بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

التحكيم التجاري الدولي

وزارة التعلـــــيم العالـــــي و البحــث العلمـي
جــــامعة التكويـــــن المتواصـــــل
--***--
نيابة رئاسة الجامعة للدراسات و البيداغوجية
نيابة مديرية التعليم عن بعد
فرع : قانون الأعمال
السنة الثالثة : الإرسال الثاني
 الدكتور: زغداوي محمد
دروس مقياس

التحكيم التجاري الدولي

تنظيم التحكيم التجاري الدولي

 نتعرض في هذا البحث إلى الإشكالات العملية التي يتخذها سير التحكيم التجاري الدولي على ضوء دراسته قواعد القانون الوضعي التي تحكم هذا الموضوع .
و يلاحظ بهذا الخصوص انه قبل أن يباشر الأطراف إجراءات التحكيم الرامية إلى تبادلهم لوسائل دفاعهم التي تمكن المحكمين الدوليين من التحقيق في الموضوع و إصدار حكمهم فيه ، فانه يبدو من الضروري الحسم في مسالة أولية تتعلق بتأسيس و تنظيم التحكيم في حد ذاته ثم بعد ذلك التطرق إلى الإجراءات العملية التي تتخذها سير العملية التحكيمية و لاسيما منها تلك المتعلقة بإجراءات التحكيم .
لذلك فإننا سنتبع في دراستنا للموضوع الخطوات التالية :
أولا : اتفاقية التحكيم .
ثانيا : محكمة التحكيم و إجراءاته .
ثالثا : قرار أو حكم التحكيم .
ـ1ـ
الـفـصـل الأول

اتفاقية التحكيم التجاري الدولي

عبارة "اتفاقية التحكيم" تشمل في حقيقة الأمر وفقا لأحكام النصوص التي تسيرها التحكيم التجاري الدولي منذ بروتوكول 1923 و حتى اتفاقية نيويورك و جنيف مفهومين مختلفين :
ـ من جهة الشرط التحكيمي "la clause compromissoire" الذي يتضمننه عقد معين و الذي ينص على أن أي خلاف ينتج عن تنفيذ هذا العقد سيخضع حله إلى الطريق التحكيمي .
ـ و من جهة أخرى اتفاق التحكيم "le compromis d'arbitrage" الذي كما يدل عليه اسمه هو اتفاق بين طرفين يقرران إخضاع حل نزاع معين واقع بينهما إلى سلطة محكم أو محكمين دوليين أو مؤسسات تحكيمية دولية .
هذا المفهوم المزدوج لاتفاقية التحكيم كان محلا لنتائج قانونية مختلفة و متباينة على مستوى القوانين الوطنية و ذلك رغم قلة أهميته على المستوى الدولي طالما أن أحكام النصوص التي تسير التحكيم التجاري الدولي تعترف بهذا المفهوم أو ذاك على السواء .
غير انه و لتفادي الصعوبات التي يمكن أن تنتج عن هذا المفهوم المزدوج للتحكيم التجاري الدولي و لاسيما في مجال صحة "validite" و نتائج الشرط التحكيمي و اتفاق التحكيم توجهت التشريعات الوطنية في الفترة الأخيرة إلى تبني مصطلح اتفاقية التحكيم (1) الذي يشمل و في آن واحد كل من الشرط التحكيمي و اتفاقية التحكيم هي اتفاقية قضائية لها طابع تبعي أو ثانوي ، طالما أنها وضعت لخدمة عقد أساسي للسهر على حسن تنفيذه .
غير أن هذا الطابع التبعي من الناحية النظرية كثيرا ما يتجاوزه الواقع إذ و بالنظر إلى خصوصية موضوع هذه الاتفاقية فإنها عادة ما تنفصل عن العقد الأساسي و لتصبح تتمتع باستقلال حقيقي ، لذلك وجب دراسة هذه الاتفاقية دراسة مستقلة موضحين شروط صحتها سواء تعلقت هذه الشروط بالجوانب الشكلية أو بالجوانب الموضوعية للاتفاقية .
إن تحديد القانون الواجب التطبيق و رغم بعض المواقف الفقهية المتناقضة ، فانه يبدو أن اغلب القوانين الوطنية تتجه شيئا فشيئا نحو اختصاص القانون المتفق عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ انظر بهذا الخصوص :
, op. Cit. P. 53 et s."l'arbitrage commercial international" Philippe Fouchard



(loi d'autonomie) مع توضيح نطاق هذه الاستقلالية و القانون الواجب التطبيق في غياب تحديد واضح من جانب أطراف الاتفاقية لهذا القانون .
و يبدو التطور الذي عرفته الاتفاقيات الدولية في هذا المجال واضحا للعيان ، حيث انه في ظل أحكام اتفاقية جنيف لسنة 1927 تبنت أحكاما عامة غير واضحة الدلالة (evasive) فان الاتفاقيتين الأخيرتين و لاسيما منها اتفاقية نيويورك اتحدت موقفا صريحا بخصوص القانون الواجب التطبيق و المتمثل في القانون الذي يتفق عليه أطراف الاتفاقية
المبحث الأول

اتفاقية التحكيم التجاري الدولي في التشريع الجزائري

نص المشرع الجزائري على اتفاقية في المادة 458 مكرر 1 في المرسوم التشريعي الصادر في 25/04/1993 المعدل لقانون الإجراءات المدنية (1) و تحدد الفقرة الأولى من المادة 458 مكرر 1 شروط صحة اتفاقية التحكيم و مجالها .
المطلب الأول

شـروط اتـفـاقـية الـتـحـكـيـم

حددت المادة 458/مكرر1 من المرسوم التشريعي الصادر في 25/04/1993 كل من الشروط الشكلية و الشروط الموضوعية لصحة اتفاقية التحكيم 

الفرع الأول : الشروط الشكلية لصحة اتفاقية التحكيم :

نصت المادة 458/مكرر1 في فقرتها الثانية على انه "يجب من حيث الشكل، و تحت طائلة البطلان ، أن تبرم اتفاقية التحكيم بموجب عقد كتابي" .
و من ثمة فان المشرع الجزائري يكون قد حسم في وسيلة الإثبات عندما استبعد ضمنيا اللجوء إلى الشهود أو القرائن … الخ و غيرها من وسائل الإثبات الأخرى لاستبعاد اختصاص القاضي الوطني للفصل في نزاع قائم يتعلق موضوعه بالتجارة الدولية .
فالوسيلة الوحيدة إذن التي سمح بمقتضاها المشرع الجزائري الخروج على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ ـ المرسوم التشريعي رقم 93/09 الصادر في 25/04/1993 المعدل و المتمم للأمر 66/154 الصادر في 08/06/1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية .


سلطة القاضي الوطني هي وجود اتفاقية مكتوبة بين أطراف النزاع تنص صراحة على لجوء أطرافها إلى التحكيم التجاري الدولي و لتأكيد شرط الكتابة رتب المشرع على تخلفها بطلان اتفاقية التحكيم و بالتالي الرجوع إلى اختصاص القاضي الوطني .
و قد استلهم المشرع الجزائري شرط الكتابة هذا من أحكام اتفاقية نيويورك الصادرة في 10/06/1958 التي انضمت إليه الجزائر(1) حيث نصت المادة 2/فقرة1 من هذه الاتفاقية على "تعترف كل دولة من الدول المتعاقدة بالاتفاقية المكتوبة الموقعة بينها و التي تلتزم بمقتضاها بإخضاع كل النزاعات أو بعضها التي تحدت بينها بخصوص علاقة قانونية محددة ، تعاقدية أم لا ، تمس مسالة يمكن حلها عن طريق التحكيم" .
إن اختيار الكتابة كشكل وحيد لصحة اتفاقية التحكيم تحكم فيه رغبة المشرع في تبني شكلا أكيدا و لا يترك أي مجال للشك في اختيار المتعاقدين لنظام التحكيم التجاري الدولي هذه الرغبة التي تهدف في النهاية إلى استقرار المعاملات القانونية ، إذ انه و في المجال التجاري ، فان الأشغال بخصوص العلاقات التعاقدية يسبق مسالة حماية حرية التراضي أو التعاقد بين المتعاقدين (2) .

