بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
إذا كان الدور التقليدي للإدارة بالأمس يقتصر
داخليا على الحفاظ على النظام العام، فإن توسع اختصاصات الإدارة في جميع المجالات
الحيوية داخل المجتمع جعل من الجهاز الإداري جهازا ضخما يتدخل في جميع القطاعات اما
بواسطة الأعمال والتصرفات المادية وإما بواسطة القرارات الإدارية.
وتعتبر القرارات الإدارية من أهم الوسائل القانونية
التي تستعملها الإدارة لممارسة مهامها ولها أهمية قصوى في إدارة وتدبير الشأن
العام اذ تستخدمها الإدارة كأداة للحصول على العنصر البشري او الاستغناء عنه مثلا او
كأداة في مجال الضبط الإداري او كوسيلة للحصول على بعض الأموال كنزع ملكية عقارات
الغير للمنفعة العامة بالإضافة إلى القرارات الأخرى التي تستخدمها الإدارة بصفة
عامة للتعامل مع الأفراد في حياتهم اليومية.
والقرارات الإدارية النهائية بطبيعة الحال تصدر بالإرادة المنفردة للإدارة
وتحدث آثارا في المراكز القانونية للأطراف ولا تكون مشروعة في جميع الحالات لأنها
تتخذ من طرف أفراد معرضون للخطأ ومعرضون من تم للشطط في استعمال السلطة. ولا يمكن
بالتالي استثناء القرارات الإدارية من الرقابة القضائية لأن الاستثناء من
شأنه أن يؤدي إلى انهيار المشروعية.
فدولة القانون هي التي يتمسك أفرادها ومختلف مؤسساتها بمبدأ سيادة القانون
لبناء مجتمع ديموقراطي، مجتمع مستقر سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا. و إذا كان
الدستور المغربي قد نص في المادة الخامسة والسادسة منه على أن القانون هو أسمى تعبير عن
إرادة الأمة وعلى الجميع الامتثال له وان جميع المغاربة سواء أمام القانون فيستخلص
من ذلك أن الأفراد والمؤسسات على حد سواء أمام ضرورة الخضوع للقانون ولا مفر من إعطاء
الولاية الكاملة للقضاء لمراقبة امتثال الجميع للقانون. ولا يمكن استثناء الإدارة
من هذه الرقابة حينما تحيد عن جادة الطريق ولا تتمسك بالمفهوم الحرفي
لسيادة القانون في اتخاذها للقرارات الإدارية.
وباعتبار ان الرقابة القضائية لا يحركها القضاء من تلقاء نفسه وان على من تضرر من القرار الإداري أن يلجأ إلى القضاء فانه كان من الضروري ابتكار وسيلة لضمان حقوق الأفراد وحمايتهم من الشطط في استعمال السلطة حيث ثم خلق ما يعرف بدعوى الإلغاء التي توجه ضد القرارات الإدارية النهائية التي تتسم بتجاوز السلطة حتى يكون هناك نوع من التوازن بين الصلاحيات والامتيازات الكبرى الممنوحة للإدارة وبين حماية حقوق الأفراد ومصالحهم سواء كانوا أشخاصا عاديين أو اعتباريين(1).
و على الصفحات التالية دراسة لموضوع قضاء الإلغاء ، و أدعو الله العلي القدير السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على نحو طيب ...
و الله الموفق ...
ماهية قضاء الإلغاء :
قضاء الإلغاء احد أوجه الرقابة على أعمال الإدارة، وأهمها على الإطلاق، والأقدر على حماية مبدأ المشروعية والدفاع عن الحقوق والحريات الفردية، ودور قاضي الإلغاء ينحصر في التصرف الإداري محل المنازعة من حيث مطابقته أو عدم مطابقته لمبدأ المشروعية دون أن تمتد هذه الرقابة إلى حيث مدى ملائمة هذا التصرف بحيث يبقى تقدير هذه الملائمة من المسائل المتروكة للإدارة بما لها من سلطة تقديرية في هذا المجال (1).
وعليه، فان الرقابة القضائية هي رقابة قانونية بسطها القضاء للتعرف على مدى مشروعية العمل الإداري فيقف نشاطه في فحص الأعمال الإدارية عند حد المشروعية أو عدمها دون تجاوزها إلى وزن مناسبات القرار، وغير ذلك مما يدخل في نطاق الملائمة التقديرية التي تملكها الإدارة بغير معقب عليها .
