بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

ضوابط وبيانات الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي

بالرجوع إلى مختلف الوثائق العصرية والعدلية والعرفية التي تناولناها في حصصنا بالتحليل والتعليق يتبين أن صياغتها تتسم بوحدة منهجية منضبطة لقواعد بنيوية تشمل في أقسامها ما يمكن نعته بوحدة البنية وتعدد البيانات خصوصا المحرر التوثيقي العصري والوثيقة العدلية. 

تمهيد: 

لا يخفى ما يلعبه العقار بشكل عام من دور فعال في مجال إنعاش الحركة الاقتصادية وما يدره من فوائد وأرباح سريعة على الفرد والمجتمع، ونظرا لما يحف المعاملات العقارية من مخاطر عند عملية التفويت سواء تعلق الأمر بملكية العقار من حيث سند التملك أو من حيث الحقوق المرتبطة به، كالضرائب اللازم أداؤها أو الشواهد الإدارية الواجب إحضرها قبل الشروع في عملية التعاقد، فإن المشرع المغربي أحاط التصرفات الواردة على العقار بضمانات كثيرة يأتي في مقدمتها إسناد مهمة توثيق التصرفات العقارية إلى جهات رسمية يتصدرها العدول والموثقون ولما كان التوثيق الرسمي من أهم الركائز المحفزة لتحقيق نمو الاستثمار العقاري، فقد توقفنا مع أستاذنا الفاضل عبد الغني مفتاح في إطار تدريسه لنا لمجزوءة "أوراش الوثائق المحررة" على تناول ومعالجة عدة نماذج من الوثائق منها الرسمية وثيقة عصرية وأخرى عدلية" والعرفية وكلها منصبة أو محلها هو العقار سواء محفظ أو غير محفظ، كل هذا من خلال التوقف على بنيتها وتكوينها من حيث الضوابط والصياغة ومع إبراز اختلافات كل وثيقة عن الأخرى. 

من خلال ما سبق سنحاول تلخيص كل ما تناولناه مع أستاذنا عبد الغني مفتاح ،من حيث التكوين والضوابط التي تقوم عليها الوثائق التي توصلنا إليها الوثيقة العصرية (أولا) والعدلية (ثانيا) والمحرر العرفي (ثالثا)، كل هذا متوقفين عند كل وثيقة على حدى مبرزين ضوابطها وبيانات قيامها، إذن ما هي ضوابط قيام كل من الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي؟ 

المحور الأول: ضوابط وبنية الوثيقة:

بالرجوع إلى مختلف الوثائق العصرية والعدلية والعرفية التي تناولناها في حصصنا بالتحليل والتعليق يتبين أن صياغتها تتسم بوحدة منهجية منضبطة لقواعد بنيوية تشمل في أقسامها ما يمكن نعته بوحدة البنية وتعدد البيانات خصوصا المحرر التوثيقي العصري والوثيقة العدلية. 

وعليه سنتطرق في هذا المحور إلى ثلاث نقاط حيث سنعالج الوثيقة العصرية (أولا) ثم الوثيقة العدلية (ثانيا) دون نسيان الوثيقة العرفية (ثالثا) كل هذا عندما يكون محلها تصرف قانوني منصب على عقار من خلال تفويته بالبيع مراعين النماذج التي توصلنا بها من قبل أستاذنا الفاضل عبد الغني مفتاح والتي فصلنا فيها في حصصنا الدراسية.


أولا: ضوابط وبنية الوثيقة العصرية.

إن الموثق العصري يبني وثيقته بناءا عصريا على شكل فصول مترادفة يبين في كل فصل عناصر الاتفاقية أو الاتفاقيات المبرمة بين أطراف العقد، وبعد قراءتها عليهم يوقعون في أسفلها ويوقع معهم الموثق فتصبح محررا رسميا كل هذا إذا استوفت الوثيقة أو المحرر التوثيقي جميع ضوابطه وعناصره سواء الأساسية أو القانونية أو الثانوية تحت طائلة بطلان المحرر التوثيقي وانقلابه إلى محرر عرفي إذا تضمن توقيعات الأطراف. 