الفرع الثاني : الشروط الموضوعية لصحة اتفاقية التحكيم :

يثير موضوع التحكيم الدولي موضوعا حساسا يتعلق بتنازع القوانين (3) فطالما إن العلاقة التجارية الدولية تتم بين أطراف تخضع لقوانين وطنية متعددة فان مسالة تحديد القانون الواجب التطبيق في هذا الحالة على موضوع لإثباته يصبح أمرا بالغ الأهمية و في هذا الإطار نصت المادة 459 مكرر 1/فقرة 3 على انه "تعتبر صحيحة من حيث الموضوع إذا استجابت للشروط التي يضعها أما القانون الذي اتفقت الأطراف على اختياره و أما القانون المنظم للنزاع لاسيما القانون المطبق على العقد الأساسي و أما القانون الجزائري" (4) .
و من خلال هذه المادة يتضح أن المشرع الجزائري وضع ثلاثة اختيارات أمام المتعاقدين لتحديد القانون الواجب تطبيقه على النزاعات التي قد تحصل من جراء إبرام و تنفيذ العقد التجاري الدولي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ انظر بهذا الخصوص :
op. Cit. P.P 52 , 53 et s. "l'arbitrage commercial international en Algérie" N. Terki
2/ op. Cit. P. 78. " l'arbitrage commercial international" Philippe Fouchard :
3/ المادة 458 مكرر/1 من المرسوم التشريعي الصادر في 25/04/93 .
4/ op. Cit. P. 57. " l'arbitrage commercial international" Philippe Fouchard :

1/ القانون المختار من طرف المتعاقدين :
تكون اتفاقية التحكيم صحيحة إذا كانت تستجيب و تتماشى مع الشروط التي يقر بها القانون الذي تم اختياره من طرف المتعاقدين (المادة 458 مكرر1/3) .
أن مثل هذه الحرية في الاختيار المعترف بها للمتعاقدين تمثل في نظر البعض "عنصرا أو اتجاها ليبراليا يبعده عن حرفية و مضمون المادة 18 من القانون المدني الجزائري التي تخضع الالتزامات التعاقدية إلى "à la loi d'autonomie" أي إلى قانون وطني و هو ما يجسد المنهج الكلاسيكي لتنازع القوانين (1) .
2/ القانون المسير لموضوع النزاع :
تكون اتفاقية التحكيم صحيحة أيضا في نظر المشرع الجزائري إذا استجابت إلى الأحكام القانونية التي تحكم النزاع و لاسيما منها القانون المطبق على العقد الأساسي ، إن مثل هذا الاختيار للقانون الواجب التطبيق على نزاع تجاري دولي نابع من إن التجربة بينت انه في اغلب الحالات ينسى المتعاقدين تضمين الاتفاقية للقانون الذي يختارونه لحل النزاعات المحتملة و هو ما أدى إلى تبني هذا الحل الاحتياطي الذي يهدف إلى إخضاع الاتفاقية في حالة غياب اختيار صريح من طرف المتعاقدين إلى الأحكام القانونية المنظمة للنزاع و لاسيما منها تلك المطبقة على الأساسي (2) .
3/ القانون الجزائري :
تطبيقا لأحكام المادة 05/01 من اتفاقية نيويورك القاضية بأنه في حالة عدم اتفاق الأطراف المتعاقدة صراحة على القانون الذي يحكم اتفاقية التحكيم و  لا على القانون المطبق على العقد الأساسي فانه في مثل هذه الحالة و حسب أحكام التشريع الجزائري (المادة 458 مكرر1/فقرة 3) فان القانون الوطني الجزائري هو الواجب التطبيق بخصوص بحث مسالة صحة الشروط التعاقدية .
و يمكن اللجوء إلى هذه الفرضية الأخيرة حسب بعض الكتاب إذا كان التحكيم التجاري الدولي يجري أو يتم في الجزائر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ انظر : op. Cit. P. 28 "l'arbitrage commercial international en Algérie" N. Terki
2/ انظر : op. Cit. P. 30 . "l'arbitrage commercial international en Algérie" N. Terki

بالإضافة إلى الشروط المحددة في المادة 458/1 مكرر ، تثار أيضا بعض الشروط الأخرى و لاسيما تلك المتعلقة منها بأهلية اللجوء إلى التحكيم و أهلية التعاقد .
أهلية التعاقد :
تطرح مسالة أهلية التعاقد بخصوص الأشخاص المعنوية العامة أساسا .
1/ أهلية اللجوء إلى التحكيم بالنسبة لأشخاص القانون العام :
طرح هذا الموضوع بإلحاح في ظل أحكام المادة 442/3 القديمة من قانون الإجراءات المدنية " يجوز لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها .
و لا يجوز التحكيم في الالتزام بالنفقة و لا في حقوق الإرث و الحقوق المتعلقة بالمسكن و الملبس و لا في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص و أهليتهم .
و لا يجوز للدولة و للأشخاص الاعتباريين العموميين أن يطلبوا التحكيم" .
فواضح إذن من أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 442 من قانون الإجراءات المدنية القديمة أن تحظر صراحة على الأشخاص الاعتبارية العمومية اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي .
غير أن هذا الحظر أو المنع الشرعي تم تجاوزه في الواقع تحت ضغط المتعاملين الأجانب مع المؤسسات العمومية الذي اجبرها على القبول بإدراج شرط التحكيم التجاري الدولي في عقودها التجارية مع هذه الأطراف الدولية (1) .
و هو ما حدى بالمشرع إلى التدخل لإصلاح هذا الوضع بمقتضى أحكام المرسوم التشريعي الصادر في 25/افريل/1993 ، إذ أن المادة 442/2 من هذا المرسوم أعطت الأساس الشرعي للجوء المؤسسات العمومية إلى إجراء التحكيم التجاري الدولي .
حيث أن هذه المادة رغم أنها حافظت على المبدأ العام القاضي بعدم السماح لها باللجوء إلى إجراء التحكيم إلا أنها وضعت استثناء لهذا المبدأ حينما أقرت لهذه الأشخاص و بصفة استثنائية بخرق هذا المبدأ فيما يتعلق بعلاقاتها التجارية الدولية : " و لا يجوز للأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام أن يطلبوا التحكيم ما عدا في علاقاتهم التجارية الدولية" (المادة 442/2 من قانون الإجراءات المدنية) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ انظرا : نور الدين تركي . "التحكيم التجاري الدولي في الجزائر" ، المرجع السابق
ص. 48 .

2/ أهلية أو اتفاقية اللجوء إلى التحكيم بالنسبة للأشخاص
التابعين للقانون الخاص :
لا توجد أية حدود قانونية بالنسبة للأشخاص التابعية للقانون الخاص من الناحية المبداية في إلى التحكيم (1) ما عدا الشروط العامة التي يفرضها القانون المتعلقة أساسا بأهلية الأداء (المادة 40 من القانون المدني) : " كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ، و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية ، و سن الرشد تسعة عشرة (19) كاملة" .
و تخضع الأشخاص المعنوية التابعة للقانون الخاص و لاسيما منها الشركات التجارية لنفس المبدأ و ذلك بعد استيفائها للشروط التي يحددها القانون و لاسيما تلك المتعلقة بضرورة جدولتها في السجل التجاري (المادة 459 من القانون التجاري) .
كما تطبق أيضا أحكام القانون الجزائري على الشركات الأجنبية التي تمارس نشاطها في الجزائر تأسيسا قاعدة المقر الرئيسي للشركة وفقا لأحكام المادة 10 من القانون المدني "تسري القوانين المتعلقة بالحالة المدنية للأشخاص و أهليتهم على الجزائريين و لو كانوا مقيمين في بلاد أجنبية 0
و مع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر و تنتج آثارها فيها إذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص الأهلية و كان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبنيه ، فان هذا السبب لا يؤثر في أهليته و في صحة المعاملة أما الأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات و جمعيات و مؤسسات و غيرها التي تمارس نشاطا في الجزائر فإنها تخضع للقانون الجزائري .
مجال تطبيق اتفاقية التحكيم :
مجال تطبيق اتفاقية التحكيم تحدده المادة الأولى من المرسوم التشريعي الصادر في 25/04/1993 التي تمنع اللجوء إلى التحكيم في قضايا النفقة و حقوق الإرث و الحقوق المتعلقة بالمسكن و الملبس و في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو في حالة الأشخاص و أهليتهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ مع مراعاة الجوانب التي قد يطرحها موضوع تنازع القوانـين فـي الجوانب الماسة
بـتطبيق القوانين الوطنية على الأشخاص حتى و لـو كانوا مقيمين بالخارج : انظرا
المادة 10/ من القانون المدني الجزائري .
انظرا بهذا الخصوص كذلك نور الدين تركي المرجع السابق ص. 50 .

