أحكام أخذ العوض في الخلع في السعودية




  
تأليف
د. عبد العزيز بن سعود بن ضويحي الضويحي
أستاذ مساعد بجامعة الملك سعود
كلية التربية ـ قسم الثقافة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد.
من تمام رحمة الله تعالى بعباده أن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً, وجعل بينهم مودة ومحبة, قال تعالى: +
" [الروم: 21].
فرغب الإسلام في الزواج للمعاني العظيمة التي من أجلها شُرع, ومنها حصول المودة والرحمة.
ومن كمال الشريعة أنها جاءت بالأحكام التي تعالج هذه الرابطة عند فقدان المودة بين الزوجين, فشرع للزوج الطلاق بإرادته المنفردة عند رغبته عدم استمرار هذا العقد, وكذلك شرع الله للمرأة أن تزيل الضرر الواقع عليها بالعيش مع من تبغضه أو مَنْ لا يقوم بحقوقها, وذلك بالخلع.
قال تعالى: +
" [البقرة: 229].
وقد تكلم الفقهاء عن الخلع, وما يتعلق به من أحكام شرعية, وفروع فقهية, ومسائل علمية. ومن أهم مسائل الخلع التي كثر فيها اختلاف الفقهاء, أحكام أخذ العوض فيه, لذلك أحببت إفراد هذه الأحكام بهذا البحث الذي يتكون من تمهيد, وأربعة مباحث وخاتمة على النحو التالي:
التمهيد: وفيه التعريف اللغوي, والاصطلاحي للخلع, والمقصود بأخذ العوض في الخلع, والحكمة من مشروعية الخلع.
المبحث الأول: دعوى نسخ أحكام الخلع ونسخ أخذ العوض فيه.
المبحث الثاني: حكم أخذ العوض بسبب كراهية الزوجة.
المبحث الثالث: حكم أخذ العوض بسبب عضل الزوج.
وفيه مطلبان:
    المطلب الأول: حكم أخذ العوض بالعضل ظلماً.
    المطلب الثاني: حكم أخذ العوض بالعضل بسبب إتيان الفاحشة.
المبحث الرابع: حكم أخذ العوض في الخلع حالة الوفاق بين الزوجين.
الخاتمــة: وفيها أهم نتائج البحث.
وسلكت في هذا البحث المنهج التالي:
عزو الآيات القرآنية إلى سورها في المتن نفسه.
تخريج الأحاديث وبيان ما ذكره أهل العلم في درجتها إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما.
تخريج الآثار الواردة في البحث.
لم أعرف بالأعلام تلافياً للإطالة.
أعرض أقوال الفقهاء في المسألة مع ذكر أهم ما وقفت عليه من أدلة, ثم أرجح ما يعضده الدليل.
توثيق الأقوال من كتب أهل المذهب, والاعتماد على أمهات المصادر والمراجع.
هذا, والله أسأل التوفيق والسداد, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التمهيــــــد: في تعريف الخلع وأخذ العوض فيه والحكمة من مشروعيته

أولاً : تعريف الخُلع في اللغة:

في الصحاح: (خَلَعَ ثوبه ونعله وقائده خَلْعاً. وخَلَعَ عليه خلعة, وخالع امرأته خُلْعاً بالضم)().
قال ابن فارس: (الخاء واللام والعين أصل واحد مطرّد, وهو مُزايلة الشيء الذي كان يشتمل به أو عليه, تقول: خلعت الثوب أخلعه خُلْعاً, وخُلع الوالي يُخلع خلعاً.
وهذا لا يكاد يقال إلا في الدون ينزل من هو أعلى منه, وإلا فليس يقال: خلع الأمير واليه على بلد كذا, ألا ترى أنه إنما يقال: عزله. ويقال: طلق الرجُل امرأته, فإن كان ذلك من قبل المرأة يقال: خالعته وقد اختلعت؛ لأنها تفتدي نفسها منه بشيء تبذله له)().
قال الأزهري: (وسمي ذلك الفراق خلعاً لأن الله ـ عز وجل ـ جعل النساء لباساً للرجال, والرجال لباساً لهن, فقال تعالى: +
" [البقرة: 187].
وهي ضجيعته وضجيعُه, فإذا افتدت المرأة بمال تعطيه لزوجها ليبينها منه فأجابها إلى ذلك فقد بانت منه, وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه, والاسم من ذلك الخُلع, والمصدر الخلع)().

ثانياً: تعريف الخُلع اصطلاحاً:

اختلف الفقهاء في تعريف الخلع لاختلافهم في شروط الخلع والأحكام المترتبة عليه على ما يلي:

1ـ الحنفية:

عرفه الزيلعي بأنه: (أخذ المال بإزاء ملك النكاح بلفظ الخلع)().
وعرفه ابن الهمام بأنه: (إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع)().
وعرفه ابن نجيم بأنه: (إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ الخلع أو ما في معناه)().

2ـ المالكية:

عرفه ابن شاس بأنه: (عبارة عن خلع العصمة بعوض من الزوجة أو من غيرها)().
وعرفه الرصاع: (بأنه صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بعوض)().
وعرفه محمد بن جزي الغرناطي بأنه: (بذل المرأة أو غيرها للرجل مالاً على أن يطلقها أو تسقط عنه حقّاً لها عليه)().
الشافعية:
قال الرافعي: (وفسر الخلع في الشريعة بالفرقة على عوض يأخذه الزوج)().
وقال محمد الشربيني: (هو في الشرع فرقة بين الزوجين بعوض مقصود راجع لجهة الزوج بلفظ طلاق أو خلع)().
وعرفه ابن قاسم الغزي بأنه: (فرقة بعوض مقصود)().

4ـ الحنابلة :