إن قضاء الإلغاء يقتصر دوره ـ في مجال ممارسته للرقابة على أعمال الإدارة في الحكم بمشروعية أو عدم مشروعية التصرف الإداري حيث يلغي هذا الأخير ويبت في تعويض الأضرار الناتجة عنه إذا ما طلب منه ذلك الطرف الطاعن، فلا يجوز له إذن التدخل في عمل الإدارة كان يحل محلها في إصدار قرار، أو أن يأمرها بالقيام بعمل معين أو بالامتناع عن القيام به ولا أن يكرهها على ذلك عن طريق الحكم بالغرامات التهديدية، إذ تظل الإدارة حرة ـ في نطاق سلطتي الملائمة والتقدير ـ في اتخاذ ما تراه من القرارات بمقتضى وظيفتها الإدارية طالما أن هذه القرارات غير مخالفة للقانون ومستندة إلى الشرعية وإلا خضعت لمراقبة القضاء الإداري الذي وسع من مراقبته على سلطتي الملائمة والتقدير في العقود الأخيرة، وضيق من مجالهما لفائدة حريات وحقوق الأفراد والجماعات.
على أن هذه الرقابة القضائية تنصب فقط على القرارات الإدارية المحضة دون غيرها من الأعمال والقرارات التي لا تدخل في خانتها حسبما حددته التشريعات واقره الفقه والاجتهاد القضائي، واهم هذه الأعمال والقرارات التي لا تخضع لرقابة قضاء الإلغاء من منظور الاجتهاد القضائي السعودي :
1. القرارات الملكية في المجال الإداري.
2. أعمال مجلس الشورى .
3. الأعمال القضائية " الأحكام"
4. أعمال السيادة أو الحكومة،
5. مقررات الإدارة الخاصة،
6. الأعمال المادية للإدارة،
7. القرارات الإدارية التي لا تحمل طابعا تنفيذيا،
8. القرارات الصادرة عن الجمعيات والهيئات والأشخاص المعنوية الخاصة.
الأعمال المادية للإدارة.
يعرف الفقه والاجتهاد القضائي في كل من فرنسا، ومصر والسعودية الأعمال المادية للإدارة بأنها تلك الأعمال التي تقوم بها الإدارة دون قصد إحداث نتائج قانونية جديدة أو تعديل أوضاع قائمة وذلك تنفيذا للمقررات والأوامر الإدارية مثل إلقاء القبض على الأفراد، والاستيلاء على أملاكهم، وإقامة أعمدة كهربائية أو هاتفية في أراضيهم، والقيام بهدم منازل آيلة للسقوط، الخ. أو ارتكاب أعمال غير قانونية نتيجة خطا احد مستخدمي الإدارة كحوادث السيارات والقطارات التي هي في ملكية الإدارة حيث يصيب موظف الإدارة أو مستخدمها فردا أو عدة أفراد بأضرار مادية أو جسدية، أو إصدار منشورات أو تعليمات من جانب الإدارة تتعلق بتنظيم داخلي للمرفق العام، أو القيام بأعمال غير مشروعة تنطوي على خطا جسيم أثناء التنفيذ وتمس بملكية خاصة أو حرية شخصية وهو ما يطلق عليه اسم " الاعتداء المادي " .
تعريف دعوى الإلغاء:
دعوى الإلغاء هي دعوى قضائية ترفع إلى القضاء لإعدام قرار إداري صدر بخلاف ما يقضي به القانون وتسمى أيضاً دعوى تجاوز السلطة وتعد من أهم وسائل حماية المشروعية .
وقد كان للقضاء الفرنسي الريادة في إنشاء دعوى الإلغاء،(1) وكان مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر الدعاوى الإدارية منذ عام 1872 وبسبب تزايد الطعون المقدمة إلى المجلس أصدر الإصلاح التشريعي في 30 سبتمبر 1953 الذي جعل مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر الدعاوى الإدارية التي لم يمنح القانون اختصاص النظر فيها إلى محاكم إدارية أخرى ويمكن استئناف أحكام المحاكم الإدارية أمام مجلس الدولة الفرنسي إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك .
ومن ثم فإن دعوى الإلغاء في فرنسا تنظر على درجتين تعرض الأولى أمام المحاكم الإدارية والدرجة الثانية تعرض أمام مجلس الدولة أمام مجلس الدولة بوصفه محكمة الاستئناف .