النتائج المترتبة على اتفاقية التحكيم :

تترتب عـلى اتـفاقية التحكيم نتائج قانونية لها علاقة بموضوع الاختصاص و
أخرى لها علاقة بالمتقاضين .
1/ آثار اتفاقية التحكيم ذات العلاقة بالاختصاص :
تترتب على اتفاقية التحكيم هي استبعاد اختصاص الـقاضي الـوطني فـي
تفسير و تنفيذ أحكام العقد التجاري الدولي و إسناد هذه المهمة إلى محكمة التحكيم.
و لتسهيل مهمة محكمة التحكيم في الفصل في موضوع اتفاقية التحكيم أتاح المشرع لهذه المحكمة صلاحيات واسعة أهمها :
ـ إمكانية فصلها في الاختصاص الخاص بها حيث تنص المادة 458/مكرر
7 على : " تفصل محكمة التحكيم في الاختصاص الخاص بها و يجب إثارة الدفع بعـدم
الاخـتصاص قبل أي دفاع يتعلق بالموضوع تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بقرار
أولى إلا إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع " .
أن موقف المشرع الجزائري بهذا الخصوص يؤكد ما هو ساري المفعول
على مـستوى أحكام الاتفاقيات الدولية التي تـنظم موضوع التحكيم التجاري الدولي و
لاسيما منها أحكام اتفاقية نيويورك لسنة 1958 .
ـ تحديد اختصاص محكمة التحكيم بموضوع النزاع و هو مـا يـعني أن
اختصاص محكمة التحكيم يتحدد وجوبا بالمواضيع المحددة في اتفاقية التحكيم تحت طائلة
رفض كل الطلبات التي تتعدى حدود هذه الاتفاقية من قبل أعضاء محكمة التحكي
بتقرير عدم اختصاصهم في بحث هذه الطلبات .
ـ أما بخصوص استبعاد اختصاص القاضي الوطني (tribunal étatique) إلا
انه يجب التنبيه هنا بعدم الأخذ بهذه القاعدة على إطلاقها ، حيث انه إذا كانت هذه
النتيجة المترتبة على اتفاقـية التحكيم تشكل القاعدة العامة . إلا أن القوانين الوطنية عادة
ما تنص على بعض الاستثناءات التي تحددها صراحة في صلب قوانينها الإجرائية
الداخلية . هـذه الاستثناءات تتماشى مع ما نصت عليه اتفاقية نيويورك في مادتها
2،3 التي وقعت عليها الجزائر و القاضية : " أن محكمة الـدولة المتعاقدة ، المرفوع
أمامها نزاع يتعلق موضوعه باتفاق موقع بين أطراف وفقا لأحكام المادة الأولى من
هذه الاتفاقية يجب عليها إحالة الأطراف إلى التحكيم بطلب من أحد أطراف الـنزاع ،
إلا إذا لـوحظ بان الاتفاقية أصبحت غير سارية المفعول ، أو لا تـحكم موضوع
النزاع، أو غير قابلة للتطبيق " .

بالنظر إلى أحكام القانون الجزائري بهذا الخصوص فان القاضي الوطني يكون
كـذلك غـير مختص ببحث موضوع النزاع في حالة الدعوى العالقة أو المعلقة و تكون
الدعوى كذلك حسب أحكام المادة 458/مكرر 8 من قانون الإجراءات المدنية "… عندما
يرفع أحد الأطراف دعوى أمام المحكم أو المحكمين المعنيين في اتفاقية التحكيم،أو عندما
يباشر أحد الأطراف إجراء في تأسيس محكمة التحكيم في حالة غياب مثل هـذا التعييـن
يكون القاضي غير مختص للفصل في الموضوع متى كانت دعوى التحكيم معلقة" .
و في كل الأحوال فانه يتجلى في قاعدة استبعاد اختصاص القاضي الوطني أو
قاضي الدولة ، في كل مرة يتبين لهذا القاضي وجود اتفاقية تحكيم بين الأطراف .
ـ و تتجلى حدود قاعدة عدم اختصاص قاضي الدولة في أن هـذا القاضي
يصبح مختصا في بعض الأحيان كلما تطلبت الظروف ذلك . فطالما أن اتفاقية التـحكيم
ليست مـن النظام العام فـانه يمكن لأطراف العقد دائما التنازل عن الشرط التحكيمي و
اللجوء إلى محـاكم الدولة في كل الأمور التي تهم تنفيذ العقد أو في بعضها حسب
الإرادة الـصريحة لطرفي العقد ، أي أن الشرط الوحيد هنا هو اتفاق الأطراف على
اللجوء إلى المحاكم الوطنية لأحد الأطراف للفصل في النزاع القائم بينهما .
أما إذا لجأ طرف واحد من أطراف الاتفاقية إلى قضائه الوطني للفصل في
نزاع ما دون رضا الطرف الآخر فعلى الطرف المعارض أن يرفض اختصاص
القاضي الوطني المرفوع عـنده الـنزاع قـبل أي دفاع في الموضوع نـزولا عند أحكام
المادة 458/مكرر7 من قانون الإجراءات المدنية .
كما أن القاضي الوطني قد يقدم دعما و إعانة متعددة الأوجه للمحكم الدولي
حتى و لو كانت هذه الإعانة لا ترقى إلى درجة الفصل في نزاع قائم .
آثار اتفاقية التحكيم على المتقاضين :
غـني عن البيان القول بأنه تترتب على اتفاقية التحكيم بصفة أساسية آثارا
على الأطراف المتعاقدة وفقا لأحكام المادة 106 من القانون المدني " العقد شريعة
المتعاقدين ، فلا يجوز نقضه و لا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يـقررها
القانون " مـع الإلحاح هنا أن لفظ الأطراف المتعاقدة يـشمل فـي نظر القانون الـمتعاقد
الأساسي أو الرسمي أو من ينوب عنه في ذلك وفقا لما ينص عليه القانون بهذا
الخصوص مع مراعاة أيضا ما يسمى "بالأطراف التبعية" parties par extention"بخصوص
اتحاد الشركات .

الـفـصـل الـثـانـي

مـحـكـمـة الـتـحـكـيـم

يثير موضوع محكمة التحكيم كيفية تشكيلها و تحديد مقرها و مسيرها .

أولا : تشكيل محكمة التحكيم :

محكمة التحكيم هـي محكمة ظرفية أو مؤقتـة يخضع تعيين " قضائها " إلى
أطراف الاتفاقية التجارية الدولية .
و فـي هذا الإطار تنص المادة 458 مكرر 2 انه : "يمكن للأطراف مباشرة أو
بالرجوع إلى نظام تحكيمي تعيين المحكم أو المحكمين أو تحديد شروط تعيينهم و شروط
عزلهم أو استبدالهم" .
و مـن ثمة يلاحظ أن المشرع الجزائري اقر نمطين اثـنين لتعيـين المحكمين
الدوليين :
ـ نظام التعيين المباشر للمحكمين من قبل الأطراف المتعاقدة .
ـ اللجوء إلى نظام تحكيمي لتعيين المحكمين الدوليين .

