الفصل الثاني
الأدلة الملزمة ذات الحجية القاطعة
بعد أن تطرقنا في الفصل الأول إلى الأدلة الملزمة ذات الحجية غير القاطعة سنحاول في هذا الفصل التطرق إلى الأدلة التي حدد لها القانون مبلغ حجيتها و لم يتركها لمحض تقدير القاضي، و هو الوجه الذي تتشابه فيه مع ما تطرقنا إليه سابقا من أدلة ملزمة غير أنها تنفرد عنها في كون حجيتها قاطعة لا تقبل إثبات العكس ،لهذا سنتطرق إليها من خلال تخصيص مبحث لكل دليل بدءًا باليمين الحاسمة فالقرائن القانونية القاطعة.
المبحث الأول
اليميـــن الحـــاسمة
قد يعوز الخصم الدليل في إثبات حقه المدعى به، فلا يجد بدًا من ذلك إلا بالالتجاء إلى ضمير خصمه و ذلك بتوجيهه اليمين إليه يحسم بها النزاع ،هذه اليمين يتخذ منها الحالف الله شاهدا على صحة ما يقوله لهذا فهي عمل ديني و مدني .
وقد نظم المشرع أحكام اليمين الحاسمة و شروطها و آثارها في المواد 343 إلى 347 قانون مدني ،فاليمين الحاسمة حق خاص بالخصم و ليس من حق القاضي أن يتولى أو يأمر تحليف الخصم بدون طلب خصمه ([1]) و بذلك فهي تختلف عن اليمين المتممة التي يوجهها القاضي لاستكمال دليل ناقص في الدعوى .
و لعل الفقهاء قد اختلفوا في تحديد طبيعة توجيه اليمين الحاسمة بين اعتبارها صلح أو تعاقد أو تصرف قانوني يتم بالإرادة المنفردة مع أن المحكمة العليا اعتبرت توجيه اليمين الحاسمة عقد قضائي بين الخصمين ([2]) لذلك سنحاول معرفة الأحكام المختلفة لليمين الحاسمة و سلطة القاضي في تقديريها .
المطلب الأول : موضوع اليمين الحاسمة و صيغتها .
الفرع الأول : موضوع اليمين الحاسمة .
بالرجوع إلى المادة344 قانون مدني نجد أن اليمين الحاسمة تنصب على الوقائع القانونية لا القانون ،و يجب أن تتعلق هذه الواقعة بشخص من وجهت إليه و ألا تكون مخالفة للنظام العام و بالتالي تكون حاسمة للنزاع، فموضوع اليمين الحاسمة على الوقائع القانونية سواء كانت وقائع مادية أو تصرفات قانونية أيا كانت قيمتها و لو جاوزت النصاب القانوني لإثبات ما يجاوز أو يخالف مضمون ما يثبت كتابة بين الخصوم ([3]) و هو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 03 مارس 2004 إذ جاء فيه:"وحيث أن ما يعيبه الطاعن على القرار المطعون فيه في غير محله ،ذلك أن القانون يمنع الإثبات بالبينة أو القرائن إذا جاوزت قيمة التصرف مبلغ مائة ألف دينار لكن لا يمنع الشخص من أن يحتكم إلى ضمير خصمه بتوجيه اليمين الحاسمة له ومن ثم يجوز للدائن أن يوجه اليمين الحاسمة إلى المدين و لو فاقت قيمة التصرف مائة ألف دينار لإثبات الدين "([4])
أما ما لا يجوز الطعن فيه إلا بالتزوير كالمحاضر الرسمية و باقي السندات التي تكتسب الصبغة الرسمية أو في التصرفات التي تعد الشكلية ركنا في قيامها فلا يجوز و لا يستساغ إثبات ما يخالفها باليمين .
و يشترط أن تكون الواقعة المراد تأدية اليمين عنها متعلقة بشخص من وجهت إليه و إن يكون أداء اليمين على إثبات وجود الواقعة أو نفيها، أما إذا لم تكن الواقعة متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين بل تتعلق بغيره فيجوز للخصم أن يحلف على مجرد العلم بالواقعة و ليس لإثبات وجودها لأنها ليست من فعل نفسه بل من فعل غيره لذا سميت بيمين العلم أن مورثه كان مدينا للشخص الذي يطالب بالدين ([5])
و يشترط أيضا في الواقعة المراد تأدية اليمين عنها ألا تكون مخالفة للنظام العام ([6]) فلا يجوز توجيه اليمين الحاسمة بشان دين ناجم عن قمار كما لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة بشأن واقعة فصل فيها بمقتضي حكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه .
الفرع الثاني :صيغة اليمين الحاسمة .
يتعين صياغة المحلوف عليه في صيغ واضحة لا لبس فيها و لا إبهام و تكون هذه الصيغة من حق موجه اليمين مع و جوب عرض هذه الصيغة على المحكمة حتى تأمر بتوجيهها بعد أن تعتمدها و إلا كانت اليمين باطلة ،و يجوز لمن وجهت إليه أن يعترض على صياغتها لعدم توافر شروط الواقعة كعدم تعلقها بالشخص مثلا، و يجب على المحكمة الفصل في منازعته و لا يعد ناكلا عن أدائها إلا في حالة رفض أوجه اعتراضه ،أما إذا قبلها حكمت بأداء اليمين مبينة في منطوق حكمها الصيغة التي ستؤدى بها اليمين في الجلسة المخصصة لذلك وفقا للمادة 433 قانون الإجراءات مدنية و تفاديا للإشكالات يتعين على القاضي المحافظة على الصيغة التي تقدم بها الخصوم ما أمكن ذلك ،و إن كان عليه إضافة تعديل عليها فيجب أن يراعي في ذلك عدم المساس بمعناها و مدلولها ،و يجب تحديد الأشياء المؤداة عليها حتى تتمكن المحكمة العليا من بسط رقابتها عل مدى احترام القواعد القانونية المنصوص عليها في هذا الشأن .
و إذا ما صدر الحكم بأدائها غيابيا يبلغ للخصم المتغيب فإذا حضر و امتنع عن أدائها أو تخلف عن الحضور بغير إبداء عذر شرعي عد ناكلا ،أما حال حضوره و موافقته على أدائها يحرر القاضي محضرا بأدائه اليمين و يوقع عليه مع أمين الضبط ([7])
أما عن كيفية أدائها فقد نصت المادة 434 قانون إجراءات مدنية على أن الخصم يؤدي اليمين بالجلسة أمام القاضي بعبارة "احلف بالله العلي العظيم" كما يجوز للقاضي أن يقبل أو أن يأمر بان تؤدي اليمين بالصيغة المقررة في ديانة الحالف، أما اليمين بين المسلمين فلا تصح إلا باسم الله عز وجل و لا تجوز بغير ذلك مثل الحلف بالقرآن أو النبي، و إذا كان من وجهت إليه اليمين أبكماً عبر عن قبوله أدائها أو نكوله أو رده لها على خصمه كتابةً و إن كان لا يحسن الكتابة فيكون تعبيره عن ذلك بإشارته المعهودة ([8]) .
المطلب الثاني : أطراف اليمين الحاسمة .
وفقا للمادة 343 قانون مدني فانه "يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر على انه يجوز للقاضي منع توجيه اليمين الحاسمة إذا كان الخصم متعسفا في ذلك " فهذه المادة حددت أطراف اليمين الحاسمة و يمكن حصرها في موجه اليمن و الموجهة إليه اليمين .
