المقدمة:
شهد القطاع المالي على مستوى العالم العديد من التطورات خلال العقد الأخير من القرن العشرين تمثلت في التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفية، واستحداث أدوات مالية جديدة، وانفتاح الأسواق المالية على بعضها البعض في الدول المختلفة بصورة غير مسبقة، وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، فإن هناك بعض الأزمات التي شهدها القطاع المالي سواء في الدول النامية أوالمتقدمة، أدت إلى التأثير السلبي على اقتصاديات تلك الدول، هذا وقد نلاحظ أن معظم الدول التي شهدت أزمات مالية واقتصادية كانت مشاكل البنوك قاسماً مشتركاً فيها، وأرجع الخبراء ذلك إلى تزايد المخاطر المصرفية وعلى رأسها المخاطر الناتجة عن الائتمان، ومن هنا جاء اقتراح "لجنة بازل للرقابة على البنوك". والذي تم الإعلان عنه في السادس عشر من يناير 2001، بتعديل معايير كفاية رأس المال السارية منذ عام 1988 بهدف تدعيم الملاءة المالية للجهاز المصرفي على مستوى العالم، وإيجاد المناخ المناسب للائتمان لضمان تفعيل الرقابة على مخاطره.
وقد اهتم الأدب الاقتصادي بدراسة العلاقة بين القطاع المالي والمصرفي والنمو الاقتصادي. حيث يعتبر وجود قطاع مالي قادر على حشد وتخصيص الموارد المالية بكفاءة لخدمة الأغراض المنتجة والتنموية وتقليل المخاطر الائتمانية من المتطلبات الرئيسية لتحقيق وتقوية قطاعاتها المالية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليل احتمالات تعرضها للهزات المالية والصدمات الخارجية. وقد خطى كثير من هذه الدول خطوات مهمة في هذا السبيل في السنوات الأخيرة. لقد اختلفت الإصلاحات من حيث مدى عمقها ومجال تركيزها بين الدول المختلفة، ولكن الأهداف في كل الحالات كانت ذاتها: زيادة الاعتماد على قوى السوق والحوافز الخاصة في مجال الوساطة المالية ودارة المخاطر والتأكيد على سلامة القطاع المالي وتقوية أطره التشريعية والتنظيمية، وتحسين مقدرة المؤسسات المالية على تعبئة المدخرات المحلية وزيادة المنافسة بين هذه المؤسسات(1).
وقد جاءت آراء مدرسة ستانفورد بأقطابها إدوارد شو(2) Shaw (1973) ورونالد ماكينون McKinnon (1973) لتربط بين التنمية المالية والتحرير المالي والنمو الاقتصادي ولكي تحيي آراء جوزيف شوميتر التي ترجع لعام (1912) (3). حيث حدد بوضوح وظائف وحدات الوساطة المالية باضطلاعها بتعبئة المدخرات وتقييم المشروعات وإدارة المخاطر المصرفية ومراقبة أداء المشروعات، كما ربط بين هذه الأنشطة والخدمات وعملية التطوير التكنولوجي والإبداع والتنمية الاقتصادية.
ثم جاءت نماذج النمو الداخلي Endogenous Growth Models التي ظهرت في دراسة رومر Romer (1986) ولوكاس Lucas (1988)(4) لكي تظهر أن الاستثمار في شكل تراكم لرأس المال المادي أو لرأس المال البشري تصاحبه وفورات خارجية موجبة، حيث أن الاستثمار لا يرفع من المقدرة الإنتاجية للمنشأة فقط ولكن يرفع من المقدرة الإنتاجية للمنشآت الأخرى ذات العلاقة بهذه المنشأة. وقد دفعت هذه الافكار سولو Solow (1994)(5) للبحث من جديد في نظرية النمو الاقتصادي والتعرف على محددات النمو الاقتصادي فيما شبهه سولو Solow بالنيران المتأججة.
والقطاع المالي والمصرفي يمكنه أن يسهم في عملية النمو الاقتصادي من خلال تمويل الاستثمار، شريطة أن يكون هذا القطاع متطوراً وذا كفاءة في القيام بوظائفه من خلال القيام بوظيفة الوساطة المالية وإدارة المخاطر. حيث تخفض وحدات الوساطة المالية من مخاطر المعاملات وتعمل على زيادة معدل التراكم الرأسمالي وبتطور القطاع المالي ومؤسساته تزداد القدرة على انتقاء المشروعات ومتابعة أدائها.