1/ التحكيم التجاري الدولي بين التعيين المباشر للمحكمين الدوليين

و اللجوء إلى المؤسسات الدولية الدائمة التحكيم :
في ظل هذا النمط من التحكيم فان تشكيل و سير عمل المحكمين يخضع للإدارة المشتركة الأطراف ، إذ أن هؤلاء مؤهلين قانونا لتعيين مباشرة و بكل حرية المحكم أو المحكمين المدعوين لتشكيل محكمة التحكيم ، و قبول المحكمين بالمهمة التي يسندها إليهم الأطراف طالما انهم أحرار في قبول أو رفض هذه المهمة .
و تثار هنا مسائل كثيرة لها علاقة بالمحكمين منها في حالة المحكم الفرد جنسية هذا الأخير و شروط حياده و قدرته على إدارة موضوع النزاع أي قضية إلمامه بموضوع النزاع المطروح … الخ ، أما في حالة التشكيلة الجماعية لمحكمة التحكيم فان مسائل عملية كثيرة يمكن الإشارة إليها هنا منها الموضوع المتعلق برئاسة محكمة التحكيم و مـقر عملها و مـا يترتب على ذلك من تحديد جلسات المحكمة تنقل ممثلي الأطراف
… الخ كل هذه الأمور يجب حسمها في اتفاقية التحكيم .
كل هذه المشاكل العملية التي يمكن أن تؤدي إلى شل إجراءات التحكيم ، يمكن تفاديها في حالة لجوء الأطراف إلى إخضاع نزاعاتهم إلى مؤسسة تحكيمية دائمة التي يـمكنها الاستعانة بعمالها و بنظامها الداخلي لتعيين المحكمين و تحديد مقر عملـهم ، مما
يؤدي بالتبعية إلى التغلب على مشكل إجراءات التحكيم بصفة عامة (1) ، رغم انه و حتى في ظل هذا النظام لا يمكن الجزم بمسالة حياد المحكمين الدوليين بصفة مسبقة مما يتطلب البحث في كل حالة قائمة إذا كانت القواعد الموضوعة من طرف جهة التحكيم و الممارسات العملية لهذه الجهة تضمن لكل طرف من الأطراف حدا أدنى من المساواة ، و تحترم حقوق الدفاع .
و حتى إذا تم تجاوز هذه الماخد على نظام التحكيم المؤسساتي هذا ، فانه يمكن أن يبدو نهج بطيء و مكلف لحل النزاعات المطروحة ، فهو على حد تعبير أحد الكتاب ياخد كثيرا من عيوب النمط القضائي لحل النزاعات دون أن ياخد من مزاياه (2) .
و مع ذلك فان وجود و تطور المؤسسات الدائمة للتحكيم التجاري الدولي في الوقت الراهن يساهم في حل مسالة تعيين المحكمين الدوليين ، طالما أنها تسهل للمتعاقدين التغلب على مسالة الأشخاص المحكمين المشهود لهم بالكفاءة في مجالات تخصصهم و على القواعد الإجرائية الواجب اتباعها لحل النزاع رغم بقاء الشكوك المثارة أعلاه و لاسيما إذا كانت هياكل هذه المؤسسات الدائمة للتحكيم مطبوعة بطابع وطني لدولة ما ، لذلك فانه رغم وجود و تطور هذه المؤسسات الدائمة للتحكيم و الدور المتزايد الذي تلعبه في التحكيم التجاري الدولي و تلاؤمها المستمر مع متطلبات تحكيم حقيقي على المستوى الدولي ، فانه لا يمكنها احتكار التحكيم التجاري الدولي ، طالما أن مثل هذا الوضع يتنافى مع نظام التحكيم التجاري الدولي ذاته الذي يبقى يخضع لإرادة الأطراف المتعاقدة وحدها التي يمكنها في كل الأحوال إما أن تلجأ إلى نظام التحكيم الاتفاقي (Ad hoc) أو أنها تتفق بداءة على المحكمين الذي يؤول إليهم الأمر في حالة حدوث النزاع أو أنها تختار استبعاد نظام التحكيم المؤسساتي منذ البداية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ Philippe Fouchard : "l'arbitrage commercial" , op. Cit. P. 160 .
2/ Philippe Fouchard : "l'arbitrage commercial" , op. Cit. P. 161 .

1/ التعيين المباشر للمحكمين الدوليين :

لفظ محكمة أو هيئة التحكيم قد يتضمن تشكيلة فردية أو جماعية للمحكمين ، فقد تتفق أطراف الاتفاقية على تعيين محكم فرد لحل النزاع ، و قد تتفق على العكس من ذلك على تعيين تشكيلة جماعية لمحكمة التحكيم .
و إذا كان نظام المحكم الفرد يوفر مزايا مهمة منها :
ـ الحد من تكاليف التحكيم رغم أن هذه الخاصية تبقى ذات أهمية نسبية مقارنة بأهمية المصالح التي أدت إلى اللجوء إلى التحكيم .
ـ سرعة حل النزاع طالما انه يوفر كثيرا من الجهد الذي تتطلبه تشكيلة حماية ( مقتضيات تنقل أطراف العقد و المحكمين و ما يتطلبه ذلك مـن اتـباع إجراءات
معلومة مسبقا بخصوص تحديد موعد انعقاد الجلسات …الخ) .
رغم هذه المزايا الخاصة بنظام المحكم الفرد فانه لا يخلو من بعض العـيوب و
التي من أهمها :
ـ إن هذا النظام كثيرا ما يؤدي إلى احتكار مهـمة التحكيم مـن طـرف
محكمين تابعية للدول الصناعية التي تـتوفر اكثر من الدول النامية على الأشخاص الذين
تتوفر فيهم المؤهلات التي تشترطها التجارة الدولية و هـو مـا يطرح مسالة حياد هؤلاء
المحكمين دائما و بشكل متجدد على منازعات التجارة الدولية ، عـدم الـتناسب هذا بين
الشمال و الجنوب يجعل هذه الدول الأخيرة تقف عادة عدم الواثق من هذا النظام .
ـ هذا ناهيك عن المزايا الأخرى للتشكيلة الجماعية التي تضمن تعدالاراء
و المواقف ، و تتضمن كذلك اكثر إمكانية توفر التشكيلة على أشخاص ذوي
كـفاءات أكيدة . إضافة إلى المسؤولية الكبيرة الواجب تحملها من قبل هيئة التحكيم
والنابعة مـن ضخامة المصالح الخاضعة للتحكيم و التي يمكن عادة تحملها في ظل
تشكيلة جماعية اكثر من التشكيلة الفردية لهيئة التحكيم .
أما بخصوص تعيين المحكمين الدوليـين فـي ظل نظام التعيين المباشر فـان
المشرع الـوطني و رغـم إقراره بهـذا النظام فـي الـمادة 458 مكرر 2 من قانون
الإجراءات المدنية فانه ترك أمر تشكيل و تسيير التحكيم مسالة ترتبط بصفة
حصريـة بالإرادة المشتركة للأطراف ، و من ثمة فإنها مختصة وحدها بتعيين المحكم
أو المحكمين المدعوين لشغل منصب التحكيم بـل انـه عادة مـا تتضمن الاتفاقية
التجارية أسماء المحكمين الذين تؤول إليهم حل النزاع عند حدوثه و هـو شرط
تقـتضيه نصوص قانون الإجراءات المدنية الجزائري و بصفة آمرة "يعين اتفـاق
التحكيم مـوضوعات النزاع و أسماء المحكمين و إلا كان باطلا ، و إنما يـجوز
للمتعاقـدين أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات التي قد تنشأ عند التنفيذ على
المحكمين و يجوز لهم أيضا فـي العقود المتصلة بالأعمال التجارية وحدها أن يعينوا مقدما محكمين و تذكر أسماؤهم فـي العقد و
في هذه الحالة يجب أن تثبت شرط التحكيم بالكتابة و يوافق عليه عـلى وجه الخصوص
أطراف العقد و إلا كان الشرط باطلا ، فإذا لم يعين أطراف الـعقـد محكميـن أو رفض
أحدهم عند المنازعة أن يعين من قبله محكمين فان رئيس الجهة القضائية الواقع بـدائرتها
محل العقد يصدر أمره بتعيين المحكمين على عريضة تقدم إليه " . (1)
هذا المسعى أكدته المادة 458 مكرر 2 "أ" و "ب" مـن الـمرسوم التشريـعي
الصادر في 25/04/1993 .
حيث نصت هـذه الـمادة على " يمكن للأطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام
تحكيمي تعيين المحكم أو المحكمين أو تحديد شـروط تعيـينهم و شروط عزلهم أو
استبدالهم و في غياب مثل هذا التعيين ، و في حالة صعوبة تعيين المحكمين و عزلهم
أو استبدالهم يجوز للطرف المعني بالتعجيل أن يقوم بما يأتي :
أ/ : رفع الأمر أمام رئيس المحكمة المختصة طبقا للمادة 458 مكرر3 ، إذا كان التحكيم يجري في الجزائري (2) .
ب/ : رفع الأمر أمام رئيس محكمة الجزائر، إذا كان التحكيم يجري في الخارج و قرر الأطراف بصدده تطبيق قانون الإجراءات الجزائري .
القاعدة العامة أن تطبيق أحكام الاتفاقية يكون شبه آلي أي أن الأطراف تبادر إلى تعيين ممثل أو ممثلين عنها وفقا لأحكام الاتفاقية بصفة إرادية ، و يمكن اللجوء إلى القاضي الوطني لتعيين المحكمين الدوليين وفقا لأحكام المادة 458 مكرر2 في حالة تقاعس أو امتناع طرف من الأطراف المتنازعة إلى تعيين محكمين عنها نزولا عند أحكام الاتفاقية التي يحملها .
و ينظم القانون (المرسوم التشريعي الصادر في 25/04/1993) الإجراءات الواجب اتباعها لطلب تعيين المحكمين حيث نصت المادة 458 مكرر 4 على انه : "إذا دع قاضي إلى تعيين محكم حسب الشروط المذكورة في المادتين 458 مكرر 2 و 3، فانه يستجيب لطلب التعيين بموجب أمر يصدر بناءا على مجرد عريضة إلا إذا بينت دراسة موجزة عدم وجود أية اتفاقية تحكيم بين الأطراف" ، و تضيف نفس المادة انه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ انظر : المادة 444/1 من قانون الإجراءات المدنية .
2/ تنص المادة 458 مكرر 3 على ما يلي : " الجهة القضائية المختصة المذكورة في المادة 458 مكرر 2 الفقرة "أ" هي المحكمة المحددة في اتفاقية التحكيم ، و في غياب ذلك المحكمة التي حددت هذه الاتفاقية مقر محكمة التحكيم ضمن دائرة اختصاصها ، أو المحكمة مقر إقامة المدعى عليه أو المدعى عليهم في النزاع ، أو محكمة مقر إقامة المدعي إذا كان المدعى عليه لا يقيم بالجزائر" .

