الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني
الإهداء
إلى: طلبة العراق...الأمل في بناء وطن موحد مزدهر.
المقدمـــــــــة
من المعلوم أن قدرات الإنسان محدودة مهما كبرت، فكانت الحاجة إلى ضم القدرات في مواجهة الأخطار، ثم في الأنشطة الاقتصادية، ويأخذ الاشتراك في واحد من صوره شكل الشركة، رغم اختلاف المسميات والآثار .
وليست مشاركة الأشخاص في النشاط الاقتصادي وليدة العصر الحاضر، فهذه المشاركة موجودة عبر تاريخ الإنسانية، إذ عرفتها شريعة حمورابي التي ظهرت منذ الألف الثانية قبل الميلاد في بلاد الرافدين، فالمادة (100) من الشريعة المذكورة تنص على أنه ((إذا أعطى تاجر نقودا لبياع متجول وأرسله في رحلة (تجارية) والبياع المتجول قد تاجر بالنقود التي استودعت لديه فإذا واجه ربحا أينما ذهب فعليه أن يحسب الزيادة على النقود التي استلمها بعدد الأيام (التي قضاها في السفر) وعليه أن يدفعها لتاجره))( ) .
كذلك عرفت الشركة وهي من أهم صور المشاركة في الشريعتين اليونانية والرومانية بما يقترب من الشركة ذات الشخصية المعنوية، إذ يرى أستاذنا الدكتور باملكي أنه ((أمكن التعرف خلالهما على (جسم Corpus) خاص بالشركة، بحيث أضحت هذه تبدو وكأنها وحدة قانونية مستقلة عن أشخاص الشركاء المكونين لها))( ) .
وقسم الفقهاء المسلمون الشركات التي أباحتها الشريعة الإسلامية التي كان العرب يعرفون بعض أنواعها، لما عرف عنهم من نشاط تجاري تقسيمات مختلفة كشركات العقد وشركات الملك، وشركات الابدان (الصناع)، وشركات الوجوه (المفالس)، ولم تعرف الشريعة الإسلامية ولا الفقهاء المسلمون مبدأ استقلال الشركات عن الشركاء، إنما تتداخل أموال الشركة مع أموال الشركاء، وهي بذلك شركات أشخاص( ) حسب التقسيم المعروف حاليا للشركات، ويجمع الفقه على أن الشركات برزت في القرون الوسطى والقرن الثاني عشر للميلاد على وجه التحديد وما يليه كوسيلة للالتفاف على تحريم الربا الذي فرضته الكنيسة على القروض، فلجأ المقرضون إلى المشاركة عن طريق شركات التوصية البسيطة في التجارة البحرية المحفوفة بالمخاطر( ) .
لكن الطفرة الكبرى في عالم الشركات ظهرت مع الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر ساعد في ذلك إضافة إلى فكرة الشخصية المعنوية واستقلال أموال الشركة عن أموال الشركاء، تحديد المسؤولية في الشركات المساهمة بمقدار المساهمة برأس المال، مما ساعد على تأسيس الشركات الكبرى في حينها، كشركة الهند الشرقية، والشركة الملكية لتجارة الرقيق في أفريقيا، وكانت هذه الشركات أداة للتوسع الاستعماري، مما دفع بعض المفكرين إلى الوقوف بوجه الشركات المساهمة باعتبارها أداة الاستعمار في السيطرة على ثروات الشعوب( ) .
إلا أن الشركات ازدادت توسعا حتى أنها تغلغلت في جميع ميادين الحياة، بما يمكن القول بلا تردد أن عصرنا الحاضر إضافة إلى ما يمكن أن يطلق عليه بعصر الاتصالات، أو عصر الإنترنت أو عصر المعلوماتية، فانه يمكن أن يطلق عليه أيضا بعصر الشركات، فالجامعات والمستشفيات والأندية الرياضية، والأسلحة، وتدريب الجيوش والاعلام تديرها الشركات ؛ ولذلك تبرز الضرورة إلى ضبط نشاط الشركات، وبخاصة المساهمة في تأسيسها وفي عملها لكي لا تتحول إلى أداة للاستغلال( ) .
قوانين الشركات في العراق
طبقت في العراق قوانين التجارة العثمانية بسبب سيطرة الدولة العثمانية على غالبية البلاد العربية، فكان قانون التجارة لسنة 1850 المنقول عن القانون الفرنسي المعروف بقانون نابليون 1807 هو المطبق، وظل الأمر حتى صدور بيان من الحاكم البريطاني بعد الاحتلال سنة 1919 يقضي بتطبيق قانون الشركات الهندي لسنة 1913، وهذا منقول عن القانون الانكليزي لسنة 1906، وتضمن القانون المدني الذي صدر سنة 1951 وبدأ تطبيقه في 1953 فصلا خاصا بالشركات هو الباب الأول من الباب الثاني المواد 636 ـ 683 ومثلت المواد المذكورة القواعد العامة للشركات، ثم صدر قانون الشركات رقم 31 لسنة 1957 الذي ألغى ما سبقه، وتضمن هذا القانون احكاما مشابهة لما هو شائع من قوانين للشركات حسب النظام اللاتيني .
وطبقا لما عرف بقانون إصلاح النظام القانوني رقم 35 لسنة 1977 صدرت مجموعة من القوانين من بينها قانون للشركات رقم 36 لسنة 1983، وقد أدخل القانون المذكور تعديلا كبيرا على احكام الشركات من حيث أهدافها وتأسيسها وأنواعها، وقد ألغي القانون المذكور بصدور قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997، ولم يكن هذا القانون جديدا إلا من حيث الشكل، فقد تضمن احكام القانون الذي سبقه، عدا تعديلات على بعض مواده تطلبها التطبيق العملي، كان يمكن أن يصدر على شكل تعديل للقانون ؛ لأن كثرة إصدار القوانين يثير الإرباك في الوسط القانوني . وصدر معه أيضا قانون برقم 22 لسنة 1997 خاص بالشركات العامة .
وصدر تعديل جوهري للقانون رقم 21 لسنة 1997 من سلطة الائتلاف( ) رقم 64/29 شباط 2004 وقد نشر في الوقائع العراقية في العدد 3982 حزيران 2004، وقد تضمن التعديل كما ذكرنا تغييرا جوهريا للقانون سنتناول أحكامها في سياق البحث، لكننا نبين الآن أهداف القانون رقم 21 لسنة 1997 ونقارنها بالاهداف التي وردت في التعديل المذكور لندرك طبيعة التغيير وأهداف القانون حسب نص المادة 1 قبل تعديلها هي: ((يهدف هذا القانون إلى تنظيم وتوثيق الشركات وتطوير نشاطها وفق خطط التنمية ومستلزمات مرحلة البناء الاشتراكي)) .
كما بينت المادة 2 بان تتحقق أهداف القانون وفق الاسس الآتية: ((اولا: تشجيع استثمار رأس المال الوطني في الشركات ودعمها ورعايتها وفق ضوابط ومؤشرات خطط التنمية والقرارات التخطيطية .
ثانيا: ضبط نشاط الشركات بما يضمن أداءها دورها في التنمية الاقتصادية المخططة)) .
وكما هو واضح في النصوص يرتبط إنشاء الشركات ودعمها وتشجيعها بخطط التنمية ومرحلة البناء الاشتراكي، كما يذكر النص، والتأكيد على تشجيع استثمار رأس المال الوطني فقط، ولا يسمح لرأس المال للأجنبي .
أما بحسب التعديل فقد علقت المادة (2) واصبحت المادة (1) كما يأتي:
((يهدف هذا القانون إلى:
1 ـ تنظيم الشركات .
2 ـ حماية الدائنين من الاحتيال .
3 ـ حماية حاملي الأسهم من تضارب المصالح ومن سوء تصرف مسؤولي الشركة ومالكي أغلبية الاسهم فيها والمسيطرين على شؤونها فعليا .
4 ـ تعزيز توفير المعلومات الكاملة للملاك المتعلقة بقرارات تؤثر على استثماراتهم وشركتهم )) .
كما أن المادة 3 التي كانت تحدد نطاق سريان القانون بالآتي: ((يسري هذا القانون على الشركات المختلطة والخاصة)) .
اصبح نصها بعد التعديل كالآتي:
((ويسري هذا القانون على الشركات المختلطة والشركات الخاصة، وجميع المستثمرين، وتنطبق نصوصه على البنوك ما دامت لا تتعارض مع الأوامر الصادرة عن سلطة الائتلاف المؤقتة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الأمر رقم (40) الذي تم بموجبه إصدار قانون البنوك، والأمر رقم 18 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة الذي يحدد الإجراءات التي تضمن استقلالية البنك المركزي العراقي واللوائح التنظيمية الصادرة بموجب تلك الأوامر الصادرة عن سلطة الائتلاف المؤقتة .
يطبق هذا القانون على صفقات الأسهم وشركات الاستثمار المالي وشركات التأمين وإعادة التأمين بقدر عدم تعارضه مع التشريعات المطبقة على تلك الصفقات والكيانات أو مع اختصاص سلطات الدولة المعنية بتلك القطاعات، تستند قرارات مسجل الشركات (المسجل فيما بعد) إلى هذا القانون ولا تتخذ على أساس الخطط الاقتصادية أو سياسة التنمية، وبصفة عامة لن تمنع القرارات المتخذة من قبل المسجل طرفا ثالثا من مطالبة المسؤولين عن خرق هذا القانون بدفع تعويض عما تعرض له من ضرر نتيجة خرق هؤلاء المسؤولين لهذا القانون) .
وما يفهم من النص المطول:
1. الابتعاد عن التلازم بين نشاط الشركات وخطط التنمية والنمو الاقتصادي .
2. تشجيع الاستثمار بكل أشكاله ولا يقتصر على رأس المال الوطني ؛ لان الاستثمار ورد مطلقا، فينصرف إلى جميع جهات الاستثمار .
3. يقتصر دور المسجل على مطابقة عقد الشركة ونشاطها مع أحكام هذا القانون .
4. يحق لمن يلحقه ضرر من تطبيق القانون من قبل المسجل أو من قبل غيره من المسؤولين المطالبة بتعويض الضرر، وفي ذلك تأكيد على حماية المستثمرين .
ودراستنا للقانون تتطلب دراسة الأبواب التي جاء فيها، وقد تضمن ثمانية أبواب: الباب الأول: أحكام رئيسة، الباب الثاني تأسيس الشركة، الباب الثالث أموال الشركة، الباب الرابع إدارة الشركة، الباب الخامس الرقابة على الشركات، الباب السادس انقضاء الشركة وتصفيتها( )، الباب السابع الشركة البسيطة . الباب الثامن أحكام متفرقة.
وسنتناول احكام الشركات التي وردت في القانون وفي التعديل( )، ولكن ليس حسب التقسيم الذي أورده، إنما سنتناول الشركات بصورة منفردة فنخصص بابا لشركات الأشخاص، وبابا لشركات الأموال، وبابا لانقضاء الشركة وتصفيتها ونفرد بابا لانواع خاصة من الشركات، ونسبق كل ذلك بباب نتناول فيه الأحكام العامة للشركات وكالآتي:
الباب الأول: الأحكام العامة، ويقسم إلى الفصول الآتية:
الفصل الأول: تعريف الشركة وخصائصها .
الفصل الثاني: الشخصية المعنوية .
الفصل الثالث: أنواع الشركات .
الفصل الرابع مستلزمات وإجراءات التأسيس
الباب الثاني: شركات الأشخاص ويقسم إلى الفصول الآتية:
الفصل الأول: الشركة التضامنية
الفصل الثاني: شركة المشروع الفردي
الفصل الثالث: الشركة البسيطة .
الباب الثالث: شركات الأموال ويقسم إلى الفصول الآتية:
الفصل الأول: الشركة المساهمة .
الفصل الثاني: الشركات المحدودة .
الباب الرابع: انقضاء الشركة وتصفيتها ويقسم إلى الفصول الآتية:
الفصل الأول: انقضاء الشركة .
الفصل الثاني: تصفية الشركة .
الباب الخامس: أنواع خاصة من الشركات ويقسم إلى الفصول الآتية .
الفصل الأول: الشركات العامة.
الفصل الثاني: فروع الشركات الأجنبية.
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (2)
الأثنين 31/07/2006
الباب الأول
الأحكام العامة للشركات
نتناول في هذا الباب الأحكام المشتركة بين الشركات، فنبين التعريف والخصائص في الفصل الأول وفي الفصل الثاني الشخصية المعنية للشركة، أما الفصل الثالث فيكون لأنواع الشركات، أما في الفصل الرابع فنبين تأسيس الشركات .
الفصل الأول :
التعريف بالشركة وخصائصها
تعرف المادة الرابعة في فقرتها الأولى من قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 الشركة بأنها : ((عقد يلتزم به شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع اقتصادي بتقديم حصة من مال أو من عمل لاقتسام ما ينشأ عنه من ربح أو خسارة))( ) .
ولم تورد بعض التشريعات الخاصة بالشركات تعريفا للشركة، معولة على التعريف ضمن القواعد العامة في القانون المدني( ) .
والتعريف الوارد في التشريعات سواء ما ورد منها في اطار القواعد العامة الواردة في القوانين المدنية أو ما ورد منها في القوانين الخاصة ممثلة بقوانين الشركات يتحلل إلى خواص مشتركة وهي :
1 ـ الشركة عقد
2 ـ اشتراك أكثر من شخص
3 ـ تقديم حصة من مال أو عمل
4 ـ اقتسام الأرباح أو الخسائر .
وسنوضح كل منها في مبحث مستقل
المبحث الأول
الشركة عقد
لاحظنا أن التعريف يبدأ بعبارة ((الشركة عقد)) وكأي عقد آخر فانه يتطلب أركانا معينة لانعقاده وهذا ما يقتضي التوقف عند هذه الأركان، ثم بيان ما يتميز به عقد الشركة عن غيره من العقود ثم تلي ذلك مناقشة أهمية العقد في تكوين الشركة وحياتها .
أولا : أركان العقد
يبنى عقد الشركة كغيره من العقود على الأركان المطلوبة لانعقادها وهي الرضا، والمحل، والسبب .
1 ـ الرضـــــا :
لا ينعقد عقد الشركة بغير رضا أطرافه، وإذا كان التعبير عن الرضا بالطريقة التي بينها القانون، دليل وجوده، فيشترط في هذا الرضا أن يكون صحيحا وتأتي الصحة في صدوره من كامل الأهلية، وخلو الرضا من عيوب الارادة وهي حسب القانون العراقي (الإكراه، الغلط، التغرير مع الغبن، الاستغلال) كذلك يقتضي أن يقع الرضا على كافة بنود العقد .
ويكون الرضا صادرا عن ذي أهلية عندما يقع من شخص اكمل الثامنة عشرة من العمر بغير عارض من عوارض الأهلية ينقصها أو يعدمها (م106 من القانون المدني)، أما غير ذلك من الأشخاص فأما أن يكون معدوم الأهلية، وهو من لم يكمل السابعة عشر من العمر ويلحقه المجنون فتصرفاته باطلة ولا تلحقها الإجازة من الولي، ولكن يجوز للولي أو الوصي استثمار أموال معدوم الأهلية في شراء اسهم الشركات، والنوع الآخر من الأشخاص ناقص الأهلية، وهو من اكمل السابعة لكن لم يتم الثامنة عشرة من العمر، ويلحق بذلك المصاب بعارض عقلي غير الجنون . فلا يصح اشتراك هؤلاء في الشركات التي تؤدي المشاركة فيها اكتساب صفة تاجر( )، كذلك لا يحق لهم أن يكونوا مؤسسين في شركة مساهمة لأن مسؤولية المؤسسين تجاه المكتتبين تتجاوز حدود المشاركة برأس المال( )، فلم يتبق إلا نوع واحد من أنواع الشركات، هي الشركات المحدودة، والمشاركة في مثل هذه الشركات يعد من الأعمال الدائرة بين النفع والضرر، ويكون صحيحا، لكنه موقوف على إجازة الولي أو إجازة الصغير بعد أن يكمل الثامنة عشرة من العمر، ولا نرى ما يحول دون المشاركة بهذه الشركات على أن تقترن المشاركة باجازة الولي أو الوصي، خاصة أن المسؤولية بمقدار المشاركة برأس المال وانه يشترك مع أشخاص على معرفة بحاله لأن هذه الشركات من الشركات العائلية عادة .
النوع الأخير من الأشخاص هو القاصر المأذون بالاتجار حسب الرخصة التي تقررها (المادة 98) من القانون المدني، ولا نرى ما يحول دون مشاركة هؤلاء في تكوين الشركات على أن يكون الاذن مطلقا( )، لأن المأذون يعامل كأنه كامل الأهلية، وإذا قيل بأن الاذن على سبيل التجربة فلم لا تكون التجربة بتأسيس الشركات، حيث يشترك في الاتجار مع غيره بدلا من أن يكون منفردا في تجاربه .
وقد حسمت بعض التشريعات المشاركة في شركات الأشخاص، فاشترطت أن يكون متمتعا بالاهلية القانونية، فالمادة (9/5) من قانون الشركات الاردني تنص على انه ((لا يقبل أي شخص شريكا في شركة التضامن إلا إذا كان قد اكمل الثامنة عشرة من عمره على الأقل))، وم28 من قانون الشركات اليمني . وإذا كان الشرط الأول لصحة الرضا يرتبط بالاهلية وهو ما أوضحنا فان الشرط الثاني يرتبط بخلو الرضا من العيوب التي تفسده، وعليه فإذا شاب رضا الشريك في الشركة عيب كان له نقض العقد خلال ثلاثة اشهر من زوال الاكراه، أو اكتشاف الغلط، أو اكتشاف التغرير، اما إذا لم يستخدم هذا الخيار الذي تقرره المادة 136 مدني فيفهم من ذلك قبوله العقد .
2 ـ المحـــــل
إذا كان القانون المدني العراقي يجعل المحل ركنا في الالتزام الذي ينشأ عن العقد، حيث تنص المادة 126 انه ((لابد لكل الالتزام نشأ عن العقد من محل يضاف إليه يكون قابلا لحكمه …)) فنتناول المحل على انه ركن في العقد كما جرى عليه الفقه( )، ويتوزع المحل بين اتجاهين ؛ اتجاه يرى المحل في الحصة التي يقدمها الشريك، واتجاه آخر يراه في غرض الشركة، ونذهب مع الاتجاه الأخير في كون المحل في عقد الشركة يتمثل بالنشاط الذي تزاوله، أما القول في كونه حصة الشريك، فيؤدي إلى تنوع المحل حسب نوع الحصة في الوقت الذي يفترض أن يكون موحدا في العقد الواحد( ) .
ويشترط في المحل أن يكون ممكنا ومعينا ومشروعا، وانعدام أحد هذه الشروط يؤدي إلى بطلان العقد، كالتعاقد على المستحيل، أو على ما يحرمه القانون .
3 ـ السبب
يجب أن يكون للعقد سبب صحيح، فإذا كان العقد بلا سبب أو لسبب غير مشروع بطل العقد، ويفترض القانون وجود السبب عند عدم ذكره، كما يفترض مشروعيته، ومن يدعي خلاف ذلك مطلوب منه الإثبات (م132) من القانون المدني .
وإذا كنا قد تناولنا أركان العقد بإيجاز ملحوظ، فلأنها أركان عامة لكل العقود، لا ينفرد بها عقد الشركة، وقد بحثت من قبل شراح القانون المدني بإسهاب . ونتناول فيما يأتي الخصائص التي تلحق العقد لأنه عقد شركة، أي أنها خصائص ينفرد بها هذا العقد أو تشترك معه قلة من العقود في بعضها وهذه الخصائص هي :
1 _ الشكلية :
نعني بالشكلية الكتابة وتشير التشريعات ويرى الفقه أن عقد الشركة يجب أن يكون مكتوبا . كما اختلف الفقه حول الكتابة، وهل هي للانعقاد أم للإثبات . ونبدأ بنص المادة 507 من القانون المدني المصري التي تقضي بأن يكون عقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا، كذلك تنص المادة 628 من القانون المدني العراقي الملغاة (( يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا ...)) وعليه فأن النصوص التي توجب كتابة عقد الشركة، تجعل الكتابة شرطا لانعقاد العقد، بغير الكتابة لا وجود للعقد ولا وجود للشركة . ولكن مع هذا البطلان يحق للغير أن يثبت وجود الشركة بغير الكتابة . ومعنى ذلك يجوز الاحتجاج بوجودها على الرغم من اشتراط البطلان عند عدم الكتابة . فالفقرة الأخيرة من المادة 8 من قانون الشركات لدولة الإمارات تقضي بأنه (( و يجوز للشركاء التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد أو عدم توثيقه في مواجهة الغير الذي يجوز له الاحتجاج بالبطلان في مواجهتهم ( )، أما النصوص التي تشترط الإثبات بالكتابة، فيفهم منها إمكانية وجود الشركة بغير الكتابة لكن لا يجوز حسم النزاع بين الشركاء إلا بالعقد المكتوب . وما يلاحظ في الواقع العملي فأن الكتابة لا غنى عنها، لكثرة الشروط التي يتضمنها العقد عادة، وللمدة الطويلة التي يمتد فيها نشاط الشركة في الغالب، فمن غير المتصور الاعتماد في أثبات الشروط الواردة بعقد الشركة على شهادة الشهود.
ولابد من أن نشير إلى موقف القانون العراقي من الكتابة، وهو قانون الشركات بعد إلغاء المواد الخاصة بالشركات في القانون المدني . إذ لم يتضمن هذا القانون نصا يوجب الكتابة أو يشترط الإثبات بها، وهو فراغ كان من المستحسن سده، خاصة إذا اخذ بالاعتبار إلغاء المواد الخاصة في القانون المدني كما بينا .
ولكن نستطيع القول وبلا تردد، أنه مع هذا الفراغ فأن القانون يتطلب الكتابة، يفهم ذلك من مجمل النصوص التي تتعلق بالتأسيس، كما أن الكتابة ضرورية للاحتجاج بأي تعديل عل العقد .
فالمادة ( 17 ) من قانون الشركات تنص على أن (( يقدم طلب التأسيس إلى المسجل ويرفق به : أولا ـ عقد الشركة ... ))
كما تنص المادة ( 20 ) على انه (( إذا وافق المسجل على طلب التأسيس لتوافر شروطه، وجب عليه دعوة المؤسسين أو من يمثلهم قانونا لتوثيق عقد الشركة أمامه أو أمام من يخوله من موظفي دائرته .. ))، وتقضي المادة (182 ) انه (( يجب أن يوثق عقد الشركة البسيطة من الكاتب العدل .. )) والكتابة غير مطلوبة في التأسيس فقط، إنما في تعديل العقد أيضا، فالمادة (203) من القانون تنص على انه (( لا يعتبر تعديل عقد الشركة نافذا إلا بعد تصديقه من المسجل ونشره في النشرة وفي صحيفة يومية . )) ( )
ويفهم من النصوص المذكورة، وضوح شرط الكتابة، فلا يمكن تكوين شركة والحصول على إجازة تأسيسها بغير عقد مكتوب، بل تشترط الكتابة الرسمية كما لاحظنا، وتتمثل بالمصادقة من المسجل أو من الكاتب العدل . ولكن مع هذه النصوص التي تبين أهمية الكتابة في تأسيس الشركات حسب القانون العراقي، هل يجوز إثبات وجود شركة ليس لها عقد مكتوب . ولم تسجل لدى مسجل الشركات ؟
ولا نرى ما يحول دون ذلك، لأن من يتعامل مع الشركة لا يبحث في بعض الأحيان عن العقد والتسجيل لدى مسجل الشركات، إنما يعتمد على المظهر الخارجي الذي ظهر به النشاط الاقتصادي . وعليه إذا استطاع شخص أن يثبت وجود شركة، أو انه تعامل مع كيان اتخذ شكل شركة على الرغم من عدم التسجيل لدى المسجل، أو حتى عدم وجود العقد المكتوب، فيخضع الشركاء إلى العقوبة التي تقررها المادة ( 215 ) من قانون الشركات، وهي الحبس أو الغرامة أو العقوبتين معا . كذلك يستطيع من تعامل مع كيان على انه شركة، مطالبة الشركاء متضامنين بما دفعه استنادا على مبدأ الكسب دون سبب .
كذلك يبرز، بمناسبة تناول موضوع أركان عقد الشركة وعن الشكلية، موضوع بطلان الشركة، بسبب بطلان العقد لأسباب عدة، أما لتخلف ركن من أركان العقد، أو بسبب عيب من عيوب الرضا أو لنقص في الأهلية، أو لما ذكرنا من عدم وجود العقد المكتوب والتسجيل .
وقد وجدنا بالنسبة للحالة الأخيرة عدم التسجيل وعدم وجود العقد المكتوب، أن حكم القانون العراقي هو ما تقرره المادة ( 215 ) التي لم تشر إلى البطلان وطبيعة البطلان، فإذا أضفنا إلى ذلك إلغاء المواد الخاصة بالشركات في القانون المدني، يبرز الفراغ في معالجة هذا الأمر في القانون العراقي( ) على خلاف ما تقرره القوانين موضوع المقارنة، فالمادة 10 من نظام الشركات السعودي تنص على انه (( باستثناء شركة المحاصة، يثبت عقد الشركة وكذلك ما يطرأ عليه من تعديل بالكتابة أمام كاتب عدل وإلا كان العقد أو التعديل غير نافذ في مواجهة الغير . ولا يجوز للشركاء الاحتجاج على الغير لعدم نفاذ العقد أو التعديل الذي لم يثبت على النحو المتقدم وإنما يجوز للغير أن يحتج به في مواجهتهم . )) ( ) .
والبطلان كما يقسمه الفقه ( )، مطلق ونسبي :
الأول ما يترتب على تخلف أحد الأركان أو الشروط الجوهرية . كأن يتخلف الرضا مثلا أو يكون المحل غير مشروعا وكذلك عدم مشروعية سبب العقد . وينجم عن ذلك بطلان مطلق للعقد، بحيث لا يمكن الاحتجاج بمثل هذا العقد، لا بين الشركاء ولا بالنسبة للغير، ويستطيع أن يحتج بالبطلان كل شخص له مصلحة، وتستطيع المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، ولا تلغي البطلان الإجازة، ولا يتقادم بحيث يصبح العقد بعد انقضاء مدة التقادم مشروعا، وإذا وقع البطلان فأنه يقع بأثر رجعي، ولا يمكن الاحتجاج بوجود الشركة قبل إيقاع البطلان ولذلك يمحى العقد وأثاره، والكائن القانوني الناجم عن العقد، وتمحى الآثار التي ترتبت قبل البطلان، لأن سبب البطلان يستطيع أن يكتشفه من يريد التعامل مع الشركة.
أما النوع الثاني من البطلان فهو النسبي، وهو الذي ينجم عن عيوب الإرادة التي تشوب رضا الشريك، وكذلك النقص في أهلية احد الشركاء، وهؤلاء لهم رخصة يقررها القانون تبطل الرضا متى استخدمت، لكن هذا الأمر ينطبق على القانون المدني المصري الذي ينعقد العقد بموجبه وينفذ حتى مع حصول العيوب التي تفسد الرضا أو في حالة النقص في الأهلية، لكن يستطيع من شاب رضاه العيب أو اعترى أهليته النقص أن يستخدم رخصة منحها له القانون خلال ثلاث سنوات من تاريخ إكماله الأهلية أو من تاريخ زوال الإكراه أو اكتشاف الغلط أو اكتشاف الغبن والتفريز ( م 140 ) من القانون المدني المصري .
وهذه الرخصة للشخص المحدد، لا يتعداه إلى غيره من المتعاقدين، إلا إذا كان أي منهم له رخصة بإبطال العقد أيضا، والسؤال الذي يثار، إذا تمسك الشخص بالرخصة، وبطل بناء على ذلك رضاه، فهل يمتد البطلان إلى العقد بأكمله ؟ وجواب ذلك يختلف حسب نوع الشركة، ففي شركات الأشخاص، القائمة على الاعتبار الشخصي يمتد البطلان إلى العقد بأكمله إذا بطل رضا احد المتعاقدين، لأن العقد أنبنى على إرادة أطرافه المتعددين وبطلان رضا احدهم يمثل خللا يفسد العقد بأكمله، أما إذا كانت شركة أموال حيث يضعف الاعتبار الشخصي، فالأصل أن البطلان لا يمتد إلى العقد بأكمله، إنما يقتصر على الشخص صاحب الرخصة التي احتج بها ( ) . ولكن ما يلاحظ أن بطلان الشركة يحصل بعد مدة من تأسيسها، أي أن الشركة كانت قائمة ككيان مستقل عن الشركاء، ثم بطلت للأسباب التي ذكرنا . ولا توجد مشكلة إذا لم تزاول الشركة خلال هذه المدة الواقعة بين التأسيس والبطلان عملها، فليس للشركة أو الغير حقوق، ويستطيع الشركاء استرجاع الأموال التي قدمت كحصة في الشركة من الإدارة أو من الشريك الذي تسلمها تأسيسا على استرداد ما دفع بغير حق( ). إنما المشكلة في مزاولة الشركة لنشاطها قبل بطلانها، ولا شك في بطلان التصرفات الواقعة بعد بطلان الشركة ولا يجوز الاحتجاج بها . أما الاعمال التي حصلت قبل ذلك، فانها حصلت من شخص معنوي انشىء بصورة قانونية وإذا كانت القواعد العامة تقضي عند بطلان العقد اعادة المتعاقدين إلى ما قبل التعاقد ( )، فأن عقد الشركة يعد ذو طبيعة خاصة، فهو من العقود المستمرة ويقع البطلان فيها على الحاضر والمستقبل ولا يمتد إلى ما سبق من التصرفات، كما أن استقرار التعامل يتطلب ذلك وإلا انهارت المراكز القانونية التي حصلت أثناء قيام الشركة لذلك فأن، البطلان لا يشمل ما سبق من التصرفات، وتعد الشركة في الفترة السابقة لوقوع البطلان شركة فعلية أو شركة واقع كما يقول الفقه، على الرغم من بطلانها من الناحية القانونية ( ) .
ولا يسري هذا الأمر حسب القواعد العامة في القانون العراقي ( )، لأن العقد الذي يقع من ناقص الأهلية ومن شخص لحق رضاه العيب، موقوفا، لا ينفذ إلا إذا اجازه الشخص المذكور خلال ثلاثة اشهر من إكماله الأهلية أو زوال الإكراه أو اكتشاف الغلط أو الغبن مع التغرير، وإذا نفذ العقد أصبح كاملا لا يلحقه البطلان . أما البطلان المبني على خلل في الأركان أو الشروط، فهو البطلان الذي يطلق عليه ( البطلان المطلق )، ولا توجد معه الشركة الفعلية( ) .
2- عقد الشركة عقد مستمر :
يعد عقد الشركة من العقود الزمنية، له استمرارية لابد منها حتى بالنسبة للشركات التي تتكون لمواجهة عملية واحدة، فلا يمكن أن تنشأ الشركة وتزاول نشاطها وتنتهي في وقت واحد . وإذا كان الأستاذ علي البارودي ( ) يرى صفة الاستمرار في الامتداد الزمني للكائن القانوني الذي نشأ من العقد، أما العقد، فينعقد وينفذ في الحال، فنرى وجود تلازم بين العقد وبين الكائن القانوني الذي افرزه، وفي أي وقت يبطل العقد تبطل الشركة ( الشخص المعنوي )، لأنه أثر للعقد .
3- تطابق مصلحة الأطراف :
تتطابق في عقد الشركة مصلحة إطراف العقد، فلا وجود لتعارض المصالح المعروف في جميع العقود، التي يكون العقد فيها نقطة التقاء لمصالح متضادة عادة، أما في عقد الشركة، فيسعى الشركاء وبصورة جمعية إلى تكوين وحدة اقتصادية .تحقق مصلحة الشركاء في الربح فضلا عن المصلحة الاقتصادية العليا للبلد .
4- تعديل العقد بإرادة البعض :
تقضي القواعد العامة بعدم إمكان تعديل العقد أو إلغاؤه إلا بإجماع الأطراف التي أنشأته، بينما نجد عقد الشركة على خلاف ذلك يمكن تعديله بقرار من الهيئة العامة يمثل أغلبية تختلف حسب نوع القرار ( م 92 و م 98 و 158) وغير هذه المواد في قانون الشركات العراقي .
وبناء على هذه الخصائص التي تميز عقد الشركة، وبالأخص تعديل العقد بغير الإجماع وتطابق المصلحة، يضاف إلى ذلك ما يقال في الشركات المساهمة بالأخص ما يترتب على قابلية الأسهم للتداول، باقتناء الأسهم من أشخاص ليس بينهم معرفة أو يؤدي إلى مشاركة أشخاص لا تجمعهم المعرفة ذهب البعض ( ) إلى كون العقد لم يعد له أهمية في أنشاء الشركة وحياتها، فما ذكر من الخصائص يتعارض مع طبيعة العقود ويحل محل العقد مفهوم المنظمة. القائم على تدخل المشرع ويقتصر دور الشركاء على الأعراب عن إرادتهم بالانضمام لها . وإذا كان في هذا القول كثير من الوجاهة، خاصة في شركات المساهمة، التي تنهض على أساس التنظيم وتدخل المشرع فلا يمكن إنكار دور العقد في مرحلة التأسيس في الأقل . أما بعد ذلك فيتضح تراجع الإرادة لمصلحة تدخل المشرع في حياة الشركة يتبين ذلك في القانون العراقي في زيادة رأس المال وفي تخفيضه وفي دمج الشركة وتحولها وتصفيتها فضلا عن تأسيسها . لأنه في هذه الأوضاع ذات الأهمية، لابد من اقتران قرار الهيئة العامة حولها بمصادقة جهة رسمية . لا ينفذ القرار بغير قبولها ( ) .
المبحث الثاني
اشتراك أكثر من شخص
من الشروط اللازمة لتكوين الشركة اشتراك أكثر من شخص، كما هو واضح من تعريف الشركة في المادة الرابعة من القانون (( .. يشترك به شخصان أو أكثر ... )) فالحد الأدنى شخصين، لأنه لا يمكن إنشاء عقد بغير هذا العدد، فالعقد التقاء أكثر من أرادة، وما يقرره قانون الشركات العراقي كحد أدنى لأشخاص الشركة ( خمسة أشخاص في شركة المساهمة م 6 / أولا وشخصين في كل من الشركة المحدودة والتضامنية م6 / ثانيا وثالثا . وشخصين في الشركة البسيطة م 181 . )
والعدد مطلوب أثناء التأسيس وطيلة حياة الشركة( ) . فلا يجوز أن ينقص عدد الشركاء عن هذا العدد وإذا نقص فأن ذلك يؤدي إلى تحول الشركة . فالمادة 205 في الباب الثامن، الأحكام المتفرقة تنص على انه (( إذا أصبح عدد أعضاء الشركة دون الحد القانوني بحسب نوعها وجب إكمال العدد خلال ستين يوما من وقوع النقص فأن مضت المدة ولم يعطها المسجل أمهالا أضافيا، وجب تحولها إلى نوع أخر من الشركات وبالشكل الذي يجيزه هذا القانون . ))
لكن القانون أورد استثناء في المادة الرابعة الفقرة ثانيا يفيد إمكانية تكوين الشركة من شخص طبيعي واحد . أطلق عليها تسمية ( المشروع الفردي ). والنص منقول عن قانون 1983 الملغي .
والمشروع الفردي بموجب هذا النص، غير الشركة المعروفة في بعض القوانين، والتي تعرف بشركة الشخص الواحد (One Mans Company)، التي تنهض على أساس فصل الذمة المالية للشريك بين ما يوضع في رأس مال المشروع الذي هو الشركة، وما عدا ذلك من ذمة للشخص المكون للمشروع( ).
ولا تنهض الشركة على أساس فصل الذمة المالية، لأن المادة 37 / ثانيا تقضي بأنه (( لدائني المشروع الفردي مقاضاته أو مقاضاة مالك الحصة فيه وتكون أمواله ضامنة لديون المشروع، ويجوز التنفيذ على أمواله دون إنذار المشروع )) وفي النص تداخل واضح بين أموال المشروع وأموال صاحب المشروع خارج الشركة فما هو الفرق بين هذا الشكل القانوني والنشاط التجاري المنفرد، وما الذي يدفع الشخص إلى اختبار شكل هذه الشركة لنشاطه الاقتصادي، خاصة وانه يخضع لموافقات وإجازة أشد بكثير حسب القانون العراقي قبل تعديله من إقامة مشروع تجاري منفرد( ) ( ) .
على العموم خفف من وطأة التداخل بين أموال المشروع وأموال صاحب المشروع خارجه في حالة العلاقة بين دائني صاحب المشروع ومن خارج نشاط المشروع، وأموال المشروع . فلا يحق للدائنين التنفيذ على أموال المشروع الفردي إلا لدين ممتاز، فالمادة 72 / ثانيا تقضي بأنه (( لا يجوز حجز الحصص في الشركة التضامنية والمشروع الفردي والشركة البسيطة إلا لدين ممتاز ويجوز حجز أرباحها المتحققة ))
وعليه فأن مفهوم هذه الشركة يختلف عن شركة الشخص الواحد المبنية على أساس فصل الذمة المالية للشخص .
وقد أورد قانون الشركات الأردني نصا يفيد إمكانية تكوين شركة محدودة المسؤولية من شخص واحد، لها ذمة مالية مستقلة،ولا يحق لدائنيها التنفيذ على أموال صاحب الشركة، وفي ذلك استعارة لشركة الشخص الواحد، فالمادة 53 / ب تنص على انه : يجوز للوزير بناء على تنسيب مبرر من المراقب الموافقة على تسجيل شركة ذات مسؤولية محدودة تتألف من شخص واحد))( )
ولا نرى ضيرا من تكوين وحدة اقتصادية على شكل شركة من شخص واحد إذا توافرت لديه مستلزمات تكوينها ( القدرة : المالية، الإدارية والفنية )، بدلا من أن يدفع إلى اللجوء صوريا إلى مشاركة الزوجة أو الابن أو العامل بشروط خاصة وهو ما يحصل في الشركات المحدودة المسؤولية في كثير من الحالات . كما لا نرى ضيرا في استعارة شكل الشركة المحدودة المكونة من شخص واحد حسب ما لاحظنا من أحكام القانون الأردني تقوم على أساس فصل الذمة المالية للشخص بين ما هو موظف في المشروع الاقتصادي الذي اتخذ شكل شركة وبين ما هو خارجها، وأساس فصل الذمة المالية في هذه الحالة ينهض على نص خاص هو ( قانون الشركات ) . وقد عدلت الفقرة رابعا من المادة 6 الخاصة بالمشروع الفردي، لتقرأ : (( يتكون المشروع الفردي من شخص طبيعي أو الشركة المحدودة ذات المالك الواحد من شخص طبيعي أو معنوي واحد )) فقد أبقى التعديل على شركة المشروع الفردي بخصائصها التي جاءت بها في القانون رقم 21 لسنة 1997 المنقولة عن قانون 1983 . وبجانب ذلك أباح تكوين شركة محدودة من شخص واحد، تقوم على أساس فصل الذمة المالية، لأنها خاضعة لأحكام الشركة المحدودة .
وعليه فأن القانون العراقي يعرف نوعين من الشركات التي تتكون من شخص واحد . الأولى وهي التي كانت معروفة في القانون قبل التعديل . تتكون من شخص طبيعي واحد وتتداخل أموال المشروع مع أموال صاحب المشروع الذي يسأل عن التزامات المشروع بكل أمواله أما الثانية فهي التي انبثقت بعد تعديل القانون، حيث تتكون شركة أيضا من شخص واحد ولكن لا يشترط فيه أن يكون طبيعيا، إنما قد يكون طبيعيا أو معنويا حسب النص الذي اشرنا إليه . كذلك لا تمتد المسؤولية عن التزامات المشروع إلى الأموال الشخصية لصاحب المشروع.
ويشار إلى مشروع قانون موحد للشركات في مصر، يقضي بإباحة تكوين مشروع اقتصادي من شخص واحد يستعير أحكام الشركة محدودة المسؤولية، من حيث حدود مسؤولية المشروع وقد أطلق مشروع القانون على هذا الكيان بـ ( مشروع الشخص الواحد ) ويفضل البعض هذه التسمية على إطلاق مصطلح شركة، لأن الأخيرة تتطلب اشتراكا .
ومسؤولية المشروع محدودة بمقدار المبلغ الذي وضع كرأس مال للنشاط، وأعلن عنه، أما بغير الإعلان فتكون المسؤولية غير محدودة ( م 148). كذلك وضعت في المشروع أحكام لا نرى ما يماثلها في القانون العراقي أو الأردني، وهذا الكلام يقتصر على الشركة المحدودة المؤلفة من شخص واحد، أما الكيان القانوني الذي نظم أحكامه قانون الشركات العراقي، فأن صاحبه مسئول بصورة مطلقة عن التزامات المشروع.
ومما أورده مشروع القانون المصري لا يجوز تعامل المشروع مع صاحب المشروع إلا وفق الشروط التي يتعامل بها مع الغير وطبقا لنشاط المشروع .
كذلك يحظر على الشخص تكوين أكثر من مشروع، كما يحظر على المشروع أن يكون مؤسسا لأي شخص معنوي أخر ( م 115 )( ) .
الأشخاص الذين لهم حق المشاركة في تكوين الشركات :
نرى اضطرابا واضحا لدى المشرع العراقي بخصوص تحديد الأشخاص الذين يحق لهم تأسيس الشركات أو المشاركة فيها، أو شراء حصة فيها حسب القانون العراقي .
فقد اشترط قانون 1983 الملغي على العراقيين الإقامة داخل العراق أو الوطن العربي والغي الشرط الخاص بالإقامة بموجب قانون 1997 وأبقى على شرط واحد في السماح للعراقي، هو أن لا يكون ممنوعا قانونا .
وبعد أن ساوى قانون 1983 بين العرب والعراقيين في المشاركة أو تأسيس الشركات، اشترط قانون 1997 أن تقتصر المشاركة على شركات الأموال فقط ولا يسمح المشاركة في شركات الأشخاص . وقد صدر قرار من مجلس قيادة الثورة السابق رقم 23 لسنة 1994 منع العرب من تكوين الشركات أو المشاركة في تكوينها . ويفهم من نصوص قانون 1983 الملغي وقانون 1997 عدم السماح للأجانب ـ غير العرب ـ من المشاركة في تكوين الشركات، لأن النصوص تحدثت فقط عن العراقيين والعرب ( م 12 في القانونين )، في حين تسعى التشريعات لغالبية الدول إلى تشجيع الاستثمار الذي يعني السماح بدخول رؤوس الأموال الأجنبية وفق ضوابط تحمي المواطن والاقتصاد الوطني .
وعليه نرى أن يفتح الباب أمام الأشخاص أي كانت جنسية الشخص، وكذلك طبيعيا يكون الشخص أو معنويا في الاستثمار الذي يأخذ شكل الشركات التي يسمح القانون بتأسيسها في العراق . ولا يقيد هذا السماح بتقديرنا إلا شرطين :
الأول : أن لا يكون الشخص ممنوعا قانونا . كأن يكون قد ساهم في جرائم تخريب الاقتصاد الوطني، كتزوير العملة، ويستطيع المسجل أن يستخدم هذا القيد عند الموافقة على تأسيس الشركة( ) . والقيد الثاني : أن تقتصر المشاركة بالنسبة للأجنبي وحتى للعراقي غير المقيم في العراق على شركات الأموال ( المساهمة والمحدودة ) لصعوبة الوصول إلى الأموال الشخصية التي تكون خارج العراق، عندما يسأل شخصيا عن ديون الشركة كما هو الحال في الشركات التضامنية مثلا : أو يقدم غير المقيم في العراق ضمانات مجزية كأن يكون غير المقيم مالكا لأموال داخل العراق أو بمشاركة العراقيين من ذوي المكانة المالية المرموقة، أما بغير ذلك فينبغي أن يوصد الباب بوجه الأشخاص الأجنبية عن تكوين أو المشاركة في شركات الأشخاص . وقد عدلت المادة 12 من القانون لتقرأ (( للشخص الطبيعي أو المعنوي الحق في اكتساب عضوية في الشركات المنصوص عليها في هذا القانون كمؤسس أو حامل أسهم أو شريك، ما لم يكن ممنوعا من مثل هذه العضوية بموجب القانون أو استنادا لقرار محكمة صادر عن محكمة مختصة أو جهة حكومية مخولة )) .
وكما نرى فأن المشاركة مفتوحة لغير المقيم في شركات الأموال أو الأشخاص، وكما ذكرنا فأن المشاركة في الأخيرة غير مقبول بتقديرنا، ويعزز هذا النص ما ورد في قانون الاستثمار( ) .
المبحث الثالث
تقديم حصة من مال أو عمل
لا تستطيع الشركة النهوض بأعبائها بغير رأس مال يكفي لمواجهة هذه الأعباء، ويتكون رأس المال من الحصص التي يقدمها الشركاء، ولا يكون شريكا في الشركة من لا يقدم حصة في رأس المال .
ويمثل رأس المال الضمان لدائني الشركة، إضافة إلى ما لدى الشركة من موجودات ويقدر رأس المال بالنقود، ايا كانت الحصص التي قدمها الشركاء. وتشترط المادة 26 من قانون الشركات العراقي أن يحدد رأس المال بالدينار العراقي .
أما نوع الحصة التي يقدمها الشركاء :
1- قد تكون الحصة نقودا وهو الغالب والأنسب، مادام رأس المال يقدر بالنقد ولا يشترط في الحصص التي يقدمها الشركاء المساواة .
2- ويمكن أن تكون الحصة أعيانا وذا كان قانون الشركات لم يفصح عن ذلك، فيمكن أن يفهم من الإطلاق الذي وردت فيه كلمة مال في التعريف حسب المادة 4 .
وقد أشارت التشريعات المقارنة إلى الأموال العينية صراحة( ) .
وتحدد الحصة العينية التي يقدمها الشريك بالنقود ولا يتدخل المشرع عادة في تقدير النقود المساوية للحصة العينية في شركات الأشخاص التضامنية في القانون العراقي لان الشركة تقوم على عدد محدود من الشركاء تجمعهم صلات قائمة على المعرفة والثقة . لكن المشرع تدخل في شركات الأموال فبين كيفية تقدير الأعيان التي تقدم في هذه الشركات للحصول على الأسهم (م 29) وسنتناول ذلك في حينه .
وقد تقدم الأعيان على سبيل التملك . أي أن الشريك يتنازل عن المال ليدخل في ملكية الشركة، وعلى الرغم من أن الأمر لا يعد بيعا لأن نقل الملكية لا يكون إلا مقابل ثمن إلا أن أحكام البيع تنطبق عليه كما يرى البعض ذلك ( ) .
وتطبق على نقل ملكية المال إلى الشركة، الأحكام الخاصة بنوع المال، فإذا كان عقارا مثلا، لا تنتقل ملكيته إلا باستيفاء التسجيل في السجل العقاري في دائرة تسجيل العقار. وبانتقال ملكية المال إلى الشركة وتسليمه فأن هلاك المال يقع عليها باعتبارها المالك الجديد، أما إذا وقع الهلاك قبل ذلك أو قبل التسليم فأنه يهلك على صاحب الحصة، حيث يطلب منه تقديم مال بديل . وعند تصفية الشركة لا يعاد المال إلى الشريك حتى إذا كان موجودا، لأنه أصبح جزء من أموال الشركة , ويعد الأصل تقديم الحصة على سبيل التمليك، ولكن قد يكون تقديم المال على سبيل الانتفاع، وفي هذه الحالة لا يخرج المال من ذمة الشريك، وإذا هلك في أي وقت، وجب تقديم مال يحل محله وبخلاف ذلك تنقضي شراكته. كما يعاد المال إلى صاحبه عند تصفية الشركة أن كان ممكننا، وإلا يعوض عنه.
وقد تكون حصة الشريك التي يقدمها للمشاركة برأس المال . حقا له لدى الغير، فلا يكون مقدما لحصته إلا من تاريخ استيفاء الشركة لهذا الحق من الغير , وهذا كما يقال خلاف ما تقضي به أحكام حواله الحق، في ضمان وجود الدين عند الاحالة، إنما يلتزم المدين أيضا بيسار المدين عند المطالبة، حماية للشركة في تكوين رأس المال( ) .
وتحرم بعض التشريعات أن تكون حصة الشريك ما يتمتع به من سمعه تجارية أو نفوذ( ) .بينما يسمح قانون الموجبات اللبناني في المادة (850) أن تكون حصة أحد الشركاء الثقة التجارية التي يتمتع بها( ) . وأمام سكوت القانون العراقي عن الموقف من السمعة التجارية نرى انه لا مجال لاعتمادها كحصة يمكن أن يقدمها الشريك، خشية التداخل مع ما يتمتع به الشخص من نفوذ اجتماعي أو سياسي، ولأن التعريف في قانون الشركات يقضي أن يقدم الشريك حصة من مال أو عمل، والمال (( كل شيء يصلح أن يكون حصة في الشركة))( )، وتحرم بعض النصوص في التشريعات موضوع المقارنة تقديم حصة في الشركة تعتمد النفوذ أو السمعة المالية( ) .
الحصة : عمــــــل
قد تكون الحصة التي يقدمها الشريك عملا، وهي ما تعرف بالحصة الصناعية، وقد أشار التعريف في المادة الرابعة من قانون الشركات إلى إمكانية أن تكون الحصة عملا .
والشركات التي يغطيها التعريف هي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي ) لأن الشركة البسيطة كما أوضحنا ذلك افرد لها المشرع أحكاما خاصة وتعريفا خاصا بها . وبالنسبة لهذه الشركات، المساهمة والمحدودة حسب القانون العراقي هي شركات ينقسم رأس المال فيها إلى أسهم اسمية نقدية متساوية القيمة وغير قابلة للتجزئة ))
فالقانون يشترط أن يكون المقابل للحصول على الأسهم نقودا، ومن غير المتصور تقدير ما يقدمه الشريك من عمل ابتداء، لأن تقديم العمل يمتد طيلة حياة الشركة . ولا يمثل العمل جزء من رأس المال، ولا يكون ضمانا للدائنين، لأنه لا يمكن الحجز عليه، وفي هذه الشركات ( المساهمة والمحدودة )، يقتصر ضمان الدائنين على رأس المال .
وفي هذا المقام نشير إلى كون المشرع الفرنسي وكذا المصري، حظرا أن تكون مساهمة الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عملا، وإذا كان المشرع الفرنسي يبيح في هذه الشركات أن ينص نظام الشركة على جواز تقديم العمل فيها فقد تعرض هذا التوجه للانتقاد وكذلك حرم القانون الفرنسي والمصري أن تكون الأسهم في الشركة المساهمة مقابل العمل، وسبق ذلك القضاء( ) .
أما بالنسبة لصاحب المشروع الفردي، فله الحرية في أن يقدم عمله، على أن ذلك لا يمثل رأس المال ولابد من تقديم رأس المال المقدر بالنقد، سواء كان من النقود أو الأعيان، قبل صدور شهادة تأسيس المشروع كما تقضي بذلك المادة 53 من قانون الشركات( ) .
تظل من الشركات الأربعة التي أشرنا إليها، الشركة التضامنية , ولا يحول في هذه الشركات حائل دون تقديم شريك أو أكثر عملا . وإذا كانت المادة 53 التي ذكرناها تقضي بأن يقدم رأس المال وبالكامل قبل صدور شهادة تأسيس الشركة، فمن المعلوم أن حصة العمل لا تدخل في تكوين رأس المال، لعدم إمكانية الحجز عليها، ولأن العمل لا يمكن أن يقدم دفعة واحدة أثناء تأسيس الشركة أو في فترة محددة، إنما يكون تقديم العمل مستمرا .
أما الشركات البسيطة فقد جاء النص واضحا في إباحة تقديم العمل كحصة في الشركة، فالمادة 181 تنص على أن (( تتكون الشركة البسيطة من عدد من الشركاء لا يقل عن اثنين ولا يزيد على خمسة يقدمون حصصا في رأس المال أو يقدم واحد منهم أو أكثر عملا والآخرون مالا )) وبصورة عامة يشترط في العمل الذي يقدم، أن يكون ذو فائدة واضحة للشركة، ليس من الأعمال التافهة التي تؤدي من أي شخص( ) . وإذا قدم مثل هذا العمل فلا يكون صاحبه شريكا، إنما أجيرا أو عاملا، ولذلك فأن عمل المهندس والخبير في شؤون التسويق مثلا يمكن أن تمثل حصص لمقدميها في رأس المال كذلك يثار في موضوع حصة العمل، مصير ثمار العمل براءة الاختراع التي يحصل عليها من يقدم حصته عملا فهل ثمارها له أم للشركة ؟ وثمار العمل من نصيب الشركة، إلا براءة الاختراع فهي للشخص مقدم العمل إلا إذا جرى الاتفاق في الحالتين خلاف ذلك .
والمادة 10 من قانون الشركات القطري تنص على (( وإذا كانت حصة الشريك عمله فكل كسب ينتج عن هذا العمل يكون من حق الشركة ما لم يكن الشريك قد حصل على هذا الكسب من حق براءة اختراع إلا إذا اتفق على ذلك. ويمتنع على الشريك الذي تكون حصته عمله أن يمارس نفس العمل لحسابه الخاص ))
وقبل الانتهاء من الموضوع، لابد أن نتطرق إلى دفع الحصة المالية التي يقدمها الشريك في رأس المال، ونبادر إلى القول أن الحصة في الشركة المحدودة والتضامنية والمشروع الفردي تقدم دفعة واحدة وقبل صدور شهادة التأسيس أو شهادة التسجيل كما نرى (م 53) .
وفي الشركات المساهمة يمكن أن تدفع قيمة الأسهم على أقساط نتناولها في حينها . وعليه لم يتبق إلا الشركة البسيطة التي لم ينظم موضوع دفع الحصة فيها المشرع. فإذا تخلف الشريك عن تقديم الحصة أو جزء منها، فنرى وكما يذهب لذلك الفقه بتطبيق القواعد العامة في استيفاء الديون، بينما يرى البعض احتساب فوائد وتعويض عن الأضرار التي تتعرض لها الشركة وهي أحكام مغايرة لحكم القواعد العامة ( ) وقد عالجت بعض التشريعات هذا الأمر فالمادة (16 من قانون دولة الإمارات ) تنص على انه (( يعتبر كل شريك مدينا للشركة بالحصة التي تعهد بها فأن تأخر في تقديمها عن الأجل المحدد لذلك كان مسئولا في مواجهة الشركة عن تعويض الضرر ... )) .
المبحث الرابع
اقتسام الأرباح والخسائر
يسعى الشركاء إلى الحصول على الربح، ولكن قد يؤول مسعاهم إلى الخسارة، فيقتضي أن يتقاسم الشركاء الربح والخسارة، وهو ما يعبر عنه الفقه بنية المشاركة ( ) أو يرتبط به عادة .
والمقصود بالربح الزيادة الإيجابية في الذمة المالية، أو هي زيادة في الأصول على الخصوم بموجب جرد سنوي وإعداد ميزانية كما هو معروف في الفكر المحاسبي والتطبيق ويختلف توزيع الأرباح والخسائر في شركات الأموال عنه في شركات الأشخاص فالنوع الأول من الشركات يقسم رأس المال فيها إلى أجزاء متساوية تسمى الأسهم، وعليه فأن توزيع الربح وكذا الخسارة تكون بمقدار ما يقتني المساهم من الأسهم . لأن نصيب السهم الواحد مساو لغيره في الحالتين ولا يجوز الاتفاق خلاف ذلك . أما رأس المال في شركات الأشخاص فيوزع إلى حصص قد تكون متساوية أو غير متساوية وإذا كانت المادة 73 / ثانيا من قانون الشركات تنص على أن (( يوزع الباقي من الربح أو جزء منه على الأعضاء حسب أسهمهم أو حصصهم حسب الأحوال )) بما يفهم منه أن التوزيع يكون حسب الأسهم أو الحصص ولا يجوز الاتفاق خلافه فأن هذا الأمر ينطبق على شركات الأموال لأن المادة 75 تنص على أن (( توزع الخسائر في الشركة التضامنية بالنسب المنصوص عليها في عقدها والمماثلة لنسب توزيع الإرباح فيها )) . ويستمد هذا النص قوته من الفقرة سادسا م 13 . حيث يفهم من النص انه بالإمكان الاتفاق في العقد على كيفية توزيع الأرباح ويكون مماثلا له توزيع الخسائر . وهو ما يذهب إلى إباحته غالبية الفقه ( ) .
الاتفاق الوحيد غير المباح، والذي يؤدي إلى بطلان عقد الشركة . هو ما يعرف بشرط الأسد، كأن ينص العقد على حرمان احد الشركاء من الربح على الرغم من تحمله الخسارة أو على العكس من ذلك . أن يتضمن عدم مشاركة احد الشركاء في الخسارة، رغم تقاضيه الأرباح ويرجع سبب البطلان، إلى أن مثل هذا الاتفاق يتناقض مع الاشتراك في الأرباح والخسائر، الذي ينص عليه تعريف الشركة، ويتناقض أيضا مع نية المشاركة التي تجمع الشركاء . الحالة الوحيدة التي أباح فيها قانون الشركات إعفاء الشريك من الخسارة في الشركة البسيطة فقط، عندما يقدم الشريك حصته في رأس المال عملا، فالمادة ( 186 ) تنص على انه : (( أولا ـ إذا اتفق على أن احد الشركاء لا يساهم في الربح أو في الخسارة كان عقد الشركة باطلا .
ثانيا ـ يجوز الاتفاق على اعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسارة بشرط أن لا يكون قد تقرر له اجر عن عمله ( ) .
ويرتبط توزيع الإرباح والخسائر بمبدأ نية المشاركة الذي تنهض عليه فكرة الشركة، وهذا المبدأ هو الذي يميز الشركة عن غيرها من الأوضاع القانونية التي تتداخل معها . الشركة كملكية المال على الشيوع واشتراك العمال في الأرباح والجمعيات التعاونية :
الشركة وملكية المال الشائع
فتختلف الشركة عن ملكية المال على الشيوع، في كون الأخير عملا مفروضا على المشتركين بالشيوع نتيجة تملكم مالا لا يقبل القسمة، بينما الشركة عمل ايجابي سعى إليه الشركاء بإرادتهم .
الشركة واشتراك العمال في الأرباح :
تختلف الشركة أيضا عن حالة اشتراك العمال في المصنع عندما تكون الأجور حصة من الأرباح، فلا يتحول المصنع إلى شركة، لانعدام مبدأ المساواة بين الشركاء، فالعمال يؤدون عملهم بتوجيه وإشراف صاحب العمل في حين يتساوى الشركاء في الشركة من حيث الحقوق.
الشركة والجمعية :
تختلف الشركة عن الجمعية، في كون هدف الأولى تحقيق الربح، بينما تسعى الجمعية إلى توفير الخدمات والسلع إلى منتسبيها، ولم يكن الربح هدفا لها حتى لو حققته( ).
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (3)
الأثنين 31/07/2006
الفصل الثاني
الشخصية المعنوية Juridical person
إن تأسيس الشركة يعني ظهور كائن قانوني له استقلاله المالي والإداري عن الشركاء وعليه أن مصطلح الشركة ينصرف فضلا عن العقد، إلى كيان اقتصادي ظهر بإجراءات تطلبتها القوانين، يتمتع بشخصية تصورية تتمتع بالحقوق وتفرض عليها الواجبات بما يشبه إلى حد كبير الأشخاص الطبيعية . ويؤدي هذا التصور إلى استقلال الشخص المعنوي، بحيث تصبح العقود والأموال بمجرد تأسيس الشركة عائدة لها وليس للأشخاص الموقعين على عقد تأسيسها . ويستمر الشخص في العمل حتى أن خروج الشركاء من الشركة، أو موت أعضاء مجلس الإدارة فيها، فلا يؤدي ذلك إلى انتهاء الشركة تلقائيا( ) .
وجسد انفصال الشركة عن الشركاء فيها قرار حكم في قضية مشهورة عرضت على القضاء الانكليزي، المعروفة بقضية salomon v. salomon and co. ltd. ملخصها : أن سالمون تاجر جلود ولديه مصنع للأحذية، اضطرب عمله فحول نشاطه إلى شركة محدودة المسؤولية من سبعة أشخاص، هو وزوجته وأطفاله الخمسة وباع للشركة مصنع الأحذية بمبلغ مقداره (30000 جنيه) تسلم (20000 منها) وبقي دين على الشركة مبلغ (10000 جنيه)، صفيت الشركة بعد أن اتجهت نحو الإفلاس، وقد وجد المصفي أن أموال الشركة لا تكفي لسداد ما عليها من الديون، فأراد استبعاد دين سالمون من ديون الدائنين تأسيسا على أنه والشركة واحد .
المحكمة وجدت خطأ هذا التصور، وقالت أن الشركة بمجرد تأسيسها تصبح شخصا مستقلا عن الأشخاص الموقعين على عقدها، وحتى إذا كان نشاطها هو ذات النشاط السابق، على تأسيس الشركة والأشخاص هم الذين يتسلمون الإرباح التي تدرها، فالشركة شخص قائم بذاته لا تعد وكيلا عن الشركاء ولا ضامنة لهم، كذلك لا يسال الشركاء شخصيا عن الشركة إلا بمقدار ما يحدده القانون( ) .
وسنتناول تاريخ ظهور الشخصية المعنوية للشركة وانتهائها حسب القانون العراقي، ثم نبين النتائج التي تترتب على ظهور الشخصية المعنوية. وقبل ذلك ننوه إلى أن جميع الشركات حسب القانون العراقي تتمتع بالشخصية المعنوية، لان القانون لا يعرف شركة المحاصة التي لا تظهر للوجود وليس لها شخصية معنوية والمعروفة في اغلب التشريعات( )
أما متى تبدأ الشخصية المعنوية للشركة ؟ فمعروف أن قانون الشركات العراقي وضع أحكاما خاصة بأنواع أربعة من الشركات هي ( المساهمة، والمحدودة، التضامنية، المشروع الفردي ) استغرقت جل مواد القانون، ثم افرد بابا خاصا لنوع من الشركات أطلق عليها اسم الشركة البسيطة ( الباب السابع المواد 181 – 199 ) .
وعليه فأن الشخصية المعنوية للأنواع الأربعة من الشركات تبدأ من تاريخ صدور شهادة تأسيس الشركة من المسجل، فالمادة (22) تنص على أن ((تكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدور شهادة تأسيسها ))، لأن هذه الشركات بحاجة إلى الإجازة لبدء نشاطها( ) .
أما الشركة البسيطة فتبدأ شخصيتها المعنوية من تاريخ إيداع نسخة من عقدها لدى مسجل الشركات، فالمادة 183 تنص على أن (( تكتسب الشركة البسيطة الشخصية المعنوية من تاريخ ايداع نسخة من عقدها لدى المسجل ))، أما انتهاء الشخصية المعنوية، فيكون بشطب اسمها من قبل المسجل، فالمادة 177 تبين (( أولا ـ على المسجل أن يصدر قراره بشطب اسم الشركة من سجلاته وينشر القرار بالنشرة وصحيفة يومية خلال عشرة ايام من تاريخ صدوره في إحدى الحالتين الآتيتين : ـ
1- إذا وجد أن التصفية تمت على وفق القانون .
2- إذا استغرقت إجراءات التصفية مدة تزيد على خمس سنوات من تاريخ صدور قراره بالتصفية وثبت للمسجل تعذر استكمال إجراءات التصفية.
ثانيا ـ تعتبر الشخصية المعنوية للشركة منتهية من تاريخ صدور قرار شطب اسمها، ومن الثابت أن الشخصية القانونية للشركة تظل طيلة فترة التصفية التي قد تستغرق وقتا طويلا .
أما الموضوع الأهم فيتعلق بالآثار القانونية لاكتساب الشركة الشخصية المعنوية وهذه الآثار تشبه إلى حد كبير آثار ولادة طفل وهي :
1- الاسم
2- الجنسية
3- الموطن
4- الذمة المالية المستقلة
5- الأهلية
وسنوضح هذه الآثار بإيجاز .
1- اسم الشركة ( )
ما دامت الشركة شخصا، فيفترض أن يكون لها اسم يميزها عن غيرها من الأشخاص ويتكون اسم الشركة حسب القانون العراقي من عناصر ثلاثة :
الأول : ـ نوع الشركة حيث يجب أن يتضمن اسمها ما هو نوعها وهو احد الأنواع الخمسة كما ذكرنا . لكي يعلم من يتعامل مع الشركة طبيعة الشركة التي يمكن معرفته من نوعها . والعنصر الثاني للاسم هو النشاط كالنقل والتامين والسياحة .
أما العنصر الثالث للاسم فيختلف في شركات الأشخاص عنه في شركات الأموال .
فلأهمية الاعتبار الشخصي في الأولى، يذكر اسم الشركاء أو بعضهم في الاسم . أما في شركات الأموال حيث يغيب الاعتبار الشخصي فيضاف اسم مبتكر، وقد أوضحت الفقرة أولا من المادة 13 عندما نصت على : (( اسم الشركة المستمد من نشاطها، يذكر فيه نوعها مع إضافة كلمة مختلطة إن كانت مختلطة واسم احد أعضائها في الأقل إن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا( )، ويجوز إضافة أية تسمية مقبولة إن كانت مساهمة أو محدودة )) .