هذا وقد شهدت الساحة الدولية في السنوات الأخيرة الكثير من التحولات والمستجدات والمتغيرات العالمية في ظل العولمة Globalization التي تقوم على تحرير المبادلات التجارية والمالية مع الاندماج في الاقتصاد العالمي في ظل التكتلات الاقتصادية والكيانات العملاقة.
وكان القطاع المصرفي من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها تأثراً بالمتغيرات الدولية المتمثلة في التطورات التكنولوجية وعالمية الأسواق المالية والتحرر من القيود التي تعوق الأنشطة المصرفية والاتجاه إلى تطوير وإدارة مخاطر الإقراض في ظل المعايير الدولية لضبط الأداء المصرفي المتمثلة في معايير كفاية رأس المال التي عرفت باسم مقررات لجنة بازل التي أعلنت في عام 1988 التي ألزمت الدول الأعضاء في لجنة بازل بتوحيد طرق الرقابة من قبل البنوك المركزية ورفع نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك لتصبح في حدود 8% من مجموع أصولها الخطرة. لذلك تحرص الحكومات على وضع نظم للرقابة المصرفية والإشراف على البنوك بهدف استقرار النظام المالي وضمان كفاءة النظام المصرفي بما يتواءم مع التطورات العالمية المتلاحقة.
وقد اكتسب موضوع كفاية رؤوس أموال البنوك أهمية كبرى في السنوات الأخيرة في ضوء التطورات المالية والمصرفية المتلاحقة. من أجل تلافي انتقال مخاطر العمل المصرفي بين الدول الصناعية بعضها البعض أو من الدول الأخرى.
وعلى الرغم من الانتقادات العديدة التي وجهت لاتفاقية بازل نظراً لانحيازها لصالح الدول الصناعية. فقد أصبح من المتعارف عليه أن تقيم ملاءة البنوك في مجال المعاملات الدولية يرتبط بدرجة كبيرة بمدى استيفائها لحدود معيار كفاية رأس المال.
ثم قامت لجنة بازل بإجراء بعض التعديلات لتطوير أسلوب حساب معدل كفاية رأس المال. وقد تمثلت المقترحات الجديدة التي تم الإعلان عنها في سبتمبر 1999 في توسيع قاعدة وإطار كفاية رأس المال بما يضمن تحقيق الأهداف التالية:
1. المزيد من معدلات الأمان وسلامة ومتابعة النظام المالي العالمي.
2. تدعيم التساوي والتوازن في المنافسة بين البنوك دولية النشاط وضمن تكافؤ الأنظمة والتشريعات.
3. إدراج العديد من المخاطر وإيجاد نماذج اختبار جديدة أكثر ملاءمة للتطبيق في البنوك على كافة مستوياتها.
وضماناً لتحقيق تلك الأهداف أرست لجنة بازل للرقابة المصرفية في 16 يناير 2001 مقترح "اتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال" ومن المنتظر أن يتم تنفيذ تلك المعايير عام 2005. وذلك من أجل تلافي قصور المعايير السابقة وتقوم المعايير الجديدة على ثلاث ركائز أساسية. لتحقيق درجة أكبر من التناسب بين رأس مال البنك وأصوله الخطرة على أن يقترن ذلك بتدعيم فعالية الدور الرقابي للبنوك المركزية والسلطات النقدية وأهمية إفصاح البنوك عن قدر أكبر من المعلومات بشأن التزامها بمعايير كفاية رأس المال.
وقد أكد خبراء المصارف أن المعايير المصرفية التي أقرتها "بازل" سيكون لها صدى كبير في تقليل المخاطر الائتمانية وإعادة الانضباط إلى السياسة الائتمانية التي شابها بعض العيوب خلال السنوات القليلة الأخيرة، والتي كان من نتيجتها ظاهرة التعثر المصرفي.
وطالب الخبراء بالتطبيق الفعلي والحرفي لهذه المعايير واتباع الوسائل الحديثة في التطبيق بجانب التدريب العملي المتخصص للقائمين على تنفيذ هذه القواعد المصرفية التي يكون الجهاز المصرفي في أشد الحاجة إليها لإدارة الائتمان بأسلوب مصرفي سليم قائم على البحث والدراسة والمتابعة الدقيقة.