الفرع الأول : موجه اليمين الحاسمة .
يوجه اليمين الحاسمة الخصم الذي يدعي أمر دون أن يقيم عليه دليل، سواء كان ذلك الخصم مدعيا في دعوى أصلية أو فرعية أو في دفع من الدفـوع .
يجب أن تتوافر فيمن يوجه اليمين أهلية التصرف في الحق موضوع الحلف، لأن حلف الخصم سيترتب عليه ترك ذلك الحق له و اعتبار التصرف الذي حلف على إبرامه ثابتا في حق موجه اليمين و منه يجب ألا يكون محجورا عليه كالمجنون أو المعتوه أو السفيه فلا يجوز لأي من هؤلاء توجيه اليمين الحاسمة إلا بواسطة النائب عنهم قانونا الذي قد يكون الولي الذي يملك توجيه اليمين لأنه يملك التصرف ([9]) أما الوصي و القيم ومن في حكمهما فيحتاجون لإذن من القاضي المختص لتوجيه اليمين في حق من وضع تحت نظرهم لأن توجيه اليمين الحاسمة يتجاوز أعمال الإدارة ،كما أن نائب صاحب الحق لا يجوز له توجيه اليمين الحاسمة في شان هذا الحق إلا بموجب وكالة خاصة من صاحب الحق طبقا للمادة 574 من قانون المدني، في حين أن توجيه اليمين الحاسمة من محامي الخصم لا يشترط أن يكون المحامي قد منحت له وكالة خاصة لتوجيه اليمين طالما أن المشرع قد أعطاه وكالة قانونية بموجب القانون 04/91 المتعلق بمهنة المحاماة .
و لما كان توجيه اليمين الحاسمة تصرف قانوني فانه يشترط في الخصم أن تكون إرادته خالية من العيوب ،و لأن أيضا اليمين عمل قانوني غير لازم فان من يوجه اليمين إلى خصمه يجوز له العدول عن توجيهها ،و لا يسقط حقه في العدول إلا إذا أعلن من وجهت إليه اليمين استعداده للحلف ([10]) ،وهو ما تقضي به المادة 345 من القانون المدني حيث نصت على انه " لا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه حلف تلك اليمين " فمن خلال هذا النص يتبين انه من حق الخصم الموجه لليمين الرجوع عنها طالما أن خصمه لم
يبدي إعلانه عن قبول أداء اليمين ،و هذا الرجوع يمكن أن يكون صادرا من الخصم الذي قام بتوجيه اليمين كما يمكن أن يكون صادرا عن الخصم الذي ردها ففي الحالة الأولى يزول كل اثر لليمين الحاسمة
أما في الحالة الثانية فتزول اليمين وحدها و يبقي توجيهها قائما، أما بعد قبول الخصم لأداء اليمين الموجهة إليه فانه لا يمكن لمن وجهها أن يرجع عنها كما لا يمكن لمن قبلها أن يتنصل من هذا القبول .
و لا يعتبر قبولا لليمين أن يرضى الخصم بحلفها على بعض الوقائع دون البعض الآخر لان الحكمة من اليمين هي وضع حد نهائي للنزاع كله، غير أن التعديل البسيط لليمين لا يعد رفضا لها كما انه إذا صدر إقرار من الخصم الذي وجهت إليه اليمين لم يعد هناك محل لليمين و يعد هذا الإقرار أقوى من النكول عن اليمين و عليه يجوز لمن وجهها أن يرجع عنها ([11])
الفرع الثاني : الموجهة إليه اليمين الحاسمة .
توجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الذي يكون منكرا موضوع الحلف، لذلك لا بد آن يكون الخصم حقيقي أصلي في الدعوى و توجه إليه اليمين شخصيا لا إلى نائبه لأن حلف اليمين لا يجوز فيه التوكيل ،غير انه إذا حدثت الواقعة المطلوب التحليف عليها من النائب شخصيا لا من الأصيل كاستلام مبلغ ،فلا يجوز تحليف الأصيل إلا على علمه بها فحسب ويجوز تحليف النائب عليها على ألا يضار الأصيل بنتيجة الحلف ،و يجب أن تتوافر فيمن توجه إليه اليمين ما يشترط فيمن يوجهها من أهلية أي أن يكون أهلا للتصرف في موضوعها أو له ولاية في ذلك .
وبناءا على ما تقدم فلا يجوز توجيه اليمين إلى القاصر إلا فيما يملك من أعمال الإدارة و لا إلى الولي إلا فيما يملكه من أعمال التصرف دون إذن المحكمة، و لا إلى الوصي أو القيم إلا عن أعمال صدرت منه شخصيا في حدود ولايته كقبضه الدين المستحق للقاصر ([12]) و إذا كان الخصم شخصا معنويا وجهت اليمين إلى من يمثله قانونا ،و توافر الأهلية لا يكفي عند توجيه اليمين لا بد من استمرارها إلى أن يتم الحلف أو الرد.
أيضا لا بد أن يكون من توجه إليه اليمين ذا صفة في الدعوى فإذا انقضت الشركة المدعى عليها و زالت شخصيتها و انتهت سلطة مديرها في تمثيلها أو التصرف في حقوقها فلا يجوز توجيه اليمين الحاسمة إليه عن واقعة الوفاء بدين الشركة بعد زوال صفته في تمثيلها و التصرف في حقوقها.
و لا يجوز مطلقا توجيه اليمين الحاسمة من المتهم إلى المدعي المدني و لا من المدعي المدني إلى المتهم إمام المحكمة الجزائية سواء في الدعوى المدنية أو في الدعوى العمومية المنظورة أمامها لان المتهم لا يجوز تحليفه.
المطلب الثالث :آثار اليمين الحاسمة و سلطة القاضي في تقديريها .
الفرع الأول : آثار توجيه اليمين الحاسمة .
إذا وجهت اليمين وفقا للأحكام السابقة تترتب عن ذلك إما أن يقوم الخصم بحلفها أو بردها على صاحبها أو يرفض أدائها و لا يردها فيعتبر ناكلا.
أولاً: حلـف اليمين .
يجب على من وجهت إليه اليمين الحاسمة و لم يردها على خصمه أن يؤدي اليمين بنفسه لأنه إذا كان التوكيل في توجيه اليمين جائز فانه في أدائها غير جائز ،فإذا حلفها أصبح مضمون تلك اليمين حجة ملزمة للمحكمة و يحسم النزاع و يخسر من وجه اليمين دعواه سواء صدق الحالف بيمينه أو كذب فيها ،و يكون الحكم برفض الدعوى نهائيا تتعلق به حجية الشيء المحكوم فيه لان اليمين تشكل حجة قاطعة، فيمنع على المحكمة أن تتناول النزاع من جديد بأدلة أخرى كما يمنع على من خسر دعواه الطعن في الحكم بالاستئناف أو التماس إعادة النظر تأسيسا على كذب اليمين إلا إذا أثبت ذلك بحكم جزائي، و هنا يجوز للخصم المتضرر طلب التعويض أو الطعن في الحكم بالطرق المقررة قانونا استنادا إلى نص المادة 346 قانون مدني .