2- الجنسية
تقتضي الاعتبارات العملية، واعتبارات الرقابة على الشركة أن يكون لها جنسية . ويتبنى الفقه معايير مختلفة لتحديد جنسية الشركة، فقد يرتبط الأمر بمكان نشاط الشركة، أي أن الشركة تأخذ جنسية الدولة التي تعمل على أراضيها، بينما يذهب معيار آخر إلى اعتماد مكان وجود المقر الرئيسي للشركة، حيث تأخذ جنسية دولة المقر، ويتبنى هذا المعيار الأستاذ الدكتور محسن شفيق (المصدر السابق، 181 ) . ومعيار ثالث يتبنى جنسية الشركاء، أو جنسية رأس المال، ولكل من المعايير المذكورة المطاعن التي تؤخذ عليه، لكننا نرجح المعيار الذي اعتمده القانون العراقي، حيث تكتسب الشركة جنسية الدولة التي ظهرت الشركة للوجود بموجب قوانينها، لأن الشركة شخص، ويحتاج الشخص إلى ولادة، وولادة الشركة شهادة تأسيسها، وعليه فأن جنسيتها هي جنسية الدولة التي ظهرت الشركة إلى النور بموجب قوانينها والمادة 23 من قانون الشركات العراقي تنص على أن (( تكون الشركة المؤسسة في العراق وفق أحكام هذا القانون عراقية . (( وقد اشترط القانون أن يكون المقر الرئيسي للشركة في العراق ( الفقرة ثانيا / م 13 )، وبناء على ذلك فلا ترابط بين جنسية الشركة وجنسية الشركاء، إذ قد يكون الشركاء ممن لا يحملوا الجنسية العراقية ومع ذلك تكون الشركة عراقية لأنها ظهرت بموجب القانون العراقي .
3- الموطــــن :
للشركة موطن .
عرف القانون المدني في المادة 42 الموطن بأنه (( .. المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة أو مؤقتة ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد، فالموطن هو محل الإقامة، أو محل النشاط كما يشير لذلك القانون المدني في ( م 44 ) ويفيد الموطن كعنوان للتبليغ، أو المراسلات أو إقامة الدعاوى أو تحديد المحكمة المختصة بالإفلاس، وموطن الشركة حسب قانون الشركات العراقي بينته الفقرة ثانيا من المادة 13 (( المركز الرئيس للشركة على أن يكون في العراق )) وإذا كان القانون، لم يطلق على ذلك الموطن فهو المقصود بالنص، أو نقول أن الموطن حيث يوجد المركز الرئيس، وقد اعتمد الفقه هذا المعيار( ) . والموطن هو المكان الذي توجد فيه الأجهزة التي تدير الشركة، حيث تباشر نشاطها فيه . وإذا كان الأصل أن يكون المقر الرئيس في مكان نشاط الشركة فلا ضرورة لهذا التطابق، حيث قد يكون نشاط الشركة في مكان أو أماكن . ومقر أو موطن الشركة في مكان آخر .
4- الذمة المالية المستقلة :
من أهم النتائج المترتبة على اكتساب الشركة الشخصية المعنوية، أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن الذمم المالية للشركاء، فالشركة كونها شخصا قانونيا لا يمكن أن تفي بالتزاماتها وتقوم بأنشطتها بغير أن تكون لها ذمة مالية، وتقضي المادة 27 من قانون الشركات العراقي (( يخصص رأس مال الشركة لممارسة نشاطها المحدد في عقدها ووفاء التزاماتها ولا يجوز التصرف به خلاف ذلك )) ويبنى على أن للشركة ذمة مالية مستقلة أن :
أ – أموال الشركة ملك للشركة، ولا تعد مالا شائعا بين الشركاء، لأن الشيوع ينقضي بإرادة أي من المشتاعين، بينما لا يستطيع الشريك في الشركة أن يستعيد الحصة التي اشترك فيها برأس المال . لأن ما يدفع من الحصص يصبح ملكا للشركة في الغالب وليس للشركاء إلا حق احتمالي في الأرباح، وحصة تتناسب مع ما قدمه عند تصفية الشركة، وهذا الحق هو مال منقول دائما حتى لو كان ما قدمه الشريك عقارا .
ب – أموال الشركة ضمان لدائنيها، ليس بمقدور دائني الشركاء الحجز عليها اعتمادا على أن للشريك المدين حصة في رأس المال( ) . ويختلف الأمر في شركات الأموال عنه في شركات الأشخاص . لأنه في الأولى يجوز الحجز على الأسهم وعرضها للبيع لأن رأس المال يظل ثابتا، وما يتبدل هو المالك للأسهم ولا أهمية لتبدل الشريك في هذه الشركات لأنها مغفلة فالمادة 72 / أولا تقرر انه يجوز حجز الأسهم المملوكة للقطاع الخاص في الشركة المساهمة والمحدودة)) أما في شركات الأشخاص، حيث يبرز الاعتبار الشخصي، فلا يجوز الحجز على حصة الشريك . لأن الحجز معناه أن يتبعه البيع في الغالب وهو ما يؤدي إلى أن يحل شخص محل آخر في ملكية الحصة، وفي ذلك تغيير لعقد الشركة ويمكن أن يكون سبب في انحلالها ولذلك تحرم الفقرة الثانية من المادة 73 الحجز على الحصة في الشركة التضامنية وفي المشروع الفردي والبسيطة، إلا لدين ممتاز .
جـ - لا تجري المقاصة بين دين الشركة وديون الشركاء , فلو كانت الشركة دائنة لشخص أجنبي، وأصبح هذا الشخص دائنا لأحد الشركاء،لا تجري المقاصة بين الدينين، لأن، المقاصة تقع عندما يوجد شخصان كلاهما دائن ومدين للأخر في وقت واحد، فيسقط اقل الدينين من الطرفين أما بالاتفاق أو بقوة القانون حسب توافر شروط تطلبها القانون ( م 409 من القانون المدني ) . في حين نحن الآن وحسب المثال في مواجهة ثلاثة أشخاص الشركة والدائن الأجنبي والشريك في الشركة .
د – العلاقة بين إفلاس الشركة وإفلاس الشركاء :
لا يتبع إفلاس الشركاء بالضرورة إفلاس الشركة،أو يتبع إفلاس الشركة إفلاس الشركاء، لأن لكل من الشركاء والشركة شخصيته وأمواله المستقلة . حتى في شركات الأشخاص التي يحصل فيها بعض التداخل بين أموال الشركة وأموال الشركاء . ويختلف الأمر حسب قانون الشركات العراقي، بين شركات الأموال (المساهمة والمحدودة ) وبين شركات الأشخاص ( التضامنية المشروع الفردي والبسيطة ) .
فعند إفلاس الشركة من النوع الأول لا يمتد الإفلاس إلى الشركاء، لأن، مسؤولية هؤلاء عن ديون الشركة محدودة بمقدار المساهمة برأس المال (م33).
أما إذا أفلست شركة من شركات الأشخاص فيتبع ذلك بالضرورة إفلاس الشركاء . حيث تنص المادة 36 على أنه (( إذا أعسرت الشركة اعتبر كل شريك فيها معسرا ))( ) . لأن الشركاء ضامنين ديون الشركة بأموالهم الشخصية وعليه يجب أن يعلن إفلاسهم مع الإعلان عن إفلاس الشركة. ويدخل ضمن الذمة المالية للشركة. رأس المال والموجودات, ولابد من توضيح المصطلحين.
فمصطلح رأس المال هو الرقم المثبت في عقدها , وهو ثابت عادة، إلا إذا قامت الشركة بإجراءات تغييره، زيادة أو تخفيضا كما سيأتي أما الموجودات فتشمل جميع أموال الشركة، والأبنية والمعدات، وما استقطع من الأرباح لتكوين الاحتياطات، وتدخل ضمن الضمان العام للدائنين لأن، مسؤولية الشركة غير محدودة عن ديونها، حتى في شركات الأموال . ويتمثل ضمان الدائنين عادة كحد أدنى بمقدار رأس المال الاسمي .
5 – الأهليـــــة :
تتمتع الشركة عند اكتسابها الشخصية المعنوية بالأهلية، لأنها تصبح شخصا له ما للأشخاص الطبيعيين . والأهلية المقصودة، هي الأهلية بنوعيها . أهلية الوجوب، وهي أن يفرض على الشركة واجبات وتكون لها حقوق والشركة تستطيع أن تتملك وان تقبل الهبات، كما تفرض عليها الواجبات القانونية كفرض الضرائب، يستثنى من ذلك الحقوق والواجبات المرتبطة بالإنسان، كالحقوق السياسية وواجبات الأسرة،
أما الأهلية الأخرى، فهي أهلية الأداء، أي قدرة الشركة على الدخول في روابط قانونية وبغير توافر هذه الأهلية لا تستطيع الشركة ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها، فهي بحاجة إلى أن تبيع وتشتري وتؤجر وترهن وتؤمن وغير ذلك من الأنشطة . كأن تقيم الدعاوى على الآخرين، وان تكون طرفا في الخصومات كمدع عليها، ولكن من يمارس هذه الأنشطة ليس شخص الشركة لأنه مفترض، إنما ينوب عنها من يمثلها كمديرها المفوض مثلا . ولابد أن نشير أيضا إلى انه يمكن أن تعاقب الشركة . العقوبات المالية، أما العقوبات السالبة للحرية فلا يتصور إيقاعها على شخص الشركة، أنما يمكن أن تكون على الأشخاص الذين أدى فعلهم لفرض العقوبة .
الفصل الثالث
أنــــــواع الشركات( )
قبل الوقوف على أنواع الشركات التي يبيح قانون الشركات العراقي رقم 21 لسنة 1997 . تأسيسها يتطلب التعرف على التقسيمات المختلفة التي يقولها الفقه وتشير لها بعض النصوص القانونية والتي تيسر الإلمام بطبيعة كل نوع من أنواع الشركات .
وسنتناول الفصل في مبحثين المبحث الأول التقسيمات الفقهية للشركات، أما الثاني فنخصصه للتقسيم حسب قانون الشركات .
المبحث الأول
التقسيمات الفقهية للشركات
أولا : ـ تقسيم الشركات إلى شركات مدنية وشركات تجارية .
تقسم الشركات إلى شركات تجارية وشركات مدنية، ويعتمد التقسيم حسب القانون العراقي معيارا موضوعيا مستمدا من النشاط الذي تزاوله الشركة. فالمادة 7 من قانون التجارة العراقي رقم30 لسنة1984تنص على أن ((أولا:ـ يعتبر تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يزاول باسمه ولحسابه على وجه الاحتراف عملا تجاريا وفق أحكام هذا القانون)).
وعليه تكون تجارية الشركات التي يكون غرضها من احد الأعمال التي تعد تجارية حسب قانون التجارة المادة / 5 . أما الشركات التي غرضها غير هذه الأعمال فهي مدنية .
وقد اعتمدت بعض التشريعات معيارا شكليا في تحديد الصفة التجارية أو المدنية للشركات ( ) . وإذا كان قانون الشركات العراقي لا يفرق بين الشركات التجارية والمدنية حتى إن اسم القانون هو ( قانون الشركات )، وبالتالي يطبق على جميع الشركات التي تأخذ الأشكال التي بينها، فأنه يظل مع ذلك اعتماد المعيار الموضوعي الذي بينه قانون التجارة فتكون الشركة التي تحترف الأعمال التجارية ( يقع غرضها ضمن الأعمال المذكورة ) شركة تجارية أو تكون مدنية الشركة التي غرضها غير الأعمال التجارية أي كان الشكل الذي أفرغت فيه .
والفرق بين الشركات التجارية والمدنية، إن الأولى تعد تاجرا، وما يترتب على ذلك من خضوعها لأحكام قانون التجارة ومطالبتها بالواجبات التي يفرضها وهي التسجيل في السجل التجاري والتسمية التجارية إضافة إلى مسك الدفاتر التجارية كما يسري عليها الإفلاس الذي تعرفه القوانين التجارية ولاحظنا التردد حوله في القانون العراقي .
ونستطيع أن نبدي وجهة نظرنا في هذا الأمر، أي تقسيم الشركات إلى تجارية ومدنية لأن الاختلاف يتضاءل بين الاثنين ( )، فلم ينهض قانون التجارة العراقي على المبادئ التي كان يعرفها قانون 1970 الملغي وتعرفها قوانين التجارة العربية، كمبدأ الإثبات، وتضامن المدنيين، والفوائد والإفلاس . فقد ساوى قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 في إثبات المسائل التجارية والمدنية، ولا يوجد نص يكرس مبدأ تضامن المدنيين عدا وجود التضامن في حالات متفرقة، كالأوراق التجارية والتضامن في النقل، وتتساوى البيئتان في الفوائد، ولاحظنا ما يؤشره اتجاه المشرع نحو اعتماد الإعسار وهو نظام مستعار من البيئة المدنية ولذلك يقتصر كون الشركة تجارية أو مدنية على الواجبات التي ذكرنا والتي يفرضها قانون التجارة على التاجر .
أما إذا كانت البيئة التجارية في العراق التي تنبئ بالاتساع تتطلب إحاطتها بأحكام قانونية تحمي المتعاملين في الوسط التجاري والمتعاملين معهم من خارجه فمطلوب تفعيل وسائل الحماية هذه وأهمها تطبيق نظام الإفلاس . عند ذلك يكون التمييز بين الاثنين مجديا، ويعتمد على المعيار الموضوعي الذي تبناه القانون كما ذكرنا على الرغم من إننا نرجح المعيار الشكلي . لأن تكوين الشركة حتى لو كان نشاطها في غير الأعمال التي تعد تجارية ينطوي على إجراءات وتنظيم وتوزيع للاختصاصات، فتكون على شكل مشروع محترف للغرض الذي تأسس له واتخذت من الوسائل الخارجية كالتسجيل في سجل الشركات والاسم ما يدل على احتراف العمل ونظرية المشروع إحدى نظريات العمل التجاري( ) .
ثانيا : ـ تقسيم الشركات حسب ملكية رأس المال .
تقسم الشركات حسب الجهة المالكة لرأس المال إلى خاصة وعامة ومختلطة، فتكون خاصة عندما يكون رأس المال مملوكا لأشخاص القانون الخاص، وتكون عامة عندما يكون مملوكا لأشخاص القانون العام . أما المختلط فهي تلك التي يشترك في ملكية رأس المال أشخاص من القانونين . لكن ذلك بينه القانون العراقي كالآتي : الشركة الخاصة لا يشارك فيها أي من الأشخاص العامة، أو تشارك فيها هذه الأشخاص لكن المشاركة لا تصل إلى 25% من رأس المال الاسمي
فالمادة 7 / أولا تنص على أن (( تتكون الشركة المختلطة باتفاق شخص أو أكثر من القطاع الاشتراكي مع شخص أو أكثر من غير القطاع المذكور ( )، برأس مال مختلط لا تقل نسبة مساهمة القطاع الاشتراكي فيه عن ( 25% ) خمس وعشرين في المائة . ويجوز استثناء تكوين شركة مختلطة من شخصين أو أكثر من القطاع المختلط .
فالشركة تكون من القطاع الخاص عندما يكون الأشخاص مالكوا رأس المال فيها جميعهم من القطاع الخاص، أو حتى مع مشاركة أشخاص القطاع الاشتراكي عندما لا تصل المشاركة إلى 25% فأكثر من رأس المال .
بل أكثر من ذلك أورد القانون استثناء بأن تظل الشركة خاصة حتى لو جاوزت مشاركة القطاع الاشتراكي النسبة المذكورة ( 25 % )، ولكن يقتصر هذا الأمر على مشاركة شركات التأمين( )، وإعادة التأمين الحكومية ودائرة العمل والضمان الاجتماعي، كما يجوز إلحاق جهات استثمارية أخرى إنما يكون الأمر مرهونا بقرار من مجلس الوزراء ( م 8 / ثانيا ـ 2 ) .
وسبب الاستثناء أن الجهات المشار إليها، تعد جهات استثمارية قد توظف أموالها في الشركات لكنها لا ترغب أن تتحمل اعباء تحول الشركة إلى مختلطة، وقد ورد الاستثناء مطلقا في حدوده، أي أن تجاوز نسبة إلى 25 % بلا تحديد .
وبناء على ذلك تكون الشركة مختلطة عندما تصل مشاركة الدولة في رأس المال إلى 25 % فأكثر وقد اخضع القطاع المختلط إلى قانون الشركات الخاصة فالمادة 3 من القانون تنص على أن (( يسري هذا القانون على الشركات المختلطة والخاصة . )) وبتقديرنا أن تجربة القطاع المختلط في العراق، خاصة بعد إلحاق هذا القطاع بقانون الشركات الخاصة، كانت تجربة غير ناجحة، ويمكن القول بحق أنها استعارت مساوئ القطاعين الخاص والعام بدلا من استعارة محاسنهما( )، مثال على ذلك أن المدير المفوض للشركات المختلطة الذي يفترض أن يعين من قبل مجلس الإدارة وهو الذي يحدد صلاحياته ومكافأته ويستطيع عزله (م121/أولا) : كان يعين من جهات إدارية( )،وبذلك يأتي مديرا مفوضا للشركة وهو يشعر بالتفوق على مجلس الإدارة ويبدأ الصراع بين الجهتين .
وعليه نرى أن الدولة إذا وجدت أن ميدانا مهما يفترض أن تلجه، بإمكانها أن تنشأ شركة عامة وحسب أحكام قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997، مما يدفع الشركات الخاصة في هذا الميدان للتنافس معها إذا أدت واجبها بكفاءة . أما إذا كانت ترغب في المشاركة تشجيعا للقطاع الخاص الذي قد يتردد في ولوج ميدان معين، فيقتضي أن يمتد التشجيع إلى المساواة في الإدارة، حيث تكون الدولة حالها حال الأفراد في التنافس على إشغال مراكز الإدارة في الشركة وهو ما تقضي به التشريعات التي تناولنا أحكامها بالمقارنة ( )، أو أن يكون عدد ممثلي الدولة في مجلس الإدارة يتناسب مع حجم مساهمتها في رأس المال .
وتكون الشركة عامة كما بينا عندما يكون رأس المال مملوكا بكامله للدولة . وقد صدر قانون خاص بالشركات العامة هو القانون رقم22 لسنة 1997 بين كيفية إنشاء الشركة، ومزاولة نشاطها وإدارتها وانقضائها وتصفيتها . ولم يجمع الشركات العامة قانون موحد قبل صدور القانون المذكور إنما كانت تؤسس الشركة بموجب قانون موحد قبل صدور القانون المذكور إنما كانت تؤسس الشركة بموجب قانون خاص يبين نشاطها وحجم رأس المال فيها وإدارتها، وأحكام انقضائها . وسنتناول أحكام الشركات العامة في مكان لاحق .
ثالثا ـ شركات الأشخاص وشركات الأموال .
يعد هذا التقسيم من التقسيمات المهمة، لأنه يتردد كثيرا موضوع التمييز بين شركات الأشخاص وشركات الأموال . وعليه لابد من معرفة خصائص كل نوع من النوعين المذكورين ويمكن المقارنة بينهما كالأتي :
1- لا شك أن الأشخاص ورأس المال لهما الأهمية في حياة جميع الشركات لكن بعض الشركات، تكون الأهمية للأشخاص اكبر من أهمية رأس المال، وعلى العكس يكون رأس المال هو الأهم في شركات أخرى، وعليه يطلق على الشركات التي يعلو فيها الاعتبار الشخصي، شركات الأشخاص . بينما تطلق تسمية شركات الأموال على الشركات التي يتراجع فيها دور الأشخاص ويبرز رأس المال كمؤشر لنجاحها وثقة الأغيار بها .
2- في شركات الأشخاص حيث الاعتبار الشخصي هو الأهم، لابد من إبراز أسماء الأشخاص موضع ثقة الغير، ويكون الإبراز بأن يتضمن اسم الشركة أسماءهم أو أسماء البعض منهم حيث تنص الفقرة أولا من المادة 13 ((...واسم احد أعضائها في الأقل أن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا..)) بينما تعتمد شركات الأموال، على السمعة المالية للشركة، فلا تظهر أسماء الأعضاء في اسمها، وإنما لها اسم مبتكر حيث تنص الفقرة التي اشرنا إليها (( .. وتجوز إضافة أية تسمية مقبولة أن كانت مساهمة أو محدودة )) .
3- تجمع الشركاء في شركات الأشخاص المعرفة والثقة، لذلك فهي شركات مغلقة ليس من السهولة أن يتركها الشريك أو أن يدخل شخص أجنبي كشريك فيها والمادة 69 / أولا من قانون الشركات تبيح للشريك أن ينقل ملكية حصته إلى الشركاء الآخرين ولكن نقلها إلى الغير مشروط بموافقة الشركاء الآخرين بالإجماع . بينما تعد شركات الأموال مفتوحة . من السهولة أن يتركها الشريك أو أن يدخلها شريك جديد، خاصة في شركات المساهمة التي تعرض أسهمها في سوق الأوراق المالية وتبنى على مبدأ حرية تداول الأسهم، فأي شخص يبيع أسهمه في سوق المال تنتهي عضويته في الشركة وأي شخص يشتري الأسهم من السوق المذكورة يكون شريكا فيها .
4- في شركات الأشخاص، عندما يقال بأن الثقة بالشركة مستمدة من الثقة بالشركاء، فأن هذه الثقة مبنية على المكانة المالية التي يتمتع بها هؤلاء الشركاء ولتعزيز الثقة بالشركة، فأن التشريعات تجعل مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة مسؤولية شخصية ( مطلقة ) وتضامنية في الشركات التي يتعدد فيها الشركاء فالمادة 35 تنص على أن يسأل كل ذي حصة في الشركة التضامنية والمشروع الفردي، مسؤولية شخصية وغير محدودة عن ديون الشركة، وتكون مسؤوليته تضامنية أيضا في الشركة التضامنية .وتعني المسؤولية الشخصية أنها تمتد إلى أموال الشريك الشخصية، التي خارج الشركة . بينما تكون المسؤولية عن ديون الشركة في شركات الأموال، محدودة بمقدار المساهمة برأس المال ( م 6 / أولا وثانيا ) وكذلك تنص المادة 33 انه (( لا يسأل المساهم عن ديون الشركة إلا بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي يملكها .))
5- يكتسب الشريك في شركات الأشخاص صفة التاجر( )، لمجرد كونه شريكا في شركة تضامنية أو صاحب مشروع فردي . ولم يتضمن القانون العراقي نصا يفيد هذا المعنى . إنما يمكن أن يفهم ذلك من نص المادة 36 (( إذا أعسرت الشركة اعتبر كل شريك فيها معسرا )) لأن المقصود بالإعسار هو الإفلاس، ومعلوم أن الإفلاس لا يقع على غير التاجر . كان من المستحسن لو أن المشرع أورد نصا يفيد هذا الحكم كما فعلت التشريعات التي اشرنا إليها .
6- يؤدي إفلاس الشركة إلى إفلاس الشركاء في شركات الأشخاص / كما هو واضح من النص الذي اشرنا له في الفقرة السابقة . بينما لا يؤدي إفلاس شركة الأموال إلى إفلاس الشركاء، ومرد ذلك المسؤولية المطلقة للشركاء في الأولى والمسؤولية المحدودة بمقدار المشاركة برأس المال في الثانية .
أما في الحالة العكسية، أي إفلاس الشريك أو الشركاء، فأنه لا يؤدي إلى إفلاس الشركة في نوعي الشركات ( الأشخاص والأموال )، إنما قد يؤدي إفلاس الشريك أو الشركاء إلى انقضاء الشركة في شركات الأشخاص عندما تكون شخصية المعلن إفلاسه محل اعتبار .
7- تقسيم رأس المال :
يمكن أن يكون احد الفروق طريقة قسمة رأس المال، فيقسم في شركات الأشخاص إلى حصص قد تكون متساوية أو غير متساوية . بينما يقسم رأس المال في شركات الأموال إلى أجزاء متساوية هي الأسهم( ) .
المبحث الثاني
أنواع الشركات حسب قانون الشركات العراقي
قبل أن نبين أنواع الشركات كما وردت في القانون العراقي، نشير إلى الأنواع المعروفة في غالبية القوانين العربية وكان يعرفها قانون الشركات الأسبق الملغي لسنة 1957 .
وهذه الشركات هي( ) :
التضامن
التوصية البسيطة
المحاصة وهذه الشركات الثلاث هي شركات الأشخاص
المساهمة
ذات المسؤولية المحدودة
التوصية بالأسهم وهذه شركات الأموال
أما في قانون الشركات العراقي النافذ فهي:
التضامنية
المشروع الفردي
البسيطة
المساهمة
المحدودة
لكن القانون رتب الشركات حسب أهميتها على الشكل الأتي ( ) :
المساهمة
المحدودة
التضامنية
المشروع الفردي
ثم أورد بابا في أخر القانون هو الباب السابع تناول فيه الشركة البسيطة .
1- شركة المساهمة : جاء في المادة 6 / أولا أن (( الشركة المساهمة المختلطة أو الخاصة، شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن خمسة يكتتب فيها المساهمون باسهم في اكتتاب عام ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها)) .
2- الشركة المحدودة، المختلطة والخاصة (( .. شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن شخصين ولا يزيد على خمسة وعشرين يكتتبون فيها باسهم ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها )) م 6 / ثانيا ( ) .
3- الشركة التضامنية : (( .. شركة تتألف من عدد من الأشخاص الطبيعيين لا يقل عن شخصين ولا يزيد على عشرة أصبح بعد التعديل ( 25 ) يكون لكل منهم حصة فيها ويكونون مسؤولين على وجه التضامن مسؤولية شخصية وغير محددة عن جميع التزامات الشركة )) م 6 / ثالثا .
4- المشروع الفردي : (( شركة تتألف من شخص طبيعي واحد يكون مالكا للحصة الواحدة فيها ومسؤولا مسؤولية شخصية وغير محدودة عن جميع التزامات الشركة )) ( ) م 6 / رابعا .
5- الشركة البسيطة : (( تتكون الشركة البسيطة من عدد من الشركاء لا يقل عن اثنين ولا يزيد على خمسة يقدمون حصصا في رأس المال أو يقدم واحد منهم أو أكثر عملا والآخرون مالا )) م 181 . هذه الأنواع التي بينها قانون الشركات وهي تختلف عن الأنواع التي تعرفها القوانين التي اشرنا إليها . فكما يلاحظ ألغيت شركات التوصية .التي تقوم على أساس نوعين من الشركاء، المتضامنون الذين لهم إدارة الشركة ويسألون عن التزامات الشركة بصورة مطلقة وتضامنية، والموصون الذين يسألون عن التزامات الشركة بمقدار الحصة التي قدموها للشركة وليس لهم المشاركة في الإدارة، لكي لا ينظر لهم كشركاء متضامنين . وهذا النوع من الشركات عرف منذ القديم، وهي تكون حلا لمشكلة غير كاملي الأهلية الذين يراد لهم المشاركة في الشركة / كما في حالات الوفاة مثلا( ) . كذلك ألغيت شركة المحاصة . وهي شركة لا تظهر للعلن على أنها شركة ولا تكتسب الشخصية المعنوية، لكنها كمشاركة شائعة في الحياة العملية، فكان من المستحسن تخصيص مواد تبين الأحكام لهذه الشركة لأشعار المتشاركين على أن القانون يحميها .
أما شركات التوصية بالأسهم فهي نادرة الحصول في الحياة العملية في غالبية البلدان أما الاختلافات الأخرى مع القوانين العربية التي اشرنا إليها، فهي اختلافات في المسميات لا أهمية له ( التضامن، التضامنية ) وذات المسؤولية المحدودة . إلا أن القانون أورد نوعين من الشركات لا وجود لهما في تلك القوانين الأولى هي شركة المشروع الفردي وقد تحدثنا عنها، وسنكمل أحكامها عند تناول هذه الشركة .
والثانية هي الشركة البسيطة، التي لا مثيل لها في القوانين العربية وسنتناول أحكامها أيضا في حينها .
وقد أورد القانون أحكاما ضمن المواد التي بينت أنواع الشركات المواد (6 ـ 11 ) عدا الشركات البسيطة كما أوضحنا , فتضمنت المادة التاسعة / أولا ما يأتي : (( شركة الاستثمار المالي ـ شركة يكون نشاطها الأساس توجيه المدخرات نحو التوظيف والاستثمار في الأوراق المالية العراقية من أسهم وسندات وحوالات خزينة وفي ودائع ثابتة ))( )، وهذا النص قد يوحي وكأن شركة الاستثمار المالي، نوع آخر من الشركات يضاف إلى ما ذكر من أنواع، خاصة وأنها وردت ضمن المواد الخاصة بأنواع الشركات . والحقيقة غير ذلك فهي شركة نشاطها الاستثمار المالي أما نوعها فقد حدده القانون في المادة 10/ثانيا التي تنص على أنه (( يجب أن يأخذ شكل شركة مساهمة من يمارس أيا من النشاطات الآتية : 3ـ الاستثمار المالي.)) . فالشركة مساهمة بموجب الإلزام المذكور لا تدخل ضمن أنواع الشركات التي بيناها .
كما أورد القانون إلزاما وأباحه للمشاريع الاقتصادية بأن تصبح شركات حسب الأنواع التي بينها، أما الإلزام فهو ما بينته المادة 10/أولا بأن تتحول المشاريع في ميادين (الصناعة،الزراعة،السياحة،والمقاولات) التي لا يقل رأس المال المستثمر فيها عن (10000000 عشرة ملايين دينار) إلى احد أنواع الشركات عدا البسيطة، لان الإلزام ورد في التحول حصرا ((... يجب أن يأخذ شكل شركة مساهمة أو محدودة أو تضامنية أو مشروع فردي.))، والنص منقول عن نص المادة 9 من قانون الشركات لسنة 1983 الملغي، الاختلاف بينهما فقط في حدود رأس المال، فبعد أن كان في القانون الملغي ( 100000 مائة الف دينار )، أصبح في القانون الحالي عشرة ملايين دينار، بسبب التضخم الذي طرأ على العملة العراقية . ولا نرى موجب للإلزام . فلماذا نكره الأشخاص على اتخاذ شكل معين لنشاطهم الاقتصادي، وإذا كان المشرع يرغب في أن تتخذ المشاريع الاقتصادية شكل شركة، فأن ذلك لا يكون بالإلزام، إنما في اعطاء الشركات امتيازات لا تتمتع بها المشاريع الأخرى، أما الإلزام فمن شأنه أن يدفع إلى مخالفة النصوص، وهو ما حصل مع قانون 1983 الملغي ويحصل مع القانون الحالي، فلم تتحول إلى شركات الكثير من المشاريع التي ينطبق النص عليها ( ) .
خاصة وأن القانون يبيح لأي مشروع اقتصادي وفي أي قطاع، ومهما كان حجم رأس المال، أن يتخذ شكل شركة من أنواع الشركات التي يسمح بها القانون، فالمادة 11 تنص على أن (( كل مشروع اقتصادي غير مشمول بأحكام المادة (10) من هذا القانون يمكن أن يأخذ شكل شركة من الشركات التي نص عليها القانون )) . ولم نر مثل هذا الإلزام في القوانين العربية موضوع المقارنة. والإلزام الذي تعرفه بعض القوانين العربية، واعتمده القانون العراقي أيضا، اشتراط نوع معين من الشركات، في بعض الأنشطة الاقتصادية التي يرغب في مزاولتها الأفراد، فمزاولة نشاط مصرفي أو تأميني أو استثماري، يقتضي أن يكون إطاره القانوني شركة مساهمة، لا يجوز لغيرها وبذلك تنص المادة 10 / ثانيا من القانون على انه : (( يجب أن يأخذ شكل شركة مساهمة من يمارس أيا من النشاطات الآتية :
1- المصارف .
2- التأمين وإعادة التأمين .
3- الاستثمار المالي . ))( )
وذلك لأهمية هذه الشركات في الأنشطة المذكورة، ولأنها بحجم كبير يفوق قدرات الفرد عادة، لذلك وجدت التشريعات المشار إليها ضرورة اللجوء إلى الجمهور في تكوين رؤوس أموالها . وبسبب خطورة هذه الأنشطة على الاقتصاد الوطني أخضعت إلى الهياكل القانونية التي يكون فيها بعض التشدد في التأسيس وفي الرقابة وفي التصفية، ولا يستوعب هذه الشروط بتقديرنا غير شكل الشركة المساهمة .
وقد طال التعديل الذي اشرنا إليه المادة العاشرة فحذف النص على إلزام المشاريع القائمة أثناء صدور القانون بالتحول إلى شركات . كما أوضحنا ذلك وحسنا فعل هذا الإلغاء، لكن التعديل حذف أيضا إلزام المصارف أن تكون على شكل شركة مساهمة وظل الإلزام قاصرا على شركات التامين وإعادة التامين وشركات الاستثمار وبناء على التعديل من الممكن أن تتكون شركة مصرفية تضامنية بل حتى مشروع فردي بنوعية محدود المسؤولية وغير محدودها . ولا نرى صواب استبعاد الشركات المصرفية من الإلزام المذكور في أن تأخذ المصارف شكل الشركة المساهمة، لأهمية الشركات المصرفية في الحياة الاقتصادية، في قدرتها على تكوين رؤوس أموال كبيرة يقتضيها العمل المصرفي أو في إدارتها الجماعية مجلس إدارة، ولأن مراقب الحسابات في هذه الشركات ملزم بأن يدلي برأيه في حسابات الشركة أمام الهيئة العامة ( م 136 )، ولأن القوانين العربية موضوع المقارنة اعتمدت المبدأ المذكور، فبالإضافة إلى القانون الأردني المشار إلى نصه في الهامش، م 14 من قانون دولة عمان و م 52 من نظام الشركات السعودي . وبعد الوقوف على أنواع الشركات التي أباح تأسيسها قانون الشركات العراقي والوقوف على ما قرره التعديل الذي اشرنا إليه، ظلت الشركات في أنواعها حسب القانون العراقي خارج الأنواع المعروفة كإجماع لقوانين البلاد العربية، وللقانون الأسبق للشركات في العراق 1957 الملغي، ولأنواع الشركات المعتمد في النظام اللاتيني الذي تتبعه العديد من الدول، وهي شركات الأشخاص ( التضامن، التوصية البسيطة والمحاصة ) وفي شركات الأموال ( المساهمة، ذات المسؤولية المحدودة والتوصية بالأسهم ) ولا بأس من إضافة الشركة المحدودة ذات الشخص الواحد، لأنها تجسيد لمبدأ فصل الذمة المالية المعروفة في بعض القوانين .
أما الإبقاء على الشركة البسيطة وعلى المشروع الفردي التي يسأل الشريك فيها مسؤولية مطلقة، فلا نرى نظيرا لها في القوانين الشائعة . كما أن استبعاد شركة التوصية البسيطة ذات الفئتين من الشركاء، يوصد الباب أمام تكوين شركات لا يسال فيها بعض الشركاء إلا بمقدار المساهمة برأس المال، وتحل إشكالية انضمام أشخاص غير كاملي الأهلية، كما يحصل عند الوفاة، وفي شركات المحاصة حماية للمتعاملين وفق أحكامها وهي شائعة في الحياة .
الفصل الرابع
تأسيس الشركات
تضمن الباب الثاني من قانون الشركات، وعنوانه تأسيس الشركة فصلين، الأول لمستلزمات التأسيس، أما الثاني فلاجراءات التأسيس، ومعلوم أن التأسيس يقتصر على الأنواع الأربعة من الشركات وهي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي ) وسنتناول أحكام الموضوعين المذكورين في مبحثين .
المبحث الأول
مستلزمات التأسيس
لابد من توافر مستلزمات حددها القانون لتأسيس الشركة، وأول المستلزمات إعداد عقد الشركة، لأن فكرة تأسيس الشركة تأخذ طريقها للتنفيذ عندما يضع المؤسسون عقدا يكون موضع التزام الموقعين عليه، ولأن القانون لم يتطرق إلى النظام حتى في الشركات المساهمة وهو نقص لاشك فيه ( ) . فلابد من تناول العقد بشيء من التفصيل . وقد بينت المادة (13 ) ما الذي يتضمنه عقد الشركة، ونصها :
(( أولا : ـ اسم الشركة المستمد من نشاطها ( )، يذكر فيه نوعها مع إضافة كلمة (مختلطة) إن كانت مختلطة واسم احد أعضائها في الاقل أن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا، وتجوز إضافة أية تسمية مقبولة إن كانت مساهمة أو محدودة .
ثانيا : ـ المركز الرئيس للشركة على أن يكون في العراق .
ثالثا : ـ هدف الشركة المؤكد لدورها في انماء جانب من جوانب الاقتصاد الوطني وفق خطط التنمية ( ) .
رابعا : ـ نشاط الشركة المستمد من هدفها، على أن يكون ضمن احد القطاعات الاقتصادية وأي من القطاعات الأخرى ذات العلاقة بنشاطها .
خامسا : ـ رأس مال الشركة وتقسيمه إلى أسهم أو حصص ( ) .
سادسا : ـ كيفية توزيع الإرباح والخسائر في الشركة التضامنية .
سابعا : ـ عدد الأعضاء المنتخبين في مجلس إدارة الشركة المساهمة الخاصة .
ثامنا : ـ أسماء المؤسسين وجنسياتهم ومهنهم ومحلات إقامتهم الدائمة وعدد أسهم كل منهم أو مقدار حصته . )) .
وقد أدخلت على النص تعديلات جوهرية، وجاءت التعديلات، كما هو حال كل التعديلات على القانون بلغة ركيكة . والتعديل الذي ادخل على الفقرة ثالثا أراد الابتعاد عن النص على انماء جانب من جوانب الاقتصاد الوطني وفق خطة التنمية . وإذا كان التعامل مع النص في السابق شكليا بتقديرنا، بحيث يضع مؤسسوا الشركة النص المذكور ضمن بنود العقد كما هو، فلا نرى في وجوده ضيرا، إذ لابد أن يكون للشركة دور في النشاط الاقتصادي . ولابد أن يكون الاقتصاد بشكل عام مخططا، حتى إذا كان يسعى للحرية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي فهذه خطة اقتصادية أيضا تحقق الشركة جانبا منها .
وبتقديرنا لا توجد مشكلة في إلغاء الفقرة الخامسة التي تشير إلى تقسيم رأس المال إلى أسهم أو حصص، فوجود الفقرة، أو الابقاء عليها سواء .
وقد بين القانون في المادة ( 14 ) على وجوب اعداد بيان من صاحب المشروع الفردي يحل محل العقد، ولو أن في العقد من الفقرات ما ينأى عن المشروع الفردي كالفقرة الخاصة بتوزيع الأرباح والخسائر، فلا يوجد تقسيم في حالة المشروع الفردي( ) .
كما أن من مستلزمات التأسيس، أن يكتتب مؤسسوا الشركة المساهمة بالنسب التي حددها القانون ( م 15 ) ( ) وقد حدد القانون هذه النسبة في المادة (39 ) أولا عند تحديد اكتتاب المؤسسين في الشركة المختلطة وهي لا تقل عن 30 % ولا تزيد على 55 % من رأس المال الاسمي وأن يكون ضمن هذه النسبة حصة القطاع الاشتراكي ( أطلق عليه قطاع الدولة ) التي لا تقل عن 25 % من رأس المال الاسمي .
وفي الفقرة الثانية من المادة حددت مساهمة المؤسسين بما لا يقل عن 20 % ولا يزيد على 51 % من نسبة الاكتتاب إلى رأس المال الاسمي . ولكن التعديل الذي اشرنا له أبقى على الحد الأدنى فقط من رأس المال بالنسبة للشركة الخاصة وهو 20 % وأطلق الحدود العليا لمساهمة المؤسسين . وقد جاءت حدود اكتتاب المؤسسين بموجب تعليمات تسجيل الشركات الصادرة عن وزارة التجارة برقم 196 في 15 / 3 / 2004 وقد حددها بالحدود الدنيا التي بينها القانون بعد التعديل لرأس مال جميع أنواع الشركات( ) . ويثبت هذا الأمر بموجب كشف مصرفي من مصرف يعمل بالعراق( ) بأن المؤسسين أودعوا المبالغ المحددة وفق التعليمات لدى المصرف . وفضلا عن الكشف المذكور يضاف بالنسبة للشركة المساهمة وثيقة الاكتتاب موقعة من قبل المؤسسين ودراسة الجدوى الاقتصادية للشركة . وإيداع جزء من رأس المال وإثباته بموجب كشف مصرفي إجراء سليم بتقديرنا ومطلوب من جميع أنواع الشركات لا يقتصر على الشركة المساهمة فقط .
ويقوم بالأعمال المذكورة المؤسسين جميعهم في الشركات غير المساهمة أو وكيل عنهم كما يحصل في العمل، أما بالنسبة للشركة المساهمة فيختار المؤسسون لجنة تعرف باسم ( لجنة المؤسسين ) لا يقل عدد أعضاءها عن ثلاثة ولا يزيد على سبعة، تقوم بالأعمال التي يفترض أن يقوم بها المؤسسون الذين لا يتجاوز عددهم المائة ( م 16 / ثالثا ـ 1 ) ( ) ومن بين المهام التي تقوم بها لجنة المؤسسين التعاقد مع جهة مختصة لاعداد الجدوى الاقتصادية والفنية عن المشروع ( م 16 ) ثالثا ( 1 – أ ) . كما تقوم بمتابعة إجراءات التأسيس، وتقديم عقد تأسيس الشركة إلى المسجل وكذلك بيان الاكتتاب الذي سينشر عند الموافقة على تأسيس الشركة، وتقوم لجنة المؤسسين بالصرف على المتطلبات المذكورة إلى حين استكمال إجراءات التأسيس وفتح حساب مشترك باسم اللجنة لدى احد المصارف العاملة في العراق ـ بعد التعديل حيث كان النص قبله يقضي بفتح الحساب لدى احد المصارف العراقية . وتقوم بتثبيت القرارات التي اتخذتها اللجنة والأعمال والمهام التي أنجزتها، أفادت بهذه الأحكام الفقرات ( ج، د، هـ من الفقرة ثالثا 1 من المادة 16 ) .
ويلتزم المؤسسون بالحصول على إجازة المشروع وقد عدلت لتقرأ ((الحصول على إجازة المشروع إن كان هذا لازما .. )) .
وأخيرا تقوم اللجنة بإعداد تقرير عن المصاريف التي أنفقتها اللجنة على تأسيس الشركة وتدعو الهيئة العامة للتأسيس للإجماع .
وتنتهي مهام لجنة المؤسسين لدى انتخاب مجلس الإدارة الأول في الاجتماع التاسيسي ويسأل أعضاء لجنة المؤسسين بصورة متضامنة أمام المؤسسين ( م 16 / ثالثا 2، 3 ) وسنبين إجراءات التأسيس قبل تعديل القانون وإجراءات التأسيس بعد التعديل ونقارن ذلك بما عليه الأمر في التشريعات العربية موضوع المقارنة .
المبحث الثاني
إجراءات التأسيس
يقدم طلب بتأسيس الشركة إلى مسجل الشركات، وتوجد لدى المسجل نماذج للطلبات لكل نوع من أنواع الشركات . لغرض توحيد محتويات الطلبات . ويرفق مع الطلب عقد الشركة الذي بينا مضمونه ضمن مستلزمات التأسيس . ويرفق أيضا وثيقة اكتتاب مؤسسي الشركة المساهمة موقعة منهم، كذلك شهادة المصرف بإيداع النسبة القانونية من رأس المال، وكذلك تأييد الجهة القطاعية المختصة بقيمة الحصة العينية في رأس المال .
لأن رأس المال قد يكون نقودا وقد يتضمن حصة عينيه، النقود تودع لدى مصرف ويستحصل استشهاد من المصرف بذلك يقدم مع الطلب، أما إذا كانت من الأعيان فيتم تقويم الأعيان الذي سنبينه في حينه حسب أحكام القانون وطبقا لنص المادة 29 بالنسبة للشركة المساهمة والمحدودة . ولا علاقة للجهة القطاعية المختصة في تقدير الأعيان في الشركتين المذكورتين . وكان المستحسن ترك الأمر للمؤسسين في تقدير الأعيان في الشركات الأخرى، على أن يكون مقدرا محاسبيا ومؤيدا من مراقب حسابات , وتركت القوانين المقارنة موضوع تقدير الأعيان للشركاء في الشركات غير المساهمة.كذلك يرفق مع الطلب دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية في الشركة المساهمة مقدمة من مكتب معترف به، بينت ذلك المادة (17).
وبعد أن يجد المسجل مطابقة الطلب مع متطلبات القانون، يفاتح الجهة القطاعية المختصة وهي الجهة التي تشرف على نشاط القطاع الذي يقع غرض الشركة ضمنه( ). ((للتأكد من انسجام هذا النشاط مع خطة التنمية والقرارات التخطيطية واستحصال مواقفها على الطلب)) (م 18 / أولا ـ 1)
كذلك تسأل أية جهة أخرى ((.. أوجب قانون أو نظام أو تعليمات استحصال موافقتها على تأسيس الشركة)) (م 18/أولا ـ 2) .
فقد تسأل دوائر الضريبة مثلا , وقد تسأل جهات الأمن بالنسبة للشركات السياحية أو يسأل البنك المركزي .
ومطلوب من الجهات التي تسأل وفق الفقرة أولا ـ 1 ـ 2 ) أن تبدي موافقتها أو عدم الموافقة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلمها كتاب مسجل الشركات وفي ضوء رأي الجهات المذكورة يصدر المسجل قراره في الموافقة على طلب التأسيس أو رفض الطلب وخلال ستين يوما من تاريخ تسلم الطلب ويجوز لوزير التجارة أن يمدد هذه المدة ثلاثين يوما إذا تأخر وصول رد الجهات المطلوب استحصال موافقتها حسب المادة ( 18 ) .
إذا توافرت الشروط في الطلب، على المسجل أن يدعو المؤسسين أو من يمثلهم قانونا للمصادقة على عقد الشركة امامه أو أمام موظف يخوله المسجل بذلك، وتدفع الرسوم المطلوبة وعلى المؤسسين الحضور خلال ثلاثين يوما من اليوم الذي يلي تاريخ تبليغهم بلزوم الحضور . فأن لم يحظروا دون عذر مشروع يجوز للمسجل أن يعتبر المؤسسين صرفوا النظر عن الطلب ويقرر حفظه . وموضوع الجواز يعطي للمسجل إمكانية التحكم في الطلبات بحيث يهمل بعض الطلبات على أنهم صرفوا النظر عن التأسيس ويسامح شركات أخرى في عدم الحضور ( ) ( م 20 )
وان حصلت الإجراءات ينشر المسجل قرار الموافقة على تأسيس الشركة في النشرة التي يصدرها ( وفي صحيفة يومية لمرة واحدة في الأقل، وخلال خمسة عشر يوم من تاريخ آخر نشر يصدر شهادة تأسيس الشركة . ( م 21 / أولا ـ 1 ) . عدا الشركات المساهمة حيث يتراخى إصدار شهادة التأسيس إلى ما بعد انتهاء الاكتتاب ونجاحه وخلال خمسة عشر يوما من غلق الاكتتاب وتقديم المعلومات التي تطلبها القانون من المؤسسين وفق المادة ( 46).
وقد أباحت الفقرة ثانيا من المادة 21 لمؤسسي الشركة المساهمة والمحدودة بعد نشر قرار الموافقة على تأسيس الشركة وقبل صدور شهادة التأسيس أن يقوموا على مسؤوليتهم بإجراءات الحصول على إجازة مشروع الشركة وإبرام العقود اللازمة لإنشائه . (م 21/ثانيا).
ويلاحظ على هذه الفقرة أنها ساوت بين الشركة المساهمة والمحدودة في هذا الأمر ولا نرى محلا لهذه المساواة، فالشركة المحدودة تصدر شهادة تأسيسها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن الموافقة، ولا نظن في هذه المدة تأخيرا لمباشرة الشركة عملها .
وتكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدور شهادة تأسيسها وقد بينا ذلك سابقا , ويعد إصدار شهادة التأسيس دليلا على أن إجراءات التسجيل تمت مطابقة للقانون ( م 22 ) .
أما إذا رفض المسجل طلب تأسيس الشركة، فهو ملزم بأن يبين أسباب الرفض . ويحق لأصحاب الشأن الاعتراض على قرار المسجل لدى وزير التجارة خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتبليغهم بالرفض . ومطلوب من وزير التجارة أن يبت بالاعتراض خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه، وإذا صدر الرفض من الوزير أيضا، يحق للمؤسسين الاعتراض على قرار الوزير أمام المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تبليغهم به .
وما دام الرفض مسببا، يحق للمؤسسين تقديم طلب جديد متى زالت الأسباب التي حالت دون حصول الموافقة .
ولم يتعرض القانون العراقي لحالة السكوت، أي عدم تبليغ المؤسسين الموقف من الطلب وهو ما يحصل في أحيان كثيرة، حيث يشير الواقع العملي إلى تأخر الحصول على موافقة أو رفض الجهة القطاعية المختصة أو الجهات المشار إليها في المادة ( 18 من قانون). ونرى انه لا يمكن اعتبار التأخر عن الإجابة في المدة المذكورة وهي 60 يوما أو احتمال تمديدها 30 يوما أخرى، قبولا , لأن المادة 18 بينت ضرورة الحصول على موافقة الجهة القطاعية المختصة والجهات الأخرى أو رفضها، كما أن رأي الجهة القطاعية يرتبط بمدى مطابقة غرض الشركة مع أهداف التنمية والقرارات التخطيطية .
وهذه الإجراءات مطلوبة لجميع أنواع الشركات، التي بين القانون أحكامها مجتمعة وهي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي )( ) . وفي هذا عنت كبير، لأن هذه الإجراءات المطولة غير ضرورية في شركات الأشخاص في الأقل، ولم نجد في القوانين العربية موضوع المقارنة ما يشابهها .
أما إجراءات التأسيس بعد تعديل القانون بموجب التعديل الذي اشرنا له فقد أصبحت كما يأتي:
يقدم إلى مسجل الشركات طلبا على تأسيس شركة يبين نوعها، وفق الأنموذج الذي يعده المسجل، ويرفق مع الطلب عقد الشركة الذي بينا أحكامه سابقا واشرنا للتعديلات التي أدخلت على محتوياته، وكذلك شهادة المصرف أو تأييد منه بإيداع رأس المال أو جزء منه لديه( ) . وعلى المسجل أن يوافق على الطلب إذا لم يجد فيه مخالفة للقانون . ويتم الإعلان عن القبول أو الرفض خلال عشرة أيام من تاريخ تسلم الطلب حيث جاء النص المعدل للمادة ( 19 ): ((يوافق المسجل على طلب تأسيس الشركة ما لم يجد أن الطلب مخالف لنص محدد ورد في هذا القانون . ويعلن المسجل موافقته على الطلب أو رفضه له خلال عشرة أيام من تاريخ تسلمه الطلب فيما عدا الشركات المساهمة، تصدر شهادة تأسيس الشركة عند صدور قرار الموافقة على تأسيسها , وتكون دليلا يثبت تأسيسها، وإذا رفض المسجل طلب تأسيس الشركة يصدر قراره خطيا يوضح فيه أسباب رفضه الطلب , وفي حالة طلب بتأسيس شركة مساهمة يصدر المسجل إخطارا خطيا بقراره المرافق على طلب التأسيس أو رفضه في تاريخ اتخاذه ( أو اتخاذها ) لهذا القرار . لن تصدر شهادة بتأسيس الشركة بدون دفع الرسوم . )) ( ) والأجراء المذكور لجميع الشركات كما هو واضح، والتغير الذي حصل بموجب التعديل :
1- لا تسال الجهة القطاعية المختصة ولا تسال أية جهة أخرى كما كان يتطلب ذلك القانون قبل تعديله، بل التعديل علق العمل بالمادة ( 18 ) التي تتضمن مفاتحة بعض الجهات للحصول على موافقتها .
2- على المسجل أن يعلن الموافقة أو الرفض خلال عشرة ايام من تاريخ تسلم الطلب، وفي ذلك اختزال كبير للوقت، كما أن دور المسجل في القبول أو الرفض يقتصر على مخالفة أو عدم مخالفة الطلب لنص قانون الشركات ((ما لم يجد أن الطلب مخالف لنص محدد ورد في هذا القانون )) . وعليه لا يبحث المسجل عن أسباب للرفض غير مخالفة قانون الشركات ولا يسأل أية جهة أخرى عن مدى توافق نشاط الشركة مع خطة التنمية والتخطيط الاقتصادي .
3- لا تصدر شهادة تأسيس للشركة ـ عدا الشركات المساهمة ـ إنما يعلن المسجل قبول الطلب أو رفضه الشهادة مطلوب إصدارها مع قرار الموافقة بالنسبة للشركة المساهمة .
أما بالنسبة لشركات المحدودة والتضامنية والمشروع الفردي فلا تصدر فيها شهادة تأسيس بتقديرنا، إنما يصدر إعلان موافقة أو إعلان تسجيل وهو إجراء اتبعته نصوص بعض التشريعات موضوع المقارنة بالنسبة لشركات يطلق عليها شركات الأشخاص كما هو الحال في نص المادة ( 24 / 1 ) من قانون الشركات اليمني (( لا يجوز لشركة التضامن أن تباشر أعمالها إلا بعد استكمال إجراءات تسجيلها في السجل التجاري ( ) .
ولو أن هذا الأمر يثير إشكالية مفادها متى تكتسب الشركة الشخصية المعنوية حيث بينت م 22 اكتساب الشركة الشخصية المعنوية من صدور شهادة تأسيسها، فكيف يكون الأمر ولا تصدر في تأسيس هذه الشركات شهادة بمفهوم الشهادة التي بينتها أحكام قانون الشركات قبل تعديله .
ونرى أن هذا الأمر يمكن أن يعالج إلى حين تعديل أحكام القانون أو وضع قانون جديد وهو أمر ضروري بتقديرنا، أن تعامل الموافقة والتسجيل في سجل الشركات بحيث يمكن أن تعطى مقابلها شهادة تسجيل، أي إعلان بالتسجيل وليس شهادة تأسيس وتكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدورها( ).
أما بالنسبة إلى شركة المساهمة فان التعديل يتطلب أن تصدر بها شهادة تأسيس مع الموافقة على تأسيسها فهل يتعاصر إصدار شهادة التأسيس قبل إعلان القبول بتأسيس الشركة كما يوحي بذلك النص . وهو ما تسمح به بعض القوانين المقارنة م (72) من قانون الشركات لدولة الإمارات و م 22 من قانون الشركات المصري أي أن الشهادة تصدر مع الموافقة وتسبق إجراءات الاكتتاب، واشتراط نجاحه قبل صدور شهادة التأسيس، كما هو الأمر بموجب نص قانون الشركات العراقي قبل تعديله، إلا إن المادة ( 21 / أولا ـ 2 ) التي نصها (( في حالة الشركة المساهمة شهادة التأسيس تصدر بعد الاكتتاب العام للأسهم وخلال خمسة عشر يوم من تاريخ تقديم مؤسسيها المعلومات المنصوص عليها في المادة (46) من هذا القانون ))، وتتطلب المادة ( 46 ) أن يقوم المؤسسون بعد غلق الاكتتاب من قبل المصرف، وخلال ثلاثين يوما من المدة المحددة للاعتراض على الاكتتاب أو رده، إعداد قائمة بأسماء المكتتبين وعناوينهم ومقدار ما اكتتب به كل منهم من الأسهم وتزويد المسجل بنسخة من ذلك .
وقد حسمت هذا الأمر أيضا ـ وقت صدور شهادة التأسيس، بعد الموافقة على التأسيس وقبل الاكتتاب، أم بعد إجراء الاكتتاب ونجاحه ـ التعليمات الصادرة عن وزارة التجارة التي سبقت الإشارة إليها، فالفقرة ( 8 ) منها تنص على : (( عند الموافقة على أي طلب، فأن على مسجل الشركات أن يصدر بدون تأخير إلى الشركة المقدمة للطلب إجازة تسجيل تحمل اسم الكيان التجاري وختم مسجل الشركات الرسمي مع رقم الهوية الدائم، ما عدا الشركات المساهمة فلن تزود بما ذكر آنفا إلا بعد انتهاء الاكتتاب العام ووفقا للمادة ( 21 / أولا بند ( 2 ) من قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 .
الأمر الآخر الذي يحتاج إلى التوقف عنده إلغاء استشارة أية جهة في تأسيس الشركة المساهمة، إذ يقتصر الأمر على قبول أو رفض المسجل المبني كما لاحظنا على مخالفة نصوص قانون الشركات، وإذا كان في هذا الأمر ما يتوافق مع الحرية الاقتصادية ومع سياسة الانفتاح وتشجيع الاستثمار فلا يكون الأمر بإلغاء الموافقات المطلوبة لتأسيس حتى الشركة المساهمة لأهمية هذا النوع من الشركات في الحياة الاقتصادية، ولأنها تتوجه حسب القانون العراقي دائما إلى الادخار العام لدى الجمهور .
وإذا استعرضنا نصوص القوانين موضوع المقارنة، لوجدنا غالبيتها تتشدد في إجازة شركات المساهمة، فالمادة ( 74 ) من قانون الشركات لدولة الإمارات التي عدلت بالقانون رقم 13 لسنة 1988 تنص على أن : (( يقدم طلب تأسيس الشركة على النموذج المعد لذلك إلى السلطة المختصة مصحوبا بعقد تأسيسها ونظامها الأساسي والجدوى الاقتصادية للمشروع الذي ستقيمه الشركة شاملة الجدول الزمني المقترح لتنفيذه ويقيد الطلب في السجل المعد لذلك لدى السلطة المختصة . وتشكل لجنة من السلطة المختصة من ممثلين عن كل من الوزارة والسلطة المختصة لدراسة طلب تأسيس الشركة والجدوى الاقتصادية للمشروع الذي ستقيمه وللجنة أن تكلف مقدم الطلب باستكمال ما ترى ضرورته من المستندات أو بيانات أو إجراء تعديلات على عقد الشركة أو نظامها الأساسي بما يجعلهما متفقين وأحكام هذا القانون واللوائح الصادرة تنفيذا له ))( ) .
أما القانون اليمني فيتطلب موافقة رئاسة الجمهورية على تأسيس الشركة المساهمة، فالمادة ( 66 ) تنص على انه (( لا يجوز تأسيس شركة المساهمة التي تطرح أسهمها على الاكتتاب العام إلا بعد حصول على ترخيص بذلك بموجب قرار جمهوري )) كذلك تنص م 59 من قانون دولة عمان على أنه ((لا تؤسس شركة المساهمة إلا بترخيص من مدير عام التجارة )) .
والمادة 52 من نظام الشركات السعودي تنص على انه (( لا يجوز تأسيس الشركات المساهمة الآتية إلا بترخيص يصدر به مرسوم ملكي بناء على موافقة مجلس الوزراء وعرض وزير التجارة على أن يراعى ما تقضي به الأنظمة .
أ – ذات الامتياز .
ب _ التي تدير مرفقا عاما .
حـ - التي تضمن لها الدولة نسبة معينة من الربح .
د – التي تقدم لها الدولة إعانة .
هـ - التي تشترك فيها الدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة .
و – التي تزاول الأعمال المصرفية .
أما غير ذلك من الشركات المساهمة فلا يجوز تأسيسها إلا بترخيص يصدره وزير التجارة ... ))
أما في الأردن فأن المادة 94 التي لم تعدل بموجب التعديل الصادر بالقانون المؤقت رقم 40 لسنة 2002، تقضي (( يصدر الوزير بناء على تنسيب المراقب قراره بقبول تسجيل الشركة أو رفض هذا التسجيل خلال مدة أقصاها ثلاثين يوما من تاريخ تنسيب المراقب ... وإذا لم يصدر الوزير قراره خلال تلك المدة يعتبر الطلب مقبولا )) وفي مصر وهي تسعى نحو الانفتاح والحرية الاقتصادية وتشجيع الاستثمار الأجنبي . فأن الصورة أخيرا تجعل تأسيس شركة المساهمة مرتبطا بمصلحة الشركات بعد أن عدلت المادة 18 من قانون الشركات رقم 59 لسنة 1981 , حيث ألغيت اللجنة التي تؤلف وفق نص المادة المذكورة، وأصبح الأمر بان يقدم الطلب إلى مصلحة الشركات التي تعد سجلا لقيد طلبات الترخيص، وتعطى هذه المصلحة شهادة للمؤسسين عليهم تقديمها إلى دائرة السجل التجاري، وتمثل الشهادة التي تعطى من المصلحة بشهادة تسلم الإخطار والمستندات( ) .
وللمصلحة حق الاعتراض على تأسيس الشركة، لكن الاعتراض مقيد بالأحوال التالية كما بينتها المادة 19 من قانون الشركات، وأدخلت ضمن المادة 18 المعدلة بموجب التعديل رقم 3 لسنة 1998 .
(( أ – عدم مطابقة العقد الابتدائي أو نظام الشركة للشروط والبيانات الإلزامية الواردة في النموذج . أو تضمنه شروطا مخالفة للقانون .
ب – إذا كان غرض الشركة أو النشاط الذي سوف تقوم به مخالفا للنظام العام أو الآداب ...))
ويرى أحد الكتاب، أن الاعتراض مقيد بالحالات المذكورة ليس غير، ولكنه يشير إلى إمكانية استخدام النظام العام، فهو من المفاهيم الواسعة، وبالتالي يمكن الاعتراض على تسجيل الشركة طبقا لمفهوم النظام العام كلما وجد أن نشاط الشركة يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني( ).
ولقد حرصنا على الإفاضة في نقل النصوص القانونية المرتبطة بهذا الشأن للوقوف على ما تقرره هذه التشريعات المختلفة . فهل من المقبول أن تؤسس شركة مساهمة بأي حجم، تعتمد على مدخرات الجمهور في تكوين جل رأس مالها، وتقتصر الأجازة فيها على قرار من المسجل يبنى فقط على مدى مخالفة الشركة لنصوص قانون الشركات ؟ ! حتى بغير موافقة الوزير .
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (4)
الأثنين 31/07/2006
الباب الثاني
شركات الأشخاص
كما لاحظنا أن شركات الأشخاص، هي التي يبرز فيها الاعتبار الشخصي وشركات الأشخاص حسب القانون العراقي هي، التضامنية، المشروع الفردي والبسيطة . وسنفرد لكل نوع من هذه الشركات فصلا .
الفصل الأول
الشركـــة التضامنيـــة( ) Joint Liability Company
تعد الشركة التضامنية الأنموذج لشركات الأشخاص، فهي تستوعب جميع الخصائص التي ذكرناها في المقارنة بين شركات الأشخاص وشركات الأموال .
وهي من أقدم الشركات التي عرفت في النشاط الاقتصادي ( ) . وسنتناول تعريف الشركة . أولا ثم خصائصها وانتقال الحصة فيها وإدارتها . ونفرد لكل من هذه الموضوعات مبحثا .
المبحث الأول
التعريف بشركة التضامن
تعريف الشركة : عرفت المادة 6 من قانون الشركات الفقرة ثالثا الشركة التضامنية بأنها (( .. شركة تتألف من عدد من الأشخاص الطبيعيين لا يقل عن شخصين ولا يزيد على عشرة ( ) يكون لكل منهم حصة فيها ويكونون مسؤولين على وجه التضامن مسؤولية شخصية وغير محدودة عن جميع التزامات الشركة . ))
وقد عرفتها المادة 4 من قانون الشركات الكويتي بالأتي : (( شركة التضامن هي شركة تؤلف بين شخصين أو أكثر تحت عنوان معين للقيام بأعمال تجارية، ويكون الشركاء مسئولين على وجه التضامن في جميع أموالهم عن التزامات الشركة .
وقد عرفت المادة 28 من قانون الشركات العماني شركة التضامن (( .. هي شركة تجارية تؤلف بين شخصين أو أكثر من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، وتهدف إلى ممارسة التجارة تحت اسم تجاري معين، يكون الشركاء في شركة التضامن مسئولين بالتكافل والتضامن في جميع أموالهم عن ديون الشركة . ))
وعرفت المادة 23 من قانون دولة الأمارات شركة التضامن (( هي الشركة التي تتكون من شريكين أو أكثر يكونون مسئولين بالتضامن في جميع أموالهم عن التزامات الشركة . ))
ذكرنا هذه التعاريف لعدد من القوانين لنستطيع المقارنة معها في تحليل التعريف الذي أورده القانون العراقي .
إذ أن القانون يشترط أن يكون الشركاء من الأشخاص الطبيعيين فلا تصح مشاركة الأشخاص المعنوية( ) . وذهبت إلى هذا المنحى بعض القوانين عدا القانون العماني( ) الذي يبيح مشاركة الأشخاص المعنوية فيها , وكما هو معروف فأن شركات التضامن قائمة على الاعتبار الشخصي، يشترك في تأسيسها أشخاص تجمعهم الثقة والمعرفة أو القرابة، لذلك قيل أنها امتداد لأصل من الشركات عرفه الرومان أطلق عليها الشركات العائلية( ) . والثقة والمعرفة لا تقوم إلا بين الأشخاص الطبيعيين، لا يمكن أن تتحقق مع شخص معنوي بتقديرنا، ثم عندما يقال أن مسؤولية الشركاء شخصية، تستغرق جميع أموال الشريك فما حدود هذه المسؤولية ؟ لو كان احد الشركاء شخصا معنويا تقوم على الاعتبار الشخصي هل تتوقف عند أموال الشخص المعنوي أم تمتد إلى أموال الشركاء فيه ؟
كذلك بين القانون الحد الأدنى لعدد الشركاء بشخصين والحد الأعلى لهم بعشرة أشخاص وأصبح بعد التعديل ( 25 ) وإذا كان تحديد الحد الأدنى بشخصين منسجما مع العقد الذي لا يصح إلا باتحاد إرادتين في الأقل، فأن تحديد الحد الأعلى . لا نرى له لزوم . ولم تتعرض له القوانين التي أشرنا لها( ) .لأن طبيعة هذه الشركة تقوم على عدد محدود من الأشخاص تجمعهم المعرفة والثقة، ولذلك نرى أن يظل الحد الأعلى مرسلا . كما هو مسلك غالبية القوانين .لأن التحديد قد يحول دون تكوين الشركة في حالة تجاوز عدد الشركاء الراغبين المشاركة في الشركة الحدود التي بينها القانون . وكما هو الحال عند وفاة الشريك التي لم يعالجها القانون( ) .
