المحكمة الجنائية الدولية

نقابة المحامين في بيروت


قضايا

معهد حقوق الانسان

عدد 4 – نيسـان 2001



المحكمة الجنائية الدولية

وقعـت ولغايــة 31/12/2000 الموعــد النهائـي لقبـول التواقيـع، 139 دولــة علــى معاهــدة روما (1998)، بهدف انشاء محكمة جنائية دولية، صدقت عليها لتاريخ 12 شباط 2001،29دولة دون تصديق اية دولة عربية. وبعد مرور60 يوم على تصديق 60 دولة، ستصبح المعاهدة نافذة المفعول، وسيكون مقر المحكمة في لاهاي – هولندا.

ان "التوقيع على معاهدة روما المتعلقة بانشاء المحكمة الجنائية الدولية، كان مشجعاً جداً، وهذا يبين الدعم الواسع لهذه المؤسسة الدولية، التي ستساهم لوضع حد لثقافة اللاعقاب، والذي سيجعل من القرن الواحد والعشرين، قرناً مختلفاً في النوعية من القرون السابقة". هذا ما صرح به الامين العام للامم المتحدة السيد كوفي انان.

وتجدر الاشارة الى ان الولايات المتحدة الاميركية وبعد معارضة شديدة لفكرة انشاء محكمة جنائية دولية قد وقعت على المعاهدة وقد لحقت بها كل من اسرائيل وايران في التوقيع، في آخر لحظة قبيل منتصف ليل 31/12/2000، وسبب توقيع الولايات المتحدة الاميركية قد يستشف مما صرح به الرئيس الاميركي بيل كلينتون، ومن ابرز ما ورد في خطابه ليلة التوقيع في 31/12/2000: "ان التوقيع الاميركي يسمح البقاء في "اللعبة" للتأثير على طريقة عمل المحكمة المقبلة، وان هذا لا يعني التخلي عن تحفظات واشنطن".

واضاف: "ان التزام الولايات المتحدة الاميركية لجهة مبدأ المسؤولية، هي قصة طويلة ونابعة من اشتراكنا في محاكم نورمبورغ التي قادت مجرمي الحرب النازية امام العدالة، الى دورنا القيادي في الجهود المبذولة لانشاء المحاكم الجنائية الدولية كيوغوسلافيا السابقة ورواندا. قرارنا اليوم يحافظ "على القيادة المعنوية".

وكانت الولايات المتحدة الاميركية قد عارضت بشدة تأسيس المحكمة الجنائية الدولية لاسباب قضائية، كالسلطة الواسعة التي تتمتع بها المحكمة لملاحقة الجنود الاميركيين المشاركين في الوحدات الخاصة للمحافظة على السلام.

ووقع عدد من الدول العربية على معاهدة روما وهي:

البحرين - مصر - الامارات العربية المتحدة - الاردن - الكويت - المغرب - عمان - سوريا السودان - اليمن.

أما لبنان فقد حضر اعمال مؤتمر روما (1998)، لكنه رفض التوقيع، دون ان يوضح الاهداف او الاسباب القضائية والسياسية التي آلت الى هذا التمنع.

اما بالنسبة لصلاحية المحكمة الجنائية الدولية فهي تبدأ بعد 7 سنوات من التصديق، وتكون المعاقبة مستقبلية بمعنى آخر ليس للمعاهدة اي مفعول رجعي، ينطبق على الافعال والجرائم المرتكبة قبل التصديق عليها مما يعني ان الجرائم المرتكبة قبل هذا التاريخ تبقى دون معاقبة.

ان لجنة تحضيرية بدأت عملها سنة 1999 بهدف التأسيس الفعلي للمحكمة الجنائية الدولية، ويمكنها ان تضم كافة البلدان، حتى التي لم توقع معاهدة روما كلبنان مثلاً.

معاهدة روما – 17 تموز 1998

طلبت الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 1989 الى لجنة القانون الدولي ان تتناول مسألة انشاء محكمة جنائية دولية، بعدها طلبت الى اللجنة المذكورة وضع مشروع النظام الاساسي للمحكمة، وقد انجزته وقدمته سنة 1994الى الجمعية العامة للامم المتحدة.

قررت هذه الجمعية سنة 1996، ان يعقد مؤتمر دبلوماسي للمفوضين عام 1998، بهدف انجاز واعتماد اتفاقية بشأن انشاء محكمة جنائية دولية.

وفي القرار 52/160 المؤرخ في 15 كانون الاول 1997 قررت عقد مؤتمر الامم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بانشاء محكمة جنائية دولية في روما في الفترة الممتدة من 15 حزيران 1998 الى 17 تموز 1998.

وفي 17 تموز 1998، حررت في روما الوثيقة الختامية لانشاء محكمة جنائية دولية.

شارك في المؤتمر دول من مختلف القارات، بالاضافة الى منظمات دولية ومنظمات غير حكومية.

