي يكون قد قبضها;•
ووفقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة (24) يمكن للمحكم المعين أن يطلب الحضور أمام القاضي وأن يدلي بوجهة نظره قبل أن يبت القاضي بطلب الرد عملاً بهذه المادة•
ولا تقبل قرارات القاضي الصادرة عملاً بأحكام المادة (24) أي طريق من طرق المراجعة إلا بعد موافقته•

6- دور قضاء الدولة بصدد نتائج استقالة المحكم:

طبقاً للفقرة الثالثة من المادة (25) يمكن للمحكم الذي يستقيل أن يطلب من القاضي ما يلي:
(أ) منحه براءة ذمة من كل مسؤولية يمكن أن يتحملها من جراء الاستقالة•
(ب) اصدار أي أمر مناسب حول دفع الاتعاب والمصاريف التي يحق له بها أو بإعادة المبالغ التي قبضها عن المصاريف والأتعاب•
ووفقاً للفقرة الرابعة من المادة (25) للقاضي سلطة تقديرية في هذا الصدد فإذا رأى أن استقالة المحكم مشروعة نظراً للظروف فيمكنه أن يمنحه براءة الذمة بالشروط التي يراها مناسبة•
ولا تقبل قرارات القاضي الصادرة عملاً بأحكام المادة (25) أي طريق من طرق المراجعة إلا بعد موافقته•

7- دور قضاء الدولة في ما يتعلق بدفع مصاريف وأتعاب التحكيم:

في ما يتعلق بدفع مصاريف وأتعاب التحكيم نصت الفقرة الأولى من المادة (28) على أن الأطراف مسؤولون بصورة متضامنة تجاه المحكم عن دفع المصاريف والأتعاب المستحقة له، ثم أضافت الفقرة الثانية من هذه المادة أنه يمكن لأي من الطرفين أن يطلب من القاضي (بعد تبليغ المحكمين والأطراف الأخرى) الأمر بأن قيمة المصاريف وأتعاب المحكمين ستحدد وتدفع بالطريقة ووفقاً للشروط التي يعينها القاضي• ووفقاً للفقرة الثالثة من المادة (28) إذا قدم الطلب للقاضي بعد أن يكون المحكم قد قبض المصاريف والأتعاب، فإنه يمكن للقاضي أن يأمر المحكم بأن يعيد المبلغ غير المستحق وذلك بعد أن يكون قد تأكد أن هذه الإعادة قانونية نظراً للظروف•
وفضلاً عما تقدم فقد أوضحت المادة (56) أنه يجوز للمحكمة التحكيمية أن ترفض تسليم الحكم التحكيمي الى الأطراف في حال لم يتم دفع مصاريف وأتعاب التحكيم كاملة، وفي هذه الحالة يمكن لأحد أطراف التحكيم (بعد إبلاغ المحكمة التحكيمية والأطراف الأخرى) أن يطلب تدخل القاضي للأمر بما يراه مناسباً وفقاً لما هو منصوص عليه بهذه المادة• ولا تكون قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة قابلة للمراجعة إلا بعد موافقته•

8- دور قضاء الدولة بصدد الطلب المقدم له حول مسألة أولية تتعلق بالصلاحية:

تولت شرح هذا الدور المادة (32) حيث جاء نصها كالتالي:
;1- يمكن للقاضي أن يبت بدفع يتعلق بصلاحية المحكمة التحكيمية: إذا ما طلب منه ذلك أي طرف في الدعوى التحكيمية (بعد إبلاغ الأطراف الأخرى)، وذلك مع مراعاة مهلة الإسقاط (راجع المادة 73)•
2- لايبت القاضي بالطلب، إلا:
(أ) إذا قدم بعد موافقة خطية من كافة الأطراف في الدعوى، أو
(ب) إذا أجازته المحكمة التحكيمية وتبين للقاضي ما يلي:
(1) أن قراراً من قبله من شأنه أن يوفر مصاريف هامة•
(2) أن الطلب قدم بأسرع وقت•
(3) وأن هنالك سبباً وجيهاً يدعو لبت المنازعة قضائياً•
3- ما لم يكن قد قدم بعد موافقة كافة الأطراف في الدعوى، إن أي طلب يقدم عملاً بهذه المادة يجب أن يبين الأسباب التي توجب أن يبت قضائياً بالدفع بعدم الصلاحية•
4- ما لم يكن هنالك اتفاق مخالف من الأطراف، يمكن للمحكمة التحكيمية أن تتابع التحقيق في النزاع وأن تصدر الحكم التحكيمي دون أن تنتظر قرار المحكمة المختصة المتعلق بالدفع•
5- لايقبل قرار القاضي الصادر عملاً بأحكام الفقرة 2 أعلاه أي طريق من طرق المراجعة إلا بموافقته•
6- إن أي قرار يصدر عن القاضي في ما يتعلق بالصلاحية يعتبر حكماً في ما يتعلق بطرق المراجعة•
ولكن لايمكن تقديم أية مراجعة إلا بموافقة القاضي• ولا يعطي القاضي موافقته إلا إذا تبين له أن النزاع يثير نقطة قانونية لها أهمية عامة أو أنها لسبب خاص تستدعي أن تنظر بها محكمة الاستئناف; (Court of Appeal)•

9- دور قضاء الدولة بصدد التنفيذ الإلزامي لأوامر المحكمة التحكيمية:

وفقاً للفقرة الأولى من المادة (42) ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، يمكن للقاضي أن يلزم أي طرف بتنفيذ أمر المحكمة التحكيمية• وقد أضافت الفقرة الثالثة من ذات المادة أنه لايمكن قبول هذا الطلب إلا إذا تبين للقاضي أن المدعي قد استنفد كافة الطرق المتاحة له في اطار التحكيم لإلزام الطرف المتخلف بالتقيد بأمر المحكمة التحكيمية• وقد أوضحت الفقرة الأخيرة من المادة (42) أن قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة لاتكون قابلة لأي طريق من طرق المراجعة إلا بموافقته•

10- دور قضاء الدولة في تأمين حضور الشهود والمساعدة في ما يتعلق بالإثبات:

وفقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة (43) يمكن لأي طرف في الدعوى التحكيمية أن يطلب تدخل القاضي وفقاً للشكل المعتمد في الدعاوى القضائية لإلزام شاهد بالحضور أمام المحكمة التحكيمية لتقديم شهادته أو تقديم المستندات أو أية عناصر إثبات أخرى، إلا أنه لايمكن طلب تدخل القاضي لهذا الغرض إلا بإذن من المحكمة التحكيمية، وبعد موافقة الأطراف الأخرى، وبمراعاة الشروط المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة (43)•
وفي صدد المساعدة في ما يتعلق بالإثبات فقد أوضحت الفقرة الأولى من المادة (44) أن القاضي يتمتع في حال التحكيم بذات الصلاحيات التي يتمتع بها في حالة الإجراءات القضائية وذلك في الميادين المعددة بالفقرة الثانية من المادة (44) وهي كالتالي:
(أ) الحصول على اثبات بواسطة الشهود،
(ب) المحافظة على الإثبات،
(ج) امكانية الأمر بشأن المال المتنازع عليه أو الذي يثير مسألة متنازعاً عليها:
1- بمعاينته، تصويره، الاحتفاظ به، أو حراسته•
2- بأخذ عينات منه، معاينته أو إجراء تجارب عليه•
وكذلك امكانية اجازة أي شخص، لهذا الغرض، بالدخول الى أي مكان يملكه أحد الأطراف أو تكون له الرقابة عليه•
(د) بيع أي مال متنازع عليه•
(هـ) بامكانية اصدار أي أمر أو بتسمية حارس•
وقد أضافت الفقرة الثالثة من ذات المادة أنه في كل الحالات المستعجلة، يمكن للقاضي بناءً على طلب أحد الأطراف في الدعوى التحكيمية أو أي شخص يمكن أن يصبح طرفاً فيها، الأمر بكافة التدابير التي يراها ضرورية للمحافظة على الأدلة أو على الأموال المتنازع عليها•
وقد تضمنت الفقرات 4-6 من ذات المادة (44) شروطاً متعلقة بتدخل القاضي عملاً بهذه المادة• وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة (44) فإن قرارات القاضي الصادرة منه عملاً بهذه المادة لاتكون قابلة للمراجعة إلا بعد موافقته•

11- سلطة قضاء الدولة في البت في مسألة قانونية تثار خلال الاجراءات التحكيمية:

في هذا الصدد نصت الفقرة الأولى من المادة (45) على أنه:
;ما لم يكن هنالك اتفاق مخالف من الأطراف، يمكن للقاضي بناءً على طلب طرف في الدعوى التحكيمية (بعد ابلاغ الأطراف الأخرى) أن يبت في أي مسألة قانونية تثار خلال الاجراءات التحكيمية، إذا تبين له أن هذه المسألة تؤثر بشكل جوهري على حقوق طرف أو عدة أطراف;•
وقد عددت الفقرة الثانية من هذه المادة شروط قبول هذا الطلب، ثم أوجبت الفقرة الثالثة من ذات المادة أن يحدد في الطلب المسألة القانونية التي يجب البت بها• أما الفقرة السادسة من المادة (45) فقد نصت على أنه:
;يعتبر أي قرار صادر عن القاضي في مسألة قانونية كحكم في ما يتعلق بطرق المراجعة، ولكن لايمكن تقديم أي مراجعة بدون إجازة القاضي• ولا يعطي القاضي إجازته إلا إذا تبين له أن المسألة تثير نقطة قانونية تهم المصلحة العامة أو أنها لسبب خاص تستدعي رفعها أمام محكمة الاستئناف; (Court of Appeal)•

12- تدخل قضاء الدولة للمساعدة بصدد تحديد مصاريف ورسوم التحكيم:

وفقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة (63) للأطراف حرية الاتفاق على المصاريف والرسوم التي تكون مشمولة بالمصاريف، وفي حال غياب مثل هذا الاتفاق تطبق الأحكام المنصوص عليها بالفقرات من 3 الى 7 من ذات المادة والتي وفقاً لها يجوز للمحكمة التحكيمية أن تبت في مسألة مصاريف التحكيم بالطريقة التي تراها مناسبة• وإذا لم تحدد المحكمة التحكيمية مصاريف التحكيم يمكن لأي طرف في التحكيم بعد تبليغ الأطراف الأخرى أن يتقدم بطلب الى القاضي يطلب فيه إما تحديد مصاريف التحكيم بالطريقة التي يراها مناسبة، أو الأمر بأن المصاريف ستحدد بالطريقة والشروط التي يحددها•
وفضلاً عما تقدم، فقد نصت المادة (64) على قواعد أخرى تتعلق بالمصاريف وأتعاب المحكمين المشمولة بالمصاريف•

