احكام في عقود النقل البحري( نقل البضائع عن طريق البحر) ونطاق مسؤولية الناقل

تحكيم في عقود النقل البحري

عقود النقل البحري، صياغتها و أنواعها

إعداد
المحامي الدكتور عمر مشهور حديثة الجازي
الجازي ومشاركوه – محامون ومستشارون قانونيون
المبحث الأول: مقدمة في قانون النقل البحري
1. التعريف بالقانون البحري و خصائصه ومصادره.
2. تكوين عقد النقل البحري للبضائع وخصائصه وأطرافه.
3. كيفية إثبات عقد النقل البحري للبضائع .
4. الوظائف الأساسية لبوالص الشحن.
5. آثار عقد النقل البحري :
أ‌. التزامات وحقوق الشاحن ( المرسل).
ب‌. التزامات وحقوق الناقل.
ج‌. التزامات وحقوق المرسل إليه.


بسم الله الرحمن الرحيم
مـقـدمــة:
يمثل البحر أهمية قصوى بالنسبة للمجتمع الإنساني في العالم بأسره، ويرجع السبب في تلك الأهمية ليس فقط لكونه وسيلة جوهرية للتعارف والتواصل بين الشعوب، إنما جسراً ضخماً للتجارة ومخزناً هائلاً للثروات والموارد الطبيعية. فالنشاط البحري يعتبر من أبرز أنواع الأنشطة التجارية انتشارا لا سيما وأن البحار والمحيطات تمثل حوالي 71% من مجموع المسطح الكلي للكرة الأرضية.
i.

التعريف بالقانون البحري وخصائصه ومصادره

يذهب الفقه في عمومه إلى تعريف القانون البحري أنه مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالملاحة البحرية التي تتم في البحر.
ولتعريفه بصورة أوضح فهو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الناشئة عن الملاحة البحرية، فهو القانون الذي ينطبق في البحر باعتباره المكان الذي تجري فيه هذه الملاحة البحرية، بواسطة سفينة قابلة للملاحة.

مصادر القانون البحري:-

إن المصادر التي يلجأ إليها الباحث في القانون البحري هي كالمصادر التي يلجأ إليها في فروع القانون الأخرى وهي بالتالي تنقسم إلى :

أولاً:- مصادر ملزمة:-

أ‌. التشريع : هو القواعد القانونية العامة المجردة التي تصدر عن السلطة المختصة بشكل مكتوب ويلحق به نصوص التشريعات الأخرى التي تصدر مكملة أو معدلة لما جاء به التشريع الأصلي، ومن هنا نجد أن قانون التجارة والقانون المدني يعتبر كل منهما بمثابة القواعد العامة للقانون البحري.
ب‌. العرف البحري : وهو يأتي في المرتبة الثانية بعد التشريع فهو قانون نشأ في أحضان الأعراف البحرية، والعرف البحري هو ما يكون بحكم إعتياد الأفراد واضطرارهم على الخضوع لأحكامه اعتقاداً منهم بوجوبه ولزومه وصفة الإلزام هي ما يميز العرف عن العادة البحرية التي لا تصل لحد الإلزام وتستمد قوتها من أخذ الناس بها صراحة أو ضمناً، فلا بد لإثباتها أن يقوم دليل على وجوبها أما العرف فلا حاجة لإثباته لأنه يرقى إلى مرتبة القاعدة القانونية التي يفترض بالقاضي العلم بها.

