عقوبة جريمتي القتل والإيذاء الخطأ الناشئة عن حوادث مرورية


عقوبة جريمتي القتل والإيذاء الخطأ الناشئة عن حوادث مرورية



الدكتور براء منذر كمال عبداللطيف

كلية القانون –جامعة تكريت

المقـدمـة

أولاً- أهمية البحث

أضحت قضايا المرور في التأريخ المعاصر محل اهتمام دولي وقومي ووطني ،لما لها من صلة وثيقة بحياة الأشخاص وسلامتهم وارتباط وثيق ببرامج التنمية وموارد الدولة واقتصادها الوطني ، لذا حرصت الدول على بذل جهود متنوعة وشاملة لتأمين انسيابية حركة المرور في الطرق العامة –داخل المدن وخارجها- ووقاية الأشخاص من حوادث المرور بوصفها من أبرز المشاكل الناجمة عن التوسع باستخدام المركبات.ومن ضمن تلك الجهود إصدار قوانين وأنظمة وتعليمات مرورية تحدد قواعد وأصول قيادة المركبات والشروط القانونية الواجب توافرها في طالب إجازة السوق وشروط المتانة والأمان في المركبات وضوابط تسجيل واستعمال مختلف وسائط النقل البري،إضافة إلى تحديد الجرائم والعقوبات المرورية( ).

وتواجه الكثير من بلدان العالم –وبخاصة الدول النامية-مشاكل مرورية متنوعة تتجسد بشكل أساسي في ازدياد جرائم المرور وما ينجم عنها من نتائج مؤلمة تتمثل في العدد الكبير من القتلى والجرحى والمعاقين ، وما يرافق تلك الحوادث من معاناة جسمية ونفسية للمتضررين وذويهم بسبب الآلام الناجمة عن تلك الحوادث ، هذا إلى جانب الخسائر الاقتصادية المتنوعة ومنها قيمة المركبات والطرق المتضررة ونفقات إسعاف وعلاج المصابين( ) .لهذه الأسباب صدر في العراق قانون المرور رقم 86 لسنة 2004 ،آخذاً بنظر الاعتبار (المشاكل المرورية في العراق –ومنوهاً-بالزيادة الحاصلة لحركة السير منذ نهاية الحرب) ( ).

ويرجع المختصون في قضايا المرور أسباب حدوثها إلى أحد الأسباب الآتية:خطأ وإهمال السائق، أو عيب في الطرق ،أو خلل في شروط المتانة والأمان في المركبة ، أو قد يكون السبب راجعاً إلى الظروف الجوية الرديئة كالمطر والضباب والظلام.غير أن من المتفق عليه أن السائق هو السبب الرئيس في حوالي 80% من جرائم المرور( ).من هنا تبدو أهمية البحث في هذه الجرائم بوصف الإنسان هو المسؤول عن تلك الحوادث ويقاضى عنها أمام محاكم الجنايات والجنح حسب الاختصاص .كما تبدو أهمية البحث في كونه يتعلق بقانون حديث لم يسبق تناوله بالبحث التحليلي للنصوص المدعم بالشواهد التطبيقية للقضاء العراقي ، ومعززاً بدراسة مقارنة مع تشريعات عربية وأجنبية متعددة .وبما أن المقارنة مع الكثير من القوانين أمر متعذر ،وهو ما لا يتسع له البحث ، لذلك آثرنا اختيار مجموعة من التشريعات تمثل الاتجاهات المختلفة في معالجة الموضوع.

والملاحظ على سياسة التشريعات المقارنة بهذا الشأن أنها في مسارها التشريعي لاتخرج عن أحد المنهجين الآتيين:

الأول –المنهج التقليدي ، حيث يختص قانون العقوبات ببيان الأحكام المتعلقة بهذه الجرائم وعقوباتها كونها من جرائم الخطأ .

الثاني-المنهج الحديث ، وبمقتضاه تختص تشريعات المرور ببيان هذه الجرائم وعقوباتها ، ولكن بشكل مغاير تماماً لما هو عليه الحال في قوانين العقوبات .

هذان المنهجان يمثل كل منهما اتجاهاً متميزاً للسياسة الجنائية المعاصرة، وهو ما سنتولى بيانه في المبحثين الآتيين:





المبحث الأول

المنهج التقليدي في معالجة قضايا المرور




القوانين السائرة في هذا المنهج تَعملُ باتجاهين كلاهما يعالج الحالة في قانون العقوبات: الاتجاه الأول، وفيه لا يُفَرِّق المشرع في العقاب بين مرتكبي جرائم القتل والإيذاء الخطأ سواء كان الحادث مرورياً أم لسبب آخر .والاتجاه الثاني وفيه يفرق المشرع بين حالات الخطأ،حيث يخصص نصاً مستقلاً لجرائم القتل والإيذاء الخطأ الناجمة عن حوادث المرور، وبين غيرها من جرائم القتل والإيذاء الخطأ،كما يأتي :



الاتجاه الأول لتشريعات المنهج التقليدي:


وفي هذا الاتجاه لا تفرق التشريعات في المعاملة بين مرتكبي جرائم الأشخاص الناجمة عن خطأ غير عمدي ، حيث يستوي بمقتضاها من يدعس شخصاً بسبب قيادته المركبة بإهمال وبين من يطلق النار على طير فيصيب إنساناً ويقتله، فكلا الفعلين نجم عنها القتل ، وكلاهما نجم عن خطأ غير عمدي بسبب إهمال الفاعل وعدم احترازه.

وهذه التشريعات في الغالب تَعُدُّ حوادث القتل والجرح الخطأ من جرائم الجنح حيث تقرر لها عقوبة الحبس مع اختلاف في مدته ، وتحدد في الوقت ذاته ظروفاً مشددة على سبيل الحصر يتعين بمقتضاها إذا ما اقترنت بالجريمة المرتكبة أن تزداد العقوبة بنسب معينة لكنها لا تخرج عن نطاق الجنح.

من هذه التشريعات قانون العقوبات المصري ، حيث تنص المادة (238) منه على ما يأتي :(( من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة،يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك .

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشا عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص ، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين)).

أما عن حوادث الإيذاء الخطأ، فقد اختَصَّت بها المادة (244) من قانون العقوبات المصري بالقول : ((من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونة أو عدم احتراز أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة،يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين،إذا نشا عن الإصابة عاهة مستديمة،أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكرا او مخدرا عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك .

وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص ، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين )).

ويلاحظ بأن المادتين المذكورتين آنفاً هي الصورة المعدلة بالقانون رقم (120) لسنة 1962 وقد جاء في مذكرته الإيضاحية في تسويغ التعديل الثاني ما يأتي : (( نظراً لتطور أسباب الحوادث في العصر الحديث بسبب كثرة المركبات وتنوعها ولتعدد مناحي النشاط الاقتصادي لكثرة عدد الضحايا ،ولأن النصوص القائمة بشأن القتل الخطأ والإصابة الخطأ لم تحقق الردع الكافي فقد اتجه المشرع إلى رفع الجزاء المقرر لهاتين الجريمتين على الوجه المبين به بتشديد العقوبة برفع حديها الأدنى والأقصى في حالة ما إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو إذا كان الجاني عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث متعاطياً مسكراً أو مخدراً أو نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك .كما جعل المشرع من تعدد المجنى عليهم في الجريمتين ظرفاً مشدداً آخر تغلظ به العقوبة دون تغيير طبيعة الجريمة من جنحة إلى جناية لأن وصف الجناية لا يتلاءم مع حصول الحادث عن خطأ)).

وظاهر أن التعديل لم يغير شيئاً في أركان الجريمتين ، واقتصر على تشديد العقوبة للظروف المذكورة .وبالرغم من أن الحبس قد يصل في القتل الخطأ إلى عشر سنين فإن الجريمة تظل جنحة ، ذلك أن العبرة في تحديد نوع الجريمة هي بنوع العقوبة المقررة لها( ).

من جانب آخر فإن صور الخطأ الواردة في المادتين أعلاه تتسع لكل صور الخطأ المحتملة ، فالجريمة قائمة بغض النظر عن صورة الخطأ ودرجته ، والخطأ مهما كان يسيراً يكفي لقيام المسؤولية الجنائية ، إلا أن القانون جعل من درجة الخطأ وكونه جسيماً ظرفاً مشدداً في جريمتي القتل والجرح الخطأ المنصوص عليها في المادتين (238) و(244) من قانون العقوبات المصري( ).

ومن التشريعات العربية التي تأخذ بهذا الاتجاه أيضاً قانون عقوبات الجزائر ، حيث جعل من عقوبة القتل الخطأ وفق المادة(288) منه الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات مع الغرامة من (1000) إلى (2000) دينار جزائري.أما الإيذاء الخطأ فعقوبته بمقتضى المادة (289) هي الحبس من شهرين إلى سنتين أو بإحداهما.

في حين جعل من حالة السكر أو التهرب من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي يمكن أن تقع عليه وذلك بالفرار من مكان الحادث أو بتغيير حالة الأماكن أو بأية طريقة أخرى ظرفاً مشدداً ، حيث تضاعف العقوبة بمقتضى المادة (290) منه.