13- صلاحيات قضاء الدولة بصدد تنفيذ الحكم التحكيمي:

نصت المادة (66) في فقراتها الثلاثة الأولى على ما يلي:
;1- يمكن تنفيذ الحكم التحكيمي الصادر عن المحكمة التحكيمية بناءً على عقد تحكيمي بموجب إجازة من القاضي مثله مثل أي حكم أو أمر صادر عن القاضي وصالح للتنفيذ•
2- يمنح القاضي التنفيذ للحكم التحكيمي بحكم مصادق عليه•
3- يرفض القاضي التنفيذ إذا قام الطرف المطلوب تنفيذ الحكم التحكيمي ضده بإثبات أن المحكمة التحكيمية لم تكن ذات صلاحية بعد التأكد من أن الاعتراض على الصيغة التنفيذية لم يسقط بعد (راجع المادة (73);•
ووفقاً للفقرة الأخيرة من المادة (66) لاتخل الأحكام السابقة بالاعتراف أو تنفيذ الحكم التحكيمي بموجب قانون آخر أو بموجب أي حكم تشريعي أو تنظيمي وخاصة القواعد المتعلقة بتنفيذ الأحكام التحكيمية بموجب اتفاقية جنيف، والأحكام المتعلقة بالاعتراف وتنفيذ الأحكام التحكيمية بموجب اتفاقية نيويورك، أو نتيجة لدعوى قضائية مبنية على الحكم التحكيمي•

14- دور قضاء الدولة بصدد المراجعة أو الاستئناف ضد الحكم التحكيمي:

وفقاً لقانون 1996 المتعلق بالتحكيم في انجلترا يمكن الالتجاء الى قضاء الدولة بصدد المراجعة أو الاستئناف ضد الحكم التحكيمي وذلك في الحالات التالية:
14-1- الطعن بالحكم التحكيمي لانتفاء صلاحية المحكمة التحكيمية:
وقد نظمت المادة (67) هذه الحالة فأوضحت في الفقرة الأولى منها أنه يمكن لأي طرف في الاجراءات التحكيمية أن يطلب من القاضي - بعد تبيلغ المحكمة التحكيمية والأطراف الأخرى- إبطال أي حكم تحكيمي صادر عن محكمة تحكيمية يتعلق بصلاحيتها، وكذلك إبطال كامل الحكم التحكيمي الصادر عن المحكمة التحكيمية في موضوع النزاع أو جزء منه بسبب عدم صلاحيتها• وقد اشترط المشرع لقبول المراجعة ورودها قبل انتهاء مدة السقوط المشار إليها بالمادة (73) وأيضاً مراعاة القواعد التي تحد من طرق المراجعة والمشار إليها بالفقرتين الثانية والثالثة من المادة (70)•
ووفقاً للمادة 67/3 عندما يطلب من القاضي النظر بمراجعة ضد الحكم التحكيمي لعدم صلاحية المحكمة التحكيمية يجوز له إما تصديق الحكم التحكيمي، أو تعديله أو إبطاله بكامله أو إبطال جزء منه• وعملاً بالفقرة الأخيرة من المادة (67) لاتكون قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة قابلة لأي من طرق المراجعة إلا بموافقته•
14-2- الطعن بالحكم التحكيمي لمخالفة جوهرية:
أجازت المادة (68) في فقرتها الأولى لأي طرف في الاجراءات التحكيمية -بعد تبليغ المحكمة التحكيمية والأطراف الأخرى- أن يطلب من القاضي إبطال الحكم التحكيمي في حال حصول مخالفة جوهرية تتعلق بالمحكمة التحكيمية، بالإجراءات، أو بالحكم التحكيمي، ويشترط لقبول هذا الطلب ألا تكون مهلة السقوط المشار إليها بالمادة (73) قد انتهت، كما يشترط مراعاة أحكام الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (70) التي تحد من طرق المراجعة• وقد حددت المادة 68/2 تسع حالات يقبل فيها الطعن بالحكم التحكيمي لمخالفة جوهرية، وأوضحت أن ممارسة هذا الطعن تتوقف على شرط أن يعتبر القاضي أن المخالفة قد تسببت أو يمكن أن تتسبب بضرر هام للمدعي• ووفقاً للمادة 68/3 يجوز للقاضي في حالة ثبوت وجود مخالفة جوهرية تتعلق بالمحكمة التحكيمية، بالإجراءات أو بالحكم التحكيمي أن يعيد الحكم التحكيمي بكامله أو جزء منه، أو إبطال الحكم التحكيمي أو جزء منه، أو رفض منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي بكامله أو لجزء منه•
ولقد اختتمت الفقرة الثالثة من المادة (68) بإيضاح أنه لايتم إبطال الحكم التحكيمي بكامله أو جزء منه أو رفض الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي أو لجزء منه إلا إذا رأى القاضي أنه من الأفضل عدم إعادة المسائل المتنازع عليها الى المحكمين لإعادة النظر بها• ووفقاً للفقرة الأخيرة من المادة (68) لاتقبل قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة أي طريق من طرق المراجعة إلا بموافقته•
14-3- استئناف مسألة قانونية صدر فيها حكم تحكيمي أمام القاضي:
طبقاً للفقرة الأولى من المادة (69) في حالة عدم وجود اتفاق مخالف من الأطراف، يمكن لأحد الأطراف في الاجراءات التحكيمية -بعد تبليغ المحكمة التحكيمية والأطراف الأخرى- أن يستأنف أمام القاضي مسألة قانونية صدر فيها حكم تحكيمي عن المحكمين• وجدير بالإيضاح أنه في حالة اتفاق الأطراف على إعفاء المحكمة التحكيمية من تسبيب أحكامها، فإن هذا الاتفاق يعد بمثابة تنازل منهم عن الاستئناف المنصوص عليه بهذه المادة•
وقد اشترطت المادة (69/2) لقبول هذا الاستئناف أن يقدم الاستئناف بعد موافقة كافة الأطراف المعنية، وأن يكون أيضاً مجازاً من القاضي، فضلاً عن خضوعه للقيود المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (70)• وأضافت المادة (69/3) ضوابط أخرى تتعلق بقبول هذا الاستئناف• كما استوجبت الفقرة الرابعة من المادة (69) أن يبين كل استئناف مقدم عملاً بهذه المادة بدقة طبيعة المسألة القانونية المتنازع عليها والأسباب التي تبرر إجازة الاستئناف• ووفقاً للمادة (69/6) لاتكون قرارات القاضي التي تجيز أو ترفض الاستئناف عملاً بهذه المادة قابلة لأي طريق من طرق المراجعة إلا بموافقته• ووفقاً للفقرة السابعة من المادة (69) يجوز للقاضي الذي ينظر بالاستئناف المقدم عملاً بهذه المادة أن يؤكد الحكم التحكيمي أو أن يعدله أو يعيد الحكم التحكيمي أو جزءاً منه الى المحكمة التحكيمية لتعيد النظر في ضوء ما يكون القاضي قد قرره، أو أن يبطل القاضي الحكم التحكيمي بكامله أو جزءاً منه إذا رأى أنه من الأفضل عدم إعادة المسائل المتنازع عليها الى المحكمين لإعادة النظر بها• وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة (69) يعتبر قرار القاضي الناظر بالاستئناف عملاً بهذه المادة كحكم بالنسبة لطرق المراجعة• مع الأخذ في الاعتبار أنه لايمكن تقديم أية مراجعة بدون إجازة القاضي، وهو لايعطي هذه الإجازة إلا إذا تبين له أن المسألة تثير نقطة قانونية تتعلق بالمصلحة العامة أو لسبب خاص يبرر رفعها أمام محكمة الاستئناف (Court of Appeal)•
وفضلاً عن القواعد السابق عرضها بشأن دور قضاء الدولة بصدد المراجعة أو الاستئناف ضد الحكم التحكيمي فقد تضمنت المادة (70) أحكاماً إضافية تتعلق أيضاً بالمراجعة والاستئناف• ونصت المادة (70/1) على أنه ;تطبق أحكام الفقرات من 2 الى 8 التالية على المراجعة أو الاستئناف المقدم عملاً بالمواد 67، 68، 69;•
وخصص المشرع المادة (71) لتوضيح أثر الحكم الصادر من القاضي في المراجعة والاستئناف وقد جاء نصها كالتالي:
;1- عندما يبت القاضي في المراجعة أو الاستئناف عملاً بأحكام المواد 67، 68، 69 تطبق أحكام الفقرات من 2 الى 4 التالية•
2- عندما يتم تعديل الحكم التحكيمي فإن التعديل يشكل جزءاً لايتجزأ من الحكم التحكيمي الصادر من المحكمة التحكيمية•
3- عندما يحال جزء من الحكم التحكيمي أو كامله مجدداً الى المحكمة التحكيمية لإعادة النظر به تصدر هذه الأخيرة حكماً تحكيمياً جديداً في المسائل المحالة في خلال مهلة ثلاثة أشهر اعتباراً من قرار الإحالة أو في أي مهلة أخرى أقصر أو أطول يمكن أن يحددها القاضي•
4- عندما يتم إبطال جزء من الحكم التحكيمي أو كامله أو عندما يرفض تنفيذه، فإن أي حكم ينص على أن المحاكم لايمكنها أن تنظر النزاع الذي يكون من اختصاص عقد تحكيمي إلا بعد صدور حكم تحكيمي يمكن أن يبطل أيضاً من القاضي في حدود الحكم التحكيمي أو في حدود جزء الحكم التحكيمي الذي تم إبطاله أو رفض تنفيذه;•

15- دور قضاء الدولة بصدد حماية حقوق الطرف المتخلف عن الحضور:

فقد نظمت هذا الدور المادة (72) التي نصت فقرتها الأولى على أنه يمكن للطرف الذي استدعي الى إجراءات تحكيمية وتخلف عن الحضور أن يطلب من القاضي أن يصدر حكماً إعلانياً، أمراً أو أي تدبير آخر تبرره حماية حقوقه إذا كان هذا الطرف يعترض على صحة العقد التحكيمي، أو قانونية تشكيل المحكمة التحكيمية، أو أن مسائل تتجاوز نطاق الاتفاق التحكيمي أو الشرط التحكيمي تم عرضها على التحكيم•