قال ابن قدامة: (معناه: فراق الزَّوج امرأته بعوض)().
وعرفه الفتوحي بأنه: (فراق زوجته بعوض, بألفاظ مخصوصة)().
وعرفه إبراهيم بن ضويان بأنه: (فراق الزوجة بعوض يأخذه الزوج منها, أو من غيرها بألفاظ مخصوصة)().
عند التأمل في تعريفات الفقهاء السابقة للخلع نجد أن اختلاف عباراتهم يعود إلى ما يلي:
أ ـ بعض الفقهاء يرى أن الخلع يعد طلاقاً؛ لذلك نجد تعريفاتهم تتضمن عبارة «إزالة ملك النكاح», ومن يرى من الفقهاء أن الخلع فسخ لا يذكر الألفاظ التي تدل على إزالة ملك النكاح, إنما يذكر ألفاظاً تدل على الفسخ دون الطلاق.
(وتظهر فائدة هذا الخلاف في الخلع الواقع بينهما, بعد أن طلق الرجل طلقتين, فعند الجمهور طلقة الخلع ثالثة, فلا تحل لمخالعها إلا بعد زوج, وعند ابن عباس وأحمد بن حنبل وإسحاق ومن وافقهم لا تعد طلقة, ولهما أن يعقدا نكاحاً مستأنفاً)().
ب ـ كثير من الفقهاء يشير إلى العوض في الخلع ويجعله شرطاً لصحته, ويرى بعضهم الآخر صحة الخلع بدون عوض.
جـ ـ بعض الفقهاء يرى أن الخلع لا يقع إلا بألفاظ مخصوصة, والصحيح أن الخلع يقع بالألفاظ الصريحة له, أو بما يدل على إرادة الخلع مثل ألفاظ الكناية.
يقول شيخ الإسلام: (فالفرق بين لفظ ولفظ في الخلع قول محدث لم يعرف عن أحد من السلف لا الصحابة, ولا التابعين ولا تابعيهم)().
ولعل التعريف الراجح للخلع هو:
فراق الزوج زوجته بلفظ الخلع أو ما يدل عليه بعوض غالباً.
فقول: (فراق)؛ لأن الخلع أحد نوعي الفرقة.
وقول: (بلفظ الخلع أو ما يدل عليه)؛ لأن ألفاظ الخلع تنقسم إلى صريح كالمفاداة والخلع والفسخ, وكناية كالمبارأة والمباينة والمفارقة.
قال ابن قدامة: (وألفاظ الخلع تنقسم إلى صريح وكناية, فالصريح ثلاثة ألفاظ خالعتك لأنه ثبت له العرف, والمفاداة لأنه ورد به القرآن بقوله سبحانه: +
" [البقرة: 229], وفسخت نكاحك لأنه حقيقة فيه, فإذا أتى بأحد هذه الألفاظ وقع من غير نية, وما عدا هذه مثل بارأتك, وأبرأتك, وأبنتك فهو كناية)().
قال ابن رشد: (واسم الخلع والفدية والصلح والمبارأة كلها تؤل إلى معنى واحد, وهو بذل المرأة العوض على طلاقها, إلا أن اسم الخلع يختص ببذلها له جميع ما أعطاها, والصلح ببعضه, والفدية بأكثره, والمبارأة بإسقاطها عنه حقا لها عليه)().
قال أبو عمر بن عبد البر: (قال مالك رحمه الله: المختلعة هي التي اختلعت مع جميع ما لها, المفتدية هي التي افتدت ببعض ما لها, والمبارئة هي التي بارأت زوجها من قبل أن يدخل بها فقالت: قد أبرأتك مما كان يلزمك من صداقي ففارقني قال: وكل هذا سواء هي تطليقة بائنة.
قال أبو عمر: قد تدخل عند غيره من أهل العلم بعض هذه الألفاظ على بعض فيقال: مختلعة وإن دفعت بعض ما لها, وكذلك المفتدية ببعض ما لها وكل ما لها, وهذا توجيه اللغة)().
وقال ابن القيم: (والصواب أن كل ما دخله المال فهو فدية بأي لفظ كان, والألفاظ لم ترد لذواتها ولا تعبدنا بها, وإنما هي وسائل إلى المعاني, فلا فرق قط بين أن تقول: اخلعني بألف أو فادني بألف, لا حقيقة ولا شرعاً ولا لغة ولا عرفاً)().
والقول: (بعوض غالباً) إشارة إلى أن الخلع يقع بدون عوض, لكن الغالب أن يكون بعوض عند الفقهاء.

ثالثاً: أخذ العوض في الخلع:

المقصود من عوض الخلع: ما يأخذه الزوج من زوجته أو غيرها مقابل خلعه لها, وهذا العوض يجوز أن يكون مالاً معيناً, أو موصفاً, أو دينا للمرأة على الزوج تفتدي به نفسها, ويجوز أن يكون منفعة, وعند بعض الفقهاء يجوز أن يكون العوض بالمجهول, وبعض الفقهاء يرى عدم اشتراط العوض (بدل الخلع) لصحة عقد الخلع().

رابعاً: الحكمة من مشروعية الخلع:

من رحمة الله سبحانه وتعالى وحكمته أن الشريعة أباحت للمرأة طلب الخلع إذا كانت كارهة لزوجها راغبة عنه. وذلك مقابلة لما بيد الرجل من الطلاق, فإذا لم يستطع الرجل العيش بسعادة مع زوجته, ولم يجد لذلك علاجاً, أوقع الطلاق, وكذلك المرأة إذا كانت كارهة لزوجها ولا تستطيع العيش معه, فإن الله سبحانه شرع لها الخلع لتفتدي نفسها من زوجها.
يقول سيد قطب: (وهكذا يراعي الإسلام جميع الحالات الواقعية التي تعرض للناس, ويراعي مشاعر القلوب الجادة التي لا حيلة للإنسان فيها, ولا يقسر الزوجة على حياة تنفر منها, وفي الوقت ذاته لا يضيع على الرجل ما أنفق بلا ذنب جناه)().
كذلك في الخلع رفع للضرر, ومن قواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر يزال. 
يقول ابن قدامة: (والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها ـ أي المرأة ـ بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه)().
ومن حكمة الشريعة في شرعية الخلع التيسير على الزوجة عند امتناع الزوج من طلاقها مع إساءة العشرة، فشرع الخلع تيسيراً للزوجة ورفع للمشقة حين لم يجعل الشرع الطلاق بيدها.
قال الحافظ صلاح الدين العلائي: (شرعية الخلع والافتداء جعل تيسيراً على الزوجة عند امتناع الزوج من طلاقها؛ لإساءة عشرتها لما في ذلك من المشقة عليها، فخفف الشارع عنها ذلك بشرعية الخلع لها. وكذلك كل موضع شرع فيه للزوجة خيار الفسخ؛ إنما كان تيسيراً عليها، لما في صبرها على الحالة المقتضية لشرعية الخيار من المشقة حين لم يجعل الشرع الطلاق بيدها)().
ومن حكمة الشريعة في الخلع أن أحكام الشرع وضعت وسائل لفسخ كل عقد تبين فساده أو عدم المصلحة الشرعية في إبقائه.
قال الطاهر بن عاشور: (قد جعلت الشريعة لكل آصرة وسيلة إلى انحلالها إذا تبين فساد تلك الآصرة أو تبين عدم استقامة بقائها, فانحلال آصرة النكاح بالطلاق من تلقاء الزوج وبطلاق الحاكم وبالفسخ, والمقصد الشرعي فيه ارتكاب أخف الضرر عند تعسر استقامة المعاشرة, وخوف ارتباك حالة الزوجين, وتسرب ذلك إلى ارتباك حالة العائلة)().
المبحث الأول