ويبدو أن المشرع العماني قريباً من التشريعات المتقدمة في هذا النوع من الجرائم ، فجعل عقوبة القتل الخطأ بمقتضى المادة (254) من قانون الجزاء هي السجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات مع الغرامة من عشر ريالات إلى خمسمائة أو بإحدى هاتين العقوبتين.أما الإيذاء الخطأ فعقوبتها بمقتضى المادة (255) هي السجن مدة لاتتجاوز السنة أو بغرامة لا تتجاوز الخمسين ريال .غير أن هذا القانون كان أكثر تساهلاً من التشريعات التي سبقته من حيث الظروف المشددة ، حيث لم يجعل من حالة السكر ، أو حالة النكول عن مساعدة المجنى عليه أو تعدد المجنى عليهم ظروفاً مشددةً.من جانب آخر فإن المادة (255) المذكورة آنفاً قد عَلَّقَت ((الملاحقة على شكوى المتضرر إذا لم ينجم عن الإيذاء مرض أو تعطيل عن العمل لمدة لا تزيد عن عشرة أيام فما دون،كما أن تنازل الشاكي عن دعواه يسقط الحق العام ، وتسقط العقوبة إذا كان قد حكم بالدعوى))،ويلاحظ على النصوص التشريعية المتقدمة أن عقوبة القتل الخطأ الخالية من الظروف المشددة لا تتجاوز الثلاث سنوات ، وهي في قانون العقوبات المصري تصل إلى عشر سنوات إذا ما اقترنت بظرف مشدد من الظروف المنصوص عليها ،لكنها لا تخرج عن نطاق الجنح وإن وصلت العقوبة إلى الحد الأقصى.أما المشرع الجزائري فلم يعتبر من تعدد المجنى عليهم ظرفاً مشدداً ولم ينص على ذلك .كما أن العقوبة بحدها الأقصى في حالة توافر ظرف مشدد هي الحبس لمدة ست سنوات طبقاً لنص المادة(290) عقوبات وهي ضعف المدة المنصوص عليها في المادة (288).

وفي الاتجاه ذاته من التشريعات الأجنبية ، قانون العقوبات الإيطالي،فبمقتضى المادة (598/2) تعد جريمة القتل الخطأ من جرائم الجنح ، وهي تشمل كافة جرائم القتل الخطأ بما في ذلك الجرائم الناشئة عن الحوادث المرورية،كما أنه يشدد العقوبة إذا نشأ عن الحادث قتل عدد من الأشخاص،أو قتل شخص وإصابة آخرين.وكذلك يشدد عقوبة الإيذاء الخطأ تبعاً لجسامة الإصابة أو عند تعدد المصابين وفقاً لأحكام المادة (590/2 و3) ( ).

وفي هذا الاتجاه –من التشريعات الأجنبية أيضاً –قانون العقوبات الياباني،إذ تناول المشرع في هذا القانون جرائم القتل والإيذاء الخطأ بصورة عامة ، فهو لا يفرق في ذلك بين الجرائم المرورية وغيرها .فخصص المادة (209) لجريمة الإيذاء الخطأ وجاء في هذه المادة :من تسبب للغير بإيذاء جسدي بسبب الإهمال ، فإنه يعاقب بغرامة لاتزيد عن (300000 يَنْ) أو بغرامة أقل .أما المادة (210) فقد خصَّها لجريمة القتل الخطأ،وعقوبتها هي الغرامة التي لا تتجاوز (500000 يَنْ) .ويلاحظ بأن المشرع الياباني في المادتين أعلاه حدد الغرامة فقط كجزاء يمكن فرضه على المتسبب في الحادث سواء نجم عن الحادث إيذاء أم وفاة.

غير أن المشرع الياباني وفي المادة (211) عقوبات ) ، قد جعل من ارتكاب الجريمة أثناء أداء المهنة ظرفاً مشدداً، وفي هذه الحالة يساوي القانون في العقاب بين من تسبب بالوفاة أو تسبب بإحداث أذى للغير حيث يجب معاقبة الجاني بالسجن –مع أو بدون الأشغال الشاقة- لمدة لا تزيد عن خمس سنوات أو بغرامة لا تزيد عن (500000يَنْ).والعقوبة نفسها يمكن فرضها بحق الجاني وإن لم يكن أثناء أداء المهنة بشرط أن يكون الإهمال جسيماً وخطيراً وأن ينجم عن الحادث قتل أو إيذاء شخص آخر .

فالسجن كعقوبة لا يمكن إذاً فرضها بحق الجاني إلا في الأحوال الآتية:

أولاً-إذا كان المتهم قد ارتكب جريمة أثناء أدائه لمهنته.

ثانياً-إذا كان إهمال المتهم جسيماً أو خطراً ، ومسألة كون الإهمال جسيماً أو خطراً مسألة تقدرها محكمة الموضوع من خلال وقائع الحادث وظروفه.

أما سحب رخصة القيادة كجزاء تبعي للعقوبة ، فهو من اختصاص قانون المرور ، وفيه وضع المشرع جدولاً –وهو الآتي-لاحتساب النقاط وعلى أساسها يجب سحب الترخيص لمدة شهر إذا كان مجموع النقاط 6-14 نقطة، ولمدة سنة إذا كان مجموع النقاط 15-24 ،ولمدة سنتين إذا كان مجموع النقاط 25-34 ،ولمدة ثلاث سنوات إذا كان مجموع النقاط أكثر من 35.



الجريمة المسؤولية الكاملة المسؤولية الناقصة

القتل غير المتعمد 13 نقطة 9 نقاط.

الإصابة الرئيسة 9 نقاط. 6نقاط.

الإصابات البسيطة أو الأضرار بالممتلكات 6 نقاط. 4 نقاط.



علماً إنه إذا هرب السائق من محل الحادث فتضاف إليه 5 ، أو 10 نقاط بحسب الظروف( ).







رأينا في الموضوع

إن احتساب هذه التشريعات لجرائم القتل الخطأ الناجمة عن حوادث المرور من جرائم الجنح قد يكون له ما يسوغُه،فالجرائم وجسامتها ومدى وجوب الغلظة في العقاب بشأنها هي أمور تقررها جسامة المشكلة في كل بلد ، هذا من جهة ، غير أن ما نأخذه على قوانين عقوبات تلك الدول إنها لم تنص في القسم الخاص ولا في القسم العام ضمن النصوص القانونية الخاصة بالعقوبات الفرعية (التبعية أو التكميلية) ولا ضمن التدابير الاحترازية على عقوبة سحب رخصة القيادة( ).كما أن النص على هذه العقوبة ضمن قوانين المرور الخاصة بتلك البلدان عن مخالفات مرورية بحتة لا علاقة لها بجرائم القتل والإيذاء الخطأ ، وهو أمر لا يغير برأينا من حقيقة القصور التشريعي في تلك القوانين . فارتكاب جريمة قتل خطأ أو إيذاء خطأ كنتيجة لحادث مروري وبخاصة إذا ما اقترنت الجريمة بظرف مشدد كاقترانها بحالة سكر أو كونه يسير بسيارته برعونة واستهتار أو في حالة تعدد المجنى عليهم، هذه الظروف بتقديرنا تعبر عن جسامة المشكلة وجسامة الخطأ وتأثيرها البالغ على الجمهور ، لذلك نرى ضرورة تناول قوانين العقوبات المذكورة آنفاً لهذه العقوبة -بعَدِّها عقوبة تكميلية- والتفرقة بين حالتين:

الأولى –وجوب سحب إجازة السوق كلما اقترنت جريمة القتل أو الإيذاء الخطأ بظرف مشدد .

الثانية- جواز سحب إجازة السوق كلما خلت جريمة القتل أو الإيذاء الخطأ من الظروف المشددة.



الاتجاه الثاني لتشريعات المنهج التقليدي


وهو اتجاه وسط في سياسته ، إذ لا شأن لقانون المرور بجرائم الأشخاص الناشئة عن حادث مروري على اعتبار أن قانون المرور قانون تنظيمي ، لكنه يقرر في قانون العقوبات - بنص مستقل-أحكام جريمتي القتل والإيذاء الخطأ الناشئة عن حادث مروري،فلا يساوي في العقاب بينها وبين جرائم القتل والإيذاء الخطأ الأخرى التي لا علاقة لها بحوادث المرور،من تلك التشريعات قانون العقوبات اللبناني ، فالمادة (566) منه تنص على أنه: ((كل سائق مركبة تسبب بحادث ولو مادي ولم يقف من فوره أو لم يَعْنِ بالمجني عليه أو حاول التملص من التبعة بالهرب، يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز الشهر وبغرامة لا تتجاوز المائة ألف ليرة ،ويزاد على العقوبات المذكورة في المادتين 564 و565 نصفها إذا اقترف المجرم إحدى هذه الأفعال)) ( ).

أما المادتان 564 و565 فهي تختص بجريمتي القتل والإيذاء الخطأ .فالمادة (564) تنص على أنه : (( من تسبب بموت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات)).

كما تنص المادة (565) على أنه : (( إذا لم ينجم عن خطأ المجرم إلا إيذاء كالذي نصت عليه المواد 556-558 كان العقاب من شهرين إلى سنة .

ويعاقب على كل إيذاء آخر غير مقصود بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بغرامة لا تتجاوز مئة ألف ليرة.

وتعلق الملاحقة على شكوى المجنى عليه إذا لم ينجم عن الإيذاء مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تتجاوز العشرة أيام،ويكون لتنازل الشاكي عن حقه نفس المفاعيل المبينة في المادتين ( 554 و555) ( ).

ويلاحظ على النصوص المتقدمة إنها قاصرة عن معالجة الكثير من المسائل الجوهرية ذات العلاقة بجرائم الأشخاص الناتجة عن حادث مروري ، من أهمها حالة تعدد المجنى عليهم ، وحالة ارتكاب الجريمة تحت تأثير مسكر أو مخدر . كما لم يعالج مسألة سحب رخصة القيادة وإمكانية فرضها كعقوبة تكميلية جوازاً أو وجوباً في حالة اقتران الجريمة بظرف مشدد . وكذلك لم يتطرق إلى أسباب التخفيف كعذر عند مبادرة الجاني إلى مساعدة المجنى عليه وإسعافه أو عدم مبارحته لمكان الحادث ، أو تسليم نفسه إلى السلطة.





