بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الشرط المعدل للمسؤولية العقدية

أ

جامعة النجاح الوطنية

كلية الدراسات العليا

الشرط المعدل للمسؤولية العقدية

في القانون المدني المصري

إعداد

احمد سليم فريز نصرة

إشراف

الدكتور غسان عمر خالد

قدمت هذه الأطروحة استكمالا لمتطلبات درجة الماجستير في القانون الخاص بكلية الدراسات

العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فلسطين

2006

 

ج

فهرس المحتويات

الموضوع رقم الصفحة

الغلاف أ

ورقة التواقيع ب

فهرس المحتويات ت

الملخص ز

المقدمة 1

الفصل التمهيدي: التعريف بالمسؤولية العقدية وبالشروط المعدلة لها 4

المبحث الأول: التعريف بالمسؤولية العقدية 5

المطلب الأول: أركان المسؤولية العقدية 5

الفرع الأول: الإخلال بالتزام عقدي 6

الفرع الثاني: حدوث ضرر 13

الفرع الثالث: توفر علاقة سببية بين الخطأ العقدي والضرر 20

المطلب الثاني: تمييز المسؤولية العقدية عن المسؤولية التقصيرية 23

الفرع الأول: شروط المسؤولية التقصيرية 23

أولا: الخطأ 23

ثانيا: الضرر 25

ثالثا: علاقة السببية بين الخطأ والضرر 26

الفرع الثاني: الفروق بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية 27

الفرع الثالث: الجمع بين المسؤوليتين وتخير المضرور أحد المسؤوليتين 29

المبحث الثاني: التعريف بالشروط المعدلة للمسؤولية العقدية وآثارها من حيث

الأشخاص

33

المطلب الأول: أنواع الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية ونطاقها 33

الفرع الأول: أنواع الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية 33

د

أولا: الشرط المعفي من المسؤولية العقدية 34

ثانيا: الشرط المخفف من المسؤولية العقدية 35

ثالثا: الشرط المشدد في المسؤولية العقدية 36

الفرع الثاني: نطاق الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية 37

المطلب الثاني: تمييز الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية عما يشتبه بها من النظم 39

الفرع الأول: تمييز الشروط المعدلة عن التعويض الاتفاقي 39

الفرع الثاني: تمييز الشروط المعدلة للمسؤولية عن التأمين من المسؤولية 40

المطلب الثالث: آثار صحة وبطلان الشرط من حيث الأشخاص 43

الفرع الأول: عدم جواز الاحتجاج إلا على العاقد الذي قبل الشرط المعفي 43

أولا: الخلف العام 44

ثانيا: الخلف الخاص 47

الفرع الثاني: الاستثناءات التي ترد على عدم جواز الاحتجاج بالشرط على الغير 50

أولا: الدعوى المباشرة 50

ثانيا: الاشتراط لمصلحة الغير 54

ثالثا: الخطأ المشترك 55

المطلب الرابع: أثر بطلان الشرط المعدل على العقد 57

الفرع الأول: بطلان الشرط بطلانا كاملا 57

الفرع الثاني: بطلان الشرط بطلانا جزئيا 59

الفصل الأول: شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية 61

المبحث الأول: جواز شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية 62

المطلب الأول: صحة الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية للمتعاقد 62

الفرع الأول: جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية للمتعاقد 62

الفرع الثاني: جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية في المدني المصري

والمشروع 69

ه

المطلب الثاني: عدم جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية في حالتي الغش

والخطأ الجسيم

72

الفرع الأول: المقصود بالغش والخطأ الجسيم 72

أولا: المقصود بالغش 72

ثانيا: المقصود بالخطأ الجسيم 74

الفرع الثاني: الإعفاء في حالتي الغش والخطأ الجسيم في القانون المصري

والمشروع 77

المطلب الثالث: جواز الإعفاء من المسؤولية العقدية عن فعل الغير في المدني

المصري والمشروع

79

الفرع الأول: شرط الإعفاء من المسؤولية عن أخطاء الغير 79

الفرع الثاني: موقف المدني المصري والمشروع من شرط الإعفاء عن خطأ

الغير 81

المبحث الثاني: تطبيقات شرط الإعفاء والقيود التي ترد عليه 83

المطلب الأول: تطبيقات تشريعية لحالات الجواز والحظر لشرط الإعفاء 83

الفرع الأول: عقد البيع 83

أولا: الاتفاق على الإعفاء من ضمان الاستحقاق 84

ثانيا: الاتفاق على الإعفاء من ضمان العيب الخفي 89

الفرع الثاني: عقد الإيجار 94

الفرع الثالث: عقد المقاولة 95

الفرع الرابع: عقد النقل 96

البند الأول: عقد النقل البري 96

أولا: نقل الأشياء 97

ثانيا: نقل الأشخاص 101

البند الثاني: النقل الجوي 106

و

أولا: نقل الأشياء 107

ثانيا: نقل الأشخاص 107

البند الثالث: عقد النقل البحري 108

أولا: نقل البضائع 108

ثانيا: نقل الأشخاص 113

الفرع الخامس: مدة التقادم 115

المطلب الثاني: القيود التي ترد على شرط الإعفاء من المسؤولية 116

الفرع الأول: بطلان شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية عن الأضرار الجسدية 116

الفرع الثاني: إبطال الشروط المعفية من مسؤولية التاجر تجاه المستهلك 120

الفرع الثالث: إبطال الشروط التعسفية 121

الفرع الرابع: عدم مخالفة الالتزام الرئيس في العقد 123

الفرع الخامس: ضرورة كتابة ووضوح شرط الإعفاء 125

المبحث الثالث: آثار صحة شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية من حيث الموضوع 125

المطلب الأول: انتقال عبء الإثبات 126

المطلب الثاني: أثر الأخذ بفكرة الخيرة على آثار شرط الإعفاء 128

المطلب الثالث: عدم مسؤولية المدين 128

الفصل الثاني: الشروط المخففة من المسؤولية العقدية 130

المبحث الأول: صحة الشروط المخففة والاستثناءات التي ترد عليه 131

المطلب الأول: صحة الشروط المخففة 132

الفرع الأول: الاتفاق على إنقاص مدة التقادم 132

الفرع الثاني: الاتفاق على تحويل الالتزام من تحقيق غاية إلى بذل عناية 133

الفرع الثالث: التخفيف في درجة العناية المطلوبة في تنفيذ الالتزام 137

الفرع الرابع: إعفاء المدين إعفاء جزئيا من المسؤولية 139

الفرع الخامس: الاتفاق على حد أعلى للتعويض 140

ز

المطلب الثاني: الاستثناءات التي ترد على شروط التخفيف 141

المبحث الثاني: تطبيقات شروط التخفيف والقيود التي ترد عليها 142

المطلب الأول: تطبيقات شروط التخفيف من المسؤولية 142

الفرع الأول: عقد البيع 142

الفرع الثاني: عقد الوديعة 143

الفرع الثالث: عقد المقاولة 146

المطلب الثاني: القيود التي ترد على شروط التخفيف 147

الفرع الأول: القيود التي ترد على شرط تخفيف درجة العناية 147

الفرع الثاني: القيود التي ترد على شرط تخفيف نوع الالتزام 150

الفرع الثالث: القيود التي ترد على شرط تقصير مدة التقادم 151

المبحث الثالث: الآثار المترتبة على الشروط المخففة من حيث الموضوع 152

المطلب الأول: الآثار المترتبة على شرط تخفيف درجة العناية 152

المطلب الثاني: الآثار المترتبة على شرط تخفيف نوع الالتزام 152

المطلب الثالث: الآثار المترتبة على شرط تقصير مدة التقادم 154

الفصل الثالث: الشرط المشدد للمسؤولية العقدية 155

المبحث الأول: شرط تحمل المدين السبب الأجنبي 156

المطلب الأول: المقصود بالسبب الأجنبي وأثره على العقد 156

الفرع الأول: المقصود بالقوة القاهرة وشروطها 157

الفرع الثاني: خطأ الدائن وخطأ الغير 160

أولا: خطأ الدائن 160

ثانيا: خطأ الغير 161

الفرع الثالث: أثر السبب الأجنبي على العقد 162

المطلب الثاني: جواز ضمان المدين للسبب الأجنبي وتكييفه القانوني وأثره 166

الفرع الأول: جواز شرط ضمان المدين القوة القاهرة 167

ح

الفرع الثاني: تحمل المدين تبعة خطأ الدائن وخطأ الغير 175

أولا: الاتفاق على ضمان المدين خطأ الغير 176

ثانيا: تضمين المدين خطأ الدائن 177

الفرع الثالث: التكييف القانوني لضمان المدين القوة القاهرة والحادث

المفاجيء 179

أولا: تحمل المدين القوة القاهرة يعد تشديدا في المسؤولية 180

ثانيا: اعتبار الاتفاق ضربا من التأمين 183

ثالثا: اعتبار اتفاق تحمل تبعة القوة القاهرة من قبيل الضمان 184

الفرع الرابع: أثر شرط ضمان القوة القاهرة من حيث الموضوع 187

أولا: أثر شرط الضمان على عبء الإثبات 187

ثانيا: أثر شرط الضمان على مسؤولية المدين 189

المبحث الثاني: الشرط المشدد في تقييم مسلك المدين 189

المطلب الأول: الشرط المشدد في تقييم مسلك المدين والاستثناءات التي ترد عليه 190

الفرع الأول: جواز التشدد في تقييم مسلك المدين 190

الفرع الثاني: الاستثناءات التي ترد على جواز الاتفاق على التشدد في تقييم

مسلك المدين 191

أولا: الغش 192

ثانيا: الخطأ الجسيم 193

المطلب الثاني: أثر التشدد في تقييم مسلك المدين من حيث الموضوع 193

الفرع الأول: آثار الشرط على عبء الإثبات 193

الفرع الثاني: آثار الشرط على مسؤولية المدين 194

المبحث الثالث: تطبيقات الشروط المشددة في المسؤولية والقيود التي ترد عليه ا

195

المطلب الأول: تطبيقات الشروط المشددة للمسؤولية 195

ط

الفرع الأول: تطبيقات الشروط المشددة للمسؤولية في عقد البيع 196

أولا: زيادة ضمان الاستحقاق 196

ثانيا: زيادة ضمان العيب الخفي 197

الفرع الثاني: تطبيقات الشرط المشدد في عقد الإيجار 197

الفرع الثالث: تطبيقات الشرط المشدد في عقد المقاولة 199

الفرع الرابع: تطبيقات الشرط المشدد في عقد النقل 201

البند الأول: عقد النقل البري 201

أولا: عقد نقل البضائع 201

ثانيا: عقد نقل الأشخاص 202

البند الثاني: عقد النقل الجوي 203

أولا: عقد نقل الأشياء 203

ثانيا: عقد نقل الأشخاص 203

البند الثالث: عقد النقل البحري 204

أولا: عقد نقل البضائع 204

ثانيا: عقد نقل الأشخاص 204

الفرع الخامس: مدة التقادم

205

الفرع السادس: تطبيقات الشرط المشدد في عقود الأمانة 205

المطلب الثاني: القيود التي ترد على شروط التشديد 206

الفرع الأول: وضوح وصراحة شرط التشديد 206

الفرع الثاني: سلامة جسم الإنسان 209

الفرع الثالث: مخالفة الشرط للنظام العام وحسن النية في العقود 210

الفرع الرابع: ألا يتخذ الشرط بندا في عقد إذعان 210

الفرع الخامس: مجافاة الشرط للعدالة 211

ي

الخاتمة 212

قائمة المصادر والمراجع 219

المراجع 220

المصادر 233

b الملخص باللغة الإنجليزية

ك

الشرط المعدل للمسؤولية العقدية

في القانون المدني المصري

إعداد

أحمد سليم فريز نصرة

إشراف

د. غسان عمر خالد

الملخص

لقد عالجت في رسالتي هذه الشروط المعدلة في المسؤولية العقدية، وذلك بعد أن

تعرضت في فصل تمهيدي لعدة موضوعات ذات علاقة بموضوع الرسالة، حيث عرضت فيه

لأركان المسؤولية العقدية والتقصيرية، وركزت على ركن الخطأ، وأوضحت أن المسؤولية

الشخصية للمدين تمتد إلى مسؤوليته عن أخطاء تابعيه وعن فعل الشيء، وأجريت مقارنة بين

المسؤوليتين، وعرضت لمسألتي الجمع والخيرة بين المسؤوليتين، وقد وجدت أن الأخذ بالخيرة

بين المسؤوليتين يؤدي إلى عدم ترتيب الشرطين المعفي والمخفف لآثارهما، كما قدمت تعريفا

لهذه الشروط، وعرضت لنطاقها، ووجدت أن فكرة التعديل في المسؤولية، يشوبها بعض

الغموض لدى بعض الشراح، وميزتها عن نظام التعويض الاتفاقي، والتأمين من المسؤولية، ثم

عرضت لآثار الشروط من حيث الأشخاص، وبيّنت ما يمكن أن يعد استثناءً على هذه الآثار،

وبيّنت أثر بطلان هذه الشروط الكلي والجزئي على العقد، وهو ما يستدعي إعمال القاعدة العامة

في إنقاص العقود.

وقد خصصت الفصل الأول لشرط الإعفاء من المسؤولية، وعرضت لموقفي الفقه تجاه

هذا الشرط، كما عرضت لموقف القانون والقضاء المصريين، ووجدت أن القانون المدني

المصري أجاز هذا الشرط صراحة ووضع عليه استثناءين، الأول يتعلق بالخطأ الجسيم، والثاني

يتعلق بالغش، إلا أنه لم يأخذ بهذين الاستثناءين فيما يتعلق بالاتفاق على الإعفاء من المسؤولية

عن خطأ الغير، وقد انتقدت هذا الموقف لأن مسؤولية المدين في هذه الحالة هي مسؤولية

شخصية، كما لم يضع القانون المدني المصري، ضوابط أو قيودا كافية على هذا الشرط، وقد

وجدت أنه يجب الأخذ بعدد من الضوابط، مستخلصة من الفقه والقضاء، وأخرى مستمدة من

ل

بعض التطبيقات الخاصة، وهذه القيود تتمثل في عدم إجازة هذا الشرط إذا كان يعلق بسلامة

الإنسان، وعدم إجازته إذا تعلق بالتزام رئيس في العقد، وكذلك ضرورة أن يرد الشرط مكتوبا،

وألا يتعلق بعلاقة بين مستهلك وتاجر، وألا يرد في عقد إذعان، ووجدت أنه رغم جواز هذا

الشرط كقاعدة عامة، إلا أنه وردت بعض التطبيقات التي تعتبره باطلا، وتبين لي أن هذا الشرط

يؤدي إلى عدم مسؤولية المدين، رغم أنه يكون في الأصل مسؤولا بموجب القواعد العامة، كما

يترتب عليه نقل عبء الإثبات في حالتي الغش والخطأ الجسيم.

أما الفصل الثاني فخصصته، للشرط المخفف، وقد لاحظت أن لهذا الشرط عدة صور،

وقد حصرتها في صورتين عامتين هما: حالتي التخفيف من درجة أو نوع الالتزام، وأضفت

إليهما صورة خاصة تتعلق بالشرط الذي يقضي بتقصير مدة التقادم، ووجدت جواز الصورتين

الأولى والثانية، وعدم جواز الثالثة، إلا في أحوال ضيقة، وقد استبعدت من صور الشرط

المخفف، الصورة التي ترد على مبلغ التعويض، حيث لم اعتبرها شرطا مخففا في المسؤولية،

وإنما هو تعويض؛ إما اتفاقي وإما قانوني، كما ألحقت الإعفاء الجزئي من الالتزام بحكم شرط

الإعفاء، لأنه لا يتميز عنه بشيء، علما أن معظم أحكام الشرط المخفف يسري عليها ما يسري

على الشرط المعفي، وذلك لاتحاد العلة في معظم الأحيان.

كما تناولت في الفصل الثالث، ألشرط المشدد في المسؤولية، حيث عرضت لشرط تحمل

المدين السبب الأجنبي، وقد بيّنت مفهومه، وما يشتمل عليه، وأوضحت أنه يحتمل وجهين: الأول

يدخل في مفهوم الضمان، ويعد التزاما بالمعنى الدقيق، والثاني يبقى في إطار المسؤولية،

ويترتب على كل تكييف آثار مختلفة، وعرضت لآثار هذا الشرط على عبء الإثبات وعلى

مسؤولية المدين، كما بيّنت الاستثناءات التي ترد عليه، وعالجت الشرط الذي يشدد في تقييم

مسلك المدين وبينت صوره، وأثره على عبء الإثبات وعلى مسؤولية المدين، ثم عرضت

لتطبيقات عديدة للشرط المشدد في المسؤولية، وذلك في عدة عقود، ثم عرضت للقيود التي ترد

على الشرط المشدد في المسؤولية، وهي الكتابة والوضوح، وسلامة جسد الإنسان، وعدم مخالفة

النظام العام وحسن النية، وعدم تعسفية الشرط، وعدم مخالفة الشرط للعدالة.

م

وقد وضعت خاتمة، عرضت فيها استخلاصاتي العامة على معظم مناحي البحث، أما

التفاصيل المتعلقة بتطبيقات الشروط، فلم أعرض إلا لبعضها في الخاتمة لضيق المقام، وقد

قصرت اقتراحاتي في الخاتمة على صياغة النص العام الذي أرى إيراده في القانون المدني،

بالإضافة إلى نص آخر يتعلق بعدم جواز الخيرة بين المسؤوليتين.

1

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

ُ كتب كثير في موضوعات المسؤولية المدنية، سواء أكانت عقدية أم تقصيرية، وذلك

لأهميتها من الناحتين العملية والنظرية، وقد رأيت تخصيص رسالتي هذه للبحث في أحد

موضوعات المسؤولية العقدية، وذلك بالشروط المعدلة فيها، حيث تقل الدراسات في هذا

الموضوع من موضوعات المسؤولية، وخاصة فيما يتعلق بشرطي تخفيف وتشديد المسؤولية.

كما وتنبع أهمية هذا الدراسة في أن الشروط المعدلة في المسؤولية، تمثل خروجا خطيرا

عما تقضي به قواعد المسؤولية، حيث يقتضي الأصل تحقق المسؤولية العقدية إذا أخل المدين

ببعض، أو كل التزاماته بموجب العقد، ونتج عن ذلك الإخلال ضرر بالدائن، وتوافرت علاقة

السببية بين الإخلال وبين الضرر. فيعمد المتعاقدون في بعض الأحيان إلى تضمين عقودهم

شروطا تخالف هذه القواعد، عبر تضمين عقودهم شروطا تعفيهم من المسؤولية، أو تخففها، أو

تشددها. ويكثر التعاقد على مثل هذه الشروط في وقتنا الحاضر، وذلك بسبب انتشار نماذج

العقود من جهة، وبسبب سعي الطرف القوي في العقد إلى تحسين شروط العقد لمصلحته إلى

أقصى مدى من جهة أخرى، في ظل هيمنة التوجه الفردي، الذي لا يُقيد -غالب ا- حرية

الأطراف، ولا غاية له إلا احترام الإرادة الفردية إلى أقصى مدى. كما أن لهذا البحث أهمية

فلسطينية، وان كان منصبًا في الدرجة الأولى على حكم هذه الشروط في القانون المدني

المصري، وذلك في الوقت الذي يعمل فيه المشرع الفلسطيني على إنجاز القانون المدني، الذي

أصبح مشروعه في مراحل متقدمة، خاصة وأن مشروع هذا القانون قد استقى معظم أحكامه من

القانون المدني المصري الذي أجاز هذه الشروط الخطيرة.

ويثير البحث في الشروط المعدلة في المسؤولية، عدة إشكاليات وتساؤلات؛ ففيما يتعلق

بشروط الإعفاء والتخفيف من المسؤولية، لا بد من البحث في العلاقة الكامنة بين هذه الش روط

وبين جواز أو عدم جواز الخيرة بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية، وأثر ذلك على هذه

الشروط. كما يستدعي البحث في هذه الشروط، التعريف بها في محاولة لفهمها، والبحث في

2

جوازها من عدمه، والأساس القانوني لها، والانطلاق في ذلك من قاعدة التسليم بوجود هذه

الشروط لحاجات عملية، دون النظر إلى هذه الشروط من موقع المؤيد أو المعارض لها بشكل

مجرد، وفي حالة إجازتها، يجب البحث في القيود التي ترد والتي يجب أن ترد عليها،

والاستثناءات التي أوردها المشرع، وحدودها، والبحث في نطاق هذه الشروط، وعلاقتها

بالإعفاء من الالتزام، وتمييزها عن غيرها مما يشتبه بها من نظم قانونية، وفي أثر هذه

الشروط، وفي علاقة هذه الشروط بعبء الإثبات.

أما فيما يتعلق بالشرط المشدد في المسؤولية، فالبحث فيه يستدعي معرفة صوره،

وأساسها القانوني، والتعريف به، وعلاقته باتفاق الضمان، وبالتأمين على المسؤولية، وفي القيود

والاستثناءات التي ترد عليه، وأثره على عبء الإثبات.

وسأعمل على الإجابة عن هذه التساؤلات في ظل موقف القانون المدني المصري،

وقضاء محكمة النقض المصرية، مع الاستفادة من بعض قرارات محكمة النقض الفرنسية،

وبعض قرارات المحاكم البريطانية، وسأعرض لموقف مشروع القانون المدني الفلسطيني من

كل هذه المسائل في هامش البحث، إلا إذا كانت المسألة -موضوع البحث- على خلاف كبير

بين المشروع والقانون المدني المصري، ففي هذه الحالة سأعرض لموقف مشروع القانون

المدني في متن البحث، خاصة في الأمور الجوهرية.

وسأعرض لتطبيقات هذه الشروط في بعض العقود المتداولة، في القانون المدني، وفي

بعض القوانين الخاصة، وتحديدا قانون التجارة المصري، ومشروع قانون التجارة الفلسطيني،

وقانون التجارة البحرية المصري، ومشروع قانون التجارة البحرية الفلسطيني، وسأشير إلى

موقف بعض التشريعات السارية في فلسطين، خاصة في التطبيقات العملية الواردة بنصو ص

متفرقة، في محاولة لمعرفة اتجاه تلك القوانين، لما لذلك من أهمية في معرفة الضرورات العملية

التي توجه التعامل مع تلك الشروط، سواء من حيث إجازتها، أو إبطالها، أو تقييدها.

وسيقتصر بحثي على الشروط المعدلة في مجال المسؤولية العقدية، دون بحثها في مجال

3

المسؤولية التقصيرية، وذلك لتخصيص البحث، وتعميقه، وتحديده. وتحقيقا لأهداف هذا البحث،

وفي محاولة للإجابة على تساؤلاته، فقد وضعت لذلك خطة البحث على النحو التالي:

الفصل التمهيدي: أدرس فيه التعريف بالمسؤولية العقدية وبالشروط المعدلة لها، عبر دراسة

أركان المسؤولية العقدية، ومقارنتها بالمسؤولية التقصيرية، وأعرض لمسألة الجمع والخيرة بين

المسؤوليتين، كما أعرف الشروط المعدلة في المسؤولية، وأميزها عن التعويض الاتفاقي

والتأمين، وأعرض لآثار الشروط المعدلة من حيث الأشخاص، والاستثناءات التي ترد على عدم

جواز الاحتجاج بالشرط على الغير، ثم أعرض لآثارها إذا وردت باطلة كليا أو جزئيا.

الفصل الأول: أدرس فيه شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية، من حيث جوازه في المسؤولية

الشخصية للمدين، وفي مسؤولية المدين عن خطأ الغير، والاستثناءات التي ترد على هذا

الجواز، ولتطبيقات الشرط في عقود البيع، والإيجار، والنقل، والمقاولة، والقيود التي ترد على

الشرط، وآثاره من حيث الموضوع.

الفصل الثاني : أدرس فيه الشروط المخففة من المسؤولية العقدية، من حيث صحتها وصورها،

وحكم كل صورة، وتطبيقاته في عقود البيع، والوديعة، والمقاولة، والقيود التي ترد على الشروط

المخففة، وآثارها من حيث الموضوع.

الفصل الثالث: أدرس فيه الشرط المشدد للمسؤولية العقدية، وشرط تحمل المدين السبب

الأجنبي، من حيث جوازه، وتكييفه، وآثاره على العقد. ثم أعرض للشرط المشدد في تقييم مسلك

المدين، من حيث جوازه وأساسه القانوني، والاستثناءات التي ترد عليه، وآث اره على عبء

الإثبات، وعلى مسؤولية المدين، وتطبيقات الشروط المشددة في المسؤولية، في عقود البيع،

والإيجار، والمقاولة، والنقل، وعقود الأمانة، ثم القيود التي ترد على هذه الشروط.

4

الفصل التمهيدي

التعريف بالمسؤولية العقدية وبالشروط المعدلة لها

5

الفصل التمهيدي

التعريف بالمسؤولية العقدية وبالشروط المعدلة لها

في هذا الفصل الذي قسمته إلى مبحثين، أدرس؛ التعريف بالمسؤولية العقدية في مبحث

أول، ثم توضيح أنواع الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية، ونطاقها، وتمييزها عن النظم القانونية

الشبيهة بها، وآثارها من حيث الأشخاص، وأثر بطلانها على العقد في مبحث ثان.

المبحث الأول: التعريف بالمسؤولية العقدية

إن التعريف بالمسؤولية العقدية لغايات هذا البحث، يقتضي البحث في أركانها، وفي

تميزها عن المسؤولية التقصيرية، وهو ما سأدرسه في مطلبين، أفردت الأول منهما لأركان

المسؤولية العقدية، ثم أفردت الثاني لدراسة المسؤولية التقصيرية وتمييزها عن العقدية، ومسألتي

الجمع والخيرة بين المسؤوليتين، لما لذلك من أهمية في إطار البحث.

المطلب الأول: أركان المسؤولية العقدية

عالج المشرع المصري في القانون المدني( 1)، المسؤولية العقدية بنصوص متفرقة، وسار

مشروع القانون المدني الفلسطيني على هديه( 2)، حيث نصا على وجوب تنفيذ العقد وفقا لما

1) مدني مصري( 3)، ونصا على أن الالتزام (الحق) ينفذ جبرا على / اشتمل عليه (المادة 148

1) مدني مصري( 4)، كما نصا على أن " العقد شريعة المتعاقدين" (المادة / المدين به (المادة 199

1/147 ) مدني مصري( 5)، وعلى إجبار المدين على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا بعد اعذاره (المادة

.( 1/203 ) مدني مصري( 6

1) القانون المدني المصري رقم ( 181 ) لسنة 1948 . وسأشير إليه لاحقا (مدني مصري). )

2) مشروع القانون المدني الفلسطيني ومذكراته الإيضاحية، إعداد: موسى أبو ملوح وخليل احمد قتادة، ديوان الفتوى )

والتشريع في فلسطين، 2003 . وسنشير إليه لاحقا (المشروع).

1) من المشروع. / 3) يقابلها نص المادة ( 148 )

4) يقابلها نص المادة ( 221 ) من المشروع. )

5) يقابلها نص المادة ( 147 ) من المشروع. )

6) يقابلها المادة ( 225 ) من المشروع. )

6

وأركان المسؤولية العقدية ثلاثة: الخطأ والضرر وعلاقة السببية، خصصت لها الفروع

الثلاثة التالية.

الفرع الأول: الإخلال بالتزام عقدي

الإخلال بالتزام عقدي، أو (الخطأ العقدي)، هو الركن الأول من أركان المسؤولية

العقدية. وقد اختلف شراح القانون المدني في تعريف الخطأ العقدي، فهناك من يعِّرف الخطأ

العقدي بأنه:" انحراف في سلوك المدين بالالتزام، لا يأتيه الرجل المعتاد إذا وجد في نفس

ظروف المدين العادية"( 7)، وأرى أن هذا التعريف يقصر الخطأ العقدي على معيار واحد، هو

.( معيار الرجل العادي، في حين أن معيار الخطأ قد يكون معيارا شخصيا( 8

،( ويعرفه آخرون بأنه:" انحراف إيجابي أو سلبي في سلوك المدين يؤدي إلى مؤاخذته"( 9

وهذا التعريف يمتاز بأنه وان كان جامعا، إلا انه غير مانع، ذلك انه يدخل فيه - باعتقادي -

الخطأ التقصيري، كما يدخل فيه المسؤولية بأركانها الثلاثة، فالخطأ العقدي لا يؤدي في ذاته

للمؤاخذة، في حين أن التعريف، يفيد أن الخطأ يؤدي إلى المؤاخذة، فالمؤاخذة تحتاج إلى توافر

الأركان الثلاث للمسؤولية.

كما يعرف الخطأ العقدي بأنه:" عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد"( 10 )، فالخطأ

العقدي هو عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد، ويشمل ذلك عدم التنفيذ المطلق، سواء لكامل

7) السرحان، عدنان إبراهيم و خاطر، نوري حمد: شرح القانون المدني- مصادر الحقوق الشخصية" الالتزامات"دراسة )

. مقارنة، ط 1، عمان، الدار العلمية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002 ، ص 313

8) يلاحظ انه قد يتفق الأطراف على معيار شخصي، أو ينص القانون على معيار شخصي، ومن ذلك ما نظمه القانون في )

عقد الوديعة غير المأجورة والوكالة غير المأجورة، وهو ما سأعرض له في سياق البحث.

، 9) سلطان، أنور: مصادر الالتزام (دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي)، ط 3، دون مكان نشر، المكتب القانوني ، 2000 )

، ص 262 . دواس، أمين: المصادر الإرادية ( العقد والإرادة المنفردة)، رام الله، دار الشروق للنشر والتوزيع، 2004

. ص 210

10 ) السنهوري،عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام بوجه عام، ج 1، مصادر الالتزام ، بيروت، )

دار إحياء التراث، دون سنة نشر، ص 656 ، فقرة 427 . بنفس المعنى: الصدة، عبد المنعم فرج: مصادر الالتزام- دراسة

. في القانون اللبناني والقانون المصري، بيروت، دار النهضة العربية، 1979 ، ص 412

7

الالتزام أو لجزء منه، أو تنفيذه المعيب، أو تنفيذه المتأخر( 11 ). وأرى أن التعريف الأخير هو

الأكثر دقة من غيره، فهو من جهة تعريف جامع يعبر عن ماهية الخطأ العقدي الذي هو ذاته

(عدم التنفيذ)، كما أنه تعريف مانع بحيث أنه يقتصر على العقد دون غيره من مصادر الالتزام،

وهو من جهة ثالثة يعبر عن الحالة العملية للخطأ العقدي، وهو ما يدعمه موقف القضاء، وفي

ذلك قالت محكمة النقض المصرية:" المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم تنفيذ المدين لإلتزامه

التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته"( 12 ). غير أنني لا أرى أن

التعريف دقيق، ذلك أنه يعتبر أن الخطأ كاف لترتيب المسؤولية، بينما تحتاج المسؤولية توافر

جميع الأركان حتى تقوم.

وتختلف صورة الخطأ تبعا إلى اختلاف نوعي الالتزام العقدي: فقد يكون الالتزام

بتحقيق غاية، وقد يكون ببذل عناية( 13 ). علما أن ما يميز الالتزامات ويجعلها؛ إم ا التزامات

بوسيلة وأما التزامات بغاية، هي إرادة الأطراف، فإذا تعذر معرفة إرادتهم، وجب الرجوع عندئذ

إلى طبيعة النتيجة التي يسعى المتعاقدان إلى تحقيقها، وذلك من حيث طابع الاحتمال أو اليقين

.( النسبي في تحققها( 15

وتبعا لهذا التقسيم، فإذا كان التزام المدين بتحقيق غاية، فانه يعد مخطئا إذا لم تتحقق

الغاية المطلوبة، ولا يقبل منه أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ من جانبه، لأن هذا الخطأ قد وقع

11 ) أبو الليل، إبراهيم الدسوقي: نظرية الالتزام، ج 1، المصادر الإرادية للالتزام - العقد والإرادة المنفردة ،الكويت، )

مطبوعات جامعة الكويت، 1995 ،ص 305 . ألاهواني، حسام الدين كامل: مصادر الالتزام- المصادر الإرادية، دون مكان

. نشر، دون ناشر، 1992 ، ص 309 . دواس، أمين: مرجع سابق، ص 208

1989 سنة المكتب الفني 40 . منشور في : / 01 / 12 ) الفقرة الثالثة من الطعن رقم 0592 لسنة 55 بتاريخ 26 )

وتشتمل على قرارات محكمة النقض المصرية المخزنة على أقراص ممغنطة، ،(IGLC) مكتبة التشريعات العربية

والموجود نسخة منها لدى المعهد السويسري للقانون المقارن في لوزان. ونشير إلى أن قرارات النقض المصرية التي

سترد في سياق البحث هي من هذا المصدر إذا لم نشر إلى مصدرها، إلا إذا اشرنا صراحة إلى مرجع آخر.

.265- 657 . سلطان، مرجع سابق، ص 264 - 13 ) للتفصيل في ذلك: السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 656 )

211 . أبو الليل، مرجع سابق، - السرحان وآخر، مرجع سابق،ص 313 وما بعدها. دواس، أمين: مرجع سابق، ص 209

.311- 413 . الاهواني، مرجع سابق، ص 310 - ص 304 . الصدة، مرجع سابق، ص 412

15 ) حجازي، عبد الحي: النظرية العامة للالتزام وفقا للقانون الكويتي- دراسة مقارنة، ج 1، مصادر الالتزام- المصادر )

، الإرادية (العقد والإرادة المنفردة)، المجلد الأول، نظرية الالتزام-تحليل العقد، الكويت، مطبوعات جامعة الكويت، 1982

.172- ص 171

8

فعلا لعدم تنفيذ التزامه( 16 )، وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن: "مجرد عدم تنفيذ

المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر في ذاته خطأ موجبا للمسئولية ألتى لا يدرؤها عنه إلا إثباته قيام

القوة القاهرة أو خطأ الدائن"( 17 ). وجاء في قرار آخر:" عدم تنفيذ المدين لإلتزامه التعاقدي يعتبر

.( في ذاته خطأ يرتب مسئولية"( 18

ومن أمثلة هذا النوع من الالتزام؛ الالتزام ببناء بيت أو بنقل حق عيني، أو الامتناع عن

المنافسة( 19 )، والتزام البنك بضمان ما هو مودع في الخزانة الحديدية( 20 )، والتزام الناقل بإيصال

البضاعة، وقد قضت في ذلك محكمة النقض المصرية بأن: "عقد نقل الأشياء يلقى على ع اتق

الناقل التزاما بضمان الأشياء المراد نقلها سليمة إلى المرسل إليه، وهذا الالتزام ه و التزا م

بتحقيق غاية، فإذا تلفت هذه الأشياء أو هلكت فإنه يكفى أن يثبت أن ذلك حدث أثناء تنفيذ عق د

النقل، ويعتبر هذا إثباتا لعدم قيام الناقل بإلتزامه، فتقوم مسئوليته عن هذا الضرر بغير حاجة إلى

إثبات وقوع خطأ من جانبه، ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن التلف أو الهلاك نش أ

.( عن عيب في ذات الأشياء المنقولة أو بسبب قوة قاهرة أو خطأ من الغير"( 21

16 ) أبو البصل، عبد الناصر موسى: دراسات في فقه القانون المدني الأردني- النظرية العامة للعقد ، ط 1، الأردن، دار )

. النفائس للنشر والتوزيع، 1999 ، ص 331

1955 سنة المكتب الفني 06 / 03 / 17 ) الفقرة الثامنة من الطعن رقم 0213 لسنة 21 بتاريخ 10 )

1968 سنة المكتب الفني 19 . أيضا: الفقرة / 12 / 18 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0563 لسنة 34 بتاريخ 05 )

1967 سنة المكتب الفني 18 . والفقرة الثانية من / 12 / الأولى من الطعن رقم 0215 لسنة 34 بتاريخ 28

1972 سنة المكتب الفني 23 . والفقرة الثالثة من الطعن رقم / 12 / الطعن رقم 0422 لسنة 37 بتاريخ 12

. 1979 سنة المكتب الفني 30 / 03 / 0002 لسنة 46 بتاريخ 19

19 ) الفار، عبد القادر: مصادر الالتزام، مصادر الحق الشخصي في القانون المدني، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، )

. 2004 ، ص 141

20 ) المادة ( 117 ) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 . ونشير إليه لاحقا (تجاري أردني). )

1968 سنة المكتب الفني 19 . ويلاحظ أن / 12 / 21 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0190 لسنة 34 بتاريخ 19 )

محكمة النقض المصرية ذهبت إلى أن التزام الناقل يبقى قائما حتى مع وجود خطا الغير- وذلك في حالة الأضرار

الجسدية- إلا إذا كان ذلك الخطأ لا يمكن توقعه أو تفاديه وان يكون خطأ الغير وحده سبب الضرر، وفي ذلك تقول

المحكمة الموقرة:" المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاما بضمان سلامة

الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير

حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ من قوة قاهرة أو خطأ من

الراكب المضرور أو خطأ من الغير على أنه يشترط في خطأ الغير الذي يعفى الناقل من المسئولية إعفاءا كاملا ألا يكون

9

أما في حالة الالتزام ببذل عناية، فان الخطأ يتحقق إذا لم يقم المدين ببذل العناية

اللازمة، ومعيار عدم التنفيذ (الخطأ) في هذا النوع من الالتزام، هو –بصورة عامة- معيار

الرجل المعتاد، فإذا لم يقم المدين ببذل مقدار من العناية هي عناية الرجل المعتاد يكون مرتكبا

.( للخطأ العقدي( 22

وفي ذلك تقول المادة ( 211 ) مدني مصري:" 1- في الالتزام بعمل، إذا كان المطلوب

من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم بإدارته أو يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فان

المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي، ولو لم

يتحقق الغرض المقصود. هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك. 2- وفي كل حال

يبقى المدين مسؤولا عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم".

ويتطابق هذا النص مع ما جاء في المادة ( 234 ) من المشروع، التي جاء في مذكرتها

الإيضاحية:" ترد هذه المادة صور الالتزام بعمل إلى طائفتين:

الأولى: تنظم ما يوجب على الملزم المحافظة على الشيء أو إدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ

ما التزم الوفاء به. وبعبارة أخرى ما يتصل الإلزام فيه بسلوك الملتزم وعنايته.

والثانية: يدخل فيه ما عدا ذلك من صور العمل كالالتزام بإصلاح آلة، وتقتصر هذه المادة على

حكم الطائفة الأولى، فتحدد مدى العناية التي يتعين على المدين أن يبذلها في تنفيذ الالتزام،

والأصل في هذه العناية أن تكون مماثلة لما يبذله الشخص المعتاد فهي بهذه المثابة وسط بين

.( المراتب، يناط بالمألوف في عناية سواد الناس بشؤونهم الخاصة"( 23

في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب". الفقرة الأولى من الطعن رقم

1995 سنة المكتب الفني 46 . والفقرة الرابعة من الطعن رقم 0888 لسنة / 11 / 2271 لسنة 59 بتاريخ 28

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 06 / 60 بتاريخ 19

265 . السرحان وآخر، - 657 . سلطان، مرجع سابق، ص 264 - 22 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 656 )

211 . أبو الليل، مرجع سابق، ص 304 . الصدة، مرجع - مرجع سابق،ص 313 وما بعدها. دواس، مرجع سابق، ص 209

.31- 413 . الاهواني، مرجع سابق، ص 310 - سابق، ص 412

23 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 108 . المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ج 1، ط 3، إعداد المكتب )

. الفني، نقابة المحامين الأردنيين، عمان، مطبعة التوفيق، 1992 ، ص 395

10

ومن أمثلة الالتزام ببذل عناية، التزام المودع لديه بحفظ الوديعة، والتزام المستعير بحفظ

العارية( 24 )، والتزام صاحب الفندق باتخاذ ألاحتياطات التي تكفل سلامة النزلاء( 25 )، والتزام

.( الطبيب بمعالجة المريض –بوجه عام- هو التزام ببذل عناية( 26

إلا أن معيار الرجل المعتاد ليس معيارا مطلقا، فقد يكون المعيار مختلفا، وذلك في

الأحوال التي ينص القانون أو يقضي الاتفاق بذلك، وهذا الحكم واضح في المادة ( 211 ) مدني

مصري الواردة أعلاه.

1) مدني مصري من أنه:" / ومثال هذه الأحوال في القانون، ما جاء في المادة ( 641

على المستعير أن يبذل في المحافظة على الشيء العناية التي يبذلها في المحافظة على ماله دون

1) مدني مصري:" إذا / أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد". كما جاء في المادة ( 720

كانت الوديعة بغير أجر وجب على المودع عنده أن يبذل من العناية في حفظ الشيء ما يبذله في

حفظ ماله دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد"، وهذه العناية هي المطلوبة في

.( 1) مدني مصري( 27 / حالة الوكيل بغير أجر بموجب المادة ( 704

وهناك رأيان حول تحقق الخطأ العقدي، فيتحقق الخطأ العقدي بمجرد عدم التنفيذ على

حسب الرأي الأول( 28 )، إلا أن المدين يستطيع أن يدرأ عنه المسؤولية بنفي علاقة السببية بين

. 24 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 209 )

. 1980 سنة المكتب الفني 31 / 01 / 25 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 1466 لسنة 48 بتاريخ 23 )

1966 -طعن 381 سنة 31 ق- مجموعة الأحكام "مدني" السنة 17 قاعدة 88 ص 636 . محكمة /3/ 26 ) محكمة النقض- 22 )

. 69 س 20 ص 1075 /6/26 ، 1971 – الطعن 464 لسنة 36 ق- مجموعة الأحكام، السنة 22 ص 1062 /12/ النقض – 21

1969 - الطعن 111 لسنة 35 ق- مجموعة الأحكام، السنة 20 ص 1075 . وهذه القرارات مشار إليها /6/ محكمة النقض- 26

في كتاب: جمعة، عبد المعين لطفي: موسوعة القضاء في المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ، الكتاب الثاني ،

.20- القاهرة، عالم الكتاب، 1979 ، ص 19

27 ) يقابلها نص المادة ( 831 ) من المشروع. وقد أخذ المدني الأردني بحكم مغاير، حيث أوجب في هذه الحالة على الوديع )

أن يبذل عنايته في شؤونه الخاصة، ولم يشترط أن لا يزيد التكليف على عناية الرجل المعتاد، فقد يكلف بموجب النص

أحكام المدني الأردني ببذل عناية تفوق عناية الرجل المعتاد حتى وان كانت الوديعة بغير اجر، وهو ما نصت عليه المادة

. 841 ) من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 )

. 28 ) في تفصيل هذين الرأيين: السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 656 )

11

خطئه وبين الضرر الذي أصاب الدائن جراء عدم التنفيذ( 29 ). ويذهب رأي آخر إلى أن الخطأ

العقدي في حالة الالتزام بتحقيق غاية، لا يتحقق بمجرد عدم التنفيذ، وإنما يكون مفترضا لمجرد

عدم التنفيذ( 30 ). ونحن نؤيد هذا الرأي، وأرى أن خطأ المدين في الالتزام بتحقيق غاية، يكون

مفترضا في حالة عدم التنفيذ، لأن القانون نص على أحوال ينقضي فيها الالتزام، وهي حالات

السبب الأجنبي، حيث لا يكون ثمة التزام، فلا يتصور قيام مسؤولية المدين، وانقضائها في ذات

الوقت.

وكما يترتب الخطأ العقدي في المسؤولية عن الخطأ الشخصي، كذلك فانه يترتب على

المسؤولية عن فعل الغير، وعن الأشياء.

( ومسؤولية المدين العقدية عن فعل الغير مقررة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ( 217

مدني مصري، حيث جاء فيها:" وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب

على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم. ومع ذلك يجوز

للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش والخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في

تنفيذ التزامه"( 31 ). ومبدأ المسؤولية مستخلص بصورة غير مباشرة من هذا النص، فما دام انه

يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليته عن الخطأ الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ

التزامه، فذلك لا يستقيم إلا إذا كان هو في الأصل مسؤولا عن خطأ هؤلاء الأشخاص، فيستطيع

.( بالاتفاق أن ينفي عنه هذه المسؤولية( 32

إلا انه يجب التفريق بين مسؤولية المدين عمن يستخدمهم في تنفيذ التزامه، وبين

الحالات الأخرى للمسؤولية العقدية عن الغير، ففي الحالة الأولى تتحقق مسؤولية المدين إذا

تحققت مسؤولية المستخدم من قبله بنفس الشروط، فإذا كانت مسؤولية المدين ببذل عناية تحققت

29 ) ومن هذا الرأي: عقل، فريد: الالتزام- نظرية الالتزامات في القانون المدني السوري والفقه الإسلامي، ط 4، جامعة )

. دمشق، 1995 ، ص 239 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 660 . الصدة، مرجع سابق، ص 417

. 30 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 309 . سلطان، مرجع سابق، ص 262 )

31 ) يقابلها نص المادة ( 238 ) من المشروع. )

. 32 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 668 )

12

مسؤوليته أن لم يبذل مستخدمه العناية اللازمة، وان كانت بتحقيق نتيجة تتحقق مسؤوليته إذا لم

يحقق مستخدمه النتيجة المطلوبة( 33 )، أما الأحوال الأخرى فمنها مسؤولية المؤجر عن أعمال

التعرض الصادرة عن مستأجر آخر أو أي شخص تلقى الحق عن المؤجر، فيكون مسؤولا عن

أخطائهم تجاه المستأجر، وكذلك هو مسؤول عن أعمال تابعيه، إلا أن مسؤوليته هنا تقوم بنص

2) مدني مصري( 34 )، وكذلك الحال في مسؤولية / القانون وهو ما نصت عليه المادة ( 571

صاحب الفندق تجاه الزبائن عن أخطاء قد يرتكبها نزلاء آخرون في الفندق( 35 )، وقد أسست

محكمة النقض المصرية هذا النوع من المسؤولية عن فعل الغير على (طبيعة العقد)، فقالت فيما

يتعلق بالتزام صاحب الفندق تجاه سلامة النزلاء، بأنه:" أمر تفرضه طبيعة عقد الإيواء وصادف

هذا صحيح القانون إذ مفاد النص في الفقرة الثانية من المادة 148 من القانون المدني على أن

(لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا

للقانون والعرف بحسب طبيعة الالتزام) …"( 36 ). أي أن المحكمة الموقرة- باعتقادي-وجدت في

هذا الالتزام التزاما ناشئا من طبيعة العقد. علما أن مسؤولية صاحب الفندق عن فعل الغير في

.( المحافظة على أغراض النزيل هو التزام مصدره القانون( 37

كما أن المدين يسأل عن فعل الأشياء، ويقصد بالخطأ العقدي عن الأشياء، هو عدم تنفيذ

المدين لالتزامه العقدي، وعدم التنفيذ هنا لا يرجع إلى فعل المدين الشخصي، بل إلى فعل

الشيء( 38 ). ويتحقق ذلك في أحوال عديدة منها؛ حالة أولى تسليم المدين (البائع) الآلة المباعة إلى

المشتري، فتنفجر الآلة في يد المشتري، وتصيبه بضرر في نفسه أو بماله، هنا يصبح البائع

مسؤولا بمقتضى التزامه العقدي بضمان العيوب الخفية. وفي حالة أخرى يكون المستأجر

33 ) الدناصوري، عز الدين و الشواربي، عبد الحميد: المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء، ط 6، دون مكان نشر، )

. دون ناشر، 1997 ، ص 410

2) من المشروع. / 34 ) يقابلها نص المادة ( 625 )

. 35 ) الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 411 )

. 1980 سنة المكتب الفني 31 / 01 / 36 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 1466 لسنة 48 بتاريخ 23 )

1) مدني مصري على أنه:" يكون أصحاب الفنادق والخانات وما ماثلها فيما يجب عليهم من عناية / 37 ) نصت المادة ( 727 )

بحفظ الأشياء التي يأتي بها المسافرون والنزلاء مسؤولين حتى عن فعل المترددين على الفندق أو الخان".

38 ) حرج، زهير بن زهري: الخطأ في المسؤولية المدنية –دراسة مقارنة في النظام الانجلوسكسوني وفي النظام )

. اللاتيني، (رسالة دكتوراة غير منشورة)، جامعة عين شمس، 1999 ، ص 148

13

مسؤولا عن رد العين المؤجرة، فيتدخل شئ في حراسة المستأجر كمواد متفجرة تؤدي إلى

حريق بالعين، فهنا لم ينفذ المدين التزامه العقدي برد العين المؤجرة، فيكون مسؤولا مسؤولية

عقدية. وفي حالة ثالثة، يقوم المدين بتنفيذ العقد عن طريق استعمال شيء فيؤذي هذا الشي ء

الدائن، ويكون المدين مسؤولا بمقتضى العقد، ومثال ذلك عقد النقل ينفذه أمين النقل بوسائل

المواصلات المختلفة، كسيارة أو قطار أو طائرة، فيصطدم القطار أو تسقط الطائرة، فيصاب

الراكب بالضرر، فيكون المدين مسؤولا مسؤولية عقدية، ويرى البعض أن المسؤولية في هذه

الأحوال لا تكون عن فعل المدين الشخصي، وإنما عن فعل الشيء( 39 ). وأرى خلاف ذلك، ب أن

مسؤولية المدين هي عن فعله الشخصي، وأشير إلى أنه لم ترد في القانون قواعد خاصة

بمسؤولية المدين العقدية عن فعل الشيء في حراسته، ولما كان وجود الشيء في حراسة المدين

فان فعل الشيء في هذه الحالة يعتبر فعلا شخصيا للمدين، ويكون المدين مسؤولا بالتالي عن

فعل الشيء الذي في حراسته مسؤوليته عن فعله الشخصي( 40 ). على انه إذا اجتمعت المسؤولية

.( العقدية عن الشيء والمسؤولية التقصيرية، فتطبق الأولى( 41

الفرع الثاني: حدوث ضرر

أما الركن الثاني من أركان المسؤولية العقدية فهو حدوث الضرر، فإذا اثبت الدائن

الخطأ ولم يثبت الضرر لا نكون أمام مسؤولية عقدية( 42 )، وقد قضت محكمة التمييز الأردنية بأن

حصول المشتري على الأرز بسعر أقل من السعر الذي اتفق عليه مع البائع، يدلل أن المشتري

لم يصب بأي ضرر مما اعتبرته المحكمة غير موجب للمسؤولية( 43 ). وفي قرار آخر للمحكمة

ذاتها بينت أن:"على الدائن إثبات تكبد دفع قيمة الآلات المصنعة لغايات العطاء إذ لا يكفي مجرد

.671- 39 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 670 )

. 40 ) حرج، زهير: مرجع سابق، ص 149 )

. 41 ) في تفصيل ذلك: الدناصوري وآخر، مرجع سابق،ص 364 )

42 ) أبو البصل، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 334 . دواس، أمين: مرجع سابق، ص 211 . الاهواني، مرجع سابق، )

. ص 312

86 ، منشور في مجلة نقابة المحامين، السنة السابعة والثلاثون، العدد الثالث، لسنة 1989 ، ص / 43 ) تمييز حقوق 269 )

.1808

14

قيام المديونية لثبوت الضرر الفعلي للضمان، لأن المديونية يمكن أن تسوى برد المبيع أو

.( باستبداله أو بتسويته"( 44

وينقسم الضرر إلى مادي ومعنوي( 45 )، أما المادي، فهو الضرر الذي يصيب الدائن في

ذمته المالية، وأما الضرر المعنوي فهو ما يصيب الدائن في شرفه أو سمعته وكرامته، كالمساس

بسمعة المؤلف إذا أحدث الناشر تغييرات في مؤلفه، وهناك الضرر الجسدي، فهو الأذى الذي

يصيب الإنسان في جسمه، كما هو الحال في عمليات التجميل التي قد تؤدي إلى تشوهات في

وجه الشخص أو في أحد أعضائه( 46 ). وقد نص القانون المدني المصري صراحة على شمول

(1/ التعويض للأضرار الأدبية (المعنوية) إلى جانب الأضرار المادية، فقد نصت المادة ( 222

مصري على:" يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضا، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى

.( الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء"( 47

إلا أن التعويض عن الضرر الأدبي مقتصر على المضرور نفسه، وللأزواج، والأقارب

إلى الدرجة الثانية في حال وفاته، وفي ذلك تقول محكمة النقض الموقرة:" مفاد نص المادة 222

من القانون المدني أن الحق في التعويض عن الضرر الأدبي مقصور على المضرور نفسه فلا

ينقل إلى غيره إلا أن يكون هناك إتفاق بين المضرور والمسئول بشأن التعويض من حيث مبدئه

و مقداره أو أن يكون المضرور قد رفع الدعوى فع ً لا أمام القضاء مطالبًا بالتعويض. أما الضرر

الأدبي الذي أصاب ذوى المتوفى فلا يجوز الحكم بالتعويض عنه إلا للأزواج و الأقارب إلى

الدرجة الثانية"( 48 ). إلا أن مطالبة الأزواج والأقربين لا تكون على أساس المسؤولية العقدية، بل

، 87 ، منشور في مجلة نقابة المحامين، السنة الثامنة والثلاثون، العددان الأول والثاني لسنة 1990 / 44 ) تمييز حقوق 383 )

. ص 196

. 45 ) سلطان، مرجع سابق، ص 270 )

. 46 ) السرحان وآخر، مرجع السابق، ص 323 )

47 ) نص المادة ( 222 ) يطبق على المسؤوليتين العقدية والتقصيرية. أخذ المشروع بذات الحكم في المادة ( 239 ) منه، وهو )

بتقديري موقف جيد.

1975 سنة المكتب الفني 26 / 11 / 48 ) الفقرة الثالثة من الطعن رقم 0078 لسنة 41 بتاريخ 04 )

15

.( يجب إقامتها على أساس المسؤولية التقصيرية، وهو ما قررته محكمة النقض المصرية( 49

وحسنا فعل واضعوا المشروع عندما أخذوا بالتعويض عن الضرر الأدبي بنص صريح،

حيث تجاوزوا الخلافات التي نشأت في ظل القانون الأردني، وما سببته تلك الخلافات من

إرباك، ليس بمسألة التعويض عن الضرر الأدبي فحسب، بل وأيضا في التعويض عن الكسب

.( الفائت( 50

49 ) قررت محكمة النقض الموقرة بأنه:" إذا ما أدت الإصابة إلى وفاة الراكب من قبل رفع دعواه فإنه يكون أه ً لا فيم ا )

يسبق الموت و لو بلحظه لكسب الحقوق و من بينها حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور إليه ه ذا

الضرر و يتفاقم، و متى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته و يحق لهم المطالبة به تأسيسًا على

تحقيق مسئولية عقد النقل الذي كان المورث طرفًا فيه، وهذا التعويض يغاير التعويض الذي يسوغ للورثه المطالبة به عن

الأضرار المادية و الأدبية التي حاقت بأشخاصهم بسبب موت مورثهم و هو ما يجوز لهم الرجوع به على أمين النقل على

أساس من قواعد المسئولية التقصيرية و ليس على سند من المسئولية العقدية لأن إلتزامات عقد النقل إنما إنصرفت إل ى

عاقديه فالراكب المسافر هو الذي يحق له مطالبة الناقل بالتعويض عن الإخلال بإلتزامه بضمان سلامته دون ورثته الذين

1981 سنة المكتب / 04 / لم يكونوا طرفًا في هذا العقد" الفقرة الثانية من الطعن رقم 1180 لسنة 47 بتاريخ 29

. 1990 سنة المكتب الفني 41 / 02 / الفني 32 . كذلك: الفقرة الثالثة من الطعن رقم 1162 لسنة 56 بتاريخ 06

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 06 / والفقرة الخامسة من الطعن رقم 0888 لسنة 60 بتاريخ 19

50 ) بخصوص التعويض عن الضرر الأدبي في المدني الأردني؛ فهناك فريق يرى أن المدني الأردني يعوض عن الضرر )

1) مدني أردني التي جاء فيها:" يتناول / الأدبي، فيما يرى فريق ثان غير ذلك، ويستند الفريق الأول إلى نص المادة ( 267

حق الضمان الضرر الأدبي كذلك فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه

الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان". فيما ذهب الرأي الثاني إلى القول بان هذا النص

جاء مقتصرا على المسؤولية التقصيرية دون المسؤولية العقدية لأنه ورد في سياق الحديث عن المسؤولية التقصيرية، كما

أن أصحاب هذا الرأي دعموا رأيهم بقرار لمحكمة التمييز الأردنية الموقرة جاء فيه:" وحيث انه ووفقا للمادة 363 من

القانون المدني بان التعويض يكون بما يساوي الضرر الواقع فعلا أي لا يحكم بالضرر الأدبي ولا بما فات من كسب أو

، 99 ، مجلة نقابة المحامين، السنة الثامنة والأربعين، العددان الخامس والسادس لسنة 2000 / ربح" (تمييز حقوق 526

. ص 1835 . مشار إليه: دواس، أمين: مرجع سابق، ص 214 ). في تفصيل هذا الخلاف: سلطان، مرجع سابق، ص 271

335 . دواس، أمين : مرجع - السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 324 . أبو البصل، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 334

سابق، ص 214 . وأرى بان العديد من الحجج يمكن سوقها في صالح كل من وجهتي النظر، ونذكر من الحجج التي يمكن

أن تدعم الرأي القائل بالتعويض عن الضرر الأدبي في المسؤولية العقدية في ظل القانون المدني الأردني، ما جاء في

المذكرة الإيضاحية للمادة ( 267 ) مدني أردني:" لذا رؤي في المشروع الأخذ بالرأي الذي يجيز التعويض عن الضرر

الأدبي وهذه المادة تقابل المادة ( 205 ) عراقي والمادة ( 222 ) مصري".( المذكرة الإيضاحية للمدني الأردني، مرجع

سابق، ص 300 ) وما يهمنا هو مقابلتها للمادة ( 222 ) مدني مصري التي يستند إليها في التعويض عن الأضرار الأدبية في

المدني المصري. غير أن المذكرة الإيضاحية للمادة ( 363 ) مدني أردني، وهي المتعلقة بالتعويض عن المسؤولية العقدي ة

أوضحت أن الضرر الأدبي لا يعوض عنه في المسؤولية العقدية فقد جاء فيها:" ...وبناء على ذلك اكتفي في التعويض عن

الضرر الأدبي بما جاء في المادة 267 من المشروع الواردة في الفعل الضار" (المذكرات الإيضاحية للمدني الأردني،

16

ويشترط في الضرر حتى يتم التعويض عنه؛ أن يكون واقعا، أو محققا، ومتوقعا،

ومباشرا( 51 )، وأدرس هذه الشروط كما يلي:

أولا: أن يكون الضرر محققا: ويقصد بالضرر الواقع أو المحقق، الضرر الحال الذي تحقق، أي

.( وقع فعلا، كما إذا كانت البضاعة قد أصابها تلف أثناء النقل، أو محقق الوقوع في المستقبل( 52

ويقصد بتحقق الضرر بالمستقبل، هو أن يكون تحققه حتميا، وليس مجرد احتمال وقوعه، وفي

ذلك قضت محكمة النقض المصرية:" يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال

بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر المادي محققًا بأن يقع بالفعل أو بأن يكون وقوعه

في المستقبل حتميًا فمناط تحقق الضرر المادي لمن يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني

عليه كان يعول فع ً لا وقت وفاته على نحو مستمر، ودائم، وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت

محققة، وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله فيقضى له

بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل، فإنه لا يكفى للحكم

.( بالتعويض"( 53

مرجع سابق، ص 402 ). إلا انه- وهذه حجة في مصلحة الفريق الثاني- من المعروف أن مكان النص ( 222 ) مدني

مصري، جاء في مكان عام ينطبق على المسئوليتين، فيما جاء نص المادة ( 267 ) مدني أردني في الفصل الثالث من الباب

الأول وهو المتعلق بالمسؤولية التقصيرية وحدها. ونضيف إلى حجج الرأي الثاني قرارا آخرا لمحكمة التمييز الأردنية

الموقرة جاء فيه:" حق الضمان يتناول الضرر الأدبي في حال التعدي على المضرور في حريته أو في عرضه أو في

شرفه أو سمعته أو مركزه الاجتماعي وهذا لا يتوفر في مسؤولية المتعهد وهي مسؤولية عقدية ناجمة عن عدم تنفيذ ما

97 ، مجلة نقابة المحامين، السنة الخامسة والأربعون، العدد الثاني عشر، سنة / التزم به في العقد". (تمييز حقوق رقم 1095

1997 ،ص 4625 ). يتضح من قرار المحكمة انه طالما أن مسؤولية المتعهد هي مسؤولية عقدية، فان التعويض لا يتحقق

بخصوص الضرر الأدبي.

(1/ 1) مدني أردني لم يأت مطابقا للمادة ( 222 ) مدني مصري، بل جاء في المادة ( 267 / كما أن نص المادة ( 267

مدني أردني: "…يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان". ويلاحظ أن المشرع استعمل لفظ (متعدي) في إشارة إلى أن الحديث

يدور عن فعل ضار فقط.

51 ) الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 439 وما بعدها. السنهوري، مرجع سابق، ص 680 وما بعدها. دواس، أمين : )

مرجع السابق، ص 211 وما بعدها. السرحان وآخر، مرجع السابق، ص 322 وما بعده ا. سلطان، مرجع سابق،

ص 269 وما بعدها. الاهواني، مرجع سابق، ص 312 وما بعدها.

. 52 ) الصدة، مرجع سابق، ص 425 )

1980 سنة المكتب الفني 31 / 01 / 53 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 0724 لسنة 47 بتاريخ 16 )

17

ومسألة تحقق الضرر من عدمه مسألة واقع، أي مسألة موضوعية، يعود الرأي فيها إلى

قاضي الموضوع، ولا دخل لمحكمة النقض بمراقبتها متى كان استخلاص محكمة الموضوع

سائغا، وقد جاء في قرار محكمة النقض المصرية:" استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل

.( الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولا قانونا"( 54

أما إذا كان الضرر غير محقق الوقوع في المستقبل، ولم يتحقق فعلا فيسمى بالضرر

المحتمل، ولا يعوض عن الضرر المحتمل إلا إذا تحقق. ويضرب الأستاذ الفاضل السنهوري

.( مثلا على ذلك، أن يحدث المستأجر بالعين المؤجرة خللا يخشى معه أن تتهدم العين( 55

وأرى أن هذا المثل ينطبق على الضرر المستقبلي المحقق وقوعه في المستقبل، ولا

يصلح للتمثيل على الضرر المحتمل، وأدعم رأيي بما قررته محكمة النقض في قرارها الذي

جاء فيه: "التعويض كما يكون عن ضرر حال، فإنه يكون أيضا عن ضرر مستقبل متى كان

محقق الوقوع، فإذا كانت محكمة الموضوع قد انتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أن

هدم المبنى أمر محتم ولا محيص من وقوعه، فإنها قد قدرت التعويض المستحق للمطعون

ضدها على أساس وقوع هذا الهدم، ولا تكون قد قدرته عن ضرر احتمالي وإنما عن ضرر

.( مستقبل محقق الوقوع"( 56

وهنا تجدر التفرقة بين الضرر المحتمل والكسب الفائت، فالكسب الفائت لا يعد ضررا

محتملا بالمعنى الوارد أعلاه، بل إن تفويت الفرصة (الكسب الفائت)، يسأل عنه المدين في

المدني المصري فيما يتعلق بالمسؤولية العقدية، إضافة إلى مسؤوليته التقصيرية، حيث جاء في

1) مدني مصري:" إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو بنص القانون، فالقاضي / المادة ( 221

هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب…"( 57 ). إلا أنه

1970 سنة المكتب الفني 21 . والفقر ة / 12 / 54 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0174 لسنة 36 بتاريخ 31 )

. 1971 سنة المكتب الفني 22 / 04 / السادسة من الطعن رقم 0240 لسنة 36 بتاريخ 08

. 55 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 681 )

. 1965 سنة المكتب الفني 16 / 06 / 56 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 0325 لسنة 30 بتاريخ 10 )

57 ) يقابلها المادة ( 239 ) من المشروع. )

18

يجب أن يبدي المدين أسبابًا تبرر مطالبته بالكسب الفائت، فلا يكفي أن يدعيه، وفي ذلك تقول

محكمة النقض المصرية:" مناط التعويض عن الضرر المادي الناشئ عن تفويت الفرصة أن

.( تكون هذه الفرصة قائمة و أن يكون الأمل في الإفادة منها له ما يبرره"( 58

غير أن محكمة التمييز الأردنية – في تفسيرها للقانون المدني الأردني الذي لا يعوض

عن الكسب الفائت في المسؤولية العقدية( 59 )- قررت:" وحيث أنه ووفقا للمادة 363 من القانون

المدني بأن التعويض يكون بما يساوي الضرر الواقع فعلا، أي لا يحكم بالضرر الأدبي، ولا بما

.( فات من كسب أو ربح"( 60

ثانيا: أن يكون الضرر متوقعا ومباشرا:

إذ يجب أن يكون الضرر متوقعا وقت إبرام العقد( 61 )، وقصر التعويض عن الضرر

المتوقع، يعود إلى أن إرادة الأطراف هي التي تحدد التزامات الطرفين، والضرر غير المتوقع

2) مدني مصري:" ومع / لا يدخل في دائرة التعاقد، فلا تعويض عنه. وقد جاء في المادة ( 221

ذلك إذا كان الالتزام مصدره العقد فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا

بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد"( 62 ). والمعيار هنا، هو معيار

موضوعي، أي لا يؤخذ بتوقع المتعاقد بشكل شخصي، وإنما يؤخذ بتوقع الشخص العادي إذا

1983 سنة المكتب الفني 34 / 04 / 58 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 1380 لسنة 52 بتاريخ 28 )

،1995 ،5/ 59 ) الزعبي، محمد يوسف: ضمان الضرر في مجال المسؤولية المدنية، دراسات / العلوم الإنسانية ، ع 22 )

246-2431 )، ص 2437 . دواس، أمين: مرجع سابق،ص 212 . أبو البصل، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 336 . وقد )

جاء في المادة ( 363 ) مدني أردني:" إذا لم يكن الضمان مقدرا في القانون أو في العقد فالمحكمة تقدره بما يساوي الضرر

الواقع فعلا حين وقوعه "

. 97 ، مجلة نقابة المحامين، السنة الخامسة والأربعون، العدد الثاني عشر، لسنة 1997 / 60 ) تمييز حقوق رقم 1095 )

. 61 ) الاهواني، مرجع سابق، ص 312 . السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 325 . دواس، أمين: مرجع سابق، ص 212 )

. السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 683 . أبو البصل، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 335

62 ) يقابله نص المادة ( 239 ) من المشروع. وليس لهذا النص مقابل في القانون المدني الأردني. إلا انه ورد في مذكرة )

المادة ( 363 ) مدني أردني:" ومع ذلك ففي الالتزام الذي مصدره العقد لا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما

إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد". المذكرات الإيضاحية للمدني الأردني، مرجع سابق،

. ص 402

19

وجد في مثل ظروف المدين، وقت التعاقد( 63 )، في ذلك تقول محكمة النقض المصرية: "المدين

في المسئولية العقدية لا يلزم في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم إلا بتعويض الضرر الذي

1 من القانون المدني، والضرر المتوقع / يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، وذلك عملا بالمادة 221

يقاس بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، بمعنى أنه هو ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص

المعتاد في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين، لا الضرر الذي يتوقعه هذا المدين

.( بالذات"( 64 ). على أن التوقع لا يقتصر على حدوث الضرر، بل يطال كذلك تقديره ومداه( 65

1) مدني مصري على / كما يشترط أن يكون الضرر مباشرا، حيث نصت المادة ( 221

،( أنه: "… بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر بالوفاء به.."( 66

ومثال الضرر المباشر، إذا اشترى رجل عجلا مصابا بوباء، وأدى ذلك إلى نفوقه، ونفوق

العجول التي وضع معها، مما سبب للمشتري صدمة نفسية أودت بحياته، فالمدين يكون مسؤولا

عن الضرر المباشر، وهو نفوق العجل والعجول الأخرى، ولا يسأل عن وفاة المشتري لأن وفاة

.( المشتري ضررًا غير مباشر( 67

والقاعدة العامة تقضي بأن يثبت الدائن الضرر، إلا أن الدائن يعفى من إثبات الضرر في

حالتين: الأولى: في حالة التعويض الاتفاقي، وهنا اختلف مع الرأي الذي يرى أنه لا توجد فائدة

من النص على التعويض الاتفاقي( 68 )، فعلى الأقل نجد أن هناك أهمية من ناحية الإثبات وهو

قول يتوافق مع ما قررته محكمة النقض المصرية:" من المقرر - و على ما جرى به قضاء هذه

المحكمة - أنه متى وجد شرط جزائي في العقد فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعًا

في تقدير المتعاقدين، فلا يكلف الدائن بإثباته، لأن وجوده يقوم قرينة قانونية غير قاطعة على

. 63 ) سلطان، مرجع سابق، ص 275 )

. 1970 سنة المكتب الفني 21 / 03 / 64 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 0045 لسنة 36 بتاريخ 31 )

. 65 ) الاهواني، مرجع سابق، ص 312 . سلطان، مرجع سابق، ص 275 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 686 )

. أبو البصل، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 335

66 ) ليس لهذا النص مقابل في المدني الأردني. )

. 67 ) السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 325 )

. 68 ) من هذا الرأي: الزعبي، محمد: مرجع سابق، ص 2462 )

20

وقوع الضرر، ويكون على المدين في هذه الحالة إثبات عدم تحقق الشرط، أو إثبات عدم وقوع

.( الضرر"( 69

والثانية: في حالة فوائد التأخير، حيث أعفى المشرع المصري الدائن من إثبات الضرر في هذا

70 ). ولم ينص المشروع على هذا النوع من التعويضات. )( النوع من التعويض في المادة ( 228

الفرع الثالث: توفر علاقة سببية بين الخطأ العقدي والضرر

لم ينص القانون المصري وكذلك المشروع بشكل مباشر، على ضرورة قيام علاقة

1) مدني مصري:"…بشرط أن يكون هذا / السببية بين الخطأ والضرر، وقد نصت المادة ( 221

نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم

يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول"( 71 ). وقد سبق لي القول بأن هذا النص يتعلق

بالضرر المباشر، أي أنه يوجب أن يكون الضرر ناتجا بشكل مباشر عن الخطأ، أي أن النص

يتعلق بمدى الضرر، إلا أنه يمكن الاستدلال منه على علاقة السببية، غير أن هناك من يستند

إلى هذا النص في قولهم أن المشرع المصري قصد منه (علاقة السببية)( 72 ). وهذا القول

باعتقادي لا يستقيم مع الفقرة الثانية من النص التي جاء فيها:" ومع ذلك إذا كان الالتزام مصدره

العقد فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن

توقعه عادة وقت التعاقد" أي أن المقصود بعبارة أن (يكون نتيجة طبيعية) هو أن يكون الضرر

مباشرا كما أوردناه أعلاه. إلا أن هذا النص يدل بصورة غير مباشرة على ضرورة توافر علاقة

السببية. ويقع عبء إثبات علاقة السببية على الدائن، ويكون ذلك بتقديم قرائن عليها، فلا يطلب

منه دليل قاطع( 73 )، وعلى رأي آخر فان الدائن لا يكلف إثبات علاقة السببية فهي قائمة افتراضا

. 1983 سنة المكتب الفني 34 / 01 / 69 ) الفقرة الرابعة من الطعن رقم 0743 لسنة 49 بتاريخ 11 )

70 ) نصت المادة ( 228 ) مدني مصري على انه:"لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن )

ضرر لحقه من هذا التأخير".

1) من المشروع. / 71 ) يقابله نص المادة ( 239 )

. 72 ) سلطان، مرجع سابق، ص 280 . دواس، أمين: مرجع سابق، ص 215 )

. 73 ) الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 455 )

21

وللمدين أن ينفيها( 74 )، وأرى انه على الدائن أن يثبت أن الضرر الذي أصابه هو نتيجة معقولة

لخطأ المدين، وذلك عبر تقديم قرائن أو أدلة تربط بين الخطأ والضرر، ولا يطلب من الدائن

أدلة قاطعة، وهذه الأدلة تكون كافية لنقل عبء الإثبات ليصبح على المدين، ويستطيع المدين أن

ينفي علاقة السببية بين خطئه وبين الضرر الذي أصاب الدائن، وذلك بإثبات السبب الأجنبي،

وفي ذلك نصت المادة ( 215 ) مدني مصري:" إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم

عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا

يد له فيه ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه".

ويرجع السبب الأجنبي إلى ثلاثة عوامل: القوة القاهرة، وفعل الغير، وفعل المتضرر

نفسه( 75 ). وفي ذلك تقول محكمة التمييز الأردنية:" أن إصابة محركات الباخرة الناقلة للبضاعة

موضوع العطاء مما اضطر أصحابها إلى قطرها إلى ميناء المصدر واضطر المحال عليه إلى

.( نقلها إلى باخرة أخرى هو من قبيل الحادث الفجائي والسبب الأجنبي"( 76

وتعد السببية ركنا مستقلا عن ركن الخطأ، وينعدم ركن السببية مع بقاء الخطأ قائما، إذا

كان الضرر لا يرجع إلى الخطأ، بل يرجع إلى سبب أجنبي( 77 )، مثال ذلك أن يتفق الشخص مع

صاحب السيارة على إيصاله إلى قاعة المزاد في وقت معين، فيتأخر السائق على الموعد،

ويوصله متأخرا، ويصدف أن يجد الشخص أن المزاد قد فض قبل الوقت الذي كان يجب أن

يصل فيه بسبب شجار حصل في قاعة المزاد، فصحيح أن السائق اخطأ بأن أوصله متأخرا، إلا

انه حتى لو وصل في الوقت المحدد لوجد أن المزاد قد فض بسبب الشجار، أي أن الضرر الذي

أصاب الشخص جراء عدم المشاركة بالمزاد كان لا بد واقعا، ولم يكن نتيجة التأخير، بل كان

.( نتيجة الشجار( 78

. 74 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 688 )

. 75 ) السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 326 )

. 96 ، مجلة نقابة المحامين، السنة الثامنة والأربعين، العدد الخامس لسنة 1998 ، ص 1428 / 76 ) تمييز حقوق 825 )

. 77 ) السنهوري، مرجع سابق، ص 688 )

. 78 ) لمزيد من الأمثلة: الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 458 )

22

ويقودنا هذا المثال إلى معالجة الحالة التي لا ينشأ فيها الضرر عن سبب واحد، بل عن

أسباب متعددة، يكون خطأ المدين أحدها، فبأي الأسباب يعتد في هذه الحالة؟

طرح الفقهاء الألمان في هذا السياق عدة نظريات أهمها نظرية تكافؤ أو تعادل الأسباب،

ونظرية السبب المنتج. وبموجب النظرية الأولى فان السبب يعتبر متكافئا إذا اشترك في إحداث

الضرر، ويكفي لمعرفة ما إذا كان السبب متكافئا أم لا، أن نتساءل ما إذا كان الضرر واقعا ولو

لم يشترك هذا السبب، فإذا كان الجواب بالإيجاب، فلا يعتد بهذا السبب، وان كان بالنفي فانه

يعتد بهذا السبب. أما بموجب النظرية الثانية، فانه إذا تداخلت عدة أسباب في إحداث الضرر

فيجب التفرقة بين الأسباب العرضية، والأسباب المنتجة، وإهمال الأولى والاعتداد في الثانية،

ويعد السبب منتجا إذا كان من طبيعة الأمور أن يؤدي قيامه إلى وقوع الضرر، أو بعبارة أخرى

.( السبب المنتج هو الذي يؤدي عادة لقيام الضرر( 79

وقد تبنت محكمة النقض المصرية الموقرة، نظرية السبب المنتج، فقد جاء في القرار

التالي وهو يتعلق بالمسؤولية التقصيرية:" ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على

السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس من شأنه بطبيعته إحداث

مثل هذا الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترنًا بالسبب المنتج. لما كان

ذلك، و كان السبب المنتج الفعال في وفاة ابن المطعون ضدهما هو إشعاله النار في نفسه عمدًا،

أما إهمال تابعي الطاعن في حراسته، فلم يكن سوى سببًا عارضًا ليس من شأنه بطبيعته إحداث

هذا الضرر ومن ثم لا يتوافر به ركن المسئولية موضوع دعوى المطعون ضدهما، ولا يعتبر

أساسًا لها"( 80 ). وبقيت المحكمة الموقرة تأخذ بنظرية السبب المنتج في قراراتها اللاحقة، حيث

.( قضت في أحكام حديثة نسبيا على أساس هذه النظرية( 81

.908- 380 . السنهوري، مرجع سابق، ص 904 - 79 ) سلطان، مرجع سابق، ص 378 )

. 1982 سنة المكتب الفني 33 / 06 / 80 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 1247 لسنة 51 بتاريخ 24 )

1992 سنة المكتب الفني 43 . كذلك الفقر ة / 12 / 81 ) الفقرة الرابعة من الطعن رقم 4292 لسنة 61 بتاريخ 17 )

. 1969 سنة المكتب الفني 19 / 11 / الأولى من الطعن رقم 0483 لسنة 34 بتاريخ 28

23

المطلب الثاني: تمييز المسؤولية العقدية عن المسؤولية التقصيرية

أدرس في هذا المطلب شروط المسؤولية التقصيرية باقتضاب في فرع أول، ثم أميزها

عن المسؤولية العقدية في فرع ثان، ثم ننهي هذا المطلب بمسألتي الجمع والخيرة بين

المسؤوليتين في فرع ثالث.