ثانياً:- المصادر التفسيرية أو التكميلية:-

أ‌. أحكام القضاء : وهي مصادر استرشادية يستأنس بها القاضي عند النظر في المنازعات التي تعرض عليه ويستعين بها لتفسير ما يراه غامضاً من نصوص قانونية.
ب‌. الفقه : والمقصود به مجموع ما يستنبطه الفقهاء في القانون البحري عند شرحهم لنصوصه وتعليقاتهم على أحكام القضاء المتعلقة به.
تكوين عقد النقل البحري وخصائصه:
تعريف عقد النقل البحري : هو العقد الذي يلتزم بمقتضاه شخص يسمى الناقل بأن ينقل بحراً بضائع لشخص آخر لقاء أجر معلوم.
وعقد النقل البحري يأخذ صورتين أساسيتين :-
1. أن يكون ضمن عقود مشارطة الإيجار ( Charter parties ).
2. أن يكون عن طريق بوالص شحن ( Bills of Lading ).
في عقود مشارطة إيجار السفن يتعهد صاحب السفينة بوضع السفينة تحت تصرف المستأجر مقابل أجر بقصد الاستغلال البحري لمدة محدودة أو للقيام برحلة أو رحلات معينة، فالمؤجر يستأجر استعمال السفينة، أما في حالة حجز جزء من السفينة للنقل عليها فإن هذا يتم عادةً عن طريق إصدار بوالص الشحن.
ويتميز عقد النقل البحري بمجموعة من الخصائص، فهو عقد رضائي ومن العقود الملزمة للجانبين وهو عقد تجاري ومن عقود الإذعان. وسنوضح هذه الخصائص بشيء من التفصيل:
1. عقد النقل عقد رضائي:
إن عقد النقل عقد رضائي يتم شفوياً بين أطرافه فهو ينعقد قبل إصدار سند الشحن خاصة في الحالات التي يتم فيها النقل على سفن خطية تسير وفق جداول زمنية موضوعة مسبقاً، فهو عقد غير شكلي لا تلزمه الرسمية، كما أنه ليس عينياً فلا يشترط لتمامه تسليم الشيء المراد نقله.
وقد قررت محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 117 في جلسة 26/6/1978 أن الكتابة في عقد النقل البحري شرط لإثباته لا لصحته أو إنعقاده فهو من العقود الرضائية ينعقد بتطابق إرادتي الناقل والشاحن على نقل البضاعة بحراً وتسليمها إلى المرسل إليه في ميناء الوصول".
والواقع العملي يشير إلى أن عقد النقل البحري يبرم بين الطرفين قبل صدور سند الشحن الذي يوقعه الربان أو وكيل السفينة وبالتالي يكون سند الشحن دليلاً كتابيا على إبرام عقد النقل إلا لأنه ليس الوسيلة الوحيدة لإثباته وبالتالي يجوز للشاحن إثبات شروط العقد الشفوي بكافة الوسائل، فسند الشحن ليس هو عقد النقل بل هو إثبات له.
وقد نصت المادة (198 ) من قانون التجارة البحرية أن الكتابة هي شرط إثبات، استثناءً من الأصل في إثبات العقود التجارية بكافة الوسائل (قاعدة حرية الإثبات).
2. عقد ملزم للجانبين:-
عقد النقل البحري عقد تبادلي يلتزم فيه الناقل بنقل البضاعة بحراً وفي مقابل ذلك يلتزم الشاحن بدفع الأجرة المتفق عليها، فهذان الالتزامان متقابلان في العقد ومترابطان فيما بينهما وقد نصت المادة (203) من القانون المدني على الالتزامات المتقابلة.
3. عقد النقل البحري من عقود الإذعان:-
عقود الإذعان هي من العقود التي تتلاشى فيها إدارة أحد الطرفين أمام قوة الطرف الآخر، الذي يقبل شروط الطرف الأقوى إذعاناً وخضوعاً بدون مناقشة في شروط العقد. وصفة الإذعان قد تقع على الناقل إذا كان الشاحن في مركز اقتصادي قوي كما لو كان الشاحن جهة حكومية تمتلك حجم عمل كبير ولا يجد الناقل أمامه إلاّ القبول بالشروط التي يضعها الشاحن.
ونجد سند عقد الإذعان في المادة (104) من القانون المدني، وبالتالي فإذا تضمن عقد النقل البحري باعتباره من عقود الإذعان شروطاً تعسفية كان للمحكمة بناء على طلب الطرف المذعن، أن تعدل عن هذه الشروط أو تعفي الطرف الأول المذعن منها وفقاً لما تقتضيه العدالة كما يترتب على اعتبار عقد النقل من عقود الإذعان أن الشك دائماً يفسر لمصلحة الطرف المذعن،المادة (240/2) من القانون المدني.
4. من العقود التجارية :-
نصت المادة (7/ج) من قانون التجارة على أن إجارة السفن أو التزام النقل عليها تعد أعمالاً تجارية بحرية، ومعنى ذلك أن عقد النقل البحري يعتبر عقداً تجارياً يخضع لأحكام القانون التجاري من جانب الناقل، أما بالنسبة للطرف الآخر فيختلف تكييف العقد بحسب صفته، فإن كان تاجراً أو قام بالعمل لحاجاته التجارية كان العقد تجارياً بالنسبة له، وعلى ذلك فإن عقد النقل البحري يمكن إثباته في مواجهة التاجر بكافة الوسائل حسب الأصل، إلاّ أن المشرع البحري استثنى عقد النقل البحري من مبدأ حرية الإثبات في العقود التجارية ونص في المادة (198) قانون التجارة البحرية على أن عقد النقل يثبت بالبينة الخطية، وهذا يعني أن عقد النقل يثبت كتابة في مواجهة الناقل وفي مواجهة الغير سواء كان الغير تاجراً أو غير تاجر.