المبحث الثاني

الاتجاه الحديث في معالجة قضايا المرور




المنهج الذي اتخذته التشريعات المقارنة السائرة في هذا الاتجاه هو معالجة قضايا المرور في قانون المرور ، حيث تتضمن هذه القوانين تحديد جرائم الأشخاص (القتل والإيذاء الخطأ) الناجمة عن حوادث المرور وتحديد عقوباتها ، وبالتالي فلا علاقة لهذه الجرائم بما نص عليه قانون العقوبات لجرائم القتل والإيذاء الخطأ الأخرى والتي لا علاقة لها بحوادث المرور.وتتسم بعض هذه القوانين بالشدة في العقوبات قياساً بالقوانين المشار إليها بالاتجاه التقليدي .وقد سار المشرع العراقي بهذا الاتجاه في قانون رقم 48 لسنة 1971 (الملغي) وقانون المرور النافذ رقم 86 لسنة 2004 .

ففيما يتعلق بجريمة الإيذاء ، يلاحظ أن القسم (23/1) من قانون المرور النافذ قد اختص بالعقاب على جريمة الإيذاء الخطأ إذا كان الأذى أو المرض المحدث بغيره جسيماً أو ألحق بغيره عاهةً مستديمة،وجعل عقوبة مرتكبها الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين ،أو بغرامة لا تقل عن أربعمائة ألف دينار ولا تزيد على مليون دينار .مما يعني أن الحادث المروري المتسبب بأحداث أذى أو مرض غير جسيم أو كون الأذى لا يتسم بالعاهة المستديمة لا ينطبق وأحكام النص المذكور ، مما يتعين الرجوع إلى المادة (416/1) من قانون العقوبات العراقي ، وعقوبتها عند ذاك الحبس مدة لاتزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين .

أما جريمة القتل الخطأ فإن القسم (24) من قانون المرور النافذ ،يفرق في العقاب بين صور أربع ، تختلف في شروطها،وتتدرج في عقوباتها،وهي كالآتي :



الصورة الأولى :

وقد نصت عليها الفقرة(1) من القسم (24) بالقول : ((1- يُعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على مليون وخمسمائة ألف دينار أو كلاهما ، كل من تسبب في موت شخص نتيجة قيادته مركبة لعدم مراعاته للقوانين والأنظمة والبيانات المختصة )) ( ). وحول هذا النص يُلاحظ أن الهيئة الجزائية في محكمة التمييز ، قد نَبَّهت في قرار لها إلى خطأ في الترجمة ،حيث جاء فيه : (( لدى التدقيق والمداولة ، تبين أن محكمة جنايات صلاح الدين قد أدانت المتهم ...وفرضت عليه العقوبة المذكورة وفق المادة (25/3) مرور .وحيث أن الحادث قد وقع بتأريخ 12/6/2004 في ظل قانون المرور رقم (86 ) النافذ في 20/5/2004 ،فكان على المحكمة إدانة المتهم وفق القسم (24/1) منه ، وفرض العقوبة عليه بموجب القسم المذكور .علماً بأن القانون المذكور قد نشر في الوقائع العراقية المرقمة 3984 ، وإن نص القسم (24/1) منه جاء فيه : يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات أو بغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد عن مليون وخمسمائة ألف دينار أو كلاهما ، كل من تسبب في موت شخص نتيجة قيادته مركبة لعدم مراعاته للقوانين والأنظمة والبيانات المختصة .مع ملاحظة إن النص المترجم للعربية والمنشور في الوقائع المذكورة جاء فيه : ولا تزيد على سبع سنوات و بغرامة ،في حين أن النص المحرر بالغة الأنكليزية( )جاء فيه : ولا تزيد على سبع سنوات أو بغرامة ،وهو المعول عليه .لذا قرر نقض كافة القرارات و إعادة القضية إلى محكمتها لمحاكمة المتهم مجدداً ، وإدانته وفرض العقوبة عليه وفق قانون المرور الجديد ،وصدر القرار في 4 /ذي القعدة /1425 هـ ، الموافق 16/12/2004 م )) ( ).

ولإيضاح ذلك ينبغي الإشارة إلى أن العبارة ((و بغرامة)) التي وردت في النص المحرر باللغة العربية والمنشور في الوقائع العراقية ، هي ترجمة خاطئة للعبارة المحررة باللغة الإنكليزية والتي جاءت بالصيغة التالية : ((or a fine)) ( ) حيث تعني ((أو بغرامة )) ،وهو ما يجب –كما قالت محكمة التمييز- التعويل عليه . وبما أن محكمة التمييز قد نَبهَّت إلى هذا الخطأ ، وحيث أن القرار التمييزي قد لا يَطَّلع عليه الكثيرون من المشتغلين بالقضاء وغيرهم ، وبما أن الأخطاء فيما يُنشر في الوقائع العراقية لابد من أن تُصَحَّحْ ببيان ينشر في الوقائع العراقية أيضاً ،طبقاً لنص المادة (8) من قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم (78) لسنة 1977 ، لذلك لابد من إصدار مثل هذا البيان ونشره في الوقائع العراقية لتوضيح الترجمة الصحيحة المعوّل عليها

وجدير بالذكر، أن ما يشترطه النص الوارد في الفقرة (1) هو أن يتسبب خطأ المدان في (موت شخص واحد) ، وهو الشرط الوحيد .فإذا ما زادت النتيجة من حيث عدد الوفيات أو اقتران الوفاة بإصابة آخرين ، أو في حالة اقتران الخطأ بظروف مشددة أخرى أشارت إليها الفقرتان (3) و(4) من القسم المذكور ، فسوف نكون أمام عقوبات أشد .

من جانب آخر ، فإن العقوبة المقررة في الفقرة (1) هي السجن أو الغرامة (أو كلاهما) ، غير أن محكمة التمييز قد جانبت الصواب في قرار لها قالت فيه : ((لدى التدقيق والمداولة وجد أن القرار الذي أصدرته محكمة أحداث صلاح الدين بتأريخ 13/4/2005 في الدعوى المرقمة 6/ج/2005 بإدانة المتهم الحدث ...وفق القسم 24/1 من قانون المرور الصادر بموجب أمر سلطة الإئتلاف المؤقتة المرقم 86 في 20 آيار 2004 كانت المحكمة المذكورة قد راعت عند إصداره تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً بعد أن اعتمدت الأدلة الكافية ...لذا قرر تصديقه ، أما قرار فرض التدبير فقد وجد أنه غير صحيح ومخالف للقانون إذ يقتضي فرضه وبما يتناسب مع جسامة الجريمة وظروف ارتكابها وبإحدى العقوبتين الواردة في الفقرة التي أدين بموجبها وليس بكليهما حسب النص الإنكليزي المعتمد في الأمر الذي صدر القانون بموجبه،لذا قرر نقض قرار فرض التدبير وإعادة الدعوى إلى محكمتها لغرض فرضه وفق ما تقدم)) ( ).





الصورة الثانية :

وقد نصت عليها الفقرة (2) من القسم (24) بالقول : ((2- تكون العقوبة السجن مدة لا تفل عن سبع سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامه لا تقل عن مليون وخمسمائة آلف دينار ولا تزيد على ثلاثة ملايين دينار أو كلا هما إذا نشأ( )عن الجريمة المبينه في الفقرة (1) من هذه المادة موت أكثر من شخص واحد أو موت شخص و إلحاق أذى أو مرض جسيمين أو عاهة مستديمة بأكثر من شخص واحد)).

ويلاحظ على هذا النص أن عبارة (( وبغرامة لا تقل ...)) هي ترجمة خاطئة أيضاً لما ورد بالنص المحرر باللغة الإنكليزية ، والذي جاء بعبارة((or a fine)) .وهذه العبارة تعني (( أو بغرامة)) .وهذا الخطأ ينبغي شموله بالتصحيح في البيان الذي اقترحنا نشره في الوقائع العراقية كما أوضحنا ذلك في الصورة الأولى .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن هذه الفقرة تشترط لانطباقها أن ينجم عن الحادث المروري (( موت أكثر من شخص )) أو ((موت شخص و إلحاق أذى أو مرض جسيمين أو عاهة مستديمة بأكثر من شخص واحد)) . والتساؤل الذي يمكن طرحه في هذا المجال ، عن مدى إمكانية تطبيق هذا النص فيما لو نجم عن حادث المرور موت شخص و إلحاق أذى أو مرض بأكثر من شخص غير أن الأذى أو المرض ليس جسيماً ولم يحصل بالمصابين عاهة مستديمة ؟ أو أن موت شخص كان قد اقترن بإصابة شخص آخر بإصابة جسيمة و إصابة الآخرين بإصابات غير جسيمة ؟ هذه التساؤلات تحدث في الواقع العملي ، ولكنها لا يمكن أن تُكَيَّف قانوناً وفقاً لنص الفقرة (2) من القسم (24) . لذلك تكون المحكمة ملزمة قانوناً في الأحوال المشار إليها في معرض التساؤل أن تطبق الفقرة (1) وهو القدر المتحقق في فعل المتهم .

وفي السياق ذاته كان نص الفقرة (2) من المادة (25) من قانون المرور رقم 48 لسنة 1971 المعدل (الملغي ) ، حيث يتساوى النَصَّان -الجديد والقديم – في صور التجريم ، مع الاختلاف في العقوبات المقررة .و لذلك كانت محكمة التمييز تذهب إلى القول : (( يكون فعل المتهم محكوماً بنص الفقرة الأولى وليس الفقرة الثانية من المادة (25) من قانون المرور المعدل ، إذا كان قد خرج بسيارته من شارع فرعي إلى الشارع العام ، دون التأكد من حركة المرور في الشارع العام ، مما تسبب بوفاة شخص و إصابة شخصين بإصابات غير جسيمة ، لأن الحادث تسبب جَرَّاء مخالفة المتهم لقانون المرور والأنظمة والبيانات الصادرة بموجبه )) ( ).لذلك نرتأي تعديل نص القسم (24) من قانون المرور الجديد بإضافة فقرة جديدة إليه ، يُعاقب بمقتضاها الفاعل بعقوبة أشد من تلك المقررة في الفقرة (1) و أقل من تلك المقررة في الفقرة (2) لمرتكبي الحالات المشار إليها في معرض التساؤل،لتلافي القصور في التشريع، ولتكون العقوبات متدرجة بحسب خطورة الجريمة ونتائجها.