16- دور قضاء الدولة بصدد التبليغات والمراسلات:

حددت المادة (77) دور قضاء الدولة بصدد التبليغات والمراسلات ووفقاً للفقرة الاولى منها تطبق هذه المادة عندما يتعذر مادياً اجراء التبليغ او المراسلة في الشكل الذي نص عليه الاطراف، او في حال عدم النص وفقاً لاحكام المادة (76) وفيما يتعلق بسلطات القاضي في هذا الشأن فقد اوضحت المادة (2/77) انه ما لم يتفق الاطراف على خلاف ذلك يكون للقاضي الحرية في ان يأمر بان التبليغ او المراسلة ستجري بالطريقة التي يحددها• كما ان له الاعفاء من اجراء التبليغ او المراسلة واختتمت هذه المادة بالنص على ان قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة لاتكون قابلة للمراجعة الا بإجازة منه•

17- دور قضاء الدولة في تمديد مهل التحكيم:

وفقاً للفقرة الاولى من المادة (79) ما لم يكن هنالك اتفاق مخالف من الاطراف، يجوز للقاضي تمديد اية مهلة نص عليها الاطراف في اطار الاجراءات التحكيمية، او اية مهلة نصت عليها نصوص القانون التي تطبق في غياب اتفاق الاطراف ولا تطبق هذه المادة على مرور الزمن او مهلة السقوط المشار اليهما في المادة 12 (المتعلقة بصلاحية القاضي في تمديد المهل التي يجب خلالها تقديم طلب التحكيم)•
وقد اوضحت الفقرة الثانية من هذه المادة ان الطلب يقدم الى القاضي لهذا الغرض•
اما من طرف في الاجراءات التحكيمية (بعد تبليغ المحكمة التحكيمية والاطراف الاخرى)• واما من المحكمة التحكيمية (بعد تبليغ الاطراف)• واضافت الفقرة الثالثة ان القاضي لا يبت بهذا الطلب الا اذا تبين له امران:
اولهما: ان امكانية مراجعة المحكمة التحكيمية (او المركز التحكيمي او المؤسسة او الشخص الذي خوله الاطراف صلاحيات في هذا الصدد) قد تم استنفادها مسبقاً•
وثانيهما: ان إجحافاً فاضحاً يمكن ان يحدث اذا لم يبت الطلب•
ووفقاً للفقرة الاخيرة من المادة (79) لا تكون قرارات القاضي الصادرة عملاً بهذه المادة قابلة لأية مراجعة الا بعد اجازته بذلك•

18- اهتمام القانون الانجليزي بشروط صحة النصوص التعاقدية التي تستبعد اللجوء الى المحاكم:

تقديراً من المشروع الانجليزي لاهمية تدخل قضاء الدولة لمعاونة التحكيم لا سيما بصدد المسائل التي تتعلق بالقانون فقد نصت الفقرة الاولى من المادة (87)على انه:
(في ميدان العقد التحكيمي الداخلي، اي نص يستبعد صلاحية المحاكم بموجب:
أ- المادة 45 (المتعلقة بتدخل القاضي حول مسألة قانونية اولية)•
ب- او المادة 69 (المتعلقة بحق استئناف الحكم التحكيمي لمسألة تتعلق بالقانون)•
يعتبر باطلاً الا اذا تم الاتفاق عليه بعد رفع القضية التحكيمية التي تثار المسألة خلالها او التي يصدر الحكم التحكيمي فيها)•

19- القانون الانجليزي يجيز بشروط معينة تعيين القضاة كمحكمين:

وفي اطار التعاون بين قضاء الدولة والتحكيم اجاز قانون 1996 المتعلق بالتحكيم بشروط معينة تعيين القضاة كمحكمين وذلك بهدف تدعيم فاعلية التحكيم باعتبار ان القاضي المحكم يجمع حتماً بين الخبرة القانونية والخبرة العملية• وفي هذا الصدد نصت الفقرات 4-1 من المادة (93) على انه:
(1- يجوز لقضاة المحاكم التجارية (Commercial Court) او لـ Official referees اذا وجدوا ذلك مناسباً نظراً للظروف، ان يقبلوا تعيينهم كمحكم فرد او كمحكم مرجع مباشرة او بالاشارة في عقد تحكيمي•
2- لا يمكن لقضاة المحاكم التجارية قبول تعيينهم كمحكم فرد او كمحكم مرجع الا اذا ابلغهم الـ Lord Chief Justice انه نظراً للعمل في محكمتهم يمكنهم التفرغ لهذا الغرض•
3- لا يمكن للـOfficial referees ان يقبلوا تعيينهم كمحكم فرد او محكم مرجع الا اذا ابلغهم Lord Chief Justice انه نظراً للعمل في محكمتهم فإنه بإمكانهم التفرغ لهذا الغرض•
4- ان الاتعاب التي تعود لقضاة المحاكم التجارية Official referees الذين يقومون بمهمة المحكم الفرد او المحكم المرجح يجب ان تدفع الى المحكمة التابعين اليها•)

رابعاً: في القانون المصري (قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994):

مجال انطباق واسع لقانون التحكيم المصري الجديد:
وضع قانون التحكيم المصري الجديد (القانون رقم 27 لسنة 1994) تنظيماً قانونياً واحداً ينطبق على كل من التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي• وذلك بنص المادة الاولى منه على ان احكام هذا القانون تسري على كل تحكيم بين اطراف من اشخاص القانون العام او القانون الخاص اياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع اذا كان التحكيم يجري في مصر، او كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج واتفق اطرافه على اخضاعه لاحكام هذا القانون•
وفي ضوء هذا النص تنطبق احكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994على نوعي التحكيم الداخلي والتجاري الدولي على حد سواء• وبذلك يكون قانون التحكيم المصري الجديد قد اختلف في هذا الصدد عن قانون التحكيم الفرنسي الجديد حيث اوجد القانون الفرنسي قانونين مختلفين اولهما يتعلق بالتحكيم الداخلي وثانيهما يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي•
ووفقاً للمادة الثانية من نظام التحكيم المصري يكون التحكيم تجارياً في حكم هذا القانون اذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقدية كانت او غير عقدية• وقد ذكرت هذه المادة نماذج على سبيل المثال للعلاقات القانونية ذات الطابع الاقتصادي•
كما اوضحت المادة الثالثة ان التحكيم يكون دولياً في حكم هذا القانون اذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الاحوال المنصوص عليها بذات المادة•
ووفقاً للمادة الرابعة من قانون التحكيم المصري ينصرف لفظ ;التحكيم; في حكم هذا القانون الى التحكيم الاختياري الذي يتم الاتفاق عليه بإرادة طرفا النزاع الحرة، سواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بموجب اتفاق الطرفين منظمة او مركز دائم للتحكيم اوهيئة مشكلة من محكم واحد او اكثر للفصل في النزاع المحال الى التحكيم•
ويكشف استقراء ما تقدم عن حقيقة ان مجال انطباق قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994 هو مجال واسع•
قانون التحكيم المصري يحدد المحكمة المختصة بنظر المسائل التي يحيلها قانون التحكيم الى قضاء الدولة سواء كان التحكيم داخلي ام كان تجاري دولي جرى في مصر او خارجها:
في هذا الصدد نصت المادة (9)من قانون التحكيم المصري الجديد على انه:
;(1) يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون الى القضاء المصري للمحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع اما اذا كان التحكيم تجارياً دولياً، سواء جرى في مصر او في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر•
(2) وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع اجراءات التحكيم;•
و يكشف هذا النص عن ان قانون التحكيم المصري الجديد لم يوحد المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم التي احالها هذ القانون الى القضاء المصري، اذ انه اسند الاختصاص بتلك المسائل للمحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع في حالة ما اذا كان التحكيم داخلياً، اما اذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر او خارجها، فقد اسند الاختصاص بتلك المسائل لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر• وقد اعتبر جانب من الفقه المصري ان هذا الفارق ذا الطبيعة الاجرائية قليل الاهمية من الناحية الواقعية، واضاف هذا الفقه ان اعتبارات المنطق والتناسق في الاحكام كانت توجب توحيد المحكمة المختصة دون تمييز بين نوعي التحكيم الداخلي والدولي (5)•
دور قضاء الدولة المصري بصدد مسائل التحكيم:
عنيت نصوص قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 بتحديد حالات تدخل قضاء الدولة بصدد مسائل التحكيم وذلك على التفصيل التالي:

1- دور قضاء الدولة بصدد اتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية:

اجازت المادة (14) من قانون التحكيم المصري للمحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون (اي المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع اذا كان التحكيم داخلي او محكمة استئناف القاهرة او غيرها من محاكم الاستئناف في مصر حسب اتفاق الطرفين اذا كان التحكيم تجارياً دولياً) ان تأمر بناء على طلب احد طرفي التحكيم باتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم او اثناء سيرها•
والجدير بالايضاح ان منح قضاء الدولة سلطة الامر باتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية وفقاً لما هو منصوص عليه بالمادة (14)لا يعني عدم قابلية الامور المستعجلة للتحكيم بل على العكس، فإن اغلب الفقه يسلم بجواز النص في اتفاق التحكيم على منح هيئة التحكيم سلطة النظر في المسائل المستعجلة التي قد يثيرها احد اطراف التحكيم اثناء النظر في النزاع على موضوع الحق او المركز القانوني المحكم فيه (6) وقد حرص المشرع المصري على تأكيد امران اولهما هو: قابلية الامور المستعجلة للتحكيم، وثانيهما هو: ان لهيئة التحكيم سلطة التصدي للمسائل المستعجلة وذلك في حال منحها هذه السلطة بموجب اتفاق الطرفين• وقد جاء هذا التأكيد صريحاً بالمادة (24) من قانون التحكيم المصري ونصها كالتالي:
(يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على ان يكون لهيئة التحكيم، بناء على طلب احدهما ان تأمر اياً منها باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة او تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع، وان تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به)•
(2) واذا تخلف من صدر اليه الامر عن تنفيذه، جاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف الاخر، ان تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذه وذلك دون اخلال بحق هذا الطرف في ان يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9)من هذا القانون الامر بالتنفيذ)•

2- دور قضاء الدولة بصدد اختيار هيئة التحكيم او استكمالها:

وفقاً لنص المادة (17) من قانون التحكيم المصري الجديد يتم اختيار المحكمين كما يتم تحديد كيفية ووقت اختيارهم بإتفاق اطراف التحكيم• اما في حالة عدم اتفاق اطراف التحكيم على ذلك، فإن قضاء الدولة يكون له دور ايجابي بصدد اختيار المحكمين وهو كالتالي:
أ- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من حكم واحد فإن المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون تتولى اختياره بناء على طلب احد الطرفين (1/17/أ)•
ب- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين احد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، او اذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما، فإن المحكمة المشار اليها في المادة (9)من هذا القانون تتولى مهمة اختياره بناء على طلب احد الطرفين المادة (1/17/ب)•
ج- اذا خالف احد الطرفين اجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها، ولم يتفق المحكمان المعينان على امر مما يلزم اتفاقهما عليه، او تخلف الغير عن اداء ما عهد به اليه في هذا الشأن، فإن المحكمة المشار اليها بالمادة (9) من هذا القانون تتولى بناء على طلب احد الطرفين القيام بالاجراءات او العمل المطلوب، وذلك ما لم ينص في الاتفاق على كيفية اخرى لإتمام ذلك (المادة 2/17)•
ووفقاً للفقرة الثالثة من المادة (17) على المحكمة ان تصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، كما عليها ان تراعي ان يتوافر في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها قانون التحكيم، وكذلك الشروط التي اتفق عليها الطرفان•
ومع عدم الاخلال باحكام المادتين (18) و (19) من قانون التحكيم المتعلقتين بقواعد رد المحكم، لا يقبل القرار الصادر عن المحكمة عملاً بالمادة (17) الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن•
وفي صدد دور قضاء الدولة في تشكيل هيئة التحكيم وفقاً لنص المادة (17) نبه جانب من الفقه الى ان هذا الدور ليس دوراً اجرائياً بحتاً كما قد يبدو من ظاهر النصوص، فقد اثبت التطبيق العملي انه كثيراً ما يكون من الصعب على القضاء اداء هذا الدور الاجرائي دون ان يتخذ موقفاً من بعض المسائل الموضوعية التي تدخل في ولاية هيئة التحكيم ذاتها، وضرب هذا الفقه مثالاً لتوضيح وجهة نظره مفاده ان احد الطرفين قد يطلب تدخل القضاء لاختيار هيئة التحكيم، او استكمالها وفقاً لاحكام المادة 17 من قانون التحكيم فيدفع الطرف الاخر هذا الطلب بعدم وجود الاتفاق على التحكيم او ببطلانه، وفي مثل هذه الحالة سوف يمارس القضاء سلطته التقديرية في إجابة الطالب الى طلبه من عدمه، في ضوء الموقف الذي سوف يتخذه من الدفع المبدي من الطرف الاخر بانعدام الاتفاق على التحكيم او ببطلانه، هذا على الرغم من ان الفصل في هذا الامر يدخل اصلاً في ولاية هيئة التحكيم (7)

3- دور قضاء الدولة بصدد رد المحكمين:

طبقاً لما نصت عليه المادة (18) من نظام التحكيم المصري لا يجوز لأي من طرفي التحكيم رد المحكم الذي عينه او اشترك في تعيينه الا لسبب تبينه بعد ان تم هذا التعيين•
ويشترط ان يثير هذا السبب شكوكاً جدية حول حيدة المحكم او استقلاله•
ووفقاً للمادة (19) يقدم طلب الرد كتابة الى هيئة التحكيم موضحاً به اسباب الرد وذلك خلال مدة خمسة عشر يوماً تحتسب من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هيئة التحكيم، او من تاريخ علمه بالظروف المبررة لطلب الرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده فصلت هيئة التحكيم في الطلب• ووفقاً للفقرة الثالثة من المادة (19) لطالب الرد الحق في ان يطعن على الحكم الصادر برفض طلبه وذلك خلال ثلاثين يوماً تحسب من تاريخ اعلانه برفض طلبه وذلك امام المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون، ويكون حكمها غير قابل للطعن باي طريق•
وتجدر الاشارة الى انه لا يترتب على تقديم طلب الرد، او على الطعن في حكم التحكيم الصادر برفض وقف اجراءات التحكيم، ومن ناحية اخرى يترتب على الحكم برد المحكم سواء من هيئة التحكيم او من المحكمة عند نظر الطعن، إعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن•

4- سلطة قضاء الدولة في الامر بانهاء مهمة المحكم:

وفقاً للمادة (20) من نظام التحكيم المصري يجوز للمحكمة المشار اليها في المادة (9)من هذا القانون ان تأمر بانهاء مهمة المحكم بناء على طلب أي من الطرفين، وذلك اذا تعذر على المحكم اداء مهمته، او لم يباشرها، او انقطع عن ادائها بما يؤدي الى تأخير لا مبرر له في اجراءات التحكيم، ولم يتنح المحكم ولم يتفق الطرفان على عزله•

5- سلطة قضاء الدولة بصدد الحكم بالجزاءات على من يتخلف من الشهود عن الحضور امام هيئة التحكيم او يمتنع عن الاجابة، والامر بالانابة القضائية:

لأن التحكيم قضاء خاص، ولا يتمتع المحكم بسلطة الاجبار او سلطة توقيع الجزاءات التي يتمتع بها قاضي الدولة، فقد نصت المادة (37) من قانون التحكيم المصري على اختصاص رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9) بناء على طلب هيئة التحكيم بما يلي:
أ- الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور او يمتنع عن الاجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين 78 و 80 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية (والجزاءات المنصوص عليها في هاتين المادتين هي: الغرامة المالية وفي احوال الاستعجال الشديد يجوز ان تصدر المحكمة امراً بإحضار الشاهد)•
ب- الحكم بالانابة القضائية•

6- سلطة قضاء الدولة في حال عدم صدور حكم التحكيم خلال الميعاد المحدد لإصداره:

في هذا الصدد نصت المادة 45 من قانون التحكيم المصري على ما يلي:
((1) على هيئة التحكيم اصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان، فإن لم يوجد اتفاق وجب ان يصدر الحكم خلال اثنى عشر شهراً من تاريخ بدء اجراءات التحكيم، وفي جميع الاحوال يجوز ان تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على الا تزيد مدة المد على ستة اشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك•
(2) واذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار اليه في الفقرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم ان يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون، ان يصدر امراً بتحديد ميعاد اضافي او بإنهاء اجراءات التحكيم• ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه الى المحكمة المختصة اصلاً بنظرها)•
ويكشف هذا النص عن ان سلطة قضاء الدولة في حال عدم صدور حكم التحكيم لا تقف عند حد اصدار امر بتحديد ميعاد اضافي وانما هذه السلطة قد تتسع لتصل الى حد الامر بانهاء اجراءات التحكيم، وفي هذه الحالة يكون لأي من الطرفين الحق في رفع دعواه امام الحكمة المختصة اصلاً بنظرها•

7- سلطة قضاء الدولة بصدد المسائل العارضة التي تخرج عن ولاية هيئة التحكيم:

نصت المادة (46) من قانون التحكيم المصري على انه:
(اذا عرضت خلال اجراءات التحكيم مسألة تخرج عن ولاية هيئة التحكيم او طعن بالتزوير في ورقة قدمت لها او اتخذت اجراءات جنائية عن تزويرها او عن فعل جنائي اخر، جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في نظر موضوع النزاع اذا رأت ان الفصل في هذه المسألة او في تزوير الورقة او في الفعل الجنائي الاخر ليس لازماً للفصل في موضوع النزاع، والا اوقفت الاجراءات حتى يصدر حكم نهائي في هذا الشأن، ويترتب على ذلك وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم)•
ويواجه هذا النص حالة ما اذا واجهت هيئة التحكيم خلال سير اجراءات التحكيم مسألة عارضة تخرج عن حدود ولايتها ومن امثلة المسائل التي تخرج عن حدود ولاية المحكم او هيئة التحكيم ما يلي:
أ- المسائل التي لا يشملها الاتفاق على التحكيم•
ب- المسائل الغير قابلة للتحكيم اصلاً، ويختص بها قضاء الدولة فقط، مثل المسائل الجنائية كالطعن بالتزوير في ورقة قدمت لهيئة التحكيم او اتخذت اجراءات جنائية على تزويرها او عن فعل جنائي آخر، ومثل مسائل الاحوال الشخصية ، كمسائل الارث والنسب وموانع الاهلية، ومثل المسائل المتعلقة بالقانون العام كالطعن بعدم دستورية قانون متصل بالنزاع المطروح امام هيئة التحكيم، او بالغاء قرار إداري متصل بهذا النزاع•
وقد منح نص المادة (46) لهيئة التحكيم سلطة تقديرية يترتب على اعمالها ما يلي:
(1) اما تقرير وقف سير اجراءات التحكيم حتى يتم الفصل في المسألة من المحكمة المختصة بحكم نهائي•
(2) او تقرير الاستمرار في اجراءات التحكيم دون انتظار نتيجة الفصل في هذه المسألة من المحكمة المختصة بموجب حكم نهائي•
وغني عن البيان، ان على هيئة التحكيم ان تؤسس قرارها في ضوء تقديرها لمدى الارتباط بين الفصل في هذه المسألة التي تخرج عن ولايتها والفصل في النزاع موضوع التحكيم•

8- دور قضاء الدولة بصدد دعوى بطلان حكم التحكيم:

اوجبت المادة (47) من قانون التحكيم المصري على من صدر حكم التحكيم لصالحه ان يودع في قلم كتاب المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون اصل الحكم او صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها، او ترجمة باللغة العربية مصدقاً عليها من جهة معتمدة اذا كان الحكم قد صدر بلغة غير العربية•
ولاشك ان هذا الالتزام المفروض على عاتق من صدر حكم التحكيم لصالحه يعد بمثابة متطلب ضروري يرتبط بدور قضاء الدولة في مرحلة ما بعد اصدار الحكم التحكيمي• لا سيما عند نظره لطلب الامر بتنفيذ حكم التحكيم، او عند رفع الدعوى ببطلانه•
وقد حسم المشرع المصري في قانون التحكيم الجديد موقفه من مسألة الطعن في حكم التحكيم، اذ قرر عدم جواز الطعن في حكم التحكيم بصفة مطلقة دون تفرقة في ذلك بين طرق الطعن العادية وطرق الطعن غير العادية، وذلك بموجب نص الفقرة الاولى من المادية (52) من نظام التحكيم على انه: (لاتقبل احكام التحكيم التي تصدر طبقاً لاحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية)•
اما الفقرة الثانية من المادة (52) فقد اجازت رفع دعوى بطلان حكم التحكيم في الاحوال المنصوص عليها بالمادة (53)وهي الآتية:
(أ) اذا لم يوجد اتفاق تحكيم او كان هذا الاتفاق باطلاً او قابلاً للابطال او سقط بانتهاء مدته•
(ب) اذا كان احد طرفي اتفاق التحكيم وقت ابرامه فاقد الاهلية او ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم اهليته•
(ج) اذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم اعلانه اعلاناً صحيحاً بتعيين محكم او بإجراءات التحكيم او لأي سبب آخر خارج عن إرادته•
(د) اذا استبعد التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الاطراف على تطبيقه على موضوع النزاع•
(هـ) اذا تم تشكيل هيئة التحكيم او تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون او لاتفاق الطرفين•
(و) اذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او جاوز حدود هذه الاتفاق• ومع ذلك اذا امكن فصل اجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن اجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان الا على الاجزاء الاخيرة وحدها•
(ز) اذا وقع بطلان في حكم التحكيم، او كانت اجراءات التحكيم باطلة بطلاناً اثر في الحكم•
ووفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة (53)تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم اذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية•
ووفقاً للفقرة الاولى من المادة (54)ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه، ولا يحول دون قبول هذه الدعوى نزول الطرف مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم•
وفيما يتعلق بالمحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (54) على انه:
(تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون، وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع)•
ووفقاً لنص المادة (57)لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم المحكمين•

9- دور قضاء الدولة بصدد اصدار الامر بتنفيذ حكم المحكمين:

تحوز احكام المحكمين الصادرة طبقاً لقانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 حجية الامر المقضي، وقد حرص المشروع على النص صراحة على ذلك بالمادة (55) ووفقاً للمادة (56) يختص بإصدار الامر بتنفيذ حكم المحكمين رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9)من قانون التحكيم ويجب ان يرفق بطلب تنفيذ حكم المحكمين ما يلي:
(أ) اصل الحكم او صورة موقعة منه•
(ب) صورة من اتفاق التحكيم•
(ج) ترجمة مصدق عليها من جهة معتمدة الى اللغة العربية لحكم التحكيم اذا لم يكن صادراً بها•
(د) صورة من المحضر الدال على ايداع الحكم وفقاً للمادة (47)من قانون التحكيم•
ويرفض القضاء المصري طلب تنفيذ حكم المحكمين في حالة عدم ارفاق تلك المستندات، ولا يتمتع القاضي المفروض عليه طلب الامر بتنفيذ حكم التحكيم بسلطة بحث مدى صحة حكم التحكيم من الناحية الموضوعية، واذا تطرق الى ذلك فانه يكون قد خرج عن حدود ولايته التي تمنحه فقط الحق في ان يأمر بتنفيذ حكم المحكمين او ان يرفض اصدار هذا الامر (8)
وعلى الرغم من نص المادة (57)على ان رفع دعوى البطلان لا يترتب عليه وقف تنفيذ حكم التحكيم، الا ان هذه المادة عادت واجازت للمحكمة ان تأمر بوقف التنفيذ اذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبيناً على اسباب جدية تبرره، ووفقاً لهذه المادة اذا امرت المحكمة بوقف التنفيذ يكون عليها ان تفصل في دعوى البطلان خلال ستة اشهر من تاريخ صدور هذا الامر•
وفضلاً عما تقدم، فقد اشترطت المادة 58 من قانون التحكيم المصري لقبول طلب تنفيذ حكم التحكيم ان يكون ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى، كما اضافت المادة (58)شروطاً اخرى على المحكمة التحقيق منها قبل الامر بتنفيذ حكم التحكيم وهي:
(أ) ان الحكم المطلوب تنفيذه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع•
(ب) ان الحكم المطلوب تنفيذه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية•
(ج) ان الحكم المطلوب تنفيذه قد تم اعلانه للمحكوم عليه اعلاناً صحيحاً•
وبهدف تدعيم فاعلية حكم التحكيم فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة (58) على أنه:
;ولا يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم• أما الأمر الصادر برفض التنفيذ فيجوز التظلم منه الى المحكمة المختصة وفقاً لحكم المادة (9) من هذا القانون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره;•

خامساً: في القانون السعودي

(قانون التحكيم الصادر عام 1403هـ الموافق 1983م):
على غرار قوانين التحكيم الحديثة، اهتم قانون التحكيم السعودي الصادر عام 1983 بتحديد مظاهر مساعدة قضاء الدولة للتحكيم، ومدى رقابته على أعماله وذلك على التفصيل التالي:

1- دور قضاء الدولة بصدد اعتماد وثيقة التحكيم:

لضمان فاعلية دور قضاء الدولة في مساعدة التحكيم والرقابة على أعماله نصت المادة (5) من نظام التحكيم السعودي على ما يلي:
;يودع أطراف النزاع وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع ويجب أن تكون هذه الوثيقة موقعة من الخصوم أو من وكلائهم الرسميين المفوضين ومن المحكمين، وأن يبين بها موضوع النزاع وأسماء الخصوم وأسماء المحكمين وقبولهم نظر النزاع وأن ترفق بها صور من المستندات الخاصة بالنزاع;•
ووفقاً للمادة (6) إذا ما تم هذا الإيداع، تتولى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع قيد طلب التحكيم المقدم إليها، وتصدر قراراً باعتماد وثيقة التحكيم، ويكشف مضمون المادتين (5) و(6) عن أن قانون التحكيم السعودي يخضع التحكيم لنوع من الرقابة القضائية سابقة على بدء إجراءاته، وذلك بهدف توقي المنازعات المتعلقة بالبطلان لأسباب تتعلق بوثيقة التحكيم• وقد حظي هذا الاتجاه الذي يتميز به قانون التحكيم السعودي بتأييد الفقه نظراً لتدعيمه لفاعلية التحكيم منذ لحظة بدء إجراءاته (9)•

2- دور قضاء الدولة بصدد الاخطارات والإعلانات المتعلقة بالتحكيم:

وفقاً لما نصت عليه المادة (8) من قانون التحكيم السعودي يساعد قضاء الدولة التحكيم من خلال تولي كاتب الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع مهمة القيام بكافة الإخطارات والإعلانات المنصوص عليها بهذا القانون•

3- دور قضاء الدولة بصدد ميعاد إصدار الحكم التحكيمي:

منح قانون التحكيم السعودي أطراف التحكيم سلطة تحديد مهلة التحكيم ومدها إذا اقتضى الأمر ذلك، وأوجب في المادة (9) أن يصدر الحكم في النزاع في الميعاد المحدد لذلك في وثيقة التحكيم، ما لم يكن قد اتفق على تمديده• أما في حالة عدم تحديد أجل للحكم في وثيقة التحكيم، فقد أوجبت المادة (9) على المحكمين أن يصدروا حكمهم خلال تسعين يوماً من تاريخ صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيم• وإذا انتهت تلك المدة دون صدور الحكم، فإنه يكون للخصم صاحب المصلحة رفع الأمر الى الجهة المختصة أصلاً بنظر الدعوى، والتي يكون لها سلطة النظر في موضوع النزاع، أو مد أجل الحكم لفترة أخرى•
وجدير بالإيضاح، أن قانون التحكيم السعودي قد منح للمحكمين أيضاً السلطة في مد ميعاد الحكم وذلك بموجب ما نصت عليه المادة (15) من أنه: ;يجوز للمحكمين بالأغلبية التي يصدر بها الحكم وبقرار مسبب مد الميعاد المحدد للحكم لظروف تتعلق بموضوع النزاع;• ويكشف هذا النص عن أن المحكمين يستطيعون ممارسة سلطتهم في مد الميعاد المحدد للحكم بغض النظر عن إرادة الخصوم، ولذلك، فقد حرص المشرع على أن يقيد سلطة المحكمين في هذا الصدد بقيود ثلاثة، أولها أن يصدر القرار بمد الميعاد المحدد للحكم بالأغلبية التي يصدر بها الحكم، وثانيها أن يكون هذا القرار مسبب، وثالثها أن يكون هذا القرار قد صدر لظروف تتعلق بموضوع النزاع• ولا شك أن الهدف من هذه القيود الثلاثة هو عدم إطلاق سلطة المحكمين بصدد مد الميعاد المحدد للحكم• لاسيما في ضوء ما نصت عليه المادة (9) (10)•

4- دور قضاء الدولة بصدد تعيين المحكمين:

وفقاً لنص المادة (10) من قانون التحكيم السعودي، تعين الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين، وذلك إذا لم يعين الخصوم المحكمين، أو امتنع أحد الطرفين عن تعيين المحكم أو المحكمين الذين ينفرد باختيارهم، أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين عن العمل، أو اعتزاله، أو قام به مانع من مباشرة التحكيم، أو عزل عنه، ولم يكن بين الخصوم شرط خاص•
وتتولى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع تعيين من يلزم من المحكمين بناءً على طلب يقدم إليها ممن يهمه التعجيل من الخصوم، ويكون ذلك بحضور الخصم الآخر أو في غيبته بعد دعوته الى جلسة تعقدها المحكمة لهذا الغرض• ويجب أن يكون عدد المحكمين الذين يعينون من قبل المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع إعمالاً لنص المادة (10) مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له• ويكون القرار الصادر منها في هذا الشأن نهائياً•

5- دور قضاء الدولة بصدد طلب رد المحكم:

وفقاً لنص المادة (12) من نظام التحكيم السعودي يرفع طلب رد المحكم الى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وذلك خلال خمسة أيام تحتسب من يوم اخبار الخصم بتعيين المحكم، أو من يوم ظهور أو حدوث سبب من أسباب الرد ;وهي ذات الأسباب التي يرد بها القاضي;•
وتحكم الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع في طلب الرد بعد دعوة الخصوم والمحكم المطلوب رده الى جلسة تعقد لهذا الغرض•
ووفقاً للمادة (11) لايجوز رد المحكم عن الحكم إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد إيداع وثيقة التحكيم وفقاً لنص المادة (5) من نظام التحكيم السعودي(11)•