إذن ثبوت كذب اليمين شرط أساسي سابق على إقامة الدعوى السابقة بطلب التعويض أو إقامة الطعن على الحكم الصادر بناءا على حلف اليمين ،ونجد أن حجية اليمين الحاسمة قاصرة على طرفي النزاع فمن وجه اليمين و احتكم إلى ضمير خصمه كان أثر هذا الاحتكام قاصرا عليه هو وورثته بصفتهم خلفا عاما له و لا يتعدى أثرها غيرهم ،غير انه و استثناءا في حالات التضامن بين الخصم الذي أدى اليمين و بين غيره يستفيد المدينون المتضامنون من اليمين إذا حلفها احدهم أو إذا وجهها للدائن فنكل عنها و كذا بالنسبة للدائنين المتضامنين إذ تطبق قاعدة النيابة التبادلية فيما ينفع لا فيما يضر([13]) .
إذ تنص المادة 232 فقرة 2،3 من القانون المدني على أن " إذا نكل احد المدينين المتضامنين عن اليمين الموجهة إليه أو إذا وجه هذه اليمين إلى الدائن و أداها هذا الأخير فلا يضار بذلك باقي المدينين و إذا اقتصر الدائن على توجيه اليمين إلى احد المدينين المتضامنين و حلفها المدين فيستفيد منها الباقون ".
ثانياً: رد اليمـين :
تنص المادة 343فقرة 2 قانون مدني "و لمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه غير انه لا يجوز ردها إلا إذا قامت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين "
بناءا على ذلك يجوز لمن وجهت إليه اليمين أن يضع خصمه في المركز الذي وضعه فيه بدلا من أن يحلف أو ينكل ،و يشترط في اليمين المردودة ما يشترط في اليمين الموجهة من عدم وجود إكراه أو غلط أو نقص في الأهلية و يشترط أن تكون الواقعة موضوع أداء اليمين مشتركة بينهما،و ليست خاصة بمن وجهت إليه اليمين كواقعة الإقراض أو الوفاء .
و على من ردت عليه اليمين إما أن يحلف و يكسب دعواه أو ينكل و يخسر دعواه ،و لا يستطيع ردها مرة ثانية على خصمه لأن الرد لا يكون إلا مرة واحدة و يكون رد اليمين نهائيا لا رجعة فيه بمجرد قبول الخصم الذي ردت عليه اليمين بأن يؤديها أما إذا لم يقبل أدائها فيجوز لمن رد اليمين الرجوع عن رده لها مما يجعل التوجيه الأول قائما في حقه ،و هو ما تؤكده المادة 345 قانون مدني التي جاء فيها "لا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه حلف ذلك اليمين "
ثالثاً : النكول عن اليمين :
وفقا للمادة 347 قانون مدني التي جاء فيها"كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون ردها على خصمه و كل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه ".
و النكول موقف سلبي للخصم يتمثل في عدم الحلف حينما يجب عليه ذلك، و يقع النكول إما ممن وجهت إليه اليمين و لم يردها على خصمه و لا يحلف فيعد ناكلا ،و إما أن يقع ممن ردت عليه اليمين فان لم يحلف عد ناكلا و قد يعد النكول صريحا أو ضمنيا كما إذا ما امتنع الذي وجهت إليه اليمين عن الحضور بدون عذر للجلسة التي حددتها المحكمة لأداء اليمين لكن لا يعد نكولا رفض الخصم أداء اليمين على واقعة غير متعلقة بشخصه ([14]).
و يعد النكول بمثابة إقرار بالحق المدعى به عليه و بالتالي يترتب عليه خسران الناكل لدعواه و بالتالي يكون الحكم نهائيا لا يجوز الطعن فيه، و لا يسمح للمحكوم عليه بعد ذلك أن يثبت عدم صحة الواقعة التي اعتبرت صحيحة بناءا على نكوله أو الحلف من جديد لليمين ،وحجية اليمين الحاسمة من حيث النكول قاصرة إذ تكون حجة فقط على من وجهها و على خلفه العام أما في حالة التضامن فإذا نكل احد المدينين المتضامنين كان نكوله حجة عليه دون سائر المدينين .
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير اليمين الحاسمة .
انطلاقا من أن اليمين الحاسمة حق للخصم يوجهها متى أراد ذلك ،فذلك يعني أن القاضي لا يحق له أن يوجهها إلى احد الخصوم من تلقاء نفسه و إلا كان حكمه عرضة للنقض ،وبما أن حجية اليمين الحاسمة قاطعة إذا ما حلف الخصم الذي وجهت إليه فإنها حجة ملزمة للقاضي لا يجوز أن يتدخل و إنما يقتصر دوره على التأكد من أن ترتيب الآثار القانونية لليمين يكون في شكل صحيح .
غير أن المشرع أجاز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة إذا كان من وجهها متعسفا في ذلك استنادا للمادة 343 قانون مدني و هو ما أكدته المحكمة العليا في احد قراراتها "يجوز للقاضي منع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في ذلك "([15]) .
و لا يقصد بالتعسف بمعناه الاصطلاحي أي مجرد إساءة ممارسة الحق في طلب تحليف الخصم و إنما المقصود منه رقابة القاضي على الخصم بصدد توجيه اليمين للخصم بحيث لا يجوز له كلما تخلف شرط من الشروط الواجب توافرها فيه ،و بالتالي للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كانت الواقعة المراد التحليف عليها لا تتعلق بالدعوى أو غير منتجة فيها أو غير جائز قبول إثباتها باليمين الحاسمة ،أو كانت الواقعة عملا قانونيا مما يوجب القانون صبه في شكل خاص أو كانت واقعة مما أثبتها موظف عام في محرر رسمي مادام قام به بنفسه أو عاينه شخصيا أو إذا كان محل اليمين حق يقضي النظام العام بعدم جواز التنازل عنه كالحق في ثبوت النسب ([16]) .
وفي الحقيقة إن صور التعسف عديدة يصعب حصرها و تقدير القاضي لتوافر الشروط السالفة الذكر لا يخضع فيها لرقابة المحكمة العليا عكس تقديره لمخالفة موضوع اليمين للنظام العام فانه يخضع لرقابة المحكمة العليا في ذلك، من جانب آخر هذه السلطة التقديرية تمتد إلى سلطة تعديل صيغة اليمين غير أن هذا التعديل يكون قاصرا على الصيغة لإيضاح عباراتها و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا ([17]).
و يجوز دائما للخصم المطلوب توجيه اليمين إليه أن ينازع في جواز توجيهها إليه لعدم توافر شروطها كأن ينازع بان الواقعة المنطبق عليها اليمين لا تتعلق بشخصه و حينئذ على المحكمة أن تفصل في منازعته و أن توجه إليه اليمين على مقتضي ما تنتهي إليه و أن تحدد له جلسة لحلفها إن رأت توجيهها إليه لا يجوز اعتباره ناكلا قبل الفصل في هذه المنازعة .
المبحث الثاني
القرائن القانونية القاطعة
هي قرائن قانونية أقامها المشرع لاعتبارات هامة تقتضي أن تبقي قائمة في جميع الأحوال ليس تسهيلا لعملية الإثبات بل تعداه ليجعل من حجيتها قاطعة الدلالة و الثبوت و هي بذلك في منأى عن الإثبات العكسي لذلك و صفت بالقاطعة أو المطلقة .