الصورة الثالثة :

وقد نصت عليها الفقرة (3) من القسم (24) بالقول : ((3- و يعاقب بالسجن مدة لا تفل عن سبع سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامه لا تقـل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار،كل من تسبب في موت شخص نتيجة قيادته مركبة بإهمال أو رعونة وكان تحت تأثير مسكر أو مخدر أو هرب دون إخبار السلطات المختصة بالحادث )).وحول نص هذه الفقرة،نجد أن الخطأ ذاته الذي حصل في الفقرتين السابقتين حصل أيضاً في هذه الفقرة . فعبارة ( وبغرامة ) هي ترجمة خاطئة للعبارة ((or a fine)) التي وردت في النص المحرر باللغة الإنكليزية ، هذا من جهة . و من جهة أخرى فإن الفقرة (3) في النص المحرر باللغة الإنكليزية قد جاء في نهايتها العبارة التالية : ((or both)) ، وتعني : ((أو كلاهما)) ، وهو مالم يتضمنه النص المنشور باللغة العربية ، مما يتعين إيضاح هذين الخطأين في البيان الذي اقترحنا نشره في الوقائع العراقية .

من جهة أخرى وجدنا أن هناك خطأ آخر في الترجمة ضمن النص الخاص بالفقـرة (3) ، حيث وردت عبارة (( بإهمال أو رعونة )) ، ضمن النص المحــرر باللغة العـربية. وهي ترجمة خاطئة للعبارة الواردة في النص المحرر باللغة الإنكليزية وهي : ((reck Less and negligent manner)) والتي تعني (( بإهمال و رعونة )) .ونعتقد أن المنطق يقتضي أيضاً الأخذ بالعبارة الواردة في النص المحرر باللغة الإنكليزية ، ذلك أن المقصود هو إضافة (الرعونة ) إلى (الإهمال ) ، فإذا كان الإهمال هو الخطأ أياً كان شكله ودرجته ، فإن الرعونة تعني الاستهتار بقيادة المركبة ، ومثالها قيادة المركبة بسرعة جنونية في شارع مزدحم ،أو قيادتها بسرعة في شارع فرعي أو مزدحم بالمارة أو في منطقة سكنية ، أو قيادتها بسرعة عكس الاتجاه المقرر للسير .لذلك نرتأي شمول هذا الخطأ في الترجمة بالبيان الذي اقترحنا نشره في الوقائع العراقية لتصحيح الأخطاء التي حصلت في النص المحرر باللغة العربية .

من جانب آخر لابد من إيضاح صور الخطأ التي تطلبها نص الفقرة (3) من القسم (24) ، وهي اقتران الإهمال و الرعونة بواحد من الظرفين الآتيين أو كليهما وهما :

أ-أن يكون الفاعل واقعاً تحت تأثير مسكر أو مخدر وقت الحادث .

ب- أن يهرب الفاعل من مكان الحادث دون أن يخبر السلطة المختصة بحدوثه .

وفيما يتعلق بالظرف الأول ، لا يكفي الإهمال وحده لإمكانية انطباق النص، بل لابد من اقترانه بحالة السكر أو التخدير ،و أن يكون الفاعل واقعاً تحت تأثيرها وقت الحادث . وعبارة : (( واقعاً تحت تأثير مسكر أو مخدر ...))، يعني أن المسكر أو المخدر قد غلب على عقل الفاعل وتوازنه بحيث أفقده السيطرة على قيادة المركبة . مع الإشــارة إلى أن القانون الملغي كان قد نص على الظرف ذاته،وبصدده قالت محكمة التمييز : (( ويشترط لانطباق الفقرة الثالثة من المادة (25) من قانون المرور المعدل عن حادث الدعس أو الاصطدام، أن تكون درجة سكر المتهم شديدة ، وتفقده السيطرة على التركيز أثناء القيادة )) ( ).و عِلَّة ذلك أن تناول المسكر مع حفاظ الشخص على وعيه وتوازنه لا تأثير له على قيادته للمركبة .و مسألة كون درجة السكر شديدة أم خفيفة وهل أنه واقع تحت تأثيرها أم لا هي مسألة يقدرها الطبيب العدلي في تقريره عند فحصه للمتهم ، لذلك ينبغي على قاضي التحقيق أن يقرر الإسراع في إرسال المتهم للفحص الطبي حال إخباره عن حادث مروري إذا اعتقد بوجود مثل هذه الحالة.

أما الظرف الثاني المنصوص عليه في الفقرة(3) من القسم (24) فهو هروب الفاعل من مكان الحادث دون إخبار السلطة المختصة بحدوثه . وهذا الظرف أيضاً كان من الظروف المنصوص عليها في القانون الملغي ، وبشأنه قالت محكمة التمييز : (( إذا دعس المتهم المجنى عليه بالمركبة التي كان يقودها ، وتسبب في وفاته بعد أن نكل عن مساعدته، ولم يخبر الشرطة بالحادث،فإن الفعل ينطبق على المادة 25/3 من قانون المرور المعدل))( ).ذلك أن عدم تقديم المساعدة للمجنى عليه –إذا كان في وسع المتهم ذلك- أمر تتطلبه المعايير الأخلاقية و الإنسانية ، و لذلك نجد أن محكمة التمييز قد تذهب إلى نقض القرار من حيث العقوبة لتشديدها ، من ذلك قرار لها جاء فيه : (( أما بشأن العقوبة المقضي بها ...فقد وجد إنها خفيفة ولا تتناسب مع وقائع الجريمة وظروف ارتكابها ...لكون المدان قد هرب من محل الحادث ولم يقم بإنقاذ المدهوسة ...)) ( ).وعن الحالة المعاكسة،أي مبادرة المتهم إلى إخبار السلطة المختصة بالحادث قالت محكمة التمييز: (( إن عدم توقف المومأ إليه بعد الحادث لا يعتبر نكولاً عن مساعدة المجنى عليها،وإنما كان خوفاً على حياته من أقارب المجنى عليها،و مما يؤكد ذلك إنه ذهب بعد الحادث مباشرة وَ سَلَّم نفسه)) ( ).ذلك أن ما يحصل في الواقع ، وخاصة إذا وقع الحادث في منطقة سكنية قريباً من دور ذوي المجنى عليه ، هو احتمال تعرض الفاعل للاعتداء بسبب ثورة الغضب والعطف على المجنى عليه ، لذلك يكون لهروبه من مكان الحادث ما يسوغُه،لكنه -في الوقت ذاته - عليه أن يبادر على الفور إلى إخبار السلطة المختصة بحدوثه . و يُسَوِّغ بعض المختصين في القانون الجنائي ذلك بالقول إن حماية النفس مقدمة على مساعدة الغير ، فكلما كان تقديم المساعدة للمصاب يتطلب من الفاعل تعريض حياته أو سلامة بدنه للخطر ، كان الهرب من مكان الحادث وحماية النفس أولى بالاعتبار . كما يرى أنه إذا كان تقديم المساعدة للمجنى عليه أمرٌ متعذر ، كما لو توفي المجنى عليه في الحال ـ فإن ترك المتهم لمكان الحادث والإسراع بإخباره للسلطة المختصة يكون أمراً منطقياً و مقبولاً( )،وبالتالي لا يمكن القول بتوافر الظرف الخاص بالهرب من مكان الحادث في مثل هذه الحالات.





الصورة الرابعة :

وقد نصت عليها الفقرة (4) من القسم (24) بالقول : ((4- و تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد على عشرين سنة ، وبغرامه لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد عن سبعة ملايين دينار ،إذا نشأ عن الجريمة المبينة في الفقرة (3) من هذه المادة موت أكثر من شخص واحد ، أو موت شخص و إلحاق أذى أو مرض جسيمين أو عاهة مستديمة بأكثر من شخص واحد)).

و الملاحظ على هذا النص إنه وقــع في الخطأ ذاته من حيث الترجمة لعبـارة ((or a fine))و التي تعني باللغة العربية(( أو بغرامة))،هذا من جهة.و من جهة ثانية فإن الفقرة(4)في النص المحرر باللغة الإنكليزية قد جاء في نهايتها العبارة التالية: ((or both)) ، وتعني : ((أو كلاهما)) ، وهو مالم يتضمنه النص المنشور باللغة العربية،إنَّ هذين الخطأين ينبغي الإشارة إليهما في البيان الذي اقترحنا نشره في الوقائع العراقية ضمن النص الخاص بالفقـرة (4).

كذلك لابد من الإشارة إلى التساؤل الذي طرحناه آنفاً ، حيث من الممكن تكراره في هذه الصورة ونقول : ما الحكم لو نجم عن فعل المتهم الخاطيء وفاة شخص ، و اقترنت حالة الوفاة بإصابة أكثر من شخص بإصابات غير جسيمة ، أو اقترنت الوفاة بإصابة شخص واحد فقط بإصابة جسيمة أو بعاهة مستديمة ؟ . مثل هذه الصور حتماً لا تنطبق ونص الفقرة (4) ، مما يتعين معه على المحكمة تكييف الحادث وفقاً للنص الوارد في الفقرة (3) من القسم (24) وهو القدر المتحقق في فعل المتهم .

ولتلافي هذا القصور نقترح-هنا أيضاً- إضافة فقرة جديدة للقسم (24) تعالج الحالة محل التساؤل ، على أن يتقرر لها عقوبة أشد من تلك المقررة في الفقرة (3) وأقل من العقوبة المقررة في الفقرة (4) .