6- دور قضاء الدولة بصدد الاعتراض على حكم المحكمين:

تنص المادة (18) من نظام التحكيم السعودي على أن: ;جميع الأحكام الصادرة من المحكمين ولو كانت صادرة بإجراء من إجراءات التحقيق يجب إىداعها خلال خمسة أيام لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع وإبلاغ الخصوم بصور منها• ويجوز للخصوم تقديم اعتراضاتهم على ما يصدر من المحكمين الى الجهة التي أودع لديها الحكم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ابلاغهم بأحكام المحكمين وإلا أصبحت نهائية; وإذا قدم الخصوم أو أحدهم اعتراضاً على حكم المحكمين خلال المدة المنصوص عليها بالمادة (18) فإن الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع تنظر في الاعتراض ويكون لها وفقاً لنص المادة (19) ما يلي:
(أ) اما رفض الاعتراض، وفي هذه الحادثة فإنها تصدر الأمر بتنفيذ حكم المحكمين بناءً على طلب أحد ذوي الشأن•
(ب) واما قبول الاعتراض وعندئذ تفصل فيه•
وفي ضوء ما نصت عليه المادة (18) من قانون التحكيم السعودي، يصبح حكم المحكمين نهائياً في حالة عدم تقديم الاعتراض عليه من الخصوم خلال الميعاد المحدد لذلك، أي خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ابلاغهم بالحكم• والسبب في ذلك يرجع الى أن قانون التحكيم السعودي لم ينظم أي طريق آخر للطعن على أحكام المحكمين، كما أنه لايعرف دعوى البطلان الأصلية ضد حكم المحكمين (12)•

7- دور قضاء الدولة بصدد إصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين:

وفقاً للمادة (20) من نظام التحكيم السعودي يصدر الأمر بتنفيذ حكم المحكمين من الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وذلك بناءً على طلب يقدم إليها من أحد ذوي الشأن، وبعد التثبت من عدم وجود ما يمنع من تنفيذ هذا الحكم شرعاً•
وقد أوضحت المادة (21) أنه بعد إصدار الأمر بتنفيذ الحكم الصادر من المحكمين وفقاً لما هو منصوص عليه بالمادة (20) فإنه يعتبر في قوة الحكم الصادر من الجهة التي أصدرت الأمر بالتنفيذ•

8- دور قضاء الدولة بصدد أتعاب المحكمين والمنازعات المتعلقة بها:

وفقاً لنص المادة (22) من قانون التحكيم السعودي، تحدد أتعاب المحكمين باتفاق الخصوم، وقد نظمت هذه المادة كيفية سداد هذه الأتعاب تحت مظلة قضاء الدولة، إذ يودع ما لم يدفع من أتعاب المحكمين خلال خمسة أيام من صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ويصرف للمحكمين خلال أسبوع من تاريخ صدور الأمر بتنفيذ الحكم•
وقد انتقد جانب من الفقه ربط قانون التحكيم السعودي صرف باقي اتعاب المحكمين بصدور الأمر بالتنفيذ، واعتبر أن ذلك الربط قد يثير صعوبة في حالة ما إذا لم يطلب أحد صدور الأمر بتنفيذ حكم المحكم لحدوث الصلح بعد صدوره مثلاً، وكذلك في حالة إذا رفض القاضي اصدار أمر التنفيذ لوجود مانع شرعي يمنع تنفيذه(13)•
وقد واجهت المادة (23) حالة عدم وجود اتفاق بين الخصوم حول أتعاب المحكمين، وقيام نزاع بشأنها، ونصت على أن هذا النزاع تفصل فيه الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ويكون حكمها في ذلك نهائياً•

