حكم التحكيم بين الواقع المادى وشبكة الإنترنت

حكم التحكيم بين الواقع المادى وشبكة الإنترنت
إعداد
أ / شيماء جمال مجاهد
ماجستير فى الاقتصاد والعلوم المالية
باحث دكتوراة بقسم الاقتصاد والعلوم المالية
كلية الحقوق - جامعة المنصورة
محكم دولى لدى المركز السورى للتحكيم التجارى المحلى والدولى
سوريا - حلب
مسئول وحدة دراسات الاقتصاد الرقمى بالمركز العربى لأبحاث الفضاء الإلكترونى بالقاهرة
باحث بمركز العدالة للتحكيم والاستشارات القانونية بالقاهرة
فى هذا البحث سنتحدث عن بعض المسائل القانونية والإجرائية الخاصة بحكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم عندما يتم التحكيم على أرض الواقع المادى ، وبعد ذلك نتعرض لآلية إتمام حكم التحكيم على مستوى شبكة الإنترنت ، أى نتحدث عن حكم التحكيم فى التحكيم الإلكترونى .
المبحث الأول : 

حكم التحكيم التقليدى

فى هذا المبحث سنتناول بعض الأحكام المتعلقة بحكم التحكيم التقليدى فى بعض التشريعات فى مصر والدول العربية الأخرى ، وللتعرف على حكم التحكيم التقليدى وأحكامة سيتم تناولة فى النقاط التالية
المطلب الأول : سلطة هيئة التحكيم
المطلب الثانى : آلية إصدار حكم التحكيم
المطلب الثالث : حجية حكم التحكيم
المطلب الرابع : مدى استنفاد ولاية الهيئة بعد صدور الحكم
المطلب الرابع : القوة التنفيذية لحكم التحكيم على النطاق المحلى والدولى
وسيلى تناول كل منهم ببعض التفصيل فى غضون الأسطر التالية
المطلب الأول : 

سلطة هيئة التحكيم

تتمثل هذه السلطة فى عدة جوانت مثل تنوع القرارات الصادره عنها دون قرار التحكيم ، سلطتها فى تحديد ميعاد لصدور الحكم المنهى للخصومة ، وكذلك تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع . كما سيلى تفصيلة .

أولاً : تنوع قرارات الهيئة

بعد أن يتم عقد الاختصاص لهيئة التحكيم فإنها تتمتع بالعديد من الصلاحيات ، ومنها أنها تمتلك بناءاً على هذا الاختصاص سلطة إصدار عدة قرارات بالإضافة إلى قرار التحكيم بناءاً على اتفاق الأطراف . وهذه القرارات سيلى تفصيلها فى غضون الأسطر التالية فى ضؤ أحكام القانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 وقانون التحكيم فى المملكة الأردنية الهاشمية رقم 18 لسنة 1953 .
1- تنوع قرارات الهيئة فى ضؤ قانون التحكيم المصرى 27 لسنة 1994.
يجوز لهيئة التحكيم أن تصدر قرارات تحكيم مؤقتة أو تمهيدية أو جزئية.
فبالنسبة للقرارات المؤقتة : فقد يطلق عليها التدابير المؤقتة أو التحفظية :
تنص المادة 24/1من القانون أنف الذكر على أن " يجوز لطرفى التحكيم الاتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم بناءاً على طلب إحداهما أن تأمر أيا منهما باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقته أو تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع. وأن تطلب تقديم ضمان كافٍ لتغطية نفقات التدبير الذى تأمر به "
مؤدى هذه الفقرة هى أن ، القانون المصرى قد خول أطراف اتفاق التحكيم إمكانية مد سلطة الهيئة وعدم قصرها على الفصل فى الموضوع ؛ بحيث يتسنى لها الأمر بما تراه من تدابير مؤقته أو تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع . ونظراً لما قد ترتبة هذه الإجراءات من مصروفات فيكون للهيئة الحق فى أن تقوم بطلب الضمانات الكافية لتغطية نفقات هذه التدابير التى تأمر بها . أى أن هيئة التحكيم هى صاحبة السلطة التقديرية فى تقدير نفقات التدابير المتخذة .
ولكن نظراً لأن الهيئة لا تملك سلطة الإجبار التى يملكها القضاء ، فمن المتصور أن يحدث تجاهلاً من قبل الشخص الذى صدر ضده الأمر وامتناعة عن التنفيذ ، ولمواجهة ذلك فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 24 /2 على أنه " إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه ، جاز لهيئة التحكيم بناءاً على طلب الطرف الأخر أن تأذن لهذا الطرف فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه ، وذلك دون إخلال بحق هذا الطرف فى أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليه فى المادة 9 من هذا القانون الأمر بالتنفيذ "
ومؤدى ذلك أن ، للهيئة بناءاً على طلب الطرف الذى صدر الأمر لصالحة أن تأذن له فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأمر بما فى ذلك حقه فى اللجؤ لرئيس المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع للحصول على أمر بالتنفيذ ، وذلك إذا تعلق الأمر بتحكيم غير دولى . أما إذا تعلق الأمر بتحكيم دولى فإنه يلجأ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة أو محكمة الاستئناف المتفق على اختصاصها إذا تعلق الأمر بتحكيم دولى . ومما يجدر الإشارة إليه أن ، دور رئيس المحكمة يقتصر على إصدار الأمر بالتنفيذ ، فهو لا يراجع سلامة أو صحة الأمر لأنه ليس جهة استئناف أو تظلم ؛ وإنما هو فقط عباره عن الجهة التى ناط بها المشرع أمر دعم وإجبار الطرف الممتنع عن تنفيذ أوامر الهيئة التى صدرت بناءاً على تراضية مع الطرف الأخر على الخضوع لها وتنفيذها وفقاً لاتفاق التحكيم الذى تستمد منه الهيئة سلطاتها .
فبالنسبة للقرارت التمهيدية قد يكون منها سلطة الهيئة فى ندب خبير وقد نصت على ذلك المادة 36 / 1 " لهيئة التحكيم تعين خبير أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهى يثبت فى محضر الجلسة بشأن مسائل معينة تحددها ، وترسل إلى كل من الطرفين صورة من قراراها بتحديد المهام المسندة إلى الخبير " مؤدى هذه المادة أنه من بين قرارات هيئة التحكيم تعين خبير يقدم تقريراً عن أشياء تحددها له الهيئة . كما نصت أيضاً هذه المادة 36/4 أنه من حق الهيئة أن تصدر قراراً لعقد جلسة لسماع أقوال الخبير وإتاحة الفرصة لكلا الطرفين لسماع أقوالة ومناقشته بشأن ما ورد فى تقريره . كما نصت المادة 37 من هذا القانون الفقرة ب على أن يختص رئيس المحكمة المشار إليه فى المادة 9 من هذا القانون بناءاً على طلب هيئة التحكيم بإصدار الأمر بالإنابة القضائية .
أما بالنسبة للأحكام الجزئية
تنص المادة 42 على أنه " يجوز أن تصدر هيئة التحكيم أحكاماً وقتية أو فى جزء من الطلبات وذلك قبل إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها "
من الجدير بالذكر أن ، الأمر هنا لايتعلق بتدابير مؤقته أو تحفظية ، ويتضح من النص أن السلطة فى الاستجابة للحكم فى جزء من الطلبات أو إصدار أحكام وقتية ، متروك لتقدير الهيئة ، فإذا كان النزاع متعلقاً بطلب تعويض عن أضرار لحقت البضاعة أثناء نقلها ، ولم يكن مثار نزاع أو جدل إلا تحديد مقدار التعويض ، هنا يكون للمحكمة أن تحكم بناءاً على طلب المضرور بدفع مبلغ مؤقت لحين الفصل النهائى المتوقف على تقدير الخبراء المنتدبين . كما أن للهيئة أن تحكم بوقف استمرار العمل فى الموقع أو باستمراره لحين الفصل فى موضوع النزاع وذلك حسب ما تقدره الهيئة من الظروف والملابسات المحيطة بموضوع الخلاف . ويعتبر القاسم المشترك بين كل هذه القرارات أنها جميعاً تصدر فى مرحلة سابقة على إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها ، فعلى الرغم من أنها قد تقوم بإنهاء بعض المسائل الفرعية أو جزء من الخلافات المثاره إلا أنها لا تمثل حكماً منهياً للخصومة كلها .
كما أنه يكون لهيئة التحكيم أن تقوم بإصدار قرار بمد ميعاد إصدار الحكم فقد نصت المادة 42/1 على أن "......... . فى جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد عن ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك "
ومؤدى هذا النص على أن من بين قرارات الهيئة قراراها بمد الوقت المحدد لإصدار الحكم .
كان ذلك عن قانون التحكيم المصرى أما بالنسبة لقانون التحكيم فى المملكة الأردنية الهاشمية رقم 18 لسنة 1953.
نجد أن قانون المملكة اتفق مع القانون المصرى فى تنوع قرارات الهيئة من حيث سلطة الهيئة فى تمديد الوقت المعين لإصدار قرار المحكمين سواء إنقضى ذلك الوقت أم لم ينقض . وكان لها سلطة إقالة المحكم بناءاً على سؤ سلوكة أو إهمالة . وكذلك سلطة إعادة قرار التحكيم .