"إذا دعى القاضي إلى تعيين محكم مرجح ، وجب أن يكون هذا الأخير من جنسية مخالفة لجنسية الأطراف" .
كما تنظم المادة 458 مكرر 5 مسالة رد المحكمين و ذلك في ثلاث حالات تحددها على سبيل الحصر .
الحالة الأولى : عندما لا تتوفر فيه المؤهلات المتفق عليها بين الأطراف
الـحالة الثانيـة : عندما يكون سبب الرد المنصوص عليه في نظام التحكيم الذي اعتمده الأطراف قائما .
الحالة الثالثة : عندما تسمح الظروف بالارتياب المشروع فـي استقلالية، لاسـيما بسبب وجـود عـلاقات اقتصادية أو عـلاقات مصالح مباشرة أو بواسطة شخص آخر مع طرف من الأطراف .
و ينص القانون صراحة في مجرد المحكمين انه لا يجوز للطرف الذي عين الحكم أو يساهم في تعيينه أن يرده إلا بسبب يكون قد اطلع عليه بعد هذا التعيين على أن يتعين اطلاع محكمة التحكيم و الطرف الآخر حالا بسبب الرد .
و في حالة النزاع و ما لم تقم الأطراف بتسوية إجراءات الرد ، يفصل القاضي المختص وفقا للمادة 458 مكرر 2 بأمر بناءا على طلب من الطرف المعني
بالتعجيل على أن لا يقبل هذا الأمر أي طريق من طرق الطعن .
و يلاحظ هنا انه إذا كانت اتفاقية التحكيم تحسم مسالة الأشخاص المعنيين للقيام بهذه المهمة ، فان مسالة رئاسة هيئة التحكيم تبقى أيضا متروكة لحرية اختيار الأطراف المتعاقدة و التي تتوفر بهذا الصدد على حلول مختلفة منها إسناد مهمة اختيار الرئيس إلى الأعضاء المعينين من قبلها ، أو تعينه مباشرة بالاتفاق بينهما ، أو اللجوء إلى جهة خارجية لتعيينه .

2/ اللجوء إلى نظام تحكيمي لتعيين المحكمين الدوليين :

يشكل هذا النمط الاختيار الثاني لتعيين المحكمين الدوليين الذي تتيحه المادة
458 مكرر 2 من المرسوم التنفيذي الصادر في 25/04/1993 هذا النمط يعني من
الناحية العملية اتفاق الأطراف المتعاقدة في الاتفاقية التجارية الأصلية على تحديد
اللجوء إلى نظام تحكيمي موضوع من قبل مؤسسة دائمة للتحكيم على المستوى
الدولي، أي أن هذا النظام المحدد في الاتفاقية الأصلية هو الذي يجب الاستناد إليه عند
تعيين و عزل أو استبدال أعضاء هيئة التحكيم .

ثانيا : دعوى التحكيم (إجراءات التحكيم) و صلاحيات محكمة التحكيم :

ليس من الضروري هنا التذكير بالسير العـادي لـدعوى التحكيم من تبـادل
للمذكرات و كل الاشكالات التي يمكن أن تحدث خلال سـير إجراءات الدعوى التي تشبه
إلى حد ما نظام سير الدعاوى العادية ، لذلك يمكن فقط إثارة نظام الأدلة التي تخضع
لها الدعوى التحكيمية و صلاحيات المحكمين في هذا المجال .

1/ نظام الأدلة :

يمكن التذكير هنا أن دعوى التحكيم تبدأ أو تكون معـلقة عـندما يرفـع أحد
الأطراف دعوى أمام المحكم أو المحكمين المعنيين في اتفاقية التحكيم أو عندما يباشر أحد
الأطراف إجراء في تأسيس محكمة التحكيم في حالة غـياب مثل هذا التعيين (المادة458
مكرر 8 من المرسوم التشريعي الصادر في 25/04/93) .
عـلى غـرار الدعاوى العادية فانه يتعين على أطراف دعوى التحكيم
توضيح طلباتهم و مستندات هـذه الطلبات على "تباشر محكمة التحكيم تقديم الأدلة
بنفسها" حسب أحكام المادة 458 مكرر 10 من المرسوم التشريعي الصادر في
25/04/1993 .
و يتم تقييم هذه الأدلة وفقا للقوانين الإجرائية و الموضوعية التي تحكم موضوع النزاع
. غير أن هيئة التحكيم باعتبارها جهة قضاء خاص ذو طبيعة تعاقدية يفتقد في بعض
الإجراءات إلى السلطة اللازمة لفرض قراراتها لذلك أتاح المشرع لهيئة التحكيم اللجوء
إلى مساعدة القاضي الوطني حكما تطلب الأمر ذلك .
و قد نصت المادة 458 مكرر 11 على ذلك عندما قررت انـه : " إذا كانـت
مساعدة السلطة القضائية ضرورية لتقديم الأدلة ، أو لتمديد مهمة المحكمين أو
لتـصحيح الإجراءات أو فـي حالات أخرى ، جاز لمحكمة التحكيم أو الأطراف
المتفقة معها أو الخصم المعني بالتعجيل الـذي تأذن لـه المحكمة أن تطلب بناءا على
عريضة مساعدة القاضي المختص وفقا لأحكام المادة 458 مكرر 2 و يطبق هذا
القاضي قانونه الخاص .
سلطات جهة التحكيم :
إلى جانب اختصاص جهة التحكيم بتسيير دعوى التحكيم وفـق أحكام اتفـاقية
التحكيم ، يمكن لجهة التحكيم بعد بدء سريان دعوى التحكيم أن تتخذ بعـض
الإجراءات التحفظية و بعض الإجراءات ذات الطابع المؤقت و ذلك بطلب من أحد
الأطراف فـي دعوى التحكيم .

و قد نصت على هذه الصلاحيات المادة 458 مكرر 9 من المرسوم التشريعي
الصادر في 25/04/93 " يمكن لمحكمة التحكيم أن تأمر بتدابير مؤقتة أو تدابير تحفظية
بطلب مـن أحد الأطراف إلا إذا كانت هناك اتفاقية مخالفة و إذا لم يخضع المعني بالأمر
بمحض إرادته لهذه التدابير جاز لمحكمة التحكيم أن تطلب مساعدة القاضي المختص
، و يطبق هذا الأخير قانـونه الخاص يـمكن محكمة التحكيم أو القاضي أن يخضع
التدابير المؤقتة أو التدابير التحفظية التي طلب مـنه إصدار الأمر بـها لتقديم الطرف
الـمدعي الضمانات المناسبة" .
كما يمكن لمحكمة التحكيم أيضا في نطاق صلاحياتها في تسيير دعوى التحكيم
أن تصدر قرارات تحكيمية جزئية أو بـما اتفق عليه الطرفان إذ لم توجد في نصوص
الاتفاقية الأصلية أحكاما صريحة بمخالفة ذلك (الـمادة 458/مـكرر 12 مـن المرسوم
التشريعي الصادر في 25/04/93) .
و تنهي دعوى التحكيم بصدور قـرار التحكيم يفصل فـي موضوع الـنزاع
المطروح ، و هو موضوع الفصل الثالث ممن هذا القسم .