الخلاصة:
1- ان قوانين التحكيم الحديثة، ومن بينها القوانين محل المقارنة، سواء أكانت داخلية أو دولية، قد حرصت على تنظيم كيفية تدخل قضاء الدولة لمساعدة التحكيم ومعاونته وتدعيمه، كدور جديد يناط به بجانب دوره التقليدي في نطاق التحكيم وهو الرقابة القضائية اللاحقة على أعمال المحكمين• ويعزو الفقه هذا الحرص التشريعي الى أسباب منها أن المحكم لايتمتع في الغالب بمطلق سلطة الأمر التي يتمتع بها قاضي الدولة(14)• ومن هذه الأسباب أيضاً، وجوب التصدي لمماطلة الخصوم سيئ النية، الذي قد يتعمد عرقلة إجراءات التحكيم، وذلك لأن نجاح التحكيم يرتبط حتماً بمدى حسن نية الخصوم واستعدادهم للتعاون(15)•
2- في القوانين محل المقارنة، دور قضاء الدولة في مساعدة التحكيم وتدعيمه والرقابة عليه، يبدأ مع ميلاد الاتفاق على التحكيم ويستمر حتى بعد صدور حكم المحكمين، ويؤيد الفقه هذا الدور الإيجابي الذي يمارسه قضاء الدولة في نطاق التحكيم(16)•
3- ان قوانين التحكيم الحديثة ومن بينها القوانين محل المقارنة قد حرصت على حصر وتحديد حالات تدخل قضاء الدولة لمساعدة التحكيم والرقابة على أعمال المحكمين، كما حرصت على الحد من هذه الحالات حتى لايترتب على المغالاة أو المبالغة فيها شل فاعلية التحكيم• وقد نبه الفقه الى ضرورة أن يكون الهدف من تدخل قضاء الدولة في نطاق التحكيم هو هدف إيجابي يرمي الى معاونة وتدعيم التحكيم، دون المساس بالجوهر القضائي السليم لعملية التحكيم(17)•
وارتباطاً بما تقدم فقد حرصت بعض قوانين التحكيم الحديثة على تضمين نصوصها توجيهاً بألا تتدخل محاكم الدولة في شأن المسائل المتعلقة بالتحكيم إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون، ومن ذلك على سبيل المثال القانون الانجليزي (قانون 1996 المتعلق بالتحكيم) حيث نصت الفقرة (ج) من المادة الأولى منه على ما يلي: ;يستحسن ألا تتدخل المحاكم في المسائل التي يرعاها هذا الفصل إلا في الحالات التي ينص عليها هذا الأخير صراحة;• وهناك مثال آخر على ذلك الاتجاه ورد بنص المادة (5) من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985، حيث جاء كالتالي: ;في المسائل التي ينظمها هذا القانون، لايجوز لأي محكمة أن تتدخل إلا حيث يكون منصوصاً على ذلك في هذا القانون;• ومما لاشك فيه أن مثل هذه النصوص تدعم فاعلية التحكيم، لكنها تسد طريق المغالاة أمام الخصم سيئ النية، الذي يتخذ من المغالاة في اللجوء الى قضاء الدولة بشأن مختلف المسائل المتعلقة بالتحكيم وسيلة لإطالة أمد التحكيم، ومن ثم، شل فاعليته النابعة من ميزة السرعة في حل النزاع موضوع التحكيم•
4- بهدف تفعيل دور قضاء الدولة في معاونة التحكيم والرقابة على أعماله، فقد حرصت غالبية قوانين التحكيم محل المقارنة على تحديد المحكمة أو المحاكم التي يكون لها الاختصاص بنظر مسائل التحكيم، التي يحيلها القانون الى القضاء• وقد أوضحت دراستنا لقانون التحكيم السعودي إن الاختصاص بمساعدة التحكيم والرقابة على أعماله يثبت فقط للجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع• أما في قانون التحكيم المصري فإن هذا الاختصاص يختلف بحسب ما إذا كان التحكيم داخلي أم دولي فهو يثبت في حالة التحكيم الداخلي للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما في التحكيم الدولي، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر (المادة 9)•
5- كما كشفت دراستنا في هذا البحث عن حرص قوانين التحكيم محل المقارنة على تدعيم التحكيم من خلال تحقيق مزيد من الفاعلية لتدخل قضاء الدولة بصدد مسائل التحكيم، وذلك من خلال تحديد وتقليص الحالات التي يسمح فيها بالطعن على القرارات الصادرة من قضاء الدولة بشأن مسائل التحكيم أو أعمال المحكمين•
ومما لاشك فيه أن هذا الاتجاه يقوي من فاعلية التحكيم، باعتباره ضرورة لاغنى عنها لفض المنازعات لاسيما في مجال التجارة الدولية•
هوامش:
(1) الدكتور علي سالم ابراهيم، ولاية القضاء على التحكيم، ص 109•
(2) الدكتور أحمد ماهر زغلول، مراجعة الأحكام بغير الطعن فيها، ص86، الهامش رقم 1•
(3) الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، ص280، و ص286•
(4) الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، ص43-46•
(5) الدكتور مصطفى الجمال والدكتور عكاشة عبدالعال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية ص 102•
(6) الدكتور مصطفى الجمال والدكتور عكاشة عبدالعال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية ص 206- 198
(7) الدكتور مصطفى الجمال والدكتور عكاشة عبدالعال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، المرجع السابق، رقم 123، ص 189•
(8) نقض 1990/5/21 ، طعن رقم 52-815•
(9) الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، المرجع السابق، ص70، والدكتورة آمال الفزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، ص247•
(10) ويرى جانب من الفقه أن إعمال المادتين 9 و15 في ذات الوقت قد يثير مشاكل عملية• أنظر في ذلك: الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، المرجع السابق، ص 71•
(11) الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، المرجع السابق، ص71، الهامش رقم (185)•
(12) الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، المرجع السابق، ص71•
(13) الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، المرجع السابق، ص72• الهامش رقم (187)•
(14) مصطفى الجمال والدكتور عكاشة عبدالعال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، المرجع السابق، رقم 124-126، ص191-193• 
والدكتور أحمد ماهر زغلول، مراجعة الأحكام بغير الطعن فيها، المرجع السابق، ص86•
(15) الدكتورة آمال الفزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، المرجع السابق، ص 253-261•
(16) الدكتورة آمال الفزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، المرجع السابق رقم 69، ص 246•
والدكتور علي سالم ابراهيم، ولاية القضاء على التحكيم، المرجع السابق، ص109•
والدكتورة هدى عبدالرحمن، دور المحكم في خصومة التحكيم، ص321•
والدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، المرجع السابق، ص44•
(17) الدكتورة هدى عبدالرحمن، دور المحكم في خصومة التحكيم، المرجع السابق، ص326•
والدكتورة آمال الفزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، المرجع السابق، ص278- 286•
قائمة المراجع:
1- الدكتور أحمد ماهر زغلول، مراجعة الأحكام بغير الطعن فيها، دار النهضة العربية، القاهرة، 1992•
2- الدكتورة آمال الفزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1993•
3- الدكتور علي سالم إبراهيم، ولاية القضاء على التحكيم، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997•
4- الدكتور عزمي عبدالفتاح، قانون التحكيم الكويتي، الطبعة الأولى، 1990•
5- الدكتور مصطفى الجمال والدكتور عكاشة عبدالعال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، الطبعة الأولى، 1998•
6- الدكتورة هدى عبدالرحمن، دور المحكم في خصومة التحكيم، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997•
رابعاً: في القانون المصري (قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994):
مجال انطباق واسع لقانون التحكيم المصري الجديد:
وضع قانون التحكيم المصري الجديد (القانون رقم 27 لسنة 1994) تنظيماً قانونياً واحداً ينطبق على كل من التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي• وذلك بنص المادة الاولى منه على ان احكام هذا القانون تسري على كل تحكيم بين اطراف من اشخاص القانون العام او القانون الخاص اياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع اذا كان التحكيم يجري في مصر، او كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج واتفق اطرافه على اخضاعه لاحكام هذا القانون•
وفي ضوء هذا النص تنطبق احكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994على نوعي التحكيم الداخلي والتجاري الدولي على حد سواء• وبذلك يكون قانون التحكيم المصري الجديد قد اختلف في هذا الصدد عن قانون التحكيم الفرنسي الجديد حيث اوجد القانون الفرنسي قانونين مختلفين اولهما يتعلق بالتحكيم الداخلي وثانيهما يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي•
ووفقاً للمادة الثانية من نظام التحكيم المصري يكون التحكيم تجارياً في حكم هذا القانون اذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقدية كانت او غير عقدية• وقد ذكرت هذه المادة نماذج على سبيل المثال للعلاقات القانونية ذات الطابع الاقتصادي•
كما اوضحت المادة الثالثة ان التحكيم يكون دولياً في حكم هذا القانون اذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الاحوال المنصوص عليها بذات المادة•
ووفقاً للمادة الرابعة من قانون التحكيم المصري ينصرف لفظ ;التحكيم; في حكم هذا القانون الى التحكيم الاختياري الذي يتم الاتفاق عليه بإرادة طرفا النزاع الحرة، سواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بموجب اتفاق الطرفين منظمة او مركز دائم للتحكيم اوهيئة مشكلة من محكم واحد او اكثر للفصل في النزاع المحال الى التحكيم•
ويكشف استقراء ما تقدم عن حقيقة ان مجال انطباق قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994 هو مجال واسع•
قانون التحكيم المصري يحدد المحكمة المختصة بنظر المسائل التي يحيلها قانون التحكيم الى قضاء الدولة سواء كان التحكيم داخلي ام كان تجاري دولي جرى في مصر او خارجها:
في هذا الصدد نصت المادة (9)من قانون التحكيم المصري الجديد على انه:
;(1) يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون الى القضاء المصري للمحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع اما اذا كان التحكيم تجارياً دولياً، سواء جرى في مصر او في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر•
(2) وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع اجراءات التحكيم;•
و يكشف هذا النص عن ان قانون التحكيم المصري الجديد لم يوحد المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم التي احالها هذ القانون الى القضاء المصري، اذ انه اسند الاختصاص بتلك المسائل للمحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع في حالة ما اذا كان التحكيم داخلياً، اما اذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر او خارجها، فقد اسند الاختصاص بتلك المسائل لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر• وقد اعتبر جانب من الفقه المصري ان هذا الفارق ذا الطبيعة الاجرائية قليل الاهمية من الناحية الواقعية، واضاف هذا الفقه ان اعتبارات المنطق والتناسق في الاحكام كانت توجب توحيد المحكمة المختصة دون تمييز بين نوعي التحكيم الداخلي والدولي (5)•
دور قضاء الدولة المصري بصدد مسائل التحكيم:
عنيت نصوص قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 بتحديد حالات تدخل قضاء الدولة بصدد مسائل التحكيم وذلك على التفصيل التالي:
1- دور قضاء الدولة بصدد اتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية:
اجازت المادة (14) من قانون التحكيم المصري للمحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون (اي المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع اذا كان التحكيم داخلي او محكمة استئناف القاهرة او غيرها من محاكم الاستئناف في مصر حسب اتفاق الطرفين اذا كان التحكيم تجارياً دولياً) ان تأمر بناء على طلب احد طرفي التحكيم باتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم او اثناء سيرها•
والجدير بالايضاح ان منح قضاء الدولة سلطة الامر باتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية وفقاً لما هو منصوص عليه بالمادة (14)لا يعني عدم قابلية الامور المستعجلة للتحكيم بل على العكس، فإن اغلب الفقه يسلم بجواز النص في اتفاق التحكيم على منح هيئة التحكيم سلطة النظر في المسائل المستعجلة التي قد يثيرها احد اطراف التحكيم اثناء النظر في النزاع على موضوع الحق او المركز القانوني المحكم فيه (6) وقد حرص المشرع المصري على تأكيد امران اولهما هو: قابلية الامور المستعجلة للتحكيم، وثانيهما هو: ان لهيئة التحكيم سلطة التصدي للمسائل المستعجلة وذلك في حال منحها هذه السلطة بموجب اتفاق الطرفين• وقد جاء هذا التأكيد صريحاً بالمادة (24) من قانون التحكيم المصري ونصها كالتالي:
(يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على ان يكون لهيئة التحكيم، بناء على طلب احدهما ان تأمر اياً منها باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة او تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع، وان تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به)•
(2) واذا تخلف من صدر اليه الامر عن تنفيذه، جاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف الاخر، ان تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذه وذلك دون اخلال بحق هذا الطرف في ان يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9)من هذا القانون الامر بالتنفيذ)•
2- دور قضاء الدولة بصدد اختيار هيئة التحكيم او استكمالها:
وفقاً لنص المادة (17) من قانون التحكيم المصري الجديد يتم اختيار المحكمين كما يتم تحديد كيفية ووقت اختيارهم بإتفاق اطراف التحكيم• اما في حالة عدم اتفاق اطراف التحكيم على ذلك، فإن قضاء الدولة يكون له دور ايجابي بصدد اختيار المحكمين وهو كالتالي:
أ- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من حكم واحد فإن المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون تتولى اختياره بناء على طلب احد الطرفين (1/17/أ)•