ثانياً : ميعاد صدور الحكم المنهى للخصومة

نصت المادة 45/1 من قانون المرافعات المصرى على أن " تلتزم هيئة التحكيم بإصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذى اتفق عليه الطرفان . فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال أثنى عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم وفى جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك "
مؤدى هذا النص أن المدة المحددة لصدور حكم التحكيم هى اثنى عشرة شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ، ولكن مما يجدر الإشارة إليه أن ، المشرع قد ترك فى الأصل تحديد مدة إصدار حكم التحكيم لإرادة الطرفين فى التحكيم ،فإذا لم يتفقوا سرى الميعاد المنصوص عليه ، مع إمكان تدخلهم والاتفاق على مدة أقل إذا قدروا كفايتها . فهم أكثر الناس دراية بالظروف والملابسات الخاصة بالنزاع وما قد تستلزمة من وقت لإمكان إستكمال العناصر الكافية لإصدار الحكم المنهى للخصومة.
أما عن ميعاد إصدار حكم التحكيم فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بدولة البحرين والصادر بالمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1971فإنها تنص فى المادة 237 على أنه " إذا لم يشترط الخصوم فى الاتفاق على التحكيم أجلاً للحكم كان على المحكمين أن يحكموا فى ظرف ثلاثة شهور من تاريخ قبولهم للتحكيم وإلا جاز لمن شاء من الخصوم رفع النزاع إلى المحكمة المختصة ، وذلك مالم يتم اتفاقهم جميعاً على امتداد الأجل . ويصدر المحكمون حكمهم على مقتضى قواعد القانون إلا إذا كانوا مفوضين بالصلح فلا يتقيدون بهذه القواعد "
ومن هذا النص نلاحظ قصر مدة إصدار الحكم المنهى للخصومة فى قانون دولة البحرين عنه فى مصر .

ثالثاً : القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع

فى تنظيم هذه المسألة تنص المادة 39/1 على أن " تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التى يتفق عليها الطرفان وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير ذلك "
ويظهر من صياغة النص أن المشرع يفرق عند تحديد ما تطبقة الهيئة على موضوع النزاع بين القواعد التى يتفق عليها الطرفان من جهة ومن جهة أخرى بين اتفاقهما على تطبيق قانون دولة معينة وسيلى تفصيل ذلك . فبالنسبة للقواعد التى يتفق عليها الطرفان فمؤداها أنه ، قد يتصور خاصة فى مجال عقود التجارة الدولية أن يضع الأطراف تنظيماً خاصاً وقواعد منتقاه تواجة على نحو واقعى ما قد ينشأ من منازعات هم الأقدر على تصورها وعلى وضع ما يلائمها من حلول مبتكرة لا تجد مصدرها فى قانون معين . وإنما تجد مصدرها إرادة الطرفين مباشرة كما قد يفضل الأطراف أن ينشأ قانون عقدهم من مجموعة من القواعد المستخلصة من تشريعات وطنية أو أجنبية ويكرسون العادات والأعراف المتعلقة بموضوع العقد أو الإحالة إلى القواعد والشروط التى تتضمنها وثيقة أو عقد نموذجى وفى كل هذه الصور السابقة لا توجد إشارة لتطبيق قانون دولة معينة وهى الصورة الأخرى التى قد يلجأ الأطراف إليها .
فقد يتفق الطرفان على تطبيق قانون دولة معينة على النزاع ليكون الفصل فى النزاع وفقاً لما تتضمنة نصوص هذا القانون . ومن الملاحظ أن إطلاق النص لحرية إرادة الطرفين يسمح باختيار أى قانون سواء كان هذا القانون هو القانون الداخلى أو غيره من القوانين . وهذا الإطلاق يتسق مع حالات التحكيم الدولى ، وعلى الرغم من أنه من الصعب تصور تطبيق قانون أجنبى على علاقة وطنية يدور النزاع فيها فى إطار علاقة محلية بحته إلا أن النص قد أطلق ذلك من الناحية النظرية على الأقل ، وترك للأطراف حرية الاختيار ولكنه حرص عند اختيار الأطراف لقانون معين أن ينصرف هذا الاختيار إلى القواعد الموضوعية التى يتضمنها هذا القانون وليس إلى ما يتضمنه من قواعد خاصة بتنازع القوانين إلا إذا عبر الأطراف عن إرادتهم صراحة وقصدهم بإلزام هيئة التحكيم باختيار القانون الذى تشير إليه قواعد التنازع الواردة فى القانون الذى وقع اختيارهم عليه .
ومما يجدر الإشارة إليه أن حرية الأطراف فى اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع ليست مطلقة ، وإنما تحدها ضرورة مراعاة القواعد والقوانين الآمرة التى يحتم المشرع المصرى تطبيقها مراعاة لاعتبارات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو لحماية النظام العام والآداب العامة . ويجب فى هذا المقام التفرقة بين قابلية الموضوع للتحكيم ، وقابليتة للخضوع لأحكام قانونية مغايرة لأحكام القانون الداخلى . مثال لذلك :
المنازعات العقارية هى منازعات تقبل التسوية بطريق التحكيم ولكن لا يجوز للمحكمين الفصل فيها وفقاً لقانون أجنبى لأن هذه العقارات تعتبر جزءاً من إقليم الدولة فلا يصح أن تخضع التصرفات الوارة عليها إلا للقانون الداخلى .
ويثور التساؤل هنا ماذا يحدث إذا لم يتفق الطرفان على تحديد القانون المطبق على النزاع ؟
تنص المادة 39/2 على أن " إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية فى القانون الذى ترى أنه الأكثر اتصالاً بالنزاع "
ومن هذا النص نجد أن المحكم فى القانون المصرى يتمتع بسلطة تقديرية واسعة النطاق فى اختيار القانون المطبق على النزاع فهو يختار القانون الذى يقدر أنه أكثر اتصالاً بالنزاع . وأما مرونة هذا النص فقد يجد المحكم أن القانون الذى يكون أكثر اتصالاً بالنزاع هو قانون مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه أو قانون بلد المصدر أو المستورد أو قانون البلد التى يجرى فيها التحكيم أو التى يوجد بها فرع من الشركة الرتبطة بالعقد المتضمن لشرط التحكيم ..... ألخ
وهنا يبدو الفارق بين ترك الأمر لإرادة الأطراف فى اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ، وبين حالة تصدى المحكمة لتحديد القانون المطبق على موضوع النزاع .
ففى الحالة الأولى : يكون الأمر متروكاً لإرادة الأطراف الذين قد يقومون باختيار قانون منبت الصلة بكل نواحى النزاع التى قد تتمثل فى جنسية الأطراف أو مكان العقد أو أى مما يمت للعقد بصلة . ولا يحد من هذه الإرادة ويتم تحجيمها إلا إذا ثبت وجود غش نحو القانون أو رغبة فى الالتفاف حول القواعد الآمرة المقصود بها حماية المصلحة العامة فى الدولة التى ينبغى تطبيق قانونها .
أما بالنسبة لتصدى هيئة التحكيم للنزاع فهى ملزمة باختيار القانون الذى يكون أكثر اتصالاً بالنزاع . وإذا كان الأمر يخضع لتقديرهاغ إلا أنه يمكن إثبات إنحرافها فى هذا الاختيار كما لو قامت باختيار قانون لا يرتبط بالنزاع بأى صلة أو فضلت قانون على آخر وكان الأخير أكثر اتصالاً بالنزاع .
وهناك حالة أخيرة تتعلق باتفاق الأطراف على تفويض المحكمة بالصلح فقد نصت المادة 39/4 على أنه " يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح أن تفصل فى موضوع النزاع بمقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون "
وهذا يعنى إطلاق سلطة المحكمة للفصل فى النزاع ولكن هذه السلطة أيضاً يحدها احترام النظام العام والقواعد القانونية الآمره .
كان ذلك عن القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فى الدول العربية فسنتناول منها على سبيل المثال الجمهورية العراقية والمغربية .
فبالنسبة للجمهورية العراقية تنص المادة 265 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969على أنه " 1- يجب على المحكمين اتباع الأوضاع والإجراءات المقررة فى قانون المرافعات إلا إذا تضمن الاتفاق على التحكيم أو أى اتفاق لاحق عليه إعفاء المحكمين منها صراحة أو وضع إجراءات معينة يسير عليها المحكمون
2- إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح يعفون من التقيد بإجراءات المرافعات وقواعد القانون إلا ما تعلق منها بالنظام العام " .
ومن هذه المادة نجد أنها أنها قد حددت قانون المرافعات أن يكون هو القانون الواجب التطبيق على النزاع ما لم تتجة إرادة الطرفين لغير ذلك . ولكنها فى الفقرة الثانية قد أطلقت سلطة المحكمين فى اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع ولم يحد سلطتها إلا التقيد بقواعد النظام العام
أما بالنسبة للقانون الواجب التطبيق فى المملكة المغربية فقد حدده قانون المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 18/9/1974 رقم 66-154 الصادر فى 8 يونيو 1966 وذلك فى الفصل 317 حيث ينص على أنه " يجب على المحكمين ومن يحكم من الغير أن يرجعوا إلى القواعد القانونية المحددة المطبقة على النزاع إلا إذا قرر الأطراف فى عقد التحكيم أو فى شرطه الفصل بانصاف كوسطاء بالتراضى دون التقيد بالقواعد القانونية أو كانت السلطات التى خولها الأطراف للمحكمين تسمح بتأكيد أن ذلك هو إرادة الأطراف قطعاً .إذا كانت للمحكمين المعنين سلطة البت كوسطاء بالتراضى تقيد بذلك من يحكم من الغير .
وفى ذلك يمكن القول أن قانون المملكة المغربية لم يختلف كثيراً مع قانون الجمهورية العراقية فى تحديد القانون المطبق على النزاع .
الخلاصة
نخلص مما سبق أن للهيئة قبل أصدار الحكم المنهى للخصومة الحق فى إصدار العديد من القرارت التى تساعد فى الوصول للحكم النهائى فى الخصومة قد تكون هذه القرارات جزئية أو تمهيديه . كان أن القانون قد حدد ميعاد لإصدار الحكم المنهى للخصومة ، وترك للأفراد حرية اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع ولكن تحد إرادة الأطراف والهيئة أحترام النظام العام والقواعد القانونية الآمرة .
المطلب الثانى :