وقد تعرض اتفاق بازل الجديد للرقابة المصرفية لعدة انتقادات منها عدم تحديده بشكل واضح لمخاطر التشغيل Operational Risk.
كما ترى البنوك الكبرى أن النسبة المقترح تخصيصها من رأس مال البنك لمواجهة مخاطر التشغيل (20%) تعتبر بالغة الارتفاع. كما يرى البعض أنه يجب تخفيض الشريحة المخصصة من رأس المال لتغطية تلك المخاطر بالنسبة للبنوك الواقعة في الاقتصادات الناشئة عن نظيرتها في الاقتصادات المتقدمة نظراً لتطبيق البنوك في الاقتصادات الناشئة لأساليب تكنولوجية، ونظم للمقاصة وتسوية المدفوعات أبسط وأقل تقدماً بالمقارنة بنظيرتها في الاقتصادات المتقدمة.
كما تعرض اقتراح الاعتماد على تقييم مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية كأحد المحددات الرئيسية لتحديد الأوزان النسبية المستخدمة في ترجيح مخاطر أصول البنوك لعدة انتقادات. وبذلك يمثل الإطار الجديد لمعايير لجنة بازل منعطفاً هاماً في مستقبل عمل القطاع المصرفي.
أهداف البحث:
1. التأكيد على أهمية مقررات لجنة بازل في وضع معايير وقواعد موحدة لضبط أداء العمل المصرفي وفي معالجة مشكلة التعثر المصرفي التي تصاحب "التحرير المالي" في مراحله الأولى.
2. التأكيد على أهمية الرقابة على العمل المصرفي في ضبط أداء البنوك على النحو الذي يضمن سلامة مراكزها المالية ويحول دون تعرضها للانهيار.
3. التأكيد على أهمية معايير لجنة بازل في دفع مخاطر عمليات وآليات تدويل العمل المصرفي.
4. التركيز على أهمية معايير لجنة بازل في التأكيد على أن أي نظام لمراقبة المخاطر يجب أن يقوم على تحديد جميع المخاطر التي تواجه البنوك وإدارتها.
5. التأكيد على أهمية الإطار المقترح للجنة بازل في علاج مشكلة التصنيف مرتفع المخاطر للدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية Non OECD وبالتالي تخفيض تكلفة الموارد التي تحصل عليها عن طريق الاقتراض.
6. التأكيد على استمرار مراجعة الإجراءات الرقابية على كفاية رأس المال باعتبار أن كفاية رأس المال هي ضمانة ضرورية للاستقرار المصرفي.
7. التأكيد على دور الإطار المقترح للجنة بازل في مراعاة عملية توريق الأصل Asset Securitisation التي تؤدي إلى توزيع المخاطر المخاطر وخفضها.
8. التأكيد على دور الإطار المقترح في إعطاء خيارين لتحديد مخاطر الالتزامات على البنوك، إما بالاعتماد على تصنيف الدولة المسجل بها البنك أو بالاعتماد على تصنيف البنك ذاته.
فروض البحث:
- إن خلق وإيجاد قطاع مصرفي قادر على حشد وتخصيص الموارد المالية لخدمة الأغراض التنموية وتقليل المخاطر الائتمانية قد أصبح ضرورة حيوية لتحقيق معدلات نمو عالية وقابلة للاستمرار.
- إن تحديث الصناعة المصرفية والحد من تزايد المخاطر الائتمانية والمصرفية، وإيجاد المناخ المناسب للائتمان لضمان تفعيل الرقابة على مخاطره يعد من المرتكزات الأساسية للرؤية المستقبلية للصناعة المصرفية.
- إن رفع مستوى أداء القطاع المالي والمصرفي في قيامه بوظيفة الوساطة المالية وإدارة المخاطر يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي من خلال تمويل الاستثمار.
- إن قيام وحدات الوساطة المالية واضطلاعها بعملية تعبئة المدخرات وتقييم المشروعات وإدارة المخاطر المصرفية ومراقبة أداء المشروعات يؤكد عملية الربط بين التنمية المالية والتحرير المالي والنمو الاقتصادي.
- إن زيادة القدرة التنافسية وانطلاقة الصناعة المصرفية تعد ضرورة هامة لتحقيق النمو الاقتصادي في ظل تحرير تجارة الخدمات والتحديات الدولية.