الــفــصــل الـثـالــث

قـــــرار الـــتــحــكــيــم

يـصدر قـرار التحكيم من محكمة التحكيم وفق الشروط الشكلية و الموضوعية
المحددة في اتفاقية التحكيم (المطلب الأول) يكون هذا القرار قابلا للتنفيذ (المطلب الثاني)
كما يمكن أن يكون هذا القرار محلا للطعن (المطلب الثالث) .
الـمـطـلـب الأول

الشروط القانونية التي يخضع لها قرار التحكيم و آثاره

1/ الشروط :

قـرار التحكيم يشكل المرحلة النهائية لدعوى التحكيم ، يصدر هذا القرار مـن
محكمة التحكيم ضمن الإجراء و حسب الشكل الذي يتفق عليه الأطراف ، و في غياب
مثل هذه الاتفاقية يصدر القرار التحكيمي من :
ـ المحكم الوحيد .
ـ بالأغلبية ، عندما تشتمل محكمة التحكيم على عدة محكمين و يكون هذا القرار مكتوبا ، و مسببا ، و معين المكان ، مؤرخا و موقعا .
كما يمكن أن يتضمن قرار التحكيم رأي المحكم الذي يشكل الأقلية . يوقع
قرار التحكيم من كافة المحكمين سواء الموافقين و منهم على القرار أو المتحفظين
عليه وإذا رفض أحد المحكمين توقيعه يجب أن يشير المحكمون الآخرون لهذا
الرفض في قرار التحكيم . و رغم هذا الرفض فان قرار التحكيم ينتج أثره كاملا و
كأنه موقع مـن جميع المحكمين (المادة 458/مكرر 13 من المرسوم التشريعي الصادر
في (25/04/93) .
و تجدر الإشارة هنا أن قرار التحكيم الذي يكتسي الصبغة النهائية هو الـقرار
الفاصل في موضوع النزاع بشكل جدري مما يكبه قوة الشيء المقضي فيه .

2/ الآثار :

تنتج عن صدور قرار التحكيم آثار قانونية معينة .
النتيجة الأولى : يترتب على صدور قرار التحكيم تخلي محكمة التحـكيـم
بشكل نهائي عن النزاع الذي فصلت فيه وفقا لأحكام المادة 458/مكرر 16 الفقرة الأولى القاضية بان : " قرار التحكيم الذي يفصل في المنازعة ينهي مهمة محكمة التحكيم" .
الشيء الذي يعني امتناع محكمة التحكيم عن إعادة النظر في الموضوع الذي فصلت فيه تحت أي صيغة كانت ( دعوى تفسير ، أو إعادة النظر في الموضوع بعد إلغاء قرار التحكيم من طرف القضاء المختص مثلا) .
النتيجة الثانية : بمجرد صدور قرار التحكيم يكتسي قوة الشيء المقـضي
فيه و هو ما يستنتج من أحكام المادة 458/مكرر 16 الفقرتين الثانية الثالثة . " يكتسي القرار التحكيمي فور صدوره حجية الشيء المقضي فيه المتعلق بالنزاع الذي فصل فيه" . و "يؤمر بالتنفيذ الجبري حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 458/مكرر17/فقرة02 و ذلك في غياب التنفيذ الطوعي أو الإرادي للقرار التحكيمي" . كما سيوضح في الفقرة اللاحقة .
الـمـطـلــب الـثـانـي

تـنـفـيـذ الـقـرار الـتـحـكـيـمـي

يمكن أن يكون تنفيذ القرار التحكيمي بصفة طوعية أو يتطلب تنفيذه اللجوء إلى
التنفيذ الجبري .

أولا : التنفيذ الطوعي :

طالما أن القرار التحكيمي يكتسي فور صدوره حجية الشيء المقضي فيه فـانه
يتعين على الجهة أو الجهات المعنية به تنفيذ مضمونه بشكل إرادي أو طـوعي (الـمادة
458/مكرر16 فقرة 03) ، و يعتبر التنفيذ الطوعي الطريقة العادية لتـنفيذ القرارات
التحكيمية نظرا للاختيار الإرادي للأطراف لهذا الشكل لحل الـنزاعات المترتبة عن
تنفيذ العقود المبرمة بينهما من جهة و لصيانة العلاقات التجارية التي تجمعها مـن جهة
ثانية و التي يشكل عادة الخلاف المطروح على التحكيم في إطارها نقطة تفصلية
بالنسبة لمجمل العلاقات التجارية التي تربطهما .

ثانيا : التنفيذ الجبري :

إذا أبدت الجهة المعنية بالتنفيذ عدم استعدادها لتنفيذ القرار التحكـيمي بـصفة
طوعية خلافا لمقتضيات القانون بهـذا الخصوص ينظم الـقانون عادة طريقا غير عادي
لإرغام الطرف الممتنع عن التنفيذ بالالتزام بمضمون القرار التحكيمي و ذلك بعـد اتباع
الإجراءات و الشروط المحددة في القوانين الوطنية .
فبالنظر إلى أحكام المادة 458/مكرر 17 فقرة 02 من قانون الإجراءات
المدنية الجزائري التي تفرق بين حالتين لتنفيذ القرارات التحكيمية بالنظر إلى مقر
محكمة التحكيم:
ـ فإذا كان القرار التحكيمي صادر عن هيئة تحكيم مقرها في الجزائر فان
طلب التنفيذ الجبري يكون من اختصاص رئيس المحكمة التي صدرت هذه القرارات
في دائرة اختصاصها .
ـ أما إذا كان القرار التحكيمي صادر عن هيئة تحكيمية أجنبية (مقرها يوجد
خارج الإقليم الجزائري) فان الاختصاص يعود في هذه الحالة إلى رئيس محكمة محل
التنفيذ .
و فـي كـل الأحوال يخضع طلب التنفيذ الجبري لشروط محددة في المرسوم التشريعي
الصادر في 25/04/93 و هي :
ـ ضرورة وجود قرار تحكيمي من طرف الجهة طالبة التنفيذ الجبري و ذلك بتقدي
اصل هذا القرار مرفقا باتفاقية التحكيم أو بنسخ من هذه الوثائق فيها الشروط المطلوبة
لإثبات صحتها (المادة 458/مكرر 18) .
ـ ضرورة عدم مخالفة الاعتراف بالقرارات التحكيمية في الجزائر للنظام
العام الدولي (المادة 458/مكرر 17) .
إذا توفرت هذه الشروط ، يمكن لرئيس المحكمة المختص الأمر بـديل اصل
القرار أو بهامشه بقابلية القرار التحكيمي للتنفيذ و يتضمن هذا الأمر الاذن لكاتب
الضبط بتسليم نسخة رسمية منه منهورة بالصيغة التنفيذية .
هذا القرار الصادر من رئيس المحكمة المختصة هو الذي يكون قابلا للطعن .

الـمـطـلـب الـثـالــث

طـرق الـطـعـن فـي قـرار التـحـكـيـم

يمكن أن يكون قرار التحكيم محلا للطعن بالاستئناف بالبطلان

أ) الطعن بالاستئناف :

يكون الاستئناف جائزا في حالتين في أمر رئيس المحكمة الذي يقرر رفض الاعتراف بالقرار التحكيمي أو الذي يضع هذا القرار في وضع قابل للتنفيذ . كما تنص
على ذلك المادة 458/مكرر 22 و تحدد المادة 458/مكرر 23 على سبيل الحصر الحالات التي يجوز فيها استئناف القرار الذي يسمح بالتنفيذ (1) على أن يرفع الاستئناف المذكور في هاتين المادتين أمام المجلس القضائي الذي يتبعه القاضي الذي فصل في النزاع في خلال شهر واحد ابتداء من تبليغ قرار القاضي .