 آلية إصدار حكم التحكيم

أولاً : إجراءات إصدار حكم التحكيم

تنص المادة 27 قانون التحكيم المصرى 27 لسنة 1994 على أن " إجراءات التحكيم تبدأ من اليوم الذى يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعى مالم يتفق الطرفان على موعد آخر " . وبعد أن يتم تحديد موعد بدء الإجراءات الخاصة بإصدار حكم التحكيم . يتم تقديم بيان الدعوى ومذكرة الدفاع ؛ حيث يجب على الطرف الذى بادر بتقديم طلب التحكيم أن يرسل إلى المدعى عليه وإلى جميع أعضاء هيئة التحكيم خلال الميعاد المتفق عليه بين الأطراف أو الميعاد الذى تحدده الهيئة بيان بالدعوى يبدأ البيان بكتابة بياناته وينتهى بتحديد طلباته . ويحق للمدعى والمدعى عليه أن يرفقا ما يشاءان من صور الوثائق والمستندات أو يشيرا إلى المستندات وأدلة الإثبات التى يزمعان تقديمهما للهيئة فى وقت لاحق ويظل للهيئة دائماً الحق فى طلب تقديم أصول ما يقدم من مستندات أو وثائق .
بعد ذلك تبدأ سير إجراءات التحكيم التى لا تخضع هيئة التحكيم فيها إلا للقواعد التى اتفق عليها الأطراف فإذا لم يوجد اتفاق فإنها تختار القواعد والإجراءات الملائمة تبعاً لطبيعة النزاع . وبعد إذا تقرر عقد الجلسات فيجب على الهيئة مراعاة تحديد تواريخها فى موعد يسمح بإخطار الأطراف قبل موعد الجلسات بوقت كافٍ يسمح لهم بالاستعداد لتحضير أوجة دفاعهم . وتلتزم الهيئة احتراماً لمبدأ المواجهة أن ترسل لكل طرف من أطراف الخصومة صورة من كافة المستندات والوثائق والتقارير التى يقدمها الطرف الآخر . كما يجب على الهيئة موافاة الأطراف بكل ما تحصل عليه من مستندات خارجية كندب خبير أو غير ذلك .
ويجب تدوين خلاصة وقائع الجلسات فى محضر وتسلم صورة منها للأطراف إلا إذا اتفق الأطراف على عدم ضرورة ذلك . وتواصل الهيئة عقد الجلسات لحين استكمال ما تراه لازماً للفصل فى النزاع وإذا توصلت الهيئة لاكتمال إجراءات التحكيم على النحو السابق تصل الهيئة بذلك لمرحلة قفل باب المرافعة تمهيداً لإصدار حكم التحكيم . ولم يتضمن القانون المصرى نصاً صريحاً بشأن إعلان الهيئة قفل باب المرافعة مكتفياً بالنص على أنه للهيئة أن تقرر عدم قبول تعديل فى الطلبات أو أوجة الدفاع إذا قدرت أن من شأن ذلك تعطيل الفصل فى النزاع . فلا بد من أن تضع الهيئة حداً لمحاولات إطالة أمد النزاع بلا مبرر . ولذلك فإنها إذا وجدت استكمال العناصر اللازمة للفصل فى النزاع فإنه يجب عليها أن تخطر الأطراف بقفل باب المرافعة وتحديد أجل لإصدار الحكم .
وإذا كان المجرى الطبيعى أن ينتهى التحكيم بحكم يتوصل إليه المحكمون فقد توقع المشرع إمكانية أن يتوصل الأطراف بعد سير عملية التحكيم إلى تسوية تنهى النزاع القائم بينهم . ويتعين على هيئة التحكيم أن تصدر قراراً يتضمن شروط التسوية وينهى الإجراءات ويكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ . ويعتبر هذا القرار حكم تحكيم حُكماً ، وذلك تميزاً له عن حكم التحكيم الذى تصدره الهيئة بناءاً على تداول أعضائها . وبعد ذلك يصدر حكم التحكيم بأغلبية الأراء إلا إذا اتفق الأطراف أن يصدر الحكم فى حالة عدم توافر الأغلبية بناءاً على رأى رئيس الهيئة . كان ذلك عن إجراءات صدور حكم التحكيم فى القانون المصرى .
أما عن إجراءات التحكيم فى دولة البحرين فقد نص قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1971فى مادتة رقم 238 بأن" يحكم المحكمون فى النزاع على أساس ما يقدم إليهم من الخصوم . وعلى المحكمين أن يحددو لهم موعداً لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجه دفاعهم .
وعلى أن يقدموا للمحكمين جميع الوثائق والأوراق والحسابات والمستندات التى فى حوزتهم أو عهدتهم ، وأن ينفذوا جميع ما يطلبه منهم المحكمون .
ويجوز لأحد الخصوم ولهيئة التحكيم أن تقدم طلباً إلى المحكمة لإبراز أى مستند ضرورى للتحكيم فى حوزة الغير ، أو لإصدار مذكرة إلى أى شاهد للحضور لأداء الشهادة أمام هيئة التحكيم .........." . وبعد ذلك تهيىء الدعوى لصدور الحكم فيها .
أما عن إجراءات التحكيم فى ليبيا فقد نص قانون المرافعات المدنية والتجارية المنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 20/2/1954فى مادته 754 التى تنظم إجراءات التحكيم على أن " للخصوم أن يضمنوا عقد التحكيم أو أى مشارطة أخرى للتحكيم أو أى اتفاق لاحق يحررونة قبل أن يبتدىء المحكمون فى نظر القضية قواعد معينة وإجراءات يسير عليها المحكمون وفى حالة عدم قيامهم بذلك فللمحكمين أن يضعوا القواعد التى يرونها صالحة وإلا وجب مراعاة الأصول والمواعيد المتبعة أمام المحاكم .
كما نصت المادة 755 على إجراءات المحكمين المفوضين بالصلح وكان مؤدى نصها أن " المحكمون المفوضون بالصلح معفون من التقيد بأوضاع المرافعات وقواعد القانون ".
ونصت المادة 756 على إجراءات الحكم فذكرت بين ثناياها أن يحكم المحكمون فى النزاع على أساس ما يقدم إليهم من الخصوم وعلى المحكمين أن يحددوا لهم موعداً لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجة دفاعهم ، ويجوز الحكم بناء على الطلبات والمستندات المقدمة من جانب واحد إذا تخلف الآخر عن تقديمها فى الموعد المحدد .
ويتولى المحكمون مجتمعين إجراءات التحقيق ، ويوقع كلا منهم على المحاضر ما لم يكونوا قد ندبوا واحداً منهم لإجراء معين وأثبتوا ندبة فى محضر الجلسة .
ويعد القاسم المشترك بين نصوص هذه القوانين المختلفة للدول السابقة هى تغليب إرادة الأطراف فيما يتعلق بسير إجراءات التحكيم .