وعليه فأن الشركة التضامنية، شركة أشخاص لا يتجاوز عدد الشركاء فيها حسب القانون العراقي قبل التعديل عشرة أشخاص جميعهم من الأشخاص الطبيعيين يسألون عن التزامات الشركة مسؤولية شخصية وعلى وجه التضامن .
المبحث الثاني
خصائص الشركة التضامنية
تتصف الشركة التضامنية بخصائص نبينها في هذا المبحث وعلى شكل نقاط :
1- تقوم الشركة على الاعتبار الشخصي، بل أنها الأنموذج في شركات الأشخاص لبروز هذا الاعتبار، فهي قائمة على ما يتمتع به الشركاء من مكانه مالية وسمعه في الوسط التجاري، ولا يمكن أن يكون الاعتبار الشخصي قائما على النفوذ السياسي والمكانة الاجتماعية وقد بينا ذلك سابقا .
2- يجب أن يتضمن اسم الشركة أسماء الشركاء أو بعضهم، ولو أن القانون العراقي لم يذكر ذلك في التعريف لكن بعض القوانين أشارت له . م 4 من القانون الكويتي ( تحت عنوان معين ) ومعلوم أن العنوان يعتمد الأسماء الطبيعية للشركاء . إلا أن م 13 من قانون الشركات العراقي بينت أن يتضمن الاسم أسماء الشركاء أو واحد منهم . وتضمين اسم الشركة أسماء الشركاء ليكون دليلا للغير في الإشارة إلى الأشخاص موضع الائتمان . لأن الاسم الذي يحمل أسماء الشركاء يعلق في الواجهة ويكون في الأوراق التي تحمل مخاطبات الشركة .
3- مسؤولية الشركاء عن التزامات الشركة مسؤولية شخصية وتضامنية . والمقصود بالمسؤولية الشخصية أنها تمتد إلى الأموال الخاصة للشركاء، أي أنها لا تقتصر على الحصة التي وضعها الشريك في رأس المال . وأي تحديد لمسؤولية الشريك يقع باطلا، في مواجهة الغير( ) . ويتضمن قانون الشركات اليمني في المادة 16 / 1 منعا لتضمين اسم الشركة التعابير الدالة على تحديد مسؤولية الشريك . ويفيد نص المادة 35 من قانون الشركات العراقي المسؤولية غير المحدودة للشركاء .
أما التضامن بين الشركاء، فهو ما يفهم من نص المادة الذكورة (( وتكون مسؤوليته تضامنية أيضا في الشركة التضامنية )) . وقد اختلفت التشريعات حول المسؤولية المطلقة والتضامنية للشركاء، فهل أن التضامن بين الشكاء فقط أم انه بين الشركاء والشركة أيضا ؟ بمعنى آخر أين حدود حق الدائن للشركة ؟ هل يصح له مطالبة الشركة والشركاء في آن واحد، أم انه ينبغي أن ينذر الشركة بالدفع أولا، ومتى تم الإنذار جاز له مطالبة الشركاء , وأخيرا ما يقال عن ضرورة التنفيذ على أموال الشركة أولا، وعند عدم كفاية تلك الأموال يصار الرجوع للدائنين , وقد حسم قانون الشركات العراقي هذا الأمر في المادة 37 / أولا التي تنص على انه (( لدائني الشركة التضامنية مقاضاتها أو مقاضاة أي شريك كان عضوا فيها وقت نشوء الالتزام، ويكون الشركاء ملزمين بالإيفاء على وجه التضامن ولا يجوز التنفيذ على أموال الشريك قبل إنذار الشركة . ))
ويذهب الفقه إلى كون الشريك بمثابة الكفيل، لكن هل هو كفيل عادي ؟، عندها لا يجوز التنفيذ على أمواله الشخصية إلا بعد التنفيذ على أموال المكفول (الشركة ) طبقا لحقه في التجريد . أم انه كفيل متضامن ؟ وهو مايبيح للدائن مطالبة الشركة أو الشريك أو الاثنين معا : أم كونه كفيل متضامن لا يصل إلى حالة المدين المتضامن . لذلك يمنح فرصة إنذار الشركة أولا قبل التنفيذ على الأموال الشخصية للشريك( ) .
وإذا تطلب قانون الشركات العراقي إنذار الشركة أولا، فأن قانون الشركات الأردني تطلب في المادة 27 منه مطالبة الشركة أولا . واستيفاء الحق منها، وعند عدم كفاية أموال الشركة. الرجوع إلى أموال الشركاء( ) . ونرى أن إنذار الشركة بالدفع وتحديد مدة معقولة له، بعدها يعطى الدائن حق مطالبة الشريك فيه ضمانة للدائنين مع المحافظة على حقوق الشركاء، لأن الإجراء يقوي ائتمان الشركة .
جدير بالذكر أن الشخص الذي يرتضي أن يظهر اسمه في اسم الشركة، أو يرتضي اعتباره شريكا في شركة تضامنية، يسأل بصورة شخصية وبالتضامن مع الشركاء الآخرين عن ديون الشركة( ) .
4- اكتساب صفة تاجر .
يكتسب الشريك في الشركة التضامنية صفة تاجر . وكما ذكرنا ذلك سابقا فأن قانون الشركات العراقي لم يتضمن نصا يذهب لهذا المنحى إنما يفهم من المادة 36 التي تقضي بأنه (( إذا أعسرت الشركة اعتبر كل شريك فيها معسرا)) فالإعسار يعني الإفلاس حسب القانون العراقي , ولا يقع الإفلاس إلا على التاجر . بينما أشارت القوانين العربية إلى هذا المفهوم صراحة .
ما نريد أن نذكره هل أن اعتبار الشريك تاجرا معناه مطالبته بالواجبات المفروضة على التاجر، لمجرد كونه شريكا في شركة تضامنية، أي انه لا يزاول التجارة خارج نشاط الشركة، أما إذا كان يزاولها خارج نشاط الشركة فمن الطبيعي أن تكون عليه الواجبات المذكورة، فيتخذ اسما تجاريا ويمسك الدفاتر التجارية ويلتزم بالتسجيل في السجل التجاري .
ويذهب الرأي الراجح إلى عدم تكليف الشريك في الشركة التضامنية ممن لا يزاول التجارة خارجها بهذه الأعباء، إنما يكتفي بالواجبات التي تفرض على الشركة عادة إذا كان نشاطها تجاريا، لأن خلاف ذلك يؤدي إلى تكرار البيانات التي تذكر في الدفاتر . ويؤدي إفلاس الشركة بناء على ذلك إلى إفلاس الشركاء , وقد ذكرنا ما ذهبت إليه المادة 36 من قانون الشركات العراقي، ولا تتعدد التفليسات عادة، إنما تفليسة واحدة للشركة والشركاء . وما دام كل شريك في الشركة التضامنية يكتسب صفة التاجر، فلا يصح أن يكون شريكا من لا يصح أن يكون تاجرا حسب أحكام قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 ( م 7 ) . وعليه يقتضي أن يكون متمتعا بالأهلية القانونية، أو مأذونا له بالاتجار كما بينا ذلك سابقا( ) .
كذلك لا يكون من بين الشركاء الأشخاص الممنوعين من مزاولة التجارة، كالموظف بناء على ما يقضى به قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991، م 5 / الفقرة الثانية (( يحظر على الموظف . مزاولة التجارة وتأسيس الشركات والاشتراك في مجالس إدارتها ))
المبحث الثالث
انتقال حصة الشريك
نتناول انتقال حصة الشريك عن طريق البيع أولا، ويلحق بالبيع الهبة ثم نتناول انتقال الحصة عن طريق الإرث ويلحق بالإرث الوصية .
أولا : ـ انتقال حصة الشريك بالبيع :
قد يضطر الشريك إلى أن يتفرغ عن حصته لشخص آخر، فما هي الأحكام التي تسري على انتقال حصة الشريك لشخص آخر ؟
من خصائص الشركات التضامنية، أنها لا تصدر ( صكوكا ) قابلة للتداول، لأنه يعقب انتقال الحصة تعديل عقد الشركة، ولا يتحقق التعديل إلا بإجماع الشركاء، وللعلاقة الوثيقة بين الشركاء بحيث يصعب أن تجاري الثقة المطلوبة والمعرفة، التبدل السريع للشركاء إذا سمح بالتداول , وقد وردت في نصوص بعض التشريعات ما يؤكد هذا المعنى . فالمادة (31 من القانون العماني ) تنص على انه (( لا يجوز أن تتمثل حصة الشركاء في الشركة بشهادات قابلة للتداول .. ))( ) .
ولم يتضمن القانون العراقي نصا يفيد هذا المعنى، لكنه شدد على انتقال حصة الشريك عن طريق البيع، فأباح انتقالها إلى الشركاء الآخرين، لأنه ليس في ذلك فرض شريك جديد على الشركاء ( ) . أما انتقال الحصة لغير الشركاء فيتوقف تمامه على موافقة الشركاء الآخرين بالإجماع، فالمادة 69 / أولا تنص على انه (( في الشركة التضامنية للشريك نقل ملكية حصته أو جزء منها إلى شريك آخر ولا يجوز نقلها إلى الغير إلا بموافقة الهيئة العامة بالإجماع .. ))
وموافقة الهيئة العامة يقتصر على موافقة الشركاء الآخرين، لأن، الهيئة العامة هي جميع الشركاء الآخرين مضافا إليهم الشريك الذي يريد التفرغ عن حصته .
وتعليق صحة البيع على إجماع الشركاء الآخرين على القبول فيه عنت كبير إذ قد لا يتحقق الإجماع . فما هو الحل عند عدم حصوله ولم يتلق الشركاء الحصة . أمام حاجة الشريك لبيعها ؟
وقد عالجت بعض التشريعات هذا الأمر، كما اوجد الفقه حلا للإشكال أما معالجة التشريعات، فوردت بإباحتها انتقال الحصة بالطريقة التي يتضمنها عقد الشركة، فالمادة 31 من قانون الشركات العماني (( .. كما لا يجوز للشريك أن ينقل ملكية حصته في الشركة إلى الغير إلا برضى جميع الشركاء أو عملا بأحكام أي شروط مدرجة في عقد تأسيس الشركة ( )
ونعرب عن تأييدنا لمنحى التشريعات التي اشرنا إلى نصوصها في التخفيف من العنت . لأنه بغير هذا معناه العبودية للشركة، حيث لا يستطيع منها الشريك فكاكا، وإذا كان من المؤكد قيام شركة التضامن على اعتبارات الثقة والمعرفة فليس من المستحيل ايجاد بديل للشريك يكون موضع ثقة الشركاء .
أما عن المعالجة التي أوجدها الفقه( ) . للتخفيف من هذا التشديد، فتتمثل بما يعرف بعقد الرديف، حيث يحق للشريك أن يتنازل عن حصته أو عن حقوقه المتعلقة بها للغير بموجب عقد خارجي، ينظم العلاقة بينه وبين من يتلقى عنه الحصة، على أن تظل آثار العقد بعيدة عن الشركة . أي أن العقد لا يؤثر على علاقة الشريك بالشركة، فيظل شريكا، وهو المطالب بصورة شخصية ومتضامنا مع الآخرين عن ديونها وإذا كان اسمه ضمن اسم الشركة يظل بلا تغيير . العقد فقط ينظم العلاقة بينه وبين من تنازل له .
ويبرز في هذا المقام مسؤولية الشريك المتنازل ومسؤولية من تلقى عنه الحصة، عند تحقق البيع بالإجماع حسب القانون العراقي أو الأغلبية حسب التشريعات التي تبيح ذلك كما ذكرنا ولايمتد التساؤل إلى حال الرديف والمستردف فلا علاقة للرديف بديون الشركة فهو غريب عنها، يسأل المستردف عن تلك الديون وبكل أمواله ما سبق عقد الاسترداف وما تلاه.
إذن نتناول حال قبول البيع وبذلك يطلق على من تنازل عن الحصة (الشريك الخارج) ومن تلقى عنه الحصة الشريك الداخل فما هي حدود مسؤولية كل منهما ؟
وإذا كان الفقه مجمعا على كون مسؤولية الشريك الخارج تقتصر على الديون المتحققة قبل تركه الشركة( )، أي حتى قبول الشركاء عملية البيع والإعلان عنها، لأنه بغير الإعلان الذي يحصل بتغيير العقد ونشره في النشرة التي يصدرها مسجل الشركات وبصحيفة يومية لا يمكن الاحتجاج تجاه الغير في عملية التنازل، وهو ما تقضي به المادة 203 من قانون الشركات العراقي التي تنص على أنه : ((لا يعتبر تعديل عقد الشركة نافذا إلا بعد تصديقه من المسجل ونشره في النشرة وفي صحيفة يومية عدا ما ورد به نص خاص في هذا القانون)) وهو مسؤول عن هذه الديون حتى لو ورد في عقد التنازل عدم مسؤوليته عن تلك الديون( )، لأن في ذلك أضعاف لضمان الدائنين، لكن الاختلاف برز حول تحديد مسؤولية الشريك الداخل، فإذا تناولنا النصوص، نرى إن قانون الشركات العراقي يذهب إلى مسؤولية الشريك الداخل عن الالتزامات التي تقع بعد دخوله الشركة ولا يسأل عن تلك التي تحققت قبل هذا التاريخ فالمادة 37 / ثانيا تنص على انه : (( لدائني الشركة التضامنية مقاضاتها أو مقاضاة أي شريك كان عضوا فيها وقت نشوء الالتزام ... )) فيسأل عن الديون التي تتحقق حال عضويته في الشركة والشريك الداخل لم يكن عضوا في الشركة قبل دخوله إليها بتلقيه حصة المتنازل وتفيد (م 31 / 1) من قانون الشركات اليمني بمثل ذلك و( م 26 / أ من قانون الشركات الأردني، خلاف ذلك م 19 من نظام الشركات السعودي ) أما الفقه فيذهب جانب منه إلى مسؤولية الشريك الداخل عن جميع التزامات الشركة ما تحقق بعد دخوله الشركة وما كان قبل ذلك( )، والحجة مبنية على أن من يدخل شركة تضامن عليه أن يعلم بأنه يدخل مؤسسة اقتصادية يحكمها نظام ابرز ما فيه المسؤولية الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة، وفي زيادة الذمم المسؤولة عن الديون تعزيز لاتمان الشركة، ولكننا نرى أن نص قانون الشركات العراقي وبعض نصوص قوانين الشركات كما لاحظنا لا تسعف هذا التوجه ولا نرى عدالة في التعويل أثناء الارتباط مع الشركة على أكثر ما معلن عنه وهي مسؤولية الشركاء أثناء تحقق الدين( ) .
وليس في قانون الشركات ما يفهم منه إباحة الانسحاب من الشركة، وهو نقص حري بالمشرع معالجته، لكن القوانين التي تبيحه تجعل مسؤوليته قاصرة على الديون المتحققة قبل انسحابه أما انضمام شريك أو شركاء جدد للشركة، فلا نرى ما يحول دونه في قانون الشركات العراقي لأن الاثر المترتب عليه تعديل العقد واعلان ذلك لدى المسجل ولا يسأل الشريك المنضم عن أكثر من الديون المتحققة بعد انضمامه إلا إذا قبل ذلك واعلن عنه، فيتولد للدائنين حق حينها، وينص قانون الشركات اليمني في المادة 42، على أن (( تنحل شركة التضامن إذا تحقق احد أسباب انحلال الشركات بصورة عامة . كما تنحل لأحد الأسباب التالية: ـ
جـ انسحاب احد الشركاء بناء على مشيئته ... )) ( )
ثانيا : ـ انتقال الحصة عن طريق الإرث :
لان القانون العراقي لا يعرف شركة التوصية البسيطة، فقد عالج الوفاة في الشركة التضامنية بأحكام غير مألوفة مع ما استقر عليه العمل ونصوص القوانين المقارنة بالنسبة لهذه الشركة، فيسمح القانون أن تظل الشركة التضامنية قائمة بعد وفاة الشريك ومع الشركاء القصر بموافقة من ينوب عنهم، وقد ورد القصر مطلقا لذا فهو يمتد إلى معدوم الأهلية . وبناء على ذلك تتكون شركة تضامنية واحد الشركاء فيها أو بعضهم لا يتمتع بالأهلية . وما ينبني على ذلك من أن يصبح الشريك تاجرا ويتحمل إعلان إفلاسه عند إفلاس الشركة .
فالمادة 70 بفقرتها المطولة أولا تنص على انه (( إذا توفى الشريك في الشركة التضامنية تستمر الشركة مع ورثته، أما إذا عارض الوارث أو من يمثله قانونا إن كان قاصرا أو سائر الشركاء الآخرين أو حال دون ذلك مانع قانوني فان الشركة تستمر بين الشركاء الباقين ولا يكون للوراث إلا نصيب مورثه في أموال الشركة ... )) .
فالمشرع أراد عند وفاة الشريك استمرار الشركة بالشروط التالية :
1- موافقة الوارث أو الورثة إن كانوا كاملي الأهلية أو موافقة من يمثلهم بالنسبة للقصر .
2- موافقة الشركاء الآخرين على استمرار الشركة مع الورثة، لأنه لا يفرض الاستمرار مع الورثة بغير قبول الشركاء الآخرين .
3- عدم وجود مانع قانوني كأن يكون احد الورثة ممنوعا من المشاركة في الشركة التضامنية، كما هو الحال مع الموظف ـ أما نقص الأهلية أو انعدامها فلم يعده المشرع حائلا قانونيا دون المشاركة ـ كذلك نرى أن يكون حائلا قانونيا زيادة عدد الشركاء عن 10 أشخاص أصبح بعد التعديل 25، لأن المشرع لم يتطرق لهذه الحالة، وهذه إحدى العقبات الناتجة عن تحديد الحد الأعلى بعشرة أشخاص وقد وجدنا القانون الأردني الذي حدد الحد الأعلى بعشرين شخصا، أباح تجاوز هذا العدد في حالة الوفاة، ( م 9) من القانون المذكور .
لكننا نجد أن التشريعات الأخرى عالجت موضوع وفاة الشريك في شركة التضامن بالاتفاق في عقد الشركة على كيفية استمرار الشركة عند وفاة احد الشركاء كما تقرر أن تتحول الشركة إلى شركة توصية بسيطة عندما يكون بين الورثة قاصر أو قصر( ) . وفي كل الأحوال يجب تعديل عقد الشركة بما يتلاءم مع وضعها الجديد بعد انتقال حصة الشريك .
ونتعرض في هذا المقام إلى حالة إعسار أحد الشركاء في الشركة التضامنية أو الحجر عليه بسبب نقص في أهليته أو انعدامها، وهو ما أشارت له المادة 70 التي بينت حاله الوفاة في الفقرة أولا . حيث تنص الفقرة ثالثا على انه (( إذا عسر الشريك أو حجر عليه في الشركة التضامنية استمرت الشركة بين الشركاء الباقين وصفيت حصة الشريك المعسر أو المحجور عليه ... )) ومن المؤكد أن استمرار الشركة، لا يفرض على الشركاء الآخرين، إنما يكون ذلك بالتعبير عن إرادتهم بقبولهم الاستمرار , وفي هذه الحالة لا انتقال لحصة الشريك، إذ أن صاحب الحصة ما زال مالكا لها , وهو مسؤول عن الديون السابقة لإعلان إعساره أو الحجر عليه لأنه كان شريكا في الشركة وغير محجور عليه أو معلن إعساره. ونرى في إدراج النص المذكور ضمن انتقال الحصة عن طريق البيع أو الوفاة فيه تجوز تحاشته القوانين التي نتعرض لأحكامها فذكرت إفلاس الشريك أو الحجر عليه ضمن حالات انقضاء الشركة( ) على الرغم من أنها جوزت الاتفاق في عقد الشركة على غير ذلك، كأن يتفق على استمرار الشركة بين الشركاء الآخرين، أو تحول المحجور عليه إلى شريك موص في حالة الحجر مع موافقة من يسأل عنه ويرى البعض انه يلحق بحالة الإفلاس أو الحجر على أمواله من السلطة العامة( )، لأن في ذلك إضعاف لضمان الدائنين، باستبعاد أموال الشريك عن سلطة الدائنين .
وقد أباح قانون الشركات تحول الشركة التضامنية إلى شركة مشروع فردي إذا أدى الاعسار أو الحجر إلى عدم بقاء أكثر من شريك واحد في الشركة، وهذا التحول استثناء على أحكام تحول الشركات ( م ذ53 ) كما سنبين ذلك في حينه .
المبحث الرابع
إدارة الشركة
عالج قانون الشركات العراقي، موضوع إدارة الشركة التضامنية والمحدودة وشركة المشروع الفردي من حيث التعيين والعزل في مادتين هما المادة 121 بفقرتيها أولا وثانيا والمادة القصيرة 122 . ويدخل ضمن هذه المعالجة المدير المفوض للشركة المساهمة . وقد وردت المعالجة تحت عنوان الفصل الثالث ـ المدير المفوض .
وفيما يلي نص المادتين المذكورتين .
المادة 121
(( أولا ـ يكون لكل شركة مدير مفوض من أعضائها أو من الغير من ذوي الخبرة والاختصاص في مجال نشاط الشركة يعين وتحدد اختصاصاته وصلاحياته واجوره ومكافأته من مجلس الإدارة في الشركة المساهمة والهيئة العامة في الشركات الأخرى .
ثانيا ـ لا يجوز الجمع بين رئاسة أو نيابة رئاسة مجلس إدارة الشركة المساهمة ومنصب المدير المفوض فيها ولا يجوز للشخص أن يكون مديرا مفوضا لأكثر من شركة مساهمة واحدة . ))
المادة 122
(( يعفى المدير المفوض بقرار مسبب من الجهة التي عينته ))
فيعين مدير مفوض لشركة التضامن قد يكون من بين الشركاء وقد يكون من غير الشركاء تعينه الهيئة العامة، وهي القادرة على عزلة .
لا فرق في ذلك بين من يكون شريكا وبين من لا يكون كذلك، وبين من يعين في عقد الشركة ومن يعين في قرار لاحق وهو ما تعرضت له التشريعات العربية التي نتناول أحكامها . وفي ضوء أحكام التشريعات المذكورة، وطبقا للقواعد العامة للعقد، ولعقد الشركة على وجه الخصوص . نحاول استنباط الأحكام الخاصة بإدارة الشركة، فنتناول التعيين والعزل أولا ـ والواجبات والمسؤولية ثانيا .
أولا ـ تعين مدير الشركة وعزله .
كما لاحظنا من النص يعين المدير المفوض، من الهيئة العامة . واصطلاح الهيئة العامة يعني الشركاء في الشركة بعد تأسيسها، وكأن التعيين لاحق لتأسيس الشركة، أي انه يتم بقرار من الهيئة العامة، وتناط الإدارة بشخص واحد . على خلاف ما تشير له التشريعات الأخرى، بإمكانية تعيين أكثر من مدير للشركة . فضلا عن كون القاعدة العامة هي أن تكون الإدارة لجميع الشركاء . وإذا لم يعين مدير فجميع الشركاء مدراء( ) . ( م 34 من قانون عمان) و ( م 38 من قانون دولة الإمارات ) و ( م 36 القانون اليمني ) و (م17 من القانون الأردني )( ) .
وعليه نستطيع أن نقول انه في حالة عدم تعيين مدير للشركة . فالإدارة لجميع الشركاء فيها، لأن اعمال الشركة تجري تحت اسم الشركة الذي ينصرف إلى الشركاء . وما تفيد به النصوص وما يقوله الفقه . أن المدير :
1- أما أن يكون شريكا في الشركة ومعين في عقد تأسيسها( )، أي أن تحديد من يتولى الإدارة من بين الشركاء، واحد الأمور التي انصرفت إليها إرادتهم، ويطلق عليه في هذه الحالة ( بالمدير الشريك ألاتفاقي ) ويتمثل المركز القانوني له بأنه وكيل عن الشركة إلا أن وكالته من نوع خاص، فهو وكيل وشريك أو عضو في جسم الكائن الذي يتوكل عنه وبذلك لا يصح عزله إلا بإجماع الشركاء بمن فيهم الشريك المدير لأنه جزء من الهيئة العامة، وعليه لا يمكن أن يتحقق الإجماع، لأنه لا يصوت على عزل نفسه عادة وتنص المادة 40 من قانون الشركات لدولة الإمارات على انه (( إذا كان المدير شريكا ومعينا في عقد الشركة فلا يجوز عزله إلا بإجماع الشركاء .. )) وإذا تعذر الحصول على الإجماع مع وجود الضرورة لعزل المدير فيجري اللجوء إلى القضاء عادة.))
ولا نرى ما يمنع أن يعين المدير في الشركة التضامنية حسب القانون العراقي في عقد إنشاء الشركة، ويصبح جزء منه على أن تقر الهيئة العامة التعيين وبناء عليه لا يعزل إلا بتعديل العقد الذي يتطلب الإجماع والشريك المدير منه .
أما إذا كان المدير شريكا ولكن عين بقرار لاحق لم يتبعه تعديل عقد الشركة أو انه أجنبي عن الشركة سواء عين في عقد التأسيس أو بقرار لاحق، فيمكن عزله لأن الأجنبي لا يعد واحدا من أعضاء الهيئة العامة وبالتالي من الممكن أن يتحقق الإجماع على عزله والفقرة الأخيرة من المادة 40 من قانون الشركات الإماراتي تفيد هذا المعنى .
ثانيا ـ الواجبات والمسؤولية :
يتولى المدير المفوض جميع الأعمال الضرورية لتحقيق أهداف الشركة، وممارسة غرضها المثبت في العقد، وتحدد الهيئة العامة حدود صلاحياته واختصاصاته . وان لا يتجاوزها .
فيقوم بتنفيذ قرارات الهيئة العامة، وإعداد الميزانية السنوية، وإعداد تقرير عن مدى تنفيذ الخطة السنوية، والخطة المتوقعة للسنة القادمة . وهو مسؤول أمام الهيئة العامة عن أداء هذه المهام . وهو ما أوضحته المادة ( 123 / أولا وثانيا ) .
ومطلوب من المدير أن يبذل من العناية في أداء واجبه اتجاه الشركة ما يبذله في أموره الشخصية على أن لا ينزل عن عناية الشخص المعتاد . فالقاعدة أن يكون حريصا على شؤون الشركة كالحرص الذي يبذله تجاه شؤونه الخاصة، أما إذا كان في حرصه الشخصي مهملا، فيطلب منه أن يبذل الحرص المطلوب من الشخص المعتاد . وهو ما أفادت به المادة 124 من قانون الشركات التي تحيل على المادة 120 من القانون الخاصة بالحرص المطلوب من أعضاء مجلس الإدارة في شركة المساهمة . كذلك يشترط أن لا تكون للمدير مصلحة شخصية في العقود التي يبرمها لحساب الشركة بصفته المدير . وإذا وجدت مثل هذه المصلحة فلا يصح العقد إلا بترخيص من الهيئة العامة . ومع الترخيص يسأل المدير عن الغبن الذي يتحقق جراء العقد اذا تجاوز ما يساوي 10% من قيمته (المادة119) التي تحيل عليها المادة 124 أيضا .
ويفترض في الترخيص الذي أشارت له المادة 119 أن يكون لكل صفقة ( ) وفي ذلك تكليف للهيئة العامة للشركة، رغم قلة عددهم، وقد بينت بعض التشريعات أن تحدد للترخيص مدة معينة لإبرام عقود خلالها وفي حالة عدم التحديد، يفترض أن تكون سنوية ( م 37 / 2 ) من قانون الشركات اليمني .
أما المسؤولية عن العقود التي يبرمها المدير، فيختلف الأمر بين ما إذا كان التعاقد باسم الشركة أو باسمه الشخصي، فإذا كانت باسمه الشخصي فهو المسئول عنها ولا يحق للغير الرجوع على الشركة للمطالبة بتنفيذ هذه العقود .
وإذا كانت باسم الشركة، يوقع هو ولكن باسم الشركة ولحسابها فيحتمل الأمر الأتي :
1- أن يكون العقد ضمن صلاحياته التي حددتها الهيئة العامة . وهنا تسأل الشركة عن هذه العقود ولا مسؤولية على المدير لا من الغير ولا من الشركة إذا كان بذل العناية المطلوبة في إبرامها .
2- أن يتجاوز في العقد الصلاحيات الممنوحة له . وتستطيع الشركة الرجوع على المدير في هذه الحالة . أي في ما تجاوز فيه حدود صلاحياته .
أما دفع الشركة تجاه الغير، في تجاوز المدير صلاحياته وبالتالي عدم مسؤوليتها تجاه الغير في ذلك، فهذا يحتمل أمرين :
أ- أن تكون الصلاحيات محددة ومعلنة، بالطريقة التي يعلن فيها العقد، أي بالنشرة التي يصدرها المسجل وفي الصحف . وعليه لا تسأل الشركة في هذه الحالة، لأنه يفترض علم الغير بحدود صلاحيات المدير .
ب- أن لا تكون صلاحيات المدير قد أعلنت للغير، عندها تكون الشركة مسؤولة تجاه الغير عن العقود التي يبرمها المدير وفيها تجاوز لصلاحياته، إلا إذا أثبتت الشركة معرفة الغير بحدود صلاحيات المدير . وفي ذلك لا يعد الغير حسن النية وبالتالي لا تسأل الشركة تجاهه .
3- إذا تعاقد المدير باسم الشركة وضمن حدود صلاحياته ولكن لمصلحته الشخصية فتلزم الشركة بهذه العقود . إلا إذا أثبتت سوء نية الغير، بإثبات انه يعلم كون العقد تم لمصلحة المدير الشخصية( ) .
أما طبيعة المسؤولية فهي عقدية في الغالب ناشئة عن العقود التي تبرم مع الغير باسم الشركة أما طبيعتها تجاه المدير فأساسها أيضا عقد الوكالة . لأن المدير يعد وكيلا عن الشركة . ولكن قد يسأل جزائيا تجاه الشركة، بجريمة خيانة الأمانة عندما يرتكب ذلك . وتجاه الغير عندما يتجاوز حدود صلاحياته( ).
وما يجدر قوله أن بعض التشريعات حرمت على المدراء مزاولة بعض الأعمال فالمادة 43 من قانون دولة الإمارات تنص على انه :
(( لا يجوز للمدير القيام بالتصرفات التي تجاوز الإدارة العادية إلا بموافقة الشركاء أو بنص صريح في العقد، ويسري هذا الحظر بصفة خاصة على التصرفات الآتية :
أ _ التبرعات ما عدا التبرعات الصغيرة المعتادة .
ب _ بيع عقارات الشركة إلا إذا كان التصرف مما يدخل في أغراضها .
جـ - تقرير رهن على عقارات الشركة ولو كان مصرحا له في عقد الشركة ببيع العقارات.
د – بيع متجر الشركة أو رهنه( ) .
ويكون الأصل في مزاولة هذه الأعمال من قبل المدير عدم الإباحة طبقا للنصوص المشار إليها إلا إذا كان عقد الشركة يقضي بغير ذلك، أو أن التصرف يحضى بقبول الشركاء. على العموم لم يتضمن القانون العراقي مثل هذا التحريم وعليه يكون ما هو مباح خاضعا للأحكام التي بينا تفاصيلها .
وتحظر بعض القوانين على المدير . بل على جميع الشركاء في شركة التضامن أن يزاول عملا مماثلا لعمل الشركة، إلا بترخيص من الهيئة العامة( ).
ولا مثيل لهذه النصوص في القانون العراقي . وهو نقص كان من المفروض تلافيه، لأن نص المادة 119 يقتصر على العقود التي يبرمها المدير مع الشركة وتكون له فيها مصلحة كما بينا ذلك .
الفصل الثاني
شركة المشروع الفردي Sole owner enterprise
كما ذكرنا اوجد قانون الشركات العراقي نوعا من الشركات، لم يكن معروفا في قانون 1957 الأسبق الملغي، وغير معروف في قوانين البلاد العربية، بالصيغة التي بينها قانون الشركات الخاصة بشركة المشروع الفردي . وسنتناول التعريف والخصائص أولا، ثم انتقال الحصة وأخيرا الإدارة ونفرد لكل منها مبحثا .
المبحث الأول
التعريف والخصائص
جاء في الفقرة رابعا من المادة 6 أن (( المشروع الفردي، شركة تتألف من شخص طبيعي واحد مالكا للحصة الواحدة فيها ومسئولا مسؤولية شخصية وغير محدودة عن جميع التزامات الشركة( ) .
ومن التعريف المذكور ومن مجمل مواد القانون نستطيع أن نتبين خصائص شركة المشروع الفردي وهي كالأتي :
1- تتكون الشركة من شخص واحد على أن يكون هذا الشخص طبيعيا بمعنى أن الأشخاص المعنوية غير مباح لها تكوين شركة المشروع الفردي استنادا للنص، وللعلة التي ذكرناها سابقا عن التحريم على الأشخاص المعنوية المشاركة في شركات الأشخاص، للمسؤولية المطلقة والتضامنية عن ديون الشركة .
2- تقوم الشركة على الاعتبار الشخصي، أي أن مكانه صاحب المشروع المالية وسمعته التجارية المصدر الرئيس لائتمان الشركة . وبناء على ذلك اشترط القانون أن يظهر اسم صاحب المشروع الفردي في اسم الشركة . كأن يقال (شركة صالح إبراهيم للمقاولات مشروع فردي )، لأنه موضع ثقة الغير في الشركة، فأقتضى أن يظهر اسمه مع اسمها ( م 13 / أولا ) (( .. مع إضافة ... واسم احد أعضائها في الأقل أن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا))
3- المسؤولية المطلقة لصاحب المشروع الفردي .
قلنا سابقا بأن إنشاء هذا النوع من الشركات لا ينهض على فكرة فصل الذمة المالية بين ما هو موجود في الشركة وبين ما هو خارجها، وهي الفكرة التي تقوم عليها إنشاء شركة الرجل الواحد التي تعرفها بعض القوانين وبذلك تتداخل أموال الشريك مع أموال المشروع . وهذا مبعث الانتقاد الموجه لهذه الشركة، فضلا عن انتفاء وجود العقد الأساس في تكوين الشركات( ) . فالمادة 37 / ثانيا تنص على انه (( لدائني المشروع الفردي مقاضاته أو مقاضاة مالك الحصة فيه وتكون أمواله ضامنة لديون المشروع ويجوز التنفيذ على أمواله دون إنذار المشروع )) وعليه يستطيع دائن المشروع الفردي التنفيذ على أموال صاحب المشروع خارجه دون اشتراط التنفيذ على أموال الشركة أولا كما تقضي بذلك بعض القوانين بالنسبة لشركة التضامن، أو بغير الإنذار الذي يتطلبه القانون العراقي لصحة الرجوع على أموال الشريك في الشركة التضامنية ( م 37 / أولا). ولم نستطع تلمس الحكمة من هذا النص، ولماذا لم يتطلب القانون إنذار الشركة قبل الرجوع على أموال صاحب المشروع خارج نشاط الشركة، فقد يكون الإنذار دافعا لصاحبه في الإيفاء بديون المشروع وبالتالي الحفاظ على المشروع . على العموم خفف المشرع من هذا التداخل في الحالة العكسية عند مطالبة دائني صاحب المشروع لدين خارج نشاط الشركة إذ يمتنع تنفيذ الدائنين على أموال المشروع إلا لدين ممتاز( ) .
وكما ذكرنا ذلك سابقا، نحن مع تكوين شركات من شخص واحد تقوم على أساس فصل الذمة المالية للشخص بين ما هو في المشروع وما هو في النشاط خارج المشروع . ولا يكون ذلك إلا بصيغة الشركة المحدودة، ولا يعني ذلك بأننا ضد إباحة تكوين شركة المشروع الفردي ولكن ليس بأحكامها الحالية , وأبرزها التداخل بين أموال المشروع والأموال خارجه .
4- يكتسب صاحب المشروع صفة تاجر . والمادة 36 التي تنص وإذا أعسرت الشركة اعتبر كل شريك فيها معسرا )) تنصرف إلى الشركة التضامنية والمشروع الفردي لأن المادة 35 التي تسبقها تقرر المسؤولية المطلقة في الشركتين المذكورتين , ولأن الشركة من شركات الأشخاص، يفهم ذلك من المسؤولية غير المحدودة، ومن الاسم الذي يجب أن يحمل اسم صاحب المشروع ومن خصائص شركات الأشخاص على وجه العموم أن يكتسب صفة تاجر كل شريك مسؤوليته مطلقة عن ديون الشركة . ومن المؤكد أن التفليسة واحدة للمشروع ولصاحب المشروع عند إفلاس الأول، كما لا يلزم صاحب المشروع بالواجبات المفروضة على التاجر .
ولا يستطيع أن ينشأ شركة مشروع فردي، إلا من أكمل الثامنة عشرة من العمر بغير عارض من عوارض الأهلية متمتعا بالأهلية القانونية، وكذلك من يكون متمتعا بالأهلية القضائية المأذون له بالاتجار .
المبحث الثاني
انتقال الحصـــــة
تتميز هذه الشركة في عدم وجود هيئة عامة متعددة الأطراف فيها فالهيئة العامة مكونة من شخص صاحب المشروع الفردي ( م 101 )( ) وعليه :
أولا : فأن نقل الحصة عن طريق البيع، تحكمه القواعد الآتية :
1- بيع الحصة كاملة لشخص واحد على أن يكون متعتعا بالأهلية وغير ممنوع قانونا، يؤدي إلى استمرار الشركة بشكلها القانوني ( شركة مشروع فردي، على أن يعدل العقد ويعلن عن التعديل في وسائل الإعلان التي بينها القانون .
2- إذا تعلق البيع بجزء من الحصة أو بيعت لاكثر من شخص فيقتضي تحول شركة المشروع الفردي إلى نوع آخر من أنواع الشركات، وأن تتوفر الشروط في متلقي الحصة حسب طبيعة الشركة الجديدة .
وفي الحالتين سيكون لدينا شريك خارج وآخر داخل، وتتحدد مسؤولية كل شريك بالالتزامات التي نشأت أثناء وجوده بالشركة، ويستطيع الخارج أن يلقي المسؤولية على من تلقى منه الحصة ولكن ذلك مشروط بموافقة الدائنين بناء على قواعد حوالة الدين .
ثانيا : حالة الوفاة
إذا توفى صاحب المشروع الفردي انتقلت الشركة إلى الورثة حسب انصبتهم في القسام الشرعي . ويحكم الأمر الاحتمالات التالية .
1- إذا كان الوارث شخصا واحدا لديه الأهلية ولا يحول مانع على أن يكون صاحب مشروع فردي، فيصبح مالكا للمشروع الفردي . ويعدل العقد طبقا لهذا الوضع ويعلن عنه .
ونرى في هذه الحالة أن يسأل الوارث عن ديون المشروع التي سبقت انتقال الملكية له واللاحقة لذلك . لأن أموال المورث مسؤولة عن ديونه ما كان منها ناشئا عن نشاط المشروع، وما كان خارجه . ولما انتقلت هذه الأموال إلى الوارث، فتنتقل مثقلة بالديون التي ارتضى الوارث المسؤولية عنها بقبوله الاستمرار بالشركة . وإلا يستطيع رفض الاستمرار بالشركة، ويترتب على ذلك تصفية أموال المورث، وتسديد الديون منها أولا وبعدها تنتقل إلى الوارث.
2- إذا تعدد الورثة، ورغب أكثر من واحد المشاركة فيها، تتحول إلى نوع آخر من أنواع الشركات، على أن لا يحول دون ذلك مانع قانوني وهو ما أشارت له المادة 70 / ثانيا التي تقضي بأنه (( إذا توفى مالك الحصة في المشروع الفردي وكان له أكثر من وارث يرغب في المشاركة فيها ولم يكن هناك مانع قانوني . وجب تحويله إلى أي نوع آخر من الشركات المنصوص عليها في هذا القانون )) .
وغني عن القول أن رغبة القصر يعبر عنها من ينوب عنهم، لأن الفقرة أولا من هذه المادة التي تعرضت لحالة الوفاة في الشركة التضامنية بينت انه بامكان من ينوب عن القاصر التعبير عن قبوله الاستمرار في الشركة نيابة عنه. وفي حالة المشروع الفردي نرى الدافع الاجتماعي اقوى منه في حالة الشركة التضامنية لأن الجامع بينهم في الحالة الأولى صلتهم بالمورث، وتربطهم الرغبة في استمرار النشاط الاقتصادي الذي بدأه مورثهم، وعليه نرى استمرار القصر في الشركة من خلال قبول من ينوب عنهم على أن يعقب ذلك في كل الأحوال تعديل العقد ونشره .
المبحث الثالث
إدارة الشركة
لشركة المشروع الفردي مدير مفوض، صاحب المشروع الفردي أو شخص من الغير وسنوضح كل حالة بصورة منفردة وكما يأتي :
أولا ـ المدير ـ صاحب المشروع الفردي .
يمكن أن يكون صاحب المشروع الفردي وهذا هو الغالب، هو مدير للمشروع . ويكون ذلك بالنص في البيان الذي يعده صاحب المشروع، بديل عن العقد ( م 14 ) من قانون الشركات وإذا لم يذكر في البيان من يتولى الإدارة، فيكون صاحب المشروع الفردي هو المدير أيضا، لأن الإدارة في شركات الأشخاص للشركاء، إلا إذا جرى تحديد مدير من الخارج، أو تحديد شريك بعينه في الشركة التضامنية .
ولا مساغ في هذه الحالة ـ المدير صاحب المشروع ـ للحديث عن تجاوز الصلاحيات وحدود المسؤولية، للتداخل بين الهيئة العامة والادارة والملكية.
ثانيا ـ المدير من الغير
عندما يكون المدير شخصا من الغير، فأنه يعين وتحدد اختصاصاته ومكافآته وطريقة عزله من قبل صاحب المشروع , وعليه إذا تجاوز صلاحياته فالمشروع مسئول عن تلك التصرفات تجاه الغير، ولكن له الرجوع على المدير فيما تجاوز فيه حدود صلاحياته ,إلا إذا كان الغير سيء النية فتقع المسؤولية على المدير تجاه الغير في هذا التجاوز .
وإذا تعاقد المدير لحسابه الخاص وباسم الشركة وضمن حدود الصلاحيات، فتسأل الشركة عنها إلا إذا كان من تعاقد معه المدير يعلم بأن العقد لمنفعته الشخصية، وفي كل الأحوال يجوز عزل المدير وفي أي وقت، على أن لا يسبب ذلك ضرر للمدير، عندها يستطيع المطالبة بالتعويض عن الضرر مع وقوع العزل.
وينطبق هذا الحكم سواء كان المدير معينا في العقد ( البيان ) أو بعد تأسيس الشركة، ولا مساغ أيضا للقول بأنه عندما يكون معينا في العقد فهو جزء من الشركة لا يجوز تغييره لتعلق حق الآخرين به .
لأن التغيير حصل من الهيئة العامة، ولا يوجد تعدد للشركاء حتى يمكن القول بأن البعض من هؤلاء الشركاء عول في المشاركة على أن يكون المدير من عين في العقد . ولا يحق لمن يتعامل مع الشركة أن يدفع بأنه تعامل معها لأن مديرها من تعين في العقد أيضا . لأن المدير لا يغير من إئتمان الشركة فهو لا يسأل ما دام يؤدي واجباته ضمن حدود صلاحياته . ولذلك أيضا فأن إفلاس الشركة في شركات الأشخاص لا يؤدي إلى إفلاس المدير لأنه لا يكتسب صفة تاجر، فما يزاوله من عمل تجاري ينصرف إلى الشركة التي هو غريب عنها، ولأنه يتعاقد باسم الشركة ولحسابها .
الفصل الثالث
الشركة البسيطة Simple Company
بعد أن خصص قانون الشركات مواد القانون حتى المادة ( 180 ) إلى الأنواع الأربعة من الشركات وهي (المساهمة، المحدودة، التضامنية، والمشروع الفردي ) افرد الباب السابع ( المواد 181 – 199 ) . لنوع آخر من أنواع الشركات أطلق عليه اسم (الشركة البسيطة) . وقد تضمنت هذه المواد أحكاما تفصيلية لم تتوافر في المواد التي عالجت الشركات السابقة، على الرغم من تدني أهمية الشركة البسيطة من وجهة نظر المشرع عن الشركات التي سبقتها( ) .
وسنتناول تعريف الشركة وخصائصها وتأسيسها وطبيعتها القانونية، وانتقال الحصة أو الانسحاب منها وإدارتها .
المبحث الأول
تعريف الشركة وخصائصها
عرفت المادة 181 هذه الشركة كالآتي : (( تتكون الشركة البسيطة من عدد من الشركاء لا يقل عن اثنين ولا يزيد على خمسة يقدمون حصصا في رأس المال أو يقدم واحد منهم أو أكثر عملا والآخرون مالا . )) .
ولا يمثل هذا النص تعريفا للشركة لأنه لا يبين خصائصها، إنما كيفية تكوين الشركة وسنتناول هذه الخصائص كما يأتي :
1- أنها شركة أشخاص( )،أي ضمن الشركات التي يغلب فيها الاعتبار الشخصي على الاعتبار المالي يفهم ذلك من تقسيم رأس المال إلى حصص ( م 184) , ومن الإلزام في أن يتضمن اسم الشركة اسم احد الشركاء في الأقل (م23 من قانون التجارة ) رقم 30 لسنة 1984، ولا وجود لهذا الاشتراط إلا في شركات الأشخاص . كذلك ساوى القانون بين هذه الشركات وكل من الشركة التضامنية والمشروع الفردي وهما شركات أشخاص في موضوع رهن الحصة أو حجزها ( م 71 / ثانيا ـ لا يجوز رهم الحصص في الشركة التضامنية والمشروع الفردي والشركة البسيطة، و م 72 / ثانيا ـ لا يجوز حجز الحصص في الشركة التضامنية والمشروع الفردي والشركة البسيطة إلا لدين ممتاز، ويجوز حجز أرباحها المتحققة، كما تقضي المادة 193 بتطبيق أحكام المادة 70 تسري على الشركة التضامنية والمشروع الفردي) . وعليه نصل إلى نتيجة أن الشركة من شركات الأشخاص، فتخضع للمبادئ الخاصة بهذه الشركات وحسب قانون الشركات العراقي .
أ ـ أن يكون الشركاء من الأشخاص الطبيعيين، لا يصح أن تكون الأشخاص المعنوية شريكا فيها والسبب في ذلك إضافة إلى ما ذكرنا عند تناولنا لشركات الأشخاص إن حجم الشركة صغير، يدل على ذلك قلة رأسمالها كما حدده القانون الملغي والذي يتضمن جذور هذا القانون، ولا يتلاءم صغر حجمها بالسماح لأشخاص معنوية المشاركة فيها .
ب ـ يكتسب الشركاء صفة تاجر، لان الشركة تزاول نشاطها باسم الشركاء فكأن الشركاء يقومون بالعمل الذي تقوم به الشركة .
جـ ـ مسؤولية الشركاء مطلقة تجاه ديون الشركة( )
2- عدد الشركاء في الشركة لا يقل عن شخصين ولا يزيد على خمسة، يقدم الشركاء جميعهم الحصة مالا يعين مقداره العقد وعند عدم التعيين تكون متساوية ( م 184 ) . وقد يقدم بعضهم مالا والبعض الأخر عملا ولم يحدد المشرع كم عدد الذين يجوز أن يقدموا عملا، وهنا يثار تساؤل هل من الممكن أن يقدم جميع الشركاء عملا ؟ ويرى الفقه أن ليس ثمة ما يمنع من تكوين شركة يقدم الشركاء حصصهم فيها عملا، كشركات الأعمال (شركات المحاماة أو ممارسة المحاسبة أو الوكلاء )( ) ويمكن للشركة الاقتراض لتسديد نفقات بدء النشاط .
ومعلوم أن حصة العمل، تتعلق بالعمل الذي لا غنى للشركة عن تقديمه، وليس أي عمل، كما انه لا يدخل ضمن تكوين رأس المال ولا يكون ائتمانا للدائنين، لامتناع الحجز على حصة العمل . وتقدم حصة العمل باستمرار طيلة حياة الشركة( ) .
3- تأسيس الشركة ميسورا .
من عوامل ايجاد هذه الشركة في القانون . التيسير في تأسيسها، خلافا لتأسيس الأنواع الأربعة التي تناولنا أحكامها .
ويبدأ التأسيس بإبرام عقد مكتوب بين الشركاء . وما يؤكد الكتابة انه يقترن بمصادقة الكاتب العدل، وعليه يعد الشركاء عقدا يوقع عليه كل منهم، ويقتضي أن يتوفر في الشركاء الأهلية . وان يوثق العقد من الكاتب العدل المادة 182 تقضي انه (( يجب أن يوثق عقد الشركة البسيطة من الكاتب العدل وان تودع نسخة منه لدى المسجل وإلا كان العقد باطلا )) فلم يتطلب المشرع الكتابة وحدها، إنما يترتب على عدم الكتابة، والمصادقة لدى الكاتب العدل بطلان الشركة . وتستوفي الشركة إجراءات التأسيس بإيداع نسخة مصدقة لدى المسجل، وغاية الإيداع هي للتوثيق، وللاحتفاظ بالنسخة المصدقة لحسم ما ينشأ بين الأطراف من نزاع . ولا يطلب من المسجل قبول أو عدم قبول الطلب .
ويتضمن العقد مقدار حصة كل شريك، وكيفية توزيع الإرباح والخسائر، والاتفاق على توزيع الإرباح لوحده يسري على توزيع الخسائر أيضا ( م 185).
ويؤدي إلى بطلان العقد، الاتفاق على عدم مساهمة احد الشركاء بالأرباح أو الخسارة وهو ما يطلق عليه الفقه ( شرط الأسد )( ) . ولكن يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي قدم حصته عملا من الخسارة . وبهذه الأحكام تنص المادة 186 :
((أولا ـ إذا اتفق على أن احد الشركاء لا يساهم في الربح أو في الخسارة كان عقد الشركة باطلا .
ثانيا ـ يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسارة بشرط أن يكون لا يكون قد تقرر له أجر عن عمله من المساهمة في الخسارة)) .
الطبيعة القانونية للشركة:
من الصعوبة تحديد الطبيعة القانونية للشركة، لأن القانون أطلق عليها تسمية البسيطة، وقد يفهم من هذه التسمية، أنها الوريث لشركة التوصية البسيطة التي ألغاها القانون كما ذكرنا، وهي ليس كذلك، لأن الأخيرة تتكون من نوعين من الشركاء ( المتضامنون والموصون )، يسأل الفريق الأول بصورة مطلقة وتضامنية عن ديون الشركة، وهم المخولون بالإدارة، ولا يسأل الفريق الثاني إلا بمقدار الحصة التي قدمها، ولا يحق لهم الاشتراك في إدارة الشركة.
أما الشركة البسيطة، فإذا كان صحيح تكوينها من الفريقين من الشركاء، لكن ذلك جوازي، إذ يجوز أن يكون الشركاء من جنس واحد ( يقدم الجميع حصة في رأس المال . كما لا يوجد تقسيم للمسؤولية عن ديون الشركة، بين المسؤولية المطلقة والمحدودة، فالكل مسؤولون عن ديون الشركة وبصورة مطلقة، كما لا تنحصر الإدارة بفريق دون الأخر، وبذلك فالشركة ليست توصية بسيطة . وعليه تظل من شركات الأشخاص الأخرى، التضامنية . إذا استبعدنا شركة المشروع الفردي من إمكانية المقارنة بها . ومن البداية نقول أنها نوع من شركات التضامن، لأن الفقه يرى في شركة التضامن القواعد العامة لشركات الأشخاص عندما لا تتبين هوية الشركة وإذا لا يوجد تحديد للمسؤولية فيها( ) . وإذا كانت الشركة البسيطة تتضمن بعض الأحكام التي تختلف عن أحكام الشركة التضامنية حسب القانون العراقي ن فأن الأحكام التي ينادي بها الفقه تستوعب هذه الشركة ضمن شركة التضامن فيجوز أن يقدم بعض الشركاء حصتهم عملا. كما يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي حصته عمل من المسؤولية عن خسارة الشركة( ) .
وإذا كانت الشركة نوعا من شركات التضامن، فلماذا افرد المشرع أحكاما خاصة بها ؟ وجواب ذلك بتقديرنا، أن المشرع أراد التخفيف عن التشديد في تأسيس الشركات الذي رافق قانون 1983 الملغي، بإمكانية تأسيس شركات بسيطة بإجراءات ميسرة وبحجم محدود من النشاط .
المبحث الثاني
انتقال الحصة والانسحاب
من المعلوم أن الانتقال أما أن يكون عن طريق البيع، أو عن طريق الإرث .
أولا : الانتقال عن طريق البيع :
لم يبين القانون انتقال الحصة عن طريق البيع، إنما ورد الكلام عن ذلك بصورة غير مباشرة في المادة (192) التي تنص على انه : ((إذا انسحب احد الشركاء جاز نقل حصته إلى الغير بموافقة بقية الشركاء، وعند عدم موافقتهم يجب عليهم قبول حصة الشريك المنسحب بالقيمة التي تقدرها المحكمة )) .
وبموجب النص يحق للشريك الانسحاب من الشركة، وعلى ما يبدو الانسحاب بغير شروط، وكأنما يحق لأي شريك الانسحاب من الشركة في أي وقت .
الأمر مرهون بحجته عن الانسحاب، فإذا وجد من يتلقاها عنه فهذا مشروط بموافقة الشركاء الآخرين( ) بالاجماع على ما يبدو، ولو أن القانون لم يقل ذلك، انما يفهم من الطبيعة الشخصية للشركة، وعند عدم موافقة الشركاء على نقلها إلى الغير، فهم ملزمون (يجب) بقبول حصة الشريك المنسحب بالقيمة التي تقدرها المحكمة .
وهذا الأمر من بين ما تتصف به احكام الشركة من الغرابة التي تتحدد بمقارنتها بالبساطة التي أشرنا إليها . فالانسحاب منها ميسور، وعند عدم قبول الشركاء بدخول شريك جديد، يدفعون هم ثمنها بالسعر الذي تحدده المحكمة . وإذا كان في هذا بعض التيسير فانه لا ينسجم مع طبيعة الشركة، ثم أن الشريك قد يكون مكلفا بالإدارة، ولم يميز القانون بين شريك وآخر في حق الانسحاب .
ثانيــــا : في حالة الوفاة أو الاعسار أو الحجر أحال القانون لأحكام المادة 70 التي بينت الأمر بالنسبة للشركة التضامنية وعليه في حالة الوفاة قد تنتقل الحصة إلى الورثة وتستمر الشركة معهم وهذا مشروط بقبولهم أو قبول من يمثلهم وقبول الشركاء الآخرين وان لا يتعارض ذلك مع احكام القوانين (لا يوجد مانع قانوني) .
كما أباح القانون للشركاء الطلب من المحكمة فصل الشريك الذي تكون تصرفاته مما قد تؤدي إلى انحلال الشركة، وتظل الشركة قائمة بين الباقين على أن يكون عددهم ضمن الحدود المطلوبة لتكوين الشركة( ) .
المبحث الثالث
إدارة الشركة
اشترط القانون أن تكون إدارة الشركة لأحد الشركاء، إذا الإدارة لشخص واحد وان يكون من بين الشركاء، لا يصح اختيار مدير من خارج الشركاء ,وإذا لم يعين المدير في عقد الشركة، أو يعين العقد طريقة اختياره، يترتب على ذلك بطلان العقد . ( فالمادة 187 تنص على أن يحدد عقد الشركة طريقة الإدارة ويعين الشريك المفوض بها أو كيفية اختياره كما يحدد صلاحياته وإلا كان العقد باطلا )) فالمدير يجب أن يكون من بين الشركاء . وعلى ما يبدو لم يشأ المشرع أن يرهق الشركة وهي بحجمها البسيط كما ذكرنا بمدير من خارج الشركة . وان يعين في عقد الشركة أو أن يحدد العقد طريقة اختياره من بين الشركاء، وينبغي على ذلك الفرق الذي ذكرنا في إدارة الشركة التضامنية بين من يعين في عقد الشركة ومن يعين بطريقة أخرى كأن يكون بقرار من الأغلبية . في كون الأول لا يجوز عزله إلا بإجماع المتعاقدين ( )، بينما يجوز ذلك حسب الطريقة التي يبينها العقد بالنسبة للثاني .
ويتولى المدير جميع الأعمال الضرورية لتيسير أمور الشركة , ويكون ذلك حسب الصلاحيات المحددة له من الجهة التي عينته وتحت رقابتها (م188).
ويتحدد معيار العناية التي يبذلها بالعناية التي يبذلها في شؤونه الخاصة على أن لا ينزل عن عناية الشخص المعتاد . ( م 189 ) .
انقضاء الشركة وتصفيتها:
إذا كان القانون قد تناول موضوع الانقضاء والتصفية للشركة مجتمعة وأفردنا لذلك فصلا، فأن الأمر يقتصر على الشركات ( المساهمة . المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي). والبعض من تلك الأحكام تسري على الشركة البسيطة، لكنها تتميز في انقضاءها وفي تصفيتها بأحكام تختلف عن تلك المقررة للشركات السابقة، لذلك نتناول ما تختص به هذه الشركة من أحكام، في حين نحيل في ما يتشابه من الأحكام إلى ما هو مقرر للشركات السابقة.
انقضاء الشركة البسيطة :
تنص المادة 190 على أن (( تنقضي الشركة البسيطة بأحد الأسباب المبينة في البنود ( أولا ) و ( ثانيا ) و ( ثالثا ) و ( رابعا ) من المادة ( 147) من هذا القانون كما تنقضي بأحد الأسباب الآتية : ـ
أولا ـ إجماع الشركاء على حلها .
ثانيا ـ انسحاب احد الشريكين في الشركة المكونة من شخصين .
ثالثا ـ صدور حكم بات عن محكمة مختصة .
ونحيل لحالات الانقضاء بموجب البنود التي أشارت لها المادة 147 التي سبق وذكرنا حيث ينطبق على الشركة البسيطة أيضا . وهي حالات :
عدم مباشرة الشركة نشاطها الفقرة ( أولا ) . وتوقف الشركة عن مزاولة نشاطها ( ثانيا). انجاز المشروع أو استحالة تنفيذه ( ثالثا ) . واندماج الشركة أو تحولها وفق الفقرة ( رابعا). وعليه فأن ما تنفرد به هذه الشركة من حالات انقضاء يتمثل بالأتي :
أولا ـ إجماع الشركاء على حلها .
إذا كان ضمن أحكام المادة 147 الأنفة الذكر حالة الانقضاء بناء على إرادة الشركاء فأن الانقضاء في هذه الفقرة يختلف عن النص الذي ورد في الفقرة ( سادسا ) من المادة 147. لأن ما ورد في الفقرة سادسا يقضي بصدور قرار من الهيئة العامة بالتصفية . بينما في الفقرة أولا من المادة ( 190 ) التي نتناول أحكامها تشترط إجماع الشركاء . ويختلف الإجماع عن القرار . فالقرار يصدر بأغلبية حددتها المادة ( 92 من القانون ) .
ثانيا ـ انسحاب احد الشريكين في الشركة المكونة من شخصين :
إذا انسحب احد الشريكين في الشركة البسيطة، لابد من أن تنقضي الشركة، لأنها تظل مملوكة لشخص واحد، ولا يصح تكوين شركة بسيطة من شخص واحد . كما لا يصح تحولها إلى مشروع فردي حسب نص المادة 153 . التي أباحت تحول الشركة المحدودة أو التضامنية المكونة كل منهما من شخصين إلى مشروع فردي عند نقصان عدد الأعضاء إلى شخص واحد ( الفقرة / ثانيا) ولم تبح تحول البسيطة إلى مشروع فردي، على الرغم أن التحول في الحالة الأولى في شركة أكثر أهمية إلى اقل منها أهمية في حين في الثانية (البسيطة إلى مشروع فردي ) فالتحول من شركة اقل أهمية إلى شركة تفوقها أهمية حسب المشرع العراقي الذي يورد نصا في الفقرة ثالثا من المادة 147 (( لا يجوز تحول الشركة المساهمة أو المحدودة أو التضامنية أو المشروع الفردي إلى شركة بسيطة .))
وهو أمر غريب باعتقادنا لا نرى له موجب، وإذا كان السبب يتعلق بحجم رأس المال الذي رافق صدور قانون 1983، فأن هذا التحديد الغي، ولا وجود له في ظل قانون 1997، كما يقتضي تعديل العقد بما فيه حجم رأس المال عند التحول حتى مع التحديد الذي تضمنه الجدول الذي صدر مع قانون 1983 الملغي . وبشكل عام يجب أن تنقضي الشركة عند انسحاب احد الشريكين الذي تتكون منهما الشركة البسيطة .
ثالثا ـ صدور حكم بات عن محكمة مختصة .
تنقضي الشركة إذا صدر حكم نهائي من محكمة مختصة وهي محكمة البداءة التي يقع المركز الرئيس للشركة ضمن منطقتها، وبناء على طلب من ذي مصلحة بالانقضاء . ونرى في هذا الأمر معالجة لحالة الاجماع التي تطلبها القانون في الفقرة أولا عندما لا يتحقق، ويرغب بعض الشركاء في حل الشركة، فالمخرج الوحيد لهذا الأشكال هو حكم القضاء .
المبحث الرابع
تصفية الشركة
من بين أحكام الشركة البسيطة، غياب دور مسجل الشركات، في تأسيسها وفي الرقابة عليها وفي تصفيتها، على خلاف الأنواع الأربعة من الشركات لبساطة الشركة بتقديرنا . وعليه فأن الشركة تصفى وفقا لما يتضمنه عقدها . وعند عدم تضمين العقد شروطا خاصة بالتصفية . تكون التصفية طبقا لما يقرره الشركاء بالإجماع . وبخلاف ذلك تتم التصفية بقرار من المحكمة , وهو ما جاء في نص المادة 194 ((تصفى الشركة البسيطو وفق ما هو منصوص عليه في عقدها، وفي حالة عدم وجود نص فبالطريقة التي يتفق عليها الشركاء بالإجماع وإلا فبقرار من المحكمة . )) وعليه تكون التصفية :
1- أما بشروط يتضمنها عقد الشركة، يقتضي عند تحققها تصفية الشركة، كأن يتضمن العقد شرطا بالتصفية عند خسارة الشركة 50 % أو أكثر من رأس المال، أو تصفية الشركة عند انسحاب مديرها .
2- قرار بإجماع الشركاء على التصفية . في حالة عدم وجود شروط في عقد الشركة على التصفية، ويجب أن يكون القرار بالإجماع .
3- بقرار من المحكمة ويصار اللجوء لذلك عندما لا يتحقق الإجماع المطلوب في الفقرة السابقة .
وينبني على اتخاذ قرار بتصفية الشركة، انتهاء سلطة الشريك المفوض بالإدارة ولكن تظل الشركة محتفظة بشخصيتها المعنوية بالقدر اللازم لإتمام إجراءات التصفية ( م 195) .
يتولى التصفية أما جميع الشركاء إذا انصرفت إرادتهم لذلك وفيه مصلحة الشركاء والدائنين . أو يعين احدهم أو أكثر من واحد بقرار تؤيده أغلبية الشركاء. وعند عدم الاتفاق تتولى المحكمة تعيين المصفي ( م 196 / أولا ) .
وإذا تقررت التصفية ولم يعين المصفي بعد، يتولى أمر التصفية الشريك المكلف بالإدارة، وتنتهي مهمته حال تعيين المصفي ( م 196 / ثالثا ) ( ) . بعد أن يتقاضى الدائنون حقوقهم، وحسم المبالغ اللازمة لتسديد الديون غير الحالة أو الديون المتنازع عليها، وتسديد مبالغ القروض لحساب الشركة .
وتعاد إلى الشركاء الحصة التي قدموها برأس المال . كل بمقدار ما قدمه وفي هذه الحالة ليس لمن قدم حصته عملا شيء في رأس المال .
وما يتبقى بعد ذلك يمثل أرباحا توزع على جميع الشركاء بمن فيهم من كانت حصته عملا وحسب الاتفاق على توزيع الإرباح في عقد الشركة (م198) كما أشارت المادة 199 على أن تتبع في قسمة أموال الشركة البسيطة الإجراءات المتبعة في قسمة المال الشائع، بقسمة المال الشائع رضائيا أن كان ممكنا أو بقرار محكمة الصلح إذا لم يحصل الاتفاق، أو اللجوء إلى إزالة الشيوع من خلال بيع المال ( م 1070 و 1071 و 1072 و 1073 من القانون المدني)( ).
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (5)
الأثنين 31/07/2006
الباب الثالث
شركات الأموال
شركات الأموال حسب القانون العراقي هي : شركة المساهمة والشركة المحدودة( ). وعليه سنتناول الشركة المساهمة أولا ثم الشركة المحدودة ونفرد لكل منهما فصلا.
الفصل الأول
شركة المساهمة Joint stock company
كما جاء في المادة 6 / أولا أن (( الشركة المساهمة المختلطة أو الخاصة، شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن خمسة يكتتب فيها المساهمون بأسهم في اكتتاب عام ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها ))
ويتضمن النص بعض خصائص شركة المساهمة( ) . ويمكن مقارنة ما ورد بالنص بالمادة ( 56 ) من قانون دولة عمان و م 59 من قانون الشركات الكويتي و م (63) قانون الشركات اليمني و م ( 64 ) من قانون الشركات لدولة الإمارات و م (31) من قانون الشركات المصري و م (90) من قانون الشركات الأردني .