محتويات الدراسة:
مقدمة:
الفصل الأول:
المناخ العام للصناعة المصرفية في ظل التحولات والمستجدات والمتغيرات الدولية:
أولاً: أوضاع القطاع المالي ودواعي التحرير في ظل التحولات والمستجدات الدولية.
ثانياً: المناخ العام للصناعة المصرفية في العالم في ظل التحولات الدولية.
ثالثاً: أثر التحولات الدولية على العمل المصرفي.
رابعاً: الاتجاهات الحالية والقضايا الاستراتيجية التي تواجه البنوك.
الفصل الثاني: الرقابة المصرفية وإدارة المخاطر والاتجاهات الجديدة في شأن جهات الرقابة المصرفية :
أولاً: نظم الرقابة المصرفية وأهدافها.
ثانياً: إدارة المخاطر المصرفية والتعثر المصرفي.
ثالثاً: الفصل بين وظائف الرقابة على البنوك ووظائف رسم وتنفيذ السياسة النقدية.
رابعاً: استقلال البنوك المركزية.
الفصل الثالث: معايير لجنة بازل لتطوير الرقابة المصرفية وتقليل مخاطر الائتمان:
أولاً: جهود لجنة بازل لتطوير الرقابة المصرفية.
ثانياً: المتطلبات الأساسية الواجب توافرها لممارسة رقابة مصرفية فعالة.
ثالثاً: مبادئ لجنة بازل للرقابة المصرفية الفعالة.
رابعاً: المعايير الجديدة للجنة بازل وإعادة النظر في مفهوم الكفاية.
الفصل الرابع: الانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال ومستقبل العمل المصرفي في ظل هذا الإطار الجديد:
أولاً: مضمون الإطار الجديد للجنة بازل في ظل الآراء المؤيدة له.
ثانياً: الآراء المعارضة والانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد.
ثالثاً: مستقبل العمل المصرفي في ظل الإطار المقترح للجنة بازل.
رابعاً: القواعد الرقابية الجديدة للجنة بازل وأثرها على الجهاز المصرفي المصري.
- الخاتمة.
- الهوامش.
الفصل الأول
المناخ العام للصناعة المصرفية في ظل التحولات والمستجدات
والمتغيرات الدولية
أولاً: أوضاع القطاع المالي ودواعي التحرير في ظل التحولات والمستجدات الدولية.
ثانياً: المناخ العام للصناعة المصرفية في العالم في ظل المستجدات العالمية.
ثالثاً: أثر التحولات والمستجدات العالمية على العمل المصرفي.
رابعاً: الاتجاهات الحالية والقضايا الاستراتيجية التي تواجه البنوك.
الفصل الأول
المناخ العام للصناعة المصرفية في ظل التحولات والمستجدات والمتغيرات الدولية
أولاً: أوضاع القطاع المالي ودواعي التحرير في ظل التحولات والمستجدات الدولية
ظلت القطاعات المالية في الدول النامية لعقود طويلة محل تدخل مستمر من قبل الحكومات سواء في هياكلها ومؤسساتها أو في آليات عملها. ولا يعتبر التدخل ذا طبيعة إصلاحية لفشل السوق Market Failure، ولكنه كان تدخلاً كابحاً Repressive للنشاط الاقتصادي في القطاع المالي بصفة عامة والجهاز المصرفي بصفة خاصة.
ويطلق ماكينون تعبير الكبح المالي Financial Repression على الحالات التي تتدخل فيها الدولة بوسائل ضريبية أو أدوات أخرى مثل وضع سقوف Ceilings على أسعار الفائدة والتدخل في توظيف الائتمان في النشاط المالي، بما يشوه آليات السوق ويحيد بها عن العمل وفقاً لاعتبارات العرض والطلب على الأرصدة المتاحة للإقراض والاستثمار وينحرف بالقطاع المالي بعيداً عن مقتضيات الكفاءة الاقتصادية(7).
