جريمة إخفاء الأشياء المسروقة
لا يختلف اثنين على أن جريمة السرقة من أقدم الجرائم التي عرفتها الإنسانية على مر العصور ، ولذلك فإن كافة التشريعات رغم اختلاف النظم القانونية ووجهات النظر تتفق على محاربة السرقة بفرض عقوبات تختلف جسامتها باختلاف الأسلوب المستخدم في الجريمة ، غير أن بعض المجرمين في جرائم السرقات يعمدون إلى إتيان أفعال ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسرقة أو بالجريمة بشكل عام لكنها في الوقت نفسه لا تشكل فعلا من الأفعال المكونة للسرقة ، كإخفاء الأشياء المتحصلة من الجريمة عند أشخاص لا تربطهم بالجريمة الأصلية أي صلة لكنهم على علم بطبيعتها غير المشروعة.
وللوهلة الأولى قد يبدو أن ذلك الشخص الذي أخفى متحصلات الجريمة بمنأى عن الإثم الجنائي ، غير أن الخوض في أعماق ذلك الفعل يكشف أنه لا يقل خطورة عن الجريمة الأصلية .
ولقد آمن المشرع العماني بصحة هذا الاعتقاد ، وأفرد نصاً خاصاً يعاقب به كل من يخفي أو يصرف متحصلات أي جريمة ، إذ تنص المادة (97) من قانون الجزاء على أن " فيما خلا الحالات المنصوص عليها في الفقرتين (2و3) من المادة (95) ، لا يعد متدخلاً في الجرمية من أخفى شخصاً أو ساعده على التواري عن الأنظار ، بعد أن علم بأنه قد ارتكب جريمة ، أو أخفى أو صرف الأشياء المغتصبة بأفعال جرمية مع علمه بأمرها ، بل يعد فاعلاً أصلياً لجريمة مستقلة يعاقب عليها بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين ".
وتبين لنا المحكمة العليا في حكمها في الواقعة التالية شروط تحقق جريمة إخفاء الأشياء المسروقة .
تتحصل واقعات هذه الدعوى في أن المتهم قام بإخفاء خنجر عمانيٍ وبعض المجوهرات سرقها متهمون آخرون ، وقد أحاله الادعاء العام إلى المحكمة المختصة وطالب بمعاقبته بموجب المادة (97) من قانون الجزاء العماني .
وقد حكمت المحكمة بإدانة المتهم بالجرم المسند إليه وقضت بسجنه لمدة سنتين وإعادة المسروقات المضبوطة أو قيمتها إلى المدعي بالحق المدني ، أما المواد التي لم تضبط فللمدعي بالحق المدني إقامة الدعوى المدنية أمام المحكمة المختصة .
فلم يحز هذا الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا
وقد جاء في حكم المحكمة العليا :-
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك من وجهين ، حاصل الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ حينما أدانه بجنحة إخفاء أشياء مغتصبة بأفعال جرمية مع علمه بأمرها وذلك وفقاً للمادة (97) من قانون الجزاء رغم أن هذا الجرم غير ثابت في حقه لانتفاء علمه بمحتويات ذلك الكيس الأسود على سبيل الأمانة فقط ، وأن الحكم لم يبين بأنه كان على علم بأن تلك المنقولات متحصلة من أفعال جرمية ، وقد خالف بذلك الثابت بالأوراق من عدم علمه بمصدر تلك الأشياء موضوع الاتهام كل هذا يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بما جاء بالوجه الأول من سبب الطعن سديد ذلك ، أن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة تتكون من فعل الإخفاء وهو يتحقق بتسلم الشيء المسروق ودخوله في حيازة المتهم ، وكون المتسلم متحصلاً من طريق السرقة ، وعلم المتهم بأن الشيء مسروق أو متحصل من طريق السرقة ومن ثم يكون الواجب لسلامة الحكم بالإدانة في جنحة إخفاء الأشياء المغتصبة بأفعال جرمية المنصوص عليها في المادة (97) من قانون الجزاء أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المسروق ، أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لا بد من أنه متحصل من جريمة سرقة وأن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه .
لما كان ذلك ، فإن الذي أورده الحكم المطعون فيه قاصر البيان في استظهار ركن العلم إذ أن الحكم لم يرد الدليل على توافر علم الطاعن بأن تلك الأشياء متحصلة من جريمة السرقة فكان على الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن .
لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث الوجه الثاني من سبب الطعن ولذلك حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات المختصة لتنظرها من جديد بهيئة مغايرة.
يستفاد من الحكم :-
1- جريمة إخفاء الأشياء المسروقة تتكون من :
فعل الإخفاء وهو يتحقق بتسلم الشيء المسروق ودخوله في حيازة المتهم ، وكون المتسلم متحصلاً من طريق السرقة.
وعلم المتهم بأن الشيء متحصل من طريق السرقة .
2- لسلامة الحكم بالإدانة في جنحة إخفاء الأشياء المغتصبة بأفعال جرمية المنصوص عليها في المادة (97) من قانون الجزاء أن يبين – فوق اتصال المتهم بالمال المسروق ، وان تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها سائغاً كافياً لحمل قضائه.