ثانياً : شكل الحكم

وفى ذلك المبحث سيتم تناول شكل حكم التحكيم كما نص عليه قانون المرافعات المصرى وبعض قوانين الدول العربية .
فقد حدد قانون المرافعات المصرى الشروط الواجب توافرها فى حكم التحكيم سواء من الناحية الشكلية أو الموضوعية .
فمن الناحية الموضوعية
يجب أن يكون حكم التحكيم فاصلاً فى موضوع النزاع على نحو حاسم ، وبالتالى لا ينصرف تعبير حكم التحكيم إلى القرارات والأحكام الوقتية التى تصدرها الهيئة أثناء نظر النزاع .
يجب أن يصدر المحكمون حكمهم وفقاً لقواعد القانون الذى اختاره الأطراف ، سواء بالنسبة للإجراءات أو للموضوع ويعد سبباً لبطلان الحكم ، تجاهل المحكمين لإرادة الأطراف والحكم وفقاً لقانون آخر حتى لو كان هو القانون الذى سيطبقة القاضى لو عرض عليه النزاع . وقد سبق الإشاره إلى أن المشرع المصرى قد خول للأطراف سلطة اختيار القاعد القانونية التى تحكم النزاع ولم يحد هذه الإرادة إلا احترام القواعد القانونية الآمرة والنظام العام .
من الناحية الشكلية
يجب وفقاً لنص المادة 43/1 أن " يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعة المحكمون ، وفى حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت فى الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية " من هذا النص نجد أن ، الشروط الشكلية لحكم التحكيم تتمثل فى الشرط الأول الكتابة فهى تعتبر شرط لوجود الحكم لا لإثباتة وهذا يعنى أن الكتابة شرط أساسى للاعتراف بحكم التحكيم وأن حكم التحكيم الذى يصدر شفاهة لا يتحقق به وصف حكم التحكيم وما يتضمنه من أثار، ولا يجوز أن يكون واجب النفاذ ولا يحوز حجية الأمر المقضى . فحتى يمكن الحصول على أمر التنفيذ لابد من التقدم بصورة موقعة من الحكم ، وهو ما لا يتسنى إلا بوجود حكم التحكيم مكتوباً وموقعاً .
والشرط الثانى يتمثل فى توقيع المحكمين على الحكم . ومما يجدر الإشارة إليه أن ، المحكمين يجب أن يكونوا أشخاص طبيعين ، فلا يجوز أن يوقع محكم كشخص معنوى على حكم التحكيم حتى ولو أوكل أطراف التحكيم سلطة إصدار الحكم لهيئة معينة – وهى شخص معنوى- فإنه يجب أن تقوم هذه الهيئة بتعين أشخاص طبيعين للتصدى لعملية التحكيم وفقاً للقواعد الداخلية فى هذه الهيئة لترشيح محكمين . وبالتالى لا يجوز الاعتراف بوضع خاتم أو شعار إحدى مراكز أو هيئات التحكيم على الحكم واعتباره توقيع للمحكمين .
الشرط الثالث يتمثل فى أن يصدر قرار التحكيم بأغلبية المحكمين فى حالة تعدد المحكمون . فحتى يكون الحكم صحيحاً لابد وأن يكون موقعاً عليه من أغلبية المحكمين . ومن الجدير بالذكر أنه يجب أن يذكر فى الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية وإلا يعتبر عدم ذكر هذه الأسباب سبباً لبطلان الحكم .
الشرط الرابع وهو يتعلق بتسبيب الحكم فوفقاً للفقرة الثانية من المادة 43 يلزم أن يكون الحكم مسبباً حيث تنص هذه الفقرة على أن " يكون حكم التحكيم مسبباً إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك ، أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم "
ومؤدى هذه المادة أنه يشترط لصدور حكم التحكيم أن يكون مسبباً إلا إذا اتفق أطراف التحكيم على غير ذلك ، أى أن القانون قد ترك لأطراف التحكيم حرية اختيار تسبيب الحكم المنهى للخصومة من عدمة . وكذلك يمكن الإعفاء من شرط التسبيب إذا اقتضت ذلك نصوص القانون الذى اختاره الطرفين ليحكم النزاع .
الشرط الأخير وهو يتعلق بالبيانات التى يجب أن يشتمل عليها حكم التحكيم وقد حددتها الفقرة الثالثة من المادة 43 أن تكون هذه البيانات هى :
أسماء الخصوم وعناوينهم ، أسماء المحكمين وعناوينهم ، وجنسيتهم وصفاتهم أى مراكزهم الوظيفية ، صورة من اتفاق التحكيم ، ملخص طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ، منطوق الحكم ، تاريخ ومكان إصدار الحكم ، أسباب الحكم ، وتعتبر البيانات السابقة أساسية لا يستكمل حكم التحكيم مقوماته بدونها ، كما أن إستيفائها يعتبر كافياً ولا يمكن استلزام إضافة بيانات أخرى .
كان ذلك عن شكل الحكم فى القانون المصرى . أما فى قوانين الدول العربية . فأننا نتناول منها قانون المرافعات بدولة البحرين القانون رقم 12 لسنة 1971 وهذا القانون لم يختلف فى تحديده شكل الحكم عن القانون المصرى . فقد نصت المادة 239 من القانون البحرينى أنف الذكر على أن " يصدر حكم المحكمين بأغلبية الأراء ، وتجب كتابتة ، ويجب أن يشتمل بوجة خاص على صورة الاتفاق على التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقة وتاريخ صدورة وتوقيعات المحكمين . وإذا رفض واحد أوأكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه . ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين . ولا يقبل الاعتراض على الحكم الصادر فى التحكيم .
وكذلك قانون المرافعات بالجمهورية السورية الصادر بالمرسوم رقم 84 لسنة 1953 مرسوم تشريعى رقم 84 فى 21/9/1935 . لم يختلف فى تحديده لحكم التحكيم عن القانونين السابقين حيث نصت فيه المادة 527 على أن " 1- يصدر حكم المحكمين بالكتابة بعد المداولة بأكثرية الأراء أو بإجماعها 2- يجب أن يتضمن الحكم صورة صك التحكيم وملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقة وتاريخ ومكان صدوره وتوقيع المحكمين 3- إذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين "
ولم يختلف قانون الإجراءات المدنية بالسودان فى تحديده لشكل الحكم عن ما سبق وجاء ذلك فى نص المادة 145 من القانون رقم 66 لسنة 1974 ؛ حيث جاء بها بنفس الشروط السابقة .
قد نص على ذات الشروط فى الحكم قانون المرافعات المدنية والتجارية فى ليبيا المنشورة فى الجريدة الرسمية بتاريخ 20/2/1954وذلك فى مادتة رقم 760 التى تحمل عنوان صدور الحكم .
وفى نفس الأمر صدر قانون المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 18/9/1974 رقم 66-154 الصادر فى 8 يونيو 1966 . فقد نص على نفس الشروط الواجب توافرها فى حكم التحكيم وذلك فى الفصل 318 منه .