دعوى نسخ أحكام الخلع ونسخ أخذ العوض فيه


نقل العلماء عن بكر بن عبد الله المزني عدم مشروعية أخذ العوض في الخلع مطلقاً, وذهب إلى أن حكم العوض في الخلع منسوخ.
ففي تفسير ابن جرير الطبري (قال عقبة ابن أبي الصهباء: سألت بكراً عن المختلعة أيأخذ منها شيئاً؟ قال: لا, وقرأ +
" [النساء: 21].
وبسنده عن عقبة بن أبي الصهباء قال: سألت بكر بن عبد الله عن رجل تريد امرأته منه الخلع قال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئاً. قلت: يقول الله تعالى ذكره في كتابه: +
" قال: هذه نُسخت, قلت: فإني حفظت. قال: حفظت سورة النساء, قول الله تعالى ذكره: +
" [النساء: 19]().
وقد أجاب العلماء على دعوى النسخ بما يلي:
1ـ أن دعوى النسخ لا تسمع إلا إذا عرفت الآية الناسخة متأخرة وتعذر الجمع.
قال ابن قدامة: (ودعوى النسخ لا تسمع حتى يثبت تعذر الجمع, وأن الآية الناسخة متأخرة, ولم يثبت شيء من ذلك)().
أما الجمع بين الآيتين فإن آية (وإن أردتم استبدال زوج) [النساء: 20].
تفيد منع الرجل من أن يأخذ من المرأة شيئاً مما آتاها إذا أراد استبدال زوج بزوج, ولم يكن نشوز من المرأة على الرجل, فإن كان الأمر كذلك فأخذه شيئاً من مالها حرام, وأما الآية التي في سورة البقرة فإنها إنما دلت على إباحة الله أخذ الفدية من الزوجة في حال الخوف عليهما ألا يقيما حدود الله بنشوز المرأة, وطلبها فراق الرجل.
قال ابن جرير: (الآية التي في سورة النساء إنما حرم الله فيها على زوج المرأة أن يأخذ منها شيئاً مما آتاها, فإن أراد الرجل استبدال زوج بزوج من غير أن يكون هنالك خوف ألا يقيما حدود الله, ولا نشوز من المرأة على الرجل, وأما الآية التي في سورة البقرة فإنها إنما دلت على إباحة الله ـ تعالى ذكره ـ له أخذ الفدية منها في حال الخوف عليهما ألا يقيما حدود الله بنشوز المرأة وطلبها فراق الرجل)().
وقال الماوردي في رده على دعوى النسخ: (وهذا خطأ؛ لأن هذه الآية ـ آية سورة النساء ـ منعت من أخذ ما لم تطب به نفساً, ولم تمنع مما بذلته بطيب نفس واختيار كما قال تعالى: +
"().
2ـ الإجماع منعقد على مشروعية الخلع.
قال ابن جرير في رده على دعوى النسخ: (إجماع الجميع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المسلمين على تخطئته وإجازة أخذ الفدية من المفتدية نفسها لزوجها, وفي ذلك الكفاية عن الاستشهاد على خطئه بغيره)().
وقال ابن عبد البر: (قول بكر هذا خلاف السنة الثابتة في قصة ثابت بن قيس وحبيبة بنت سهل, وخلاف جماعة العلماء والفقهاء بالحجاز والعراق والشام)().
3ـ أجاب الماوردي عن دعوى النسخ بما يلي:
(لما جاز أن يملك الزوج البضع بعوض, جاز أن يزيل ملكه عنه بعوض كالشراء والبيع, فيكون عقد النكاح كالشراء والخلع كالبيع)().
المبحث الثاني

حكم أخذ العوض بسبب كراهية الزوج


المرأة إذا كرهت زوجها لخَلقِه أو خُلُقه أو دينه أو كبره أو ضعفه, ونحو ذلك, وخشيت ألا تؤدي حق الله تعالى في طاعته, جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها.
وقد دل على ذلك الكتاب, والسنة, والإجماع, والقياس.
أ ـ أما الكتاب:
فقوله تعالى: +
" [البقرة: 229].
وجه الدلالة من الآية: أن المرأة إذا لم تقدر على معاشرة الزوج, وأبغضته, وخشيت عدم القيام بحقوقه, فلها أن تفتدي منه بما أعطاها.
قال ابن كثير: (إذا تشاقق الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها, ولا حرج عليها في بذلها له, ولا حرج عليه في قبول ذلك منها)().
ب ـ وأما السنة:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي × فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه خلقاً ولا ديناً, ولكني أكره الكفر في الإسلام(). فقال رسول الله ×: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله ×, اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.
وفي رواية عن ابن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله × فقالت: يا رسول الله إني لا أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني لا أطيقه فقال رسول الله ×: فتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم().
وعن عائشة رضي الله عنها, أن حبيبة بنت سهل() كانت عند ثابت بن قيس بن شماس فضربها فكسر بعضها, فأتت رسول الله × بعد الصبح فاشتكته إليه, فدعا النبي × ثابتـاً فقـال: خـذ بعض مالهـا وفارقهـا, فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فإني أصدقتها حديقتين وهما بيدها, فقال النبي ×: خذهما وفارقها. ففعل().
جـ ـ أما الإجماع فقد حكاه أكثر الفقهاء.
قال ابن عبد البر: (وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضراً بها, وخافا ألا يقيما حدود الله)().
وقال الرافعي: (وأصل الخلع مجمع عليه, وقد اشتمل القرآن على ذكره قال الله تعالى: +
" [البقرة: 229]().
وقال ابن القيم: (ومنع الخلع طائفة شاذة من الناس خالفت النص والإجماع)().
وقال الحافظ ابن حجر: (وأجمع العلماء على مشروعيته إلا بكر بن عبد الله المزني التابعي المشهور)().
د ـ أما القياس فما ذكره ابن قدامة بقوله: (لأن حاجتها داعية إلى فرقته, ولا تصل إليها إلا ببذل العوض, فأبيح لها ذلك, كشراء المتاع)().
وقد ذهب بعض العلماء منهم طاوس إلى أن الذي يبيح للرجل أخذ الفدية أن يكون خوف ألا يقيما حدود الله منهما جميعاً لكراهية كل واحد منها الآخر.
قال طاوس: (إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشر, والصحبة)().
قال الطبري: (الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت, وذلك أن في نشوزها عليه داعية له إلى التقصير في واجبها ومجازاتها بسوء فعلها به, وذلك هو المعنى الذي يوجب للمسلمين الخوف عليهما ألا يقيما حدود الله, فأما إذا كان التفريط منهما فليس هناك للخوف موضع إذ كان المخوف قد وجد)().
وما تقدم من حديث ثابت نص في المسألة, فإن الكراهة من زوجته دون ثابت رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر: (وفي الحديث من الفوائد ـ حديث ثابت ـ أن الشقاق إذا حصل من قبل المرأة فقط جاز الخلع والفدية, ولا يتقيد ذلك بوجوده منهما جميعاً, وأن ذلك يشرع إذا كرهت المرأة عشرة الرجل ولو لم يكرهها ولم ير منها ما يقتضي فراقها)().
المبحث الثالث

حكم أخذ العوض بسبب عضل الزوج زوجته

عضل الرجل لزوجته بالحبس أو التضييق والإضرار بها إما أن يكون ظلما أو بسبب إتيان المرأة الفاحشة. 

المطلب الأول: حكم أخذ العوض بالعضل ظلماً: 

