بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الحقوق الواجبة في المال في الاسلام

 

قالَ الإمام المبجَّل ابن قيِّم الجوزيَّة (ت: 751هـ) ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ـ في كتابه "بدائع الفوائد": «فائدة»: «الحقوق الماليَّة الواجبة لله تَعَالَى أربعة أقسام»:

• أحدها: حقوق المال، كالزَّكاة، فهذا يثبت في الذِّمَّة بعد التَّمكن مِنْ أدائه، فلو عجز عنه بعد ذلك لم يسقط، ولا يثبت في الذِّمَّة إذا عجز عنه وقت الوُجوب، وألحق بهذا زكاة الفطر.

• القسم الثَّاني: ما يجب بسبب الكفَّارة، ككفَّارة الأيْمان، والظِّهار، والوطء في رمضان، وكفَّارة القتل، فإذا عجز عنها وقت اِنْعقاد أسبابها ففي ثبوتها في ذمَّته إلى الميسرة، أو سقوطها قولان مشهوران في مذهب الشَّافعي، وأحمد.

• القسم الثَّالث: ما فيه معنى ضمان المتلف: كجزاء الصَّيد، وألحق به فدية الحلق، والطِّيب، واللِّباس في الإحرام، فإذا عجز عنه وقت وجُوبه ثبت في ذمَّته تغليبًا لمعنى الغرامة، وجزاء المتلف، وهذا في الصَّيد ظاهر، وأمَّا في الطِّيب وبابه فليس كذلك، لأنَّهُ ترفه لا إتلاف، إذ الشَّعر والظُّفر ليسا بمتلفين ولم تجب الفدية في إزالتها في مقابلة الإتلاف، لأنَّها لو وجبت لكونها إتلافًا لتقيّدت بالقيمة ولا قيمة لها، وإنَّما هي مِنْ باب التّرفه المحض، كتغطيه الرَّأس واللِّباس، فأيُّ إتلافٍ هـٰهنا؟ وعلى هذا فالرَّاجح من الأقوال أنَّ الفدية لا تجب مع النِّسيان والجهل.

• القسم الرَّابع: دم النُّسك، كالمتعة والقِرآن، فهَذهِ إذا عجز عنها وجب عنها بدلها مِنَ الصِّيام، فإنْ عجز عنها ترتَّب في ذمَّته أحدهما، فمتى قدر عليه لزمه، وهل الاِعتبار بحال الوجُوب أو بأغلظ الأحوال؟ فيه خلاف.

وأمَّا حقوق الآدميّين: فإنَّها لا تسقط بالعجز عنها، لكن! إنْ كان عجزه بتفريط منه في أدائها بها الآخرة وأخذ لأصحابها في حسناته، وإنْ كان عجزه بغير تفريط كمَنْ اِحترق ماله، أو غرق، أو كان الإتلاف خطأ مع عجزه عَنْ ضمانه ففي إشغال ذمَّته به، وأخذ أصحابها مِنْ حسناته نظر؛ ولم أقف على كلامٍ شافٍ للنَّاس في ذلكَ. واللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.اهـ

المرجع

ابن قيِّم الجوزيَّة (ت: 751هـ) : بدائع الفوائد

تفطير الصائم.

من الحديث:

عن زيد بن خالد الجُهَني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن فطَّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا"

رواه أحمد، وقال مخرِّجوه: حسن بشواهده، والترمذي (807)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (1746)، والنسائي في الكبرى (2/256)، ثلاثتهم في الصيام، والطبراني في الكبير (5/255)، وفي الأوسط (2/7)، والبيهقي في الشعب (3/418)، وفي الكبرى (4/240)، كلاهما في الصيام.

وهذه معونة موسميَّة مرتبطة بشهر رمضان، شهر الصيام، حيث لا يجد كثير من الصائمين في بيوتهم ما يُشبعهم من الطعام الملائم، فكان الحثُّ على تفطير الصائم، لسداد هذه الحاجة. وقد اعتاد كثير من أهل الخير أن يفطِّروا كلَّ يوم أعدادا من الصائمين لوجه الله.

وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات .

وقد قال بعض السلف : لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل .

وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وداود الطائي ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .

وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ، منهم الحسن وابن المبارك .

قال أبو السوار العدوي : كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده ،إن وجد من يأكل معه أكل و إلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه .

وعبادة إطعام الطعام ، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها : التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة : كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه مسلم ( 54 ) ، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك .

فهكذا يعد تفطير الصائم من الحقوق الواجبة في المال في الاسلام.

0 تعليق:

إرسال تعليق