ثالثاً : الإجراءات التالية لإصدار الحكم

تتمثل هذه الإجراءات وفقاً لقانون التحكيم المصرى فى أنه إذا صدر حكم التحكيم المنهى للخصومة يكون على هيئة التحكيم أن تقوم يتسليم صورة هذا الحكم التى تحمل توقيعات جميع المحكمين أو أغلبيتهم لكل من طرفى التحكيم . ويجب أن يتم هذا التسليم خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور حكم التحكيم . ولا يجوز نشر حكم التحكيم إلا برضاء الأطراف . ثم بعد ذلك يجب على من صدر حكم التحكيم لصالحة أن يقوم بإيداع أصل الحكم فى قلم كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع إذاتعلق الأمر بتحكيم داخلى ، أما إذا تعلق الأمر بتحكيم تجارى دولى فيتم الإيداع فى قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة أو محكمة الاستئناف المتفق عليها .
أما عن قوانين التحكيم فى الدول العربية فأنها لم تختلف كثيراً عن أحكام القانون المصرى ففى الجمهورية العربية اليمنية تنص المادة 20من قانون رقم 33 لسنة 1981 على الإجراءات التالية لإصدار حكم التحكميم كالآتى " أحكام المحكمين يجب إيداع نسخة من أصل وثيقة التحكيم فى إدارة المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع خلال الثلاثين يوماً التالية بصدورها ، ويحرر كاتبالمحكمة وصلاً بهذا الإيداع معرقم وتاريخ قيدها فى سجل المحكمة ... وإذا كان التحكيم بشأن قضية مستأنفة كان الإيداع فى قلم كتاب محكمة استئناف اللواء المختصة بنظر النزاع "
أما عن قانو المرافعات الكويتى رقم 38 لسنة 1980 فقد نص فى المادة رقم 184 على هذه الإجراءات بأن قال " يودع أصل الحكم ولو كان صادراً بإجراء من إجراءات التحقيق مع أصل الاتفاق على التحكيم إدارة كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع خلال العشرة أيام التالية لصدور الحكم المنهى للخصومة ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع " . ومن هذه المادة نجد أنه اختلف عن القانون المصرى واليمنى فى شيئين الأول وهو إيداع أصل الحكم والاتفاق ، والثانى هو المدة المحدده للإيداع .
أما عن قانون المرافعات فى جمهورية العراق رقم 83 لسنة 1969فقد نص فى المادة 271 على أن " بعد أن يصدر المحكمون قرارهم على الوجة المتقدم يجب عليهم إعطاء صورة منه لكل من الطرفين وتسليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم إلى المحكمة المختصة بالنزاع خلال الثلاثة أيام التالية لصدورة وذلك بوصل يوقع عليه كاتب المحكمة "
وفى الجمهورية السورية ينص قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم رقم 84 لسنة 1953 فى مادتة 529 على أن " جميع أحكام المحكمين ولو كانت صادة بإجراء من إجراءات التحقيق يجب إيداع أصلها مع أصل صك التحكيم بمعرفة أحدهم ديوان المحكمة المختص أصلاً بنظر الدعوى ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع . إذا كان التحكيم وارداً على قضية ترى فى محكمة الاستئناف أودع حكم المحكمين ديوان هذه المحكمة . " ومن خلال هذه النصوص نجد أنها جميعاً متفقة فى إيداع نسخة من الحكم قلم كتاب المحكمة ولكنها فقط أختلفت فى ميعاد الإيداع .
الخلاصة
خلاصة القول أن هناك إجراءات تتخذ قبل وبعد إصدار حكم التحكيم قام القانون بتنظيمها ، وترك للأطراف فيها حرية الإرادة فى اختيار القوانين المنظمة لها . وأن حكم التحكيم يج أن يصدر فى شكل معين حدده القانون .
المطلب الثالث :

 حجية حكم التحكيم ومدى استنفاد ولاية الهيئة بعد صدور الحكم

ويضم هذا المطلب توضيح لمدى الحجية التى يتمتع بها حكم التحكيم بعد صدورة وكذلك نطاق سلطة الهيئة على التعديل فيه .

أولاً : تفسير حكم التحكيم

نظراً لأنه من الممكن أن يشوب حكم التحكيم بعض الغموض والإبهام ، خاصة وأنه قد يكون صادراً من غير رجال القانون فقد منح المشرع هيئة التحكيم سلطة تفسير الأحكام الصادرة عنها بناءاً على طلب أى طرف من الأطراف دون أن يعد ذلك استنفاد لولايتها . ولكن بشرط ألا يتضمن التفسير تعديل للحكم أو معاودة للنظر فيه إلا تعرض الحكم لمخاطر عدم التنفيذ . ويعتبر الحكم التفسيرى جزءاً متمماً للحكم الأصلى من كافة الوجوه ويخضع لما يخضع له هذا الحكم .
ومما يجدر الإشارة إليه أنه يجوز رفع دعوى بطلان حكم المحكمين إذا انحرف تفسير الحكم عن مسارة أو كانت إجراءاته باطلة أثرت على الحكم الأصلى ولا يجوز أن تتصدى المحكمة لعملية التفسير إلا إذا طلب منها ذلك .
ويقدم طلب التفسير خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلم الحكم وهو ميعاد تنظيمى أى لا يترتب على فواته سقوط الحق فى طلب التفسير . ويجب على الهيئة أن تصدر حكمها التفسيرى خلال ثلاثين يوماً من تقديم طلب التفسير لها ويجوز مد هذه المدة . ويسرى على الحكم التفسيرى نفس الإجراءات التالية لصدور حكم التحكيم من إيداع نسخة منه قلم كتاب المحكمة ..... ألخ من الإجراءات التالية لصدور حكم التحكيم .

ثانياً : تصحيح الأخطاء المادية

تنص المادة 50 من قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994. على أنه من حق هيئة التحكيم التصدى من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب أحد الأطراف لتصحيح ما قد وقع فى الحكم من أخطاء مادية بحتة ؛ كتابية أو حسابية أو أى شكل آخر يندرج تحت مفهوم الخطأ المادى الذى ينصرف إلى كافة الأخطاء التى لايؤثر تصحيحها فى تعديل ما قضى به موضوع النزاع. ولكن لايحق لها مراجعة الحكم من ناحية الموضوع فهى منذ النطق بالحكم المنهى للخصومة تفقد صفتها فى نظرالموضوع الذى حسمته بهذا الحكم أيا كانت العيوب التى شابته ، فالتصحيح يقتصر على تصحيح الأخطاء المادية البحتة على حد تعبير الفقرة الأولى من المادة 50 من قانون التحكيم المصرى أنف الذكر . وإذا تجاوزت الهيئة حدود التصحيح المادى جاز التمسك ببطلان قرارها .
يشترط لتصحيح الحكم أن يكون هناك خطاء فى بيان جوهرى بحيث يؤثر فى تحديد أطراف خصومة التحكيم أو صفاتهم ، أو فى حقوقهم مما يشكل عقبة عند تنفيذ الحكم . ويجب أن يقدم طلب التصحيح خلال ثلاثين يوما تبدأمن تاريخ صدور الحكم فى حالة تصدى المحكمة من تلقاء نفسها للتصحيح ، أما إذا تصدت بناءاً على طلب أحد الأطراف فيسرى الثلاثين يوماً من تاريخ إيداع طلب التصحيح . ويمكن للهيئة مد ميعاد الثلاثين يوماً إذا رأت ضرورة لذلك .

ثالثاً : الحكم الإضافى

تنص المادة 51 من قانون التحكيم المصرى السابق ذكره على أنه
إذا ثبت أن الهيئة قد أغفلت الحكم فى بعض الطلبات المقدمة لها ، يجوز لكل طرف فى عملية التحكيم أن يطلب من الهيئة إصدار حكم تحكيم إضافى يفصل فيما أغفلته من طلبات ، ويجوز تقديم هذا الطلب حتى بعد إنتهاء موعد التحكيم . ومما يجدر الإشارة إليه أن النص هنا لم يخول للهيئة التصدى لإصدار هذا الحكم من تلقاء نفسها كما فى حالة التصحيح وإنما يكون هذا التصدى بناءاً على طلب أحد الأطراف .
يقدم الطلب خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلم الحكم ، مع إعلان الطرف الآخر قبل تقديم الطلب . وتتولى الهيئة فحص الطلب واستيفاء ما تراه لازماً لإمكان الفصل فيما أغفلته ، وتصدر حكمها الإضافى خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب إليها مع جواز مد الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذارأت ضرورة لذلك . ويجب ملاحظة أن هذه المواعيد كلها مواعيد تنظيمية لا يترتب أى أثر على عدم مراعاتها . وبعد صدور هذا الحكم يلزم إيداعة ويسرى عليه كافة ما يسرى على حكم التحكيم الأصلى من إجراءات .
الخلاصة
أن المحكمة تختص بتفسير ما يمكن أن يكون من غموض قد يشوب الأحكام الصادره عنها كما أنها يمكن أن تقوم بتصحيح الأخطاء المادية الموجوده فى الحكم ولكن تكون سلطتها محدوده بعدم تغير مضمون حكم التحكيم .
المطلب الرابع :

 القوة التنفيذية لحكم التحكيم على النطاق المحلى والدولى

وفى هذا السياق نتناول القوة التنفيذية التى يتمتع بها حكم التحكيم على المستوى المحلى والدولى .