يومكن تقسيم العناصر المبلورة للمحرر التوثيقي إلى ثلاثة تتمثل في الفرش والهيكل والسور، وسوف نعالج كل نقطة على حدى. 

أ- الفرش أو فاتحة الوثيقة.

الفرش ويمكن التعبير عنه أيضا بفاتحة الوثيقة أو مقدمة الصياغة العقدية أو الديباجة أو الاستهلال أو التقديم، ويتضمن في العادة مجموعة من البيانات حسب ما توصلنا به وإليه من أستاذنا في تناول نموذج لمحرر عصري محله بيع عقاري لأرض فلاحية باللغة العربية بفاس من قبل موثق عصري، وتتجلى فيما يلي: 

1- التاريخ: بالوقوف على المحرر الذي بين أيدينا نجده يبتدئ بتاريخ مثول الأطراف أمام الموثق للإشهاد عليهم، وقد أوجب المشرع ذكره في طليعة الرسم، فإذا لم يتضمن المحرر تاريخ تحريره كان باطلا كمحرر رسمي، وإن كان يمكن اعتباره محررا عرفيا إذا كان يتضمن توقيع جميع أطرافه. 

وحسب أستاذنا أثناء مناقشة أهمية تاريخ (الساعة، اليوم، الشهر، السنة) في حسم بعض المنازعات وذكر منها ما يلي: 

- إذا كان الذي أبرم التصرف موضوع المحرر تاجرا، وصدر ضده حكم بإفلاسه، فإنه يمرجع إلى تاريخ هذا المحرر لمعرفة ما إذا كان التصرف المذكور قد وقع قبل تاريخ توقف التاجر عن الدفع، فيكون تصرفا صحيحا ونافذا، أم أنه وقع بعد تاريخ التوقف عن الدفع فيكون باطلا لإضراره بالدائنين فلا يكون نافذا في حقهم. 

- في حالة مرض، الموت، يكون من الأهمية بمكان معرفة تاريخ التصرف الذي يتضمنه المحرر الموثق، والذي أجراه المتعاقد قبل وفاته وذلك للتوصل إلى معرفة ما إذا كان قد أجراه خلال فترة مرض موته، يكون معرضا للبطلان، أم أنه قد تم قبل تلك الفترة فلا يجوز الطعن فيه. 

عندما يقوم الموكل بعزل وكيله، هنا يجب الرجوع إلى تاريخ التصرفات التي أبرمها، فإن تمت قبل قرار العزل كانت صحيحة، أما إذا تمت  قبل قرار العزل كانت صحيحة، أما إذا تمت بعد هذا القرار وعلم الوكيل والأطراف كانت هذه التصرفات باطلة. 

كما أن التاريخ يلعب دورا هاما في معرفة المحررات التي تمت من قبل موثق رغم علمه بقرار العزل أو التوقيف، حيث ستكون باطلة كمحررات رسمية، لأنه في هذه الحالة يكون فقد أهلية التوثيق. 

2-مسمى العقد: بعد التاريخ مباشرة على الموثق في بنائه لمحرره إدراج مسمى العقد أي نوع التصرف القانوني الذي يحرره هل هو بيع أم هبة، أم غيرها من التصرفات القانونية التي يكون للموثق الاختصاص النوعي لتوثيقها. 

3-متلقي الإشهاد: أي ضرورة ذكر اسم الموثق ولقبه في فرش الوثيقة، لكون هذا البيان هو الذي يحدد لنا من الذي قام بتوثيق هذا المحرر ومدى أهليته وصلاحيته للتوثيق، وحتى يمكن مساءلته أيضا، من الناحيتين الإدارية والمدنية عن أي خطأ أو تقصير، وبمعنى آخر فإن بيان اسم الموثق ولقبه في المحرر ضروري لإضفاء الشكل الرسمي على المحرر وبيان أنه تم  توثيقه. 