ب) الطعن بالبطلان :

يمكن كذلك وفقا لأحكام المادة 458/مكرر25 أن تكون القرارات التحكيمية الصادرة في الجزائر في التحكيم الدولي موضوع طعن بالبطلان أيضا في الحالات المنصوص في المادة 458/مكرر23 و هي للتذكير حالات الطعن بالاستئناف .
و يرفع الطعن بالبطلان وجوبا أمام المجلس القضائي الذي صدر القرار التحكيمي في دائرة اختصاصه . و ذلك في ميعاد شهر من تبليغ القرار التحكيمي المصرح بقابليته للتنفيذ (المادة 458/مكرر26) .
و يكون للاستئناف و للطعن بالبطلان اثر موقف وفقا لأحكام المادة 458/مكرر27 كما تكون أحكام الجهات القضائية الصادرة بناءا على طعن بالبطلان أو باستئناف في قرار تحكيمي قابلة للطعن فيها بالنقض (المادة 458/مكرر28) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ انظر نص المادة في الملحق أدناه .


تمت المحاضرة

مـرسـوم تـشريعي رقـم 93-09 مـؤرخ فـي 03 ذي القعدة عام 1413
الـمـوافـق لـ 25 أبريل سـنة 1993 ، يعدل و يتمم الأمر رقم 66-154 المؤرخ
فـي 08 يونيو و المتضمن قانون الإجراءات المدنية .
إن رئيس المجلس الأعلى للدولة .
ـ بناءا على الدستور ، و لاسيما المادتان 115 و 117 منه .
ـ و بناءا على الإعلان المؤرخ في 09 رجب عام 1412 الموافق 14 يناير سنة 1992 و المتضمن إقامة المجلس الأعلى
للدولة .
ـ و بناءا على المداولة رقم 92ـ02/م.ا.د المؤرخة فـي 11 شـوال عام 1412
الموافق لـ 14 أيريل سنة 1992 والمتعلقة بالمراسيم ذات الطابع التشريعي .
ـ و بناءا على المداولة رقم 92ـ04/م.ا.د الـمؤرخة فـي أول محرم عام 1413
الموافق 02 يوليو سنة 1992 و المتعلقة بانتخاب رئيس المجلس الأعلى للدولة .
ـ و بـمقتضى الأمر رقم 66ـ154 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 08
يونـيو سنة 1966 و المتـضمن قـانون الإجراءات المدنية ، المعدل و المتمم .
ـ و بمقتضى الأمر رقم 75ـ58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26
سبتمبر سنة 1975 و المتضمن القانـون المدني ، المعدل و المتمم .
ـ و بمقتضى الأمر رقم 75ـ59 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26
سبتمبر سنة 1975 و المتضمن القانـون التجاري ،المعدل و المتمم .
ـ و بعد استطلاع رأي المجلس الاستشاري الوطني .
يصدر المرسوم التشريعي التالي نصه :
الـمـادة الأولى : تلغى المادة 442 من قانون الإجراءات المدنية و تستبدل بالأحكام
الآتية :
"يجـوز لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها و لا يجوز
التحكيم في الالتزام بالنفقة و لا في حقوق الإرث و الحقوق المتعلقة بالمسكن و الملبس و
لا في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص و أهليتهم .
و لا يجوز للأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام أن يطلبوا التحكيم ما عدا في
علاقاتهم التجارية الدولية" .
المادة 2 : يدرج ضمن الكتاب الثامن من الأمر رقم 66ـ154 المؤرخ في 08يونيو
سنة 1966 و المذكـور أعلاه ، فصل رابع ، بعنوان " فـي الأحكام الخاصة بالتحكـيم
التجاري الدولي" و يتضمن المواد الآتية :
الـقـسـم الأول
أحكام عـامـة
المادة 458 مكرر : يعتبر دوليا ، بمفهوم هذا الفصل التحكيم الذي يخص النزاعات
المتعلـقة بالـمصالح التجارية الدولية و الذي يكون فيه مقر أو موطن أحد الطرفين على
الأقل في الخارج .
المادة 458 مكرر 1 : تسري اتفاقية التحكيم على النزاعات المستقبلية و القائمة .
يجب من حيث الشكل ، و تحت طائلة البطلان . أن تبرم اتفاقية التحكيم بموجب
عقد كتابي .
تعتبر صحيحة مـن حيث الموضوع ، إذا استجابت للشروط التي يضعها أما القانون
الذي اتفقت الأطراف عـلى اختيـاره و أمـا القانون المنظم لموضوع النـزاع ، لاسيما
القانون المطبق على العقد الأساسي ، و أما القانون الجزائري .
لا يمكن الاحتجاج بعدم صحة اتفاقية التحكيم ، بسبب أن العقد الأساسي قد يكون
غير صحيح .
الـقـسـم الـثـانـي