أولاً : أحكام التحكيم الوطنية

لكى ينال طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم حيز القبول يجب أن تتوافر فيه الشروط التالية :
1- أن يكون ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد إنقضى .
2- ألا يكون حكم التحكيم المراد تنفيذه فى مصر متعارضاً مع أى حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية فى موضوع النزاع
3- ألا يتضمن حكم التحكيم المراد تنفيذه ما يخالف النظام العام فى جمهورية مصر العربية
4- أن يكون قد تم إعلان حكم التحكيم المراد تنفيذه للمحكوم عليه إعلاناً قانونياً صحيحاً
لما كان الهدف من اشتراط الحصول على أمر بتنفيذ حكم التحكيم - كى يتمكن من صدر لصالحة الحكم من تنفيذه جبراً – هو تحقيق رقابة قضائية على أعمال المحكمين الذين هم أفراد عادين ، والذين قد لا يتوافر لديهم الثقافة القانونية اللازمة لتثبت من مراعاة الشكل الذى يتطلبة القانون لصدور حكم التحكيم صحيحاً . وعليه فإن القاضى إذا تأكد من توافر الشروط المطلوبة قانوناً ، وتثبت من عدم وجود ما يمنع من تنفيذه فإنه يصدر أمره بتنفيذ الحكم ، وبالتالى يرفعة إلى مرتبة الأحكام القضائية .
أما إذا توافرت الشروط المطلوبة بالنسبة لجزء فقط من الحكم فإن القاضى المختص سوف يصدر أمر التفيذ بالنسبة لهذا الجزء دون بقية الأجزاء ، وبالتالى سنكون بصدد أمر جزئى . وقد اختلف الفقة فى هذا الأمر ولكن الرأى الراجح فقهاً وقضاءاً هو جواز الأمر بالتنفيذ جزئياً لأحكام المحكمين . لما يحققه ذلك من رقابة جدية على فقرات الحكم التحكيمى ، وسرعة تقتضيها طبيعة التحكيم . فضلاً عن أن ذلك يتفق مع التوجة العام للتشريع الذى يجيز إصدار حكم ببطلان جزئى فى دعوى بطلان أحكام المحكمين .
والسؤال الآن هل حكم التحكيم يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل ؟
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر بتنفيذ حكم التحكيم يكون نافذاً بمجرد صدورة ، وبالتالى يجوز تنفيذه جبرياً حتى ولو كان قابلاً للطعن عليه بالبطلان . بينما ذهب البعض الأخر إلى أن الأمر بالتنفيذ إنما هو تابع لحكم التحكيم وليس العكس . وغاية ما يقوم به هذا الأمر هو منح القوة التنفيذية لحكم التحكيم بعد أن يوضع عليه دون أن تكون له الخصائص نفسها فيما لو وضع على عريضة . ويصبغ بالحكم التحكيمى دون أن يملك تعجيل تنفيذه قانوناً . خاصة وأنه لا مجال للقول هنا بشمول الحكم بالنفاذ المعجل ؛ لأن حكم التحكيم يكون قابلاً للنفاذ وفقاً للقاعدة العامة ، أى يجوز تنفيذه تنفيذاً عادياً وليس على سبيل الاستثناء . وهذا يرجع إلى عدم قابليته للطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن على الأحكام القضائية .
وبالتالى فنظراً لأننا بصدد أمر على عريضة تحكمة القواعد العامة للأوامر على عرائض ما لم ينص القانون على غير ذلك . فإن الأمر الصادر بمنح القوة التنفيذية لحكم المحكمين يسقط إذا لم يقدم للتنفيذ خلال ثرثين يوماً من تاريخ صدورة علماً بأن هذا السقوط لا يمنع من استصدار أمر جديد . أما عن الأثار المترتبة على منح الأمر بالتنفيذ لحكم التحكيم فهى ، حيازة الحكم للقوة التنفيذية وبالتالى إمكان تنفيذه جبراً بمؤازرة السلطات العامة فى الدولة . وذلك بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة ، ومما لاشك فيه أن هذا هو الهدف الأساسى من اللجؤ للقضاء هو الحصول على الأمر بالتنفيذ .

ثانياً : أحكام التحكيم الأجنبية

مفهوم أحكام التحكيم الأجنبية ، هى الأحكام الصادره عن تحكيم تم خارج مصر ( خارج الحدود الوطنية ) ، وخضع لقانون غير القانون المصرى ( أى القانون الوطنى ) ، فإذا ما توافر هذين الشرطين فى أى تحكيم كان الحكم الصادر فيه حكماً أجنبياً فى نظر القانون المصرى ( الداخلى ) .
بالنسبة للقوة التنفيذية لهذه الأحكام فإنه يلزم لإصدار حكم قضائى بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الألتزام بحكم المادة 296 من قانون المرافعات المصرى ، ومفاده أن الأحكام والأوامر الصادرة من بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة فى قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية أى ما يعرف ( بمبدأ المعاملة بالمثل ) . ومما يجدر الإشاره إليه أن القاعدة فى التشريع المصرى أنه إذا وجدت معاهده بين مصر وبين غيرها من الدول فى شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فهى التى يتعين إعمال نصوصها ولا يلتفت حينئذ إلى أحكام قانون المرافعات . أما إذا كان حكم التحكيم صادراً من دولة تعترف وتجيز تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم المصرية ، كإيطاليا وألمانيا فإنه يطبق على هذا الحكم أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية ، وذلك بعد التحقق من الشروط المنصوص عليها فى المادة 298 . وهذه الشروط هى :
1- عدم اختصاص محاكم الجمهورية بالمنازعة التى صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن تكون المحاكم الأجنبية التى أصدرتة مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائى الدولى المقررة فى قانونها .
2- أن يكون الخصوم فى الدعوى التى صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً .
3- أن يكون الحكم أو الأمر حاز قوة الأمر المقضى به طبقاً لقانون المحكمة التى أصدرته .
4- ألا يتعارض هذا الحكم أو الأمر مع حكم أو أمر قد سبق صدورة من محاكم الجمهورية ، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام والآداب العامة .
ويلزم التنويه إلى أن طلب الأمر بالتنفيذ للأحكام الأجنبية يقدم إلى المحكمة الإبتدائية التى يراد التنفيذ فى دائرتها ، وذلك بالأوضاع المعتاده لرفع الدعوى إعمالاً للمادة 297 من قانون المرافعات ، وفى هذا الشأن يختلف طلب التفيذ للأحكام الأجنبية عن طلب تنفيذ أحكام المحكمين الصادرة طبقاً لقانون التحكيم المصرى .
الخلاصة
نخلص مما سبق أن
لتحقق القوة التنفيذية لتنفيذ حكم التحكيم يجب أن يتوافر ، شروط معينة قام بتنظيمها قانون المرافعات يجب توفرها حتى يحوز الحكم القوة التنفيذية .
كان ذلك بالنسبة لحكم التحكيم التقليدى فما هى احكما حكم التحكيم الإلكترونى ؟ سيكون ذلك محل الدراسة فيما يلى :
المبحث الثانى :

 حكم التحكيم الإلكترونى

التحكيم الإلكترونى هو وسيلة من وسائل فض المنازعات بصورة أسرع ، وأيسر . ويرجع ذلك إلى آلية إتمامها ، والعلاقة بين الأطراف فيها ، ومدى حجية أحكام التحكيم الصادرة عنها ، والقوة التنفيذية لها . ولبلوغ هذه النقاط أهدافها سيتم تناولها على الترتيب التالى :
المطلب الأول : ماهية التحكيم الإلكترونى
المطلب الثانى : آلية إبرام اتفاق التحكيم الإلكترونى
المطلب الثالث : تشكيل هيئة التحكيم الإلكترونى
المطلب الرابع : مصادر أحكام التحكيم التجارى الإلكترونى
المطلب الخامس : صدور حكم التحكيم الإلكترونى وأحكامها
وسيلى تفصيل ذلك فى غضون الأسطر التالية .
المطلب الأول :

 ماهية التحكيم الإلكترونى

وتضم هذه الماهية التعريف والمزايا التى يتمتع بها التحكيم الإلكترونى ليتميز بها عن التحكيم التقليدى

أولاً : تعريف التحكيم الإلكترونى

هى وسيلة اختيارية بديلة لحسم المنازعات يتم بموجبها اعتماد أطراف التحكيم على استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية فى الاتفاق على التحكيم وعرض النزاع على طرف ثالث ، ثم عقد الجلسات وتبادل المستندات والمذكرات وسماع الشهود والخبراء من خلال أجهزة الاتصال الحديثة أى الكومبيوتر والفاكس ومن خلال شبكات الاتصال عبر الأقمار الصناعية . وبعبارة أخرى فالتحكيم الإلكترونى هو التحكيم الذى يمكن أن يتم إجراؤه بشكل كامل أو جزئى عبر الأنترنت أو وسائل الاتصال الإلكترونية الأخرى .