أطراف عقد النقل البحري:

عقد النقل البحري له طرفان أساسيان هما الناقل، الشاحن.
أ‌. فالناقل ( Carrier ) قد يكون مالكاً للسفينة وقد يكون مستأجراً لها مجهزة أو غير مجهزة ويصدر سندات شحن للشاحنين الذين ينقلون بضائعهم على السفينة. فالناقل يتعهد بنقل البضاعة من ميناء إلى ميناء آخر مقابل أجر.
ب‌.الشاحن ( Shipper ) أو المرسل ( Consignor ):- وهو الذي يقدم البضاعة للناقل لينقلها من مكان لآخر، فهو يتعهد بتقديم البضاعة لشحنها سواء كان مالكاً لها أو لا والشاحن قد يرسل البضاعة لنفسه فيكون مرسلاً ومرسلاً إليه بنفس الوقت أو قد يرسلها إلى شخص آخر يسمى المرسل إليه
( Consignee ) والذي تحكم علاقته بعقد النقل، المادة (73) من قانون التجارة والتي تنص أن "للمرسل إليه حق إقامة الدعوى مباشرة على الناقل من أجل العقد الذي عقده الناقل معالمرسل، وبهذه الدعوى يتسنى له أن يطالبه بالتسليم أو بأداء بدل التعويض عند الاقتضاء لعدم إتمام العمل كله أو بعضه" وبالتالي فإن المرسل إليه يستمد حقه في مسائله الناقل من القانون مباشرة.

إثبات عقد النقل البحري بسند الشحن:-

الكتابة في عقد النقل البحري شرط إثبات لا شرط انعقاد أو صحة، فلا يجوز إثباته بالبينة الشخصية أو القرائن ولكن يجوز إثباته بالكتابة أو ما يقوم مقامها كالإقرار واليمين.
وقد طبقت محكمة التمييز الأردنية ذلك في أحد أحكامها حيث قررت أن سند الشحن هو دليل لإثبات عقد النقل وإثبات عملية الشحن بين أطرافة فهو بمثابة إيصال استلام البضاعة من الناقل، فوثيقة الشحن ليست هي عقد النقل لأن العقد عادة ما يبرم قبل إصدار الوثيقة.

تعريف سند الشحن و وظائفه:-

وضحت المادة (200) من قانون التجارة البحرية الأردني تعريف سند الشحن حيث نصت على أن "وثيقة الشحن هي سند البضائع الموسوقة (المشحونة) يعطيه الربان ... "
واشترطت وجود بيانات محددة في هذا السند وتحريره على ثلاثة نسخ، نسخة للشاحن ونسخة للمرسل إليه والثالثة للربان، وقد أوردت إتفاقية هامبورغ لنقل البضائع بحراً لسنة 1978 والتي تسمى بإتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع لسنة 1978 (قواعد هامبورغ) Hamburg Rules تعريف لوثيقة الشحن في المادة (1/7) على أن :- "سند الشحن هو وثيقة تثبت عقد النقل البحري واستلام أو شحن البضائع بواسطة الناقل، ويتعهد الناقل بموجبه بتسليم البضائع مقابل تقديم هذه الوثيقة، ويدخل في هذا التعهد شرط تسليم البضائع لأمر شخص مسمى أو لأمر أو للحامل".

شكل سند الشحن :

بينت المادة ( 204) من قانون التجارة بحرية الشكل الذي يجب أن يصدر فيه سند الشحن وكيفية تداوله حيث نصت " تكون وثيقة الشحن إما لشخص معين أو لأمر أو لحاملها، فالوثيقة لشخص معين تكون غير قابلة للتداول وليس للربان أن يسلم البضاعة إلا للشخص المعين فيها، والوثيقة لأمر تكون قابلة للتداول بتظهيرها الذي يجب أن يكون مؤرخاً، وليس للربان أن يسلم البضاعة إلا لحامل وثيقة الشحن المظهرة له ولو على بياض".
ونلاحظ أن سند الشحن لحامله هي حالة نادرة في الحياة التجارية ولا تحدث من الناحية العملية، ونلاحظ أن المشرع قد أبرز قاعدة هامة في النقل البحري وهي عدم تسليم البضائع إلا لمن يقدم سند الشحن مظهراً حتى ولو على بياض، أي أنه لا يجوز للناقل التنازل عن حيازة البضاعة بدون أن يتسلم منه سند الشحن.