الفرق بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية:

يجب التفريق بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية من حيث الماهية والسلطة. فالمحكمة الجنائية الدولية ليست جهازاً من اجهزة الامم المتحدة الا انها ستكون في المستقبل صلة الوصل الوثيقة بها، من خلال عدد من الاتفاقيات الرسمية المتعلقة بحقوق الانسان بوجه عام، على عكس محكمة العدل الدولية، التي هي احدى الاجهزة المهمة للامم المتحدة والتي تتميز بسلطة حل النزاعات بين الدول، بينما تقتصر سلطة المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم التي يرتكبها الافراد.

العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم القومية:

ان المحكمة الجنائية الدولية هي في الاساس مكملة للمحاكم القومية وعليها بالتالي احترام نظام العدل الجنائي القومي، باستثناء الحالات التي يكون فيها هذا النظام قادراً للتحقيق والفصل في الجرائم التي تقع تحت سلطة المحكمة الجنائية الدولية.

كما انه لا يشترط اطلاقاً استنفاذ كافة الوسائل القومية لكي تتمكن المحكمة الجنائية الدولية من النظر في القاضايا المطروحة عليها، اذ ان هذه المحكمة ليست محكمة استئناف.

والجدير بالذكر ان هذه المحكمة لا تعتد بالحصانة الناشئة عن المراكز الرسمية لرئيس دولة او رئيس حكومة او وزير او نائب، حيث لن يكون معفى عن المسؤولية الجنائية مما يعني انه لن يسمح بطلب تطبيق الحصانة القائمة على المركز الرسمي للشخص اثناء المحاكمات.

أما بالنسبة لاعضاء القوات المسلحة او اعضاء المجموعات المساعدة لها فانهم يساءلون ايضاً عن الاعمال التي يرتكبونها هم شخصياً او الاعمال التي يرتكبها مرؤوسهم.



المحكمة الجنائية الدولية واختصاصها

يقتصر اختصاص المحكمة على اشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي باسره كالجرائم التالية:

1. جريمة الابادة الجماعية:

تعني اي فعل يرتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية اهلاكاً كلياً او جزئياً (دون الاخذ بعين الاعتبار الجماعات الاجتماعية والسياسية)، اي قتل افراد الجماعة، الحاق ضرر جسدي او عقلي بهم، اخضاعهم عمداً لاحوال معيشية مزرية، فرض تدابير لمنع الانجاب، او نقل الاطفال لجماعات اخرى.

2. الجرائم ضد الانسانية:

تعني اي فعل ارتكب ضمن اطار هجوم واسع النطاق موجه ضد اية مجموعة من السكان المدنيين كالقتل عمداً، الابادة، الاسترقاق، الابعاد القسري للسكان، السجن والحرمان الشديد من الحرية البدنية، التعذيب، الاغتصاب او الاستعباد الجنسي، او الاكراه على البغاء، او الحمل القسري، او التعقيم القسري، او اي شكل من اشكال العنف الجنسي، اضطهاد اية جماعة لاسباب سياسية او عرقية او قومية او اثنية او ثقافية او دينية او متعلقة بنوع الجنس، الاختفاء القسري للاشخاص، جريمة الفصل العنصري...

3. جرائم الحرب:

تعني الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 آب 1949 اي: التعذيب او المعاملة اللانسانية بما في ذلك التجارب البيولوجية، القيام عمداً باحداث معاناة شديدة او اصابات خطيرة بالجسم او الصحة، تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها، ارغام اسير حرب للخدمة في صفوف معادية، حرمانه المحاكمة العادلة، الابعاد او النقل او الحبس غير المشروع، اخذ الرهائن، توجيه هجمات ضد السكان، او منشآت مدنية، تعمد شن هجمات ضد الموظفين او المنشآت الانسانية، قصف المدن والقرى المجردة من الاهداف العسكرية، قتل او جرح مقاتل القى سلاحه او استسلم مختاراً، تعمد توجيه الهجمات ضد المباني المختصة للاغراض الدينية او التعليمية او الخيرية او المستشفيات واماكن تجمع المرضى والجرحى... تجنيد الاطفال دون الخامسة عشرة من العمر الزامياً او طوعياً للمشاركة في الحروب...

4. جريمة العدوان:

لم ينجح المؤتمر في استخلاص تعريف لها. اما تعريف القانون الدولي وحسب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة في 14/12/1974 فهو التالي:

"العدوان هو استعمال دولة ما، القوة المسلحة ضد دولة اخرى ضد السيادة وسلامة الارض والحرية السياسية او باية طريقة اخرى".

من الملفت الى ان بعضاً من مواد النظام الاساسي من معاهدة روما، قد نص على وجوب ادخال قضاة الى المحكمة ذات خبرة كافية في القانون الدولي كالقانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان بالاضافة الى خبرة قانونية في مجال العنف ضد النساء والاطفال واختصاصيين في جرائم العنف الجنسي، بالاضافة الى منع عقوبة الاعدام.

كما انها ودفاعاً عن المرأة، اعتبرت ان الاغتصاب، وكافة انواع العنف الجنسي تشكل جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب.

المحامية سيتا كريشيكيان


ابحث عن موضوع