ولم يكن تدخل الدولة كبحاً للنشاط المالي دون مبررات والتي يمكن تقسيمها إلى أربعة مجموعات من الأسباب الداعية لهذا التدخل:
1. أوضاع القطاعات المالية في الدول النامية بعد استقلالها: حيث عانت هذه الدول من مشكلات متعددة تعد من أشكال فشل السوق، حيث كانت الأسواق المالية تتصف بالتشرذم Segmentation والضحالة Shallowness في ظل غياب كثير من الخدمات والأدوات والأوعية المالية أو وجود بعضها بقدر كبير من القصور. كما كان يشوب السوق احتكار لقلة من وحدات الوساطة للأنشطة المختلفة، بما صاحب ذلك من استغلال لمراكز احتكارية في ظل انعدام رقابة مالية فعالة، كما لم تتح معلومات كافية عن المتعاملين المحتملين من مدخرين ومقترضين بما كرس ظاهرة تباين المعلومات مسببة زيادة درجة المخاطرة في إجراء المعاملات المالية والاعتماد على اعتبارات غير سعرية في توظيف الائتمان(8).
2. أثر قوانين الربا Usury Laws: حيث احتكمت بعض النظم التشريعية في البلدان النامية إلى تعريف للربا على أنه سعر الفائدة المرتفع المغالى فيه، فقامت بوضع سقوف على أسعار الفائدة الاسمية بحيث تتراوح بين 3% و 7% في أكثر التشريعات الاقتصادية التي تأثرت بقوانين الربا الغربية(9).
3. تأثر السياسة الاقتصادية في الخمسينيات والستينيات بالآراء الكينزية فيما يتعلق بتفضيل السيولة Liquidity Preference، حيث أكد كينز أن منافسة البنوك في حفز الأفراد للتخلي عن السيولة وإبداع مدخراتهم لديها جعلهم يرفعون أسعار الفائدة الاسمية إلى مستويات تتعدى سعر الفائدة الحقيقي التوازني الذي يتحقق عنده التشغيل الكامل، بما دفعه إلى اقتراح وضع سقوف على أسعار الفائدة الاسمية(10).
4. الحاجة إلى تمويل عجز الموازنة العامة والمشروعات الكبرى التي تقوم بها الدولة تمويلاً منخفض التكاليف. إذا اعتبر التمويل بالعجز في هذا الوقت وسيلة مقبولة لتمويل التنمية في ظل محدودية الموارد المتاحة للدولة وعجز القطاع الخاص عن القيام بعملية التنمية(11). وقد رؤى أن كبح القطاع المالي من شأنه أن يوفر تمويلاً منخفض التكلفة لسد عجز الموازنة العامة للدولة. وقد استخدمت عدة أدوات لتنفيذ سياسات الكبح المالي التي اتبعتها الدول النامية وبعض الدول المتقدمة اقتصادياً قام بتلخيصها هانسون ونيل Hanson and Neal (1986) وفراى Fry (1995) وموريس وآخرون Morris et al (1990) فيما يلي(13):
1. تحديد أسعار الفائدة إدارياً عن طريق فرض سقوف لا تتعداها أسعار الفائدة الدائنة والمدينة.
2. دعم الفائدة على القروض الموجهة لبعض المشروعات.
3. التدخل في توجيه الائتمان عن طريق وضع حد أقصى للائتمان الموجه لبعض القطاعات الاقتصادية وحد أدنى لقطاعات أخرى.
4. رفع نسبة الاحتياطي القانوني التي تلتزم البنوك بإيداعها لدى البنك المركزي، دون عائد في أغلب النظم، بما يتعدى أغراضها الرقابية ودورها في السياسة النقدية والائتمانية ليجعلها ضريبة مستترة على عملية الوساطة المالية(14).
5. فرض نسب سيولة عالية والمبالغة في مكوناتها من الأوراق المالية الحكومية منخفضة العائد بطريقة تقيد إدارة المحفظة المالية للبنوك وتخفض من عائدها.
6. التدخل في إدارة المؤسسات المالية عن طريق الملكية المباشرة لرؤوس أموالها. وكان ذلك في أغلب الأحوال عن طريق عمليات التأميم والمصادرة لملكيات الأجانب والقطاع الخاص في الدول النامية بعد الاستقلال.
7. فرض قيود على حرية الدخول في القطاع المالي بتقييد التراخيص الجديدة ومنع المؤسسات الأجنبية من تملك رؤوس أموال المؤسسات المالية أو وضع قيود على هذه الملكية بنسب لا تتعداها. وكثيراً ما صوحبت القيود المفروضة على حرية الدخول بقيود على عملية الخروج من السوق بمنع البنوك ووحدات الوساطة المالية من التصفية وبتعقيد عمليات الدمج والاستحواذ Merger and Acquisition، بما حجم من آليات السوق وما يمكن أن تفرضه من نظام تحكمه المنافسة والدافع إلى تعظيم الربح بما يرفع من كفاءة الوساطة المالية(15).