أما في مصر فإن دعوى الإلغاء ظهرت بنشؤ مجلس الدولة بمقتضى القانون رقم 112 لسنة 1946 وكانت محكمة القضاء الإداري تختص دون غيرها في الفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية، ولما أنشأت المحاكم الإدارية والتأديبية أسهمت مع محكمة القضاء الإداري بنظر دعوى الإلغاء كلاً حسب اختصاصها وتنظر المحكمة الإدارية العليا في مصر دعوى الإلغاء عندما يقدم إليها الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بينما تنظر محكمة القضاء الإداري في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية .
وعلى ذلك فإن دعوى الإلغاء تنظر في مصر على درجتين أيضاً الدرجة الأولى أمام محاكم القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية كل حسب اختصاصها، والدرجة الثانية عندما تفصل المحكمة الإدارية العليا في الطعون المقدمة إليها من محاكم القضاء الإداري وعندما تفصل الأخيرة في الطعون المقدمة إليها من المحاكم الإدارية .
أما في العراق فقد نشأت دعوى الإلغاء بنشوء القضاء الإداري بصدور القانون رقم 106 لسنة 1989 (قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 ) لتختص بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والتعويض عنها. وكانت محكمة القضاء الإداري في مجلس شورى الدولة تختص بقضاء الإلغاء بصفتها قاضي أول درجه وقد اجاز القانون الطعن بقرار محكمة القضاء الإداري تمييزا لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة ( المادة 7 /ثانيا/ط) . الا انه واستنادا" للمادة 44 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والقسم الثاني من ملحقه وبناءا" على موافقة مجلس الرئاسة أصدر مجلس الوزراء قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 الذي منح المحكمة الاتحادية العليا في العراق اختصاص النظر في الطعون المقدمة على الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الإداري.
ويمكن اعتبار النظام الصادر عام 1402 هـ في المملكة العربية السعودية , بمثابة نشأة دعوى الإلغاء بصدور القانون الإداري السعودي .
طبيعة دعوى الإلغاء :
دعوى الإلغاء دعوى موضوعية أو عينية تقوم على مخاصمة القرار الإداري غير المشروع ، وهي موجهة ضد القرار الإداري ويتعين لقبول الدعوى أن يكون القرار قائماً ومنتجاً لآثاره عند إقامة الدعوى ([1]).
وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أن دعوى الإلغاء ليست دعوى بين أطراف ولكنها دعوى موجهة ضد قرار وأنه إذا كان هناك مدع في إجراءات دعوى الإلغاء فأنه لا يوجد بالمعنى الدقيق للكلمة مدعى عليه، وهو كما بينا مما يميز دعوى الإلغاء من دعوى القضاء الكامل التي تتعلق بتأثير القرار في مركز قانوني شخصي فتكون الدعوى شخصية في هذه الصورة .
كما تتميز دعوى الإلغاء في أن الحكم فيها يتمتع بحجية قبل الكافة فإذا تضمن الحكم إلغاء القرار الإداري موضوع الدعوى فتعتبر جميع الإجراءات والتصرفات القانونية والإدارية التي تمت بموجبه ملغاة من تاريخ صدور ذلك القرار .
ومن الجدير بالذكر ان سلطة القاضي في دعوى الإلغاء تنحصر في التحقق من صحة ومشروعية القرار الإداري ومدى موافقته للقانون فإذا رفع احد الأفراد الى القضاء الإداري بطلب إلغاء قرار إداري فأن هذه الدعوى تخول القاضي فحص مشروعية القرار الإداري فاذا تبين مخالفته للقانون حكم بإلغائه ولكن دون أن يمتد حكمه إلى أكثر من ذلك ، فليس له تعديل القرار المطعون فيه أو استبدال غيره به . وعلى هذا الأساس يكون قضاء الإلغاء على عكس القضاء الكامل الذي يخول للقاضي سلطات كاملة لحسم النزاع ، فالقاضي لا يقتصر على إلغاء قرار غير مشروع ، وإنما يرتب على الوضع غير المشروع جميع نتائجه القانونية لأنه يتعلق بالحقوق الشخصية لرافع الدعوى فله ان يحكم بإلغاء القرار و التعويض عن الأضرار التي ألحقها بالمدعي ومن ذلك المنازعات المتعلقة بقضاء التعويض عن أعمال الإدارة الضارة
كما يتمتع الحكم في دعوى الإلغاء بحجية مطلقة في مواجهة الكافة في الوقت الذي يكون فيه الحكم في دعوى القضاء الكامل ذو حجية نسبية تقتصر على أطراف النزاع .