ثانياً : مزايا التحكيم الإلكترونى :

- يجنب الأطراف المشاكل الخاصة بتحديد القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة
- سرعة الفصل فى النزاع ؛ حيث يجنب الأطراف شرط الحضور المادى للأطراف ولهيئة التحكيم وتبادل المرافعات والبيانات بين أطراف الدعوى
- السرعة فى عرض النزاع على أشخاص ذى خبرة فنية ومحل ثقة
- تقليل تكاليف ونفقات التقاضى
- سرية عملية التحكيم وهذا يحافظ على سمعة أطراف النزاع فى التحكيم
- سهولة الحصول على حكم بسبب تقديم المستندات بالبريد الإلكترونى
المطلب الثانى :

 آلية إبرام اتفاق التحكيم الإلكترونى

أولاً : صور إبرام اتفاق التحكيم الإلكترونى

هناك صورتين لإبرام اتفاق التحكيم الصورة الأولى : مشارطة التحكيم
هى اتفاق على اللجؤ إلى التحكيم يبرم بصورة مستقلة عن العقد الأصلى ، وهى مثلها مثل أى اتفاق يتلاقى فيه إرادتا الطرفان على كافة المسائل التفصيلة الواردة فيه . الصورة الثانية : شرط التحكيم هو بند يرد من ضمن بنود العقد يتفق بقتضاه أطراف العقد على عرض ما ينشأ بينهم من منازعات على محكم أو أكثر يختارونة للفصل فى النزاع بدلاً من المحكمة المختصة .

ثانياً : مدى ضرورة كتابة اتفاق التحكيم

تشترط معظم القوانين الوطنية والاتفاقات الدولية أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً حتى يكون صحيحاً . وقد تطور مفهوم الكتابة حتى تم التوصل إلى الكتابة الإلكترونية . وبعد حدوث جدل فقهى وقانونى على مدى حجية الكتابة الإلكترونية كوسيلة للإثبات فى اتفاق التحكيم تم التوصل إلى الإقرار بأن ، اتفاق التحكيم المبرم إلكترونياً هو اتفاق صحيح من الناحية القانونية ، ومرتب لذات الأثار التى يرتبها اتفاق التحكيم المبرم خطياً .

ثالثاً : مضمون اتفاق التحكيم

يشمل اتفاق التحكيم على عدة جوانب وهى ، القانون الواجب التطبيق وقد ترك القانون للأطراف حرية اختيار القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم ، كما يمكنهم اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع التحكيم . ولكن مما يجدر الإشارة إليه أنه ، يتعين على الأطراف عند اختيار القانون الواجب التطبيق فى حالة التحكيم الإلكترونى التأكد من أن القانون أو لائحه التحكيم التى تم اختيارها تسمح بإجراء التحكيم الإلكترونى . ولم يعد ذلك الأمر يمثل مشكلة خاصة فى ظل وجود لوائح تحكيم تنص على اتباع إجراءات إلكترونية من ذلك لائحة تحكيم المحكمة الإلكترونية ، كذلك لائحة تحكيم المنظمة العالمية للملكية الذهنية OMPI . ونظامها لحل المنازعات الخاصة بأسماء حقول الإنترنت . كذلك ما قررته هيئة التحكيم الأمريكية من إجراءات تحكيمية لحل المنازعات التى تقع بين مشغلى الأنظمة ، ومستخدمى الخدمات الخدمات الإلكترونية الذين يدعون كونهم ضحايا لرسائل غير مشروعة . وكذلك يشتمل على أسماء الخصوم وعناوينهم ، أسماء المحكمين وعناوينهم ، وجنسيتهم وصفاتهم أى مراكزهم الوظيفية ، ملخص طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم .
المطلب الثالث :

 تشكيل هيئة التحكيم الإلكترونى

يعد تشكيل هيئة التحكيم الإلكترونى أهم إجراء فى العملية التحكيمية بأكملها لأن هذه الهيئة هى التى ستقوم بمباشرة العملية التحكيمية منذ بدايتها وحتى نهايتها . وهناك صورتين من صور تشكيل هيئة التحكيم تختلف كلاً منها فى إجراءتها عن الأخرى ؛ الصورة الأولى وهى ما يسمى بالتحكيم الخاص ( الحر ) . أما الصورة الثانية فهى ما يسمى بالتحكيم المؤسسى ( النظامى ) . وتختلف طريقة اختيار المحكمين اللذين تتكون منهم هيئة التحكيم فى الصورة الأولى عنها فى الصورة الثانية ففى الصورة الأولى التى تسمى بالتحكيم الخاص يكون للأطراف الحرية الكاملة فى اختيار المحكمين بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى أى كانت . أما الصورة الثانية وهى التحكيم المؤسسى نجد فيه الأطراف يتفقا على اختيار إحدى المؤسسات أو المنظمات سواء كانت متخصصة أم لا ، وفى الغالب فإن هذه المؤسسات هى التى تقوم بتشكيل هيئة التحكيم وفقاً للقواعد المنصوص عليها فى لوائحها الداخلية .
المطلب الرابع :

 مصادر أحكام التحكيم التجارى الإلكترونى

وهذه المصادر تتمثل فى الآتى
أولاً : الاتحاد الأوربى ؛ حيث نص المادة ( 17) من التوجية رقم 31/ 2000 المسمى بتوجية التجارة الإلكترونية على السماح للدول الأعضاء فى حالة وجود نزاع بين مقدمى خدمة المعلومات والمتعاملين معهم بتسوية هذه الخلافات خارج المحاكم وباستخدام الوسائل الإلكترونية .
ثانياً : المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO ؛ وقد اشتهرت هذه المنظمة التى تقدم خدماتها السريعة فى فض النزاعات المتعلقة بالتسجيل أو سوء استخدام الأسماء على شبكة الإنترنت وتعرض هذه الخدمات على نطاقات أعلى من النطاق العام مثل COM , NET , ORG ، وكذلك النطاقات المحلية ، حيث تنجز جميع مراحل الدعوى بصورة متصلة على شبكة الإنترنت ، ويتم الحصول على القرارات النافذه خلال مدة شهرين .
ثالثاً : القاضى الافتراضى ؛ يعتبر أول مشروع لفض المنازعات عبر الإنترنت وتسوية منازعات التجارة الإلكترونية باستخدام شبكة الإنترنت هو مشروع التحكيم الإلكترونى المعروف باسم القاضى الافتراضى . وقد أطلق هذا المشروع فى مارس 1996 كمشروع تجريبى للتحكيم عبر الإنترنت بهدف فض المنازعات الناشئة بين مستخدمى الإنترنت وهؤلاء الذين تضرروا من الرسائل أو الملفات غير المشروعة ، والقائمين على تشغيل الأنظمة المختلفة إلى حد توجية الشكاوى أو المطالبات بالتعويض ضد مشغلى الأنظمة .
رابعاً : المحكمة الإلكترونية ؛ وفقاً لنظام هذه المحكمة تتم كافة الإجراءات إلكترونياً على موقع المحكمة الإلكترونية ، بداية من طلب التسوية ، ومروراً بالإجراءات وانتهاءً بإصدار الحكم وتسجيلة على الموقع الإلكترونى للمحكمة ، وهو فى ذلك يختلف عن نظام التقاضى الإلكترونى ، حيث نجد فى هذا الأخير أن جزء واحد فقط من هذه الإجراءات يتم فى إطار إلكترونى .
خامساً : نظام تسوية منازعات أسماء الدومين ؛ وفى هذا الإطار واستهدافاً لوضع نظام موحد يعمل على تسوية منازعات أسماء الدومين ، فقد أصدرت مؤسسة الإنترنت لتخصيص الأسماء والأرقام والإيكان ، العديد من الوثائق يأتى فى مقدمتها وثيقتان ، الأولى : تضمنت السياسة الموحدة لتسوية منازعات أسماء الدومين ، والمسماة بوثيقة المبادىء وصدرت فى 26/8/1999 ودخلت حيز التنفيذ فى 1/12/1999 ، والثانية تناولت قواعد وإجراءات نظام التسوية ، والمسماة لائحة الإجراءات وصدرت فى 24/10/1999 . ومن أهم خصائص هذا النظام أن إجراءات التسوية تجرى من خلال آليات إلكترونية مثل البريد الإلكترونى ، ويوفر مركز الويبو نماذج للشكاوى والردود عليها كما يمسك قواعد بيانات لإدارة القضايا ، كما أن تشغيل النظام لا يعتمد على أماكن وجود مواطن أصحاب الشكوى أو المدعى عليهم أوالمسجلين ، فقد روعى فى تصميم النظام من ناحية أن يكون نموذجياً وعالمياً من حيث نطاقة على الأقل بالنسبة لمنازعات أسماء الدومين من المستوى النوعى العالمى ، ومن ناحية أخرى أن يحصل تشغيله دون حاجة للوجود المادى للأشخاص فى مكان محدد .
سادساً : اقتراح بإنشاء مركز دولى لإدارة التسوية إلكترونياً ؛ تقتضى متطلبات التعامل فى العقود الدولية الإلكترونية تطوير تنظيم لتسوية المنازعات التى يحتمل أن تنشىء عنها ، ولا سيما بعد أن أصبح جلياً وجود صعوبات تواجة تطبيق تنازع القوانين على يد المحاكم الداخلية للدول بالنسبة لمعاملات التجارة الإلكترونية . ولذلك اقترح البعض إنشاء مركز دولى لإدارة التسوية إلكترونياً على أن يتم تأسيسة فى إطار أعمال دوليه قائمة .
المطلب الخامس : 