أما فيما يتعلق بجواز الحكم بالغرامة في الجنايات المرورية ، فهو اتجاهٌ له ما يُسوغه. فقد وجدنا أن الجناية المرورية المنصوص عليها في الفقرة (1) من القسم (24)،تمثل أبسط أنواع الجنايات المرورية،فهي تخلو من الظروف المشددة كافة ، كما أن النتيجة المترتبة عنها موت شخص واحد فقط .

في حين تتدرج باقي الجنايات المرورية في العقوبات بحسب تعدد المجنى عليهم والمصابين ، وبحسب نوع الخطأ و اقترانه بالوقوع تحت تأثير مخدر أو مسكر ، أو النكول عن تقديم العون أو المساعدة للمصابين ، أو الهرب من مكان الحادث وعدم إخبار السلطة المختصة بوقوعه ، لكن في جميع صور الخطأ ، فإن المهم هو أن الفاعل لا خطورة إجرامية في ذاته وطبيعته ، ذلك أن الخطورة الإجرامية كما هو متفق عليها لدى المختصين( )،توجد في الأساس لدى البعض من مرتكبي الجرائم العمدية ، وجرائم المرور ليست من بينها ، بل هي من جرائم الخطأ ومهما بلغت جسامة النتائج المترتبة عليها،طالما أن النية الإجرامية نحو ارتكاب الجريمة منعدمة،هذا من جانب .ومن جانب آخر فإن هذا الاتجاه هو ما ينسجم مع الاتجاه الحديث في العلوم الجنائية،فعلم الإجرام وعلم العقاب كلاهما يتجه إلى إعطاء المحكمة المختصة السلطة والصلاحية الواسعة في الاختيار بين عددٍ من العقوبات ، و يُشَبَّه الاختيار بين عدد من العقوبات باختيار العلاج المناسب للحالة المعروضة( ).فالحالة المرضية مهما تشابهت بين عدد من الأشخاص ،فلا ينبغي على الطبيب المعالج أن يقرر العلاج ذاته أو الكمية ذاتها من العلاج الخاص لمرضاه كافة.ولهذا نجد أن القسم الرابع من قانون المرور قد فتح الباب على مصراعيه أمام محاكم الجنايات –وكذلك الأحداث – لتختار وكما يتراءى لها من ظروف المدان وحسب تقديرها المطلق أمام خيارات ثلاثة :

أ-فلها أن تحكم بالسجن وحده.

ب-ولها أن تحكم بالغرامة وحدها.

ج-ولها أن تحكم بالعقوبتين معاً .

ومن جانب آخر فإن السجن ليس الرادع الوحيد ،فالغرامة بحسب المبالغ المذكورة في القانون الجديد للمرور ، والتي تتدرج في الجسامة من مليون دينار إلى سبعة ملايين دينار-كما هو منصوص عليها في الفقرات (1 و2و 3و 4)-من القسم (24) لا تخلو هي الأخرى من عنصر الردع ،لكنها في الوقت نفسه تحفظ للمدان حريته وصلته بأسرته وبمجتمعه ، وربما يكون في الإبقاء على الصلة بين المدان و أسرته مصلحة عامة تتمثل في الحفاظ على الأسرة التي هي نواة المجتمع وكينونته .ومع أني لم أجد من خلال التطبيقات القضائية قرارات قضت بالغرامة فقط في جناية مرورية ، حيث تلجأ المحاكم-في الغالب- إلى الحكم بالحبس مع وقف التنفيذ أو بدونه كلما رأت ضرورة للرأفة بالمدان. لكني أرى إن من المصلحة الحكم بالغرامة سواءٌ وحدها أو مع الحبس –مع وقف التنفيذ أو بدونه – كلما ظهر للمحكمة وجود ظروف تستدعي الرأفة بالمتهم وأن المدان ميسور الحال مادياً ، وإن هذه المـُكنة المادية كانت سبباً في تهوره بقيادة المركبة .ثم أن الحكم بالغرامة أفضل من الحكم بعقوبة حبس قصيرة المدة ،ذلك أن مثل هذه العقوبة لا يمكن من خلالها أن يخضع المدان لبرامج إعادة التأهيل و إلى برامج إصلاحية( )،بل هي في الغالب فترة حجز لا أكثر ،لذلك يكون التوجه إلى فرض عقوبة الغرامة بحدودها المنصوص عليها في قانون المرور الجديد أمر لا يخلو من فائدة .مع التأكيد على أن الغرامة بحدودها الجديدة لا يحتملها فقراء الحال بل وحتى متوسطي الدخل ، مما يتعين الأخذ بها بالنسبة إلى الميسورين منهم فقط ، وإلا فإن الأخذ بالنظام الخاص بوقف التنفيذ هو السبيل الأسلم لمراعاة ظروف المتهم الداعية للرأفة .

والجدير بالذكر أن القانون قد عالج بنصٍ مستقل ظروفاً مشددة و أعذاراً مخففة في القسم (25) ، فجعل من وقوع الحادث في المناطق المخصصة لعبور المشاة في الطرق المثبتة فيها إشارات تنظيم العبور وعلاماته ، أو عدم مبادرة السائق إلى مساعدة المصاب بنقله فوراً إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي أو تقديم العون له ، أو تركه لمحل الحادث دون إذن من سلطة التحقيق ظروفاً مشددةً .كما جعل من وقوع الحادثة خارج منطقة العبور ، أو مبادرة السائق بنقل المصاب فوراً إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي أو إخبار الشرطة بالحادث إذا تعذر نقله لأي سبب كان عذراً مخففاً للجرائم المرتكبة في القسمين(23) و (24) من القانون .والملاحظ على الأعذار المخففة أن النص عليها له ما يسوغه ، فهي حالات من شأنها إذا ما حصلت أن تقلل من وقع الجريمة على المصاب بنقله الفوري إلى المستشفى أو المركز الصحي،وكذلك على ذوي المجنى عليه عند معرفتهم بأن المتهم قد سَلَّم نفسه إلى الشرطة في الحال .كما إنها تدلل على تعاون المتهم مع السلطة المختصة في كشف وقائع الحادث .

وهذه الحالات إذا ما توافرت أو توافر أحدها ، يتوجب على المحكمة أخذها بنظر الاعتبار والاستدلال بأحكام المادة (130) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل( ).

أما الظروف المشددة التي تناولها القسم (25) من قانون المرور الجديد ، فالعبرة من إدراجها تحقيق اعتبارات الردع العام ، وذلك بتذكير قائدي المركبات بخطورة العقوبة التي من الممكن إيقاعها في حالة توافر أحد تلك الظروف ، وتحقيق اعتبارات الردع الخاص بتشديد العقوبة على المدان حتى لا يعود إلى ارتكاب الجريمة من جديد .ومع ذلك فأن الظروف المشددة –و عملاً بنص المادة (136) من قانون العقوبات –ليست وجوبية ، فمن الممكن الأخذ بها من عدمه،و المسألة متروكٌ تقديرها لمحكمة الموضوع ،مراعيةً في ذلك ظروف الحادث وظروف المتهم في آن واحد( ).

غير أن ما يؤخذ على النص الخاص بالظروف المشددة، إن هناك ازدواجية في معالجة تلك الظروف.فقد تناولت الفقرة (2) من القسم (23) حالة ما إذا ارتكبت الجريمة أثناء قيادة المركبة برعونة واستهتار ، أو حالة كون السائق تحت تأثير مسكر أو مخدر ولم يقم بمساعدة من وقعت عليه الجريمة أو لم يطلب المساعدة مع تمكنه من ذلك ، وجعل عقوبة مرتكبها الحبس مدة لاتقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة لاتقل عن خمسمائة ألف دينار ولا تزيد على مليون دينار أو بكلتا العقوبتين، وكذلك لاحظنا آنفاً كيف جعل نص الفقرة (3) من القسم (24) ظرفاً مشدداً إذا ارتكبت الجريمة نتيجة قيادة المركبة بإهمال أو رعونة أو كان تحت تأثير مسكر أو مخدر أو هرب دون إخبار السلطات المختصة بالحادث .

ومثل هذه الازدواجية في الإشارة إلى الظرف المشدد بين النص الأصلي للعقاب على الفعل وبين النص الوارد في القسم (25) يعني أن بامكان المحكمة أن تشدد العقوبة ثانية بمقتضى القسم (25) من القانون.فلو ارتكب المتهم جريمة وفق القسم (23) من قانون المرور وكان واقعاً أثناء ارتكابها تحت تأثير مسكر فإن الفقرة (2) من هذا القسم هي الواجبة التطبيق ، لكن المحكمة واستناداً لنص القسم (25) بامكانها الاستدلال بأحكام القسم المذكور والمادة 136 عقوبات وتشديد العقوبة بمقتضاها ، وهو أمرٌ مجافٍ للعدل ، فالنص على هذه الظروف ضمن الفقرة (2) من القسم (23) والفقرة (3) من القسم (24) يُغني عن النص على الظرف ذاته في القسم (25).وهو ما ينبغي ملاحظته والمطالبة بتعديل النص ورفع الازدواجية في التعامل التشريعي مع الظروف المشددة.

ومن التشريعات الحديثة التي تأخذ بهذا الاتجاه قانون السير الأردني رقم 47 لسنة 2001 ، غير أن هذا القانون ينحى في سياسته العقابية منحى مغاير لما سارت عليه غالبية التشريعات، فهو يساوي في العقاب بين جريمتي القتل والإيذاء الخطأ ، حيث تنص المادة (42) منه على ما يأتي : ((أ-إذا تسبب سائق المركبة أثناء قيادتها بوفاة إنسان أو تسبب بإحداث عاهة دائمة تضبط رخصة السوق العائدة له ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات مع سحب رخصة السوق أو وقف العمل بها لمدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على سنة.