المكتب الفني
الادعاء العام
لا يختلف اثنين على أن جريمة السرقة من أقدم الجرائم التي عرفتها الإنسانية على مر العصور ، ولذلك فإن كافة التشريعات رغم اختلاف النظم القانونية ووجهات النظر تتفق على محاربة السرقة بفرض عقوبات تختلف جسامتها باختلاف الأسلوب المستخدم في الجريمة ، غير أن بعض المجرمين في جرائم السرقات يعمدون إلى إتيان أفعال ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسرقة أو بالجريمة بشكل عام لكنها في الوقت نفسه لا تشكل فعلا من الأفعال المكونة للسرقة ، كإخفاء الأشياء المتحصلة من الجريمة عند أشخاص لا تربطهم بالجريمة الأصلية أي صلة لكنهم على علم بطبيعتها غير المشروعة.
وللوهلة الأولى قد يبدو أن ذلك الشخص الذي أخفى متحصلات الجريمة بمنأى عن الإثم الجنائي ، غير أن الخوض في أعماق ذلك الفعل يكشف أنه لا يقل خطورة عن الجريمة الأصلية .
ولقد آمن المشرع العماني بصحة هذا الاعتقاد ، وأفرد نصاً خاصاً يعاقب به كل من يخفي أو يصرف متحصلات أي جريمة ، إذ تنص المادة (97) من قانون الجزاء على أن " فيما خلا الحالات المنصوص عليها في الفقرتين (2و3) من المادة (95) ، لا يعد متدخلاً في الجرمية من أخفى شخصاً أو ساعده على التواري عن الأنظار ، بعد أن علم بأنه قد ارتكب جريمة ، أو أخفى أو صرف الأشياء المغتصبة بأفعال جرمية مع علمه بأمرها ، بل يعد فاعلاً أصلياً لجريمة مستقلة يعاقب عليها بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين ".
وتبين لنا المحكمة العليا في حكمها في الواقعة التالية شروط تحقق جريمة إخفاء الأشياء المسروقة .
تتحصل واقعات هذه الدعوى في أن المتهم قام بإخفاء خنجر عمانيٍ وبعض المجوهرات سرقها متهمون آخرون ، وقد أحاله الادعاء العام إلى المحكمة المختصة وطالب بمعاقبته بموجب المادة (97) من قانون الجزاء العماني .
وقد حكمت المحكمة بإدانة المتهم بالجرم المسند إليه وقضت بسجنه لمدة سنتين وإعادة المسروقات المضبوطة أو قيمتها إلى المدعي بالحق المدني ، أما المواد التي لم تضبط فللمدعي بالحق المدني إقامة الدعوى المدنية أمام المحكمة المختصة .
فلم يحز هذا الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا
وقد جاء في حكم المحكمة العليا :-
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك من وجهين ، حاصل الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ حينما أدانه بجنحة إخفاء أشياء مغتصبة بأفعال جرمية مع علمه بأمرها وذلك وفقاً للمادة (97) من قانون الجزاء رغم أن هذا الجرم غير ثابت في حقه لانتفاء علمه بمحتويات ذلك الكيس الأسود على سبيل الأمانة فقط ، وأن الحكم لم يبين بأنه كان على علم بأن تلك المنقولات متحصلة من أفعال جرمية ، وقد خالف بذلك الثابت بالأوراق من عدم علمه بمصدر تلك الأشياء موضوع الاتهام كل هذا يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بما جاء بالوجه الأول من سبب الطعن سديد ذلك ، أن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة تتكون من فعل الإخفاء وهو يتحقق بتسلم الشيء المسروق ودخوله في حيازة المتهم ، وكون المتسلم متحصلاً من طريق السرقة ، وعلم المتهم بأن الشيء مسروق أو متحصل من طريق السرقة ومن ثم يكون الواجب لسلامة الحكم بالإدانة في جنحة إخفاء الأشياء المغتصبة بأفعال جرمية المنصوص عليها في المادة (97) من قانون الجزاء أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المسروق ، أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لا بد من أنه متحصل من جريمة سرقة وأن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه .
لما كان ذلك ، فإن الذي أورده الحكم المطعون فيه قاصر البيان في استظهار ركن العلم إذ أن الحكم لم يرد الدليل على توافر علم الطاعن بأن تلك الأشياء متحصلة من جريمة السرقة فكان على الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن .
لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث الوجه الثاني من سبب الطعن ولذلك حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات المختصة لتنظرها من جديد بهيئة مغايرة.
يستفاد من الحكم :-
1- جريمة إخفاء الأشياء المسروقة تتكون من :
فعل الإخفاء وهو يتحقق بتسلم الشيء المسروق ودخوله في حيازة المتهم ، وكون المتسلم متحصلاً من طريق السرقة.
وعلم المتهم بأن الشيء متحصل من طريق السرقة .
2- لسلامة الحكم بالإدانة في جنحة إخفاء الأشياء المغتصبة بأفعال جرمية المنصوص عليها في المادة (97) من قانون الجزاء أن يبين – فوق اتصال المتهم بالمال المسروق ، وان تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها سائغاً كافياً لحمل قضائه.
المكتب الفني
الادعاء العام