ب- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين احد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، او اذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما، فإن المحكمة المشار اليها في المادة (9)من هذا القانون تتولى مهمة اختياره بناء على طلب احد الطرفين المادة (1/17/ب)•
ج- اذا خالف احد الطرفين اجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها، ولم يتفق المحكمان المعينان على امر مما يلزم اتفاقهما عليه، او تخلف الغير عن اداء ما عهد به اليه في هذا الشأن، فإن المحكمة المشار اليها بالمادة (9) من هذا القانون تتولى بناء على طلب احد الطرفين القيام بالاجراءات او العمل المطلوب، وذلك ما لم ينص في الاتفاق على كيفية اخرى لإتمام ذلك (المادة 2/17)•
ووفقاً للفقرة الثالثة من المادة (17) على المحكمة ان تصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، كما عليها ان تراعي ان يتوافر في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها قانون التحكيم، وكذلك الشروط التي اتفق عليها الطرفان•
ومع عدم الاخلال باحكام المادتين (18) و (19) من قانون التحكيم المتعلقتين بقواعد رد المحكم، لا يقبل القرار الصادر عن المحكمة عملاً بالمادة (17) الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن•
وفي صدد دور قضاء الدولة في تشكيل هيئة التحكيم وفقاً لنص المادة (17) نبه جانب من الفقه الى ان هذا الدور ليس دوراً اجرائياً بحتاً كما قد يبدو من ظاهر النصوص، فقد اثبت التطبيق العملي انه كثيراً ما يكون من الصعب على القضاء اداء هذا الدور الاجرائي دون ان يتخذ موقفاً من بعض المسائل الموضوعية التي تدخل في ولاية هيئة التحكيم ذاتها، وضرب هذا الفقه مثالاً لتوضيح وجهة نظره مفاده ان احد الطرفين قد يطلب تدخل القضاء لاختيار هيئة التحكيم، او استكمالها وفقاً لاحكام المادة 17 من قانون التحكيم فيدفع الطرف الاخر هذا الطلب بعدم وجود الاتفاق على التحكيم او ببطلانه، وفي مثل هذه الحالة سوف يمارس القضاء سلطته التقديرية في إجابة الطالب الى طلبه من عدمه، في ضوء الموقف الذي سوف يتخذه من الدفع المبدي من الطرف الاخر بانعدام الاتفاق على التحكيم او ببطلانه، هذا على الرغم من ان الفصل في هذا الامر يدخل اصلاً في ولاية هيئة التحكيم (7)
3- دور قضاء الدولة بصدد رد المحكمين:
طبقاً لما نصت عليه المادة (18) من نظام التحكيم المصري لا يجوز لأي من طرفي التحكيم رد المحكم الذي عينه او اشترك في تعيينه الا لسبب تبينه بعد ان تم هذا التعيين•
ويشترط ان يثير هذا السبب شكوكاً جدية حول حيدة المحكم او استقلاله•
ووفقاً للمادة (19) يقدم طلب الرد كتابة الى هيئة التحكيم موضحاً به اسباب الرد وذلك خلال مدة خمسة عشر يوماً تحتسب من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هيئة التحكيم، او من تاريخ علمه بالظروف المبررة لطلب الرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده فصلت هيئة التحكيم في الطلب• ووفقاً للفقرة الثالثة من المادة (19) لطالب الرد الحق في ان يطعن على الحكم الصادر برفض طلبه وذلك خلال ثلاثين يوماً تحسب من تاريخ اعلانه برفض طلبه وذلك امام المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون، ويكون حكمها غير قابل للطعن باي طريق•
وتجدر الاشارة الى انه لا يترتب على تقديم طلب الرد، او على الطعن في حكم التحكيم الصادر برفض وقف اجراءات التحكيم، ومن ناحية اخرى يترتب على الحكم برد المحكم سواء من هيئة التحكيم او من المحكمة عند نظر الطعن، إعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن•
4- سلطة قضاء الدولة في الامر بانهاء مهمة المحكم:
وفقاً للمادة (20) من نظام التحكيم المصري يجوز للمحكمة المشار اليها في المادة (9)من هذا القانون ان تأمر بانهاء مهمة المحكم بناء على طلب أي من الطرفين، وذلك اذا تعذر على المحكم اداء مهمته، او لم يباشرها، او انقطع عن ادائها بما يؤدي الى تأخير لا مبرر له في اجراءات التحكيم، ولم يتنح المحكم ولم يتفق الطرفان على عزله•
5- سلطة قضاء الدولة بصدد الحكم بالجزاءات على من يتخلف من الشهود عن الحضور امام هيئة التحكيم او يمتنع عن الاجابة، والامر بالانابة القضائية:
لأن التحكيم قضاء خاص، ولا يتمتع المحكم بسلطة الاجبار او سلطة توقيع الجزاءات التي يتمتع بها قاضي الدولة، فقد نصت المادة (37) من قانون التحكيم المصري على اختصاص رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9) بناء على طلب هيئة التحكيم بما يلي:
أ- الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور او يمتنع عن الاجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين 78 و 80 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية (والجزاءات المنصوص عليها في هاتين المادتين هي: الغرامة المالية وفي احوال الاستعجال الشديد يجوز ان تصدر المحكمة امراً بإحضار الشاهد)•
ب- الحكم بالانابة القضائية•
6- سلطة قضاء الدولة في حال عدم صدور حكم التحكيم خلال الميعاد المحدد لإصداره:
في هذا الصدد نصت المادة 45 من قانون التحكيم المصري على ما يلي:
((1) على هيئة التحكيم اصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان، فإن لم يوجد اتفاق وجب ان يصدر الحكم خلال اثنى عشر شهراً من تاريخ بدء اجراءات التحكيم، وفي جميع الاحوال يجوز ان تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على الا تزيد مدة المد على ستة اشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك•
(2) واذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار اليه في الفقرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم ان يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون، ان يصدر امراً بتحديد ميعاد اضافي او بإنهاء اجراءات التحكيم• ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه الى المحكمة المختصة اصلاً بنظرها)•
ويكشف هذا النص عن ان سلطة قضاء الدولة في حال عدم صدور حكم التحكيم لا تقف عند حد اصدار امر بتحديد ميعاد اضافي وانما هذه السلطة قد تتسع لتصل الى حد الامر بانهاء اجراءات التحكيم، وفي هذه الحالة يكون لأي من الطرفين الحق في رفع دعواه امام الحكمة المختصة اصلاً بنظرها•
7- سلطة قضاء الدولة بصدد المسائل العارضة التي تخرج عن ولاية هيئة التحكيم:
نصت المادة (46) من قانون التحكيم المصري على انه:
(اذا عرضت خلال اجراءات التحكيم مسألة تخرج عن ولاية هيئة التحكيم او طعن بالتزوير في ورقة قدمت لها او اتخذت اجراءات جنائية عن تزويرها او عن فعل جنائي اخر، جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في نظر موضوع النزاع اذا رأت ان الفصل في هذه المسألة او في تزوير الورقة او في الفعل الجنائي الاخر ليس لازماً للفصل في موضوع النزاع، والا اوقفت الاجراءات حتى يصدر حكم نهائي في هذا الشأن، ويترتب على ذلك وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم)•
ويواجه هذا النص حالة ما اذا واجهت هيئة التحكيم خلال سير اجراءات التحكيم مسألة عارضة تخرج عن حدود ولايتها ومن امثلة المسائل التي تخرج عن حدود ولاية المحكم او هيئة التحكيم ما يلي:
أ- المسائل التي لا يشملها الاتفاق على التحكيم•
ب- المسائل الغير قابلة للتحكيم اصلاً، ويختص بها قضاء الدولة فقط، مثل المسائل الجنائية كالطعن بالتزوير في ورقة قدمت لهيئة التحكيم او اتخذت اجراءات جنائية على تزويرها او عن فعل جنائي آخر، ومثل مسائل الاحوال الشخصية ، كمسائل الارث والنسب وموانع الاهلية، ومثل المسائل المتعلقة بالقانون العام كالطعن بعدم دستورية قانون متصل بالنزاع المطروح امام هيئة التحكيم، او بالغاء قرار إداري متصل بهذا النزاع•
وقد منح نص المادة (46) لهيئة التحكيم سلطة تقديرية يترتب على اعمالها ما يلي:
(1) اما تقرير وقف سير اجراءات التحكيم حتى يتم الفصل في المسألة من المحكمة المختصة بحكم نهائي•
(2) او تقرير الاستمرار في اجراءات التحكيم دون انتظار نتيجة الفصل في هذه المسألة من المحكمة المختصة بموجب حكم نهائي•
وغني عن البيان، ان على هيئة التحكيم ان تؤسس قرارها في ضوء تقديرها لمدى الارتباط بين الفصل في هذه المسألة التي تخرج عن ولايتها والفصل في النزاع موضوع التحكيم•
8- دور قضاء الدولة بصدد دعوى بطلان حكم التحكيم:
اوجبت المادة (47) من قانون التحكيم المصري على من صدر حكم التحكيم لصالحه ان يودع في قلم كتاب المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون اصل الحكم او صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها، او ترجمة باللغة العربية مصدقاً عليها من جهة معتمدة اذا كان الحكم قد صدر بلغة غير العربية•
ولاشك ان هذا الالتزام المفروض على عاتق من صدر حكم التحكيم لصالحه يعد بمثابة متطلب ضروري يرتبط بدور قضاء الدولة في مرحلة ما بعد اصدار الحكم التحكيمي• لا سيما عند نظره لطلب الامر بتنفيذ حكم التحكيم، او عند رفع الدعوى ببطلانه•
وقد حسم المشرع المصري في قانون التحكيم الجديد موقفه من مسألة الطعن في حكم التحكيم، اذ قرر عدم جواز الطعن في حكم التحكيم بصفة مطلقة دون تفرقة في ذلك بين طرق الطعن العادية وطرق الطعن غير العادية، وذلك بموجب نص الفقرة الاولى من المادية (52) من نظام التحكيم على انه: (لاتقبل احكام التحكيم التي تصدر طبقاً لاحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية)•
اما الفقرة الثانية من المادة (52) فقد اجازت رفع دعوى بطلان حكم التحكيم في الاحوال المنصوص عليها بالمادة (53)وهي الآتية:
(أ) اذا لم يوجد اتفاق تحكيم او كان هذا الاتفاق باطلاً او قابلاً للابطال او سقط بانتهاء مدته•
(ب) اذا كان احد طرفي اتفاق التحكيم وقت ابرامه فاقد الاهلية او ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم اهليته•
(ج) اذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم اعلانه اعلاناً صحيحاً بتعيين محكم او بإجراءات التحكيم او لأي سبب آخر خارج عن إرادته•
(د) اذا استبعد التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الاطراف على تطبيقه على موضوع النزاع•
(هـ) اذا تم تشكيل هيئة التحكيم او تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون او لاتفاق الطرفين•
(و) اذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او جاوز حدود هذه الاتفاق• ومع ذلك اذا امكن فصل اجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن اجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان الا على الاجزاء الاخيرة وحدها•
(ز) اذا وقع بطلان في حكم التحكيم، او كانت اجراءات التحكيم باطلة بطلاناً اثر في الحكم•
ووفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة (53)تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم اذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية•
ووفقاً للفقرة الاولى من المادة (54)ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه، ولا يحول دون قبول هذه الدعوى نزول الطرف مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم•
وفيما يتعلق بالمحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (54) على انه:
(تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون، وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع)•
ووفقاً لنص المادة (57)لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم المحكمين•
9- دور قضاء الدولة بصدد اصدار الامر بتنفيذ حكم المحكمين:
تحوز احكام المحكمين الصادرة طبقاً لقانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 حجية الامر المقضي، وقد حرص المشروع على النص صراحة على ذلك بالمادة (55) ووفقاً للمادة (56) يختص بإصدار الامر بتنفيذ حكم المحكمين رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9)من قانون التحكيم ويجب ان يرفق بطلب تنفيذ حكم المحكمين ما يلي:
(أ) اصل الحكم او صورة موقعة منه•
(ب) صورة من اتفاق التحكيم•
(ج) ترجمة مصدق عليها من جهة معتمدة الى اللغة العربية لحكم التحكيم اذا لم يكن صادراً بها•
(د) صورة من المحضر الدال على ايداع الحكم وفقاً للمادة (47)من قانون التحكيم•
ويرفض القضاء المصري طلب تنفيذ حكم المحكمين في حالة عدم ارفاق تلك المستندات، ولا يتمتع القاضي المفروض عليه طلب الامر بتنفيذ حكم التحكيم بسلطة بحث مدى صحة حكم التحكيم من الناحية الموضوعية، واذا تطرق الى ذلك فانه يكون قد خرج عن حدود ولايته التي تمنحه فقط الحق في ان يأمر بتنفيذ حكم المحكمين او ان يرفض اصدار هذا الامر (8)
وعلى الرغم من نص المادة (57)على ان رفع دعوى البطلان لا يترتب عليه وقف تنفيذ حكم التحكيم، الا ان هذه المادة عادت واجازت للمحكمة ان تأمر بوقف التنفيذ اذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبيناً على اسباب جدية تبرره، ووفقاً لهذه المادة اذا امرت المحكمة بوقف التنفيذ يكون عليها ان تفصل في دعوى البطلان خلال ستة اشهر من تاريخ صدور هذا الامر•
وفضلاً عما تقدم، فقد اشترطت المادة 58 من قانون التحكيم المصري لقبول طلب تنفيذ حكم التحكيم ان يكون ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى، كما اضافت المادة (58)شروطاً اخرى على المحكمة التحقيق منها قبل الامر بتنفيذ حكم التحكيم وهي:
(أ) ان الحكم المطلوب تنفيذه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع•
(ب) ان الحكم المطلوب تنفيذه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية•
(ج) ان الحكم المطلوب تنفيذه قد تم اعلانه للمحكوم عليه اعلاناً صحيحاً•
وبهدف تدعيم فاعلية حكم التحكيم فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة (58) على أنه:
;ولا يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم• أما الأمر الصادر برفض التنفيذ فيجوز التظلم منه الى المحكمة المختصة وفقاً لحكم المادة (9) من هذا القانون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره;•

ابحث عن موضوع