لهذا سنحاول معرفة ارتباط القرينة القانونية القاطعة بفكرة الإثبات و كذا النظام العام و كيفية نقض هذه القرينة إن كان فيه مجال لذلك أم لا ،لننتهي في الأخير إلى بعض التطبيقات لهذه القرينة القانونية القاطعة .
المطلب الأول : ارتباط القرينة القاطعة بفكرة الإثبات و علاقتها بالنظام العام
الفرع الأول : ارتباط القرينة القانونية القاطعة بفكرة الإثبات
إن الطابع الاستثنائي للقرينة القانونية القاطعة و عدم إمكانية إثبات عكسها جعل البعض يشك في مدى تعلقها بفكرة الإثبات و على الرغم من أنها تقوم على أساس عنصر الغالب الوقوع إلا أنها لا تكون غالبا مطابقة للواقع مما يستلزم على المشرع أن يجعل للمدعى عليه الحق في إمكانية إثبات عكسها أو استبعادها وفقا لمبدأ حرية الإثبات و هو ما يغيب في بعض القرائن القانونية القاطعة مما جعلها تقترب من حيث الحجية إلى القواعد الموضوعية و تبتعد عن دائرة الإثبات .
لكن رغم هذا فانه لا يمكن الجزم بان القرائن القانونية القاطعة لا ترتبط بقواعد الإثبات مادام المشرع قد أقامها على أساس واقعتين، واقعة معلومة يجب إثباتها ممن تقررت لمصلحته القرينة و واقعة مجهولة تستنتج من الواقعة الأولى و هو بذلك يهدف إلى تحقيق غاية قضائية و هي تسهيل و تنظيم عملية إقامة الدليل و حجيته أمام
القاضي ،إلا أن الإثبات بالقرينة القانونية القاطعة أعطاه المشرع نوعا من الخصوصية عندما جعلها تتميز عن غيرها من وسائل الإثبات الأخرى حيث تتلاشي منطقة الإثبات لتصل إلى انعدامها و يختفي الحق في الإثبات و بالتالي إنشاء قاعدة إثبات، و حدد في الوقت ذاته منطقة الإثبات و قوة الدليل معاً و مثاله الضرر الذي يحدثه الحيوان عند إفلاته من يد حارسه جعله المشرع قرينة قانونية قاطعة على خطأ الحارس في القيام بواجبه في الحراسة و اعتبره المسؤول عن التعويض و منعه من جهة أخرى من إقامة الدليل لإثبات عكس هذه القرينة فيما يتعلق بنفي الخطأ لأن القرينة القانونية غير قابلة لإثبات العكس و إنما يستطيع نفي علاقة السببية بإثبات عكسها و هو السبب الأجنبي ([18]).
الفرع الثاني :علاقة القرينة القانونية القاطعة بالنظام العام
الأصل أن تكون القرينة القانونية غير قاطعة فتقبل إثبات العكس و هذا شان كل دليل ينظمه القانون لكن هناك قرائن أقامها المشرع لاعتبارات هامة خطيرة، يحرص كل الحرص على عدم الإخلال بها و لا يرجع ذلك بالضرورة إلى أن القرينة القاطعة هي الأكثر انطباقا على الواقعة من غيرها بل يرجع لاعتبارات يستقل بتقديرها المشرع مراعيا في ذلك المصلحة العامة و النظام العام حتى ولو اقر لمن قامت لمصلحته خلاف ما تقرره ، و الكثير من الفقهاء يضربون مثالا عن ذلك بقرينة حجية الشيء المقضي به ،رغم الخلاف الفقهي فاعتبارها قرينة قانونية قاطعة أو قاعدة موضوعية مادام أن المحكمة لا يجوز لها أن تثيرها من تلقاء نفسها .
المطلب الثاني : نقض القرينة القانونية القاطعة .
القرائن القانونية القاطعة باعتبارها قواعد إثبات و ليست قواعد موضوعية فانه يمكن دحضها و لو أنها لا تقبل إثبات العكس لهذا سنتطرق إلى الوسيلة التي تدحض بها القرينة القانونية القاطعة و أساس ذلك .
الفرع الأول : وسيلة دحض القرينة القانونية القاطعة .
كما قلنا أن القرائن القانونية و لو كانت قاطعة فهي قواعد إثبات و أيا كانت المرتبة التي أرادها المشرع لها في القطع و الحسم فهي لا تستعصي أن تدحض و لا يتأتي ذلك إلا بالإقرار القضائي و اليمين الحاسمة .
و يقصد بعدم جواز نقض قرينة الإثبات القاطعة عدم جواز ذلك ممن تقررت القرينة ضده و مادام الإقرار و اليمين يصدران ممن تقررت تلك القرينة لصالحه فانه لا محل لإعمالها، و هذا كله كون الإقرار و اليمين يعتبران من أهم وسائل الإثبات التي تقطع كل شك في حقيقة الواقعة المتنازع فيها .
والمشرع الجزائري لم يتناول مبدأ دحض القرينة القانونية القاطعة بالإقرار أو اليمين إلا انه من الجائز ذلك على اعتبار أن القرينة تقام في حق من تقررت لصالحه فله أن يتنازل عليها بحرية .
الفرع الثاني : أساس دحض أو استبعاد تطبيق القرينة القانونية القاطعة .
للقرينة القانونية القاطعة قوة ثبوتية بمجرد تحقق شروطها و لكنه و على الرغم من منعه نقضها مباشرة ممن قامت ضده، إلا انه و مع ذلك مكنه من استبعادها بطريقة غير مباشرة عن طريق إقرار الخصم أو نكوله عند أداء اليمين بعد أن وجهت له ،و الإقرار في هذه الحالة يجعل من النتيجة المفترضة للقرينة مستحيلة التحقيق في وقائع الدعوى المطروحة ،و عليه فإن استبعاد تطبيق القرينة القاطعة ليس راجعا لنقضها عن طريق الإثبات العكسي و إنما راجع لتنازل من وضعت هذه القرينة لمصلحته ،و مهما اجتهد الذي قامت القرينة ضده في تقديم الأدلة لإثبات عكسها أمام القاضي فلن يستطيع ذلك لأنها مفترضة افتراضا لا يتغير هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ما هو في حقيقة الأمر إلا تنازل عن حق أو حماية من طرف من قررت القرينة لمصلحته بعد أن التجأ خصمه للاحتكام إلى ضميره .
المطلب الثالث : تطبيقات القرينة القانونية القاطعة .
المشرع لم يجعل للقرينة القانونية القاطعة مجالا لإعمالها فيتم إعمالها في مجال المسؤولية المدنية عقدية كانت أو تقصيرية و يدور ذلك حول افتراض قيام أحد أركان المسؤولية أو افتراض قيام المسؤولية كما توجد حالات تقرر فيها القرينة القانونية القاطعة على أساس منع سماع أو قبول الدعوى أمام القضاء ،و هو ما نحاول التطرق إليه
الفرع الأول : القرينة القانونية القاطعة في مجال المسؤولية المدنية .
أولاً: في مجال المسؤولية العقدية :عمل القرينة القانونية القاطعة في مجال المسؤولية العقدية لا يكون إلا إذا تعلق الأمر بإخلال المدين بالتزامه التعاقدي أو كان محل الالتزام هو الالتزام بتحقيق نتيجة أما اذا كان محل الالتزام هو ببذل عناية فيكون فيه إثبات الالتزام خاضع للقاعدة العامة في الإثبات طبقا للمادة 323 قانون مدني .