الفرع الأول: شروط المسؤولية التقصيرية

كما هي شروط المسؤولية العقدية ثلاثة؛ الخطأ والضرر وعلاقة السببية، كذلك هي

شروط المسؤولية التقصيرية التي أدرسها تباعا.

أولا: الخطأ

تعتبر فكرة الخطأ أو تجاوز حدود الحق، مسألة محل خلاف كبير بين الفقهاء( 82 )، ونحن

في هذا السياق لسنا معنيين بدراسة هذا الخلاف( 83 )، إلا بالقدر الذي يهمنا لأغراض هذا البحث.

وتختلف فكرة الخطأ في القوانين المتأثرة بالفقه الإسلامي (كالقانون الأردني )، والذي

،( يرتب المسؤولية بمجرد وقوع الفعل المؤدي إلى ضرر، ولو صدر هذا الفعل عن غير مميز( 84

عنها في القوانين المتأثرة بالفقه الغربي (كالقانون المصري )، الذي يشترط توفر عنصر الخطأ،

فيشترط لقيام المسؤولية توفر عنصر التمييز أو الإدراك، بالإضافة إلى عنصر الانحراف عن

، 82 ) ألعدوي، مصطفى عبد الحميد، النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام ، ط 1، مطبعة حمادة الحديثة، 1996 )

491-486 ) وقد أورد الأستاذ مصطفى عدوي تسعة آراء مختلفة في تعريف الخطأ. )

83 ) يقول الأستاذ عبد الحي حجازي في تبريره لعدم اتفاق الفقه على تعريف الخطأ" إن فكرة الخطأ غير محددة لأنها )

تتصل بالأخلاق من قريب، ولما كانت فكرة الأخلاق يعوزها التحديد والضبط لزم أن تكون فكرة الخطأ غير محدودة ولا

. منضبطة" ألعدوي، المرجع السابق، ص 486

84 ) نصت المادة ( 256 ) مدني أردني على أن " كل أضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بض مان الضرر " ويتجه )

المشرع العراقي نفس هذا التوجه لتأثره بالفقه الإسلامي كذلك، للاستزادة: الفضل، منذر: النظرية العامة للالتزام، دراسة

مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية الوضعية، ج 1، مصادر الالتزام، ط 2، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع

. عمان، 1996 ، ص 365

24

سلوك الرجل العادي( 85 ). وقد أخذ المشروع بالفكرتين معا، أي أنه جاء بفكرة الخطأ من القانون

المصري، وكذلك جاء بفكرة الفعل المؤدي إلى الضرر من القانون الأردني، فأوجد بذلك

تعارضا واضحا بين النصوص والأحكام، حيث نصت المادة ( 179 ) منه على:" كل من ارتكب

فعلا سبب ضررا للغير يلزم بتعويضه". يتضح من هذا النص أنه مأخود من القوانين المتأثرة

1) أورد:" يكون الشخص / بالفقه الإسلامي. إلا أن المشروع وفي نص المادة التالية مادة ( 180

مسؤولا عن أفعاله الضارة متى صدرت منه وهو مميز" ويلاحظ أن هذا النص جاء مت أثرا

بالمادة ( 164 ) مدني مصري، وأقول متأثرا لأنه لم يتم أخذ النص كما هو من القانون المصري،

وهذا باعتقادي خطأ ارتكبه واضعوا المشروع، حيث أنهم استعملوا مصطلح (أعماله الضار ة)

بدلا من استعمال مصطلح (أعماله غير المشروعة) كما جاء في النص المصري. ولن نطيل

البحث في هذه النقطة لأنها تحتاج إلى بحث خاص، إلا أننا نقول أن عبارة الأفعال الضارة، هي

عبارة تتناغم مع نص المادة 179 من المشروع، وبالتالي تتناغم مع الاتجاه المأخوذ به من الفقه

الإسلامي، وأرى ضرورة إيجاد تناغم في النصوص، سواء أكان الأخذ قد تم من الفقه الإسلامي

وهو ما أؤيده، أم من القانون المصري وهو ما جرى عليه المشروع في غالبية النصوص، فهذا

يعني أنه يجب الرجوع في استقاء النصوص إلى مصدر واحد حتى لا تتضارب المفاهيم في

إطار النص الواحد، وحسنا فعل واضعوا المذكرات الإيضاحية للمشروع عندما اقترحت الأكثرية

( أن يتم شطب المادة ( 179 ) لوجود التعارض( 86 )، وأرى أنه يجب أن يستعملوا في المادة ( 180

عبارة العمل غير المشروع بدلا من عبارة (أفعاله الضارة)، وذلك لتحقيق التناغم بين الأحكام

والمفردات المستعملة.ومعيار الخطأ، يوجب توفر عنصري الإدراك والانحراف في المدني

المصري. ويتحقق عنصر الانحراف بالفعل أو بالترك، ومعياره موضوعي مجرد لا يرتبط بهذا

الفاعل بالذات، بل ينظر فيه إلى سلوك الشخص العادي المتوسط في مثل الظروف الخارجية

85 ) السنهوري، عبد الرزاق: الموجز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري، ج 1، لم تذكر طبعة، )

بيروت، المجمع العلمي العربي الإسلامي – منشورات محمد الداية، بدون سنة نشر 323 . سلطان، أنور، الموجز في

325 ). الفضل ، مرجع سابق ، -323) مصادر الالتزام، الإسكندرية، منشأة المعارف– جلال حربي وشركاه، 1996

. ص 364

. 86 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 210 )

25

التي وجد فيها الفاعل( 87 )، وعلى خلاف الالتزام في الخطأ في المسؤولية العقدية الذي قد يكون

.( أحيانا، التزاما بتحقيق نتيجة، فان الالتزام في المسؤولية التقصيرية يكون دوما ببذل عناية( 88

ثانيا: الضرر

الضرر ركن من أركان المسؤولية التقصيرية، لا تقوم المسؤولية إلا إذا تحقق، وفي ذلك

قالت محكمة النقض المصرية:" المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المسئولية

التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع

في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ

.( ونتيجة لحدوثه"( 89

وقد سبق القول أن الضرر قد يكون أدبيا، وقد يكون ماديا، وعلى خلاف في القانون

الأردني بين الضرر الأدبي في المسؤوليتين، فان الضرر الأدبي في المسؤولية التقصيرية

1) التي جاء فيها:" يتناول حق الضمان الضرر الأدبي كذلك . / يعوض عنه، بدلالة المادة ( 267

فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه

الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان" وبهذا يختل ف المدني

الأردني مع المدني المصري، حيث أن الأخير ينص على التعويض عن الضرر الأدبي في

المسؤولية العقدية أيضا إلى جانب المسؤولية التقصيرية، وهو مذهب المشروع.

كما أن مقدار التعويض في الضرر في المسؤولية التقصيرية في المدني الأردني يمتد

إلى الكسب الفائت إلى جانب الخسارة اللاحقة، وفي ذلك تقول المادة ( 266 ) مدني أردني:" يقدر

الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن

. 87 ) فودة، عبد الحكم: الخطأ في نطاق المسؤولية التقصيرية، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 1996 ، ص 42 )

. 88 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 779 . الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 11 )

. 1993 سنة المكتب الفني 44 / 06 / 89 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 6051 لسنة 62 بتاريخ 13 )

26

يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار" وبذلك فانه يخالف نظيره المصري الذي يعوض عن

.( الخسارة اللاحقة ليس فقط في المسؤولية التقصيرية بل أيضا في المسؤولية العقدية( 90

ويشترط في الضرر أن يكون محققا( 91 )، وليس احتماليا، وبهذا يتفق القانونان. وقد عالج

المدني المصري التعويض عن الضرر غير المتوقع في المسؤولية التقصيرية، حيث يتضح من

مراجعة النصوص أن القانون المصري يعوض عن الضرر المتوقع وغير المتوقع في المسؤولية

2) مدني مصري:" ومع ذلك إذا كان الالتزام مصدره العقد / التقصيرية، فقد ورد في المادة ( 221

فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأً جسيمًا إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه

عادة وقت التعاقد"( 92 ). وبمفهوم المخالفة لهذا النص، فان المدني المصري يعوض عن الأضرار

غير المتوقعة في المسؤولية التقصيرية، بينما لم يرد في المدني الأردني مثل هذا النص. وفي

ذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن:" المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعويض في

المسئولية التقصيرية تشمل كل ضرر مباشر متوقعا كان أو غير متوقع، وان الضرر بدوره يقوم

.( على عنصرين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته"( 93

ثالثا: علاقة السببية بين الخطأ والضرر

علاقة السببية من أركان المسئولية، وتوافرها شرط لازم لقيامها، والقضاء ب التعويض

تبعا لذلك، وهى تقضي أن يكون الخطأ متصلا بالإصابة أو الوفاة إتصال السبب بالمسبب، بحيث

.( لا يتصور وقوع أيهما بغير قيام هذا الخطأ( 94

وتنتفي علاقة السببية في المسؤولية التقصيرية كما هو الحال في المسؤولية العقدية إذا

اثبت المدين السبب الأجنبي، والسبب الأجنبي يكون إما قوة قاهرة أو حادث مفاجئ، وإما خطأ

90 ) راجع الفرع الثاني من المطلب الأول من هذا المبحث. )

91 ) راجع الفرع الثاني من المطلب الأول من هذا المبحث. )

2) منه. / 92 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 239 )

1996 سنة المكتب الفني 47 . كذلك: الفقرة / 04 / 93 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 1995 لسنة 61 بتاريخ 21 )

. 1974 سنة المكتب الفني 25 / 11 / الثانية من الطعن رقم 0423 لسنة 39 بتاريخ 11

1992 سنة المكتب الفني 43 / 12 / 94 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 1537 لسنة 62 بتاريخ 29 )

27

الغير، وإما خطأ المضرور نفسه، وفي ذلك تقول المادة ( 165 ) مدني مصري :" إذا اثبت

الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ

من المضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق

على غير ذلك"( 95 ). كما قد يشترك فعل المضرور نفسه مع فعل (المدين) في إحداث الضرر،

وفي ذلك جاء في المادة ( 216 ) مدني مصري:" يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا

يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه"( 96 ). كما قد

يشترك في إحداث الضرر عدة مسؤولين، وفي هذه الحالة توزع المسؤولية بحسب جسامة كل

فعل، وقد جاء في المادة ( 169 ) مدني أردني:" إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار ، كانوا

متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين

.( القاضي نصيب كل منهم في التعويض"( 97

وتعتبر جسامة خطأ كل من المسؤولين من مسائل الواقع التي يقدرها القاضي، بحسب

ظروف كل حالة، وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية:".. و من المقرر كذلك أن

استخلاص علاقة السببية بين الخطأ و الضرر و تقدير مدى جسامة الخطأ من مسائل الواقع التي

يقدرها قاضى الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كان إستخلاصه غير

.( سائغ"( 98

الفرع الثاني: الفروق بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية

المسؤولية العقدية تقوم على الإخلال بالتزام عقدي يختلف باختلاف ما اشتمل عليه العقد

95 ) يقابل نص المادة ( 181 ) من المشروع. )

96 ) يقابلها نص المادة ( 242 ) من المشروع. )

97 ) يقابله نص المادة ( 185 ) من المشروع. وقد نصت المادة ( 10 ) من قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 )

الساري في فلسطين على انه:" إذا اشترك شخصان أو أكثر في تبعة فعل بمقتضى أحكام هذا القانون، وكان ذلك الفعل

يؤلف مخالفة مدنية، يتحمل ذانك الشخصان أو أولئك الأشخاص تبعة ذلك الفعل بالتضامن، وتجوز إقامة الدعوى عليهما أو

عليهم مجتمعين أو منفردين".

1981 سنة المكتب الفني 32 . أيضا: الفقر ة / 03 / 98 ) الفقرة الثالثة من الطعن رقم 1443 لسنة 47 بتاريخ 04 )

. 1979 سنة المكتب الفني 30 / 12 / الخامسة من الطعن رقم 1527 لسنة 48 بتاريخ 20

28

من التزامات، والمسؤولية التقصيرية تقوم على الإخلال بالتزام قانوني واحد لا يتغير هو

.( الالتزام بعدم الإضرار بالغير( 99

وأدرس في هذا المقام أهم الفروق التي وردت في القانون المدني المصري والمشروع

:( فيما يتعلق بالمسؤوليتين( 100

أولا: فيما يتعلق بالأهلية: تشترط المسؤولية العقدية أهلية التمييز، في حين لا تشترط المسؤولية

التقصيرية، أهلية التمييز في بعض القوانين.

ثانيا: الإثبات: يتحمل الدائن إثبات وجود العقد، فيما يتحمل المدين عبء إثبات أنه قام بالتزامه

العقدي، أما في المسؤولية التقصيرية فالدائن يتحمل عبء الإثبات بشكل كامل.

ثالثا: من حيث مدى التعويض: يقتصر التعويض في المسؤولية العقدية على الأضرار المتوقعة،

فيما يمتد ليشمل الأضرار غير المتوقعة في المسؤولية التقصيرية.

رابعا: من حيث الاعذار، ففي المسؤولية التقصيرية لا يلزم الاعذار، بينما يلزم في المسؤولية

العقدية ما لم ينص على غير ذلك.

خامسا:من حيث التضامن بين المدينين: لا يقوم التضامن في المسؤولية العقدية إلا بالاتفاق أو

بنص القانون، فيما يقوم التضامن بين المدينين في المسؤولية التقصيرية دوما.

سادسا: من حيث التقادم: مدة التقادم في المسؤولية التقصيرية هي ثلاث سنوات من تاريخ

102 ). وفي حين أن )( اكتشاف الفعل الموجب لها، على أن لا تزيد المدة على خمسة عشر عاما( 101

التقادم في المسؤولية العقدية –كقاعدة عامة- خمسة عشر سنة.

. 99 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 748 )

100 ) مرقس، سليمان: الوافي في شرح القانون المدني، ج 1، في الالتزامات، المجلد الأول، في الفعل الضار والمسؤولية )

1992 ، ص 17 وما بعدها. السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق،ص 749 ، المدنية، القسم الأول، في الأحكام العامة، ط 5

وما بعدها. زكي، محمود جمال الدين: مشكلات المسؤولية المدنية، ج 1، في ازدواج أو وحدة المسؤولية المدنية ومسالة

، الخيرة، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978 ، ص 7 وما بعدها. حجازي، عبد الحي: النظرية العامة للالتزامات ، ج 2

. مصادر الالتزام، القاهرة، مطبعة نهضة مصر، 1954 ، ص 419

29

سابعا: من حيث درجة الخطأ: يكون الخطأ في المسؤولية العقدية إما إخلال بالتزام بتحقيق

نتيجة، أو إخلال بالتزام ببذل عناية، أما في التقصيرية، فهو دوما إخلال ببذل عناية.

ثامنا: اتفاقات الإعفاء من المسؤولية: هي جائزة –كأصل عام- في المسؤولية العقدية، في حين

أنها غير جائزة في التقصيرية. وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية:" إذا كان الحكم

المطعون فيه قد انتهى بحق إلى أن مسئولية الشركة المؤجرة مسئولية تقصيرية وكانت الفقرة

الأخيرة من المادة 217 من القانون المدني صريحة في بطلان كل شرط يقضى بالإعفاء من هذه

المسئولية فإن دفاع الشركة المؤسس على إعفائها يكون مرفوضا حتما وبالتالي فهو دفاع

.( جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يبطله"( 103

الفرع الثالث: الجمع بين المسؤوليتين وتخير المضرور أحد المسؤوليتين

يقصد بالخيرة بين المسؤوليتين، هو أن تتوفر في الفعل نفسه أركان المسؤوليتين العقدية

والتقصيرية على السواء( 104 )، ومثال ذلك خطأ المستأجر الذي يتلف به العين المؤجرة، وخطأ

.( أمين النقل الذي يحدث إصابة بالراكب، فانه تتحقق به شروط المسؤوليتين( 105

101 ) المادة ( 172 ) مدني مصري، يقابلها المادة ( 199 ) من المشروع. )

102 ) نص قانون المخالفات المدنية على أن مدة التقادم بوجه عام هي سنتان، فقد جاء في المادة ( 68 ) انه:" لا تقام الدعوى )

لمخالفة مدنية، إلا إذا ابتدأت الدعوى: خلال سنتين من وقوع الفعل أو الإهمال أو التقصير المشكو منه، أو خلال سنتين

من توقف الضرر إذا كانت المخالفة المدنية تسبب ضررًا يستمر من يوم إلى آخر، أو(ج) خلال سنتين من التاريخ الذي

لحق فيه الضرر بالمدعي إذا لم يكن سبب الدعوى ناشئًا عن إتيان فعل أو التقصير في إتيان فعل بل عن ضرر ناجم عن

إتيان فعل أو عن التقصير في إتيان فعل، أو (د) خلال سنتين من تاريخ اكتشاف المدعي للمخالفة المدنية أو من التاريخ

الذي كان من وسع المدعي أن يكتشف فيه المخالفة لو أنه مارس القدر المعقول من الانتباه والمهارة، إذا كان المدعى عليه

قد أخفى المخالفة بطريق الاحتيال: ويشترط في ذلك ما يلي: إذا كان المدعي، حين نشوء سبب الدعوى لأول مرة، دون

الثامنة عشرة من عمره، أو مختل القوى العقلية، أو إذا لم يكن المدعى عليه في فلسطين، لا تبدأ مدة السنتين، في أية حالة

من هذه الحالات، إلا عند بلوغ المدعي الثامنة عشرة من عمره، أو استعادته قواه العقلية، أو عند وجود المدعى عليه ثانية

في فلسطين. لا يؤثر أي حكم من أحكام هذه المادة في أحكام المادتين الرابعة عشرة والخامسة والخمسين من هذا القانون.

1967 سنة المكتب الفني 18 / 10 / 103 ) الفقرة الخامسة من الطعن رقم 0197 لسنة 34 بتاريخ 26 )

104 ) العمروسي، أنور: المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية في القانون المدني ، الإسكندرية، دار الفكر )

.19- الجامعي، 2004 ، ص 18

. 105 ) مرقس، الوافي، مرجع سابق، ص 69 )

30

مما يضعنا أمام سؤالين: الأول يتعلق بجواز أو عدم جواز الجمع بينهما، أما الثاني

فيتعلق بجواز أو عدم جواز الخيرة بينهما.

أما بخصوص الجمع بين المسؤوليتين، فلا شك انه ليس للدائن أن يجمع بين

المسؤوليتين فيتقاضى تعويضًا مرتين عن الضرر نفسه، لأن حكمة تشريع المسؤولية جبر

الضرر، كما لا يجوز له أن يطبق أحكامهما تطبيقا جامعا بحيث يأخذ من كل مسؤولية ما هو

أصلح له، ذلك أن المشرع وضع لكل مسؤولية أحكامها فلا يجوز للدائن أن يبتكر نظاما

ثالثا( 106 ). ومثال ذلك في عقد النقل أن يستند المضرور إلى المسؤولية العقدية التي تقتضي وجود

التزام بضمان السلامة على عاتق الناقل حتى يخفف عن عاتقه عبء الإثبات، أو يفيد من تقادم

طويل. ويستند من ناحية أخرى على المسؤولية التقصيرية في مطالبته بالتعويض كي يحصل

على تعويض عن الضرر المتوقع وغير المتوقع، أو يتمسك بالتضامن بين المدينين، أو ببطلان

الإعفاء الاتفاقي من المسؤولية( 107 ). كما أنه لا يجوز أن يجمع الدائن بين المسؤوليتين( 108 )، فإذا

رفع دعوى بناء على إحدى المسؤوليتين وخسرها، فلا يجوز له أن يرفع الدعوى نفسها على

.( أساس من المسؤولية الأخرى( 109

وقد انقسم الفقه في مسألة الخيرة بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية، فهناك رأي يرى

جوازها( 110 )، فيما يرى آخرون عدم جوازها، أما الذين يقولون بجواز الخيرة، فيستندون إلى أن

القانون يقضي بأنه إذا تحققت شروط الدعوى جاز للدائن رفعها، وفي هذه الحالة إذا توافرت

. 106 ) العمروسي، مرجع سابق، ص 18 . مرقس، الوافي، ج 1، مرجع السابق، ص 71 )

، 107 ) أبو السعود، رمضان: النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام ،الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 2002 )

.323- ص 322

108 ) أخذ قانون المخالفات المدنية صراحة بعدم الجمع بين المسؤوليتين، فقد نصت المادة ( 63 ) من قانون المخالفات المدنية )

على انه:" لا يجوز لأي شخص أن ينال تعويضًا عن الإخلال بشروط عقد، أو بشروط التزام يماثل الالتزامات الناشئة عن

العقد، إذا كان ذلك الإخلال يكون أيضًا مخالفة مدنية وكان ذلك الشخص أو شخص آخر يدعى عن طريقه، قد حكمت له

محكمة بتعويض أو بنصفة أخرى عن تلك المخالفة المدنية".

. 109 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 758 )

، 110 ) في تفصيل ذلك: زكي، محمود جمال الدين: مشكلات المسؤولية المدنية،ج 1، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978 )

ص 488 وما بعدها. عامر، حسين وعامر، عبد الرحيم: المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ، ط 2، دار المعارف،

1979 ، ص 107 وما بعدها.

31

شروط الدعوى العقدية، جاز له رفعها، وكذلك جاز له رفع الدعوى التقصيرية إذا توافرت

شروطها( 111 ). وقد ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في أحد قراراتها إلى أنه:" لئن كان أساس

التعويض الذي يستحقه المستأجر في حالة تعرض المؤجر له بما يخل بانتفاعه بالعين المؤجرة

هو المسئولية العقدية التي تقضى قواعدها بتعويض الضرر المباشر المتوقع الحصول إلا إنه إذا

كان المؤجر قد إرتكب غشًا أو خطأً جسيمًا فيعوض المستأجر عندئذ عن جميع الأضرار

المباشرة ولو كانت غير متوقعة الحصول"( 112 ). يلاحظ أن محكمة النقض، وان أخذت في هذا

القرار بجواز الخيرة بطريقة غير مباشرة، إلا أن ذلك يعود ليس إلى (إهمال) المدين إهمالا

يسيرا، بل اشترطت ذلك في حالتي الغش والخطأ الجسيم، وبعبارة أخرى؛ يدلل القرار على أن

محكمة النقض، غير متحمسة لتطبيق المسؤولية التقصيرية، وإنما ضيقت من تطبيقها بشروط

وردت في القرار المذكور، كما أن المحكمة لم تشر صراحة إلى جواز الخيرة.

أما القائلون بعدم الخيرة– وهم الأغلبية( 113 )- ، فيرون بأن دعوى المسؤولية العقدية،

تجبٌّ دعوى المسؤولية التقصيرية، ذلك أن الدائن لم يعرف مدينه إلا من خلال العقد، ومن ثم

فان كل علاقة تقوم بينهما بسبب هذا العقد، يجب أن يحكمها العقد وحده. كما يستندون في رأيهم

إلى أن المسؤوليتين تتعارضان في الأساس، بمعنى أن المسؤولية العقدية تقوم بين متعاقدين

يربطهما عقد، فيما تقوم المسؤولية التقصيرية بين أجنبيين، ولا يمكن أن يجمع الشخص بين

وصف المتعاقد ووصف الغير في وقت واحد، وعلى ذلك لا بد من الوقوف عند حد المسؤولية

العقدية وحدها( 114 ). كما يستند أنصار عدم الخيرة، إلى مبدأ سلطان الإرادة، فإبعاد المسؤولية

التقصيرية يرجع إلى بند ضمني، يفترض فيه أن طرفي العقد بإبرامه قد نزلا عن نظرية القانون

.( العمومي في المسؤولية التقصيرية، ليجعلا العقد قانونهما في المسؤولية( 115

.759- 111 ) في تفصيل هذا الرأي: السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 758 )

. 1965 سنة المكتب الفني 16 / 11 / 112 ) الفقرة السابعة من الطعن رقم 0350 لسنة 30 بتاريخ 11 )

. 113 ) أبو السعود، النظرية العامة للالتزام، مرجع سابق، ص 323 )

. 114 ) من هذا الرأي الأستاذ السنهوري، مؤلفه: الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 759 )

.482- 115 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 1، مرجع سابق،ص 481 )

32

ويورد كثير من أنصار عدم الخيرة استثناءات على مبدئهم؛ فيجيزون الخيرة في

الأحوال التي يشكل فيها الإخلال بالالتزام العقدي جريمة، أو يرجع إلى غش، أو خطأ جسيم،

.( على أن قسم آخر منهم يرون بعدم الخيرة مطلقا( 116

ويبدو من الرجوع إلى أحكام محكمة النقض المصرية، أن المحكمة تتبنى مبدأ عد م

الخيرة مع استثناءاته التي ذكرتها، ففي حكم حديث نسبيا لها قررت:" المقرر  في قض اء

محكمة النقض  أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دع وى التعويض التي

يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب عل ى الأخذ بأحكام

المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عن د

عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة، إلا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لح ق بأحد

المتعاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشا أو خطأ جسيما مما تتحقق

به في حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيسا على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن

يرتكب هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقدا أو غير متعاقد وأن استخلاص عناصر

الغش وتقدير مما يثبت به من عدمه في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة

.( من محكمة النقض متى كانت الوقائع تسمح بذلك"( 117

وأرى أن اتجاه محكمة النقض، هو الأسلم ويتفق مع مبدأ سلطان الإرادة، فعندما يدخل

الأطراف بعلاقة عقدية، فان الإرادة المفترضة أو الضمنية - القاضية بأن يقوم العقد بحكم

علاقتهم وبالتالي مسؤولياتهم- لا تتوفر في حالة ما إذا لجأ أحد الأطراف إلى المسؤولية

التقصيرية لمسائلة الطرف الآخر، في أحوال الغش والخطأ الجسيم والجريمة، لأنه لا يتصور

أصلا أن تتوافق الارادتين على السماح لأحد المتعاقدين بارتكاب أي من هذه الأفعال.

.687- 116 ) المرجع السابق، ص 682 )

1996 سنة المكتب الفني 47 . والفقر ة / 02 / 117 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0530 لسنة 58 بتاريخ 29 )

. 1990 سنة المكتب الفني 41 / 04 / الرابعة من الطعن رقم 2384 لسنة 54 بتاريخ 04

33

المبحث الثاني: التعريف بالشروط المعدلة للمسؤولية العقدية وآثارها من حيث الأشخاص

واثر بطلانها على العقد

لقد خصصت هذا المبحث، من أجل التعريف بالشروط المعدلة ونطاقها (محلها)، وقد

آثرنا إجراء هذه التعريفات في الفصل التمهيدي، لما في هذه الأمور من انبساط على مختلف

فصول البحث، وأيضا لتسهيل إجراء التمييز بين تلك الأنواع وبين النظم التي تشتبه بها، فمن

غير المستساغ، إجراء التمييز المذكور دون تعريف الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية. كما

ارتأينا ضرورة البحث في آثار الشروط المعدلة من حيث الأشخاص، ذلك أن لهذه الآثار أحكاما

عامة لا يختص بها –بوجه عام- شرط دون الآخر، كما أدرس في هذا المبحث آثار بطلان

الشروط المعدلة في المسؤولية، مرجئًا البحث في آثار صحة كل شرط من حيث الموضوع لدى

البحث في كل شرط على حدة.

وقد قسمت هذا المبحث إلى أربعة مطالب، تناولت في أولها أنواع الشروط المعدلة

ونطاقها، وفي المطلب الثاني، أدرس تمييز الشروط المعدلة عما يشتبه بها من نظم قانونية

أخرى، فيما أدرس في الثالث آثار الشروط المعدلة من حيث الأشخاص، وخصصت المطلب

الرابع لأثر بطلان هذه الشروط على العقد.

المطلب الأول: أنواع الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية ونطاقها

الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية ثلاثة: شرط الإعفاء من المسؤولية، وشرط التخفيف

من المسؤولية، وشرط التشديد في المسؤولية. أدرسها في الفرع الأول، فيما أدرس في الفرع

الثاني، مدى التعديل.

الفرع الأول: أنواع الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية

الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية بالمعنى الدقيق ثلاثة، أدرسها فيما يلي.

34

أولا: الشرط المعفي من المسؤولية العقدية

الشرط المعفي هو ذلك الشرط الذي ترفع بموجبه مسؤولية المدين، وقد عرف احد

الشراح الشرط المعفي من المسؤولية بأنه: "الاتفاق على إعفاء المدين من التزامه بالتعويض عن

.( الفعل الضار ومنع مطالبته بالتعويض الذي تقضي به القواعد العامة"( 118

ويلاحظ على هذا التعريف أنه قاصر على الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية الناتجة عن

الفعل الضار، رغم أن التعريف جاء مطلقا، بحيث يوحي بأنه يشمل كذلك المسؤولية العقدية،

مهما يكن فلو أسقطنا هذا التعريف على الالتزام العقدي، نجده يعفي من الالتزام بالتعويض الناتج

عن الإخلال بالتزام عقدي كما أنه يمنع المطالبة بالتعويض تبعا لذلك، وأرى أن هذ ا التعريف

يخلط بين أمرين: التعويض الاتفاقي من جهة، والتعديل في المسؤولية من جهة ثانية. فالإعفاء

من التعويض يدخل في نظام التعويض الاتفاقي، أما الإعفاء من المسؤولية فهو مسألة سابقة على

التعويض، ذلك أن عدم التعويض أثر من آثارها، وليست هي مسألة الإعفاء من المسؤولية ذاتها،

ونقول مسألة سابقة، أي أنه إذا ثبت شرط الإعفاء فلن يكون هناك تعويض يبحث عنه، كما أن

التعويض من النظام العام، فلا يجوز الإعفاء منه. لذا فإنني أرى أن هذا التعريف قاصر عن أن

يكون من الناحيتين العلمية والعملية صحيحا.

وعرفه آخر بأنه:" اتفاق يقصد به تعديل آثار المسؤولية الناشئة عن الإخلال بالعقد، أو

المتولد عن إتيان عمل غير مشروع بالإعفاء من المسؤولية عن المدين "( 119 ). وأرى أن هذا

التعريف لا ينصب على اتفاق الإعفاء، وإنما ينصب على ما يقصده المتعاقدين من الاتفاق، وهو

تعديل آثار المسؤولية، ولا يصلح هذا التعريف –مع الاحترام- لتوضيح ماهية شرط الإعفاء.

فيما عرفه ثالث بأنه: "اتفاق يقصد به رفع المسؤولية كلية عن مرتكب الفعل الضار (أو

العقد) ومنع المطالبة بالتعويض الذي تقضي به القواعد العامة "( 120 ). وهذا التعريف يتسم

118 ) العيسائي، عبد العزيز مقبل: شرط الإعفاء من المسؤولية المدنية في كل من القانون المدني الأردني واليمني - )

. دراسة مقارنة(أطروحة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن، 1998 ، ص 25

. 119 ) زكي، محمود جمال الدين: مشكلات المسؤولية المدنية،ج 2، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1990 ، ص 10 )

. 120 ) مرقس، الوافي، ج 1، مرجع سابق، ص 636 )

35

بالوجاهة والدقة، ذلك أن شرط الإعفاء يقصد به رفع المسؤولية، أي اعتبار المدين بموجب هذا

الشرط غير مسؤول رغم أنه بموجب القواعد العامة يكون مسؤولا لو لم يرد مثل هذا الشرط،

مع ملاحظة أن التعريف يشمل التعديل في المسؤولية المدنية ككل وليس في العقدية إلا انه إذا

أردنا تطبيق التعريف على المسؤولية العقدية فسيفي بالغرض.

بناء على ما تقدم أرى أن الشرط المعفي من المسؤولية العقدية هو عبارة عن بند يرد

في عقد أو باتفاق منفصل، يعفي بموجبه الدائن مدينه مسبقا من المسؤولية التي قد تترتب في

ذمة الأخير إعفاء تاما جراء عدم تنفيذه لالتزامه، فلا تتحقق المسؤولية بالاتفاق، رغم تحقق هذه

المسؤولية بموجب القواعد العامة.

ثانيا: الشرط المخفف من المسؤولية العقدية

يتخذ الشرط المخفف عدة صور، ويؤدي الاتفاق عليه ان تكون مسؤولية المدين مخففه،

وقد عرفه احد الباحثين بأنه: "الاتفاق على إنقاص مدى التعويض"( 121 ). وهذا التعريف يخلط بين

التعويض ألاتفاقي وبين التخفيف من المسؤولية التي هي مسألة سابقة على التعويض، وقد سبق

توضيح ذلك في معرض الحديث عن شرط الإعفاء.

ويذهب تعريف آخر أنه يقصد بالتخفيف "رفع جزء من مسؤولية المدين وقصر مساءلته

على الجزء الباقي"( 122 ). وهذا التعريف دقيق فيما يتعلق بالجزئية التي عالجها، إلا انه غير

جامع، فهو لا يشتمل على الحالة التي يكون فيها شرط التخفيف قد ورد على نوع التزام المدين،

ذلك أنه قد يتفق في شرط التخفيف على أن تصبح مسؤولية المدين ببدل عناية على خلاف

القواعد العامة التي تقضي بأن مسؤوليته هي بتحقيق غاية. كما أن هذا التعريف لا يشتمل على

الاتفاق على التخفيف من درجة العناية المطلوبة في تنفيذ الالتزام.

وذهب تعريف آخر إلى أن شروط التخفيف "هي تلك التي بمقتضاها يخفض التعويض

. 121 ) العيسائي، عبد العزيز: مرجع سابق، ص 25 )

. 122 ) مرقس، الوافي، ج 1، مرجع سابق، ص 637 )

36

عن قدر الضرر الذي يستوجبه، أو تنقص المدة التي في أثنائه ا يجوز رفع دعوى

.( المسؤولية"( 123

وأرى أن التخفيض في التعويض، وإن كان يخفف من المسؤولية في المآل النهائي، إلا

انه اتفاق لا يرد على المسؤولية مباشرة، ولا يصح القول بأنه شرط يعدل في أحكامها،

فالتعويض نظام قانوني –باعتقادي- مستقل، فيما اتفاقات المسؤولية هي اتفاقات ترد على

المسؤولية ذاتها، فيوصف المدين بأنه مسؤول إذا تحققت أركان تلك المسؤولية، ليس بموجب

القواعد العامة بل بموجب العقد. أما فيما يتعلق بالشق الثاني من التعريف، فنحن نتفق معه في

أن من صور التخفيف الاتفاق على مدة أقل من المدة التي حددها القانون، إذا أجاز القانون

الاتفاق بنص خاص على خلافها. فالأصل أن يجيز القانون الاتفاق على مدة أقل بنص خاص،

لأن القاعدة تقضي بأن قواعد التقادم من النظام العام.

وعليه، فإنني أرى تعريف الشرط المخفف في المسؤولية العقدية بأنه: عبارة عن بند يرد

في عقد، أو باتفاق منفصل، تخفف بموجبه مسؤولية المدين، وذلك بحصرها في جزء من

المسؤولية، وهي حالة إعفاء جزئي من المسؤولية، أو بالتخفيف في تقييم مسلك المدين بحيث لا

يطالب المدين بالعناية التي تفرضها القواعد العامة، وإنما بالعناية التي ينص عل يها الاتفاق،

والتي تكون أقل منها في القواعد العامة.

ثالثا: الشرط المشدد في المسؤولية العقدية

يقصد بالشرط المشدد في المسؤولية العقدية، هو ذلك الشرط الوارد في العقد أو باتفاق

منفصل، الذي يقضي بمسؤولية المدين في حالة أو في أحوال تكون فيها مسؤوليته غير قائمة

بموجب القواعد العامة. فيمكن الاتفاق على أنه حتى لو قام سبب أجنبي نفى العلاقة بين خطأ

المدين وبين الضرر الذي أصاب الدائن يبقى المدين مسؤولا، وكذلك يمكن الاتفاق على أن يكون

التزام المدين بتحقيق غاية، رغم أنه في الأصل ببذل عناية، أو الاتفاق على تشديد العناية التي

يبذلها المدين.

.171- 123 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 170 )

37

والاتفاق على التشديد في المسؤولية جائز، ليس في المسؤولية العقدية فحسب، بل وأيضا

في المسؤولية التقصيرية( 124 )، على خلاف شرط الإعفاء وشرط التخفيف الذي لا يجوز في

المسؤولية التقصيرية.

الفرع الثاني: نطاق الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية

يرى البعض أن التعديل في أحكام المسؤولية يقتصر على شروط المسؤولية، ولا يشمل

مضمون الالتزام( 125 )، ذلك أنه من وجهة نظر مؤيدة لهذا الرأي؛ إن الإعفاء من الالتزام لا يعتبر

إعفاء من المسؤولية، لأن الإعفاء من الالتزام ينفي وجود الالتزام، بينما الإعفاء من المسؤولية

يبقي الالتزام قائما، وإنما يكون المدين غير مسؤول إذا لم يقم بتنفيذه، وهنا يستندون إلى أن

الالتزام المدني يتضمن عنصري المسؤولية والمديونية، فالتعديل يصيب عنصر المسؤولية في

حالة الإعفاء من المسؤولية، فيما يصيب العنصرين معا في حالة الإعفاء من الالتزام . كما

يستندون في رأيهم على أن الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها، غير جائز في حالتي الغش

.( والخطأ الجسيم( 126

فيما يذهب آخرون إلى وجود صورتين للتعديل في المسؤولية، وهما الصورة المباشرة،

والصورة غير المباشرة للتعديل في المسؤولية، وتتحقق الصورة الثانية إذا انصب التعديل على

مضمون الالتزامات التي يتحملها المدين، فيجوز للأطراف الاتفاق على تعديل القواعد المكملة

في العقد، ومثال ذلك أن يتفق الأطراف على تحمل المؤجر بالترميمات الضرورية والتأجيرية

.( على حد سواء، وكذلك الاتفاق على أن يشمل التزام البائع تسليم المبيع دون مرفقاته( 127

124 ) فرج، توفيق حسن: النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام ، الدار الجامعية، دون سنة، ص 403 . حسين، شريف )

احمد شريف: المسؤولية الناشئة عن انهيار البناء في القانون المدني الأردني، (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة

. الأردنية، عمان، الأردن، 1994 ، ص 162 . الفضل، مرجع سابق، ص 310 . الصدة، مرجع سابق، ص 640

. 125 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 49 )

126 ) المحاقري، إسماعيل محمد علي: الإعفاء من المسؤولية المدنية في القانون المدني اليمني، 1996 ، ص 347 . زكي، )

. مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 49

. 1995 ، ص 464 ، 127 ) الاهواني، حسام الدين: النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام، ط 2 )

38

أما التعديل بصورة مباشرة، فهو التعديل الذي يتجاوز مجرد التعديل في مضمون العقد

إلى الشروط المتعلقة بالمسؤولية ذاتها، فيبقى مضمون الالتزام كما هو مع الاتفاق على

.( مخالفته( 128

ويرى أصحاب الرأي المنكر للصورة غير المباشرة بأن شروط الإعفاء أو التخفيف من

المسؤولية، إذا لم يكن لها تأثير على التزام المدين فلها تأثير غير مباشرة على درجة العناية التي

يتبعها المتعاقد في تنفيذ التزامه( 129 ). وهي مسألة باعتقادي تدخل في إطار التعديل في المسؤولية

ولا تجاوزه.

كما ويرى أصحاب الرأي المنكر للصورة غير المباشرة (التعديل في مضمون الالتزام)

أيضا بأنه لا يجوز الإعفاء –في الإعفاء من المسؤولية- من الالتزام الجوهري، و إلا تحول

العقد إلى عقد آخر أو أصبح باطلا، ويمثلون على ذلك بالإعفاء من التزام البائع بنقل الملكية،

.( حيث لا يجيزونه لأنه –حسبما يرون- قيد على اتفاق الإعفاء من المسؤولية( 130

وأرى أن الإعفاء من الالتزام لا يعتبر إعفاء أو تعديلا في المسؤولية، وهذا الرأي هو

الأصوب في اعتقادي، ذلك أن إلقاء التزام معين على أحد طرفي العلاقة لا يعني تعديل في

أحكام المسؤولية، وإنما هو تعديل في الالتزامات على خلاف القواعد المكملة وهو جائز، لكنه لا

يمس المسؤولية بحال، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أجد أن الإعفاء من الالتزام يعني عدم قدرة

الدائن على إجبار المدين على التنفيذ العيني، بينما يكون المدين ملزما بالتنفيذ العيني في ظل

شرط الإعفاء. ولكنا لا ننفي وجود أثر لاتفاقات المسؤولية على درجة العناية التي يبذلها المدين

في تنفيذ الالتزام، إلا أن مثل هذه الحالة لا تخرج عن إطار التعديل في المسؤولية.

وعليه أرى بأن التعديل في أحكام المسؤولية يأخذ صورة واحدة، أما التعديل في

الالتزامات فهي تخرج من مفهوم التعديل في المسؤولية.

. 128 ) المرجع السابق، ص 464 )

129 ) يحيى، ياسين محمد: اتفاقات الإعفاء من المسؤولية المدنية في القانون المصري والفرنسي، دار النهضة العربية، )

. القاهرة، 1992 ، ص 55

. 130 ) المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 346 )

39

المطلب الثاني: تمييز الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية عما يشتبه بها من النظم

أدرس في هذا المطلب، تمييز الشروط المعدلة عما يشتبه بها من النظم، ونتعرض على

وجه التحديد للتعويض الاتفاقي، والتأمين من المسؤولية، أدرسهما في فرعين.

الفرع الأول: تمييز الشروط المعدلة عن التعويض الاتفاقي

التعويض الاتفاقي هو تقدير اتفاقي مقدم لقيمة التعويض التي يدفعها الطرف الذي يخل

بالتزامه( 131 ). ويتفق التعويض الاتفاقي مع التعديل في المسؤولية، في أنهما تعديل اتفاقي على ما

تقضي به القواعد العامة التي أوردها المشرع.

كما يتفقان في أنهما (كاتفاقين) يعدان باطلين في حالتي الغش والخطأ الجسيم( 132 ). كما

يتشابهان في أن كلا النظامين في أحيان كثيرة يؤديان إلى نفس النتيجة، وهي تخفيف التعويض

الذي يلتزم به المدين، أو تحميل المدين تعويضا أكثر من التعويض الذي كان يجب أن يتقاضاه

الدائن.

ويختلف التعويض الاتفاقي عن الاتفاقات المعدلة في المسؤولية، في أن الأول يتناول

قيمة التعويض ولا يتناول مسؤولية المدين، أي أن المدين يظل مسؤولا مسؤولية كاملة حتى لو

كان التعويض أقل من الضرر الواقع، ففي هذه الحالة الأخيرة، لا يعد مثل هذا الاتفاق بأنه

تخفيف من المسؤولية، وكذلك الحال لو اتفق بين الطرفين على تعويض اتفاقي يفوق الضرر

.( الواقع، فلا يعد مثل هذا الاتفاق شرطا مشددا للمسؤولية( 134

131 ) أبو عرابي، غازي: سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي في القانون المدني الاردني، مجلة دراسات الشريعة )

. 62 )، ص 46 - 1998 ، الصفحات ( 46 / والقانون ، المجلد 25 ، عدد 1

132 ) نصت المادة ( 225 ) مدني مصري بأنه:" إذا جاوز الضرر قيمة التعويض ألاتفاقي فلا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر )

من هذه القيمة إلا إذا اثبت أن المدين ارتكب غشا أو خطا جسيما". وهي تطابق نص المادة ( 241 ) مشروع. وسنرى لاحقا

انه لا يجوز الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية في حالتي الغش والخطأ الجسيم.

. 134 ) على عكس رأيي: العيسائي، عبد العزيز: مرجع سابق،ص 25 )

40

كما يختلفان في أن التعديل في المسؤولية بتخفيفها، أو بالإعفاء منها، يكون دائما في

مصلحة المدين، فيما يكون في حالة التعويض الاتفاقي في مصلحة أحد الفريقين( 135 ). ومفهوم

المدين هنا مفهوم واسع بحيث يشمل الدائن في الالتزام الأصلي، ونمثل على قولنا بنص الماد ة

216 ) مدني مصري، حيث جاء فيها: "يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم )

بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه"( 136 ). وبما أن الدائن،

إذا ما أسهم بخطئه يتحمل بالمسؤولية، وبالتالي تتحد ذمته في هذا المقام، يعد دائنا ومدينا في

الوقت نفسه، فلا يقتضي تعويضا من (ذاته)، وإنما يعفى المدين بنسبة خطأ الدائن، فانه -الدائن-

(المساهم بالخطأ) يستطيع بصفته(مدينا لذاته)، أن يحمل المدين الأصلي المسؤولية كامل ة ب أن

يعفي نفسه من المسؤولية تجاه ذاته، بحيث يبقى المدين الأصلي مسؤولا حتى عن خطأ الدائن،

مما يمكن اعتباره ضربا من الضمان.

كما يختلف التعويض الاتفاقي عن التعديل في المسؤولية في أن الأول لا يمكن الإعفاء

منه تماما، فيما يجوز الإعفاء من الثاني تماما. ذلك أنه إذا وجد القاضي أن التعويض الاتفاقي

مبالغا فيه، جاز له تعديله وهذا الحكم من النظام العام( 137 ). بينما لا يجوز للقاضي أن يعدل

الشرط المعدل في المسؤولية. وإنما له أن يستبعده إذا كان باطلا على تفصيل نأتي عليه لاحقا.

الفرع الثاني: تمييز الشروط المعدلة للمسؤولية عن التأمين من المسؤولية

نصت المادة ( 747 ) مدني مصري على أن:" التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن

يؤدي إلى المؤمن له، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه، مبلغا من المال أو إيراد ا

135 ) المهتار، العقيد القيم طلال: البند الجزائي في القانون المدني، (أطروحة دكتوراة منشورة) جامعة باريس للحقوق )

. والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، 1974 ، ص 77

136 ) نصت المادة ( 242 ) مشروع: "يجوز للمحكمة أن تنقص مقدار التعويض إذا كان الدائن قد اشترك بخطئه في إحداث )

الضرر أو زاد فيه، أو لا تحكم بتعويض إذا ما استغرق خطؤه خطا المدين"

137 ) نصت المادة ( 224 ) مدني مصري:" ( 1) لا يكون التعويض ألاتفاقي مستحقا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي )

ضرر. ( 2) يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض، إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه أو أن الالتزام الأصلي قد

( نفذ في جزء منه. ( 3) يقع باطلا كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين". أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 241

منه.

41

مرتبا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد، وذلك

.( في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن"( 138

والتأمين إما يكون تأمينًا على الأشخاص، ومن صوره التأمين من المرض، والتأمين من

الإصابات، وتأمين الزوج والأولاد، وقد يكون تأمينًا على الحياة الخاصة أو على حياة الغير، وقد

يكون تأمينا من الأضرار( 139 ). كما أن التأمين قد يكون من المسؤولية، وهي الحالة التي يثور

التشابه بينها وبين اتفاقات المسؤولية.

ويقصد بالتأمين من المسؤولية، بأنه عقد بموجبه يؤمن المؤمن المؤمن له من الأضرار

التي تلحق به من جراء رجوع الغير عليه بالمسؤولية( 140 )، وهذا التأمين قسم من أقسام التأمين لا

يختلف في طبيعته عن سائر عقود التأمين فهو تأمين من الأضرار، ويختلف عن الت أمين على

الأشخاص في أن الأخير يضمن الإصابات التي تصيب المؤمن له بواسطة الغير، فيما الت أمين

.( من المسؤولية يضمن الإصابات التي تصيب الغير بواسطة المؤمن له( 141

ونظرا إلى أن التأمين من المسؤولية يشتبه بالاتفاق المشدد للمسؤولية لدرجة أن البعض

وصفه بأنه-التشديد في المسؤولية- صورة من صوره، بل هو ذاته، لذا، سأدرسه في هذا المقام

لتمييزه عن اتفاقات الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية، ونرجئ الحديث عن أوجه الشبه

والاختلاف بين اتفاقات التشديد وبين التأمين من المسؤولية إلى الفصل الثالث، أي عند الحديث

عن الشرط (الاتفاق) المشدد في المسؤولية.

وتتشابه اتفاقات الإعفاء من المسؤولية مع التأمين من المسؤولية في أنه في كلا

النظامين لا يدفع المسؤول تعويضا للمضرور، لأن غيره –المؤمن في حالة الت أمين- سيدفع

138 ) الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 650 وما بعدها. )

139 ) في تفصيل ذلك: السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، ج 7، المجلد الأول، عقود الغرر،بيروت، )

دار إحياء التراث العربي، 1964 ، ص 1376 وما بعدها.

140 ) واصف، سعد: التأمين من المسؤولية، (رسالة دكتوراة جامعة القاهرة)، 1958 ، ص 16 ، مشار إليه في : حجازي، )

. مصطفى احمد عبد الجواد: المسؤولية المدنية للخبير القضائي، القاهرة، دار النهضة العربية، 1998 ، ص 138

. 141 ) السنهوري، الوسيط، ج 7، مرجع سابق، ص 1642 )

42

للمضرور، فيما لن يدفع في حالة شرط الإعفاء لأن المضرور يكون قد أعفاه( 142 ). وكما تتشابه

في هذه الحالة مع اتفاقات الإعفاء تتشابه أيضا مع اتفاقات التخفيف، حيث يمكن الاتفاق على أن

تقتصر مسؤولة شركة التأمين على تغطية مبلغ معين وما زاد في مسؤولية المؤمن له يغطيه هذا

.( الأخير( 143

وكما لا يجوز التأمين من المسئولية في حالة الخطأ العمد لأن هذا يجعل تحقق الخطر

متعلقا بمحض إرادة المؤمن له( 144 )، كذلك لا يجوز الاتفاق على الاتفاق على الإعفاء أو التخفيف

من المسؤولية في حالة الخطأ العمد.

ويختلف النظامان في أنه في التأمين من المسؤولية تدفع شركة التأمين للمضرور،

فالتأمين يؤكد المسؤولية لا ينفيها( 145 ). فيما يهدف شرط الإعفاء إلى براءة ذمة المسؤول في

.( مواجهة المضرور( 146

كما يختلفان في أن التأمين من المسؤولية جائز في كلا المسؤوليتين التقصيرية والعقدية،

أما الإعفاء من المسؤولية فلا يجوز إلا في المسؤولية العقدية لأن المسؤولية التقصيرية تعد من

.( النظام العام( 147

كما يرى -البعض- أن النظامين يختلفا في أن عقد التأمين هو عقد احتمالي، بينما يتحدد

مركز العاقدين في شرط الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية عند التعاقد( 148 ). هذا القول إن صح

في ظاهره فهو ليس كذلك في حقيقته، ذلك انه حتى في ظل شروط الإعفاء نجد أن المتعاقد

(الدائن) لن يعرف مركزه المالي الحقيقي، ونقول أن (الدائن) في ظل عدم وجود شرط الإعفاء

أو التخفيف يعرف مركزه المالي –ولو نسبيا- بحيث أن الخسائر التي ستلحقه جراء عدم التنفيذ

. 142 ) المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 349 )

. 143 ) الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 651 )

. 144 ) حجازي، مصطفى: المسؤولية المدنية، مرجع سابق، ص 139 )

. 145 ) السنهوري، الوسيط، ج 7، مرجع سابق، ص 1643 )

. 146 ) المهدي، نزيه محمد الصادق: عقد التأمين، القاهرة، دار النهضة العربية، 1992 ، ص 50 )

. 147 ) العطار، عبد الناصر: مصادر الالتزام، دون مكان نشر، دون سنة نشر، ص 291 )

. 148 ) واصف، سعد: مرجع سابق، ص 35 )

43

أو التنفيذ المعيب للعقد سيتم تعويضها من قبل المدين، وبالتالي سيكون لدى الدائن تصور ما لما

قد يؤول إليه وضعه الذي يتسم نسبيا بالاستقرار، أما في ظل وجود الشرط المعفي، فان الدائن

يبقى عرضة لخطأ يصدر عن المدين هو خطأ معفي منه أو مخفف، لذا لن يكون في استط اعة

الدائن معرفة وضعه ومركزه المالي إلا بعد تمام تنفيذ العقد. وعليه أرى أن المركز المالي

للأطراف في الحالين، يبقى احتماليا ورهنا لوقوع الحادث الذي يفعِّل النظام القانوني.

كما يختلف النظامان –حسب وجهة نظر بعض الفقهاء- في أن نظام التأمين يعد دائما

من عقود الإذعان، فيما لا يكون شرط الإعفاء أو التخفيف من عقود الإذعان دائما( 149 ). وإذ اتفق

مع هذه النظرة، إلا أنني أرى بأنه ليست كل عقود التأمين تعد من عقود الإذعان، خاصة في

التأمين الإجباري، الذي ينظمه المشرع مباشرة ولا يكون للأفراد مطلق الحرية في وضع

.( شروطه، ومثاله التأمين من المسؤولية عن حوادث الطرق( 150

المطلب الثالث: آثار صحة وبطلان الشرط من حيث الأشخاص

تقضي القاعدة العامة في العقود، أنه لا يجوز الاحتجاج بالعقد إلا في مواجهة أطرافه،

وهو ما يعرف بنسبية آثار العقد. إلا أن هذه القاعدة ليست مطلقة، فهناك أحوال يحتج فيها على

الغير بما ورد في عقد لم يكن هذا الأخير طرفا فيه، وفي هذا المطلب ادرس هذه المسائل على

النحو التالي.

الفرع الأول: عدم جواز الاحتجاج إلا على العاقد الذي قبل الشرط المعفي

كما أن للعقد قوة ملزمة من حيث موضوعه، وتتمثل في الحقوق والالتزامات التي يرتبها

العقد، فان له قوة ملزمة أيضا من حيث أشخاصه، إذ أن المتعاقدين يلتزمان بالعقد الذي ابرماه

دون غيرهما وهو ما يعرف بمبدأ نسبية أثر العقد فهو ينتج أثره بالنسبة لعاقديه( 151 ). وقد جاء

في قرار لمحكمة استئناف الضفة الغربية بهذا الصدد:" إن الشخص لا يعتبر ملزما بشيء قبل

. 149 ) المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق،ص 350 )

150 ) في تفصيل ذلك: الدناصوري وآخر، مرجع سابق، ص 677 وما بعدها. )

. 151 ) منصور، امجد محمد: النظرية العامة للالتزامات- مصادر الالتزام،دون مكان، دون ناشر، 2001 ، ص 183 )

44

شخص آخر إلا في حالتين 1-عندما تنشأ علاقة تعاقدية بين الطرفين. 2-عندما يرد نص في

.( القانون يوجب الإلزام لفعل قام به أحد الطرفين تجاه الآخر"( 152

ولا تقتصر آثار العقد على العاقدين بذاتهما، بل تمتد كذلك إلى خلفائهما، إذ أن المتعاقد

لا يمثل نفسه فحسب وإنما يمثل أيضا خلفاءه( 153 ). ويراد بخلفاء المتعاقد؛ الخلف العام والخلف

الخاص.

أولا:الخلف العام

الخلف العام هو من يخلف الشخص في ذمته المالية من حقوق والتزامات أو في جزء

شائع منها كالوارث والموصى له بجزء شائع من التركة( 154 ). وقد نصت المادة ( 145 ) من

القانون المدني المصري على أنه:" ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام، دون إخلال

بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن

.( هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام"( 155

ويترتب على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام أنه يسري في حقه ما يسري في حق

السلف( 156 ). وبموجب هذا الحكم ينصرف أثر الشرط المعدل في المسؤولية بحق الخلف العام.

إلا أن هذه القاعدة لا تسري في كل العقود، ففي الصورية يسري العقد الحقيقي بحق

الخلف العام دون العقد الصوري. فقد جاء في المادة ( 245 ) مدني مصري:" إذا ستر المتعاقدان

عقدا حقيقيا بعقد ظاهر فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي"( 157 ). فإذا

1986 منشور في:عواد، نصري إبراهيم: مجموعة المبادىء القانونية الصادرة /02/ 85 بتاريخ 27 / 152 ) استئناف رقم 521 )

عن محكمة الإستئناف في القضايا الحقوقية لعام 1985 ، ص 119 وما بعدها.

. 153 ) فرج، مرجع سابق، ص 312 )

154 ) احمد، محمد شريف: مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، ط 1، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، )

. 1999 ، ص 151

155 ) نفس الحكم ورد في المادة( 152 ) من المشروع. )

156 ) فودة، عبد الحكم: النسبية والغيرية في القانون المدني، سوتير، دار الفكر الجامعي، 1996 ، ص 8. بن فس المعنى : )

مذكرة المادة ( 152 ) من المشروع.

157 ) نص المشروع على هذا الحكم في المادة ( 257 ) منه. )

45

ورد الشرط المعدل في العقد الصوري أو كان شرط التعديل ذاته صوريا، فان هذا الشرط لا

يسري بحق الخلف العام.

( كما لا تسري آثار العقد بحق الخلف العام في ثلاث حالات ذكرها نص المادة ( 145

مدني مصري المشار إليه ومقابله في المشروع، وهذه الحالات هي:

الحالة الأولى: هي اتفاق الطرفين في العقد على انصراف آثار العقد إليهما دون ورثتهما، كاتفاق

.( الطرفين في عقد الوعد بالبيع والشراء على انقضاء الوعد عند وفاة أي منهما( 158

الحالة الثانية: طبيعة العقد أحيانا تقتضي عدم انصراف آثاره إلى الخلف العام. مثاله الاتفاق مع

فنان على رسم لوحة فإذا توفي الفنان فلا ينتقل أثر العقد إلى خلفائه لأن طبيعة العقد تأبى

.( ذلك( 159

الحالة الثالثة: إذا كان هناك نص قانوني يقضي بألا تنصرف آثار العقد إلى الخلف العام، مثال

ذلك؛ عقد الوكالة الذي ينقضي بموت الموكل أو الوكيل (المادة 714 مدني مصري)( 160 ). ما لم

.( 1 مدني مصري)( 162 / يتعلق بها حق الغير( 161 ). وحق الانتفاع ينتهي بموت المنتفع (المادة 993

1 مدني مصري)( 163 ). والقاسم / كما ينقضي عقد الشركة بموت أحد الشركاء (المادة 528

المشترك بين كل الاستثناءات هو أن العلاقة القانونية بين السلف وبين المتعاقد معه في هذه

العقود علاقة شخصية بحتة( 164 ). وفي هذه الحالات لا يرتب الشرط المعدل للمسؤولية أثره في

. 158 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 175 )

159 ) القاسم، هشام: محاضرات في القانون المدني، دمشق، جامعة دمشق، دون سنة، ص 167 . فودة، النسبية والغيرية، )

. مرجع سابق، ص 10

3و 4) من المشروع. / 160 ) يقابلها المادة ( 823 )

161 ) نصت المادة ( 1527 ) من مجلة الأحكام ألعدلية على أنه:" ينعزل الوكيل بوفاة الموكل ولكن إذا تعلق به حق الغير لا )

ينعزل".

162 ) يقابلها المادة ( 1136 /ب) من المشروع. )

1) من المشروع. / 163 ) يقابلها المادة ( 568 )

. 164 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 176 )

46

مواجهة الخلف العام. لكن ما الحكم إذا قصد السلف من وراء الشرط المعدل التبرع، وذلك

إضرارا بورثته؟

في ذلك يقول الأستاذ فتحي الدريني: "من أوصى بما زاد على الثلث، يعتبر مجاوزًا

حدود حقه الذي منحه إياه الشرع وهو التصرف في حدود الثلث، ففعله غير مشروع في الأصل

لأنه لا يستند إلى حق، والتعسف فرع وجود الحق، فهو إذن متعدٍ لا متعسف. أما إذا أوصى

بالثلث أو بما دونه، وقصد بذلك مضارة الورثة مث ً لا، وقامت الأدلة على هذا القصد، اعتبر

متعسفًا، لأن أصل الفعل مشروع لاستناده إلى حق ثابت له في الشرع، لحكمة قصدها الشارع

في تقريره لهذا الحق له، ولكن استعمله لا بقصد تحقيق تلك الحكمة، بل للإضرار بالورثة، وهو

ممنوع إذ لا ضرر ولا ضرار في الإسلام"( 165 ). على أنه في هذه الحالة يعد الخلف من الغير

فلا ينفذ التصرف في مواجهته. كما لا يرتب التصرف (البيع) أثره في مواجهة الخلف العام إذا

صدر في مرض الموت، وزاد عن ثلث التركة لأحد ورثته أو لأجنبي عنه، ففي هذه الح الة

.( يعتبر الوارث غيرا لهذا البيع، ولا يكون في هذه الحالة نافذا في مواجهته( 166

وتجدر الإشارة إلى انه يوجد فرق بين ترتيب العقد آثارا في حق الخلف، وبين الاحتجاج

بالعقد في مواجهة الغير.

ذلك أن مبدأ الاحتجاج في مواجهة الغير يعني التمسك بالعقد في مواجهة شخص لم يكن

طرفا فيه فلا يكتسب منه حقا، ولا يلتزم بمقتضاه بأي التزام. إلا أن هذا الغير لا يمكنه أن

يتجاهل وجود هذا العقد باعتباره حقيقة واقعة( 167 ). كاحتجاج الدائن المرتهن بوقوع الرهن على

، 165 ) الدريني، فتحي: نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي، ط 2، بيروت، مؤسسة الرسالة ، 1977 )

ص 47 . وقد أخذ المشرع المصري بنظرية التعسف في استعمال الحق في المادة الخامسة من القانون المدني. كما أخذ

المشروع بهذه النظرية في المادة الخامسة أيضا.

. 166 ) فودة، النسبية والغيرية، مرجع سابق، ص 11 )

. 2003 ، ص 245 ، 167 ) أبو السعود، رمضان: مصادر الالتزام، ط 3 )

47

المبيع، في مواجهة الخلف، سواء أكان الخلف خاصا أم عام ا( 168 ). واحتجاج مدين ا لمدين

بالدفوع التي له تجاه المدين في مواجهة الدائن في الدعوى غير المباشرة.

وكذلك فلا يجوز ترتيب التزام إضافي إذا وقع الضرر نتيجة خطآن، فإذا اشترك المدين

(الذي يستفيد من شرط الإعفاء أو التخفيف) مع مدين آخر في إحداث الضرر، فلا يجوز للثاني

أن يحتج بالشرط (المعفي للمدين الأول)، في مواجهة الدائن طالبا إعفاءه من تعويض الأضرار

التي ترتبت على خطئه هو. ذلك أن الأصل في المسؤولية إذا اشترك أكثر من شخص في

إحداث الضرر في المسؤولية العقدية كان كل منهم مسؤول بقدر خطئه( 169 ). ويكونون متضامنين

في المسؤولية التقصيرية (المادة 169 مدني مصري)( 170 ). وعليه فان للدائن أن يرجع على

المدين الثاني بحصته من التعويض، بمقدار ما أحدثه من ضرر.

ثانيا: الخلف الخاص

كما يرتب العقد آثاره في مواجهة الخلف الخاص، ويقصد بالخلف الخاص، هو من

يخلف الشخص في عين معينة بالذات أو في حق عيني عليها، أو هو من يتلقى عن سلفه ملكية

شيء مادي أو معنوي أو حقا عينيا على ذلك الشيء( 171 ). كالمشتري يخلف البائع في المبيع،

والموصى له بعين معينة في التركة يخلف فيها الموصي، والمنتفع يخلف المالك في حق

.( الانتفاع( 172

168 ) نصت المادة ( 734 ) من مجلة الأحكام العدلية بأنه:" إذا توفي الراهن وكان ورثته كبارا قاموا مقامه ووجب عليهم )

أداء الدين تماما من التركة وتخليص الرهن..."

169 ) يستفاد هذا الحكم في المسؤولية العقدية من نصوص المواد: المادة ( 215 ) مدني مصري، التي جاء فيها:" إذا استحال )

على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب

أجنبي لا يد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ الالتزام" والمادة ( 216 ) مدني مصري، حيث جاء فيها:"

يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو

زاد فيه". تقابل المادة ( 215 ) المادة ( 237 ) من المشروع. وتقابل المادة ( 216 ) المادة ( 242 ) من المشروع.

170 ) تقابلها المادة ( 185 ) من المشروع. )

. 171 ) القاسم، هشام: مرجع سابق، ص 168 )

. 172 ) احمد، محمد شريف: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 152 )

48

وقد جاء في المادة ( 146 ) مدني مصري:" إذا انشأ العقد التزامات وحقوقا شخصية

تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص فان هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف

في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف يعلم بها وقت انتقال

.( الشيء إليه"( 173

يتبين من النص أن اثر العقد الذي يتصل بشيء انتقل إلى خلف خاص ينتقل إلى هذا

الخلف إذا توافرت شروط ثلاثة، هي:

الشرط الأول: أن يكون تاريخ العقد الذي أنشأ التزامات للغير سابقا على تاريخ انتقال ملكية

الشيء إلى الخلف الخاص أو لأي حق آخر عليه( 174 ). فإذا كان العقد لاحقا على انتقال المال

للخلف الخاص فلا شان للأخير به( 175 ). فلو قام بائع العقار بتأجيره بعد بيعه للمشتري فلا اثر

لهذا العقد في مواجهة المشتري.

الشرط الثاني: أن تكون الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد من مستلزمات الشيء الذي انتقل

.( إلى الخلف الخاص. وهي تعد كذلك إذا كانت مكملة أو محددة كما يقول الأستاذ السنهوري( 176

والحقوق المكملة للشيء كالحقوق العينية التي ترتبت لمصلحة الشيء كالارتفاق، فالخلف يتلقى

العين متمتعة بهذا الحق( 177 ). كذلك تنتقل التأمينات لأنها تحفظ الشيء وتقويه. كما تنتقل الحقوق

الشخصية التي يكون الغرض منها درء الضرر عن الشيء، كالتأمين ضد الحريق( 178 ). فإذا لم

يكن الحق مكملا له على النحو السابق، فلا ينتقل إلى الخلف الخاص، فمثلا لا يلتزم مشتري

السيارة بالعقد الذي كان يلتزم به بائعها بإيداع السيارة في جراج معين( 179 ). وكذلك تنتقل

الالتزامات المحددة للشيء أي التي تضع قيودا على استعماله، أو تحد من سلطات المالك عليه،

173 ) جاء المشروع بحكم مطابق في المادة ( 153 ) منه. )

. 174 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 178 )

. 175 ) منصور، أمجد: النظرية العامة، مرجع سابق، ص 189 )

.553- 176 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 549 )

. 177 ) احمد، محمد شريف: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 153 )

. 178 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 550 )

.188- 179 ) منصور، امجد: النظرية العامة، مرجع سابق، ص 187 )

49

وهي الحقوق العينية المقررة على الشئ كالرهن، وحقوق الارتفاق، أو عدم تجاوز حد معين

لتعلية البناء…. وقد يقرر القانون التزامات تعد من مستلزمات الشئ مثل تقرير انصراف آثار

.( عقد الإيجار الصادرة من السلف في مواجهة الخلف الخاص( 180

الشرط الثالث: أن يكون الخلف على علم بالحقوق الناشئة عن العقد وقت انتقال الشيء إليه.

ويجب أن يكون علمه حقيقيا، لا مجرد استطاعة العلم( 181 )، لأن انتقال الحقوق الشخصية وكذلك

الالتزامات من شخص إلى آخر لا يصح إلا بعلمه، حتى يترتب على هذا العلم افتراض

.( القبول( 182

وتطبق هذه الشروط تطبيقا جامعا( 183 )، وهذا واضح من صياغة النص، فلا يكفي توفر

شرط دون آخر.

وعليه، فإذا ورد شرط في عقد بين البائع والسلف يتضمن شرط إعفاء البائع من

مسؤوليته الناشئة عن ضمان العيوب مثلا، وكان الخلف قد علم به وقت انتقال المبيع إليه، فلا

حق له بالرجوع على البائع بدعوى تعويضات، إلا على أساس المسؤولية التقصيرية عند من

يأخذون بالخيرة بين المسؤوليتين، حيث انه –الخلف- لا يستطيع بموجب العقد أن يرجع على

البائع، لأنه-الخلف- َقبِلَ الشرط عند علمه به ومع ذلك وافق على إجراء التصرف محملا بهذا

الشرط، وهنا لا يرجع على البائع بصفته خلف ذلك أن الشرط يسري بحقه، فلا يرجع إلا على

أساس المسؤولية التقصيرية عند من يأخذون بالخيرة. أما إذا لم يكن –الخلف- عالما بالشرط،

فانه يستطيع مطالبة البائع بالتعويضات بصفته خلفًا لكن لا يسري الشرط بحقه، وبالطبع يستطيع

أن يرجع على السلف بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية، ذلك أن شرط الإعفاء لا يسري

في علاقته بالسلف.

. 180 ) المذكرة الإيضاحية للمادة ( 153 ) من المشروع، ص 173 )

. 181 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 553 )

. 182 ) احمد، محمد شريف: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 188 )

. 183 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 179 )

50

بناء على ما تقدم أقول: إنه إذا اعتبرنا الخلف العام أو الخاص من الغير، فلا مجال

لسريان الشرط المعدل في مواجهتهم.

وتقضي القاعدة العامة بعدم سريان الشرط المعدل في مواجهة الغير، وقد ذهبت محكمة

النقض المصرية إلى أن:" المسئولية العقدية عن تعويض الضرر الذي تسبب عن خطأ المدين

متى تحققت لا ترتفع عن هذا المدين بإقرار الغير بتحمل هذه المسئولية منه ما دام الدائن

المضرور لم يقبل ذلك ولم يكن طرفًا في الورقة التي أقر فيها الغير بتحمل تلك المسئولية. ولا

يعتبر هذا الإقرار من الغير اتفاقا على الإعفاء من المسئولية مما تجيزه المادة 217 من القانون

المدني، لأن الاتفاق الذي تعنيه هذه المادة هو الإتفاق الذي يحصل بين الدائن المضرور و بين

المدين المسئول بشأن تعديل أحكام المسئولية الواردة في القانون، إعفاء أو تخفيفًا أو تشديدًا. أما

حيث يتفق المسئول مع الغير ليتحمل عنه المسئولية دون دخل للمضرور في هذا الاتفاق، فإن

هذا يكون إتفاقا عل ضمان المسئولية، لا يؤثر على حق المضرور في الرجوع على المسئول

.( الأصلي ولا ينتقص من هذا الحق"( 184

إلا أن هناك أحوا ً لا ضيقة يرتب فيها العقد أثرا في مواجهة الغير، أدرسها في الفرع

التالي.

الفرع الثاني: الاستثناءات التي ترد على عدم جواز الاحتجاج بالشرط على الغير

الأصل أن آثار العقد لا تمتد إلى الغير فلا تكسبهم حقوقا ولا ترتب عليهم التزامات، إلا

انه توجد حالات معينة يمتد فيها أثر العقد إلى الغير، حالة منها يمتد فيها العقد إلى دائني

المتعاقد، وحالة تتعلق بنظام الاشتراط لمصلحة الغير، وحالة تتعلق بالخطأ المشترك، أدرسها

تباعا.

أولا: الدعوى المباشرة

تعد الدعوى المباشرة من الضمانات التي للدائن قبل مدينه ونص عليها القانون بنصوص

. 1968 سنة المكتب الفني 19 / 04 / 184 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 0161 لسنة 34 بتاريخ 04 )

51

متفرقة، وهي وسيلة قانونية تسمح للدائن العادي أن يسعى مباشرة باسمه شخصيا إلى مدين

المدين ليسأله الوفاء بما هو مستحق في ذمته للمدين( 185 ). ويصبح بموجبها الدائن صاحب امتياز

.( على الحق يتقدم بمقتضاه على سائر الدائنين ليستوفي حقه منه( 186

وهي تعد خروجا على قاعدة نسبية آثار العقد، فالأصل أن العقد لا يسري إلا بين

أطرافه، إلا أنه في الدعوى المباشرة، يسري أثر العقد لمصلحة الدائن في مواجهة مدين

.( المدين( 187

وأرى، أنه في الأحوال التي نص فيها القانون على هذه الضمانة -من الضمانات غير

المسماة- لا يجوز لمدين المدين أن يحتج بالشرط المعدل في مواجهة الدائن . ذل ك أن الأثر

المترتب لمصلحة الدائن هو أثر مصدره القانون، فلا يستطيع مدين المدين التخلص من وفائه،

إلا إذا اتفق مع المدين والدائن على السواء على شرط الإعفاء أو التخفيف، أما إذا اتفق مع

المدين وحده، فبتقديري أنه يجوز للدائن أن يرجع عليه بدعوى المسؤولية، رغم وجود الشرط .

وأدرس حالات الدعوى غير المباشرة باقتضاب كما يلي:

1) مدني مصري، على أنه:" يكون المستأجر من الباطن ملزما بأن يؤدي / أ- نصت المادة ( 596

للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتا في ذمته للمستأجر الأصلي وقت أن ينذره المؤجر ". يلاحظ أن

النص جاء آمرا ولا يجوز للمستأجر من الباطن أن يحتج بوجود شرط إعفاء في العقد بينه وبين

المستأجر، فمسؤولية المستأجر من الباطن تقوم إذا اخل بهذا الالتزام تجاه المؤجر حتى في ظل

وجود الشرط، خاصة وأن علاقة المؤجر بالمستأجر مصدرها نص القانون وليس العقد.

وقد جاء نص المادة ( 651 ) من المشروع، أكثر دلالة بهذا الخصوص، فقد نصت على

أنه: "يلتزم المستأجر من الباطن بأن يؤدي للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتا في ذمته للمستأجر

. 185 ) سعد، نبيل إبراهيم: الضمانات غير المسماة، ط 2، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2000 ، ص 21 )

.90- 186 ) الفار، عبد القادر: أحكام الالتزام، ط 5، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1999 ، ص 89 )

187 ) السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ج 2، نظرية الالتزام بوجه عام-الإثبات –آثار )

. الالتزام، بيروت، دار إحياء التراث، 1964 ، ص 979

52

الأصلي من وقت أن ينذره المؤجر، ولا يجوز له أن يتمسك قبل المؤجر بما يكون قد تم الاتفاق

عليه مع المستأجر الأصلي".

وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا النص: "…كما يجوز للمستأجر من الباطن أن يدفع

دعوى المؤجر غير المباشرة بكل الدفوع التي كانت في امكان المستأجر من الباطن باسم

المستأجر الأصلي، كما لا يجوز لدائني المؤجر حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد المستأجر من

الباطن لانعدام العلاقة بينهما، الأمر الذي اقتضى الخروج عن هذا الأصل، وذلك بتقرير دعوى

.( مباشرة للمؤجر قبل المستأجر من الباطن يحميه من هذا الوضع السابق"( 188

وعليه فلا مجال في الدعوى المباشرة أن يتمسك المستأجر من الباطن بالشروط التي

اتفق عليها مع المستأجر في مواجهة المؤجر.

1) مدني مصري، الذي جاء فيه:" يكون للمقاولين من الباطن وللعمال / ب-نص المادة ( 662

الذين يشتغلون لحساب المقاول في تنفيذ العمل حق مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز

القدر الذي يكون مدينا به للمقاول الأصلي وقت رفع الدعوى. ويكون لعمال المقاولين من الباطن

.( مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلي ورب العمل"( 189

وأرى أن الشرط المعدل لا يسري بحق عمال المقاول وعمال المقاول من الباطن، تجاه

صاحب العمل والمقاول الأصلي ( بحسب الأحوال)، ولا يسري بحق المقاولين من الباطن تجاه

صاحب العمل. ويبقى لهم الرجوع عليهم بدعوى المسؤولية –بحسب القواعد العامة- حتى في

ظل وجود الشرط.