ب-يوقف العمل بالرخصة مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين إذا ارتكب السائق أياً من الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة وكان عند وقوع الحادث تحت تأثير المشروبات الروحية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية أو لاذ بالفرار ولم يبلغ أي مركز أمني أو دورية شرطة بعد ارتكاب الجرم)).

ويلاحظ على النص المتقدم –إضافة إلى ما قلناه عن مساواته بين الوفاة والعاهة الدائمة في العقاب- إنه يعد جريمتي القتل الخطأ والإيذاء الخطأ المتسبب بعاهة دائمة من الجنح ،إذ لا تزيد العقوبة فيها على الحبس ثلاث سنوات كحد أقصى،مع جعله لسحب رخصة القيادة وجوبياً مدة لا تزيد على سنة .غير أن ما يؤخذ على النص هو جعله من توافر الظروف المشددة المتمثلة بارتكاب الجريمة تحت تأثير المشروبات الروحية أو المخدرات أو فراره من مكان الحادث بعد ارتكاب الجريمة سبباً موجباً لزيادة عقوبة وقف العمل بالرخصة إلى مدة لا تزيد على سنتين ، لكنه لم يجعل من توافر هذه الظروف أو أحدهما سبباً لتشديد العقوبة الأصلية أو جواز تشديدها.

غير أن تسامح المشرع الأردني في العقاب بمقتضى المادة (42) يقابله تشدد في مجال آخر ، فالمادة (57) منه تنص على ما يأتي : ((و لا يجوز للمحكمة استعمال الأسباب المخففة التقديرية لتنزيل العقوبة عن الحد الأدنى المقرر لأي مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون ، كما لا يجوز دمج العقوبات إذا تعددت المخالفات التي أُدين بها أي شخص بمقتضاه)).وهو اتجاه لا مسوغ له ، فالمنطق القانوني يتطلب عدم المساواة مثلاً بين من يدعس شخصاً ويسارع لإنقاذه مع آخر يترك ضحيته ويترك محل الحادث ، فالتفريد التشريعي وكذلك القضائي للعقاب أمرٌ تقتضيه متطلبات العدالة الجزائية.

ومن التشريعات المرورية في هذا الاتجاه نظام المرور السعودي( )، حيث يعاقب بالحبس من (6) أشهر إلى سنتين ، بمقتضى المادة (199) من يتسبب في حادث مروري وينتج عن الحادث موت إنسان .كما أنه قد يرفع الحد الأدنى من هذه العقوبة إلى سنة فتصبح من سنة إلى سنتين في حالة تكرار الحادث من المتسبب نفسه ، و خلال خمس سنوات من تأريخ وقوع الحادث الأول، أما إذا كان تكرار الحادث بعد انتهاء خمس سنوات من تأريخ وقوع الحادث الأول فيكون الحد الأدنى للعقوبة (6) أشهر وحدها الأعلى (سنتين) .وبما أن للملكة العربية السعودية نظامها القضائي الخاص ، فإن هذه العقوبة من اختصاص وزارة الداخلية،بعد نظر القضية شرعاً،وما يتلازم معها من مخالفات طبقاً للنظام ، ويجوز لوزير الداخلية وقف نفاذها بقرار منه لأسباب موجبة.

ووفقاً للمادة (200) من نظام المرور السعودي ، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة كل من تسبب في حادث مروري وينتج عنه أحد النتائج الآتية:

1- قطع أو استئصال عضو من أعضاء الجسم

2- بتر الأطراف أو أحدها

3- تعطيل الأطراف أو أحدها

4- تعطيل الحواس أو أحدها عن العمل

5- إحداث عاهة مستديمة

6- تشويه جسيم له مظهر العاهة المستديمة

وهذه العقوبة –كذلك- من اختصاص وزير الداخلية ، بعد نظر القضية شرعاً ، وما يتلازم معها من مخالفات طبقاً للنظام ، ويجوز بقرار منه وقف نفاذها لأسباب موجبة .

ثم يتدرج هذا النظام في تبسيط العقاب وفقاً لتدرج النتائج المرضية، فيقرر بمقتضى المادة (202) منه عقوبة الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر ، بعد نظر القضية شرعاً ، وما يتلازم معها من مخالفات، كل متسبب في حادث مروري موجب للمسؤولية ينتج عنه مرض أو تعطيل شخص عن العمل لمدة تزيد عن الشهر، مع جواز وقف نفاذها بقرار من وزير الداخلية ولأسباب موجبة لذلك.

ووفقاً للمادة (204) من هذا النظام يعاقب بالحبس من (10) أيام إلى شهر كل سائق مركبة يتسبب في الحادث ولم يقف على الفور،أو يتسبب في الحادث ولم يعتني بالمجني عليه،أو يتسبب في الحادث ويحاول التخلص من التبعة بالهرب . وهذه العقوبة من اختصاص الحاكم الإداري (أمير المنطقة)، ويجوز إيقاف نفاذها بقرار من وزير الداخلية ولأساب موجبة لذلك.

أما الدرجة الأخيرة من درجات الإيذاء ، فيعاقب عليها بمقتضى المادة (202) من النظام وهي من اختصاص (أمير المنطقة) ، وذلك بالحبس من أسبوع إلى شهر كل من تسبب في حادث مروري يوجب المسؤولية وينتج عنه زيادة مرض أو تعطيل للمصاب عن عمله مدة تزيد عن عشرة أيام ، ويجوز وقف نفاذ العقوبة بقرار من وزير الداخلية ولأسباب موجبة لذلك.وأما إذا وقع حادث السير ونتج عنه مرض أو تعطيل لا يتجاوز عشرة أيام ، فإنه وبمقتضى المادة(203) يعاقب بالحبس من يوم إلى أسبوعين.وهذه العقوبة من اختصاص (أمير المنطقة) ويجوز وقف نفاذها بقرار من وزير الداخلية ولأسباب موجبة لذلك( ).

وجدير بالذكر أن المادة (199) من نظام المرور السعودي قد نصت على أن : ((كل حادث سير موجب للمسؤولية ينتج عنه موت إنسان يعاقب المتسبب فيه...)).ولقد عَرَّفَ النظام الفعل الموجب للمسؤولية في المادة (195) من النظام بقوله : (( يعتبر الفعل موجباً للمسؤولية إذا نجم عن الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة الأنظمة)).وتعد العقوبة المقررة في هذا النظام من التعازير، حيث أخذت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بما ذكره المالكية في المسألة قولهم : (( ومنه –أي مما يجب على ولي الأمر-تنظيم خط السير في الطرق براً وبحراً وجواً أو إلزام قادة السيارات والبواخر والطائرات ونحوها خطوطاً محدودة وسرعةً مقدرة ومواعيد مؤقتة، وإن حملوا بطاقات تثبت الأذن لهم في القيادة وتدل على صلاحيتهم لها .فيجب على قادة وسائل النقل والمواصلات أن يلتزموا بما وضع لهم محافظةً على الأمن والدماء وسائر المصالح ودفعاً للفوضى والاضطراب وما ينجم عنها من الحوادث والأخطار وفوات الكثير من المصالح ، ومن خالف في ذلك كان من المعتدين، وحق لولي الأمر أو نائبه أن يعزره بما يردعه ويحفظ الأمن والمصلحة والاطمئنان من حبس وسحب بطاقة القيادة وغرامة مالية في قول بعض العلماء وحرمانه من القيادة ونحو ذلك .ومن جنى على غيره وهو مخالف للنظام ضمن ما أصاب من نفسٍ ومال)) ( ). ويلاحظ على أن النظام السعودي لم ينص على عقوبات مالية عن جرائم القتل والإصابة الخطأ ، وإنما اكتفى بالنص على عقوبة الحبس فقط، لكنه لا يمنع من جواز فرض الغرامة كعقوبة تعزيرية يقدرها من بيده أمر فرضها إن كان في فرضها مصلحة ( ).

أما العقوبات التكميلية عن جرائم القتل والإيذاء الخطأ الناجمة عن حوادث المرور في المملكة العربية السعودية فيمكن حصرها بما يأتي :

1- سحب الترخيص الخاص بالقيادة عند قيادة المركبة في حالة سكر.

2- حجز المركبة في حالة قيادة المركبة بدون(مكابح) أو كون المكابح غير صالحة.

ويلاحظ على النظام السعودي إنه جعل للعود (المروري) نصاً خاصاً ، لذلك يمكن تسميته بالعود (الخاص)،إذ نصت المادة (187) منه على أنه : (( تضاعف الجزاءات المنصوص عليها في هذا النظام إذا تكررت نفس المخالفة خلال سنة واحدة)). وبالتالي فإن ارتكاب أي جريمة -جناية أو جنحة- لم ينص عليها هذا النظام لايكفي لتحقيق متطلبات العود وتطبيق نص المادة المشار إليها آنفاً ، بل لابد من المماثلة ، أي ارتكاب جريمة مماثلة للأولى وخلال سنة واحدة.

من جانب آخر لم ينص النظام السعودي على أسباب مخففة،لكنه جعل حدين للعقاب لجميع الجرائم المرورية وأطلق صلاحية العقاب بين الحدين ولم يقيدها بظرف معين( ).