4-أطراف العقد: التعريف بأطراف العقد وضبط هوياتهم من خلال وثائقهم الرسمية كالبطاقة الوطنية أو جواز السفر أو رخصة السياقة أو ذكر موطنهم ومهنتهم وازديادهم وحالتهم العائلية ومراجع الوثائق التي أستيقت منها هذه المعلومات وكل ما يتعلق بها فإن كان الأطراف لا يتوفرون على بطائق رسمية تعرف بهم، عرف بهم الموثق بواسطة شاهدين، سواء شهود التعريف أو شهود العقد وتوقيعاتهم. 

ب- هيكل المحرر التوثيقي:

يتجسد هيكل النص التوثيقي في موضوع العقد الذي يمثل الجزء الأساسي والمميز للمحرر الرسمي لكونه يبين ما تعلق به الرضى في التعاقد ويحدد مقدار الاتفاق وآثاره. 

ويمكن تصنيف البنود التي يتضمنها هيكل الوثيقة إلى بنود مبلورة للعناصر الأساسية في العقد (1) وبنود مبلورة للعناصر الثانوية في العقد (2) وبنود مبلورة للعناصر العرضية فيه (3) ثم البنود المبلورة للعناصر القانونية فيه"4". 

1-البنود المبلورة للعناصر الأساسية في العقد:

تتلخص البنود المبلورة للعناصر الأساسية في العقد موضوع الوثيقة العصرية في كل الفقرات التي تحدد ما وقع التراضي بخصوصه والذي في ضوئه نستطيع تحديد طبيعة العقد وتكييفه بشكل صحيح، والعناصر الأساسية لكل عقد هي التي يؤدي تخلف أحدها أو بعضها أو كلها إلى عدم انعقاده من الأساس وهي إما أساسية بحكم القانون أو أسياسية بحكم الاتفاق. 

فأما العناصر الأساسية بموجب القانون فتنصب بصفة مبدئية على أركان كل عقد وخاصة من ذلك الرضا الذي يجب أن يتعلق بعناصر العقد الأساسية والاحتياطية وإن لزم الأمر الاختيارية أيضا، والمحل الذي يجب أن يكون موجودا أو قابلا للوجود معينا وقابلا للتعيين مشروعا ممكنا التعامل فيه، ثم السبب الذي يجب أن يكون مشروعا. 

بينما يقصد بالعناصر الأساسية بحكم الإتفاق كل العناصر الثانوية التي تؤثر في التعاقد لولا أن إرادة المتعاقدين قصدت تسييرها عناصرها أساسية يجب الخضوع لها تحت طائلة البطلان، وهي تتمثل أساسا في كل البنود التعاقدية الرامية إلى مخالفة ما يتصل بالقواعد المكملة بصفتها عناصر اختيارية في العقود إغفالها على الانعقاد.


2- البنود المبلورة للعناصر الثانوية في العقد:

يقصد بالعناصر الثانوية في العقد تلك العناصر التي يفترض أن الطرفين قد ارتضاها ضمنا، ومع ذلك يستحسن ذكرها في الوثيقة جنبا إلى جنب مع البنود التي يخالف بها المتعاقدين القواعد المكملة (قواعد أساسية بحكم الاتفاق)، غير أن إغفال ذكر العناصر الثانوية للعقد في الوثيقة لا يؤثر في صحتها، لأن ذكرها إنما هو على سبيل التأكيد كما هو مضمن من قواعد تكميلية في النصوص القانونية المنظمة. 

ويدخل في نطاق العناصر الثانوية كل البنود التي تتصدى لبيان محتمل مصاريف التسليم وصوائر التسجيل ورسوم الضرائب فكل هذه العناصر منظمة بقواعد مكملة في النصوص القانونية فإن ورد النص عليها في بنود خاصة في الوثيقة فلا بأس به، أما إغفاله فلا يؤثر في صحة التعاقد. 

3-البنود المبلورة للعناصر العرضية في العقد:

العناصر العرضية في العقد هي كل العناصر غير المألوفة إدراجها فيه وإنما يقع إيرادها على سبيل الاستيثاق والضمان، كما في حالة إدخال أحد الأغيار كملتزم بالثمن في البيع أو إشهاد شخص في العقد على هوية من لا يمتلك وثيقة رسمية تعرف به، أو إشهاد شخصين في حالة التلقي الرسمي من الأمي، ومن هذا القبيل أيضا يأتي ذكر اسم الترجمان القضائي في صلب العقد ويوقع مع جميع أطرافه وإلا نزعت الصفة الرسمية عن هذا المحرر التوثيقي، وقد يراد من إدخال الغير استفادته من العقد كحالة الاشتراط لمصلحة الغير. 