ج- نص المادة ( 807 ) مدني مصري، حيث جاء فيها:"( 1) إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ

الوكالة دون أن يكون مرخصا له في ذلك، كان مسؤولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل

قد صدر منه هو ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسؤولية . ( 2) أما إذا

.700- 188 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، مرجع سابق،ص 699 )

1) بصياغة مطابقة لولا استعمال تعبير (صاحب العمل) بدلا من تعبير (رب العمل ) / 189 ) جاء المشروع في المادة ( 757 )

الواردة في المدني المصري.

53

رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فان الوكيل لا يكون مسؤولا إلا

عن خطئه في اختيار نائبه أو عن خطئه فيما أصدر له من تعليمات.( 3) ويجوز في الحالتين

.( السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر"( 190

وبما أن الفقرة الثالثة أجازت لكل من الموكل ونائب الوكيل، رجوع كل منهما على

الآخر مباشرة، فلا يتصور، أن تسري في مواجهة كل منهما دفوع كل منهما تجاه الوكيل، ذلك

أن حق رجوعهما كل تجاه الآخر مصدره القانون، وما العقد المبرم بين الوكيل والنائب من

جهة، وبين الوكيل والموكل من جهة ثانية، إلا محرك لهذه العلاقة التي تخضع أساسا للقواعد

العامة في العقود، وفي عقد الوكالة تحديدا. وهذا القول يصح فيما يخص الفقرة الأولى من المادة

المذكورة إطلاقا، وينطبق على اتفاقات الإعفاء من المسؤولية فيها، إلا أنه يراعى في الفقرة

الثانية الاتفاق المبرم بين الموكل والوكيل، فإذا كان هناك ترخيص للوكيل بإقامة نائب له، وكان

الترخيص يسمح صراحة بإعفاء المناب، أو تخفيف، أو تشديد المسؤولية، فيسري الشرط بحق

الموكل بموجب القواعد العامة التي تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين، أما إذا كان الاتفاق لا

يجيز صراحة أو ضمنا مثل هذا الإعفاء للمناب فلا يسري الاتفاق على التعديل في مواجهة

الموكل. وبالمقابل إذا كان الاتفاق يقضي بإعفاء الموكل تجاه المناب، فيسري الشرط بحق

المناب إذا قبله، أما إذا كان الاتفاق على الإعفاء قد تم بين الموكل والوكيل لإعفاء الأول من

المسؤولية فلا يسري هذا الشرط بحق المناب.

وأساس ذلك، هو أن الدعوى المباشرة تختلف عن الدعوى غير المباشر ة( 191 )، ففي

الأولى ليس لمدين المدين التمسك بالدفوع التي كان يمكنه أن يتمسك بها تجاه المدين، فيكون

مسؤولا تجاه الدائن مباشرة، وإنما لمدين المدين أن يتمسك في الدفوع التي له تج اه الدائن

190 ) بنفس الحكم أخذ نص المادة ( 808 ) من المشروع. )

1) مدني مصري:" لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق / 191 ) جاء في المادة ( 235 )

هذا المدين إلا ما كان منها متصلا بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز". وقد أخذ المشروع بنفس النص في المادة

1/247 ) منه. )

54

مباشرة، وكذلك الدفوع التي للمدين تجاه الدائن. أما في الدعوى غير المباشرة فمدين المدين

.( يستطيع التمسك بالدفوع التي له تجاه المدين في مواجهة الدائن( 192

وأرى، أنه ورغم وجود عقد، إلا أنه كقاعدة عامة لا يجوز الاحتجاج بما تم الاتفاق عليه

بين المتعاقدين في مواجهة هذا الغير الذي ترتبت له الحقوق بحكم القانون، وأرى أن الدفوع التي

يمكن التمسك بها في مواجهة هذا الغير، هي فقط الدفوع القانونية وليس الدفوع التي مصدرها

العقد، ومن ذلك الشروط المعدلة في المسؤولية.

ثانيا: الاشتراط لمصلحة الغير

يقصد بالاشتراط لمصلحة الغير التزام أحد طرفي العقد، وهو المتعهد، تج اه الطرف

.( الآخر، وهو المشترط، بأن يكسب شخصا من الغير حقا مباشرا، هو المنتفع( 193

ومن الأمثلة التي تندرج تحت هذا النظام القانوني؛ أن يهب شخص عقارا لآخر ،

ويشترط عليه أداء مرتب مدى حياته لشخص آخر( 194 ). ومن أهم تطبيقات الاشتراط لمصلحة

الغير عقود التأمين على اختلاف أنواعها، كعقود التأمين على الحياة، وفيها يتعاقد المستأمن

لمصلحة وارث معين بالذات أو لمصلحة ورثته جميعا، وفي الحالتين يكون للمنتفع حق مباشر

.( قبل شركة التأمين للمطالبة بمبلغ التأمين في حال تحقق الشرط( 195

وما يهمنا في هذا النظام القانوني الذي يعد خروجا حقيقيا على نسبية آثار العقد( 196 )، هو

أنه يجوز للمتعهد أن يتمسك في مواجهة المنتفع بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة

2) مدني مصري: "ويترتب على هذا الاشتراط أن يكسب / المشترط. وفي ذلك تقول المادة ( 154

. 192 ) السنهوري، الوسيط، ج 2، مرجع سابق، ص 992 )

. 193 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 185 )

. 194 ) سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 212 )

.283- 195 ) في مزيد من تطبيقات الاشتراط لمصلحة الغير يمكن الرجوع إلى: السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 282 )

186 . سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 212 . فودة، النسبية والغيرية، - دواس، أمين: مرجع سابق، ص 185

مرجع سابق، ص 319

. 196 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، مرجع سابق، ص 176 )

55

الغير حقا مباشرا قبل المتعهد بتنفيذ الاشتراط يستطيع أن يطالبه بوفائه، ما لم يتفق على خلاف

ذلك. ويكون لهذا المتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تنشأ عن العقد"( 197 ). يتضح مما

سلف، أن المتعهد يستطيع أن يتمسك بالدفوع التي كان له التمسك بها بموجب العقد في مواجهة

المنتفع، وعليه، فان المتعهد يستطيع التمسك بالشرط المعدل للمسؤولية قبل المنتفع.

ثالثا: الخطأ المشترك

قد يشترك شخص مع الغير في ارتكاب الخطأ التعاقدي مع المدين، فيترتب على الإخلال

بالعقد دعويان: دعوى عقدية تقتصر على الجزء المسؤول عنه المدين، ضد المدين لإ خلاله

بالعقد، ودعوى تقصيرية ضد الغير لاعتدائه على الحق الناشئ عنه والذي يعتبر فعلا غير

.( مشروع( 198

وفي هذا الحالة يستطيع الدائن أن يرجع على أي منهما بكامل التعويض- بموجب قواعد

المسؤولية التقصيرية- وهو ما نصت عليه المادة ( 169 ) مدني مصري، التي جاء فيه ا:" إذا

تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر . وتكون

.( المسؤولية بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم بالتعويض"( 199

وعليه، فان رجوع الدائن على المدين (غير المتعاقد الذي لا يستفيد من الشرط المعدل)،

يؤدي إلى مسؤوليته عن تعويض الضرر كاملا. إلا أنه يجوز لهذا الأخير أن يرجع بما أداه على

المدين الآخر. وهنا تثور مشكلة رجوع المدين الذي أدى التعويضات على المدين الآخر الذي

يستفيد من شرط الإعفاء أو الشرط المخفف.

يرى أحد الشراح، أنه ليس لمن أحدث ضررا على النحو السابق، أن يرجع على المدين

197 ) أخذ المشروع بهذا الحكم بنص المادة ( 156 ) منه. )

. 198 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق،ص 215 . المحاقري، اسماعيل: مرجع سابق، ص 461 )

199 ) وبنفس الحكم أخذ المشروع في المادة ( 185 ) التي جاء فيها: "إذا تعدد المسؤولون عن فعل ضار التزم كل منهم في )

مواجهة المضرور لتعويض كل الضرر، ويتوزع غرم المسؤولية بينهم بقدر دور ل منهم في إحداث الضرر، فان تعذر

تحديد هذا الدور وزع عليهم غرم المسؤولية بالتساوي".

56

الآخر لأن الأخير سيحتج عليه ببند الإعفاء أو التخفيف. وهذا حاله في حالة كان المسؤول معه

.( بإحداث الضرر شخصا مجهولا أو معسرا( 200

فيما يرى آخر، أنه ليس للمدين الآخر الاحتجاج بشرط الإعفاء في مواجهة الأول، لأنه

المدين الذي يستفيد من الشرط-غير معسر وغير مجهول. كما أنه ليس من العدل مخالفة نسبية

آثار شرط الإعفاء( 201 ). ويذهب الشراح إلى أنه لمن دفع التعويض أن يرجع على الآخر

بنصيبه، دون أن يستطيع هذا الأخير أن يدفع دعوى الرجوع ببند إعفاء أو تخفيف اشترطه على

.( الدائن، لأن الموفي أجنبي أصلا عن العقد الذي يتضمنه( 202

وأرى أنه من حق الذي دفع التعويض الرجوع على المدين الآخر، ولا يجوز للمدين

الآخر أن يحتج في مواجهة الذي أوفى التعويض، بالشرط المعفي، رغم أن مسؤوليته تجاه

المضرور لم تتحقق، ذلك أن تفعيل الشرط في مواجهة الغير خروجا على آثار العقد يخالف

القانون. إلا أن في هذا الرجوع خروجا على مبدأ عدم جواز الخيرة بين المسؤوليتين، وهو

خروج مبرر، ومصدره القانون. إلا أنه من الناحية العملية يستطيع المدين الآخر أن يتمسك

.( بالشرط قبل المدين الذي أدى التعويضات، عبر اللجوء إلى طلب إدخال الدائن في الدعوى( 203

وذلك لوجود الارتباط بين الطلب الموجه إلى الغير والدعوى الأصلية( 204 ) المرفوعة ضد المدين

الذي يستفيد من شرط الإعفاء. وعليه، فيلتزم الدائن برد القسط من التعويضات التي تلقاها بما

. 200 ) المحاقري، اسماعيل: مرجع سابق، ص 462 )

. 201 ) يحيى، ياسين: مرجع سابق، ص 170 )

. 202 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 149 . المحاقري، اسماعيل: مرجع سابق، ص 463 )

1) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم 2 لسنة 2001 ، حيث جاء في / 203 ) نصت المادة ( 82 )

المادة المذكورة:" للمحكمة …. ولها ولو من تلقاء نفسها أن تدخل في الدعوى من ترى إدخاله لإظهار الحقيقة أو لمصلحة

العدالة".

204 ) القضاة، مفلح عواد: أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ط 2، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر )

والتوزيع، 1992 ، ص 253 وما بعدها.

57

يساوي حصة المدين الذي يستفيد من الشرط، على أساس قبض غير المستحق، لأ ن سبب

.( الالتزام لم يتحقق( 205

لكن ما هو الحل إذا رجع الدائن على المدين الذي يستفيد من شرط الإعفاء بكل

التعويض؟ يرى أحد الشراح أنه يجوز أن يرجع الدائن على من يستفيد من الشرط بكل

التعويضات( 206 ). وأرى أنه لا وجاهة لهذا الرأي-مع الاحترام- وذلك لأن المستفيد من الشرط

سيدفع بوجود الشرط، ويترتب على ذلك أن لا تكون عليه مسؤولية، ذلك أن مسؤوليته غير

متحققة باتفاق الطرفين، وهو اتفاق جائز، فلما كان ذلك على هذا النحو فان رجوع الدائن عليه

يكون غير ذي جدوى، لأنه –المدين المعفي- سيدفع بأنه غير مسؤول بالشرط، ذلك أن الاتفاق

يعفيه من المسؤولية، فكيف تتصور مسؤوليته التضامنية إن لم تكن أصلا مسؤولية فردية؟.

المطلب الرابع: أثر بطلان الشرط المعدل على العقد

قد يكون الشرط المعدل الوارد في العقد أو في اتفاق منفصل باطل، وهنا تثور مشكلة

تأثيره على العقد. وأدرس هذه المشكلة من خلال فرضين: الفرض الأول: أن يمس البطلان كل

الشرط، أي يكون الشرط المعدل باطلا بكليته. والفرض الثاني: أن يكون الشرط ليس باطلا

بكليته، كأن يشترط الإعفاء من المسؤولية ككل بما فيها الخطأ الجسيم أو الغش الذي يصدر عن

المدين. وأدرس هذين الفرضين تباعا في فرعين.

الفرع الأول: بطلان الشرط بطلانا كاملا

يعد شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية من شروط التقييد، ويقصد بشروط التقييد؛ تلك

الشروط والقيود التي يدرجها المتعاقدون في اتفاقاتهم وتصرفاتهم القانونية، والتي يكون الهدف

منها تحديد مضمون التصرف وتقييده على وجه دون آخر، لذلك تأخذ هذه الشروط شكل بنود

التعاقد، وتتمثل في أعباء معينة أو التزامات محددة تفرض على احد طرفي التصرف، أو على

1) مدني مصري على انه: "كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقا له وجب عليه رد ه" / 205 ) نصت المادة ( 181 )

1) من المشروع. / يطابق نص المادة ( 201

. 206 ) أبو سعد، محمد شتا: الخطأ المشترك، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، دون سنة، ص 145 )

58

كليهما( 207 ). فهي لا تعد شروطا بالمعنى الفني الدقيق باعتباره وصفا للرضاء والالتزام، ولكنه

مجرد بند من بنود التصرف القانوني يتسم بالتبعية أو الثانوية بالنسبة للعقد الذي يدرج به، فهو

.( ليس ركنًا جوهريًا في العقد الذي يدرج به( 208 )، فهي أمور زائدة على أصل التصرف( 209

وإذا مس البطلان هذا الشرط، فان الشرط وحده هو الذي يبطل، ما لم يكن الشرط

.( جوهريا في قصد التعاقدين، أي كان هو الدافع إلى التعاقد فيبطل الشرط والتصرف مع ا( 210

وفي ذلك تقول المادة ( 143 ) مدني مصري:" إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال

فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو

.( قابلا للإبطال فيبطل العقد كله"( 211

وعلة إبطال العقد في الحالة الأخيرة، ترجع إلى أن الشرط إذا مثل أهمية خاصة لدى

المتعاقد فانه يكون بمثابة السبب الباعث الدافع إلى التعاقد( 212 ). إلا أن الشرط المعدل لا يلعب

عادة دور الشرط الباعث على التعاقد، لأن سبب العقد هو الحصول على الاداءات المتقابلة وليس

على عدم المسؤولية المحتملة، أو زيادة تلك المسؤولية، إلا انه من المتصور أن يلعب مثل هذا

الدور( 213 ). ومثال ذلك أن يرفض المتعاقد التعاقد مع احد الأشخاص لأنه رفض تضمين العقد

مثل هذا الشرط، ويتعاقد مع آخر لأنه قبل به، كأن يرفض المودع أن يودع الوديعة عند احد

الأشخاص لأن الأخير رفض ضمانها بغير تعد أو تقصير، فيما يقبل مودع لديه آخر بهذا

الشرط، فيتعاقد المودع مع الشخص الثاني، ويرفض التعاقد مع الأول لأنه –الثاني- قبل التعاقد

بهذا الشرط.

/1987/ 207 ) أبو الليل، إبراهيم الدسوقي: مجال وشروط إنقاص التصرفات القانونية ، مجلة الحقوق ، العدد 2 )

. 135 )، ص 37 - الصفحات( 11

. 208 ) السيد، عادل حسن علي: أحكام إنقاص العقد الباطل، مكتبة زهراء الشرق، دون سنة، ص 210 )

. 209 ) أبو الليل، مجال وشروط إنقاص التصرفات، مرجع سابق، ص 38 )

- 210 ) الشواربي، عبد الحميد: البطلان المدني الإجرائي والموضوعي، الإسكندرية، منشأة المعارف، دون سنة، ص 465 )

. 466 . السيد، عادل: مرجع سابق، ص 193 . أبو الليل، مجال وشروط الإنقاص، مرجع سابق، ص 39

211 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 141 ) منه. )

. 212 ) المنجي، محمد: دعوى بطلان العقود، ط 2، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2002 ، ص 493 )

213 ) سليم، عصام أنور: عدم تجزئة العقد في الشريعة الإسلامية والقانون، الإسكندرية، منش أة المعارف، دون سنة، )

. ص 339

59

ويقع على عاتق من يدعي البطلان عبء إثبات أن الشق الباطل أو القابل للإبطال غير

منفصل عن جملة التعاقد( 214 )، وأنه يمثل شرطا جوهريا.

وقد قررت محكمة النقض المصرية هذا المبدأ في العديد من القرارات، فقضت بأنه :"

يشترط لإبطال العقد في شق منه بالتطبيق للمادة 143 من القانون المدني مع بقائه قائمًا في باقي

أجزائه ألا يتعارض هذا الإنتقاص مع قصد العاقدين بحيث إذا تبين أن أيًا منهما ما كان ليرضى

إبرام العقد بغير الشق المعيب، فإن البطلان أو الإبطال لابد أن يمتد إلى العقد كله و لا يقتصر

على هذا الشق وحده"( 215 ). ومعيار قصد المتعاقدين هو معيار ذاتي في القانون المصري

.( والمشروع( 216

الفرع الثاني: بطلان الشرط بطلانا جزئيا

في هذا الفرض يكون الشرط المعدل باطلا بطلانا جزئيا، كما لو نص الشرط عل ى

الإعفاء من كل مسؤولية تنشأ عن العقد، فدخل بموجب هذا الشرط الخطأ العمدي والجسيم، أو تم

النص صراحة على الإعفاء من الضرر الجسدي الذي يصيب المتعاقد بالإضافة إلى الأضرار

المادية، أو نص على مسؤولية المدين حتى إذا صدر خطأ عمدي عن الدائن، فما هو الحكم في

هذا الفرض؟

أقول في ذلك، إذا نص في العقد على الإعفاء من المسؤولية العقدية دون تحديد درجتها

(جسيمة أو عمدية أو يسيرة أو تافهة) فان أثر الشرط ينصرف إلى المسؤولية التي أجاز القانون

الإعفاء منها. أما إذا اتفق على الإعفاء من المسؤولية عن الخطأ الجسيم أو العمدي أو الضرر

الجسدي، فما الحل في هذه الحالة؟. يرى أحد الشراح أنه في هذه الحالة أمكن فصل ما يبطل

وما يبقى صحيحا من التصرفات القانونية. لذلك يرون أن البطلان في هذه الحالة يجب أن

. 214 ) الصدة، عبد المنعم فرج: نظرية العقد في قوانين البلاد العربية، بيروت، دار النهضة العربية، 1974 ، ص 437 )

1973 سنة المكتب الفني 24 . والفقرة / 04 / 215 ) الفقرة الثالثة من الطعن رقم 0011 لسنة 37 بتاريخ 21 )

1968 سنة المكتب الفني 19 . الفقرة الأولى من / 05 / الأولى من الطعن رقم 0404 لسنة 34 بتاريخ 16

1981 سنة المكتب الفني 32 / 02 / الطعن رقم 0711 لسنة 47 بتاريخ 10

. 216 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 153 )

60

يقتصر على آثار الشرط في مجال المسؤولية المترتبة على الخطئين الجسيم و العمد( 217 ). وهذا

الرأي يتماشى مع نص المادة ( 143 ) مدني مصري ومقابلها في المشروع. ذلك أن هذه النظرية

تتسم بالمرونة من جهة، ومن جهة ثانية ليس من السهل إبطال العقد فذلك يثير العديد من

الإشكالات التي –غالبا- يكون الأطراف في غنى عنها.

وعليه، فانه في حالة اشتراط الإعفاء من الخطأ الجسيم أو الخطأ العمد، أو الإعفاء عن

الأضرار الجسدية، ينظر؛ فإذا كان الشرط قد تضمن فيما تضمن الإعفاء من الخطئين الجسيم

والعمد والضرر الجسدي إلى جانب الخطأ اليسير، فهنا ينتقص الشرط إلى الدرجة اليسيرة دون

غيرها من الخطأ. أما إذا كان الشرط يقتصر على الإعفاء في احد الحالات أو كلها مخالفا بذلك

القاعدة العامة في عدم الجواز، فان الشرط يبطل بكليته لأنه انصب على نوع من الخطأ يخالف

القانون.

وكذلك يكون الحال إذا شددت مسؤولية المدين إلى درجة تشمل خطأ الدائن العمدي، فان

الشرط ينتقص ليشمل ضمان الأخطاء غير العمدية فقط.

. 217 ) أبو الليل، مجال وشروط إنقاص التصرفات، مرجع سابق، ص 86 )

61

الفصل الأول

شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية

62

الفصل الأول

شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية

شرط الإعفاء من المسؤولية، وكما عرفته، هو الشرط الذي يؤدي إلى رفع المسؤولية

عن المدين، حيث لا يعد المدين بموجبه مسؤولا في حين أنه يكون مسؤولا بموج ب القواعد

العامة. وقد خصصت هذا الفصل للبحث في هذا الشرط الذي أدرسه في ثلاثة مباحث، خصصت

أولها لجواز الشرط، وثانيها للتطبيقات القانونية للشرط، والقيود التي ترد عليه، وثالثها لآثار

الشرط المعفي الصحيح من حيث الموضوع.

المبحث الأول: جواز شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية

سأدرس في هذا المبحث صحة الشرط المعفي من الخطأ الشخصي للمتعاقد، في مطلب

أول، ثم أدرس جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية في حالتي الغش والخطأ الجسيم في

مطلب ثان، ثم أدرس ألإعفاء من المسؤولية عن خطأ الغير في مطلب ثالث. ويعود هذا التقسيم

إلى اختلاف الحكم في كل حالة من الحالات الثلاث.

المطلب الأول: صحة الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية للمتعاقد

أدرس في هذا المطلب جواز الإعفاء من المسؤولية بالاتفاق بين أطراف العقد، فيما

يتعلق بالخطأ الشخصي للمتعاقد، وذلك في فرعين، أستعرض في أولهما مسألة صحة شرط

الإعفاء، ثم أدرس في الفرع الثاني مسألة جواز شرط الإعفاء في القانون المدني المصري وفي

المشروع.

الفرع الأول: جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية للمتعاقد

هناك من يرفض الشروط المعفية من المسؤولية ويبررون ذلك-من بين أسباب أخرى-

بأن هذه الشروط تعبر عن انتفاء الحرية التعاقدية، فإما أن يكون الدائن -عندما يقبل هذ ه

63

الشروط- مدفوعًا أو مضطرًا أو غير منتبه( 218 ). كما يبررون رفضهم لشروط الإعفاء

والتخفيف، في أن هذه الشروط تعطي للمدين سلطة مطلقة بين تنفيذ التزاماته وعدم تنفيذها،

فيصبح تنفيذ الالتزام اختياريا، وبهذا يمكن للمدين أن يكون مهملا، بل ويمكنه أن يمتنع عن تنفيذ

التزامه متمسكا بمبررات مختلفة، ومطمئنا إلى عدم مسؤوليته( 219 ). كما أن مثل هذا الاتفاق

يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم( 220 ). كما يستند الرافضون لشروط الإعفاء

إلى مخالفتها للنظام العام فهي تهدم فكرة المسؤولية العقدية. كما يستندون إلى أنها تهدم فكرة

السبب في العقد، فإذا كان الالتزام سببا للالتزام المقابل، فان عدم مسؤولية المدين عن تنفيذ

.( التزامه يعني في واقع الأمر غياب سبب الالتزام المقابل( 221

وقد أورد الفريق المؤيد لهذه الشروط ردا على بعض هذه الحجج؛ حيث قالوا فيما يتعلق

بإهدار سبب العقد، أن هذه الشروط لا تؤدي إلى إلغاء الالتزام، كما أن المسؤولية تبقى قائمة في

حالتي الغش والخطأ الجسيم، كما يقولون بأن الشرط لا يعفي من كل الالتزامات بل تبقى هناك

.( التزامات أخرى لا يمسها الشرط( 222

وأرى أن المبررات التي أوردها الفريق الرافض لهذه الشروط، هي مبررات معقولة،

ولم أر أن الفريق المؤيد لشروط الإعفاء أورد ما يدحض هذه المبررات. وأضيف إلى ما أورده

الرافضون لهذه الشروط، أن هذه الشروط تؤدي إلى عدم توازن في العلاقة العقدية، وتؤدي إلى

إكساب شروط الإذعان غطاءً تشريعيا يسمح لشروط الإذعان بالمرور دونما معارضة من قبل

القضاء.

218 ) في عرض هذه الآراء يمكن الرجوع إلى: جميعي، حسن عبد الباسط: شروط التخفيف والإعفاء من ضمان العيوب )

.26- الخفية، 1993 ، ص 23

. 219 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 50 )

. 220 ) أبو سعد، محمد: مرجع سابق، ص 129 )

. 221 ) جميعي، حسن: شروط التخفيف، مرجع سابق، ص 28 )

. 222 ) المرجع السابق، ص 29 )

64

ويقضي المبدأ العام – عند غالبية الفقه- بجواز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية

العقدية( 223 )، ويبررون ذلك في أنه، لما كانت المسؤولية منشأها العقد، وكان العقد وليد إرادة

المتعاقدين، فالإرادة الحرة هي إذن أساس المسؤولية العقدية، وإذا كانت الإرادة هي التي أنشأت

قواعد هذه المسؤولية، فان لها أن تعدلها وذلك في حدود النظام العام والقانون( 224 ). فلا يجوز

الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية، وذلك لأن القانون نص على ذلك، كما يرى

البعض أن الإعفاء منها يتعلق بالنظام العام فلا يجوز تبعا لذلك( 225 ). وأقول ردا على ذلك إن

الإرادة وإن كانت هي أساس المسؤولية العقدية، إلا أنها –الإرادة- في الحقيقة تكون ضعيفة

غالبا، فكثير من العقود التي تبرم في عصرنا الحاضر خاصة بين الأفراد والشركات كالبنوك

وشركات التأمين، وغيرهم من التجار، تفتقر لهذا الجانب الإرادي، فكثير من هذه العقود تبرم

دون أن يطلع الفرد على محتواها، كما أنه وان اطلع على محتواها يكون مضطرا لإبرام تلك

العقود، ولا يرد القول بأنه يجوز له رفض هذا التعاقد، والتعاقد مع شركة أو بنك أو تاجر آخر،

ذلك أن المتعاقد سيجد بأن تلك الشروط تتكرر في معظم هذه العقود، وأنه وإن كان يستطيع

رفض التعاقد، إلا أن رفضا كهذا لن يفيده في شيء، فسيضطر عاجلا أم آجلا إلى إجراء هذه

العقود بالشروط المدرجة، وسيكون إحجامه عن التعاقد إضرارا غير مبرر به نفسه، أي نفس

المتعاقد الضعيف.

ومثال الإعفاء من المسؤولية عن الخطأ الشخصي، اشتراط البنك عدم مسئوليته إذا لم

يقم بتحصيل حقوق العميل من الغير. وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية الموقرة:" إن من

المقرر أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في

مستندات أو أوراق فان عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص عليه المادة

223 ) تناغو، سمير عبد السيد: نظرية الالتزام ، الإسكندرية، منشأة المعارف، دون سنة، ص 161 . المحاقري، إسماعيل : )

مرجع سابق، ص 371 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، 673 . العطار، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 155 . أبو

البصل، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 339 . الشرقاوي، جميل: النظرية العامة للالتزام، الكتاب الأول، مصادر الالتزام ،

. القاهرة، دار النهضة العربية، 1995 ، ص 22 . الاهواني، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 316

. 224 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 673 )

225 ) هارون، جمال حسني: المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في القانون المدني الأردني، (رسالة ماجستير غير )

.46- منشورة)، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن، 1993 ، ص 45

65

2/704 ) من القانون المدني. غير أن القانون لا يمنع من الاتفاق على إعفائه من المسؤولية لأن )

الإعفاء من المسؤولية عن الخطأ العقدي جائز ويجب في هذه الحالة احترام شروط الإعفاء التي

.( يدرجها الطرفان في الاتفاق"( 226

ويرد الإعفاء من المسؤولية المترتبة على الالتزام، لا على الالتزام نفسه، ومثال ذلك أن

يتفق المؤجر والمستأجر على عدم مسؤولية الأخير عن رد المأجور في الحالة التي كان عليها

عند تسلمها( 227 ). واتفاق كهذا لا يقصد منه –باعتقادي- إبراء المدين من الالتزام برد المأجور

في الحالة التي كان عليها، وإنما يقصد منه أن لا يكون المدين مسؤولا حين يرد المأجور في

حالة أخرى كأن تكون أضرار معينة أصابت المأجور، والفرق بين الأمرين دقيق، ففي حالة

الإعفاء من الالتزام بالرد، لا يسأل المستأجر حتى لو لم يقم بتسليم المأجور في الحالة التي كان

عليها، فيكون معفى من الالتزام، ويسأله الدائن بموجب أحكام المسؤولية التقصيرية إن هو خرج

عن سلوك الرجل العادي، واخطأ خطأً تقصيريا يستوجب المساءلة، أما في حال الإعفاء من

المسؤولية، فيبقى المدين مسؤولا إن ارتكب غشا أو خطأ جسيما كان السبب في عدم رد المأجور

في الحالة التي كان عليها، وفي غير حالتي الغش والخطأ الجسيم فلا مسؤولية عقدية عليه .

ويلاحظ في الإعفاء من الالتزام، غالبا يرافقه نقل الالتزام على عاتق الطرف الآخر، فإذا تم

الاتفاق على تحمل المتعاقد الآخر للالتزام فلا نكون أمام إعفاء من المسؤولية، بل نكون أمام

التزام متفق على تحميله لذمة الطرف الآخر، فهذا الأخير يمكنه في هذه الحالة أن يشترط إعفاءه

من المسؤولية وليس العكس.

والإعفاء من الخطأ الشخصي –في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم- جائز لدى غالبية

.( الشراح المصريين( 228

1994 طعن 570 س 63 ق. مشار إليه: طلبة، أنور: المسؤولية المدنية، ج 2، المسؤولية العقدية ، /10/ 226 ) نقض 20 )

. ط 1، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2005 ، ص 116

1) مدني مصري على انه:" على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي كانت تسلمها عليها / 227 ) نصت المادة ( 591 )

إلا ما يكون قد أصاب العين من هلاك أو تلف لسبب لا يد له فيه".

228 ) على سبيل المثال يمكن الرجوع إلى: الصدة، مرجع سابق، ص 422 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، )

. ص 673 . مرقس، الوافي، ج 1، ص 640 الهامش رقم 273

66

ولكن هل يجوز أن ينصب شرط الإعفاء على ركن الضرر مباشرة؟ أجيب على هذا

السؤال كما يلي:

يعوض في المسؤولية العقدية عن الضرر المتوقع دون الضرر غير المتوقع، وقد سبق

بيان ذلك في الفصل التمهيدي. مما يعني أن الضرر الذي يعوض عنه أساسه إرادة الأطراف

المفترضة على أساس من شرط ضمني، أي أن الأطراف إذ التزموا بعلاقة عقدية ، فأساس

مسؤوليتهم العقد، فلا تجوز مساءلتهم عن أضرار لم يكونوا يتوقعونها لأن العقد هو الذي أوجد

التزاماتهم، ويستثنى من ذلك حالتي الغش والخطأ الجسيم على اعتبار أن الإرادة لا يتصور أن

تكون اتجهت ضمنيا إليها، خاصة وأن هاتين الحالتين تخالفان النظام العام( 229 ). وإذا كانت إرادة

الأطراف هي التي تحدد مدى الضرر الواجب التعويض، فهذا يعني أن لهذه الإرادة، أن تخفف

التعويض إلى مدى أقل أو تعفي منه.

إلا أنه، وكما لاحظنا فإن مثل هذه الإرادة الضمنية، مفترضة (تخفيفا) ولا تمتد إلى

الإعفاء، ومعيارها ليس شخصيا، بل هو معيار موضوعي مجرد. أي حتى وإن كان الضرر

غير متوقع في ذهن المدين، غير أن المدين يسأل عنه بموجب المعيار الموضوعي. ويترتب

على ذلك، أن المدين يسأل عن الضرر حتى وإن لم يكن هو شخصيا توقعه، وفي ذلك قضت

محكمة النقض المصرية الموقرة بأن: "قياس الضرر المتوقع بمعيار موضوعي لا معيار

شخصي، بمعنى أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي

وجد فيها المدين وقت التعاقد، ولا يكون توقع سبب الضرر فحسب بل يجب توقع مقداره

.( ومداه"( 230

كما قضت المحكمة الموقرة في قرار آخر: "المدين في المسئولية العقدية يلزم طبقا لنص

1 من القانون المدني بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، ويشمل / المادة 221

تعويض الضرر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، والضرر المتوقع إنما يقاس

- 229 ) بهذا المعنى: أبو السعود، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 243 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 683 )

. 684 . الفار، مرجع سابق، ص 144

. 1984 سنة المكتب الفني 35 / 06 / 230 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 1070 لسنة 53 بتاريخ 06 )

67

بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، بمعنى أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في

.( مثل الظروف التي يوجد بها المدين لا الضرر الذي يتوقعه هذا المدين بالذات"( 231

إن وجود المعيار الموضوعي، يعني، أنه يجوز الاتفاق على معيار شخصي، إلا ان مثل

هذا الاتفاق يدخلنا في أحكام نظام قانوني آخر هو التعويض ألاتفاقي، وبالتالي علينا في هذه

الحالة تطبيق أحكامه.

ذلك لأن الضرر والتعويض، مسألتان متداخلتان، لا يمكن البحث في إحداهما دون

التعرض إلى الأخرى، فالتعويض جبر للضرر، والضرر لا يمكن تصور وجوده إذا لم يكن

233 ). وقد عبر المرحوم )( يعوض عنه، وهو الجزاء الذي رتبه القانون على المسؤولية المدنية( 232

.( السنهوري عن ذلك بالقول بأن الضرر هو مقياس التعويض( 234

والضرر الذي لا يعوض عنه، هو ليس ضررا بالمعنى القانوني، فلو تجرد الضرر الذي

2 مدني / أصاب الدائن من حماية القانون، أصبح التعويض عنه التزاما غير قانوني (المادة 199

مصري)( 235 ). إلا أنه يبقى ضررا.

إن الضرر ذو صفة مزدوجة فهو عنصر في نظامين قانونيين؛ الأول هو نظام

المسؤولية، والثاني هو نظام التعويض. ولما كان الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية عن الضرر

ذا نتائج مباشرة على نظام التعويض، فان نظامين قانونيين سيحكمان الإعفاء من الضرر. ما

يستدعي الإجابة على السؤال حول أي من هذه النظامين أولى بالتطبيق في حالة وجود شرط

للإعفاء من الضرر؟

أعتقد، أنه يجب تطبيق أحكام نظام التعويض، رغم أن المدني المصري نص صراحة في

. 1970 سنة المكتب الفني 21 / 12 / 231 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 0206 لسنة 36 بتاريخ 08 )

، 232 ) طلبة، أنور: المسؤولية المدنية، ج 1، المسؤولية العقدية، ط 1، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2005 )

. ص 256

233 ) سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 275 وما بعدها. )

. 234 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 970 )

235 ) يقابلها نص المادة ( 221 ) من المشروع. )

68

المادة ( 223 ) على أنه:" يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد

236 )، والحكم الوارد )" أو في اتفاق لاحق، ويراعى في هذه الحالة أحكام المواد من 215 إلى 220

في هذه المادة يجيب على السؤال المطروح فيجعل –ظاهريا- الأولوية لنظام الإعفاء المادة

2/217 ) مدني مصري. فإذا اتفق على إعفاء المدين من الضرر الذي يترتب على خطئه فان )

نظام الإعفاء يجّب نظام التعويض. وهذا هو مذهب محكمة النقض المصرية ومعظم الاتفاقيات

ذات العلاقة بالنقل البحري، حيث يعد التحديد الاتفاقي لمسؤولية الناقل عن الأضرار من قبيل

الاتفاق على التخفيف من المسؤولية( 237 )، غير أنني أتحفظ على هذه النتيجة، فتحديد مسؤولية

الناقل البحري، لا تعد اتفاقا من اتفاقات المسؤولية، بل هو اتفاق من اتفاقات التعويض، ذلك أن

المسؤولية –باعتقادي- لا تخفف إلا في الحالة التي يتم فيها التساهل في تقييم مسلك المدين،

سواء بإعفائه جزئيا من المسؤولية، أو بمساءلته عن درجة عناية أقل من التي فرضها القانون،

أو بعدم مساءلته عن نوع العناية التي يقتضي الأصل الالتزام بها، كأن تكون مسؤوليته عن تنفيذ

غاية فيتفق على عدم مسؤوليته إن بذل عناية الرجل العادي. أما الاتفاق على تعويض محدد فهو

من قبيل التعويض الاتفاقي.

ومن جهة أخرى فان أركان المسؤولية قد تتحقق ومع ذلك لا يكون مجال للتعويض، فلا

يعوض عن الضرر غير المباشر، وان كانت المسؤولية قائمة، كما لا يعوض في المسؤولية

العقدية عن الضرر غير المتوقع رغم أن المسؤولية قائمة، كما أن الضرر في الحقيقة مسألة

موضوعية، ملموسة، أضف إلى ذلك أن نصوص التعويض جاءت أكثر تشددا في مصلحة

المدين، فللقاضي تعديل التعويض الاتفاقي إذا كان مبالغا فيه، على خلاف الإعفاء من المسؤولية

الذي لا يعدله القاضي وإنما يستبعده في حالة البطلان أو إذا كان شرطا في عقد إذعان. من هنا

فإنني أرى أن الأولوية تكون لنظام التعويض، فإذا ورد الشرط على الضرر ففي الحقيقة لا

236 ) يقابل هذا النص نص المادة ( 240 ) من المشروع التي جاء فيها:" يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما مقدار التعويض )

بالنص عليه في العقد أو في اتفاق لاحق،مع مراعاة أحكام القانون" ويلاحظ أن المشروع استبدل العبارة الأخيرة في النص

المصري بعبارة (مع مراعاة أحكام القانون). مما يعني أن الحكم يكون واحدا في القانونين فيما يتعلق بالأحكام الواجبة

التطبيق في حال الاتفاق على الإعفاء من الضرر.

237 ) في ذلك قرارات محكمة النقض الموقرة المشار إليها في: خالد، عدلي أمير: أحكام دعوى مسؤولية الناقل البحري، )

الإسكندرية، منشأة المعارف، 2000 ، ص 198 وما بعدها.

69

نكون أمام إعفاء من المسؤولية لأن المسؤولية تكون قد تحققت ومع ذلك لم ينتج عنها تعويض،

فالمسؤولية ضرورية لتحقق التعويض، أما التعويض فلا يعتبر ضروريا لتحقق المسؤولية. كما

أن الاتفاق على عدم تعويض أضرار معينة لغايات تطبيق أحكام شرط الإعفاء، يعد تحايلا على

القانون الذي يمنح للقاضي سلطة تقديرية في تقدير التعويض. فيكون الاتفاق على الإعفاء من

الضرر، بمثابة سلب لسلطة القاضي التي منحها له القانون وهو أمر غير جائز.

وعليه، أرى أن الشرط الوارد على الضرر يأخذ إحدى صورتين، فإما يعفي المدين من

بعض الأضرار أو يخفف أثرها عنه، وهنا نكون أمام شرط إعفاء من التعويض وليس من

المسؤولية، وإما أن يزيد في نوع وكم الأضرار التي يعوض عنها، وفي هذه الحالة نكون أقرب

إلى نظام الشرط الجزائي.

الفرع الثاني: جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية في المدني المصري والمشروع

،( نص المشرع المصري صراحة على جواز الشرط المعفي من المسؤولية العقدية ( 238

2) مدني مصري:"وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية / حيث جاء في المادة ( 217

مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم …".

ويلاحظ انه يستثنى من إعفاء المدين، حالتي الغش والخطأ الجسيم، مما يعني انه لا يجوز شرط

الإعفاء أيضا في الأحوال التي يكون فيها الخطأ أكثر من جسيم، مثال ذلك ما يسمى بالخطأ غير

المغتفر المعروف لدى الفقه والقضاء الفرنسيين( 239 )، أما في غير ذلك من الأحوال فيجوز شرط

238 ) لا تجيز مجلة الأحكام العدلية شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية، ذلك أن الشروط المعتبرة في مجلة الأحكام هي : )

-1 الشرط الذي يؤكد مقتضى العقد كالبيع بشرط تسليم المبيع على البائع وشرط الثمن على المشتري (المادة 186 ) من

المجلة.

-2 الشرط الذي يؤيد العقد، كما لو اشترط البائع على المشتري تقديم كفيل بالثمن (المادة 187 ) من المجلة.

-3 الشرط المتعارف عليه ( المادة 188 ) من المجلة.

239 ) يقصد بالخطأ غير المغتفر هو الخطأ الفاحش الذي يبلغ في جسامته حدا لا يعلوه خطأ ويكاد يصل إلى حد الغش لولا )

إن الحدود تدرأ بالشبهات. في تفصيل هذا التعريف: رشدي، محمد السعيد: الخطأ غير المغتفر سوء السلوك الفاحش

والمقصود، ط 1، الكويت، مطبوعات جامعة الكويت، 1995 ، ص 75 وما بعدها.

70

الإعفاء بموجب النصوص القانونية، إلا أن الفقه يضيف حالة أخرى لا يجوز فيها الإعفاء، هي

.( حالة الأضرار الجسدية( 240

كذلك يستفاد من النص، بأن الاتفاق على الإعفاء يكون من ركن الخطأ فقط، فقد جاءت

عبارة النص حاسمة في هذا الصدد، حيث استعمل المشرع عبارة (عدم تنفيذ التزامه التعاقدي )

أي أن شرط الإعفاء يجب أن يرد على عدم التنفيذ، أما ورود الشرط على ركن الضرر، فان

ذلك يعني إيجاد تنازع بين نظام الإعفاء ونظام التعويض سبق وان عرضت له.

1) حيث / كما نص المشروع على جواز شرط الإعفاء من المسؤولية في المادة ( 238

جاء فيها: "يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من تعويض الضرر الناشئ عن عدم تنفيذ التزام ه

التعاقدي، كليا أو جزئيا أو بسبب تنفيذه تنفيذًا معيبًا أو تأخر فيه، إلا ما يكون عن غش أو خط أ

جسيم منه..". وقد برر واضعوا المذكرات الإيضاحية أخذهم بشرط الإعفاء بناء على مبدأ

سلطان الإرادة، حيث جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة المذكورة:" استنادا إلى مبدأ من يملك

(2/ الإنشاء يملك التعديل أو الإنهاء". ويلاحظ أن هذا النص جاء مختلفا عن نص المادة ( 217

مدني المصري، وأوجه الخلاف نجملها على النحو التالي:

-1 ورد في نص المشروع (إعفاء المدين من تعويض الضرر) فيما ورد في المدني المصري

(إعفاء المدين من أية مسؤولية). وأورد في هذا السياق ملاحظتين:

الملاحظة الأولى: فيما يتعلق بهاتين العبارتين أرى أن المدني المصري كان أكثر دقة، حيث أنه

أقام وزنًا للفرق بين الإعفاء من المسؤولية، وبين الإعفاء من التعويض، فالإعفاء من المسؤولية

غير الإعفاء من التعويض، وقد سبق تبيان ذلك في الفصل التمهيدي من هذا البحث.

الملاحظة الثانية: إن الحكم الوارد في المشروع على هذا النحو ينسجم مع أحكام مواد المشروع

3) من المشروع:" إذا جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي / الأخرى، حيث نصت المادة ( 241

فلا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إلا إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشا أو خطأ

. 240 ) العطار، عبد الناصر: مرجع سابق، ص 155 )

71

جسيما"( 241 ). وهو حال المدني المصري أيضا. فللغش والخطأ الجسيم ذات الأثر على اتفاقات

الإعفاء من المسؤولية واتفاقات التعويض.

-2 جاء نص المشروع أكثر تفصيلا في تحديد موطن الإعفاء (عدم تنفيذ التزامه التعاقدي، كليا

أو جزئيا أو بسبب تنفيذه تنفيذًا معيبًا أو تأخر فيه) فيما جاء النص المصري أكثر اقتضابا في

هذه المسألة (عدم تنفيذ التزامه التعاقدي)، وأرى إن المشروع لم يغرق في تفسير الخطأ العقدي

فحسب -وهذا أمر يجب تلافيه في صياغة التشريع- بل وابعد من ذلك قيد يد القاضي إلى أبعد

حدود، فالنص يشير إلى جواز الإعفاء عن عدم التنفيذ (كليا) وهذه الصياغة باعتقادنا لا تترك

للقاضي مجال استبعاد مثل هذا الشرط في الأحوال التي يكون فيها الإعفاء شاملا للمسؤولية عن

الالتزامات الرئيسة في العقد، ولا يعني قولنا هذا أن النص المصري جاء موفقا في صياغته، بل

يعاني هو كذلك الصياغة الضعيفة نفسها التي تؤدي إلى إعفاء المدين من المسؤولية عن

الالتزامات الرئيسة في العقد، وهو أمر يهدر الالتزام، ويجعله متوقفا على إرادة المدين، وهو

ظاهر النص، إلا أن القاضي-باعتقادي- في ظل نص المادة ( 217 ) يستطيع أن يفسره تفسيرا

ضيقا، بحيث لا يهدر العلاقة العقدية، ويلزم بالتالي المدين بالمسؤولية عن الالتزامات الرئيسة

على الأقل.

وقد ذهب القضاء المصري إلى جواز شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية، فقضت

محكمة النقض المصرية الموقرة بأنه:" لما كان النص في المادة 217 من ذات القانون على أنه

2_ وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ .__ _1

التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم مؤداه أنه - في غير حالتي الغش

والخطأ الجسيم - يجوز الإتفاق بين طرفي عقد الوكالة على حق الموكل في عزل الوكيل في

أي وقت دون أن يكون مسئولا قبله عن أي تعويض ويعد هذا الإتفاق واردا على الإعفاء من

.( مسئولية عقدية مما يجيزه القانون"( 242

241 ) يقابله نص المادة ( 225 ) مدني مصري. )

1994 سنة المكتب الفني 45 . كذلك: الفقرة / 12 / 242 ) الفقرة الرابعة من الطعن رقم 0731 لسنة 60 بتاريخ 25 )

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 12 / الخامسة من الطعن رقم 0731 لسنة 60 بتاريخ 25

72

المطلب الثاني: عدم جواز الشرط المعفي من المسؤولية الشخصية في حالتي الغش والخطأ

الجسيم

كما مر بنا في المطلب السابق، فان للأطراف الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية

المترتبة على الخطأ الشخصي، إلا إن اتفاقا كهذا غير جائز في حالتين: هما الغش والخطأ

الجسيم.

وفي هذا المطلب سأدرس في فرعين: المقصود بالغش والخطأ الجسيم في أولهما، وحكم

شرط الإعفاء في هاتين الحالتين في ثانيهما.

الفرع الأول: المقصود بالغش والخطأ الجسيم

أدرس في هذا الفرع ما المقصود بالغش، وما المقصود بالخطأ الجسيم على التوالي.

أولا: المقصود بالغش

عرف البعض الغش بأنه، كل فعل أو امتناع عن الفعل يقع من المدين بالتزام عقدي أو

من تابعيه بقصد إحداث الضرر( 243 )، وهو يقابل الخطأ العمدي، الذي يكون المدين قاصدا

إحداثه( 244 )، ومعيار الغش موضوعي، يستدل عليه من جسامة الخطأ.

ويشترط البعض في الغش أن تتجه نية المدين ليس فقط إلى التخلص من الأعباء التي

يفرضها العقد، بل وكذلك إلى نية إحداث الضرر بالدائن( 245 )، فيما لا يشترط على رأي آخر إلا

.( أن تكون نية المدين ذهبت إلى التهرب من التزامه العقدي( 246

. 243 ) السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 334 )

244 ) الصدة، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 422 . فودة، الخطأ في نطاق المسؤولية، مرجع سابق، ص 13 . الاهواني، )

. مرجع سابق، ص 317

، 245 ) بلقاسم، إعراب: شروط الإعفاء من المسؤولية المدنية، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الجزائر، 1984 )

. ص 34 . زكي، ج 2، مرجع سابق، ص 84

246 ) دسوقي، محمد إبراهيم: تقدير التعويض بين الخطأ والضرر، الإسكندرية، مؤسسة الثقافة الجامعية، بدون سنة نشر، )

. ص 358

73

وأرى أن الغش يتحقق في الالتزامات العقدية سواء أراد المتعاقد التهرب من أعباء

الالتزام التي أوجبها العقد، أو قصد من خلال العقد الإضرار بالمتعاقد الآخر، إلا إن مرتكب

الغش في الحالة الأولى تبقى مسؤوليته في إطار العقد، وهو ما يعرف بسوء النية في العقد، فيما

باعتقادي- إذا كان المدين يقصد الإضرار بالمتعاقد الآخر فنكون أمام خطأ تقصيري وليس

خطأ عقدي، لأن عدم الإضرار بالغير التزام قانوني. واتجاه محكمة النقض المصرية الموقرة في

معظم أحكامها، إلى إن معنى الغش هو قصد الإضرار( 247 )، ما يستنتج منه إن محكمة النقض

الموقرة لا ترى بالغش – في القرارات التي عدنا إليها على الأقل- إلا خطأً تقصيريًا قوامه قصد

الإضرار.

وهذا المنطق-الذي يشترط قصد الإضرار إلى جانب التهرب من الالتزام- هو منطق

بتقديرنا تنقصه الدقة، فالعقد يقوم أساسا على حسن النية، والمتعاقدون لولا افتراض هذا القصد

الضمني لما تعاقدوا غالبا. ثم إن حسن النية في العقود شرطا مصدره القانون، وقد نص المشرع

على أنه:" يجب تنفيذ العقد وفقا لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية" (المادة

1/148 مدني مصري)( 248 ). وهو ما يدلل على أنه لا يشترط في الغش أن يت وافر به قصد

الإضرار إلى جانب عدم التنفيذ، بل يكفي –باعتقادي- أن تتوافر لدى المدين نية عدم التنفيذ

للالتزام العقدي حتى يقوم الغش.

وقد ذهب كثير من فقهاء القانون الفرنسيين إلى هذا الرأي الأخير، فقالوا بأن للغش في

المسؤولية العقدية مضمونًا أوسع بحيث يشمل الإرادة التي تدل على عدم فعل ما هو ضروري

لتنفيذ العقد، سواء أكانت هناك أو لم تكن نية الإضرار، فالغش هنا هو سوء النية العقدية، أو هو

.( كل سلوك مضاد للالتزام العقدي( 249

. 1990 س نة المكتب الفني 41 / 04 / 247 ) مثلا: الفقرة الرابعة من الطعن رقم 2384 لسنة 54 بتاريخ 04 )

. 1970 سنة المكتب الفني 21 / 03 / والفقرة الأولى من الطعن رقم 0045 لسنة 36 بتاريخ 31

1) من المشروع. / 248 ) يقابلها ( 148 )

249 ) من الفقهاء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي: بلانيول و ريبير و بولانجيه وديموج، مشار إليه: دسوقي، محمد : مرجع )

.359- سابق، ص 358

74

ثانيا: المقصود بالخطأ الجسيم

الخطأ الجسيم هو كما عرفه الفقيه الفرنسي بوتييه: (ما يتأتى في عدم بذل العناية

والحيطة في شؤون الغير، بقدر لا يمكن لأقل الناس عناية أو أقلهم ذكاء أن يغفله في شؤون

نفسه)( 250 ). وهذا التعريف هو الدارج عند الكثير من الشراح، فعرفه آخرون بأنه: (الخطأ الذي

.( لا يصدر عن أقل الناس حذرا وحيطة)( 251

وقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أبعد من ذلك، متبنية لاتجاه أكثر تشددا في

وصف الخطأ بالجسامة، ففي احد قرارات المحكمة الموقرة، لمست أن الخطأ الجسيم ليس

بالضرورة أن يصدر بقليل من الحيطة والحذر لدرجة أنه لا يصدر عن أقل الناس حيطة

وحذرا، بل هو من وجهة نظر المحكمة الموقرة، الخطأ الذي يصدر بدرجة غير يسيرة، وكأن

هذا الشرط وحده كافيًا لأن تصف المحكمة الموقرة ذلك الخطأ بالجسامة، ففي تعريفها للخطأ

الجسيم قالت:" الخطأ الجسيم …. و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو الذي يقع

بدرجة غير يسيرة و لا يشترط أن يكون متعمدًا لما كان ذلك و كان الثابت من الحكم المطعون

فيه أنه قضى مسئولية الطاعنة " الشركة " عن التعويض على أساس المسئولية التقصيرية

المقررة في القانون المدني لإرتكابها خطأ جسيمًا يتمثل في سماحها بتسيير السيارة التي وقع بها

الحادث و إطارها الخلفي صالح بنسبة 30 % مع أن عمل الشركة و نشاطها يجعلها على علم

بأن السيارة قد تجتاز طرقًا وعره - و كان هذا الذي قرره الحكم مستندًا إلى أدلة كافية لحمله و

لها أصلها الثابت في الأوراق - فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من الخطأ في تطبيق القانون لا

يكون له محل"( 252 ). يتبين أن المحكمة الموقرة وصفت الخطأ بالجسامة لمجرد مجاوزته للخطأ

العادي( 253 )، فالخطأ الجسيم- على ما جاء في القرار الأخير- هو الذي يصدر بدرجة غير يسيرة،

.78- 250 ) مشار إليه: رشدي، محمد: مرجع سابق، ص 77 )

. 251 ) أبو السعود، النظرية العامة،مرجع سابق، ص 237 )

. 1980 سنة المكتب الفني 31 / 04 / 252 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0808 لسنة 44 بتاريخ 26 )

253 ) هناك اتجاه فقهي لا يشترط في الخطأ الجسيم إلا (أن يتصور مدى الانحراف في مسلك الشخص وان يتصور أن )

النتائج الضارة لفعله هي أمر مؤكد أو قريب الاحتمال). دسوقي، محمد: مرجع سابق، ص 280 . أيضا: رشدي، محمد :

. مرجع سابق، ص 79

75

أي انه يجب أن يكون الخطأ على درجة من الإهمال البيّن.

ولا يشترط أن يتوفر عنصر العمد في هذا النوع من الخطأ( 254 )، فإذا توفر عنصر العمد

.( أصبحنا نتحدث عن غش وليس عن خطأ جسيم( 255

وقد ثار جدل حول مسؤولية المهنيين، كالأطباء، فالبعض رأى انه لا تجوز مساءلة

المهنيين عن أخطائهم اليسيرة، بينما رأى البعض الآخر إن معيار الرجل العادي ينطبق على

الفنيين وغيرهم وأنه لا يشترط أن يكون الخطأ جسيما حتى يساءل الطبيب( 256 ). ورغم أن

المحاكم المصرية ترددت بين اشتراط الجسامة في خطأ الطبيب، وبين عدم اشتراطها، إلا إن

الاتجاه الغالب لدى القضاء المصري هو الذي يقضي بعدم اشتراط الخطأ الجسيم من أجل

مساءلة الطبيب( 257 ). غير إن قيام المسؤولية على الخطأ المهني الجسيم تفرضه أحيانا طبيعة

المهنة، فلا يتصور مخاصمة القاضي إذا لم يبدر عنه خطأ جسيم لأن ذلك سيؤدي إلى إعاقة

.( عمل القضاء، والى إحجام القضاة عن إصدار الأحكام( 258

وفيما عدا معيار الخطأ الجسيم المأخوذ به في مخاصمة القضاة، فان المهنيين يسألون

عن أخطائهم في إطار المعيار العام للخطأ.

وقد قضت محكمة الإسكندرية الكلية، بوضوح في معيار الخطأ المهني، حاسمة هذا

الخلاف بقولها:" إن الطبيب الذي يخطئ مسؤول عن نتيجة خطئه، بدون تفريق بين الخطأ الهين

والجسيم، ولا بين الفنيين وغيرهم، والقول بعدم مساءلة الطبيب في حالة خطأ المهنة إلا عن

خطئه الجسيم دون اليسير، هذا القول كان مثار اعتراضات لوجود صعوبات في التمييز بين

نوعي الخطأ، ولأن نص القانون الذي يرتب مسؤولية المخطئ عن خطئه جاء عاما غير مقيد،

. 254 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 466 )

. 255 ) السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 334 )

256 ) للمزيد في تفصيل هذه الآراء: البيه، محسن عبد الحميد: خطأ الطبيب الموجب للمسؤولية المدنية ، الكويت، )

مطبوعات جامعة الكويت، 1993 ، ص 30 وما بعدها.

.39- 257 ) البيه، محسن: مرجع سابق، ص 38 )

258 ) خفاجي، احمد رفعت: تفسير الخطأ المهني الجسيم في خصوص المادة 797 من قانون المرافعات، بحث منشور في )

. 93 ) ص 88 - 1959 ، الصفحات ( 88 - مجلة المحاماة، القاهرة، العدد الأول، سنة 1958

76

فلم يفرق بين الخطأ الهين والجسيم ولا بين الفنيين وغيرهم، ويسأل الطبيب عن إهماله سواء

.( أكان خطؤه يسيرا أو جسيما فلا يتمتع الأطباء باستثناء"( 259

كما ذهبت محكمة النقض المصرية إلى المذهب نفسه، لكن بشكل أكثر وضوحا فقضت

بأنه: "لما كان واجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علما

ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية

الثابتة ويصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها،

فان انحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب مسؤوليته عن الضرر الذي يلحق

.( بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج"( 260

وقد عرضت لهذا الجدل لما له من أهمية فيما يتعلق بشرط الإعفاء من المسؤولية، فلو

اعتبرنا أن المهني لا يسأل إلا عن خطئه الجسيم، فهذا يؤدي إلى أن المهني يكون معفيا أصلا

من المسؤولية إلا في حالة الخطأ الجسيم دون الحاجة إلى إيراد شرط الإعفاء، وهو ما يستدعي

البحث –حينها- في إمكانية الاتفاق على الإعفاء حتى في حالة الخطأ الجسيم للمهني، ذلك إن

خطأه الجسيم سيبدو مساويا للخطأ العادي (اليسير) لأي شخص آخر، وبالتالي يصبح الإعفاء

حتى في ظل الخطأ الجسيم محل نظر. ولما كان الفقه والقضاء في مصر قد استقر على أن

المهنيين يسألون ضمن القواعد العامة، فان القول بإمكانية الاتفاق على إعفاء المهنيين من خطئهم

الجسيم تصبح مسألة لا أساس لها.

وعلى النقيض مما تقدم، هناك من ذهب إلى إن الأخطاء المهنية هي تعتبر دائما جسيمة،

ولا يجوز الإعفاء منها( 261 )، إلا أن هذا الرأي ليس سليما، ذلك إن للأخطاء المهنية كما للأخطاء

. 78 . كما ورد في: البيه، محسن: مرجع سابق، ص 39 - 1943 - المحاماة 24 -رقم 35 -12- 259 ) الإسكندرية الكلية 30 )

1966 رقم 88 . البيه، مرجع سابق،ص 39 . وقد أكدت محكمة النقض الموقرة على هذا /3/ 260 ) نقض مدني مصري 22 )

1971 رقم 179 إن:" الطبيب يسأل عن كل تقصير في مسلكه لا /12/ النهج في قرارات أخرى منها ما جاء في القرار 21

يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسؤول كما يسال عن

خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته".

. 261 ) بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 40 )

77

الأخرى درجات فبعضها يسير، وهو ما يجوز الاتفاق على الإعفاء منه، وبعضها جسيم وهو ما

لا يجوز الاتفاق على الإعفاء منه.

وذهب رأي آخر إلى أنه لا يجوز السماح للمهنيين بالاتفاق على الإعفاء من مسؤوليتهم

.( حتى عن الخطأ اليسير لما في ذلك من تشجيع للمهنيين على ارتكاب الأخطاء اليسيرة( 262

ورغم تأييدي لهذا الرأي الأخير، غير أنه لا أساس له من القانون، ذلك إن القاعدة العامة

في جواز شرط الإعفاء لا تفرق بين المهني وغير المهني.

الفرع الثاني: الإعفاء في حالتي الغش والخطأ الجسيم في القانون المصري والمشروع

لقد تبنى المشرع المصري الاتجاه الذي يرفض اتفاقات الإعفاء في حالتي الغش والخطأ

2) مدني مصري:" وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من / الجسيم، فقد جاء في المادة ( 217

أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينش أ عن غشه أو عن خطئه

.( الجسيم.." وهذا الموقف يتبناه المشروع أيضا( 263

ويذهب الشراح إلى تبني هذا النهج، فهناك إجماع على عدم جواز الاتفاق على الإعفاء

.( من المسؤولية عن الخطأ العمد(الغش) والخطأ الجسيم( 264

ويأخذ الخطأ الجسيم حكم الغش، رغم أن الأول خطأ غير عمدي، وذلك خوفا من تستر

المدين وراء الخطأ الجسيم إخفاء لنيته الإضرار بالدائن، هذا من جهة، ومن جهة ثانية حتى

.( يفرض على المدين حدا أدنى من العناية في المعاملات إعمالا لمبدأ حسن النية( 265

. 262 ) العيسائي، عبد العزيز: مرجع سابق، ص 57 )

1) من المشروع التي جاء فيها من بين عبارات أخرى:" يجوز الاتفاق على إعفاء المدين / 263 ) يقابلها نص المادة ( 238 )

من تعويض الضرر الناشئ عن عدم تنفيذ التزامه التعاقدي، كليا أو جزئيا أو بسبب تنفيذه تنفيذا معيب أو تأخر فيه، إلا ما

يكون عن غش أو خطأ جسيم منه..".

264 ) مرقس، الوافي، ج 1، مرجع سابق، ص 640 . سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 406 . العمروسي، مرجع )

. سابق، ص 17 . السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 334

. 265 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 466 )

78

وقد ذهب القضاء المصري إلى مساواة الخطأ الجسيم بالغش في أحكام عديدة، ورتبت

على الخطأ الجسيم تغيير وصف المسؤولية، فإذا ثبت أن الخطأ العقدي كان جسيما، أصبح

أساس مسؤولية المدين تبعا لذلك مسؤولية تقصيرية.

حيث قضت محكمة النقض في أحد أحكامها:"… فإنه لا يخرج مسئولية المؤجر - في

خصوص هذا الالتزام - عن طبيعتها و لا يحيلها إلى مسئولية تقصيرية و ذلك ما لم يثبت أن

.( المؤجر إرتكب خطأ جسيما أو غشا أو فعلا يؤثمه القانون على النحو السالف بيانه"( 266

كما قضت المحكمة ذاتها بأنه:" تطلبت المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959

لإمكان رجوع العامل على صاحب العمل بالتعويض فيما يتعلق بإصابات العمل أن يكون خطؤه

جسيمًا، وقد وردت هذه العبارة في هذا النص بصيغة عامة مطلقة بما يجعلها شاملة لكل فعل

خاطيء سواء أكان مكونًا لجريمة يعاقب عليها أم أنه لا يقع تحت طائلة العقاب طالما أنه خطأ

جسيم. وإذ كان ما يقوله الطاعن بسبب النعي من أن الخطأ الجسيم لا يتوافر إلا أن يكون مكونًا

لجريمة جنائية - ينطوي على تخصيص لعموم النص بغير مخصص و هو ما لا يجوز، وكان

الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أساس الخطأ الجسيم من جانب رب العمل و

تابعه مستندًا في ذلك إلى قواعد المسئولية التقصيرية المقررة في القانون المدني فإنه لا يكون قد

.( خالف القانون أو شابه القصور"( 267

وأرى أن موقف المحكمة، جانب الصواب في إرساء مثل هذه القاعدة التي تنقل الخطأ

الجسيم إلى مصاف الخطأ التقصيري، لأن الخطأ الجسيم متصور في إطار العلاقة العقدية، فلا

مبرر في إضفاء هذا الوصف عليها (دائما).

أما فيما يتعلق بالغش، فالغش في العقد وكما ذكرت سابقا، لا يشترط فيه نية الإضرار

فيكفي فيه نية عدم التنفيذ، ويبدو أن محكمة النقض المصرية – وعلى نقيض قولي- تنظر إلى

. 1968 سنة المكتب الفني 19 / 04 / 266 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0280 لسنة 34 بتاريخ 16 )

. 1973 سنة المكتب الفني 24 / 12 / 267 ) الفقرة الثالثة من الطعن رقم 486 لسنة 37 بتاريخ 29 )

79

الغش بأنه (قصد الإضرار إلى جانب نية عدم التنفيذ)، ولذا فهي دائما تجعله في إطار المسؤولية

التقصيرية.

حيث قضت محكمة النقض المصرية بأنه:" إذ كان المقرر - و على ما جرى به قضاء

هذه المحكمة - أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط

فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة كما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية

التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه

بما يخل بالقوة الملزمة إلا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد العاقدين كان

نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشًا أو خطأ جسيمًا مما تتحقق به في حقه

أركان المسئولية التقصيرية تأسيسًا على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا

الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقدًا أو غير متعاقد و أن إستخلاص عناصر الغش و

تقدير ما يثبت به من عدمه في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة

.( النقض عليها في ذلك ما دامت الوقائع تسمح به"( 268

المطلب الثالث: جواز الإعفاء من المسؤولية العقدية عن فعل الغير في المدني المصري

والمشروع

أبحث في هذا المطلب مسألة جواز الإعفاء من المسؤولية المترتبة على أخطاء الغير،

في فرعين؛ أدرس في الأول الآراء التي قيلت في هذه المسألة، ثم أدرس في الثاني موقف

المدني المصري والمشروع.

الفرع الأول: شرط الإعفاء من المسؤولية عن أخطاء الغير

تقوم مسؤولية المدين عن فعل الغير إذا توفر شرطان( 269 ): الأول: وجود عقد صحيح

بين المدين والدائن، فإذا كان العقد باطلا فقواعد المسؤولية التقصيرية هي الواجبة الإتباع .

. 1990 سنة المكتب الفني 41 / 04 / 268 ) الفقرة الرابعة من الطعن رقم 2384 لسنة 54 بتاريخ 04 )

.43- 269 ) مأمون، عبد الرشيد: المسؤولية العقدية عن فعل الغير، القاهرة، دار النهضة العربية، 1986 ، ص 42 )

80

الثاني: أن يكون المدين قد عهد إلى الغير تنفيذ العقد، أو أن يكون الغير مكلفا بموجب الاتفاق أو

القانون تنفيذ العقد.

وقد استقر الفقه والقضاء الفرنسيين على صحة شرط الإعفاء من المسؤولية عن خطأ

الغير في حدود الخطأ اليسير( 270 )، أما عند وجود غش أو خطأ جسيم فلا يجوز الاتفاق على

الإعفاء. لأنه لا يجوز –كما يقول الفقيه الفرنسي اسمان- أن يكون المدين في الالتزام في

.( موقف أفضل عندما ينفذ التزامه بواسطة الغير من موقفه عندما ينفذه بنفسه( 271

لكن معظم الفقه العربي يذهب إلى جواز الإعفاء من خطأ الغير في حالتي الغش والخطأ

الجسيم( 272 ). ذلك لأن الغش والخطأ الجسيم الصادران عن التابعين لا يعتبران حتما غشا أو خطأً

جسيما من المدين، وقد لا يعتبر إلا خطأً تافها في جانبه( 273 ). كما يرى البعض أن شرط الإعفاء

.( يبدو أقل خطرًا إذا انصب على أخطاء لم يرتكبها المدين ذاته( 274

وقد ذهب المرحوم السنهوري إلى جواز الإعفاء من خطأ الغير في حالتي الغش والخطأ

الجسيم، إلا أنه حاول تقييد ذلك، ففيما يتعلق بمسؤولية مدير الشركة يرى المرحوم السنهوري إن

مدير الشركة ليس وكيلا عنها بل أداة لها، لذا لا تستطيع الشركة أن تعفي نفسها عن الأخطاء

الجسيمة أو الغش الصادر عنه. كما اعتبر أن شركات النقل تستطيع أن تعفي نفسها من السرقات

التي يرتكبها عمالها، وهذا يعتبر إعفاء من المسؤولية عن خطأ الغير، وهو صحيح –ويستطرد

إن مثل هذا الشرط إذا فرضته الشركات الكبرى على عملائها، يعتبر شرط إذعان يجوز للقاضي

270 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 105 . يحيى، ياسين: مرجع سابق، ص 96 . المحاقري، إسماعيل : )

. مرجع سابق، ص 390

. 271 ) مشار إليه: المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 390 )

272 ) الأستاذ أنور سلطان، الموجز في نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 364 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، )

. ص 676 . مرقس، الوافي، مرجع سابق،ص 644

. 273 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 70 . يحيى، ياسين: مرجع سابق، ص 37 )

274 ) سوار، وحيد الدين: مصادر الالتزام، ج 1، ط 2، دمشق، المطبعة الجديدة، 1978 ، ف 551 . مشار إليه : بلقاسم، )

. إعراب: مرجع سابق، ص 61

81

.( إبطاله( 275

وأرى، إن ما ذهب إليه المرحوم السنهوري، من عدم إجازة إعفاء مدير الشركة، يجب

أن ينطبق أيضا على من يستعملهم المدين في تنفيذ التزامه، لأن مسؤولية المدين هنا هي

مسؤولية شخصية.

أما فيما يتعلق بعمال النقل، فلا يستطيع القاضي-باعتقادي- أن يضفي الصفة الإذعانية

على شرط الإعفاء من المسؤولية، حتى لو كانت شركة النقل كبرى، لأنه شرط جائز بنص.

الفرع الثاني: موقف المدني المصري والمشروع من شرط الإعفاء عن خطأ الغير

سبق القول إن مسؤولية المدين العقدية عن خطأ الغير مقررة ضمنا بمقتضى الفقرة

الثانية من المادة ( 217 ) مدني مصري حيث جاء فيها:"وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين

من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه

الجسيم. ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش والخطأ الجسيم الذي يقع من

أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه"( 276 )، ويفيد هذا النص أنه يجوز أن يشترط المدين الإعفاء

من المسؤولية التي تترتب على أخطاء من يستخدمهم في تنفيذ التزامه، ولو كانت تلك الأخطاء

جسيمة، أو صادرة عن غش.

إن أول ما يقال عن هذا النص إنه لا يجيز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية العقدية

عن أخطاء الغير التي من المفروض أن يكون المدين مسؤولا عن أخطائهم، وإنما يجيز الاتفاق

على الإعفاء من أخطاء من يستخدمهم في تنفيذ التزامه فحسب. وبهذا القول نحن نخالف غالبية

الشراح- مع الاحترام- الذين قالوا إن النص يسمح بالاتفاق على الإعفاء عن أخطاء الغير في

.( المسؤولية العقدية –مطلقا- في حالتي الغش والخطأ الجسيم( 277

. 275 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 677 ، الهامش رقم 1 )

1) مشروع. / 276 ) تقابل نص المادة ( 238 )

277 ) من هذا الرأي: الأستاذ أنور سلطان، الموجز في نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 364 . الأستاذ السنهوري، الوسيط، )

. 677 . مرقس، الوافي، مرجع سابق، ص 644 - ج 1، مرجع سابق، ص 676

82

وأوضح ذلك بالقول، إن الغير الذين يعد المدين مسؤولا عن أخطائهم لا ينحصرون

فيمن يستخدمهم في تنفيذ التزامه، وقد سبق لنا توضيح ذلك في المبحث التمهيدي، وقد تبين لنا

إن الغير المسؤول عنهم المدين في العقد ثلاثة: إما أن تكون مسؤوليته قائمة عنهم بنص القانون،

وهذا هو حال المؤجر، وإما تكون مسؤوليته عنهم قائمة على نية الأطراف أو ما سبق ووصفته

2) مدني مصري، / محكمة النقض (طبيعة العقد)، والحالة الثالثة هي التي وردت في المادة ( 217

وهي الحالة التي يكون فيها الغير عبارة عن مستخدم في تنفيذ العقد.

وأرى أن النص جاء قاصرا على (من يستخدمهم في تنفيذ التزامه ) دون غيرهم،

فالأصل –كما يتضح من النص- عدم جواز الاتفاق على الإعفاء في حالتي الغش والخطأ

الجسيم، وعندما جاء المشرع بالاستثناء المتعلق (بمن يستخدمهم المدين في تنفيذ التزامه) فيجب

عدم التوسع فيه ولا القياس عليه، وبالتالي لا يجوز تحميل النص فوق ما يحتمل.

وباعتقادي فإن موقف المشرع منتقد حتى في إجازة الإعفاء فيما يتعلق بالمستخدمين في

حالتي الغش والخطأ الجسيم، وذلك للأسباب التالية:

أولا: إن المدين لا يستطيع اشتراط إعفاء نفسه في حالتي الغش والخطأ الجسيم، ولما كان الخطأ

الصادر من الغير يعد صادرا عنه، فلا مبرر إذن من السماح باشتراط هذا الشرط فيما يتعلق

بالغير.

ثانيا: إن مثل هذا الاتفاق يؤدي إلى إهمال المدين في اختيار مستخدميه الذين يستخدمهم في تنفيذ

عقده، مما قد يؤدي إلى نتائج تتعارض مع النية المفترضة للأطراف القاضية باحترام التزاماتهم.

ثالثا: إن تقرير هذا الجواز بنص قانوني يؤدي إلى تكبيل يد القاضي حين النظر في مدى تعسفية

شرط الإعفاء لأنه لا اجتهاد في مورد النص.

رابعا: مثل هذا الجواز يمنح الطرف سيء النية مجالا للتهرب من التزاماته.

83

خامسا: قد يلجأ المتعاقد إلى تنفيذ التزاماته عن طريق الغير –غالبا- وذلك من أجل التهرب من

1) من المشروع. / 2) مصري والمادة( 238 / المنع الوارد في المادة ( 217

المبحث الثاني: تطبيقات شرط الإعفاء والقيود التي ترد عليه

أورد المشرع المصري قيودا على شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية في تطبيقات

متفرقة من القانون، وقد سار المشروع على نهج المدني المصري في هذا الصدد، فأورد في

مواطن متعددة، نصوصا تحظر صراحة أو ضمنا شرط الإعفاء من المسؤولية، أو تجيزه

بشروط، وهو ما سأبحثه من خلال دراسة تطبيقات بعض العقود في المطلب الأول.

كما أدرس في المطلب الثاني، القيود التي أوردها المشرع والفقه والقضاء، والتي لها

انطباق على مختلف المعاملات، فأدرس الاتفاق على الإعفاء من الأضرار الجسدية في ظل عدم

وجود نص تشريعي مباشر، كما أدرس أيضا دور القضاء في تعديل الشروط التعسفية وأثره

على شرط الإعفاء، ثم أدرس مسألة الإعفاء من التزام رئيسي يرتبه العقد. ثم أدرس كتابة شرط

الإعفاء.

المطلب الأول: تطبيقات تشريعية لحالات الجواز والحظر لشرط الإعفاء

أدرس في هذا المطلب بعض التطبيقات التشريعية في أهم العقود، وهي البيع والإجارة

والنقل، والمقاولة، كما أدرس تطبيقات الإعفاء على مدة التقادم.

الفرع الأول: عقد البيع

نظم المشرع في عقد البيع، الأحوال التي يجوز والتي يحظر فيها الاتفاق على إعفاء

البائع من مسؤوليته التي قد تترتب على إخلاله بالتزاماته، وسأدرس في هذا الفرع حالتين

خاصتين، لهما الكثير من الأهمية في الحياة العملية، هما الاتفاق على الإعفاء من ضمان

الاستحقاق، والاتفاق على الإعفاء من ضمان العيوب الخفية.

84

أولا: الاتفاق على الإعفاء من ضمان الاستحقاق

من التطبيقات التشريعية التي وردت في عقد البيع ما جاء في الفقرة الأولى من المادة

445 ) مدني مصري من أنه:" يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق أو )

ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان". وجاءت الفقرة الأولى من المادة ( 467 ) من المشروع،

( مطابقة للفقرة الأولى من النص المصري. فيما جاء في الفقرة الثالثة من نفس المادة ( 445

مدني مصري:" ويقع باطلا كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق

الأجنبي" وقد جاء المشروع بحكم مطابق، وذلك في الفقرة الثالثة من المادة ( 467 ) منه.