صدور حكم التحكيم الإلكترونى وأحكامها

يثور التساؤل عن الآلية التى يتم بها صدور حكم التحكيم فى البيئة الإلكترونية ؟ فإذا كان تنفيذ الحكم الصادر عن التحكيم التقليدى يخضع فى العادة لبعض المقتضيات الخاصة بشكل الحكم ، فبالتأكيد أن حكم التحكيم الصادر فى الشكل الإلكترونى يجب أن يستوفى بعض الشروط المشددة فى مرحلة إعداده حتى يعترف له ببعض الآثار فى مرحلة تنفيذه وسوف نتناولة من حيث كيفية صدورة وأثاره ، وذلك فى السياق التالى : أولاً : كيفية صدور الحكم الإلكترونى

1- المداولة : 

نظراً لأن مضمون المداولة هو تبادل وجهات النظر فى اتجاهات الحكم والتوصل إلى الأغلبية المطلوبة ، ولذلك فليس هناك مجال للتوقف عن وسيلة إتمام هذه العملية ، وتأسيساً على ذلك فقد قضت المحاكم فى بعض البلاد أنه يجوز للمحكمين المداولة بالوسائط الإلكترونية ؛ كالبريد الإلكترونى ، أو المداولة المرئية ، ما دام قد أحيط استخدامها بالاحتياطات المناسبة التى تلبى مقتضيات احترام حقوق الدفاع واحترام مبدأ المواجهة بين أطراف الخصومة . وفى هذا السياق أيدت محكمة النقض الفرنسية قضاة الموضوع الذين رأوا أنه لا يلزم أن يلتقى المحكمون فى مكان واحد للمداولة ، وعليه يمكن إتمام المداولة عن طريق الإنترنت ؛ حيث يوجد كل محكم من هيئة فى مكان مختلف ولكن يجمعهم التواجد الافتراضى على شبكة الإنترنت .

2- إصدار الحكم

وفى هذا الشأن نتحدث عن بعض المسائل المتعلقة بحكم التحكيم الإلكترونى وهى جنسيته ، وشكله والإخطار به . أما بالنسبة لجنسية حكم التحكيم الإلكترونى فلا يخرج الأمر من فرضين : الفرض الأول : أن يكون القانون الذى اختارته هيئة التحكيم هو قانون دولة بعينها وحينئذٍ يأخذ الحكم جنسية هذه الدولة . أما الفرض الثانى : فهو أن يكون القانون الذى تطبقة هيئة التحكيم غير منتم لأى دولة معينه ، وهنا لا مناص من إسباغ جنسية الدولة مقر التحكيم على حكم التحكيم الإلكترونى وتحدد دولة مقر التحكيم فى حالات التحكيم الإلكترونى بالمكان الذى يتواجد فيه المحكمون فعلاً .

ثانياً : الشكل الذى يصدر فيه حكم التحكيم الإلكترونى

يصدر حكم التحكيم الإلكترونى بذات الطريق التى دارت بها إجراءاته أى على نحو إلكترونى ؛ وتأسيساً على ذلك ، تتم كتابة حكم التحكيم إلكترونياً والتوقيع عليه إلكترونياً كبديل للكتابة اليدوية والتوقيع اليدوى ، ولا نصادف صعوبة فى مجال الاعتراف القانونى حيث أجازت القوانين والاتفاقات الدولية الكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكترونى وحجيتهما فى الإثبات . وبذلك يصدر حكم التحكيم مكتوباً بشكل إلكترونى .

ثالثاً : الإخطار بحكم التحكيم الإلكترونى

من المقرر أنه يجب أن يكون فى مقدور أطراف الخصومة العلم بالحكم الصادر فيها ، وذلك بمجرد صدورة لذلك تتطلب الاتفاقات والأنظمة التحكيمية ضرورة إخطار الأطراف بحكم التحكيم الصادر فى النزاع ، وحيث أن الهدف من الإخطار استلام الأطراف لصورة من حكم التحكيم ، ففى النظام الإلكترونى يكون تحقق هذا الهدف عن طريق إبلاغ الحكم للأطراف بإرسال بريد إلكترونى للأطراف مع إفاده بالاستلام عند الاقتضاء .

رابعاً : أثار صدور حكم التحكيم الإلكترونى

عند صدور حكم التحكيم الإلكترونى نكون بصدد التعرض لحجيته والقوة التنفيذية له وسوف نتعرض لذلك بصدد حكم التحكيم الإلكترونى ، عند التعرض لحجية حكم التحكيم الإلكترونى نجد أنه ، على الرغم من أن معظم التشريعات تعترف بتمتع أحكام التحكيم بحجية الأمر المقضى ، ولكن فى حكم التحكيم الإلكترونى نجد أنه توجد بعض الأحكام التى لا تتمتع بحجية الأمر المقضى مثل التحكيم الذى يجرى وفقاً للائحة الموحدة لمنظمة الأيكان . بينما يتمتع حكم التحكيم الصادر من القاضى الافتراضى بالقوة الإلزامية لأطراف التحكيم الذين يتعهدون باحترامة والقيام بتنفيذه . أما بالنسبة للطعن فى حكم التحكيم الإلكترونى فقد نصت المادة 25 من لائحة المحكمة الفضائية على أنه لايجوز الطعن فى أحكام التحكيم الإلكترونى ؛ حيث يعد حكم التحكيم نهائياً ولا يجوز الطعن فيه بالاستئناف .
وهذا هو نفس الحكم الذى يقرره نظام القاضى الافتراضى على خلاف محكمة التحكيم الفضائية التى أنشأت بولاية Michign بالولايات المتحدة الأمريكية فأحكامها تقبل للاستئناف والطعن فيها .

خامساً : تنفيذ حكم التحكيم الإلكترونى

 فمن المعروف وفقاً لتنفيذ حكم التحكيم التقليدى أن يقدم طالب التنفيذ نسخه من أصل حكم التحكيم أو صورة رسمية من هذا الأصل ، وهذا لا يثير أى مشكله بالنسبة لحكم التحكيم الإلكترونى لأن نظام المعلوماتية لا يميز بين الأصل والصورة . وهكذا يمكن أن تماثل الوثيقة الإلكترونية الأصل بتوافر شرطين معاً :
الأول : يتعين وجود ضمان إمكان التشغيل فيما يخص كمال المعلومة
الثانى : أن تكون المعلومة كاملة ويمكن الكشف عنها للشخص المقدمة إليه .
أما بالنسبة لحفظ حكم التحكيم الإلكترونى ، فإنه يتم ذلك الحفظ بالنسبة لحكم التحكيم الإلكترونى من خلال موقع الإنترنت التى تباشر من خلالة هيئة التحكيم عملها .
خلاصة القول
أن إجراء عميلة التحكيم بشكل إلكترونى لم تعد مشكلة بالنسبة للهيئات التحكيمية ، وإن كانت تتشابة مع عملية التحكيم بالشكل التقليدى فى بعض الجوانب وتتميز عنها فى جوانب أخرى إلا أنه لا يمكن تجاهل تميزها عن التحكيم التقليدى بالعديد من المزايا .
المراجع والإشارات المرجعيه
1 - عبد الحميد المنشاوى ، التحكيم الدولى والداخلى فى المواد المدنية والتجارية والإدارية طبقاً للقانون رقم 27 لسنة 1994 ، منشأة المعارف بالأسكندرية ، 1995 ، ص116
2 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، 1999 ، ص154
3 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى ، المرجع السابق ، الموضع السابق ، ص154 وما بعدها
4 - عبد الحميد المنشاوى ، التحكيم الدولى والداخلى فى المواد المدنية والتجارية والإدارية طبقاً للقانون رقم 27 لسنة 1994 ، المرجع السابق ، ص 119
5 - عبد الحميد المنشاوى ، المرجع السابق ، ص 120
6 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى ، المرجع السابق ، ص 162 وما بعدها
7 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، 2004ص 157
8 - عبد الحميد المنشاوى ، المرجع السابق ، ص 256
9 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى ، الطبعة الثانية ، المرجع السابق ، ص 163-164
10 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى ، الطبعة الثانية ، المرجع السابق ، الموضع السابق
11 - عبد الحميد المنشاوى ، المرجع السابق ، ص 238
12 - محمود مختار أحمد بريرى ، التحكيم التجارى الدولى الطبعة الثالثة،المرجع السابق ص 129
13 - محمود مختار أحمد بريرى
بحث منشور على الرابط :
http://scacli.org/arabportal_22/forum.php?action=view&id=186
تاريخ الاطلاع 7/5/2012


ابحث عن موضوع