العضل يأتي بمعنى الحبس والمنع, يقال: عضل المرأة عن الزواج وحبسها, وعضل الرجل أيمه يعضلها منعها الزواج ظلماً. 
قال تعالى: + " [البقرة: 232]. 
ويأتي بمعنى الإضرار, يقال: عضل الزوج امرأته، وهو أن يضارها ولا يحسن عشرتها ليضطرها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها, كما في قوله تعالى: + " [النساء: 19] سماه الله تعالى عضلاً لأنه يمنعها حقها من النفقة وحسن العشرة، كما أن الولي إذا منع المرأة من التزويج فقد منعها الحق الذي أبيح لها من النكاح().
وقد بحث الفقهاء العضل بمعنى منع المرأة من التزويج, وبمعنى الإضرار بالزوجة, والمعنى المراد في البحث هو إضرار الزوج امرأته ليضطرها إلى الافتداء. 
وقد اتفق العلماء على تحريم عضل الرجل زوجته ظلماً بالتضييق عليها ومنعها من حقوقها. 
قال الجصاص: (وقال أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد: إذا كان النشوز من قبلها حل له أن يأخذ منها ما أعطاها ولا يزداد, وإن كان النشوز من قبله لم يحل له أن يأخذ منها شيئاً)().
وقال القرطبي: (وأجمعوا على تحظير أخذ مالها إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من قبلها)().
قال ابن قدامة: (فأما إن عضل زوجته، وضارها بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها من النفقة والقسم ونحو ذلك لتفتدي نفسها منه، ففعلت فالخلع باطل، والعوض مردود, روى ذلك عن ابن عباس، وبه قال مالك والشافعي)().
وقد استدل الفقهاء على تحريم عضل الرجل زوجته ظلماً بما يلي: 
1 ـ قولـه تعالى: + " [النساء: 19]. 
ففي هذه الآية نهي صريح للزوج عن عضل الزوجة. 
قال ابن جرير: (نهى الله ـ جل ثناؤه ـ زوج المرأة عن التضييق عليها والإضرار بها وهو لصحبتها كاره، ولفراقها محب, لتفتدي منه ببعض ما آتاها من الصداق)(). 
وقال الكاساني: (نهى الأزواج عن أخذ شيء مما أعطوهن, واستثنى حال نشوزهن, وحكم المستثنى يخالف حكم المستثنى منه, فيقتضي حرمة أخذ شيء مما أعطوهن عند عدم النشوز)(). 
2 ـ قولـه تعالى: + " [النساء: 20، 21]. 
قال الشنقيطي في تفسير هذه الآية: (النهي عن الرجوع في شيء مما أعطى الأزواج زوجاتهم، ولو كان المعطى قنطاراً, وبين أن أخذه بهتان وإثم مبين، وبين أن السبب المبالغ من أخذ شيء منه هو أنه أفضى إليها بالجماع، وبين سبحانه في موضع آخر أن محل النهي عن ذلك إذا لم يكن عن طيب النفس من المرأة, وذلك في قولـه تعالى: + " [النساء: 4] وأشار إلى ذلك بقولـه: + " [النساء: 24])(). 
3 ـ ومما يستدل به حديث أبي حميد الساعدي، أن النبي × قال: «لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه» وذلك لشدة ما حرم رسول الله × من مال المسلم على المسلم () . 
وعضل الرجل المرأة والإضرار بها بغير حق وأخذ مالها كل ذلك بغير طيب نفس منها. 
3 ـ ومما استدل به أنه عوض أكرهت عليه الزوجة بغير حق فلا يستحقه الزوج. قال ابن قدامة: (ولأنه عوض أكرهت على بذله بغير حق، فلم يحق كالثمن في المبيع والأجرة في الإجارة)(). 
وإذا عضل الرجل زوجته ظلما وأخذ العوض وتم الخلع فقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك العوض والخلع على أقوال: 
القول الأول: العوض مردود على المرأة والفسخ باطل:
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد.
قال ابن قدامة: (فأما إن عضل زوجته، وضارها بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها، من النفقة والقسم ونحو ذلك لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود)() .
وهذا قول من يرى أن الخلع فسخ إذا لم يَنوِ به الطلاق. فلا يقع الخلع وتبقى الزوجة ويرد إليها العوض. 
قال ابن قدامة: (وإن قلنا: هو فسخ ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء؛ لأن الخلع بغير عوض لا يقع على إحدى الروايتين)() . 
واستدل الحنابلة على هذا القول بأن العوض أكرهت على بذله بغير حق فلم يستحقه الزوج فيرد عليها, وأما الخلع فلا يقع لأن الزوج رضي بالفسخ بالعوض, فإذا لم يحصل له العوض فلا يصح الفسخ() . 
كذلك استدلوا بأدلة تحريم العضل ظلما السابقة, وإذا حرم عليه العضل حرم عليه أخذ العوض فلا يقع الخلع ويرد العوض. 
القول الثاني: العوض يرد على المرأة ويقع الفسخ: 
وهذا القول في مذهب الحنابلة, فالعوض يرد لأنها أكرهت على بذله, والفسخ يقع لأنه يصح الخلع بغير عوض.
قال ابن قدامة: (وقال مالك: إن أخذ منها شيئا على هذا الوجه رده ومعنى الخلع عليه ـ قال ابن قدامة ـ ويتخرج لنا مثل ذلك إذا قلنا يصح الخلع بغير عوض)() . 
القول الثالث: العوض يرد على المرأة ويقع الخلع: 
وهو قول الإمام مالك والشافعي ورواية عن الإمام أحمد. 
قال الإمام مالك: (في المفتدية التي تفتدي من زوجها أنه إذا علم أن زوجها أضر بها وضيق عليها، وعلم أنه ظالم لها، مضى الطلاق، ورد عليها مالها)() . 
وفي المهذب (وإن ضربها أو منعها حقها طمعا في أن تخالعه على شيء من مالها لم يجز لقولـه تعالى: + " فإن طلقها في هذه الحالة على عوض لم يستحق العوض؛ لأنه عضل معاوضة أكرهت عليه بغير حق, فلم يستحق فيه العوض كالبيع, فإن كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها لأن الرجعة إنما تسقط بالعوض, وقد سقط العوض فتثبت الرجعة)().
وقال ابن قدامة: (وإذا لم يملك العوض. وقلنا الخلع طلاق، وقع الطلاق بغير عوض، فإن كان أقل من ثلاث، فله رجعتها، لأن الرجعة إنما سقطت بالعوض، فإذا سقط العوض، تثبت الرجعة)() . 
وقد استدل أصحاب هذا القول بأن العوض أكرهت عليه المرأة بغير حق, فلا يحل له أن يأخذ على ترك التعدي عوضاً. 
كما استدلوا بأدلة تحريم العضل ظلماً, وإذا حرم عليه العضل حرم عليه أخذ العوض فيه. 
واستدلوا على وقوع الخلع بأنه أوقعه باختياره وبدون إكراه، والمرأة إنما دفعت العوض لأجل الخلع فيرد عليها العوض ويقع الخلع. 
قال أبو الوليد الباجي: (ما التزمه من طلاق الخلع يلزمه لأنه أوقعه باختياره ويرد ما أخذ منها من العوض, ولا يأخذ منها ما كانت التزمته له من نفقة ورضاع)(). 
القول الرابع: لا يرد العوض ويقع الخلع والزوج آثم عاص: 
وهذا قول عند الحنفية, إلا أن العوض لا يرد على المرأة, ويقع الخلع, والزوج عاصٍ وآثم بهذا الفعل. 
قال الكاساني: (نهى الأزواج عن أخذ شيء مما أعطوهن, واستثنى حال نشوزهن, وحكم المستثنى يخالف حكم المستثنى منه, فيقتضى حرمة أخذ شيء مما أعطوهن عند عدم النشوز منهن, وهذا في حكم الديانة, فإن أخذ جاز ذلك في الحكم ولزم)().
وقد استدل أصحاب هذا القول بأن المرأة دفعت العوض ورضيت به فلا يعاد لها ويقع الخلع؛ لأن الزوج رضي بذلك, والزوج والزوجة من أهل الإسقاط والمعاوضة فيجوز ذلك في الحكم والقضاء, ويأثم الزوج ديانة لأنه فعل مادلت النصوص على تحريمه. 
قال الكاساني: (فإن أخذ ـ أي العوض ـ جاز ذلك الحكم ولزم حتى لا يملك استرداده؛ لأن الزوج أسقط ملكه عنها بعوض رضيت به, والزوج من أهل الإسقاط والمرأة من أهل المعاوضة والرضا فيجوز في الحكم والقضاء)().
القول الخامس: لا يرد العوض ويقع الخلع مع الكراهة:
وهذا قول عند الحنفية وهو أن الزوج لا يرد العوض ويقع الخلع مع الكراهة. 
ففي مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: (وكره تحريما وقيل تنزيهاً له أي: للزوج أخذ شيء من المهر وإن قل لقوله تعالى: + " أن نشز الزوج أي كرهها وباشر أنواع الأذى)() . 
واستدل أصحاب هذا القول بأن النهي في قوله تعالى: + " لمعنى في غيره وهو زيادة الإيحاش, فإن الرجل أوحشها بالاستبدال فلا يزيد في وحشتها بأخذ المال، والنهي لمعنى في غيره لا يعدم المشروعية كالبيع وقت النداء يوم الجمعة ويجوز مع الكراهة. 
قال علي القاري: (ولنا أن النهي في الآية لمعنى في غيره وهو زيادة الإيحاش والنهي لمعنى في غيره لا يعدم المشروعية، كالبيع وقت النداء يوم الجمعة ويجوز مع الكراهة)() . 
والقول الراجح هو قول الجمهور بأن العوض يرد على المرأة ويقع الخلع. 
أما أن العوض يرد فهو مادلت عليه النصوص الصريحة مثل قوله سبحانه وتعالى: + " ولأن المرأة أكرهت على بذل العوض بغير حق فلا يستحقه الزوج بذلك، والعضل ظلماً محرم على الزوج وكذلك العوض محرم عليه أيضا, ويقع الخلع لأن الزوج أوقعه باختياره, والمرأة دفعت لأجله العوض فيقع، ويرد عليها العوض المأخوذ ظلماً. 
أما من قال: إن الخلع يقع ولا يرد العوض وهو آثم أو حكمه الكراهة, فنقول: إن ذلك القول مخالف لظاهر النصوص الشرعية من الكتاب والسنة. 
قال القرطبي: (وحكى ابن المنذر عن النعمان أنه قال: إذا جاء الظلم والنشوز من قبله وخالعته فهو جائز ماض وهو آثم، لا يحل له ما صنع, ولا يجبر على رد ما أخذه. قال ابن المنذر: وهذا من قوله خلاف ظاهر كتاب الله، وخلاف الخبر الثابت عن النبي ×, وخلاف ما أجمع عليه عامة أهل العلم من ذلك)().
وقال ابن عبد البر: (قولهم: لا يجوز ويجوز في القضاء قول المحال والخطأ)(). 