4-البنود المبلورة للعناصر القانونية في العقد:

يقصد بالعناصر القانونية في العقد ما يرد فيه بناء على اشتراط قانوني ويدخل في هذا القبيل إشارة الموثق إلى تلاوة النصوص المحاربة للتملص الضريبي في المدونة العامة للضرائب، لهذا فعلى الموثق أن يوجه للمتعاقدين النصائح الكافية في المجال الضريبي، بأن يقرأ عليهم المقتضيات القانونية المتعلقة بالكتمان وإخفاء الأصول وأن يبين لهم الغرامات المطبقة على كل تملص من أداء الواجبات المفروضة عليهم. 

وكذا الجزاءات التي يمكن فرضها عند ثبوت صورية الثمن، فالموثق العصري ملزم بنصوص قانونية بأن يطلع الأطراف على المقتضيات التي تعاقب على كل نقص في القيمة أو إخفاء للحقيقة تهربا من أداء واجبات التسجيل مع حق الإدارة في المراقبة ومراجعة الأثمان والتصريحات التقديرية المعبر عنها في العقود متى كانت مخالفة للقيمة التجارية الحقيقية للأملاك المفوتة موضوع التعاقد. 

هذا كل ما يتعلق بهيكل المحرر التوثيقي فماذا إذن عن السور أو خاتمة الوثيقة؟


ج- السور أو القفل أو خاتمة المحرر التوثيقي :

السور أو القفل أو الخاتمة ويقصد به تلك البنود التي ترمي إلى بيان تمام كتابه ما يتعلق به الرضا في العقد والآثار القانونية لذلك وتتلخص أهم بيانات السور فيما يلي:


1. تعيين محل المخابرة والتقاضي


2. التماس التسجيل بالسجل العقاري إذا كان العقد بيعا واقعا على عقار محفظ.


3. الإشارة إلى قراءة العقد على الأطراف وإطلاعهم على بنوده ومقدار التزام كل طرف.


4. الإشارة إلى حصول التوقيع دلالة على إمضاء العقد وقبول مضمونه والرضا به رضاء تاما في اللفظ والمعنى، مع تحديد تواريخ التوقيعات من قبل الأطراف والموثق أو الإشارة إلى استحالة التوقيع إذا كان المتعاقدان أو أحدهما أميا أو عاجزا عن ذلك.


5. الإشارة إلى توقيع الشهود والترجمان والضامن عند الاقتضاء.


6. تعيين مكان تحرير العقد وتاريخه.


هذا كل ما يتعلق بالسور، ولكن لابد من الإشارة إلى أن الموثق العصري يبني وثيقته بناءا على شكل فصول مترادفة يبين في كل فصل عناصر الاتفاقية أو الاتفاقيات المبرمة بين أطراف العقد، وبعد قراءتها عليهم يوقعون في أسفلها ويوقع معهم الموثق فيصبح محررا رسميا، بالإضافة إلى أن أول ما يمكن ملاحظته بالنسبة لتحرير العقد التوثيقي. هو كونه يحرر باللغة الفرنسية، ولا يحرر باللغة العربية إلا استثناءا وفي أحوال شاذة، ومن هذه الحالات الوثيقة أو المحرر الوثيقي الذي بين أيدينا الذي توصلنا به من قبل أستاذنا الفاضل عبد الغني مفتاح. 

ثانيا: ضوابط الوثيقة العدلية.

قرر الفقه والتشريع لكل نوع من الوثائق العدلية أوضوعا وقواعد يلتزمها العدل المختص في كتابتها، لابد من مراعاتها حتى تعد الوثيقة صحيحة وتامة رسمية، خاصة إذا كانت هذه الأوضاع تتعلق بأركان مضمون الشهادة، كالمشهد أو المشهد له ومحل الشهادة وتاريخها... 