والمواد المشار إليها تضمنت أيضا خصائص الشركة المساهمة . ونستطيع أن نبين أحكام الشركة من التعريف أعلاه بالمقارنة مع نصوص القوانين المشار إليها وبما يقوله الفقه وكالأتي وفي مباحث :
المبحث الأول
خصائص الشركة المساهمة
أولا ـ أنها شركة أموال:
بعد أن تعرفنا في الباب الثاني على شركات الأشخاص في القانون العراقي. تمثل شركة المساهمة الأنموذج لشركات الأموال . أي أنها تنهض على حجم رأس المال وعلى السمعة المالية . وعلى قيمة الأسهم في تداولها في أسواق المال، حيث يتراجع ـ عدا مرحلة التأسيس ـ الاعتبار الشخصي، فيختفي دور الأشخاص، وبذلك تتجسد فكرة الشخصية المعنوية المستقلة بوضوح فيظهر كيان اقتصادي خارج الأشخاص، ولا تتداخل أموال هذا الكيان مع أموال الأشخاص المكونين له ( ) .
ثانيا ـ يستمد اسم الشركة من نشاطها مع اسم مبتكر :
لا يظهر اسم الشركاء في اسم الشركة، لعددهم الكبير، ولغياب الاعتبار الشخصي، لذلك يكون للشركة اسم مبتكر إضافة إلى دلالته على نشاط الشركة. تفيد بذلك المادة 13 / أولا التي تقضي بأن يتضمن عقد الشركة اسمها المستمد من نشاطها . وتقضي بمعنى مشابه ( م 60 ) من قانون الشركات اليمني و م (64 ) قانون الشركات الكويتي ( و م 2) من قانون الشركات المصري ( و م 90 ) من قانون الشركات الأردني و( م 65 ) من قانون الشركات الإماراتي . لكن غالبية القوانين المشار إليها أباحت التسمية باسم شخص طبيعي استثناء عندما يكون نشاط الشركة استثمار براءة اختراع، تكريما لصاحب البراءة, ولم يتعرض القانون العراقي لهذه الحالة .
وما عدا ذلك فأنه يشترط في الاسم شروط الاسم التجاري المنصوص عليها في المادة ( 21 ) من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 .
ثالثا ـ تبرز فكرة المنظمة في الشركة :
يرى جانب من الفقه إمكانية تشبيه شركة المساهمة بالدولة، لما فيها من هيئات وتوزيع للاختصاصات . فتكون الهيئة العامة بمثابة السلطة التشريعية، لأنها تضع الخطوط الرئيسية لنشاط الشركة، ومجلس الإدارة بمثابة السلطة التنفيذية، يقوم بتنفيذ قرارات الهيئة العامة ويسأل أمامها، والرقابة المالية بمثابة السلطة القضائية ( ) .
وقد بين القانون اختصاصات كل هيئة من هيئات الشركة . ونرى أن تقسيم الاختصاصات ورقابة الهيئات بعضها للأخر ما هي إلا نصوص نظرية، لا وجود لها في التطبيق العملي في الأغلب الأعم، لتداخل هذه السلطات بيد مجلس الإدارة الذي يتكون من كبار المساهمين وهم في ذات الوقت الأغلبية في الهيئة العامة، التي لا تقاس عدديا إنما بعدد أسهم كل شخص، والهيئة العامة التي يسيطر عليها كبار المساهمين هي التي تعين مراقب الحسابات أيضا .ولا يقتصر التنظيم على تعدد الهيئات في الشركة وتوزع الاختصاصات بينها إنما يمتد أيضا إلى تراجع فكرة العقد وتزايد تدخل الدولة في نشاط الشركة أثناء التأسيس وعند تغيير رأس المال زيادة أو تخفيضا وفي تصفية الشركة وغيرها من الأحكام التي تجسد هذا المنحى .
رابعا ـ المسؤولية المحدودة عن ديون الشركة .
من أبرز خصائص الشركة المساهمة، المسؤولية المحدودة للمساهمين عن ديون الشركة فلا يسأل المساهم إلا بمقدار قيمة الأسهم التي اكتتب بها . فأن كانت قيمتها مدفوعة بالكامل فلا يسأل بأكثر منها . أما إذا كانت بعض الأقساط غير مدفوعة، فيسأل بمقدار غير المدفوع من قيمتها . وعندما نقول محدودة فأنه لا يسأل بأمواله خارج مساهمته في الشركة لأنه يعلم حدود مسؤوليته . على خلاف شركات الأشخاص، التي يسأل فيها بصورة شخصية ويكون متضامنا مع الشركاء الآخرين .
ولا تعني المسؤولية المحدودة، أن مسؤولية الشركة محدودة بمقدار رأس المال فمسؤولية الشركة مطلقة بجميع أموالها أنظر (أستاذنا د. أكرم ياملكي، ود. باسم محمد صالح في القانون التجاري القسم الثاني الشركات مطبوعات جامعة بغداد 1983)، الذي يشير أيضا إلى كون المسؤولية المحدودة للمساهم، تلك المتأتية من صفته هذه، أي مالكا لعدد من الأسهم، أما في غير ذلك قد يسأل بجميع أمواله، كمسؤولية أعضاء مجلس الإدارة عن الأضرار التي تلحق الشركة. ص 135 / 136 .ويكون الضمان بحدود رأس المال في بداية نشاطها، أما بعد ذلك فتسأل بكل موجوداتها .
وقد يسأل الشركاء استثناء بصورة مطلقة عندما ينقص عدد الشركاء عن الحد الأدنى الذي بينه القانون( ) .
خامسا ـ يقسم رأس المال في شركة المساهمة إلى أجزاء صغيرة عادة، تسمى الأسهم( ) . وقابله للتداول . وهذه الخاصية مع الخاصية المتعلقة بالمسؤولية المحدودة في الفقرة التي سبقتها من أهم ما يشجع الأفراد على المشاركة في هذه الشركات، لأنه يعلم حدود مسؤوليته، ويستطيع التخلي عنها في أي وقت ولأي كان . لذلك يطلق على الشركات المساهمة بالشركات المفتوحة، يستطيع أن يدخل شريكا فيها أي شخص يقتني الأسهم من سوق الأوراق المالية وتنتهي شراكته بالتخلي عن الأسهم في سوق المال أيضا وبغير أن تكون لديه معرفة بطبيعة نشاط الشركة . والرغبة في الاستمرار كشريك فيها، لذلك يتضاءل الانتماء للشركة كما يقال .
ولم يتعرض القانون في المادة 6 / أولا التي عرفت الشركة لخاصية تداول الأسهم إنما تعرضت لحق نقل الملكية في المادة 64، التي تنص على انه (( في الشركة المساهمة والمحدودة للمساهم نقل ملكية أسهمه إلى مساهم آخر أو إلى الغير ... ))
وسنتناول التداول لاحقا، هذه أهم خصائص شركة المساهمة باعتبارها الأنموذج البارز لشركات الأموال .
المبحث الثاني
رأس المال( ) The capital
لرأس المال في الشركة المساهمة أهمية كبيرة، لأنها شركة أموال كما بينا. فهو الضمان للدائنين، ومناط تحديد المركز المالي والسمعة المالية للشركة . وفي هذه الشركات يكون رأس المال كبير الحجم عادة لأن المشاريع الكبيرة هي التي تأخذ شكل الشركة المساهمة، لذلك يشترك صغار المدخرين في تكوين رأس المال عن طريق الاكتتاب العام .
ومن القواعد التي بينها قانون الشركات عن رأس المال، أنه يحدد بالدينار العراقي، فالمادة ( 26 ) تنص على أن (( يحدد رأس مال الشركة بالدينار العراقي . )) وعليه فأن ما يدفع من رأس المال بغير الدينار العراقي يحول له. كما بينت المادة ( 27 ) أن يرصد رأس المال لنشاط الشركة، ولوفاء التزاماتها، ومنعت التصرف به خلاف ذلك . ونص المادة انه (( يخصص رأس مال الشركة لممارسة نشاطها المحدد في عقدها ووفاء التزاماتها ولا يجوز التصرف به خلاف ذلك . ))
وقد أورد القانون تحديدا للحد الأدنى لرأس مال جميع الشركات ( )، والمبلغ الذي حدد أثناء صدور القانون ( بـ 50000 خمسون الف دينار ) وهو مبلغ لا قيمة له حتى في حينه عند صدور القانون 1997 ويثير الغرابة، لأنه من غير المتصور تكوين وحدة اقتصادية أي كان شكلها وحجمها بالمبلغ المذكور، بل انه لا يكفي لأجور الحارس الذي قد تعينه الشركة، ويمكن أن يعدل هذا المبلغ استنادا إلى الرخصة التي تنص عليها المادة 28 (( .. ولوزير التجارة تعديل الحد الأدنى وفق متطلبات التطور الاقتصادي . ))
ومما يعاب على التحديد انه ساوى بين أنواع الشركات، فأشترط أن لا يقل رأس المال لجميع أنواع الشركات عن الحد المذكور، في حين يفترض أن يتفاوت الرقم مع تفاوت الشركات وتدرجها حسب الأهمية طبقا لما انصرفت إليه إرادة المشرع، ولذلك فأن الشركة المساهمة وهي أهم الأنواع يقتضي أن يكون الحد الأدنى لرأس مالها اكبر مما عداها وتأتي بعدها المحدودة ثم التضامنية والمشروع الفردي ( ) .
كما تضمن القانون مبدأ لم يكن معروفا في قانون 1983 الملغي وهو أن لا تتجاوز مطلوبات الشركة حدا معينا من رأس مالها وموجوداتها فالفقرة ثانيا من المادة 28 تنص على انه (( لا تزيد نسبة المطلوبات إلى مجموع رأس مال الشركة وحقوق المالكين الأخرى على (( 300 % ثلاثمائة من المائة ))، وهو إجراء اقتصادي محاسبي غرضه منع الشركة من أن تكون مدينة بما يتجاوز الحدود التي بينها النص، حماية للدائنين، وإذا كان مصطلح رأس المال معلوما، فأن حقوق المالكين بتقديرنا جميع ما للشركة من موجودات وأرباح محتجزة لم تدخل ضمن رأس المال، لأنها تدخل ضمن ضمان الدائنين .
أما عن تكوين رأس المال في الشركة المساهمة، فالمعروف أن قسما من الأسهم يقتنيها المؤسسون والباقي يعرض على الجمهور في اكتتاب عام وقد تباينت الاتجاهات حول الحدود الدنيا والعليا التي يلزم المؤسسون الاكتتاب بها .
فالمادة 39 من القانون العراقي بينت وجوب اكتتاب المؤسسين في الشركة المختلطة بنسبة لا تقل عن 30 % ولا تزيد على 55% وفي الشركة الخاصة لا تقل النسبة عن 20 % ولا تزيد على 51 % وقد ألغى التعديل الذي اشرنا له الحد الأعلى بالنسبة للشركة الخاصة فقط .
القانون المصري لم يضع حدودا لما يجب أن يكتتب به من الأسهم في الشركة المساهمة ( ) . القانون العماني في المادة 61 اشترط الاكتتاب بما لا يقل عن 30 % من الأسهم ولا يزيد على 60 % ( ) من قبل المؤسسين . وحدد مساهمة الشخص الواحد بما لا يتجاوز 20 % من رأس المال، سواء كان الاكتتاب باسمه أو بأسماء أبنائه القصر في حين أباحت قوانين أخرى ما يعرف بالاكتتاب المغلق، أي أن الأسهم لا تطرح في اكتتاب عام، وهذا يعني عدم وجود تحديد لمساهمة المؤسسين . ما عدا الشركات التي تحصل على امتياز من الحكومة . القانون الكويتي ( م 69 ) والقانون اليمني ( م 71 ) وتحديد الحد الأدنى لاكتتاب المؤسسين فيه مزية اضفاء الجدية على عملهم، كما أن تحديد الحد الأعلى يترك نسبة واضحة للجمهور . لكن الاخير ـ تحديد الحد الأعلى ـ قد يقف حائلا أمام الشركات القابضة التي اخذ نطاقها يتسع وينبئ التطور الاقتصادي في تزايد اعدادها، وهذه تمتلك عادة أغلبية رأس مال الشركة المقبوضة، لتحقق السيطرة الاقتصادية عليها .
وقد ألغى التعديل الذي اشرنا إليه حدود مساهمة الشخص الواحد الواردة في الفقرتين أولا وثانيا . لتصبح مطلقة . ولكن أبقى على التحديد الوارد في الفقرة ثالثا من المادة 32 الخاص بشركات الاستثمار وحدود الاستثمار المطلوب بشركة واحدة فلا يحق للشركة أن تستثمر في شركة واحدة ما يتجاوز 5 % من رأس مالها ولا يحق لها أن تمتلك أكثر من 10 % من رأس مال شركة أخرى ولا تنخفض السيولة النقدية لشركة الاستثمار عن 10 % من رأس المال المدفوع في أي وقت ( )
المبحث الثالث
الاكتتاب
أن الاكتتاب حسب القانون العراقي يكون عاما، أي إنه يعرض على الجمهور، يفيد بذلك التعريف الوارد في المادة ( 6 ) (( ... يكتتب فيها المساهمون باسهم في اكتتاب عام )) ويؤكده نص الفقرة ثالثا من المادة 39 التي نصها (( تطرح الأسهم الباقية على الجمهور خلال ثلاثين يوما من تاريخ الموافقة على تأسيس الشركة ... )) .
ومعنى ذلك استبعاد طريقة الاكتتاب الفوري أو المغلق الذي تعرفه بعض القوانين، القانون اليمني (م 71/أ) و (م 58) من قانون الشركات العماني، وهو ما يفهم أيضا من نص (المادة 36) من قانون الشركات المصري . ويحل الاكتتاب المغلق إشكالية الشركات القابضة التي تسيطر على أغلبية أسهم الشركات التي تحت قبضتها( ) .
وبشكل عام ليس في قانون الشركات العراقي غير الاكتتاب العام، حيث تعرض الأسهم على الجمهور ونبين في ما يأتي الأحكام الخاصة بالاكتتاب : ـ
أولا : ما هو الاكتتاب ؟
الاكتتاب تصرف قانوني يقتني بموجبه المكتتب عددا من أسهم الشركة يدفع ما يقابلها من المبلغ المطلوب مع التعهد بقبول ما ورد في عقد الشركة( ). ولكن ما هو التكييف القانوني لهذا التصرف ؟ وقد اختلف الفقه حول هذا التكييف، رغم أن الغالبية ترجعه إلى الفعل الإرادي، فهو عمل إرادي صادر عن إرادتين ينشأ منها عقد بين المكتتب والشركة أو إنه عمل إرادي أيضا لكنه صادر عن إرادة واحدة هي إرادة المكتتب لأنه لا وجود للطرف الآخر وبالتالي استبعاد فكرة العقد ونحن نميل إلى ترجيح الوصف التعاقدي للاكتتاب بين المكتتب والمؤسسين، يلتزم الأول بدفع المبلغ المطلوب وهو المقابل لاقتناء الأسهم، ويلتزم ببنود عقد الشركة أيضا، مقابل التزام المؤسسين في المضي بإجراءات تكوين الشركة في حين يذهب البعض إلى اعتباره عملا تعاقديا، لكنه بين المكتتب والشركة باعتبارها شخصا معنويا في طور التكوين . أما الذين ينكرون الصفة العقدية فينحون إلى تكييف التصرف باعتباره عملا إراديا مبني على الإرادة المنفردة للمكتتب ( )
وإذا كان الخلاف يتراجع تجاه موقف بعض القوانين التي تقرر اكتساب الشركة الشخصية المعنوية بمجرد الموافقة على تأسيسها وقبل بدء الاكتتاب، أي إن الاكتتاب يجري والكائن القانوني الذي يدعى الشركة أصبح قائما، فأنه يشتد في ظل القوانين التي تعلق منح الشخصية المعنوية على نجاح الاكتتاب أي إلى ما بعد إجراءات الاكتتاب ومنها القانون العراقي الذي ينص في 2 من الفقرة أولا من 21 (( في الشركة المساهمة تصدر شهادة التأسيس بعد اكتتاب الجمهور بأسهمها وخلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم مؤسسيها المعلومات المنصوص عليها في المادة 46 من هذا القانون . )) وبدلالة المادة 22 التي تنص على انه (( تكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدور شهادة تأسيسها .. )) .
ثانيا : بيان الاكتتاب
يبدأ الاكتتاب، بدعوة الجمهور لشراء أسهم الشركة، من خلال بيان يصدره المؤسسون بالتنسيق مع مسجل الشركات . فالمادة (39 / ثالثا) تنص ((... ببيان يصدره وينشره المؤسسون في النشرة وفي صحيفتين يوميتين في الأقل بعد موافقة المسجل عليه ..))
وعليه فمن يعد البيان، المؤسسون وهم مسؤولون بالتضامن عن الأضرار التي قد تلحق المكتتبين نتيجة تضمين البيان معلومات خاطئة أو ناقصة ( م 40) ( ) ويجب أن يقترن البيان بموافقة المسجل، وعدم اقتران البيان بقبول من المسجل يعد نقصا يعرض المؤسسين للمسؤولية .
وأخيرا ولكي يطلع الجمهور على البيان يجب أن ينشر في صحيفتين يوميتين في الأقل وفي النشرة التي يصدرها المسجل، ولا يوجد ما يمنع من نشر البيان في وسائل الإعلام الأخرى ( كالتلفزيون ) مثلا .
ولم يبين القانون العراقي المدة التي تفصل نشر بيان الاكتتاب عن البدء الفعلي له، في حين حددت بعض القوانين ( ) هذه المدة .
أما ما يتضمنه بيان الاكتتاب فقد ورد في م 39 / ثالثا ما يأتي : ـ
(( 1- نص عقد الشركة .
2- عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب وقيمة السهم والمبلغ الواجب دفعه عن كل سهم .
3- الحدين الأدنى والأعلى لعدد الأسهم التي يجوز الاكتتاب بها ( )
4- مكان الاكتتاب ومدته .
5- نفقات تأسيس الشركة .
6- العقود والاتفاقات التي التزم بها المؤسسون لمصلحة الشركة .
7- أية معلومات أخرى يضيفها المؤسسون .
8- تقرير اللجنة المشكلة بموجب البند ( ثانيا ) من المادة ( 29 ) من هذا القانون عند وجود حصة عينية . )) ( ) .
ثالثا : مكان الاكتتاب وآليته .
يجري الاكتتاب لدى مصرف هذا ما يشترطه نص المادة ( 41 / أولا) الذي ألزم أن (( يتم الاكتتاب في احد المصارف العراقية .. )) وقد ألزمت القوانين موضوع المقارنة جريان الاكتتاب لدى مصرف أو أكثر . ( م 79 ) من قانون الإمارات (( يجري الاكتتاب في مصرف أو أكثر ... )) ( و م 62 ) من قانون الشركات العماني البند ( ح ) من بنود بيان الاكتتاب (( المصارف التي يجري الاكتتاب بها .. )) ( و م 73 / 1 ) من قانون الشركات اليمني ((...ويسلم البنك المكتتب إيصالا .. )) ( و م 36 ) من قانون الشركات المصري (( إذا طرح جانب من أسهم الشركة للاكتتاب العام، فيجب أن يتم ذلك عن طريق احد البنوك.))
والغاية من اشتراط إجراء جريان الاكتتاب لدى المصارف كما لاحظنا من النصوص، حماية الادخار . بالمحافظة على أموال المكتتبين من التلاعب . ومن المماطلة في إعادة المبالغ التي دفعت عند فشل الاكتتاب . أو إعادة الزيادة المدفوعة عند التخفيض كما سنبين ذلك . أما آلية الاكتتاب فتجري من خلال طبع استمارات خاصة من قبل المؤسسين وإيداعها المصرف الذي يجري لديه الاكتتاب . وتحمل الاستمارة كما بينت ذلك المادة 41 من قانون الشركات البيانات التالية :
(( 1- طلب الاكتتاب بعدد معين من الأسهم .
2- قبول المكتتب لعقد الشركة .
3- اسم المكتتب وعنوانه ومهنته وجنسيته .
4- أية معلومات أخرى يضيفها المؤسسون .
ثانيا ـ تسلم الاستمارة إلى المصرف المكتتب لديه موقعه من المكتتب أو من يمثله قانونا، ويسدد القسط الواجب دفعه لقاء إيصال .
ثالثا ـ يعطى المكتتب نسخة من عقد الشركة . ))
ويؤدي المصرف هذه العملية، طيلة مدة الاكتتاب لقاء عمولة يتفق عليها بين المؤسسين والمصرف .
رابعا ـ مدة الاكتتاب :
يجب أن يظل الاكتتاب مفتوحا أمام الجمهور مدة لا تقل عن ثلاثين يوما ولا تزيد على ستين يوما .. (( . وجب تمديدها مدة أخرى لا تزيد على ستين يوما . )) ( م 42 ) . وقد تفاوتت القوانين في مدة الاكتتاب . فالقانون الإماراتي ( م 82 ) جعل المدة تسعون يوما ويجوز تمديدها ثلاثون يوما، بحدها الأعلى أما الأدنى فلا يقل عن عشرة أيام . ومثل هذا النص القانون اليمني ( م 75 / أ و جـ )، القانون الكويتي م 77 جعل المدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد على تسعين يوما، ويجوز تمديدها ثلاثة أشهر والقانون العماني في ( م 63 ) المدة ثلاثون يوما بحدها الأدنى والأعلى قابلة للتمديد إلى ثلاثين يوما أخرى , وعلى ما يبدو ترك القانون المصري ومثله الأردني تحديد المدة للمؤسسين، وبذلك قد تتفاوت المدة بين شركة وأخرى . وبتقديرنا فأن نص القانون العراقي يعطي فرصة اكبر للمدخرين في اقتناء الأسهم عندما اشترط أن يظل الاكتتاب مفتوحا مدة لا تقل عن ثلاثين يوما . أما المدة العليا فهي مقاربة لما اشترطته نصوص القوانين الأخرى .
خامسا ـ نجاح الاكتتاب أو إخفاقه :
يعد الاكتتاب ناجحا حسب القانون العراقي إذا بلغ مجموع الأسهم المكتتب بها من المؤسسين والجمهور معا 75 % في الأقل من رأس المال الاسمي وهو ما ورد في نص المادة 42 حيث جاء فيها (( .. وإذا انتهت المدة ولم يبلغ الاكتتاب مع ما اكتتب به المؤسسون 75 % خمسة وسبعين من المائة من رأس المال الاسمي، وجب تمديدها .. ))
وأشترطت غالبية القوانين المقارنة الاكتتاب بكامل الأسهم المكونة لرأس المال، فالمادة (82) كويتي تبين عند عدم الاكتتاب بكامل رأس المال بعد تمديد المدة يصار أما الرجوع عن تأسيس الشركة أو إنقاص رأس مالها( ) . والقانون اليمني ينص في م 75 / ب (( ... ولا يتم تأسيس الشركة إلا إذا اكتتب برأس المال كاملا . )) وعند عدم حصوله نحى منحى القانون الكويتي وذلك أما الرجوع عن تأسيس الشركة أو إنقاص رأس المال . واشترط القانون العماني ما يماثل ما ورد في القانون الكويتي لكنه أجاز للمؤسسين تغطية الأسهم المتبقية قبل اجتماع الجمعية التأسيسية، حتى لو أدى الأمر إلى تجاوز النسب المنصوص عليها في م 61 .
ويسمح القانون الأردني في المادة 99 / ح للمؤسسين تغطية المتبقي من الأسهم بعد انقضاء ثلاثة أيام على إغلاق الاكتتاب . ويتطلب القانون المصري الاكتتاب بكامل رأس المال ( )، وعند عدم تحققه يجوز تغطية ذلك من قبل شركات توظيف المال أو البنوك .
وإذا كان اشتراط الاكتتاب بكامل رأس المال يحقق التطابق بين ما تكون فعلا من رأس المال مع ما حدد في العقد بناء على رأي الخبراء ودراسات الجدوى، فأن التمسك بالاكتتاب التام قد يؤدي إلى ضياع الجهود في بعض الأحيان عندما يصل المكتتب به إلى نسب مقاربة للاكتتاب الكلي . وعليه نرى سلامة الاتجاه الذي أباح تغطية الأسهم المتبقية من قبل المؤسسين أو من جهات تغطية كشركات الاستثمار والشركات المالية .
وعلى أية حال إذا لم يصل المكتتب به النسبة التي اشرنا إليها، فيحق لمسجل الشركات تخفيض رأس المال بحيث يصبح المكتتب به يساوي 75 % منه ولكن هذا مشروط بـ :
1- موافقة الجهة القطاعية المختصة، لأنها قد تجد في التخفيض عدم قدرة الشركة على القيام بنشاطها .
2- موافقة المؤسسين على ذلك، باعتبارهم أصحاب الشركة، وقناعتهم بأن عدم بلوغ الاكتتاب النسبة المطلوبة دليل على عدم قبولها من قبل المدخرين، فيرون صرف النظر عن التأسيس ويتحمل المؤسسون نفقات الاكتتاب الفاشل وعلى المصرف أن يعيد أموال المكتتبين كاملة (( .. بعد إشعاره من قبل المسجل وبمدة لا تتجاوز ثلاثين يوما لجميعهم )) ( م 43 / ثالثا ) .
3- أن لا يؤدي التخفيض إلى هبوط رأس المال عن الحدود التي بينتها المادة (28 / أولا ) من القانون ( ) .
سادسا ـ زيادة المكتتب به عن رأس المال الاسمي :
قد يتجاوز المكتتب به من الأسهم رأس المال الاسمي، بسبب إقبال الجمهور على شراء الأسهم ولأن الاكتتاب يجب أن يظل مفتوحا أمام الجمهور مدة معينة . وبحسب القانون العراقي كما ذكرنا لا تقل مدة الاكتتاب عن 30 يوما ولا تزيد على 60 يوما، وعند عدم الاكتتاب بالنسبة المطلوبة من الأسهم تمدد الفترة 60 يوما أخرى . ولا يجوز قطع الاكتتاب في أي وقت من مدته الدنيا حتى لو اكتتب بكامل الأسهم المعروضة وتجدر الإشارة أن بعض القوانين توجب غلق الاكتتاب عندما يكتتب بكامل الأسهم في أي مرحلة فالمادة 76 / أ من القانون اليمني تنص على انه (( إذا تم الاكتتاب بجميع الأسهم في أي وقت بعد انقضاء عشرة أيام من البدء به وجب إغلاق باب الاكتتاب . )) ويقضي القانون الكويتي بحكم مماثل ( المادة 85 ) . وقد يقال كيف يتجاوز المكتتب به رأس المال ما دام يغلق عند الاكتتاب بجميع الأسهم . وجواب ذلك أن التجاوز قد يتحقق خلال العشرة أيام التي يشترط أن يظل الاكتتاب مفتوحا فيها .
وإذا حصل التجاوز توزع الأسهم الفائضة على المكتتبين، بنسبة مساهمة كل مكتتب . وهو ما تقضي به المادة 44 / ثانيا من قانون الشركات العراقي . ويحق للمسجل أن يستثنى أصحاب الاكتتابات الصغيرة وقد ألغى تعديل القانون الرخصة الممنوحة للمسجل . ومن الواضح أن التوزيع بين المكتتبين معناه استبعاد المؤسسين لتحملهم المسؤولية في تأسيس الشركة واحتمال إخفاقها. والتوزيع يعني التخفيض واستخدمت غالبية التشريعات المقارنة كلمة توزيع (م38 القانون المصري) (و م85) قانون الإمارات (وم65) القانون العماني (وم76/ب) القانون اليمني، بينما استخدم القانون الأردني مصطلح تخصيص في المادة (104)( ) .
سابعا ـ ما يقوم به المصرف :
يقوم المصرف بغلق الاكتتاب عند انتهاء المدة المحددة له، ويعلن عن الغلق في صحفيتين يوميتين ويبلغ لجنة المؤسسين بذلك .
كما يحتفظ بجميع الأموال التي تسلمها من المكتتبين ويمتنع عن تسليمها إلى المؤسسين إنما تسلم لأول مجلس إدارة منتخب من قبل الهيئة العامة حيث تقضي الفقرة ( 2 ز ثالثا من المادة 16 ) على أن ( تنتهي مهام لجنة المؤسسين بعد انتخاب مجلس الإدارة ) ( ) .
ويعيد المصرف المبالغ الفائضة للمكتتبين، بعد تخفيض مساهمتهم عند تجاوز المكتتب به رأس مال الشركة الاسمي، وتجري الإعادة بعد خمسة عشر يوما من إجراء التوزيع بين المكتتبين . ولا يوجد تحديد في النص المذكور، لأنه يقرر أن يتم بعد المدة المذكورة وهو موعد مفتوح، كان من المستحسن تحديد مدة تجري الإعادة خلالها . والأحكام المذكورة تضمنتها المادة 44 / أولا التي تنص على أن (( يكون المصرف مسؤولا عن صحة الاكتتاب الذي يجري فيه وعليه القيام بما يأتي :
1- غلقه عند انتهاء مدته والإعلان عن ذلك في صحيفتين يوميتين وتبلغ لجنة المؤسسين .
2- الاحتفاظ بجميع الأموال المقبوضة من المكتتبين وعدم تسليمها إلى المؤسسين .
3- إعادة المبالغ الفائضة إلى المكتتبين بعد خمسة عشر يوما من إجراء التوزيع للأسهم بين المكتتبين وفق البند ( ثانيا ) من هذه المادة . ))
وكما يتضح من ديباجة المادة فأن المصرف مسؤول عن صحة الاكتتاب الذي يجري فيه بموجب عقد ابرم مع المؤسسين ومقابل عمولة يتقاضاها . فالمصرف مسؤول تجاه المكتتب الذي حرم من الاكتتاب بسبب امتناع المصرف عن تزويده بالاستمارة المطلوبة للاكتتاب . كما انه مسؤول عن الأموال التي تسلمها لحساب الشركة، ومسؤول عن إعادة الأموال الفائضة لأصحابها .
ثامنا ـ الاعتراض على الاكتتاب :
يحق لكل ذي مصلحة الطعن بصحة الاكتتاب أمام المحكمة المختصة، وهي محكمة البداءة في منطقة حصول الاكتتاب، وخلال خمسة عشر يوما من تاريخ أخر إعلان بالغلق من قبل المصرف، وعلى المحكمة أن تنظر بالطعن على وجه الاستعجال . وقرار المحكمة خاضع للنظر من قبل محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ولا يخضع قرار محكمة الاستئناف للطعن فيه بموجب تصحيح القرار التمييزي . ومن يطعن بالاكتتاب يطالب ببطلانه إذا كانت لديه الأسباب والمصلحة . وإذا حكم بالبطلان، على المؤسسين أن يقوموا مجددا بإجراءات الاكتتاب وعلى نفقتهم . وقد وردت هذه الأحكام في المادة ( 45 ) بفقرتيها أولا وثانيا ( ) . وإعادة الاكتتاب إجراء غير عملي بتقديرنا، لأن الجمهور سيتردد في الإقبال على الاكتتاب، ما دام أبطل ما سبقه , ولذا لم تقرر هذا الإجراء القوانين التي نشير لأحكامها، إنما حملت المؤسسين مسؤولية البطلان، بإعادة المبالغ التي دفعها المكتتبون وبالتعويض أن كان له مقتضى، فالمادة 93 من قانون دولة الإمارات تنص على انه (( ... وعلى المصارف التي تم الاكتتاب فيها أن ترد للمكتتبين هذه المبالغ ويكون المؤسسون مسئولين بالتضامن عن الوفاء بها وعن التعويض عند الاقتضاء ... )) .
وقد عدلت المادة (45) من القانون العراقي ليكون حق الطعن للمسجل وللسلطة المختصة في الدولة بأسواق الأسهم والأوراق المالية، ولا يمكن أن تحل الجهات المذكورة محل ذوي الشأن أصحاب المصلحة بالطعن كذلك جاء في التعديل إخضاع قرار المحكمة للطعن أمام محكمة ((النقض))، ولا توجد لدينا محكمة بهذه التسمية، إنما تسمى محكمة التمييز .
ويطلب من المؤسسين خلال ثلاثين يوما من انتهاء المدة المحددة للاعتراض، أو حصل ورد من المحكمة ( أو خلال ثلاثين يوما من رده ) . تزويد المسجل بالمعلومات الكافية عن عملية الاكتتاب، وتتضمن المعلومات قائمة بأسماء المكتتبين وعدد الأسهم التي اكتتب بها كل منهم وعناوينهم وجنسياتهم ومهنهم ومقدار المبالغ المدفوعة من قيمة الأسهم( ) .
تاسعا ـ شروط الاكتتاب :
يشترط في الاكتتاب أن يكون جديا وغير معلقا على شرط، وقد أفادت القوانين موضوع المقارنة بذلك، فالمادة 73 / ب من القانون اليمني تنص على :
(( ويجب أن يكون الاكتتاب ناجزا غير معلق على شرط وكل شرط يضعه المكتتب في وثيقة الاكتتاب يعتبر كأن لم يكن ))( )، و م 102/أ من قانون الشركات الأردني التي تقضي ببطلان الاكتتاب إذا جرى بأسماء وهمية .
ولم يتضمن القانون العراقي نصوصا تمنع الاكتتابات الوهمية والمشروطة، معتمدا بتقديرنا على أن استمارة الاكتتاب لا يمكن أن تتضمن مثل هذه الشروط لأنها تعد من قبل المؤسسين بالتنسيق مع مسجل الشركات . كما أن معيار الجدية أو غير الجدية يتمثل بدفع المبالغ المطلوبة للاكتتاب وهو الوضع الظاهر للعملية، ولا اكتتاب بغير دفع ما لا يقل عن 25 % من القيمة الاسمية للأسهم ( م 48 ) . ومع ذلك فمن المستحسن النص على تحريم الاكتتابات المشروط وغير الجدية ( ) .
وثمة من يرى بطلان الاكتتاب عندما لا يكون المكتتب جادا في اكتتابه، بناء على عدم انصراف الإرادة لذلك، في حين يرى غيرهم كما ذكرنا صحة الاكتتاب مادام المكتتب دفع المقابل للأسهم، ولما يترتب على بطلان الاكتتاب من تكاليف ليست قليلة( ) .
وجدير بالذكر أنه إذا بقيت أسهم غير مكتتب بها بعد تأسيس الشركة، فأن المادة 47 خولت مجلس الإدارة وخلال أربع سنوات من صدور شهادة التأسيس إتباع احد الاجرائين الآتيين :
أما بيع الأسهم في سوق بغداد للأوراق المالية، أو طرحها في اكتتاب عام فإذا انتهت المدة ولم يتم احد الأجرائين أو اجريا ولم يكتتب بالأسهم كاملة يجب أن يخفض رأس المال بمقدار الأسهم غير المباعة( ) .
تسديد رأس المال :
قد تلجأ الشركة إلى استيفاء قيمة الأسهم بأقساط، تشجيعا لصغار المدخرين في المساهمة برأس المال( )، لكن الشركة تحرص في كل الأحوال على ضمان توافر قدر من السيولة النقدية لتستطيع في بداية حياتها من مزاولة نشاطها . ولذلك جاءت أحكام الفصل الرابع من الباب الثالث لتنظيم هذا التوازن بين المبدأين المشار إليهما .
وأحكام الفصل خاصة بالشركة المساهمة، لأن رأس مال الشركات الأخرى يجب أن يسدد دفعة واحدة أثناء التأسيس ( م 53 ) . وسنتناول أحكام تسديد رأس المال وفقا للنقاط الآتية :
أولا ـ إذا قرر المؤسسون استيفاء قيمة الأسهم بطريق الأقساط، يجب أن يدفع مالا يقل عن 25% (م48أولا)( )، من قيمتها أثناء الاكتتاب، وتدفع النسبة المذكورة من المؤسسين أولا، وتطلب من المكتتبين أيضا، ويوضح ذلك في بيان الاكتتاب . والنسبة كما يلاحظ ما لا يقل، أي أن استيفاء نسبة اكبر جائز أو استيفاء قيمتها كاملة أيضا جائز ؛ إنما اقل من 25% لا يجوز . وفي هذه الخطوة ضمان توفير سيولة نقدية أثناء الاكتتاب لا تقل عن ربع رأس المال الاسمي . وتنص م 74 / أ من قانون الشركات اليمني بأن لا يقل المدفوع عند الاكتتاب عن خمس القيمة الاسمية .
ثانيا ـ يجوز تقسيط المتبقي من قيمة الأسهم على أن لا يتعدى تسديد جميع الأقساط، مدة أربع سنوات من تاريخ صدور شهادة التأسيس وبذلك ضمن القانون تسديد رأس المال المكتتب به ( أي قيمة الأسهم المباعة ) كاملا خلال مدة لا تتجاوز أربع سنوات من تاريخ تأسيس الشركة . القانون اليمني 5 سنوات ( م 74 / ب ) .
ثالثا ـ ضمان استيفاء الأقساط المتبقية في ذمة المكتتبين .
فرض القانون بعض الوسائل التهديدية لإكراه المساهمين على تسديد الأقساط المتبقية بذمتهم في المواعيد المحددة لدفعها وهي :
1- جعل قيمة الأقساط المستحقة دينا ممتازا على المساهم، أي أن للشركة امتيازا في استيفاء قيمة الأقساط المستحقة يخولها بالتقدم على الدائنين الآخرين للمساهم عند التزاحم على أمواله .
2- تفرض على المدين بالأقساط المستحقة فائدة تأخيرية، وإذا كان قانون 1983 لم يحدد سعر الفائدة فأن القانون الحالي جعلها بين 5 % كحد أدنى و 7 % كحد أعلى، ويقوم المؤسسون بتحديد الرقم في نشرة الإصدار، ومنع هبوط الفائدة عن 5 % لتكون مؤثرة على المساهمين، أما عدم تجاوز الفائدة نسبة 7 % لأن النظام القانوني في العراق يجعل الحد الأعلى للفائدة هو النسبة المذكورة، ويتحول الأمر إلى ربا عند تجاوز النسبة المذكورة من وجهة نظر المشرع مع وجود بعض الاستثناءات .
3- لا تصرف أرباح للأسهم التي لم تسدد الأقساط المستحقة عليها، وتحتفظ الشركة بهذه الإرباح بما يكفي لسداد قيمة الأقساط المستحقة مضافا إليها الفوائد التأخيرية التي ترتبت لحين تسديد المبالغ المطلوب دفعها من المساهم ( م 48 / رابعا ) .
رابعا ـ إذا لم يسدد المساهم الأقساط المستحقة عليه، على الرغم من وسائل التهديد التي ذكرت يقوم مجلس الإدارة وجوبا بإجراءات بيع الأسهم، على أن يكون عدم التسديد بغير عذر مشروع أما مع العذر المشروع فيقف سريان النص . لكن المشرع راعى في إجراءات البيع الرغبة في الحفاظ على حقوق المساهم، ولذلك بين هذه الإجراءات بما يأتي :
1- توجه الشركة انذارا إلى المساهم بضرورة تسديد القسط المطلوب، ينشر في صحيفتين يوميتين وفي النشرة وفي سوق الأوراق المالية، تبين فيه عدد الأسهم التي يملكها ومقدار القسط المطلوب دفعه، ووجوب الدفع خلال ثلاثين يوما من تاريخ أخر نشر ( م 49 / أولا ) .
2- إذا لم يسدد المساهم القسط المطلوب خلال المدة المذكورة، تعلن الشركة عن بيع الأسهم في المزاد العلني في سوق بغداد للأوراق المالية ( م 49 / ثانيا) . على أن يعلن ثانية في صحيفة يومية وفي النشرة وفي سوق الأوراق المالية عن موعد البيع ومكانه وعدد الأسهم المعروضة على أن تفصل اليوم المحدد للمزايدة عن اليوم الذي نشر فيه آخر إعلان عن البيع مدة لا تقل عن خمسة عشر يوما، ليعطى المساهم فرصة في تدارك الأمر .
3- يظل حق المساهم في دفع القسط والفوائد المترتبة عليه والمصاريف إلى ما قبل يوم المزايدة بيوم واحد، أي أن المساهم يستطيع أن يلغي المزايدة إذا دفع المطلوب في اليوم الذي يسبق يوم المزايدة .
4- في يوم المزايدة تباع الأسهم بأعلى سعر تصل إليه ويكون الأمر أمام الاحتمالات التالية :
أ _ بيع الأسهم بمبلغ يساوي المطلوب للشركة من أقساط وفوائد ونفقات، وفي هذه الحالة تأخذ الشركة المبلغ ولا شيء للمساهم .
ب- أن تباع الأسهم بمبلغ يزيد على مطلوبات الشركة وفي هذه الحالة، تأخذ الشركة المبلغ المطلوب ويعاد المتبقي إلى المساهم .
جـ _ أن تباع الأسهم بأقل من المبلغ المطلوب للشركة، وفي هذه الحالة تأخذ الشركة المبلغ المستحصل من المزايدة وترجع بما تبقى على المساهم لمطالبته، والشركة صاحبة حق امتياز في استحصال المبلغ المتبقي (م49/ خامسا ) .
خامسا ـ يستطيع المساهم تسديد قسط أو أقساط من قيمة الأسهم قبل موعد استحقاقها . وقد جعل القانون هذا التسديد بحكم التسديد في تاريخ الاستحقاق، أي أن ما دفع قبل موعده يعد مدفوعا في تاريخه . ويترتب على ذلك :
1- انه لا يحق للمساهم المطالبة بفوائد للمدة من تاريخ الدفع الفعلي إلى التاريخ المحدد لاستيفاء القسط أو الأقساط من الجميع .
2- لا يحق له الرجوع وطلب استرداد المبلغ المدفوع . وهو ما يفهم من نص المادة ( 52 ) من القانون .
ولم تتعرض القوانين موضوع المقارنة لتسديد الأقساط الممثلة لقيمة السهم في أحكام منفردة . إنما بينت وفي بيان الاكتتاب المطلوب دفعه من قيمة الأسهم لدى الاكتتاب، والمدة العليا لاستيفاء المتبقي من قيمتها .
وعلى ما يبدو تركت التشريعات المذكورة تفاصيل عملية تسديد الأقساط والوسائل التي تتبعها الشركة، للنظام الذي تعده( ).
المبحث الرابع
تغيير رأس المال
إذا كان في ثبات رأس المال استقرارا لضمان الدائنين، فأن الشركة قد تضطر إلى تغيير رأس مالها أما بالزيادة أو التخفيض وسنتناول كل منهما في مطلب :
المطلب الأول
زيادة رأس المال :
قد تحتاج الشركة إلى زيادة رأس المال، أما لحاجتها إلى توسيع نشاطها وأما بسبب عدم كفاية رأس المال، فقد تتجه الرغبة في توسيع نشاط الشركة أفقيا أو عموديا، أو في تحديث الآلات والمعدات، ويتطلب كل ذلك أن يواجه بزيادة في السيولة النقدية . أو أن أداء الشركة لنشاطها المحدد في عقدها بغير توسع يتطلب أموال تفوق ما حدد لرأس المال .
وسنتناول موضوع زيادة رأس المال على شكل نقاط .
شروط الزيادة : ـ
لتحقيق زيادة رأس المال لابد أن تتوافر الشروط الآتية :
1- أن يكون رأس المال مدفوعا بكامله . والسبب في ذلك (( أن الشركة إذا كانت بحاجة إلى سيولة نقدية، وما زالت لديها أقساط غير مستوفاة بذمة المساهمين، نستطيع الحصول على السيولة المطلوبة من خلال استيفاء الأقساط المستحقة، والتي لا يتعدى استيفاؤها مدة سنة واحدة . والمادة (54/ أولا من قانون الشركات ) تنص على انه (( للشركة زيادة رأسمالها إذا كان مدفوعا بكامله . ))( ) .
2- قرار الهيئة العامة بزيادة رأس المال، ويحدد القرار مقدار الزيادة وأسبابها وأوجه إنفاقها . ومن المعلوم أن قرار الزيادة من القرارات غير العادية . وقد بينت المادة ( 92 ) من القانون الأوضاع التي يتطلب فيها صدور قرار غير عادي ومن بينها زيادة رأس المال . بينما يشير نظام الشركات السعودي إلى (( قرار الجمعية غير العادية بزيادة رأس المال..)) (م136)( ) .
3- موافقة الجهة القطاعية المختصة على زيادة رأس المال , وقد كانت الموافقة مطلوبة لجميع أنواع الشركات، لكنها اقتصرت بعد تعديل القانون على الشركات المساهمة وفي المساهمة الموافقة من المسجل ولا تسأل الجهة القطاعية المختصة حيث عدلت الفقرة رابعا من م 56 لتكون كالتالي ((على المسجل وخلال خمس عشر يوم من تقديم طلب قانوني للزيادة أن يعتبر موافقا على الزيادة ويعطي إخطارا بها ما لم يرفض المسجل الطلب مبينا الأسباب القانونية والأسباب الموجبة لقراره كتابة))( ) . وتشير القوانين موضوع المقارنة إلى ضرورة تنفيذ قرار الزيادة خلال مدة معينة ( خلال الثلاث سنوات التالية لصدور القرار ) م 33 مصري أو خلال الخمس سنوات التالية لصدور القرار (( م 2 )) قانون الشركات العماني.
طرق زيادة رأس المال :
تنص المادة ( 55 ) من القانون على انه (( للهيئة العامة في الشركة المساهمة والمحدودة تغطية زيادة رأس المال بإحدى الطرق الآتية :
أولا ـ إصدار أسهم جديدة، تسدد أقيامها نقدا .
ثانيا ـ تحويل أموال من الفائض المتراكم إلى أسهم توزع على المساهمين بنسبة مساهمة كل منهم برأس المال ( ) .
ثالثا ـ احتجاز جزء من أرباح الشركة كاحتياطي لتوسيع وتطوير المشروع بدلا من توزيعه أرباحا . بعد استثماره فعلا في الغرض المحتجز من اجله وإضافة هذا الاحتياطي إلى رأس المال وإصدار أسهم جديدة بما يعادل هذا الاحتياطي يوزع على المساهمين بنسبة مساهمة كل منهم برأس المال . )) وتبين نصوص بعض التشريعات موضوع المقارنة طرقا لزيادة رأس المال فالمادة (201 ) من قانون الشركات الإماراتي تنص على أن تتم زيادة رأس المال بإحدى الوسائل الآتية :
1- إصدار أسهم جديدة .
2- إدماج الاحتياطي في رأس المال .
3- تحويل السندات إلى أسهم .
ويضيف القانون الأردني لهذه الحالات حالة (( 3 – رسملة الديون المترتبة على الشركة أو أي جزء منها شريطة موافقة أصحاب الديون خطيا على ذلك . )) ( م 113 ) .
فالطريقة الأولى كما هو واضح، إصدار أسهم جديدة، تكون عن طريق الاكتتاب وقد بين القانون أحكام هذا الاكتتاب الذي يسمى اكتتاب زيادة رأس المال وقد أطلق القانون على الاكتتاب مصطلح الاكتتاب العام، أي انه ليس خاصا يقتصر على مساهمي الشركة، إنما يعرض على الجمهور . وإذا كانت تطبق على هذا الاكتتاب أحكام الاكتتاب التأسيسي، كما يذهب إلى ذلك نص المادة ( 56 / أولا ) في نشر بيان خاص بالاكتتاب، وفي المدة المقررة له، وبضرورة حصوله لدى مصرف، فأن لهذا الاكتتاب خصائص يتميز بها عن الاكتتاب التأسيسي، وهذه الخصائص هي :
1- حق الأفضلية للمساهمين القدامى :
للمساهمين القدامى حق أفضلية في الاكتتاب بالأسهم التي تعرضها الشركة لغرض زيادة رأس المال، وتمارس الأفضلية باقتصار الاكتتاب على المساهمين لمدة خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ الاكتتاب، ولكل مساهم الحق باقتناء عدد من الأسهم يتناسب مع مساهمته في رأس المال .
وإذا كان الاكتتاب عاما كونه معروضا منذ البدء للجميع، إلا أن بيان الاكتتاب يتضمن إلزاما في أن تعرض الأسهم أولا على المساهمين القدامى ولمدة خمسة عشر يوما ويثار سؤال هل من الممكن أن تتحقق الزيادة باكتتاب المساهمين فقط، أي أن الأسهم لا تعرض على الجمهور , وبحسب القانون العراقي، لا يمكن ذلك، لأنه كما بينا فأن القانون أوضح أن الاكتتاب عام ثم أن ثالثا من المادة 56، قبل تعديلها وبعد تعديلها تشترط أن يكون اكتتاب المساهمين بعدد من الأسهم يتناسب مع مساهمته في رأس المال . أي أن القرار الذي يصدر من الهيئة العامة بالزيادة يحدد مقدار هذه الزيادة، يخصص جزء منه للمساهمين القدامى على فرض مساهمة الجميع، ويتبقى جزء آخر يعرض على الجمهور، أي أن الاكتتاب لا يمكن أن يقتصر على المساهمين القدامى، بينما تبيح بعض القوانين ذلك .
فالمادة ( 202 ) من قانون الشركات اليمني تنص على أن :
(( أ ـ توزع الأسهم الجديدة على المساهمين الأصليين الذين طلبوا الاكتتاب بالأسهم الجديدة حسب طلبهم إذا لم تتجاوز الأسهم المطلوبة ))
ب ـ في الحالات التي تتجاوز الأسهم المطلوبة الأسهم المعروضة توزع الأسهم على المساهمين الأصليين كل بنسبة أسهمه على أن لا يجاوز ما حصل عليه المساهم ما طلبه من أسهم جديدة .
جـ ـ إذا زادت الأسهم المطروحة على الأسهم المطلوبة يطرح ما تبقى من الأسهم الجديدة للاكتتاب العام وتتبع في هذا الاكتتاب الأحكام المتعلقة بالاكتتاب العام عند تأسيس الشركة..)
وكما يتضح من النص لا تعرض الأسهم إلى الاكتتاب العام إلا إذا بقيت أسهم غير مكتتب بها من قبل المساهمين القدامى، أو كما اسماهم القانون الأصليين ( ) .
كما أن ثمة من يرى أن الغاية من أعطاء حق الأفضلية للمساهمين القدامى عدم السماح لمساهمين جدد الدخول إلى الشركة على الرغم عدم موافقة المساهمين القدامى( ) .
وقد وجدنا ضرورة التنويه إلى الأحكام التي وردت في القانون المصري إذ إن القانون المذكور ترك أمر أفضلية المساهمين القدامى لنظام الشركة، وقد بينت اللائحة التنفيذية انه لا يجوز أن تقتصر الأفضلية على بعض المساهمين دون غيرهم، لأن ذلك يهدم المساواة المطلوبة بين المساهمين . وتنفيذا لذلك بأن يتحقق مبدأ المساواة، ولا يحرم منه حتى من ليس لديه القدرة المالية في اقتناء الأسهم الجديدة، فاعتبر المشرع الأفضلية حق يجوز تداوله، أي أن المساهم من المساهمين القدامى يستطيع أن يبيع حق الأفضلية منفردا أو مع الأسهم التي يملكها . على أن يجري ذلك خلال مدة الاكتتاب بالزيادة . وأخيرا أجازت اللائحة التنفيذية وبقرار من الجمعية العامة غير العادية، أن تعرض الأسهم الممثلة للزيادة للجمهور بغير إعطاء حق الأفضلية ( ) .
2- يجب أن تدفع قيمة الأسهم نقدا، أي كاملة لا يجوز التقسيط فيها ((... تدفع أقيامها نقدا )) لأن الشركة بحاجة إلى المال، فلا يمكن أن تلجأ إلى تقسيط أقيام الأسهم عادة ( ) .
ولم تشر القوانين موضوع المقارنة إلى موضوع الدفع الكامل لقيمة الأسهم المكتتب بها . إنما أشارت على تطبيق أحكام الاكتتاب التأسيسي، ومعنى ذلك أن يترك الأمر لقرار الزيادة في تحديد كيفية استيفاء قيمتها .
3- أن تباع الأسهم بقيمة مساوية للقيمة الاسمية للأسهم، لأن السهم حسب القانون العراقي له قيمة ثابتة واحدة هي دينار (( القيمة الاسمية للسهم دينار واحد، ولا يجوز إصداره بقيمة أعلى أو أدنى )) ( م 30 ) .
بعض القوانين أشارت بوضوح إلى أن القيمة الاسمية للأسهم المكونة لزيادة رأس المال تساوي القيمة الاسمية للأسهم القديمة، فالمادة 203 من قانون الشركات الإماراتي تنص على أن (( تصدر الأسهم الجديدة بقيمة اسمية معادلة للقيمة الاسمية للأسهم الأصلية ( ) )) كذلك أشارت النصوص في القوانين المذكورة إلى جواز إضافة مبلغ على قيمة الأسهم يسمى (( علاوة إصدار))، وإذا كان القانون العراقي لم يشر إلى هذا الجواز في المواد الخاصة بزيادة رأس المال، فأن النص على ذلك جاء في المادة ( 31 ) التي تقضي بأنه وللشركة المساهمة بعد مباشرتها نشاطها، عرض أسهم للاكتتاب العام بثمن يزيد على قيمتها الاسمية وتعتبر هذه الزيادة علاوة إصدار تسجل في حساب احتياطي علاوة الإصدار بعد تغطية مصاريف الإصدار منها .. )) إلا أن تعديل المادة (56 الفقرة ثالثا ) جاء فيه لكل مساهم حق الأفضلية بشراء الأسهم بسعر الاكتتاب ... )) وسعر الاكتتاب يعني قيمة السهم الاسمية وهي دينار مضافا إليها ما يتقرر من مبلغ يمثل علاوة إصدار .
4- تتحقق الزيادة على رأس المال بمقدار الأسهم المكتتب بها والمدفوعة قيمتها، ويحق لمجلس الإدارة طرح الأسهم المتبقية بعد انتهاء المدة المحددة للاكتتاب، للبيع في سوق بغداد للاوراق المالية، وهذا ما جاء في الفقرة ثالثا من المادة ( 56 ) لقانون الشركات المعدلة .
5- الخطوة الأخيرة في زيادة رأس المال . تعديل العقد بما يتوافق مع الزيادة المتحققة، والفقرة ثانيا من المادة ( 54 ) تنص على انه (( في الشركة المساهمة والمحدودة تكون زيادة رأس المال بقرار معدل للعقد تتخذه الهيئة العامة )) .
أما الطريقة الثانية لزيادة رأس المال فتكون :
أ ـ أما بضم الفائض المتراكم من الإرباح إلى رأس المال بعد تقسيمه إلى أسهم تسجل للمساهمين كل حسب مساهمته في الشركة . والفائض المتراكم أرباح تقرر تجنيبها بحيث لا توزع على المساهمين، وهذه الصورة من المبالغ المستقطعة تمثل احتياطيا من الوجهة القانونية , وذلك جاء في تعديل الفقرة (ثانيا من المادة 55 ) (( تحويل أموال من الفائض المتراكم أو علاوات الإصدار ( الاحتياطي الأساسي ) إلى أسهم توزع على المساهمين بنسبة مساهمة كل منهم برأس المال . )) فالفائض المتراكم يشبه الاحتياطي المتكون من علاوة الإصدار، ولكن لا يفهم معنى الأساسي التي وردت بجنب الاحتياطي .
ب ـ ضم الاحتياطي الفائض عن حاجة الشركة بعد إنفاق جزء منه في أوجه الإنفاق التي حددها القانون، ويحول هذا الاحتياطي إلى أسهم تضاف إلى رأس المال تعطى للمساهمين مجانا كل بمقدار مساهمته برأس المال ( ) .
ويجوز أن تتحقق الزيادة ببيع عدد من الأسهم المساوية للزيادة المطلوبة في سوق الأوراق المالية، على أن يحدد قرار الزيادة عدد الأسهم وسعر البيع الذي قد يكون مساويا لقيمتها الاسمية أو أعلى منها حسب اسعار الأسهم في السوق، ويخصص الباقي لتغطية نفقات الاكتتاب وما يتبقى يمثل احتياطي علاوة إصدار ( م 55 / رابعا بعد التعديل ) .
كذلك أضافت المادة 56 بعد تعديلها فقرة ( رابعا ) تضمنت استثناء على شروط الاكتتاب باسهم زيادة رأس المال( ) .
أولا : قاصرة على الشركات المصرفية وأمر جوازي .
ثانيا ـ تعرض أسهم للبيع بغير اكتتاب عام وبغير أن تعطي للمساهمين القدامى أفضلية الشراء .
ثالثا ـ يشترط أن يصدر بذلك قرار من الهيئة العامة، والقرار غير عادي لأن النص يقضي بـ (( موافقة أغلبية أصحاب الأسهم المكتتب بها التي تكون إقساطها مدفوعة ... )) .
رابعا ـ موافقة البنك المركزي باعتباره الجهة القطاعية للمصارف، وتكون موافقته على البيع بناء على ظروفه ورعاية لحقوق المساهمين الذين لم يدعوا لشراء الأسهم .
ويبدو أن هذا النص يفتح الباب أمام شراء أسهم المصارف أو حصة كبيرة فيها، كما حصل ويحصل لعدد من المصارف الخاصة، بمشاركة مستثمرين أجانب .
أسلوب زيادة رأس المال:
لا يعرف القانون العراقي غير أسلوب زيادة رأس المال بزيادة عدد الأسهم، لان قيمة السهم ثابتة وهي دينار واحد، في حين يمكن زيادة رأس المال بزيادة القيمة الاسمية للأسهم مع بقاء عددها ثابتا، في بعض القوانين التي تضع حدودا دنيا وعليا لقيمة السهم كما هو الأمر في القانون المصري مثلا، وإذا كانت إضافة أسهم جديدة يؤدي إلى إضافة عدد من المساهمين للشركة، فأن في رفع القيمة الاسمية للأسهم . قد يجبر المساهمين على التخلي عن الأسهم بسبب عدم القدرة على دفع الزيادة المضافة إلى قيمة الأسهم .
المطلب الثاني
تخفيض رأس المال
للشركة تخفيض رأسمالها إذا كان فيه زيادة عن حاجة الشركة، وكذلك إذا لحقت الشركة خسارة، ففي الحالة الأولى تبيح لها إعادة الفائض لتوظيفه في انشطة أخرى، مادامت الشركة تستطيع مواجهة انشطتها بما يتبقى من رأس المال , وفي الحالة الثانية تعني الخسارة انخفاض رأس المال عن رأس المال الاسمي ليكون رأس المال الفعلي غير الاسمي، في حين ينبغي أن يتطابق الاثنان.
والمادة ( 58 ) من قانون الشركات تنص على أن (( للشركة تخفيض رأس مالها إذا زاد عن حاجتها أو إذا لحقتها خسارة . ))، كذلك تقضي (م 204) من قانون الشركات اليمني ( و م 84 ) من قانون الشركات العماني و م 142 من نظام الشركات السعودي . و م ( 209 ) من قانون الشركات الإماراتي.
ويتطلب التخفيض قرارا يتخذ في اجتماع غير عادي للهيئة العامة (م59/ ثانيا ) وبدلالة المادة ( 92 ) لخطورة قرار تخفيض رأس المال على الدائنين وعلى الشركة، خاصة إذا كان مؤشرا على إخفاقها وخسارتها . ويتطلب القانون موافقة المسجل والجهة القطاعية المختصة على التخفيض، وإذا حصلت الموافقة يعلن عن قرار الموافقة مع دعوة من المسجل إلى الدائنين لمراجعته إن كان لديهم اعتراض على قرار التخفيض وخلال ثلاثين يوما من آخر نشر لقرار الاعتراض . ومطلوب من المسجل أن يقوم بمسعى ودي لحل الخلاف بين الدائنين والشركة، وإذا اخفق في ذلك يحيل الأمر إلى المحكمة المختصة لتنظر به على وجه الاستعجال، والمحكمة أما أ، تفلح في إجراء التسوية الودية أو تتخذ قرارا بقبول التخفيض أو رفضه أو إجراء تخفيض جزئي بأقل من مقدار التخفيض الذي حدده قرار الهيئة العامة .
إلا أن التعديل الذي طاله القانون الغى هذه الإجراءات فلم يتطلب إلا قرارا لاجتماع غير عادي للهيئة العامة وتنفيذ التخفيض وتعديل العقد .
وموضوع تخفيض رأس المال يتطلب منا أن نتعرض لموضوعين :
1- دخل القانون العراقي منذ قانون 1957 الملغي وقانون 1983 الملغي أيضا والقانون الحالي في تفاصيل إجراءات التخفيض فعلى وزارة التجارة أن تقوم بتسوية ودية بين الدائنين والشركة ( م 95 ) حسب قانون 1957 الملغي، ويقوم المسجل بهذا المجهود في القانون الحالي وقبله قانون 1983، ولا نرى موجبا لهذه التفاصيل، ولم نجد مثيلا لها في نصوص القوانين موضوع المقارنة . إنما يتلخص الأمر بعد الإعلان عن التخفيض إذا اعترض الدائنون وكانت ديونهم حالة تدفعها الشركة أو تقدم لهم ضمانات كافية، وإلا فلهم الرجوع إلى القضاء . فالمادة 206 / من القانون اليمني تنص على أن : (( أ ـ يقوم مجلس الإدارة بنشر القرار الصادر بتخفيض رأس المال على نفقة الشركة في إحدى الصحف اليومية وعليه أن يخطر الدائنين المعلومة مواطنهم بهذا القرار بكتب مسجلة . ب ـ وعلى الدائنين أن يقدموا إلى الشركة المستندات المثبتة لديونهم خلال ستين يوما من تاريخ النشر في الصحف اليومية لتقوم الشركة بوفاء الديون الحالة منها وتقديم الضمانات الكافية للوفاء بالديون الآجلة ... )) ( )
وتذهب بعض التشريعات إلى التمييز بين التخفيض الناجم عن زيادة رأس المال والتخفيض الناجم عن خسارة الشركة . فلا يحق للدائنين الاعتراض على التخفيض والحصول على الدين أو الضمانات إلا في الحالة الأولى أي عندما يكون رأس المال فيه فائضا عن حاجة الشركة، وليس لهم الاعتراض في حالة الخسارة ( )
2 ـ أسلوب التخفيض
ليس في قانون الشركات العراقي إلا أسلوب واحد لتخفيض رأس المال وهو إنقاص عدد أسهم الشركة بمقدار مبلغ التخفيض الذي حدده قرار الهيئة العامة، ومعلوم انه إذا كان التخفيض بسبب زيادة رأس المال . فأن التخفيض يقترن بإعادة المبالغ المقابلة للأسهم التي جرى تخفيضها، والتي تسري على جميع المساهمين وكل بمقدار ما يملك من الأسهم، أما إذا كان التخفيض بسبب خسارة الشركة فلا محل لإعادة ما يقابل التخفيض إلى المساهمين التي تخفض مساهماتهم أيضا وبمقدار يتناسب مع ما يملك من الأسهم . أما أسلوب تخفيض القيمة الاسمية للأسهم التي تعرفها بعض القوانين فلا يمكن تطبيقها في القانون العراقي ما دامت قيمة السهم دينارا واحدا لا يجوز أن تزيد أو تقل عنها ( ) .
فالمادة 59 / أولا من القانون تنص على انه في الشركة المساهمة والمحدودة، يتم تخفيض رأس المال بإلغاء أسهم فيها تساوي قيمتها المبلغ المراد تخفيضه من رأس المال، ويكون الإلغاء بنسبة مساهمة كل عضو في الشركة إلى أقرب سهم صحيح . )) .
بينما تعرف القوانين موضوع المقارنة أساليب عدة لتخفيض رأس المال فالمادة 144 من نظام الشركات السعودي تنص على أن يتم تخفيض رأس المال بإحدى الطرق الآتية :
(( 1- رد جزء من القيمة الاسمية إلى المساهم أو إبراء ذمته من كل أو بعض القدر غير المدفوع من قيمة السهم .
2- تخفيض القيمة الاسمية للسهم بما يعادل الخسارة التي أصابت الشركة.
3- إلغاء عدد من الأسهم يعادل القدر المطلوب تخفيضه .
4- شراء عدد من الأسهم يعادل القدر المطلوب تخفيضه . ))
وإذا تم الشراء بموجب الفقرة الأخيرة يجب أن يقترن بإتلاف الأسهم المشتراة ( ) . وجدير بالذكر القول أن التخفيض يجب أن لا يؤدي إلى هبوط رأس مال الشركة عن الحد الأدنى لرأس مال الشركة الذي بينه القانون . وهو خمسون ألف دينار لكل أنواع الشركات حسب ( م 28 ) من قانون الشركات. والتي عدلت لتتفاوت الحدود الدنيا لرأس المال حسب نوع الشركة .
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (6)
الأثنين 31/07/2006
المبحث الخامس
السندات التي تصدرها الشركة
تصدر الشركة المساهمة حسب القانون العراقي، نوعين من السندات ( )، الأولى تتمثل بالأسهم وهي ترافق تأسيس الشركة فلا يتكون رأس المال بغيرها، لأن رأس المال في هذه الشركات يقسم إلى أجزاء متساوية يطلق عليها الأسهم، أما الثانية فهي السندات، وهي أوراق تصدرها الشركة عند الاقتراض العام من الجمهور عن طريق الاكتتاب، وهذه مسألة جوازيه حيث أباح القانون العراقي لشركات المساهمة اللجوء للاقتراض وإصدار سندات للمقرضين (م 77)، وعليه سنتناول الأسهم في مطلب أول ثم نفرد المطلب الثاني للسندات .
المطلب الأول
الأسهم shares
نتناول أحكام الأسهم بتعريف السهم أولا ثم بيان خصائص الأسهم وأنواعها ونعرض أخيرا لتداولها :
تعريف السهم :
يذهب عدد من الفقهاء إلى تعريف السهم أنه (( حصة المساهم في الشركة المساهمة ويقابل حصة الشريك في شركة الأشخاص )) ( )، ونرى التعريف الذي أورده الدكتور أبو زيد رضوان شاملا لطبيعة وخصائص السهم حيث بين أن الأسهم (( صكوك متساوية القيمة وقابلة للتداول بالطرق التجارية والتي يتمثل فيها حق المساهم في الشركة لاسيما حقه في الحصول على الإرباح . )) ( )، فهي جزء من رأس المال لأن رأس المال مقسم إلى أسهم ( م 29 ) من قانون الشركات (( يقسم رأس المال في الشركات المساهمة والمحدودة إلى أسهم..)) والقيمة الاسمية للسهم ممثلة بالشهادة التي تعطى للمساهم عادة وهي دينار حسب القانون العراقي . ويعد المساهم دائنا للشركة بمقدار ما يمتلكه من أسهم . وفي العمل المحاسبي يقيد رأس المال في الجانب المدين من الذمة المالية للشركة , وسنتناول خصائص الأسهم حسب القانون العراقي والتشريعات المقارنة . والمادة 29 التي اشرنا إليها تحدد هذه الخصائص على الشكل الأتي (( .. إلى أسهم اسمية، نقدية، متساوية القيمة وغير قابلة للتجزئة . )) فخصائص الأسهم تتمثل بأن :
1- الأسهم اسمية .