ويلاحظ أن تعمد إخفاء حق الأجنبي، هو تطبيق من تطبيقات (الغش) التي لا يجوز

الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية منها.

وأرى أنَّ هذا النص معيب، فهو يفسح المجال للبائع سئ النية للتهرب من التزامه

بضمان الاستحقاق، ذلك أن النص وكما هو وارد فيه، يشترط -حتى لا يرتب شرط الإعفاء

آثاره- أن يكون البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبي، وبمفهوم المخالفة، فإِن شرط الإعفاء لا يرتب

آثاره إذا لم يتعمد البائع إخفاء حق الأجنبي، الأمر الذي يعد معيبا من جانبين:

الجانب الأول: صعوبة الإثبات

ذلك أَن إثبات نية البائع (بتعمد الإخفاء) مسألة صعبة المنال، بل ويمكن القول بأنها

مستحيلة. مما يترتب عليها تخلص البائع من مسؤوليته.

الجانب الثاني: الإخلال بواجب الإعلام

مثل هذا النص يتعارض بشكل بيّن مع التزام البائع بالإعلام( 278 )، الذي يعد تطبيقا للمبدأ

الراسخ في العقود القاضي بالتزام حسن النية في العقود( 279 ). ووجه التعارض، أن المشتري

278 ) في تفصيل الالتزام بالإعلام في عقد البيع: جميعي، حسن: مرجع سابق، ص 185 وما بعدها. )

. 279 ) شنب، لبيب محمد: دروس في نظرية الالتزام، 1975 ، ص 154 )

85

عندما يشتري شيئًا من آخر إنما يفترض في البائع أن يعلمه بالوضع القانوني للش يء محل

.( العقد( 280

ويعد عدم قيام البائع بهذا الالتزام هو من قبيل التدليس الذي يسمح بإبطال العقد( 281 ). وقد

2) مدني مصري:" ويعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو / نصت على ذلك المادة ( 125

.( ملابسة، إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة "( 282

.( ويسمى هذا النوع من التدليس (تدليس بالكتمان أو السكوت)( 283

ويترتب على صحة شرط الإعفاء، سقوط الضمان، وبقاء الاستحقاق، ذلك أَن نص المادة

2/446 ) مدني مصري، أورد قيدين إضافيين على إسقاط الاستحقاق، والذي جاء فيه: "أما إذا )

كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير فإن البائع يكون مسؤولا عن رد قيمة المبيع وقت

الاستحقاق، إلا إذا أثبت أن المشتري كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق، أو أنه اشترى ساقط

الخيار". فالبائع يبقى مسؤولا عن الاستحقاق الناشئ عن فعل الغير، إلا في حالتين، هم ا: أن

يثبت البائع أن المشتري كان يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق. أو يثبت أن المشتري عندما قبل

شرط إسقاط الضمان قد اشترى ساقط الخيار أي عالما بأن البيع احتمالي وقد أقدم عليه

مخاطرًا( 284 ). وفي الحالة الأخيرة يصرح المشتري أنه ينزل عن كل حق في الرجوع على

البائع، وهذا معنى سقوط الخيار، لذا يرى كثير من الفقهاء أنه لا يلزم اشتراط عدم الضمان مع

اشتراط سقوط الخيار، بل تكفي هذه العبارة الأخيرة للدلالة على قبول المشتري لإعفاء البائع من

.( كل ضمان( 285

ومن الجدير قوله، هو أنه في غير هاتين الحالتين، ما ينتج أثرا هو شرط الإعفاء وحده،

، 280 ) الرفاعي، احمد محمد: الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي ، القاهرة، دار النهضة العربية، 1994 )

. ص 116

. 281 ) السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 317 . جميعي، حسن: مرجع سابق، ص 173 )

2) من المشروع. / 282 ) يقابلها نص المادة ( 124 )

. 283 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، مرجع سابق، ص 133 )

. 284 ) السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط، ج 4، البيع والمقايضة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1964 ، ص 708 )

. 285 ) الشرقاوي، جميل: شرح العقود المدنية- البيع والمقايضة، القاهرة، دار النهضة العربية، 1991 ، ص 309 )

86

إنما يبقي الالتزام قائما، فبموجب النص، ما يسقط من مسؤولية البائع هو التعويض، أما الالتزام

2) من المدني المصري: " أما إذا / بالرد (رد قيمة المبيع) فيبقى قائما. حيث نصت المادة ( 446

كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير فإن البائع يكون مسؤولا عن رد قيمة المبيع وقت

الاستحقاق…"( 286 ). أي إن التزام البائع يقتصر على رد القيمة، فحتى في ظل وجود شرط

الضمان -على فرض صحته وترتيبه لآثاره- يبقى البائع ملتزما تجاه المشتري برد قيمة المبيع

وقت الاستحقاق( 287 ). ويلاحظ أَن المشروع لم يأت بمثل هذا النص، وهو باعتقادنا نقص يجب

تلافيه، وذلك حتى لا تثور الإشكالية حول ما إذا كان ضمان الاستحقاق يشمل الثمن والتعويض

أم التعويض وحده؟! والظاهر أَن المشروع فرق بين الاستحقاق وضمان الاستحقاق بدلالة المادة

465 /د) منه، حيث نصت على: "إذا استحق المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائ ع : د- )

مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق…". كما أَن هذا المعنى يستشف في المشروع من

خلال المادتين ( 466 و 465 ) من المشروع حيث عدد الطلبات التي يجوز للمشتري أن يطلبها

في دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق وهما بنفس المعنى الوارد في المادتين

288 )مدني مصري. )( 444 و 443 )

ويرى البعض أن شرط عدم ضمان الاستحقاق، يعد أَشد درجة من اشتراط عدم ضمان

الثمن عند استحقاق المبيع، لأَن ضمان الاستحقاق – والكلام لأصحاب هذا الرأي- يشمل عدة

286 ) لا مقابل لهذا النص في المشروع. )

. 287 ) الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 309 )

288 ) نصت المادة ( 444 ) مدني مصري على أنه:" 1- إذا استحق بعض المبيع أو وجد مثقلا بتكليف وكانت خسارة )

المشتري من ذلك قد بلغت قدرا لو علمه لما أتم العقد، كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة على أن

يرد له المبيع وما أفاده منه. 2-فإذا اختار المشتري استبقاء المبيع، أو كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ القدر المبين في

الفقرة السابقة لم يكن له إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق". كما نصت المادة ( 443 ) على

أنه:" إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع: ( 1) قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك

الوقت. ( 2) قيمة الثمار التي الزم المشتري بردها لمن استحق المبيع. ( 3) المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشتري

أن يلزم بها المستحق وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيء النية. ( 4) جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى

5) وبوجه عام تعويض ) . الاستحقاق عدا ما كان المشتري يستطيع أن يتقيه منها لو اخطر البائع بالدعوى طبقا للمادة 440

المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع. كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنيا على

المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله".

87

عناصر للتعويض من بينها الثمن( 289 ). وأرى-مع الاحترام لهذا الرأي- أَنه يخلط بين عبارة

(ضمان الثمن) الواردة في المدني الأردني، وهي عبارة تعني الالتزام برد الثمن عند الاستحقاق،

وبين (ضمان الاستحقاق) الذي يقصد به مسؤولية البائع عن التعويض الناشئ للمشتري نتيجة

للاستحقاق، فالأول يدخل في الالتزامات، فيما الثاني يدخل في المسؤولية. ولا يدخل الالتزام

بالثمن في ضمان الاستحقاق، فالأول –باعتقادي- أَشد من الثاني، وقد رتب القانون على عدم

ضمان الثمن –عند من يأخذون بمرتبة الفساد في العقد- فساد العقد( 290 ). فالثمن التزام رئيسي

.( في العقد لا يصح الإعفاء منه( 291

وعليه، فإِن ما توصل إليه الأستاذ الفاضل بأن القانون المدني الأردني لا يجيز الإعفاء

من ضمان الاستحقاق -بدلالة أَنه أشد درجة من عدم ضمان الثمن، والقانون الأردني لا يجيز

الإعفاء من ضمان الثمن- هو استنتاج جانب الصواب فيما توصل إليه.

أما المشرع المصري فقد أجاز الإعفاء من الالتزام بالثمن في الحالتين اللتين ذكرناهما،

وهما: أن يثبت البائع أَن المشتري كان يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق. أو يثبت أن المشتري

عندما قبل شرط إسقاط الضمان قد اشترى ساقط الخيار أي عالما بأن البيع احتمالي وق د أقدم

عليه مخاطرًا ( 292 )، وحسنا فعل المشروع بعدم أخذه بهذا الحكم من المدني المصري، لأنه حكم

يتعارض مع القواعد العامة للعقد، وفيه إثراء على حساب الغير بغير سبب قانوني.

قلت فيما سبق، إِنه إذا تعمد المشتري إخفاء استحقاق المبيع، فلا يصح تبعا لذلك شرط

الإعفاء. لكن ما الحكم إذا كان الاستحقاق عبارة عن حق ارتفاق؟

289 ) من هذا الرأي الأستاذ يوسف الزعبي، للاستزادة يمكن الرجوع إلى مؤلفه: عقد البيع في القانون المدني الأردني ، )

. 1993 ، ص 393 ، ط 1

1) مدني أردني:" لا يصح اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند استحقاق المبيع ويفسد البيع بهذا / 290 ) جاء في المادة ( 506 )

الشرط".يقابله نص المادة ( 492 ) من مرشد الحيران. راجع: باشا، محمد قدري: كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال

. الإنسان، ط 4، القاهرة، المطبعة الأميرية، 1931 ، ص 124

. 291 ) في تبيان عناصر ضمان الاستحقاق: السنهوري، الوسيط، ج 4، مرجع سابق، ص 660 )

292 ) وموقف المدني المصري في ذلك مخالف لموقف الفقه الإسلامي، الذي نص على حق المشتري دوما بالرجوع بالثمن )

عند الاستحقاق ولو كان هذا المشتري عالما بأن المبيع ليس ملكا للبائع. وهو ما جاء في المادة ( 494 ) من مرشد

الحيران.

88

أجابت على ذلك الفقرة الثانية من المادة ( 445 ) مدني مصري( 293 )، بأنه:" ويفترض في

حق الارتفاق إن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهرا أو كان البائع قد أبان

عنه للمشتري". ويلاحظ من مطالعة النص أَنه يسقط الضمان الناشئ عن وجود حق ارتفاق في

حالتين:

الأولى: أن يكون حق الارتفاق ظاهرا وقت البيع على نحو يستطيع المشتري رؤية معالمه وقت

معاينة المبيع، أي إن مجرد ظهور الارتفاق يعد قرينة على وجود اتفاق إسقاط الضمان، سواء

علم المشتري أم لم يعلم بحق الارتفاق.

الثانية: أن يقوم البائع بإعلام المشتري بوجود حق الارتفاق، وقت إبرام العقد، ولا يكفي أن يعلم

المشتري بوجود الارتفاق من نفسه أو عن طريق شخص آخر، ولا يكفي أن يكون الارتفاق

.( مسجلا، فتسجيل ارتفاق لا يعفي البائع من الضمان( 294

وقد أضاف المشروع فقرة رابعة لنص المادة( 467 ) جاء فيها:" وكذلك يقع باطلا كل

شرط يقضي بعدم ضمان البائع عن الاستحقاق الناشئ عن فعله ولو لم يتعمد البائع إخفاء حق

1) مدني مصري. وبناء عليه لا يجوز إعفاء البائع من / الأجنبي". وهذه الفقرة تقابل المادة ( 446

( ضمان الاستحقاق الناشئ عن فعله، فإذا أبطل سند ملكية البائع للمبيع لإكراه أو تغرير ( 295

صادر منه، أو قيام البائع ببيع المبيع إلى مشتر ثان، في هذه الحالات فإن سبب الاستحقاق يكون

راجعا إلى فعل البائع، والبائع يبقى ملتزما بالضمان رغم شرط الإعفاء( 296 ). فإذا استحق المبيع

.( التزم البائع برد قيمته للمشتري مع كافة التضمينات( 297

293 ) بنفس المعنى نص الفقرة الثانية من المادة ( 467 ) من المشروع. )

294 ) منصور، محمد حسين: شرح العقود المسماة (في مصر ولبنان)، ج 1، البيع والمقايضة ، بيروت ، دار النهضة )

. العربية للطباعة والنشر، 1995 ، ص 156

295 ) يشترط القانون المدني الأردني حتى يعتد بالتغرير أن يكون مقترنا بغبن فاحش. وقد جاء في المادة ( 145 ) مدني )

أردني:" إذا غرر احد العاقدين بالآخر وتحقق أن العقد تم بغبن فاحش كان لمن غرر به فسخ العقد".

296 ) أبو دلو، بدر محسن عواد: ضمان التعرض والاستحقاق في عقد البيع في القانون المدني الأردني، (رسالة ماجستير )

.199- غير منشورة)، الجامعة الأردنية، 2000 ، ص 198

. 297 ) منصور، محمد: شرح العقود المسماة، مرجع سابق، ص 129 )

89

ويرى البعض أَنه حتى في حالة الغلط، -أي وقوع المتعاقد الآخر بالغلط في العقد الأول

الذي بموجبه انتقل المبيع إلى البائع الحالي- يكون البائع الحالي مسؤولا عن الضمان لأَن ضمان

الاستحقاق هنا تم بفعله( 298 ). وأرى –مع الاحترام لهذا الرأي- أَنه في حالة الغلط لا يمكن القول

إن الاستحقاق نشأ عن فعل البائع، فلما كان الذي وقع في الغلط هو المتعاقد الآخر، فأبطل البيع

لهذا السبب فاستحق المبيع من يد المشتري الأول والثاني على السواء، فلا يكون للبائع(المشتري

الأول) يد في الاستحقاق. وبالتالي فإنني أرى أَنه في هذه الحالة يرتب الشرط أثره، ولا يعد

البائع ضامنا للاستحقاق، بل فقط يكلف برد قيمة المبيع، وإنما يكون البائع مسؤولا عن الضمان

إذا كان يعلم بسبب الاستحقاق وتعمد إخفاءه. ذلك إن الضمان في هذه الحالة يتعلق بالاستحقاق

للغير وليس له هو.

ثانيا: الاتفاق على الإعفاء من ضمان العيب الخفي

.( يقصد بالعيب صفة في الشيء يخلو مثلها منها عادة وينتقص وجودها من قيمته ( 299

ويعتبر الشيء معيبا إذا لحقه تلف عارض يجعله في غير الحال التي يكون فيها في الوضع

العادي، وهذا لا يعني أَن تقدير وجود العيب أو انتفائه يكون تقديرا ثابتا في جميع الأحوال، إذ

يختلف هذا التقدير باختلاف النظرة إلى الشيء، فقد يكون الشيء سليما على ضوء غرض

معين، ويكون معيبا على ضوء غرض آخر( 300 ). وقد عرفت محكمة ا لنقض المصرية الموقرة

.( العيب بأنه:"الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع"( 301

1) مدني / ويشترط في العيب حتى يعتد به أن يكون مؤثرا، وفي ذلك تقول المادة ( 447

مصري:" … أو كان في المبيع عيب ينقص من قيمته أو نفعه بحسب الغاية المقصودة مستفادة

مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء، أو الغرض الذي أعد له …" وقد أخذ

. 298 ) أبو دلو، بدر: مرجع سابق، ص 198 )

. 299 ) شنب، محمد لبيب: شرح أحكام عقد البيع، القاهرة، دار النهضة العربية، 1975 ، ص 219 )

.313- 300 ) الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 312 )

301 ) نقض 8 ابريل سنة 1948 ، مجموعة القواعد القانونية، ج 5، رقم 296 ، ص 587 . مشار إليه: سلطان، أنور: العقود )

. المسماة-شرح عقدي البيع والمقايضة، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1980 ، ص 252

90

1) منه. وبحسب النص فإِن العيب يجب أن ينقص من / المشروع بذات الحكم في المادة ( 468

قيمة الشيء، أو نفعه، فلا يعد العيب مؤثرا إن لم ينتقص من قيمة الشيء أو نفعه، ويكون العيب

.( غير مؤثر أيضا إذا جرى العرف على التسامح فيه( 302

ويشترط كذلك أن يكون العيب قديما، أي يكون العيب موجودا في المبيع قبل أن يتسلمه

المشتري من البائع، وعليه فإن البائع يكون مسؤولا عنه إذا حدث العيب بعد البيع وقبل التسليم،

.( كذلك إذا رجع سبب العيب إلى ما قبل التسليم فإِنه يعد وكأنه حدث قبل التسليم ويأخذ حكمه( 303

كما ويشترط في العيب أن يكون خفيا، أي لا يستطيع المشتري اكتشافه بال فحص

2) مدني مصري على أَنه:" ومع ذلك لا يضمن البائع العيوب / العادي، وقد نصت المادة ( 447

التي كان المشتري يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أَنه فحص المبيع

بعناية الرجل العادي، إلا إذا أَثبت المشتري أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو

.( أَثبت أَن البائع قد تعمد إخفاء العيب غشا منه"( 304

ودعوى ضمان العيب كما هو الحال في دعوى الاستحقاق -التي تشتمل على دعوى

استحقاق ودعوى ضمان-، فإن دعوى ضمان العيب تشتمل –باعتقادنا- على دعوى العيب

ودعوى التعويضات الملازمة لها، وهذا لا يعني أَن الدائن ملزم برفع دعويين، بل قد يكون ذلك

في دعوى واحدة تشتمل على كل الطلبات، إلا إن الإعفاء من الضمان يشمل قيمة العيب أو الرد

وقيمة التعويضات على حد سواء، وفي ذلك تقول المادة ( 450 ) مدني مصري :" إذا أخطر

المشتري البائع بالعيب في الوقت الملائم كان له أن يرجع بالضمان على النحو المبين في المادة

302 ) بهذا المعنى: المادة ( 448 ) مدني مصري، يطابقها نص المادة ( 469 ) من المشروع. )

723 . وقد جاء في المادة ( 473 ) من المشروع:" ( 1) إذا ظهر في - 303 ) السنهوري، الوسيط، ج 4، مرجع سابق، ص 722 )

( المبيع عيب قديم كان المشتري مخيرا إن شاء رده أو شاء قبله بالثمن المسمى والمطالبة بما أنقصه العيب من الثمن. ( 2

يعد العيب قديما إذا كان موجودا في المبيع قبل البيع أو حدث بعده وهو في يد البائع قبل التسليم. ( 3) يشترط في العيب

القديم أن يكون خفيا وهو الذي لا يعرف بمشاهدة ظاهر المبيع أو لا يتبينه الشخص العادي أو لا يكشفه غير خبير ، أو لا

يظهر إلا بالتجربة. ( 4) يعد العيب الحادث عند المشتري بحكم القديم إذا كان مستندا إلى سبب قديم موجود في المبيع عند

البائع".

2) منه. / 304 ) جاء المشروع بنص مطابق في المادة ( 468 )

91

444 ". وقد سبق تبيان نص المادة المذكورة. وأورد في المشروع نص المادة ( 471 ) التي جاء

فيها:" إذا أَخطر المشتري البائع بالعيب في الوقت الملائم كان له أن يرجع عليه بالضمان ".

ويؤخذ على هذا النص جملة ملاحظات:

الملاحظة الأولى: يؤخذ على هذا النص أَنه لم يوضح ما المقصود بالضمان، فعلى خلاف النص

المصري الذي أوضح إن الرجوع بالضمان يكون على أساس المادة 444 مدني مصري، لم يأت

المشروع بتوضيح للضمان ولأساسه، ذلك أَنه لا يوجد بين أحكام العيوب الخفية ما يشير إلى

ذلك الضمان، خاصة أَن المادة التي أوضحت الضمان وعناصره هما المادتان ( 466 و 465 ) من

المشروع السابق الإشارة اليهما، وهما تتعلقان بضمان الاستحقاق، مما يثير السؤال حول إذا ما

تبنى المشروع نفس الحكم الوارد في المدني المصري أم لا!.

الملاحظة الثانية : وتتعلق هذه الملاحظة بما جاء في المذكرات الإيضاحية، فقد جاء في

المذكرات الإيضاحية لنص المشروع: "... والوقت الملائم المذكور في هذه المادة يقصد به المدة

المعقولة…"( 305 ). وهذا التفسير –مع الاحترام- غير دقيق، ذلك أَن المدة للإخطار محددة في

العيوب الصناعية بشهر واحد، بصريح المادة ( 481 ) من المشروع. أما في العيوب الأخ رى،

فإن المدة التي يجب فيها الإخطار هي (مجرد ظهور العيب) وقد جاء هذا الحكم صريحا في

المادة ( 470 ) من المشروع. وفي هذه الحالة الأخيرة يصح القول بأَن الإخطار يجب إرساله

للبائع في مدة معقولة، ذلك أَنه لا يتصور إرسال الإخطار بمجرد ظهور العيب، دون بعض

التراخي المعقول في عرف الناس.

الملاحظة الثالثة: وهي أيضا تتعلق بالمذكرات الإيضاحية، حيث ورد فيها:" .. يتطابق حكم هذه

المادة مع المادة 450 من القانون المدني المصري". بينما الفرق واضح بين النصين، فالمصري

يحيل إلى مادة أخرى تفصل في أحكام الضمان، فيما نص المشروع جاء خاليا من هذه الإحالة.

وقد أجاز المدني المصري والمشروع الاتفاق على الإعفاء من الضمان الناتج عن العيب

الخفي، وفي ذلك نصت المادة ( 453 ) مدني مصري على أَنه:" يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن

. 305 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 550 )

92

يزيدا في الضمان أو ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان، على أن كل شرط يسقط الضمان أو

ينقصه يقع باطلا إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشا منه"( 306 ). يتضح من هذه

المادة أَنه يجوز الاتفاق على إنقاص الضمان أو الإعفاء منه. مما يعني –من وجهة نظر الكثير

من الفقهاء- أن يستبقي المشتري المبيع المعيب دون أن يستطيع الرجوع على الب ائع بأي

تعويض بما في ذلك قيمة المبيع أو جزء منه( 307 ). فيما يرى البعض الآخر أَن أَثر الاتفاق على

إسقاط الضمان ينحصر في استبعاد المسؤولية الناجمة عن ظهور العيب محل الضمان ويبقى

.( الالتزام بالضمان قائما( 308

وأرى أَن الحكم القانوني الوارد أعلاه لا يقيم فرقا بين التعويضات من جهة، وبين قيمة

المبيع أو جزء منه أو رده للبائع من جهة ثانية، فكلاهما يسقطان بشرط الإعفاء الصحيح . ما

نستنتج منه أَن (الإعفاء من ضمان العيوب الخفية) هو في حقيقته، يجمع عنصرين؛ فهو يجمع

بين المسؤولية من جهة، وبين (الضمان) باعتباره التزامًا من جهة أخرى، وإلا كيف نفسر أَن

الإعفاء من الضمان يؤدي إلى الإعفاء من الالتزام الأصلي، وهو تسليم شئ صالح للغرض

المعد له أو المتفق عليه. كما أَن استعمال مصطلح الضمان في هذا السياق جاء ليعبر عن نظام

مختلف عنه في ضمان الاستحقاق، فهذا الأخير يعني أساسا الدفاع عمن يتقرر له الضمان عندما

يهدد أحد الأَغيار حقوقه، ومن يضمن العيب لا يلتزم بأَن يدافع عن المتعاقد الآخر في تعرض

.( يحدث له( 309

كما أعتقد بأن الإعفاء من ضمان العيوب، لا يعد تطبيقا من تطبيقات شرط الإعفاء من

المسؤولية( 310 )، وإنما تسقط المسؤولية في هذا النظام تبعا لسقوط الالتزام الأصلي المضمون،

306 ) جاء نص المادة ( 479 ) من المشروع مطابقا لهذا النص. )

307 ) تناغو، سمير عبد السيد: عقد البيع، الإسكندرية، الفنية للطباعة والنشر، دون سنة، ص 332 . الشرقاوي، شرح العقود )

المدنية، مرجع سابق، ص 333 . سلطان، العقود المسماة، مرجع سابق، ص 277 . منصور، محمد: شرح العقود المسماة،

. مرجع سابق، ص 173

. 308 ) جميعي، حسن: شروط التخفيف، مرجع سابق، ص 15 )

309 ) مشار إليه: منصور، مصطفى منصور: تحديد فكرة العيب الموجب للضمان في عقدي البيع والإيجار، مجلة العلوم )

. القانونية والاقتصادية، جامعة عين شمس، ع 2، السنة الأولى، 1959 ، ص 555

. 310 ) من هذا الرأي: زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 48 )

93

حيث لا يتصور قيامها إذا لم يكن هناك التزام تم الإخلال به، جريا على قاعدة إذا سقط الأصل

.( سقط الفرع( 311 ). وقاعدة التابع تابع ولا يفرد بالحكم( 312

ويذهب الفقيه الفرنسي دوران إلى أَن شرط الضمان لا يهدف إلى استبعاد المسؤولية

المبنية على قواعد قانونية ثابتة، وإنما يجد المدين نفسه غير مسؤول لأَن شرط الإعفاء من

الضمان منع ظهور المسؤولية أصلا بمنعه لعناصر نشوئها وظهورها( 313 ). وأؤيد هذا الرأي،

فهو باعتقادي الأَصوب، وهو يتماشى مع ما ذهبت إليه بأَن ضمان العيب هو التزام، ينتج عن

الإخلال به مسؤولية، فلا يتصور وجودها إن لم يوجد ذلك الالتزام.

وأرى أَنه يجوز للطرفين الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية وحدها، ليس بموجب أحكام

الضمان الخاصة بعقد البيع، بل بموجب القاعدة العامة في الإعفاء من المسؤولية العقدية

2) مدني مصري ومقابلها في المشروع نص المادة / المنصوص عليها في المادة ( 217

1/238 )، فإذا اتفق الطرفان على عدم مسؤولية البائع عن الأضرار المادية التي تلحق المشتري )

جراء العيب الخفي، فإن مثل هذا الشرط يسقط المسؤولية وحدها، أي لا يستطيع المشتري

الرجوع بالتعويضات، أما باقي عناصر ضمان العيب الخفي فتبقى قائمة. ومثل هذا الشرط أن

يشترط البائع ( في حالة وجود عيب في المبيع يتم الكشف عنه بعد الشراء وفي مدة الضمان فإن

المشتري يصبح بالخيار بين أن يرد المبيع ويسترد قيمته وبين أن يحتفظ بالمبيع مع تعويضه عن

الفرق بين ثمن المبيع سليما وبين قيمته مقدرة مع وجود التلف أو العيب..)( 314 ). إلا أَن شرطا

كهذا –باعتقادنا- غير كاف لاستبعاد المسؤولية، فلا يعد شرط إعفاء، لأنه ورد في صورة غير

واضحة، وأرى أَن شرط الإعفاء يجب أن يكون واضحا لا أَن يستنتج من عبارات تعتبر

غامضة بالنسبة للمشترى، فهي تحرم المشتري من الرجوع بدعوى المسؤولية، فلا يستحق

تعويضا، لذا يجب أن يرد مثل هذا الشرط بوضوح وصراحة لأنه يخالف الأصل.

311 ) المادة ( 50 ) من المجلة. )

312 ) المادة ( 48 ) من المجلة. )

. 313 ) مشار إليه: جميعي، حسن: مرجع سابق، ص 12 )

. 314 ) فرج، توفيق حسن: عقد البيع والمقايضة، المكتب المصري الحديث للطباعة، 1979 ، ص 515 )

94

وإن كانت القاعدة العامة في شروط الإعفاء من ضمان العيوب الخفية هو صحتها، إلا

أَن هذه القاعدة ليست مطلقة؛ فقد جاء في المادة ( 453 ) مدني مصري أَنه:"… على أن كل شرط

.( يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلا إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشا منه"( 315

ويتضح من النص أَنه في حالة إخفاء البائع للعيب غشا، فإن شرط إنقاص الضمان أو الإعفاء

منه يبطل. فيجب حتى يبطل الشرط أن يتعمد البائع إخفاء العيب، أما إذا علم بالعيب ولم يتعمد

إخفائه فالشرط يرتب أثره( 316 ). ويعد إحداث البائع عيبا في المبيع خصوصا بعد اشتراط الإعفاء،

.( غشا يؤدي إلى إهمال شرط الإعفاء، وتخويل المشتري حق الرجوع بالضمان رغم الشرط( 317

الفرع الثاني: عقد الإيجار

جاء في المادة ( 578 ) مدني مصري:" يقع باطلا كل اتفاق يتضمن الإعفاء أو الحد من

ضمان التعرض أو العيب إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان". وقد أورد

المشروع نصا مطابقا هو نص المادة ( 632 ) منه. إلا أَن المدني المصري لم ينص على جزاء

مخالفة ضمان التعرض والاستحقاق في عقد الإجارة، مما يستدعي تطبيق القواعد العامة بهذا

الشأن( 318 )، أي أَ ن ه يكون للمستأجر إما أن يطلب التنفيذ العيني، وإما أن يطلب الفسخ، ويطالب

بالتعويض في جميع الأحوال إن كان له مقتضى. وله أيضا أن يطالب بإنقاص الأجرة في حالة

.( العيب( 319

وقد أجاز النص الوارد أعلاه الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية في حالتي التعرض

والاستحقاق والعيب الخفي، ويرى البعض أَن النص يجيز أن يتفق الأطراف على عدم التزام

المؤجر بالتنفيذ العيني( 320 ). وأرى عدم جواز ذلك لسببين؛ الأول: مثل هذا الاتفاق يخالف

315 ) جاء نص المادة ( 479 ) من المشروع مطابقا لهذا النص. )

. 316 ) بهذا المعنى: منصور، محمد: شرح العقود المسماة، مرجع سابق، ص 174 )

.334- 317 ) الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 333 )

، 318 ) الدروي، فهمي والطنطاوي، طارق: عقد الإيجار في القانون المدني، مركز الأبحاث والدراسات القانونية، 1998 )

. ص 162

. 319 ) تناغو، سمير السيد: عقد الإيجار، الإسكندرية، منشأة المعارف، 1998 ، ص 206 )

. 320 ) تناغو، عقد الإيجار، مرجع سابق، ص 206 )

95

الالتزامات التي رتبها العقد بصورة مباشرة وهو ما لا يجوز. الثاني: أَن مثل هذا الاتفاق يجعل

تنفيذ الالتزام متوقفا على إرادة المدين وحدها وهو أمر غير جائز، فكما لا يجوز تعليق الالتزام

على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم- وهو ما نصت عليه

المادة ( 267 ) مدني مصري( 321 )- لا يجوز أيضا أن يكون تنفيذ الالتزام متوقفا على محض

إرادة المدين. وإلا فقد الحكم القانوني الوارد في المادة ( 267 ) مدني مصري قيمته. ناهيك عن

أَن اتفاقا كهذا يهدر العقد ويفرغه من قيمته.

والاتفاق على الإعفاء من التعرض والاستحقاق جائز في عقد الإجارة، إلا أَن يكون

المؤجر قد أخفى سبب الضمان عن غش منه، ولا يكفي علم المؤجر بسبب الضمان فيكون

.( الشرط صحيحا طالما لم يخفه غشا( 322

الفرع الثالث: عقد المقاولة

من تطبيقات القيود التشريعية على شرط الإعفاء، ما يسمى بالضمان العشري في عقد

1) مدني مصري: "يضمن المهندس المعماري والمقاول / المقاولة، حيث جاء في المادة ( 651

متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه

من منشآت ثابتة أخرى، وذلك ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب

العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه

المنشآت مدة أقل من عشر سنوات"( 323 ). وجاء في المادة ( 653 ) مدني مصري:" يكون باطلا كل

شرط يقصد به إعفاء المهندس المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه"

يلاحظ أَن ضمان المقاول والمهندس المتعلق بمتانة البناء، غير جائز الاتفاق على

الإعفاء منه أو تخفيفه، وذلك على خلاف الأصل العام الذي يجيز الاتفاق على الإعفاء من

المسؤولية أو التخفيف منها. وقد نص المشروع على نفس الحكم في المادة ( 746 ) منه.

321 ) نص المشروع على ذات الحكم في المادة ( 281 ) منه. )

322 ) طلبة، أنور: عقد الإيجار، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1999 ، ص 314 . أبو السعود، رمضان : العقود )

. المسماة- عقد الإيجار (الأحكام العامة في الإيجار)، الإسكندرية، منشأة المعارف، 1996 ، ص 530

1) من المشروع. / 323 ) يطابق نص المادة ( 744 )

96

ويرجع السبب في هذا التشدد تجاه المقاول والمهندس على ما جاء في الأعمال

التحضيرية للمدني المصري إلى:" أَن فئة المقاولين والمهندسين هي صاحبة الخبرة الفنية

والأقوى دائما في فرض شروطها. إذ لو سكت المشرع عن بطلان الاتفاقات المسبقة على

الإعفاء لاستطاع المقاولون والمهندسون فرض شروطهم المسبقة في العقد والتنصل من

.( المسؤولية"( 324

إلا أَنه يجوز نزول رب العمل عن الضمان بعد تحقق أسبابه، فإذا انكشف عيب في

البناء يتحقق به الضمان جاز لرب العمل أَن ينزل عن حقه بالرجوع على المقاول أو المهندس

.( بسبب هذا العيب( 325

ويرى البعض وبحق، أن اتفاقات الإعفاء ستؤدي إلى الأضرار بالناس والى عدم تحرز

.( المقاولين والمهندسين في تصرفاتهم( 326

الفرع الرابع: عقد النقل

نظم قانون التجارة المصري، أحكام شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية، التي تترتب في

ذمة الناقل لمصلحة الشاحن، وقد سار مشروع قانون التجارة الفلسطيني على هديه، فنظم هذا

الشرط بنصوص خاصة، وهو ما سأبحثه فيما يلي. حيث أتناول تحديدا شرط الإعفاء من

مسؤولية الناقل في النقل البري والجوي والبحري، في عقدي نقل الأشياء ونقل الأشخاص. وذلك

في النقل الداخلي.

البند الأول:عقد النقل البري

أتناول عقدي نقل الأشياء والأشخاص كما يلي:

324 ) مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني، ج 5، ص 30 . بنفس المعنى: المذكرات الإيضاحية للمشروع ، مرجع )

. سابق، ص 788

325 ) السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، ج 7، المجلد الأول، العقود الواردة على العمل، المقاولة )

. والوكالة والوديعة والحراسة،بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1964 ،ص 143

. 326 ) حسين، شريف: مرجع سابق، ص 162 )

97

أولا: نقل الأشياء

قد يلجأ الناقل، إلى وضع شروط في عقد النقل، بموجبها يعفي نفسه من المسؤولية عن

الهلاك الكلي أو الجزئي للبضاعة( 327 ). وقد أجاز المدني المصري ومشروع المدني الفلسطيني

هذه الشروط كما مر بنا.

( وكان قانون التجارة المصري الملغى، يجيز شرط الإعفاء، حيث نص في المادة ( 92

منه على جواز الاتفاق على إعفاء الناقل من المسؤولية جراء تلف البضائع والأعيان.

وبصدور قانون التجارة المصري الجديد( 328 )، استحدثت المادة ( 245 ) منه حكما جديدا،

فجاء فيها:" يقع باطلا كل شرط يقضي بإعفاء الناقل من المسؤولية عن هلاك الشيء كليا أو

جزئيا". وقد تبنى مشروع قانون التجارة الفلسطيني هذا التوجه مستفيدا من قانون التجارة

1) منه( 329 ). التي / المصري، حيث نص مشروع قانون التجارة على هذا الحكم في المادة ( 275

جاءت مطابقة لنص قانون التجارة المصري. وقد جاء في المذكرات الإيضاحية لمشروع قانون

التجارة الفلسطيني:" ويعتبر هذا الحكم القانوني قاعدة قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام وبالتالي

.( لا يجوز الاتفاق على مخالفتها"( 330

وقد اعتبر قانون التجارة المصري، الحالات التالية من قبيل شرط الإعفاء الباطل، وذلك

2) منه، التي جاء فيها:" ويعد في حكم الإعفاء من المسؤولية كل شرط يكون / بنص المادة ( 245

من شأنه إلزام المرسل أو المرسل إليه بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسؤولية الناقل،

وكذلك كل شرط يقضي بنزول المرسل أو المرسل إليه للناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين

ضد مخاطر النقل". وقد نص مشروع قانون التجارة الفلسطيني على نفس الحكم في المادة

327 ) سامي، فوزي محمد: شرح القانون التجاري، ج 1، مصادر القانون التجاري- الإعمال التجارية-التاجر- المتجر - )

. العقود التجارية، ط 1، عمان، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002 ، ص 258

328 ) قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999 . ونشير إليه لاحقا (تجارة مصري). )

329 ) لم يورد قانون التجارة الأردني حكم شرط الإعفاء فيما يتعلق بعقد نقل الأشياء. )

330 ) المذكرات الإيضاحية لمشروع قانون التجارة، إعداد: الأستاذين أمين دواس وغسان خالد، ديوان الفتوى والتشريع، )

. 2004 ، ص 241

98

2/275 ) منه. وعليه فإن الشرط الذي يلزم المرسل، أو المرسل إليه بدفع كل أو بعض نفقات )

التأمين ضد مسؤولية الناقل، أو يقضي بنزول المرسل أو المرسل إليه للناقل عن الحقوق الناشئة

.( ضد مخاطر النقل، مثل هذه الشروط تعد في حكم شرط الإعفاء وتبطل تبعا لهذا الحكم ( 331

ولكن ما هو الحكم إذا تضمنت الأجرة المتفق عليها أقساط التأمين (تحايلا) على القانون؟

يعتقد البعض أَن قانون التجارة المصري، ترك الباب مفتوحا لمثل هذا التحايل، فقد جاء

1/أ) تجارة مصري( 332 )، بأَنه يجوز تحديد مسؤولية الناقل بما لا يقل عن ثلث / في المادة ( 264

قيمة البضاعة. وعليه فإن دعوى الدائن بقسط التأمين المستتر لن تنجح رغم تعلق نص المادة

245 ) تجارة مصري، بالنظام العام( 333 ). وأرى –مع الاحترام- وعلى العكس من هذا الرأي، )

بأَن قسط التأمين الذي قد يضاف إلى أجرة النقل بشكل مستتر يمكن المطالبة بتخفيضه في دعوى

يطلب فيها الدائن إنقاص التصرف الباطل فيلجا إلى دعوى مستندة إلى نص المادة ( 143 ) مدني

مصري طالبا إنقاص الالتزام، في شقه الباطل، وعليه هنا أَن يثبت أَن ما دفعه فوق الأجرة

العادية يعد من قبيل أقساط التأمين التي يأخذ حكمها حكم شرط الإعفاء( البطلان) بموجب المادة

245 ) تجارة مصري، التي تبطل مثل هذا الشرط. لكن قد يقال ما هو الأساس القانوني لمثل )

هذا الرأي؟

أرى أَن المادة ( 245 ) تجارة مصري، جاءت واضحة في أَنها تتعلق بالنظام العام، أما

شرط تحديد المسؤولية إلى ثلث التعويض فهو حالة مختلفة، ولا يجوز أَن يكون من بينها زيادة

أقساط التأمين، ذلك إن نص المادة ( 246 ) تجارة مصري، لم يجز النزول بالتعويض حتى الثلث

فحسب بل واشترط كذلك أَن يكون شرط تحديد المسؤولية واضحا، وعليه فإن شرط التحديد

للمسؤولية الذي لا يكون واضحا فيما يرمي إليه من تخفيف من مسؤولية الناقل لا يعتد به.

وقد أضاف مشروع قانون التجارة الفلسطيني حالة أخرى تعد من قبيل شرط الإعفاء

331 ) للاستزادة يمكن الرجوع إلى: طه، مصطفى كمال: العقود التجارية وعمليات البنوك وفقا لقانون التجارة الجديد رقم )

. 17 لسنة 1999 ، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 2002 ، ص 189

1/أ) من مشروع التجارة. / 332 ) ومقابلها المادة ( 276 )

. 333 ) مراد، عبد الفتاح: شرح العقود التجارية والمدنية، د.م، د.ن، د،س، ص 421 )

99

2) منه:"…. وكذلك كل شرط يقضي بنقل عبء / وتأخذ حكمه، حيث جاء في المادة ( 275

الإثبات من الناقل إلى الطرف الأخر". ويتضح مدى أهمية هذا النص في أَن الإثبات في عقد

النقل قد يكون مستحيلا في أحيان كثيرة، فمن الصعب بل ومن المستحيل في أحيان معينة أن

يتحمله المرسل أو المرسل إليه، ذلك أَنه لن يكون في مقدورهم إثبات خطأ الناقل، إلا أَن القواعد

العامة تسهل عليهم هذه المهمة، فالأصل أَن الناقل مسؤولا إلا إذا اثبت العكس، وفي ذلك تقوم

قرينة قانونية مفادها أن الأصل في حالة الهلاك الكلي أو الجزئي أن يكون الناقل مسؤولا عنه،

إلا إذا أَثبت أَنه ليس مسؤولا، وفي ذلك تقول المادة ( 244 ) تجارة مصري:" 1- لا يجوز للناقل

أن ينفي مسؤوليته عن هلاك الشيء محل النقل أو تلفه أو التأخير في تسليمه إلا بإثبات القوة

القاهرة أو العيب الذاتي في الشيء أو خطأ المرسل أو المرسل إليه. 2- إذا أثبت الناقل أحد

الأمور المذكورة في الفقرة السابقة جاز للمدعي نقض هذا الإثبات بإقامة الدليل على أن الضرر

لم يحدث بسببه"( 334 ). يلاحظ من مطالعة هذا النص أَن المشرع قرر لمصلحة المرسل إليه

والمرسل قرينة قانونية، وذلك تسهيلا عليهم، ونقول بحق إن اعتبار الشرط الذي ينقل عبء

الإثبات في حكم شرط الإعفاء هو نهج صائب، وذلك بسبب صعوبة بل واستحالة الإثبات في

أحيان كثيرة.

كما وأَنه لا يجوز إعفاء الناقل من المسؤولية عن أعمال تابعيه التي تقع منهم أثناء

قيامهم بتنفيذ الالتزامات المترتبة على عقد النقل. وهو ما نصت عليه المادة ( 213 ) تجارة

مصري التي جاء فيها:" 1- تشمل مسؤولية الناقل أفعاله وأفعال تابعيه التي تقع منهم أثناء قيامهم

بخدماتهم. 2-ويعتبر تابعا كل شخص يستخدمه الناقل في تنفيذ الالتزامات المترتبة على عقد

.( النقل. 3- ويقع باطلا كل شرط يقضي بإعفاء الناقل من المسؤولية عن أفعال تابعيه "( 335

وبموجب هذا النص لا يجوز إعفاء الناقل من أخطاء تابعيه، وذلك على خلاف الحكم المقرر في

القانون المدني الذي يجيز الإعفاء من المسؤولية التي تترتب على أخطاء التابعين، ولو صدر

عنهم خطأ جسيم أو غش. وأرى أن توجه المشرع التجاري أفضل، ويتناسب مع التكييف السليم

334 ) أخذ مشروع التجارة الفلسطيني بهذا الحكم في المادة ( 274 ) منه. )

335 ) أخذت بنفس الحكم المادة ( 243 ) مشروع تجارة. )

100

لخطا التابعين والذي يعد في الحقيقة خطا شخصي، صادر عن المدين.

،( إلا أَن بطلان شرط الإعفاء لم يأت مطلقا، فيجوز مثل هذا الشرط في حالة التأخير( 336

1/ب) تجارة مصري:" يجوز للناقل: أَن يشترط إعفاءه كليا أو جزئيا / حيث جاء في المادة ( 246

.( من المسؤولية عن التأخير.."( 337

إلا أَن شرط الإعفاء في هذه الحالة الأخيرة يشترط فيه؛ الكتابة في وثيقة النقل و إِلا

اعتبر كأن لم يكن. أما إذا كان عقد النقل محررا على نموذج مطبوع فيجب أن يكون؛ واضحا

ومكتوبا بكيفية تسترعي الانتباه، وإلا جاز للمحكمة اعتبار مثل هذا الشرط كأن لم يكن. وهو ما

.( 2) تجارة مصري( 338 / نصت عليه المادة ( 246

ويلاحظ أن قانون التجارة المصري، وكذلك مشروع التجارة، اعتبرا أن مخالفة الكتابة

والوضوح، تؤديان إلى اعتبار الشرط كأن لم يكن، وهذا يعني –باعتقادنا- أن الشرط لا يعتبر

باطلا فحسب، بل أن مثل هذا الشرط لا يعتبر موجودا، مما يعني أَنه حتى لو كان مثل هذا

الشرط دافعا للتعاقد من قبل الناقل فلا يعتد به من أجل إبطال التصرف بكليته.

وأرى أن هذا التشدد، والذي أؤيده فيما يتعلق بعلاقة الناقل التاجر بالمستهلكين من غير

التجار، لا ضرورة له فيما يتعلق بعلاقات التجار بين بعضهم. كما لا أجد له ضرورة فيما يتعلق

بعقد النقل إذا كان الناقل غير تاجر، ذلك أَن عقد النقل البري لا يكون تجاريا إلا إذا كانت

مزاولته على وجه الاحتراف( 339 ). وذلك على خلاف النقل البحري و الجوي اللذين يعتبران

تجاريين بطبيعتهما( 340 ). ففي حالة النقل البري إذا كان الناقل غير تاجر، وفي حالة النقل بين

التجار أرى الاكتفاء ببطلان شرط الإعفاء دون اعتبارها (كأن لم تكن).

ونشير إلى أنه لا يجوز شرط الإعفاء حتى عن حالة التأخير إذا صدر غش أو خط أ

.190- 336 ) للاستزادة في ذلك يمكن الرجوع إلى: طه، العقود التجارية، مرجع سابق، ص 189 )

1/ب) منه. / 337 ) وقد أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم في المادة ( 276 )

2) مشروع تجارة. / 338 ) المادة ( 276 )

339 ) المادة ( 5) مشروع تجارة. )

340 ) المادة ( 6) مشروع تجارة. )

101

.( 3) تجارة مصري( 341 / جسيم من قبل الناقل أو تابعيه، وهو ما نصت عليه المادة ( 246

وتذهب قوانين النقل بواسطة السكك الحديدية السارية في قطاع غزة إلى عدم تحميل

الناقل (وهو على الأغلب ناقل حكومي أو متعهد تعينه الحكومة) أية مسؤولية عن الأضرار التي

تلحق بالشاحن بسب التأخير حيث جاء في المادة ( 20 /أ/ 1و 2) من نظام سكك الحديد

(المعدل)( 342 ) لسنة 1948 بأَنه:" أ-( 1) تكون مواعيد سير القطارات المدرجة في أي جد ول

مواعيد أصدرته الإدارة خاضعة للتغيير في أي وقت دون إشعار ( 2) لا تتعهد الإدارة بقيام

القطارات أو وصولها في الموعد المحدد في جدول المواعيد".

ثانيا: نقل الأشخاص

انقسم الفقه في إجازة شرط الإعفاء عن الأضرار التي تصيب المتعاقد في جسده إلى

فريقين؛ فريق يرى بجواز مثل هذه الاتفاقات بشرط أن تقتصر على الأخطاء اليسيرة، إلا أنهم

أجازوا الخيرة بين المسؤوليتين. وفريق يرى بعدم جواز هذه الاتفاقات فيما يتعلق بجسد الإنسان،

لأن جسد الإنسان وكيانه لا يجوز أن يكونا محلا لاتفاقات خاصة( 343 ). علما أنه بموجب المادة

.( 217 ) من المدني المصري يجوز الإعفاء مطلقا سواء تعلق بأضرار مادية أو جسدية( 344 )

وقد حسم قانون التجارة المصري هذه المسألة بالنص على بطلان شروط الإعفاء، التي

يقصد منها إعفاء الناقل من مسؤوليته عن الأضرار التي تلحق بكيان الراكب. حيث جاء في

1) تجارة مصري:" يقع باطلا كل شرط يقضي بإعفاء الناقل كليا أو جزئيا من / المادة ( 267

المسؤولية عما يلحق الراكب من أضرار بدنية"( 345 ). ويأتي هذا التوجه التشريعي متأثرا

باعتقادنا- بقانون الموجبات والعقود اللبناني الذي نص على عدم جواز شرط الإعفاء في حالة

3) مشروع تجارة. / 341 ) المادة ( 276 )

.1948/2/ 342 ) منشور في: الوقائع الفلسطينية (الانتداب البريطاني) العدد: 1645 الصفحة: 155 في 5 )

343 ) لمزيد من التفصيل: المقدادي، عادل علي عبد الله: مسؤولية الناقل البري في نقل الأشخاص (دراسة مقارنة )، )

.219- عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1997 ، ص 216

. 344 ) بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 110 )

1) منه. / 345 ) تبنى مشروع قانون التجارة هذا الحكم في المادة ( 297 )

102

الأضرار البدنية( 346 ). كما أَنه تقنين لما درج عليه الفقه والقضاء، من أَن هذه الاتفاقات تعد

باطلة، فقد ذهب القضاء والفقه المصريان إلى وضع هذا الالتزام في إطار العلاقة العقدية تسهيلا

على الراكب في عبء الإثبات الذي إن لم يكن صعبا يكون مستحيلا، إذا رجع الراكب على

.( الناقل بموجب قواعد المسؤولية التقصيرية( 347

348 )من قانون التجارة المصري:" يضمن الناقل سلامة )(1/ وقد جاء في المادة ( 264

.( الراكب أثناء تنفيذ عقد النقل. ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بإعفاء الناقل من هذا الضمان"( 349

وباعتقادنا فإن النص على ضمان السلامة كالتزام مستقل، إنما مرده إلى أن الفقه والقضاء، هم

الذين أوجدوا هذا الالتزام من الناحية العملية، فمحكمة النقض المصرية درجت في غير قرار

على النص على هذا الالتزام، فجاء في قرار لها:" المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد نقل

الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاما بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا

أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى

إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ من قوة

قاهرة أو خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير على أنه يشترط في خطأ الغير الذي

يعفى الناقل من المسئولية إعفاءً كاملا ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه، وأن يكون هذا

346 ) نصت المادة ( 139 ) من قانون الموجبات والعقود اللبناني على: "إن البنود النافية للتبعة وبنود المجازفة تكون صالحة )

معمولا بها على قدر إبرائها لذمة واضع البند من نتائج عمله أو خطؤه غير المقصود، ولكن هذا الإبراء ينحصر في

الأضرار المادية لا في الأضرار التي تصيب الأشخاص إذ أن حياة الإنسان وسلامته الشخصية هما فوق كل اتفاق". لمزيد

من التفصيل في عدم جواز الإعفاء من الأضرار البدنية في قانون الموجبات والعقود اللبناني: نخلة، موريس: الكامل في

.64- شرح القانون المدني، ج 3، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، دون سنة، ص 63

، 347 ) لمزيد من التفصيل: علي، وجدي عبد الواحد: التعويض عن الإخلال بالتزام ضمان سلامة الراكب والمسافر ، ط 1 )

2004 ، ص 11 وما بعدها.

1) من مشروع قانون التجارة الفلسطيني. / 348 ) تقابلها المادة ( 294 )

349 ) نصت الفقرة الثانية من المادة ( 264 ) تجارة مصري على أنه:" يشمل تنفيذ عقد النقل الفترة الواقعة بين شروع )

الراكب في الصعود إلى وسيلة النقل في مكان القيام ونزوله منها في مكان الوصول وفي حالة وجود أرصفة معدة لوقوف

وسيلة النقل يشما تنفيذ عقد النقل الفترة الواقعة بين دخول الراكب إلى الرصيف في مكان القيام وخروجه من الرصيف في

مكان الوصول. وإذا اقتضى الأمر تغيير وسيلة النقل في الطريق فلا يشمل الضمان فترة انتقال الراكب من وسيلة نقل إلى

2) منه. / أخرى في غير حراسة الناقل أو تابعيه". أخذ مشروع قانون التجارة الفلسطيني بهذا الحكم في المادة ( 294

103

.( الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب"( 350

وقد نص قانون التجارة الأردني على الالتزام بضمان السلامة، ولكن من غير تفصيل،

2) تجاري أردني التي نصت على أنه:" وهو يوجب على الناقل / وهو ما يستفاد من المادة ( 77

إيصال المسافر سالمًا إلى المحل المعين وفي المدة المتفق عليها وإذا وقع طارئ ما فإن التبعة

الناشئة عن العقد تنتفي عن الناقل بإقامته البينة على وجود قوة قاهرة أو خطأ من قبل

.( المتضرر"( 351

2) تجارة / كما يعد في حكم شرط الإعفاء الحالات التي نصت عليها المادة ( 267

مصري، التي جاء فيها:" ويعتبر في حكم الإعفاء من المسؤولية كل شرط يكون من شأنه إلزام

الراكب بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسؤولية الناقل وكل شرط ينزل بموجبه الراكب

للناقل عن حقوقه في التأمين ضد أخطاء الناقل". وقد أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم في المادة

2/297 ) منه. إلا أن مشروع التجارة أضاف حالة أخرى تتعلق بالشرط الذي يقضي بنقل عبء )

الإثبات من الناقل إلى الراكب( 352 ). وأعتقد بأن مشروع التجارة في هذه الحكم يفضل قانون

التجارة المصري، فقد يكون عبء الإثبات هو أهم صورة يتم فيها الإعفاء بشكل غير مباشر.

وهنا نشير إلى أن أَحد أهم الأسباب التي دفعت القضاء الفرنسي والمصري إلى إرساء الالتزام

بضمان السلامة، يعود إلى أنه كان من العسير على المضرورين أن يثبتوا خطأ الناقل، أو يقيموا

الدليل عليه في أحيان كثيرة، بل أن المسافرين كثيرا ما يعجزون عن معرفة الأسباب التي أدت

.( إلى وقوع الحادث( 353

1995 سنة المكتب الفني 46 . بذات / 11 / 350 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 2271 لسنة 59 بتاريخ 28 )

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 06 / المعنى: الفقرة الرابعة من الطعن رقم 0888 لسنة 60 بتاريخ 19

351 ) لمزيد من التفصيل: العطير، عبد القادر حسين: الوسيط في شرح القانون التجاري الأردني، ج 1، الأعمال التجارية- )

. التجار- المحل التجاري-العقود التجارية، عمان، دار الشروق، 1993 ، ص 365

2) من مشروع قانون التجارة الفلسطيني على أنه:" ويعتبر في حكم الإعفاء من المسؤولية... كل / 352 ) نصت المادة ( 297 )

شرط يقضي بنقل عبء الإثبات من الناقل إلى الراكب".

.11- 353 ) علي، وجدي: مرجع سابق، ص 10 )

104

وقد استثنى المشرع من الحالات التي لا يجوز فيها شرط الإعفاء فيما يتعلق بنقل

الأشخاص، الحالة التي تتعلق بشرط الإعفاء من المسؤولية عن التأخير أو عن الأضرار غير

1) تجارة مصري على أنه:" يجوز / البدنية التي تصيب الراكب. وفي ذلك نصت المادة ( 268

للناقل أن يشترط إعفاءه كليا أو جزئيا من المسؤولية الناشئة عن التأخير أو عن الأضرار غير

البدنية التي تلحق الراكب"( 354 ). ويلاحظ أن النص أجاز شرط الإعفاء من الأضرار التي تصيب

الراكب في حالتين؛ الأولى حالة التأخير، والثانية في حالة الأضرار غير البدنية.

ويرى البعض أن الحكمة من تقرير هذا الحكم تعود إلى أن الضرر الذي يصيب الركاب

.( يكون عادة طفيفا لا يساوي الإرهاق المترتب عن رفع دعاوى المسؤولية( 355

وجاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع التجارة:" وحيث إن الأضرار غير البدنية لا تتعلق

بالنظام العام فقد أجازت الفقرة الأولى من المادة ( 298 ) للناقل اشتراط إعفائه كليا أو جزئيا من

.( المسؤولية الناشئة عن التأخير أو عن الأضرار غير البدنية التي تلحق بالراكب"( 356

1) تجارة / وأرى أنه وإن كان التأخير لا يعد من النظام العام، بدليل نص المادة ( 268

1) مشروع تجارة، إلا أن الأضرار غير البدنية (جميعها) ليس / مصري، ونص المادة ( 298

1) تجارة مصري، والمادة / بالضرورة اعتبارها ليست من النظام العام، ذلك أن المادة ( 245

1/275 ) مشروع تجارة، المتعلقتين بنقل الأشياء نصتا صراحة على بطلان شرط الإعفاء فيما )

يتعلق بهلاك البضاعة الكلي والجزئي، ولما كان من المتصور أن تكون الأضرار غير البدنية

،( تتعلق بأمتعة الراكب أو أشيائه التي لا توجد تحت حراسته، وإنما في حراسة الناقل وتابعيه( 357

1) تجارة / فإنني أجد أن هناك تعارضا بيّن بين الحكمين. أي الحكم الذي جاءت به المادة ( 245

1) تجارة مصري / مصري ومقابله في مشروع التجارة، وبين الحكم الذي جاءت به المادة( 268

ومقابله في مشروع التجارة. حيث لم يجز الأول شرط الإعفاء فيما يتعلق بالأضرار في نقل

1) منه. / 354 ) أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم في المادة ( 298 )

. 355 ) مراد، شرح العقود، مرجع سابق، ص 273 )

. 356 ) المذكرات الإيضاحية لمشروع التجارة، ص 260 )

357 ) يكون الراكب مسؤولا عن أشيائه التي تحت حراسته بعقد النقل. )

105

الأشياء إلا في حالة التأخير. فيما أجاز الحكم الثاني شرط الإعفاء فيما يتعلق بالأضرار غير

البدنية إلى جانب حالة التأخير. وغني عن البيان أن الأضرار غير البدنية تشمل الأضرار التي

تلحق بأشياء الراكب. وعليه فإنني أقترح على معدي مشروع التجارة تجاوز هذا التعارض في

الأحكام، بالنص على عدم جواز الاتفاق على الإعفاء في حالة الأضرار التي تلحق الراكب إلا

إذا تعلقت بالتأخير دون غيره من الأضرار غير البدنية. كما وننصح معدي مشروع التجارة بأن

يستثنوا حالة أخرى من الأضرار غير البدنية، وهي التي تتعلق بعدم تخصيص المركبة لمثل

ذلك النقل (النقل الذي قد ينشأ عنه ضرر بأشياء الراكب وأمتعته) وقبول الراكب رغم ذلك نقل

أشيائه فيها.

ويشترط في شرط الإعفاء المتعلق بالتأخير والأضرار غير البدنية التي تصيب الراكب

(مع تحفظنا على الحكم) أن يكون مكتوبا وإلا اعتبر كأن لم يكن. أما إذا كان عقد النقل محررا

على نماذج مطبوعة فيجب أن يكون الشرط واضحا ومكتوبا بكيفية تسترعي الانتباه، وإلا جاز

2) تجارة / للمحكمة أن تعتبر الشرط كأن لم يكن. وقد نصت على هذا الحكم المادة ( 268

مصري( 358 ). على أنه ليس للناقل أن يتمسك بشرط الإعفاء في هذه الأحوال، إذا صدر غش أو

.( 3) تجارة مصري( 359 / خطا جسيم منه أو من تابعيه. وهو حكم المادة ( 268

وقد ذهب نظام سكك حديد الحكومة (التزامات إدارة سكك الحديد نحو الركاب المسافرين

بأجور مخفضة)( 360 ) لسنة 1947 في المادة ( 2) منه إلى أنه:" لا تتحمل الإدارة تبعة دفع

تعويضات عن الأضرار الشخصية، مميتة أكانت أو غير مميتة، التي تلحق بالركاب المسافرين

في سكك الحديد بأجور مخفضة، أو عن أية خسارة أو عطب يصيب الأمتعة أو البضائع التي

يصطحبها أولئك المسافرون، إلا إذا أثبت أن ذلك الضرر، سواء أكان مميتًا أم لا، أو الخسارة

أو التلف، قد نجم عن سوء تصرف الإدارة أو مستخدميها المتعمد".

2) منه. / 358 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 298 )

3) منه. / 359 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 298 )

360 ) هذا النظام ساري في قطاع غزة ومنشور في: الوقائع الفلسطينية (الانتداب البريطاني) العدد: 1609 الصفحة : 1660 )

.1947/9/ بتاريخ 4

106

وبموجب هذا النص يجب على الدائن سواء أكان المصاب أو من يستحق التعويض، أن

يثبت أن الضرر الذي أصابه أو الخسارة أو التلف، ناجم عن سوء تصرف الإدارة، أي يجب

عليه إثبات خطا الناقل.

البند الثاني: النقل الجوي

قبل صدور قانون التجارة المصري الجديد لم تكن المسؤولية في النقل الجوي في مصر

تنفرد بتشريع خاص، فكان يطبق النص العام المنصوص عليه في المادة ( 217 ) مدني

مصري( 361 )، والتي تجيز شرط الإعفاء ضمن ضوابط معينة.

ويعود عدم تنظيم النقل الجوي في القانون المدني المصري على غرار المشرع الألماني

والفرنسي-حسبما يرى البعض- إلى أن النقل الجوي الداخلي لم يكن موجودا في مصر إبان

.( وضع القانون المدني( 362

إلا أَنه في ظل صدور قانون التجارة الجديد( 363 ) أصبح هناك أحكام خاصة تحكم اتفاقات

المسؤولية التي تعفي أو تحد من مسؤولية الناقل الجوي( 364 ). وذلك على صعيد النقل الجوي

الداخلي، بعد أن كان التنظيم القانوني يقتصر على النقل الخارجي حيث عالجه المشرع

المصري، بالأمر (رقم 593 لسنة 1955 ) حيث تبنى المشرع بموجب هذا الأمر تطبيق اتفاقية

365 ). وأدرس شرط الإعفاء من المسؤولية فيما يتعلق بنقل ) وارسو للنقل الجوي لعام 1929

.( الأشياء، ثم فيما يتعلق بنقل الأشخاص، وذلك في النقل الداخلي( 366

. 361 ) العريني، محمد فريد: القانون الجوي- النقل الجوي، بيروت، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1986 ، ص 155 )

. 362 ) بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 114 )

. 363 ) قانون رقم 17 لسنة 1999 )

. 364 ) مراد، عبد الفتاح: شرح العقود، مرجع سابق، ص 516 )

. 365 ) بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 114 )

366 ) نصت المادة ( 315 ) من مشروع التجارة على أنه:" ( 1) تسري على النقل الجوي الدولي أحكام الاتفاقيات الدولية )

النافذة في فلسطين. ( 2) وتسري على النقل الجوي الداخلي أحكام هذا الفصل والأحكام الخاصة المنصوص عليها في

المواد التالية. ( 3) يكون النقل داخليا إذا كانت النقطتان المعينتان باتفاق المتعاقدين للقيام والوصول واقعتين في فلسطين".

107

أولا: نقل الأشياء

نص قانون التجارة المصري على بطلان شرط الإعفاء من المسؤولية التي تنش أ عن

1) تجارة مصري:" يقع باطلا كل شرط يقضي / طريق النقل الجوي، وقد جاء في المادة ( 294

بإعفاء الناقل الجوي من المسؤولية أو بتحديدها بأقل من الحدود النصوص عليها في المادة 292

.( من هذا القانون"( 367

كما يعد من قبيل شرط الإعفاء، ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ( 294 ) تجارة

مصري التي جاء فيها:" ويعتبر في حكم الإعفاء من المسؤولية كل شرط يكون من شأنه إلزام

المسافر أو المرسل إليه بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسؤولية الناقل الجوي، وكل شرط

ينزل بموجبه الراكب أو المرسل إليه للناقل عن حقوقه في التأمين ضد أخطار النقل".

ويلاحظ أن المشرع وعلى غرار النقل البري أراد أن يضع حماية، للمرسل أو المرسل

إليه، عبر حمايته من الشروط التي يمكن أن تؤدي إلى إعفاء الناقل بطرق غير مباشرة. فاعتبر

إلزام الراكب بالتأمين أو بنفقاته أو ببعض نفقاته من قبيل شرط الإعفاء لأنه في حقيقة الأمر

يؤدي إلى نفس النتيجة في المحصلة، وهي عدم تحمل الناقل المسؤولية، وإلقاء المسؤولية على

2) منه وأضافت الفقرة الثانية / جهة التأمين. وقد أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم في المادة ( 324

المذكورة في نهايتها "وكذلك كل شرط يقضي بنقل عبء الإثبات من الناقل إلى الطرف الأخر".

.( وقد سبق لنا تبيان أهمية الفقرة التي أضافها مشروع التجارة( 368

ثانيا: نقل الأشخاص

كان الفقه المصري قبل صدور قانون التجارة الجديد، يذهب إلى جواز شرط الإعفاء

فيما يتعلق بنقل البضائع، وكان هذا الفقه يبدي تحفظا ظاهرًا فيما يتعلق بهذا الشرط، بخصوص

1) منه. / 367 ) أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم في المادة ( 324 )

368 ) لمزيد من التفصيل: البند الأول السابق. )

108

.( نقل الأشخاص، ويعد جسم الإنسان خارجًا من دائرة التعامل فيبطل شرط الاعفاء لذلك( 369

وقد استحدث قانون التجارة المصري حكمًا جديدًا، يقضي بعدم جواز الإعفاء من

المسؤولية عن الأضرار التي تصيب المسافر في مواجهة الناقل الجوي. وفي ذلك نصت المادة

1/294 ) تجارة مصري:" يقع باطلا كل شرط يقضي بإعفاء الناقل الجوي من المسؤولية أو )

بتحديدها بأقل من الحدود النصوص عليها في المادة 292 من هذا القانون"( 370 ). علما بأن هذا

النص جاء عاما بحيث يطبق على نقل الأشياء والأشخاص على حد سواء.

2) تجارة مصري:" ويعتبر في حكم شرط الإعفاء كل شرط / كما وجاء في المادة ( 294

يكون من شأنه إلزام المسافر أو المرسل إليه( 371 ) بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسؤولية

الناقل الجوي وكل شرط ينزل بموجبه المسافر أو المرسل إليه للناقل الجوي وكل شرط ينزل

بموجبه المسافر أو المرسل إليه للناقل عن حقوقه في التأمين ضد أخطار النقل ". وقد نص

2) منه. كما وأضاف مشروع التجارة في نهاية / مشروع التجارة على هذا الحكم في المادة ( 324

الفقرة الثانية من المادة ( 324 ) ما يفيد عدم جواز الشرط الذي يقضي بنقل عبء الإثبات، وهو

حكم جيد وسبق تبيان أهميته.

البند الثالث: عقد النقل البحري

أولا: نقل البضائع

نصت القوانين السارية في قطاع غزة( 372 )، والمتعلقة بالنقل البحري، على بطلان شرط

8) من ذيل قانون نقل البضائع بحرا( 373 ) على أَن:" / الإعفاء من المسؤولية، فقد جاء في المادة ( 3

. 369 ) الاسيوطي، ثروت أنيس: مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن، القاهرة، المطبعة العالمية، 1960 ، ص 693 )

1) منه. / 370 ) أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم في المادة ( 324 )

371 ) استعمل قانون التجارة المصري وكذلك مشروع التجارة الفلسطيني لفظ المرسل إليه كون النص يتعلق بنقل الأشياء )

والأشخاص على حد سواء.

372 ) لا يوجد نقل بحري في الضفة الغربية بحكم طبيعتها الجغرافية المغلقة. )

373 ) ذيل قانون نقل البضائع بحرا رقم 43 لسنة 1926 ، الصادر في كانون أول سنة 1926 ، المنشور في العدد الث اني )

عشر من قوانين فلسطين (مجموعة درايتون-الانتداب البريطاني) بتاريخ 1937 ، ص 113 . (المجموعة المذكورة مودعة

في مكتبة معهد الحقوق في جامعة بيرزيت).

109

كل بند أو تعهد أو اتفاق يعفي الناقل أو المركب من مسؤولية ما يلحق البضاعة من خسارة أو

ضرر قد ينشأ عن إهمال أو قصور أو تخلف عن تنفيذ ومراعاة الالتزامات والتعهدات في هذه

المادة أو ينتقص من تلك المسؤولية خلافا لنص هذا النظام يعتبر ملغي وباطلا. ويعتبر كل بند

أو نص يتعلق بالاستفادة من التأمين أَنه يعفي الناقل من المسؤولية".

ومن مطالعة حكم هذه المادة نجد أنه لا يجوز أن يتفق الناقل مع الشاحن على عدم

مسؤولية الأول عن الأضرار التي قد تلحق بالبضائع نتيجة خطأ الناقل، كما لا يجوز مثل هذا

الاتفاق إذا كان ينتقص من تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في المادة المذكورة. فلا يجوز

مثلا الاتفاق على أن تكون مدة التقادم هي ستة أشهر بدلا من سنة( 374 ). وكذلك لا يجوز أن يعفي

الناقل نفسه من عدم صلاحية المركب للملاحة أو يعفي نفسه من تجهيز المركب

بالرجال…الخ( 375 ). كما يأخذ البند المتعلق بالاستفادة من التأمين حكم شرط الإعفاء فيبطل لذلك.

وقد ذهب قانون التجارة البحرية المصري( 376 ) إلى بطلان شروط الإعفاء في أحوال

محددة نصت عليها المادة ( 236 ) التي جاء فيها:" يقع باطلا كل اتفاق يتم قبل وقوع الحادث

الذي نشأ عنه الضرر ويكون موضوعه أحد الأمور الآتية:

(أ) إعفاء الناقل من المسؤولية عن هلاك البضائع أو تلفها. (ب) تعديل عبء الإثبات ال ذي

يضعه القانون على عاتق الناقل. (ج) تحديد مسؤولية الناقل بأقل مما هو منصوص عليه في

الفقرة 1 من المادة 233 من هذا القانون. (د) النزول للناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين على

.( البضائع أو أي اتفاق آخر مماثل"( 377

8) من ذيل قانون نقل / ويختلف حكم المادة ( 236 ) بحري مصري، عن حكم المادة ( 3

374 ) نصت الفقرة السادسة من المادة الثالثة –من بين أمور أخرى- على إن مدة تقادم دعوى الشاحن هي سنة واحدة تبدأ )

من تاريخ تسليم البضاعة، أو من التاريخ الذي كان يجب تسليمها فيه.

375 ) نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة على بذل الناقل العناية الكافية فيما يتعلق بصلاحية المركب للملاحة، وفيما يتعلق )

بتجهيز المركب بالرجال، وغير ذلك من أمور.

.1990/5/ 376 ) قانون التجارة البحرية المصري، رقم 8 لسنة 1990 ، المنشور في الجريدة الرسمية العدد 18 في 3 )

377 ) وقد أخذ مشروع قانون التجارة البحرية الفلسطيني بهذا الحكم في المادة ( 269 ). وسأشير إليه لاحقا مشروع بحري. )

110

البضائع بحرا في أن الأخير، وضع قاعدة عامة تقضي ببطلان شروط الإعفاء فيما ذهب

المشرع البحري المصري إلى بطلان شرط الإعفاء في أحوال محددة هي التي صرحت بها

المادة ( 236 ) بحري مصري، وعليه فإنه بموجب نص ذيل قانون نقل البضائع لا يجوز الإعفاء

في حالة التأخير عن تسليم البضاعة، فيما يجوز ذلك بموجب النص المصري. وقد ذهب البعض

إلى أَنه يجوز كذلك أَن يشترط الناقل استحقاق أجرته في جميع الأحوال، وهذا الشرط لا يعد

شرط إعفاء من المسؤولية( 378 ). وأرى –مع الاحترام- أَن مثل هذا الشرط يعد شرطا باطلا، لأنه

يؤدي إلى النزول بالتعويض عن الحد المقرر قانونا بموجب النص الآمر ( 236 /ج) بحري

مصري، الذي جاء فيه:" يقع باطلا كل اتفاق يتم قبل وقوع الحادث الذي نشأ عنه الضرر ويكون

موضوعه أحد الأمور الآتية:… (ج) تحديد مسؤولية الناقل بأقل مما هو منصوص عليه في

الفقرة 1 من المادة 233 من هذا القانون"( 379 ) وأرى أن الشرط القاضي باستحقاق الأجرة، بعد

أن تكون قد سقطت باستحالة تنفيذ الالتزام بسبب هلاك البضاعة مثلا، يعد نزولا عن الحد

الأدنى المنصوص عليه، ذلك أن النزول عن الحد الأدنى للتعويض يعد باطلا. هذا إن ثبتت

مسؤولية الناقل. أما إذا ثبتت القوة القاهرة، فإن التزام الشاحن ينقضي بدفع الأجرة، فتعد أية

مبالغ يدفعها من قبيل الشرط المعفي الباطل، على ما جاء في المادة ( 236 /د) من أن النزول

للناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين على البضائع أو أي اتفاق آخر مماثل يعد باطلا، وأرى

أن مثل هذا الاتفاق يعد مماثلا لاتفاق النزول عن التأمين وهو باطل بالنص.

وأعتقد أَن نهج القانون الفلسطيني (ذيل قانون نقل البضائع بحرا) أكثر صوابا، من جهه

اعتبار أن الأصل هو بطلان شروط الإعفاء، لأن الأصل أن تقضي القاعدة العامة الآمرة فيما

يتعلق بالنقل ببطلان شرط الإعفاء، ثم إذا رأى المشرع إرهاقا زائدا فيما يتعلق بهذه الشروط، أو

وجد أن بعضها مبالغ فيه، يستطيع –المشرع- والحال هذه أن يجيز شرط الإعفاء في حالات

معينة، ذلك أن الناقل قد يتخلص من التزامه بالمسؤولية عبر (استحداث) شروط يكون لها أثر

.295- 378 ) طه، مصطفى كمال: القانون البحري الجديد، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1995 ، ص 294 )

1) بحري مصري:" تحدد المسؤولية أيا كان نوعها عن هلاك البضائع أو تلفها بما لا يجاوز / 379 ) جاء في المادة ( 233 )

ألفي جنيه عن كل طرد أو وحدة شحن أو بما لا يجاوز ستة جنيهات عن كل كيلو جرام من الوزن الإجمالي للبضاعة أي

.(1/ الحدين أعلى". أخذ مشروع البحري بهذا التحديد في المادة ( 267

111

الإعفاء، وبالتالي يكون من الصعب على من يتمسك بكون هذه الشروط هي في جوهرها شروط

إعفاء أن يثبت ذلك. ناهيك عن أن قيمة العقد تكون أحيانا كبيرة جدا وهو ما يدفع الشاحن إلى

عدم المراهنة على (قدرته القانونية) من أجل المطالبة بإبطال أو تقرير بطلان مثل هذه الشروط

التي قد تكون محل شبهة.

ويمتاز المشرع المصري في أنه خص عبء الإثبات بالنص عليه، وقد سبق لنا أن تبيان

أهمية هذه المسألة يتعلق بنقل البضائع برا.

على أنه يجوز –استثناءً- في أحوال خاصة أن يتفق الناقل مع الشاحن على إعفاء الأول

من المسؤولية التي تترتب على عدم تنفيذه لالتزاماته بموجب عقد النقل، وهذه الأحوال هي التي

نصت عليها المادة السادسة( 380 ) من ذيل قانون نقل البضائع الفلسطيني، حيث جاء في الفقرة

الأخيرة من هذه المادة: "تسري فقط على إرساليات البضائع الأخرى التي تكون صفتها أو حالتها

أو ظروف نقلها مما يسوغ ضمن الحد المعقول عقد اتفاق خاص بشأنها". وهذا الحكم باعتقادنا

ينم عن سعة خبرة المشرع البحري، حيث راعى أنه في أحوال معينة لا يكون مجال إلا لإجازة

الشرط الذي يقضي بعدم مسؤولية الناقل، على إن مثل هذا الاتفاق يجب أن يكون معقولا، كما

يجب أن لا يفسر على أنه إعفاء من المسؤولية الناتجة عن خطأ وإنما –باعتقادي - يتضمن

المسؤولية التي ترد إلى فعل مجرد من الخطأ.