وظائف سند الشحن:

لوثيقة الشحن وظائف متنوعة تترتب عليها آثار مختلفة:
1. وظيفتها في إثبات تسليم البضاعة:-
فهي وسيلة لإثبات عقد النقل بين الناقل والشاحن وهي دليل على تقبل الناقل البضاعة لنقلها على مسؤوليته وأنه تسلمها على النحو المذكور في وثيقة الشحن مبيناً كمية البضاعة وحالتها وأوصافها وعلامتها المميزة ونوعيتها ويتعهد الناقل بتسليم البضاعة كما استلمها كماً ونوعاً.
وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (202) من قانون التجارة البحرية بقولها: " أن وثيقة الشحن التي تعطى بالصيغة المنصوص عليها تثبت ما لم يقم دليل معاكس – تسلم الناقل للبضائع، كما هي مبينة في الوثيقة".
2. وظيفتها في إقامة الدليل على وجود عقد نقل بحري:-
فهي ليست عقد النقل بذاته حيث أن هذا العقد قد أبرم شفوياً قبل إصدار سند الشحن، خاصة أن سند الشحن يتم توقيعه من قبل طرف واحد وهو الناقل أو وكيله والشاحن لا يعتبر طرفاً في سند الشحن ولا يشارك في صياغته، أما في عقد النقل فإن الشاحن هو طرف أساسي فيه. وفي حالة إصدار سندات شحن ضمن عقود مشارطة إيجار سفن حيث يكون الشاحن هو مستأجر للسفينة فسند الشحن هنا يعتبر إيصال بالبضاعة المشحونة على ظهر السفينة، ولا يعتبر سند الشحن دليلاً على عقد النقل البحري.
أما عندما يقوم الشاحن بتجير سند الشحن إلى مشتري آخر للبضاعة فإن سند الشحن هنا يعتبر دليلاً على عقد النقل.
3. سند الشحن يعتبر سنداً لملكية البضاعة:
يعتبر سند الشحن ممثل للبضاعة المنقولة المذكورة فيه فيقوم مقامها بالتصرف بها والذي يمثل البضاعة هي النسخة التي يرسلها الشاحن إلى المرسل إلية، وإن إرسال هذه الوثيقة للمرسل إليه هو نقل لحيازة البضائع المنقولة وهي في طريقها إلى المرسل إليه أي حتى قبل تسلمه للبضاعة.
وهكذا فإن صاحب البضاعة يستطيع بيع بضاعته المشحونة في عرض البحر والغرض من ذلك تيسير التصرف بالبضاعة دون الحاجة لتسليمها حيث يكون بوسع من انتقلت إليه ملكية وثيقة الشحن تسلم البضاعة، وخاصة إذا كانت وثيقة الشحن لأمر أو لحاملها.
ويمكن تلخيص الأسباب التي تجعل من حيازة سند الشحن حيازة للبضائع ما يلي:
أ‌. إن حامل سند الشحن يحق له تسلم البضاعة في ميناء الوصول.
ب‌. يستطيع حامل السند نقل ملكية البضاعة خلال الترانزيت من خلال تجيير سند الشحن.
ج. يمكن استخدام سند الشحن كأداة ائتمان لأي دين.

آثار عقد النقل البحري:-

يرتب عقد النقل البحري آثاراً قانونية على كل من الشاحن والناقل وحقوقاً للمرسل إليه.

أولاً:- التزامات الشاحن وحقوقه:-

هنالك التزامين أساسيين على الشاحن يلتزم بهما بموجب عقد النقل البحري وهما:-
أ‌. تسليم البضاعة للناقل.
ب‌. دفع أجرة النقل.

أ‌. إلتزام الشاحن بتسليم البضاعة للناقل:

حيث يلتزم الشاحن بتسليم البضاعة للناقل في الزمان والمكان المتفق عليه فيما بينهما بعقد النقل البحري، حيث انه قد يتم تسليم البضاعة تحت روافع السفينة ويتم رفعها من قبل الناقل.
وعلى الشاحن أن يقدم خطياً علامات الطرود وعددها وكمية البضائع ونوعها ووزنها قبل الشحن إلى الناقل لتقيد هذه البيانات في سند الشحن، وللناقل التحقق من صحة هذه البيانات.
وإنه يفترض بالشاحن أن يكون أميناً وصادقاً في إفادته عن بيانات البضاعة وقد جاءت المادة (216) من قانون التجارة البحرية وأعفت الناقل من المسؤولية في حالة تقديم الشاحن بيانات كاذبة عن قيمة البضائع وهو على بينة من أمره.
إضافة إلى ذلك فإن من الجزاءات التي تقع على الشاحن والتي تتولد عن التزامه بتسليم البضاعة للناقل ما نصت عليه المادة (217) قانون التجارة البحرية والتي أجازت للناقل إذا شحنت بضائع من الأنواع الملتهبة أو المتفجرة أو الخطرة والتي ما كان الناقل أو وكيله يرضى بنقلها لو علم بوجود هذه البضاعة على ظهر السفينة مسبقاً، أن ينظم محضراً عن هذه الواقعة ومن ثم يقوم بإنزالها أو بإتلافها أو إزالة خطورتها بدون مسؤولية عليه مع تحميل الشاحن المصاريف والأضرار التي قد تنتج عن نقل مثل هذه البضاعة.
وقد جاءت المادة (13) من إتفاقية هامبورغ ووضعت قواعد خاصة للبضائع الخطرة، كما تلزم الشاحن بإخطار الناقل بخطورة البضاعة المراد نقلها والاحتياطات الواجب إتباعها في حالة كان الناقل على غير علم بخطورة البضائع.
ومن البضائع الخطرة حسب ما أوردته المنظمة البحرية الدولية ( IMO ) ما يلي:- المتفجرات، الغازات المضغوطة، السوائل القابلة للإشتعال، المواد الصلبة القابلة للإشتعال، السموم، المواد المؤكسدة، المواد الآكلة، المواد الخطرة المتنوعة.