ومن أهم الأمثلة في مجال المسؤولية العقدية قرينة مسؤولية ناقل الأشخاص التي تناولها المشرع في المادة 62 قانون تجاري إذ جعلها مسؤولية قائمة على الخطأ المفترض من طرف الناقل الذي لا يقبل إثبات العكس و لا يمكنه التخلص من هذه المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي وفقا لنص المادة 63 قانون تجاري و هذا مراعاة و حماية لمصلحة المسافرين و هو ما أكده قرار المجلس الأعلى إذ اعتبر إصابة المسافر أثناء تنفيذ عقد النقل قرينة قاطعة على خطأ الناقل ([19])
- ثانياً :في مجال المسؤولية التقصيرية : بما أن الخطأ هو محور المسؤولية التقصيرية و جودا و عدما فان المشرع عمد بالنظر لكثرة الحوادث و تداخل الأخطاء في وقوعها و هو ما يؤدي بالمتضرر في كثير من الأحيان إلى تضيع حقوقه إما لعجزه عن تحديد المسؤول و إما لصعوبة إثبات الخطأ لذلك لجأ المشرع إلى تحديد الشخص المسؤول و أقام مسؤوليته على أساس الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس ،من ذلك قرينة الخطأ في مسؤولية حارس الحيوان المنصوص عليها في المادة 139 قانون مدني و مسؤولية حارس الشيء المنصوص عليها في المادة 138 قانون مدني حيث أن المشرع ساوى بين هاتين المسؤوليتين و جعل أساسهما الخطأ المفترض افتراضا لا يقبل إثبات العكس و لا تنتفي المسؤولية في كليهما إلا بإثبات السبب الأجنبي و ليس على المضرور إقامة الدليل على مسؤولية الحارس و إنما يثبت فقط أن الضرر سببه الشيء أو الحيوان.
الفرع الثاني : قرائن قانونية قاطعة بعدم قبول الدعوى للتقادم أو لسبق الفصل فيها .
القرينة القانونية القاطعة إذا كانت قائمة على اعتبارات روعيت فيها المصلحة العامة كحجية الشيء المقضي به و التقادم، فانه لا يجوز دحضها حتى بالإقرار أو اليمين فيبقي الحكم قرينة قاطعة على ما قضي به حتى ولو أقر من صدر الحكم لمصلحته بأنه خاطئ و يبقي الحق مقضيا أو مكسوبا بالتقادم حتى لو أقر من تم التقادم لمصلحته بان الحق لم ينقض أو لم يكسب ،و عليه الذي لا يدحض بالإقرار أو اليمين كحجية الشيء المقضي و التقادم ليس قرينة قانونية بل هو قاعدة موضوعية تقوم هي أيضا علي فكرة الراجح الغالب الوقوع ([20])، بما أن المجال لا يتسع للتميز بين القواعد الموضوعية و القرائن القانونية فإننا سنحاول التطرق إلى حجية الأمر المقضي به و التقادم كقرائن قانونية قاطعة .
أولاً: التقادم المسقط .
التقادم مكسبا أو مسقطا قاعدة موضوعية إجبارية و ليس قرينة قانونية قاطعة و هذا المبدأ محل إجماع الفقهاء ،غير أن هذا الأصل يرد عليه استثناء يتعلق بالتقادم المسقط بسنة واحدة و هو ما تناوله المشرع في نص المادة 312 قانون مدني المتعلقة بالتقادم القصير لحقوق التجار و الصناع عن الأشياء التي وردوها و كذا حقوق أصحاب الفنادق و المطاعم و المبالغ المستحقة للأجراء و التي أقيمت في شأنها قرينة قانونية قاطعة على أنها دفعت بعد مرور سنة دون المطالبة بهذه الحقوق، غير انه في الوقت ذاته اعتبرها دليل غير كامل إذ عزز هذه القرينة بيمين ([21]) ،يحلفها المدين على واقعة شخصية له هي أداؤه الدين فعلا و إذا كان قد مات خلف الورثة أو أوصيائهم إذا كانوا قصرا بيمين عدم العلم بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء ،و هذه اليمين إجبارية للقاضي يوجهها من تلقاء نفسه إلى المدين وورثته دون الدائن و سواء طلبها هذا الأخير أم لا،و القاضي ملزم بنتيجتها بحيث إذا حلفها المدين كسب دعواه و إذا نكل عنها كان ذلك إقرار منه بعدم دفعه للدين المطالب بدفعه .
ثانياً : قوة الشيء المقضي به .
أدرج المشرع قوة الشيء المقضي به في نص المادة 338 قانون مدني و اعتبرها قرينة قانونية مع أن هناك سجال فقهي بين من يرى أن قوة الشيء المقضي به لا تستند إلى قرينة قانونية قاطعة بل هي قاعدة موضوعية لا تقبل النقض و لو بالإقرار أو اليمين و وضعها بين القرائن القانونية يعتبر خطأ شائع ([22])، فالأستاذ زهدور يعتبر الأحكام التي حازت قوة الشيء المقضي به هي قواعد موضوعية وليست قرائن قانونية قاطعة، حيث يقول:"يلاحظ أن المشرع الجزائري امتثالا لما ذهب إليه المشرع الفرنسي والمشرع المصري اعتبر الأحكام التي حازت قوة الشيء فيه قرينة قانونية قاطعة لا تقبل أي دليل ينقضها، مع أن هذه القاعدة ليست قرينة قانونية وإنما قاعدة موضوعية بنيت على قرينة، لأن القرينة القانونية باعتبارها وسيلة إثبات تقتضي أن تكون قابلة لإثبات عكسها، كما أن القرينة القانونية تؤدي إلى وجود دليل يساعد على حل نزاع لازال لم يفصل فيه بعد، بينما الأحكام التي حازت قوة الشيء المقضي فيه فصلت في نزاع و انتهى أمره، لذلك فإن الأحكام التي حازت قوة الشيء المقضي فيه في الحقيقة هي قاعدة موضوعية مبنية على قرائن"([23]).
و هناك من يرى بأن قوة الأمر المقصي به هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الإثبات بالعكس لأنها تقوم على مبدأ احترام الأحكام القضائية([24]).
لذلك بين هذا و ذاك سوف نتطرق في المبحث الثالث إلى مختلف الأحكام المتعلقة بحجية الشيء المقضي به.
المبحث الثالث
قوة الشيء المـقضي به
كما سبق الـذكر فمهما تعددت الآراء الفقهية فالمشرع هو الذي يمسك في يده زمام القواعد الموضوعية و القرائن القانونية فيرتفع إن شاء بالقرينة القانونية إلى منزلة القاعدة الموضوعية ويهبط إن شاء بالقاعدة الموضوعية إلى مرتبة القرينة القانونية .
و بالرجوع إلى المادة 338 قانون مدني فإن" الأحكام التي حازت قوة الشيء المقضي به تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول أي دليل ينقض هذه القرينة ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم و تتعلق بحقوق لها نفس المحل و السبب."
و معنى قوة الشيء المحكوم به أو قوة الأمر المقضي به أن الحكم متى أصبح نهائيا يعتبر قرينة قانونية قاطعة على صحة ما قضى به لا تقبل إثبات ما ينقضها، وذلك لأن الحكم النهائي يجب أن يعتبر حكما صحيحا للضمانات التي أوجدها الشارع في الإجراءات ([25]).