المطلب الثاني: حكم أخذ العوض بالعضل بسبب إتيان الفاحشة: 

إذا أتت الزوجة بالفاحشة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى: + " [النساء: 19]. 
فقد اختلف العلماء في حكم تضييق الرجل على المرأة وأخذه العوض منها. 
وقبل بيان اختلاف العلماء في المسألة نذكر المراد بالفاحشة في الآية. فقد قيل: المقصود بالفاحشة الزنى. وقيل: المقصود هو النشوز من المرأة. 
قال ابن جرير: (وأولى ما قيل في تأويل قوله تعالى: + " أنه معنى به كل فاحشة من بذاءة باللسان على زوجها وأذى له وزنى بفرجها)() . 
فإذا أتت المرأة بالفاحشة فهل يجوز للرجل العضل وأخذ العوض. 
اختلف العلماء في ذلك على الأقوال الآتية:
القول الأول: يجوز للرجل العضل وأخذ العوض: 
وهو مذهب مالك وقول عند الشافعي ومذهب الحنابلة. 
قال القرطبي: (وقال ابن مسعود وابن عباس والضحاك وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض والنشوز قالوا: فإذا نشزت حل له أن يأخذ مالها وهذا هو مذهب مالك)(). 
قال أبو إسحاق الشيرازي: (فإن زنت فمنعها حقها لتخالعه على شيء من مالها ففيه قولان أحدهما: يجوز ويستحق فيه العوض)(). 
قال ابن قدامة: (فإن أتت بفاحشة، فعضلها لتفتدي نفسها منه، ففعلت صح الخلع)() . 
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي: 
1 ـ قول الله تعالى: + " والاستثناء من النهي إباحة. 
2 ـ لأنها متى زنت لم يأمن أن تلحق به ولداً من غيره وتفسد فراشه. 
3 ـ أن من أتت بالفاحشة فإنها لا تقيم حدود الله في حقه فتدخل في قول الله تعالى: + "(). 
القول الثاني: لا يحل له أخذ العوض ولا العضل: 
وهو أحح قولي الشافعي. 
قال أبو إسحاق الشيرازي: (فإن زنت فمنعها حقها لتخالعه على شيء من مالها ففيه قولان أحدهما: يجوز ويستحق فيه العوض لقوله عز وجل + " فدل أنها إذا أتت بفاحشة جاز عضلها ليأخذ شيئا من مالها. والثاني: أنه لا يجوز ولا يستحق فيه العوض)(). 
واستدلوا بما يلي: 
1 ـ أنه خلع أكرهت عليه بمنع الحق فأشبه إذا منعها حقها لتخالعه من غير زنى. 
2 ـ الآية التي استدل بها على جواز العضل منسوخة بآية الإمساك في البيوت وهي قوله تعالى: + " [النساء: 15].
ثم نسخ ذلك بالجلد والرجم. 
القول الثالث: لا يحل له العضل والعوض إلا عند وقوع الزنى: 
قال ابن عبد البر: (قال أبو قلابة ومحمد بن سيرين: لا يحل للرجل الخلع حتى يجد على بطنها رجلاً)(). 
واستدل أصحاب هذا القول بنص الآية. 
وقد رد على هذا القول ابن عبد البر بقوله: (وهذا عندي ليس بشيء؛ لأن الفاحشة قد تكون في النداء والجفاء, ومنه قيل للبذيء فاحش ومتفاحش, وعلى أنه لو اطلع منها على الفاحشة كان له لعانها وإن شاء طلقها, وأما أن يضار بها حتى تفتدي منه بمالها فليس ذلك له)(). 
والقول الراجح هو القول الأول لقوله تعالى: + " ولأن المرأة لم تقم حدود الله فتدخل في قوله تعالى: + " فإذا قيل بنسخ الآية الأولى فإن الآية الأخرى نص في المسألة.
وقد أجاب ابن جرير الطبري على من قال نسخ الآية بقوله: (فبين فساد قول من قال: قوله تعالى: + " منسوخ بالحدود؛ لأن الحد حق الله ـ جل ثناؤه ـ على من أتى الفاحشة التي هي زنى، وأما العضل لتفتدي المرأة من الزوج بما آتاها أو بعضه فحق لزوجها، كما عضله إياها وتضييقه عليها إذا هي نشرت عليه لتفتدي منه حق له, وليس حكم أحدهما يبطل حكم الآخر)().
المبحث الرابع