وقد أجاز المشرع العراقي في المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة الجمع بين دعوى الإلغاء والقضاء الكامل في طلب واحد فيكون التعويض تابعاً للإلغاء إن كان له مقتضى, ومن ثم لا تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في طلبات التعويض إذا رفعت إليها بصفه أصلية وإنما يختص بها القضاء العادي.
وقد استقر العمل على أن يقدم المشرع على تحديد ميعاد يتوجب خلاله رفع دعوى الإلغاء لمسوغات عملية وقانونية يمتنع على الأفراد طلب الإلغاء بعد انقضائها وهي شهران في القانون الفرنسي وستون يوماً في القانون المصري وستين يوما من تاريخ البت في التظلم او من تاريخ انتهاء الثلاثين يوما الواجب على الإدارة البت فيه إذا امتنعت عن ذلك في العراق . في حين لا يتقيد الطاعن في دعوى القضاء الكامل بهذه المواعيد القصيرة وإنما يخضع لمدد التقادم العادية.
شروط قبول دعوى الإلغاء
يجب توفر بعض الشروط لقبول دعوى الإلغاء حتى يتمكن القضاء من نظر الدعوى ومخاصمة القرار الإداري، فإذا لم توفر هذه الشروط كلها أو بعضها حكم القاضي بعدم قبول الدعوى دون النظر في موضوعها.
الشروط المتعلقة بالعمل الإداري المطعون فيه .
الشروط المتعلقة برافع الدعوى .
الشرط الخاص بتظلم صاحب الشأن
الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى .
أوجه الطعن بالإلغاء
بعد أن يبحث القضاء الإداري في اختصاصه بنظر الدعوى وتوفر الشروط الشكلية لقبولها، ينتقل إلى فحص موضوع الدعوى والبحث في أوجه إلغاء القرار المطعون فيه وهل خالف القانون أو وافقه .
وقد ظهرت أوجه الإلغاء أو الأسباب التي يستند إليها الطاعن لإلغاء القرار الإداري بجهود مجلس الدولة الفرنسي خلال تطور تدريجي طويل . وأول ما ظهر فيها عيب عدم الاختصاص ثم ظهر عيب الشكل ثم عيب الغاية أو انحراف السلطة ثم عيب المحل أو مخالفة القانون بالمعنى الضيق، وأخيراً عيب السبب الذي ظهر متأخراً .
وإذا كان ظهور أوجه الإلغاء في فرنسا بفضل القضاء، فإن ظهورها في مصر (1) والعراق كان دفعة واحدة بنص المشرع .
فقد نص المشرع العراقي في المادة السابعة / ثانياً من القانون رقم 106 لسنة 1989 (قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 ) :
(( يعتبر من أسباب الطعن بوجه خاص ما يلي:
1- ان يتضمن الأمر او القرار خرقاً او مخالفة للقانون او الانظمة والتعليمات.
2- ان يكون الامر او القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص او معيباً في شكله.
3- ان يتضمن الامر او القرار خطأ في تطبيق القوانين او الانظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات او الاوامر التي يجوز الطعن فيها رفض او امتناع الموظف او الهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي عن اتخاذ قرار او امر كان من الواجب عليه اتخاذه قانوناً )).
إجراءات رفع دعوى الإلغاء
تتميز إجراءات رفع دعوى الإلغاء في العديد من الدول بأنها مستقلة عن إجراءات رفع الدعاوى الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات وهي بهذا لا تشكل استثناء عن هذه الإجراءات بقدر ما تمثل نظاما مستقلاً وأساسياً لا يعتد فيه القاضي الإداري بضرورة الرجوع إلي قانون المرافعات في حالة عدم وجود النص أو غموضه أنما يستمد قواعده من طبيعة المنازعات الإدارية وضرورات سير المرافق العامة
الآثار المترتبة على رفع دعوى الإلغاء
إذا وجد القاضي أن الشروط الشكلية متوافرة في رفع دعوى الإلغاء انتقل لفحص القرار الإداري المطعون فيه للحكم بإلغائه أو رفض ذلك .