ولا يعتبر الحكم نهائيا متى كان قابلا للطعن فيه بطريق المعارضة أو الاستئناف ومتى كان كذلك فان الحكم لا يحوز إلا حجية الشيء المقضي عند صدوره .
مع الإشارة إلى أن الفقرة الثانية من المادة السالفة الذكر لم تجز للمحكمة إثارة هذه القرينة تلقائيا وهو ما سايره قضاء المحكمة العليا ([26]).
هذا الموقف الذي اتخذه المشرع من عدم جعل قوة الشيء المحكوم به من النظام العام يدفع بالقول إلى انه يعتبرها ضمنيا قاعدة موضوعية و ليست قرينة قانونية ومن ثمة فإثارتها من طرف القاضي دون طلب من الخصوم هو خرق لمبدأ حياد القاضي ، وهو نفس الموقف الذي اتخذه المشرع المصري سابقا، غير انه بصدور قانون الإثبات الجديد ومن خلال نص المادة 101 جعل هذه الحجية من النظام العام تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها و في أية حالة كانت عليها الدعوى و بغير طلب من الخصوم.
لذلك سنتطرق إلى الشروط الواجب توافرها في الحكم في مطلب أول و إلى الشروط اللازم توافرها في الحق المدعى به في مطلب ثاني و آثار قوة الشيء المقضي به و سلطة القاضي بشأنها في مطلب ثالث
المطلب الأول: الشروط الواجب توافرها في الحكم .
هناك شروط يجب أن تتوافر في الحكم النهائي حتى يمكن التمسك بقرينة قوة الشيء المقضي به وهي أن يكون الحكم صادرا عن جهة قضائية في إطار سلطتها القضائية وفي حدود اختصاصها وأن يكون الحكم قطعياً ([27]).
الفرع الأول: صدور الحكم عن جهة قضائية بموجب سلطتها القضائية وفي حدود اختصاصها.
ويقصد بالحكم هنا الذي يفصل في نزاع بين طرفين أو أكثر صدر عن المحكمة بموجب سلطتها القضائية لا بموجب سلطتها الإدارية و الولائية، ومن ذلك أحكام رسو المزاد في البيوع القضائية سواء كانت جبرية أو اختيارية ،فهي لا تخرج عن كونها عقود بيع حصلت على يد المحكمة كالعقود الرسمية التي تحصل على يد الموثق إلا إذا حصلت أثناء ذلك مسألة فرعية وفصلت فيها المحكمة فيحوز الحكم قوة الشيء المقضي به بالنسبة لهذه المسألة الفرعية ([28]).كما يخرج من مفهوم الحكم ما تصدره المحكمة خارج أي نزاع وفي غير مواجهة الخصوم كما هو الحال في الأوامر الولائية، بل أن هناك أحكام قضائية بالمعنى التام للكلمة ومع ذلك لا تحوز قوة الشيء المقضي به كما هو الحال بالنسبة للدعاوى المتعلقة بحالة الأشخاص كدعاوى إثبات الزواج و إثبات النسب، وذلك لكونها تعتمد على شهادة الشهود أساسا و هؤلاء من المحتمل غيابهم فترفض الدعوى لعدم تأسيسها لكن ما دامت تتعلق بأمر مهم في حياة الأفراد فانه لا مانع من إعادة رفعها حال توافر الدليل الذي يثبت المركز القانوني المدعى به وهو ما أكدته المحكمة العليا في احد قراراتها إذ جاء فيه :"
وحيث أن قضية الحال تعد من قضايا الحالة وبالتالي فلا تطبق بشأنها المادة 338 من القانون المدني لأن مثل هذه القضايا تعتمد غالبا على الشهود وهؤلاء تارة يحضرون و أخرى يغيبون لتغير إقامتهم وسكناهم مما يجعل
بعض الأزواج يعجزون عن تقديم حججهم فكان على قضاة الموضوع القيام بإجراء تحقيق للوصول إلى الحقيقة " ([29]).
أيضا بالنسبة للأحكام التي لا تتفق مع نصوص الميراث لا تكتسي قوة الشيء المقضي به لأن الميراث وصية الله وكل ما يتعلق به يعتبر من النظام العام.
ولا بد أن تكون المحكمة مختصة بإصدار الحكم ،فإذا كان عدم الاختصاص من النظام العام بحيث يمكن التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، و القاضي يثيره من تلقاء نفسه، ولا يملك الخصوم الاتفاق على ما يخالفه كما لو قضت محكمة مدنية في دعوى من اختصاص القضاء الإداري ،فإن الحكم لا يحوز قوة الشيء المقضي به .
أما إذا كان عدم الاختصاص لا يعد من النظام العام و يتعلق الأمر بالاختصاص المحلي ،فإن هذا لا يؤثر على حيازة الحكم لقوة الشيء المقضي به متى أصبح نهائيا.
الفرع الثاني: أن يكون الحكم قطعياً.
الأحكام القطعية هي التي تقطع النزاع في نقطة ما و بإصدارها تصبح المحكمة معزولة عن تعديلها أو نقضها مع بقاء الحق للخصوم للطعن فيها بطريق المعارضة أو الاستئناف أي انه يفصل في موضوع الدعوى أو في بعضه أو دفع أو مسألة فرعية .
لذلك هناك أحكام لا تحوز قوة الشيء المقضي به لأنها تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى و تتعلق أساسا بالأحكام التحضيرية و الأحكام التمهيدية و الأحكام الوقتية .
فالحكم التحضيري هو الذي تصدره المحكمة أثناء سير الدعوى بإجراءات معينة دون أن تبين المحكمة رأيها فيها مع أن لها الحق في العدول عنها إذا وجدت أنه لا فائدة من ذلك للدعوى ،ولها أيضا ألا تأخذ بنتيجتها بعد تنفيذها إذا كونت اعتقادها في الدعوى بوسائل أخرى.
أما الحكم التمهيدي هو الذي يمهد للحكم في الدعوى و يدل على اتجاه رأي المحكمة،هذا الحكم يصدر من المحكمة من تلقاء نفسها أو بطلب من الخصوم ، و عند تنفيذ الحكم التمهيدي في حالة طلبه من الخصوم فإنه يكون قد بت في أمر وحسم النزاع فيه هذا فضلا عن أنه قد أصبح حقا مكتسبا للطالب لذلك يحوز قوة
الشيء المقضي به من جهة وجوب تنفيذه و هو الاتجاه الذي أكدته المحكمة العليا في احد قراراتها الذي جاء
فيه :
"إن الحكم التمهيدي يحوز على قوة الشيء المقضي به و أنه لا يجوز إبطال دعوى المدعي الذي حاز حقوقا أصبحت ثابتة بمقتضى الحكم التمهيدي....." ([30]).
أما الأحكام الوقتية كالحكم الصادر بتعيين حارس قضائي على مال متنازع عليه ، فإنها لا تحوز قوة الشيء المقضي به في موضوع النزاع ،بل يمكن للمحكمة التي أصدرت الحكم أن تغيره قبل الحكم في الموضوع إذا دعت الضرورة إلى إصدار حكم وقتي آخر مخالف للأول.