حكم أخذ العوض في الخلع حالة الوفاق بين الزوجين

إذا كان الزوجان في حال وفاق وعدم شقاق، فهل يحل للزوجة أن تطلب الخلع ويأخذ الزوج العوض والحالة كذلك؟. 
اختلف العلماء في حكم هذه المسألة على ما يلي: 
القول الأول: يحرم الخلع ولا يقع ويرد العوض: 
هذا القول رواية عن الإمام أحمد وهو قول ابن المنذر () وداود. 
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن قدامة: (وعن أحمد ما يدل على تحريمه فإنه قال: الخلع مثل حديث سهلة، تكره الرجل فتعطيه المهر، فهذا الخلع، وهذا يدل على أنه لا يكون الخلع صحيحاً إلا في هذا الحال، وهذا قول ابن المنذر وداود قال ابن المنذر: روي معنى ذلك عن ابن عباس وكثير من أهل العلم)() .
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي: 
1 ـ قولـه تعالى: + " فدل بمفهومه على أن الجناح لاحق بهما إذا افتدت به من غير خوف. 
ثم غلظ الله سبحانه وتعالى بالوعيد فقال سبحانه وتعالى: + " . 
2 ـ ما رواه ثوبان قال: قال رسول الله ×: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة»() . 
قال المناوي: (البأس الشدة أي: في غير حالة شدة تدعوها وتلجئها إلى المفارقة, كأن تخاف ألا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهها له, أو بأن يضارها لتختلع منه ـ فحرام عليها ـ أي ممنوع عنها رائحة الجنة, وأول من يجد ريحها المحسنون المتقون لا أنها لا تجد ريحها أصلا, فهو لمزيد المبالغة في التهديد)() . 
3 ـ حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي × قال: «المنتزعات والمختلعات هن المنافقات»() . 
قال أبو إسحاق الحربي: (المختلعات يعنى اللواتي يطلبن الخلع من أزواجهن لغير عذر)() . 
4 ـ لأنه إضرار بها وبزوجها، وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة محرم(). 
القول الثاني: يكره ويقع الخلع. 
وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد. 
قال الزركشي: (والمذهب المنصوص المشهور المعروف حتى أن أبا محمد حكاه عن الأصحاب وقوع الخلع مع الكراهة)() . 
وقد استدل أصحاب هذا القول بما يلي: 
1 ـ قوله سبحانه وتعالى: + " ووجه الاستدلال من الآية أن الله سبحانه أجاز أخذ العوض من المرأة في حالة التراضي وطيبة النفس بذلك, وهذا يفيد وقوع الخلع. 
2 ـ واستدلوا على الكراهة بالأحاديث الواردة بالنهي عن الطلاق بدون سبب, وما جاء في وصف المختلعات بالمنافقات, فتفيد هذه الأحاديث الكراهة, ولما في الخلع من الضرر بها وبزوجها. 
القول الثالث: يجوز الخلع: 
وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية. 
قال أبو الحسن القارئ: (لا بأس بالخلع عند الحاجة لقوله تعالى: + " والمراد بالخوف هنا العلم؛ لأن الخوف من لوازمه، وقيل: الظن وهو الأظهر، والخطاب للحكام أو لأهل الإسلام, وهذا الشرط خرج مخرج العادة لجواز الخلع بدونه)().
وقال القرطبي: (والذي عليه الجمهور من الفقهاء أنه يجوز الخلع من غير اشتكاء ضرر)() . 
وقال الشيرازي: (وإن لم تكره منه شيئا وتراضيا على الخلع من غير سبب جاز)() . 
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي: 
1 ـ قوله سبحانه وتعالى: + ". 
فإذا وقع الخلع بالتراضي جاز بنص الآية() . 
2 ـ قوله تعالى: + " . 
ووجه الاستدلال أنه إذا جاز له الأخذ في هذه الحالة وهو خوف عدم إقامة حدود الله, فأخذه المال في صورة عدم الشقاق من باب أولى() . 
3 ـ أن الخلع رفع عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر فجاز من غير ضرر كالإقالة في البيع() . 
وأجابوا عن قوله تعالى: + " . 
قال القرطبي: (لأن الله ـ عز وجل ـ لم يذكرها على جهة الشرط، وإنما ذكرها لأنه الغالب من أحوال الخلع فخرج القول على الغالب)(). 
وقال ابن العربي: (وقد اتفقت الأمة عن بكرة أبيها على أن الخلع يجوز خوف التقصير في الحدود بالذكر لأنه الغالب في جريانهم, فإن أعطته المرأة شيئا فإنه جاز بطيب نفسها, وإن لم يكن هنالك ضرورة ولا خوف)().
أما الأحاديث الوارة في وصف المختلعات بالمنافقات والنهي عن سؤال المرأة طلاقها من غير بأس. 
فقال ابن العربي: (حديث ثوبان أن المختلعات من المنافقات وأيضاً أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة هذا باب لم يصح فيه شيء)(). 
والقول الراجح هو القول الثاني أنه يقع مع الكراهة. 
لقوله تعالى: + " إذ مفهوم الآية أن الجناح لاحق بهما إذا افتدت من غير خوف, ثم غلظ الله سبحانه وتعالى الوعيد بقوله سبحانه: + ". 
قال ابن قدامة: (وخصوص الآية في التحريم يجب تقديمه على عموم آية الجواز)() . 
أما قوله تعالى: + " . 
فقد أجاب عن ذلك ابن المنذر بقوله: (لا يلزم من الجواز في غير عقد الجواز في المعاوضة بدليل الربا حرمه في العقد)(). 
كذلك الأخبار الواردة في وصف المختلعات بالمنافقات, والنهي عن سؤال المـرأة طلاقهـا من غير بـأس, صححها أهـل العلــم بكثرة طرقهــا ومخارجها والله أعلم. 
الخاتمـــــة 
الحمد لله رب العالمين، حمداً طيباً مباركاً كما يحب ربنا ويرضى. وكما يليق بجلاله وعظيم نعمه على تيسيره، وامتنانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد × وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين،         أما بعد: 
فقد توصلت من خلال بحث (أحكام أخذ العوض في الخلع) إلى مجموعة من النتائج لعل أبرزها ما يلي: 
أولاً: من حكمة الشريعة في مشروعية الخلع إزالة الضرر الذي يلحق بالمرأة من المقام مع من تكرهه وتبغضه. 
ثانياً: عدم صحة دعوى نسخ أحكام الخلع أو نسخ أخذ العوض فيه. 
ثالثاً: دل الكتاب والسنة والإجماع والقياس على مشروعية أخذ العوض من الزوجة إذا كان الخلع بسبب كراهيتها للزوج. 
رابعاً: الراجح من أقوال العلماء أن العوض يرد على المرأة ويقع الخلع إذا كان العضل ظلماً
خامسا: الراجح جواز عضل الزوجة لأخذ العوض إذا كان العضل بسبب إتيان الزوجة الفاحشة. 
سادساً: الراجح كراهة أخذ العوض إذا كان الخلع في حالة الوفاق بين الزوجين. 
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. والحمد لله رب العالمين. 
فهرس المصادر والمراجع 
أحكام القرآن. تأليف الإمام: أبي بكر أحمد الرازي الجصاص، طبع المطبعة البهية المصرية، عام 1347 هـ. 
أحكام القرآن. تأليف الإمام أبي بكر محمد المعروب بابن العربي، تحقيق: علي البجاوي، الناشر عيسى البابي الحلبي، الطبعة الثانية، عام 1387 هـ. 
إرواء الغليل تخريج أحاديث منار السبيل. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1399هـ. 
الاستذكار. تأليف: الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد البر، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، الناشر: دار قتيبة، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1414هـ. 
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. تأليف: محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، الناشر: عالم الكتب، بيروت. 
إعلام الموقعين عن رب العالمين. تأليف: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، طبع مطبعة السعادة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1374 هـ.
الإقناع. تأليف: الإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر، تحقيق: د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، الطبعة الأولى ، عام 1408 هـ. 
الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع. تأليف: الشيخ محمد الشربيني الخطيب، الناشر: دار الكتب العربية الكبرى، القاهرة، طبع بالمطبعة الميمنية، عام 1330 هـ. 
الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل. تأليف: شرف الدين موسى أبو النجا الحجاوي المقدسي، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: دار هجر، القاهرة. الطبعة الأولى، عام 1418 هـ. 
الأم . تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، الناشر: دار الفكر، الطبعة الثانية، عام 1403 هـ. 
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد. تأليف: علاء الدين علي المرداوي، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1416 هـ. 
البحر الرائق شرح كنز الدقائق. تأليف: العلامة زين الدين بن نجيم الحنفي، الناشر: دار المعرفة، لبنان، الطبعة الثانية. 
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع. تأليف: الإمام علاء الدين أبي بكر الكاساني الحنفي، الناشر: دار الكتاب العربي، لبنان، الطبعة الثانية، عام 1402هـ. 
بداية المجتهد ونهاية المقتصد. تأليف: أبي الوليد محمد بن رشد الحفيد، الناشر: إدارة شركة المطبوعات العربية، القاهرة. 
تاج العروس من جواهر القاموس. تأليف: محمد الحسيني الزبيدي، تحقيق: علي شيدي، الناشر: دار الفكر، بيروت، عام 1414 هـ. 
تبين الحقائق شرح كنز الدقائق. تأليف: فخر الدين عثمان الزيلعي الحنفي، طبع المطبعة الأميرية ، مصر، عام 1313 هـ. 
تغليق التعليق على صحيح البخاري. تأليف: الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني, تحقيق: سعيد بن عبد الرحمن القزقي. الناشر: المكتب الإسلامي, بيروت, الطبعة الأولى, عام 1405هـ.
تفسير التحرير والتنوير. تأليف: محمد الطاهر بن عاشور، الناشر: الدار التونسية للنشر، تونس، عام 1984 م. 
تفسير الطبري. جامع البيان عن تأويل أي القرآن. تأليف: الإمام محمد بن جرير الطبري، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1422 هـ. 
تفسير القرآن العظيم. تأليف: الإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي، الناشر: دار المعرفة، لبنان، الطبعة الأولى، عام 1406 هـ. 
تفسير القرآن العظيم. تأليف: الحافظ عبد الرحمن بن محمد ابن أبي حاتم, تحقيق: أسعد محمد الطيب, الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز, مكة المكرمة, الطبعة الأولى, عام 1417هـ.
تفسير الماوردي، النُّكت والعيون. تأليف: الإمام محمد بن حبيب الماوردي، الناشر: دار الصفوة، الطبعة الأولى، 1413 هـ. 
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. تأليف: أبي عمر يوسف بن عبد البر، تحقيق: د. عمر الجيدي، وسعيد أعراب. الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1405 هـ. 
تهذيب الأسماء واللغات. تأليف: الإمام أبي زكريا يحيى النووي، دار الكتب العلمية، لبنان. 
تهذيب اللغة. تأليف: الإمام أبي منصور محمد الأزهري، تحقيق: عبد السلام بن محمد هارون. الناشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1384 هـ. 
الجامع لأحكام القرآن. تأليف: الإمام محمد الأنصاري القرطبي، تصوير عن طبعة دار الكتب المصرية. 
جمهرة اللغة. تأليف: محمد بن الحسن الأزدي المعروف بابن دريد، الناشر: مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع، القاهرة. 
حاشية ابن عابدين المسماة رد المحتار على الدر المختار. تأليف: الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين، الناشر: مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الثالثة، عام 1404 هـ. 
الحاوي الكبير. تأليف: الإمام أبي الحسن علي الماوردي، تحقيق: د. محمود مطرجي و د. ياسين، و د. عبد الرحمن الأهدل، و د. أحمد ماحي. الناشر: دار الفكر، بيروت، عام 1414 هـ. 
روضة الطالبين وعمدة المفتين. تأليف: الإمام محيي الدين النووي. تحقيق: الشيخ زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، عام 1405 هـ. 
زاد المسير في علم التفسير. تأليف: الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، الناشر: المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى. 
زاد المعاد في هدي خير العباد. تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثامنة، عام 1405 هـ. 
السعيديات في أحكام المعاملات. تأليف: محمد بن سعيد بن عبد الغفار، طبع المطبعة الحسينية المصرية، الطبعة الأولى، عام 1327 هـ. 
سلسلة الأحاديث الصحيحة. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتبة المعارف للنشر، الرياض، الطبعة الأولى، عام 1417 هـ. 
سنن ابن ماجه. تأليف: الحافظ أبي عبد الله محمد ابن ماجه. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة. 
سنن أبي داود. تأليف: الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي، تعليق: عزت الدعاس، الناشر: محمد علي السيد حمص، الطبعة الأولى، عام 1388 هـ. 
سنن الترمذي. تأليف: أبي عيسى محمد بن سورة الترمذي، تحقيق: الشيخ أحمد شاكر، طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، عام 1398 هـ. 
سنن الدارمي. تأليف: الحافظ أبي محمد عبد الله الدارمي، الناشر: دار المحاسن للطباعة، القاهرة، عام 1386 هـ. 
السنن الكبرى. تأليف: الحافظ أبي بكر أحمد البيهقي. الناشر: دار المعرفة، بيروت. 
السنن الكبرى. تأليف: الإمام أبي عبد الرحمن أحمد النسائي. تحقيق حسن عبد المنعم شلبي، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1421 هـ. 
سنن النسائي. تأليف: الإمام أبي عبد الرحمن أحمد النسائي، الناشر: المكتبة العلمية، لبنان. 
شرح ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع. تأليف: العلامة ابن قاسم الغزي، طبع بالمطبعة الخيرية، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1319 هـ. 
شرح الزركشي على مختصر الخرقي. تأليف: محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، الناشر مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى، عام 1412 هـ . 
شرح السنة. تأليف: الإمام الحسين بن مسعود البغوي. تحقيق: محمد زهير الشاويش، وشعيب الأرنؤوط، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، عام 1403 هـ. 
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح. تأليف: شرف الدين حسين بن محمد الطيبي, تحقيق: المفتي عبد الغفار, ونعيم أشرف, ومحب الله, وشبير أحمد, الناشر: إدارة القرآن والعلوم الإسلامية. باكستان, الطبعة الأولى, 1413هـ.
الشرح الكبير على متن المقنع. تأليف: عبد الرحمن بن قدامة المقدسي، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1416 هـ. 
شرح مشكل الآثار. تأليف: الحافظ أبي جعفر أحمد الطحاوي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1415 هـ. 
شرح منتهى الإرادات. تأليف: الشيخ منصور البهوتي، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، عام 1421 هـ.
شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل. تأليف: الشيخ محمد عليش، الناشر: مكتبة النجاح، ليبيا. 
الصحاح. تأليف: إسماعيل الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1404 هـ. 
صحيح ابن حبان. تأليف: الإمام أبي حاتم محمد البستي: ترتيب علاء الدين علي الفارسي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1408 هـ. 
صحيح البخاري ـ الجامع الصحيح ـ تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، طبع مع فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، الناشر: دار المعرفة، بيروت. 