والواقع، أن هناك بيانات جوهرية وشكلية كثيرة تتنوع بتنوع الوثائق العدلية، وأن العدول عند تحريرهم للوثيقة العدلية يتوقفون على عدة ضوابط تؤطر محل تلك الوثائق حتى تكون خالية من أي عيب وتسير رسمية بمجرد خطاب قاضي التوثيق عليها. ومن أهم هذه الضوابط نجد ما يلي حسب الوثيقة العدلية التي بين أيدينا: 

1-افتتاح الوثيقة بالبسملة 

يجد هذا المقتضى سنده في المرجعية الإسلامية للعقود العرفية واهتمام فقهاء الدين بالمعاملات وضرورة توثيقها والإشهاد عليها سيما وأن العدول انصب مجال عملهم في توثيق العهود بين المسلمين فكان طبيعيا ذكر بسم الله في مستهل تحرير الوثيقة العدلية. 

2-مكان وجود مكتب العدول أو دائرة نفوذهم 

وقد جاءت في الوثيقة مباشرة بعد البسملة ذكر اسم المحكمة التي يوجد ضمن دائرة نفوذها مقر العدلية، لهذا المقتضى أهمية بالغة في تحديد الاختصاص المكاني للعدول وبالتالي يجب التقيد بهذا النطاق الجغرافي. 

3-مسمى العقد: وهو في هذه الوثيقة "شراء" 

4-تاريخ تلقي الشهادة 

هذا البيان يعقب مباشرة كلمة الحمد لله المستهلة بها الوثيقة العدلية، وهو بيان لازم بالنظر لإثبات وجود عوارض الأهلية من عدمها بالتاريخ المذكور وكل بيان من شأنه إحداث أثر قانوني مرتبط بالزمن، وقد فصلنا في أهمية التاريخ عندما تناولناه في المحرر التوثيقي العصري. 

5-اسم العدلان المتلقيان للشهادة 

6-ذكر أسماء الأطراف المتعاملين والتنصيص على معرفتهم وبيان هذه المعرفة: 

على الشاهد الموثق (العدل) أن يذكر أسماء الأطراف المتعاملين، ويذكر كل ما يميزهم عن غيرهم ويعينهم بأشخاصهم، ويسهل الإهتداء إليهم، وذلك بذكر أسمائهم الشخصية والعائلية، واسم الأب والجد إن اقتضى الحال، وعنوانهم وحرفتهم، وتتعين الإشارة إلى رقم ورقة التعريف الشخصية والسلطة التي سلمتها وتاريخ تسليمها. 

ويتعين على الشاهد العدل أن يذكر في الوثيقة أنه يعرف المشهود عليه والمشهود له معرفة عين واسم أو أنه قد عرف له بهما من طرف من يثق به. فإن لم يتهيأ له ذلك وجب أن يذكر أوصافهم. 

7-بيان المشهود به بيانا تاما: 

إن العدل الموثق ملزم بذكر الشيء موضوع الإشهاد بيانا تاما يرفع به الجهالة عنه كذكر نوع المعاملة المشهود عليها وذكر اسم المعقود عليه إن أمكن وتحديد جنسه ونوعه توابعه...وإذا تعلق الأمر بالبيع الذي يهمنا يجب عليه ذكر الثمن وما إذا كان قد عاين قبض الثمن كله أو بعضا أو أن البائع اعترف بالقبض وأبرأ ذمة المشتري من كله أو بعضه كما يجب ذكر شروط العقد إن وجدت ووجود الخيار أو الثنيا عندما يتعلق الأمر ببيع الخيار أو بيع الثنيا، وعموما فالعدول ملزمون بذكر كل تفاصيل التعاقد. 

8-ذكر مراجع الحفظ لدى متلقي الإشهاد: 

ويذكر مراجع حفظ الوثيقة بقسم التوثيق بالمحكمة الابتدائية، وهذا البيان الأخير يأتي في وقت لاحق لتاريخ لتحرير الوثيقة لذلك تتم الإشارة إلى هذه المراجع بهامش الوثيقة العدلية بعكس مراجع الحفظ لدى العدل فإنها تأتي في صلب الوثيقة العدلية.