أما بالنسبة للأحكام التهديدية الصادرة بتوقيع غرامة تهديديه فإنها لا تحوز قوة الشيء المقضي به على عكس الحكم بتصفيتها فإنه يحوز على قوة الشيء المقضي به.
الفرع الثالث: أجزاء الحكم التي تثبت لها قوة الشيء المقضي به.
الأصل أن العبرة بمنطوق الحكم لا بأسبابه غير أنه متى كانت الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطا وثيقا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها وتكون معه وحدة لا تتجزأ، يرد عليها ما يرد عليه فإن هذه الأسباب تحوز قوة الشيء المقضي به ([31]).
ولا مانع من أن بعض المقضي به يكون في الأسباب، فإذا قضت المحكمة ببطلان عقد البيع بعد أن استعرضت في أسباب حكمها الأوجه التي دار النزاع حولها طلبا ودفعا وبحثت في هذه الأوجه و فصلت فيها فصلا تاما ،ثم وضعت بالمنطوق الحكم ببطلان البيع وهو نتيجة ما وضعته في الأسباب لذلك يجب أن يكون الفصل في الأسباب فصلا جديا بعد بحث جدي و مرافعة بين الخصوم أما مجرد الإشارة إلى قرائن تعزز صحة ما ذهبت إليه المحكمة في حكمها فلا يكفي .
وقد تثار مسألة فرعية في الدعوى و يرافع فيها الخصوم فتبحثها المحكمة في الأسباب دون المنطوق فالحكم يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة للمسألة الفرعية أيضا، ولا يخفى أن الحكم في المسألة الأصلية يبنى في على الحكم في المسألة الفرعية لذلك كل فصل في الأسباب في نقطة حاسمة في الدعوى يحوز قوة الشيء المقضي به ولو لم يذكر في المنطوق .
و قوة الشيء المقضي به ليست مقصورة على المنطوق الصريح للحكم بل قد يكون للحكم منطوق ضمني ،و هذا المنطوق يحوز قوة الشيء المقضي به أيضا بشرط أن يقتضيه المنطوق الصريح حتما وبطريق اللزوم العقلي ولو لم يذكر في الأسباب .
المطلب الثاني : الشروط اللازم توافرها في الحق المدعى به .
دائما و حسب نص المادة 338 قانون مدني فإنه يجب التأكد من توفر ثلاثة شروط، و هي اتحاد الموضوع أو محل الحق و اتحاد السبب واتحاد الخصوم باتحاد صفاتهم، و ذلك لقيام قرينة حجية الشيء المحكوم به القاطعة لأن أي نقض فيها و في أي شرط من شروطها من شأنه أن يؤثر على قوة قطعها التي تمنع الخصوم من رفع دعواهم مرة أخرى منعا باتا .
الفرع الأول : إتحاد الموضوع أو محل الحق .
حتى يمكن التمسك بقوة الشيء المقضي به يجب أن يكون موضوع الدعوى الثانية أو محل الحق فيها هو بعينه موضوع الدعوى المحكوم فيها ،ويعد موضوع الدعويين متحدا إذا كان الحكم الصادر في الدعوى الثانية مناقضا للحكم السابق وذلك بإقرار حق أنكره هذا الحكم أو بإنكار حق أقره فيناقض الحكم الثاني الحكم الأول ،فصحة العقد وطلب بطلانه وجهان متقابلان والقضاء بصحة العقد يتضمن حتما القضاء بأنه غير باطل
والحكم بشيء يسري على ملحقاته أو بما يتفرع عنه فمن يحكم له
بملكية منزل لا يمكن لخصمه الذي كان ينازعه في الملكية أن ينازعه في استحقاقه لريعه لذلك يصح أن يقال بان الحكم بالكل يسري على الجزء ،غير أنها ليست قاعدة مطلقة فقد يرفع وارث دعوى ضد آخر بأكثر من نصيبه في التركة فترفض دعواه فإن هذا لا يمنعه من المطالبة بنصيبه فيما بعد إلا إذا حكم بأنه غير وارث .
ولا يعتبر الموضوع متحدا لمجرد تعلق النزاع في الدعويين بشيء واحد بل العبرة بموضوع النزاع ذاته،
غير أنه إذا طرأت واقعة جديدة بعد الحكم الأول لا يمكن التمسك بقوة الشيء المقضي به و يصح أن يصدر حكم ثاني مخالف للأول فمسألة ما إذا كان الموضوع متحدا أم لا مسألة موضوعية بحتة تفصل فيها محكمة الموضوع دون رقابة المحكمة العليا عليها في ذلك.
الفرع الثاني: إتحــاد السبب.
السبب هو الأساس القانوني الذي يبـنى عليه الحق أو ما نتج عنه،لذلك يجب أن يكون السبب متحدا في الدعويين حتى يمكن التمسك بقوة الشيء المقضي به فإذا تغير السبب لا يمكن ذلك ولو كان الموضوع واحدا والخصوم هم أنفسهم، فالحكم في دعوى استرداد الحيازة لا يحوز قوة الشيء المقضي به في دعوى طلب تسليم العين باعتبارها مؤجرة ، و إنكار التوقيع على عقد لا يمنع بعد الحكم بصحة التوقيع من الطعن فيه بصدوره في مرض الموت .
وكما يسري وجوب وحدة السبب على الطلب يسري على الدفع، فإذا دفع شخص دعوى مطالبة بدين بالوفاء وحكم ضده يستطيع رفع دعوى ببراءة ذمته بناءًا على التقادم .
والعبرة في وحدة السبب هي بوحدة المسألة الأساسية التي يبنى عليها الحكمان دون اهتمام بوحدة التاريخ الذي قد تذكره المحكمة الأولى وتصححه المحكمة الثانية ،ولا يؤثر أيضا تغير الحجة القانونية أو الوصف القانوني كما لو أريد التمسك بنص قانوني لم يحصل التمسك به في الدعوى الأولى ولم يطبقه القاضي فإن هذا غير ممكن .
ويجب عدم الخلط بين السبب من جهة ودليل الإثبات من جهة أخرى، فمن ادعى وفائه بدين فإن سبب ادعائه هو براءة ذمته فإذا حاول إثبات ذلك بشهادة الشهود فلم يفلح فلا يجوز له تجديد دعواه بتقديم دليل كتابي لأن السبب هو ذاته والاختلاف انحصر في وسائل الإثبات .
الفرع الثالث: إتحاد الخصوم وإتحاد صفاتهم .
ليس من العدل أن يعطى للحكم أية قوة ضد شخص لم يكن خصما في الدعوى لم يدافع عن حقوقه والمقصود أن يتحد الخصوم قانونا لا طبيعة، فلا يشترط أن يكون الخصوم هم بأشخاصهم الذين حضروا في الدعوى الأولى فإذا وكل شخص محاميا ورفع هذا الأخير الدعوى ورفضت فلا يصح أن يجددها الموكل بحجة أنه شخص غير المحامي وبالتالي الحكم الذي صدر في مواجهة الوكيل يحوز قوة الشيء المقضي به في مواجهة الموكل ، و هو نفس الحكم الذي ينطبق على الوصي الولي والقيم مع الإشارة إلى أن الأحكام الصادرة في مواجهة ممثل الخصم لا تسري على نفس الخصم إلا في حدود نيابة الممثل والسلطة المخولة له، وهكذا كلما اتحدت الشخصية واختلفت الصفة لا يحوز الحكم قوة الشيء المقضي به بالنسبة للصفة الأخرى سواء كان لصالح المحكوم عليه أو ضده.