ومن التشريعات الأجنبية التي تأخذ بهذا الإتجاه قانون المرور والطرق السريعة البريطاني رقم (26) لسنة 2002( ).ومن حيث المبدأ فالقانون يضع جدولاً للعقوبات التي يمكن فرضها بحق من يتسبب بموت أو إيذاء إنسان بحادث مروري.والعقوبة هي السجن أربعة عشر عاماً كحد أقصى لمن يتسبب بوفاة شخص نتيجة قيادة المركبة برعونة (القيادة الخطرة)، وذلك مع الغرامة بمبلغ غير محدد يترك تقديره للمحكمة ، ويكون سحب رخصة القيادة في هذه الحالة إلزامياً ولمدة ثلاث سنوات كحد أدنى.أما جريمة قيادة المركبة برعونة (القيادة الخطرة)والتي تتسبب بإحداث إصابات للغير فعقوبتها الحبس لمدة سنتين كحد أقصى،وذلك مع الغرامة بمبلغ غير محدد يترك تقديره للمحكمة، ويكون سحب رخصة القيادة في هذه الحالة الزامياً ولمدة تحددها المحكمة .وقد انتقد البعض هذا الفرق الشاسع في العقوبة بين الجريمتين ، جريمة القتل الخطـأ برعونة وجريمة الإيذاء الخطأ برعونة ، إذ أن من يتسبب بإحداث عاهة قد تكون مستديمة وتظل مرافقة للمصاب طوال حياته لايعاقب إلا بالحبس لمدة سنتين كحد أقصى ، في حين من يتسبب بوفاته حيث تنتهي حياة المصاب وينتهي عذابه بسبب الحادث فإنه يعاقب بالسجن لمدة أربع عشرة سنة( ).

من جانب آخر فإن القانون البريطاني يعاقب من يتسبب بوفاة شخص نتيجة قيادة مركبة بإهمال إذا كان المتهم تحت تأثير مسكر أو مخدر بالسجن لمدة عشر سنوات مع غرامة غير محددة يترك تقديرها للمحكمة ، ويكون الحكم بعقوبة سحب الرخصة إلزامياً أيضاً ولمدة سنتين كحد أدنى.

واتجاه القانون البريطاني لايخلو بتقديرنا من النقد ، فقيادة المركبة والسائق تحت تأثير مسكر أو مخدر –لا تقل في خطورتها إن لم تفوق –حالة قيادة المركبة برعونة ، غير أن ما يحمد عليه المشرع البريطاني أمران :

الأول-جعله لعقوبة الغرامة إلزامياً مع عقوبة السجن وبمبلغ غير محدد ، حيث أن محكمة الموضوع هي الأدرى بحالة المدان المادية ، وهي الأقدر على تحديد مبلغ الغرامة بما يتناسب ودرجة إهمال المدان وحالته المادية.

الثاني-جعله لعقوبة سحب رخصة القيادة إلزامياً أيضاً ، وندرج في أدناه النموذج لجدول العقوبات التي تضمنها القانون البريطاني..

الحدود القصوى لعقوبات المخالفاتِ الأكثر جديّة هي كالآتي:

الجريمة العقوبة الغرامة سحب الرخصة نقاط الجزاء

التسبب بالموت نتيجة القيادة الخطرة 14سنة غير محدودة إلزامياً ثلاث سنوات كحد أدنى 3-11 نقطة إذا كان غير مؤهل بشكل استثنائي

القيادة الخطرة (التي تؤدي إلى إصابات) سنتين غير محدودة الزامياً 3-11 نقطة إذا كان غير مؤهل بشكل استثنائي

التسبب بالموت نتيجة القيادة بإهمال عندما يكون السائق تحت تأثير المخدر أو المسكر 10 سنوات غير محدودة إلزامياً سنتين كحد أدنى 3-11 نقطة إذا كان غير مؤهل بشكل استثنائي

قيادة السيارة بإهمال وتهور _______ 2500 جنيه استرليني اختياري 3-9 نقاط

مع ملاحظة إنه إذا أدانت المحكمة المتهم بأحد هذه الجرائم فإنه سيتوجب عليه طلب إعادة الاختبار للحصول على رخصة قيادة إذا كان السحب إلزامياً ، وللمحكمة تقدير الزام الشخص بإعادة الاختبار إذا كان سحب الرخصة جوازياً.







رأينا في الموضوع

باستثناء القانونين العراقي والبريطاني التي جعلت من عقوبة القتل الخطأ الناتجة عن حادث مروري جناية ، فإن بقية التشريعات لا تخرج عن سابقتها من التشريعات التقليدية في عَدِّ هذه الجرائم من الجنح. غير أننا نحبذ الاتجاه الذي أخذ به المشرع العراقي والبريطاني لسببين:

الأول-إن عَدَّها جناية أكثر استجابةً لتحقيق متطلبات الردع.

الثاني-ومع كونها من الجنايات فذلك لا يمنع من العقاب بعقوبة الجنحة بعد الاستدلال بالمادة (132) والقسم(25) من قانون المرور إذا ما توافرت شروطه ، ومن ثم يمكن النزول بالعقوبة ضمن السقف المسموح به قانوناً .وعملياً وبعد الإطلاع على الكثير من قرارات القضاء العراقي نجد أن المحاكم لا تحكم بأكثر من سنة إلى سنتين في جرائم الأشخاص المرورية ، ونادراً ما تحكم بعقوبة الجناية . لذلك لا خوف من شدة العقوبة المقررة بالنص.

غير أن ما نأخذه على المشرع العراقي في قانون المرور جعله لعقوبة ( سحب رخصة القيادة) جوازياً بمقتضى المادة (27) منه ، ونرى ضرورة التفرقة بين حالتين:

الأولى-إن كانت الجريمة خالية من الظروف المشددة، نرى ضرورةجعل سحب رخصة القيادة جوازياً.

الثانية-في حالة اقتران الجريمة بظرف مشدد ، كالعود، أو بارتكاب الجريمة والسائق تحت تأثير المسكرات أو المخدرات ،أو نكوله عن تقديم المساعدة للمجنى عليه ، أو فراره وعدم تسليم نفسه للشرطة أو قيادة المركبة برعونة،في هذه الحالات نرى ضرورة جعل سحب رخصة القيادة وجوبياً.

ولضمان فاعلية عقوبة سحب رخصة القيادة نرتأي النص على ما يأتي:

أ-وجوب ضبط رخصة القيادة كلما نتج عن الحادث المروري وفاة إنسان أو إصابته بأذى.

ب-وجوب احتساب مدة عقوبة سحب رخصة القيادة بعد انتهاء مدة الحبس في حالة حكم المدان بالحبس مع النفاذ.

ج-وفي حالة عدم حصول المدان على رخصة القيادة ينبغي النص على حرمان المدان من حق الحصول على الرخصة مدة مساوية لمدة سحب رخصة القيادة .

هذه الآراء بالتأكيد تتطلب تدخلاً تشريعياً بتعديل بعض النصوص القانونية وإضافة نصوص جديدة ضمن القانون النافذ.





الخـاتمة



تعدد الأخطاء في الترجمة لنص القانون الصادر باللغة الانكليزية –مع ترجمته-التي اقترحنا نشرها ببيان في الجريدة الرسمية(الوقائع العراقية)، وما اقترحناه من تعديلات متعددة أخرى، هي أسباب مسوغة للمطالبة بإلغاء قانون المرور النافذ وإصدار قانون جديد من السلطة التشريعية العراقية ووفق السياقات المنصوص عليها بالدستور.كما أن هذه المطالبة تأتي ضمن السياق السيادي للدولة ومن مقتضاه صدور التشريعات باللغات الرسمية للبلد ومن السلطة التشريعية المختصة.

غير أن ما تجدر الإشارة إليه –في ختام البحث-هو ضرورة التأكيد على أن سياسة العقاب أياً كانت في منهجها التقليدي أو الحديث ، لن تلبي الطموح في خلق نظام مروري آمن من شأنه التقليل من حوادث المرور مالم تكن هنالك سياسة مرورية قائمة على تنظيم جهاز المرور ، وخطة مرورية يقوم على تطبيقها ومراقبة تنفيذها كادر مروري كفوء يحسن التعامل مع الشارع بمن فيه من قائدي المركبات على تنوعها (داخل المدن وعلى الطرق الخارجية)، مع إمكانية إدارة الأزمات والاختناقات المرورية وذلك بإعداد خطة إدارة الأزمة وتنفيذها، وكذلك توعية المجتمع بأسباب حوادث المرور وأهمها حثهم على الالتزام بقواعد وتنظيمات المرور( )....هاتان السياستان العقابية والمرورية كفيلة برأينا أن تحد من حوادث المرور.



الهوامش
(1)د.جمال عبد المحسن عبدالعال -الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها –بحث مقدم إلى الندوة العلمية الأربعون تحت عنوان : ( أساليب ووسائل الحد من حوادث المرور )-أكاديمية نايف للعلوم الأمنية –الرياض –للفترة من 27-29 حزيران 1996 –ص23-24.


(2)كشفت الإحصاءات العالمية إن هناك ما يقدر بأكثر من (300000) شخص يموتون سنوياً نتيجة لحوادث مرورية ، وغالباً ما تترك هذه الحوادث نسبة من الإصابات الجسمية المؤدية إلى إعاقات مختلفة .كما تقدر خسائر الحوادث المرورية بأكثر من (100) بليون دولار سنوياً في العالم.

الندوة العلمية الأربعون لأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية –مجموعة أعمال الندوة-الرياض -1997-ص5.

(3)القانون منشور في الوقائع العراقية -العدد 3984-حزيران 2004-وتلاحظ ديباجة القانون.

(4)عبدالوهاب عبدالرزاق التحافي –الجرائم المرورية-بغداد-مطبعة أسعد -1982-ص3-4. و د.جمال عبد المحسن عبدالعال-المرجع السابق-ص24.

(5)د.محمود محمود مصطفى-شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)-القاهرة-دار النهضة العربية-ط8-1984-ص267.

وتجدر الإشارة إلى أن المادة (18) من قانون عقوبات مصر تنص على أنه : ((عقوبة الحبس هى وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولايجوز أن تنقص هذة المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانوناً)).مع ملاحظة أن عقوبة الحبس هي النوع الأول من العقوبات الخاصة بالجنح وفق المادة (11/1) من ذات القانون.

(6)د.أكرم نشأت إبراهيم–القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن-بغداد-مطبعة الفتيان-1998-ص290.