380 ) نصت المادة السادسة من ذيل قانون نقل البضائع بحرا على أنه:" على الرغم مما ورد في أحكام المواد السابقة للناقل )

ولربان المركب ولوكيل الناقل أو الشاحن حرية التعاقد على أية شروط فيما يتعلق بالمسؤولية والالتزامات المترتبة على

الناقل بشأن أية بضائع، أو بالحقوق و الحصانان المخولة له بشأنها أو بالالتزامات المترتبة عليه بشأن صلاحية المركب

للملاحة بالقدر الذي لا تتنافى فيه تلك الشروط مع المصلحة العامة أو فيما يتعلق بعناية أو مهارة مستخدميه أو وكيله في

وسق البضاعة المشحونة بحرا ومعالجتها وتخزينها ونقلها وحفظها والعناية بها وتفريغها ويشترط في تلك الحالة أن لا

تكون قد صدرت وأن لا تصدر فيما بعد بوليسة شحن بشان تلك البضائع وأن تدرج الشروط المتفق عليها في وصل يعتبر

بمثابة سند غير قابل للتداول ويدرج فيه ما يفيد ذلك ويكون لكل اتفاق يتم على هذا الوجه مفعول قانوني تام. ويشترط في

ذلك أن لا تسري هذه المادة على الشحنات التجارية العادية المشحونة أثناء سير التجارة العادي بل تسري فقط على

إرساليات البضائع الأخرى التي تكون صفتها أو حالتها أو ظروف أو شروط نقلها مما يسوغ ضمن الحد المعقول عقد

اتفاق خاص بشأنها".

112

وأضرب في ذلك مثلا، لو أن النقل كان سيتم في ظروف جوية صعبة، وأجاز الشاحن

مثل هذا النقل، فاشترط عليه الناقل أن لا يكون الأخير مسؤولا عن هلاك البضاعة، أو تلفها،

حتى وإن لم تكن الأحوال الجوية العاصفة تعد من قبيل القوة القاهر ة. مثل هذا الشرط

باعتقادنا- يصح ويعد معقولا. ولا يرد القول بأن مثل هذا الشرط يعد باطلا أو لا يجوز،

فالمبرر لأجازته واضح، والحاجة إليه واضحة كذلك. وقد أخذ القانون البحري المصري بهذا

الاستثناء، إلا أنه جاء أكثر وضوحا فيما يتعلق بعدم إجازة شرط الإعفاء في حالة صدور خطأ.

حيث جاء في المادة ( 238 ) بحري مصري:" يجوز الاتفاق على ما يخالف أحكام المادة 236 من

هذا القانون إذا كانت الظروف الاستثنائية التي يتم فيها النقل تبرر إبرام هذا الاتفاق بشرط أن لا

يكون من شأنه إعفاء الناقل من المسؤولية عن خطئه أو خطا تابعيه وبشرط أن لا يصدر سند

شحن وأن يدون الاتفاق على إيصال غير قابل للتداول يبين فيه ما يفيد ذلك"( 381 ). وأرى أن هذا

النص لا يجيز شرط الإعفاء، رغم أنه يجيز مخالفة المادة 236 بحري مصري، ونستدل على

هذا القول بأن مثل هذا الشرط لا يجوز إذا صدر خطأ من الناقل أو التابع، ما يعني أنه يشترط

أن لا يكون في الأصل خطأ على الناقل أو التابع، وإنما مسؤولية، والمسؤولية قد تترتب على

فعل مجرد من الخطأ، وحينها يجوز التعديل بأحكام المادة 236 بحري مصري. أي أن الاتفاق

يجوز أن يطال الإعفاء من فعل الناقل والتابعين، لكن ليس من الخطأ.

وأرى أن هذا الحكم، يراعي مصالح التجارة، ذلك أن اعتبار شرط الإعفاء باطلا أو

صحيحا إنما يعود إلى مراعاة حاجات عملية مختلفة، فقد يرى المشرع في أحوال معينة إبطال

الشرط، وقد يرى في أحوال أخرى تصحيحه، ومرد ذلك –باعتقادنا- من بين أمور أخرى، هو

مراعاة مصالح الأطراف، وتوازن العلاقة العقدية، وحاجات التجارة، وطبيعة التنفيذ العملي

381 ) نصت المادة ( 271 ) مشروع بحري:" يجوز الاتفاق على ما يخالف أحكام المادة ( 269 ) من هذا القانون إذا كانت )

الظروف الاستثنائية التي يتم فيها النقل تبرر إبرام هذا الاتفاق، شريطة أن لا يكون من شأنه إعفاء الناقل من المسئولية عن

فعله أو فعل تابعيه، وأن لا يصدر سند الشحن، وأن يدون الاتفاق في إيصال غير قابل للتداول يبين فيه ما يفيد ذلك ".

ويلاحظ أن مشروع البحري خالف البحري المصري، حيث لم يشترط خطا الناقل أو التابع لأجل سريان الاتفاق بل اكتفى

بأن يكون الاتفاق غير معفي لفعل الناقل أو فعل التابع، وهو موقف لا داعي له لأنه يفقد النص قيمته.

113

للعقد، ومراعاة العدالة. وهو ما يتجلى في الاستثناء الذي قننه ذيل قانون نقل البضائع بحرا،

وقانون التجارة البحرية المصري.

كما أجاز ذيل قانون نقل البضائع بحرا شرط الإعفاء إذا كانت الخسارة أو العطل

والضرر الناتج، حدث عند تفريغ البضاعة، ولو كان ذلك جرى على سطح المركب، وفي ذلك

نصت المادة ( 7) من ذيل القانون على أنه:" ليس في هذا النظام ما يمنع أي ناقل أو شاحن من

عقد اتفاق على شروط أو بتحفظات أو إعفاءات تتعلق بمسؤولية والتزام الناقل أو المركب

بالخسارة أو العطل والضرر الناتج عن التصرف بالبضائع أو عن حفظها أو العناية بها

ومعالجتها على ظهر المركب المنقولة فيه عند تفريغها منه أو بعده".

ويبدو أن المشرع لاحظ أنه قد لا يكون لدى الناقل الأدوات اللازمة لتفريغ الشحنة، مما

استوجب مراعاة هذه الحالة وإجازة شرط الإعفاء في هذه الحالة.

ثانيا: نقل الأشخاص

نص القانون البحري المصري صراحة على بطلان شرط الإعفاء فيما يتعلق بسلامة

الراكب، حيث جاء في المادة ( 260 ): "يقع باطلا كل اتفاق يتم قبل وقوع الحادث الذي نشأ عنه

الضرر ويكون موضوعه احد الأمور الآتية: (أ) إعفاء الناقل من المسؤولية قبل المسافر أو

ورثته أو من يعولهم. (ب) تعديل عبء الإثبات الذي يضعه القانون على عاتقه . (ج) تحديد

التعويض بأقل مما هو وارد في المادة 258 من هذا القانون. (د) النزول للناقل عن الحقوق

الناشئة عن التأمين على شخص المسافر"( 382 ). وبموجب هذا النص لا يجوز شرط الإعفاء الذي

يتعلق بسلامة المسافر، كما أن النص جاء من العمومية بحيث يشمل الأضرار غير البدنية، فقد

جاء في الفقرة (أ):"..إعفاء الناقل من المسؤولية قبل المسافر…". ما يعني أن الحكم ورد عاما

أي يشمل الأضرار البدنية وغير البدنية، والأضرار الناشئة عن تلف الأمتعة أو هلاكها،

والأضرار الناشئة عن التأخير على حد سواء.

1) منه. / 382 ) أخذ مشروع البحري الفلسطيني بهذا الحكم في المادة ( 289 )

114

هناك من يرى أنه يجوز الإعفاء من المسؤولية الناشئة عن التأخير بموجب أحكام

البحري المصري( 383 )، غير أني لا أؤيد هذا الرأي ذلك أنه لا أساس واضح له في القانون

المذكور، وعلة ذلك أن النص لم يفرق بين أنواع الأضرار المختلفة، إلا أنه –القانون - أقام

التفرقة في حالة نقل البضاعة، فأبطل الشرط الذي يعفي من المسؤولية عن هلاك أو تلف

البضاعة ما يعني جوازها في حالة التأخير، هذا من جهة. ومن جهة أخرى أرى أن للرأي

القائل بجواز الشرط في حالة التأخير ما يبرره فالنص جاء مبهما، ويبدو أنه يتعلق بالأضرار

البدنية دون غيرها، فقد جاء في الفقرة (أ):"… إعفاء الناقل من المسؤولية من قبل المسافر أو

ورثته أو من يعولهم…" فالنص يفترض أن هناك إصابة بدنية أدت إلى الوفاة، أو أضرارًا بدنية

أقل من ذلك كما هو ظاهر. إلا أن ذلك لا يبرر إجازة الشرط، فمثل هذا الشرط يؤدي لتعدد

الحلول في نفس القانون، وأعرض لهذا القول من خلال موقف مشروع البحري، الذي جاء

صريحا بإجازة كل شرط لا يرد على أضرار بدنية. فقد جاء نص مشروع البحري أكثر

وضوحا، إذ أضاف حكما خاصا يتعلق بالأضرار غير البدنية التي تلحق المسافر، فقد نص في

2) على أنه:"يجوز للناقل أن يشترط إعفاءه من المسئولية عن الأضرار غير / المادة ( 289

البدنية، أو أضرار التأخير التي تلحق بالمسافر إلا إذا كان الضرر ناتجًا عن الفعل الضار

ألعمدي من الناقل أو من تابعيه".

وأرى أنه يجب على المشرع عدم استثناء الأضرار غير البدنية (بما فيها حالة التأخير)،

ذلك أن عقد النقل يلقي على الناقل مسؤولية إيصال المسافر في الوقت المحدد، وقد أعفى القانون

الناقل من هذه المسؤولية إذا حدث سبب أجنبي، فلا مبرر لمثل هذا الجواز، وإن تصورنا وجود

مثل هذا المبرر، فليكن النص قاطعا في أن هذا الجواز يحتاج لتبرير معقول، وعليه أرى أن

يضاف إلى النص ما يفيد ذلك، بأن لا يجوز مثل هذا الشرط إلا إذا وجدت أسباب معقولة

تبرره، وإلا سيؤدي مثل هذا الشرط إلى تراخي الناقلين في تنفيذ التزاماتهم المتعلقة بالمحافظة

على أمتعة المسافرين وإيصالهم في الوقت المتفق عليه، فالوقت هام جدا.

. 383 ) طه، القانون البحري، مرجع سابق، ص 336 )

115

كما أن مثل هذا الجواز يؤدي إلى تعدد الحلول القانونية، فبما أنه لا يجوز الإعفاء في

عقد نقل البضاعة من المسؤولية المترتبة على الهلاك أو تلف البضاعة، فلا يعقل إجازة مثل هذا

الشرط لمجرد أن المسافر يركب بصحبة بضاعته التي قد تكون ثمينة جدًا، كمن يستورد معه

سيارة خاصة، وعليه فإن مثل هذا الشرط يؤدي لتعدد الحلول، ففي الحالة الأولى (نقل البضائع)

لا يجوز الشرط، وفي الحالة الثانية ( نقل المسافر) يجوز هذا الشرط، رغم أن هذا الشرط لا

يجوز في مواجهة من أرسل بضاعته ( ربما تكون سيارة أيضا) من غير أن يسافر معها في

نفس المركب.

وفي جميع الأحوال يكون الناقل مسؤولا إن هو أو أحد تابعيه ارتكب غشا أو خطأً

جسيما، وذلك بموجب المادة السابقة من مشروع البحري، ولا يكون الأمر كذلك في البحري

المصري، إن أخذنا بالرأي الذي يجيز شرط الإعفاء في غير حالات الضرر البدني، حيث يجوز

بموجب القاعدة العامة الواردة في المادة 217 أن يشترط الناقل إعفاءهُ من المسؤولية التي تترتب

على خطأ تابعيه الجسيم وعن غشهم.

على أنه يجوز شرط الإعفاء في حالة النقل المجاني إذا لم يكن الناقل محترفا، فقد جاء

1) بحري مصري:" لا تسري أحكام عقد نقل الأشخاص المنصوص عليها في / في المادة ( 265

هذا الفصل على النقل المجاني إلا إذا كان الناقل محترفا، كما لا تسري في حالة الأشخاص الذين

يتسللون إلى السفينة خلسة بقصد السفر بغير أجرة". وقد أخذ مشروع البحري بهذا الحكم في

1) منه. / المادة ( 293

الفرع الخامس: مدة التقادم

1) مدني مصري على أنه: "لا يجوز النزول / نص المشرع المصري في المادة ( 388

عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة

.( التي عينها القانون"( 384

1) منه. / 384 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 426 )

116

وعلى ذلك فالقاعدة هي عدم جواز الاتفاق على تعديل مدة التقادم بالإطالة أو بالتقصير،

ويرى البعض أن هذا الحكم يعود إلى أن المشرع المصري أراد حماية الطرف الضعيف في

.( مواجهة شركات التأمين أو النقل( 385

وأرى أن لهذا الحكم العديد من الفوائد إضافة إلى ما ذكر، وأهمها يرجع إلى أن مدة

التقادم القصير التي قد يتفق عليها الأطراف قد تفرغ الالتزام من مضمونه، خاصة أن المدعي

لن يتمكن في ظل المدة القصيرة من تحضير دعواه، ومن جهة ثانية فإن الاتفاق على زيادة مدة

التقادم يبقي المدين في حالة انتظار مدة إضافية غير معقولة لا يعرف مركزه الذي يوجد به تجاه

الالتزام المعني.

المطلب الثاني: القيود التي ترد على شرط الإعفاء من المسؤولية

أورد القانون والقضاء والفقه قيودا عديدة على مبدأ جواز الإعفاء، فبالإضافة إلى

الاستثناءات التي جاءت بنصوص قانونية مباشرة، والتي سبق تناولها أعلاه، هناك العديد من

القيود التي تمثل قواعد عامة، تسري في جميع الأحوال التي تنطبق فيها شروطها، وتتعلق هذه

القيود بالأضرار الجسدية، والشروط التعسفية، والشروط التي تجحف بحق المستهلكين، بالإضافة

إلى عدم جواز الإعفاء من التزام رئيسي يفرضه العقد، وأعرض بعض الأحكام الخاصة التي

تشترط كتابة شرط الإعفاء، ونوضح هذه الأمور تباعا فيما يلي.

الفرع الأول: بطلان شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية عن الأضرار الجسدية

سلامة جسد الإنسان وصحته وصيانة جسده، تعد من حقوقه اللصيقة وتثبت للإنسان

صفة الإنسانية، إذ تولد معه وتظل لصيقة به، وتستمد أصولها من ضرورة حماية الشخصية

، 385 ) عبد الرحمن، احمد شوقي محمد: النظرية العامة للالتزام، أحكام الالتزام، الإسكندرية، منش أة المعارف، 2004 )

ص 313 . عبيدات، نوري يوسف: مسؤولية المقاول والمهندس المعماري في القانون المدني الأردني (دراسة مقارنة )،

. (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، 1987 ، ص 277

117

الإنسانية في مختلف مظاهرها، لأن جسد الإنسان ليس من الأشياء وهو يخرج من دائرة التعامل

.( المالي( 386

ويرى غالبية الشراح أنه لا يجوز الاتفاق على إعفاء الدائن من مسؤوليته عن الأضرار

الجسدية متأثرين في رؤيتهم هذه بالفقهاء الفرنسيين الذين أرسوا هذه النظرة( 387 ). بالإضافة إلى

أن جسم الإنسان يخرج عن دائرة التعامل المالي لأنه ليس من الأشياء، وأي اتفاق يكون محله

جسم الإنسان أو سلامته يكون باطلا( 388 ). ومثل هذا الاتفاق يكون مخالفا للنظام العام( 389 ). ناهيك

عن أن هناك قوانين عربية نصت صراحة على عدم جواز الإعفاء من الأضرار التي تصيب

.( الإنسان في جسده( 390

وبناءً على ذلك لا يجوز للناقل أن يعفي نفسه من المسؤولية عن الحوادث التي تصيب

المسافرين في أشخاصهم، ولا يستطيع الطبيب أن يشترط عدم مسؤوليته عن الضرر الذي

يصيب المريض في أثناء العلاج، أو من جراء عملية جراحية إذا وقع ضرر بسبب خطئه أو

.( إهماله وإن كان يسيرًا( 391

واعتبر القضاء الفرنسي الاتفاقات الواقعة على جسد الإنسان غير مشروعة ومنافية

للأخلاق( 392 ). كما اعتبروا أن شروط الإعفاء من المسؤولية، لا تسري في حالة ما إذا أسفر عدم

. 386 ) الفضل، منذر: التصرف القانوني في الأعضاء البشرية، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002 ، ص 24 )

387 ) سلطان، أنور: مصادر الالتزام، الموجز في النظرية العامة في الالتزام، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة )

. والنشر، 1983 ، ص 364 . الصدة، مرجع سابق، ص 422 . السرحان وآخر، مرجع سابق، ص 337

. 388 ) الفضل، التصرف القانوني، مرجع سابق، ص 24 )

389 ) أبو سعد، محمد: مرجع سابق، ص 129 . زكي، مشكلات المسؤولية، ج 1، مرجع سابق، ص 58 . يحيى، ياسين : )

. مرجع سابق، ص 52

390 ) نصت المادة ( 139 ) من قانون العقود والموجبات اللبناني على:" إن البنود النافية للتبعة وبنود المجازفة تكون صالحة )

معمولا بها على قدر إبرائها لذمة واضع البند من نتائج عمله أو خطئه غير المقصود، ولكن الإبراء ينحصر في الأضرار

المادية لا في الأضرار التي تصيب الأشخاص، إذ أن حياة الإنسان وسلامته الشخصية هما فوق كل اتفاق"

، 391 ) سعد، نبيل إبراهيم: النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام ، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2004 )

ص 307

. 392 ) الفضل، التصرف القانوني، مرجع سابق، ص 104 )

118

.( التنفيذ عن أضرار جسمانية( 393

وقد ذهب الفقه المصري –رغم عدم وجود نص مباشر- إلى عدم جواز شرط الإعفاء

.( في حالة الأضرار الجسدية( 394

ويتصور أن يرتب المساس بشخص الإنسان ليس أضرارا أدبية فحسب، بل ومادية

أيضا، مما تستوجب التعويض، وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية:" دعوى الضرر المادي

.( ليس فقط المساس بحقوق الشخص المالية وإنما أيضا المساس بحقه في سلامة جسمه"( 395

ويلاحظ أن محكمة النقض الموقرة تولي للسلامة الجسدية رعاية خاصة، لما لها من

أهمية في القانون والدستور، فقد قضت بأنه:"… و كان حق الإنسان في الحياة و سلامة جس مه

من الحقوق التي كفلها الدستور و القانون و جرم التعدي عليه و من ثم فإن المساس بس لامة

.( الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق يتوافر به الضرر المادي"( 396

والالتزام بالسلامة يعد التزاما بتحقيق نتائجه ( 397 )، ويختلف معناه باختلاف العقد الذي

يوجبه، فهو في العيوب الخفية في المبيع، يعني الالتزام بالعلم (علم البائع) بعيوب المبيع وإزالتها

حتى يتحقق في هذا المبيع الأمان الذي يتوقعه المشتري عند استعماله( 398 ). ذلك أنه يمكن أن

يكون العيب الخفي مصدرا لنوعين من الأضرار: بعضها أضرار تجارية أو أضرار تترتب على

عدم صلاحية المبيع للغرض المخصص له أو في نقصان فائدته، كأن تكون السيارة المشتراة

غير صالحة للقيادة. وبعضها أضرار تصيب المشتري بأضرار جسدية، كأن يصاب المشتري

. 393 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 466 ، الهامش رقم 2 )

. 394 ) سعد، نبيل: مرجع سابق، ص 307 ، الهامش رقم 1 )

. 1993 سنة المكتب الفني 44 / 04 / 395 ) الفقرة الرابعة من الطعن رقم 1041 لسنة 58 بتاريخ 14 )

. 1994 سنة المكتب الفني 40 / 02 / 396 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 3517 لسنة 62 بتاريخ 22 )

. 397 ) عمران، محمد علي: الالتزام بضمان السلامة، القاهرة، دار النهضة العربية، 1980 ، ص 216 )

، 398 ) علي، جابر محجوب: ضمان سلامة المستهلك من الأضرار الناشئة عن عيوب المنتجات الصناعية المبيعة ، ج 2 )

. 314 )، ص 241 - مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العدد الرابع، ديسمبر 1996 ، الصفحات ( 189

119

بتسمم نتيجة تناوله المادة الغذائية الفاسدة التي اشتراها( 399 ). وقد يمتد الضرر الجسدي إلى المال

أيضا( 400 ). بينما يعني الالتزام بالسلامة في عقد النقل، إيصال المسافر إلى الجهة المتفق عليها

.( سليما( 401

ومن أهم تطبيقات هذا الالتزام ما يتعلق بعقود نقل الأشخاص. وقد قضت محكمة النقض

الموقرة أن:" المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل

التزاما بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ

عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا

ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ من قوة قاهرة أو خطأ من الراكب

المضرور أو خطأ من الغير على أنه يشترط في خطأ الغير الذي يعفى الناقل من المسئولية

إعفاء كاملا ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحدة هو الذي سبب

.( الضرر للراكب"( 402

كما ويجد حظر شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية عن الأضرار الجسدية –باعتقادنا-

سندا له في نص المادة ( 50 ) مدني مصري حيث جاء فيها:" لكل من وقع عليه اعتداء غير

مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما

يكون قد لحقه من ضرر". وهو مطابق لنص المادة ( 59 ) من المشروع.

وأرى أن على واضعي المشروع الالتفات إلى هذه المسالة، ووضع نص تشريعي خاص

يحظر الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية في حالة الأضرار التي تلحق جسد الإنسان.

399 ) القيسي، عامر قاسم احمد: الحماية القانونية للمستهلك، ط 1، عمان، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر )

.43- والتوزيع، 2002 ، ص 42

. 400 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 410 )

. 401 ) العطير، عبد القادر: الوسيط في شرح القانون التجاري الأردني، عمان، دار الشروق، 1993 ، ص 366 )

1995 سنة المكتب الفني 46 . أيضا: الفقرة / 11 / 402 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 2271 لسنة 59 بتاريخ 28 )

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 06 / الرابعة من الطعن رقم 0888 لسنة 60 بتاريخ 19

120

الفرع الثاني: إبطال الشروط المعفية من مسؤولية التاجر تجاه المستهلك

يتدخل القضاء عادة إلى جانب الطرف الضعيف، وذلك سواء أكان العقد الذي ُابرم هو

عقد إذعان أم لا. ففي العقود التي تبرم بين المستهلكين والحرفيين، يتدخل القضاء من أجل

إبطال الشروط المجحفة، وتعد من تلك الشروط؛ الشروط المحددة للمسؤولية أو المعفية

.( منها( 403

وقد ذهب قضاء النقض في فرنسا - في ظل تطبيقه لمرسوم 24 مارس 1978 المتعلق

بحماية المستهلك من الشروط التعسفية- إلى الحكم بإبطال الشرط المحدد للمسؤولية أو المعفي

منها، وذلك في عقود البيع( 404 )، دون غيرها من العقود( 405 ). وقد قضت المادة الثانية من القانون

المذكور بأنه يعتبر تعسفيا في معنى المادة 35 في فقرتها الأولى من هذا القانون الشرط الذي

يكون محلا أو أثرا له إلغاء الحق في تعويض غير المتخصص أو المستهلك في حالة إخلال

المتخصص بأحد التزاماته أيًا كان. ومتى اعتبر الشرط تعسفيا على هذا النحو، وجب اعتباره

.( كأن لم يكن واردا في العقد بحيث يلغي الشرط ويصح العقد دون اعتداد بإرادة الطرفين( 406

كما ذهب القضاء البريطاني إلى إبطال شروط الإعفاء إذا كان الطرف الآخر ضعيف،

(Smith v. Southwales Switchgear ) وضيقت في تفسيرها لبنود الإعفاء، ففي قضية

فسر شرط الإعفاء من المسؤولية أو إعفاء الطرف القوي عن تعويض الطرف الضعيف عن كل

Strict ) المسؤوليات على أنه قصد منه أن يغطي فقط المسؤولية الموضوعية أو غير الخطئية

وليس المسؤولية الخطئية التي تستند إلى الإهمال، حتى إذا استعمل لفظ إعفاء من ( Liability

.( كل المسؤوليات بكافة أنواعها( 407

. 403 ) عمران، محمد السيد: حماية المستهلك أثناء تكوين العقد، الإسكندرية، منشأة المعارف، بدون سنة، ص 30 )

404 ) حدد القانون المذكور العقود التي تعتبر فيها الشروط تعسفية في مواجهة المستهلك بعقد البيع فقط. )

.231- 405 ) في تفصيل ذلك: الرفاعي، مرجع سابق، ص 229 )

. 406 ) سليم، عصام: مرجع سابق، ص 344 )

407 ) مشار إليها في: الملحم، احمد عبد الرحمن: نماذج العقود ووسائل مواجهة الشروط المجحفة فيه ، مجلة الحقوق ، )

. 321 )، ص 273 - الكويت، العدد الأول والثاني، لسنة 1992 ، الصفحات( 241

121

هذا ويذهب اتجاه إلى القول بضرورة الأخذ بأحكام المسؤولية التقصيرية إذا كانت

العلاقة تتعلق بحماية المستهلك، ويبررون ذلك في أن العقد الذي يتم عادة بين المستهلك والمنتج

هو من قبيل المصادفة، كما أن هناك العديد ممن يستعملون المنتجات الاستهلاكية دون أن

.( تربطهم علاقة عقدية مع المنتج الذي يعد مسؤولا عن مخاطرها( 408

الفرع الثالث: إبطال الشروط التعسفية

عالج المدني المصري استبعاد الشروط التعسفية في العقود، بنص المادة ( 149 ) منه

التي جاء فيها:" إذا تم العقد بطريق الإذعان، وكان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن

يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا

.( كل اتفاق على خلاف ذلك"( 409

يتضح من هذا النص أنه يستطيع القاضي استبعاد الشروط التعسفية من عقود الإذعان،

لكن يشترط أن يكون العقد عقد إذعان وأن يكون الشرط تعسفيا، أما إذا كان العقد ليس بعقد

إذعان، فلا يستطيع القاضي استبعاد تلك الشروط، ويقصد بعقد الإذعان في المعنى الوارد في

النص، وبحسب ما جاء في الأعمال التحضيرية للمدني المصري:" تتميز عقود الإذعان باجتماع

مشخصات ثلاثة: أولها تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات الأولى بالنسبة

للمستهلكين أو المنتفعين. والثاني احتكار هذه السلع احتكارا قانونيا أو فعليا أو قيام منافسة

محدودة النطاق بشأنها. والثالث توجيه عرض الانتفاع بهذه السلع أو المرافق إلى الجمهور

بشروط متماثلة على وجه الدوام بالنسبة لكل فئة منها. وعلى هذا النحو يعتبر من عقود الإذعان

تلك العقود التي يعقدها الأفراد مع شركات الكهرباء والغاز والسكك الحديدية، أو مع مصالح

.( البريد والتلفونات والتلغرافات، أو مع شركات التأمين"( 410

408 ) سرور، محمد شكري: مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته الخطرة، ط 1، القاهرة، دار الفكر العربي، )

.80- 1983 ، ص 79

409 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 150 ) منه. )

.69- 410 ) مجموعة الأعمال التحضيرية، ج 2، ص 68 )

122

ويلاحظ أن هناك تشددًا فيما يعد عقد إذعان، مما يعني استبعاد معظم العقود التي تتم في

حياتنا اليومية، أي أن معظم العقود التي يجريها المستهلكين مع التجار لا تعتبر عقود إذعان،

وأرى أن هذا الحكم بحاجة إلى تطوير، فيجب بسط الحماية على الطرف الضعيف حتى وإن لم

Transport Ltd) تتوفر في العقد الشروط الثلاثة السابقة وفي هذا السياق نشير إلى قضية

الى (Lord Denning ) حيث ذهب القاضي (Brothers & co.Ltd. v. Roy Bowles

القول:" ما هي مسوغات المحكمة في هذه أو غيرها من الدعاوى، عندما تنحرف عن المعنى

الطبيعي للكلمات. عندما نطلع على كل الدعاوى سوف نرى أن الشرط الذي يعفي الشخص من

إهماله، غير معقول، أو طبق بشكل غير مقبول. إن القضاء قد أقلع بعد ذلك عن الانحراف عن

المعنى الواضح للعبارات، إذ افترض أن المتعاقد لم يقصد منه أمرا غير معقول، لذا فسر البند

تفسيرا ضيقا لقد حول المعنى الطبيعي للعبارات إلى درجة معقولة …ربما الوقت قد حان

للإقلاع عن هذا المنحى من التفسير. إن العبارات واضحة جدا بدرجة لا تسمح بذلك. هل

المحكمة إذن معدومة السلطة؟ هل تدع المتعاقد ينفذ شرطه غير المعقول؟ … عندما نصل إلى

الكومن لو التي بينما (common law) هذا الحد، أقول مثلما قلت منذ عدة سنوات، هناك يقظة

تسمح بحرية التعاقد، تراقب كي لا يساء استعمالها…"( 411 ). على أنه ليس من السهل للقاضي في

النظام اللاتيني كالمتبع في مصر، أن يتدخل لحماية الطرف الضعيف دون نص واضح،

فمقتضيات العدالة لا يمكن إعمالها إلا في ظل غياب النص، لذا أرى أن يراعي المشرع هذا

الأمر، فينص بنص خاص على جواز تدخل القاضي لحماية الطرف الضعيف من الشروط

المجحفة، حتى وإن كانت تلك الشروط لا يتوفر فيها وصف الإذعان على النحو المشار إليه

أعلاه، ذلك أن الشروط المجحفة بحق الطرف الضعيف تزداد يوميا، ولم تعد النصوص قادرة

في أحيان كثيرة على استبعاد الإجحاف بحقوق الطرف الضعيف، بل الأدهى أنه يمكن استعمال

تلك النصوص من أجل ممارسة الإجحاف بحق الطرف الضعيف.

وقد طبق القضاء المصري نص المادة ( 149 ) في العديد من أحكامه، ففي قرار لها

قضت محكمة النقض المصرية الموقرة:" لما كان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد

.275- 411 ) مشار إليه: الملحم، احمد: مرجع سابق، ص 274 )

123

استخلص من العقد المبرم بين الطرفين أن العقد تم بطريق الإذعان و أن الشرط الذي تضمن

البند الثاني منه بإعفاء الطاعنة من المسئولية عن تعطيل التليفون هو من قبيل الشروط التعسفية

وانتهى إلى إعفاء المطعون عليه باعتباره الطرف المذعن - منه إعما ً لا للمادة 149 من القانون

المدني، وإذا كان هذا الاستخلاص من ما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع و قد أقيم

على أسباب سائغة و لم يكن محل نعى من الطاعنة فإن ما تثيره حول التمسك بهذا الشرط يكون

.( في غير محله"( 412

الفرع الرابع: عدم مخالفة الالتزام الرئيس في العقد

ومن القيود التي ترد على صحة شرط الإعفاء، هو عدم مخالفة الالتزام الرئيس في

1) مدني أردني:" لا يصح اشتراط عدم ضمان / العقد( 413 )، ومن تطبيقاته ما جاء في المادة ( 506

البائع للثمن عند استحقاق المبيع ويفسد البيع بهذا الشرط". وفي عقد الإجارة لا يتصور اشتراط

،( المؤجر عدم مسؤوليته عن تمكين المستأجر من استيفاء المنفعة، فذلك يجعل العقد باطل ( 414

فإذا لم تكن المنفعة مقدورة الاستيفاء ولو كان ذلك عبر إعفاء الدائن للمدين من هذا الالتزام فإن

العقد يبطل.

وينقسم الالتزام الرئيس في العقد إلى التزام رئيسي بطبيعته، والتزام رئيسي بإرادة

الأطراف، ويقصد بالأول ذلك الالتزام الذي لا يتصور وجود العقد بدونه على النحو الذي أراده

.( القانون إلى حد القول إن العقد يفقد تسميته القانونية المميزة له إذا تم إعفاء الأطراف منه ( 415

ومن الالتزامات التي تعد رئيسية بطبيعتها؛ التزام البائع بنقل الملكية- على الأقل في القانون

المصري( 416 )- والتزام المشتري بدفع الثمن في عقد البيع( 417 ). وهذه الالتزامات تعد رئيسية أو

. 1989 سنة المكتب الفني 40 / 03 / 412 ) الفقرة الخامسة من الطعن رقم 1556 لسنة 56 بتاريخ 26 )

. 1995 ، ص 466 ، 413 ) الاهواني، حسام الدين: النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام، ط 2 )

.233- 414 ) العبيدي، علي هادي: العقود المسماة- البيع والإيجار، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005 ، ص 232 )

415 ) مجاهد، أسامة أبو الحسن: فكرة الالتزام الرئيسي في العقد وأثرها على اتفاقات المسؤولية، القاهرة، دار النهضة )

. العربية، 2003 ، ص 26

416 ) يختلف موقف القانون المدني الأردني عن نظيره المصري فيما يتعلق بنقل الملكية ذلك ان الملكية تنتقل في الأول )

بمجرد العقد على خلاف الثاني الذي يرتب التزاما في ذمة البائع بنقل الملكية. وقد جاء في المادة ( 465 ) مدني أردني :"

124

جوهرية لأنه لا يمكن تصور قيام العقد بدونها، أو يفقد العقد تسميته القانونية بدونها، فإذا كان

البيع بلا مقابل انقلب العقد هبة.

وقد ابتدع القضاء البريطاني مبدأ الشرط الجوهري في العقد، ويقوم هذا الشرط على أن

لكل عقد لب جوهري، ومن المستحيل الإعفاء منه دون النيل من العقد ككل، وعليه فإن شرط

الإعفاء من المسؤولية يتعين تفسيره على أنه لا يشير إلى الإعفاء من التزام نابع عن شرط

.( جوهري( 418

أما الالتزام الرئيسي بإرادة الأطراف، فهو ما تتجه نية الأطراف إلى اعتباره رئيسيا،

وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية الموقرة أن قيام صاحب الموقف( الجراج) بترك السيارة

خارج الجراج، مما أدى لسرقتها، يعد صاحب الجراج مسؤولا لأنه تقاضى أجرًا مرتفعًا مقابل

حراستها، ومن ثم استبعاد الشرط المحدد لمسؤولية صاحب الجراج والمدرج ضمن الشروط

.( العامة المذكورة باللائحة المعلقة بالموقف( 419

والعلة في عدم جواز مخالفة الالتزام الرئيس في العقد تعود- باعتقادي- إلى أن إنكار

الالتزام الرئيس في العقد يشبه الغش فكلاهما إنكار إرادي لوجود الالتزام يجرده من كل فائدة.

البيع تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض". ولا يمكن تصور ورود شرط الإعفاء في القانون المدني الأردني على نقل

الملكية، فمثل هذا الشرط يخالف مقتضى العقد، كما أنه (لغو) فلا يمكن تصوره في ظل حكم القانون الأردني الذي يفرق

1- يثبت حكم العقد في المعقود " :( بين حقوق العقد وحكم العقد الذي يترتب بمجرد الانعقاد، فقد جاء في المادة ( 199

عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض أو أي شيء آخر ما لم ينص القانون على غير ذلك. 2- أما حقوق العقد

فيجب على كل من الطرفين الوفاء بما أوجبه العقد عليه منهما"

417 ) في تفصيل الالتزام بنقل الملكية: السنهوري، الوسيط، ج 4، مرجع سابق، ص 412 وما بعدها. )

. 418 ) الملحم، احمد: مرجع سابق، ص 276 )

419 ) ويلاحظ إن المقابل المرتفع الذي قدمه صاحب السيارة كان هو السبب في وصف الالتزام بأنه رئيسي إلى درجة )

تستبعد الشرط المحدد للمسؤولية. وأشير إلى أن الأستاذ أسامة مجاهد قد أورد العديد من التطبيقات القضائية في هذا

الخصوص. مجاهد، مرجع سابق، ص 29 وما بعدها. ومثال الالتزام الرئيسي في العقد؛ ما قضت به م حكمة النقض

الفرنسية الموقرة من أن" الشركة الناقلة وبصفتها متخصصة بالنقل السريع يفترض فيها أن تحافظ على مستوى معين

وسمعة معينة للخدمة تقدمها، وقد التزمت بأن تسلم الظرف الخاص بالشركة المرسلة في ميعاد محدد وبسبب التقصير في

أداء هذا التزام الرئيسي، فإن الشرط المحدد لمسؤولية في العقد والذي يتناقض مع محتوى الالتزام الذي التزمت به يجب

أن يعتبر كأن لم يكن".

125

الفرع الخامس: ضرورة كتابة ووضوح شرط الإعفاء

لما كان شرط الإعفاء يعد خروجا (خطيرا) على القواعد العامة في المسؤولية، ويؤدي

إلى إهدار الحقوق التي نص عليها القانون لمصلحة الدائن، فقد درجت بعض النصوص الخاصة

على اشتراط كتابتها ووضوحها، وقد راعى قانون التجارة المصري هذا المقتضى، حيث نص

في المادة ( 268 ) على أنه:" ( 1) يجوز للناقل أن يشترط إعفاءه كليا أو جزئيا من المسؤولية

الناشئة عن التأخير أو عن الأضرار غير البدنية التي تلحق الراكب. ( 2) ويجب أن يكون شرط

الإعفاء من المسؤولية أو تحديدها مكتوبا، وإلا اعتبر كأن لم يكن، وإذا كان عقد النقل محررا

على نماذج مطبوعة يجب أن يكون الشرط واضحا ومكتوبا بكيفية تسترعي الانتباه، وإلا جاز

للمحكمة أن تعتبر الشرط كأن لم يكن ( 3) ولا يجوز أن يتمسك الناقل بشرط الإعفاء من

المسؤولية أو تحديدها إذا ثبت صدور غش أو خطا جسيم منه أو من تابعيه". وقد أورد مشروع

التجارة الفلسطيني هذا الحكم في المادة ( 298 ) منه.

المبحث الثالث: آثار صحة شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية من حيث الموضوع

يرتب شرط الإعفاء من المسؤولية إذا صح، آثارا من حيث الموضوع، وأخرى من

حيث الأشخاص، وسبق لي أن عرضت للآثار من حيث الأشخاص، ولآثار بطلان الش رط

المعدل للمسؤولية في الفصل التمهيدي، لذا نقصر هذا البحث على آثار الشرط المعفي من حيث

الموضوع.

يرتب الشرط المعفي من المسؤولية –على فرض صحته- آثارًا مختلفة، وقد اختلف في

الآثار التي يرتبها هذا الشرط، ففيما اتجه البعض إلى أن الأثر الذي يترتب على تلك الشروط هو

نقل عبء الإثبات، اتجه آخرون للقول بأن الشرط يترتب عليه إعفاء المدين من مسؤوليته الملقاة

عليه بموجب القواعد العامة للمسؤولية العقدية, وبين هذا الرأي وذاك يقف أنصار الخيرة بين

المسؤوليتين، ذلك أن جواز الخيرة عندهم يجعل الشرط غير ذي فائدة، إذا علمنا أنه لا يجوز

الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية، وأدرس هذا المسائل كما يلي.

126

المطلب الأول: انتقال عبء الإثبات

الأصل أن الدائن هو الذي يتحمل عبء الإثبات كاملا، إلا أنه في الخطأ العقدي، ف إن

على الدائن أن يثبت فقط وجود العقد، ولا يلزم أن يثبت خطأ المدين، وعلى المدين أن يثبت أنه

قام بتنفيذه( 420 ). ففي الالتزام بتحقيق نتيجة كالالتزام بالتسليم، وبنقل الملكية، وأداء عمل معين،

أو الامتناع عن عمل، يكفي أن يثبت الدائن قيام الالتزام، وأن النتيجة المتفق عليها لم تتحقق،

فيكلف المدين بإثبات تنفيذه. فإذا عجز عن ذلك الإثبات عد مخطئا، ولا يجوز له نفي الخطأ، إلا

أنه يستطيع إثبات وجود السبب الاجنبي. أما في الالتزام ببذل عناية، فيستطيع المدين أن يثبت

.( أنه بذل العناية المطلوبة، ففي هذه الحالة ينتفي ركن الخطأ( 421

وقد ذهب القضاء الفرنسي، ومن بعده القضاء المصري في بدايات القرن السابق، إلى

.( أن الأثر الذي يترتب على شرط الإعفاء هو قلب عبء الإثبات( 422

فقد قضت محكمة الاستئناف المختلط في هذا الشأن، بأن:" البند المدرج في سند الشحن

والذي يلقي على المرسل أو المرسل إليه تبعة أخطار النقل البحري لا يجيز للناقل أن يتخلص

من نتائج خطئه الشخصي أو خطأ عماله وتابعيه بل ينحصر أثره في إقامة القرينة على الحادث

.( الفجائي لمصلحة الناقل بإلقاء عبء إثبات الخطأ على عاتق المطالب بالتعويض"( 423

ويرى البعض أن هذا الموقف –الذي تبنته محكمة النقض الفرنسية والقاضي بنقل عبء

الإثبات- أساسه في أن نظام المسؤولية لا يرتكز فقط على الخطأ، بل يشمل أيضا فكرة

. 420 ) تناغو، سمير السيد: نظرية الالتزام، الإسكندرية، منشأة المعارف، بدون سنة، ص 642 )

. 421 ) أبو السعود، رمضان: مبادئ الالتزام في القانون المصري واللبناني ، دون مكان، دون ناشر، 1984 ، ص 228 )

. السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 660 . زكي، مشكلات المسؤولية، ج 1، مرجع سابق، ص 112

. 422 ) سلطان، الموجز في النظرية العامة، مرجع سابق، ص 364 )

1915 . كما قضت المحكمة الموقرة بأن:" بنود الإعفاء من المسؤولية في عقد النقل البري /3/ 423 ) استئناف مختلط في 24 )

يمتنع تطبيقها في حالة المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي نشأ عن خطأ الإدارة على وجه الخصوص في حالة فقد

الأمتعة بمناسبة اصطدام القطارات إذ لا يترتب على تلك البنود إعفاء الناقل من الخطأ الذي يرتكبه هو أو يرتكبه تابعوه

1897 . مشار إليه ا: /3/ ولكنها تقلب عبء الإثبات بحيث يتعين إثبات الخطأ في مواجهة الناقل" استئناف مختلط 25

. المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 440

127

الضمان، ذلك أن المدين لا يستطيع أن ينفي مسؤوليته إلا إذا أثبت السبب الأجنبي، كأساس لعدم

التنفيذ، ويعني ذلك بكل وضوح تحمله لمخاطر الأسباب غير المعروفة التي أدت لعدم التنفيذ،

وبذلك يظهر لنا أنه ليست فكرة الخطأ هي التي دخلت في الميدان، ولكن فكرة ضمان الدائن،

ومن هنا فليس ثمة ما يمنع الدائن من أن يتحمل بدل مدينه هذه المخاطر المستندة إلى أسباب

غير معروفة. وبذلك تكون محكمة النقض لم تفعل أكثر من تسجيل شرعية الاتفاق إذا تعلق

بالضمان المستحق للدائن، وبعدم شرعيته إذا كان يرمي إلى تغطية الفعل الخاطئ، لأنه في هذه

الحالة الأخيرة يكون منافيًا للأخلاق( 424 ). ويؤخذ على هذا الرأي أنه يعتمد على الأخلاق، في

حين إن اتفاق الإعفاء غير منافٍ للأخلاق لأنه لا يصدر عن الطرف المعفي بموجب أي خطأ

.( (عمدي) منافٍ للأخلاق، ذلك أَن منافاة الأخلاق تفترض قصد الإضرار في مسلك المخطئ( 425

فيما يرى البعض الآخر أن الأساس وراء فكرة نقل عبء الإثبات يكمن في أن

.( المسؤولية التقصيرية تجتمع مع المسؤولية العقدية، وللدائن الخيرة بينهما( 426

فيما يرى رأي آخر أن نقل عبء الإثبات يرجع إلى رغبة القضاء في حفظ الناس من

.( عقود الإذعان( 427

وأن كان نقل عبء الإثبات هو الأثر الذي كان يرتبه القضاء في السابق، إلا أَن التوجه

الحالي يذهب إلى ترتيب الشرط لآثاره كاملة، أي إعفاء المدين من المسؤولية التي شملها

.( الشرط. وهو ما تتبناه محكمة النقض المصرية الموقرة( 428

.84- 424 ) عرض هذا الرأي الفقيه الفرنسي روبينو. مشار إليه: بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 83 )

. 425 ) بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 84 )

426 ) العيسائي، عبد العزيز: مرجع سابق، ص 80 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 678 . المحاقري، إسماعيل: )

. مرجع سابق، ص 442

. 427 ) بلقاسم، إعراب: مرجع سابق، ص 85 )

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 12 / 428 ) الفقرة الخامسة من الطعن رقم 0731 لسنة 60 بتاريخ 25 )

128

المطلب الثاني: أثر الأخذ بفكرة الخيرة على آثار شرط الإعفاء

عرضت في الفصل التمهيدي لمسألتي الجمع والخيرة بين المسؤوليتين، وتبين لنا من

خلال ذلك العرض بأن الاتجاه الفقهي والقضائي يذهب حاليا إلى عدم جواز الخيرة.

وللخيرة بين المسؤوليتين أثر بيّن على آثار شرط الإعفاء، فإذا كانت الخير ة جائزة

ترتب على ذلك عدم فعالية شرط الإعفاء ويصبح في كثير من الأحيان مجرد لغو. ذلك أن الدائن

يستطيع أن يتبع أحكام المسؤولية التقصيرية بدلا من العقدية، وفي ذلك يتفادى آثار شرط

.( الإعفاء، ذلك أن القاعدة العامة تقضي بعدم جواز شرط الإعفاء من المسؤولية التقصيرية ( 429

ويترتب على اللجوء إلى أحكام المسؤولية التقصيرية بطلان شروط الإعفاء، وفي ذلك قضت

محكمة النقض المصرية الموقرة:" إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بحق إلى أن مسؤولية

الشركة المؤجرة مسؤولية تقصيرية، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 217 مدني صريحة في

بطلان كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية، فإن دفاع الشركة المؤسس على إعفائها من هذه

المسؤولية يكون مرفوضًا حتما"( 430 ). كما أن اللجوء للخيرة يؤدي إلى انتقال عبء إثبات

الخطأ، ويصبح على عاتق الدائن، وهو ما سبق دراسته في المطلب السابق.

المطلب الثالث: عدم مسؤولية المدين

يترتب على شرط الإعفاء من المسؤولية الصحيح، أن المدين يعتبر غير مسؤول عن

.( الخطأ العقدي في حدود الشرط. وهذا الرأي هو الرأي الغالب( 431

3) مدني مصري:" ويقع باطلا كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على العمل / 429 ) جاء في المادة ( 217 )

غير المشروع". يقابلها نص المادة ( 190 ) من المشروع: "يقع باطلا كل شرط يقضي بالإعفاء أو التخفيف من المسؤولية

المترتبة على الفعل الضار، ومع ذلك يجوز اشتراط تشديد هذه المسؤولية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".

، 1967 س 18 ص 1560 . مشار إليه: حمدي، كمال: عقد الشحن والتفريغ في النقل البحري ، 2002 /10/ 430 ) نقض 29 )

. ص 210 ، الهامش رقم 1

431 ) سوار، محمد وحيد الدين: النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام، الكتاب الأول، المصادر الإرادية العقد )

والإرادة المنفردة، دمشق، مديرية المطبوعات الجامعية، 1990 ، ص 395 . الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق،

. ص 467 . الصدة، مرجع سابق، ص 423

129

2) مدني / وقد نص المدني المصري، على هذا الأثر، حيث جاء في المادة ( 217

مصري: "وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه

.( التعاقدي…"( 432

كما أن القضاء المصري الحديث يدعم هذا الاتجاه. فقد قضت محكمة النقض الموقرة،

بأنه:" لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدعوى ما قرره م ن إنتفاء ح ق

مورث الطاعنين في التعويض عن عزله من الوكالة طبقا للاتفاق المبرم بينه وب ين الشركة

المطعون عليها والذي تضمنه البند الثالث عشر من العقد وأجاز لها هذا الحق مع إعفائها من أية

مسئولية تترتب على ذلك فإنه يكون قد وافق صحيح القانون دون حاجة للرد عل ى م ا أث اره

الطاعنون من أن ما تضمنه العقد من إتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية أو بحث مدى

.( الضرر الذي ترتب على عزل الوكيل"( 433

إلا أن ذلك لا ينفي أن للشرط أثرًا في قلب عبء الإثبات( 434 )، وذلك في حالتي الغش

والخطأ الجسيم، ففي هاتين الحالتين لا يكون أمام الدائن إلا أن يثبت أن المدين ارتكب خطأً

جسيما أو غشا، ولا يقتصر دوره على إثبات الالتزام وأن المدين أخل به، ففي هذه الحالة

يتصور هذا الأثر لشرط الإعفاء.

432 ) بهذا المعنى نص المادة ( 238 ) من المشروع. )

. 1994 سنة المكتب الفني 45 / 12 / 433 ) الفقرة الخامسة من الطعن رقم 0731 لسنة 60 بتاريخ 25 )

. 434 ) عزب، حماد مصطفى: مسؤولية البنك عن الوفاء بالشيك المزور، القاهرة، دار النهضة العربية، 1995 ، ص 240 )

130

الفصل الثاني

الشروط المخففة من المسؤولية العقدية

131

الفصل الثاني

الشروط المخففة من المسؤولية العقدية

بحثت في الفصل السابق في شرط الإعفاء من المسؤولية العقدية، وأبحث في هذا الفصل

في الشروط التي تخفف من المسؤولية دون أن تبلغ إلى درجة الإعفاء منها، على أن الفرق بين

شرط الإعفاء وشروط التخفيف ليس فرقا نسبيا من حيث الكم، بل هو فرق نوعي، ولكن هناك

حالة واحدة من أحوال الشرط المخفف يكون فيها الفرق كميا وهي حالة الإعفاء الجزئي من

المسؤولية، إلا أنه بوجه عام تختلف شروط التخفيف نوعيا، ولها منطقها القانوني الخاص،

وصورها الخاصة، وآثارها التي تنفرد فيها عن غيرها، إلا أنها تلتقي في العديد من أحكامها مع

شرط الإعفاء، وذلك لاتحاد العلة في كثير من الأحيان، وهو ما يظهر من خلال دراسة هذه

الشروط المخففة.

وسأدرس الشروط التي تخفف من المسؤولية العقدية في ثلاثة مباحث، أدرس في

المبحث الأول صحة الشروط المخففة والاستثناءات التي ترد عليها، فيما أدرس في المبحث

الثاني بعض التطبيقات التشريعية لشروط التخفيف والقيود التي ترد عليها، وأتناول في المبحث

الثالث الآثار المترتبة على الشروط المخففة من حيث الموضوع.

المبحث الأول: صحة الشروط المخففة والاستثناءات التي ترد عليه

من أهم الإشكاليات التي تثيرها شروط التخفيف، هي تلك المتعلقة بصحتها، ذلك أن

شروط التخفيف –كما هو حال شرط الإعفاء- يترتب عليها نتائج خطيرة، بحيث يصبح بموجبها

المدين غير مسؤول في حين أنه بموجب القواعد العامة مسؤول، لذا فإنه لا بد من البحث في

صحة هذه الشروط، وهو ما سأبحثه في المطلب الأول من هذا المبحث. كما أنّ من المعلوم أن

لكل قاعدة –غالبا- استثاءات ترد عليها، وهو ما أدرسه في المطلب الثاني من هذا المبحث، على

أنه لن أدرس في هذا المبحث شروط التخفيف من مسؤولية المدين عن أخطاء تابعيه في تنفيذ

العقد، فهذه المشكلة لا تثور فيما يتعلق بشروط التخفيف على خلاف ما ورد في شرط الإعفاء،

132

حيث لمست أنها مشكلة حقيقية، كما أن المشرع خصها بحلول خاصة، لذا لن أدرس هذه المسالة

في هذا المقام.

المطلب الأول: صحة الشروط المخففة

للشرط المخفف صور عديدة، فقد يرد في صورة إنقاص لمدة التقادم التي من المفروض

أن ترفع خلالها دعوى المسؤولية، وقد يرد على درجة أو نوع العناية التي يبذلها المدين في

تنفيذ التزامه، كما يرد شرط التخفيف على صورة إعفاء جزئي من المسؤولية، كما يدرج البعض

ضمن صور هذا الشرط، الاتفاق على حد أعلى للتعويض، لذا فإنه من الصعب الحديث في

صحة أو عدم صحة هذه الشروط، إلا بدراسة كل صورة منها على حدة.

وأدرس في هذا المطلب جواز الصور المختلفة لشرط التخفيف من المسؤولية العقدية،

على النحو التالي.

الفرع الأول: الاتفاق على إنقاص مدة التقادم

يقصد بالاتفاق على إنقاص مدة التقادم، أن يتفق الطرفان في أن تتقادم دعوى المسؤولية

التي قد تنشأ عن علاقتهما العقدية، خلال مدة عشر سنوات مثلا، في حين أن تقادمها في الأصل

هو خمس عشرة سنة.

ومن الواضح أَن مثل هذا الاتفاق لا يمس المسؤولية بشكل مباشر، وإنما يرتبط بدعوى

.( المسؤولية، وهي أثر من آثار المسؤولية( 435

وتقضي القاعدة العامة بعدم جواز الاتفاق على إنقاص مدة التقادم( 436 )، على خلاف ما

.( كان سائدا في ظل القانون المدني المصري القديم( 437

. 435 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 915 )

1) مدني مصري على أنه:"لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق / 436 ) نصت المادة ( 388 )

1) منه. / على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون". وقد أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 426

133

إلا أنه إذا وجد نص في التشريع يجيز مثل هذا الاتفاق، يمكن للأطراف الاتفاق على

438 ) مدني مصري التي تنص على جواز الاتفاق )( مدة أقل، ومثال ذلك ما جاء في المادة ( 455

على ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة. هذا وقد انقسم الشراح في مصر حول

جواز أو عدم جواز الاتفاق على إنقاص المدة في هذه الحالة( 439 ). ورأيي جوازه، ذلك أن

الالتزام بكليته يخضع للاتفاق، أي أن وجود هذا النوع يحتاج إلى اتفاق، وهو ضمان إضافي،

وبالتالي أرى جوازه، ويؤيد ذلك ما ورد في المذكرات الإيضاحية لمشروع المدني حيث جاء

فيها:" وأحكام هذه المادة لا تتعلق بالنظام العام ولذا يجوز الاتفاق على ما يخالفها"( 440 ). إلا أنني

أرى أن تكون المدة المتفق عليها معقولة بحيث يستطيع الدائن أن يقيم الدعوى خلالها، أما إذا

كانت المدة تعيق الدائن عن إقامة دعواه، فمثل هذا الاتفاق على المدة- باعتقادنا- باطل لأنه

يهدر الحق بالتقاضي بطريق غير مباشر، ذلك أن الحق في إقامة الدعوى واللجوء إلى القضاء

.( متعلق بالنظام العام، لا يجوز التنازل عنه( 441

الفرع الثاني: الاتفاق على تحويل الالتزام من تحقيق غاية إلى بذل عناية

تتحقق هذه الصورة إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يكون المدين مسؤولا إلا إذا ثبت عدم

.( بذله للعناية المطلوبة، رغم أنه في الأصل يكون –المدين- مسؤولا عن تحقيق نتيجة( 442

فإذا اتفق على ألا يكون المدين مسؤولا عن فعله المجرد من الخطأ فإن مثل هذا الاتفاق

يؤدي إلى قلب الالتزام من التزام بتحقيق غاية إلى التزام ببذل عناية( 443 ). وعلى الدائن أن يثبت

437 ) للتفصيل في جواز الاتفاق على مدة تقادم أقل يمكن مراجعة: زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، )

.172- ص 171

438 ) نصت المادة ( 455 ) مدني مصري على انه:" إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في )

المبيع، فعلى المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من تاريخ ظهوره، وأن يرفع الدعوى في مدة ستة أشهر

( من هذا الإخطار، وإلا سقط حقه في الضمان، ما لم يتفق على غيره". وهو ذات الحكم الذي نصت عليه المادة ( 481

مشروع مدني.

439 ) للتفصيل في الخلاف حول جواز الاتفاق على إنقاص المدة: منصور، محمد حسين: ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة )

.58- معلومة، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، دون سنة، ص 57

. 440 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 557 )

. 441 ) التكروري، عثمان: شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، القدس، 2002 ، ص 142 )

. 442 ) للتفصيل: راجع هذه الرسالة ص 7 )

134

خطأً ولو تافها في جهة المدين( 444 ). كما يمكن أن تتم هذه الصورة إذا اتفق على نقل عبء

الإثبات، فإذا اتفق على أن ينتقل عبء إثبات الخطأ، فإِن مثل هذا الاتفاق يؤدي إلى أن لا يكون

المدين مسؤولا عن الفعل المجرد عن الخطأ، فلا يستفيد الدائن من قرينة عدم التنفيذ، ويؤدي

مثل هذا الاتفاق إلى النتيجة ذاتها، وهي مسؤولية المدين عن عدم بذل عناية كما يجب لا عن

عدم تحقيق غايه. وهذه الصورة من صور تخفيف مسؤولية المدين جائزة، ولم نجد رأي ًا على

.( خلاف ذلك( 445

ويجد مثل هذا الاتفاق أساسه في حرية المتعاقدين بأن يضمنوا عقودهم من الشروط ما

يرتؤوا، على ألا تخالف النظام العام.

وقد قيّد المشرع تلك الشروط بتطبيقات خاصة وإن بدت مقبولة في ظل المبادىء

المرتبطة بحرية التعاقد كالذي نصّ عليه قانون التجارة البحرية المصري، ومشروع قانون

التجارة الفلسطيني، من عدم جواز الشرط الذي ينقل عبء الإثبات، وإلحاق حكم مثل هذا الشرط

.( بحكم شرط الإعفاء الباطل( 446

وأرى أن الشرط الذي يؤدي إلى تحويل الالتزام بتحقيق غاية إلى التزام ببذل عناية -

سواء أورد في صورة شرط يتعلق بالإثبات، أو في صورة شرط عدم مسؤولية المدين عن فعله

المجرد عن الخطأ- يجب عدم الأخذ به إلا في حدود ضيقة، لأنه من الناحية العملية يؤدي إلى

نتائج شبيهة بالتي يؤدي إليها شرط الإعفاء الباطل، إلا أنها نتائج تمتاز بالخطورة لكون مثل هذا

الشرط يحمل آثارا مستترة ليس من السهل تبيّنها من قبل المتعاقدين، ووجه الخطورة يكمن في

أنها لا تؤدي إلى الإعفاء من المسؤولية فحسب بل إلى الإعفاء من الالتزامات التي قد تكون

رئيسية في العقد أيضًا. وإن كانت مثل هذه النتيجة ظاهرة فيما يتعلق بشرط الإعفاء في أحيان

. 443 ) أبو السعود، مبادئ الالتزام، مرجع سابق، ص 230 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 675 )

. 444 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 675 )

. 445 ) الجمال وآخرون، مصادر وأحكام الالتزام، مرجع سابق، ص 208 . تناغو، نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 161 )

. الفضل، النظرية العامة للالتزامات، مرجع سابق، ص 311 . أبو السعود، مبادئ الالتزام، مرجع سابق، ص 230

. 446 ) للتفصيل: أولا من البند الأول من الفرع الرابع من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 96 )

135

معينة، وهي غير جائزة كما أسلفنا( 447 ). فإن مثل هذه النتيجة تكون مستترة فيما يتعلق بشرط

التخفيف في هذه الصورة التي درستها.

ولتوضيح ذلك نقول: سبق أن عرضت لتقسيم الالتزامات بغاية أو بوسيلة ( 448 )، وأرى

أنه استقر في أذهان المتعاقدين والفقه والقضاء ذلك التقسيم المبني أساسا على؛ الإرادة، فإن لم

توجد إرادة، فعلى طابع الاحتمال أو اليقين النسبي.

إن هذا التقسيم يقصد به بيان حدود المسؤولية في كل من نوعي الالتزام، وقد ذهب

الأستاذان الألمانيان بيرنهوفت وفيشر إلى أن أهمية هذا التقسيم تظهر من حيث المسؤولية لعدم

التنفيذ، ففي الالتزام بوسيلة يكون حد المسؤولية هو الاستحالة الشخصية، أي أن المسؤولية

تنتهي في هذا الالتزام إذا نشأ مانع يقتضي المدين للتغلب عليه أن يبذل مجهودا يزيد على

مجهود الشخص العادي. أما في الالتزام بغاية فيكون حد المسؤولية هو الاستحالة الموضوعية،

أي يجب أن يكون المانع من التنفيذ في الالتزام بنتيجة، موضوعيا طبيعيا لا يقدر على دفعه

.( أحد( 449

وأرى أن لهذا التقسيم فائدة أيضا في تصحيح أو إبطال شرط التخفيف المتعلق بتحويل

الالتزام من تحقيق غاية إلى بذل عناية. فإذا كان يغلب اليقين (النسبي) على أن التزام المدين هو

بتحقيق غاية وكان التزاما رئيسا، فان شرط التخفيف –باعتقادنا- يبطل لأنه، يهدر العقد.

أما إذا كان الظن يغلب على أن الالتزام هو التزام بتحقيق غاية، في إطار الظن وليس

اليقين النسبي، فسواء أكان الالتزام رئيسا أو ثانويا يصح شرط التخفيف.

ونمثل على ذلك بالتزام الناقل في إيصال البضاعة، فمثل هذا الالتزام يغلب عليه اليقين

(النسبي) بضرورة تحققه، فلا يصح شرط التخفيف بأن يلتزم الناقل ببذل عناية بدلا من تحقيق

غاية، لأن مثل هذا الشرط يهدر العقد ويفقده قيمته في أهم آثاره، فمثل هذا الشرط يجعل التزام

. 447 ) للتفصيل: الفرع الثالث من المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 121 )

. 448 ) للتفصيل: الفرع الأول من المطلب الأول من المبحث الأول من الفصل التمهيدي، ص 6 )

. 449 ) حجازي، عبد الحي: النظرية العامة للالتزام وفقا للقانون الكويتي، مرجع سابق، ص 173 )

136

المدين غير جدي خاصة إذا كان متخصصا. ومثاله أيضا التزام البائع في تسليم البضاعة،

والتزام المشتري بدفع الثمن. فهذه الالتزامات لا يتصور فيها شرط التخفيف. وقد ذهبت محكمة

النقض الفرنسية في أحد قراراتها الهامة في هذا السياق إلى أن : "الشركة الناقلة وبصفتها

متخصصة في النقل السريع يفترض فيها أن تحافظ على مستوى معين وسمعة معينة للخدمة التي

تقدمها، قد التزمت بأن تسلم الظرف الخاص بالشركة المرسلة في ميعاد محدد، وبسبب التقصير

في أداء هذا الالتزام الرئيسي فإن الشرط المحدد للمسؤولية في العقد والذي يتناقض مع محتوى

.( الالتزام الذي التزمت به يجب أن يعتبر وكأنه لم يكن أو لم يكتب في العقد"( 450

لكن –باعتقادي- يجوز شرط التخفيف الذي يحول التزام الناقل (المتخصص) إلى التزام

ببذل عناية بإيصال البضاعة في إطار ضيق، فإذا كان يغلب الظن على أن البضاعة قد لا يتم

إيصالها لأسباب معقولة يعلمها العاقدان، كأن تكون هناك اضطرابات أو أحداث تجري في البلد،

كإغلاق طرقات وما إلى ذلك لا تتوافر فيها شروط القوة القاهرة. ففي الحالة الأخيرة ورغم أن

الالتزام هو التزام جوهري، وهو بتحقيق غاية، إلا أن الاتفاق على جعله ببذل عناية يكون

مبررا، ويبقى التزام المدين جديًا ويقدر التخفيف بقدره، أي لا يجوز أن يحتج المدين في الحالة

الأخيرة بوجود الاضطرابات رغم أنه لم يبذل العناية اللازمة، فيبقى مسؤولا عن بذل عناية.

أما إذا كان الناقل غير متخصص، فنعتقد بصحة شرط التخفيف على أن لا يكون البدل

الذي يتقاضاه الناقل غير المتخصص، قريب إلى الأجرة التي يتقاضاها عادة الناقل المتخصص،

ففي الحالة الأخيرة يسري عليه ما يسري على المتخصص من بطلان هذا الشرط.

والعلة في تشددنا تجاه هذا الشرط، هو أنه يفقد الدائن ميزة مهمة تتعلق بعبء الإثبات،

فمثل هذا التقسيم يمنح للدائن في الالتزام بتحقيق غاية قرينة هامة تتعلق بالإثبات ( 451 )، الذي

يكون أحيانا مستحيلا في الالتزام بتحقيق غاية، ونعود إلى مثالنا السابق لتوضيح ذلك، حيث من

مشار إليه في: مجاهد، مرجع سابق، (Cass.com.22 octobre 1996,Bull.civ.1996IV,n261p.223. ) (450)

.58- ص 54

451 ) يمنح الفقهاء الفرنسيين للتفرقة بين الالتزام بغاية والالتزام بعناية أهمية في توزيع عبء الإثبات. للتفصيل في ذلك : )

. حجازي، النظرية العامة للالتزام في وفقا للقانون المدني الكويتي، مرجع سابق، ص 174

137

الصعب بل ومن المستحيل في أحيان كثيرة، أن يثبت الدائن خلاف ما ادعاه المدين من أنه

الأخير- قد بذل العناية التي يبذلها الشخص العادي. والدائن عندما يرضى بالشرط لا يكون في

ذهنه أنه سيواجه مثل هذه المشكلة، ففي الحقيقة يكون رضاه بالشرط منص بًا على مسالة لا

يعرف مدى خطورتها.

الفرع الثالث: التخفيف في درجة العناية المطلوبة في تنفيذ الالتزام

الأصل أن يبذل المدين في تنفيذ التزامه عناية الرجل العادي، وهذا ظاهر في الالتزام

ببذل عناية، إلا أَنه قد يتفق على أن يبذل المدين عناية أقل من عناية الرجل العادي( 452 )، أو يبذل

عناية أقل من عنايته هو ذاته في شؤون نفسه.

1) مدني مصري التي / ويجد مثل هذا الاتفاق –باعتقادنا- أساسه في نص المادة ( 211

جاء فيها:" في الالتزام بعمل، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم

بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في

تنفيذه من العناية كل ما يبذله الرجل العادي، ولو لم يتحقق الغرض المقصود، هذا ما لم ينص

القانون أو الاتفاق على غير ذلك".

1) منه. وجاء في المذكرات الإيضاحية / وقد أخذ المشروع بنص مطابق في المادة ( 234

للمشروع:" … على أن المتعاقدين قد يتفقان على العدول عن المعيار العام المجرد إلى معيار

خاص معين … ومتى تقررت العناية الواجب اقتضاؤها من المدين، اعتبر كل تقصير في بذل

.( هذه العناية مهما يكن طفيفا موجبا لمسؤولية المدين…"( 453

وأرى أن مثل هذا الاتفاق لا يثير مشكلة توزيع عبء الإثبات، لأن الإثبات يبقى كما هو

على عاتق الدائن، ولا يخسر الدائن مزية القرينة التي يتمتع بها الدائن في الالتزام بتحقيق غاية،

. 676 . أبو السعود، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 240 - 452 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 675 )

تناغو، نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 161 . الفضل، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 311 . دسوقي، مرجع سابق،

. ص 440 . الجمال وآخرون، مرجع سابق، ص 208 . أبو السعود، مبادئ الالتزام، مرجع سابق، ص 230

. 453 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 277 )

138

لأن الالتزام في هذا الشرط-شرط تخفيف العناية- يستدعي إثبات عدم بذل العناية ليس التي

أوجبها القانون، وإنما التي أوجبها الاتفاق. ومثل هذا الاتفاق -باعتقادنا- يثير مشكلة تفسير

إرادة الأطراف حيث نستبعد أن يتوصل المتعاقدين إلى تنظيم درجة العناية المتفق عليها بشكل

دقيق، بل من شبه المؤكد وجود ثغرات في مثل هذا الاتفاق، مما يستدعي -باعتقادنا- الرجوع

إلى المعيار القانوني فيما لم ينظم في اتفاق التخفيف. ونضرب مثلا لتوضيح وجه الإشكالية في

تنظيم مثل هذا النوع من العلاقات، لو اتفق على أن يبذل المدين في تنفيذ عقد الوديعة عنايته

بشؤون نفسه، دون أن تتجاوز تلك العناية عناية الرجل المعتاد- وهو اتفاق على التخفيف- فانه

من الصعب معرفة العناية التي يبذلها المدين في شؤون نفسه، لذا سيبقى المدين غير مسؤول

مهما كانت درجة العناية التي بذلها- على ألا تقل عن عناية أقل الناس حيطة وعناية- وسيكون

من الصعب بل من المستحيل أحيانا إثبات أن المدين قد بذل عناية تقل عن عنايته في شؤون

نفسه، لان عنايته في شؤون نفسه قد تكون متفاوتة أصلا، وإن تجاوزنا مسالة الإثبات، ستثور

مشكلة تفسير إرادة الأطراف، حيث قد يدعي الدائن بأنه قصد في بذل العناية تلك العناية

المعقولة بحيث لا يحفظ الوديعة –مثلا- في غرفة بابها من خشب نظرا لقيمة الوديعة العالية،

فيما قد يدعي المدين بأنه قدر بأن الباب الخشبي كاف لحفظها، في حين أن معيار الرجل العادي

لا يقبل بالباب الخشبي لحفظ مثلها، مما يجعل الفصل في مثل هذا نزاع غالبا لمصلحة المدين

الذي سيتهرب من خلال الادعاءات التي قد لا تكون صحيحة من التزامه بالحفظ، وسيتراخى في

تأدية التزامه.

ولا يفهم من مثالي أنني أعترض على ما جاء في القانون فيما يتعلق بحفظ الوديعة، من

أنه يبذل في حفظها إذا كانت غير مأجورة عناية الشخص في شؤون نفسه دون أن تزيد عن

عناية الرجل العادي. فمثل هذا الحكم يفترض –غالبا- وجود اعتبار شخصي في العلاقة بين

المودع والمودع لديه، وهذا الاعتبار الشخصي ليس بالضرورة أن يتوفر في الوديعة المأجورة،

2 مدني مصري)، وهو نهج – / لذا اشترط المشرع في الأخيرة عناية الرجل العادي (المادة 720

باعتقادي- سليم. ومن التطبيقات التشريعية لمثل هذا الشرط، ما ورد في المادة ( 704 ) مدني

139

مصري التي جاء فيها:" إذا كانت الوكالة بلا أجر، وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية

.( التي يبذلها في أعماله الخاصة، دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد"( 454

1) مدني مصري: "إذا كانت الوديعة بغير أجر وجب على / وأيضا جاء في المادة ( 720

المودع لديه أن يبذل من العناية في حفظ الشيء ما يبذله في حفظ ماله، دون أن يكلف في ذل ك

.( أزيد من عناية الرجل المعتاد"( 455

الفرع الرابع: إعفاء المدين إعفاءً جزئيا من المسؤولية

يعد إعفاء المدين إعفاءً جزئيا من المسؤولية، صورة من صور تعديل المسؤولية في

إطار اتفاقات تخفيف المسؤولية( 456 ). على أنه تجب التفرقة بين الإعفاء من المسؤولية التي

تترتب على الإخلال بالتزام من التزامات العقد، وبين الإعفاء الجزئي من المسؤولية. فالإعفاء

من المسؤولية عن تنفيذ أحد الالتزامات التي يرتبها العقد، هو في الحقيقة إعفاء كامل من

المسؤولية، أما الإعفاء الجزئي فيتعلق بجزء من المسؤولية التي تترتب على الالتزامات محل

شرط الإعفاء، وهو بهذا المعنى يشبه شرط الإعفاء في كل خصائصه وأحكامه، إلا أنه يرد على

جزء من المسؤولية المترتبة على أحد أو بعض الالتزامات.

إن الفرق بين الإعفاء الجزئي من المسؤولية وبين الإعفاء من المسؤولية، يكمن في أن

الأول يرد على جزء من المسؤولية، فيما يتعلق الثاني بالمسؤولية كاملة، لكن ليس المسؤولية

المترتبة على العقد بكليته، وإنما على أحد أو بعض آثاره، على أن لا تمس الالتزامات الرئيسة

في العقد، إلا أن هذه التفرقة في الحقيقة شكلية ولا أثر لها على الأحكام.

فالأحكام في كلا الحالتين واحدة، فنطبق على الإعفاء الجزئي وهو صورة من صور

التخفيف، ما نطبقه على الإعفاء الكلي من أحكام.

1) منه. / 454 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 804 )

1) منه. / 455 ) أخذ مشروع المدني بهذا الحكم في المادة ( 831 )

. 456 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 181 )

140

الفرع الخامس: الاتفاق على حد أعلى للتعويض

أدرس في هذا الفرع حالة يعتبرها فريق من الشراح والفقهاء بأنها من صور التخفيف

وهي تخفيف التعويض عن قدر الضرر الذي يستوجبه، ففيما يذهب البعض إلى أن هذه الصورة

هي من صور اتفاقات التخفيف( 457 ). وجدنا أن بعضا آخر من الأساتذة ذهب إلى عدم ذكر هذه

.( الصورة في معرض معالجته لحالات التخفيف في المسؤولية العقدية( 458

وأنا أذهب إلى ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأخير في عدم اعتبار هذه الصورة ضمن

صور الشرط المخفف للمسؤولية العقدية، ذلك أن التخفيف في المسؤولية يختلف عن التعويض

الاتفاقي، فالتعويض أثر للمسؤولية، كما يمكن أن يكون الفسخ جزاءً لها، وقد سبق أن أوضحنا

الفرق بين التعويض الاتفاقي وبين الشروط المعدلة في المسؤولية العقدية. أما ما جرت عليه

العادة في عقود النقل من تحديد لمسؤولية الناقل بمبلغ معين( 459 ) وقننته الاتفاقات والتشريعات

فيما بعد، فهو في الحقيقة تعويض (قانوني) أريد به – من بين أسباب أخرى- حماية مصلحة

عامة للناقلين، وحفاظًا على استمرار أعمالهم.

وشرط تحديد المسؤولية بمبلغ معين، يعد شرطا دارجا في عقود النقل وقد قننه المشرع

.( في العديد من النصوص( 460

457 ) يذهب إلى اعتبار هذه الصورة من صور التخفيف في المسؤولية: الأستاذ محمود جمال الدين زكي في كتابه : )

مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 171 . والأستاذ إسماعيل المحاقري في كتابه: الإعفاء من المسؤولية، مرجع

سابق، ص 395 . والأستاذ سليمان مرقس في كتابه: الوافي، ج 2، مرجع سابق، ص 644 . والأستاذ عبد المنعم الصدة في

. كتابه: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 421

458 ) من الأساتذة الذين لم يعرضوا لحالة تقدير التعويض بأقل من الضرر كأحد حالات التخفيف في المسؤولية : الأستاذ )

689 . والأستاذ رمضان أبو السعود في كتابه: مبادئ الالتزام، - السنهوري في مؤلفه: الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 673

231 . والأساتذة مصطفى الجمال و رمضان أبو السعود ونبيل إبراهيم سعد في مؤلفهم المشترك : - مرجع سابق، ص 230

مصادر واحكام الالتزام، مرجع سابق، ص 208 . والأستاذ سمير عبد السيد تناغو في كتابه: نظرية الالتزام، مرجع سابق،

. ص 161 . والأستاذ منذر الفضل في كتابه: النظرية العامة للالتزامات، مرجع سابق، ص 311

1) تجارة مصري:" لا يجوز في حالة نقل الأشخاص أن يجاوز التعويض الذي يحكم به على / 459 ) جاء في المادة ( 292 )

الناقل الجوي مائة وخمسين ألف جنيه بالنسبة إلى كل مسافر إلا إذا اتفق صراحة على تجاوز هذا المبلغ".

3) من قانون التجارة البحرية المصري من انه:" ولا يجوز أن يزيد مبلغ التعويض الذي يحكم / 460 ) جاء في المادة ( 340 )

به على الناقل في حالة التأخير في تسليم البضائع أو جزء منها عن الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة

141

المطلب الثاني: الاستثناءات التي ترد على شروط التخفيف

يرد على شروط التخفيف استثناءان هما حالتا الغش والخطأ الجسيم، ذلك أنه لا يجوز -

وعلى غرار شرط الإعفاء- أن تخفف مسؤولية المدين دونهما، أدرسهما باقتضاب.