ب‌. إلتزام الشاحن بدفع الأجرة للناقل:-

أجرة النقل البحري : هي المقابل الذي يلتزم الشاحن بدفعه للناقل مقابل إلتزامه بنقل البضائع المملوكة للشاحن من ميناء لآخر بموجب عقد النقل وهو قابل للدفع في حالة تسليم البضائع سليمة.
وقد يتم الإتفاق بين الشاحن والناقل على أن يقوم المرسل إليه بدفع الأجرة عند تسليم البضاعة، فإذا لم يدفع كان الشاحن ملتزماً بدفع الأجرة للناقل باعتباره الطرف الأول في عقد النقل، والأصل أن الشاحن يلتزم بأداء الأجرة المتفق عليها عند إبرام العقد أو عند تسليم البضاعة سالمة للمرسل إليه حيث يرتبط حق الناقل بالأجرة بتنفيذ عملية النقل وتسليم البضاعة.
وقد أوضحت المادة (184) من قانون التجارة البحرية حالات استحقاق الأجرة وحالات عدم استحقاقها وهو نص آمر لا يجوز الاتفاق على خلافه ومنه الشروط التي يضعها الناقل عادةً في سند الشحن من أن الأجرة مستحقة مهما كانت الحوادث.
ولا يحتاج الناقل عادةً إلى ضمانات لاستيفاء أجرة النقل إذا كانت مستحقة الوفاء في ميناء المغادرة لأنه حصل عليها مقدماً أما إذا كانت الأجرة مستحقة عند الوصول، لكون الشاحن والناقل قد يتفقان على دفع قسم من الأجرة مسبقاً والجزء الآخر عند الوصول فإذا امتنع المرسل إليه عن الوفاء بالأجرة كان للناقل حق حبس البضاعة التي تحت يده إلى أن يتسلم الأجرة، كما له حق امتياز على البضائع التي قام بنقلها.
وبالنسبة لتقادم دين أجرة النقل وضع المشرع مدة قصيرة لسقوط الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري رغبة منه في تسوية ديون الرحلة البحرية.
وتطبق المواد (219) و(221) من قانون التجارة البحرية على الدعوى الناشئة عن عقد النقل البحري وعملية النقل البحري وتكون مدة التقادم لمثل هذه الدعاوى سنة تبدأ من تاريخ انتهاء تسليم عقد النقل البحري أو من اليوم الواجب التسليم فيه.

ثانياً:- التزامات الناقل وحقوقه:

لقد نظم المشرع الأردني التزامات الناقل في الجزء السابع من قانون التجارة البحرية والتي قد حدد المشرع مجال التزامات الناقل في المادة (211) من القانون حيث حصرها في النقل البحري القاضي بتسليم وثائق شحن، وربطها بالمدة الزمنية من وقت شحن البضاعة حتى تفريغها في المحل المقصود، كما أن هذه الالتزامات لا تطبق على عقود مشارطة إيجار السفن، كما أنها لا تطبق على البضائع المشحونة على سطح السفينة ولا على الحيوانات الحية، إلاّ أن اتفاقية هامبورغ قد أدخلت الحيوانات الحية من ضمن مفهوم البضائع وذلك في المادة (1/5).
ولكننا نجد وبتطبيق حرفي لنص المادة (211) من أن بدء النقل وانتهائه يكون من وقت شحن البضاعة حتى تفريغها في المحل المقصود، ولما كان عقد النقل هو عقد لتحقيق نتيجة أو غاية وهي تسليم البضاعة للمرسل إليه، فقد أتجه القضاء إلى أن عقد النقل البحري لا ينتهي إلاّ بتفريغ البضاعة وتسليمها للمرسل إليه، وهذا ما أكدته محكمة التمييز في العديد من قراراتها وهذا ما أكدته اتفاقية هامبورغ في المادة (4/1,2) حيث حددت فترة مسؤولية الناقل على البضائع من وقت تسلمه البضاعة من الشاحن إلى حين تسليم البضاعة للمرسل إليه أو وضعها تحت تصرفه، فجاءت الاتفاقية وفصلت مجال عقد النقل البحري وحدود مسؤولية الناقل، فتسليم البضاعة للمرسل إليه هو العمل القانوني الذي يتحقق به تنفيذ التزام الناقل البحري وانقضاء عقد النقل أما بالنسبة لالتزامات الناقل فسنقوم بعرضها بشكل موضح:

1. التزام الناقل تقديم سفينة صالحة للملاحة:

تبرز أهمية هذا الالتزام على الناقل بتقديم السفينة المتفق عليها في مشارطات إيجار السفن أكثر منها في عمليات النقل بسند شحن حيث أنه وفي حالة النقل بسند شحن فإن تعيين السفينة لا يكون ذو أهمية وذلك لأن جوهر عقد النقل هو تحريك البضاعة من مكان لآخر في الزمان والمكان المتفق عليه. ولكن الناقل وفي كل الأحوال ملزم قبل وعند البدء بالسفر بإعداد السفينة إعداداً حسناً لتكون صالحة للملاحة وأن يزودها بالمهمات والرجال والمؤن اللازمة وأن يعمل على تجهيز العنابر وسائر أقسام السفينة لتكون صالحة لشحن البضائع فالصلاحية للملاحة تعني أن تكون السفينة قادرة على تحمل مصاعب الرحلة البحرية المطلوبة وتكون معدة ومجهزة لذلك وهذا ما نصت عليه المادة (212/1) من قانون التجارة البحرية.

2. الإلتزام بشحن البضائع:

والشحن هو عملية رفع البضاعة عن الرصيف ووضعها على ظهر السفينة، ويتم الشحن عادةً من ميناء التحميل ويلتزم به أصلاً الشاحن ولكنه قد يقوم الإتفاق أن يقوم الناقل بعملية الشحن وبالتالي يتحمل الإلتزامات الناشئة عنه ولكن ما يحدث من الناحية العملية أن هنالك شركات شحن وتفريغ متخصصة لهذا الغرض.

3. الرّص والتحزيم:

ويقصد بالرص وضع البضاعة المراد نقلها في الأماكن المعدة لها في عنابر السفينة أو على سطحها بطريقة تحفظها ولا تعرضها للتلف وتوضع البضاعة بصورة فنية لتحقيق التوازن في السفينة.
فسلامة الرص تدخل ضمن إلتزامات الناقل ووظائف الربان من أجل المحافظه على البضاعة وتوازن السفينة، ويعتبر عيب الرص إخلال بإلتزام الناقل العقدي ويسأل عنه مسؤولية عقدية. أما بالنسبة لرص البضاعة على سطح السفينة قد أخرجت بضائع السطح من تطبيق القواعد القانونية عليها، أما إتفاقية هامبورغ فقد وسعت مفهوم البضائع حيث أدخلت في معناها بضائع السطح .
وهنالك حالات يجوز للناقل أن يرص البضاعة على سطح السفينة إذا توافرت الشروط التالية:
1. أن يحصل الناقل على موافقة الشاحن الخطية على ذلك وتوقيعه على وثيقة الشحن بما يفيد بموافقته على وضع البضاعة على سطح السفينة.
2. إذا كانت الأعراف البحرية تجيز هذا النوع من الرص على السطح كالأخشاب مثلاً أو المعدات التي لا يمكن إنزالها في العنابر.
3. إذا كان الرص على سطح سفينة من السفن الساحلية لأن مثل هذه السفن لا تتعرض لأخطار أعالي البحار.

4. الإلتزام بالنقل:

يلتزم الناقل بنقل البضائع من ميناء القيام إلى ميناء الوصول وذلك ضمن الميعاد المتفق عليه أو ضمن الميعاد المعقول كما يلتزم الناقل بأن يتبع خط السير المعتاد وإذا إتفق على طريق في سند الشحن فلا يجوز له أن يسلك طريق آخر ولا أن يعرج على موانيء لم تجر العادة الوقوف فيها.
ونجد أن قانون التجارة البحرية قد خلا من نص يعالج الطريق التي يجب على الناقل البحري سلوكها، إلا أن قانون التجارة قد أوجب على المرسل في عقد النقل أن يعين بوضوح للناقل الطريق التي يلتزم بإتباعها المادة (71/1) من قانون التجارة.