(7) أشار إلى هذا التشريع : د.محمود محمود مصطفى –المرجع السابق-ص283.

(8) Japanese Road Signs, Lines and Traffic Law.



(9)تلاحظ النصوص الخاصة بالعقوبات الفرعية (التبعية والتكميلية) والتدابير الاحترازية في المواد : (24-31) عقوبات مصري، والمواد (6-26) عقوبات جزائري، والمواد (46-55) عقوبات عماني، والمواد (60-117) عقوبات لبناني.فجميع هذه المواد لم تنص على عقوبة سجب رخصة القيادة.

(10) عدلت المادة(556) بالشكل أعلاه بموجب المرسوم الاشتراعي المرقم 112 في 16/9/1983.

(11)وجديرٌ بالذكر أن المادة (554) تنص على أن تنازل الشاكي يسقط الحق العام ويكون له على العقوبة ما لصفح المدعي الشخصي من المفعول.كما تنص المادة (555)على أن تنازل الشاكي عن حقه من شأنه خفض العقوبة إلى النصف.

(12) كان قانون المرور الملغي قد نص على وجوب الحكم بالسجن مع الغرامة في جنايات المرور ، لذلك وفي قرار لمحكمة التمييز جاء فيه : (( أما العقوبة المفروضة عليه ، فقد وجد أن مادة الإدانة تقضي بالسجن و الغرامة ، وحيث أن المحكمة حكمت بالحبس دون الغرامة ، فكان قرارها غير صحيح ومخالف للقانون )).

القرار رقم 106 / موسعة ثانية / 1996 في 18/12/1996 (غير منشور ) .

(13) النص الح1رر باللغة الانكليزية منشور في الوقائع العراقية العدد 3984 –ص 16-40.

(14) القرار التمييزي المرقم 3118/الهيئة الجزائية/2004 في 16/12/2004 (غير منشور).

(15) يلاحظ النص المحرر باللغة الإنكليزية –الوقائع العراقية –العدد 3984 -ص29.

(16) قرار محكمة التمييز رقم 285/هيئة الأحداث/2005 في 9/5/2005(غير منشور).

(17) كلمة (نشيء) الواردة في النص المحرر باللغة العربية خطأ لغوي ، والصحيح (نشأ) ، وربما يكون الخطأ مطبعي وغير مقصود .

(18) قرار محكمة التمييز رقم 2162 /جنايات /1984 -1985 في 28/9/1985 .

إبراهيم المشاهدي-المباديء القانونية في قضاء محكمة التمييز (القسم الجنائي)-مطبعة الجاحظ –بغداد -1990-ص224 .

(19) قرار محكمة التمييز رقم 1215 /جنايات أولى /1985 -1986 في 26/7/1986 .

إبراهيم المشاهدي-المرجع السابق-ص224 .

(20) قرار محكمة التمييز رقم 309 /جزاء ثالثة - أحداث /1982 في 19/10/1982 .

مجموعة الأحكام العدلية-ع4-س13-1985-ص85.

(21) قرار محكمة التمييز رقم 2804 /الهيئة الجزائية /2004 في 21/11/2004 (غير منشور).

(22) قرار محكمة التمييز رقم 114 /تمييزية ثانية /1977 في 8/3/1977 .

مجموعة الأحكام العدلية-ع1-س2-1977-ص256.

(23)د.محمود نجيب حسني-شرح قانون العقوبات-القسم الخاص(جرائم الاعتداء على الأشخاص)-دار النهضة العربية-القاهرة -1978-ص176-177 .

(24) د.محمد شلال حبيب –الخطورة الإجرامية (دراسة مقارنة)-دار الرسالة للطباعة –بغداد -1980-ص145 وما بعدها .

(25) د.مصطفى العوجي –دروس في العلم الجنائي (الجريمة والمجرم )-ج1-مؤسسة نوفل للطباعة -بيروت -1980 –ص 159 وما بعدها .

(26)د.فاضل زيدان محمد –العقوبات السالبة للحرية (دراسة مقارنة) –مطبعة الشرطة –بغداد -1982-ص103.

(27) تنص المادة ( 130 من قانون العقوبات على أنه : (( إذا توافر عذر مخفف في جناية عقوبتها الإعدام نزلت العقوبة إلى السجن المؤبد أو المؤقت أو إلى الحبس الذي لا تقل مدته عن السنة .فإن كانت عقوبتها السجن المؤبد أو المؤقت نزلت إلى عقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر .كل ذلك ما لم ينص القانون على خلافه )).

مع ملاحظة أن القرار 846 لسنة 1983 الصادر عن مجلس قيادة الثورة (المنحل)،كان قد اعتبر مبادرة سائق المركبة الذي يرتكب جريمة دهس يعاقب عليها القانون ، بنقل المصاب فوراً إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي أو إخبار الشرطة فوراً بالحادث إذا تعذر نقله لأي سبب كان عذراً قانونياً مخففاً .

(28) تنص المادة ( 136) من قانون العقوبات على أنه : (( إذا توافر في جريمة ظرف من الظروف المشددة يجوز للمحكمة أن تحكم على الوجه الآتي :

1-إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد جاز الحكم بالإعدام .

2- إذا كانت العقوبة السجن المؤقت أو الحبس ، جاز الحكم بأكثر من الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة ، بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد ،على أن لا تزيد مدة السجن المؤقت في أي حال عن خمس وعشرين سنة ، ومدة الحبس على عشر سنوات .

3- إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الغرامة ، جاز الحكم بالحبس مدة يجوز أن تبلغ ضعف المدة التي يمكن أن يحكم بها طبقاً للمقياس المقرر في الفقرة (2) من المادة (93) على أن لا تزيد مدة الحبس في جميع الأحوال على أربع سنوات )).

(29)صدر نظام المرور السعودي بالمرسوم الملكي رقم م/49 في 6/11/1391 هـ. .

(30)عبدالرحمن بن عبدالله الربيعه-الأحكام الموضوعية والإجرائية في نظام المرور السعودي (دراسة تحليلية تطبيقية)-رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في 8/4/1426 هـ، الموافق 16/5/2005 هـ -ص127-130.

(31) عبدالرحمن بن عبدالله الربيعه-المرجع السابق-ص131-132.

(32)المرجع نفسه-ص138.

(33)المرجع نفسه-ص158-164.

(34) House of Commons Transport Committee- Traffic Law and its Enforcement- Sixteenth Report of Session 2003–04 -Volume I-London- 31 October 2004-p23.

(35) Highway Code, Dangerous Driving and the Law, Road Safety, No. 26, January 2002.

(36)د.سعد الدين محمد عشماوي-إدارة المرور-منشورات جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية-الرياض –ط1-2006-ص124-125.













مراجع البحث

أولاً-الكتب

1 ـ إبراهيم المشاهدي - المـبادئ القانونـية في قضاء محكـمة التميـيز (القسم الجنائي)-مطبعة الجاحظ- بغـداد ، 1990 .

2 ـ د.أكرم نشأت إبراهيم–القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن-بغداد-مطبعة الفتيان-1998.

3- د.جمال عبد المحسن عبدالعال -الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها –بحث مقدم إلى الندوة العلمية الأربعون تحت عنوان : ( أساليب ووسائل الحد من حوادث المرور )-أكاديمية نايف للعلوم الأمنية –الرياض –للفترة من 27-29 حزيران 1996 .

4- د.سعد الدين محمد عشماوي-إدارة المرور-منشورات جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية-الرياض –ط1-2006.

5- عبدالرحمن بن عبدالله الربيعه-الأحكام الموضوعية والإجرائية في نظام المرور السعودي (دراسة تحليلية تطبيقية)-رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في 8/4/1426 هـ، الموافق 16/5/2005 هـ

6- عبدالوهاب عبدالرزاق التحافي –الجرائم المرورية-بغداد-مطبعة أسعد -1982.

7- فاضل زيدان محمد –العقوبات السالبة للحرية (دراسة مقارنة) –مطبعة الشرطة –بغداد -1982.

8- محمد شلال حبيب –الخطورة الاجرامية (دراسة مقارنة)-دار الرسالة للطباعة –بغداد -1980.

9- د.محمود محمود مصطفى-شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)-القاهرة-دار النهضة العربية-ط8-1984.

10- محمود نجيب حسني _ شرح قانون العقوبات (جرائم الاعتداء على الاشخاص )-دار النهضة العربية –القاهرة -1978.

11- مصطفى العوجي –دروس في العلم الجنائي (الجريمة والمجرم )-ج1-مؤسسة نوفل للطباعة -بيروت -1980.



ثانياً-التشريعات العراقية

1ـ قانـون العقوبات العراقي رقم 111 لســنة 1969 المعــدل .

2 ـ قانون المرور العراقي رقم 48 لسنة 1971 المعدل (الملغي ).

3- قانون المرور العراقي رقم 86 لسنة 2004 .



ثالثاً-التشريعات العربية

1-قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937

2-قانون العقوبات اللبناني الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 340 لسنة 1943 المعدل.

3-قانون العقوبات الجزائري الصادر بالأمر رقم 66-156 لسنة 1966.



رابعاً-القرارات القضائية

1-مجموعة الأحكام العدلية-ع4-س13-1985.

2- مجموعة الأحكام العدلية-ع1-س2-1977.

3 ـ مجموعة من القرارات تمييزية (غير منشورة) .



خامساً-المصادر باللغة الإنكليزية

1- Highway Code, Dangerous Driving and the Law, Road Safety, No. 26, January 2002.

2- House of Commons Transport Committee- Traffic Law and its Enforcement- Sixteenth Report of Session 2003–04 -Volume I-London- 31 October 2004.

3- Japanes penal Code –No45 of 1907.

4- Japanese Road Signs, Lines and Traffic Law.




ابحث عن موضوع