أما الحكم في مواجهة الأصيل أو السلف فإنه يسري على الخلف العام كما هو الحال بالنسبة للوارث أو الموصى له، غير أنه لا يسري الحكم على الوارث إذا كانت هناك مخالفة للقانون ،كما لو باع المورث عينا
لأحد ورثته واحتفظ بحيازته و بحقه في الانتفاع ورفع عليه الوارث دعوى وحكم له بصحة البيع، فإن هذا الحكم لا يسري على غيره من الورثة .
أما الخلف الخاص فإن الحكم لا يسري عليه إلا إذا كان سابقا على اكتسابه لحقه ،أما بالنسبة للمدينين المتضامنين فإذا صدر حكم لصالح أحدهم فإنه يستفيد منه الباقون والحكم ضده لا يضرهم، لأنه يعتبر وكيلا عنهم فيما ينفعهم لا فيما يضرهم إلا إذا كان الحكم مبنيا على سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه فإنه لا يفيد الباقين ولا يضرهم الحكم الذي صدر ضده .
المطلب الثالث :آثار قوة الشيء المقضي به و سلطة القاضي التقديرية بشأنها .
الفرع الأول :آثار قوة الشيء المقضي به .
متى توافرت الشروط المتعلقة بالحكم ذاته أو الحق المدعى به، ترتب أثر هام هو أن ما قضى به الحكم قد جعل ما كان محل النزاع حقيقة ثابتة قانونا،وذلك من حيث وجود محتوى العلاقة القانونية محل النزاع فلا يمكن التراجع عن الشيء المقضي به ولو كان الحكم الصادر يتناقض وقانون لاحق أو اعتمد على قانون قد ألغي فيما بعد.
وبما أن قرينة الأمر المقضي به وضعت لحماية المصالح الفردية الخاصة فإنه يجوز للخصوم أن يتنازلوا عن الدفع بها وهذا التنازل سواء صريح أو ضمني .
أيضا وكما سبق ذكره فقوة الشيء المقضي به ليست من النظام العام لا يمكن للمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها، غير أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمنازعات الإدارية إذ تعد قوة الشيء المقضي به من النظام العام ومن ثم يمكن للقاضي الإداري إثارتها من تلقاء نفسه خاصة في دعوى تجاوز السلطة لأنه لا يمكن التمسك بقرار إداري مخالف لمبدأ المشروعية ،مما يجعل قوة الشيء المقضي به من وسائل حماية المشروعية ([32]).
أيضا لا يجوز إثارة الوجه المتعلق بمخالفة قاعدة قوة الشيء المقضي به لأول مرة أمام المحكمة العليا.
الفرع الثاني: سلطة القاضي التقديرية بشأن قوة الشيء المقضي به .
إن الأحكام التي حازت قوة الشيء المقضي به قرينة قانونية قاطعة لا تقبل أي دليل ينقضها متى تمسك بها الخصم، وهي ملزمة للقاضي يقتصر دوره بشأنها في التأكد من توافر الشروط اللازمة لقيامها غير أن قرينة قوة الشيء المقضي به لا تحول دون تفسير الخطأ المادي الذي وقع في الحكم بشرط أن يشمل الحكم سواء في منطوقه أو في أسبابه العناصر اللازمة لهذا التصحيح بحيث لا تكون هناك حاجة مطلقا للبحث في الموضوع مرة أخرى ([33]).
كذلك ويمكن طلب تفسير الحكم إذا كان فيه لبس أو غموض إنما لا يصح أن يتخذ ذلك وسيلة لإحداث تعديل أو تغيير فيه ، وسلطة محكمة الموضوع في تفسير الأحكام التي يحتج بها لديها هي كسلطتها في تفسير سائر المستندات التي تقدم لها ، فلقاضي الموضوع أن يأخذ بما يراه مقصودا منها بشرط أن يبين في أسباب حكمه الاعتبارات التي استند عليها .
[1] - د/ الغوثي بن ملحة، قواعد وطرق الإثبات و مباشرتها في النظام القانوني الجزائري، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الأولى، 2001، ص85.
[2] - ملف رقم 44822 المؤرخ في 12/10/1988، المجلة القضائية لسنة1990، العدد الثاني، ص 190 .
[3] - د / يحي بكوش , المرجع السابق ,ص ،317.
[4] -القرار رقم 282159، المجلة القضائية لسنة 2004 ،العدد الأول، ص 97.
[5] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص542.
[6] - قرار المحكمة العليا رقم 520422 المؤرخ في 05/04/1989 ،المجلة القضائية لسنة 1991 ،العدد الأول، ص 14 .
[7] - د/ محمد زهدور، المرجع السابق ،ص66.
[8] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص554.
[9] - د/ سليمان مرقس، المرجع السابق، ص752.
[10] - د/ سليمان مرقس، المرجع السابق، ص754.
[11] - د / يحي بكوش ,مرجع سابق , ص315 و316.
[12] - د/ سليمان مرقس، المرجع السابق، ص761 .
[13] - د/ محمد زهدور، المرجع السابق ،ص65.
[14] - د/ يحي بكوش ,مرجع سابق , ص326.
[15] - القرار رقم 159335 الصادر في 30/04/1990 المجلة القضائية لسنة1992، العدد الأول، ص29.
[16] - د/ سليمان مرقس، المرجع السابق، ص779.
[17] -القرار الصادر في 26/10/1998 المجلة القضائية لسنة 1999 العدد الثالث.
[18] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص611.
[19] -القرار رقم 27429، مجلة الاجتهاد القضائي لسنة 1987، ص 18.
[20] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص615 و616.
[21] - يوجد خلاف فقهي حول طبيعة هده اليمين مع العلم بأنها يمين الاسيثاق فهناك من يرى بأنها يمين حاسمة وهو رأي الأستاذ سليمان مرقس وهناك من يرى بأنها يمين متممة وهو رأى الأستاذ عبد الرزاق السنهوري ولكل تأسيسه في ذلك.
[22] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص624.
2 - د/ محمد زهدور- المرجع السابق- صفحة87 .
3- د/ الغوثي بن ملحة ,القانون القضائي الجزائري, الجزء الأول, ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1994.ص149-150.
[25] - أ / احمد نشأت، رسالة الإثبات، الجزء الثاني، الطبعة السابعة، ص 203.
[26] - القرار رقم 741924 المؤرخ في 18/06/1991 المجلة القضائية لسنة 1994، العدد الثاني، ص 59.
[27] - د/ محمد زهدور, المرجع السابق, ص89 .
[28] - أ / احمد نشأت، المرجع السابق، ص 209.
[29] - القرار رقم 262912 الصادر في 18/04/2001 المجلة القضائية لسنة 2002 العدد الثاني,ص411.
[30] - القرار رقم 24509 المؤرخ في 03/03/1982 المجلة القضائية لسنة 1989، ص 26 .
[31] - أ / احمد نشأت، المرجع السابق، ص 245.
[32] - أ / لحسن بن شيخ آث ملويا، دروس في المنازعات الإدارية، دار هومة للطباعة ، الطبعة الأولى، الجزائر، 2006 ،ص 288.
[33] - أ / احمد نشأت، المرجع السابق، ص 400.