2- نقدية .
3- متساوية القيمة .
4- غير قابلة للتجزئة .
أولا ـ الأسهم اسمية( ).
يكون السهم اسميا عندما يسجل باسم شخص معين، في سجل المساهمين لدى الشركة وعلى القسيمة التي تعطى للمساهم وتعد دليل ملكيته لعدد من أسهم الشركة مثبتة أرقامها في الشهادة ومقترنة بتواقيع المسؤولين فيها ومختومة بختمها . والأسهم حسب القانون العراقي وفق المادة 29 كما ذكرنا اسمية دائما في حين تعرف بعض القوانين نوعا آخر من الأسهم، هي الأسهم لحاملها، وتنتقل ملكية هذه الأسهم بالتراضي والمناولة اليدوية مقابل دفع ما يقابلها من الثمن . وتنص المادة ( 96 ) من القانون اليمني على أن الأسهم اسمية أو للحامل، على أن تبقى الأسهم قبل سداد قيمتها كاملة اسمية .
ويمكن القول أن للأسهم الاسمية مزايا عند مقارنتها بالأسهم لحاملها، فلا يخشى على الأسهم الاسمية من الضياع أو السرقة، بينما يخشى على الأسهم لحاملها من ذلك، كما يقال انه يمكن معرفة مالكي رأس المال في الشركة من خلال الاطلاع على سجل المساهمين لدى الشركة إذا كانت الأسهم اسمية في حين ليس بالمستطاع معرفة حمله الأسهم عندما يتم تداولها لو كانت لحاملها . وقد يكون الانتقال السريع للأسهم لحاملها عن طريق البيع سببا في خلق أو المساعدة في خلق الأزمات المالية، ومن ذلك نؤيد اتجاه جعل أسهم الشركات اسمية، على الرغم من تعارض ذلك مع السرعة المطلوبة في التعامل التجاري .
وإذا كان الفقه يشير إلى نوع ثالث من الأسهم . هي الأسهم للأمر، التي تنتقل بالتظهير كالأوراق التجارية، لكن هذا النوع من الأسهم غير شائع ولا تعرفه غالبية القوانين . لصعوبة العمل بنقل السهم عن طريق التظهير، ما دام مرتبطا في قوته وقيمته بسمعة الشركة المالية التي تتغير تبعا لازدهارها أو انكماش نشاطها( ) .
ثانيا ـ الأسهم نقدية :
تعني الأسهم النقدية أن المقابل للحصول عليها يتمثل بالنقود، وقد نصت المادة ( 29 ) من قانون الشركات العراقي كما بينا على أن الأسهم نقدية( )، وتتحفظ القوانين عادة على أعطاء الأسهم مقابل الأعيان، خشية تقديرها بأكثر من قيمتها الفعلية، ولذلك فأن قانون 1983 الملغي، جعل الأسهم نقدية، لا يكون مقابل الحصول عليها غير النقود فقط . لكن قانون (1997) أباح الحصول على الأسهم مقابل مقدمات عينية تقدر بنقد، ضمن ضوابط تحول دون تقديرها بأعلى من قيمتها بما يلحق الضرر بالمكتتبين، ويمكن أن نجمل هذه الشروط وحسب نص المادة (29) قبل تعديلها . وبعدها نتناول ما قرره التعديل( ) .
1 _ أن إصدار الأسهم مقابل الأعيان أمر جوازي متروك للمؤسسين الإفادة منه، وبذلك تقضي الفقرة ثانيا من المادة (29) انه (( في الشركة المساهمة والمحدودة يجوز أن يشتمل رأس مال الشركة على حصص عينية تعطى مقابل مقدمات عينية مقومة بالنقد يقدمها المؤسسون أو بعضهم، ولا يجوز أن تمثل الحصة العينية غير أسهم تم الوفاء بقيمتها كاملة . )) فهي حالة استثنائية لا يجوز التوسع فيها .
2 ـ إن تقديم المقدمات العينية للمؤسسين فقط وأثناء التأسيس، فلا يجوز تقديمها من المكتتبين وأثناء التأسيس ((يقدمها المؤسسون أو بعضهم …)) كما لا يجوز تقديمها من المؤسسين عند زيادة رأس المال لأن المادة 55 تقرر أن زيادة رأس المال قد تكون بـ((إصدار أسهم جديدة تسترد قيمتها نقدا )) ولم تتضمن الأحكام الخاصة بزيادة راس المال ما يفيد تقديم المقدمات العينية والاعتراض على تقدير الأعيان أو تشكيل اللجان الخاصة بالتقويم، في حين تسمح بعض التشريعات تقديم الحصة العينية في أي مرحلة لاحقة للتأسيس على أن يكون ذلك مقرونا بموافقة الهيئة العامة باجتماع غير عادي على تقدير المقدمات العينية( ).
3 ـ تقديم الأعيان كاملة (دفعة واحدة) .
يجب أن تقدم الأعيان المقابلة للحصول على الأسهم كاملة، أي أنها لا تقدم على شكل دفعات حتى إذا كانت مواد أولية، لصعوبة تقويمها عند تجزئتها، كذلك لزيادة كلفة إجراءات التقدير عندما تتعدد بتعدد الدفعات ((…ولا يجوز أن تمثل الحصص العينية غير اسهم تم الوفاء بقيمتها كاملة ))( ).
4 ـ التصرف بالأسهم العينية :
حفاظا على أموال الشركة، لأن تحديد قيمة الأموال العينية المقدمة يستغرق وقتا طويلا، لكثرة المراجعة للتقدير الذي بينه المؤسسون، من قبل لجنة تشكل لهذا الغرض كما ذكرنا، ومن قبل الهيئة العامة التأسيسية ؛ لذلك تمنع القوانين التصرف بالأسهم، بنقل ملكيتها إلى الغير إلا بعد أن تكون أوضاع الشركة قد استقرت، واستنفد تقدير الأموال كافة طرق المراجعة .
ولم يتضمن القانون العراقي نصا يمنع الانتقال ضمن الأحكام الخاصة بالأسهم العينية، في حين أوردت القوانين موضوع المقارنة نصوصا واضحة وصريحة تمنع التصرف بالأسهم التي يكون المقابل للحصول عليها أموالا عينية( )، وإذا كان القانون العراقي لم يتضمن نصا ضمن الأحكام المستقلة بالأسهم العينية، فان المنع يفهم من القيد المفروض على اسهم المؤسسين، ضمن القيود التي أوردها القانون على التصرف بالأسهم، فالمادة 64/أولا من القانون تنص على انه ((لا يجوز للمؤسسين نقل ملكية أسهمهم إلا بعد اقرب الأجلين :
1 ـ مضي ما لا يقل عن سنتين على تأسيس الشركة .
2 ـ توزيع أرباح لا تقل عن (5%) خمس من المئة من راس المال المدفوع ولا يصح تقديم أموال الأسهم العينية حسب القانون العراقي إلا من المؤسسين.
5 ـ مراجعة القيمة المقدرة من قبل المؤسسين :
تقدر الأموال العينية التي تقدم للحصول على الأسهم من قبل المؤسسين أو من قبل من يقدمها منهم بموافقة المؤسسين الآخرين، لأنها لا تقدم وكما ذكرنا إلا من المؤسسين، ومن المؤكد أن يعتمد التقدير على رأي الخبراء ولكن يجب مراجعة هذا التقدير لذلك على المسجل أن يشكل لجنة لهذا الغرض برئاسة قاض لا يقل صنفه عن الثاني في محكمة البداءة التي تقع في موقع الأموال العينية المطلوب تقويمها، وتضم اللجنة أربعة من المختصين في الأمور الاقتصادية والمحاسبية والقانونية والفنية تختارهم الجهة القطاعية المختصة، وتعد اللجنة تقريرها وتقدمه إلى المسجل إذا كانت الشركة مختلطة وخلال ستين يوما من تاريخ تشكيلها، ويرفع المسجل التقرير إلى ديوان الرقابة المالية لأنه هو الذي يدقق حسابات الشركات المختلطة ليصادق عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ ورود التقرير إليه، وعند عدم المصادقة يعيده إلى المسجل للنظر فيه من اللجنة مجددا في ضوء توجيهات محددة وملزمة للجنة( )، والزام اللجنة بتوجيهات ديوان الرقابة مصادرة لحريتها في عملها كجهة محايدة، ونرى مبالغة في إجراءات تقدير المقدمات العينية نابعة من اعتماد نصوص قانون 1983 الملغي والفلسفة التي اعتمدها، لأنه الأساس في مواد القانون الحالي، كما ذكرنا ولا يعرف القانون السابق هذا النوع من الأسهم( ) .
6 ـ موافقة الهيئة العامة التأسيسية على التقدير
يطلع المساهمون في الاجتماع التأسيسي على تقرير اللجنة، ويلزم المؤسسون بإيداع التقرير الذي اعد عن تقدير الأعيان لدى الجهة التي يجري لديها الاكتتاب (المصرف) ليتمكن المكتتبون من الإطلاع على التقرير، وإذا وجدت الهيئة العامة التأسيسية زيادة في تقدير قيمة الأعيان، فعلى مقدم الحصة العينية أن يقدم الفرق نقدا، ويسأل باقي المؤسسين بالتضامن عن أداء الفرق( ) .
بعد أن بينا أحكام القانون الخاصة بالأسهم العينية نوضح فيما يأتي هذه الأحكام في ضوء نص المادة 29 من القانون بعد تعديلها، ونشير في الهامش إلى النص المعــدل( )،
ونتناول الموضوع بنقاط :
أ ـ عدل النص أحكام المادة (29)، لكنه وكما هو حال التعديل بأكمله ورد بأسلوب غريب عن طبيعة الصياغة المعروفة في التشريعات العربية، إذ يعالج النص الموقف من الأعيان المعنوية، وأباح أن تكون الأعيان المقابلة للأسهم أموالا مادية أو معنوية (ملموسة أو غير ملموسة) وفي النص معالجة لأمر افتقده النص قبل تعديله .
ب ـ يقتصر تشكيل لجنة لمراجعة تقدير قيمة الأعيان على الشركات المساهمة وترك أمر الشركة المحدودة للشركاء في تولي تقدير الأعيان ؛ كذلك ابتعد تشكيل اللجنة عن التعقيد في ترأسها من قبل قاض ومعه أربعة من المختصين، فبين النص المعدل أن تشكيل لجنة بموافقة المسجل فيها مختصون في القانون والمحاسبة وفي عمل الشركة .
ج ـ في الشركة المساهمة المختلطة يرفع تقرير اللجنة إلى ديوان الرقابة المالية للمصادقة عليه، وعند عدم المصادقة يعاد التقرير إلى اللجنة للنظر فيه ثانية، وإذا كان النص قد ابتعد عن وصاية الديوان على اللجنة، فانه لم يعالج ما هو الحل لو أصرت اللجنة على رأيها .
د ـ بين التعديل انه في الشركتين المساهمة والمحدودة يجب أن يذكر في العقد الأعيان ومقدميها أيضا، ويكون من قدمها مسؤولا عن التقدير غير المطابق، وأضاف النص بأنه قد يسال بقية المؤسسين بالتضامن ونرى في استخدام المشرع للفظ قد يسأل ما يفتح الباب أمام تفاوت الأحكام .
هـ ـ أبقى النص المعدل على موضوع عرض التقييم على الهيئة العامة التأسيسية للشركة المساهمة بغير تغيير، ولم يعالج إجراءات التصويت كما فعلت ذلك بعض القوانين موضوع المقارنة .
ثالثا : الأسهم متساوية القيمة
من خصائص الأسهم أيضا حسب القانون العراقي أنها متساوية القيمة إذ حددها القانون بدينار واحد، فقيمة السهم دينار واحد لكل أنواع الشركات، ولا وجود لطبقات من الأسهم تتفاوت في قيمتها وفي حقوقها، وتقضي العديد من القوانين العربية بتساوي القيمة الاسمية للأسهم، وقد جعل القانون الأردني قيمة السهم دينارا واحدا أيضا (م95/أ)، ويقضي قانون دولة الإمارات في المادة (153) انه : ((يتكون راس مال الشركة من أسهم متساوية لا تقل القيمة الاسمية للسهم لكل منها عن درهم واحد ولا تزيد على مائة درهم…)) ويقضي القانون الكويتي في المادة (99) ((يقسم رأس مال الشركة إلى اسهم متساوية، والقانون اليمني في المادة (91/جـ) وم(92) ولكن نجد أن بعض القوانين، تعرف فئات من الأسهم في الشركة الواحدة، فالمادة 76 من القانون العماني تنص على انه ((…يمكن أن يقضي نظام الشركة بان يقسم رأس مالها إلى اسهم من فئات مختلفة لمنح ما لكي الأسهم من كل فئة الحق بأن ينتخبوا بأكثرية أصواتهم عددا معينا أو نسبة معينة من أعضاء مجلس الإدارة .
وإذا كان للشركة فئات مختلفة من الأسهم يجب أن تؤدي كل زيادة في رأس المال إلى زيادة نسبية في عدد أسهم كل فئة ما لم يتم اجتماع خاص لكل فئة وجمعية عامة غير عادية لجميع المساهمين يتقرر خلالها الموافقة على إصدار غير متكافئ أو على إنشاء فئة اسهم جديدة، ولا يمكن لأي قرار صادر عن الجمعية العامة أن يؤثر في حقوق أي فئة ما لم توافق عليه هذه الفئة باجتماع خاص، وتعقد الاجتماعات الخاصة بكل فئة بين أعضاء الفئة المذكورة وفقا للقواعد التي ترعى الجمعيات العامة غير العادية، يكون لحملة الأسهم من فئة معينة حق الأفضلية بالاكتتاب بالنسبة فقط إلى الأسهم الجديدة من الفئة ذاتها))( ) .
وجدير بالتنويه إلى أن المساواة في قيمة الأسهم، تعني المساواة في ما تمنحه من حقوق وهي الحق في تقاضي الأرباح وحق حضور الاجتماعات والمشاركة في التصويت لهيئات الشركة وحق الاطلاع على أوضاع الشركة، كذلك الحق في حصة مساوية للأسهم من الفائض عند انتهاء تصفية الشركة، ولم يشر القانون العراقي لهذه الحقوق كما فعلت بعض القوانين التي بينت في مادة منفردة ما هي حقوق المساهم، كما هو الأمر في القانون اليمني (م108)، وفي المادة (75) من القانون العماني، وكذلك المادة (169) من قانون دولة الإمارات ويقتضي الأمر أن نتناول أنواع الأسهم أو التقسيمات المختلفة لها كما وردت في نصوص القوانين وبحسب ما يذهب إليه الفقه :
أ ـ تقسيم الأسهم إلى عادية وممتازة :
الأسهم العادية : هي الأسهم المماثلة لغيرها من حيث الحقوق، ولا تتمتع باي امتياز، أما الأسهم الممتازة فهي أسهم تتمتع بامتيازات غير معروفة للأسهم العادية، وقد يكون الامتياز في تعدد الأصوات أو أسبقية تقاضي الأرباح أو الفائض عند التصفية أو أسبقية في شراء الأسهم الجديدة التي تطرحها الشركة للاكتتاب عند زيادة راس المال، ولم يعرف القانون العراقي هذا النوع من الأسهم في القانون الحالي أو القانون الملغي الذي سبقه، وكذا لم يعرفه القانون الأسبق رقم 31 لسنة 1957، فنستطيع القول إن النظام القانوني للشركات في العراق لا يعرف الأسهم الممتازة .
لكن إصدار الأسهم ذات الامتياز تعرفه بعض القوانين :
فالمادة (75مكرر) من القانون العماني تنص على انه ((يجوز أن ينص النظام الأساسي للشركة على تقرير بعض الامتيازات لبعض أنواع الأسهم وذلك في التصويت أو الأرباح أو ناتج التصفية على أن تتساوى الأسهم من نفس النوع في الحقوق والمميزات أو القيود ولا يجوز تعديل الحقوق أو المميزات أو القيود المتعلقة بنوع من الأسهم إلا بقرار من الجمعية العامة غير العادية وبموافقة ثلثي حاملي نوع الأسهم الذي يتعلق التعديل به …))( )، وإذا كان رفض الأسهم الممتازة أساسه عدم خلق طبقات داخل الشركة وإعلاء مبدأ المساواة فان البعض يرى ضرورة في إصدارها في بعض الأحيان، عندما ترغب الشركة بزيادة راس المال وهي متلكئة، فتشجيعا للمكتتبين يمنحون أسهما فيها بعض الامتيازات، أو تحويل الديون إلى أسهم ذات امتيازات( ) .
2 ـ تقسيم الأسهم إلى أسهم رأس المال وأسهم تمتع :
إن أسهم راس المال يكون مجموع أقيامها الاسمية راس المال الاسمي، أي أن كلا منها يمثل جزء من راس المال الاسمي .
أما أسهم التمتع فلا يمثل أي منها جزأ من راس المال، فهي شهادة تعطى للمساهم تمكنه من التمتع بالمزايا التي تمنحها الأسهم، عدا إعادة القيمة الاسمية لها عند التصفية لأنها أعيدت خلال حياة الشركة، وعادة تعطى هذه الأسهم في حالات إنشاء الشركة لاستثمار امتياز معين لمدة تكون طويلة عادة، أي أن الشركة في نهاية المدة تتخلى عن موجوداتها إلى الجهة التي تعاقدت معها، وعليه تعاد أقيام الأسهم خلال حياة الشركة، ويكون إطفاء القيمة من الأرباح وعن طريق القرعة عادة، فالمادة 104 من نظام الشركات السعودي تنص على انه ((ويجوز أن ينص في نظام الشركة على إعطاء أسهم تمتع لأصحاب الأسهم التي تستهلك بالقرعة ويحدد نظام الشركة الحقوق التي ترتبها لأصحابها))( ) . وتخصص نسبة من الأرباح للأسهم التي لم تستهلك، كذلك يفترض أن تعاد القيمة الاسمية للأسهم التي لم تستهلك، كما يفترض أن تعاد القيمة الاسمية للأسهم التي لم تستهلك من المتبقي عند التصفية .
ولا يوجد نص في القانون العراقي يبيح أو يمنع إصدار أسهم التمتع، ومما لاحظنا في نصوص القوانين موضوع المقارنة أنها تثبت في نظام الشركة، أو أن النظام يقرر استهلاك الأسهم، وإذا كان القانون العراقي لم ينص على وضع نظام للشركة فليس في القانون ما يحول دون ذلك بل يعد وضع نظام للشركة أمرا ضروريا، ويمكن أن يتضمن النظام كيفية استهلاك الأسهم والشهادات التي تعطى للمساهمين مقابل الاستهلاك والحقوق التي تمنحها الشهادة التي تعطى مقابل ذلك.
رابعا : الأسهم غير قابلة للتجزئة
لا يجزأ السهم الواحد بين عدة أشخاص أفادت بذلك الفقرة أولا من المادة 29 من قانون الشركات (وغير قابلة للتجزئة) ولكن يجوز أن يتعدد مالكو السهم الواحد، وبخاصة في حالة الإرث ـ من الناحية النظرية في القانون العراقي لأن قيمة السهم دينار واحد، وقد أوردت بعض القوانين نصا يفيد الاشتراك في السهم وعندها يجب أن يمثلهم شخص واحد اتجاه الشركة، فالمادة 62/و من القانون اليمني تنص على انه ((جـ ـ ويكون السهم غير قابل للتجزئة فإذا تملكه أشخاص متعددون وجب أن يختاروا أحدهم لينوب عنهم في استعمال الحقوق المتصلة بالسهم …))( )، ولا مانع من تملك أكثر من شخص للسهم حسب القانون العراقي إذا حصل عن طريق الإرث وفي هذه الحالة يجب أن يمثل مجموع المشتركين شخص واحد .
وبعد أن تناولنا خصائص الأسهم حسب القانون العراقي بالمقارنة مع بعض نصوص القوانين العربية نتناول موضوع تداول الأسهم لأهمية الموضوع، ولانه خاصية من خصائص الأسهم في شركات الأموال .
تداول الأسهم
تعد القابلية للتداول إحدى الخصائص الجوهرية للأسهم في شركات الأموال، أي إمكانية انتقالها لغير المالك بالبيع أو عن طريق الإرث لا يحول دون ذلك إلا بعض القيود التي تتضمنها النصوص القانونية أو ما يتفق عليه المساهمون، على أن لا يصل اتفاق المساهمين في تقييد تداول الأسهم إلى منع تداولها لأن ذلك يتناقض مع طبيعة شركات الأموال، والتداول خاصية مرتبطة بالأسهم تميزها عن الحصص في شركات الأشخاص التي لا يجوز تداولها( ) تورد المادة 64 من قانون الشركات العراقي نصا مفاده انه ((في الشركة المساهمة والمحدودة، للمساهم نقل ملكية أسهمه إلى مساهم آخر أو إلى الغير مع مراعاة ما يأتي)) .
وحق نقل ملكية الأسهم غير تداولها، فالأخيرة تعني انتقالها بالطرق التجارية السريعة، أما الانتقال فلا يجري إلا وفق أحكام حوالة الحق المعروفة في القانون المدني( ) .
ونرى أن الانتقال المقصود في القانون العراقي ينصرف إلى الاثنين معا، فهو تداول لأنه لا يشترط موافقة الشركة على انتقال الأسهم في بعض الحالات، ويشترط ذلك في حالات أخرى، وقد أشارت بعض القوانين إلى حرية تداول الأسهم، فالمادة 154 في قانون دولة الإمارات تنص على انه ((…وتكون الأسهم قابلة للتداول …)) .
وإذا كان القانون العراقي قد أعطى الحق في نقل ملكية الأسهم إلى مساهمين آخرين أو إلى الغير كما ورد في مقدمة المادة (64) فقد أورد قيودا على نقل ملكية الأسهم نتطرق لها فيما يأتي :
القيود الواردة على انتقال ملكية الأسهم في الشركات المساهمة :
أولا : القيود على اسهم المؤسسين :
تنص الفقرة أولا من المادة 64 على انه ((لا يجوز للمؤسسين نقل ملكية أسهمهم إلا بعد اقرب الأجلين الآتيين :
1 ـ مضي ما لا يقل عن سنتين على تأسيس الشركة .
2 ـ توزيع أرباح لا تقل عن 5% خمس من المئة من رأس المال المدفوع ))وهذا القيد على اسهم المؤسسين يبرره أهميتهم في حياة الشركة، وفي بداية تكوينها على وجه الخصوص، ويفترض أن يظل المؤسسون مرتبطين بالشركة وهم من تابع إجراءات تأسيسها وعلى دراية بظروف عملها إلى الوقت الذي تستقر فيه أوضاعها حيث لا خشية عليها من ترك هذا أو دخول ذاك، وبتقدير المشرع العراقي أن الفترة التي تصبح بعدها الشركة مستقرة تكون بتحقيق أحد الأمرين المذكورين، أما مضي سنتين كاملتين( ) على تأسيس الشركة، أو أنها حققت أرباحا في سنتها الأولى لأن الأمر لا يكون إلا وفق ميزانية، ولا توضع للشركة ميزانية إلا في سنتها المالية، ويشترط في الأرباح أن لا تقل عن 5% من راس المال المدفوع، وأي الأمرين يتحقق أولا يرفع القيد المفروض على انتقال ملكية الأسهم، وقد اعتمدت القوانين العربية المعيار الزمني فقط وهو مرور مدة معينة على تأسيس الشركة (م100) من نظام الشركات السعودي ((سنتين ماليتين كاملتين لا تقل كل منهما على اثني عشر شهرا)) وم45 من قانون الشركات المصري، وم100/أ من القانون اليمني، وم77/جـ من القانون العماني، بينما جعل القانون الكويتي المدة ثلاث سنوات على تأسيس الشركة (م109) كما حرم على جميع المساهمين التصرف بالأسهم قبل مضي سنة على تأسيس الشركة (م106) .
ويلاحظ أن هذه القوانين أباحت انتقال ملكية الأسهم المذكورة استثناء في أحوال خاصة، فالفقرة جـ من المادة 77 من القانون العماني المشار إليها تنص ((على أن يستثنى من ذك حالات التنازل عن الأسهم بين المؤسسين أنفسهم أو الأسهم المملوكة للحكومة وحالات الإرث أو البيع بالمزاد العلني لاقتضاء الاقساط المستحقة عليها ولم يتم سدادها))، فالبيع مباح بين المؤسسين كذلك تقرر بعض القوانين في النصوص التي أشرنا إليها إباحة انتقال الأسهم لأعضاء مجلس الإدارة لتقدمها كضمان للإدارة، وكذلك عند وفاة أحد المؤسسين يباح لورثته بيع الأسهم إلى الغير، ولا يوجد مثل هذه الاستثناءات في القانون العراقي .
ثانيا: القيد المفروض على اسهم القطاع الاشتراكي
تقضي الفقرة ثانيا من المادة 64 على انه ((لا يجوز للمساهم من القطاع الاشتراكي نقل ملكية أسهمه في الشركة المختلطة إلى شخص من غير هذا القطاع، إذا أدى ذلك إلى انخفاض نسبة مساهمة القطاع الاشتراكي عن (25%) خمس وعشرين من المئة من رأس المال)) . وغاية القيد كما هو واضح الحفاظ على هوية الشركات المختلطة بان تظل كذلك لان انخفاض المساهمة عن 25% يؤدي إلى فقدانها صفتها كشركة مختلطة وتتحول إلى شركة خاصة .
ونعيد ما ذكرنا سابقا من ضرورة إعادة النظر في القطاع المختلط، أو مشاركة الدولة في رؤوس أموال الشركات، فإذا تبين للدولة أهمية النشاط الذي يدخل ضمن نشاط الشركة، فعليها أن تقدم على تأسيس الشركة عامة وفق أحكام قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997، اما إذا أرادت المشاركة مع أشخاص غير القطاع الاشتراكي فيفترض أن تكون المشاركة على قدم المساواة لها من الحقوق ما للأفراد وعليها من الواجبات مالهم أيضا، وعلى أية حال حرم القانون البيع الذي يؤدي إلى أن تفقد الشركة صفتها المختلطة، وبمعنى ذلك انه يجوز أن يبيع القطاع الاشتراكي ما زاد على 25% لأنها تظل محتفظة بالنسبة المطلوبة لبقاء الشركة مختلطة، كذلك يجوز للقطاع الاشتراكي أن يبيع أسهمه لأشخاص من القطاع الاشتراكي أيضا .
وقد علقت بموجب التعديل الفقرة ثانيا الخاصة باسهم القطاع الاشتراكي في الشركة المختلطة، وبذلك اصبح نقل ملكيتها مباحا بغير شروط .
ثالثا : القيد المفروض على بيع الأسهم لاعتبارات عدة :
تضمنت الفقرة ثالثا من المادة 64 مجموعة قيود على انتقال ملكية الأسهم، اما للمصلحة العامة، أو لمصلحة الشركة، أو لحماية حقوق المرتهن أو الحاجز للأسهم، ولا تشمل هذه القيود في هذه الفقرة اسهم القطاع الاشتراكي، انما تقتصر على اسهم القطاع الخاص، وهذه القيود :
((1 ـ إذا كانت مرهونة أو محجوزة أو محبوسة بقرار قضائي .
2 ـ إذا كانت شهاداتها مفقودة ولم يعط بدلها .
3 ـ إذا كان للشركة دين على الأسهم المراد نقل ملكيتها .
4 ـ إذا كان من تنقل إليه ملكية الأسهم ممنوعا من تملك اسهم الشركات بموجب قانون أو قرار صادر من جهة مختصة))( ) .
رابعا : القيد المفروض على أسهم أعضاء مجلس الإدارة :
تنص الفقرة (3) من المادة 106 كشرط لعضوية مجلس الإدارة أن يكون ((3 ـ مالكا لما لا يقل عن ألفي سهم إذا كان ممثلا للقطاع الخاص وإذا نقصت أسهمه عن هذا الحد وجب عليه إكمال النقص خلال ثلاثين يوما من تاريخ حصوله على عضوية مجلس الإدارة، والا اعتبر فاقدا لعضوية المجلس عند انتهاء المهلة المذكورة )) .
فالشخص حتى يكون عضوا في مجلس الإدارة ينبغي أن يكون مالكا لما لا يقل عن ألفي سهم، وان يظل محتفظا بهذا العدد ما دام عضوا في مجلس الإدارة، أي أن هذه الأسهم المقابلة لعضويته في الإدارة لا يحق له بيعها، لأن النص يقضي عند انخفاض عدد الأسهم عن ألفي سهم أن يكمل النقص خلال ثلاثين يوما من تاريخ تحقق النقص وألا يفقد العضوية في مجلس الإدارة، ونطلق على هذا العدد من الأسهم بأسهم الضمان صحيح أن القانون لم يشر إلى كونها ضمانا المسؤولية، وعليه فانها يمكن أن تكون ضمان الحرص كما يرى ذلك أستاذنا (ياملكي المصدر السابق219 )، وقد أطلقت بعض القوانين على العدد المطلوب تملكه من الشخص ليكون عضوا في مجلس الإدارة بضمان العضوية في المجلس، فالمادة 139 من قانون الشركات الكويتي تنص على انه ((ويخصص هذا القدر من الأسهم لضمان إدارة العضو…)) ونص مماثل (م97) من قانون الإمارات، وم134/ب من قانون الشركات اليمني ((ويخصص القدر من الأسهم المذكورة في الفقرة السابقة لضمان مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة)) .
(وم97 من قانون الشركات العماني)، أو (م68) من نظام الشركات السعودي (وم91) من قانون الشركات المصري، و(م133) من قانون الشركات الأردني التي جاءت أكثر تفصيلا . ويستطيع عضو مجلس الإدارة أن يتصرف بما زاد عن الألفي سهم كما يستطيع أن يتصرف بالألفي سهم بعد انتهاء العضوية في مجلس الإدارة( ) .
وقد بينت المادة 660 بفقرتيها أولا وثانيا إجراءات انتقال الأسهم فإذا كانت اسهم الشركة المساهمة مدرجة في سوق بغداد للأوراق المالية، يتم انتقال ملكية الأسهم وفق إليه البيع التي يقضي بها قانون السوق والتعليمات الصادرة بموجبه.
أما البيع خارج السوق فيتم في مجلس يضم البائع والمشتري أو من يمثلهما وبحضور مندوب عن الشركة وينظم عقد يذكر فيه اسم الطرفين ورقم شهادة الأسهم، وإقرار البائع بقبض الثمن وإقرار المشتري بقبول عقد الشركة ويسجل العقد في سجل انتقال الأسهم الخاص بالشركة مقترنا بتوقيع الطرفين ومندوب الشركة وأي بيع يقع خارج المجلس المذكور أو لا يسجل في سجل الشركة يعد باطلا .
أما انتقال ملكية الأسهم عن طريق الإرث فمعلوم أن الوفاة تنقل الأسهم إلى الورثة حسب نصيبهم في القسام الشرعي، ولا توجد مشكلة في تعدد الورثة، فيعد كل منهم مساهما في الشركة، لأن عدد الشركاء في هذه الشركات غير محدود، ولكن يحول دون انتقال الأسهم إلى الورثة حسب القانون العراقي قيدان:
الأول : أن لا يتجاوز عدد الأسهم التي يملكها المساهم الحدود التي بينها القانون وكما ذكرنا فان هذه الحدود محل نظر لأنها تحول دون تكوين الشركات القابضة التي من المتوقع انشاؤها جدير بالذكر أن التحديد ألغي بموجب التعديل الذي أشرنا إليه وقد ورد النص بهذا الخصوص مشوبا بالغموض فقد جاء النص على الشكل الآتي ((…أو آلت إليه أسهم تزيد على الحد الأعلى المسموع به قانونا…)).
أما الثاني : إذا كان الوارث ممنوعا من تملك الأسهم .
وفي الحالتين على من انتقلت إليه أسهم ممنوع من تملكها بسبب تجاوز الحدود كما ذكرنا أو بسبب منعه من تملك الأسهم، أن يقوم ببيعها وفق إجراءات البيع وخلال تسعين يوما من تاريخ تملكه لها، وإذا تخلف عن البيع يقوم مجلس الإدارة ببيعها عن طريق المزايدة العلنية وأي انتقال للأسهم بغير طريق البيع يجب أن يسجل في سجل انتقال الأسهم بموجب حكم صادر من المحكمة المختصة ويكتسب الدرجة القطعية( ) .
ولن تتعرض القوانين موضوع المقارنة إلى انتقال ملكية الأسهم عن طريق الإرث، وعلى ما يبدو تركتها لأحكام القواعد العامة في قواعد الميراث والقانون المدني، وفعلت خيرا في هذا المنحى .
المطلب الثاني
سندات القرض Credit Bonds
إذا كانت الشركة قد حددت راس مالها بما يحقق أغراضها بناء على دراسة من جهة لها خبره،فان الشركة أثناء حياتها قد ترى حاجتها إلى أموال أخرى كأن تريد توسيع نشاطها، ولا ترغب في زيادة راس المال، لأن للزيادة شروطها وأسبابها وآثارها، فليس أمام الشركة إلا الاقتراض، وقد يحصل من المصارف إذا كان المبلغ المقترض صغيرا ومدة سداده قصيرة، اما إذا كانت المبالغ المطلوبة بحجم كبير، وتحتاج الشركة إلى مدة طويلة نسبيا لسداده فليس أمام الشركة إلا الاقتراض من الجمهور بواسطة سندات القرض، ولم ينظم قانون الشركات الملغي لسنة 1983 أحكام الاقتراض بواسطة السندات، لكن القانون الحالي افرد الفصل الثاني من الباب الثالث (المواد 77 ـ 84) لسندات القروض.
وقبل توضيح الأحكام التي وضعها القانون الخاص بسندات القرض، نعرف السندات أولا ثم نعقد مقارنة بينها وبين الأسهم :
تعريف سند القرض : يعرف سند القرض على انه ورقة مالية اسمية قابلة للتداول وغير قابلة للتجزئة تمثل حق دائنيه لحاملها تجاه الشركة( )، وقد أشارت لبعض هذه الخصائص المادة 77 من قانون الشركات .
وبناء على التعريف فالسند اسمي قابل للتداول وغير قابل للتجزئة وهذه خصائص الأسهم أيضا، كما مر بنا ومع ذلك يختلف السند عن السهم في كثير من الأمور ابرزها :
1 ـ حامل السهم شريكا في الشركة، في حين يعد حامل السند دائنا لها، ويختلف المركز القانوني للشريك عن الدائن .
2 ـ مادام حامل السهم شريك يحق له المشاركة في إدارة الشركة في الترشيح أو التصويت ولا يحق لحامل السند ذلك، فلا يشارك في الإدارة ولا في اختيارها .
3 ـ يستحق حامل السهم الأرباح التي تنتجها الشركة متساويا مع غيره من الأسهم، وبذلك يختلف مقدار الربح حسب ما ينتج من أرباح، وقد لا تنتج الشركة ربحا فلا يحصل حامل السهم على شيء .
أما حامل السند فهو دائن له فوائد تأتيه جرى الاتفاق عليها في نشره الإصدار ولا علاقة لتقاضي الفوائد بما تحققه الشركة من أرباح، فيستحق حامل السند الفوائد حتى مع خسارة الشركة .
4 ـ عند تصفية الشركة تدفع لحملة السندات حقوقهم أولا، وبعدها يأتي دور حملة الأسهم .
هذه أهم الفروق بين الأسهم والسندات( ) على الرغم من التشابه بينهما وعلى الرغم من انها أوراق مالية تصدرها شركة واحدة .
نوضح فيما يأتي الأحكام الخاصة بإصدار السندات، وتشبه عملية إصدار السندات إصدار الأسهم، ففي الحالتين يجري اللجوء نحو الادخار العام للجمهور لذلك فان هدف الأحكام التي تضعها القوانين عادة حماية المدخرين من تلاعب الشركة وسنتناول شروط واجراءات إصدار السندات نسبقها بتوضيح النظام القانوني (التكييف القانوني) لسندات القرض.
وقد وجدنا ترددا لدى الفقه في اضفاء الصفة التعاقدية على العلاقة بين المكتتب والمؤسسين للشركة عند إصدار الأسهم، ولان إجراءات تأسيس الشركة قد تفشل في الوصول إلى نهايتها بنجاح وتكوين الشركة، أما في تحديد العلاقة بين المكتتب بسند القرض و الشركة فلا تقوم مثل هذه الصعوبة لأن الشركة قائمة وهي شخص معنوي تام ليس في طور التكوين ولذلك فالعلاقة عقدية بين الشركة من جهة والمكتتب في سند القرض من جهة أخرى يلتزم الأخير بدفع ما يطلب منه مقابل الحصول على السند وقبوله الشروط الواردة في نشره الاصدار مقابل التزام الشركة في دفع الفوائد واعادة قيمة السندات كاملة في نهاية المدة المحددة للقرض .
وثمة من يرى أن نشره الاصدار إيجاب صادر عن الشركة، وتوقيع المكتتب على استمارة الحصول على السندات قبول للايجاب لكنه قبول جماعي مشروط بقبول الجمهور لهذه الشروط، وينبني على ذلك حق المكتتب في الرجوع عن اكتتابه إذا لم تغطى جميع السندات التي اصدرتها الشركة( )، ونبين فيما يأتي شروط إصدار سندات القرض وبعدها إجراءات اصدارها :
1 ـ شروط إصدار سندات القرض .
بينت المادة 78 من قانون الشركات شروط لجوء شركة المساهمة إلى الاقتراض من الجمهور عن طريق إصدار سندات قرض تطرح في اكتتاب عام، وهذه الشروط هي :
((لا يجوز إصدار سندات القرض قبل استكمال الشروط الآتية :
أولا : أن يكون راس مال الشركة مدفوعا بكامله
ثانيا : أن لا يتجاوز مجموع القرض راس مال الشركة .
ثالثا : موافقة الهيئة العامة للشركة على إصدارها بناء على توصية مجلس الإدارة )) فالشروط كما هو واضح، أن يكون راس مال الشركة مدفوعا بكامله، وقد جاءت كلمة (راس مال) مطلقة لذا فهي تنصرف إلى راس المال الاسمي، لأنه هو الأساس، والغاية من هذا الشرط واضحة، فكيف يتسنى للشركة أن تطلب المال عن طريق الاقتراض وجزء من راس مال الشركة مازال في ذمة المكتتبين، لأنه بامكان الشركة الانتظار لحين استحقاق القسط لتسد حاجتها للسيولة النقدية، ولا يتعدى الانتظار مدة السنة أو اقل منها، وقد بينت المادة 49 من قانون الشركات المصري : ((وبعد أداء راس المال المصدر بالكامل…))( )، وم88 من قانون الشركات العماني ((أن يكون قد تحرر راسمال الشركة المكتتب بكامله)) وم117 من نظام الشركات السعودي التي استثنت ((شركات التسليف العقاري وشركات التسليف الزراعي أو الصناعي والشركات التي يرخص لها بذلك وزير التجارة))، ومثل هذا النص قانون الشركات اليمني (م112)، و(م118) من قانون الشركات الكويتي أن يكون راس المال المكتتب به مدفوعا بالكامل و(م179) من قانون الشركات الإماراتي التي اباحت للشركة الاقتراض حتى قبل نشر ميزانية السنة الأولى ((إذا كفلت الدولة أو أحد المصارف العاملة فيها الوفاء بهذه السندات …)) ونرى اعتماد راس المال المكتتب به اكثر واقعية.
أما الشرط الثاني فهو أن لا يتجاوز مبلغ القرض راس مال الشركة، وقد بينت الفقرة ب من م112 للقانون اليمني ((…ألا تزيد قيمة الإسناد على راس المال الموجود فعلا )) وكذلك م180 من القانون الإماراتي، وم117 من نظام الشركات السعودي اشترطت أن لا يتجاوز مبلغ القرض راس المال المدفوع وم88 من القانون العماني ورد راس المال مطلقا، بينما اشترط القانون المصري في المادة 49 ((ألا تزيد قيمتها على صافي أصول الشركة حسبما يحدده مراقب الحسابات وفقا لآخر ميزانية وافقت عليها الجمعية العامة))، وم118 من القانون الكويتي راس المال المكتتب، وإذا كان الضمان جميع أموال الشركة وهو يتماشى مع نص القانون المصري، إلا أن الاقتصار على راس المال الاسمي أو المكتتب به فيه ضمان لا غبار عليه . والشرط الثالث صدور قرار من الهيئة العامة للشركة، ولم يبين القانون هل أن القرار يعد من القرارات العادية أم القرارات التي تتطلب حضور عدد مخصوص من المساهمين؟، نرى أنه اجتماع عادي لأن الأمور التي تتطلب نصابا مخصوصا استثناء وردت حصرا في الفقرة ثانيا من المادة 92، ولم يرد من بين موضوعاتها اتخاذ قرار بإصدار سندات القرض( )، ونرى أن موضوع الاقتراض من الجمهور فيه خطورة على الشركة والمقرضين يستحسن لو اشترط القانون أغلبية خاصة .
2 ـ إجراءات إصدار السندات
أ ـ بعد صدور قرار الهيئة العامة المرتبطة بدراسة اقتصادية عن أسباب الاصدار وأوجه إنفاق القرض، يرسل القرار والدراسة إلى مسجل الشركات.
ب ـ بعد أن يجد المسجل توافر الشروط القانونية، يرفع الأمر إلى وزير التجارة مع تنسيبه أي أن يكتب خلاصة عن توفر الشروط القانونية ورأيه في الطلب، وللوزير الموافقة على الطلب أو رفضه، ويبلغ القرار للشركة في الحالتين من قبل المسجل (م79) والقرار نهائي على ما يبدو( ).
جـ ـ يكون شراء السندات بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب بالسندات، وتبدأ إجراءات الاكتتاب بنشر بيان الاصدار في النشرة التي يصدرها المسجل وفي صحيفتين يوميتين، ويتضمن البيان المعلومات الآتية التي تكتب في السندات عند اصدارها :
((أولا ـ اسم الشركة ورأس مالها .
ثانيا ـ تاريخ قرار الهيئة العامة بالموافقة على إصدار سندات القرض .
ثالثا ـ معلومات عن الوضع المالي للشركة
رابعا ـ سعر الفائدة وتواريخ استحقاقها .
خامسا ـ قيمة الإصدار ومدته والقيمة الاسمية لكل سند .
سادسا ـ طريقة الاكتتاب ومدته وطريقة الدفع .
سابعا ـ مواعيد الوفاء بالقيمة الاسمية للسند .
ثامنا ـ الغرض من القرض .
تاسعا ـ ضمانات الوفاء .
عاشرا ـ سندات القرض التي أصدرتها الشركة سابقا .
حادي عشر ـ أية بيانات ومعلومات ضرورية ))( ) .
يجري الاكتتاب في مصرف يقوم بعملية الاكتتاب لقاء عمولة، ويغلق الاكتتاب أما بانتهاء المدة المحددة له، أو بالاكتتاب بجميع الإسناد المصدرة، ويقوم المصرف بالإعلان عن غلق الاكتتاب في صحيفتين يوميتين، ويزود المسجل بقائمة تتضمن أسماء المكتتبين وعناوينهم وجنسياتهم وعدد السندات المكتتب بها والمبالغ المدفوعة من كل سند( ) .
ويحق للمكتتبين بسندات القرض وخلال سبعة أيام من تاريخ آخر اعلان بالغلق الطعن أمام المحكمة المختصة وهي محكمة البداءة التي يقع المقر الرئيس للشركة في دائرتها بعدم صحة إجراءات الاكتتاب، وتنظر المحكمة في الطعن بصورة مستعجلة وقرارها خاضع لمراجعة محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية، ولا يخضع القرار للطعن بتصحيح القرار التمييزي، وإذا حكم بإلغاء الاكتتاب لثبوت الأسباب الواردة في الطعن، وجب على المصرف إعادة المبالغ المسددة من المكتتبين إليهم خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوما( ) .
ولم يتطرق النص إلى التعويض إن كان له مقتضى، ولكن يمكن سماع دعوى التعويض بناء على دعوى المسؤولية التقصيرية وفقا للقواعد العامة المطلوب من المكتتب إثبات أركانها، وقد أشار القانون المصري م49 إلى الحقوق التعويضية، وكذلك م121 من نظام الشركات السعودي، أما السندات التي لم يكتتب بها فتستطيع الشركة أن تبيعها في سوق الأوراق المالية بسعر التداول على أن لا يقل عن قيمتها الاسمية( ) .
ومطلوب من الشركة أن توفي بقيمة السندات في المدة المحددة في بيان الإصدار أو قبل ذلك ولكن لا يجوز في كل الأحوال أن يتعدى التاريخ المذكور( ).
والملاحظ على الأحكام التي أوردها قانون الشركات الخاصة بإصدار سندات القرض انه يمكن أن تسدد أقيام السندات على دفعات، وهذا ما يستدل من نصوص القانون بصورة غير مباشرة، إذ ورد في النصوص اكثر من مرة عبارات المبلغ المدفوع أو الذي يدفع من قيمتها . (المبالغ المسددة من المكتتبين) (والمبالغ المدفوعة من قيمة السند) (م82، 81) .
و(طريقة الدفع) التي وردت في بيان الإصدار، بينما أشارت بعض القوانين العربية إلى أن يكون دفع قيمة السندات كاملة مرة واحدة( )، وهذا يتوافق مع حاجة الشركة إلى السيولة التي دفعتها للاقتراض، كذلك أشارت القوانين العربية موضوع المقارنة إلى تكوين هيئة عامة تنتخب ممثلين عنهم لحماية حقوق أصحاب السندات( )، ولم يتضمن القانون العراقي مثل ذلك وهو نقص كان من المستحسن تلافيه .
كما أن القانون العراقي لا يعرف إلا نوعا واحدا من السندات نستطيع أن نطلق عليه السندات العادية، وهي السندات التي تعطي لأصحابها الحق في تقاضي الفوائد الثابتة في بيان الإصدار في المواعيد المحددة أيضا، وحق تسلم مبالغ السندات عند انتهاء المدة المحددة للقرض في حين تعرف القوانين أنواعا من السندات كما يشير الفقه إلى أنواع أخرى، فبالإضافة إلى السندات العادية كما ذكرنا توجد :
السندات القابلة للتحول إلى أسهم : نرى المادة 50 من قانون الشركات المصري تقضي بأنه ((يجوز أن تتضمن شروط إصدار السندات قابليتها للتحول إلى اسهم بعد مضي المدة التي تحددها الشركة في نشرة الاكتتاب ويتم التحول بموافقة صاحب السند))( )، كما يوجد نوع آخر من السندات هي السندات ذات المكافأة وبذلك تنص المادة 121 على انه ((يجوز إصدار سندات ذات مكافأة تدفع عند استهلاك السند أو الوفاء بقيمته …))( )، ويشير الفقه إلى السندات ذات العلاوة، حيث يدفع المكتتب مبلغا يقل عن القيمة الاسمية للسند بينما تلتزم الشركة بكامل قيمة السند ويجري احتساب الفوائد بناء على ذلك أيضا، والغاية من ذلك تشجيع المدخرين على شراء السندات( ) .
المبحث السادس
الأرباح والخسائر
إن هدف الشركة يتمثل أساسا بالحصول على الربح ولكن قد لا يؤول نشاطها إلى تحقيق ذلك فقد تمنى بخسارة، وتقضي نية المشاركة، توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء وسنتناول توزيع الأرباح أولا ثم توزيع الخسائر .
توزيع الأرباح
تنص المادة 73 من قانون الشركات على أن :
((يوزع الربح الصافي للشركة بعد استيفاء جميع الاستقطاعات القانونية على الوجه الآتي :
أولا : (5%) خمس من المئة في الأقل كاحتياطي إلزامي حتى يبلغ (50%) خمسين من المئة من راس المال المدفوع، ويجوز بقرار من الهيئة العامة الاستمرار في الاستقطاع لحساب الاحتياطي الإلزامي بما لا يجاوز (100%) مئة من المئة من راس المال المدفوع .
ثانيا : يوزع الباقي من الربح أو جزء منه على الأعضاء حسب أسهمهم أو حصصهم حسب الأحوال)) ونتناول هذا النص على نقاط :
1 ـ الربح الصافي الذي يوزع هو الربح الذي حققته الشركة المستمدة من زيادة الإيرادات على المصروفات، ووفقا لاستخدام المعايير المحاسبية مستقطعا منه ما تقرره القوانين كحصة الضريبة مثلا وحصة الضمان الاجتماعي للعمال .
2 ـ يستقطع من الربح الصافي ما لا يقل عن 5% لتكوين احتياطي، ويشترط في المبلغ المستقطع أن لا يقل عن 5% ولكن يجوز الاستقطاع بأكثر من ذلك، وجاء الأكثر مطلقا على أن لا يصل الأمر لحرمان المساهمين من حقهم في الأرباح، ويكون الاستقطاع لحساب تكوين احتياطي وهو احتياطي إلزامي كما واضح من النص، لأنه بالإمكان تكوين احتياطيات اختيارية حسب ما تقرره الهيئة العامة( )، ويستمر استقطاع النسبة المذكورة من صافي الأرباح حتى يصل المستقطع إلى (50%) من راس المال المدفوع، وتستطيع الهيئة العامة أن تقرر مواصلة الاستقطاع بما لا يتجاوز (100%) من رأس المال المدفوع، كأن تقرر الهيئة العامة الاستمرار بالاستقطاع إلى (75%) أو (90%) أو (100%) ولكن لا يجوز أن يتعدى ذلك .
3 ـ يوزع ما تبقى من الربح أو جزء منه بحسب ما تحدده الهيئة العامة على المساهمين حسب أسهمهم، لأن الأسهم من نوع واحد في القانون العراقي فهي متساوية من حيث الحقوق في تقاضي الأرباح ولذلك يكون لكل مساهم مقدار من الربح يتناسب مع عدد ما يمتلكه من الأسهم ووفق المعادلة الآتية :
مجموع الربح المطلوب توزيعه
ــــــــ×عدد اسهم كل مساهم=الربح لكل مساهم
عدد اسهم راس المال
كما أشارت المادة 74 إلى أوجه استخدام الاحتياطي فجاء النص كالآتي :
((أولا : يستخدم الاحتياطي لأغراض توسيع وتطوير أعمال الشركة، وتحسين ظروف العمل والعمال فيها، والاشتراك في تأسيس مشروعات لها علاقة بنشاط الشركة، والإسهام في حماية البيئة( ) وبرامج الرعاية الاجتماعية، وللجهة القطاعية المختصة توجيه الشركة نحو الاستخدام الأمثل للاحتياطي بما يخدم الأغراض المذكورة، ولا يجوز توزيع أية أرباح منها .
ثانيا : اطفاء خسائر الشركة من الاحتياطي بما لا يتجاوز (50%) خمسين من المئة منه، وما زاد على ذلك يكون خاضعا لموافقة المسجل والجهة القطاعية المختصة )) .
ونتناول النص المذكور المتعلق باستخدامات الاحتياطي بنقاط وعلى الشكل الآتي :
1 ـ الاستخدام الرئيس للاحتياطي وهو احتياطي إلزامي كما ذكرنا لتوسيع وتطوير أعمال الشركة، كأن تفتح الشركة خطوطا إنتاجية جديدة، إذا كانت شركة صناعية، أو تحدث خطوطها القديمة، أو إدخال التقنية الحديثة في الإنتاج، وكل ذلك لصالح الشركة .
2 ـ تحسين ظروف العمل والعمال : ولا تخفى أهمية تحسين ظروف العمل والعمال على الإنتاج والإنتاجية، كأن تلجأ الشركة إلى تسقيف مكان العمل إن كان مكشوفا، أو فتح مطعم للعمال يقدم وجبات بأسعار مخفضة، أو تهيئة خطوط نقل ملائمة .
3 ـ المشاركة في المشاريع ذات العلاقة بنشاط الشركة في إنجاز المشاريع ذات العلاقة أو المشاركة برأس المال بحيث تصبح الشركة شريكا في المشاريع المذكورة .
4 ـ الإسهام في مشاريع حماية البيئة وبرامج الرعاية الاجتماعية( ) .
وتعد هذه الأمور ذات أهمية في حياة المجتمع والعاملين في الشركة، يقتضي من الشركة أن تخصص جزءا من الاحتياطي لمواجهتها، كإنشاء دور حضانة لأطفال العاملات في الشركة ومراكز ترفيهية منفردة أو بالمشاركة مع غيرها من الوحدات الاقتصادية .
5 ـ تشير المادة المذكورة إلى انه على الجهة القطاعية المختصة أن توجه الشركة نحو الاستخدام الأمثل للاحتياطي ونرى في ذلك عبئا على الجهة القطاعية المختصة، إذ يطلب منها ملاحقة الشركات وتوجيهها نحو استخدام الاحتياطي بما يحقق المصلحة العامة ومصلحة الشركة أيضا( ) .
6 ـ لا يجوز للشركة أن توزع أرباحا من الاحتياطي حتى لو وجد لديها فائض منه، لأنه مخصص لأغراض محددة لا يجوز تجاوزها .
7 ـ إذا كان غير مسموح للشركة أن توزع أرباحا من الاحتياطي فيجوز لها أن تطفئ خسائرها منه وبلا موافقة من أية جهة، ولكن ينبغي أن يكون المبلغ المستقطع من الاحتياطي لهذا الغرض بما لا يجاوز 50% منه، ويجوز أن يؤخذ ما يزيد على هذه النسبة على شرط موافقة المسجل والجهة القطاعية المختصة، وبلا تحديد لهذه النسبة لأنها جاءت مطلقة .
توزيع الخسائر
1 ـ لا توجد مشكلة في توزيع الخسائر لأنها توزع على مجموع الأسهم، ويقع على المساهم مبلغ بعدد ما يملكه من الأسهم، والمعادلة في توزيع الربح تطبق لتوزيع الخسارة، فقط تكتب الخسارة بدلا من الربح :
مجموع الخسارة
ــــــــــ×عدد الأسهم التي يملكها كل مساهم=خسارة المساهم
عدد اسهم راس المال
وقد يثار تساؤل في هذا المقام مفاده، هل مطلوب من المساهم أن يدفع مبلغ الخسارة التي ترتبت عليه والجواب على ذلك بالنفي، لأن المسؤولية في شركات المساهمة محددة بقدر المساهمة براس المال، وعليه تلحق الخسارة القيمة الفعلية للسهم( ) .
2 ـ إذا بلغت( ) خسارة الشركة 50% خمسين من المئة من راس المال، على الشركة أن تبلغ المسجل بذلك وخلال ستين يوما من التاريخ الذي تثبت فيه الخسارة وفقا لميزانية معدة وفق الأصول المحاسبية، ويبلغ المسجل الجهة القطاعية المختصة التي تدرس حالة الشركة وتقدم توجيهات ملزمة، ولا نعلم هل لدى الجهة القطاعية المختصة القدرة على دراسة أوضاع الشركات التي تلحقها خسائر بالحجم المشار إليه ؟ وتعطي الحلول الملزمة لها نشك في ذلك ولم نر في نصوص القوانين العربية المقارنة ما يماثل هذا الدور لأي جهة .
3 ـ اما إذا بلغت خسارة الشركة 75% من راس المال فهي ملزمة بأن تقوم بأحد الإجراءات الآتية :
أ ـ تخفيض راس المال أو زيادته أو اتخاذ أي إجراء آخر يقترن بموافقة الجهة القطاعية المختصة، كأن تقرر الشركة الاندماج مع غيرها من الشركات .
ب ـ أن توصي بتصفية الشركة عندما تجد أن بقاء الشركة يمثل عبئا يزيد في خسائرها، وقد بينت هذه الأحكام المادة 76 بفقرتيها، أولا وثانيا .
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (7)
الأثنين 31/07/2006
المبحث السابع
إدارة الشركة
تتصف الشركة المساهمة كما ذكرنا بالتنظيم، فتتوزع الاختصاصات فيها بين جهات عدة، الهيئة العامة التي ترسم سياسة الشركة، ومجلس الإدارة الذي يمثل السلطة التنفيذية، التي تضع مقررات الهيئة العامة موضع التنفيذ كما يتولى مراقب الحسابات، مهمة الرقابة من خلال تدقيق الميزانية والقرارات التي تتخذها السلطات التنفيذية، وسنتناول هذه الجهات في ثلاثة مطالب :
المطلب الأول
الهيئة العامة( )
تعد الهيئة العامة أعلى سلطة في الشركة لأنها تمثل مالكي راس المال في الشركة ولها اختصاصات وصلاحيات كبيرة، وسنتناول في فقرات التعريف بالهيئة العامة والاجتماعات التي تعقدها ثم اختصاصاتها .
التعريف بالهيئة العامة
تنص المادة (85) من قانون الشركات على أن ((تتكون الهيئة العامة من جميع أعضاء الشركة))، وبناء على هذا النص فان القانون يطلق تسمية الهيئة العامة على مالكي راس المال في الشركة، لأنه لم يقيد الحضور إلى اجتماعات الهيئة العامة والتصويت فيها على تملك مقدار من اسهم الشركة( ) . في حين تنص (م83) من نظام الشركات السعودي على انه ((يبين نظام الشركة من له حق حضور الجمعيات العامة من المساهمين ومع ذلك يكون لكل مساهم حائز لعشرين سهما حق الحضور ولو نص نظام الشركة على غير ذلك …)) .
فالهيئة العامة في الأساس تمثل مجموع مالكي أسهم الشركة، مع الأخذ بالاعتبار القيود التي تضعها بعض القوانين على شرط حضور اجتماعات الهيئة العامة .
اجتماعات الهيئة العامة
نتناول في الاجتماعات تحديد الجهات التي تدعوا لانعقادها، وأنواع الاجتماعات، والنصاب القانوني لانعقاد كل منها، والإنابة في حضور الاجتماع .
الدعوة لعقد الاجتماع
1 ـ تأتي الدعوة من المؤسسين بالنسبة للاجتماع التأسيسي (م87) ((أولا : مؤسسي الشركة لغرض عقد الاجتماع التأسيسي خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور شهادة التأسيس))
2 ـ أما الدعوة لحضور الاجتماعات خلال حياة الشركة فتقع من رئيس مجلس الإدارة أو بناء على طلب أعضاء في الشركة يملكون ما لا يقل عن 10% من راس مال الشركة المدفوع (م87/ثانيا) .
3 ـ وقد ترد الدعوة من المسجل أما بمبادرة منه أو بناء على طلب بعض الجهات (الجهة القطاعية( ) المختصة أو مراقب الحسابات) .
وفي الأحوال التي تتخلف فيها الجهات المعنية عن دعوة الهيئة العامة للاجتماع يقع على المسجل واجب توجيه الدعوة (م88/ثانيا) ((إذا تخلف المؤسسون أو رئيس مجلس الإدارة في الشركة المساهمة …عن توجيه الدعوة لعقد اجتماع الهيئة العامة خلال المواعيد المقررة قانونا وجب على المسجل توجيهها مباشرة إلى الأعضاء في الشركة …)) .
وتوجه الدعوة عادة للمساهمين في صحيفتين يوميتين وفي النشرة التي يصدرها المسجل والاعلان في سوق الأوراق المالية، بينما تعتمد بعض القوانين ارسال الرسائل المسجلة (المضمونة) (م116) من قانون الشركات العماني ((…كما يجب أن ترسل في الوقت نفسه إلى كل مساهم بالبريد المسجل أو تسلم إليه أو إلى ممثله باليد مقابل توقيعه وذلك قبل الموعد المحدد للاجتماع باسبوعين على الأقل))( ) .
أنواع الاجتماعات والنصاب القانوني لكل منها :
1 ـ الاجتماع التأسيسي : وهو الاجتماع الذي يعقب صدور شهادة تأسيس الشركة وبما لا يتجاوز ثلاثين يوما .
ويتحقق النصاب في هذا الاجتماع إذا توافر النصاب المطلوب للاجتماع العادي للشركة رغم أهمية القرارات التي تتخذها الهيئة العامة، من تعيين مجلس الإدارة ومراقب الحسابات لأن الاجتماع غير العادي الذي تطلب له القانون نصابا مخصوصا، جاءت حالاته حصرا واستثناء لا يجوز تجاوزها وليس من بينها الاجتماع التأسيسي .
بينما يشترط القانون المصري لصحة الاجتماع التأسيسي ((…حضور عدد من الشركاء يمثل نصف راس المال المصدر على الأقل .
وإذا لم يتوافر في الاجتماع النصاب المنصوص عليه في الفقرة السابقة وجب توجيه الدعوة لاجتماع ثان يعقد خلال 15 يوما من الاجتماع الأول … ويكون الاجتماع الثاني صحيحا إذا حضره عدد من الشركاء يمثل ربع راس المال المصدر على الأقل))( ) .
2 ـ الاجتماع العادي
تجتمع الهيئة العامة اجتماعا عاديا مرة واحدة في السنة في الأقل (م86) لمناقشة الأمور التي تقع ضمن اختصاصاتها، والتي تحصل بصورة دورية، كمناقشة مقدار الأرباح التي تقرر توزيعها ومناقشة تقرير مراقب الحسابات عن الميزانية .
ويتحقق النصاب في هذا الاجتماع بحضور أكثرية الأسهم المدفوعة أقساطها، والمقصود بالأكثرية الأكثرية المطلقة لأن القانون لم يحددها، وعند عدم تحقق هذه النسبة المذكورة، يؤجل الاجتماع إلى الموعد نفسه من الأسبوع التالي، ويكون النصاب متحققا بحضور أي عدد من الأسهم( )، وإذا كان القانون لم يصف الاجتماع بكونه عاديا أو غير عادي، إنما يفهم ذلك من طبيعة الأمور المطلوب من الجمعية العامة مناقشتها .
3 ـ الاجتماع الطارئ أو غير العادي .
يجوز أن تجتمع الهيئة العامة وحسب الحاجة اجتماعا غير عادي وقد بينا الجهة التي تدعو إليه .
أما النصاب القانوني لهذا الاجتماع فقد أشارت له الفقرة ثانيا من المادة 92 التي تنص على انه ((إذا اقتصر جدول الأعمال على تعديل عقد الشركة أو زيادة راس مالها أو تخفيضه أو إقالة مجلس إدارتها أو أي عضو فيه أو دمجها أو تحويلها أو تصفيتها فيقتضي عندئذ حضور النسبة المطلوبة للاجتماع الأول )) .
والنسبة المطلوبة للاجتماع الأول في الفقرة أولا تعني الأكثرية، وقد توقف القانون عند الأكثرية، ولم يشر إلى إعادة الاجتماع مرة أخرى وما هي المدة التي يدعى للاجتماع بعدها ولم يتعرض إلى تخفيض النسبة إلى اقل من الأكثرية عند عدم تحققها، وهذا يثير صعوبة عدم تحقق النسبة المطلوبة، وحسب القانون العراقي لا يوجد حل، إذ لابد من قرار تؤيده الأكثرية، القانون الأردني تطلب حضور الأكثرية المطلقة لصحة الاجتماع غير العادي، وفي حالة عدم حصولها تدعى الهيئة العامة لاجتماع ثان خلال الأيام العشرة التالية للاجتماع الأول، ويكون الاجتماع صحيحا إذا حضر أكثر من 40% من مجموع الأسهم، وعند عدم حصوله يلغى الاجتماع، أيا كانت أسباب انعقاده (م172)، وإذا كان في نسبة 40% هبوط عن الأكثرية، لكن النسبة قد لا تتحقق أيضا لأنها ما زالت مرتفعة كما أن إلغاء الاجتماع إجراء غير عملي بتقديرنا، وهبط نظام الشركات السعودي في الاجتماع الثاني إلى الربع بعد أن اشترط في الأول الأكثرية (م92)( )، أما القانون اليمني فقد تطلب في الاجتماع الثاني حضور ثلث الأسهم (م173/ب)، في حين تطلب القانون الإماراتي أغلبية ثلاثة أرباع الأسهم وعند عدم تحققها، يدعى لاجتماع ثان خلال ثلاثين يوما، ويشترط لصحته حضور نصف الأسهم، وفي حالة عدم حصول النسبة المذكورة تدعى الجمعية العامة لاجتماع ثالث خلال ثلاثين يوما، ويكون هذا الاجتماع صحيحا بحضور أي عدد من الأسهم( ).
ونرى الأمر يتطلب الابتعاد عن التفريط والإفراط، التفريط بمسايرة القانون الإماراتي الذي يقضي بصحة الاجتماع بحضور أي عدد في الاجتماع الثالث، لأن القرارات المطلوب اتخاذها خطيرة في حياة الشركة كتصفيتها مثلا .
أما الإفراط فيتمثل بموقف القانون العراقي الذي يتطلب الأكثرية حصرا، وقريب منه القانون الأردني الذي يتطلب 40%، ونرى الحل الوسط يتمثل بموقف القانون المصري ونظام الشركات السعودي اللذين طلبا حضور 25% في الأقل من أسهم الشركة .