تـنـظـيم الـتحـكـيـم الـدولـي

المادة 458 مكرر 2 : يمكن للأطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام تحكيمي تعيين
المحكم أو المحكمين أو تحديد شروط تعيينهم و شروط عزلهم أو استبدالهم .
و فـي غـياب مثل هـذا التعيين ، و في حالة صعوبة تعيين المحكمين و عزلهم أو
استبدالهم يجوز للطرف المعني بالتعجـيل أن يقوم بما يأتي :
أ ـ رفع الأمر أمام رئيس المحكمة المختصة ، طبقا للمادة 458 مكرر 3 ، إذا كان التحكيم يجري في الجزائر .
ب ـ رفع الأمر أمام رئيس محكمة الجزائر ، إذا كان التحكيم يجري في الخارج ، و قرر الأطراف بصدده تطبيق قانون
الإجراءات الجزائري .
المادة 458مـكرر 3 : الجهة القضائية المختصة المذكورة في المادة 458 مكرر 2
الفقرة 2 (أ) هـي المحكمة المحددة في اتفاقية التحكيم ، و في غياب ذلك ، المحكمة التي
حددت هذه الاتفاقية مقـر محكمة التحكيم ضمـن دائـرة اختصاصها ، أو المحكمة مقر
إقامة المدعى عليها أو المدعى عليهم في النزاع ، أو محكمة مقر إقامة المدعي إذا
كان المدعى عـليه لا يقيـم بالجزائر .
المادة 458 مكرر4: إذا دعي قاض إلى تعيين محكم حسب الشروط المذكورة فـي
المواد السابقة ، فانه يستجيب لطـلب التعيين بموجب أمر يصدر بناءا عـلى مـجرد
عريضة ، إلا إذا بينت دراسة موجزة عدم وجود أية اتفاقية تحكيم بين الأطراف .
إذا دعي القاضي إلى تعيين محكم مرجح ، وجب أن يكون هذا الأخير من جنسية مخالفة لجنسية الأطراف .
المادة 458 مكرر 5 : يمكن رد التحكيم :
أ) عندما لا تتوفر فيه المؤهلات المتفق عليها بين الأطراف .
ب) عندما يكون سبب الرد المنصوص عليه في نظام التحكيم الذي اعتمده الأطراف قائما .
ج) عندما تسمح الظروف بالارتياب المشروع في استقلاليته ، لاسيما بسبب وجود علاقات اقتصادية أو علاقات مصالح مباشرة أو بواسطة شخص آخر مع طرف من الأطراف .
لا يجوز للطرف الذي عين المحكم أو ساهم في تعيينه ، أن يرده إلا بسبب يكون قد
اطلع عليه بعد هذا التعيين و يتعين اطلاع محكمة التحكيم و الطرف الآخر حالا بسبب الرد .
و في حالة النزاع و ما لم تقم الأطراف بتسوية إجراءات الرد ، يفصل القاضي المختص وفقا للمادة 458 مكرر 2 بأمر بناءا على طلب من الطرف المعني بالتعجيل. و لا يقبل هذا الأمر أي طريق من طرق الطعن .
المادة 458 مكرر 6 : يمكن اتفاقية التحكيم أن تضبط الإجراء اللازم اتباعه في الهيئة التحكيمية مباشرة أو بناءا على نظام تحكيمي" .
كما يمكنها إخضاع هذا الإجراء إلى قانون الإجراءات الذي تحدده الأطراف فيها .
و إذا لم تنص الاتفاقية على ذلك ، و لم يحصل اتفاق بين الطرفين ، تتولى محكمة التحكيم ضبط الإجراء ، مباشرة أو استنادا إلى قانون أو نظام تحكيمي ، كلما تطلبت الحاجة إلى ذلك .
المادة 458 مكرر 7 : تفصل محكمة التحكيم في الاختصاص الخاص بها . و يجب إثارة الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع يتعلق بالموضوع .
تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بقرار أولى إلا إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع .
المادة 458 مكرر 8 : تكون دعوى التحكيم معلقة عندما يرفع أحد الأطراف دعوى أمام المحكم أو المحكمين المعنيين في اتفاقية التحكيم ، أو عندما يباشر أحد الأطراف إجراء في تأسيس محكمة التحكيم في حالة غياب مثل هذا التعيين .
يكون القاضي غير مختص للفصل في الموضوع متى كانت دعوى التحكيم معلقة".
المادة 458 مكرر 9 : يمكن محكمة التحكيم أن تأمر بتعايير مؤقتة أو تدابير تحفظية بطلب من أحد الأطراف إلا إذا كانت هناك اتفاقية مخالفة .
و إذا لم يخضع المعني بالأمر بمحض إرادته لهذه التدابير جاز لمحكمة التحكيم أن تطلب مساعدة القاضي المختص . ويطبق هذا الأخير قانونه الخاص .
يمكن محكمة التحكيم أو القاضي أن تخضع التدابير المؤقتة أو التدابير التحفظية التي طلب منه إصدار الآمر بها لتقديم الطرف المدعي الضمانات المناسبة .
المادة 458 مكرر 10 : تباشر محكمة التحكيم بنفسها تقديم الأدلة .
المادة 458 مكرر 11 : إذا كانت مساعدة السلطة القضائية ضرورية لتقديم الأدلة، أو لتمديد مهمة المحكمين أو لتصحيح الإجراءات أو في حالات أخرى ، جاز لمحكمة التحكيم أو الأطراف المتفقة معها أو الخصم المعني بالتعجيل الذي تأذن له المحكمة أن تطلب بناءا على عريضة ، مساعدة القاضي المختص وفقا لأحكام المادة 458 مكرر 2 و يطبق هذا القاضي قانونه الخاص .
المادة 458 مكرر 12 : يجوز لمحكمة التحكيم إصدار قرارات تحكيمية جزئية أو بما اتفق عليه الطرفان ، إلا إذا كانت هناك اتفاقية مخالفة .
المادة 458 مكرر 13 : يصدر قرار التحكيم ضمن الإجراء ، و حسب الشكل الذي يتفق عليه الأطراف .
و في غياب مثل هذه الاتفاقية ، يصدر القرار التحكيمي :
ـ المحكم الوحيد .
ـ بالأغلبية ، عندما تشتمل محكمة التحكيم على عدة محكمين .
يكون القرار التحكيمي مكتوبا ، مسببا ، معين المكان ، مؤرخا و موقعا .
يمكن المحكم الذي يحوز الأقلية أن يدرج رأيه في القرار التحكيمي .
و يوقع كل محكم القرار التحكيمي . و إذا رفض أحدهم أوقعه يشير المحكمون الآخرون إلى هذا الرفض في قرارهم التحكيمي ، و ينتج عن هذا القرار التحكيمي نفس الأثر ، كأنه موضع من جميع المحكمين .
المادة 458 مكرر 14 : تفصل محكمة التحكيم في النزاع طبقا لقواعد القانون الذي اختاره الأطراف ، و في غياب ذلك ، تفصل محكمة التحكيم وفقا لقواعد القانون و الأعراف التي تراها ملائمة .
المادة 458 مكرر 15 : تفصل محكمة التحكيم كمفوض في الصلح إذا خولتها اتفاقية الأطراف هذه السلطة .
المادة 458 مكرر 16 : إن القرار التحكيمي الذي يفصل في المنازعة ينهي مهمة محكمة التحكيم .
و يكتسي القرار التحكيمي فور صدوره حجية الشيء المقضي فيه المتعلق بالنزاع الذي فصل فيه .
يؤمر بالتنفيذ الجبري حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 458 مكرر 17 (الفقرة 2) و ذلك في غياب التنفيذ الطوعي للقرار التحكيمي .
الـقـسـم الــثــالــث
في الاعتراف بالقرارات التحكيمية الصادرة في مادة
التحكيم الدولي و تنفيذها الجبري و طرق الطعن فيها
المادة 458 مكرر 17 : يتم الاعتراف في الجزائر بالقرارات التحكيمية الدولية إذا اثبت المتمسك بها وجودها ، و كان هذا الاعتراف غير مخالف للنظام العام الدولي .
و بنفس الشروط تعتبر قابلة للتنفيذ في الجزائر ، و لدى رئيس المحكمة التي صدرت هذه القرارات في دائرة اختصاصها أو من رئيس محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا خارج تراب الجمهورية .
المادة 458 مكرر 17 : يثبت وجود قرار تحكيمي بتقديم الأصل مرفقا باتفاقية التحكيم أو بنسخ من هذه الوثائق ، تتوفر فيها الشروط المطلوبة لإثبات صحتها .
المادة 458 مكرر 19 : يودع الوثائق المذكورة في المادة 458 مكرر 18 لدى الجهة القضائية المختصة أحد المحكمين أو الطرف المعني بالتعجيل . 
يتحمل النفقات المتعقلة بإيداع العرائض أطراف النزاع .
المادة 458 مكرر 20 : تكون قرارات المحكمين قابلة للتنفيذ بموجب أمر صادر عن رئيس المحكمة بذيل اصل القرار أو بهامشه و يتضمن الاذن لكاتب الضبط بتسليم نسخة منه منهورة بالصيغة التنفيذية .
المادة 458 مكرر 21 : لا يحتج بالقرارات التحكمية على الغير .
المادة 458 مكرر 22 : يكون القرار الذي يرفض الاعتراف أو التنفيذ قابلا للاستئناف .
المادة 458 مكرر 23 : لا يجوز استئناف القرار الذي يسمح بالاعتراف أو التنفيذ إلا في الحالات التالية :
أ) إذا تمسكت محكمة التحكيم خطأ باختصاصها أو بعدم اختصاصها .
ب) إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضت مدتها .
ج) إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفين للقانون .
د) إذا فصلت محكمة التحكيم دون الامتثال للمهمة المسندة إليها .
ه) إذا فصلت محكمة التحكيم زيادة عن المطلوب أو لم تفصل في وجهه من وجوه الطلب .
و) إذا لم يراع مبدأ حضور الأطراف .
ز) إذا لم تسبب محكمة التحكيم أو لم تسبب بما فيه الكفاية أو إذا وجد تضارب في الأسباب .
ح) إذا كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي .
المادة 458 مكرر 24 : يرفع الاستئناف المنصوص عليه في المادتين 458 مكرر 22 و 458 مكرر 23 ، أمام المجلس الذي يتبعه القاضي الذي فصل في النزاع و يمكن تأسيسه خلال شهر ابتداء من تبليغ قرار القاضي .
المادة 458 مكرر 25 : يمكن أن تكون القرارات التحكيمية الصادرة بالجزائر في التحكيم الدولي موضوع طعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة 458 مكرر 23 أعلاه .
لا يكون الأمر الذي يسمح بتنفيذ هذا القرار التحكيمي قابلا لأي طعن غير أن الطعن بالبطلان يترتب عليه ، بقوة القانون و في حدود تسلم المجلس الدعوى ، الطعن في الأمر الصادر من قاضي التنفيذ ، أو سحب الدعوى من هذا القاضي .
المادة 458 مكرر 26 : يرفع الطعن بالبطلان ، المنصوص عليه في المادة 458 مكرر 25 ، أمام المجلس القضائي الذي صدر القرار التحكيمي في دائرة اختصاصه.
و يقبل هذا الطعن ابتداء من النطق بالقرار التحكيمي . و لا يجوز قبول الطعن إذا لم يرفع في الشهر الذي تم فيه تبليغ القرار التحكيمي المصرح بقابليته للتنفيذ .
المادة 458 مكرر 27 : يوقف اجل تقديم الطعون ، المنصوص عليها في المواد 458 مكرر 22 ، 458 مكرر 23 ، 458 مكرر 25 ، تنفيذ الأحكام التحكيمية و للطعن المقدم في الأجل اثر موقف كذلك .
المادة 458 مكرر 28 : تكون أحكام الجهات القضائية الصادرة بناء على طعن بالبطلان لقرار تحكيمي أو بالاستئناف طبقا للمادتين 458 مكرر 22 و 458 مكرر 23 ، قابلة للطعن بالنقض .
المادة 03 : ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .
حرر بالجزائر في 03 ذي القعدة عام 1413 الموافق لـ 25 أبريل سنة 1993 .
علي كافي

0 تعليق:

إرسال تعليق