9- توقيع العدلين متلقي الإشهاد: 

على العدلين عند الإنتهاء من تحرير الوثيقة بدون بياض ولا إنقطاع يلزم أن يحصل التوقيع من قبلهم أو أحدهم هو متلقي الشهادة والذي تحفظ الوثيقة لديه بينما الثاني يوقع إلى جانبه لكي يتحقق شرط العدلين وهو ما يسمى لديهم بالعطف. 

10 خطاب قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية 

إن خطاب قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية غايته فرض رقابة قبلية على المحرر العدلي من حيث مكوناته وقانويته، كما أن هذا الخطاب هو الإجراء الذي يضفي على الوثيقة العدلية الصبغة الرسمية، ويدخلها في زمرة الأوراق الرسمية كما حددها الفصل 418 من ق.ل.ع المغربي. مما يصيرها حجة مستقلة عن شاهديها وقائمة بذاتها دون حاجة إلى الإقرار بها، ودليلا قاطعا في مواجهة الناس كافة على مضمونها الذي تم بمحضر العدلين، ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور كما تبين ذلك الفصول 419 إلى 421 من ق.ل.ع.م. 

ثالثا: ضوابط وبنية المحرر العرفي"عقد بيع ملك خاص للدولة نموذجا".

المحرر العرفي أو الوثيقة العرفية هي تلك التي يقوم بتحريرها الأفراد فيما بينهم دون تدخل الموظف العمومي، وهي التي يحررها الأشخاص الذين يسمون بالكتاب العموميون وقد أقرها الفصل 424 من ق.ل.ع، أما آلية الاشتغال بها فهي معروفة بسرعة الإنجاز وبساطة التكاليف وسهولة الإجراءات، بحيث تتطلب فقط المصادقة على التوقيع، وتصحيح الإمضاء ويسجل هذه الورقة العرفية كتاب عموميون، يفترض فيهم كتابة الشكايات والمقالات والرسائل نظرا لثقافتهم القانونية البسيطة، وأحيانا يحررها الأشخاص الذاتيون. 

ونحن سنركز في دراستنا للوثيقة العرفية على النموذج الذي توصلنا به من قبل أستاذنا الفاضل عبد الغني مفتاح والمتمثلة في وثيقة عقد بيع مسكن فردي راجع لإدارة الأملاك المخزنية بمدينة فاس من تحرير هذه الأخيرة كطرف قوي في العقد، لهذا سنتوقف عندها بالدراسة والتحليل من حيث بنيتها وتكوينها من الديباجة إلى السور. 

إن  هذا المحور يعتبر نموذجا بملأ من طرف المديرية الجهوية أو ممثلة إدارة الأملاك المخزنية التي يوجد العقار موضوع التفويت ضمن نطاقها الجغرافي، وقد تضمن هذا المحرر أركان العقد وشروطه وباقي العناصر الأخرى المبلورة لعقد البيع أو لهذا المحرر العرفي. وقد تضمن هذا المحرر البيانات التالية: 

- مسمى العقد: عقد بيع مسكن فردي: وهو تابع لإدارة الأملاك المخزنية يندرج ضمن الأملاك الخاصة للدولة. 

- أطراف العقد: ويتجلى أطراف هذا المحرر العرفي في البائع الملك الخاص للدولة الممثل من طرف مدير أملاك الدولة الجاعل محل المخابرة معه في شأن هذا العقد بالمديرية الجهوية لأملاك الدولة بفاس كطرف بائع من جهة. 

وبين طرف آخر... باعتباره مشتريا بالوكالة عن ... مع ذكر وثائق التعريف التي تعرف بهم ورقم بطاقتهم الوطنية ومحل سكناهم، إلا أنه يلاحظ عدم ذكر نظام الزوجية وهل هذا الزواج بين مسلمين أم لا وهذا خلل في هذا المحرر، بالإضافة إلى عدم ذكر نوع الوكالة المقدمة من قبل الزوج لزوجته وتاريخ إبرامها. 