5. ميعاد النقل:

لم يحدد قانون التجارة البحرية مدة تنقل خلالها البضاعة من ميناء المغادرة حتى ميناء الوصول إلا أن قانون التجارة قد أشار إلى مدة النقل فالمادة (76) من قانون التجارة أسقطت حق إقامة الدعوى على الناقل بعد سنة تبدأ من اليوم الذي كان يجب فيه التسليم في حالة هلاك الشيء أو التأخير في تسليمه وعلى ذلك كان لا بد من تحديد مدة النقل حيث أن حق إقامة الدعوى على الناقل تسقط إذا مرت سنة من الوقت الذي كان يجب أن تسلم فيه البضاعة.
أما المادة (5/3) من قواعد هامبورغ فقد إعتبرت البضاعة مفقودة إذا تأخر الناقل عن تسليمها للمرسل إليه مدة ستين يوماً متتالية تلي موعد التسليم المتفق عليه أو المعقول.

6. المحافظة على البضاعة:

يلتزم الربان بالمحافظة على البضائع المشحونة على السفينة حتى تسليمها للمرسل إليه ويحدد العرف التجاري عادة شروط هذا الإلتزام.

7. الإلتزام بعدم تغيير السفينة أثناء الرحلة البحرية:

وتظهر أهمية هذا الإلتزام في عقود مشارطات السفن، أما في حالة النقل بسندات شحن فلا تعين السفينة عادةً إنما يتفق فقط على عملية النقل، فقد يلجأ الناقل إلى تغيير السفينة إذا اضطرته مخاطر البحر أو إعلان الحرب ونقل البضائع لسفينة أخرى من سفن الدول المحايدة، وبالطبع فإنه على الناقل عند تغيير السفينة أن يختار سفينة صالحة للملاحة وأن يعتني بالبضاعة جيداً أثناء التفريغ وإعادة الشحن وأن يخطر الشاحن بذلك وأن يرسل له سند الشحن الذي تسلمه من السفينة الثانية كي يتمكن من استلام الحمولة والتأمين عليها.

8. الإلتزام بتوصيل البضاعة إلى ميناء الوصول:

يلتزم الناقل أساساً بنقل البضاعة من ميناء التحميل إلى الميناء المتفق عليه لتفريغ البضاعة وتسليمها للمرسل إليه أما معنى الميناء الذي تحمل منه السفينة والتي تفرغ فيه الحمولة فيصعب إيجاد تعريف دقيق لميناء التحميل والتفريغ ولكنه قد يشكل ميناء إن كان فيه مكان لوقوف السفن بسلام وشاطيء يمكن استعماله للتحميل والتفريغ بسهولة وبعض التسهيلات اللازمة لحركة السلع التجارية.

9. إلتزام الناقل بتفريغ الحمولة:

والتفريغ هو العملية المادية التي تتضمن إنزال البضاعة من السفينة ووضعها على رصيف ميناء الوصول، ويعتبر التفريغ جزءاً من عقد النقل البحري وفقاً لما جاء في المادة (211) من قانون التجارة البحرية ويستفاد من هذا النص أن الشحن هو التزام على الشاحن والتفريغ إلتزام على الناقل.

10. إلتزام الناقل بتسليم البضاعة:

والتسليم هو عملية قانونية يتحدد زمانها ومكانها بموجب ما تم الإتفاق عليه في سند الشحن، ويكون التسليم بوضع الشيء تحت تصرف المرسل إليه أو المظهر إليه سند الشحن.
ويجب التفريق هنا بين تسليم البضاعة للمرسل إليه وما بين تفريغها في الميناء، إذ أن تسليم البضاعة هو عمل قانوني يتحقق به تنفيذ إلتزام الناقل ويترتب عليه إنقضاء عقد النقل، أما التفريغ للبضاعة فهو عمل مادي يتحصل بإخراج البضاعة من السفينة ووضعها على رصيف الميناء.
فتسليم البضاعة للمرسل إليه هو العمل القانوني الذي يتحقق به تنفيذ إلتزام الناقل البحري وإنقضاء عقد النقل ومن تاريخ التسليم تبدأ مدة تقادم الدعوى التي ترفع على الناقل بسبب هلاك أو ضرر البضاعة أو من اليوم الواجب التسليم فيه المادة (219) و المادة (220) من قانون التجارة البحرية.
إلتزامات وحقوق المرسل إليه