وقد عدلت المادة (92) من القانون العراقي بموجب التعديل الذي أشرنا إليه، ولكن التعديل لم يعالج الأمر بل زاد في تعقيده، فحسب التعديل وبالنسبة للاجتماع العادي يشترط حضور الأكثرية، وعند عدم تحققها يدعى لاجتماع ثان في الأسبوع التالي، ولا يكون صحيحا إلا بحضور 25% من الأسهم، وأضاف بشكل غير مفهوم انه بإمكان المسجل أن يلغي هذا الاشتراط، فاشتراط حضور 25% للاجتماع العادي لم نر ما يماثله في القوانين موضوع المقارنة( )، كما انه ترك الأمر للمسجل ليصرف النظر عن حصول النسبة المطلوبة فيه، تحكم يترك للمسجل قد يطلبه أو لا يطلبه وفي ذلك ثلم للمساواة . ولم يتعرض التعديل إلى نصاب الاجتماع غير العادي وبذلك من غير اليسير تحققه . بل إن القانون العراقي أضاف للأمر صعوبة،عندما اشترط لصحة القرارات في الاجتماع غير العادي، أن تصدر بأكثرية الأسهم المكونة لراس المال ((تصدر القرارات الخاصة بتعديل عقد الشركة أو زيادة راس مالها، أو تخفيضه أو دمجها أو تحويلها أو تصفيتها بأكثرية الأسهم المكتتب بها والمسدد أقساطها المستحقة في الشركة المساهمة …)) (م98/ثانيا)، فالأغلبية مطلوبة لا في الحضور فقط إنما في التصويت عل القرارات أيضا، لكن التصويت في القرارات العادية يكون بأغلبية الأسهم المشاركة في الاجتماع( ) .
وقد تطلب القانون حضور مندوبين عن المسجل وعن الجهة القطاعية المختصة وحضور أغلبية أعضاء مجلس الإدارة بضمنهم ممثلو العمال، ومع ذلك ينعقد الاجتماع عند عدم حضور المذكورين بعد مرور نصف ساعة عن موعد الاجتماع (م93) .
وقد عدلت المادة ليقتصر اشتراط الحضور على ممثل سجل الشركات وعلى أغلبية أعضاء مجلس الإدارة، وأبقى على صحة انعقاد الاجتماع حتى مع عدم حضور أعضاء مجلس الإدارة بعد مضي نصف ساعة على وقت الاجتماع المحدد، وبذلك تساهل القانون تجاه عدم حضور أعضاء مجلس الإدارة، ونورد فيما يأتي نص المادة (60) من قانون الشركات المصري حيث نرى أهميته :
((يجب أن يكون مجلس الإدارة ممثلا في الجمعية العامة بما لا يقل عن العدد الواجب توفره لصحة انعقاد جلساته … ولا يجوز التخلف عن حضور الاجتماع بغير عذر مقبول …
فإذا كان نصاب اجتماع المساهمين قانونيا، ولم يتوافر نصاب مجلس الإدارة في الاجتماع جاز للجمعية في هذه الحالة النظر في توقيع غرامة مالية على أعضاء مجلس الإدارة الذين لم يحضروا بغير عذر مقبول، فإذا تكرر غيابهم جاز للجمعية أن تنظر في عزلهم وانتخاب غيرهم ثم تدعى الجمعية لاجتماع آخر …))( ) .
كما أن الفقرة ب من المادة 177 من القانون الأردني تفيد بأنه :
((على مجلس الإدارة حضور اجتماع الهيئة العامة بعدد لا يقل عن العدد الواجب توافره لصحة انعقاد مجلس الإدارة، ولا يجوز التخلف عن الحضور بغير عذر مقبول )) .
ومن ذلك نرى غرابة النص العراقي، الانتظار نصف ساعة، ثم انعقاد اجتماع الهيئة العامة بغير حضور أي من أعضاء مجلس الإدارة وبلا مسؤولية تترتب على أي منهم بسبب تغيبه .
حضور الاجتماعات والإنابة
يحق لأي مساهم حسب القانون العراقي، حضور اجتماعات الهيئة العامة والمشاركة في التصويت، لعدم وجود نص يقيد هذا الحق، كما يحق للمساهم أن ينيب غيره بوكالة أن كان المناب غير مساهم في الشركة، وبورقه إنابة تعدها الشركة بالتنسيق مع مسجل الشركات، إن كان المناب أحد المساهمين (م91 أولا وثانيا)( )، ونرى أن إباحة توكيل الغير، وقد يكون مضرا بالشركة، لم تسمح القوانين موضوع المقارنة به فالمادة (83) من نظام الشركات السعودي تقضي للمساهم أن يوكل عنه كتابه مساهما آخر …)) وم 158/ب من قانون الشركات اليمني ((ويجوز التوكيل في حضور الجمعية العامة بشرط أن يكون الوكيل مساهم))( )، كما أن القانون العراقي لم يتعرض إلى موضوع توكيل أعضاء مجلس الإدارة، ومع سكوت القانون فهو مباح لأن ذلك هو الأصل، بينما منعت القوانين التي نشير إلى نصوصها توكيل أعضاء مجلس الإدارة، فالقانون المصري يقضي في المادة (59) انه : ((ولا يجوز للمساهم من غير أعضاء مجلس الإدارة أن ينيب عنه أحد أعضاء مجلس الإدارة في حضور الجمعيات العامة ))، ومفاد النص منع توكيل أعضاء مجلس الإدارة، إنما يجوز توكيل أعضاء مجلس الإدارة بعضهم للبعض، بينما جاء في نص (158/أ) في القانون اليمني … ولا يجوز للمساهم أن ينيب عنه أعضاء مجلس الإدارة في حضور الجمعية العامة ))( ) .
اختصاصات وصلاحيات الهيئة العامة
بينت المادة 102 من قانون الشركات بفقراتها العشر اختصاصات وصلاحيات الهيئة العامة وعلى الشكل الآتي :
((الهيئة العامة هي أعلى هيئة في الشركة، وتتولى تقرير كل ما يعود لمصلحتها ويكون لها بوجه خاص ما يأتي :
أولا : مناقشة وإقرار تقرير المؤسسين حول إجراءات تأسيس الشركة عند عقد الاجتماع التأسيسي .
ثانيا : انتخاب ممثلي المساهمين من غير القطاع الاشتراكي في مجلس إدارة الشركة المختلطة من قبلهم، وممثلي جميع المساهمين في مجلس إدارة الشركة المساهمة الخاصة وإقالتهم .
ثالثا : مناقشة تقارير كل من مجلس الإدارة في الشركة المساهمة… ومراقب الحسابات وأي تقرير آخر يردها من جهة ذات علاقة واتخاذ القرارات اللازمة .
رابعا : مناقشة الحسابات الختامية للشركة والمصادقة عليها .
خامسا : مناقشة وإقرار الخطة السنوية المقترحة والموازنة التخطيطية للسنة التالية في غير الشركات المساهمة .
سادسا : تعيين مراقب الحسابات وتحديد أجوره في الشركات الخاصة .
سابعا : مناقشة الاقتراحات الخاصة بالاقتراض والرهن والكفالة واتخاذ القرارات بشأنها )) .
ثامنا : إقرار نسبة الأرباح الواجب توزيعها على الأعضاء وتحديد نسبة الاحتياطي الإلزامي وأية احتياطات أخرى تراها مناسبة .
تاسعا : تحديد مكافأة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة المختلطة والخاصة بما يتناسب والجهد المبذول في إنجاز المهام وتحقيق الخطط والأرباح .
عاشرا : إقرار قواعد الخدمة في الشركة المساهمة المختلطة المعدة من مجلس الإدارة بالتنسيق مع الجهة القطاعية المختصة )) .
والاختصاصات كما هو واضح تتعلق بالهيئة العامة في اجتماعاتها المتنوعة التأسيسي والعادي والطارئ .
المطلب الثاني
مجلس الإدارة
نتناول مجلس الإدارة في شركات المساهمة حسب قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997، نقارن الأمر بسابقه القانون رقم 36 لسنة 1983 الملغي ثم نتناول مجلس الإدارة حسب تعديل القانون الذي صدر مؤخرا .
ونقارن كل ذلك مع تجربة الإدارة في القوانين المقارنة .
أولا : مجلس الإدارة طبقا لأحكام القانون رقم 21 لسنة 1997 .
ميز القانون بين الشركات المختلطة والشركات الخاصة، والأولى كما بينا تلك التي تشترك الدولة براس المال فيها شريطة أن لا تقل مساهمة المال العام فيها عن 25% من راس المال.
مجلس الإدارة في شركات المساهمة المختلطة
يتكون المجلس من تسعة أعضاء أصليين ومثلهم احتياط( )، وهو رقم ثابت لكل أنواع الشركات المساهمة المختلطة لا تختلف الواحدة عن الأخرى، تأسيسا على أن للشركات المختلطة ذات الأهمية فتتوحد في عدد أعضاء مجلس إدارتها ويتوزع هذا العدد كالآتي :
1 ـ ثلاثة أعضاء يمثلون القطاع الاشتراكي يعينهم الوزير المختص أو من يخوله والوزير المختص هو من يقع نشاط الشركة ضمن النشاط الذي تشرف عليه وزارته، ونرى أن من الملائم اقتصار التحديد على الوزير المختص بغير أو من يخوله، لأن العضوية في مجلس الإدارة تقترب من درجة المدير العام، فلا يصح أن يخول المدير العام بتعيينهم، كما أن التعيين من قبل الوزير له وقع معنوي افضل بتقديرنا( ) .
2 ـ أربعة أعضاء يمثلون القطاع الخاص يجري انتخابهم من قبل الهيئة العامة بغير اسهم القطاع الاشتراكي( ) .
وتوزيع الأعضاء كما هو واضح يرتبط بملكية راس المال بالنسبة للمثلي القطاع الخاص، لذلك وجدنا التباين في العدد بين قانون 1983 والقانون الحالي تبعا لتغير حصة كل قطاع في راس المال، كما يرتبط بعنصر العمل عندما جعل القانون عضوين من أعضاء المجلس لهما .
وإذا كان ثمة من يرى حصول طلاق بين الإدارة وملكية راس المال( ) فان هذا الطلاق يبرز بوضوح حسب أحكام قانون الشركات رقم 36 لسنة 1983 الملغي وقانون رقم 21 لسنة 1997 الحالي، يبدو ذلك بوضوح في تعيين المدير المفوض للشركات الذي قد يكون من بين الشركاء أو من الغير( ) .
كذلك يكون الانفصال واضحا في شركات المساهمة، عندما يتم اختيار عضوين من العاملين وهم لا يملكون شيئا من راس المال، يضاف إلى ذلك أن ممثلي القطاع الاشتراكي موظفون لا يملكون أيضا حصة في راس المال بالمعنى الدقيق للملكية، إنما تتمثل هذه بملكية المجتمع لحصة من راس المال وهم جزء من ذلك المجتمع .
عدل نص المادة 103 الخاص بمجلس الإدارة في الشركة المختلطة ليكون العدد سبعة أصليين يختار الوزير المختص أو من يمثله عضوين وتنتخب الهيئة العامة الخمسة الآخرين إلا إذا جاوزت مساهمة قطاع الدولة 50% فيصبح ممثلي هذا القطاع ثلاثة وتختار الهيئة العامة الأربعة الآخرين، وقد الغي التعديل مشاركة ممثلي العمال .
وتفيد المادة 128/أ من قانون الشركات اليمني على انه ((إذا كانت الدولة أو غيرها من الهيئات العامة مساهمة في الشركة اعتبرت عضوا دائما في مجلس إدارتها ويكون لها مركز واحد إلا إذا كانت تملك ربع راس المال أو أكثر من ذلك فيكون لها عدد من مراكز
المجلس بنسبة ما تملكه من الأسهم))( ) .
مجلس الإدارة في الشركات الخاصة
يتكون مجلس الإدارة في الشركة الخاصة من عدد لا يقل عن خمسة ولا يزيد على تسعة حسب القانون العراقي تنتخب الهيئة العامة عددا يتراوح بين 3 ـ 7 من أعضاء المجلس، ويجري اختيار عضوين من العاملين في الشركة من بين الاتحاد العام لنقابات العمال (م104) قبل أن تعدل، ويجري اختيار عدد مماثل للأعضاء الأصليين احتياط( ) . وقد عدلت المادة المذكورة بموجب التعديل الذي أشرنا إليه ليكون عدد أعضاء مجلس الإدارة يتراوح بين 5 ـ 9 أعضاء أصليين تنتخبهم الهيئة العامة للشركة :
وكان القانون يستبعد الشركات المصرفية من شرط مشاركة العاملين في مجالس إدارتها تأسيسا على أن للشركة أسرارها التي من غير المستحب اطلاع العاملين عليها وهي حجة غير مقنعة بتقديرنا، لأن العاملين مطلعون على أوضاع الشركة من الناحية العملية، وقد ألغى التعديل للقانون هذا الاستثناء بسبب حرمان مشاركة العاملين في الإدارة لجميع أنواع الشركات المصرفية وغير المصرفية .
وإذا قارنا الأمر مع القوانين موضوع المقارنة نجد المادة 77 من قانون الشركات المصري تقضي بان (( يتولى إدارة الشركة مجلس إدارة يتكون من عدد فردي من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة تختارهم الجمعية العامة لمدة ثلاث سنوات وفقا للطريقة المبينة في نظام الشركة)) فالعدد متروك للانتخابات وتحديد الحد الأعلى لعدد أعضاء مجلس الإدارة متروك أيضا لنظام الشركة( ) .
ويحتاج موضوع استبعاد العاملين في تشكيله مجلس الإدارة حسب القانون العراقي بعد التعديل إلى بعض التوضيح، فهذه المشاركة يمتد تاريخها إلى ستينات القرن الماضي، كما أن العاملين في أي نشاط اقتصادي طرف فيه لا يمكن تجاهله، وإذا كان لا وجود لتمثيل العاملين في مجلس الإدارة في غالبية القوانين موضوع المقارنة، فان هذا التمثيل قد تراجع في التشريع المصري أيضا، ليتخذ صوره من إشكال ثلاثة تبعا لما ينص عليه نظام الشركة، وبذلك فهو يختلف من شركة لأخرى، فقد بين النظام طريقة مشاركة العاملين وعددهم، أو أن ينص النظام على تحديد اسهم للعاملين( ) كمجموع ـ باعتبارهم جمعية واحدة لمن أمضى في العمل مدة لا تقل عن سنة ـ ويجري اختيار من يمثلهم بالإدارة من قبل العاملين، أما الطريقة الثالثة فهي عدم المشاركة في مجلس الإدارة، إنما المشاركة في هيئة استشارية تقدم إلى مجلس الإدارة المشورة .
ونرى تخفيفا لاتجاه القانون بإبعاد العاملين عن إدارة الشركة المساهمة الخاصة اللجوء لاعتماد تكوين هيئة استشارية يشارك فيها العاملون، والغريب في الأمر أن التعديل ابقى على وجود العمال ضمن تشكيلة مجلس الإدارة في الشركات المختلطة .
شروط العضوية في مجلس الإدارة
يشترط في الشخص الذي يكون عضوا في مجلس إدارة الشركة المساهمة ما يأتي :
أولا : أن يكون كامل الأهلية، وتمام الأهلية حسب القانون العراقي وغالبية القوانين العربية عدا القانون المصري( ) إكمال الثامنة عشرة من العمر (م106/أ)، ولم تتعرض غالبية القوانين موضوع المقارنة لهذا الشرط إلا أن قانون الشركات الأردني اشترط في عضو مجلس الإدارة أن يكمل الحادية والعشرين من العمر( )، لأهمية مركز عضو مجلس الإدارة في الشركة، وما يتطلبه من النضج والخبرة .
ثانيا : أن لا يكون ممنوعا من عضوية مجلس الإدارة بحسب قانون أو قرار صادر عن جهة مختصة (م106/2)، ويمنع قانون انضباط موظفي الدولة الموظف من الاشتراك في إدارة الشركات (م 5/ف2) تنزيها للوظيفة العمومية وإبعادها عن الشبهات حبذا لو كان النص في قانون الشركات . كما هو مسلك القانون الأردني في المادة 147/2 من قانون الشركات التي نصها ((أن لا يكون موظفا في الحكومة أو أي مؤسسة رسمية عامة))( )، بل تحرم بعض القوانين على الموظف حتى بعد تركه الوظيفة المشاركة في مجلس إدارة الشركة المساهمة إلا بعد مضي مدة معينة، لكن الأمر يقتصر على الشركات التي تحظى بامتيازات أو متعاقدة مع الدائرة التي كان يعمل بها الموظف (م178 من قانون الشركات المصري) التي نصها : ((لا يجوز بغير إذن خاص من رئيس مجلس الوزراء للوزير أو لأي من العاملين شاغلي وظائف الإدارة العليا، قبل انقضاء ثلاث سنوات من تركه الوزارة أو الوظيفة أن يعمل مديرا بمجلس إدارة أو أن يشتغل بصفة دائمة بأي عمل فني أو إداري أو استشاري في شركة من شركات المساهمة التي تكفل لها الحكومة مزايا خاصة عن طريق الإعانات أو الضمان، أو التي ترتبط مع الحكومة أو وزارات الحكم المحلي بعقد من عقود الاحتكار، أو عقد من عقود الاشتغال العامة أو بعقد التزام مرفق عام أو بعقد استغلال مصدر من مصادر الثروة المعدنية أو الطبيعية)) .
ثالثا : أن يكون مالكا لما لا يقل عن ألفي سهم م(106) ويطلق على هذه الأسهم حسب القوانين المقارنة وما درج عليه الفقه باسهم الضمان، أي ضمان المسؤولية عن الأضرار التي تلحق الشركة نتيجة مزاولته لعمله كعضو مجلس الإدارة (م134/أ) من قانون الشركات اليمني التي تشترط أن لا تقل عن 2% من أسهم الشركة، وتنص الفقرة ب من المادة على أن ((ويخصص القدر من الأسهم المذكورة في الفقرة السابقة لضمان مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة)) وم97 من القانون العماني، وم97 من قانون الشركات لدولة الإمارات، وكان الأجدر بالقانون العراقي أن يجعل هذه الأسهم لضمان المسؤولية، ما دامت لا تباع خلال عضوية صاحبها في المجلس وإذا نقصت يجب إكمال النقص وإلا تنتهي العضوية، أما كونها دليلا على الحرص وأداء واجب الإدارة بكفاءة فهنالك من ينتقد هذا الاشتراط تأسيسا على انه يحرم الأكفاء ممن لا يملك العدد المطلوب من عضوية مجلس الإدارة( ) .
وتحرم بعض القوانين أوراق الضد التي تشير إلى صورية امتلاك العدد المذكور في الأسهم إنما تكون مملوكة لشخص آخر يقدمها لضمان عضو مجلس الإدارة مقابل الاحتفاظ بورقة الضد التي تثبت حقيقة ملكية هذه الأسهم، حيث تنص على عدم سريان هذه الورقة في مواجهة الشركة (م91) من قانون الشركات المصري( )،ولم يشر القانون العراقي لهذا الأمر، ويوجد استثناء على تقديم هذه الأسهم عندما يجري اختيار أشخاص من غير المساهمين في الشركة فلا يطلب أن يكونوا مالكين للعدد المذكور من الأسهم،كما هو الحال بالنسبة لممثلي الدولة في مجلس إدارة الشركة المساهمة المختلطة،وكذلك ممثلي العاملين في الشركة المذكورة( ) .
رابعا : لا يحق للشخص أن يكون عضوا في مجالس إدارة اكثر من ثلاث شركات في وقت واحد، وقد كان الأمر حسب قانون 1957 الملغي جواز أن يكون الشخص عضوا في مجالس إدارة ستة شركات في وقت واحد، وما دعى لهذا التطور منع القلة من أصحاب رؤوس الأموال من احتكار إدارة عدد كبير من الشركات، وهو ما يطلق عليه البعض (الإقطاع المالي)( )، ويمكن أن يكون إقطاعا إداريا . وقد أنقصت بعض القوانين عدد الشركات التي يسمح فيها للشخص المشاركة في مجالس إدارتها في وقت واحد إلى شركتين( )
وفي الشركات المصرفية وشركات الاستثمار المالي ذات الأهمية في مجال الاستثمار يقتصر حق العضوية في مجلس الإدارة على شركة واحدة( ) .
هذه هي شروط العضوية في شركات المساهمة حسب القانون العراقي وتوجد شروط أخرى تضاف لهذه الشروط، كما تقضي بذلك القوانين المقارنة أو ينادي بها الفقه .
ومن الشروط التي بينتها القوانين موضوع المقارنة وأغفلها القانون العراقي اشتراط أن لا يكون الشخص محكوما عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف كجريمة خيانة الأمانة أو الاختلاس، أو إعطاء صك بغير رصيد مثلا( ).
ويبدو أن المشرع العراقي لم يعتمد النص الذي فيه المنع، لإلغاء نظام رد الاعتبار فيكون الشخص الذي ينهي محكوميته كامل الحقوق ونرى مجاراة التشريعات العربية حماية للشركة وللضمان العام فيها، ويعطي الاطمئنان للمساهمين أثناء التصويت على اختيار أعضاء مجلس الإدارة .
الموضوع الآخر الذي لم يتطرق له القانون العراقي وأشارت له غالبية التشريعات العربية إعطاء حصة تتجاوز النصف لمواطني الدولة التي تحمل الشركة جنسيتها حيث تنص المادة 99 من قانون الشركات الإماراتي على انه ((يجب أن تكون أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من المتمتعين بجنسية الدولة، وإذا انخفضت نسبة مواطني الدولة في مجلس الإدارة عما يلزم توافره بالتطبيق لهذه المادة وجب استكمالها خلال ثلاثة اشهر على الأكثر وإلا كانت قرارات المجلس بعد انقضاء هذه المدة باطلة))( )، فضلا عن ذلك فان بعض القوانين تمنع من أن يكون مدير الشركة أو أي موظف فيها عضوا في مجلس الإدارة، ما لم تمض على انتهاء عضويته مدة معينة، وهو ما تقضي به المادة 83 من قانون الشركات المصري .
وتتضمن القوانين شرط الإقرار الخطي بقبول عضوية المجلس م90/أ من قانون الشركات المصري، والقانون العراقي في المادة 107 أعطى للعضو المنتخب حق الاعتذار خلال سبعة أيام من تاريخ انتخابه أن كان حاضرا، ومن تاريخ تبليغه أن كان غائبا، ونرى أن طريقة الإقرار بالقبول أفضل من الطريقة التي اعتمدها القانون العراقي لكي لا يفاجأ المجلس بشخص أو أشخاص من أعضائه يلجأون إلى الاعتذار بعد انتخابهم، كما انه لا لزوم لإعطاء الشخص الذي ينتخب في عضوية المجلس وهو حاضر للمجلس مدة سبعة أيام( ) .
إنهاء العضوية في مجلس الإدارة
تنتهي العضوية في مجلس الإدارة لأسباب عديدة :
1 ـ انتهاء دورة المجلس :
دورة المجلس ثلاث سنوات من تاريخ أول اجتماع م106/ثالثا من قانون الشركات التي تنص على أن ((مدة العضوية في مجلس الإدارة ثلاث سنوات من تاريخ أول اجتماع له وتكون المدة قابلة للتجديد))( )، وبانتهاء المدة يحل المجلس أي تعد عضوية الجميع منتهية، ويجوز تجديد هذه العضوية لمرات غير محددة .
2 ـ فقدان أحد شروط العضوية : تنتهي عضوية الشخص في مجلس الإدارة إذا فقد أحد شروط العضوية حيث تنص م106/ ثانيا ((إذا فقد عضو مجلس الإدارة أي من الشروط المذكورة في البند (أولا) من هذه المادة زالت عنه عضوية المجلس من تاريخ فقدان ذلك الشرط وكل قرار يتخذ بحضوره يعتبر باطلا إذا كان تصويته بشأنه قد أثر في اتخاذه)) .
ومن النص وكما هو واضح يفقد عضو مجلس الإدارة عضويته بفقده أحد شروط العضوية ومن تاريخ الفقدان، وعليه فانه لم يعد عضوا في المجلس ويفترض أن لا يحضر اجتماعاته وإذا حضر فلا يدخل ضمن النصاب المكون لشرعية الاجتماع، لكن ما يفهم من الجملة الأخيرة وكأنه قد يحضر اجتماعات المجلس ويشارك في التصويت، وتكون باطلة القرارات التي كان لتصويته تأثير في صدورها، وهو أمر لم تتعرض له القوانين المقارنة، إذ اكتفت بالنص على بطلان عضوية عضو مجلس الإدارة الذي يفقد المطلوب أن يمتلكه من الأسهم (م91 من قانون الشركات المصري)( )
3 ـ الاستقالة
يحق لعضو مجلس الإدارة أن يقدم استقالته من المجلس ولم ينظم القانون هذا الأمر بصورة تفصيلية كما فعلت القوانين المقارنة إنما جاء النص الوحيد عن الاستقالة في الفقرة ثانيا من المادة/107 التي نصها ((إذا استقال عضو مجلس الإدارة وجب أن تكون استقالته تحريرية ولا تعتبر نافذة إلا من تاريخ قبولها من المجلس )) .
ومفاد النص أن الاستقالة يجب أن تكون كتابة، والشرط الثاني انها لا تعد نافذة إلا من تاريخ قبولها من المجلس، وهذا الأمر يفرض سؤالا في الجواب عليه غرابة انه إذا لم يوافق المجلس على الاستقالة فيظل عضوا فيه على خلاف إرادته، أي أن يجبر الشخص على أداء عمل غير راغب فيه .
أما القوانين المقارنة فهي على الضد من هذا الإجراء، حيث تقضي بان يعد مستقيلا من تاريخ تقديمه طلب الاستقالة، وليس له العدول عن الطلب بعد ذلك، فالمادة (136) الفقرة ب من قانون الشركات اليمني تنص على أنه ((يجب أن يوجه طلب الاعتزال كتابة إلى مجلس الإدارة ويترتب أثره من يوم تقديمه ولا يجوز لطالب الاعتزال العدول عنه))( ) .
كما لم يشر القانون العراقي إلى ضرورة أن يكون الاعتزال في وقت ملائم مما لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالشركة، كما فعلت القوانين التي أشرنا إليها (م136/3) من قانون الشركات اليمني، ومع ذلك يمكن الرجوع لأحكام القواعد العامة في هذا الأمر، أي أحكام الوكالة في القانون المدني .
كذلك يعد مستقيلا عضو مجلس الإدارة إذا تغيب من دون عذر مشروع عن حضور ثلاثة اجتماعات متوالية، أو تغيب عن حضور اجتماعات متوالية لمدة تتجاوز ستة اشهر حتى لو كان غيابه في هذه الحالة بعذر مشروع( ) .
وفي سياق الكلام عن الاعتزال (الاستقالة) يبرز موضوع الإقالة، الذي لم يعالجه القانون بمواد منفردة إنما جاء الأمر ضمن أحكام النصاب القانوني لاجتماع الهيئة العامة الذي سبق الكلام فيه، حيث يتطلب القانون انعقاد اجتماع غير عادي حضور أغلبية مالكي الأسهم المسدد أقساطها في الشركة المساهمة، إذا كان المطلوب مناقشته في الاجتماع أمور هامة من بينها ((..أو إقالة مجلس إدارتها أو أي عضو فيه)) ولو عدنا لأحكام القواعد العامة نرى أن الإقالة تنفذ حتى إذا ألحقت بعضو مجلس الإدارة ضررا لكن يحق له المطالبة بالتعويض عن الضرر في هذه الحالة( ) .
اختصاصات وصلاحيات مجلس الإدارة
يمارس مجلس الإدارة جميع الأعمال الضرورية لسير نشاط الشركة من مالية وإدارية وفنية وتخطيطية عدا ما يكون داخلا في اختصاصات الهيئة العامة لأن المجلس يعد الجهة التنفيذية لقرارات هذه الجهة، بينت ذلك المادة 117 من قانون الشركات وكما يأتي :
((يتولى مجلس الإدارة المهام الإدارية والمالية والتخطيطية والتنظيمية والفنية اللازمة لسير نشاط الشركة عدا ما كان منها داخلا في اختصاصات الهيئة العامة وبوجه خاص تكون له الاختصاصات الآتية :
أولا : تعيين المدير المفوض وتحديد أجوره ومكافآته واختصاصاته وصلاحياته والإشراف على أعماله وتوجيهه وإعفاؤه .
ثانيا : تنفيذ قرارات الهيئة العامة ومتابعة تنفيذها .
ثالثا : وضع الحسابات الختامية للسنة السابقة خلال الأشهر الست الأولى من كل سنة، وإعداد تقرير شامل بشأنها وبنتائج تنفيذ الخطة السنوية وتقديمها إلى الهيئة العامة لمناقشتها والمصادقة عليها على أن تتضمن ما يأتي :
1 ـ الميزانية العامة .
2 ـ كشف حساب الأرباح والخسائر .
3 ـ أية بيانات أخرى تقررها الجهات المختصة .
رابعا : مناقشة وإقرار خطة سنوية بنشاط الشركة للسنة القادمة يعدها المدير المفوض خلال الأشهر الستة الأخيرة من السنة في ضوء هدف الشركة، ووفق خطة التنمية وتوجيهات الهيئات التخطيطية، وتتضمن تقريرا شاملا عن نشاط الشركة على أن ترفق بها موازنة تخمينية تتضمن ما يأتي :
1 ـ النقدية .
2 ـ المبيعات .
3 ـ المشتريات .
4 ـ القوى العاملة .
5 ـ النفقات الرأسمالية .
6 ـ الإنتاج .
خامسا : متابعة تنفيذ الخطة السنوية وتقديم تقارير دورية إلى مراقب الحسابات وتقرير سنوي إلى الهيئة العامة عن نتائج تنفيذ الخطة .
سادسا : إعداد الدراسات والإحصائيات بهدف تطوير نشاط الشركة .
سابعا : اتخاذ القرارات الخاصة بالاقتراض والرهن والكفالة .
ولا يحتاج النص المطول إلى توضيح .
مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة
عالج قانون الشركات العراقي موضوع مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة بصورة مبتسرة عل خلاف القوانين موضوع المقارنة التي عالجته بشكل اكثر تفصيلا .
فما ورد في نصوص قانون الشركات العراقي هو نص المادتين 119، 120، والأولى تنص على انه ((لا يجوز لرئيس مجلس الإدارة أو أي عضو فيه أن تكون له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود التي تبرم مع الشركة أو لحسابها إلا بترخيص من الهيئة العامة، وكل غبن ينجم عن هذا التعاقد يتجاوز 10% عشر في المئة من قيمة المتعاقد عليه يجعل العقد باطلا رغم ترخيص الهيئة العامة، ويتحمل عاقده كل ضرر يصيب الشركة بسببه)) .
وتنص المادة 120 انه ((على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة أن يبذلوا من العناية في تدبير مصالح الشركة ما يبذلونه في تدبير مصالحهم الخاصة وإدارتها إدارة سليمة وقانونية على أن لا ينزلوا في ذلك عن عناية الشخص المعتاد من أمثالهم، وهم مسؤولون أمام الهيئة العامة عن أي عمل يقومون به بصفتهم هذه)).
ومفاد المادة 119
أن لا يكون للعقود التي يبرمها مجلس الإدارة مصلحة شخصية لأحد أعضاء المجلس، إبعادا للشبهات، وإذا وجدت مثل هذه المصلحة فلا يكون العقد نافذا إلا بترخيص من الهيئة العامة، بل يبطل العقد حتى مع وجود الترخيص إذا نتج عن العقد غبن للشركة يتجاوز 10% من قيمة المتعاقد عليه( ) .
أما القانون المصري فقد عالج هذا الأمر في المادة 97، بان يلزم كل عضو مجلس إدارة له مصلحة في عملية تعرض على المجلس أن يبلغ المجلس بذلك ((وان يثبت ابلاغه في محضر الجلسة)) ولا يشترك في التصويت على القرار الخاص بالعملية، كما يلزم المجلس أن يعرض على الهيئة العامة العمليات التي حصلت من هذا النوع قبل تصويت الهيئة العامة على مقررات اجتماعها( ).
كما أن القانون العراقي يمنع على عضو مجلس الإدارة أن يكون رئيسا أو عضوا لمجلس إدارة شركة أخرى تمارس نشاطا مماثلا لنشاط الشركة التي يتولى رئاسة أو عضوية مجلسها إلا بترخيص من الهيئة العامة لهذه الشركة (م110/ثانيا) . وبالرجوع إلى نصوص القوانين المقارنة نجد أن التحريم لا يقتصر على شركة تزاول نشاطا مماثلا، بل ينصرف إلى مزاولة أي نشاط يماثل بأي شكل كان لنشاط الشركة التي هو عضوا أو رئيسا لمجلس إدارتها إلا بترخيص من هيئتها العامة، فالمادة (98 من قانون الشركات المصري) تنص على انه ((لا يجوز بغير ترخيص خاص من الجمعية العامة لعضو مجلس الإدارة لشركة المساهمة أو لمديرها الاتجار لحسابه أو لحساب غيره في أحد فروع النشاط التي تزاولها الشركة، وإلا كان للشركة أن تطالبه بالتعويض أو باعتبار العمليات التي باشرها لحسابه الخاص كأنها أجريت لحسابها هي))( ) .
وقد بينت المادة 120 من قانون الشركات العراقي مدى الحرص المطلوب من عضو مجلس الإدارة أن يبذله، فوصفته في حرصه الخاص على تمشية أموره الشخصية على، لا ينزل عن حرص الشخص المعتاد إذا كان في تصريف أموره الشخصية دون ذلك .
ولم تشر القوانين التي نتعرض إلى نصوصها لموضوع الحرص وبالتالي يترك للقواعد العامة أي حرص الشخص المعتاد في مثل ظروف الشخص الذي يشغل عضوية مجلس الإدارة، اما عن مسؤولية عضو مجلس الإدارة والحق في مطالبته بالتعويض أو مقاضاته فلم يتطرق لها القانون .
في حين تعرضت القوانين موضوع المقارنة لهذه المسؤولية فالمادة 109 من قانون الشركات العماني بينت ((أن أعضاء مجلس الإدارة مسؤولون تجاه الشركة والمساهمين والغير عن الأضرار الناتجة عن أعمالهم المخالفة للقانون وعن أعمالهم التي تتجاوز حدود صلاحياتهم وعن أي غش أو إهمال يرتكبونه في أداء مهامهم، وكذلك عن عدم تصرفهم تصرف الشخص المتبصر في ظروف معينة))( )، وعلى ذلك فأن المسؤولية حسب القانون العراقي تتقرر طبقا للقواعد العامة في مسؤولية الوكيل عن الأعمال الضارة لموكله وللغير إذا تجاوز حدود صلاحياته .
كما بينت القوانين التزام الشركة بأعمال أعضاء مجلس الإدارة، ما دامت تجري باسم الشركة ولحسابها عندما تكون الأعمال واقعة ضمن اختصاص المجلس، أما إذا تجاوز اختصاصاته، فتسأل الشركة تجاه الأشخاص حسني النية( )، ولكن لا تسأل الشركة عن أعمال المجلس التي فيها تجاوز للصلاحيات متى علم الشخص بتجاوز المجلس وتبنى قرينة العلم على الاطلاع على القيود التي يتضمنها نظام الشركة( ) .
وما تقضي به نصوص القوانين ويراه الفقه، مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة عن الأضرار التي تلحق الشركة أو المساهمين أو الغير، ويحق للشركة أن تتولى مطالبتهم من خلال قرار تتخذه الهيئة العامة يبين نوع المطالبة وحجمها وتعيين من يتولاها نيابة عن الشركة وإذا تقاعست عن هذا الأمر يحق لأي مساهم أن يتولى هذه المطالبة بموجب دعوى يطلق عليها (دعوى الشركة)، أي أن المساهم يقيم دعوى على عضو في مجلس الإدارة مطالبا بتعويض الأضرار التي لحقت الشركة من تصرفاته، وتنصرف آثار هذه الدعوى إلى الشركة ممثلة لمجموع المساهمين، على أن تدفع للمساهم الذي أقام الدعوى نفقات ذلك، ويستطيع المساهم أن يقيم دعوى مباشرة إذا لحقه ضرر شخصي كحرمانه من توزيع الأرباح أو أي إجراء آخر، وتختلف هذه الدعوى عن الأولى في أن آثار الأخيرة تنصرف إلى المساهم مقيم الدعوى .
ومن المعلوم أن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة قد تكون منفردة تلحق عضوا بعينه أن تم توزيع الأعمال بين أعضاء المجلس، ويرجع الضرر إلى تصرف أحد الأعضاء المخول حسب تقسيم الأعمال، أما إذا كان التصرف جماعيا فيسأل عنه أعضاء مجلس الإدارة مجتمعين ومتضامنين، إلا إذا كان التصويت بالأغلبية وثبت المعارضون رأيهم حول القرار( ).
ومن المعلوم أن المسؤولية قد تكون مدنية ونتيجة ثبوتها تعويض الضرر بعد توافر أركانها كما هو معروف طبقا للقواعد العامة في المسؤولية .
وقد تكون جزائية نتيجة القيام بأحد الأعمال التي تعد جرائم يعاقب مرتكبها كالاختلاس أو التزوير أو خيانة الأمانة .
وقد حرمت بعض القوانين أعمالا معينة على مجلس الإدارة بسبب ما تمثله تلك الأعمال من خطورة على حياة الشركة، فالمادة 73 من نظام الشركات السعودي تنص ((..على انه لا يجوز لمجلس الإدارة عقد القروض التي تجاوز آجالها ثلاث سنوات أو بيع عقارات الشركة أو رهنها، أو بيع متجر الشركة أو رهنه، أو إبراء مديني الشركة من التزاماتهم، إلا إذا كان مصرحا بذلك في نظام الشركة وبالشروط الواردة فيه ))( ) .
في حين منعت المادة 166 من قانون الشركات الأردني، أعضاء مجلس الإدارة والموظفين في الشركة من التعامل باسم الشركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بينما حرمت المادة 101 من قانون الشركات المصري على الشركة التبرع لأي حزب سياسي، وإذا حصل فهو باطل، كما منعت التبرع لأي جهة أخرى بما يجاوز 7% من معدل صافي الأرباح للسنوات الخمس السابقة، مع وجود استثناءات، كأن يكون التبرع للعاملين في الشركة .
وتشير غالبية القوانين إلى تحريم إفشاء أسرار الشركة حتى للمساهمين في غير اجتماعات الهيئة العامة( ) .
وتمنع القوانين إقراض أعضاء مجلس الإدارة، أو كفالتهم إلا إذا كان نشاط الشركة الإقراض وان يحصل بالشروط المعروضة للجميع( ) .
المبحث الثامن
الرقابة على الشركات
وجدنا أن أحكام القانون مشددة في تأسيس الشركات عدا الشركة البسيطة، إذ يتطلب تأسيس أي شركة من الشركات الأربعة التي وضعت أحكام القانون في غالبيتها لتنظيم أوضاعها، صدور شهادة تأسيس وتتطلب الشهادة موافقة الجهة القطاعية المختصة، فضلا عن موافقة أية جهة يرى المسجل ضرورة اخذ موافقتها .
ثم جاء التعديل لقانون الشركات ليخفف إجراءات التأسيس وييسرها، فلا حاجة لصدور شهادة تأسيس بالنسبة للشركات المحدودة والتضامنية، والمشروع الفردي، واقتصرت الشهادة على الشركات المساهمة، حتى هذه الشركات فان الجهات التي تسأل لتأسيسها هو المسجل الذي مطلوب منه التحري عن توافق الإجراءات مع الشروط القانونية .
وبتقديرنا وكما ذكر فانه إذا كان التخفيف مطلوب فيقتضي أن لا يصل الأمر إلى تأسيس شركة مساهمة بغير أن تسأل أية جهة أخرى، ويقتصر دور المسجل على معرفة مدى توافق الطلب مع الشروط القانونية .
وإجراءات تأسيس الشركات رقابة سابقة أو مرافقة للتأسيس، نراها تعطلت فتظل الرقابة اللاحقة ضرورية ووجوب إيلائها أهمية أكبر، خاصة أن التعديلات على المواد الخاصة بالرقابة محدودة جدا، ولو أن هدف الرقابة قد تغير بصورة جوهرية، فإذا كان الهدف حسب المادة 125 من قانون الشركات تقضي بان :
((أولا : تهدف الرقابة إلى ضمان قيام الشركة بتطبيق أحكام هذا القانون، وقرارات التخطيط المركزي وتجسيد وتوجيه نشاطها لتؤدي دورها في عملية التنمية .
ثانيا : تتولى الجهة القطاعية المختصة ذات العلاقة بالنشاط المحدد في عقد الشركة المساهمة متابعة تنفيذ الأنشطة الواردة فيها ))
فان هدف الرقابة بعد تعديل المادة (125) اصبح كالآتي : ((تهدف الرقابة إلى ضمان قيام الشركة بتطبيق أحكام عقدها وهذا القانون)) .
ومع ذلك بتقديرنا يجب أن يكون للرقابة دورا فاعلا في متابعة نشاط الشركات والتحري عن الخلل الذي يرافق عملها وسنبدي ملاحظتنا أن وجدت على النصوص الرقابية التي تضمنها الباب الخامس في القانون (الرقابة على الشركات) .
وإذا كان الفقه يقسم الرقابة إلى سابقة ولاحقة، كذلك إلى داخلية وخارجية، ويقسمها أيضا إلى مانعة وكاشفة( )، فان الباب الخامس الذي ذكرنا بين أولا هدف ومستلزمات الرقابة ثم الرقابة المالية، وأخيرا الرقابة الإدارية، وسنتناول هذه الموضوعات في مطالب ثلاث :
المطلب الأول
مستلزمات الرقابة
بعد أن تعرضنا للنص الذي يبين هدف الرقابة وتعديله، نتناول الآن المستلزمات الضرورية لممارسة الرقابة، وسنتناول هذه المستلزمات في نقاط :
1 ـ على مجلس الإدارة في الشركة المساهمة والمدير المفوض في الشركات الأخرى، أن يعدا خلال الشهر الأول من كل سنة قائمة( ) تتضمن البيانات الآتية :
((أولا : اسم الشركة، وعنوان مركز إدارتها وفروعها إن وجدت .
ثانيا : مقدار راس المال وبيان الأسهم والحصص التي يتكون منها .
ثالثا : الأقساط المدفوعة من قيمة الأسهم في الشركة المساهمة وما سدد منها خلال السنة وتلك التي لم تسدد رغم استحقاقها .
رابعا : مجموع الأسهم التي لم يعد لأصحابها حق الاحتفاظ بها .
خامسا : أسماء وجنسيات ومهن وعناوين وعدد اسهم أو حصص كل من :
1 : أعضاء الشركة، والأعضاء الذين اكتسبوا العضوية أو انتهت عضويتهم في الشركة من تاريخ آخر قائمة سنوية أو من تاريخ تسجيل الشركة عند إعداد القائمة السنوية الأولى .
2 ـ رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والمدير المفوض في الشركة المساهمة والمدير المفوض في الشركات الأخرى )) .
ويتضمن النص معلومات مطلوب تضمينها في القائمة لا تحتاج إلى توضيح .
2 ـ إن دعوة الهيئة العامة للاجتماع لمناقشة الحسابات الختامية يجب أن ترفق بها :
((1 ـ القائمة السنوية
2 ـ الحسابات الختامية للسنة السابقة وتقرير مراقب الحسابات بشأنها .
3 ـ تقرير المدير المفوض عن مدى تنفيذ الشركة لخطتها السابقة )) .
ثانيا : في الشركة المساهمة ترسل الدعوة إلى المسجل والجهة القطاعية المختصة مع
البيانات والتقارير المنصوص عليها في الفقرتين (1) و(2) من البند أولا من هذه المادة، مع تقرير مجلس الإدارة عن مدى تنفيذ الشركة لخطتها للسنة السابقة، أما الأعضاء فيحق لهم مراجعة الشركة للاطلاع على القائمة السنوية واستلام نسخة من البيانات والتقارير الأخرى)).
وقد عدلت هذه المادة لتقتصر النسخة التي ترسل حسب الفقرة أولا على المسجل فقط، ولا ترسل إلى الجهة القطاعية تجسيدا للفلسفة التي اعتمدها التعديل في أبعاد الجهة القطاعية عن الإشراف على الشركات غير المساهمة، ولكن لا يفهم إلغاء إرسال نسخة إلى الأعضاء في الشركات غير المساهمة، إذ يجب أن يكونوا على دراية بوضع الشركة قبل الاجتماع، وعلى ما يبدو أن الأعضاء بإمكانهم الحصول على النسخة من الشركة مباشرة .
وقد أبقى التعديل على الفقرة الثانية حيث ترسل الدعوة وليست نسخة منها لأن إرسال نسخة يكون للعلم فقط، أما الدعوة فمن اجل الحضور إلى المسجل والجهة القطاعية المختصة، ولكن يقتصر الأمر على الشركات المساهمة، وترسل معها البيانات والتقارير المنصوص عليها في أولا من المادة، ويحق لأعضاء الشركة الحضور إلى الشركة لاستلام نسخة من البيانات والتقارير مع الاطلاع على القائمة السنوية .
ويحق للمسجل في جميع الشركات وللجهة القطاعية المختصة أيضا في الشركة المساهمة طلب أية بيانات أو إيضاحات أو مستندات من الشركة (م128 التي عدلت) .
ومن مستلزمات الرقابة أيضا أن يكون للشركة سجل للأعضاء، ومن المؤكد أن ذلك يقتصر على الشركات التي يتعدد فيها الشركاء، وعليه فان شركة المشروع الفردي ليس لها سجل للأعضاء، فالمادة (129) ((يكون لكل شركة مساهمة ومحدودة وتضامنية سجل لأعضائها يحفظ في مركز إدارتها المسجل تدون فيه المعلومات الآتية))( ) .
ويحق لأي عضو في الشركة لم يسجل اسمه في سجل الأعضاء أو حذف منه أو سجل اسم شخص خطأ أو إذا حصل تأخير أو قصور في تسجيل من يستحق ذلك، وشطب من يقتضي أن يشطب، وكذلك لكل أعضاء الشركة مطالبة الشركة بتصحيح القيد وعند امتناعها مراجعة المسجل لإلزام الشركة بذلك، كما يحق لمن تضرر المطالبة بالتعويض أيضا (م130).
وكل قيد يدون في سجل الأعضاء يعد صحيحا ما لم يثبت العكس (م131). ولأعضاء الشركة حق الاطلاع على سجل الأعضاء، فان منع من ذلك له مراجعة المسجل لتمكينه منه، ويجب أن تعرض سجلات الأعضاء على أعضاء الشركة قبل عشرة أيام من
اجتماع الهيئة العامة (م132) .
المطلب الثاني
الرقابة المالية
جاء النص بتعيين مراقب للحسابات مطلقا بحيث يشمل جميع أنواع الشركات حيث تنص المادة 133/أولا ((تخضع حسابات الشركة المختلطة إلى رقابة وتدقيق ديوان الرقابة المالية اما حسابات الشركة الخاصة فتراقب وتدقق من قبل مراقب الحسابات المعين من قبل الهيئة العامة للشركة …))، وكما ذكرنا فان كلمة الخاصة لا تنصرف إلى المساهمة فقط إنما لجميع أنواع الشركات، يؤكد ذلك ما ورد في المادة 136 ((على مراقب الحسابات أن يدلي برأيه حول الحسابات الختامية للشركة المساهمة أمام هيئتها العامة ويجوز ذلك في الشركات الأخرى …)) فالجواز والوجوب الوارد في المادة حول إدلاء المراقب برأيه أمام الهيئة العامة، فهو واجب في المساهمة وجوازي في غيرها .
وإخضاع الشركات المختلطة لمراقبة ديوان الرقابة المالية يتماشى مع أهمية هذه الشركات التي تشارك الدولة بنسبة في راس مال الشركة لا تقل عن 25% .
المراقب في الشركات الخاصة تعينه الهيئة العامة وتستطيع أن تعزله كما انها هي التي تحدد مكافأته، والرقابة التي تمارس من قبل مراقب الحسابات تعد رقابة داخلية وان الأصل في ممارسة هذه الرقابة من قبل الهيئة العامة، لأنها أعلى سلطة رقابية في الشركة، وبسبب عدم توافر الخبرة لدى الشركاء في الأمور الحسابية والمالية يصار إلى إناطة مهمة الرقابة بمراقب يحمل مؤهلات معينة تعينه الهيئة العامة .
وقد تعرض أمر تعيين مراقب الحسابات من قبل الهيئة العامة للانتقاد، تأسيسا على أن المراقب سيفقد بعض حياده، وهو يدلي برأيه حول حسابات الشركة لأنه معين من هيئتها العامة، وهذه الهيئة التي يسيطر عليها كبار أصحاب الحصص هي التي تختار الإدارة والأخيرة مسؤولة عن إخفاق الشركة وعن انحرافاتها المالية .
ولكن لا نرى حلا لهذه المعضلة، فهي عالمية لأنه من غير المتصور أن يفرض على الهيئة العامة مراقب حسابات غير مرغوب فيه من قبلها، لذلك تظل التوعية وتطبيق معايير مزاولة مهنة المحاسبة هي المعول عليها في نزاهة مراقب الحسابات، ويلاحظ أن القوانين العربية موضوع المقارنة يقتصر فيها أمر تعيين مراقب حسابات على الشركات المساهمة أو على شركات الأموال فقط، فالمادة (103) من قانون الشركات المصري ((يكون للشركة المساهمة مراقب حسابات أو أكثر …)) وكذلك( ) م174/أ من قانون الشركات اليمني ((يكون للشركة المساهمة مراقب حسابات واحد أو أكثر …))، أما المادة 192/أ من قانون الشركات الأردني فتقضي بأن ((تنتخب الهيئة العامة لكل من الشركة المساهمة العامة وشركة التوصية بالأسهم والشركة المحدودة المسؤولية مدققا أو أكثر …))، ويشترط في مراقب الحسابات أن يكون حاملا لمؤهل علمي يبيح له تولي هذا المنصب، والمؤهل العلمي المسموح به لمزاولة المهنة يتمثل بالحصول على شهادة مدقق حسابات من المعهد العربي للمحاسبين القانونيين، قبل ذلك فتحت دراسة دبلوم مراجعة حسابات لكنها ألغيت( ) .
كما يشترط أن لا تكون له صلة عضوية أو إدارية في الشركة، فلا يكون شريكا أو موظفا أو مستشارا للشركة، كذلك أن لا تربطه صلة قرابة بأعضاء الإدارة في الشركة أو موظف فيها وتمتد هذه القرابة حتى الدرجة الرابعة( ) .
ويبدي مراقب الحسابات رأيه في حسابات الشركة وبالأخص حول الأمور الآتية : هل أن حسابات الشركة سليمة من الناحية المحاسبية وهل هي مطابقة لواقع حال الشركة، وهل سمح له بالإطلاع على سجلات والمعلومات اللازمة لتكوين رأيه وما إذا كانت الأصول المحاسبية روعيت وعلى وجه الخصوص مسك الدفاتر والسجلات المحاسبية .
كذلك مدى تطابق الحسابات مع عقد الشركة وأحكام قانون الشركات (م136) ويبين المخالفات التي حصلت وهل أنها مازالت قائمة عند تدقيق الحسابات (م136) وتبين المادة 137 مسؤولية مراقب الحسابات باعتباره وكيلا عن الشركة في مراقبة وتدقيق حساباتها، بينما يقضي قانون الشركات الأردني في المادة (199) باعتبار ((…مدقق حسابات الشركة وكيلا عن المساهمين فيها وذلك في حدود المهمة الموكلة إليه ))( ) .
ومعلوم أن الحسابات الختامية توقع من رئيس مجلس الإدارة والمدير المفوض في الشركات المساهمة وتوقع في الشركات الأخرى من قبل المدير المفوض، ويقدم مراقب الحسابات تقريرا عن الحسابات الختامية موقعا منه، ويسأل كل من وقع على الحسابات الختامية عن صحة البيانات الواردة فيها (م138) .
كما يسال عن أي ضرر يلحقه عمل مراقب الحسابات في الشركة كالضرر الذي ينجم عن إفشاء أسرار الشركة بما يلحق الضرر فيها، طبقا لأحكام القواعد العامة في حين أوردت القوانين المقارنة نصوصا بهذا المعنى (م182) من قانون الشركات اليمني ((لا يجوز لمراقب الحسابات أن يذيع إلى المساهمين من غير الجمعية العامة أو إلى غيرهم ما وقف عليه من أسرار الشركة بسبب قيامه بعمله وإلا حق عليه العزل مع إلزامه بالتعويض، وكذلك يراجع نص م183 من القانون، وم202 من قانون الشركات الأردني و(م108) من قانون الشركات المصري.
المطلب الثالث
الرقابة الإدارية
يمكن أن نعد التفتيش على الشركة نوع من الرقابة الخارجية، ويحق للمسجل أن يعين مفتشا أو أكثر لتفتيش أوضاع الشركة إذا ورد ادعاء مسبب من إحدى الجهات الآتية :
((أولا : الجهة القطاعية المختصة( ) .
ثانيا : أعضاء في الشركة يحملون 10% عشر من المئة في الأقل من قيمة الأسهم المكتتب بها أو من حصصها .
ثالثا : عضو مجلس الإدارة والمدير المفوض في الشركات الأخرى م(140) . وتضيف المادة 141 ((انه للمسجل حق تعيين مفتش عند الضرورة دون طلب من أية جهة)).
ويبين المسجل مهام المفتش وطبيعة التقارير المطلوب منه إعدادها (م142) ومطلوب من المفتش أن يرفع تقريره عن المخالفة التي كلف بالتفتيش عنها إلى المسجل، ومطلوب من الأخير أن يرسل نسخة من التقرير إلى الشركة والى الجهة القطاعية المختصة . ومطلوب من جميع المسؤولين في الشركة أن يقدموا للمفتش كل العون للإطلاع على ما يريد الإطلاع عليه لتكوين قناعاته، وعلى وجه الخصوص سجلات الشركة والدفاتر والمستندات، والسماح له بالاستيضاح واستجواب أي من منتسبي الشركة وأي شخص له علاقة بالشركة عن الأمور التي تخص الموضوع المكلف بالتفتيش بشأنه (م144) .
وإذا وجد المفتش مسؤولية أي من أعضاء مجلس الإدارة أو المدير المفوض في الشركة أو أي عضو فيها أو موظف، موجود حاليا أو في السابق عن أعمال توجب المسؤولية، عليه إبلاغ الجهات المختصة لتقوم باتخاذ الإجراء المناسب (م145) وقد تقوم الهيئة العامة للشركة بتعيين مفتش من ذوي الاختصاص لتفتيش أوضاع الشركة، ويحدد قرار الهيئة العامة بتعيين المفتش،إطار عمله وطبيعة التقارير التي يرفعها، على أن تعطى نسخة من قرار التعيين إلى مسجل الشركات (م142) .
وقد وجدنا أن الرقابة الخارجية متمثلة بالتفتيش موجودة في بعض القوانين موضوع المقارنة، وحتى هذا البعض يقصر التفتيش على الشركات المساهمة لأهمية هذه الشركات ولحماية المدخرين من أصحاب الأسهم، أو على شركات الأموال م318 من قانون الشركات الإماراتي التفتيش يقع على شركات المساهمة والتوصية بالأسهم . .
ونرى صواب عدم تعميم التفتيش على جميع الشركات لأن الشركات غير المساهمة تكون بحجم صغير عادة، وتكون نفقات التفتيش باهضة بالنسبة لها، ولان الانحرافات التي تحصل فيها وتلحق الضرر بالشركاء، أو بعضهم يكون لهؤلاء الشركاء القدرة في كشفها، لعددهم القليل وللصلات الوثيقة التي تربط بعضهم البعض، أما القول بان الضرر يلحق الدائنين فلهؤلاء الحق دائما باللجوء إلى القضاء لتوفير الضمان لديونهم .
وقد وجدنا في القانون المصري( ) أحكاما عملية في تفتيش أوضاع الشركة ونشير لهذه الأحكام بإيجاز .
يقع التفتيش استجابة لطلب من الجهة الإدارية المختصة (مصلحة الشركات) أو من مساهمين لا يقل حجم راس المال المملوك عن 20% من راس مال الشركة في شركات البنوك المساهمة وعن 10%( ) في الشركات المساهمة الأخرى، ويقدم الطلب إلى وزير الاقتصاد ويجب أن يكون الطلب مشفوعا بأسباب جدية تتطلبه وبعد أن اصبح الطلب يقدم إلى وزير الاقتصاد، يشكل هذا الأخير لجنة تضم في عضويتها مراقب من الجهاز المركزي للمحاسبات، ويقتضي أن يقدم مقدموا الطلب الأسهم التي يمتلكونها لتصبح غير قابلة للبيع لحين ظهور نتائج التفتيش .
وتستمع اللجنة إلى أقوال طالبي التفتيش والى أعضاء مجلس الإدارة والمراقبين الحسابيين في جلسة سرية، ولها بعد ذلك أن تأمر بالتفتيش أو تصرف النظر عنه . وإذا أمرت بالتفتيش تلزم طالبي التفتيش بإيداع مبلغ يغطي نفقات التفتيش التي تقدرها اللجنة .
وتطلع اللجنة المكلفة على الوثائق والمستندات والدفاتر وتستمع إلى أي موظف أو شخص في الشركة وعلى مسؤولي الشركة التعاون مع اللجنة في هذا الخصوص، إذا وجدت اللجنة عدم صحة الطلب، فلها أن تأمر بنشر تقريرها أو أجزاء منه أو نتيجته في صحيفة يومية، ويتحمل طالبو التفتيش النفقات .
أما إذا وجدت صحة الادعاء فللجنة أن تتخذ تدابير عاجلة تتمثل بدعوة الهيئة العامة للاجتماع، ويرأس اجتماعها في هذه الحالة رئيس مصلحة الشركات وموظف مخول من المصلحة، وتتحمل الشركة نفقات التفتيش والإجراءات اللاحقة على أن لها الرجوع على المسؤول عن المخالفة( ) .
الفصل الثاني
الشركات المحـــدودة( ) Limited liability Company
عرفت المادة (6) من قانون الشركات العراقي في الفقرة ثانيا الشركة المحدودة بأنها : ((..شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن شخصين ولا يزيد على خمسة وعشرين يكتتبون فيها بأسهم ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها )) وقد أضاف التعديل الذي صدر على القانون نوعا آخر من الشركات المحدودة، حيث ورد في 8/1 بعد التعديل ((يتكون المشروع الفردي من شخص طبيعي أو الشركة المحدودة ذات المالك الواحد من شخص طبيعي أو معنوي واحد ))( ) .
وبناء على ذلك نستطيع أن نبين خصائص الشركة مستنبطة من نص المادة المذكورة قبل وبعد تعديلها .
أولا : الخاصية الأولى التي تقتضي التوقف عندها تحديد هل أن الشركة من شركات الأشخاص أم الأموال، لأن فيها من خصائص النوعين المذكورين.
فاعتبارها من شركات الأشخاص يتأتى من العدد المحدود للشركاء، فكما ورد في التعريف لا يتعدى العدد خمسة وعشرين عضوا بل الغالب لهذه الشركات صفتها العائلية، فهي تتكون من شخصين أو ثلاثة تجمعهم القرابة أو المعرفة، كما أن بيع الأسهم لا يتصف بالمرونة التي عليها أسهم الشركات المساهمة، إنما يجب أن تعرض على الشركاء الآخرين قبل التفرغ عنها لشخص من خارج الشركة .
كما أن راس المال لهذه الشركات في بعض القوانين يقسم إلى حصص، فالمادة 116 من قانون الشركات المصري تنص على انه ((لا يجوز أن يقل راس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة عن الحد الذي تبينه اللائحة التنفيذية ويقسم راس المال إلى حصص متساوية لا تقل قيمة كل منها عن مائة جنيه…))( ) .
أما كون الشركة من شركات الأموال فيأتي ذلك من المسؤولية المحدودة لأعضاء الشركة عن التزاماتها، كما ورد في التعريف، كذلك أن بيع الحصة غير مقيدة كما هو الحال في شركات الأشخاص على الرغم من انه غير مطلق كما في شركات المساهمة .
يضاف إلى ذلك حسب القانون العراقي أن راس المال مقسم إلى أجزاء متساوية تسمى الأسهم (م29 من القانون) .
وبناء على ذلك قد يصح القول في أنها نوع من الشركات المختلطة في خواصها تجمع من هذه وتلك، ولكن نستطيع القول إنها حسب القانون العراقي تعد من شركات الأموال .
ثانيا : طبيعة الأشخاص المكونين للشركة :
يصح أن يكون عضوا في الشركة الأشخاص الطبيعيون أو المعنيون، يفهم ذلك حسب القانون العراقي من كلمة الأشخاص التي وردت مطلقة فهي تشمل نوعي الأشخاص وقد جاء في التعديل صراحة الأشخاص المعنويين فضلا عن الطبيعيين .
ثالثا : قد تكون الشركة حسب القانون العراقي مختلطة أو خاصة، وهي تكون مختلطة إذا شاركت الدولة بما لا يقل عن 25% من راس المال الاسمي، وبعلمنا لم تتكون شركة مختلطة محدودة منذ صدور قانون 1983 الملغي الذي كان يسمح بذلك أيضا .
ونرى أن الشركة تكون مختلطة إذا وجدت الدولة أهمية المشروع وحجمه مما يدفعها للمشاركة فيه بالحجم الذي بينه القانون، ولا يستقيم هذا الأمر مع الشركات المحدودة ذات الحجم الصغير عادة .
رابعا : لا يحق للشركة أن تلجأ إلى الاكتتاب العام في تكوين راس المال أو لدى زيادة راس المال، أي أنها لا تتعامل مع الادخار العام، وقد جاء في نص المادة 38 من قانون الشركات انه ((يكون الاكتتاب العام براس المال في الشركة المساهمة فقط))، وإذا كان هذا النص يعني في عدم إباحة اللجوء للاكتتاب في الشركة المحدودة، إلا أن القوانين موضوع المقارنة لجأت إلى المنع الصريح، فالفقرة ب من المادة (54) من قانون الشركات الأردني تنص ((لا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة طرح حصصها أو زيادة راس مالها، أو الاقتراض بطريقة الاكتتاب ولا يحق لها إصدار أسهم أو إسناد قرض قابلة للتداول))( ) .
انتقال الأسهم في الشركة المحدودة
يقسم راس المال في الشركة المحدودة إلى اسهم بتملك كل شريك عدد منها، فالمادة 29 من القانون تنص على أن ((أولا : يقسم راس المال في الشركة المساهمة والمحدودة إلى أسهم اسمية نقدية متساوية القيمة وغير قابلة للتجزئة…))
كما تنص المادة 30 على أن ((القيمة الاسمية للسهم دينار واحد، ولا يجوز إصداره بقيمة اسمية أعلى أو أدنى )) .
ومن ذلك يفهم أن المشرع تعامل مع راس مال الشركة المحدودة والأجزاء التي يتكون منها بما يقترب من شركة المساهمة في حين اتجهت التشريعات موضوع المقارنة إلى اعتبار أجزاء راس المال (حصص) .
م116 من قانون الشركات المصري ((…ويقسم راس المال إلى حصص متساوية لا تقل قيمة كل منها عن مائة جنيه تدفع بالكامل … وتكون الحصص غير قابلة للقسمة )) وم54 من قانون الشركات الأردني ((أ يحدد راس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالدينار الأردني على أن لا يقل عن ثلاثين ألف دينار مقسما إلى حصص متساوية قيمة الحصة الواحدة دينار واحد على الأقل غير قابلة للتجزئة …))( ) .
وعلى ما يبدو أن الاختلاف بين القانون العراقي والقوانين التي أشرنا إلى نصوصها ليس بالتسمية فقط، في أن الأول أطلق عليها تسمية (سهم) بينما تسميها القوانين الأخرى حصصا، إنما إلى ما يتبع ذلك من نتائج، فالقانون العراقي يتعامل معها على انها اسهم تقترب من خصائص الأسهم في شركات المساهمة، بينما سعت القوانين الأخرى باستخدام مصطلح الحصص إلى الابتعاد عن خصائص الأسهم وخاصة القابلية للتداول، بل أن البعض فيها أورد نصا صريحا يمنع ذلك، فالمادة (54) من القانون الأردني ((…ولا يحق لها إصدار أسهم أو إسناد قرض قابل للتداول )) .
وم4 من قانون الشركات المصري ((… ولا يجوز لها إصدار أسهم أو سندات قابلة للتداول …))، على الرغم من أن الحصص التي أشارت إليها القوانين المذكورة تحمل بعض خصائص الأسهم وخاصة التساوي في القيمة وعدم القابلية للتجزئة، وبذلك اختلف القانون العراقي عن القوانين المذكورة في انتقال ملكية الأسهم وسنتناول أحكامها كما يأتي وقبل تعديل القانون بالتعديل رقم 64/2004 .
1 ـ بينا أن القانون العراقي سمح أن تكون الشركة المحدودة مختلطة، على الرغم من عدم وجودها في الواقع، وبناء عليه رتب القانون قيدا على أسهم القطاع الاشتراكي على خلاف القاعدة العامة التي وردت في ديباجة المادة 64 ((في الشركة المساهمة والمحدودة، للمساهم نقل ملكية أسهمه إلى مساهم آخر أو إلى الغير مع مراعاة ما يأتي )) والقيد الذي وضعه في هذا المقام غايته الحرص على بقاء الصفة المختلطة للشركة وعليه فان بيع أسهم القطاع الاشتراكي الذي يؤدي إلى انخفاض مساهمة القطاع عن 25% وبالتالي فقدان الشركة صفتها المختلطة يحرمه القانون (م64/ثانيا) .
وينبني على النص انه يجوز بيع ما زاد على 25%، أي أن القطاع الاشتراكي إذا كان يتملك ما يتجاوز النسبة المذكورة فله أن يبيع ما زاد عليها مع احتفاظه بنسبة 25% وبقاء الشركة محافظة على صفتها المختلطة، وكذلك يجوز بيع القطاع الاشتراكي أسهمه وحتى ضمن حدود 25% إلى قطاع اشتراكي آخر لأن مشاركة القطاع الاشتراكي لم تتغير .