ثم بعد هذا تم التذكير بالتنظيم القانوني الذي يسمح لإدارة الأملاك المخزنية بتفويت هذا النوع من العقارات بالتراضي. 

بعد هذا جاء القالب الشكلي للمحرر على شكل فصول تبلور ما تم الإتفاق عليه بين الطرفين، حيث انصبت معظمها على تراضي الطرفين على البيع وبيان هذا المبيع ووصفه وبيان مساحته وعنوانه والإتفاق على الثمن وكيفية آدائه، بعد ذلك تظهر أو تطفوا قوة الطرف البائع في فرض الشروط والبنود على الطرف الضعيف المشتري مثل عدم الضمان وتحمل الإرتفاقات السلبية سواء الخفية منها أو الظاهرة المصرح بها أم لا، وعدم الرجوع على الدولة البائعة أو مطالبة بأي ضمان في أي حال من الأحوال، كما أن الدولة تحتفظ لنفسها بملكية الأشياء الفنية والأثرية والكنوز والعملة وغيرها مما يمكن العثور عليه بالعقار المبيع، كما يتحمل المشتري اعتبارا من تاريخ البيع جميع الضرائب والرسوم كيفما كان نوعها المفروضة حاليا على العقار أو التي ستفرض مستقبلا. 

وأخيرا تم التنصيص على مكان تحرير العقد أو المحرر وتاريخه، مع المصادقة على المحرر من قبل عدة جهات وأطراف. 

عموما لابد من الإشارة إلى حجية الوثائق التي تناولناها، حيث نجد أن الوثائق الرسمية المحررة من طرف الموثق العصري أو العدول تكتسب حجية قاطعة حيث لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، فالوثيقة العصرية تكتسب هذه الصفة بمجرد توقيع الموثق العصري على الوثيقة ووضع ختمه عليها فتصبح ورقة رسمية بحكم القانون، مما يتبين لنا أنها تخفف من المعيقات الوقتية، عكس الوثيقة العدلية التي تكتسب هذه الصفة إلا بمجرد خطاب قاضي التوثيق عليها وهذا يتطلب وقتا كبيرا قد يمتد إلى شهر مما يعطل مصالح الأفراد في اكتساب أملاكهم من خلال التوفر على المرسوم المثبتة للملك، وقد نص المشرع المغربي على هذه الرسمية أي الورقة الرسمية من الفصول 418 ق.ل.ع إلى الفصل 423 منه، أما المحرر العرضي فإنه لا يكتسب أي رسمية وليس له قوة ثبوتية مثل الورقة الرسمية، وإن كان يلزم الأطراف المتعاقدة فقط أي يثبت ما جاء فيها من تعهدات والتزامات، وقد نص المشرع المغربي على المحرر العرفي أو الوثيقة العرفية في الفصل من 424 إلى 432 من ق.ل.ع المغربي. 

وبالتالي فإن الوثائق لها قوة ثبوتية عكس المحررات العرفية، مما تكون المحررات أو الوثائق التي يحررها العدول أو الموثقون العصريون لها قيمة قانونية حمائية لحقوق الأفراد لكونها تحمل في طياتها ضمانة شكلية وموضوعية في عدم الطعن في محتواها وشكلياتها إلا بالتزوير، وربما هذا ما سيؤدي إلى استقرار المعاملات العقارية وتنمية الاستثمارات الداخلية المنصبة على العقارات. 

خاتمـــة :

وختاما يمكن القول أنه هناك إختلافات بنيوية و شكلية من حيث قالب بنائها و كيفية بلورة العقد من حيث إحترام الضوابط التوثيقية الأساسية للمحرر ، من أجل أن ينتج الأثار المرجوة منه و يحمي الأطراف من أي إدعاء بزورية ما جاء في الوثيقة اللهم ما جاء في المحرر العرفي الذي لا يلزم إلا الأطراف و لا تكون له أي قوة ثبوتية قطعية ما دام لم يكتسب الصبغة الرمية عكس الوثيقة العصرية و العدلية.

0 تعليق:

إرسال تعليق