وأن مجرد رفع الدعوى بطلب إلغاء قرار إداري لا يمكن أن ينال من نفاذ هذا القرار، فالقرار الإداري تصرف قانوني واجب النفاذ متى استكملت شرائط نفاذه من الناحية القانونية ما دام لم يسحب من الإدارة ولم يقضي بإلغائه، بحكم تمتعه بقرينة السلامة والشرعية حتى يثبت العكس بقرار قضائي، والقول بغير ذلك يؤدي إلى شل نشاط الإدارة تماماً لأن معظم نشاطها يصدر في صورة قرارات إدارية ولهذا تتمتع هذه القرارات بقرينة السلامة .
ومن ثم فإن الطعن الإداري بدعوى الإلغاء لا أثر له على نفاذ القرار الإداري غير أنه يجوز استثناءً في بعض التشريعات وقف تنفيذ القرار بأمر القضاء متى توافرت شروط معينة ومع ان المشرع العراقي لم ينص على امكان وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , نرى انه ليس في القانون ما يمنع من ذلك في حالة توافر شروط معينه .
آثار الحكم بالإلغاء
بعد أن تستكمل دعوى الإلغاء شرائطها الشكلية أمام المحكمة، قد تحكم بعد قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، أو على غير ذي صفة، أو لرفعها بعد المعياد أو أن تصرف الإدارة غير مستكمل شرائط القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء.(1)
ثم تتصدى لموضوع الدعوى وتنحصر سلطتها في بحث مشروعية القرار الإداري لتنتهي بالنتيجة أما إلى إلغاء القرار المشوب بأحد العيوب الخمسة المار ذكرها، أو إلى تأكيد مشروعية القرار والحكم برفض الدعوى ولا تستطيع المحكمة أن تذهب أبعد من ذلك بأن تصدر أوامر صريحة إلى الإدارة بأداء عمل معين أو الامتناع عن أداءه أو أن تحل نفسها محل الإدارة في إصدار قرارات إدارية مشروعة محل القرارات المعيبة .
على أن تنفيذ الحكم بالإلغاء لابد أن يفضي إلى تكليف الإدارة القيام بعمل أو الامتناع عن أداء عمل، فالحكم الصادر بإلغاء قرار فصل موظف لابد أن يلزم الإدارة بالقيام بعمل معين وهو إعادة الموظف المفصول إلى وظيفته السابقة، والحكم القاضي بإلغاء قرار هدم منزل لابد أن يلزم الإدارة بالامتناع عن تنفيذ قرارها بالهدم .
ويترتب على الحكم بإلغاء القرار الإداري آثار معينة منها ما يتعلق بحجية الحكم بالإلغاء، ومنها ما يتعلق بتنفيذ حكم الإلغاء .
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ...
فقد تناولت على الصفحات السابقة من هذا البحث موضوع :" قضاء الإلغاء " و قد تناولت المحاور التالية لدراسة هذا الموضوع :
ماهية قضاء الإلغاء .
الأعمال المادية للإدارة.
تعريف دعوى الإلغاء.
طبيعة دعوى الإلغاء .
شروط قبول دعوى الإلغاء.
أوجه الطعن بالإلغاء.
إجراءات رفع دعوى الإلغاء.
الآثار المترتبة على رفع دعوى الإلغاء.
آثار الحكم بالإلغاء.
هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب ...
و بالله التوفيق ...
قائمة المراجع
1- سليمان الطماوي : القضاء الإداري – قضاء الإلغاء ،ط 7، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1998م .
2- محسن خليل : قضاء الإلغاء ، دار المطبوعات الجامعية ، القاهرة ، 1998م.
3- محمد عبد السلام مخلص : نظرية المصلحة في دعوى الإلغاء ، دار الفكر العربي ، القاهرة 0 1981 .
4- المحكمة الإدارية بوجدة، حكم 24-5-2000، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية المحلية، العدد 35، ص. 110
(1) المحكمة الإدارية بوجدة، حكم 24-5-2000، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية المحلية، العدد 35، ص. 110
(1) سليمان الطماوي : القضاء الإداري – قضاء الإلغاء ،ط 7، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1998م , ص 124.
(1) محسن خليل : قضاء الإلغاء ، دار المطبوعات الجامعية ، القاهرة ، 1998، ص 29 .
([1]) محمد عبد السلام مخلص : نظرية المصلحة في دعوى الإلغاء ، دار الفكر العربي ، القاهرة 0 1981 ، ص79 .
(1) - تنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المصري : " يشترط في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية ان يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص او عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة " .
(1) سليمان محمد الطماوي – قضاء الإلغاء – المصدر السابق – ص 855 .