2 ـ تتضمن المادة 64 قيدا مفروضا على أسهم المؤسسين بينا أحكامه في الشركة المساهمة ونرى أن القيد ينطبق على الشركات المحدودة أيضا، ويعد جميع الذين قدموا طلب تأسيس الشركة مؤسسين، ولا يوجد غيرهم أثناء تأسيس الشركة، ولذلك يسري قيد المنع على المؤسسين في هذه الشركة، أي يمتنع نقل ملكية أسهم أعضاء الشركة إلا بتحقق اقرب الأجلين : وهما مضي سنتين كاملتين على تأسيس الشركة التي عدلت لتصبح سنة واحدة، أو تحقيق أرباح قبل ذلك وبموجب ميزانية على أن لا تقل هذه الأرباح عن 5% من راس المال الاسمي، لأن النص إذا كان يتحدث عن راس المال المدفوع فهو في الشركات المحدودة جميعها مدفوعا، ولا نكرر الكلام الذي بيناه ونحن نتناول التصرف بالأسهم في الشركات المساهمة .
3 ـ كذلك لا يجوز للمساهم من القطاع الخاص نقل ملكية أسهمه لأسباب عدة:
أ ـ إذا كانت الأسهم مرهونة أو محجوزة لمصلحة المرتهن والحاجز إلا إذا رفع الرهن أو الحجز .
ب ـ إذا كانت شهادة الأسهم مفقودة، لحين إصدار شهادة بدلها .
ج ـ نقل ملكية الأسهم لأشخاص ممنوعين من تملك الأسهم في الشركات العراقية، على أن يكون المنع صادرا بموجب قانون أو قرار من جهة مختصة .
وقد ألغيت القيود 1، 2، 3 التي ذكرناها بموجب التعديل ولا يوجد قيد على نقل ملكية الأسهم في الشركات المحدودة إلا إذا تعلق بحق المساهمين الآخرين وهو ما نوضحه في الفقرة الآتية :
وبدورنا نؤيد هذا الإجراء، لأنه لا يمكن أن تتكون شركة مختلطة محدودة المسؤولية بتقديرنا لأن الشركة المختلطة تنهض عادة بمشروع كبير يتطلب مشاركة واسعة في تكوين راس المال لا يستوعبها إلا الشركات المساهمة، وقد وجدنا أن التعديل ألغى هذا القيد حتى في شركات المساهمة، كذلك فيما يتعلق بالقيد المفروض على أسهم المؤسسين، لا نرى مبررا لسريانه على الشركات المحدودة، لأن القيد وضع حماية للمساهمين في الشركات المساهمة، عندما تتكون الشركة وبعدها مباشرة يبيع المؤسسون أسهمهم لتترك الشركة وهي في بداية تأسيسها بغير الأشخاص الذين ارتبطوا بتأسيسها وعلى دراية بأحوالها وظروفها ولذلك اشترط القانون بقاءهم مع الشركة المدة التي حددها،ولا ينطبق الأمر على الشركة المحدودة لأن المؤسسين يعرف بعضهم البعض، والجميع على دراية بظروف الشركة
أما القيد المكون من مجموعه من الأحكام، عندما تكون الأسهم مرهونة أو محجوزة وعندما تكون شهادة الأسهم منفردة أو البيع لشخص ممنوع من تملك الأسهم فهي قيود متعلقة بالإجراءات لا تتضمن مبادئ .
4 ـ مبدأ الترجيح : أو كما يطلق عليه في القوانين الأخرى مبدأ الاسترداد أو مبدأ الأفضلية.
بينا أن الشركة المحدودة فيها بعض خصائص شركات الأشخاص، وبخاصة العدد المحدود للشركاء، فهي كما ذكرنا شركات عائلية في الأغلب الأعم تنشأ بين عدد محدود من الأشخاص تجمعهم القرابة أو المعرفة، لذلك يستحسن أن لا يفرض شخص غريب على الشركاء، وعليه عندما يرغب أحد الشركاء في بيع أسهمه يجب أن يعرضها على المساهمين الآخرين وقد بين القانون العراقي أحكام الترجيح وكما يأتي (م65) .
أ ـ على الشريك الراغب في البيع أن يبلغ الشركاء الآخرين بواسطة المدير المفوض رغبته في بيع أسهمه التي يبين عددها وأرقام شهادتها وما يطلبه من ثمن لها، أو ما عرض عليه من الغير ثمنا لها، على أن يكون معززا بتأييد من طالب الشراء .
ب ـ إذا انقضى ثلاثون يوما على تبليغهم الرغبة في البيع ولم يتقدم أي منهم للشراء أو عرضوا عليه ثمنا اقل من المعروض عليه، فله أن يبيع الأسهم للشخص من خارج الشركة، ويكون البيع باطلا إذا أثبت الشركاء انه قد باع بالثمن الذي عرضه الشركاء أو اقل منه، منعا للتواطئ الذي قد يحصل بين البائع وشخص خارج الشركة .
ج ـ إذا رغب أكثر من شريك في شراء الأسهم توزع على الراغبين بنسبة شراكة كل منهم في راس المال .
وقد عالجت القوانين موضوع المقارنة مبدأ الاسترداد بأحكام مقاربة لما ذكرنا (م118) من قانون الشركات المصري و(م253) من قانون الشركات اليمني، وفوق ذلك عالج القانون المصري في المادة (119)( )، حالة اتخاذ دائن لأحد الشركاء إجراءات بيع حصة الشريك جبرا، حيث يلزم الدائن بإبلاغ الشركة بموعد البيع وإذا اتفق الدائن والمدين والشركة على البيع استكملت إجراءاته، وإلا تباع الحصة عن طريق المزاد العلني، وحتى في البيع بالمزاد لا يكون الحكم بالبيع نافذا إذا قدمت الشركة مشتريا بنفس شروط البيع التي رسا بها المزاد، وهو إجراء يهدف إلى الحفاظ على خصوصية هذه الشركة وطبيعة العلاقات التي تربط الشركاء فيها .
5 ـ وأخيرا لابد من التنويه إلى أن البيع الذي يؤدي إلى زيادة عدد الشركاء عن خمسة وعشرين شريكا لا يكون صحيحا إلا إذا اتخذت الشركة إجراءات تحولها إلى شركة مساهمة وفق أحكام التحول التي يبيحها القانون .
ونحن نتعرض إلى انتقال ملكية الأسهم في هذه الشركات عن طريق البيع لابد من توضيح انتقالها عن طريق الإرث .
فعند وفاة الشريك تنتقل حصته في الشركة إلى الورثة بحسب نصيب كل منهم حسب القسام الشرعي، ويكونون شركاء في الشركة، ولا يقف عائقا أمام شراكتهم عدم اكتمال الأهلية، فيصح أن يكون شريكا في هذه الشركات غير كامل الأهلية، لأن مسؤوليته محدودة بمقدار المساهمة براس المال، ولكن يقف عائقا أمام انتقال الحصة للورثة :
الأول : إذا انتقلت إلى وارث لا يحق له المشاركة في الشركات حسب قانون أو أمر من جهة مختصة، ففي هذه الحالة على من انتقلت إليه الحصة أو من يمثله أن يبيع الحصة خلال تسعين يوما من تاريخ انتقالها للوارث، وإذا امتنع عن هذا الإجراء يقوم به المدير المفوض في الشركة جبرا بطريق المزايدة العلنية (م67/أولا) .
الثاني : أن لا يتجاوز عدد أعضاء الشركة الحد الأعلى الذي بينه القانون وهو خمسة وعشرين شريكا، فإذا انتقلت حصة المورث إلى عدد من الورثة بحيث يؤدي الأمر إلى تجاوز الحد المذكور مع رغبة الجميع في الاحتفاظ بشراكتهم، فيقتضي بقاء حصة المتوفى واحدة، ويمثل الورثة أحدهم في مواجهة الشركة، مع توزيعها بينهم وحسب القسام الشرعي خارج الشركة( ) .
6 ـ إذا انتقلت الأسهم عن طريق غير البيع، يقتضي أن يسجل ذلك في سجل انتقال الأسهم الخاص بالشركة، ولا يكون الانتقال صحيحا إلا بناء على حكم بات صادر عن محكمة مختصة (م68) .
إدارة الشركة المحدودة
كما لاحظنا لدى تناول أحكام الشركة التضامنية، فان القانون العراقي عالج موضوع إدارة الشركات (التضامنية والمحدودة والمشروع الفردي)، بطريقة واحدة مفادها أن يعين لكل شركة مدير مفوض واحد قد يكون من بين الشركاء أو من الغير تختاره الهيئة العامة من ذوي الخبرة والاختصاص عادة، وتحدد الهيئة صلاحياته واختصاصاته وكذلك أجوره ومكافأته (م121) وتستطيع الجهة التي عينته إعفاؤه من منصبه بناء على قرار مسبب (م122) .
ونجد القوانين المقارنة قد عالجت موضوع إدارة هذه الشركات بشكل مختلف قليلا، ففي حين تقتصر الإدارة حسب القانون العراقي على مدير واحد قد يعين من بين الشركاء أو من خارجهم، فان القوانين المذكورة تقرر أن يكون للشركة مدير أو أكثر من بين الشركاء أو من خارجهم، فالمادة (255/أ) من قانون الشركات اليمني تقضي بان يتولى ((إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة مدير أو أكثر على أن لا يتجاوز عدد المدراء على سبعة…))( )، وم151 من قانون الشركات العماني، وم120 من قانون الشركات المصري، ومادام المدير منفردا بموجب القانون العراقي فلم يتعرض إلى تضامن المديرين في المسؤولية عند تعددهم، ومعلوم أن المدراء إذا تعددوا أما أن يتوزع العمل بينهم فيسأل كل منهم عن العمل الذي التزم به في الأقل تجاه الشركة، أما تجاه الغير قلا يسري هذا الحكم إلا إذا كان الغير على علم بتقسيم العمل بين المدراء، أو أن هذا التقسيم قد أعلن( ) .
ونرى أن التعدد قد تكون له ضرورة، خاصة عندما تكون الشركة كبيرة وعدد الأعضاء فيها غير قليل، إذ لابد من توزيع الأعمال بين هيئة مدراء .
كما أن القانون العراقي لم يتعرض إلى مجلس الرقابة الذي تكونه الشركة عندما يتجاوز عدد الشركاء حدا معينا، فالمادة (240) من قانون الشركات الإماراتي تنص على انه ((إذا زاد عدد الشركاء على سبعة وجب أن يعهد بالرقابة إلى مجلس مكون من ثلاثة من الشركاء على الأقل ويعين هذا المجلس في عقد الشركة لمدة معينة …ولا يكون للمديرين صوت في انتخاب أعضاء مجلس الرقابة أو عزلهم ))، و (م123) من قانون الشركات المصري ((إذا كان عدد الشركاء أكثر من عشرين وجب أن يعهد بالرقابة إلى مجلس يكون من ثلاثة على الأقل من الشركاء …)) .
ويتولى مجلس الرقابة الإشراف على أعمال الإدارة، فله تفتيش سجلات ودفاتر الشركة والإطلاع على أوضاعها وقرارات المدراء فيها، وهو إجراء نرى صوابه خاصة عندما يصل عدد أعضاء الشركة الحدود التي أشارت إليها النصوص، فالقاعدة العامة أن سلطة الإشراف والمراقبة للأعضاء، وبهذا تنص بعض القوانين على انه في حالة عدم وجود مجلس رقابة فتناط هذه المهمة بجميع أعضاء الشركة غير المدراء (م125) من قانون الشركات المصري ويكون الأمر ميسورا إذا كان عدد الشركاء محدودا، فيمكن لهؤلاء ممارسة الرقابة، ولكن بازدياد العدد عن سبعة أو عشرة يصبح من العسير تولي أعضاء الشركة مهمة الرقابة فيستحسن إناطتها بمجلس رقابة يختاره الشركاء .
الشركة المحدودة ذات الشخص الواحد
تضمن التعديل لقانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 الصادر عن سلطة الائتلاف رقم 64 في 29 شباط 2004 إيجاد نوع جديد من الشركات هو الشركة المحدودة ذات الشخص الواحد، فقد أضيف إلى التعريف الوارد في المادة (4) من القانون، والفقرة ثانيا التي جاءت باستثناء ((2 ـ يجوز تأسيس شركة محدودة المسؤولية من قبل مالك واحد وفقا لنصوص هذا القانون))، كذلك جاء في المادة (8) ((ثانيا : استثناء من حكم البند (أولا) من هذه المادة يجوز
((اـ فيكون المشروع الفردي من شخص طبيعي واحد أو من شركة محدودة المسؤولية يملكها شخص طبيعي أو معنوي واحد )) .
والشركة الجديدة جاءت مع شركة المشروع الفردي كما يلاحظ، فهل تسري عليها الأحكام الخاصة بالمشروع الفردي، وهو من شركات الأشخاص كما بينا أم تسري أحكام الشركة المحدودة وهي من شركات الأموال، وقد بينت النصوص التي ذكرناها كونها محدودة المسؤولية لذلك تسري عليها أحكام الشركة المحدودة، إلا ما يتعلق بتعدد أعضاء الشركة، فلا وجود للتعدد وعليه نبين بعض الأحكام التي تسري على الشركة المحدودة ومدى انطباقها على هذه الشركة .
التأسيس : يعد المؤسس بيانا كما هي حال المشروع الفردي، وكما جاء في نص المادة (14) أما الباقي من إجراءات التأسيس فهي كما أوضحناها سابقا، ونشير إلى أن الحد الأدنى لراس المال حسب المادة (25) بعد التعديل لا يقل عن مليون دينار .
إدارة الشركة : يكون للشركة المحدودة المكونة من شخص واحد مدير مفوض، قد يكون صاحب المشروع أو من الغير، وتطبق الأحكام التي أوضحناها على المدير المفوض للشركة المحدودة .
التصرف بالأسهم : راس المال في الشركات المحدودة يقسم إلى أسهم قيمة السهم الواحد دينار، وعليه يكون مقدار الأسهم بمقدار راس المال الاسمي، ويستطيع صاحب الأسهم بيعها بالكامل على أن تتوافر في المشتري الشروط المطلوبة لتأسيس الشركة، لأنه سيكون المالك للشركة المحدودة، ويعدل العقد، أما إذا بيع جزء من الأسهم فيقتضي أن تتحول الشركة إلى الشركة المحدودة الاعتيادية (المكونة من عدد من الشركاء لا يتجاوز عددهم الـ(25)، وفي حالة الوفاة أيضا تستمر الشركة على انها شركة محدودة لشخص واحد إذا كان الوارث شخصا واحدا غير ممنوع قانونا من تأسيس شركة، أما إذا تعدد الورثة فيقتضي أن تتحول إلى الشركة المحدودة الاعتيادية أو إلى شركة مساهمة بحسب الأحوال .
رهن وحجز الأسهم : في المشروع الفردي وهو شركة أشخاص منع القانون رهن الحصة وكذلك الحجز عليها إلا لدين ممتاز، ولكن يجوز الحجز على الأرباح المتحققة (م71،72)، أما في الشركات المحدودة فيجوز رهن الأسهم ويؤشر على ذلك في سجل خاص لدى الشركة ولا يرفع الرهن إلا بالموافقة الخطية للمرتهن وتسجيل ذلك، أو بناء على قرار حكم نهائي، ولا تأثير للرهن على المشروع وعلى الأسهم، فقط لا يجوز بيعها إلا بعد فك الرهن .
كذلك يجوز الحجز على الأسهم في الشركة المحدودة المسؤولية المملوكة لشخص واحد، ويؤشر الحجز أيضا في سجل خاص لدى الشركة، ويترتب على الحجز امتناع بيع الأسهم وكذلك إيقاع الحجز على الأرباح المتحققة أيضا، أما ما يتبع الحجز من احتمال بيع الأسهم، فهذا الإجراء قد يؤدي إلى انتهاء الشركة إذا بيعت لشخص لا يرغب في الاستمرار بالشركة، وبذلك تنهدم الحماية القانونية للمشروع الذي يتخذ هذا الشكل القانوني .
ولقد وفر مشروع قانون الشركات المصري الذي يعرف هذا النوع من الشركات، بعض الحماية للمشروع عندما أحاطه بحماية من دائني صاحب المشروع، معتمدا كما يرى البعض على مبدأ ذمة التخصيص، حيث يخصص من ذمة الشخص قدر للمشروع، ولا يحصل تداخل بين الذمتين أو الجزأين المنفصلين للذمة الواحدة .
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (8)
الأثنين 31/07/2006
الباب الرابع
انقضاء الشركات وتصفيتها
تعرض هذا الباب إلى موضوع انقضاء الشركات ثم تصفيتها وسنفرد فصلا لكل من الانقضاء والتصفية .
الفصل الأول
انقضاء الشركات
تضمن قانون الشركات العراقي أسبابا عامة لانقضاء الشركات . ولم يتعرض للأسباب الخاصة لانقضاء كل نوع، خاصة ما يرتبط بالاعتبار الشخصي لشركات الأشخاص وسوف نتعرض لذلك بعد توضيح الحالات العامة للانقضاء التي بينتها المادة 147 من القانون والتي تنص على أن :
(( تنقضي الشركة بأحد الأسباب التالية وفق أحكام هذا القانون :
أولا ـ عدم مباشرة الشركة نشاطها رغم مرور سنة على تأسيسها، دون عذر مشروع.
ثانيا ـ توقف الشركة عن ممارسة نشاطها مدة متصلة تزيد على السنة، دون عذر مشروع .
ثالثا ـ انجاز الشركة المشروع الذي تأسست لتنفيذه أو استحالة تنفيذه.
رابعا ـ اندماج الشركة أو تحولها وفق أحكام القانون .
خامسا ـ فقدان الشركة 75 % خمسا وسبعين من المائة من رأس مالها الاسمي وعدم اتخاذ الإجراء المنصوص عليه في الفقرة ( 1 ) من البند ( ثانيا) من المادة ( 76 ) من هذا القانون خلال مدة ستين يوما من تاريخ ثبوته بموجب الميزانية .
سادسا ـ قرار الهيئة العامة لتصفيتها . ))
ويلاحظ على هذا النص الخاص بانقضاء الشركات بصورة عامة، انه لم يتضمن حاله انقضاء المدة المحددة لنشاط الشركة وكأنما الشركة تأسست لتبقى، في حين تضمنت النصوص موضوع المقارنة، الانقضاء المرتبط بانتهاء المدة .
فالمادة 24 من قانون الشركات الكويتي تنص على أن انقضاء شركة التضامن يتم بـ
(( 1- انقضاء المدة التي حددت للشركة . ))( )
والمادة 14 من قانون الشركات العماني (( أ ـ حلول الأجل المعين للشركة ... )) . و م 13 / 1 من قانون الشركات اليمني (( أ ـ إذا انقضت مدتها المحددة في العقد . ))
و م 32 من قانون الشركات الأردني (( ب ـ بانتهاء المدة المحددة للشركة .. ))( )
فهل أن الشركات المؤسسة قائمة على التأبيد وهو ما يتناقض مع كونها أشخاصا تنشأ وتعمل وتنقضي . ولذلك يرى الفقه أن حق الانسحاب من الشركات التي لم يحدد لها اجل لا يجوز منعه حتى لو لم ينص عليه القانون، لأنه مرتبط بالنظام العام( ) .
الملاحظة الأخرى، لم تتعرض القوانين المقارنة إلى الحالتين أولا وثانيا، عدم مباشرة النشاط والتوقف عن مزاولته . وعلى ما يبدو أنها تركت الأمر لإرادة الشركاء أو لأصحاب المصلحة الطلب من المحكمة حل الشركة . وفيما يأتي نتناول الحالات التي بينتها المادة 147 وهي :
أولا ـ عدم مزاولة الشركة نشاطها لمدة سنة وبلا عذر مشروع . وشروط إيقاع النص:
1- أن الشركة تأسست مستوفية الشروط القانونية، وصدرت بها شهادة تأسيس حسب أحكام القانون قبل تعديله، ومفاد ذلك انه إذا تعثر تأسيس الشركة لنقص في المتطلبات وتأخر تأسيسها للمدة المذكورة، فلا ينطبق النص .
2- أن تكون مدة عدم مباشرة الشركة لنشاطها سنة كاملة من تاريخ صدور شهادة التأسيس .
3- أن يكون عدم مباشرة النشاط بدون عذر مشروع . لأن العذر المشروع يقف حائلا أمام سريان النص .
وعليه يقع على المدير المفوض . أو الشركاء جميعا عند عدم تحديد المدير أو مجلس الإدارة تطبيق هذا النص .
ونرى أن من الملائم ترك الأمر للشركاء أو من له مصلحة للمطالبة بإنهاء الشركة، وعند عدم الاستجابة لذلك يمكن اللجوء إلى القضاء .
ثانيا ـ التوقف عن مزاولة النشاط لمدة تزيد على السنة وتتلخص شروط تطبيق النص بالأتي :
1- أن تجاز الشركة وفق الشروط القانونية، وفضلا عن ذلك تزاول نشاطها، أما عند عدم مزاولة النشاط فتكون تحت طائلة الفقرة أولا التي أوضحناها .
2- أن تتوقف عن مزاولة النشاط لمدة تزيد على السنة، وقد جاءت الزيادة مطلقة فيكفي أن تتحقق بأي مدة كانت .
3- أن يكون الانقطاع متصلا، أي أن الانقطاعات المتناوبة لا تجمع لغرض سريان النص، كأن تتوقف الشركة لمدة خمسة شهور وتباشر نشاطها، ثم تتوقف ستة شهور وتباشر نشاطها وهكذا، فلا يطبق النص في هذه الحالة لأن الشروط تقضي أن
يكون الانقطاع متصلا .
4- وكذلك أن يكون الانقطاع بلا عذر مشروع , ولا نعيد بذلك الكلام الذي بينا في الفقرة أولا .
ثالثا ـ انجاز الشركة المشروع الذي تأسست لتنفيذه أو استحالة تنفيذه . ويتضمن النص حالتين .
1- انجاز المشروع الذي تأسست الشركة لتنفيذه، وان يكون ذلك واردا في عقد تأسيسها ـ أي أن شركة تأسست لإنجاز مشروع معين، بناء جسر مثلا أو تعبيد طريق ويذكر ذلك في عقد تأسيسها( )، أو أن غرض الشركة الذي يعد احد البيانات التي يجب أن يتضمنها العقد يذكر فيه المشروع . فعند انجاز المشروع ينتهي الغرض الذي أنشأت من اجله الشركة .
وتضمنت القوانين موضوع المقارنة نصوصا مماثلة (( تحقيق الغاية التي أسست من اجلها الشركة أو استحالة تحقيق هذه الغاية )) ( م 14 / ب قانون الشركات العماني ) ((انتهاء العمل الذي قامت الشركة من اجله )) (م 170 قانون الشركات الكويتي )( ) .
أما الحالة الثانية، فهي استحالة انجاز المشروع . والاستحالة قد تكون مادية عندما تكون الاستحالة راجعة لنفاد مادة الشيء أو زوالها، كشركة تستخرج الحجر من احد المقالع، وانتهى ذلك . وقد تكون الاستحالة قانونية، عندما تمنع القوانين استمرار الشركة بمزاولة عملها . كما لو تأسست شركة تستورد اللحوم وتصنعها، وأصدرت الدولة قانونا احتكرت بموجبه هذه الصناعة أو استيراد اللحوم .
وبانتهاء الغرض الذي تأسست الشركة لأجله تنقضي الشركة بقوة القانون، وإذا استمرت بعد ذلك بنشاطها، فيعني استمرار شركة جديدة، انقضت السابقة وتأسست ثانية، ويرى الفقه انه بإمكان دائني الشركاء الاعتراض على عملية الامتداد ما لم يكن الحق في تمديد عمل الشركة والأغلبية المطلوبة للقرار مشروطا في عقدها الذي أعلن للجميع .
رابعا ـ اندماج الشركة أو تحولها وفق أحكام هذا القانون .
تنقضي الشركة إذا اندمجت بغيرها وكذلك إذا تحولت إلى نوع أخر من أنواع الشركات وسنتناول الموضوعين بعد تناول حالات الانقضاء، لأن المشرع أفرد لكل من الدمج والتحول أحكاما خاصة .
خامسا ـ فقدان الشركة 75 % خمسا وسبعين من المائة من رأس مالها الاسمي :
يشير بعض الفقه ( ) وتقضي بذلك نصوص بعض القوانين على موضوع هلاك رأس المال أو معظمه كالمادة ( م 14 / د ) من قانون الشركات العماني، ويضرب لذلك مثال كون الشركة تأسست لاستغلال سفينة أو طائرة وهلكت، لكن قانون الشركات يتحدث عن فقدان، ويعني الفقدان إضافة إلى ما سبق، خسارة الشركة جزء من رأس المال يصل إلى حدود ثلاثة أرباع، مما يتعذر على الشركة القيام بغرضها مع ما تبقى من رأس المال . ومع بلوغ الخسارة النسبة المذكورة، فقد أعطى القانون للشركة أن تتخذ احد الإجراءات التي بينتها المادة 76 من القانون، كأن تقرر الهيئة العامة زيادة رأس المال أو تخفيضه أو أي إجراء آخر يقترن بقبول الجهة القطاعية المختصة . أما إذا تحققت مثل هذه الخسارة ولم تتخذ الشركة الإجراء الذي أباحه القانون، فتنقضي الشركة .
سادسا ـ قرار الهيئة العامة للشركة بتصفيتها .
من المعلوم أن القرار في هذه الحال يكون قرارا بأغلبية مخصوصة طبقا لنص المادة ( 92 من القانون ) . هذه هي حالات انقضاء الشركات بصورة عامة حسب قانون الشركات العراقي وهي حالات تخضع لها جميع أنواع الشركات بلا تمييز، في حين تتفاوت حالات الانقضاء حسب نوع الشركة، كما توجد حالات قاصرة على الشركات ذات الاعتبار الشخصي لم يتطرق لها القانون .
والملاحظات التي نبديها حول حالات انقضاء الشركة تتلخص بما يأتي :
1- الحالتين الأولى والثانية لم تتعرض لها النصوص العربية محل المقارنة وتركتها لإرادة الشركاء . ونرى أن ترك الأمر للشركاء في غير شركات المساهمة أمرا ممكننا، لأن الشركات في الغالب تتكون من شريكين أو عدد محدود من الشركاء أو شخص واحد ـ كما في حالة المشروع الفردي ـ ولا يمكن أن يخفي بعض الشركاء على الآخرين أوضاع الشركة وحالة انقضاءها. لكن الأمر يختلف في شركات المساهمة، فقد تنحدر الشركة نحو الخسارة بسبب مصاريف الموظفين والإدارة ومقرات العمل، ولم يتخذ أعضاء مجلس الإدارة قرارا بحل الشركة وتصفيتها، ولا علم للهيئة العامة بأوضاع الشركة، عندها يترك الأمر لكل ذي مصلحة .
2- لم ينص القانون على انقضاء الشركة بانتهاء المدة , وهو ما تعرضنا له حيث لا يمكن أن يكون تأسيس الشركة مرتبطا بالتأبيد، مما يعطي حق الانسحاب من الشركة حتى لو لم يرد ذلك في العقد( ) .
3- انقضاء الشركات ذات الاعتبار الشخصي :
لم يتعرض إلى حالات الانقضاء المرتبطة بالمساس بالاعتبار الشخصي في هذه الشركات . وهي شركات قائمة على الاعتبار الشخصي وأي مساس بهذا الاعتبار يضعف ائتمان الشركة ويبعد المتعاملين معها وعليه فأن عدم معالجة هذا الأمر يعد نقصا كبيرا .
ما تضمنه القانون حول هذا الأمر، التطرق لحالة وفاة الشريك في الشركة التضامنية أو وفاة صاحب المشروع الفردي، وقد حرص القانون في هذه الحالات على الرغبة في استمرار الشركة مع الورثة أو بغيرهم وهو حرص جسدته المادة _ 70) من القانون التي تناولنا أحكامها ضمن أحكام الشركة التضامنية . ولم يرتب القانون على موت احد الشركاء انقضاء الشركة ولم يبين ما إذا كان الشركاء اتفقوا عند تعاقدهم حول ما يؤول إليه مصير الشركة عند وفاة الشريك، في حين عالجت القوانين العربية موضوع المقارنة هذا الأمر (م 145/2 من قانون الشركات اليمني )،ويشير إلى انحلال الشركة عند وفاة الشريك أو افلاسه. ( و م 41 من قانون الشركات العماني )( ) .
كذلك في حالة إفلاس الشريك أو الحجر عليه يقرر القانون استمرار الشركة بين الشركاء الآخرين وتصفى حصة الشريك المحجور عليه .
4- أشارت القوانين إلى انقضاء الشركة عندما يتركز رأس مال الشركة بيد شخص واحد . م 14 من قانون الشركات العماني (( جـ ـ انتقال جميع الحصص أو جميع الأسهم في رأس مال الشركة إلى شريك واحد . ))
وعلى ما يبدو لا تعد مثل هذه الحالة مشكلة في القانون العراقي تستوجب الانقضاء لوجود شركة المشروع الفردي التي تتكون من شخص واحد , وتنص الفقرة ثانيا من المادة 153 على انه (( لا يجوز تحول الشركة المحدودة أو التضامنية إلى مشروع فردي إلا في حالة نقصان عدد أعضائها إلى عضو واحد.))
أي انه في الشركتين المذكورتين إذا أصبح في كل منهما شريك واحد يجوز تحول الشركة إلى مشروع فردي استثناء( )، إذا رغب الشريك المنفرد بذلك.
اندماج الشركات Merger of companies
الاندماج نوعان : أن تندمج شركتان أو أكثر في شركة قائمة، أو أن تندمج شركتان أو أكثر لتظهر نتيجة لذلك شركة جديدة .
ويطلق الفقه على الحالة الأولى، الضم . أما الحالة الثانية فيطلق عليها المزج( ) . وتنص المادة 148 على انه :
(( يجوز دمج شركة أو أكثر بأخرى، أو دمج شركتين أو أكثر لتكوين شركة جديدة )) والدمج حالة إرادية لانقضاء الشركة لذلك فأن أول شروط حصولها، قرار غير عادي من الهيئات العامة للشركات التي تروم الاندماج .
وسنتناول شروط الدمج حسب أحكام قانون الشركات العراقي ونقارن الأحكام بما تقرره القوانين العربية موضوع المقارنة .
والشروط كما بينتها المادة 149 هي الآتية :
(( يشترط لجواز الدمج بين الشركات :
أولا ـ أن تكون ذات نشاط متماثل أو متكامل .
ثانيا ـ أن لا يؤدي الدمج إلى :
1- فقدان الشركة المساهمة شخصيتها المعنوية لصالح شركة محدودة أو تضامنية .
2- فقدان الشركة المحدودة شخصيتها المعنوية لصالح شركة تضامنية .
3- فقدان الشركة المساهمة أو المحدودة أو التضامنية أو المشروع الفردي شخصيتها المعنوية لصالح الشركة البسيطة .
ثالثا ـ أن لا يؤدي الدمج إلى زيادة عدد أعضاء الشركة المندمج بها أو الناجحة عن الدمج على الحد المقرر لها قانونا بحسب نوعها .
رابعا ـ أن لا يؤدي الدمج إلى ترتيب آثار اقتصادية مخالفة لخطة التنمية والقرارات التخطيطية . ))
فالشرط الأول للدمج أن يكون نشاط الشركات المطلوب دمجها متماثلا أو متكاملا كما في أولا من المادة 149، وتفيد بهذا الشرط ( م 222 من قانون الشركات الأردني ) .
وقد ألغى التعديل الذي صدر للقانون هذا الشرط، بحيث لم يعد التماثل أو التكامل شرطا لاندماج الشركات( ) .
أما الشرط الثاني فيفيد بأن لا يؤدي الدمج إلى أن تفقد شركة ذات أهمية اكبر شخصيتها المعنوية لشركة تقل عنها أهمية وقد تدرجت الشركات في أهميتها حسب القانون العراقي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي والبسيطة )
وتشير بعض القوانين انه في حالة اندماج شركات من نوع واحد فتكون الشركة الناتجة عن الدمج من نفس النوع ( م 223 من قانون الشركات الأردني)
والشرط الثالث . أن لا يتجاوز عدد أعضاء الشركة الناتجة عن الدمج الحدود التي بينها القانون وهي 25 عضوا بالنسبة للشركة المحدودة وعشرة أعضاء بالنسبة للشركة التضامنية . وأخيرا أن لا يؤدي الدمج إلى آثار اقتصادية مناقضة لخطة التنمية أو القرارات التخطيطية( ) . وقد علق التعديل الذي صدر للقانون هذه الفقرة . فلم يعد يشترط في الاندماج معرفة الآثار الناتجة عنه وما إذا كانت تناقض التخطيط الاقتصادي وخطة التنمية . في حين قد تؤدي عمليات الدمج إلى خلق حالة احتكار أو أهداف ضارة بالمصلحة العامة . ونجد في القانون الانكليزي انه أنشئت بموجب قانون التجارة العادلة ( fair trading ) لجنة: ((... تسمى لجنة الاحتكارات والدمج monopolies and merger ) ) وقد حددت المواد من ( 64 ـ 75 ) من هذا القانون شروطا في حالة تحققها يتم إحالة الدمج إلى اللجنة المذكورة التي يترأسها موظف بدرجة مدير عام (General director ) وتقوم اللجنة بالبحث والاستقراء حول تعارض الدمج مع المصلحة العامة أو عدم تعارضه، والاحالة تتم من قبل الوزير .. ))( )،فإذا كان الأمر في المملكة المتحدة، وهي دولة عريقة ومتطورة، وقد استقرت فيها الحرية الاقتصادية منذ سنين تضع قيدا أمام الاندماج إن لا يكون ضارا بالمصلحة الوطنية، فهل من المناسب إن يلغى هذا الشرط في اقتصادنا المتعثر الذي لا تحكمه ضوابط تجارية واضحة خاصة بعد تردد المشرع لفترة ليست قصيرة في اعتماد مبدأ الإفلاس أو التحول إلى الإعسار وما انعكس سلبا على الفوضى في العلاقات التجارية ؟ أما إجراءات الدمج فتتمثل بالخطوات التالية .
أولا ـ يتخذ قرار الدمج لكل هيئة عامة على انفراد وهو قرار بأغلبية خاصة كما عرفنا ذلك من المادة 92 . وأن تعد قبل اتخاذ قرار الهيئة العامة دراسة اقتصادية وفنية في الشركات المساهمة، تتضمن أهداف وأسباب الدمج (م150 / أولا ) .
ويوضح في قرارات الهيئات العامة للشركات المندمجة (( اسم ونوع الشركة التي سيتم الدمج بها أو الشركة التي ستتكون من الدمج ورأس مالها وعدد أعضائها ونشاطها .. ))
ثانيا ـ ترسل القرارات والدراسة إلى مسجل الشركات خلال عشرة أيام من اتخاذها وإذا وجد أنها موافقة للقانون، يسأل الجهة القطاعية المختصة للحصول على موافقتها . ومطلوب من هذه الجهة الإجابة خلال خمسة عشر يوما من تسلمها كتاب المسجل .
ثالثا ـ إذا وجدت الجهة القطاعية المختصة إن الدمج من شأنه إن يؤدي إلى ترتيب أثار اقتصادية ضارة . تبلغ المسجل عدم موافقتها على الدمج، ويبلغ الشركات بعدم الموافقة ( 150 / رابعا ) .
رابعا ـ عند حصول الموافقات تبلغ الشركات بذلك لتنشر الموافقة في النشرة وفي صحيفة يومية (م150/خامسا)( )
خامسا ـ الخطوة اللاحقة أن تقوم الشركات التي حصلت الموافقة على دمجها بدعوة هيئاتها العامة خلال ستين يوما . من تاريخ آخر نشر لقرار الموافقة على الدمج، لاجتماع مشترك، تضع خلاله عقدا للشركة الجديدة التي تظهر من الدمج أو تعديل عقد الشركة المطلوب الاندماج بها، ويرسل هذا القرار إلى المسجل لتصديقه ونشره في النشرة وفي صحيفة يومية.
ومن تاريخ آخر نشر للعقد المعدل أو العقد الجديد، يعتبر الدمج نافذا وتنتهي بهذا التاريخ الشخصية المعنوية للشركات التي اندمجت في شركة أخرى كما يعد وضع عقد جديد إجازة تأسيس لشركة جديدة من تاريخ المصادقة على العقد (م 151 )
وأخيرا تنتقل حقوق والتزامات الشركات المندمجة إلى الشركة التي ظهرت من الدمج ( م 152 ) .
وقد بين قانون الشركات لدولة الإمارات إن الدمج يعني حل الشركة أو الشركات المندمجة، وهذا يقتضي اتخاذ قرارات بالحل , وتزيد الشركة المندمج بها رأس مالها بمقدار الموجودات المقومة للشركات المندمجة وتعطى هذه الزيادة للأعضاء من الشركة أو الشركات المندمجة بمقدار حصة كل شركة .اما في الاندماج لتكوين شركة جديدة، فقرار بحل الشركات المندمجة ثم إجراءات تأسيس شركة جديدة من موجودات الشركات المنحلة والمقومة وفق إجراءات التقويم (المواد 277 ـ 279 ) .
تحول الشركات transformation of companies
في عملية التحول تظل الشركة قائمة وتؤدي غرضها الذي أنشأت من اجله لكنها تتحول من نوع إلى آخر من الشركات . كأن تتحول شركة تضامنية إلى محدودة أو محدودة إلى مساهمة .
ويكون التحول بقرار غير عادي للهيئة العامة للشركة بالتحول( ) . وقبل القرار يلزم إن تعد الشركة دراسة تتضمن أهداف التحول ومسوغاته، ويرسل القرار إلى المسجل فإذا وجده مطابقا للقانون، يسأل الجهة القطاعية المختصة للحصول على موافقتها (م155)( )
وإذا وجدت الجهة القطاعية المختصة مضار التحول على الاقتصاد الوطني وعلى خطة التنمية ترفض التحول الذي يبلغ إلى المسجل الذي يبلغ به الشركة .
أما إذا وافقت الجهة القطاعية المختصة، يصادق المسجل على قرار التحول وعلى تعديل العقد، ويبلغ الشركة لتنشرها في النشرة وفي صحيفة يومية. ويعد التحول نافذا من تاريخ آخر نشر .
وإذا تحولت الشركة التضامنية إلى محدودة أو مساهمة أي من شركة تكون مسؤولية الشركاء فيها مطلقة وتضامنية إلى شركة المسؤولية فيها محدودة بمقدار المساهمة برأس المال يظل الشركاء مسؤولين عن الديون السابقة بصورة مطلقة وتضامنية . ( م 156، م 157 ) .
ويلاحظ إن بعض القوانين أعطت للدائنين حق الاعتراض، فينبغي إن تتم تسوية الاعتراض أما بوفاء الدين إن كان حالا أو بتقديم ضمان، أو حصول تخارج بين الشركاء( ) .
الفصل الثاني
تصفية الشركات
يعقب انقضاء الشركة تصفيتها . وتعني التصفية . إجراء العمليات الضرورية لتسوية ديون الشركة وتحويل ممتلكاتها إلى أموال نقدية، وتوزيع ما يتبقى منها على الشركاء بحسب أنصبتهم . وقد عالج القانون العراقي موضوع التصفية للشركات على اختلاف أنواعها كما لاحظنا في الانقضاء، وسنتناول الموضوع على شكل نقاط :
أولا : المادة ( 158 ) تقضي بأنه إذا تحققت إحدى حالات الانقضاء من المادة ( 147) أولا وثانيا وثالثا وخامسا، يجب إن تصفى الشركة . واستبعدت من حكم المادة أعلاه الفقرة رابعا وهي الخاصة بدمج الشركة أو تحولها لأن هذه لا يعقبها التصفية والفقرة سادسا التي تقضي بتصفية الشركة بناء على قرار من الهيئة العامة . فهي حالة انقضاء وتصفية في ذات الوقت، وقد تصدرت هذه الفقرة منطوق المادة ( 158 ) التي تبدأ بأنه (( إذا قررت الهيئة العامة للشركة تصفيتها أو تحقق سبب من الأسباب المنصوص عليها في البنود ... )) .
وعليه فأن الحالة التي تصفى فيها الشركة هي ما مذكور أعلاه، إن يصدر قرار بالتصفية والقرار في هذه الحالة قرارا ذو أغلبية خاصة ( م 92 ) . أو تحققت حالة من حالات الانقضاء التي تستوجب التصفية .إذا صدر قرار بالتصفية أو تحققت حالة انقضاء تستوجب إن تعقبها تصفية على الهيئة العامة إن تقرر التصفية وان تعين مصفي (م 158/أولا ـ 2)
ومتى ما تحققت إحدى الحالات التي تستوجب التصفية، ولم تتخذ الهيئة العامة الإجراء أو القرار الخاص بالتصفية وتعيين المصفي على المسجل إن يتخذ قرار التصفية على إن يقوم بتنبيه الشركة لضرورة تصفيتها ومرت على ذلك ستين يوما، إلا إذا وجد مبررا لإمهالها مدة أخرى . وفي كل الأحوال يحق للشركة الاعتراض على قرار المسجل بالتصفية لدى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تبلغها به، وقرار المحكمة خاضع للتمييز لدى محكمة الاستئناف بصفتها التميزية، ولا يخضع قرار هذه المحكمة للطعن بطريق تصيح تصحيح القرار التمييزي ( م 158 / ثانيا ) .
ثانيا ـ يجب إن يقترن قرار التصفية بموافقة الجهة القطاعية( ) المختصة على التصفية، فإذا كانت بقرار من الهيئة العامة يرسل للمسجل وهو يفاتح الجهة المذكورة وإذا اصدر قرار التصفية منه فيقتضي ان يكون قد حصل على موافقة الجهة القطاعية قبل ذلك ( م 159 , م 160 ) ويحق للجهة القطاعية إذا وجدت إن مشروع الشركة ضروري للاقتصاد ولخطة التنمية إن توصي بمآل المشروع.
ثالثا ـ عند موافقة الجهة القطاعية المختصة على المسجل إن يبلغ الشركة بقرار التصفية لينشر في النشرة وفي صحيفة يومية .
ومن هذا النشر تترتب على التصفية الآثار الآتية :
1- بقاء الشخصية المعنوية للشركة، على إن يكتب بجانب اسمها (تحت التصفية) في جميع مخاطبات أو تبليغات أو إعلانات الشركة .
وبقاء الشخصية المعنوية للشركة ضروري للتصرف بموجودات الشركة ولتكون الشركة طرفا في الدعاوى .
2- بقاء هيئات الشركة ( الهيئة العامة ) باجتماعاتها المتنوعة، بما هو ضروري لاستكمال إجراءات التصفية .
3- يعد مجلس الإدارة منحلا وتنتهي مهمة المدير المفوض من تاريخ التبليغ بقرار التصفية ( م 164 ) . تشير القوانين المقارنة إلى بقاء مجلس الإدارة والمدير المفوض، لحين تعيين المصفي والتعاون معه لتسلم موجودات وسجلات ووثائق الشركة( ) .
4- فور تبلغ الشركة بقرار التصفية تتوقف عن إحداث أي تغيير في عضويتها , وتمتنع عن ترتيب التزامات جديدة، وتظل تزاول نشاطها بالقدر اللازم لإجراءات التصفية ( م 163 )( ) .
5- لا يعني وضع الشركة تحت التصفية إبراء للشركاء أو المديرين من المسؤولية التي ترتبت عليهم خلال ممارسة نشاط الشركة ( م 165 ) .
6- يضع المصفي يده على موجودات الشركة بجردها كما يضع يده على الوثائق والسجلات ويعد قائمة بالديون التي للشركة والتي عليها ويثبت، ذلك في تقرير يعطي نسخة منه إلى مسجل الشركات ( م 168 ) .
رابعا ـ يتولى المصفي تنفيذ توصية الجهة القطاعية المختصة حول مآل المشروع وله الاجتماع بتلك الجهة حول هذا الأمر ( م 169 ) .
خامسا ـ يدعو المصفي كل دائن أو صاحب حق ومن خلال الإعلان بصحيفتين يوميتين . للاجتماع به في زمان ومكان يعينهما لتسوية الديون التي على الشركة ( م 170 ) . ولا يخل ذلك بحق الدائنين بسلوك الطرق القانونية الأخرى المتاحة لهم، كأصحاب حق الرهن على بعض أموال الشركة .
سادسا ـ مطلوب من المصفي أن يرفع إلى المسجل تقريرا كل ثلاثة أشهر يبين فيه سير أعمال التصفية . ويحق للمسجل أن يدعو المصفي للتداول في ذلك الأمر( ) .
سابعا ـ تستطيع الجهة التي عينت المصفي عزله وتعين مصفي بدله، أو تعين مصفي آخر يضم إلى الأول إذا وجدته غير قادر على إتمام إجراءات التصفية . ( م 172 ) .
ثامنا ـ المصفي وكيل عن الشركة وليس عن الشركاء( )، لكي يستطيع ممارسة التصرفات الضرورية لعملية التصفية باسمها .
تاسعا ـ يدعو المصفي الهيئة العامة للشركة خلال الشهرين الأولين من كل سنة مالية للاجتماع ومناقشة وتصديق الميزانية والحسابات ومناقشة التقرير المالي الذي يقدمه مراقب الحسابات وتعيين مراقب حسابات للسنة القادمة، وله إن يدعو الهيئة العامة للاجتماع في أي وقت تدعو له الضرورة . ( م 173). وتفيد بعض القوانين أنه على المصفي إن يضع المبالغ التي يتسلمها للشركة في حساب خاص في احد المصارف( )، كذلك تقضي بعض القوانين بوجوب إن يستخدم المصفي في إجراءات التصفية دفاتر يقيد بها العمليات التي تحصل وهي مشابهة للدفاتر التجارية وتخضع لأحكامها . حيث تقضي الفقرة الأخيرة من م 142 شركات مصري : (( ... ويمسك المصفي دفترا لقيد الأعمال المتعلقة بالتصفية ويتبع في مسك هذا الدفتر أحكام قانون الدفاتر التجارية ))( ) .
عاشرا ـ على المصفي إن يقوم بتسديد ديون الشركة على الوجه الأتي بعد حسم نفقات التصفية : ( م 174 )
(( أولا ـ المبالغ المستحقة للعاملين .
ثانيا ـ المبالغ المستحقة للدولة .
ثالثا ـ المبالغ المستحقة الأخرى حسب ترتيب امتيازها وفق القانون . ))( )، ومعلوم إن هذه الأولويات في توزيع الديون لا تبرز إلا عندما تكون أموال الشركة غير كافية لسداد ديونها، أما خلاف ذلك فكل الديون تسدد بكاملها .
ومن البديهي إن تتقدم نفقات التصفية جميع الديون حتى ذات الامتياز منها لأنه بغير هذه الإجراءات لما توافرت المبالغ لسداد الديون .
وتقديم مستحقات العاملين بعد ذلك كما واضح من نص المادة، وكما ذهب إلى ذلك القانون الأردني ( م 256 ) يجد مبرره في دوافع إنسانية لارتباط ذلك بمعيشة العاملين وعوائلهم، كما إن عمل العاملين كان السبب وراء وجود الأموال التي تصفى وتحول إلى مبالغ لسداد الديون .
كذلك ذهب النص العراقي والأردني أيضا لسداد أموال الدولة (الخزينة العامة ) كما سماها القانون الأردني، في حين لم تشر إلى ذلك القوانين المقارنة الأخرى، وعلى ما يبدو تركت الأمر لحقوق الامتياز وتدرجها حسب قوانين التنفيذ أو القواعد العامة في سداد الديون .
حادي عشر ـ وقد أبطل القانون التصرفات التي من شأنها تفضيل بعض الدائنين على غيرهم أو ترتيب امتياز للبعض، أو إعطاء حق رهن على بعض أموال الشركة، إذا ارتبط الأمر بالغش، ويمتد البطلان إلى التصرفات السابقة لحصول التصفية وتغطي المدة السابقة ثلاثة شهور كما جاء في م 175 .
ثالثا ـ حيث تقضي ببطلان عقود الرهن أو التي تمنح امتيازا على أموال الشركة لكنها تصح إذا كان للشركة أموال تفوق ديونها .
كذلك لا يسري أي حجز يقع على أموال الشركة بعد البدء بالتصفية، إلا إذا كان صادرا بقرار من المحكمة، ولا ينفذ هذا الحجز على القرارات الصادرة لصالح دوائر الدولة أو القطاع الاشتراكي أو العمال عن أجورهم ( م 175/ رابعا ) .
ثاني عشر ـ عند انتهاء أعمال التصفية يعد المصفي، تقريرا ختاميا وحسابات ختامية مقترنة بتقرير مراقب الحسابات ويدعو الهيئة العامة لاجتماع للمصادقة على التقرير والحسابات الختامية ورأي مراقب الحسابات، ويرسل نسخة من هذا القرار ومن التقارير المذكورة إلى المسجل ( م 176 ) .
ثالث عشر ـ على المسجل إن يصدر قراره بشطب الشركة من سجلاته، وينشر قرار الشطب في النشرة وفي صحيفة يومية وخلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار .
1- إذا وجد المسجل إن إجراءات التصفية تمت وفق الشروط القانونية .
2- إذا استغرقت إجراءات التصفية مدة تزيد على خمس سنوات من تاريخ صدور القرار بالتصفية، وتبين للمسجل تعذر استكمال إجراءات التصفية. (م177) .
وعلى المسجل إن يوزع المتبقي من أموال الشركة على الأعضاء بحسب أسهمهم أو حصصهم وخلال ثلاثين يوما من تاريخ تبلغه بقرار شطب الشركة وله إن يوزع بعض هذه الأموال خلال مرحلة التصفية، على إن لا يخل ذلك بإجراءات التصفية ( م 178 ) .
رابع عشر ـ بعد شطب اسم الشركة، لا يجوز المطالبة بدين أو حق على الشركة، وإذا وجد دائن لم يستوف حقه ولم يكن المصفي على علم بذلك، يحق للدائن مطالبة أعضاء الشركة بمقدار ما أل إليهم وكل حسب أسهمه أو حصته، ويظل هذا الحق قائما لمدة ثلاث سنوات من تاريخ الشطب، وهي مدة سقوط ينتهي الحق بانتهائها .
ونرى إن الوصول لهذا الحق من الصعوبة بمكان في شركات المساهمة في الأقل الذي يصل عدد المساهمين فيها إلى المئات، وعليه نرى إن يكون الأمر بتحديد مصدر الخطأ في عدم المطالبة بالدين، ومن وقع منه الخطأ يكون مسئولا عن ذلك الدين . ( م 179 ) .
خامس عشر : على المصفي إن يحتفظ بسجلات الشركة مدة خمس سنوات من تاريخ شطب اسمها من سجل الشركات ( م 180 ) .
بينما يقرر القانون المصري في المادة 153 الاحتفاظ بدفاتر الشركة لمدة عشر سنوات من تاريخ شطب اسمها من السجل التجاري، وان تحفظ لدى دائرة السجل التجاري إلا إذا عينت الهيئة العامة مكانا آخر لحفظ الدفاتر .
سادس عشر ـ تضمن القانون العراقي نصا مفاده م 175 / أولا
(( يعتبر تقديم طلب التصفية وقرار التصفية بمثابة طلب إشهار إعسار المدين في كل ما يتعلق بالمحافظة على حقوق الدائنين . ))
ولم أجد في نصوص القوانين موضوع المقارنة ما يماثل هذا النص، عدا ما جاء في قانون الشركات الأردني ( م 257 / جـ ) ((تسري أحكام الباب الثاني من قانون التجارة المتعلقة بالإفلاس على الشركات والأشخاص وأعضاء مجالس الإدارة أو من في حكمهم الوارد ذكرهم في هذا القانون.))
ومعلوم إن التصفية ليست إعلان إفلاس . لأن الأخير لا يقع إلا إذا عجز المدين التاجر عن تسديد ديونه التجارية، وليس بالضرورة إن تكون التصفية بسبب خسارة الشركة وبالتالي عجزها عن تسديد ديونها، إنما قد تصفى الشركة وهي موسرة، كما لو انقضت المدة المحددة لإنشائها ولم يرغب الشركاء في استمرار الشركة، أو عند انجاز العمل الذي تأسست له، أو عدم الانسجام بين أعضاء الشركة .
لذلك فأن القول بالمحافظة على حقوق الدائنين فيه قبول، بسداد الديون الحالة، وحجز أموال أو تقديم ضمانات للديون غير الحالة قبل توزيع أموال الشركة ( )، أما سريان جميع أحكام الإفلاس فمحل نظر .
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (9)
الأثنين 31/07/2006
الباب الخامس
أنواع خاصة من الشركات
نتناول في هذا الباب الشركات العامة وفروع الشركات الأجنبية ونفرد لكل منها فصلا .
الفصل الأول
الشركات العامة
صدر قانون للشركات العامة برقم 22 لسنة 1997، وقد هدف القانون إلى توحيد أحكام الشركات العامة بعد إن كانت موزعة في قوانين متعددة لكل شركة قانون يصدر بتأسيسها . فقد جاء بالمادة (2) من القانون انه : (( يهدف هذا القانون إلى تنظيم الشركات العامة، تأسيسا وإدارة وتصفية، بأحكام وأسس مالية وإدارية موحدة لبلوغ أعلى مستوى من النمو في العمل والإنتاج واعتماد مبدأ الحساب الاقتصادي وكفاءة استثمار الأموال العامة وفاعليتها في تحقيق أهداف الدولة ورفع مستويات أداء الاقتصاد الوطني . ))
ويفهم من النص إن أهم أهداف القانون توحيد الأحكام الخاصة بالشركات العامة في تأسيسها وفي عملها ولدى تصفيتها . كما إن من بين ما ورد في الأهداف التي نرى أهميتها، اعتماد مبدأ الحساب الاقتصادي، وتطبيق مبدأ الربح أو الخسارة على أنشطة هذه الشركات لتحديد كفاءة الأداء فيها وبالتالي أهمية بقائها أو تصفيتها، أما ما عدا ذلك فكانت شعارات يفترض إن يبتعد عنها النص القانوني .
وبناء على ذلك نتناول الشركات العامة، فنبين، التعريف وتأسيس الشركة ثم رأس المال وتوزيع الأرباح والخسائر، وإدارة الشركة، ودمج الشركة العامة وتحولها وتصفيتها . ونفرد لكل من هذه الموضوعات مبحثا، وهي الموضوعات التي تناولها القانون، وإذا كان الكلام عن الشركات العامة قبل صدور القانون، يستند على الأحكام العامة والنصوص الخاصة بقانون كل شركة وبالآراء الفقهية فان الأمر محكوم الآن بنصوص قانون موحد لجميع الشركات العامة هو القانون رقم 22 لسنة 1997 المعدل .
المبحث الأول
التعريف بالشركة العامة وتأسيسها
نبين في هذا المبحث تعريف الشركة وخصائصها ثم تأسيسها في نقطتين .
أولا : تعريف الشركة وخصائصها :
بينت المادة الأولى من القانون توضيحا لمصطلحات وردت في القانون من بينها مصطلح الشركة العامة، حيث جاء فيها (( الشركة العامة : الوحدة الاقتصادية الممولة ذاتيا والمملوكة للدولة بالكامل التي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري وتعمل وفق أسس اقتصادية . )) ومن التعريف نبين خصائص الشركة العامة وهي :
1- أنها وحدة اقتصادية :
والوحدة الاقتصادية، هي الوحدات الخدمية والتجارية والإنتاجية التي تؤسسها الدولة وعندما نقول الدولة، ينصرف المصطلح إلى الأشخاص التابعة لها، فقد تؤسس من شخص واحد أو من عدد من الأشخاص . وقبل الدخول في تفاصيل التعريف، نستعرض كيف كانت تؤسس الشركات العامة قبل صدور القانون رقم 22 لسنة 1997 .
والمعروف إن هذه الشركات كانت تؤسس بموجب قانون خاص بها يبين حجم رأس المال وغرضها ؛ ومكان نشاطها ومقرها وإدارتها . وترتبط هذه الشركات في مشاريع ذات أهمية حيوية للنشاط الاقتصادي، كالشركة العامة للموانئ والشركة العامة للسكك الحديد والشركة العامة للبريد والاتصالات( ) .ثم صدر قانون المؤسسات في ستينات القرن الماضي، وتولت هذه المؤسسات تأسيس الشركات المرتبطة بها .
وعدا هاتين الصورتين لتأسيس الشركات العامة، حولت قرارات التأميم الصادرة سنة 1964 العديد من الشركات الخاضعة إلى القطاع الخاص إلى القطاع العام . كشركة المخازن العراقية مثلا الشركة التجارية العراقية وغيرها العديد من الشركات .
ومن المعلوم إن مرافق حيوية ظلت تابعة للدولة منذ تأسيس الدولة العراقية في بداية تكوينها في أوائل القرن الماضي، فالسكك والخطوط الجوية والموانئ والكهرباء والبريد وغيرها من المرافق كانت تابعة للدولة . وفي الستينات والسبعينات من القرن الماضي توسع حجم الشركات العامة بصدور قانون المؤسسات، فخضعت التجارة الصادرة والواردة إلى مؤسسات تابعة للدولة، بل إن حجم سيطرة الدولة على الوحدات الاقتصادية وصل إلى نسبة تتجاوز 99% من حجم التجارة الخارجية( )، وإذا كانت هذه الشركات وسيلة الدولة في محاربة الاحتكار وتقديم السلع والخدمات إلى المواطنين من ذوي الدخل المحدود بأسعار تتناسب مع مدخولاتهم، فأن عمل هذه المؤسسات لا يخلو من إخفاقات وتلكؤ وفساد، وهو ما يشغل بال المفكرين في دول العالم التي تبنت أسلوب الاقتصاد الموجه( ) . فأخفقت العديد من المشاريع لأسباب ترتبط بإدارتها والعلاقة البيروقراطية بين العاملين وجهات اتخاذ القرارات، وخير مثال على ذلك فشل مزارع الدولة التي تأسست بإمكانات كبيرة لا تتوافر للأفراد( ) .
ولأول مرة يصدر قانون موحد للشركات العامة، هو القانون رقم 22 لسنة 1997 . وضع أحكاما عامة في التأسيس والإدارة والأرباح والخسائر والإقراض والاقتراض وكذلك في التصفية وفيما يلي نوضح أحكام القانون : وكما ورد في المادة الأولى ومن تعريف الشركة العامة، عدا كونها وحدة اقتصادية إن تكون ممولة ذاتيا، أي أن تمويل نشاطها يكون من إيراداتها . ومن المؤكد أن هذا القول لا ينطبق إلا على الشركة أثناء حياتها أما في بدء تأسيسها , فهي غير قادرة على تمويل نفسها، لأنها ما زالت غير قائمة أو ما زالت لا موارد لديها . وعليه فأنه أثناء التأسيس أما أن تدفع أموالها من خزينة الدولة، أو تدفع من أشخاص عامة ممولة ذاتيا تشترك في تأسيسها، وسنوضح ذلك عند الكلام عن رأس المال.
كذلك تتمتع الشركة باستقلال مالي وإداري ولها شخصية معنوية، وبغير ذلك لا تتمتع بالمرونة المطلوبة في عملها . فأموال الشركة للشركة وضمان لدائنيها . وهذا الوضوح في أمر أموال الشركة . أعطى الجواب لتساؤلات لطالما أثارت الكثير من الآراء حول حدود مسؤولية الشركات العامة، وهل أن مسؤوليتها مرتبطة بأموال الدولة .
وأخيرا تعمل الشركة وفق الأسس الاقتصادية، ومعنى الأسس الاقتصادية اعتماد مبدأ الربح أو الخسارة في تقييم أداؤها وكفاءتها وإخفاقها أو نجاحها، وهو مبدأ واضح، وهذا يقطع التستر على إخفاقات الشركة المالية اعتمادا على ارتباطها بمشاريع حيوية وبملكيتها للدولة( ) . ومحاسبة المسؤولين عن الإخفاق في هذه الشركات . ومن أهداف القانون يتبين إن احد الأهداف الرئيسة لإصدار القانون توحيد الأحكام الخاصة بالشركات العامة، لأنها كما بينا كانت متباينة في عملها وخاصة ما يتعلق في أجور ومكافآت العاملين في الشركات العامة مما أثار العديد من الشكاوى بضرورة المساواة في هذا الميدان . لكي يكون العمل في هذه الشركات بمستوى عال في الكفاءة والإنتاج، بالاعتماد على مبدأ الحساب الاقتصادي، أي مقدار ما حققته الشركة من أرباح ليظهر ذلك كفاءة استخدام الأموال العامة في المشاريع الاقتصادية، وتحقيق أهداف الدولة في النمو الاقتصادي، وتوفير السلع والخدمات بنوعية جيدة وبأسعار تنافس المستورد مثيلها وما ينتج محليا من قبل القطاع الخاص .
ثانيا : تأسيس الشركة العامة :
يبدأ تأسيس الشركة بأن تقدم الوزارة المختصة، التي تتبعها الشركة بنشاطها . أو إن نشاط الشركة يقع ضمن قطاعها، طلبا إلى مجلس الوزراء لتأسيس الشركة، على إن يكون مرفقا بالطلب دراسة تتضمن الأسباب الاقتصادية والفنية لتأسيسها( ) .
على إن يتضمن الطلب ما يأتي :
(( أولا ـ اسم الشركة وموقعها ومركزها الرئيس .
ثانيا ـ أهداف الشركة ونشاطها .
ثالثا ـ مقدار رأس مال الشركة أو مصادر تمويل نشاطها .
رابعا ـ أية معلومات أخرى تجدها الوزارة ضرورية . ))
إذا وافق مجلس الوزراء، تعد الشركة عقدا أو بيانا . ويعد العقد عندما تتعدد الأطراف المنشأة للشركة، أما إذا كانت جهة واحدة، فتعد بيانا، وهذا على غرار ما في الشركات الخاصة رقم 21 لسنة 1997 في أعداد عقد طبقا للمادة (13) عندما يتعدد أطرافه، أما في حالة الشركة المنفردة أو شركة المشروع الفردي، حيث لا توجد سوى إرادة واحدة لإنشاء المشروع فيعد مؤسسها بيانا طبقا للمادة ( 14 ) من القانون . وفي الشركات العامة، فأن تعدد أطراف العقد، يعد ـ كما يرى ذلك البعض ـ شكليا . لأن في نهاية الأمر تكون الشركة تابعة لشخص واحد، هو الدولة( ) .
وإذا كان إطلاق مصطلح الشركة على الوحدات الاقتصادية التي تنشاها الدولة قد وجد معارضة بسبب عدم تمتعها بخصائص الشركة الخاصة المبنية على العقد وتعدد الإرادات حيث يقول الدكتور باسم محمد صالح (( فهذه الشركات ليست في الحقيقة ( شركات ) حسب المفهوم التقليدي للشركة وإنما وحداتunites تجارية واقتصادية أساسها ذمة التخصيص .. ))( ) .
نقول أن المصطلح وجد معارضة طبقا للنظام القانوني السائد بالنسبة للشركات قبل صدور قانوني الشركات رقم 21، 22 لسنة 1997، الأول المتعلق بالشركات الخاصة، والثاني بالشركات العامة . حيث لا يعرف النظام القانوني شركة الشخص الواحد فكان من الصعوبة إيجاد شركة تتكون من شخص واحد حتى إذا كانت الدولة ويطلق عليها مصطلح شركة .
فأن صدور القانون رقم 21 لسنة 1997 ومثله القانون الملغي لسنة 1983 أباح تكوين الشركة من شخص واحد . والشركة التي أباحها شركة أشخاص تتكون من شخص طبيعي واحد، وتتداخل فيها إلى حد كبير الذمة المالية للمشروع مع الذمة المالية لصاحبه، وقد صدر تعديل على القانون المذكور أباح تكوين شركة محدودة من شخص واحد . أي أن مالك المشروع ( الشركة ) هو شخص واحد قد يكون هذا الشخص طبيعيا أو معنويا وتقتصر مسؤولية صاحب المشروع تجاه التزامات المشروع بما وضعه من رأس مال، وينسجم هذا الأمر مع فكرة التخصيص التي اشرنا لها في رأي الدكتور باسم محمد صالح . حيث يفرد الشخص بعض أمواله لتكوين مشروع اقتصادي بشكل شركة، وتكون مسؤولية الشركة بمقدار ما خصص من رأس المال، ومادام الشخص الذي ينشأ الشركة من الممكن أن يكون طبيعيا أو معنويا، والدولة شخص معنوي، فأنها يمكن أن تخصص مبلغا معينا في تكوين شركة تابعة للدولة فهي شركة عامة تخضع للأحكام التي أوردها قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 .
وعليه فأن الاعتراض على تكوين الشركة التابعة للدولة، المبني على صعوبة تكوين شركة من شخص واحد عولجت بما يتضمنه قانون الشركات الخاصة رقم 21 لسنة 1997 مع تعديله .
الأمر الأخر، تداخل أموال الشركة مع أموال صاحب الشركة وهي الدولة، وهذا من الأمور التي ساعدت على ما اعترى الشركات العامة من إخفاق، لأن الشركات المتلكئة ألقت بعبء فشلها على الميزانية العامة . وعليه فأن هذه الشركات التي تتكون بموجب قانون رقم 22 لسنة 1997 يقتضي أن تتحدد مسؤوليتها بمقدار رأس المال فيها( )، لا تمتد إلى خارج ذلك وبالتالي تحميل الميزانية العامة فشل الشركة . وحسب النصوص الحالية ليس فيها ما يقطع بكون مسؤولية الشركة محدودة بمقدار رأس المال، صحيح أنها ممولة ذاتيا، أي أن عملها وأجورها والزيادة في رأس المال فيها تكون من الشركة، إلا انه عند خسارة الشركة يكون الأمر متروكا لمجلس الوزراء في استمرار الشركة أو تصفيتها وإذا اختار الإجراء الأول فيقتضي ذلك دعمها بأموال من ميزانية الدولة.