صحيح سنن أبي داود باختصار السند. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1407هـ. 
عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي. تأليف: القاضي أبي بكر بن العربي المعافري، طبع بالمطبعة المصرية بالأزهر، الطبعة الأولى، عام 1350 هـ. 
العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير. تأليف: أبي القاسم عبد الكريم الرافعي، تحقيق: علي معوض، وعادل بن أحمد ، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1417 هـ. 
عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة. تأليف: جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس، تحقيق: د. محمد أبو الأجفان، وعبد الحفيظ منصور، الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، عام 1415 هـ.
غريب الحديث. تأليف: الإمام أبي إسحاق إبراهيم الحربي، تحقيق: د. سليمان بن إبراهيم العايد، الناشر: جامعة أم القرى، الطبعة الأولى، عام 1405 هـ. 
فتح باب العناية بشرح النقابة. تأليف: نور الدين أبي الحسن علي القاري، تحقيق : محمد نزار، وهيثم نزار، الناشر: دار الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1418 هـ. 
فتح الباري بشرح صحيح البخاري. تأليف: الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، تحقيق: الشيخ عبد العزيز بن باز، ومحمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، الناشر: دار المعرفة، لبنان. 
فتح القدير. تأليف: كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، طبع بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1316 هـ. 
فيض القدير شرح الجامع الصغير. تأليف: العلامة محمد المناوي، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1357 هـ. 
في ظلال القرآن. تأليف: سيد قطب، الناشر: دار الشروق، الطبعة التاسعة، عام 1400 هـ. 
قوانين الأحكام الشرعية. تأليف: محمد بن أحمد بن جزي، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، عام 1979 م. 
الكافي. تأليف: موفق الدين أبي محمد عبد الله بن قدامة، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1418 هـ. 
كشاف القناع على متن الإقناع. تأليف: الشيخ منصور بن يونس البهوتي، الناشر: عالم الكتب، بيروت، عام 1403 هـ. 
لسان العرب. تأليف: الإمام محمد بن منظور، الناشر: دار صادر، بيروت. 
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر. تأليف: الفقيه عبد الله بن محمد المعروف بداماد افندي. الناشر: دار الطباعة العامرة، عام 1319 هـ. 
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. تأليف: الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، الناشر: مكتبة القدسي، القاهرة، عام 1352 هـ. 
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية. تأليف: شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. جمع وترتيب الشيخ عبد الرحمن القاسم، والشيخ محمد القاسم، طبع بمطابع الرياض، الطبعة الأولى، عام 1386 هـ. 
المجموع المذهب في قواعد المذهب. تأليف: الحافظ صلاح الدين العلائي، تحقيق: د.مجيد علي العبيدي، ود.أحمد اخضير عباس، الناشر: دار عمار، والمكتبة المكية، مكة المكرمة، عام 1425هـ.
المستدرك على الصحيحين. تأليف: الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري، الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت. 
مسند الإمام أحمد. تأليف: الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق بإشراف: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، عام 1421 هـ. 
مسند البزار البحر الزخار. تأليف: الحافظ أبي بكر أحمد البزار، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، الناشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة. 
المصنف في الأحاديث والآثار. تأليف: الحافظ عبد الله بن أبي شيبة، تحقيق: عامر العمري الأعظمي، الناشر: دار المدني، جدة. 
المطلع على أبواب المقنع. تأليف: أبي عبد الله محمد بن أبي الفتح البعلي، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1385 هـ. 
المعجم الأوسط. تأليف: الحافظ أبي القاسم سليمان الطبراني، تحقيق: د. محمود الطحان، الناشر: مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى، عام 1415 هـ. 
المعجم الكبير. تأليف: الحافظ أبي القاسم سليمان الطبراني، تحقيق: حمدي السلفي، طبع مطبعة الزهراء، الموصل، الطبعة الثانية، عام 1404 هـ. 
معجم مقاييس اللغة. تأليف: أبي الحسين أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، الناشر: مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الثانية، عام 1390 هـ. 
معونة أولي النهي شرح المنتهى. تأليف: تقي الدين محمد الفتوحي، تحقيق: د. عبد الملك بن دهيش، الناشر: دار خضر، الطبعة الأولى، 1416 هـ. 
المغني. تأليف: موفق الدين عبدالله بن قدامة، تحقيق: د. عبد الله التركي، و د. عبد الفتاح الحلو، الناشر: دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1410 هـ. 
مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج. تأليف: الشيخ محمد الشربيني الخطيب، طبع المطبعة الميمنية، مصر ، عام 1308 هـ. 
المفضل في أحكام المرأة. تأليف: د. عبد الكريم زيدان، الناشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، عام 1413 هـ. 
منار السبيل. تأليف: الشيخ إبراهيم بن محمد بن ضويان، تحقيق: زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، عام 1404 هـ. 
المنتقى شرح موطأ الإمام مالك. تأليف: القاضي أبي الوليد سليمان الباجي، طبع مطبعة السعادة، القاهرة، الطبعة الثالثة، عام 1403 هـ. 
المنتقى من السنن. تأليف: الحافظ أبي محمد عبد الله بن الجارود، طبع مع غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود، لأبي إسحاق الحويني، الناشر: دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، عام 1408 هـ. 
منتهى الإرادات. تأليف: تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي، تحقيق: د. عبد الله التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، عام 1421 هـ. 
المهذب في فقه مهذب الإمام الشافعي. تأليف: الإمام أبي إسحاق إبراهيم الشيرازي، طبع دار إحياء الكتب العربية، القاهرة. 
الموسوعة الفقهية. إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، عام 1406 هـ. 
الموطأ. تأليف: الإمام مالك بن أنس، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، القاهرة. 
الناسخ والمنسوخ في القرآن. تأليف: أبي جعفر محمد بن أحمد المعروف بأبي جعفر النحاس، طبع بمطبعة السعادة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1323هـ.
الفهرس العام 
المقدمة
2
التمهيد: في تعريف الخلع وأخذ العوض فيه، والحكمة من مشروعيته
4
تعريف الخلع في اللغة
4
تعريف الخلع اصطلاحاً
5
تعريف أخذ العوض في الخلع
8
الحكمة من مشروعية الخلع
9
المبحث الأول: دعوى فسخ أحكام الخلع ونسخ أخذ العوض فيه
11
المبحث الثاني: حكم أخذ العوض بسبب كراهية الزوج
14
المبحث الثالث: حكم أخذ العوض بسبب عضل الزوج زوجته
18
المطلب الأول: حكم أخذ العوض بالعضل ظلماً
18
المطلب الثاني: حكم أخذ العوض بالعضل بسبب إتيان الفاحشة
26
المبحث الرابع: حكم أخذ العوض في الخلع حالة الوفاق بين الزوجين
29
الخاتمة
35
فهرس المصادر والمراجع
36

ابحث عن موضوع