من أهم التزامات المرسل إليه :-

 دفع الأجرة إذا كانت مستحقة عند الوصول.
أن يستلم البضاعة أما إذا امتنع المرسل إليه عن تسلم البضاعة أو إذا لم يتقدم أحد لاستلامه. كان على الربان أن يطلب إيداعها لدى شخص ثالث لغاية دفع أجرة السفينة أو يطلب بيعها إذا كانت عرضة للتلف .
ويتم إثبات تسليم البضاعة للمرسل إليه عن طريق تسليم نسخة سند الشحن الموجودة لديه إلى الربان، ولكن جرت العادة أن يسلمها المرسل إليه إلى وكيل السفينة الذي يعطيه مقابل ذلك إذناً باستلام البضاعة وهو ما يسمى بأمر التسليم وعندما يتسلمها المرسل إليه يتم التأشير على أمر التسليم بما يفيد استلام البضاعة.
وتسليم البضاعة لا يكون إلاّ بتقديم سند الشحن فهو الإيصال الذي يعطيه الناقل للشاحن لإثبات استلامه البضاعة وهو يعتبر ممثلاً للبضاعة فلا يمكن تسليمها لأي شخص إلاّ إذا كان يحوز هذا السند حيازة قانونية. كما أن سند الشحن يعتبر سند ملكية للبضائع المشحونة، وبالتالي فإن الناقل لا يسمح لأي شخص باستلام البضاعة منه إلاّ إذا تقدم بسند شحن يحوزه حيازة قانونية.
إلاّ أن الناقل وفي بعض الحالات قد يسلم البضاعة دون أن يقدم المرسل إليه سند الشحن وذلك في حالات وصول السفينة قبل استلام سند الشحن ففي هذه الحالة ورغبة من الناقل للإستجابة لطلب المرسل إليه الذي بحاجة للبضاعة ولعدم تأخير السفينة فإن الناقل يوافق على تسليم البضاعة للمرسل إليه بدون سند الشحن بشرط الحصول على تأمين لضمان المخاطر التي ينطوي عليه مثل هذا العمل. وعادةً ما يكون عبارة عن تأمين مصرفي من الدرجة الأولى.


طبيعة ونطاق مسؤولية الناقل البحري للبضائع


إن مسؤولية الناقل من الموضوعات المهمة بين موضوعات النقل نظراً لكثرة الدعاوى التي تدور حولها ولأنها تترجم عادةٍ إلى مبالغ نقدية يطلب من الناقل دفعها، ولا بد لنا من أن نوضح نطاق وطبيعة مسؤولية الناقل البحري والعمليات المتصلة به في ظل قواعد قانون التجارة البحرية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالنقل البحري.
ويقصد بالنقل، العقد المتبادل الذي يكون الغرض الأساسي منه، تأمين إنتقال شخص أو شيء من موضع لآخر المادة (68) من قانون التجارة فإذا كان هذا في مجال النقل البري فهو كذلك على النقل البحري الذي يتشابه مع النقل البري من جهة الالتزامات المتقابلة ومسؤولية الناقل ومركز المرسل إليه وغيرها.
ويقصد بالناقل، كل شخص أبرم عقداً أو أبرم باسمه عقد مع شاحن لنقل بضائع عن طريق البحر.
وبالتالي فإن مسؤولية الناقل في مواجهة الشاحن هي مسؤولية مصدرها عقد النقل، فالناقل ملتزم إلتزاماً عقدياً بتوصيل البضاعة سليمة كماً ونوعاً وتسليمها للمرسل إليه وتثور هذه المسؤولية بمجرد عدم تحقيق النتيجة دون حاجة إلى إثبات وقوع الخطأ من الناقل لأن التزامه هو التزام بتحقيق نتيجة وقد عبرت عن ذلك بجلاء محكمة النقض المصرية في عدة أحكام منها بان التزام الناقل بضمان وصول الأشياء المنقولة سليمة هو التزام بتحقق نتيجة، فيكفي المرسل إليه أن يثبت هلاك الأشياء أثناء مرحلة تنفيذ عقد النقل لقيام المسؤولية على الناقل عن هذا الضرر دون الحاجة لإثبات وقوع الخطأ من الناقل.
أما بالنسبة لاتفاقية هامبورغ فقد أشارت المادة (5) منها على أن مسؤولية الناقل تقوم على أساس مبدأ الخطأ أو الإهمال ووضحت ذلك بشكل صريح في الملحق الثاني للإتفاقية وهذا المبدأ يعني أن الناقل يكون مسؤول إذا وقع الحادث الذي سبب الهلاك أو الضرر أثناء وجود البضاعة في عهدته إلاّ إذا أثبت أنه اتخذ كافة التدابير اللازمة لتفادي وقوع الحادث ونتائجه.
وقد استثنت إتفاقية هامبورغ في المادة

ابحث عن موضوع