عرفت فيما مضى الخطأ الجسيم بأنه؛ ما يتأتى في عدم بذل العناية والحيطة في شؤون

الغير، بقدر لا يمكن لأقل الناس عناية أو أقلهم ذكاء أن يغفله في شؤون نفسه( 461 ). فيما سبق

.( تعريف الغش بأنه؛ سوء النية العقدية، أو هو كل سلوك مضاد للالتزام العقدي( 462

وكما هو حال الشرط المعفي من المسؤولية، ففي الشرط المخفف أيضا لا يجوز في

حالة الخطأ الجسيم، وذلك في جميع الشروط المخففة للمسؤولية، مع اختلاف الأساس القانوني

الذي يستند إليه في كل شرط، فبَعْد أَن أجازت المادة( 211 ) مدني مصري في فقرتها الأولى

الشرط المحقق في درجة العناية نصت في فقرتها الثانيه على:" وفي كل حال يبقى المدين

مسؤولا عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم". وقد أخذ المشروع بذات الحكم في الفقرة الثانية من

المادة ( 234 ) منه. يتضح أنه لا يجوز في حالة شرط التخفيف في درجة العناية أن يرد الشرط

على حالة الغش، بأن يخفف المدين من مسؤوليته إذا تحققت أو يرتكب غشا بالواقع.

وكذلك هو الحال في الخطأ الجسيم، فلا يصح الشرط في أن يستفيد المدين من الشرط

في حال الخطأ الجسيم، أو أن يرتكب المدين خطأً جسيمًا في الواقع، وإلا فإنه لن يستفيد من

الشرط.

أما في الشرط المخفف عبر تحويل الالتزام من تحقيق غاية إلى بذل عناية، فالأساس

القانوني لبطلان شرط التخفيف في هذه الحالة بسبب الخطأ الجسيم مختلف. وهو –باعتقادن ا-

القاعدة العامة في عدم إجازة شرط الإعفاء في حالة الغش والخطأ الجسيم( 463 )، وذلك لاتحاد

233 من هذا القانون". وأشير إلى أن المبلغ المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 233 هو 2000 جنيه عن كل طرد أو

وحدة شحن أو بما لا يجاوز ستة جنيهات عن كل كيلو جرام من الوزن الإجمالي، أي الحدين أعلى.

. 461 ) للتفصيل: ثانيا من الفرع الأول من المطلب الثاني من المبحث الأول من الفصل الأول، ص 74 )

. 462 ) للتفصيل: أولا من الفرع الأول من المطلب الثاني من المبحث الأول من الفصل الأول، ص 72 )

. 463 ) للتفصيل: الفرع الثاني من المطلب الثاني من المبحث الأول من الفصل الأول، ص 81 )

142

العلة. أي أن الالتزام يصبح –في حالة الشرط المخفف والشرط المعفي على السواء-غير ذي

أهمية في نظر المدين، مما يؤدي إلى إهدار العقد.

وأشير أخيرا إلى أنه وقياسا على جواز إعفاء المدين من مسؤوليته العقدية عن الغير في

حالتي الخطأ الجسيم والغش، كذلك يجوز التخفيف من باب أولى من مسؤوليته عن فعل الغير

.( في هاتين الحالتين( 464

المبحث الثاني: تطبيقات شروط التخفيف والقيود التي ترد عليها

أدرس في هذا المبحث بعض التطبيقات التي وردت في القانون بخصوص شروط

التخفيف، وذلك في بعض أهم العقود في مطلب أول، ثم في المطلب الثاني أدرس القيود التي

ترد على شروط التخفيف.

المطلب الأول: تطبيقات شروط التخفيف من المسؤولية

أدرس في هذا المطلب لبعض تطبيقات الشروط المخففة من المسؤولية، وذلك في عقود

البيع، والمقاولة، والوديعة.

الفرع الأول: عقد البيع

أوضحت فيما سلف أن تطبيق الشرط المعفي من المسؤولية في عقد البيع يتعلق بضمان

الاستحقاق، أما الإعفاء أو التخفيف من ضمان العيب الخفي، فهو في الحقيقة ليس اتفاقا من

اتفاقات المسؤولية( 465 )، وإنما هو اتفاق يتعلق بالتزام عقدي، وليس له علاقة باتفاقات المسؤولية

إلا كباقي الالتزامات الأخرى.

ويجوز شرط التخفيف من ضمان الاستحقاق الذي سبق وأوضحت أنه –ضمان

1) مدني / الاستحقاق- يشمل التعويضات والاستحقاق ذاته( 466 ). وقد جاء في المادة ( 445

. 464 ) للتفصيل: المطلب الثالث من المبحث الأول من الفصل الأول، ص 79 )

. 465 ) للتفصيل: ثانيا من الفرع الأول من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 89 )

. 466 ) للتفصيل: أولا من الفرع الأول من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 84 )

143

مصري:" يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق أو أن ينقصا منه أو أن

1) منه. / يسقطا هذا الضمان". وقد أخذ المشروع بنفس الحكم في المادة ( 467

فقد يتفق على إعفاء البائع من سبب معين من أسباب الضمان( 467 )، كالاتفاق على إعفائه

.( من ضمان حقوق الارتفاق غير الظاهرة خلافا لما يقضي به القانون من ضمانها( 468

كما قد يتفق على عدم الضمان الراجع إلى بطلان أو فسخ سند ملكية البائع( 469 ). وفي

هذه الحالة، أرى أنه يكفي أن يكون البائع عالما بسبب الفسخ، حتى يبطل شرط التخفيف من

المسؤولية، ولا يشترط أن يتعمد البائع إخفاء حق الأجنبي حتى يبطل هذا الشرط، ذلك لأن مثل

هذا الشرط يرد على تعرض البائع نفسه بطريق غير مباشر، فإذا كان سبب الإبطال مثلا هو

الإكراه الصادر عن البائع بحق البائع الأول، فإن شرط التخفيف يكون باطلا لأن سبب

الاستحقاق هو تعرض البائع نفسه.

هذا وكما هو حال شرط الإعفاء من هذا الضمان فإنه لا يجوز في حالة تعمد إخفاء حق

الأجنبي، وفي حالة تعرض البائع نفسه. إلا أنه يجوز الاتفاق على شراء ساقط الخيار وقد سبق

.( توضيح ذلك( 470

الفرع الثاني: عقد الوديعة

1) مدني مصري:" إذا كانت الوديعة بغير أجر وجب على المودع / جاء في المادة ( 720

لديه أن يبذل من العناية في حفظ الشيء ما يبذله في حفظ ماله، دون أن يكلف في ذلك أزيد من

1) منه. / عناية الرجل المعتاد". وقد أخذ مشروع المدني بهذا الحكم في المادة ( 831

467 ) تعد هذه الصورة أحد صور الإعفاء الجزئي من المسؤولية. )

468 ) الجمال، مصطفى: عقد البيع (منسوخ على الآلة الطابعة)، المكتب المصري الحديث، دون سنة، ص 150 . سعد، نبيل )

إبراهيم: العقود المسماة-عقد البيع، ط 2، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2004 ، ص 282 . سلطان، العقود المسماة،

. مرجع سابق، ص 247

. 469 ) قاسم، محمد حسن: الموجز في عقد البيع، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1996 ، ص 302 )

. 470 ) سبق تفصيل ذلك في: أولا من الفرع الأول من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 84 )

144

وهذا التطبيق شبيه بالتطبيق السابق الإشارة إليه والمتعلق بعقد الوكالة، ذلك أنه في عقد

الوديعة بغير أجر لا يكلف المودع لديه بعناية الرجل العادي، وإنما يبذل عنايته الخاصة، التي لا

يشترط أن تتجاوز عناية الرجل العادي. وعليه يكون المودع لديه مسؤولا إذا هو قصر في حفظ

الوديعة عن عنايته في شؤون نفسه. ومثل هذا الحكم –باعتقادنا- هو تخفيف قانوني من

المسؤولية متأثرا بنظرية تدرج الخطأ.

ويجوز الاتفاق على تخفيف المسؤولية، كما يجوز الإعفاء منها في عقد الوديعة بوجه

عام( 471 ). إلا أن هذا الحكم ليس ذاته في الوديعة الاضطرارية (اللازمة)، فقد جاء في موضعين

من الأعمال التحضيرية للمدني المصري ما يفيد عدم جواز الاتفاق على الإعفاء أو التخفيف

بالنسبة للوديعة الاضطرارية، وقد ورد في المذكرات الإيضاحية للمشروع التمهيدي: "لا يجوز

الاتفاق في الوديعة الاضطرارية على إعفاء الوديع من مسؤوليته ولا تخفيف هذه المسؤولية

عنه، وذلك لأن كل اتفاق من هذا النوع يشوبه الإكراه من جانب الوديع"( 472 ). وفي موضع آخر

ورد في الأعمال التحضيرية بخصوص وديعة الفنادق بالذات:" كما يقع باطلا كل اتفاق على

الإعفاء من هذه المسؤولية"( 473 ). غير أنه ورد في ذات الأعمال التحضيرية ما يفيد جواز شرط

الإعفاء والتخفيف من المسؤولية، فعندما استفسر في لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عن

الحكم فيما إذا علق صاحب الفندق إعلانا يعفي فيه نفسه من المسؤولية، فأجيب، بأنه إذا كان

الإعلان صريحا في الإعفاء من المسؤولية وفي مكان ظاهر يراه النزيل ولم يعترض عليه، فإن

صاحب الفندق لا يكون مسؤولا حتى عن التعويض المخفف، لأن شرط الإعفاء من المسؤولية

.( جائز في هذه الحالة طبقا للمادة ( 224 ) فقرة ثانية من المشروع( 474

والعلة في تضارب الأحكام –كما يقول الأستاذ السنهوري- ترجع إلى أن المس ألة لا

تخلو من خلاف. هناك أولا إجماع على أن تعليق إعلان في غرف الفندق، وفي ردهاته يعفي

صاحب الفندق نفسه من المسؤولية أو يخفف من مسؤوليته، لا يكفي إذا لم يثبت أن النزيل قد

.711- 471 ) السنهوري، الوسيط، ج 7، المجلد الأول، مرجع سابق، ص 710 )

472 ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 5، ص 267 في الهامش. )

. 473 ) مجموعة الأعمال التحضيرية، ج 5، ص 272 )

.271- 474 ) مجموعة الأعمال التحضيرية، ج 5، ص 270 )

145

رأى هذا الإعلان، وقبل ما جاء فيه. ولكن يبدأ التردد إذا كان النزيل قد رأى هذا الإعلان وقبله

صراحة أو ضمنا بعدم الاعتراض عليه، ويزيد التردد إذا اشترط صاحب الفن دق صراحة

بموجب اتفاق خاص تخفيف مسؤوليته او اعفاءه منها. فالرأي الغالب في الفقه الفرنسي أن

.( الشرط صحيح وتخف به مسؤولية صاحب الفندق أو يعفى منها( 475

ويرى البعض( 476 )، بأن الإعلان المعلق في الغرف لا يؤدي إلى تخلص أصحاب

الخانات والفنادق من المسؤولية، ويبرر ذلك بعدم جواز تخلص المتعهد من تعهده بإرادته فقط .

ويرى بجواز التخلص من المسؤولية إن هو لفت نظر المسافر إلى مثل هذا الإعلان، فلم

.( يعترض عليه( 477 )، وهو مذهب العديد من أحكام المحاكم الفرنسية( 478

فيما يرى آخرون بأنه لا يجوز التخلص من المسؤولية، ولو بشرط صريح، لأن وديعة

الفنادق صورة من الوديعة الاضطرارية، فيكون شرط الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية، ولو

.( كان شرطا خاصا صريحا، باطلا لا أثر له( 479

وأنا أذهب إلى ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأخير، وأرى أن الشرط المعفي أو المخفف

من مسؤولية صاحب الفندق غير جائز، والعلة في ذلك –باعتقادنا- أن المودع لديه في الوديعة

الاضطرارية يكون في مركز قوي، والمودع يكون في مركز ضعيف، فحتى لو علم المودع

بالشرط فإن علمه لن يمكنه من رفض التعاقد على النحو الذي يشترطه المودع لديه، لأن المودع

سيجد بأن كثيرا من الفنادق إن لم تكن كلها تشترط نفس الشرط، فلا يكون له إلا أن يقبل الشرط

لأنه يكون مضطرا غالبا إلى النزول في الفندق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ف إن التزام

صاحب الفندق ينبع من المقابل العالي الذي يقتضيه عادة مقابل نزول النزيل في الفندق، فيكون

. 475 ) السنهوري، الوسيط، ج 7، المجلد الأول، مرجع سابق، ص 777 )

، 476 ) للتفصيل في الخلاف حول صحة شرط التخفيف والإعفاء من مسؤولية صاحب الفندق أو الخان : طلبة، ج 2 )

.205- المسؤولية العقدية، مرجع سابق، ص 204

، 477 ) مرسي باشا، محمد كامل: شرح القانون المدني الجديد- العقود المسماة، ج 1، القاهرة، المطبعة العالمية، 1952 )

.628- ص 627

. 478 ) للتفصيل في هذه الأحكام: زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 25 )

. 479 ) السنهوري، الوسيط، ج 7، المجلد الأول، مرجع سابق، ص 778 )

146

التزامه بالمحافظة على أشياء النزيل التزاما رئيسا بإرادة الأطراف. ذلك أن شروط التخفيف

والإعفاء لا تنسجم مع الدور الذي يجب أن يقوم به أصحاب الفنادق تجاه أشياء النزلاء، ولا مع

الدور الذي يقوم به أصحاب الخانات تجاه أشياء المسافرين. ومن جهة ثالثة، فإن إجازة مثل هذه

الشروط يؤدي إلى عدم اطمئنان الناس على أموالهم وإلى إهمال أصحاب الفنادق في المحافظة

على أشياء النزلاء، وإهمالهم أيضا في اختيار العاملين لديهم. وعليه فإننا نرفض إجازة مثل هذا

الشرط حتى عن فعل التابعين.

وأرى بضرورة أن يعالج المشروع هذه المسالة بنص صريح، خاصة وأنها محل خلاف

بين الفقهاء كما أسلفنا، وهذا الخلاف ليس في الفقه العربي فحسب، بل في الفقه عمومًا. وذلك

بالنص على عدم جوازها صراحة فيما يتعلق بالوديعة الاضطرارية بكافة أنواعها.

وأشير إلى جواز الشرط المعفي أو المخفف لمسؤولية صاحب الفندق أو الخان فيما

يتعلق بالنقود والأوراق المالية والأشياء الثمينة ما لم يكونوا قد تسلموها لحفظه ا. ولا خلاف

حول هذا الحكم، فهذا الحكم ليس الا تكرارا لما نص عليه القانون من عدم مسؤولية صاحب

.( الفندق في هذه الحالة( 480

الفرع الثالث: عقد المقاولة

نصت المادة ( 653 ) مدني مصري على أنه:" يكون باطلا كل شرط يقصد به إعفاء

المهندس المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه". وعليه فإن مسؤولية المقاول والمهندس

المعماري تكون من النظام العام، ويبرر البعض ذلك بأن تهدم المباني لا يصيب صاحب العمل

وحده بالضرر، بل يؤدي إلى مخاطر تصيب الغير في الأرواح والأموال( 481 ). وأرى أن إصابة

أي كان كافية لاعتبار الحكم من النظام العام، فجسد الإنسان لا يصح أن يكون محلا للتعامل.

2) من المشروع. / 2) مدني مصري والمادة ( 847 / 480 ) بهذا المعنى المادة ( 727 )

481 ) السرحان، عدنان: شرح القانون المدني- العقود المسماة في (المقاولة، الوكالة، الكفالة)، عمان، مكتبة دار الثقافة )

. للنشر والتوزيع، 1996 ، ص 70

147

وعليه فإن ضمان المقاول والمهندس، غير جائز الاتفاق على الإعفاء منه أو تخفيفه،

وذلك على خلاف الأصل العام الذي يجيز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها.

.( وقد نص المشروع على نفس الحكم في المادة ( 746 ) منه( 482

المطلب الثاني: القيود التي ترد على شروط التخفيف

ترد على شروط التخفيف العديد من القيود، وتختلف تلك القيود باختلاف الصورة التي

نتحدث عنها، ففيما يتعلق بالإعفاء الجزئي من المسؤولية، فإنني أرى أنه تطبق عليها القيود التي

وردت بخصوص شرط الإعفاء، وذلك لأن شرط التخفيف الجزئي هو في الحقيقة صورة من

صور شرط الإعفاء( 483 ). وأدرس في هذا المطلب القيود التي ترد على الصور الأخرى لشرط

التخفيف.

الفرع الأول: القيود التي ترد على شرط تخفيف درجة العناية

من البديهي القول؛ بأنه إذا كان شرط تخفيف درجة العناية يشكل بندا تعسفيا فإن للقاضي

استبعاده، وقد سبق أن درست في سلطة القاضي في تعديل البند التعسفي وذلك إذا ورد في عقد

مع مستهلك، أو ورد في عقد إذعان، كذلك فإن شرط التخفيف في درجة العناية إذا ورد على

مسؤولية المدين عن الأضرار الجسدية يكون باطلا لأنه لا يصح أن يكون جسد الإنسان محلا

.( لاتفاقات من هذا النوع، فسلامة جسد الإنسان فوق كل اتفاق( 484

لكن يثور السؤال حول مدى صحة الاتفاق على التخفيف من درجة العناية التي قد ترد

على التزام رئيس في العقد، ونظرا لأهمية هذا القيد فإنني سأتعرض له بشيء من التفصيل فيما

يتعلق بشرط تخفيف درجة العناية، فإذا كان القانون يتطلب عناية الرجل العادي، فالسؤال يثور

حول صحة شرط تخفيف درجة العناية إلى حد أقل إذا كان الالتزام التزاما رئيسا في العقد.

. 482 ) للتفصيل: الفرع الثالث من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 95 )

. 483 ) للتفصيل في القيود التي ترد على شرط الإعفاء: المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 116 )

484 ) للتفصيل: الفروع الأول والثاني والثالث من المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 116 وما بعدها. )

148

أرى عدم إجازة مثل هذا الشرط بوجه عام، والعلة في ذلك، أن الالتزام الرئيس في العقد

لا يجوز المساس به بالاتفاق على ما يناقضه، فهو يرتبط بوجود العقد، وينتج عن عدم وجوده

إهدار العلاقة العقدية، وكذلك الحال إن تم التعامل معه –مع الالتزام الرئيس - بغير الجدية

الملائمة، حيث إِن مثل هذا التعامل يفرغ العقد من أهميته. إلا أننا لا نرفض وجود شرط يخفف

من درجة العناية المطلوبة في أحوال وظروف مبررة ومعقولة؛ وقد تكون تلك الأحوال تتعلق

بالمدين، كما قد تكون خارجية تتعلق بالظروف المحيطة بتنفيذ الالتزام.

ومن الظروف التي تتعلق بالمدين أن يكون –المدين-مستجدا على المهنة، ك أن يكون

محاميًا مجازًا لأعمال المحاماة منذ فترة قصيرة، فهنا يكون الاتفاق مبررا على بذله عناية قد تقل

عن عناية المحامي العادي من أوسط زملائه، ومعيار الشخص العادي في هذه الحالة، وإن كان

يراعي أن هذا المحامي جديد، فإنه لن يراعي الجانب الشخصي لقدرات هذا المحامي، وإنما

سيقرنه بغيره، وهو ما أرى جواز الاتفاق على معيار أقل منه، أما إذا كان المحامي مجازًا منذ

فترة طويلة، فمثل هذا الشرط يجب عدم الأخذ به.

كما قد تكون الظروف خارجية وليس شخصية، ومن ذلك أن يتفق الوديع باجر مع

المودع على عدم مسؤولية الأول إن هو بذل عناية تقل عن عناية الرجل العادي، وذلك بسبب

أنه لا يملك حرز المثل المعتاد ليحفظ فيه الوديعة المتفق على إيداعها، وإنما لديه مكان لا يتم

الحفظ فيه عادة لمثل هذه الوديعة، كأن تكون البضاعة بحاجة إلى برادات خاصة، غير متوفرة

لدى الوديع، فهنا إذا اشترط الوديع عدم مسؤوليته إن تلفت البضاعة بسبب نقص العناية عن

عناية الرجل العادي، فإن مثل هذا الاتفاق وإن ورد على التزام رئيس غير أنه مبرر ومعقول .

إلا أنه لا يستساغ الاتفاق على أن لا يبذل الوديع العناية التي يبذلها الشخص العادي إذا كان لديه

الوسائل اللازمة للقيام بهذا الالتزام، فمثل هذا الاتفاق يفتح الباب للغش بغير رادع تحت غطاء

قانوني، وهو ما يرفضه المشرع.

من خلال هذين المثلين، نجد أن شرط التخفيف في درجة العناية ليس مقصودا لذاته، بل

لظروف دفعت المتعاقدين إلى الأخذ به، فإن توفرت تلك الظروف صح الشرط، وإن تخلفت تلك

149

الظروف –فأعتقد- أن على القاضي استبعاد ذلك الشرط بالقدر الذي لا يكون فيه الشرط مبررا.

ويلاحظ أن الأساس القانوني لاستبعاد الشرط في الحالة الأخيرة متوفر بوضوح في

المشروع، فقد أخذ المشروع بنظرية سبب الالتزام إلى جانب نظرية سبب العقد ( 485 )، وسبب

الالتزام أو كما يطلق عليه السبب القصدي( 486 )، يقصد به الباعث ( 487 ) الذي يدفع للعقد

مباشرة( 488 )، وهو –كما يرى كابيتان( 489 )- ليس الالتزام المقابل بل تنفيذ هذا الالتزام( 490 ). وعليه

يستطيع القاضي في ظل أخذ المشروع بنظرية سبب الالتزام، أن يستبعد الشرط الذي يؤدي إلى

عدم تكافؤ التزامات الطرفين، فإذا كان الشرط المخفف في درجة العناية يؤدي إلى عدم تنفيذ

الالتزام المقابل ببذل العناية اللازمة، فإن الشرط يبطل لأنه يخل بركن السبب.

أما الوضع في المدني المصري فهو مختلف، فقد أخذ هذا القانون بنظرية السبب

الحديثة، التي تأخذ بالسبب الباعث، ويقصد به الباعث الدافع إلى التعاقد لا مجرد الغ رض

المباشر المقصود في العقد. وهو أمر نفسي خارج عن العقد يتغير بتغير البواعث ( 491 ). ولما

كانت نظرية السبب في المدني المصري بهذا المفهوم، فمن الصعب الاعتماد عليها في استبعاد

هذا الشرط إذا كان –مثل هذا الشرط- يقلل من أهمية الالتزام الرئيس في العقد. خاصة في ظل

.( وجود النص الذي يجيز الشرط الذي يقلل من درجة العناية في تنفيذ الالتزام( 492

. 485 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 146 )

. 486 ) دواس، أمين: مرجع سابق، ص 111 )

487 ) يلاحظ أن المذكرات الإيضاحية استعملت عبارة (الباعث) ويبدو أن المقصود فيها (الغرض) وليس الباعث، فالباعث )

يقصد به عنصرا نفسيا وهو سبب العقد، بينما يقصد بالغرض ذلك السبب المباشر للتعاقد وهو لا يتغير من عقد لآخر، بل

هو واحد في كل طائفة من طوائف العقود. للتفصيل في تعريف الباعث: ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي

. للمدني المصري، ج 2، ص 225

. 488 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 146 )

489 ) يعد الفقيه كابيتان عميد أنصار نظرية السبب التقليدية. )

. 490 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 448 )

. 491 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 473 )

1) مدني مصري. / 492 ) أقصد المادة ( 211 )

150

الفرع الثاني: القيود التي ترد على شرط تخفيف نوع الالتزام

كما سبق وقلت، يقصد بشرط تخفيف نوع الالتزام، هو أن يتفق على أن يصبح التزام المدين

في تنفيذ التزامه ببذل عناية، بدلا من تحقيق غاية، ومثل هذا الاتفاق يؤدي إلى أن لا يكون

المدين مسؤولا عن فعله المجرد عن الخطأ. فيجب حتى تثبت مسؤولية المدين، إثبات أنه لم يبذل

العناية المتفق عليها. وترد القيود سالفة الذكر على هذا الشرط أيضا، فلا يجوز أن يكون الشرط

تعسفيا، كما لا يجوز أن يرد على جسد الإنسان، ولا يجوز أن يرتب أثرا في مواجهة المستهلك،

.( وهذه الأمور سبق تفصيلها( 493

كما يجب أن لا يتعارض هذا الشرط مع الالتزام الرئيس في العقد فيعفي منه بطريق

.( غير مباشر، وقد سبق لنا تفصيل ذلك( 494

إلا أن القيد الهام الذي يجب إيراده على مثل هذا النوع من الشروط تحديدا، هو توضيح

المقصود بالعناية المطلوب بذلها، فالأصل في مثل هذا الالتزام أن العناية التي يبذلها الرجل

العادي في الأعم الغالب، هي التي تؤدي دوما إلى نتيجة واحدة، ألا وهي تنفيذ العقد (تحقيق

النتيجة)، مما يجعلنا نتساءل حول درجة العناية التي يجب بذلها في حال الاتفاق على مسؤولية

المدين عن بذل عناية بعد أن كانت في الأصل بتحقيق غاية.

فلو أخذنا بمعيار الرجل العادي، لوجدنا أن الرجل العادي يحقق الغاية المطلوبة دوما أو

على الأقل غالبا، وهي- العناية- تؤدي بالضرورة إلى تحقيق الالتزام، وما تقسيم الالتزامات إلى

بذل عناية وتحقيق غاية إلا تبعا لهذا الاستقرار في سلوك الناس. فما هو معيار بذل العناية في

مثل هذا الشرط؟

أعتقد أن اتفاقا كهذا لا يمكن تفسير العناية المطلوبة به إلا على أساس معيار شخصي،

فالمعيار الموضوعي يتعارض مع مثل هذا الشرط، ولما كان الأمر يجري على هذا النحو، فإنني

أرى في مثل هذه الحالة أن يتفق بالضرورة على شرطين هما: أن يكون عدم التنفيذ مبررا، وان

493 ) للتفصيل: الفروع الأول والثاني والثالث من المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 116 وما بعدها. )

. 494 ) للتفصيل: الفرع الرابع من المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 123 )

151

يلتزم المدين بإثبات أنه بذل العناية اللازمة بالمعنى الشخصي. حيث سيكون من الصعب القول

بأن المدين أخل بالتزامه، لأن المعيار شخصي، ولأن الدائن يكون بمثل هذا الشرط من شروط

التخفيف قد تخلى عن قرينة قانونية تتعلق بالإثبات لمصلحته.

فإذا لم تتفق الأطراف على هذين الشرطين، فإنه يمكن استنتاجهما من طبيعة هذا الاتفاق

ضمنا، فمن غير المعقول أن يقصر المدين في العناية إلى درجة تقل عن عنايته في شؤون نفسه

وإن تجاوزت معيار الرجل العادي، ومثل هذه العناية يفترض أن تكون ماثلة في أذهان

المتعاقدين عند الشرط، كما أنه من غير المقبول أن يكون عدم التنفيذ غير مبرر، فيفترض أن

الأطراف ينفذون العقد بحسن نية، وحسن النية تقتضي بذل الجهد، فإذا لم ينفذ العقد يفترض أنه

لم ينفذ في ظل ظروف أو أحوال أدت إلى عدم التنفيذ، على أن تكون مثل هذه الظروف

والأحوال مبررة، وهو ما يمكن فهمه من مثل هذا الشرط، فإن كان عدم التنفيذ غير مبرر فمن

المستساغ القول بأنه –عدم التنفيذ غير المبرر- في هذه الحالة ناقض العقد.

الفرع الثالث: القيود التي ترد على شرط تقصير مدة التقادم

الأصل أن الشرط الذي يرد على مدة التقادم شرط باطل، سواء أدى إلى إنقاص المدة أو

1) مدني مصري التي نصت على أَنه :"لا يجوز / زيادتها، وهو ما نصت عليه المادة ( 388

النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف

.( عن المدة التي عينها القانون"( 495

على أنه إذا وردت في القانون أحوال يجوز فيها الاتفاق على إنقاص مدة التقادم، مثل

الحالة التي وردت بخصوص ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معينة، وهو ما أشارت إليه

المادة ( 455 ) مدني مصري( 496 )، ففي مثل هذه الأحوال أرى أن القيد الذي يرد على هذا الشرط

يتمثل في أن تنزل المدة المتفق عليها إلى قدر يعيق استعمال الدائن لحقه في مقاضاة الطرف

1) منه. / 495 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 426 )

496 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 481 ) منه. )

152

الآخر، فإذا انقصت المدة إلى قدر قصير جدا لا يسمح للدائن أن يمارس حقه، أو يعيقه إلى

درجة كبيرة، فإن مثل هذا الشرط يبطل في هذه الحالة.

المبحث الثالث: الآثار المترتبة على الشروط المخففة من حيث الموضوع

سبق وعرضت لآثار شرط الإعفاء من حيث الأشخاص، والتي تنطبق على شرط

التخفيف، لذا اكتفي بما ورد في المطلبين الثاني والثالث من المبحث الثالث من الفصل الأول .

حيث عرضت في ذات المقام للآثار المترتبة على بطلان شروط التخفيف.

المطلب الأول: الآثار المترتبة على شرط تخفيف درجة العناية

يترتب على الاتفاق على أن يبذل المدين في تنفيذه للالتزام عناية أقل من عناية الرجل

العادي أثران؛ فمن جهة أولى يترتب على مثل هذا الاتفاق، ألا يكون المدين مسؤولا إن هو بذل

العناية المتفق عليها وإن كانت أقل من عناية الرجل العادي. ومن جهة ثانية، فإن المدين يبقى

مسؤولا إن نقصت تلك العناية إلى درجة الخطأ الجسيم، فإن كانت العناية المبذولة قليلة إلى

درجة الإهمال الشديد، أو الرعونة، فإن الشرط لا يرتب أي أثر، ويبقى المدين مسؤولا، وكذلك

هو الحكم إذا صدر غش عن المدين.

ولا يرتب مثل هذا الشرط آثارا من حيث عبء الإثبات، فيبقى عبء الإثبات كما هو،

إلا أنه يزداد صعوبة على الدائن الذي سيثبت أن العناية التي بذلت أقل من العناية المتفق عليها،

وهو أمر من الصعب تحقيقه، فهذا الشرط وإن كان لا يؤثر على توزيع عبء الإثبات، فهو يؤثر

على مدى الإثبات، أي أنه سيكون على الدائن إثبات أن المدين لم يبذل في تنفيذ الالتزام العناية

المتفق عليها، وفي ذلك صعوبة بالغة على الدائن.

المطلب الثاني: الآثار المترتبة على شرط تخفيف نوع الالتزام

لهذا الشرط من شروط التخفيف خصوصية من حيث إنه يحمل في ثناياه أثرا يستفاد

ضمنا، وهو أن المدين يعفى من المسؤولية عن فعله المجرد الذي في الأصل يكون مسؤولا عنه

153

بموجب الآثار التي يرتبها عدم تحقيق الغاية في تنفيذ الالتزام، ففي الالتزام بغاية لا يستطيع

المدين التذرع بأنه لم يخطئ، وإنما له فقط أن ينفي علاقة السببية، أما فعله المجرد عن الخطأ

فيسال عنه لانه –المدين- لا يستطيع الادعاء بأنه بذل العناية المطلوبة أو التي يبذلها الرجل

العادي، لذا يبقى مسؤولا وإن كان فعله مجردًا عن الخطأ. أما في ظل شرط تخفيف نوع

الالتزام من تحقيق غاية إلى بذل عناية، فإن المدين يستطيع التمسك بأن فعله ليس خطأً، ولذا فلا

يكون مسؤولا بحكم هذا الشرط.

كما أن الشرط الذي يرمي إلى تحويل الالتزام إلى بذل عناية، يؤدي إلى أن الدائن يتخلى

عن القرينة القانونية المقررة لمصلحته بالإثبات، ويصبح عليه واجب إثبات خطأ المدين لكن

دون قرينة لمصلحته، فإذا كان الأصل في الالتزام بتحقيق غاية أن الدائن يثبت الالتزام، ويثبت

أن الالتزام لم يتم تنفيذه عبر تقرير ذلك( 497 )، وهو إثبات كاف. إلا أنه في حال الالتزام ببذل

عناية فيجب عليه أن يثبت أن المدين لم يبذل العناية المطلوبة، وهو أمر صعب، ووجه

الاختلاف بيّن، ففي الحالة الأولى هناك قرينة لمصلحة الدائن مفادها أن عدم التنفيذ يعد خطأً

يسال عنه المدين وعلى المدين أن يثبت السبب الأجنبي أو خطأ الدائن، وفي ذلك قضت محكمة

النقض المصرية الموقرة:" عقد نقل الأشياء يلقى على عاتق الناقل التزاما بضمان الأشياء المراد

نقلها سليمة إلى المرسل إليه، وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية فإذا تلفت ه ذه الأشياء أو

هلكت فإنه يكفى أن يثبت أن ذلك حدث أثناء تنفيذ عقد النقل و يعتبر هذا إثباتا لعدم قيام الناقل

بالتزامه فتقوم مسئوليته عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه و لا ترتفع

هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن التلف أو الهلاك نشأ عن عيب في ذات الأشياء المنقولة أو

.( بسبب قوة قاهرة أو خطأ من الغير"( 498

. 497 ) الصدة، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 416 )

1968 سنة المكتب الفني 19 . والفقرة الثالثة / 12 / 498 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0190 لسنة 34 بتاريخ 19 )

1954 سنة المكتب الفني 05 . الفقرة الثانية من الطعن رقم / 01 / من الطعن رقم 0125 لسنة 21 بتاريخ 07

1970 سنة المكتب الفني 21 . الفقرة الثالثة من الطعن رقم 0002 لسنة 46 / 11 / 0199 لسنة 36 بتاريخ 24

. 1979 سنة المكتب الفني 30 / 03 / بتاريخ 19

154

بينما في الحالة الثانية أي حالة التزام المدين ببذل عناية، فالدائن عليه أن يثبت الخطأ لا

مجرد عدم التنفيذ( 499 )، لأن المدين يكفيه في الحالة الثانية أن يقرر أنه بذل العناية اللازمة ، أو

يدعي أنه بذل العناية اللازمة، مما ينقل عبء الإثبات على من يدعي الخطأ وهو الدائن.

المطلب الثالث: الآثار المترتبة على شرط تقصير مدة التقادم

يترتب على شرط تقصير مدة التقادم، أن الدائن لا يستطيع رفع دعوى المسؤولية ضد

المدين بعد المدة المتفق عليها. ويستطيع المدين التمسك بهذا التقادم كأحد الدفوع أمام القضاء

مستندا إلى شرط تقصير المدة الوارد في العقد.

2 ) من القانون المدني الوكيل باجر أن يبذل في تنفيذ / 499 ) قررت محكمة التمييز الموقرة بأنه:" ألزمت المادة ( 841 )

الوكالة عناية الرجل العادي، وحيث أن المحامي الوكيل قد احتصل لموكله ( المدعي ) على حكم قض ائي في دعوى

التعويض عن الاستملاك، وحتى يعتبر الوكيل مقصرا في تنفيذ الوكالة فلا بد أن يثبت الموكل انه كلفه بشيء محدد وقصر

في تنفيذه أو لم يقم به أصلا، وحيث أن محكمة البداية قنعت من البينات المقدمة أن الموكل لم يكلف المحامي الوكيل

بالطعن استئنافا بقرار محكمة البداية مع علمه ومعرفته به كما لم يقم بدفع الرسوم للوكيل لرفع هذا الطعن، كما رفض

توجيه اليمين الحاسمة للمحامي الوكيل حول هاتين الواقعتين بعد ما أفهمته المحكمة انه قد عجز عن إثباتهما فلا يكون

المحامي الوكيل طبقا للبينات المقدمة مقصرا في تنفيذ الوكالة وانه قد بذل العناية المطلوبة منه". تمييز حقوق رقم القرار :

1999 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1999 صفحة رقم: 3308 . كما جاء في قرار آخر لذات / 785

المحكمة: "يعتبر التعهد الصادر عن المدعى عليهما المتضمن المحافظة على حياة مكفولتهما وعدم تعريضها للخطر بأنه

التزام ببذل عناية وليس بتحقيق غاية. وبناء على ذلك فان الدعوى المقامة من النائب العام للمطالبة بقيمة الكفالة من

الكفيلين نتيجة مقتل مكفولتهما من قبل والدها لا تقوم على أساس لعدم إثبات أن المدعى عليهما قصرا أو أهملا بالمحافظة

1987 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة : 1987 صفح ة / على حياة المغدورة". تمييز حقوق رقم القرار: 689

. رقم: 862

155

الفصل الثالث

الشرط المشدد للمسؤولية العقدية

156

الفصل الثالث

الشرط المشدد للمسؤولية العقدية

أدرس في هذا الفصل، توضيح الشروط المعدلة في المسؤولية العقدية عبر تشديد تلك

المسؤولية، حيث أدرس، شرط ضمان السبب الأجنبي، في مبحث أول، فيما أدرس في المبحث

الثاني، الشرط القاضي بالتشدد في تقييم مسلك المدين، ثم أدرس في مبحث ثالث بعض تطبيقات

الشرط المشدد في المسؤولية، والضمان على حد سواء، وذلك في بعض العقود، وكذلك أدرس

القيود التي ترد على شروط الإعفاء.

المبحث الأول: شرط تحمل المدين السبب الأجنبي

أدرس في هذا المبحث شرط تحمل المدين السبب الأجنبي، حيث خصصت المطلب

الأول، للمقصود بالقوة القاهرة وشروطها وأثرها على العقد، وفي المطلب الثاني أدرس جواز

تحمل المدين السبب الأجنبي وتكييفه القانوني وأثره على عبء الإثبات وعلى المسؤولية.

المطلب الأول: المقصود بالسبب الأجنبي وأثره على العقد

السبب الأجنبي قد يكون قوة قاهرة أو حادثًا مفاجئًا، وقد يكون خطأ الغير أو خطأ

الدائن( 500 )، وفي هذه الأحوال لا تقوم مسؤولية المدين عن عدم التنفيذ.

وأدرس في هذا المطلب ما المقصود بهذه الحالات، ثم أدرس أثرها على الالتزام

العقدي. ونظرا لما تحتله القوة القاهرة من مكانة خاصة بين هذه الأسباب، حيث قد تتحقق

شروطها في فعل الغير وفعل الدائن، فإنني سأدرسها في الفرع الأول، فيما أدرس في الفرع

الثاني خطأ الدائن وخطأ الغير، ثم أثر السبب الأجنبي على العقد في الفرع الثالث.

500 ) بهذا المعنى المادة ( 165 ) مدني مصري، يقابلها نص المادة ( 181 ) من المشروع. )

157

الفرع الأول: المقصود بالقوة القاهرة وشروطها

عرفت محكمة النقض المصرية القوة القاهرة بأنها:" القوة القاهرة بالمعنى ال وارد في

المادة 165 من القانون المدني تكون حربًا أو زلزا ً لا أو حريقًا، كما قد تكون أمر إداريًا واجب

التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع"( 501 ). وعليه، فانه يشترط في القوة

القاهرة شرطان: الأول هو استحالة التوقع، والثاني هو استحالة الدفع، أدرسهما بإيجاز، إلى

جانب شرط الخارجية، الذي يعد ضروريا في الأحيان التي يكون فيها الحادث المفاجئ أو القوة

القاهرة أمرا داخليا.

-1 استحالة التوقع

يجب أن لا يكون في الإمكان توقع الحادث، ويستتبع عدم التوقع أن الفعل الطارئ

بطبيعته غير ممكن توقعه عقلا، فلا يعتبر قوة قاهرة ما يصح في حدود المألوف وقوعه كالمطر

في فصل الشتاء، وإنما يعتبر قوة قاهرة ما لا يمكن في حدود المألوف توقعه، كالفيضان الشاذ

في نهر معد للملاحة( 502 ). كما تعتبر القرارات الإدارية من قبيل القوة القاهرة، وقد قضت محكمة

التمييز الأردنية بأنه:" استقر الاجتهاد على أن الأوامر الإدارية الواجبة التنفيذ تعتبر قوة قاهرة

.( لأن شرطي استحالة التوقع واستحالة الدفع تتوافر بهما"( 503

ولا يمكن اعتبار واقعة ما قوة قاهرة دائما، فالحرب تعتبر أحيانا قوة قاهرة إذا كانت

.( غير متوقعة، أما إذا كانت الحرب قائمة، أو متوقع حدوثها فلا تعد من قبيل القوة القاهر ة( 504

1976 سنة المكتب الفني 27 . يمكن الرجوع / 01 / 501 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0423 لسنة 41 بتاريخ 29 )

للتعريف الفقهي للقوة القاهرة في رسالة: الجفين، عبد الهادي فهد علي: اثر القوة القاهرة على العقد في نطاق المسؤولية

والرابطة العقدية ودور الإرادة في تعديل الأثر المترتب عليها (دراسة مقارنة)، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة

. الكويت، 1999 ، ص 5. عامر وآخر، مرجع سابق، ص 392 . سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 382

.383- 502 ) عامر وآخر، مرجع سابق، ص 392 . بنفس المعنى: سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 382 )

1987 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1987 صفحة رقم: 2081 . وتمييز / 503 ) تمييز حقوق رقم القرار: 20 )

. 1990 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1990 صفحة رقم: 1798 / حقوق رقم القرار: 245

. 504 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 432 )

158

وعليه فإذا كانت الواقعة التي يتذرع بها لعدم تنفيذ الالتزام متوقعة فيصبح الادعاء بالقوة القاهرة

.( حقيقًا بالرد"( 505

ومعيار عدم التوقع هو معيار موضوعي( 506 )، وليس معيارًا ذاتي ًا( 507 )، أي أن معيار

.( التوقع يقاس بمعيار الرجل العادي، وهو المعيار الذي يأخذ به الفقه الغالب والقضاء( 508

والقضاء هو الذي يقدر إذا ما توافرت عناصر القوة القاهرة أم لا، كونها مسألة واقع،

وفي ذلك قضت محكمة التمييز الأردنية:" إن قيام القوة القاهرة في ظروف تنفيذ العقد هو من

.( الأمور الواقعية التي تقدرها محكمة الموضوع"( 509

-2 استحالة الدفع

يقصد باستحالة الدفع، أي انه يشترط أن لا يمكن مقاومة الحادث، ولا التغلب عليه حتى

يعتبر قوة قاهرة( 510 )، كذلك إذا كان المدين يستطيع تنفيذ التزامه رغم وجود القوة القاهرة فلا

يصح التمسك بها( 511 ). وفي السياق نفسه قضت محكمة النقض المصرية، بأنه طالما أمكن توقي

.( القوة القاهرة فلا مسوغ للتمسك بها( 512

. 1985 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1985 صفحة رقم: 1326 / 505 ) تمييز حقوق رقم: 461 )

. 506 ) فودة، عبد الحكم: إنهاء القوة الملزمة للعقد، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، ص 593 )

. 507 ) سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 383 )

. 508 ) المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 230 )

. 1982 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1982 صفحة رقم: 1150 / 509 ) تمييز حقوق رقم: 233 )

. 510 ) عامر وآخر، مرجع سابق، ص 394 )

511 ) وفي ذلك قضت محكمة التمييز الأردنية:" إن تعطيل الموتور العائد للشركة المتعاقدة وحده لا يشكل قوة قاهرة تحل )

/ الشركة من تنفيذ العقد، إذ يمكن تنفيذ العمل بغير الموتور المعطل، أي لا يستحيل التنفيذ". تمييز حقوق رقم القرار: 52

. 1978 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1978 صفحة رقم: 715

512 ) جاء في قرار محكمة النقض المصرية الموقرة: "يشترط في خطأ الغير الذي يعفى الناقل من المسئولية إعفاء كام ً لا، )

ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب. لما كان ذلك، وكان

الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الضرر قد نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ الغير، حالة أنه يشترط لاعتبار

الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه أو التحرر منه، ولما كان سقوط الأمطار وأثرها على الطريق الترابي،

في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الحادث في الدعوى المماثلة من الأمور المألوفة التي يمكن توقيها و لا

يستحيل على قائد السيارة المتبصر التحرر منها، و كان الخطأ المنسوب لقائد السيارة النقل قد انتفى بحكم جنائي قضى

159

ويقصد باستحالة دفع القوة القاهرة استحالة دفعها مطلقا، وليس استصعاب تنفيذ الالتزام

أو الإرهاق في تنفيذه جرائها( 513 ). كما ويذهب قضاء النقض المصري إلى أن المقصود

بالاستحالة هي الاستحالة المطلقة( 514 )، أما مجرد صعوبة التنفيذ فلا تعد من قبيل الاستحالة.

-3 الخارجية

يضيف البعض شرطا ثالثا، وهو (الخارجية) أي أن يكون الحادث خارجيًا، ولا يد

للمدين فيه أما إذا كان أمرا داخليا فلا يعفى منه، ويعد من قبيل الحادث المفاجئ الذي لا ينقضي

به الالتزام عند من يأخذون بالتفرقة( 515 ). ومذهب القضاء الفرنسي هو أن العيب الداخلي للشيء

لا يعد حادثا مفاجئا( 516 )، فإذا أصيب المسافر في أثناء النقل جراء عيب في الناقلة لم يستطع

الناقل كشفه ألقى القضاء الفرنسي والمصري المسؤولية على الناقل( 517 ). وقد ذهبت محكمة

النقض السورية إلى أنه:" استقر اجتهاد محكمة النقض على أن انفجار العجلة في السيارة المؤدي

إلى تدهورها لا يشكل قوة قاهرة تعفي من المسؤولية طالما الحادث من داخل السيارة لا من

.( خارجها"( 518 )و( 519

ببراءته والتزام الحكم المطعون فيه بحجيته في هذا الخصوص فإنه إذ قضى برفض دعوى الطاعنين بمقولة أن الحادث

وقع بسبب أجنبي لا يد لقائد الأتوبيس فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون" الفقرة الثانية من الطعن رق م 0784 لسنة

. 1979 سنة المكتب الفني 30 / 03 / 45 بتاريخ 07

. 1975 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1975 صفحة رقم: 512 / 513 ) تمييز حقوق رقم القرار: 61 )

514 ) نقض مدني 3 نوفمبر 1955 ، مجموعة أحكام النقض، س 6 رقم 199 ص 1473 . استئناف مختلط في 8 )

1991 . موسوعة مبادئ النقض في المسؤولية المدنية /1/ 232 ص 159 . طعن 865 لسنة 53 ق جلسة 30 ، فبراير 1911

للمستشار احمد هبة، ص 167 . مشار إليها في: المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 240 . على عكس ذلك: الشرقاوي،

. جميل: النظرية العامة للالتزام- أحكام الالتزام، القاهرة، دار النهضة العربية، 1992 ، ص 361

.225- 515 ) في تفصيل ذلك: المحاقري، إسماعيل: مرجع سابق، ص 224 )

. 516 ) دسوقي، محمد: تقدير التعويض، مرجع سابق، ص 266 )

، 517 ) زكي، الوجيز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978 )

.385- ص 384

2005 على شبكة الانترنت: /7/ 2003 منشور بتاريخ 20 /4/ 518 ) محكمة النقض الرابعة في 28 )

http://www.mybiznas.com/abdlaw/new_page_84.htm

. 1983 سنة المكتب الفني 34 / 05 / 519 ) الفقرة الأولى من الطعن رقم 1529 لسنة 49 بتاريخ 25 )

160

ذلك إن المتعاقد مسؤول عن فعل الأشياء. كما لا يتحقق شرط الخارجية إذا كان الفعل

.( منسوبا إلى أتباع المدين( 520

وهو موقف القانون التجاري المصري، الذي اعتبر الحوادث التي تنتج عن وسيلة النقل

بسبب احتراقها أو خروجها عن القضبان المعدة لها أو انفجارها من الحوادث التي ترجع إلى

.( الأدوات ولا تعد من قبيل الحوادث المعفية( 521

وقد ميز مشروع التجارة بين القوة القاهرة التي هي حوادث خارجية تجعل تنفيذ الالتزام

مستحيلا ولا يمكن توقعها ولا يمكن دفعها أو تجنبها وبين الحوادث الجبرية التي هي حوادث

داخلية خاصة بالمدين"( 522 ). وعليه، فأن القوة القاهرة يجب أن تكون حدثا خارجيا، وإلا فلا يعتد

بها.

الفرع الثاني: خطأ الدائن وخطأ الغير

كما ويعد من قبيل السبب الأجنبي؛ خطأ الدائن وخطأ الغير، أدرسهما تباعا.

أولا: خطأ الدائن

يرتب خطأ الدائن أثره، إذا اثبت المدعى عليه في دعوى المسؤولية، أن الدائن قد تسبب

.( بخطئه في إحداث الضرر الذي أصابه، أو باستفحال ذلك الضرر بإهماله( 523

ومثال ذلك أن يتأخر الدائن عن تسلم البضاعة التي تقبل التلف في ظروف جوية تساعد

على ذلك فتتلف البضاعة نتيجة هذا التأخر، ففي هذه الحالة ينقضي التزام المدين بالتسليم بسبب

خطأ الدائن( 524 )، ويكون للأول المطالبة بالتعويض عن الإخلال بالالتزام.

. 520 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 434 . الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 10 )

521 ) بهذا المعنى المادة ( 214 ) تجارة مصري. )

. 522 ) المذكرات الإيضاحية لمشروع التجارة، ص 209 )

523 ) الجمال، مصطفى وأبو السعود، رمضان محمد وسعد، نبيل إبراهيم: مصادر وأحكام الالتزام ، بيروت، منشورات )

. الحلبي الحقوقية، 2003 ، ص 360

524 ) وهو بهذه الصفة مدين بالاستلام. )

161

من خطأ( 525 ). على أنه إذا استغرق أحد الخطأين الآخر فيتحمل المسؤولية صاحب الخطأ

المستغرق( 526 ). على انه إذا كان أحد الخطأين ناتجا عن خطأ الآخر، فيتحمل المسؤولية من

.( يتسبب بالخطأ الأول( 527

ويبقى أن أقول إنه قد يكون فعل الدائن غير خاطئ، وفي هذه الحالة ترتفع المسؤولية

عن المدين إن توفرت في هذا الفعل شروط القوة القاهرة( 528 )، فإذا توفر في فعل الدائن غير

الخاطئ شروط القوة القاهرة، عد فعله بمثابة قوة قاهرة وطبقت أحكامها على هذا الالتزام.

ثانيا: خطأ الغير

هناك خلاف حول اشتراط أو عدم اشتراط خطأ الغير حتى يعد من قبيل السبب الاجنبي.

فهناك من يرى؛ أنه يجب أن يكون فعل الغير خاطئًا، إذا اشترك مع خطأ المدعى عليه في

إحداث الضرر حتى يتخلص الأخير من التعويض بمقدار ما تسبب به الغير. فيما يذهب الرأي

الآخر إلى أنه لا يشترط أن يكون ذلك الفعل خاطئًا حتى في حالة اشتراك المدعى عليه (المدين)

.( بإحداث الخطأ، فيكفي أن يثبت الأخير أن فعل الغير أسهم في إحداث الضرر( 529

وأرى أنه يجب أن يتوفر في فعل الغير أحد شرطين: فإما أن يكون خاطئًا، وإما أن

تتوافر فيه شروط القوة القاهرة. فإذا توافرت في ذلك الفعل صفة الخطأ فيعد ذلك الفعل من قبيل

السبب الأجنبي( 530 ). وإذا توافر فيه شرطي عدم الدفع وعدم التوقع، فهو في هذه الحالة يعد من

قبيل القوة القاهرة والحادث المفاجئ، وهو سبب أجنبي أيضا.

. 525 ) أبو ستيت، احمد حشمت: نظرية الالتزام في القانون المدني، مصر، مكتبة عبد الله وهبة، 1945 ، ص 262 )

. 526 ) ألعدوي، جلال علي: أصول الالتزامات، مصادر الالتزام، الإسكندرية، منشاة المعارف، 1997 ، ص 466 )

. 527 ) بهذا المعنى: الجمال وآخرون، مرجع سابق، ص 361 )

. 528 ) ألعدوي، مصادر الالتزام، المرجع السابق، ص 464 )

.118- 529 ) مأمون، عبد الرشيد: علاقة السببية في المسؤولية المدنية، القاهرة، دار النهضة العربية، دون سنة، ص 117 )

530 ) أوجبت المادة ( 165 ) مدني مصري أن يكون فعل الغير خاطئًا. )

162

الفرع الثالث: اثر السبب الأجنبي على العقد

يترتب على قيام السبب الأجنبي سواء أكان قوة قاهرة أم خطأ الدائن أم خطأ الغير،

انقضاء الالتزام الملقى على عاتق المدين بموجب العقد. ذلك انه ينقضي العقد تبعا لوجود ذلك

السبب، وقد قضت محكمة النقض المصرية الموقرة:" القوة القاهرة بالمعنى الوارد في الماد ة

165 من القانون المدني تكون حربًا أو زلزا ً لا أو حريقًا، كما قد تكون أمر إداريًا واجب التنفيذ،

بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع، وينقضي بها التزام المدين من المسئولية

العقدية"( 531 ). فإذا حصلت الاستحالة ينقضي الالتزام، وقد نصت على ذلك المادة ( 373 ) مدني

مصري التي جاء فيها:" ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب

.( أجنبي لا يد له فيه"( 532

والمادة ( 373 ) مدني مصري تقرا إلى جانب المادة ( 215 ) من نفس القانون التي جاء

فيها:" إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما

.( لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه"( 533

ونصا القانون المدني المصري ( 373 ) و( 215 ) يجب أن يقرأا إلى جانب نص المادة

159 ) مدني مصري حيث جاء فيها:" في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب )

استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه"( 534 ). وهذا النص

كما هو واضح يوضح حكم الاستحالة، وحكمها كما هو وارد في النص (الانفساخ)، ذلك أن العقد

. 1976 سنة المكتب الفني 27 / 01 / 531 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0423 لسنة 41 بتاريخ 29 )

532 ) يقابل هذا النص، نص المادة ( 409 ) من المشروع التي جاء فيها:" ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح )

مستحيلا عليه لسبب أجنبي عنه". يلاحظ أن نص المشروع استثنى العبارة الأخيرة التي أوردها النص المصري وهي (لا

يد له فيه). ولم توضح المذكرة الإيضاحية للمشروع سبب استثناء تلك العبارة من النص رغم انه ورد في الم ذكرة

.( الإيضاحية: "ويجب أن تعود استحالة التنفيذ إلى سبب أجنبي لا يد للمدين فيه. (المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 480

إلا أن المشروع أضاف عبارة ( لا يد له فيه) في المادة ( 237 ) منه.

533 ) أضافت المادة ( 237 ) من المشروع فقرة إضافية إلى ما ورد في 215 المدني المصري، حيث جاء في نص )

المشروع:" إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة

التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه أو نفذه تنفيذا جزئيا أو

معيبا".

534 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 172 ) منه. )

163

ينفسخ، ولا يتحمل المدين تبعا لهذا الانفساخ أية مسؤولية عقدية( 535 ). وشروط الانفساخ هي :

استحالة التنفيذ استحالة مطلقة، وأن تكون هذه الاستحالة في تاريخ لاحق لقيام العقد، ذلك أن

وجود الاستحالة وقت العقد يعني أن العقد لم ينعقد فهو باطل. وأن تكون الاستحالة كاملة، أما إذا

كانت جزئية فيثبت الخيار للدائن بين الفسخ والتنفيذ العيني لما بقي من محل الالتزام، وهذه

المسألة على تفصيل أعرض له أدناه. ويشترط كذلك أن تكون الاستحالة لسبب أجنبي لا يد

للمدين فيه، أما إذا كان لأحد المتعاقدين يد في الاستحالة فلا ينفسخ العقد، ويصار إلى التنفيذ

.( بطريق التعويض إن كان له مقتضى( 536

وقد تصيب الاستحالة بسبب أجنبي جزء من العقد، وهي ما تعرف بالاستحالة الجزئية،

وفي هذه الحالة لا ينفسخ العقد بحكم القانون بكليته، بل يجب على الدائن إذا أراد فسخ العقد أن

1) من المشروع / يلجأ إلى القضاء من أجل هذه الغاية، وقد نصت على هذا الحكم المادة ( 173

التي جاء فيها: "إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا في جزء منه جاز للدائن التمسك بانقضاء ما

يقابله من التزام أو يطلب من المحكمة فسخ العقد". فللدائن حق في التمسك بالانقضاء الجز ئي

للعقد، إلا أنه لا يملك فسخ العقد بكليته إلا بواسطة القضاء، ومثاله هلاك جزئي في المبيع،

فالقاضي لن يحكم بالفسخ إلا إذا وجد أن النقص الذي استحال تنفيذه من الجسامة بحيث لو علم

1) من المشروع لا مقابل له في المدني / به المشتري قبل العقد لما تعاقد( 537 ). ونص المادة ( 173

المصري، وحسنا فعل المشروع بإضافة هذا النص. ويذهب الفقه المصري إلى انه إذا كانت

الاستحالة جزئية في التنفيذ لا تمس سوى بعض التزامات المدين، فإن المدين يعفى في حدود

الاستحالة، أما باقي الالتزامات فتبقى قائمة( 538 ). وهو ما نصت عليه المادة ( 173 ) من

.( المشروع( 539

. 535 ) فودة، إنهاء القوة الملزمة للعقد، مرجع سابق، ص 597 )

. 536 ) ألشواربي، عبد الحميد: فسخ العقد في ضوء القضاء والفقه، ط 3، الإسكندرية، منشاة المعارف، 1997 ، ص 54 )

. 537 ) أبو ملوح، موسى: مرجع سابق، ص 274 )

. 538 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 437 )

539 ) عالج المدني الأردني الاستحالة الجزئية، إلا انه منح الدائن السلطة في فسخ العقد بعد إعلام المدين، حيث نصت )

المادة ( 247 ) مدني أردني بأنه:" في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا انقضى معه

الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه فإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل ومثل

164

وأرى أن موقف المشروع كونه لم يمنح الدائن سلطة فسخ العقد من تلقاء نفسه، قد حافظ

على التوازن في المصالح بين الطرفين، فاعتبر العقد منفسخا فيما يتعلق بالجزء المستحيل، وفي

ذلك مراعاة لجانب الدائن. كما سلب الدائن الحق في فسخ العقد بكليته إلا عن طريق القضاء، -

أو عن طريق الاتفاق بالطبع لكن ليس بإرادة الدائن وحده- وفي ذلك مراعاة لجهة المدين.

على أنه في حالة الاستحالة الجزئية يجب على القاضي أن يطبق القاعدة العامة في

.( إنقاص العقد الواردة في المادة ( 143 ) مدني مصري( 540

كما قد يقتصر أثر الاستحالة على مدة معينة في عقود المدة، وهو ما يعرف بالاستحالة

2) التي جاء فيه ا:" إذا كانت / الوقتية، وقد عالج المشروع الاستحالة الوقتية في المادة ( 173

الاستحالة وقتية في العقود المستمرة جاز للدائن أن يطلب من المحكمة فسخ العقد ". يلاحظ أن

هذه المادة لم توضح مصير الفترة الفاصلة بين الاستحالة وبين طلب الفسخ، وهنا يرجع إلى

القاعدة العامة في أن انقضاء التزام ينقضي معه الالتزام المقابل.

ويترتب على انفساخ العقد الملزم للجانبين، إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها

قبل العقد. وفي ذلك تقول المادة ( 160 ) مدني مصري:" إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة

( التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض". يطابقها نص المادة ( 174

من المشروع. وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع:"يترتب على فسخ العقد بالاتفاق أو

بحكم أو بنص القانون انعدامه وعده كأن لم يكن، سواء بالنسبة للماضي أو المستقبل هذا

بخصوص العقود الفورية، ولا يجري الحكم على العقود المستمرة حيث يقتصر أثره على

المستقبل ولا يتناول الماضي، فمثلا إذا فسخ عقد بيع وهو من العقود الفورية فيعني هذا إعادة

المتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد، إذ يجب على كل منهما أن يرد ما استلمه نتيجة العقد .

الاستحالة الجزئية الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة وفي كليهما يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين ". وقد

تعرض موقف المدني الأردني للنقد من قبل الفقه، وفي ذلك يقول الأستاذ أنور سلطان: (ما دام الأمر يتعلق بالفسخ وليس

بالانفساخ، فيجب اللجوء إلى القضاء حتى لا يتعسف الدائن في استعمال حق الفسخ … إن الاستحالة الجزئية في تنفيذ

. الالتزام قد تكون من التفاهة أو البساطة بحيث لا تستأهل فسخ العقد) سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 298

.( 540 ) يقابلها في المشروع المادة ( 141 )

165

وإذا فسخ عقد الإيجار- وهو من العقود الزمنية- فلا يسري الفسخ على الماضي، بل يسري

على المستقبل وهذا يعني أن ما ترتب من آثار على هذا العقد لا يمس بل يظل قائما، ولذلك فان

الأجرة في عقد الإيجار الذي فسخ، والتي استحقت عن المدة السابقة لوقوع الفسخ، تأخذ صفة

الأجرة لا صفة التعويض، ويرجع ذلك إلى أن طبيعة العقود المستمرة تعني عد الزمن ركن فيه،

.( وما فات منه لا يمكن الرجوع فيه"( 541 )و( 542 ). وهو ما ذهبت اليه محكمة التمييز الاردنية( 543

ويذهب غالبية الفقه والقضاء، إلى أن الفسخ في العقود الزمنية لا يرتب آث اره إلى

الماضي أيضا( 544 ). بل ويذهب رأي إلى أبعد من ذلك، حيث يرى الفقيه البلجيكي (دي باج) أنه

ليس هناك مبرر لرجعية أثر الفسخ –حتى- في العقود الفورية، ذلك أنه لو طبقنا نظرية تحمل

التبعة، فان الانفساخ يحدث أثره كمبدأ من اللحظة التي حدث فيها العائق الذي جعل ت نفيذ

الالتزامات مستحيلا( 545 ). إلا أن غالبية الفقه الفرنسي والمصري، تذهب إلى القول برجعية أثر

الفسخ في العقود الفورية( 546 ). ويجب باعتقادي في هذا المقام التفرقة بين الاستحالة الكاملة، وبين

الاستحالة الجزئية، فإذا كانت الاستحالة كاملة، سرى أثر الانفساخ بشكل رجعي لتعذر أي تنفيذ.

أما في الاستحالة الجزئية، فإنني أرى أنه يجب عند الأخذ بالأثر الرجعي أو بالأثر المستقبلي

للانفساخ في العقود الفورية، مراعاة ما تم تنفيذه من العقد، فإذا كان ما تم تنفيذه قبل تحقق

الاستحالة لا يتأثر بها، سرى الانفساخ بأثر مستقبلي، أما إذا كان ما تم تنفيذه يتأثر بالاستحالة،

فيسري الأثر بشكل رجعي.

.197- 541 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 196 )

542 ) أنا لا أتفق مع هذه العلة، فباعتقادي انه يمكن الرجوع حتى في العقود المستمرة، وإلا كيف نتصور إعادة الحالة التي )

كانت عليها في العقد الباطل؟ وإنما تكمن العلة في أسباب أخرى سنعرض لها في السياق.

. 1987 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1987 صفحة رقم: 2081 / 543 ) تمييز حقوق رقم القرار: 20 )

. 544 ) زكي، الوجيز، مرجع سابق، ص 417 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 727 )

. 545 ) مشار إليه: فودة، القوة الملزمة، مرجع سابق، ص 598 ، الحاشية رقم 1 )

546 ) سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 299 . أبو ملوح، موسى: مرجع سابق، ص 275 . فودة، القوة الملزمة، )

. مرجع سابق، ص 598 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 598

166

ويتحمل المدين تبعة الاستحالة، فإذا هلك المبيع لسبب أجنبي ( 547 )، لا يستطيع البائع

مطالبة المشتري بشيء، وإنما للمشتري رد الثمن إن كان سلمه للبائع، فان لم يكن قد سلمه بعد،

.( فلا شيء عليه، لأن التزامه يكون قد انقضى بانقضاء الالتزام المقابل، وهو تسليم المبيع ( 548

كذلك يتحمل المؤجر تبعة هلاك المأجور، ولا يتحمل المستأجر عن الفترة اللاحقة للهلاك أي

شيء.

هذا في العقد الملزم لجانبين، أما في العقد الملزم لجانب واحد، فالحكم مختلف، حيث

يتحمل الدائن تبعة الهلاك، ففي عقد الوديعة بغير اجر، إذا هلك الشيء المودع لدى المودع لديه

.( بسبب أجنبي، عندئذ ينقضي التزام المودع لديه (المدين) ويتحمل الدائن بالتالي تبعة الهلاك( 549

المطلب الثاني: جواز ضمان المدين للسبب الأجنبي وتكييفه القانوني وأثره

أدرس في هذا المطلب ثلاث مسائل، حيث أدرس جواز ضمان( 550 ) المدين القوة القاهرة،

في فرع أول، ثم في الفرع الثاني أدرس خصوصية تتعلق بالاتفاق على تحمل خطأ الدائن وخطأ

الغير. وفي الفرع الثالث أدرس ألتكييف القانوني لضمان المدين القوة القاهرة والحادث الفجائي.

كما أن مثل هذا الاتفاق يرتب آثارا على عبء الإثبات والمسؤولية، وهو ما سأدرسه في الفرع

الرابع.

547 ) قررت محكمة النقض المصرية:" قاعدة الهلاك على المالك إنما تقوم إذا حصل الهلاك بقوة قاهرة - أما إذا نسب إلى )

/ 06 / البائع تقصير فإنه يكون مسئولا عن نتيجة تقصيره" الفقرة السابعة من الطعن رقم 0379 لسنة 22 بتاريخ 28

. 1956 سنة المكتب الفني 07

. 548 ) الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 442 . سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 299 )

549 ) منصور، امجد محمد: النظرية العامة للالتزامات ، ط 1، عمان، الدار العلمية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر )

. والتوزيع، 2001 ،ص 218

550 ) درج الفقهاء والشراح على استعمال عبارة (تحمل القوة القاهرة أو تحمل السبب الأجنبي) بدلا من عبارة (ضمان القوة )

القاهرة أو ضمان السبب الأجنبي)، ونحن سنستعمل (ضمان) أو (تحمل) بذات المعنى بحسب السياق، ذلك أن الأصل

يقتضي استعمال كلمة (ضمان) وليس (تحمل) لان عبارة (تحمل) تفهم على أنها تتعلق بتحمل القوة القاهرة، وهي مس ألة

لها مفهوم خاص سبق لنا تناوله. وهي باختصار تعني أن يتحمل كل من طرفي العقد ما نتج جراء استحالة التنفيذ، وهذا

المعنى ليس هو المقصود. بل المقصود من (تحمل) في سياق (شرط تحمل المدين السبب الأجنبي أو القوة القاهرة) ذلك

المعنى الذي يفيد أن يبقى المدين مسؤولا عن عدم التنفيذ وما ينتج عنه من أضرار في جهة الدائن.

167

الفرع الأول: جواز شرط ضمان المدين القوة القاهرة

يرى الفقه الفرنسي جواز الاتفاق على تعديل أثر القوة القاهرة، بحيث لا يترتب على

طروئها براءة ذمة المدين من التزامه( 551 ). كما ويذهب غالبية الفقهاء والشراح المصريين إلى

.( جواز مثل هذا الاتفاق( 552

إلا أن هذا الجواز كان محل نقد من قبل البعض، ووجه النقد يكمن في أنه لما كان لا

يستطيع الأطراف أن يتفقوا على خلاف أحكام الظروف الطارئة( 553 )، ولما كانت الظروف

الطارئة أقل تأثيرا على الالتزام -حيث تجعله مرهقا- من القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الالتزام

مستحيلا، فيجب تبعا لذلك، ألا يُجاز الاتفاق على خلاف أحكام القوة القاهرة التي هي أشد،

ويعتبر هذا الاتجاه أن القوة القاهرة، كالظروف الطارئة متعلقة بالنظام العام، وأن هناك تناقضًا

.( في مبادئ القانون( 554

ويبرر البعض جواز الاتفاق على خلاف أحكام القوة القاهرة وعدم جوازه فيما يتعلق

بالظروف الطارئة في أن القوة القاهرة يجوز التأمين عليها( 555 )، (أي التأمين على ما ينتج عنها

من ضرر). ويؤخذ على هذا الرأي مجافاته للواقع، حيث يجوز التأمين أيضا على المسؤولية

الناتجة عن الظروف الطارئة.

فيما يبرر البعض الآخر تعلق الظروف الطارئة بالنظام العام دون القوة القاهرة، في أن

المشرع شعر بأن الحكم الذي استحدثه بشان الظروف الطارئة حكم لم يألفه الناس بعد، وكونه

. 551 ) زكي، الوجيز، مرجع سابق، ص 387 )

552 ) تناغو، نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 161 . مرقس، الوافي، ج 2،مرجع سابق، ص 645 . عامر وأخر، مرجع )

. سابق، ص 576 . أبو السعود، مبادئ الالتزام، مرجع سابق، ص 230 . فرج، النظرية العامة ، مرجع سابق، ص 403

ألاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 465 . الصدة، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 421 . الشرقاوي، النظرية

. العامة، مرجع سابق، ص 423

553 ) للتفصيل في تعريف وشروط الظرف الطارئ وأنواعه: عنبر، محمد عبد الرحمن: الوجيز في نظرية الظروف )

الطارئة، القاهرة، مطبعة زهران، 1978 ، ص 19 وما بعدها.

554 ) بهذا المعنى: الترمانيني، عبد السلام: نظرية الظروف الطارئة- دراسة تاريخية ومقارنة في تقنينات البلاد العربية ، )

. دمشق، دار الفكر، 1971 ، ص 175

. 555 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 649 ، الحاشية رقم 2 )

168

فيه حرمان للدائنين من مزية قديمة، فخشي أن يعمد الدائنون إلى التخلص منه بالاتفاق على ما

يخالفه فنص على بطلان مثل هذا الاتفاق، أما حكم القوة القاهرة فهو حكم تقليدي مستقر في

النفوس من أزمنة طويلة ولا يخشى أن يعمل الناس على إبطاله بصفة عامة، فأجيز لهم الاتفاق

.( على ما يخالفه( 556

وأعتقد، أن ما يميز الظرف الطارئ ويجعله محط اهتمام المشرع، وبالتالي يربطه في

مفاهيم النظام العام، هو صفة العمومية التي لا يشترط توفرها في القوة القاهرة، فيجب أن تكون

الواقعة أو الحالة غير المألوفة أو غير الطبيعية، يجب أن تكون عامة( 557 ). وهذه الصفة هي

باعتقادي- ما يجعل للظرف الطارئ أهمية خاصة لدى المشرع، أما القوة القاهرة، فتثبت دو ن

أن يتوافر فيها وصف العمومية، مما يجعل أثرها عادة منصب على علاقة بين طرفين أو عدة

أطراف لكن لا ترتقي إلى العمومية عادة، وبهذه الحالة لا ترتقي القوة القاهرة إلى مرتبة النظام

العام لأن أثرها وقع محدودا ولا أثر له على استقرار معاملات المجتمع أو جزء كبير منه، وهذا

النوع من القوة القاهرة يمكن دعوته بالقوة القاهرة (الخاصة).

إلا أن هذا لا يعني أنه لا تتوفر في حدوث القوة القاهرة صفة العمومية –أحيان ا- من

الناحية الواقعية، فإذا كانت القوة القاهرة حربا أو زلزالا، هنا أعتقد أن مثل هذا الحدث القاهر

يعد متعلقا بالنظام العام، ذلك أن العمومية تفرض مصلحة المجتمع، والإخلال بهذه المصلحة هو

إخلال بالنظام العام، وعليه فلا يجوز الاتفاق على خلاف القوة القاهرة بهذا المعنى، وقد يقول

البعض بأن أثر الاتفاق على خلاف القوة القاهرة سيقتصر على أطراف العقد ولن يمتد إلى

المجتمع، وهذا صحيح من حيث أنه توفر حالات محدودة من مثل هذا الاتفاق، إلا انه لا يمكن

القول بهذا المنطق إذا ما نظرنا إلى الأمر نظرة أعمق، فان انتشار مثل هذا الاتفاق ضمن حالة

عامة تصيب المجتمع بالفوضى -هي القوة القاهرة العامة- يعد من قبيل المخاطرة باستقرار

المجتمع والمحافظة على هدوئه وكيانه متماسكا.

. 556 ) مرقس، سليمان: شرح القانون المدني، ج 2، في الالتزامات، القاهرة، مطبعة النهضة، 1964 ، ص 228 )

. 557 ) للتفصيل في شرط العمومية: عنبر، محمد: مرجع سابق، ص 19 )

169

وباعتقادي، فقد وقع المشرع في تناقض عندما، أجاز الاتفاق على خلاف أحكام القوة

.( القاهرة –العامة- فيما اعتبر ذلك من النظام العام فيما يتعلق بالظرف الطارئ( 558

ويرجع التناقض -باعتقادي- في المدني المصري، إلى أن المشرع المصري أخذ بأحكام

الظرف الطارئ من نظام قانوني اجتماعي الطابع، فيما أخذ بالنص المتعلق بالقوة القاهرة من

نظام قانوني فردي الطابع. ذلك أن نظرية الظروف الطارئة في القوانين الغربية تستمد أساسها

من القانون الكنسي، ذي الطابع الاجتماعي، وقد ضعفت هذه النظرية عندما استقر مبدأ سلطان

الإرادة، ولم يأخذ القانون الفرنسي بهذه النظرية لهذا السبب( 559 ). وأعتقد أن المدني المصري

تأثر بالقوانين الكنسية الأوروبية فيما يتعلق بنظرية الظروف، إضافة إلى تأثره بالفقه الإسلامي،

.( حيث أن هذه النظرية معروفة عند الفقهاء المسلمين منذ القدم( 560

وقد أجاز المدني المصري والمشروع الاتفاق على خلاف أحكام القوة القاهرة، بحيث

1): "يجوز الاتفاق على أن يتحمل / يتحمل المدين تبعتها (ضمانها)، فقد جاء في المادة ( 217

المدين تبعة الحادث المفاجئ والقوة القاهرة". وقد توسع المشروع في هذه المسألة، حيث جاء في

2) مدني مصري على انه:" ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها / 558 ) نصت المادة ( 147 )

وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز

للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. ويقع باطلا كل اتفاق

على خلاف ذلك". بنفس المعنى نص المادة( 151 ) من المشروع.

. 559 ) احمد، محمد: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 147 )

560 ) أشير هنا إلى أن القانون الروماني لم يعرف نظرية الظروف الطارئة وهو ما يبين تميز الفقه الإسلامي في هذه )

المسألة. حيث هذه النظرية معروفة ولها تطبيقات مختلفة في الفقه الإسلامي، منها نظرية العذر في عقد الإيجار . ومن

تطبيقات نظرية العذر ما جاء في حاشية ابن عابدين:" والحاصل أن كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر

1252 هجري ): رد - يلحقه في نفسه أو ماله يثبت له حق الفسخ". ابن عابدين (محمد أمين الشهير بابن عابدين 1198

. المحتار على الدر المختار ( حاشية ابن عابدين)، ج 5، مصر، المطبعة الميمنية، سنة 1286 هجرية، ص 76

170

2) منه:" يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين السبب الأجنبي"( 561 ). ويدخل في / المادة ( 238

.( مفهوم هذه المادة القوة القاهرة والحادث الفجائي وخطأ الغير وخطأ الدائن( 562

ويقصد بتحمل (بضمان) المدين تبعة القوة القاهرة والحادث المفاجئ، ليس مفهوم تحمل

التبعة الذي يقصد منه تحمل كل طرف ما عاد عليه من خسارة نتيجة القوة القاهرة، كان يتحمل

البائع هلاك المبيع فيهلك عليه، ويتحمل المشتري خسارة عدم التسلم، إنما المقصود من تحمل

التبعة في هذا المقام، أن يبقى المدين ضامنا لعدم التنفيذ رغم أن القانون يعفيه من عدم التنفيذ .

حيث لا يتصور في هذه الحالة إلا التنفيذ بطريق التعويض، ذلك أن التنفيذ العيني غير ممكن .

ويترتب على هذا الاتفاق أن يعوض البائع المشتري عن عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن القوة

القاهرة والحادث المفاجئ.