يمكن أن نطرح هنا هل ثمة إمكانية لاعتبار الشركات العامة، شركات مساهمة، أي أن رأس المال فيها يقسم إلى أسهم ويتم تداولها في سوق الأوراق المالية . أو جزء منه في الأقل ؟. كما هو الحال في قانون شركات قطاع الأعمال المصري رقم 203 لسنة 1991 الذي اشرنا إليه لأنه :
(( تأخذ الشركات القابضة شكل شركة المساهمة، وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي ومدتها والغرض الذي أنشأت من اجله ... وأجاز القانون للشركة القابضة أن تقوم بتأسيس شركات مساهمة بمفردها أو بالاشتراك مع الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد وكذلك شراء أسهم شركات المساهمة أو بيعها أو المساهمة برأسماله، وسوى المشرع بين الشركات الخاضعة لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام وشركات المساهمة الخاضعة لأحكام القانون رقم 159 لسنة1981))( )
على العموم يثير هذا الموضوع تساؤلات كبيرة والإجابة عنها بشكل حاسم ومحدد، يتطلب بتقديرنا تكوين لجان متخصصة، مالية، اقتصادية وقانونية تقوم بالإطلاع على تجارب الآخرين( )، لبلورة الإطار القانوني الملائم للمشاريع التابعة للدولة، وطبيعة الأموال المملوكة لها . وإمكانية تحويل البعض منها إلى القطاع الخاص أو المختلط، خاصة تلك التي يرتبط عملها بمبدأ المنافسة وتحقيق الربح .
ويقتضي أن يتضمن العقد أو البيان الذي تعده الوزارة المعنية بعد موافقة مجلس الوزراء وحسب المادة ( 4 ) من القانون .
(( أولا ـ اسم الشركة وموقعها ومركزها الرئيس، ويكون الاسم مستمدا من نشاطها، مع إضافة كلمة ( عامة ) إلى التسمية( ) .
ثانيا ـ أهداف الشركة .
ثالثا ـ نشاط الشركة .
رابعا ـ رأس مال الشركة .
خامسا ـ أسماء الجهات المؤسسة .
سادسا ـ أية معلومات أخرى تجدها الوزارة ضرورية . ))
كما تقوم الوزارة بتقديم عقد الشركة أو البيان الذي أعدته مع موافقة مجلس الوزراء إلى مسجل الشركات، لتسجيل الشركة . وقد بينت المادة الخامسة بأن هذا الإجراء غايته توثيقية إحصائية (( لأغراض إحصائية توثيقية...)) أي أن الغرض من مفاتحة مسجل الشركات هو ذلك، لا يطلب منه الموافقة على تأسيس الشركة، لأن الموافقة صدرت من مجلس الوزراء، إنما لغرض توحيد الجهة التي توثق المشاريع الاقتصادية، حسب طبيعة نشاطها وأسمائها وجهة ملكية رأس المال فيها , بل أن القانون ذهب ابعد من ذلك في أعطاء عملية التوثيق بعدا قانونيا، بأن يصدر المسجل شهادة تأسيس بالشركة العامة، حيث تنص المادة ( 6 ) على أن (( يقوم المسجل بتسجيل الشركة وإصدار شهادة تأسيسها، وتقوم الوزارة بنشر شهادة وعقد أو بيان الشركة في الجريدة الرسمية وفي النشرة التي يصدرها المسجل . ))
ومن هذا التاريخ، أي تاريخ آخر نشر، تكتسب الشركة الشخصية المعنوية (م7).
ونؤكد على أن دور المسجل شكليا، فليس له الموافقة أو القبول، ونرى لو تم الاكتفاء بالتسجيل لدى المسجل وللغايات ((التوثيقية الإحصائية)) ولا تمتد إلى إصدار شهادة تأسيس، لان المسجل لا يملك أي دور في ذلك .
المبحث الثاني
رأس المال والأرباح والخسائر
نتكلم عن تكوين رأس المال أثناء تأسيس الشركة . وكما عرفنا فأن الشركة أما أن تتكون من شخص أو أشخاص عامة غير ممول أي منهم ذاتيا، أي أن أموال الجهات المكونة للشركة مرتبطة بالميزانية العامة للدولة . أو أن تكون الجهات التي تنشأ الشركة ممولة ذاتيا وقبل ذلك نبين كيف يتحدد رأس المال، والمادة 8 تقضي بأن : (( يحدد رأس مال الشركة بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء بالموافقة على تأسيسها . ومن المؤكد أن رأس المال حدد من قبل الجهة المؤسسة للشركة بناء على دراسة الجدوى التي أعدت للمشروع، لكن الأمر خاضع لتأييد مجلس الوزراء وبالتالي فهو يحدد من قبل الأخير ؛ لان له تغييره .
أما كيف يتكون رأس المال في حالة كون المؤسسين غير ممولين ذاتيا ؟
فأن رأس المال يسدد من قبل الخزينة العامة، دفعة واحدة يكون هذا التسديد أو على دفعات تحدد من قبل الشركة، بحيث تبين مقدار كل دفعة ومواعيد تسديدها بالتنسيق مع وزارة المالية . وإذا كان لدى الجهات المكونة للشركة أموالا منقولة أو غير منقولة، تريد تحويلها للشركة فأن أقيام هذه الأموال، تمثل جزء من رأس مال الشركة المدفوع( ) .
تكوين رأس المال عندما تكون الجهات المكونة للشركة ممولة ذاتيا :
إذا كانت الشركة مكونة من أشخاص ممولة ذاتيا، كأن تكون جهات التأسيس شركات عامة تابعة لوزارة أو عدد من الوزارات، فأن هذه الجهات تسدد كل منها حصتها في رأس المال ( م 9 / ثالثا ) التي جاء في أخرها ((..وتخضع لذات الضوابط المقررة بموجب أحكام هذا القانون . )) ويعني النص أن تخضع الشركة العامة، حتى لو كانت ممولة من أشخاص عامة ممولة ذاتيا، لأحكام القانون فيما يتعلق بتوزيع الإرباح والإدارة والتصفية مثلا، أي أنها تخضع لإرادة المشرع وفق أحكام القانون لا لإرادة مؤسسيها .
زيادة رأس المال أو تخفيضه
إذا احتاجت الشركة لزيادة رأس المال أو تخفيضه . فأن الوزارة المختصة تعد دراسة تبين فيها أسباب الزيادة أو التخفيض واثر ذلك على حقوق الشركة والتزاماتها وبالتنسيق مع وزارة المالية، وتقدم هذه الدراسة مع طلب إلى مجلس الوزراء، فالمادة 10 / أولا تنص على انه : (( عند الحاجة إلى زيادة أو تخفيض رأس المال الشركة تقدم الوزارة طلبا إلى مجلس الوزراء مشفوعا بدراسة مالية حول مسوغات ذلك واثره على نشاط الشركة وحقوقها والتزاماتها بالتنسيق مع وزارة المالية )) .
وعند موافقة مجلس الوزراء على زيادة رأس المال أو تخفيضه، تنفذ الوزارة القرار وفي حالة التخفيض لا توجد مشكلة، رأس المال يخفض مما كان عليه إلى الحدود التي بينها قرار مجلس الوزراء، فإذا كان التخفيض بسبب خسارة الشركة وهو احد أسباب التخفيض، يخفض رأس المال المسجل والمثبت لدى المسجل، أما إذا كان التخفيض بسبب زيادة رأس المال عن حاجة الشركة، فيطرح الفائض بالحدود التي بينها قرار مجلس الوزراء، وإذا كانت الشركة قد كونت رأس مالها من الخزينة العامة، يعاد الفائض إليها، أما إذا تكونت من عدد من الأشخاص العامة الممولة ذاتيا، فيعاد الفائض إلى الجهات التي كونت الشركة وكل بمقدار مساهمته براس المال . وفي الحالتين يعدل عقد الشركة أو بيانها بما يتوافق مع التخفيض .
أما عند زيادة رأس المال فتتحقق الزيادة من أموال الشركة، من الاحتياطي الذي تكونه الشركة ( م / 11 / رابعا / 5 ) . وفي حالة عدم إمكانية الشركة على توفير الزيادة، تدفع أما من الخزينة العامة أو من الأشخاص الممولة ذاتيا للشركة ويعدل العقد أو النظام تبعا لذلك .
وعند استكمال الإجراءات المذكورة، في التخفيض أم الزيادة، تقوم الوزارة بإبلاغ المسجل بالتعديل، ليقوم بتسجيله ونشره في الجريدة الرسمية، ويفترض انه لا يجوز الاحتجاج على الشركة بالزيادة أو على المتعاملين معها بالتخفيض . إلا من تاريخ النشر في الجريدة . أي أن الضمان لدائني الشركة هو رأس المال كاملا ( قبل أن يخفض )، مادام قرار التخفيض لم ينشر بالجريدة الرسمية، وراس المال بعد التخفيض عند نشر القرار . كذلك لا يحتج الدائنون براس المال بعد الزيادة إلا من تاريخ نشره أيضا .
الإرباح والخسائر
أفرد القانون فصلا للأرباح والخسائر، هو الفصل الثالث وعنوانه (الأرباح والخسائر) ويتوافق هذا الأمر مع ما جاء في تعريف الشركة، بأنها تعمل وفق الأسس الاقتصادية . فالأسس الاقتصادية تعني العمل وفق مبدأ الربح والخسارة , وسنتناول أولا، الأرباح، ثم نتناول بعدها الخسارة .
الأربــــاح
تناولت المادة الحادية عشرة بفقراتها الخمس، موضوع الأرباح وعلى الشكل الآتي :
أولا : بينت الفقرة ( أولا ) من المادة المقصود بالأرباح . وهو حسب المبادئ المحاسبية زيادة الإيرادات على مجموع النفقات . وجاء النص (( ... زيادة الإيرادات على المصروفات الظاهرة في حساب الأرباح والخسائر للسنة المالية للشركة المنظم وفق التشريعات النافذة والأنظمة والأعراف المحاسبية المعتمدة والمدقق من قبل ديوان الرقابة المالية والمصادق عليه من قبل الجهة المخولة قانونا )) .
وإذا كان تحديد الأرباح والخسائر يعرف من الفرق بين الإيرادات والمصروفات، فأن النص الذي بين ذلك يقتضي بعض التوضيح :
أ ـ إن تنظيم الحسابات في نهاية السنة المالية، يبنى على (( التشريعات النافذة والأنظمة والأعراف المحاسبية المعتمدة ... )) ويقتضي هذا تحديد الأسس المحاسبة التي تنظم وفقها حسابات الشركة العامة، والنظام الذي يطبق هو ((..نظام محاسبي ومالي خاص تراعى فيه قواعد المحاسبة التجارية..))( ).
ويؤكد هذا الاتجاه اقتراب الشركات العامة، من الشركات الخاصة في استقلالها عن ميزانية الدولة، وتكون أموالها ضمانا لدائنيها , وعلى من يتعامل مع هذه الوحدات الاقتصادية عليه أن يعلم أن ائتمانه هو أموال الشركة وموجوداتها فقط .
ب ـ كذلك يشير النص إلى تدقيق حسابات الشركة من قبل ديوان الرقابة المالية الذي يتولى أيضا تدقيق حسابات دوائر الدولة والشركات المختلطة . وتولى ديوان الرقابة المالية تدقيق حسابات الشركة العامة لا يقربها من الوحدات المرتبطة بالميزانية العامة، إنما يرجع ذلك إلى الأهمية الاقتصادية لهذه الوحدات، يؤكد ذلك إخضاع حسابات الشركات المختلطة لتدقيق الديوان المذكور على الرغم من خضوعها لأحكام قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997.
ثانيا : قد تحصل الشركة على موارد تظهر وكأنها أرباح حققتها الشركة كما لو باعت أصولها الرأسمالية مثلا، شركة نقل تقوم ببيع بعض المركبات التي تستخدمها، فهذه لا تعد أرباحا قابلة للتوزيع وكذلك العوائد التي تحصل عليها الشركة من نشاط لا يدخل ضمن نشاطها العادي، كما لو أودعت بعض أموالها الفائضة كودائع ثابتة وحصلت على فوائدها ( 11 / ثانيا ) .
ثالثا : الربح الذي يوزع يجب أن لا يتجاوز 30 % من كلفة النشاط الجاري للشركة أي أن ما يوزع من الربح هو الربح الصافي الذي يشير له نص المادة 11، جميعه إذا كان اقل من كلفة النشاط الجاري، أما إذا تجاوز ذلك فلا يوزع إلا ما يدخل ضمن النسبة المذكورة وقد أثار هذا النص اعتراض العديد من ممثلي بعض الشركات العامة، لأنه احدث تباينا كبيرا في احتساب الأرباح القابلة للتوزيع . لأن كلفة النشاط الجاري مرتفعة عادة في الشركات الصناعية ومتدنية في الشركات الخدمية، ونتيجة لذلك فأن الأخيرة تحقق أرباحا كبيرة لكن ما يوزع من هذه الأرباح الذي لا يتعدى 30 % من كلفة النشاط الجاري تكون ضئيلة، بالمقارنة مع الشركات الصناعية التي تدخل في كلفة النشاط الجاري فيها المواد الأولية والأجور وهي مرتفعة عادة .
وبعد استقطاع النسبة التي توزع من الأرباح والتي لا تتجاوز 30 % من كلفة النشاط الجاري يوزع باقي الربح الصافي على الوجه الآتي :
1- نسبة 10 % كاحتياطي رأس مالي تعويضا ((.. لفروقات الاندثار على أن لا يعد ذلك ضمن كلفة النشاط الجاري، وان تستخدم هذه المبالغ لأغراض التوسعات حصرا خلال مدة ( 5 ) خمس سنوات، وبخلافه تحول المبالغ المذكورة إلى وزارة المالية .))( ).
2- في الشركات العامة التابعة للقطاع الصناعي , تؤخذ نسبة ( 40 %) أربعين من المائة من المبلغ الفائض عن الربح القابل للتوزيع ... وتسجل في حساب الاحتياطات وتخصص على الوجه الآتي :
أ ـ نسبة ( 90 % ) منها لتأهيل وتطوير المصانع الإنتاجية .
ب ـ نسبة ( 10 % ) منها لبناء الوحدات السكنية وتطوير خدمات السكن الحالي للعاملين .
جـ ـ تستخدم المبالغ المتأتية من النسبتين المنصوص عليهما في ( أ , ب ) من هذه الفقرة للأغراض المشار إليها فيها خلال مدة ( 5 ) خمس سنوات قابلة للتمديد إذا اقتضت الضرورة بناء على اقتراح من الوزير وموافقة من مجلس الوزراء، وبخلافه تحول إلى وزارة المالية .
3- يحول المتبقي بعد استقطاع النسبتين المنصوص عليهما في الفقرتين (11، 21 ) من هذا البند إلى وزارة المالية( ) .
وكذلك بينت المادة ( 11 ) وفي الفقرة ( رابعا ) كيفية توزيع الربح القابل للتوزيع المنصوص عليه في البند ثالثا وعلى الوجه الآتي :
((1- 45 % للخزينة العامة .
2- 33 % حوافز ربح لموظفي الشركة وللمتميزين منهم ولأعضاء مجلس الإدارة وموظفي مركز الوزارة وفق نسب وضوابط يضعها مجلس الإدارة وبمصادقة الوزير .
3- 5 % للبحث والتطوير( ).
4- 5 % للخدمات الاجتماعية للعاملين .
5- المتبقي منه لاحتياطي رأس المال .. )) .
وأعطى القانون الحق لمجلس الوزراء في زيادة أو تخفيض النسب المنصوص عليها في البندين ( ثالثا ) و ( رابعا ) من المادة ( 11 ) في ضوء الظروف الاقتصادية والنتائج التي يفرزها العمل بالمادة .
خسارة الشركــــة
نتناول موضوع خسارة الشركة الذي بينه القانون في المواد ( 12، 13، 14 ) وكالاتي:
أولا : ـ إذا كانت على الشركة خسائر مدورة من السنوات السابقة، ثم حققت الشركة أرباحا، فيستقطع من الربح الصافي للشركة قبل التوزيع ( 25 %) منه لإطفاء الخسارة المذكورة، وعليه فأن الاستقطاع لا يتم إلا مع وجود الخسائر المدورة، أما عند عدم وجودها فلا يستقطع شيء .
كذلك حدد النص نسبة الاستقطاع بـ ( 25 % ) وعليه فانها رقم واحد لا يجوز استقطاع ما يزيد عليه لان النص لم يقل ما لا يقل عن، ولا أقل منه لأن النص أيضا لم يقل ما لا يتجاوز( ) .
ثانيا : ـ إذا بلغت خسارة الشركة ( 25 % ) من رأس المال الاسمي، فعلى مجلس الإدارة في الشركة، أن يعد دراسة عن أسباب الخسارة، وما هي المقترحات التي يجدها مناسبة لمعالجة الأمر، وترفع هذه الدراسة إلى الوزارة، لتتخذ القرار المناسب بذلك( ) .
وبموجب النص فأن الخسارة في رأس المال ينبغي أن تبلغ ما يساوي ( 25 % ) منه وهذا يستوعب ما إذا تجاوزت الخسارة النسبة المذكورة على أن لا تصل إلى ( 50 % ) من رأسمالها الاسمي، فيعد مجلس الإدارة دراسة بأسباب الخسارة وسبل معالجتها، ويرفع الدراسة إلى الوزارة لتقرر ما يراه مناسبا بهذا الشأن، كأن تقرض الشركة أو تطالبها بزيادة راس المال أو تخفيضه طبقا للاجراءات التي حددها القانون
ثالثا ـ اذا بلغت خسارة الشركة (50%) من رأسمالها الاسمي، وهذا يعني إذا تجاوزت الخسارة ذلك أيضا، فعلى الوزارة أن تعد دراسة بأسباب الخسارة، وما تقترحه بشأنها، وتقدم إلى مجلس الوزراء، ليتخذ بناء على الدراسة قرارا أما بتصفية الشركة، إذا وجد في بقاءها عبئا على الاقتصاد، أو يقرر استمرارها إذا كان لا غنى عن الخدمات أو السلع التي تقدمها الشركة، مع التوجيه بمعالجة الخسارة( ) .
الاستثمار والاقتراض :
تبين أحكام القانون وفق المواد 15، 16، 17، 18 كيفية استثمار الفائض النقدي للشركة في الأوجه التي بينها القانون كذلك يحق لها الإقراض والاقتراض، أو الحصول على الأموال لتمول به نشاطها ٍ. ولذلك سنبين أولا الاستثمار وبعدها نتطرق للاقتراض :
أولا : الاستثمار
قد يتكون لدى الشركة فائض نقدي، وتوظف هذا الفائض في الاستثمار . لتوفير تراكم نقدي للشركة يفيد في عملية توسيع نشاطها، وكذلك تحقق الشركة أهدافها في عملية الاستثمار وسنتناول الأمر بنقاط :
1- تستطيع الشركة أن تستثمر الفائض النقدي في المشاركة بتأسيس شركات مساهمة أو المساهمة في أسهمها وكذلك تستطيع مشاركة الشركات المذكورة في أعمال ذات صلة بأهداف الشركة داخل العراق ويمكن أن يكون هذا النشاط خارج العراق بموافقة مجلس الوزراء . ومفهوم هذا النص :
أ ـ قد تشارك الشركة العامة بالفائض النقدي المتوفر لديها في شركات مساهمة، وهذه المشاركة قد تكون في التأسيس أو شراء الأسهم بعد أن تتكون الشركة، ولم يحدد النص نوع النشاط الذي تزاوله الشركات التي تساهم فيها الشركة العامة، وهل يشترط أن يكون من نوع النشاط الذي تقوم به وبما أن النص لم يحدد ذلك يباح للشركة المشاركة في الشركات المساهمة بغير قيد في أن يكون نشاط هذه الشركات مماثلا لنشاط الشركة العامة.
ب ـ مشاركة الشركات المساهمة في تنفيذ أعمال تقع ضمن غرضها، ويفترض أن تكون الأقدر على ذلك لأنها تخصصت به . ولا تحتاج هذه المشاركة في تنفيذ الأعمال إلى موافقات من جهة مادام العمل داخل العراق، ولكن إذا كان خارج العراق، فبالإضافة إلى اشتراط أن يكون ضمن نشاطها، يجب الحصول على موافقة مجلس الوزراء . ( م 15 / أولا ) .
جـ ـ تستطيع الشركة العامة أيضا أن تستثمر الفوائض النقدية لديها في الشركات والمؤسسات العربية أو الأجنبية أي كان غرضها ولكن هذا مرهون بموافقة مجلس الوزراء .
كذلك تستطيع مشاركة الجهات المذكورة في أعمال تدخل ضمن نشاط الشركة العامة خارج العراق، ولكن يقتضي أن يقترن هذا بموافقة مجلس الوزراء أيضا ( م 15 / ثانيا ) .
وللشركة وبغير موافقة من مجلس الوزراء مشاركة الشركات أو المؤسسات العربية أو الأجنبية لتنفيذ أعمال داخل العراق تقع ضمن أهداف الشركة (م15/ ثالثا ) .
د ـ تستطيع الشركة أن تستثمر الفائض النقدي لديها في ودائع ثابتة لدى المصارف العاملة في العراق، وهذا مشروط بأن لا تتعدى مدة الوديعة (180 يوما ) أي ستة شهور . وان يفتح في السجلات المختصة للشركة حساب خاص تثبت فيه الفوائد العائدة من الودائع بحيث لا تختلط مع أرباح الشركة الناجمة من نشاطها المعتاد، ويكون من اليسير في الحسابات الختامية معرفة كفاءة أداء الشركة في عملها الذي يقع ضمن القطاع المختصة به (م16 / أولا ) .
هـ ـ يحق لشركات التأمين وإعادة التأمين والمصارف، أن تستثمر أموالها في كافة اوجه الاستثمار( ) . ويحق لمجلس الوزراء أن يلحق أية جهة استثمارية أخرى بهذا الحكم ( م 16 ثانيا ) .
ثانيا ـ الإقراض والاقتراض
يحق للشركة الإقراض . إذا كان نشاطها يسمح بذلك . وإذا كان القانون لم ينظم عملية الإقراض بأحكام، إنما بين الإباحة في مبدأ عام . فيفترض أن يحصل بشروط موحدة للجميع وبضمانات كافية للحفاظ على أموال الشركة، وعدم إقراض مديريها أو أعضاء مجلس الإدارة فيها بشروط خاصة، تختلف عن الشروط الموجهة للجميع .
كذلك يحق للشركة أن تقترض أو أن تحصل على الأموال لتمويل مشاريعها، من المؤسسات المالية التي تمارس عمليات الإقراض . فإذا كان من جهات وطنية، فهو مباح بغير اشتراط موافقة من جهة ما، على أن يتم ذلك بموجب عقود تبرمها الشركة مع جهات الإقراض وبشروط يجري الاتفاق عليها. وعلى أن لا يتعدى مبلغ القرض 50% من رأس المال المدفوع للشركة( ). وفي ذلك ضمان للجهات المقرضة .
أما إذا كان القرض أو الحصول على الأموال من جهات من خارج العراق، فيتطلب الأمر موافقة مجلس الوزراء على العملية( ) .
الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة .... الدكتور لطيف جبر كوماني (10)
الأثنين 31/07/2006
المبحث الثالث
إدارة الشركة
لا شك في أهمية الإدارة في نجاح الشركة أو إخفاقها . ولأهمية الشركات العامة، فأن إدارتها تناط بمجلس إدارة . وقبل أن نبين تشكيلة المجلس، نوضح مهام مجلس الإدارة في الشركة العامة . كما بينتها المادة ( 19 من القانون). ولابد من التنويه إلى غياب الهيئات العامة في هذه الشركات . إذ لا يوجد شركاء من مجموعهم تتكون الهيئة العامة، التي ترسم سياسة الشركة في عملها، إنما يقوم بهذا الواجب مجلس الإدارة، ولذلك فهو الذي يضع الخطط لحياة الشركة وهو الذي ينفذها , وعليه فأن مجلس الإدارة يضع السياسات والخطط الإدارية والفنية والمالية اللازمة لتحقيق أهداف الشركة . كما انه يقوم بالأشراف ومتابعة تنفيذ هذه الخطط , وله أن يمارس حقوقه وصلاحياته المتعلقة بالتخطيط والتنفيذ.
ويحق للمجلس أن يخول مدير عام الشركة بعض الصلاحيات التي يرى من الضروري منحها للمدير يقوم بها نيابة عن المجلس الذي لا يمكن أن يكون في حالة انعقاد مستمرة لمتابعة تنفيذ الخطط التي وضعها .
أما تشكيلة المجلس فأنه يتكون من تسعة أعضاء أصليين، هم المدير العام الذي يعين بقرار من مجلس الوزراء من ذوي الاختصاص وان يحمل الشهادة الجامعية الأولية في الأقل ( م 27 )، وثمانية من الأعضاء موزعين على الشكل الآتي :
(( أولا ـ أربعة أعضاء يختارهم الوزير من بين رؤساء التشكيلات في الشركة من ذوي الخبرة والاختصاص في الأمور المتعلقة بنشاطها .
ثانيا ـ عضوان ينتخبان من منتسبي الشركة .
ثالثا ـ عضوان من ذوي الخبرة والاختصاص يختارهم الوزير من خارج الشركة وبمصادقة هيئة الرأي .
رابعا ـ يكون لمجلس الإدارة ثلاثة أعضاء احتياط ينتخب المنتسبون احدهم ويعين الوزير العضوين الآخرين . ))( )
وقد بينت الفقرة خامسا من المادة (20) أن المجلس ينتخب وفي أول اجتماع له نائبا للرئيس من بين أعضاء المجلس ويحل محل الرئيس عند غيابه .
ومن المعلوم القول بأنه لا يوجد تلازم بين ملكية رأس المال والعضوية في مجلس الإدارة، وقد لاحظنا أن الأعضاء الثمانية ومثلهم الاحتياط يصنفون إلى ثلاث جهات .
الأولى : رؤساء التشكيلات في الشركة يختار منهم الوزير أربعة .
الثانية : من العاملين في الشركة إذ ينتخبون من بينهم اثنان .
ونرى لو يصار إلى انتخاب الأربعة والاثنين، ليكون المنتخب ستة من العاملين في الشركة، ولا بأس أن يحدد أربعة منهم من قبل رؤساء التشكيلات، لكي لا ينفرد الوزير بالاختيار، خاصة وانه يختار اثنين من الفئة الثالثة وهي من خارج الشركة، على أن موافقة الوزير مشروطة بأن تقترن بموافقة هيئة الرأي بالوزارة، وقد جاء تحديد الشخصين، أن يكونا من خارج الشركة مطلقا، إذ قد يكونان من العاملين بالوزارة، أو شركاتها المماثلة أو من خارج ذلك .
أما بقية الأحكام الخاصة بمجلس الإدارة، فأن مدة دورة المجلس ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ أول اجتماع، وهذه المدة قابلة للتجديد بغير تحديد مرة أو أكثر( ) .
ويجتمع المجلس اجتماعا عاديا واحدا مرة واحدة في الشهر وبدعوة من رئيس المجلس . كذلك يجوز أن يجتمع المجلس اجتماعا استثنائيا بدعوة من رئيسه أو بناء على طلب مكتوب من اثنين من أعضاء المجلس .
ويكون النصاب متحققا في الاجتماع بحضور أغلبية أعضاء المجلس بضمنهم رئيس المجلس أو نائب الرئيس , وتتخذ القرارات بأغلبية الحضور، وفي حالة تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي معه الرئيس( ) .
وإذا شغرت عضوية في مجلس الإدارة، فيدعو رئيس المجلس الشخص الاحتياط من الصنف الذي حصل فيه الشاغر، ليكمل مدة دورة المجلس المتبقية( ) .
وقد بين القانون أن تنفذ قرارات المجلس يتم حال صدورها . أي أن القرارات التي تصدر صحيحة، لاجتماع توافر فيه النصاب والتصويت، تصبح واجبة النفاذ عدا ما يتعلق منها ببعض الأمور حيث يشترط لنفاذها مصادقة الوزير عليها . وهذه جاءت حصرا في المادة 25 وكما يأتي :
(( أولا ـ الخطط والموازنات السنوية .
ثانيا ـ الحسابات الختامية والتقرير السنوي للشركة .
ثالثا ـ التوسعات .
رابعا ـ نظم حوافز الإنتاج وتعتبر من ضمن كلفة الإنتاج . ))
وهذه الأعمال تكون عادة من اختصاص الهيئات العامة في الشركات الخاصة والمختلطة وما دام لا يوجد في هذه الشركات هيئات عامة، فيحل محلها الوزير الذي تتبع الشركة وزارته . وهذه الحالات الأربع مما لا يجوز إضافة حالات أخرى لها، لأنها وردت حصرا .
بل أن المادة 26 بينت عملية مصادقة الوزير على القرارات المتعلقة بالمادة ( 15 ) وهي الخاصة بالاقتراض، والمشاركة في شركات أو في أعمال تدخل ضمن نشاط الشركة وهي بمجموعها تدخل ضمن موضوع التوسعات الواردة في الفقرة ثالثا من المادة أو ضمن الخطط والموازنات الواردة في المادة ( 25 ) .
فبينت المادة ( 26 ) أن القرارات المتصلة بالمادة 15 تعد مصادقا عليها من قبل الوزير إذا لم يعترض عليها خلال مدة ( 25 يوما )( )، من تاريخ ورودها إلى مكتبة وتسجيلها .
وإذا اعترض الوزير، تعرض على مجلس الإدارة ثانية وفي أول اجتماع يعقده، وإذا أصر المجلس على رأيه تعقد جلسة للمجلس برئاسة الوزير للنظر في الموضوع الخلافي، ويكون القرار الذي يصدر بأغلبية الحضور نهائيا( ) .
المبحث الرابع
دمج الشركات العامة وتحولها
قد تندمج الشركات مع بعضها أو قد تتحول الشركة العامة . لذلك نتناول الدمج أولا ثم التحول :
دمج الشركات :
قد تبرز الضرورة إلى دمج شركة أو أكثر من الشركات العامة بشركة قائمة أو تندمج شركتان أو أكثر لتكوين شركة عامة جديدة، وهي صور الدمج المعروفة بالضم أو المزج .
وقد افرد قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 المواد 31، 32، 33، 34 لموضوع الدمج( ) . وعليه فأن المادة ( 31 ) قبل تعديلها كانت تقرر جواز دمج شركة عامة بأخرى أو دمج شركتين عامتين أو أكثر لتكوين شركة عامة جديدة , وهذا الأمر مشروط بموافقة مجلس الوزراء وان يكون نشاط الشركات متماثلا أو متكاملا . أما بعد التعديل فكما ذكرنا في الهامش حل مجلس الحكم محل مجلس الوزراء، وأطلق على النشاط المتماثل أو المتكامل (( بنشاط متشابه أو متآلف )) . ونرى أن المتشابه يعني التماثل , والتآلف يعني التكامل وجاء وبحسب التعديل، أن الشركات إذا كانت تابعة لأكثر من وزارة، فينبغي أن توافق الوزارات المعنية على عملية الدمج، بما في ذلك تحديد وموافقة الوزارة التي ستكون الشركة بعد الدمج تابعة لها( ) .
كما أن الفقرة الثانية من المادة ( 31 ) كانت تنص على أن تضع الوزارة دراسة بالجدوى الفنية والاقتصادية للدمج وترفعها إلى مجلس الوزراء لبيان موقفه من الدمج . وفي هذا النص خلل بتقديرنا، عندما أهمل حالة تعدد الجهات التي تعود الشركات المنوي دمجها لها .
ولذلك جاء التعديل على أن يقوم الوزير أو الوزراء (( بإعداد عرض الدمج )) الذي يعني تقديم مقترح الدمج، أو تقديم الدراسة الاقتصادية والفنية لجدوى الدمج موقعا من الوزارات المتعدد ـ إذا تعددت( ) . ويقدم الأمر إلى مجلس الحكم، فإذا صوت لجانب الدمج أو انه لم يتخذ أي إجراء بشأنه خلال (14 يوما )( ) . (( سيكون الدمج نافذا في الحال .. ))، والوزير أو الوزراء مخولون باتخاذ الإجراءات العملية للدمج .
وعند حصول الموافقة، تقوم الوزارة المعنية أو التي ستكون مشرفة على الشركة بعد الدمج بتعديل العقد الأصلي للشركة . إذا كان الدمج بعملية الضم، أي ضم شركة أو أكثر إلى شركة قائمة، حيث يقع التعديل لعقد الشركة القائمة . ويتم وضع عقد جديد إذا كان الدمج بعملية المزج، أي ذوبان الشركات المطلوب دمجها وظهور شركة عامة جديدة .
وقد أشارت المادة ( 33 ) قبل التعديل بأن تقوم الوزارة بإبلاغ المسجل عن تعديل العقد أو بالعقد الجديد، ويعد الدمج نافذا من تاريخ موافقة مجلس الوزراء أو من التاريخ الذي يحدده مجلس الوزراء بموافقته،((وتنتهي الشخصية المعنوية للشركة التي اندمجت في شركة أخرى أو الشركات التي اندمجت مكونة شركة جديدة،ويقوم المسجل بإصدار شهادة تأسيس جديدة ))
أما في النص بعد التعديل، فقد حل مجلس الحكم محل مجلس الوزراء كما ذكرنا، كما أن التعديل لم يتطرق إلى انقضاء الشخصية المعنوية للشركة أو الشركات المندمجة، ونرى أن يصار إلى النص بانقضاء الشخصية المعنوية للشركات المذكورة، لأنها لم تعد قائمة وستشطب من السجل الخاص بالشركات العامة لدى المسجل( ) .
وتضيف المادة 33 بعد التعديل إلى وجوب أن تقوم الوزارة التي ستتبعها الشركة بتعديل العقد بناء على عملية الدمج أو بوضع عقد جديد، وتنتهي حالات ((الشيوع للمشروع أو المشاريع )) . ومن غير المفهوم هذا التعبير، فهل كانت الشركات المندمجة مملوكة على الشيوع ؟ بل على العكس من ذلك، إن عملية الدمج قد تؤدي إلى تعدد الجهات المالكة للشركة الدامجة، بعد أن كانت احادها المندمجة تعود ملكية كل منها لجهة معينة .
ويصدر مسجل الشركات شهادة تأسيس ( إنشاء ) جديدة . وينشر قرار موافقة مجلس الحكم في الجريدة الرسمية، وكذلك في النشرة التي يصدرها المسجل( ) .
فتنتقل حقوق والتزامات الشركات المندمجة إلى الشركة الناتجة عن الدمج (الشركة الجديدة)( )
تحول الشركة العامــــة
الشركات العامة، نوع واحد من الشركات حسب التعريف الوارد في المادة ( 1 ) من القانون، وعليه فأن التحول لا يكون من شركة عامة إلى شركة عامة أخرى، لأنها متماثلة بأحكامها وعليه لا يمكن التحول إلا إلى شركة مساهمة . وبذلك جاء نص المادة ( 35 ) (( يجوز تحول الشركة العامة إلى شركة مساهمة بموافقة مجلس الوزراء )) فالتحول إلى شركة مساهمة، والشركات المساهمة هي الشركات المساهمة المختلطة أو الخاصة التي نظم أحكامها قانون الشركات الخاصة رقم 21 لسنة 1997، لأنه لا توجد شركات مساهمة عامة، أي أنها مملوكة للدولة( )، وجاءت كلمة مساهمة مطلقة، لم تقيد بالمختلطة أو الخاصة، فتشمل النوعين معا . والأمر مشروط بموافقة مجلس الوزراء .
ويحل النص بتقديرنا ما يتردد عن وسائل تحول القطاع العام، وما يطلق عليه حسب تعديل قانون الشركات العامة بـ ( قطاع الدولة ) إلى القطاع الخاص، فالنص يستوعب تحول الشركات العامة إلى القطاع الخاص، بالاختلاط مع قطاع الدولة أو بغيره، ولكن هذا مرهون بوجود الضرورة إلى ذلك، وبموافقة مجلس الوزراء، وبأن يقتصر الأمر على الوحدات التي تأخذ شكل الشركة العامة، أما المؤسسات أو الوحدات الاقتصادية الأخرى التابعة للدولة التي لم تأخذ شكل الشركة العامة، ولم يلزمها نص التحول في المادة 40( ) من القانون، فلا يشملها النص، لذلك فان تحولها إلى القطاع الخاص لا يخضع للأحكام المذكور، إنما يقتضي الأمر معالجة خاصة إن وجدت الضرورة لذلك .
على العموم فان أحكام التحول إلى القطاع الخاص وبحسب المادة ( 36) تعد الوزارة دراسة بالاسباب الاقتصادية والفنية، التي تستوجب التحول إلى شركة مساهمة، وتبين الدراسة وسائل تقويم الأسهم المكونة لرأس المال، وطريقة بيعها . وترفع هذه الدراسة إلى مجلس الوزراء، ليتخذ في ضوئها القرار المناسب في تحول الشركة إلى شركة مساهمة، أم رفض التحول ولا يطلب من مجلس الوزراء أن يبدي أسباب الرفض . ويحتاج النص إلى تعليمات تبين آلية التحول . من حيث تقدير اصول الشركة، وهل يكتفى بالدراسة التي اعدتها الوزارة وهي جهة غير محايدة، لأنها البائع للشركة، يفترض أن تناط مهمة التقدير بخبراء مشهود لهم أو للمكاتب التي يعملون بها بالكفاءة والنزاهة .
كما أن الية البيع لم تتحدد، هل تباع الأسهم عن طريق الاكتتاب العام، أم اكتتاب مغلق، أو عن طريق العطاءات ؟ .
كما أن حدود حصة الاجانب في الشركات التي تتحول إلى القطاع الخاص يقتضي أن تبين، أم تظل مفتوحة كما هو الأمر في تكوين الشركات الخاصة بعد تعديل القانون رقم 21 لسنة 1997 وبحسب علمنا لم تتحول شركة عامة إلى شركة مساهمة حسب ما يسمح به النص لنرى آلية التحول .
وبعد موافقة مجلس الوزراء على التحول، ينبغي على الوزارة أن تعد عقدا جديدا للشركة، وتقدم العقد الجديد مع موافقة مجلس الوزراء إلى المسجل( )، وإذا كانت الوزارة تعد الجهة القطاعية المختصة للشركة باعتبار نشاطها يقع ضمن نشاط الوزارة، فهي الطرف الذي باع الشركة أو تخلى عن ملكية الشركة، فكيف تضع العقد، في حين يقتضي أن يوضع من الجهات التي تلتزم به وهي الجهات التي تقتني أسهم الشركة، أو في الأقل تصادق على العقد.
وتقوم الوزارة بنشر قرار تحول الشركة في الجريدة الرسمية وفي النشرة التي يصدرها مسجل الشركات . ومن تاريخ آخر نشر للتحول تكتسب الشركة الجديدة الشخصية المعنوية( ).
ويحق لمجلس الوزراء أن يحدد نسبة معينة من رأس المال الاسمي تخصص لمنتسبي الشركة العامة المحولة يقتصر الاكتتاب بها عليهم . ويفترض وتشجيعا لهؤلاء أن تباع عليهم الأسهم بالتقسيط التي تحدد إجراءات البيع طريقة تسديدها( ) .
وإذا أراد قطاع الدولة المشاركة في الشركة الجديدة، أن يلجأ إلى الأحكام القانونية التي تنظم ذلك في قانون الشركات الخاصة فإذا شاءت الوزارة أن تكون الشركة مختلطة يجب أن لا تقل مشاركة قطاع الدولة عن 25 % ولها أن تشارك باقل من النسبة المذكورة وعندها تظل الشركة خاصة .
المبحث الخامس
تصفية الشركـــــــة
تناول القانون الأحكام الخاصة بتصفية الشركة، وهو أمر جديد لم يكن معروفا في الشركات العامة، إذ كان الاتجاه مع عدم تصفيتها لارتباط ما تقدمه بحاجة المواطنين وحياتهم وقبل تناول موضوع التصفية نبين الرقابة وتدقيق حسابات الشركة .
الرقابة : أطلق القانون مصطلح الرقابة الداخلية في الشركة، تمييزا عن الرقابة التي تقع من خارجها، وإذا كان القانون قد بين ضمن الأحكام العامة حكما يفضي بأن يصدر الوزير المختص نظاما داخليا للشركة يعده مجلس الإدارة، يتضمن من بين ما يتضمنه وكما جاء في خامسا من المادة 43 : (( تنظيم جوانب متابعة نشاط الشركة والرقابة الداخلية . )) وبذلك سيكون لكل شركة نظامها الداخلي . إلا إن من بين الأحكام العامة الخاصة بالرقابة، أن تعد جهة الرقابة الداخلية التي تشكل بموجب النظام الداخلي الذي اشرنا إليه، تقارير شهرية، إلى المدير العام تبين نشاطها للمدة السابقة وكشف المخالفات وعلى الإدارة أن تتخذ الإجراءات الضرورية لمعالجة المخالفات التي وردت في التقارير ولابد من أن تتخذ الإجراءات خلال ثلاثين يوما من تاريخ ورودها إلى مكتب المدير العام( ) . ولم يعالج القانون حالة ما إذا تخلفت الإدارة عن اتخاذ القرار المناسب .
كما بينت المادة ( 30 ) أن ترتبط وحدة الرقابة أو هيئة الرقابة بالمدير العام للشركة ولا يجوز نقل أو معاقبة العاملين فيها إلا بقرار من مجلس إدارة الشركة لحماية أعضاء هيئة الرقابة الداخلية من التعسف والنقل أو العقوبات الكيدية . وهو إجراء ليس فيه الحماية الكافية نرى لو كان ارتباط الرقابة بالوزير المختص ولا يتم نقلهم أو معاقبتهم إلا بموافقته .
أما تدقيق حسابات الشركة العامة والرقابة على نشاطها فيخضع إلى تدقيق ورقابة ديوان الرقابة المالية( ) .
تصفية الشركـــة
افرد القانون الفصل العاشر المكون من مادة واحدة مطولة إلى موضوع تصفية الشركة العامة وسنتناول توضيح المادة ( 39 ) بفقراتها وكما يأتي :
أشارت أولا من المادة 39 إلى انه عند تحقق الأسباب الواردة في المادة (14 ) من القانون (( تقوم الوزارة باستحصال موافقة مجلس الوزراء على تصفية الشركة . )) ومعلوم إن المادة ( 14 ) تشير إلى انه إذا بلغت خسارة الشركة 50 % من رأس المال الاسمي، تعد الوزارة دراسة بالأمر وترفعها إلى مجلس الوزراء ليقرر استمرار الشركة أو تصفيتها . أما بحسب الفقرة أولا من المادة 39 فأن الدراسة التي أعدتها الوزارة تتجه إلى ضرورة تصفية الشركة بعد أن وجدت عدم الفائدة من بقائها ومع ذلك يظل الأمر متروكا إلى مجلس الوزراء الذي قد يستجيب لطلب التصفية أو يقرر الإبقاء على الشركة مع تحديد الإجراءات اللازمة لذلك فإذا وافق مجلس الوزراء على تصفية الشركة وابلغ ذلك إلى الوزارة فتقوم الأخيرة بالإجراءات التالية( ) .
أولا ـ تشكل الوزارة لجنة تصفية يفترض أن تكون من بين موظفيها على أن تمثل فيها وزارة المالية وديوان الرقابة المالية، ويبين أمر تشكيل اللجنة اختصاصاتها وصلاحياتها . وترسل نسخة من أمر تشكيل اللجنة إلى مسجل الشركات .
ثانيا ـ فور تبليغ الشركة بقرار التصفية، تتوقف عن ترتيب أي التزام جديد، ويستمر نشاطها بالقدر الضروري لإيفاء التزاماتها .
ثالثا ـ تحتفظ الشركة بشخصيتها المعنوية طيلة فترة التصفية وهو أمر ضروري لإضافة بعض التصرفات للشركة باعتبارها شخصا معنويا .
رابعا ـ تضع لجنة التصفية يدها على جميع سجلات ووثائق الشركة، وتجرد موجودات الشركة ـ وتعد تقريرا بذلك ترفعه إلى الوزارة .
خامسا ـ تقوم اللجنة بتسوية حقوق والتزامات الشركة، بأن تستحصل حقوقها وتقوم بتسديد ديونها حسب قرار التصفية .
سادسا ـ تعد لجنة التصفية حسابات ختامية، كما تعد تقريرا عن نتائج التصفية، أما عند الانتهاء منها أو في نهاية كل سنة مالية إذا استمرت إجراءات التصفية لأكثر من سنة، وترفع التقرير إلى الوزارة .
سابعا ـ عند الانتهاء من التصفية، تعد اللجنة تقريرا نهائيا باختتام أعمالها، وترفعه إلى الوزارة، على أن يكون مشفوعا بتقرير من مراقب الحسابات، وبالنسبة للشركة العامة من يراقب حسابات الشركة هو ديوان الرقابة المالية، كما بينا ذلك وطبقا للمادة ( 42 ) .
ثامنا ـ إذا آلت نتيجة التصفية إلى تسديد ديون الشركة مع بقاء بعض أموال الشركة، فتعاد إلى الخزينة العامة إذا كانت الشركة ممولة في بداية تأسيسها منها، أما إذا كانت ممولة من أشخاص عامة ممولة ذاتيا، فيعاد المتبقي لهذه الأشخاص كل حسب ما دفعه في رأس المال عند التأسيس .
تاسعا ـ يحق للوزير أن يجري مناقلات لموجودات الشركة، بقيمتها التقديرية التي أعدت أثناء وضع دراسة عن الشركة، لأن هذه الموجودات قد تكون ذات فائدة لشركات قائمة تزاول العمل الذي كانت تزاوله الشركة المصفاة.
عاشرا ـ ينبغي أن لا تتجاوز مدة التصفية ثلاث سنوات . من تاريخ صدور أمر تشكيل لجنة التصفية، أما إذا وجد أن التصفية لم تحسم بالمدة المذكورة، يعرض الأمر على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب .
حادي عشر ـ إذا وجدت الوزارة أن أعمال التصفية تمت وفق أحكام القانون تبلغ المسجل بذلك، ليصدر قرارا بشطب الشركة من سجل الشركات العامة لديه، وينشر الأمر في الجريدة الرسمية وفي النشرة التي يصدرها . ويفترض أن تنتهي الشخصية المعنوية للشركة من آخر نشر، ولو أن المادة لم تشر لهذا الأمر، لأن الشركة شطبت من سجل الشركات( ) .
الفصل الثاني
فروع الشركات الأجنبية ومكاتب التمثيل التجاري
يمتد نشاط العديد من الشركات خارج حدود الدولة التي تحمل الشركة جنسيتها، بسبب اتساع نشاطها ولخبراتها التي لا غنى عنها في الإنتاج وفي الخدمات، ولأن غالبية الدول تشجع الاستثمار الأجنبي باعتباره احد وسائل النمو الاقتصادي والعلمي , ويعتمد الاستثمار الأجنبي عادة على نشاط يأخذ شكل الشركات أو فروعها .
ويأخذ النشاط التجاري الأجنبي في خارج حدود الدولة التي يوجد فيها مركز ذلك النشاط إشكالا عدة فقد تنشأ شركات في البلد الأخر تزاول فيه نشاطها، وبحسب القانون العراقي رقم 21 لسنة 1997 بعد تعديله، وقانون الاستثمار الأجنبي الصادر بموجب ( الأمر رقم 39 لسنة 2003 )، يحق للأشخاص الطبيعية أو المعنوية إنشاء شركات في العراق بموجب أحكام القانونين المذكورين، وفي هذه الحالة نكون أمام شركة عراقية أنشئت بموجب القانون العراقي وجنسيتها عراقية، وتخضع لأحكام الشركات التي تناولنا أحكامها في الفصول السابقة، حتى لو كان جميع المؤسسين من غير الجنسية العراقية، وعليه لا توجد مشكلة طبقا لأحكام هذا الفصل بالنسبة للشركات التي تؤسس في العراق لأجانب .
ويشمل هذا الأمر أيضا الشركات المقبوضة التابعة لشركة قابضة حتى لو كانت في دولة أخرى فالشركة التابعة في العراق تنشأ بموجب القانون العراقي وتخضع لأحكامه أيضا .
إذن المشكلة في فروع الشركات الأجنبية، أو المكاتب التي تنشاها الكيانات أو الشركات الأجنبية في العراق . وهذه قد تكون فرعا لشركة أجنبية أو مكتب تمثيل تجاري لشركة أو كيان أجنبي .
وصدرت تعليمات من وزارة التجارة رقم 149 في 2004 بعنوان ((تسجيل فروع ومكاتب التمثيل التجاري للشركات الأجنبية )) يظهر منها المساواة بين الاثنين وقد كان النظام رقم 5 لسنة 1989 يميز بينهما ونلاحظ القانون المصري رقم 159 لسنة 1981 المعدل يميز بين الاثنين، فالأولى تمارس نشاطا تجاريا في مصر، أما مكاتب التمثيل التجاري فلا تمارس نشاطا تجاريا، إنما تقتصر مهامها على دراسة السوق، وإمكانيات الإنتاج عادة( ) .
وفضلا عن التعليمات المذكورة يوجد نظام تسجيل فروع الشركات الأجنبية رقم 5 لسنة 1989 وكذلك قانون الاستثمار 39 لسنة 2003 وجاء في الفقرة 4 من التعليمات الحالية أن النظام رقم 5 لسنة 89 وأي تعليمات صدرت بموجبه تتعارض مع هذه التعليمات تعد لاغية( ) . على العموم سنتناول الموضوع في ضوء التعليمات الحالية ونظام الشركات رقم 5 لسنة 1989 وقانون الاستثمار .
ولكي تمارس الشركات الأجنبية نشاطا من خلال فروع لها في دولة أخرى أو فتح مكتب تمثيل تجاري فأن الأمر يتطلب الإجازة . وقد بينت الفقرة ( 1 ) من القسم الثاني من التعليمات بأن (( الكينونات التجارية الأجنبية التي ترغب في تأسيس كينونات لممارسة العمل في العراق تخضع للتسجيل لدى مسجل الشركات في وزارة التجارة وفقا لهذه التعليمات الوزارية ما لم تستثنى بموجب قوانين وانظمة عراقية بضمنها اوامر سلطة الائتلاف المؤقتة وعلى الشركات الأجنبية المتعاقدة للعمل في العراق أن تخضع للتسجيل بموجب هذه التعليمات الوزارية)).
وعليه يشترط
أ ـ في الشركات التي ترغب أن تنشئ لها فروع أو مكاتب أن تسجل لدى مسجل الشركات في وزارة التجارة .
ب ـ يجوز استثناء بعض الكيانات من التسجيل بموجب القوانين العراقية واوامر سلطة الائتلاف، أي أن بعض الكيانات يجوز أن تستثنى من وجوب التسجيل لدى مسجل الشركات، ويبدو أن هذا الاستثناء خاص بالشركات أو الأنشطة ذات الطبيعة السرية، كذلك المرتبطة بالقوات المسلحة أو بالجهات الأمنية . ونرى لو اقتصر الأمر على القوانين العراقية بغير أوامر سلطة الائتلاف لأنها مؤقتة ثم إن وجدت الضرورة للاستثمار فيقتضي أن يكون بموجب القوانين العراقية .
جـ ـ الجهات المتعاقدة للعمل في العراق، والتعاقد يكون مع دوائر الدولة أو قطاع الدولة أو المختلط والخاص لأن العمل في العراق جاء بصورة مطلقة (( المتعاقدة للعمل في العراق)).
وقد كانت قواعد النظام رقم 5 لسنة 1989 لا تسمح بفتح الفروع أو المكاتب إلا للجهات المتعاقدة مع ( القطاع الاشتراكي ) فالمادة 1 / أولا تنص على أن (( يقصد بفرع الشركة أو للمؤسسة الاقتصادية الأجنبية ما يجاز بموجب هذا النظام من فروع الشركات أو مؤسسات أجنبية تمارس نشاطا دائما في العراق بموجب معاهدة أو اتفاق أو عقد مع الدولة أو متعاقدة لتنفيذ مشروع معين مع دوائر الدولة أو القطاع الاشتراكي أو شركات القطاع المختلط أو الاتحادات أو الجمعيات التعاونية أو الشركات المساهمة الخاصة التي لا يقل رأسمالها الاسمي عن مليون دينار وذلك بعد موافقة الجهة القطاعية المختصة . ))
وكما لاحظنا بموجب نص التعليمات الجديدة فأن هذه الاشتراطات تلغى وأي شركة أو كيان أجنبي يرغب مزاولة العمل أو النشاط في العراق أو المتعاقدة مع أي جهة في العراق، يحق لها التسجيل لدى مسجل الشركات .
أما شروط منح الإجازة حسب التعليمات فهي لا تزيد على شروط إنشاء الشركات لأشخاص أجانب في العراق حيث الأمر مباح لأي شخص طبيعي أو معنوي أن ينشأ أو يشارك في إنشاء شركة في العراق ما لم يكن ممنوعا بموجب قرار حكم مكتسبا الدرجة القطعية أو بموجب أمر صادر عن جهة مختصة أو بموجب نص قانوني (( ما لم يكن ممنوعا من مثل هذه العضوية بموجب القانون أو نتيجة قرار صادر عن محكمة مختصة أو جهة حكومية مخولة )) ( م 12 / أولا ) من قانون الشركات بعد التعديل .
بل أن التعليمات الصادرة عن وزارة التجارة تقرر في القسم الثالث ( 6) بأنه ((يجب على مسجل الشركات أن يوافق على أو يرفض أي طلب ضمن مدة (10 ) أيام عمل من يوم تقديم الطلب من قبل الشركات المقدمة . ويجوز لمسجل الشركات أن يرفض فقط الطلبات غير المتوافقة مع التعليمات الوزارية)) ولو قارنا هذا الأمر الميسر مع ما كان يقرره النظام الخاص بفروع الشركات الأجنبية رقم 5 لسنة 1989، لوجدنا الفرق الكبير بينهما وبذلك فأن ما ورد في النظام يعد لاغيا استنادا إلى ما تقرره التعليمات الجديدة ـ إذا كانت التعليمات تلغي النظام كما بينا ـ فالنظام يقصر الموافقة على الشركات أو الكيانات المتعاقدة مع دوائر الدولة أو القطاع الاشتراكي إلى آخر ما ورد وبنص الفقرة أولا من مادة ( 1 ) التي ذكرنا نصها . ويقتضي موافقة الجهة القطاعية المختصة كذلك يتولى المسجل (( مفاتحة أية جهة أخرى يوجب القانون أو النظام أو التعليمات استحصال موافقتها على إجازة الفرع أو المكتب)) م 5 / ثانيا ويصدر المسجل موافقته أو رفضه للطلب خلال ستين يوما من تاريخ تقديمه، ويحق لوزير التجارة بناء على طلب المسجل تمديد المدة ثلاثين يوما أخرى (م5/ ثالثا) في حين وجدنا أن المسجل ملزم بالموافقة أو الرفض خلال عشرة أيام فقط.
الوثائق التي تقدم للحصول على الإجازة
وسنبين نص المادة 4 من النظام رقم 5 لسنة 1989 .
(( على الشركة أو المؤسسة الاقتصادية الأجنبية الخاضعة للاجازة بفتح فرع أو مكتب تهيئة الوثائق التالية مصدقة من الجهات المختصة :
أولا ـ نسختان من الاستمارة الخاصة بطلب الإجازة .
ثانيا ـ نسختان من عقد التأسيس والنظام الأساسي للشركة أو المؤسسة الام أو ما يقوم مقامها
ثالثا ـ نسختان من شهادة تسجيل نافذة للشركة أو المؤسسة صادرة في البلد الذي انشأت فيه .
رابعا ـ قائمة بأسماء أعضاء مجلس إدارة الشركة أو المؤسسة وجنسية كل منهم واسماء الأشخاص المخولين بالتوقيع عنها .
خامسا ـ نسختان من تخويل المدير المكلف بادارة الفرع في العراق والمقيم فيه فعلا صادرة من إدارة الشركة أو المؤسسة
سادسا ـ نسختان من آخر حسابات ختامية للشركة أو المؤسسة مع نسختين من تقرير مجلس الإدارة المرفق أو الملحق بهذه الحسابات .
سابعا ـ نسختان من وثيقة مقاطعة اسرائيل وذلك بالنسبة للشركات الخاضعة للإجازة بفتح فرع فقط .
ثامنا ـ كتاب تأييد من دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي المتعاقد معها يوضح طبيعة التعاقد مع بيان تاريخ ابتداء وانتهاء العقد ومبلغة الإجمالي وفترة الصيانة إن وجدت وذلك بالنسبة للشركات الخاضعة للإجازة بفتح فرع فقط .
تاسعا ـ أية وثيقة أخرى يطلبها مسجل الشركات . .. )) .
أما متطلبات فتح فرع للشركة الأجنبية في العراق بموجب التعليمات الأخيرة الصادرة عن وزارة التجارة . بعد ملأ الاستمارتين الخاصتين بطلب الإجازة ويقتضي أن، يتضمن الطلب معلومات عن الشركة أو الكيان الأجنبي الذي يرغب أن يفتح فرعا له وكالاتي :
(( أ ـ الاسم القانوني
ب ـ الاسم التجاري
جـ ـ طبيعة النشاط التجاري
د ـ عنوان النشاط التجاري في العراق
هـ ـ رقم الهاتف، فاكس ميل، والبريد الالكتروني في العراق في حالة توفرها.
و ـ اسم وعنوان ورقم هاتف ( 1- المدير الرسمي في العراق . 2 – وكيل خدمات للأعمال القانونية في العراق . 3 – الموظف المخول بالتمثيل أمام مسجل الشركات .. وعلى الثلاثة الإقامة في العراق ).
ز ـ الجواب ( بنعم أو لا ) فيما كان نشاط الكيان المزمع تأسيسه له علاقة :
( أ ـ امتلاك العقارات ب ـ استخراج المصادر الطبيعية أو العمليات الأساسية ج ـ قطاع البيع بالمفرد د ـ الاسم، عنوان العمل، الهاتف، الفاكس ميل، البريد الالكتروني الخاص بوكيل الخدمات للأعمال القانونية المسجل والمسؤول التنفيذي الرئيسي أو ( ما يعادله) في موطن إنشاء المؤسسة ) .
ح ـ والى المدى الممكن :
1- مقدار رأس المال المخول أو المسجل ( مع تحديد العملة النقدية ) .
2- الحساب المالي الصافي لآخر فترة مالية ( مع تحديد التاريخ والعملة).
3- أسماء وعناوين أي مالكين يملكون ( 10 % ) أو أكثر أو ما يعادلها .
ط ـ بيان عدم الاخبار الكاذب موقعة بالنيابة عن الكيان التجاري الأجنبي المراد تسجيله لدى مسجل الشركات .. ))
كذلك يقتضي أن يرفق مع الطلب مستندات عن الكيان التجاري الأجنبي ومن بينها
أ ـ شهادة تسجيل الكيان صادرة من الجهة المخولة .
ب ـ نسخة من عقد تأسيس الشركة أو ما يعادل ذلك، عندما لا يكون الكيان شركة مثلا وأن تكون النسخة معتمدة من الجهة المخولة في الدولة التي فيها الموقع الأصلي .
جـ ـ (( رسالة بصيغة رسمية مثبت فيها معلومات عن الشركة موقعة من قبل الشخص المسئول في الشركة أو مديرها تخول تسجيل الكيان التجاري في العراق والموافقة على استلام التبليغات في العراق وتحديد المدير الرسمي في العراق ووكيل الخدمات للأعمال القانونية في العراق والموظف المخول بالتمثيل أمام مسجل الشركات .. ))
د ـ حسابات السنة الأخيرة للشركة أو الكيان .
هـ ـ إذا كانت الشركة أو الكيان تخطط للبيع المفرد في العراق، يجب أن يودع لدى احد المصارف العاملة في العراق مبلغ ( 100000 مائة الف) دولار في حساب لا يمنح فوائد .
وتقديم نسخة من جواز السفر بالنسبة للشخص الأجنبي وهوية الأحوال المدنية بالنسبة للعراقي وعلى المسجل الموافقة على الطلب خلال عشرة أيام من تسلمه إذا لم يجد فيه ما يتعارض مع التعليمات الصادرة عن الوزارة، وبعكسه له أن يرفض الطلب .
ويصبح كيانا قانونيا من تاريخ صدور الإجازة التي تسجل لدى مسجل الشركات . وتخضع الفروع أو المكاتب للقضاء العراقي( ).
وتكون المعلومات مفتوحة أمام اطلاع الجمهور بعد إدخالها مع البيانات التي تعتمدها وزارة التجارة .
وكذلك تخضع لقوانين الضريبة النافذة في العراق .
ومعلوم أن الشروط الواردة في النظام رقم 5 لسنة 1989 وتخالف ما ورد في التعليمات الأخيرة تعد لاغية وليس للفرع جنسية إنما يتبع جنسية الأم فهو جزء منها، وتندمج أمواله بأموالها، ولو انه يجب أن تنظم حسابات لنشاط الفرع، ولكن إذا أصبح الفرع مدينا فأن أمواله ضامنة لديونه وعند عدم كفايتها يمكن مطالبة الشركة الأم وتخضع حدود المطالبة لنوع الشركة ولذلك يستحسن أن تكون أموال الفرع أو ضماناته كافية لسداد ما يترتب بذمته من ديون وتخضع حسابات الفرع إلى التنظيم من قبل مراقب حسابات عراقي ورقابة ديوان الرقابة المالية (م 10) من النظام رقم (5) .
المحتويــــــات
رقم الصفحة الموضـــوع
11 المقدمــة
19 الباب الأول: الأحكام العامة للشركات
21 الفصل الأول: التعريف بالشركة وخصائصها
23 المبحث الأول: الشركة عقد
23 أولا- أركان العقد
23 1- الرضا
25 2-المحل
26 3- السبب
35 المبحث الثاني: اشتراك اكثر من شخص
42 المبحث الثالث: -تقديم حصة من مال او عمل
48 المبحث الرابع: -اقتسام الارباح والخسائر
51 الفصل الثاني: -الشخصية المعنوية
54 1-اسم الشركة
55 2-الجنسية
56 3-الموطن
56 4-الذمة المالية المستقلة
59 5- الاهلية
61 الفصل الثالث: أنواع الشركات
61 المبحث الأول: التقسيمات الفقهية للشركات
70 المبحث الثاني: أنواع الشركات حسب قانون الشركات العراقي
78 الفصل الرابع: تأسيس الشركات
رقم الصفحة الموضـــوع
78 المبحث الأول: مستلزمات التأسيس
83 المبحث الثاني: إجراءات التأسيس
95 الباب الثاني: شركات الأشخاص
97 الفصل الأول: الشركة التضامنية
97 المبحث الأول: التعريف بشركة التضامن
100 المبحث الثاني: خصائص الشركة التضامنية
104 المبحث الثالث: انتقال حصة الشريك
112 المبحث الرابع: ادارة الشركة
113 أولا- تعيين مدير الشركة وعزله
114 ثانيا-الواجبات والمسؤولية
119 الفصل الثاني: شركة المشروع الفردي
119 المبحث الأول: التعريف والخصائص
123 المبحث الثاني: انتقال الحصة
125 المبحث الثالث: ادارة الشركة
127 الفصل الثالث: الشركة البسيطة
128 المبحث الأول: تعريف الشركة وخصائصها
133 المبحث الثاني: انتقال الحصة والانسحاب
135 المبحث الثالث: ادارة الشركة
139 المبحث الرابع: تصفية الشركة
141 الباب الثالث: شركات الاموال
143 الفصل الأول: شركة المساهمة
144 المبحث الأول: خصائص الشركة المساهمة
148 المبحث الثاني: رأس المال
152 المبحث الثالث: الاكتتاب
170 المبحث الرابع: تغيير رأس المال
170 المطلب الأول: زيادة رأس المال
179 المطلب الثاني: تخفيض رأس المال
183 المبحث الخامس: السندات التي تصدرها الشركة
184 المطلب الأول: الأسهم
185 اولا-الأسهم الاسمية
186 ثانيا-الأسهم النقدية
194 ثالثا-الأسهم متساوية القيمة
198 رابعا-الأسهم غير قابلة للتجزئة
206 المطلب الثاني: سندات القرض
215 المبحث السادس: الارباح والخسائر
215 توزيع الارباح
219 توزيع الخسائر
221 المبحث السابع: ادارة الشركة
221 المطلب الأول: الهيئة العامة
223 أنواع الاجتماعات والنصاب القانوني
228 حضور الاجتماعات والانابة
230 اختصاصات وصلاحيات الهيئة العامة
231 المطلب الثاني: مجلس الادارة
236 شروط العضوية في مجلس الادارة
رقم الصفحة الموضـــوع
244 اختصاصات وصلاحيات مجلس الادارة
245 مسؤولية أعضاء مجلس الادارة
251 المبحث الثامن: الرقابة على الشركات
252 المطلب الأول: مستلزمات الرقابة
255 المطلب الثاني: الرقابة المالية
259 المطلب الثالث: الرقابة الادارية
262 الفصل الثاني: الشركات المحدودة
277 الباب الرابع: انقضاء الشركات وتصفيتها
279 الفصل الأول: انقضاء الشركات
286 اندماج الشركات
291 تحول الشركات
293 الفصل الثاني: تصفية الشركات
301 الباب الخامس: أنواع خاصة من الشركات
303 الفصل الأول: الشركات العامة
304 المبحث الأول: التعريف بالشركة العامة وتأسيسها
304 أولا-تعريف الشركة العامة وخصائصها
308 ثانيا-تأسيس الشركة العامة
314 المبحث الثاني: رأس المال والارباح والخسائر
314 تكوين رأس المال
315 زيادة رأس المال او تخفيضه
316 الارباح والخسائر
321 الاستثمار والاقتراض
رقم الصفحة الموضـــوع
325 المبحث الثالث: ادارة الشركة
329 المبحث الرابع: دمج الشركات العامة وتحولها
329 دمج الشركات العامة
332 تحول الشركات العامة
335 المبحث الخامس: تصفية الشركة
339 الفصل الثاني: فروع الشركات الأجنبية ومكاتب التمثيل التجاري