ويأخذ الاتفاق على تحمل (ضمان) القوة القاهرة ثلاث صور على الأقل؛ فقد يتم الاتفاق

على أن القوة القاهرة بوجه عام لا تخلي مسؤولية المدين من تنفيذ التزامه. أو أن يتم الاتفاق

على أن هناك حوادث معينة دون غيرها هي التي تخلي مسؤولية المدين أما غيرها فلا يخلي

مسؤوليته. وقد يتفق الأطراف على أن مسؤولية المدين تبقى قائمة في ظل حوادث معينة دون

أخرى. وقد أجازت محكمة النقض المصرية الاتفاق على تحميل المدين المسؤولية الناشئة عن

قوة قاهرة، فقضت بأنه:" ليس هناك ما يمنع قانونا من اشتراط تحميل المتعهد مسؤولية العجز

عن الوفاء الناشئ عن قوة قاهرة إذ لا مخالفة في هذا الاتفاق للنظام العام، فان المتعهد يكون في

.( هذه الحالة كشركة التأمين التي تقبل المسؤولية عن حوادث القوة القاهرة"( 563

561 ) استعمل القانون المدني المصري والمشروع عبارة(تحمل) وليس (ضمان) وكان الأفضل استعمال كلمة (ضمان) لان )

مدلولها أكثر دقة، على خلاف (تحمل) التي يمكن حملها على معنى آخر.

562 ) لا تجيز مجلة الأحكام العدلية الاتفاق على تضمين المدين القوة القاهرة، فالضمان لا يكون إلا إذا نتج عن تقصير أو )

تعدي، وفي ذلك تقول المادة ( 768 ): "الأمانة غير مضمونة يعني على تقدير هلاكها أو ضياعها بدون صنع الأمين

وتقصيره ولا يلزم الضمان".

، 1945 ج 2، في 25 سنة ص 849 . مشار إليه: طلبة، أنور: الوسيط في القانون المدني، ج 2 /10/ 563 ) نقض مصري، 29 )

. الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 1998 ، ص 576

171

كما قد يحمل شرط تحمل (ضمان) المدين المسؤولية عن عدم التنفيذ في أوضاع معينة،

على انه شرط مشدد فيما هو في حقيقته شرط مخفف للمسؤولية، ونناقش في هذا السياق قرار

. صدر في نزاع عرض على محكمة باريس سنة 1990

وتتلخص وقائع النزاع في أن شركة حراسة أبرمت عقدا مع شركة أخرى بموجبه تلتزم

الشركة الأولى بحراسة أجهزة ومكان الشركة الثانية، وجاء في أحد البنود ( تم الاتفاق صراحة

بين الأطراف على اعتبار الحوادث الآتي ذكرها قوة قاهرة تعفي الحارس من المسؤولية وهذه

الحوادث هي الظواهر الطبيعية كالعواصف والأعاصير والزوابع وغيرها) وأثناء تنفيذ عقد

الحراسة حدث إعصار أدى إلى تغطية شاشات المراقبة وحجب الرؤية فيها وتعرضت بالتالي

الأجهزة محل الحراسة للسرقة من قبل مجهولين ولم تتمكن شاشات المراقبة من اكتشافهم .

تمسكت شركة الحراسة بالقوة القاهرة باعتبار أن الحادث وهو الإعصار متفق على اعتباره قوة

قاهرة تعفي الحارس من مسؤوليته. ولكن المحكمة رفضت الدفع، وقضت بأن حالة الإعصار لا

تعتبر بذاتها حدثا غير متوقع، وان الإعصار لا يمكن أن يشكل قوة قاهرة إلا إذا توافر فيه

مفهوم الإكراه الاستثنائي الذي يتوجب إثباته، ومن ثم فان ذلك الاضطراب الهوائي ليس من

شانه أن يسلب جهاز المراقبة قدرته على مراقبة المكان.

وقد علق الفقيه الفرنسي (جوردان) على هذا الحكم معتبرا أن المحكمة قامت بتفسير

إرادة الأطراف وقد اتجهت عند تعداد الأحداث المكونة للقوة القاهرة إلى ضرو رة أن تتوافر

عناصرها وخصوصا عنصر عدم التوقع، وتعداد الأطراف لتلك الأحداث لا يسلب المحكمة

.( سلطتها في تكييف القوة القاهرة على الأحداث المتفق عليها في العقد( 564

وأرى أن هذا الشرط في حقيقته ليس شرطا مشددا لمسؤولية المدين، بل هو مخفف لها،

وأقول كان يجدر على المحكمة الموقرة أن تفسر الشرط على هذا النحو، أي أن تعتبر أن

الأطراف توسعوا في الحالات التي تعد معفية من المسؤولية في العقد المذكور، فالشرط المذكور

فيما يتعلق بالأعاصير هو شرط إعفاء، أما وصف هذه الحالات بأنها قوة قاهرة، فلا عبرة له،

.170- 564 ) مشار إليه: الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 169 )

172

لأن العبرة تكون في تكييف المحكمة لهذه الحوادث، ولما كان الشرط قد ورد على إعفاء المدين

في الأحوال المذكورة في الشرط، وجب على القضاء احترام اتفاقهم، وتكييفه على النحو

المذكور، دون الأخذ بالوصف الذي أضفاه الأطراف على الأحوال محل الشرط ( 565 )، أي دون

اعتبار لما أورده المتعاقدون من وصف لتلك الأحوال من أنها قوة قاهرة، بل تفسير إرادتهم على

أنها اتجهت إلى ما دون القوة القاهرة من أحوال وهي التي وردت في العقد تحت (اسم ) القوة

القاهرة.

ويذهب رأي إلى أنه يمكن أن تتفق الأطراف صراحة على اعتبار مسائل معينة من قبيل

القوة القاهرة، مع الاتفاق على منع القاضي من أي سلطة تقديرية للتي يتفق على اعتبارها قوة

قاهرة. على أنه يبقى للقاضي الحرية في التحقق من توافر شروط القوة القاهرة، والعلة -كما

يقولون- وراء ذلك تكمن في أن توافر عناصر القوة القاهرة تدخل في سلطة القاضي في تفسير

.( العقود التي يخضع فيها لرقابة محكمة التمييز( 566

ويلاحظ على هذا الرأي بأنه وقع في تناقض، فهو من جهة يمنح الأطراف الاتفاق على

منع القاضي من التدخل فيما إذا كان الحادث يعد قوة قاهرة أم لا، ومن جهة ثانية، يمنح القاضي

السلطة التقديرية في التحقق من توافر شروط القوة القاهرة من عدمه.

وأقول في هذه المسألة؛ إن اتفاق الأطراف على اعتبار أحداث معينة من قبيل القوة

القاهرة، يدعو القاضي ليس للبحث عن مدى توافر شروط القوة القاهرة في تلك الأحداث، بل

يدعوه إلى البحث عن الإرادة الحقيقة لهم، أي عدم اعتبار القوة القاهرة حدا لإرادتهم، بل العبرة

تكون لما أرادوا أن يعدوه قوة قاهرة وأرادوا منع القاضي من التدخل فيه، وهو ما يساعد

القاضي كثيرا في تبين إرادتهم الحقيقية وبالتالي إصدار حكمه تبعا لهذه الإرادة، ولا عبرة

للألفاظ في هذا المقام. وفي القضية التي ناقشناها فيما سلف، لو أن القاضي حاول التعرف على

2) مدني مصري التي جاء فيها:" أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية / 565 ) بهذا المعنى المادة ( 150 )

المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر

2) من المشروع. / من أمانة وثقة بين المتعاقدين ووفقا للعرف الجاري في المعاملات". بطابقه نص المادة ( 165

.171- 566 ) الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 170 )

173

الإرادة الحقيقة للأطراف، دون التمسك بالألفاظ التي وردت بالشرط (كلفظ القوة القاهر ة)،

لاعتبر أن الشرط يراد به الإعفاء من المسؤولية في أحوال معينة اتفق عليها الأطراف، ولا

عبرة إذا كانت تلك الأحداث تشكل قوة قاهرة أم لا، وسبب تغليب هذا التفسير، يعود إلى أنه

بوجود القوة القاهرة أصلا تتحقق عدم مسؤولية المدين (الشركة الحارسة) مما كان يستوجب

على القاضي أن يجيب على السؤال فيما إذا أرادت الأطراف من هذا الشرط تكرار ما نص عليه

القانون، وهو ما لم يكن هناك حاجة إلى النص عليه، ولو أراد الأطراف المعنى الذي توصلت

إليه المحكمة الموقرة، لما نصوا على تلك الحوادث في العقد، لأنه في هذه الحالة يعد تكرارا لما

عالجته القواعد العامة في القانون.

وكما سبق القول، يذهب غالبية الفقهاء والشراح المصريين إلى جواز الاتفاق على تحمل

1) مدني مصري، إلى جوازه / المدين تبعة القوة القاهرة( 567 ). بل ويذهبون سندا للمادة ( 217

بخصوص المسؤولية التقصيرية كذلك، ويبررون هذا الجواز بعدم مخالفة هذه الاتفاقات المشددة

للمسؤولية للنظام العام( 568 ). فيبقى المدين مسؤولا عن تنفيذ الالتزام رغم استحالته بسبب أجنبي

إذا كان الطرفان قد اتفقا منذ البداية على تحمل المدين تبعة السبب الأجنبي( 569 ). لكن إذا كان

مثل هذا الاتفاق يصح في حق المدين، فهل يجوز بحق الدائن؟

يرى البعض بجواز هذا الاتفاق بحق الدائن، ويعتبرون أن هذا الاتفاق يستمد مشروعيته

من مبدأ حرية المتعاقدين في تضمين عقودهم الشروط المشروعة. ويضربون لذلك المثالين

التاليين:

567 ) مرقس، الوافي، ج 2،مرجع سابق، ص 645 . أبو السعود،مبادئ الالتزام، مرجع سابق، ص 230 .فرج، النظرية العامة، )

مرجع سابق، ص 403 . ألاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 465 . الصدة، مصادر الالتزام، مرجع سابق،

ص 421 . الشرقاوي، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 423 . تناغو، نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 161 . عام ر

. وآخر، مرجع سابق، ص 576

. 568 ) السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 981 )

569 ) سرور، محمد شكري: موجز الأحكام العامة للالتزام في القانون المدني المصري، ط 1، القاهرة، دار الفكر العربي، )

. 1985 ، ص 333

174

المثال الأول: أن تتفق شركة مصنعة لآلات بصفتها دائن لاعتبارات معينة، مع شركة موزعة

بصفتها مدين على ضمان الأولى (الشركة المصنعة) أية أضرار تلحق بالآلات أثناء قيام الشركة

الموزعة بالتسويق رغبة في الإبقاء على التعامل بينهما لاعتبارات عديدة.

المثال الثاني: أن يتفق المؤجر مع المستأجر على تحمل الأول الترميمات الضرورية والتأجيرية

.( في حالة القوة القاهرة لإغراء المستأجر على التعاقد( 570

وأقول بخصوص المثال الأول، إن التنفيذ قد تم بتسليم الآلات إلى المشتري (الشركة

الموزعة). أما العلاقة الناشئة بينهما بعد تنفيذ العقد، فهي في الحقيقة استمرار لتنفيذه، والشرط

القاضي بتحمل الدائن القوة القاهرة، هو في الحقيقة استمرار لضمان المدين، ولا تنتفي هذه

الصفة –المديونية- عنه حتى وإن انتقلت الملكية إلى الموزع، وعندما تنتقل الملكية، يصبح مالكا

للشيء، ولا علاقة للبائع حينها بذلك الشيء سوى الضمانات التي حددها القانون أو اتفقا عليها

ولكن ليس بصفته دائن، وإنما بصفته مدين، أي أن البائع يبقى حتى بعد التسليم مدينا بالتزامه

بالضمان، وهو ما سأدرسه في تطبيقات الشروط المشددة. وعليه، أرى أن اعتبار المدين دائنا،

يعد –مع الاحترام- تلاعبا على الألفاظ، فحقيقة الأمر أن البائع هنا يحتفظ بصفة المدين في

التزامات معينة حتى بعد البيع، وهو أمر جائز. وفي ذلك نصت المادة ( 455 ) مدني مصري :"

إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع فعلى المشتري أن

يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره وان يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا

الإخطار وإلا سقط حقه في الضمان كل هذا ما لم يتفق على غيره"( 571 ). يتضح من النص انه

يجوز الاتفاق على خلاف هذه الأحكام، كأن يضمن البائع (بصفته مدين) صلاحية المبيع للعمل

مدة معينة حتى في حالة ما إذا طرأت قوة قاهرة أو حادث مفاجئ.

.199- 570 ) الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 198 )

571 ) أخذ المشروع بذات الحكم في المادة ( 481 ) منه. )

175

أما بخصوص المثال الثاني، فهو ذاته –ذلك المثال- يوضح أن صفة المديونية لا زالت

قائمة في ذمة المؤجر لأنه تحمل بالتزامات بعضها مصدرها القانون( 572 ) وبعضها مصدرها

العقد( 573 )، ولا يعد دائنا في هذه الالتزامات، ذلك أن القانون منح الأطراف الاتفاق على خلاف

أحكام الالتزام بالصيانة.

وأرى أن الاتفاق على تحمل الدائن تبعة القوة القاهرة غير متصور، أما إذا حصل اتفاق

كهذا فانه يعد في هذه الحالة بمثابة عقد ضمان.

ذلك أن فكرة السبب الأجنبي مقررة من أجل إعفاء المدين من التزامه، فهو من يستفيد

منها، لأن الدائن لا يستفيد إذا حصلت، وإنما يستفيد منها المدين وحده، لذا كان من المتصور أن

يخالف الاتفاق هذا الأصل ويقضي بتحمل المدين تبعتها حتى وإن كان يبرأ أصلا من التزامه

بموجب القواعد العامة.

الفرع الثاني: تحمل المدين تبعة خطأ الدائن وخطأ الغير

2) من المشروع على أنه:" يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين / نصت المادة ( 238

1) مدني مصري فجاءت خالية من ذكر السبب الأجنبي، / السبب الأجنبي". أما نص المادة ( 217

واقتصرت على ذكر القوة القاهرة والحادث المفاجئ.

إن نص المشروع على هذا النحو يدخل إلى جانب القوة القاهرة والحادث المفاجئ،

يدخل خطأ الغير وخطأ الدائن، وهو أمر بحاجة إلى مراجعة.

1) مدني مصري، على انه يجوز / 572 ) يتحمل المجر جميع أعمال الترميم والصيانة الضرورية بموجب المادة ( 567 )

(1/ 4) مدني مصري. يقابلهما بنفس المعنى، على التوالي : المادة ( 621 / الاتفاق على خلاف ذلك بموجب المادة ( 567

3) من المشروع. / والمادة ( 621

573 ) تحمل المؤجر الترميمات التأجيرية يعد اتفاقا على خلاف المادة ( 582 ) مدني مصري، التي تلزم المستأجر بهذه )

1) من المشروع. / الترميمات، إلا انه يجوز الاتفاق على خلافها. بنفس المعنى نص المادة ( 636

176

أولا: الاتفاق على ضمان المدين خطأ الغير

يقصد بالغير؛ الغير عن العقد وليس الغير الذي يسأل عنه المدين شخصيا بموجب

العقد( 574 ). ويعد الاتفاق على ضمان المدين خطأ الغير جائز، إلا أن مثل هذا الاتفاق يخلف

صعوبات من الناحية العملية. فقد يتفق على تحمل المدين الخسائر التي تلحق بالدائن جراء خطأ

الغير، ومثل هذا الاتفاق، لا ينتج أثره في مواجهة الغير، فلا يفيد منه ولا يستطيع التمسك به في

مواجهة الدائن، وهو ما يثير إشكالية مفادها أن الأضرار التي لحقت بالدائن هي أضرار غير

مباشرة، وهي مما لا يعوض عنه، وعليه فان المدين لا يمكنه الرجوع مباشرة على المخطئ

(الغير) بالأضرار التي لحقت الدائن جراء عدم التنفيذ أو التنفيذ المعيب بفعل خطأ الغير.

وإنما يستطيع ابتداءً أن يرجع عليه بالأضرار المباشرة التي لحقت به-بالمدين- فقط، أما

الأضرار التي لحقت بالمدين جراء اتفاقه على تحمل خطأ الغير فلا يمكن للمدين التمسك بها في

مواجهة الغير، ذلك أنه لا أثر للعقد في مواجهة الغير. فالمدين في الواقع ألزم نفسه ولا يستطيع

أن يلزم غيره بما اتفق عليه.

كما أن المدين لن يستطيع الرجوع على الغير من خلال الدعوى المذكورة إلا في حدود

ما أصابه هو من أضرار مباشرة، أي التي تكون نتيجة طبيعية للخطأ الذي ارتكبه الغير، وفي

ذلك نصت المادة ( 186 ) من المشروع: "يقدر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق

.( المضرور من ضرر، وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار"( 575

أما الأضرار التي لحقت به جراء اتفاقه مع الدائن فهي لا تعد-باعتقادي- مباشرة، فلا يستطيع

الرجوع فيها على الغير. وتعد الأضرار المتعلقة بالدائن غير مباشرة –باعتقادي- لأنها جاءت

على خلاف الأصل القاضي بعدم مسؤولية المدين تجاه الدائن. فهذه الأضرار لم تكن نتيجة

طبيعية لخطأ الغير.

. 574 ) للتفصيل: الفرع الأول من المطلب الأول من المبحث الأول من الفصل التمهيدي، ص 6 )

1) مدني مصري. ذلك أن المدني المصري لا يوجد فيه مقابل لهذا النص سوى الحكم العام / 575 ) بهذا المعنى المادة ( 221 )

1) والذي ينطبق على المسؤوليتين العقدية والتقصيرية. / في المادة ( 221

177

وأضرب على ذلك المثال التالي: لو أن البائع (مدين) اتفق مع المشتري (دائن) و على

خلاف الأصل، على تحمل الأول الأضرار التي تلحق بالدائن جراء عدم التسليم للبضاعة حتى

وإن صدر خطأ عن الغير أدى لاستحالة التنفيذ.

واتفق البائع نفسه (المدين نفسه) مع مشتر آخر (دائن ثان)، على تسليمه البضاعة

بحسب الأصل، أي لم يضمن خطأ الغير. وحدث أن قام الغير بارتكاب خطأ أدى إلى تلف

البضاعة التي يراد تسليم بعضها للدائن الأول وبعضها للدائن الثاني، فانه من غير المعقول أن

يعوض الدائن الأول من قبل الغير، ولا يعوض الدائن الثاني لمجرد أن الأول وضع شرط وأن

الثاني لم يضع شرط، ولا يرد القول إن التعويض سيتحقق للمدين شاملا الأضرار التي لحقت به

بما فيها ما خلفه الشرط في ذمته. لأن مثل هذا التعويض يمنح للعقد أثرًا في مواجهة الغير الذي

لم يكن طرفا فيه، فيكون التعويض قد ارتبط بالضرر من خلال العقد، فيكون غير مباش ر، ولا

يعوض عنه. يلاحظ أن النتيجة التي يمكن التوصل إليها بمثل هذا الاتفاق لا يجوز أن تمتد في

مواجهة الغير، وعليه فان مثل هذا الاتفاق يكون مختلا في جزء منه ولا يرد القول بأنه يستطيع

المدين أن يرجع بما أداه على الغير، ذلك أن الضرر الذي أصابه جراء الشرط سيب قى غير

مجبور، وعليه أرى أن لا يؤخذ بمثل هذا الشرط ما لم يكن المقابل واضحا ومعقولا.

ومن غير المعقول أيضا تعويض الاثنين (الدائن الأول والدائن الثاني)، لأن التعويض

هنا سببه علاقة مباشرة بين المدين (البائع) والغير (محدث الضرر)، أما فيما يتعلق بالعلاقة بين

المشتريين والغير فهي غير مباشرة، وترتبط فيه من خلال العقد الذي لا يحتج بأثره في

مواجهته. كما أن مثل هذا الاتفاق يخالف القاعدة التي جاءت في المادة ( 241 ) بفقرتيها الثانية

والرابعة من المشروع، وهو ما سأدرسه أدناه أثناء تناول الاتفاق على تضمين المدين خطأ

الدائن.

ثانيا: تضمين المدين خطأ الدائن

إن تضمين المدين خطأ الدائن، هو أمر يخالف القواعد العامة في المسؤولية، فقد نصت

المادة ( 239 ) من المشروع الفلسطيني على أنه: "… ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في

178

1) مدني مصري بذات الحكم. / استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول". وتأخذ المادة ( 221

ويعد النص المصري، الأصل الذي استقي منه حكم المادة ( 239 ) من المشروع. ووجه الإشكالية

يكمن في أن نص المادة ( 239 ) يتعارض مع ما جاء من جواز الاتفاق على تحمل المدين السبب

الأجنبي بما فيه خطأ الدائن. كما يلاحظ من النص فانه ليس فقط على الدائن أن يقف موقفا سلبيا

في الالتزامات، وإنما عليه أن يبادر ويكون موقفه إيجابيًا بحيث يدفع الضرر قدر الإمكان، فمن

باب أولى لا يجوز أن يكون هو المتسبب في الضرر بخطئه.

لكن لا يمكن التمسك بهذا الحكم في مواجهة الاتفاق، فيبدو من غرة المادة ( 239 ) من

المشروع انه يجوز للأطراف الاتفاق على تقدير التعويض حتى على خلاف هذا الحكم، أي على

خلاف ما يعد نتيجة طبيعية أو غير طبيعية، فالاتفاق له الأولوية. مما يدعونا إلى القول إن

الاتفاق الذي يؤدي إلى تغيير تقدير التعويض في هذه الحالة هو مقبول أيضا وإن أدى إلى

(تعويض) على خلاف الأصل كنتيجة للاتفاق، ولما كان تحمل المدين خطأ الدائن تقديرا

للتعويض على خلاف الأصل عبر تحميل المدين تعويضات اتفاقية تقدر عند تحقق الضرر، فهو

من هذه الجهة جائز. إلا أن مثل هذا الاتفاق من جهة أخرى يخالف بشكل صريح نص المادة

2/241 و 4) التي جاء فيها:"( 2)يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض، إذا أثبت المدين أن )

التقدير كان مبالغا فيه أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه….( 4) يقع باطلا كل اتفاق

يخالف أحكام الفقرات السابقة"( 576 ). وهنا أرى أنه وعلى هدي هذه المادة، فإن على القاضي أن

لا يأخذ بمثل هذا الاتفاق، لأنه طالما يستطيع المدين –بموجب هذا النص الآمر - إثبات أن

التعويض مبالغ فيه وبالتالي يبرأ من التعويض الاتفاقي، فانه يستطيع أن يدفع بانقضاء التزامه

في مواجهة الدائن وبخطأ من الأخير.

ولما كان الالتزام بالضمان الملقى على عاتق المدين، هو في حقيقته التزام بالتعويض

مصدره العقد، فان مثل هذا الاتفاق يكون قد خالف قاعدة آمرة في القانون.

576 ) تقابلها الفقرتين ( 2) و( 3) من المادة ( 224 ) مدني مصري. )

179

2) الذي جاء فيه : "يجوز / كما أنه إذا أخذنا النص على إطلاقه، أي نص المادة ( 238

الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة السبب الأجنبي". وهو في الحقيقة مطلق في حكمه، فبموجبه

يضمن المدين كل خطأ يصدر عن الدائن، ولما كانت مصلحة الدائن تتعارض -غالب ا- مع

مصلحة المدين، فان هذا الجواز يكون محل نقد، لأنه حكم مطلق، وأرى أنه حتى يستقيم الحكم

يجب أن يقيد بقيدين: الأول ألا يكون خطأ الدائن فاحشا. والثاني ألا يكون الخطأ قد صدر عن

غش الدائن. ذلك أن إجازة خطأ الدائن الجسيم، يعد بالإضافة إلى كونه إعفاء من المسؤولية

للدائن (المدين بالخطأ) في حالتي الغش والخطأ الجسيم وهو ما لا يجوز، يعد كذلك مكافأة للدائن

(المدين بالخطأ) بتعويضه عما أصابه من أضرار.

كما يثير مثل هذا الاتفاق السؤال حول الأضرار التي تصيب المدين، فهل يشملها الاتفاق

أم أنها تبقى على عاتق المسؤول عنها وهو الدائن؟

أرى أن مسؤولية الدائن تبقى قائمة عن خطئه تجاه المدين، ويبقى ملزما بتعويض المدين

عما لحق به جراء الخطأ إلا إذا وجد اتفاق صريح على عكس ذلك.

2) من المشروع فيما يتعلق / بناء على ما تقدم، أرى عدم الأخذ بنص المادة ( 238

بالسبب الأجنبي، واقتصار الحكم على القوة القاهرة وحدها. ذلك أن الحكمة من وراء تحميل

المدين تبعة القوة القاهرة تنبع –باعتقادي- من ضرورة عملية تتعلق بصعوبة الإثبات، ولما

كانت هذه الغاية منعدمة في حالتي خطأ الغير وخطأ الدائن فان مثل هذا الاتفاق يكون غير سليم

من الناحية القانونية.

الفرع الثالث: التكييف القانوني لضمان المدين القوة القاهرة والحادث المفاجئ

الدارج في كتابات الفقهاء والشراح، أن شرط تحمل القوة القاهرة، هو من قبيل التشديد

في المسؤولية، وهو ما جعل البعض ينتقد هذا الرأي ويذهب على خلافه، كما أن هناك رأيًا آخر

وهو في الإطار نفسه يذهب إلى أن هذا الاتفاق هو ضرب من التأمين، فيما ذهب فريق ثالث

إلى القول بأن هذا الاتفاق يعد ضمانا اتفاقيا. وأعرض هذه الآراء تباعا فيما يلي.

180

أولا: تحمل المدين القوة القاهرة يعد تشديدا في المسؤولية

يذهب البعض –وهم غالبية- إلى القول بأن الاتفاق على تحمل المدين تبعة القوة القاهرة

والحادث المفاجئ يعد تشديدا في المسؤولية( 577 )، وفي ذلك تقول المذكرات الإيضاحية

للمشروع:" .. والفقرة الثانية تتعلق بتشديد المسؤولية العقدية، إذ تجيز اتفاق المتعاقدين على أن

.( يتحمل المدين مسؤولية عدم التنفيذ"( 578

كما ويذهب البعض إلى أنه، لا يمكن اعتبار تحمل تبعة القوة القاهرة أو الحادث الفجائي

.( من قبيل الشرط المعدل في المسؤولية، لأنه في الحقيقة لا يوجد مسؤولية حتى يعدل فيها( 579

وهذا القول صحيح من جهة، حيث لا يتصور قيام المسؤولية مع وجود القوة القاهرة،

التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام في المسؤولية العقدية، وتؤدي إلى انتفاء علاقة السببية في

المسؤولية التقصيرية، وفي ذلك قررت محكمة النقض المصرية بأنه:" القوة القاهر ة ب المعنى

الوارد في المادة 165 من القانون المدني تكون حربًا أو زلزا ً لا أو حريقًا، كما قد تك ون أم رًا

إداريًا واجب التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع و استحالة الدفع، وينقضي بها التزام

المدين من المسئولية العقدية، وتنتفي بها علاقة السببية بين الخطأ و الضرر في المسئولية

.( التقصيرية، فلا يكون هناك محل للتعويض في الحالتين"( 580

وهنا أرى أنه تجب التفرقة بين مذهبين حيث تختلف النتائج باختلاف المذهب؛ حيث

يذهب البعض إلى أن علاقة السببية تنتفي في حالة الالتزام العقدي بتحقيق نتيجة، وان الخطأ

يبقى قائما بمجرد عدم التنفيذ. فيما يرى البعض الآخر أن الخطأ مفترض قابل لإثبات

العكس( 581 ). ويترتب على الأخذ بأحد هذين الاتجاهين، اختلاف النتيجة التي نتوصل إليها في

577 ) سعد، نبيل: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 306 . سوار، النظرية العامة للالتزام، مرجع سابق، ص 395 . تناغو، )

. نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 161 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 981

. 578 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 285 )

. 579 ) الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 175 . زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 10 )

1976 سنة المكتب الفني 27 / 01 / 580 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0423 لسنة 41 بتاريخ 29 )

581 ) للتفصيل في هذين الرأيين: دواس، أمين: مرجع سابق، ص 209 . عقل، فريد : مرجع سابق، ص 239 . ويمكن )

. مراجعة: الفرع الأول من المطلب الأول من المبحث الأول من الفصل التمهيدي من هذا البحث، ص 6

181

تكييف الاتفاق على تحمل تبعة القوة القاهرة؛ فإذا اعتبرنا أن الالتزام لا ينقضي -وإنما يتحقق

بمجرد عدم التنفيذ، وانه على المدين إثبات انتفاء علاقة السببية- فان الاتفاق على تحمل تبعة

القوة القاهرة يعد ضربا من اتفاقات المسؤولية لأنه يرد على ركن فيها، هو علاقة السببية.

بينما إذا أخذنا بالرأي الذي يقول بافتراض مسؤولية المدين القابلة لإثبات العكس - وإن

القوة القاهرة تؤدي إلى انقضاء الالتزام تبعا لهذا المنطق - فلا يكون ثمة مسؤولية عدّلت

شروطها بالاتفاق من الناحية الظاهرية على الأقل، ذلك أن الخطأ لم يتوفر، بينما توفر الضرر

وحده، وبالتالي لا يكون ثمة مكان للحديث عن ركن السببية.

وهذا الرأي الأخير إذ يؤيده ما جاء في قرار محكمة النقض الموقرة المشار إليه أعلاه،

إنما يتعارض مع أحكام أخرى صدرت عن ذات المحكمة الموقرة، حيث جاء في قرارات أخرى

لها:" يكفى لقيام الخطأ في المسئولية العقدية، ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على

العقد، ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا قام هو بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى قوة قاهرة أو

.( بسبب أجنبي أو بخطأ المتعاقد الآخر"( 582

وتذهب محكمة التمييز الأردنية إلى أن الالتزام ينقضي بالقوة القاهر ة:"إن الالتزام

ينقضي إذا استحال تنفيذه وكانت هذه الاستحالة بسبب قوة قاهرة"( 583 ). أي أن القوة القاهرة تؤدي

إلى انقضاء الالتزام، ولا تؤدي في المسؤولية العقدية إلى انتفاء علاقة السببية . وأعتقد أن

الالتزام ينقضي بالقوة القاهرة، ذلك أن نص المواد ( 373 ) و( 215 ) و( 159 ) مدني مصري،

والمواد ( 409 ) و( 237 ) و( 173 ) من المشروع، صريحة في تبيان هذا الأثر للقوة القاهرة على

.( العقد( 584

1970 سنة المكتب الفني 21 . وكذلك : / 11 / 582 ) الفقرة الثانية من الطعن رقم 0199 لسنة 36 بتاريخ 24 )

1983 سنة المكتب الفني 34 . الفقرة الأولى من / 05 / الفقرة الأولى من الطعن رقم 1529 لسنة 49 بتاريخ 25

1995 سنة المكتب الفني 46 / 11 / الطعن رقم 2271 لسنة 59 بتاريخ 28

. 1990 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة : 1990 صفحة رقم : 1798 / 583 ) تمييز حقوق رقم القرار: 245 )

. 1985 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1985 صفحة رقم : 1326 / وكذلك: تمييز حقوق رقم القرار: 461

. 1987 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1987 صفحة رقم: 2081 / تمييز حقوق رقم القرار: 20

584 ) سبق عرض ما تضمنته المواد المذكورة بالتفصيل في المطلب السابق. )

182

ولما كانت هذه النتيجة هي النتيجة المسندة قانونًا، أرى أن الاتفاق على تحمل تبعة القوة

القاهرة، لا يعد تشديدا في المسؤولية، لأنه لا تتحقق في هذه الحالة أية مسؤولية، أما ركن الخطأ

فمنعدم، ومن ثم لا يكون ثمة مجال للحديث عن التشدد في ركن السببية.

إلا أن هذه النتيجة المنطقية وإن صحت من الناحية النظرية، إلا أنها غير صحيحة من

الناحية العملية، ذلك أن لجوء الأطراف للاتفاق على تحميل المدين تبعة القوة القاهرة، قد ينبع

في صورة من صوره من ضرورات عملية، أهمها صعوبة الإثبات( 585 )، فإرادة الأطراف في

هذه الصورة تكون قد اتجهت حقيقة إلى اعتبار المدين مسؤولا، دون أن يستطيع هذا الأخير

التمسك بانقضاء التزامه بسبب القوة القاهرة، ولما كانت إرادة الأطراف معتبرة في هذا الشأن،

فان هذا الاتفاق يقصد منه الإبقاء على المسؤولية، التي يستطيع المدين التمسك بانقضائها بأي

سبب آخر، ما نستنتج منه أن الاتفاق على تحميل المدين المسؤولية عن تعويض الدائن في حالة

القوة القاهرة، هو اتفاق يتعلق بالمسؤولية، وهو في الحقيقة تشديد فيها، إذا ورد الشرط على

الوجه السابق، وأرى انه يجب أن يكون الشرط في هذه الحالة دالا على هذا المعنى، بان يرد

على صورة اتفاق مسؤولية، ويتحقق ذلك إذا تم الاتفاق على مسؤولية المدين عن عدم التنفيذ

حتى في حالة القوة القاهرة.

أما إذا ورد الشرط بقصد الضمان فلا يكون تشديدًا في المسؤولية، وإنما التزامًا بالمعنى

الدقيق.

ويمكن الاستدلال على ما أريد بالشرط – الضمان أم المسؤولية- من طبيعة العقد

وصياغة الشرط، فإذا ورد الشرط في مواجهة مودع لديه أو مستعير ممن تكون يدهم على

الشيء يد أمانة، فغالبا يقصد به المسؤولية لا الضمان، أما إذا كانت يد المدين يد ضمان، كيد

البائع في عقد البيع قبل التسليم، فالشرط غالبا يراد به الضمان.

585 ) للتفصيل في أسباب إجازة تضمين الصناع في الفقه الإسلامي: حماد، نزيه: مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط في )

.28- الفقه الإسلامي، ط 2، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة، 2000 ، ص 27

183

ثانيا: اعتبار الاتفاق ضربا من التأمين

يذهب البعض –وهم غالبية- إلى القول بأن الاتفاق على تحمل المدين تبعة القوة القاهرة

والحادث المفاجئ يعد ضربا من التأمين( 586 )، وقد جاء في المذكرات الإيضاحية للمشروع: "ويعد

.( هذا الاتفاق نوعا من التأمين"( 587

وأقول في ذلك؛ إن اعتبار مثل هذا الاتفاق ضربًا من التأمين –باعتقادي- يؤدي إلى

آثار لم تكن إرادة الأطراف اتجهت إلى إحداثها، ومن هذه الآثار؛ تطبيق النصوص الآمرة في

قوانين التأمين، ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض النتائج التي ترتبها بعض مواد القانون المدني:

النتيجة الأولى: أن حق المستفيد من هذا (التأمين) ستحكمه قواعد قانونية آمرة، بحيث تكون

مخالفتها من حيث النتيجة غير ذات أثر على عقد التأمين؛ فإذا تحققت مسؤولية المستفيد من

الشرط ولم تكن تلك المسؤولية نتيجة جنحة أو جناية عمدية، فان المستفيد من الشرط يستحق

مبلغ التأمين، رغم تحقق مسؤوليته بموجب القواعد العامة في القانون المدني( 588 ). كذلك تتحقق

مسؤولية الملتزم بالشرط إذا كانت هناك شروط مطبوعة بشكل غير ظاهر في العقد، وكانت تلك

الشروط تتعلق بحالة بطلان أو سقوط الاتفاق المبرم بين الفريقين( 589 )، وهذه النتيجة تخالف

القواعد العامة في العقود وتتماشى مع عقد التأمين. كما لا يجوز للمدين بالشرط التمسك بشرط

التحكيم الوارد في العقد المبرم بينهما، بل يجب أن يكون باتفاق منفصل على خلاف القواعد

العامة في العقود( 590 ). كما يبطل كل شرط اتفق عليه الطرفين، لا يكون قد ترتب على مخالفته،

حدوث النتيجة المطلوبة( 591 ). أي إذا اتفق المستفيد من الشرط، والمدين به، على أن شرط تحمل

المدين القوة القاهرة يسري في منطقة معينة، وحصل أن حدثت القوة القاهرة في منطقة أخرى،

586 ) سعد، نبيل: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 306 . سوار، النظرية العامة للالتزام، مرجع سابق، ص 395 . تناغو، )

. نظرية الالتزام، مرجع سابق، ص 161 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 981

. 587 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 285 )

1) مدني مصري. يقارب المادة ( 875 /أ) من المشروع. / 588 ) بهذا المعنى المادة ( 750 )

3) مدني مصري. بنفس المعنى المادة ( 875 /ج) من المشروع. / 589 ) بهذا المعنى المادة ( 750 )

4) مدني مصري. بنفس المعنى المادة ( 875 /د) من المشروع. / 590 ) بهذا المعنى المادة ( 750 )

5) مدني مصري. بنفس المعنى المادة ( 875 /هاء) من المشروع. / 591 ) بهذا المعنى المادة ( 750 )

184

فان حدوثها في منطقة أخرى لا يعد سببا لعدم اقتضاء التعويض إن لم يكن لتغير المنطقة أثر

على النتيجة التي حدثت، وهو ما يتعارض أيضا مع القاعدة العامة في العقود من أن العقد

شريعة المتعاقدين. والاتفاق على الأحكام التي أوردناها أعلاه يعد باطلا وغير ذي اثر، وهو أمر

يتعارض مع القواعد العامة في العقود.

النتيجة الثانية: أن المشرع عندما نظم عقود التأمين( أو علاقات التأمين) إنما افترض وجود

شركة تأمين ذات مركز مالي قوي، تستطيع تحمل الأعباء المفروضة عليها بموجب التنظيم

القانوني للتأمين، وهو أمر غير مفترض في الأفراد الذين قد ينصون على شرط تحمل القوة

القاهرة. فلا يعقل معاملة الأفراد المعاملة نفسها التي تعامل بها الشركات الكبرى.

النتيجة الثالثة: اختلاف الأحكام بين المسؤولية العقدية عموما، وعقد التأمين الذي يتمتع

،( بخصوصية معينة، فمدة التقادم التي تكون في عقود التأمين ثلاث سنوات من وقوع الخطر( 592

هي في العقود الأخرى خمسة عشر عاما.

ولن أغرق في إيضاح النتائج الأخرى، حيث يتبين أن الفرق بين المسألتين هو فرق

كبير، ولا يمكن تصور اعتبار اتفاق تحمل تبعة القوة القاهرة ضربا من التأمين. خاصة إذا ما

عدنا أيضا إلى قوانين التأمين الخاصة، التي غالبا ما ترتب التزامات قانونية بحتة لا علاقة للعقد

فيها، إلا بترتيب آثار بسيطة جدا.

ثالثا: اعتبار اتفاق تحمل تبعة القوة القاهرة من قبيل الضمان

يرى البعض أن اتفاق تحمل المدين تبعة القوة القاهرة يعد ضمانا اتفاقيا( 593 )، ولذا يطلق

عليه القانون الفرنسي اتفاق الضمان الذي لا يبرأ المدين بموجبه من التزامه إذا نشأت قوة قاهرة

592 ) بهذا المعنى المادة ( 752 ) مدني مصري. )

. 593 ) الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 177 )

185

ويبقى ملزما بالتعويض( 594 ). ومن ذلك الالتزام بضمان صلاحية الشيء للعمل فهو تصرف

.( قانوني يشدد في الضمان القانوني( 595

ويذهب البعض إلى أن الالتزام بالضمان هو نوع ثالث من الالتزامات التعاقدية، يختلف

كل الاختلاف عن الالتزام بنتيجة والالتزام بوسيلة. وهو التزام شخص بمقتضى نص في القانون

أو اشتراط في العقد، بأن يعوض شخص آخر عن ضرر ناشئ من سبب أجنبي قد يكون قوة

قاهرة وقد يكون خطأ الغير أو خطأ الدائن( 596 ). كما ويعرف الضمان بأنه : "التزام شخصي

.( بتعويض المضرور دون أن يكون ثمة خطأ تقصيري أو عقدي"( 597

يتضح من التعريفين السابقين، أن الضمان هو التزام يفرضه القانون أو العقد في ذمة

المدين بهذا الالتزام، بحيث يكون المدين ملتزما بموجبه حتى في حالة تدخل قوة قاهرة حالت

دون تنفيذ الالتزام عن دفع التعويض للطرف الآخر.

وهذان التعريفان يخرجان الضمان من منطقة المسؤولية، أي أن الضمان التزام

والإخلال به يرتب مسؤولية، والقول بأن شرط تحمل المدين السبب الأجنبي يعد ضمانا اتفاقيا،

هو –باعتقادي- الأقرب إلى طبيعة هذا الشرط لكن على أحد وجهين. ذلك أن الالتزام الأصلي

ينقضي قانونا بفعل القوة القاهرة، وعندها لا يتصور بقاء المسؤولية بالمعنى النصوص عليه في

القواعد العامة، أو حتى الحديث عنها بخصوص هذا الالتزام، لأنه لا يتصور مسؤولية دون

التزام، ولما كان الأمر على هذا النحو، فلا مجال للقول بأن اتفاق تحمل التبعة هو اتفاق يشدد

المسؤولية، إلا إذا قصد به التهرب من عبء الإثبات، ذلك أنه في الحالة الأخيرة يراد به تشديد

المسؤولية لا الضمان.

وأمثل على اتفاق الضمان، أن يتفق المؤجر والمستأجر على تحمل الأول الأضرار التي

تلحق بالمستأجر إذا هلك المأجور بفعل قوة قاهرة، وفي هذه الحالة إذا حدث أن هلك المأجور

. 594 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 11 )

11- 595 ) منصور، محمد حسين: ضمان صلاحية المبيع، مرجع سابق، ص 10 )

.189- 596 ) حجازي، عبد الحي: النظرية العامة للالتزام وفقا للقانون الكويتي، مرجع سابق، ص 188 )

. 597 ) مشار إليه: حجازي، عبد الحي: المرجع السابق، ص 189 ، الحاشية رقم 51 )

186

بفعل خطأ الغير ولم تتحقق فيه شروط القوة القاهرة، فانه ليس للدائن أن يثبت أن الهلاك قد

حصل بقوة قاهرة طالما تحقق له الرجوع على المسؤول الحقيقي. أي أن الأصل براءة ذمة

المدين من هذا الالتزام، وعلى من يدعى خلاف الأصل أن يثبت ذلك، وحتى لو أثبت الدائن

وقوع القوة القاهرة، فان المدين يستطيع نفي تحقيق التزامه، بأن يثبت أن السبب المنتج كان خطأ

الدائن أو خطأ الغير.

وعليه، أرى أن الضمان المبحوث عنه هو التزام بالمعنى الدقيق، إلا أنه لا يعد تشديدا

في المسؤولية من حيث كونه اتفاق ضمان، لأن الشرط لا يتشدد في تقييم مسلك المدين فيها،

وإنما يضيف التزاما جديدا. على خلاف شرط التشديد حيث يكون المدين في الأصل غير

مسؤول لكن بشكل غير مطلق، وبموجب الشرط تصبح مسؤوليته أشد أو تتحقق بعد أن كانت

على درجة من خطر التحقق، ونمثل على ذلك بأن يتفق الوكيل (مدين) مع الموكل على قيام

الأول ببذل عناية الرجل شديد الحرص في تنفيذ الوكالة، فهنا وإن كان الأصل أن مسؤولية

المدين لن تتحقق إن هو ارتكب خطأ تافهًا، إلا أنه بموجب هذا الشرط تتحقق مسؤوليته بعد أن

كانت في الأصل على درجة من خطر التحقق.

بناء على ما تقدم أقول بأن الاتفاق على تحمل المدين تبعة القوة القاهرة، إما يكون اتفاق

ضمان، وإما اتفاق مسؤولية، وهو ما يستوجب الرجوع إلى إرادة الأطراف وتفسيرها، حتى

نعرف إذا ما كنا أمام اتفاق ضمان أم اتفاق مسؤولية، فإذا قصد من الاتفاق التهرب من عبء

الإثبات لمصلحة الدائن -وهو ما يمكن الاستدلال عليه من طبيعة العقد- هنا نستطيع القول بأن

الاتفاق يرد على المسؤولية، ولا يعد اتفاق ضمان. أما إذا عقد الاتفاق لأجل الضمان فلا يعد

اتفاقًا متعلقا بتشديد المسؤولية. ويكمن الفرق بين التكييفين في أن اتفاق الضمان يستدعي تقديم

دعوى يطالب فيها الدائن بالتنفيذ العيني، أي تنفيذ عقد الضمان، وعليه قبل تقديم الدعوى إنذار

المدين بتنفيذ العقد عينا( 598 )، ويطالب الدائن بالبدل. بينما في حالة تكييف الشرط على أنه تشديد

في المسؤولية، فالدائن يتقدم بدعوى المسؤولية دون تقديم إنذار، ولا يتقدم بدعوى تنفيذ العقد،

598 ) نصت المادة ( 218 ) مدني مصري على انه:" لا يستحق التعويض إلا بعد اعذار المدين، ما لم ينص على غير ذلك". )

187

ذلك أن التنفيذ العيني يكون غير ممكن بفعل المدين( 599 ) على اعتبار أن القوة القاهرة أدت إلى

عدم إمكانية التنفيذ، ويطالب الدائن بالتعويض.

الفرع الرابع: أثر شرط ضمان القوة القاهرة من حيث الموضوع

ينتج الشرط القاضي بضمان المدين السبب الأجنبي، آثارا عدة من حيث الموض وع،

وأدرس في هذا الفرع آثار شرط الضمان على عبء الإثبات وعلى المسؤولية.

أولا: أثر شرط الضمان على عبء الإثبات

( يقع على الدائن عبء إثبات أن المدين لم ينفذ التزامه( 600 ). وفي ذلك تقول المادة ( 389

مدني مصري:" على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه".

وعلى المدعي (الدائن) في الالتزام بتحقيق نتيجة أن يثبت الالتزام، وأن يثبت أن النتيجة

التي يفرضها الالتزام على الدائن لم تتحقق، فيكلف المدين بإثبات تنفيذه( 601 ). فإذا عجز المدين

عن هذا الإثبات عد مخطئا، ولا يجوز له نفي هذا الخطأ طالما لم تتحقق النتيجة. وانما يستطيع

.( ذلك في حالة واحدة هي إثبات السبب الأجنبي. لأن هذا الإثبات يهدر ركن السببية( 602

أما في الالتزام ببذل عناية، فيثبت الدائن قيام الالتزام، عندئذ يجوز للمدين أن يثبت انه

بذل العناية المطلوبة، فإذا نجح في ذلك عد منفذا للالتزام، ما لم يثبت ال دائن أن المدين كان

مقصرا باتخاذ الاحتياطات اللازمة التي كان عليه أن يتخذها، فإذا أثبت ذلك تحقق خطأ المدين،

لكن يستطيع المدين إثبات أنه اتخذ فعلا الاحتياطات المفروضة عليه، أو أن الاحتياط الذي يدعيه

599 ) نصت المادة ( 220 ) مدني مصري على انه: "لا ضرورة لاعذار المدين في الحالات الآتية : أ- إذا أصبح تنفيذ )

الالتزام غير ممكن أو غير مجدي بفعل المدين".

. 600 ) الفار، عبد القادر: مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 142 )

. 601 ) الجمال وآخران، مرجع سابق، ص 206 . سعد، نبيل: النظرية العامة، ج 1، مرجع سابق، ص 298 )

. 602 ) أبو السعود، مبادئ الالتزام، مرجع سابق، ص 228 )

188

الدائن لم يكن واجبا عليه، فينتفي خطؤه عندئذ( 603 ). وفي كل الأحوال يستطيع المدين أن يثبت

السبب الأجنبي لإخلاء مسؤوليته.

إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة إذا تعلق الإثبات بالتزام متضمنا شرط تحمل المدين للقوة

القاهرة، فهل في هذه الحالة تفترض القوة القاهرة افتراضا غير قابل لإثبات العكس، على اعتبار

أن إثبات العكس يبقي المدين مسؤولا ولن يتخلص بموجبه من التزامه؟

للإجابة على هذا السؤال لا بد من توضيح أن الدائن هو الذي سيستفيد من إثبات القوة

القاهرة، في حالة اتفاق الضمان، لذلك عليه أن يثبت القوة القاهرة، كشرط لتفعيل اتفاق الضمان،

ذلك أن المطالبة تكون في هذه الحالة بتنفيذ العقد عينا، وهو ممكن دائما في اتفاق الضمان لأن

محله مبلغ مالي. أما إذا كان الشرط يتعلق بالمسؤولية، فعليه إثبات مسؤولية المدين، ولا يكون

هناك حاجة لإثبات القوة القاهرة( 604 )، وفي الحالة الأخيرة يدعي –الدائن- أن الالتزام لم ينفذ،

وعليه إثبات الالتزام وعدم تنفيذه على النحو الوارد أعلاه بالنسبة لبذل عناية أو لتحقيق غاية،

حيث يكون عليه فقط أن يقرر أن الالتزام لم ينفذ إذا كان بتحقيق غاية( 605 ). ويعفى من تقديم

الدليل على وقوع القوة القاهرة، فإذا دفع المدين بوجودها، كان دفعه غير ذي أثر لأن مسؤوليته

تتحقق حتى في ظل وجود القوة القاهرة.

وينقضي التزام المدين إذا أثبت وجود سبب أجنبي آخر غير القوة القاهرة، كخطأ الغير،

أو خطأ الدائن، وهذا القول يصح إذا كان الاتفاق قد اقتصر على تحمل المدين القوة القاهرة دون

غيرها، أما إذا كان شرط التحمل مشتملا على كل أنواع السبب الأجنبي، فلا يستطيع المدين أن

603 ) بهذا المعنى: النوري، حسين: نظرية العقد، عين شمس، مطبعة الرسالة، دون سنة، ص 252 . شنب، محمد لبيب : )

دروس في نظرية الالتزام، (الإثبات-أحكام الالتزام)، د.م، د.ن، 1975 ، ص 11 وما بعدها. أبو السعود: مبادئ الالتزام،

238 . الجمال وآخران، مرجع سابق، ص 206 . سعد، - مرجع سابق، ص 228 ومصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 237

. نبيل: النظرية العامة، ج 1، مرجع سابق، ص 298

1) مدني مصري / 604 ) يقع عبء إثبات الضرر دائما على الدائن إلا في حالتين: الأولى، ما نصت عليه المادة ( 224 )

بالنسبة لاستحقاق التعويض ألاتفاقي. والثانية، ما نصت عليه المادة ( 228 ) مدني مصري بخصوص فوائد التأخير .

للتفصيل في ذلك: الفقي، عمرو عيسى: الموسوعة القانونية في المسؤولية المدنية (دعوى التعويض)، ط 1، الإسكندرية،

.144- المكتب الجامعي الحديث، 2002 ، ص 143

. 605 ) الصدة، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 416 )

189

يدفع المسؤولية عن نفسه، إلا إذا اثبت بطلان الشرط أو بطلان العقد، وخرج من إطار

المسؤولية العقدية، أو اثبت وقوع غش أو خطأ جسيم من جهة الدائن، على فرض إجازة الشرط

الذي يحمل المدين السبب الأجنبي، علما أن المدين يستطيع دائما الدفع بخطأ الغير.

ثانيا: أثر شرط الضمان على مسؤولية المدين

سبق لي القول؛ إن اتفاق الضمان لا يعد اتفاقا من اتفاقات المسؤولية، فإذا كان الاتفاق

ينص على ضمان المدين القوة القاهرة، فان اتفاقا كهذا يجعل المدين مسؤولا عن دفع البدل،

حتى وان لم تتحقق مسؤوليته، إلا أن مسؤوليته لا تترتب مباشرة، ويترتب على الدائن إرسال

اعذار له يطالبه بتنفيذ عقد الضمان عينا، فإذا لم يستجب للاعذار، يقوم الدائن بتقديم دعوى

يطالب فيها بتنفيذ العقد عينا.

أما إذا كان الاتفاق قد ورد على المسؤولية بتشديدها تهربا من عبء الإثبات، فان

مسؤولية المدين تبقى قائمة وإن ادّعى بوجود القوة القاهرة، ولا يكون ثمة حاجة لاعذار (المادة

220 /أ مدني مصري)، حيث يتقدم الدائن بدعوى المسؤولية مباشرة.

المبحث الثاني: الشرط المشدد في تقييم مسلك المدين

يأخذ الشرط المشدد لتقييم مسلك المدين، أكثر من صورة، فقد يكون الشرط مشددا لمدى

التزام المدين عبر التشدد في درجة العناية المطلوبة، كما قد يكون بتحويل الالتزام الذي هو في

الأصل التزام ببذل عناية ليصبح التزام بتحقيق غاية، كما قد يرد الشرط على مدة التقادم في

الأحوال التي ينص فيها القانون على جواز زيادة المدة بالشرط، وهو ما سأدرسه في المطلب

الأول، كما أدرس في المطلب الثاني أثر التشدد في تقييم مسلك المدين من حيث الموضوع.

190

المطلب الأول: الشرط المشدد في تقييم مسلك المدين والاستثناءات التي ترد عليه

يرى البعض أن الصورة الوحيدة لاتفاقات تشديد المسؤولية، هي الاتفاق على تقدير

التعويض بأكثر من قيمة الضرر الذي نشأ عن الإخلال بالعقد( 606 ). وأرى أن مثل هذا الاتفاق لا

علاقة له باتفاقات المسؤولية، وإنما يرتبط بشكل مباشر باتفاقات التعويض. إلا أن هناك صورا

تعد من قبيل التعديل الحقيقي في المسؤولية، وذلك عبر التشدد في تقييم مسلك المدين، في أكثر

من صورة، فقد يتم ذلك التشدد بتحويل الالتزام الذي هو في الأصل التزام ببذل عناية ليصبح

بالشرط التزامًا بتحقيق غاية، كما قد يتم التشدد باشتراط بذل عناية خاصة في تنفيذ الالتزام، كما

يجوز في أحوال ضيقة الاتفاق على زيادة مدة التقادم. وهذه الصور باعتقادي تمس المسؤولية

بشكل مباشر، فهي تشدد في الصورتين الأولى والثانية في ركن الخطأ، بينما في الصورة

المتعلقة بمدة التقادم يبقي عنصر المسؤولية فعالا رغم أنه بحسب الأصل ينتهي ويبقى عنصر

المديونية وحده.

الفرع الأول: جواز التشدد في تقييم مسلك المدين

يقصد بالتشدد في تقييم مسلك المدين في إحدى صورها، تشديد التزام المدين عبر تحويله

من التزام ببذل عناية إلى التزام بتحقيق نتيجة( 607 )، بحيث يعد المدين قد ارتكب خطأً في الأحوال

التي لا يعد فيها مرتكبا للخطأ بحسب الأصل.

وأمثل على ذلك بالتزام المحامي الذي يعد التزاما ببذل عناية، ومعياره معيار المحامي

المعتاد أي أوسط المحامين خبرة وعناية( 608 ). ذلك أنه قد يتفق المحامي مع الموكل على أن

يكون مسؤولا عن خسارة الدعوى ولو لم يكن مقصرًا( 609 ). كما يأخذ التشدد في تقييم مسلك

. 606 ) زكي، مشكلات المسؤولية، ج 2، مرجع سابق، ص 11 ، تتمة الهامش رقم 4 )

. 607 ) سوار، النظرية العامة، ج 1، مرجع سابق، ص 395 )

. 608 ) بهذا المعنى: السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، 824 )

609 ) سوادي، عبد الباقي: مسؤولية المحامي المدنية عن أخطائه المهنية، ط 2، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، )

. 1999 ، ص 332

191

المدين صورة أخرى، بأن يكون المدين مسؤولا إذا لم يبذل عناية خاصة تفوق عناية الشخص

العادي.

ويرى البعض أن الأساس في إجازة مثل هذه الاتفاقات يرجع لنتيجة منطقية مفادها؛ أنه

إذا أجيز الاتفاق على تحمل المدين القوة القاهرة، فانه من باب أولى يجوز كذلك الاتفاق على

.( تشديد مسؤولية المدين( 610

وأرى أن هذا الاتفاق لا يجد سنده باستنتاج منطقي، وإنما يجد سنده القانوني في المادة

1/211 ) مدني مصري التي جاء فيها:" في الالتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين أن )

يحافظ على الشيء، أو أن يقوم بإدارته، أو يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه، فان المدين يكون قد

أوفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي، ولو لم يتحقق الغرض

المقصود هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك"( 611 ). إلا أن تحويل الالتزام بفعل هذا

الاتفاق إلى التزام بتحقيق نتيجة، بعد أن كان التزاما ببذل عناية، لا يمنع المدين من التمسك

بالسبب الأجنبي كسبب لانقضاء الالتزام سواء بشكل مؤقت أو تام( 612 ). كما أنه يمكن التشدد في

تقييم مسلك المدين عبر إبقاء الالتزام الذي هو في الأصل التزام ببذل عناية، كما هو مع التشديد

في درجة العناية المطلوبة، كان يتفق على بذل عناية الرجل الحريص، في التزام يستلزم تنفيذه

عناية الرجل العادي. وهناك صورة ثالثة للتشديد في المسؤولية وردت بنصوص خاصة، وهي

زيادة مدة التقادم، ومن ذلك ما ورد في عقد المقاولة من جواز زيادة الضمان العشري لمدة

.( أطول( 613

الفرع الثاني: الاستثناءات التي ترد على جواز الاتفاق على التشدد في تقييم مسلك المدين

أورد القانون المدني المصري، وعلى نهجه سار المشروع، استثناءين يتعلقان بالاتفاق

على تشديد مسؤولية المدين، الأول يتحقق في حالة غش المدين، فيما يتحقق الثاني في حالة

. 610 ) مرقس، الوافي، ج 1، مرجع سابق، ص 646 )

611 ) نص المشروع على نفس الحكم في المادة ( 234 ) منه. )

. 612 ) الفضل، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 311 )

613 ) نعرض لهذه الحالة عند تناول تطبيقات الشروط المشددة في عقد المقاولة. )

192

الخطأ الجسيم. وإن كان لهذين الاستثناءين أثر واضح في حال الاتفاق على تخفيف المسؤولية،

فان ذلك لا ينفي أن لهما أثرًا أيضا على اتفاقات التشديد، وأعرض لهذين الاستثناءين تباعا.

أولا: الغش

سبق وان أوضحنا معنى الغش، لذا سنقتصر هنا على البحث في أثره على اتفاق التشديد

في مسؤولية المدين.

2) مدني مصري:" وفي كل حال يبقى المدين مسؤولا عما يأتيه / جاء في المادة ( 211

2) منه . وقد / من غش أو خطأ جسيم". وهو الحكم ذاته الذي أورده المشروع في المادة ( 234

جاء في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة:" ومهما يكن من أمر فمن المسلم به أن المدين يسأل على

وجه الدوام عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم، سواء أكان معيار العناية الواجبة معيارا عاما

.( مجردا أم خاصا معينا"( 614

وعليه، فلا يستطيع المدين الذي التزم بموجب شرط مشدد أن يتمسك بالاتفاق إذا صدر

عنه غش، ومثال ذلك أن يتفق الطرفان على أن يسأل المدين عن الخطأ التافه، فلا يستطيع

المدين أن يتمسك بأنه لم يقع من قبله خطأ تافه إذا كان قد صدر عنه -حتى في إطار هذا الخطأ

ودون تجاوزه- غش. ذلك أن مجرد ثبوت الغش يثبت المسؤولية في مواجهته، ولا تنتفي عنه

سواء أتمسك بالاتفاق أو بغيره من الأسباب. كما أن الغش يجعل المدين ليس مسؤولا عن

تعويض الأضرار المتوقعة فقط، بل يجعله مسؤولا عن تعويض الأضرار المتوقعة وغير

المتوقعة. وقد جاء في قرار محكمة النقض المصرية الموقرة:" التعويض في المسؤولية العقدية

-في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم اقتصاره على الضرر المباشر المتوقع أما التعويض في

.( المسؤولية التقصيرية فيكون عن أي ضرر مباشر متوقعا أو غير متوقع…"( 615

. 614 ) المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 277 )

2000 . مشار إليه: احمد، إبراهيم سيد: مسؤولية المهندس والمقاول /5/ 615 ) الطعن رقم 3956 لسنة 68 ق، جلسة 28 )

. عن عيوب البناء فقها وقضاء، ط 1، المكتب الجامعي الحديث، 2003 ، ص 111

193

ثانيا: الخطأ الجسيم

لا يرد (الخطأ الجسيم) استثناءً على شرط التشدد في تقييم مسلك المدين، بل يثير

الأساس الذي يرجع به على المدين في حالة تحقق خطئه الجسيم، أهو الاتفاق أم القانون؟ وفي

ذلك أقول: الأصل عند الاتفاق على التشدد في تقييم مسلك المدين، أن يكون المدين مسؤولا من

باب أولى عن الخطأ الجسيم، لأنه عند التشدد، يصبح الالتزام أكثر إرهاقا للمدين، ويطلب من

المدين ما لا يطلب منه بموجب القواعد العامة، لذا فانه من قبيل النتيجة الحتمية ليس بموجب

القانون فحسب بل وبموجب الاتفاق أيضا مساءلة المدين عن خطئه الجسيم، إلا أن يكون شرط

التشدد في تقييم مسلك المدين، قد ورد على وصف الالتزام ( بأن حوله من بذل عناية إلى تحقيق

غاية) ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأن المدين لا يكون مسؤولا عن الخطأ الجسيم بموجب

العقد، ذلك أن مسؤوليته في هذه الحالة منبعها القانون وليس العقد.

المطلب الثاني: أثر التشدد في تقييم مسلك المدين من حيث الموضوع

تترتب على الشرط المشدد في تقييم مسلك المدين، آثار من حيث الموضوع، بعضها

يتعلق بعبء الإثبات، وبعضها يتعلق بالمسؤولية، أدرسها تباعا.

الفرع الأول: آثار الشرط على عبء الإثبات

يترتب على الاتفاق على تحويل الالتزام من التزام ببذل عناية إلى التزام بتحقيق نتيجة،

أن المدين يصبح مسؤولا عن عدم تحقق النتيجة حتى لو أثبت أنه بذل في سبيل تحقيقها عناية

الرجل العادي، فلا يكون أمامه في هذه الحالة إلا أن يثبت السبب الأجنبي.

ويذهب رأي إلى أنه بموجب الاتفاق على التشديد فان المدين يصبح مسؤولا حتى عن

الخطأ اليسير أو التافه أو عن فعله المجرد عن الخطأ، وينقلب التزامه من التزام ببذل عناية إلى

التزام بتحقيق غاية( 616 ). وأرى أن التشديد في هذه الحالة لا يقلب التزام المدين، بل يبقيه التزامًا

ببذل عناية، إلا أن العناية المطلوبة تكون أشد، ويظهر أثر ذلك في الإثبات حيث يكون الدائن

. 616 ) أبو السعود، مبادئ القانون، مرجع سابق، ص 231 )

194

مسؤولا عن إثبات عدم تحقق النتيجة إذا تحول الالتزام إلى تحقيق نتيجة، أما إذا لم يتحول فان

الدائن يبقى مسؤولا عن إثبات أن المدين لم يبذل العناية المطلوبة . ويبقى الالتزام محتفظا

بطبيعته، إلا أن صفة التشديد تلازم الالتزام في درجة العناية المطلوبة.

وعليه، فانه إذا كنا أمام تحويل للالتزام بحيث يصبح تحقيق غاية بدل بذل عناية، فان

عبء الإثبات يصبح أقل إرهاقا للدائن، ويكفي الدائن أن يثبت الالتزام وأن النتيجة لم تتحقق .

وعندها يلزم المدين في أن يثبت التخلص من الالتزام، بإثبات السبب الأجنبي حتى ينفي

مسؤوليته، ولا يسعفه الادعاء بأنه بذل العناية الكافية.

أما إذا كان الشرط يشدد في درجة العناية دون تغيير طبيعة الالتزام، فلا أثر لذلك على

نقل عبء الإثبات، وإنما يصبح المدين ملزمًا بأن يثبت أنه بذل العناية المطلوبة بموجب الاتفاق

لا بموجب القواعد العامة.

الفرع الثاني: آثار الشرط على مسؤولية المدين

يختلف أثر الشرط المشدد في تقييم مسلك المدين على مسؤوليته، باختلاف صورة

الشرط، فإذا ورد الشرط بأن حول الالتزام من بذل عناية إلى تحقيق غاية، عد المدين مسؤولا

إذا لم تتحقق الغاية المطلوبة، فيما هو في الأصل مسؤول عن بذل عناية هي عناية الشخص

العادي كقاعدة عامة، ولا يستطيع المدين تبعا لذلك أن يدعي أنه بذل ما بوسعه، أو أنه بذل

عناية الشخص العادي، بل عليه أن يثبت انتفاء مسؤوليته، بإثبات القوة القاهرة أو خطأ الغير أو

خطأ الدائن.

أما إذا ورد الشرط في صورة تشديد في تقييم مسلك المدين عبر إلزام المدين بدرجة

عناية تفوق الدرجة المقررة قانونا، فإن لهذا الشرط أثرًا على درجة العناية التي يجب على

المدين بذلها، بحيث تصبح -بموجب الشرط- بذل عناية الشخص العادي –مثلا - في حين

195

يوجب القانون أن تكون عناية أقل( 617 ). أو تصبح أكثر من عناية الشخص العادي، كأن يتفق

على بذل عناية الشخص الحريص. وعليه فإن مسؤولية المدين تتحقق إن هو لم يبذل العناية

المتفق عليها.

كما قد يرد الشرط على مدة التقادم، ويكون صحيحا في الأحوال التي نص القانون على

جواز زيادة مدة التقادم، أما بوجه عام فمثل هذا الشرط باطل بنص القانون، ولا أثر له. حيث

1) مدني مصري على أنه: "لا يجوز النزول عن التقادم / نص المشرع المصري في المادة ( 388

قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي

.( عينها القانون"( 618

أما إذا ورد الاتفاق على مدى التعويض، -فباعتقادي- أن مثل هذا الشرط يعد تعويضا

اتفاقيا، يخضع لأحكامه.

المبحث الثالث: تطبيقات الشروط المشددة في المسؤولية والقيود التي ترد عليها

أدرس في هذا المبحث تطبيقات قانونية للشروط المشددة في المسؤولية، في عقد البيع،

والإيجار، والمقاولة، والنقل، ومدة التقادم، وعقود الأمانة، وذلك في مطلب أول، ثم في مطلب

ثان أدرس القيود التي ترد على هذه الشروط.

المطلب الأول: تطبيقات الشروط المشددة للمسؤولية

أدرس في هذا المطلب تطبيقات الشرط المشدد في المسؤولية في عقد البيع والإيجار

والمقاولة والنقل، في الفروع التالية.

1) مدني مصري:" إذا كانت الوديعة بغير أجر وجب على المودع لديه أن يبذل من العناية في / 617 ) نصت المادة ( 720 )

حفظ الشيء ما يبذله في حفظ ماله، دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد". وقد أخذ مشروع المدني بهذا

1) منه. / الحكم في المادة ( 831

1) منه. / 618 ) أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 426 )

196

الفرع الأول: تطبيقات الشروط المشددة للمسؤولية في عقد البيع

أدرس في هذا الفرع تطبيقات الشروط المشددة للمسؤولية في حالتي ضمان الاستحقاق،

وضمان العيب الخفي في المبيع، علما أن هذه التطبيقات تتعلق بشرط الضمان لا بالشرط المشدد

في المسؤولية.

أولا: زيادة ضمان الاستحقاق

في ضمان الاستحقاق يضمن البائع، تعرضه الشخصي، كما يضمن التعرض الصادر

(1/ عن الغير، وقد أجاز المشرع التشديد عبر الاتفاق في هذا الضمان، فنصت المادة ( 445

مدني مصري على أنه:" يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق أو أن ينقصا

منه أو أن يسقطا هذا الضمان"( 619 ). وتأخذ الزيادة في الضمان عدة صور؛ فقد يتفق المتعاقدان

على أن يضمن البائع التعرض المادي الصادر من الغير والذي أصلا لا يوجبه عليه

.( القانون( 620

ويدخل البعض في إطار صور التشديد، الاتفاق على الزيادة في التعويض، ومثال ذلك

.( الاتفاق على أن يضمن البائع، ولو كان حسن النية المصاريف الكمالية التي أنفقها المشتري( 621

وأرى أن هذا الاتفاق هو اتفاق ضمان وليس اتفاقًا مشددًا في المسؤولية.

كما ويجوز بموجب الشرط أن يتفق البائع مع المشتري –في بيع المتجر مثلا- على

التزام البائع بالا ينشئ إلى جانب المتجر المبيع متجرا آخر تباع فيه السلعة الأصلية أو سلعة

أخرى( 622 ). كما قد يتفق المتعاقدان على جواز الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق متى علم

619 ) أخذ المشروع حرفيا بهذا الحكم في المادة ( 467 ) منه. )

. 620 ) أبو دلو، بدر: مرجع سابق، ص 179 )

621 ) منصور، محمد: شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 152 . الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، )

. ص 305

622 ) أبو السعود، رمضان: الموجز في شرح العقود المسماة- عقود البيع والمقايضة والتأمين- دراسة مقارنة في )

. القانون المصري واللبناني، القاهرة، الدار الجامعية، 1994 ، ص 240

197

المشتري بسبب الاستحقاق ولو قبل وقوع التعرض فعلا( 623 ). أو الاتفاق على أن يضمن البائع

نزع ملكية العقار للمنفعة العامة( 624 ) بينما يعفيه القانون من ذلك. ويحسن أن تحدد المدة التي إذا

نزعت ملكية المبيع للمنفعة العامة خلالها وجب الضمان، وذلك حتى يكون الضمان محددا فيمكن

.( إعماله( 625

ثانيا: زيادة ضمان العيب الخفي

أجاز القانون اتفاق البائع والمشتري على زيادة ضمان العيب الخفي، حيث جاء في

المادة ( 453 ) مدني مصري:" يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا في الضمان أو أن ينقصا

منه أو أن يسقطا هذا الضمان، على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلا إذا كان

.( البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشا منه"( 626

وهذا الاتفاق قد يتعلق بأسباب الضمان( 267 )، ومثال الاتفاقات المتعلقة بأسباب الضمان،

كما إذا اتفق الطرفان على أن يضمن البائع العيوب التي توجد بالمبيع ولو كانت يسيرة أو حتى

لو كانت لا تنقص قيمة المبيع، أو من الانتفاع به( 628 ). أو أن يضمن البائع للمشتري العيب ولو

.( كان ظاهرا، أو يمكن اكتشافه بملاحظة الشخص العادي( 629

الفرع الثاني: تطبيقات الشرط المشدد في عقد الإيجار

أجاز المدني المصري الاتفاق على تشديد ضمان التعرض، وكذلك ضمان العيب الخفي

في المأجور، وهو ما يستفاد من مفهوم المخالفة لنص المادة ( 578 ) منه التي جاء فيها:" يقع

باطلا كل اتفاق يتضمن الإعفاء أو الحد من ضمان التعرض أو العيب إذا كان المؤجر قد أخفى

. 623 ) خضر، خميس: عقد البيع في القانون المدني، ط 2، القاهرة، مكتبة القاهرة الحديثة، 1972 ، ص 220 )

. 624 ) قاسم، محمد: مرجع سابق، ص 301 )

. 625 ) السنهوري، الوسيط، ج 4، مرجع سابق، ص 698 ، الهامش رقم 1 )

626 ) أخذ المشروع بهذا الحكم أيضا في المادة( 479 ) منه. )

. 267 ) تناغو، عقد البيع، مرجع سابق، ص 330 )

.215- 628 ) فرج، توفيق حسن: الوجيز في عقد البيع، القاهرة، الدار الجامعية، 1988 ، ص 214 )

. 629 ) تناغو، عقد البيع، مرجع سابق، ص 330 )

198

عن غش سبب هذا الضمان"( 630 ). وما قيل عن عقد البيع ينطبق على عقد الإيجار مع مراعاة

طبيعة كل عقد، ففيما يتعلق بضمان التعرض، فانه من الجائز التعديل بهذه الأحكام عبر تشديدها

في مواجهة المؤجر، بحيث يجوز الاتفاق مثلا على أن يمنح المستأجر حق الفسخ مهما كانت

درجة إخلال المؤجر بانتفاع المستأجر بالعين( 631 ). كما يجوز أن يتفق المؤجر مع المستأجر على

ضمان الأول لتعرض الغير وإن كان ماديا، ذلك أن القاعدة التي تقضي بعدم ضمان المؤجر

للتعرض الصادر من الغير ليست من النظام العام( 632 ). كما يجوز الاتفاق على خلاف قواعد

ضمان العيب الخفي، وذلك بتشديد الضمان( 633 )، كان يتفق على أن يضمن العيوب وان كانت

ظاهرة( 634 ). أو أن ينص في الشرط المشدد على مسؤولية المؤجر عن العيب وان لم يكن مؤثرا

أو خفيا أو مع علم المستأجر به، أو الاتفاق على التزام المؤجر بالتعويض ولو كان لا يعلم

.( بالعيب( 635

وقد أورد القانون المدني المصري وعلى هديه سار المشروع، نصا خاصا يتعلق

بالهلاك، حيث لم يجز الاتفاق على تحميل المؤجر مسؤولية تعويض المستأجر في حالتي الهلاك

الكلي والجزئي بسبب أجنبي، حيث جاء في المادة ( 569 ) مدني مصري:" 1- إذا هلكت العين

المؤجرة أثناء الإيجار هلاكًا كليًا، انفسخ العقد من تلقاء نفسه. 2-أما إذا كان هلاك العين جزئيًا

أو أصبحت العين في حالة لا تصلح معها للانتفاع الذي أجرت من أجله، أو نقص هذا الانتفاع

نقصًا كبيرًا ولم يكن للمستأجر يد في شيء من ذلك، فيجوز له إذا لم يقم المؤجر في ميعاد

مناسب بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها أن يطلب تبعًا للظروف، إما إنقاص الأجرة، أو

فسخ الإيجار ذاته، دون إخلال بما له من حق في أن يقوم بنفسه بتنفيذ التزام المؤجر وفقًا لأحكام

المادة السابقة. 3- لا يجوز للمستأجر في الحالتين السابقتين أن يطلب تعويضًا إذا كان الهلاك أو

630 ) بنفس المعنى المادة ( 632 ) من المشروع. )

. 631 ) طلبة، عقد الإيجار، مرجع سابق، ص 314 . الدروي وآخر، مرجع سابق، ص 163 )

632 ) السنهوري، عبد الرزاق: شرح القانون المدني في العقود-عقد الإيجار (إيجار الأشياء)، بيروت، منشورات محمد )

. الداية، دون سنة، ص 310

. 633 ) أبو السعود، العقود المسماة، مرجع سابق، ص 528 )

. 634 ) الدروي وآخر، مرجع سابق، ص 195 )

. 635 ) تناغو، عقد الإيجار، مرجع سابق، ص 208 )

199

.( التلف يرجع إلي سبب لا يد للمؤجر فيه"( 636

يلاحظ بأنه لا يجوز أن يرجع في حالتي الهلاك الجزئي والكلي، بطلب التعويضات،

ونعتقد أن المشرع أراد بهذا النص استثناء حالتي الهلاك من اتفاقات تشديد المسؤولية في

مواجهة المؤجر، ذلك أنه في الأصل لا يلتزم المدين (المؤجر) بالتعويضات بموجب القواعد

العامة، مما يعزز القول إن المشرع أراد بهذا النص عدم إجازة الاتفاق على تحميل المدين

(المؤجر) السبب الأجنبي في حالات التهدم الكلي والجزئي في عقد الإجارة.

ويسري هذا الحكم سواء أكان السبب الأجنبي قوة قاهرة أو فعل الغير، ويذهب رأي إلى

أنه إذا كان الهلاك راجعا إلى فعل الغير يستطيع المستأجر أن يرجع على المؤجر بنقصان

المنفعة( 637 ). وأرى بأن هذا الرأي غير دقيق فالنص واضح في عدم إجازة مثل هذا التعويضات

في حالتي الهلاك الكلي والجزئي إذا لم يكن للمدين يد فيه، أي إذا كان الهلاك بسبب أجنبي،

والسبب الأجنبي يشمل من بين أمور أخرى فعل الغير.

وان كان الاتفاق على تحميل المؤجر ما ينتج عن القوة القاهرة من أضرار غير جائز،

إلا إنني أرى جواز الاتفاق على تحميل المستأجر تبعة القوة القاهرة، والعلة في ذلك أنه قد

يحصل الهلاك –غالبا- والمأجور في يد المستأجر، فلا يعرف إذا كان الهلاك قد حصل بخطأ

المستأجر أم لا، لذا أرى انه يجوز الاتفاق على تحميل الأخير المسؤولية عن الهلاك، حتى ولو

لم يثبت المؤجر خطأ المستأجر، لأن المؤجر يكون بعيدا عن المأجور، فيغدو مثل هذا الاتفاق

مبررا ومعقولا.

الفرع الثالث: تطبيقات الشرط المشدد في عقد المقاولة

على خلاف شرط الإعفاء، الذي اعتبره المشرع مخالفا للنظام العام فيما يتعلق بمسؤولية

المهندس والمقاول في الضمان العشري، فقد أجاز المشرع الاتفاق على تشديد مسؤولية المقاول

636 ) أخذ المشروع بذات الحكم في المادة ( 623 ) منه. )

637 ) السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 6، العقود الواردة على العمل، م 1، الإيجار والعارية، بيروت، دار )

. إحياء التراث العربي، سنة 1964 ، ص 296

200

والمهندس وهذا الحكم يستنتج من مفهوم المخالفة لنص المادة ( 653 ) مدني مصري التي جاء

.( فيها:" يكون باطلا كل شرط يقصد به إعفاء المهندس أو المقاول من الضمان أو الحد منه"( 638

ويظهر من النص المذكور أنه لا يوجد ما يمنع من تشديد الضمان، فيجوز اشتراط أن يبقى

الضمان مدة تزيد على عشر سنوات، كما يجوز الاتفاق على ضمان المقاول والمهندس للقوة

القاهرة( 639 ). كما يذهب رأي إلى أنه يمكن تصور تحمل المقاول والمهندس المسؤولية عن فعل

.( صاحب العمل بشرط أن لا يكون الفعل صادرا عن غش صاحب العمل( 640

وأضيف أيضا حالة الخطأ الجسيم، ذلك أن تحمل خطأ رب العمل الجسيم يعد مخالفا

للنظام العام، ذلك أن اتفاق التشديد يحتمل أحيانا وجه آخر هو إعفاء للدائن (المدين بالخطأ)،

ومثل هذا الاتفاق مخالف للنظام العام، رغم عدم وجود نص مباشر بخصوص التشديد، وانما

بوجود النص المتعلق بالإعفاء، ذلك أن الوجه الآخر لمثل هذا الاتفاق هو الإعفاء وهو لا يجوز

في حالة الخطأ الجسيم.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الغش الصادر من المدين (المقاول أو المهندس) يؤدي إلى

أن دعوى الضمان لا تسقط بمدة العشر سنوات.

ويذهب رأي إلى أن مدة التقادم هنا، هي مدة التقادم الطويل (خمسة عشر عاما) من

وقت وقوع الغش، أو بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ اكتشافه( 641 ). وإن كان هذا الرأي

1) مدني مصري( 642 )، إلا أنني أرى –مع الاحترام- أن / يتناسب مع ما أوردته المادة ( 172

المدة الأقل هنا لن تنزل عن عشر سنوات في كل الأحوال، فإذا كان متفقًا على مدة أكثر من

1) نص عام فيما نص / عشر سنوات اعتبرت تلك المدة الحد الأدنى للتقادم، فنص المادة ( 172

3) مدني مصري نص خاص، هذا وقد جاء في المادة المذكورة:" وتبدأ مدة / المادة ( 651

638 ) أخذ المشروع بنص مطابق له في المادة ( 746 ) منه. )

. 639 ) السنهوري، الوسيط، ج 7، مرجع سابق، ص 142 )

. 640 ) عبيدات، نوري: مرجع سابق، ص 279 )

. 641 ) منصور، محمد حسين: المسؤولية المعمارية، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1999 ، ص 133 )

1) من المشروع. / 642 ) يقابلها نص المادة ( 199 )

201

السنوات العشر من وقت تسلم العمل". وهذا النص يسري بغض النظر عن التكييف القانوني

للعلاقة سواء بقيت في إطار المسؤولية العقدية أو المسؤولية التقصيرية.

الفرع الرابع: تطبيقات الشرط المشدد في عقد النقل

أدرس تطبيقات الشرط المشدد في عقد النقل بثلاثة بنود، أتناول فيها أولا الشرط المشدد

لمسؤولية الناقل البري، ثم ثانيا للشرط المشدد لمسؤولية الناقل الجوي، ثم ثالثا للشرط المشدد

لمسؤولية الناقل البحري. علما أن قانون التجارة المصري، وكذلك مشروع التجارة الفلسطيني لم

يوردا نصوصا خاصة في هذا المجال لذا سأدرسهما باقتضاب في البندين الأول والثاني، أما

قانون التجارة البحرية، فقد أورد نص صريح في هذا الشأن، وهو ما سأدرسه في البند الثالث.

البند الأول: عقد النقل البري

لم ينص القانون التجاري المصري وكذلك المشروع في نص خاص على جواز تشديد

مسؤولية الناقل البري، ولكنني سأبحث بإيجاز شديد حكم التشديد في المسؤولية في عقد النقل

البري، فيما يتعلق بنقل البضائع، وفيما يتعلق بنقل الأشخاص.

أولا: عقد نقل البضائع

لم ينص قانون التجارة المصري على جواز شرط التشديد في مسؤولية الناقل البري، إلا

أن ذلك لا يعني عدم جواز مثل هذا الشرط، وذلك بموجب القاعدة العامة المنصوص عليها في

المادة ( 217 ) مدني مصري، والأمر ذاته يقال عن مشروع قانون التجارة الفلسطيني.

فيجوز لذلك أن تتفق الأطراف على زيادة مسؤولية الناقل، ولا يعني ذلك تحميله

التزامات إضافية، ذلك أن تحميل الناقل التزامات إضافية جائز مطلقا بموجب القواعد العامة لعقد

النقل والقواعد العامة للعقود فيما لم يرد بشأنه نص خاص، وضمن إطار هذه القواعد. وعليه،

يستطيع الشاحن أن يشترط على الناقل ضمان الأخير للقوة القاهرة( 643 )، أو اشتراط أن يبذل

643 ) نجد أن القانون التجاري تشدد في شروط القوة القاهرة فاعتبر انه يجب أن تكون حدثا خارجيا، فلا يعد قوة قاهرة )

انفجار وسيلة النقل أو احتراقها أو مرض تابعي الناقل، راجع المادة ( 214 ) تجارة مصري.

202

الناقل عناية خاصة في تنفيذ بعض التزاماته. ومن الشروط التي تشدد المسؤولية أن يتفق الشاحن

مع الناقل على أن يكون التزام الأخير قائما حتى في حالة الضرورة التي قد تلجئه إلى تغيير

طريق النقل، بأن يتفق على أن يبقى الناقل مسؤولا حتى وإن لم يصدر عنه غش أو خطأ جسيم

من جانبه أو من جانب تابعيه، على خلاف القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة

.(644)(228)

والحال بالنسبة للشاحن-باعتقادي- مختلف، فيجوز الاتفاق على زيادة التزامات الشاحن

في إطار القواعد القانونية المكملة ومثل هذا الاتفاق لا علاقة له بتعديل أحكام المسؤولية، لكن لا

يجوز التشديد في المسؤولية إذا كان مثل هذا التشديد يؤدي إلى إعفاء الناقل بطريقة غير مباشرة

من مسؤولياته( 645 ). ومثال ذلك أن يشترط الناقل نقل البضاعة تحت مسؤولية الشاحن، فان مثل

هذا الاتفاق لا يكون ذا اثر إذا صدر خطأ من الناقل أو تابعيه، فيبقى مسؤولا رغم ذلك بموجب

القواعد العامة للمسؤولية حتى وإن كان النقل قد تم تحت مسؤولية الشاحن، ذلك أن مثل هذا

الشرط لا يؤدي إلى عدم مسؤولية الناقل لأن مسؤوليته من النظام العام.

ثانيا: عقد نقل الأشخاص

لم ينص قانون التجارة المصري على جواز تشديد مسؤولية الناقل في عقد نقل

الأشخاص برا، كما أنه- قانون التجارة - لم ينص أيضا على عدم جواز مثل هذه الشروط،

وهو حال مشروع التجارة الفلسطيني أيضا.

وبموجب القواعد العامة، يجوز التشديد في مسؤولية الناقل، أو ضمانه القوة القاهرة. إلا

أنه -باعتقادي- لا يجوز مثل هذا الاتفاق في مواجهة الشاحن، وعلة ذلك أن مثل هذه الاتفاقات

644 ) نصت المادة ( 228 ) تجارة مصري:" ( 1) على الناقل أن يتبع الطريق المتفق عليه فإذا لم يتفق على طريق معين )

وجب إتباع أفضل الطرق. ( 2) ومع ذلك يجوز للناقل أن يغير الطريق المتفق عليه إذا وجدت ضرورة تلجئه إلى ذلك .

وفي هذه الحالة يسأل الناقل عن التأخير أو غيره من الأضرار التي تنجم عن تغيير الطريق إلا إذا اثبت الغش أو الخطأ

الجسيم في جانبه أو في جانب تابعيه وللناقل أيضا الحق في المطالبة بالمصروفات الإضافية الناشئة عن ذلك". يقابلها نص

المادة ( 258 ) من مشروع التجارة الفلسطيني.

645 ) في عدم جواز إعفاء الناقل يمكن الرجوع إلى: الفرع الرابع من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، )

. ص 96

203

قد تؤدي إلى إعفاء الناقل بصورة غير مباشرة من مسؤوليته عن الأضرار البدنية، وهو مما لا

.( يجوز مطلقا في عقد نقل الأشخاص( 646

البند الثاني: عقد النقل الجوي

أدرس في هذا البند شرط تشديد مسؤولية الناقل الجوي، في عقدي نقل الأشياء ونقل

الأشخاص.

أولا: عقد نقل الأشياء

لم ينص القانون على أحكام خاصة تتعلق بتشديد مسؤولية الناقل الجوي، إلا أن ذلك لا

يمنع من الاتفاق على تشديد مسؤوليته، أو ضمانه للقوة القاهرة، ضمن القواعد العامة.

ويظهر الشرط المشدد في مسؤولية الناقل الجوي بوضوح فيما يتعلق بالتعويض، وليس

بالمسؤولية، وقد سبق لنا أن أوضحنا الفرق بين تعديل أحكام المسؤولية، وبين تعديل أحكام

.( التعويض( 647

ثانيا: عقد نقل الأشخاص

لم يتعرض قانون التجارة المصري، وكذلك مشروع التجارة بنص صريح يتعلق بشرط

التشديد في مسؤولية الناقل الجوي، وإنما أورد نصا يتعلق بزيادة التعويضات، فقد أجازت المادة

1/292 ) تجارة مصري زيادة التعويض الذي يتحمله الناقل عن الحد القانوني، وقد جاء في هذه )

المادة:" لا يجوز أن يجاوز التعويض الذي يحكم به على الناقل الجوي مئة وخمسين ألف جنيه

بالنسبة إلى كل مسافر إلا إذا اتفق صراحة على تجاوز هذا المبلغ". وقد أخذ مشروع التجارة

1) من مشروع التجارة بمبلغ مئة / بتحديد مسؤولية الناقل الجوي أيضا، إذ حددها في المادة ( 322

646 ) للتفصيل في ذلك: الفرع الرابع من المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول، ص 98 وما بعدها. )

2) تجارة مصري على أنه:" وفي حالة نقل الأمتعة والبضائع لا يجوز أن يجاوز التعويض / 647 ) نصت المادة ( 292 )

خمسين جنيها عن كل كيلو جرام ...".

204

ألف دينار أردني بالنسبة لكل راكب. لذا، فانه يجوز زيادة هذه المبالغ بالنص على ما يجاوزها

على أن يكون مثل هذا الاتفاق صريحا.

البند الثالث: عقد النقل البحري

أولا: عقد نقل البضائع

نصت المادة ( 237 ) بحري مصري على أنه:" للناقل أن ينزل عن كل أو بعض الحقوق

والإعفاءات المقررة له، كما يجوز له أن يزيد مسؤوليته والتزاماته بشرط أن يذكر ذلك في سند

.( الشحن"( 648

وبموجب هذا النص يجوز أن يزاد في مسؤولية الناقل البحري فيما يتعلق بنقل

البضائع( 649 )، كما يجوز أن يتخلى الناقل عن بعض الإعفاءات المقررة له، فيجوز مثلا أن يتفق

على أن يكون الناقل مسؤولا حتى إذا ثبت خطأ الشاحن عن عدم تغليف البضاعة أو إحكام

ربطها، وهو ما يحول دون مسؤوليته. ذلك أن الأصل يقتضي عدم مسؤوليته ف ي هذه

الحالة( 650 ). إلا أن الاتفاق على الزيادة يجب أن يكون مكتوبا في سند الشحن.

ثانيا: عقد نقل الأشخاص

لم يرد نص خاص فيما يتعلق بنقل الأشخاص، وعليه فتسري القواعد العامة التي تجيز

شرط التشديد في المسؤولية.

648 ) أخذ مشروع البحري بهذا الحكم في المادة ( 270 ) منه. )

649 ) ورد نص المادة ( 237 ) بخصوص نقل البضائع، حيث ورد في الفصل الثاني/ثانيا من قانون التجارة البحرية )

المصري، وهو يتعلق بنقل البضائع.

650 ) للتفصيل في أسباب إعفاء الناقل من المسؤولية: البارودي، علي ودويدار، هاني: مبادئ القانون البحري، الإسكندرية، )

. دار الجامعة الجديدة، 2003 ، ص 217

205

الفرع الخامس: مدة التقادم

1) مدني مصري على انه:" لا يجوز النزول / نص المشرع المصري في المادة ( 388

عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة

1) منه. أي أنه لا يجوز / التي عينها القانون". وقد أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 426

الاتفاق على زيادة مدة التقادم ما لم ينص القانون على جواز ذلك صراحة.

وعليه فان القاعدة هي عدم جواز الاتفاق على تعديل مدة التقادم بالإطالة أو بالتقصير،

ويرى البعض أن هذا الحكم يعود إلى أن المشرع المصري أراد حماية الطرف الضعيف في

.( مواجهة شركات التأمين أو النقل( 651

الفرع السادس: تطبيقات الشرط المشدد في عقود الأمانة

عقود الأمانة هي التي تكون فيها يد المدين يد أمانة، بحيث لا يضمن إلا بتقصيره أو

خطئه، ومن هذه العقود عقد الوديعة وعقد الإعارة، ففي هذه العقود، يجوز كقاعدة عامة الاتفاق

(2/ على تشديد مسؤولية المدين، وقد تشدد القانون في مسؤولية المستعير، فنصت المادة ( 641

من القانون المدني المصري على أنه:" وفي كل حالة يكون ضامنا لهلاك الشيء إذا نشا هذا

الهلاك عن حادث مفاجئ أو قوة قاهرة وكان في وسعه أن يتحاشاه باستعمال شيء من ملكه

الخاص، أو كان بين أن ينقذ شيئا مملوكا له أو الشيء المعار فاختار أن ينقذ ما يملكه".

1) مدني مصري على / كما تشدد القانون في مسؤولية المودع لديه، فنصت المادة ( 727

أنه: "يكون أصحاب الفنادق والخانات وما ماثلها فيما يجب عليهم من عناية بحفظ الأشياء التي

.( يأتي بها المسافرون والنزلاء مسؤولين حتى عن فعل المترددين على الفندق أو الخان"( 652

651 ) عبد الرحمن، احمد شوقي محمد: النظرية العامة للالتزام، مرجع سابق، ص 313 . عبيدات، نوري: مرجع سابق، )

. ص 277

652 ) ومن تطبيقات التشدد في عقود الأمانة، ما نصت عليه المادة ( 117 ) من قانون التجارة الأردني:" 1- تسري قواعد )

إجارة الأشياء على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية أو في خانات منها. 2- ويكون المصرف مسؤولا عن سلامة

206

والصورة الأهم للشرط المشدد في هذه العقود، تكمن في تحميل المدين ما ينتج عن

أضرار ولو لم يكن هلاك الوديعة أو الشيء المعار بفعل خطأ المدين، والسبب وراء هكذا اتفاق

يتعلق بعبء الإثبات الذي يكون غالبا مستحيلا.

وأرى أن هذا النوع من العقود هو المجال الرئيس، للاتفاق المشدد في المسؤولية في

حالة كان الاتفاق يتعلق بتحميل المدين ما ينتج عن القوة القاهرة من أضرار لمصلحة الدائن، كما

أن هذا الاتفاق يبقى في إطار المسؤولية لا الضمان، ذلك أنه يقصد به غالبا التهرب من عبء

الإثبات الذي يكون مستحيلا في أحيان كثيرة، ولا يقصد به الضمان.

المطلب الثاني: القيود التي ترد على شروط التشديد

يرد على شرط التشديد عدة قيود، مستخلصة من أحكام القضاء وآراء الفقهاء والشراح،

كما يستدل على هذه القيود من خلال القانون بكليته، كعدم مخالفة النظام العام، أو حسن النية،

وسأدرس هذه القيود في هذا المطلب. في الفروع التالية.

الفرع الأول: وضوح وصراحة شرط التشديد

يشترط في اتفاقات التشديد أن لا تكون مبهمة( 653 )، وأن تكون واضحة ومحددة، فهي -

الشروط- تزيد الأعباء على المدين، وتعد خروجا على القواعد العامة( 654 ). فإذا ورد الشرط

بضمان البائع -في عقد البيع- جميع أنواع التعرض أيا كانت، لا يعد هذا الشرط تشديدا في

الضمان وإنما ترديدا للقواعد العامة( 655 ). كما لا يعد تشديدا في الضمان القول في العقد، بأن

1) من مشروع قانون التجارة الفلسطيني انه:" على المصرف اتخاذ التدابير / الصناديق المأجورة". وجاء في المادة ( 348

اللازمة لضمان سلامة الخزانة والمحافظة عليها".

653 ) للتفصيل في الاتجاهات التي توسع والاتجاهات التي تضيق في تفسير العبارات التي تتعلق بالضمان: دياب، اسعد : )

.265- ضمان عيوب المبيع الخفية-دراسة مقارنة، بيروت، دار اقرأ للنشر والتوزيع والطباعة، 1981 ، ص 261

654 ) للتفصيل في ضرورة وضوح الشرط المشدد للضمان: فرج، عقد البيع، مرجع سابق، ص 214 . قاسم، محمد: الموجز )

في عقد البيع، مرجع سابق، ص 300 . خضر، خميس: عقد البيع، مرجع سابق، ص 220 . سلطان، العقود المسماة، مرجع

306 . منصور، محمد : شرح العقود - 247 . الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 305 - سابق، ص 246

. المسماة، مرجع سابق، ص 152 . أبو السعود، الموجز في شرح العقود المسماة، مرجع سابق، ص 274

. 655 ) منصور، محمد: شرح العقود المسماة، مرجع سابق، ص 152 )

207

البائع ضامن لكل ما يظهر في المبيع من حقوق، فهذه العبارة العامة في النص على الضمان لا

.( تزيد شيئا على أحكام الضمان القانوني ولا يصح اعتبارها تشديدا لأحكام الضمان( 656

بل يجب أن ينص صراحة في العقد على الأمور التي يضمنها المدين والتي تعد زيادة

في التشديد. كان يتفق مثلا على أن للمشتري الرجوع على البائع في حالة الاستحقاق بجميع

.( المصروفات حتى ولو كانت كمالية وحتى لو كان البائع حسن النية( 657

إلا أن القول بضرورة أن يكون الاتفاق صريحا وواضحا –باعتقادي- لا أساس له في

القواعد العامة في القانون، فرغم حالة شبه الإجماع -لدى من تعرضوا من الشراح والفقهاء لهذه

المسألة- على ضرورة وضوح ودقة ذكر هذه الشروط، وضرورة صراحتها وعدم إبهامها، إلا

أن أحدا لم يؤسس قوله على أساس قانوني قاطع الدلالة بأن هذه الشروط يجب أن تكون على

درجة من الوضوح والصراحة.

فهناك من اعتبر أن السبب وراء ضرورة الوضوح والصراحة –وتحديدا في الضمانات

المتعلقة بالمبيع- هو أن المشرع وضع ضمانات كافية للمشتري، وقل أن يرتضي البائع

بزيادتها( 658 ). ويؤخذ على هذا القول بأن المشرع وضع ضمانات في مختلف العقود لأطراف

الالتزام، ولا تقتصر الضمانات التي وضعها المشرع الضمان في عقد البيع.

وهناك من قال بأن شروط زيادة الضمان تعد خروجا على القواعد العامة، وبالتالي يجب

أن تتسم بالوضوح لأن غموض تلك الشروط يجب أن يفسر عند الشك في مصلحة البائع

(المدين)( 659 ). ويؤخذ على هذا القول أن هذه القاعدة القانونية لا تقتصر على شروط الضمان،

فأينما وجد الغموض، لجأ القاضي إلى التفسير، وعليه فلا يجوز التفسير في حالة الغموض ضد

مصلحة المدين، لكن ذلك لا يلغي أنه يجوز الاتفاق الضمني كما يجوز الاتفاق صراحة . أي أن

القاعدة المذكورة لا تلغي إمكانية أن يكون الاتفاق ضمنيا، أو أن يستدل عليه من وقائع معينة.

. 656 ) الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 305 )

. 657 ) سلطان، العقود المسماة، مرجع سابق، ص 247 )

. 658 ) خضر، خميس: عقد البيع، مرجع سابق، ص 220 )

. 659 ) قاسم، محمد: الموجز في عقد البيع، مرجع سابق، ص 300 . الشرقاوي، شرح العقود المدنية، مرجع سابق، ص 306 )

208

كما ويرى البعض أن هذه الاتفاقات تزيد العبء على البائع لذا يجب أن تكون

واضحة( 660 ). وأقول إن أيًا من الالتزامات العقدية يعد زيادة في العبء سواء في مصلحة المدين

أو في مصلحة الدائن، فمثل هذا القول لا يصلح لتبرير أن يكون الاتفاق على زيادة الضمان

صريحا وواضحا.

ولا أجد في هذه الأسباب ما يصلح لأن يكون أساسا قانونيا تؤسس عليه ضرورة توافر

الوضوح والصراحة، وإنما تنبع آراء الفقهاء والشراح المذكورة من رغبة منهم –باعتقادي- في

عدم الخروج على قواعد الضمان والمسؤولية التي وضعها المشرع، غير أن هذه الرغبة لا

أساس لها في القانون.

وقد ذهبت محكمة النقض المصرية الموقرة إلى انه: "يجب على من يريد مخالفة ما

فرضه القانون من الضمان –إذا هو أراد تشديد الضمان على البائع- أن يبين في العقد الشروط

التي يفهم منها صراحة تشديد الضمان ومخالفة ما نص عليه القانون، أما اشتمال العقد على ما

قرره القانون بعبارات عامة، فانه لا يدل على أن البائع تعهد بضمان أشد مما فرضه القانون،

ويكون من المتعين في هذه الحالة تطبيق الضمان القانوني دون زيادة عليه، لأنه في حال

.( الاشتباه يكون التفسير بما فيه فائدة المتعهد"( 661

كما قضت المحكمة ذاتها بأنه: "إذا كان الشرط –شرط تشديد الضمان- محددا من حيث

الموضوع ومن حيث الزمان أو المكان وكان التحديد معقولا وهو ما يدخل في السلطة التقديرية

.( لمحكمة الموضوع فانه يكون صحيحا"( 662

وبالرجوع إلى هذين القرارين نجد أن القضاء المصري، يذهب مذهب الشراح والفقهاء

المصريين، في ضرورة أن يكون الاتفاق واضحا وصريحا. وهو ما أؤيده وأرى ضرورة أن

ينص مشروعنا الفلسطيني عليه، حتى يوجد للقضاء مبررا قانونيا قاطع الدلالة في أن مثل هذه

. 660 ) فرج، عقد البيع، مرجع سابق، ص 214 )

1932 . مشار إليه: شعلة، احمد: قضاء النقض المدني في عقد البيع، مجموعة /3/ 661 ) طعن رقم 43 سنة 1ق جلسة 3 )

. 1994 )، ص 270 - القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في عقد البيع خلال أربعة وستين عاما-( 1931

. 1962 . مشار إليه: شعلة، احمد: مرجع سابق، ص 259 /6/ 662 ) طعن رقم 387 سنة 26 ق جلسة 7 )

209

الاتفاقات يجب أن تتسم بالوضوح والصراحة والتحديد، لما تمثله من خطورة على مراكز

أطراف الالتزام.

وهناك العديد من التطبيقات القانونية –الخاصة- لمبدأ الوضوح والكتابة فيما يتعلق

بشرط التشديد، ومن ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون ذيل لقانون النقل البحري

الساري في قطاع غزة، حيث جاء في المادة المذكورة:" للناقل بمقتضى أحكام هذا النظام حرية

التنازل كليا أو جزئيا عما له من حقوق وحصانات وله أن يأخذ على عاتقه وفقا لأحكام هذا

النظام، مسؤوليات والتزامات بالإضافة إلى ما هو مترتب عليه بشرط أن يدرج ذلك في البوليسة

المعطاة للشاحن…". وكذلك ما نصت عليه المادة ( 292 ) تجارة مصري، فيما يتعلق بجواز

زيادة التعويض الذي يستحقه الشاحن أو المسافر في عقد النقل الجوي للأشخاص، فيجب أن

.( تكون زيادة التعويض عن الحد القانوني صريحة ومكتوبة في سند الشحن( 663

الفرع الثاني: سلامة جسم الإنسان

لا يورد الشراح قيدا على تشديد المسؤولية يتعلق بسلامة جسم الإنسان، ذلك أن شرط

التشديد يزيد في المسؤولية ولا ينقصها، فهو-الشرط- يعزز السلامة المراد حمايتها، وإن كان

هذا هو الأصل في مثل هذا الشرط، وأرى أن مثل هذا الشرط قد يكون في أحيان معينة

مرفوضا، فرغم أن مثل هذا الشرط يعزز الضمان أو يشدد المسؤولية، إلا انه لا يقوى أحيانا

على أن يوصف بالصحة، إذا أريد به دفع الدائن إلى التعاقد في علاقة يكون من المتصور أن

تؤدي إلى المساس بجسمه. فجسم الإنسان لا يجوز أن يصبح محلا للتعامل( 664 ). ونمثل على ذلك

في أن يتفق الطبيب مع المريض على إجراء عملية للأخير يغلب على الظن أنها ستودي بحياته،

أو إعاقته، أو تعد مخاطرة بجسمه، في حين أنه لا ضرورة ملحة تكمن وراء هذه العملية، فان

مثل هذا الشرط باعتقادي باطل تبعا لبطلان التصرف أساسا.

663 ) أخذ مشروع التجارة بهذا الحكم أيضا في المادة ( 322 ) منه. )

. 664 ) للمزيد من التفصيل: الفرع الاول من المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الاول، ص 116 )

210

الفرع الثالث: مخالفة الشرط للنظام العام وحسن النية في العقود

سواء أكان الشرط شرط ضمان أو شرط تشديد في المسؤولية، فانه لا يجوز إذا كان

مخالفا للنظام العام وحسن النية في العقود( 665 )، وعليه لا يجوز مثلا الاتفاق على مدة تقادم أطول

ما لم يوجد نص خاص يجيز ذلك، ومثل هذا الشرط باطل.

كما لا يجوز الاتفاق على ضمان المدين خطأ الدائن إذا صدر عن الأخير غش أو خطأ

جسيم، فالغش والخطأ الجسيم يدلان على عدم وجود النية الحسنة في تنفيذ العقد، فيسقط الشرط

ولا يضمن المدين ما نشأ للدائن بموجبه، بل ويحق للأول مطالبة الأخير بالتعويضات إن كان

لها مقتضى.

الفرع الرابع: ألا يتخذ الشرط بندا في عقد إذعان

نصت المادة ( 149 ) مدني مصري على أنه:" إذا تم العقد بطريق الإذعان، وكان قد

تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها

وذلك وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك". وقد أخذ مشروع المدني

.( بهذا الحكم في المادة ( 150 ) منه( 666

وعليه، فيجوز للقاضي استبعاد الشروط القاضية بتشديد المسؤولية أو الضمان، إذا ما

وجد أنها شروط تنافي العدالة ووردت في عقد إذعان، مما يستدعي –باعتقادي - أن يبحث

القاضي عن التوازن في الالتزامات، فان لم يجد مقابلا للمسؤولية المشددة يستدعي مثل هذا

التشديد، عليه أن يعفي الطرف المذعن في هذه الحالة من التزامه بشرط التشديد. وأرى أن ينص

المشرع صراحة على عدم سريان الشرط المشدد أو شرط الضمان في مواجهة المستهلكين،

665 ) الجفين، عبد الهادي: مرجع سابق، ص 209 وما بعدها. )

666 ) للتفصيل في شرح ذلك: عبد الله، عمر عبد الرشيد احمد: نظرية العقد في قانون المعاملات المدنية الإماراتي ، )

. القاهرة، دار النهضة العربية، 1995 ، ص 240

211

حيث أن مثل هذه الشروط في مواجهة المستهلكين تعد –غالبا- إعفاءً بطريق غير مباشر من

.( المسؤولية، وهو ما يذهب المشرع الحديث إلى اعتباره باطلا( 667

على أن إجازة الشرط المشدد في اعتقادي يعد قيدا على حرية القاضي وتقديره، فيجبره

في أحيان كثيرة على الإبقاء على الشرط، ذلك أنه شرط جائز بنص، مما يجعل تقدير القاضي

مقيدا –غالبا- عندما يبحث في الإبقاء أو استبعاد مثل هذا الشرط.

الفرع الخامس: مجافاة الشرط للعدالة

إذا تبين للقاضي أن الشرط -وان لم يشكل بندا في عقد إذعان- منافٍ للعدالة أو يرتب

التزامات مجحفة بحق فريق على حساب الفريق الآخر جاز له-للقاضي - أن يعفي الطرف

الملتزم بالشرط من التزامه، وبخاصة شرط الضمان، إلا أن المدني المصري والمشروع لم

يأخذا بهذا الحكم، على خلاف مشروع القانون المدني العربي الموحد الذي نص صراحة على

جواز تدخل المحكمة في إعفاء المدين، أو تعديل المسؤولية الملقاة عليه بموجب شرط الضمان،

فقد نصت المادة ( 312 ) من مشروع القانون المدني العربي الموحد على أنه: "إذا تم الاتفاق على

أن يتحمل المدين تبعة الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة جاز للمحكمة إعفاء المدين من هذه

المسؤولية أو تعديلها وفقا لما تستوجبه العدالة، ويقع باطلا كل شرط يخالف ذلك".

وبذلك يكون المشروع الموحد خلافا للمصري والمشروع الفلسطيني قد فتح الباب واسعا

للقاضي للتدخل في إجهاض مغامرة أقدم عليها المدين طائعا، وسواء عن طريق رفع الإرهاق

.( عنه كليا أو جزئيا( 668

وأرى أن يتبنى مشروع المدني الفلسطيني والمدني المصري هذا الحكم، ذلك أن لإجازة

هذه الشروط غاية، والغاية هي مراعاة ما قد تتطلبه المعاملات من أوضاع معينة، فان كان

الشرط بلا أسباب معقولة أو مبررة له، أجيز للقاضي أن يعدله أو يعفي المدين منه.

. 667 ) الرفاعي، احمد: مرجع سابق، ص 214 )

- 668 ) سوار، محمد وحيد: الاتجاهات العامة في القانون المدني، ط 2، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2001 ، ص 327 )

.238

212

الخاتمة

الشروط المعدلة في المسؤولية العقدية ثلاثة، وهي الشرط المعفي والشرط المخفف

والشرط المشدد في المسؤولية، وقد أجاز القانون المدني المصري، وكذلك مشروع القانون

المدني الفلسطيني، هذه الشروط فيما يتعلق بالمسؤولية العقدية دون إيراد قيود فعالة، أما بالنسبة

للمسؤولية التقصيرية، فلم يجيزا هذه الشروط إلا فيما يتعلق بالشرط المشدد في المسؤولية، مما

يستنتج منه أنه إذا أجيزت الخيرة بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية للدائن، فان الشرط

المعفي، وكذلك الشرط المخفف، يصبحان غير ذي أثر على المسؤولية، فتبقى المسؤولية قائمة،

ويلاحظ هنا أن القانون المدني المصري جاء خاليا من حكم مسألة الخيرة بين المسؤوليتين،

فبقيت خاضعة لآراء الفقه واجتهادات القضاء.

وينحصر نطاق الشروط المعدلة في المسؤولية العقدية على المسؤولية وحدها، دون أن

يطال ذات الالتزام الذي يبقى قائما حتى في ظل وجود هذه الشروط، ففيما يتعلق بشرط ي

الإعفاء والتخفيف من المسؤولية، فان الالتزامات تبقى قائمة في ظلهما، ولا يتأثر بقاء الالتزام

بهما، كونهما يردان على المسؤولية لا على الالتزام، ويظهر الفرق بشكل جلي في حالتي الغش

والخطأ الجسيم، وفي حالة التنفيذ العيني للالتزام.

وتتميز الشروط المعدلة في المسؤولية العقدية، عن التعويض الاتفاقي، ذلك أن الأولى

ترد على المسؤولية، فيما ترد الثانية على آثارها.

كما وتتميز الشروط المعدلة عن التأمين على المسؤولية، فالأولى تنفي أو تخفف من

المسؤولية، فيما الثانية تؤكدها، على أنه إذا كان الشرط المعدل مشددا في المسؤولية، فإننا نكون

أمام شرط يتشابه مع التأمين من حيث النتيجة، إلا أنه يختلف معه من حيث الأحكام الواجبة

التطبيق، والتي في عقد التأمين تكون أحكاما آمرة، لا يمكن تصور أن يكون المدين قد ألزم نفسه

بها من خلال الشرط المشدد.

213

وقد يرد الشرط المعدل في المسؤولية باطلا، وهنا يتم إعمال القاعدة العامة في انتقاص

العقد، فإذا كان الشرط جوهريا في نية المتعاقد، أي إذا كان بمثابة السبب الباعث على التعاقد،

فان العقد كله يبطل، أما إذا لم يكن الشرط جوهريا، فانه وحده يبطل.

وقد يطال البطلان جزءا من الشرط، وهنا يتم إعمال نظرية الانتقاص فيما يتعلق بالجزء

الباطل وحده من الشرط.

وتقضي القاعدة العامة بأن لا يكون للشرط المعدل أثر على الغير، بما في ذلك الدعوى

المباشرة التي لا تعد خروجا على القاعدة العامة في نسبية آثار العقد. إلا أنه يوجد أحوال

استثنائية يكون لهذه الشروط اثر من حيث الأشخاص غير العاقدين، وهي حالة الاشتراط

لمصلحة الغير، وحالة الخطأ المشترك في حالة ضيقة، وهي حالة إدخال الدائن في الدعوى

القائمة بين المدين تقصيريا والمدين بموجب عقد.

( وقد أجاز القانون المدني المصري الشرط المعفي من المسؤولية بموجب المادة ( 217

منه، دون أن يتأثر بموقف بعض الفقهاء الذين يرفضون هذا الشرط، إلا أن القانون المدني وضع

استثناءين، هما حالتي الغش والخطأ الجسيم. كما أجاز ذات القانون الشرط المعفي حتى في

هاتين الحالتين فيما يتعلق بخطأ من يستخدمهم المدين في تنفيذ التزامه، وهو موقف منتقد، ذلك

أن مسؤولية المدين في هذه الحالة هي في الحقيقة مسؤولية شخصية، وقد أخذ بموقف القانون

المدني المصري مشروع القانون المدني الفلسطيني. وأرى أن إجازة الشرط في حالتي الغش

والخطأ الجسيم تتعلق بمن يستخدمهم المدين في تنفيذ التزامه دون سواهم من الغير.

وقد أضاف القضاء والفقه المصريين اللذان يذهبان إلى إجازة شرط الإعفاء، قيدا يتعلق

بالشرط الذي يعفي المدين من الأضرار التي تصيب الإنسان في جسده أو سلامته، وهو ما يجد

تطبيقا له في عدم إجازة الشرط الذي يعفي المقاول والمهندس من مسؤوليتهم عن تهدم البناء .

وهو أيضا ما اتجهت إليه بعض التشريعات صراحة منها قانون الموجبات والعقود اللبناني.

214

ويرد على القاعدة العامة القاضية بجواز شرط الإعفاء (المادة 217 )، قيود أخرى

مصدرها القانون والفقه والقضاء، ومن هذه القيود إعطاء القاضي السلطة في تعديل الشرط

المعفي إذا ورد في عقد إذعان (المادة 149 )، على أن مثل هذا القيد يبقى مصطدمًا بحقيقة أن

المشرع أجاز شرط الإعفاء صراحة. وكذلك قيد يتعلق بالشروط التي تجحف بحق المستهلكين،

وهو ما يفتقر إليه القانون المدني المصري. بالإضافة إلى قيد هام جدا، يتعلق في عدم جواز

الإعفاء من التزام رئيسي يفرضه العقد، وهنا أرى ضرورة تفسير الحكم الوارد في المادة

217 ) بأنه لا يجيز الإعفاء من المسؤولية الناشئة عن التزام رئيس يفرضه العقد. وان كان مثل )

هذا التفسير مقبولا بصعوبة في القانون المدني المصري، إلا انه مرفوض صراحة في حكم

1) من المشروع التي تجيز الاتفاق على إعفاء المدين كليا أو جزئيا، وأرى أن مثل / المادة ( 238

هذه الصياغة تضيف قيدا على القاضي، بحيث لن يستطيع استبعاد، أو إبطال الشرط الذي يعفي

المدين من تنفيذ التزاماته الجوهرية. ومن القيود أيضا، ضرورة كتابة شرط الإعفاء ووضوحه،

وقد ذهبت بعض الأحكام الخاصة في قانون التجارة المصرية (المادتين 246 و 268 )، وقانون

.( التجارة البحرية المصري (المادة 238 ) وذيل قانون نقل البضائع بحرا (المادة 6

ويلاحظ أن بعض التطبيقات التشريعية -على خلاف القاعدة العامة- لا تجي ز شرط

الإعفاء، وهو ما ذهب إليه قانون التجارة المصري، في عدم جواز شرط الإعفاء بوجه عام فيما

يتعلق بعقدي نقل الأشياء والأشخاص. فقد أبطل قانون التجارة المصري شرط الإعفاء؛ فيما

يتعلق بهلاك البضاعة (المادة 245 )، وفيما يتعلق بالأض رار البدنية (المادة 267 )، وذلك

بخصوص النقل البري. وكذلك هو حكم النقل الجوي، فقد أبطل القانون المذكور شرط الإعفاء

فيما يتعلق بالأضرار البدنية وغير البدنية على السواء (المادة 294 ). ويأخذ الشرط الذي يلزم

المسافر أو المرسل إليه أو المرسل بدفع نفقات التأمين أو جزء منها أو التنازل عن الحقوق التي

ينشئها التأمين حكم شرط الإعفاء، سواء في النقل البري أو الجوي. وقد تبنى مشروع قانون

التجارة الفلسطيني الأحكام الواردة في قانون التجارة المصري نفسها، إلا أنه أضاف إلى

الأحوال التي تأخذ حكم شرط الإعفاء حالة الشرط الذي يقضي بنقل عبء الإثبات، وهو موقف

يفضل موقف القانون الأخير. علما بأن قانون التجارة البحرية المصري اعتبر بأن الشرط الذي

215

يقضي بنقل عبء الإثبات يأخذ حكم شرط الإعفاء (باطل). علما أن القانون الأخير أبطل شرط

الإعفاء في (المادة 236 ) فيما يتعلق بهلاك البضاعة، وفي (المادة 260 ) فيما يتعلق بالأضرار

البدنية التي تصيب المسافرين، كما أبطل الشروط التي تأخذ حكم شرط الإعفاء، كإلزام المرسل

أو المرسل إليه بدفع نفقات التأمين أو التنازل عن الحقوق التي ينشئها، وأضاف إلى ذلك الشرط

.( الذي ينقل عبء الإثبات (المادة 236

ورغم أن قانون التجارة المصري أبطل شرط الإعفاء في الأحوال المذكورة، إلا انه

2/ب). كما استثنى الأضرار غير البدنية التي تصيب الراكب / استثنى حالة التأخير (المادة 246

(المادة 268 ) وهو موقف قانون التجارة البحرية أيضا في (المادة 289 )، ذلك أنه يتعارض مع

القاعدة المنصوص عليها في قانون التجارة التي لا تجيز شرط الإعفاء من جهة، ومن جهة ثانية

لأن مثل هذا الجواز قد يستغل بصورة تؤدي إلى الإعفاء من المسؤولية في الأحوال التي

يفترض فيها عدم جواز الإعفاء، ومن جهة ثالثة فقد شرع للناقل أن يحدد مسؤوليته بمبلغ مالي

معين.

كما أجاز القانون الأخير شرط الإعفاء، لكن في حالة عدم وقوع خطأ من جهة الناقل أو

تابعيه في (المادة 238 )، إلا أن النص الأخير اشترط أن تكون هناك ظروف استثنائية تبرر مثل

هذا الاتفاق.

ويترتب على شرط الإعفاء الصحيح من المسؤولية، أن المدين يعتبر غير مسؤول عن

الخطأ العقدي في حدود الشرط، إلا أن ذلك لا ينفي أن للشرط أثرًا في قلب عبء الإثبات في

حالتي الغش والخطأ الجسيم، فهنا يلزم الدائن بإثبات الخطأ الجسيم أو الغش، ولا يقتصر دوره

على إثبات الالتزام وان المدين أخل به.

أما بالنسبة للشروط المخففة من المسؤولية العقدية، فهي بالمعنى الدقيق شرطان؛ أولهما

الشرط الذي يحول العناية من تحقيق نتيجة إلى بذل عناية، ويترتب على هذا الشرط أن يصبح

المدين مسؤولا إن لم يقم ببذل عناية الرجل المعتاد، كما يترتب عليه إعفاء المدين من فعله

المجرد من الخطأ، على أن الأخذ بهذا الشرط لا يجوز أن يؤدي إلى تغيير وصف الالتزام

216

الرئيسي في العقد ليصبح ببذل عناية، كما يجب الأخذ به في إطار ضيق، ولأسباب ذاتية

وموضوعية موجبة، مع التفرقة بين المدين المتخصص وغير المتخصص.

أما الشرط الثاني، فهو الذي يخفف في درجة العناية عندما يكون الالتزام أصلا ببذل

عناية، فيصبح المعيار معينا متفقا عليه بعد أن كان عاما هو معيار الرجل المعتاد، وهذا الشرط

1) من القانون المدني المصري. / جائز بموجب المادة ( 211

ويضاف إلى الشرطين المذكورين أعلاه؛ شرطين لا يعدان بالمعنى الدقيق شرطي

تخفيف، هما: شرط إنقاص مدة التقادم، الذي يقضي الأصل بعدم جوازه إلا بنص صريح، وأرى

أن يقيد بمدة لا تؤثر على حق التقاضي. وشرط إعفاء المدين من تنفيذ الالتزام بشكل جزئي،

وهذا الأخير يأخذ حكم شرط الإعفاء تماما. أما الشرط القاضي بتحديد مسؤولية المدين بحد

أقصى للتعويض، فهو إما تعويض اتفاقي، أو قانوني، ولا يمكن اعتباره شرطًا مخففًا من

المسؤولية.

وقد أجاز القانون المدني المصري كذلك الشرط الذي يراد به تشديد مسؤولية المدين،

1)، إلا أنه لم يجز الاتفاق على / فأجاز الاتفاق على خلاف أحكام القوة القاهرة (المادة 217

2)، ويكمن وراء ذلك سببان: الأول هو أن / خلاف أحكام نظرية الظروف الطارئة (المادة 147

الظروف الطارئة دائما تتسم بالعمومية، فيما لا يشترط في القوة القاهرة ذلك . والثاني هو

اختلاف مصدر كل من نظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة، وهو موقف منتقد كونه يؤدي

لنتائج متناقضة خاصة إذا كانت القوة القاهرة عامة.

وقد توسع مشروع القانون المدني الفلسطيني في جواز الشرط المشدد، فأجازه في كل

2)، على خلاف المدني المصري الذي أتى بحكم / أحوال السبب الأجنبي عموما (المادة 238

قاصر على الحادث المفاجئ والقوة القاهرة، وموقف المشروع منتقد كونه يؤدي إلى نتائج

2و 4 من المشروع)، كما يؤدي إلى ع دم / تخالف أحكام التعويض الاتفاقي الآمرة (المادة 241

قدرة المدين على تحصيل حقوقه من الغير، إلا إذا ادخله بالدعوى. وفي كل الأحوال فان شرط

217

تحميل المدين السبب الأجنبي يعد اتفاق ضمان، مما يستدعي أن يبحث القاضي عن المقابل

المعقول.

وشرط تحميل المدين مسؤولية عدم التنفيذ في حالة القوة القاهرة يرد على أحد وجهين :

فإما يراد به الضمان. وإما يراد به المسؤولية. فإذا أريد به الضمان فان الشرط يخرج عن إطار

المسؤولية ويعتبر التزاما بالمعنى الدقيق، فيتقدم الدائن بدعوى يطالب فيها بالتنفيذ العيني للالتزام

بعد إرسال الاعذار للمدين يطالبه فيه بالبدل، وعليه أن يدعي بحصول القوة القاهرة. أما إذا أريد

به المسؤولية، فإنه يبقى في إطارها، ويتقدم الدائن بدعوى مسؤولية مطالبا بالتعويض، ولا

يستطيع المدين أن يدفع بانقضاء التزامه بالقوة القاهرة. ويظهر الفرق بين التكييفين في صياغة

الشرط والظروف المحيطة به، فإذا كانت يد المدين على محل العقد يد أمانة، اعتِبرَ مثل هذا

الشرط شرط تشديد، أما إذا كانت يد المدين يد ضمان عد الشرط شرط ضمان.

كما يرد الشرط المشدد على درجة العناية المطلوبة أو نوعها، وقد أجاز القانون المدني

1). أما إذا نص الشرط المشدد على مدة أطول لتقادم / المصري هاتين الصورتين (المادة 211

1)، إلا إذا ورد نص في القانون يجيزه. / الدعوى، فهو باطل (المادة 388

وقد أورد الفقه والقضاء قيودا على الاتفاق المشدد في المسؤولية، حيث اشترطوا به

الكتابة والوضوح، إلا أن هذا القيد لا أساس له في القانون. كما أوردوا قيدا آخر يتعلق بجسد

الإنسان الذي لا يجوز أن يكون محلا للتصرفات. ويرفض الفقهاء الشرط الذي يكون مخالفا

للنظام العام وحسن النية في تنفيذ العقود، وهذا القيد مبني على أساس قانوني. ومن القيود أيضا

أن لا يرد الشرط بندا في عقد إذعان.

بناء على ما تقدم فإنني أقترح على المشرع المصري ومعدي مشروع القانون المدني

الفلسطيني ما يلي: أولا: إضافة المادة: ( ) "لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في

دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسؤول بعلاقة عقدية سابقة إلا إذا كان خطأ

العاقد الآخر يعد جريمة أو يعد غشا أو خطأ جسيما".

218

ثانيا: تعديل المادة ( 217 ) مدني المصري لتصبح:" 1- يجوز الاتفاق كتاب ً ة على:

أ- أن يتحمل المدين تبعة القوة القاهرة والحادث المفاجئ، أو

ب- إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ جزء من التزاماته غير الرئيسية

المترتبة على العقد، إلا ما ينشا عن غشه أو عن خطئه الجسيم أو غش أو خطأ تابعيه، أو يتعلق

بسلامة الإنسان.

-2 إذا تم اتفاق كالمذكور في الفقرة الأولى فلا يعتد به إلا إذا وجدت ظروف معقولة تستدعي

مثل ذلك الاتفاق، ويجوز للمحكمة في كل الأحوال تعديل الاتفاق أو استبعاده وفقا لما تستوجبه

العدالة، ويقع باطلا كل شرط يخالف ذلك".

وكلي أمل أن تشكل رسالتي هذه، عونا ومساهمة بسيطة، تصلح للاستفادة منها في إعادة

صياغة الشروط المعدلة في المسؤولية، بطريقة تحد من إجحافها بحقوق أطراف العقد، وتنسجم

مع باقي أحكام القانون.

219

قائمة المصادر والمراجع

220

أولا: المراجع

الكتب:

أبو البصل، عبد الناصر موسى: دراسات في فقه القانون المدني الأردني -النظرية العامة

. للعقد، ط 1، الأردن، دار النفائس للنشر والتوزيع، 1999

أبو السعود، رمضان: العقود المسماةعقد الإيجار (الأحكام العامة في الإيجار )، الإسكندرية،

. منشأة المعارف، 1996

أبو السعود، رمضان: الموجز في شرح العقود المسماةعقود البيع والمقايضة والتأميندراسة

. مقارنة في القانون المصري واللبناني، القاهرة، الدار الجامعية، 1994

أبو السعود، رمضان: النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، الإسكندرية، دار المطبوعات

. الجامعية، 2002

أبو السعود، رمضان: مبادئ الالتزام في القانون المصري واللبناني، دون مكان، دون ناشر،

.1984

.2003 ، أبو السعود، رمضان: مصادر الالتزام، ط 3

أبو الليل، إبراهيم الدسوقي: نظرية الالتزام، ج 1، المصادر الإرادية للالتزام - العقد والإرادة

. المنفردة، الكويت، مطبوعات جامعة الكويت، 1995 ،ص 305

أبو سعد، محمد شتا: الخطأ المشترك، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، دون سنة.

احمد، إبراهيم سيد: مسؤولية المهندس والمقاول عن عيوب البناء فقها وقضاء، ط 1، المكتب

. الجامعي الحديث، 2003

احمد، محمد شريف: مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، ط 1، عمان، مكتبة دار الثقافة

. للنشر والتوزيع، 1999

221

الاسيوطي، ثروت أنيس: مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن ، القاهرة، المطبعة

. العالمية، 1960

ألبيه، محسن عبد الحميد: خطأ الطبيب الموجب للمسؤولية المدنية، الكويت، مطبوعات جامعة

. الكويت، 1993

السنهوري، عبد الرزاق: الموجز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري ،

ج 1، لم تذكر طبعة، المجمع العلمي العربي الإسلامي – منشورات محمد الداية

بيروت، بدون سنة نشر.

ألعدوي، مصطفى عبد الحميد: النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام، ط 1، مطبعة حمادة

. الحديثة، 1996

الاهواني، حسام الدين كامل: مصادر الالتزامالمصادر الإرادية، دون مكان نشر، دون ناشر،

.1992

.1995 ، الاهواني، حسام الدين: النظرية العامة للالتزام،ج 1، مصادر الالتزام ط 2

البارودي، علي ودويدار، هاني: مبادئ القانون البحري، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة،

.2003

باشا، محمد قدري: كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان، ط 4، القاهرة، المطبعة

. الأميرية، 1931

. بوستيت، احمد حشمت: نظرية الالتزام في القانون المدني، مصر، مكتبة عبد الله وهبة، 1945

الترمانيني، عبد السلام: نظرية الظروف الطارئةدراسة تاريخية ومقارنة في تقنينات البلاد

. العربية، دمشق، دار الفكر، 1971

. التكروري، عثمان: شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، القدس، 2002

222

. تناغو، سمير عبد السيد: عقد الإيجار، 1998

تناغو، سمير عبد السيد: عقد البيع، الإسكندرية، الفنية للطباعة والنشر، دون سنة.

تناغو، سمير عبد السيد: نظرية الالتزام، الإسكندرية، منشأة المعارف، دون سنة.

الجمال، مصطفى و أبو السعود، رمضان محمد وسعد، نبيل إبراهيم: مصادر وأحكام الالتزام ،

. بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2003

الجمال، مصطفى: عقد البيع (منسوخ على الآلة الطابعة)، المكتب المصري الحديث، دون سنة.

. جميعي، حسن عبد الباسط: شروط التخفيف والإعفاء من ضمان العيوب الخفية، 1993

حجازي، عبد الحي: النظرية العامة للالتزام وفقا للقانون الكويتيدراسة مقارنة، ج 1، مصادر

الالتزام -المصادر الإرادية (العقد والإرادة المنفردة)، المجلد الأول، نظرية الالتزام -

. تحليل العقد، الكويت، مطبوعات جامعة الكويت، 1982

حجازي، عبد الحي: النظرية العامة للالتزامات، ج 2، مصادر الالتزام، القاهرة، مطبعة نهضة

. مصر، 1954

حجازي، مصطفى احمد عبد الجواد: المسؤولية المدنية للخبير القضائي، القاهرة، دار النهضة

. العربية، 1998

حماد، نزيه: مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي، ط 2، المعهد الإسلامي

. للبحوث والتدريب، جدة، 2000

. حمدي، كمال: عقد الشحن والتفريغ في النقل البحري، 2002

. خالد، عدلي أمير: أحكام دعوى مسؤولية الناقل البحري، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2000

. خضر، خميس: عقد البيع في القانون المدني، ط 2، القاهرة، مكتبة القاهرة الحديثة، 1972

223

الدروي، فهمي والطنطاوي، طارق: عقد الإيجار في القانون المدني، مركز الأبحاث والدراسات

. القانونية، 1998

الدريني، فتحي: نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي، ط 2، بيروت، مؤسسة

. الرسالة، 1977

دسوقي، محمد إبراهيم: تقدير التعويض بين الخطأ والض رر، الإسكندرية ، مؤسسة الثقافة

الجامعية، بدون سنة نشر.

الدناصوري، عز الدين و ألشواربي، عبد الحميد: المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء،

. ط 6، دون مكان نشر، دون ناشر، 1997

دواس، أمين: المصادر الإرادية –العقد والإرادة المنفردة ، رام الله، دار الشروق للنشر

. والتوزيع، 2004

دياب، اسعد: ضمان عيوب المبيع الخفية-دراسة مقارنة، بيروت، دار اقرأ للنشر والتوزيع

. والطباعة، 1981

رشدي، محمد السعيد: الخطأ غير المغتفر سوء السلوك الفاحش والمقصود، ط 1، الكويت،

. مطبوعات جامعة الكويت، 1995

الرفاعي، احمد محمد: الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي ، القاهرة، دار النهضة

. العربية، 1994

.1993 ، الزعبي، محمد يوسف: عقد البيع في القانون المدني الأردني، ط 1

زكي، محمود جمال الدين: الوجيز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري،

. القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978

224

زكي، محمود جمال الدين: مشكلات المسؤولية المدنية، ج 1، في ازدواج أو وحدة المسؤولية

. المدنية ومسالة الخيرة، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978

زكي، محمود جمال الدين: مشكلات المسؤولية المدنية، ج 2، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة،

.1990

سامي، فوزي محمد: شرح القانون التجاري، ج 1، مصادر القانون التجاري-الأعمال التجارية-

التاجر-المتجر-العقود التجارية، ط 1، عمان، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر

. والتوزيع، 2002

السرحان، عدنان إبراهيم و خاطر، نوري حمد: شرح القانون المدني مصادر الحقوق

الشخصية " الالتزامات" دراسة مقارنة، ط 1، عمان، الدار العلمية للنشر والتوزيع ودار

. الثقافة للنشر والتوزيع، 2002

السرحان، عدنان: شرح القانون المدني- العقود المسماة في (المقاولة، الوكالة، الكفالة )،

. عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1996

، سرور، محمد شكري: مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببه ا منتجاته الخطرة ، ط 1

. القاهرة، دار الفكر العربي، 1983

سرور، محمد شكري: موجز الأحكام العامة للالتزام في القانون المدني المصري، ط 1، القاهرة،

. دار الفكر العربي، 1985

. سعد، نبيل إبراهيم: الضمانات غير المسماة، ط 2، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2000

سعد، نبيل إبراهيم: العقود المسماة-عقد البيع، ط 2، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2004

سعد، نبيل إبراهيم: النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام، الإسكندرية، دار الجامعة

. الجديدة، 2004

225

سلطان، أنور: مصادر الالتزام، الموجز في النظرية العامة في الالتزام، بيروت، دار النهضة

. العربية للطباعة والنشر، 1983

سلطان، أنور: العقود المسماة-شرح عقدي البيع والمقايضة، بيروت، دار النهضة العربية

. للطباعة والنشر، 1980

سلطان، أنور: الموجز في مصادر الالتزام، الإسكندرية، منشأة المعارف– جلال حربي وشركاه،

.1996

سلطان، أنور: مصادر الالتزام (دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي )، ط 3، دون مكان نشر،

. المكتب القانوني، 2000

سليم، عصام أنور: عدم تجزئة العقد في الشريعة الإسلامية والقانون ، الإسكندرية، منشأة

المعارف، دون سنة.

السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 6، العقود الواردة على العمل، المجلد الأول ،

. الإيجار والعارية، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1964

السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ج 2، نظرية الالتزام بوجه

. عام-الإثبات –آثار الالتزام، بيروت، دار إحياء التراث، 1964

السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، ج 7، المجلد الثاني، عقود الغرر ،

. بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1964

السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، ج 7، المجلد الأول، العقود الواردة

على العمل، المقاولة والوكالة والوديعة والحراسة، بيروت، دار إحياء التراث العربي،

.1964

، السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام بوجه عام ، ج 1

مصادر الالتزام، بيروت، دار إحياء التراث، دون سنة نشر.

226

السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط، ج 4، البيع والمقايضة، بيروت، دار إحياء التراث العربي،

.1964

السنهوري، عبد الرزاق: شرح القانون المدني في العقود-عقد الإيجار (إيجار الأشياء )،

بيروت، منشورات محمد الداية، دون سنة.

سوادي، عبد الباقي: مسؤولية المحامي المدنية عن أخطائه المهنية، ط 2، عمان، مكتبة دار

. الثقافة للنشر والتوزيع، 1999

سوار، محمد وحيد الدين: الاتجاهات العامة في القانون المدني، ط 2، عمان، دار الثقافة للنشر

. والتوزيع، 2001

سوار، محمد وحيد الدين: النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام، الكتاب الأول، المصادر

. الإرادية العقد والإرادة المنفردة، دمشق، مديرية المطبوعات الجامعية، 1990

. سوار، وحيد الدين: مصادر الالتزام، ج 1، ط 2، دمشق، المطبعة الجديدة، 1978

السيد، عادل حسن علي: أحكام إنقاص العقد الباطل، مكتبة زهراء الشرق، دون سنة.

الشرقاوي، جميل: النظرية العامة للالتزام، الكتاب الأول، مصادر الالتزام، القاهرة، دار النهضة

. العربية، 1995

. الشرقاوي، جميل: النظرية العامة للالتزامأحكام الالتزام، القاهرة، دار النهضة العربية، 1992

. الشرقاوي، جميل: شرح العقود المدنيةالبيع والمقايضة، القاهرة، دار النهضة العربية، 1991

. شنب، محمد لبيب: دروس في نظرية الالتزام، (الإثبات-أحكام الالتزام)، 1975

. شنب، محمد لبيب: شرح أحكام عقد البيع، القاهرة، دار النهضة العربية، 1975

227

الشواربي، عبد الحميد: البطلان المدني الإجرائي والموضوعي، الإسكندرية، منشأة المعارف،

دون سنة.

الشواربي، عبد الحميد: فسخ العقد في ضوء القضاء والفقه، ط 3، الإسكندرية، منشأة المعارف،

.1997

الصدة، عبد المنعم فرج: مصادر الالتزامدراسة في القانون اللبناني والقانون المصري ،

. بيروت، دار النهضة العربية، 1979

الصدة، عبد المنعم فرج: نظرية العقد في قوانين البلاد العربية، بيروت، دار النهضة العربية،

.1974

طلبة، أنور: المسؤولية المدنية، ج 1، المسؤولية العقدية، ط 1، الإسكندرية، المكتب الجامعي

. الحديث، 2005

طلبة، أنور: المسؤولية المدنية، ج 2، المسؤولية العقدية، ط 1، الإسكندرية، المكتب الجامعي

. الحديث، 2005

. طلبة، أنور: الوسيط في القانون المدني، ج 2، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 1998

. طلبة، أنور: عقد الإيجار، الإسكندرية،المكتب الجامعي الحديث، 1999

طه، مصطفى كمال: العقود التجارية وعمليات البنوك وفقا لقانون التجارة الجديد رق م 17

. لسنة 1999 ، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 2002

. طه، مصطفى كمال: القانون البحري الجديد، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1995

عامر، حسين وعامر، عبد الرحيم: المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية، ط 2، دار المعارف،

.1979

228

عبد الرحمن، احمد شوقي محمد: النظرية العامة للالتزام، أحكام الالتزام، الإسكندرية، منشأة

. المعارف، 2004

عبد الله، عمر عبد الرشيد احمد: نظرية العقد في قانون المعاملات المدنية الإماراتي، القاهرة،

. دار النهضة العربية، 1995

. العبيدي، علي هادي: العقود المسماةالبيع والإيجار، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005

. العدوي، جلال علي: أصول الالتزامات، مصادر الالتزام، الإسكندرية، منشأة المعارف، 1997

العريني، محمد فريد: القانون الجوي- النقل الجوي، بيروت، الدار الجامعية للطباعة والنشر،

.1986

عزب، حماد مصطفى: مسؤولية البنك عن الوفاء بالشيك المزور ، القاهرة، دار النهضة

. العربية، 1995

العطار، عبد الناصر: مصادر الالتزام، دون مكان نشر، دون سنة نشر.

العطير، عبد القادر: الوسيط في شرح القانون التجاري الأردني ، ج 1، الأعمال التجارية -

. التجار- المحل التجاري-العقود التجارية، عمان، دار الشروق، 1993

. العطير، عبد القادر: الوسيط في شرح القانون التجاري الأردني، عمان، دار الشروق، 1993

عقل، فريد: الالتزامنظرية الالتزامات في القانون المدني السوري والفقه الإسلامي، ط 4، جامعة

. دمشق، 1995

، علي، وجدي عبد الواحد: التعويض عن الإخلال بالتزام ضمان سلامة الراكب والمسافر ، ط 1

.2004

عمران، محمد السيد: حماية المستهلك أثناء تكوين العقد، الإسكندرية، منشأة المعارف، بدون

سنة.

229

. عمران، محمد علي: الالتزام بضمان السلامة، القاهرة، دار النهضة العربية، 1980

العمروسي، أنور: المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية في القانون المدني، الإسكندرية،

. دار الفكر الجامعي، 2004

عنبر، محمد عبد الرحمن: الوجيز في نظرية الظروف الطارئة، القاهرة، مطبعة زهران،

.1978

. الفار، عبد القادر: أحكام الالتزام، ط 5، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1999

الفار، عبد القادر: مصادر الالتزام، مصادر الحق الشخصي في القانون المدني ، عمان، دار

. الثقافة للنشر والتوزيع، 2004

فرج، توفيق حسن: النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، الدار الجامعية، دون سنة.

. فرج، توفيق حسن: الوجيز في عقد البيع، القاهرة، الدار الجامعية، 1988

. فرج، توفيق حسن: عقد البيع والمقايضة، المكتب المصري الحديث للطباعة، 1979

الفضل، منذر: التصرف القانوني في الأعضاء البشرية، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع،

.2002

الفضل، منذر: النظرية العامة للالتزام، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية

. الوضعية، ج 1، مصادر الالتزام، ط 2، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان، 1996

، الفقي، عمرو عيسى: الموسوعة القانونية في المسؤولية المدنية (دعوى التعويض )، ط 1

. الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2002

فودة، عبد الحكم: الخطأ في نطاق المسؤولية التقصيرية، الإسكندرية، دار الفكر الجام عي،

.1996

230

، فودة، عبد الحكم: النسبية والغيرية في القانون المدني، سوتير، دار الفكر الجامعي، 1996

فودة، عبد الحكم: إنهاء القوة الملزمة للعقد، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية.

. قاسم، محمد حسن: الموجز في عقد البيع، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1996

القاسم، هشام: محاضرات في القانون المدني، دمشق، جامعة دمشق، دون سنة.

القضاة، مفلح عواد: أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ط 2، عمان، مكتبة

. دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1992

القيسي، عامر قاسم احمد: الحماية القانونية للمستهلك، ط 1، عمان، الدار العلمية الدولية ودار

. الثقافة للنشر والتوزيع، 2002

. مأمون، عبد الرشيد: المسؤولية العقدية عن فعل الغير، القاهرة، دار النهضة العربية، 1986

مأمون، عبد الرشيد: علاقة السببية في المسؤولية المدنية، القاهرة، دار النهضة العربية، دون

سنة.

مجاهد، أسامة أبو الحسن: فكرة الالتزام الرئيسي في العقد وأثرها على اتفاقات المسؤولية ،

. القاهرة، دار النهضة العربية، 2003

المحاقري، إسماعيل محمد علي: الإعفاء من المسؤولية المدنية في القانون المدني اليمني ،

.1996

مراد، عبد الفتاح: شرح العقود التجارية والمدنية، د.م، د.ن، د،س.

مرسي باشا، محمد كامل: شرح القانون المدني الجديدالعقود المسماة، ج 1، القاهرة، المطبعة

. العالمية، 1952

231

مرقس، سليمان: الوافي في شرح القانون المدني، ج 1، في الالتزامات، المجلد الأول، في الفعل

.1992 ، الضار والمسؤولية المدنية، القسم الأول، في الأحكام العامة، ط 5

. مرقس، سليمان: شرح القانون المدني، ج 2، في الالتزامات، القاهرة، مطبعة النهضة، 1964

المقدادي، عادل علي عبد الله: مسؤولية الناقل البري في نقل الأشخاص (دراسة مقارنة )،

. عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1997

. المنجي، محمد: دعوى بطلان العقود، ط 2، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2002

منصور، امجد محمد: النظرية العامة للالتزامات، ط 1، عمان، الدار العلمية للنشر والتوزيع

. ودار الثقافة للنشر والتوزيع، 2001

. منصور، محمد حسين: المسؤولية المعمارية، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1999

منصور، محمد حسين: شرح العقود المسماة (في مصر ولبنان )، ج 1، البيع والمقايضة ،

. بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1995

منصور، محمد حسين: ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة، الإسكندرية، دار الجامعة

الجديدة للنشر، دون سنة.

. المهدي، نزيه محمد الصادق: عقد التأمين، القاهرة، دار النهضة العربية، 1992

، نخلة، موريس: الكامل في شرح القانون المدني، ج 3، من المادة 134 حتى المادة 248

بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، دون سنة.

النوري، حسين: نظرية العقد، عين شمس، مطبعة الرسالة، دون سنة.

يحيى، ياسين محمد: اتفاقات الإعفاء من المسؤولية المدنية في القانون المصري والفرنسي ،

. دار النهضة العربية، القاهرة، 1992

232

الرسائل الجامعية:

أبو دلو، بدر محسن عواد: ضمان التعرض والاستحقاق في عقد البيع في القانون المدني

. الأردني، (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، عمان، 2000

بلقاسم، إعراب: شروط الإعفاء من المسؤولية المدنية، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة

. الجزائر، الجزائر، 1984

الجفين، عبد الهادي فهد علي: أثر القوة القاهرة على العقد في نطاق المسؤولية والرابطة

العقدية ودور الإرادة في تعديل الأثر المترتب عليها (دراسة مقارنة )، (رسالة ماجستير

. غير منشورة)، جامعة الكويت، الكويت، 1999

حرج، زهير بن زهري: الخطأ في المسؤولية المدنية –دراسة مقارنة في النظام

الانجلوسكسوني وفي النظام اللاتيني، (رسالة دكتوراه غير منشور ة)، جامعة عين

. شمس، مصر، 1999

حسين، شريف احمد شريف: المسؤولية الناشئة عن انهيار البناء في القانون المدني الأردني،

. (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن، 1994

عبيدات، نوري يوسف: مسؤولية المقاول والمهندس المعماري في القانون المدني الأردني

. (دراسة مقارنة)، (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، 1987

العيسائي، عبد العزيز مقبل: شرط الإعفاء من المسؤولية المدنية في كل من القانون المدني

الأردني واليمني-دراسة مقارنة (أطروحة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية،

. عمان، الأردن، 1998

المهتار، العقيد القيم طلال: البند الجزائي في القانون المدني، (أطروحة دكتوراه منشور ة)

. جامعة باريس للحقوق والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، 1974

233

هارون، جمال حسني: المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في القانون المدني الأردني، (رسالة

. ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن، 1993

الدوريات:

أبو عرابي، غازي: سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي في القانون المدني الأردني، مجلة

.(62-46)،1998 ، دراسات الشريعة والقانون، المجلد 25 ، عدد 1

أبو الليل، إبراهيم الدسوقي: مجال وشروط إنقاص التصرفات القانونية، مجلة الحقوق، العدد 2

.(135- 1987 / الصفحات( 11 /

خفاجي، احمد رفعت: تفسير الخطأ المهني الجسيم في خصوص المادة 797 من قانون

،1959- المرافعات، بحث منشور في مجلة المحاماة، القاهرة، العدد الأول، سنة 1958

.(93- الصفحات ( 88

الزعبي، محمد يوسف: ضمان الضرر في مجال المسؤولية المدنية،دراسات،/ العلوم الإنسانية،

.1995 ،5/ ع 22

علي، جابر محجوب: ضمان سلامة المستهلك من الأضرار الناشئة عن عيوب المنتجات

، الصناعية المبيعة، ج 2، مجلة الحقوق،جامعة الكويت، العدد الرابع، ديسمبر 1996

.(314- الصفحات ( 189

الملحم، احمد عبد الرحمن: نماذج العقود ووسائل مواجهة الشروط المجحفة فيها، مجلة الحقوق،

.(321- الكويت، العدد الأول والثاني، لسنة 1992 ، الصفحات( 241

ثانيا: المصادر

القوانين:

. ذيل قانون نقل البضائع بحرا رقم 43 لسنة 1926

234

قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم 2 لسنة 2001

. قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966

. قانون التجارة البحرية المصري، رقم 8 لسنة 1990

. قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999

القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 و المذكرات الإيضاحية، ج 1، ط 3، إعداد المكتب

. الفني، نقابة المحامين الأردنيين، عمان، مطبعة التوفيق، 1992

القانون المدني المصري رقم ( 181 ) لسنة 1948 ، ومجموعة الأعمال التحضيرية.

. قانون الموجبات والعقود اللبناني لسنة 1932

مشروع قانون التجارة البحرية الفلسطيني.

مشروع قانون التجارة الفلسطيني ومذكراته الإيضاحية، إعداد: أمين دواس وغسان خالد، ديوان

. الفتوى والتشريع، 2004

مشروع القانون المدني الفلسطيني ومذكراته الإيضاحية، إعداد: موسى أبو ملوح وخليل احمد

. قتادة، ديوان الفتوى والتشريع في فلسطين، 2003

نظام سكك حديد الحكومة (التزامات إدارة سكك الحديد نحو الركاب المسافرين بأجور مخفضة)

. لسنة 1947

. نظام سكك الحديد (المعدل) لسنة 1948

قرارات المحاكم:

جمعة، عبد المعين لطفي: موسوعة القضاء في المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية، الكتاب

. الثاني، القاهرة، عالم الكتاب، 1979

235

شعلة، احمد: قضاء النقض المدني في عقد البيع، مجموعة القواعد القانونية التي قررتها

.(1994- محكمة النقض في عقد البيع خلال أربعة وستين عاما-( 1931

عواد، نصري إبراهيم: مجموعة المبادئ القانونية الصادرة عن محكمة الاستئناف في القضايا

. الحقوقية لعام 1985

مجلة نقابة المحامين الأردنيين.

وتشتمل على قرارات محكمة النقض المصرية المخزنة ،(IGLC) مكتبة التشريعات العربية

على أقراص ممغنطة، والمودعة نسخة منها لدى المعهد السويسري للقانون المقارن في

لوزان.

موقع الإنترنت:

http://www.mybiznas.com/abdlaw/new_page_84.htm -

An-Najah National University

Faculty of Graduate Studies

Amending Condition of Contractual Responsibility

in the Egyptian Civil Law

Prepared by

Ahmed Saleem Fariz Al-Nasrah

Supervisor

Dr. Gassan Khaled

Submitted in Partial Fulfillment of the Requirements for the Degree of

Master of Private Law, Faculty of Graduate Studies, at An-Najah

National University, Nablus, Palestine.

2006

b

Amending Condition of Contractual Responsibility

in the Egyptian Civil Law

By

Ahmed Saleem Fariz Al-Nasrah

Superviser

Dr. Gassan Khaled

Abstract

This study examined the amending conditions in the contractual

responsibility. In an introductory chapter, several issues related to this

study were raised. One was the pillars of contractual and inadequate

responsibility. The focus was on the pillar of error. It was explained that

personal responsibility of the moneylender (creditor) extends to his

responsibility for the errors of his/her followers and the act of doing the

thing. A comparison was held between the two responsibilities. The issues

of combination and choice between the two responsibilities were presented.

It was found that considering the choice between the two responsibilities

would lead to the lack of order of the two exempting and mollifying

conditions of the impacts of the two responsibilities. A definition of these

two conditions was presented and so was their scope. It was found that the

idea of amendment in the responsibility is blemished with ambiguity by

same law expounders. The researcher distinguished it from compensation

agreement system and responsibility insurance. Then the researcher

presented the effects of conditions on the persons. He explained what could

be considered an exception in these effects and showed the partial and total

impact of the invalidity of these conditions on the contract, thus rendering

the application of the general rule in the lessening of contracts.

Chapter one was devoted to the exempting condition from

responsibility. In this context, the researcher presented the fiqh (Islamic

Law) position towards this condition. He also presented the position of the

c

Egyptian law and court of justice. It was found that the Egyptian civil law

has allowed explicitly this condition but introduced two exceptions to it.

One exception is serious error; the other is the error of the other. The

researcher criticized this position because the creditor's responsibility in

this case is a personal responsibility. Further, the Egyptian civil law has

failed to put rules or sufficient restrictions on this condition. The researcher

suggested taking a number of these rules, derived from fiqh and court of

justice and others derived from some special applications

These restrictions don't allow this condition if it poses danger to

man's safety. They also don't allow this condition if it has to do with a key

commitment in the contract. In addition, it was necessary for the condition

to be written; otherwise, it would be related to the relationship between the

consumer and the merchant. It shouldn't be stated in the submissive

contract. The researcher found that despite allowing this condition as a

general rule, several applications were cited and considered this condition

devoid. The researcher concluded that this condition would lead to the lack

of responsibility of the creditor although he would be originally responsible

pursuant to the general rules. He has to transfer the burden of evidence, in

the case of cheating and serious error.

Chapter two was devoted to the mollifying condition. The researcher

noticed that this condition had several versions. He, however, limited them

to the two general versions. One is the mollifying cases of commitment.

Added to them was a special version pertinent to the condition which

dictates that the period of course of the time be shortened. The researcher,

in this context, found that the first and second versions would be allowed.

The third version, however, would not be allowed except in narrow

d

situations. Of the mollifying condition versions, the version that would

refer to the sum of compensation was ruled out. It was not considered a

mollifying condition of responsibility. Rather it was a compensation: either

agreement or legal. Concerning the partial exemption from obligation or

commitment, it was attached to the provision of exempting condition

because there was no difference between them. What applies to most of the

mollifying condition provisions apply also to the exempting condition

given the same cause most of the time.

In chapter three, the researcher dealt with the stiff condition in

responsibility. He presented the condition which holds the moneylender the

foreign cause. He explained its notion, what it includes and showed that it

has had two faces. The first is included in the concept of guarantees. It is

considered a commitment in its accurate meaning. The second remains

within the framework of responsibility. Every adaptation necessitates

different effects. They were all explained in the context of the research.

The researcher presented the effects of this condition on the burden of

evidence and money lender's responsibility. He also explained the

exceptions to it. He also dealt with the condition of toughening the

evaluation of the moneylender's conduct and explained its versions and its

impact of evidence and moneylender's responsibility. He also presented

several applications for the stiff condition in responsibility in several

contracts. In addition, he presented the restrictions stated in the stiff

condition in responsibility: writing, clarity, physical safety of men, nonviolation

of general order, and good intention and non-violation of the

condition of justice.

e

In the conclusion, the researcher presented general conclusions.

Details pertinent to applications of conditions, however, were not all

presented. The suggestions were also restricted to the wording of a general

text which has to be included in the civil law in addition to another text

pertinent to the permission of choice between the two responsibilities.

0 تعليق:

إرسال تعليق