لقد أدى اتباع هذه الأدوات الكابحة للقطاع المالي إلى عواقب وخيمة أكدتها أدبيات التنمية المالية(16) والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
1. أدى التحكم الإداري في أسعار الفائدة بوضع سقوف عليها في الدول ذات معدلات تضخم مرتفعة إلى جعل سعر الفائدة الحقيقي سالباً، وقد أدى هذا إلى دفع بعض المدخرين المحتملين إلى توجيه مدخراتهم إلى مشروعات منخفضة العائد يقومون بها بأنفسهم بدلاً من توجيهها للاستثمار عن طريق ادخارها بواسطة مؤسسات القطاع المالي.
2. أدى الانخفاض المفتعل للتمويل المصرفي، بسبب سقوف أسعار الفائدة، إلى اختيار مشروعات كثيفة رأس المال في مجتمعات كان الأولى بها أن تتجه إلى مشروعات كثيفة العمل وفقاً لمزاياها النسبية في هذا العنصر من حيث وفرته.
3. يترتب على ارتفاع معدلات التضخم في ظل الكبح المالي عدم استقرار لمكونات المحافظ المالية حيث يتحول توظيف المدخرات واستثمارها من الأصول المالية ذات العائد الحقيقي السالب إلى أصول مادية تتغير أسعارها بمعدل يساوي أو يزيد عن معدل التضخم فيما يعرف بوسائل التوقى من التضخم Inflation Hedges مثل العقارات وبعض السلع المعمرة والذهب.
4. كما يؤدي الكبح المالي إلى تدهور العائد إلى الأصول المالية المقومة بالعملة المحلية مما يؤدي إلى النزوع إلى التخلي عنها كمخزن للقيمة، بل وكوسيط للمبادلة، وللجوء إلى العملات الأجنبية فيما يعرف بإحلال العملات Currency Substitution(17).
5. كما يدفع الكبح المالي إلى اللجوء إلى أنشطة القطاع المالي غير الرسمي إقراضاً واقتراضاً رغم ما يتميز به من ارتفاع درجة المخاطرة، وقد عرفت الدول النامية اشكالاً متعددة من أنشطة القطاع المالي غير الرسمي، كنظام الجمعيات والمقرضين المحترفين أو المرابين، ونظم الائتمان غير الرسمي المضمونة بعقود عمل أو إيجار رسمية Tied-Credit(18).
6. كما أسهم الكبح المالي، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية وسياسية أخرى، في هروب رؤوس الأموال من الاقتصادات النامية إلى أسواق المال الأجنبية التي توفر عائداً حقيقياً موجباً وبمخاطرة أقل نسبياً مما هو قائم في القطاعات المالية التي تخضع للتدخل المشوه لآليات السوق والتي تفتقر إلى الشفافية Transparency في إجراء المعاملات.
7. أدى ارتفاع الضرائب المستترة على الودائع والعمليات المصرفية، مثل معدل الاحتياطي القانوني ونسبة السيولة المبالغ فيها، إلى ارتفاع هامش أسعار الفائدة وتدني كفاءة الوساطة المالية.
8. تسبب التدخل في توظيف الائتمان وتوجيهه إدارياً واستخدام أساليب غير سعرية في اتخاذ القرارات الائتمانية إلى تفاقم مشكلة القروض غير المنتظمة أو الراكدة Non-Performing وانخفاض ربحية البنوك.
وقد أدت هذه النتائج المترتبة على سياسات الكبح المالي إلى اتجاه كل من ماكينون وشو في عام 1973 وعدد من الاقتصاديين إلى التأكيد على أن هذه السياسات قد تسببت في تدن مستمر لكفاءة الوساطة المالية وفي تشويه أسواق المال بما يتطلب إصلاح الأمر عن طريق سياسات التحرير المالي والتي تستهدف إزالة كافة أدوات الكبح المالي التي دأبت الدول النامية على اتباعها، بما يؤدي إلى تحقيق التنمية المالية وزيادة المدخرات وتحسن حجم ونوعية الاستثمار ومن ثم دفع معدلات النمو الاقتصادي، على النحو الذي يوضحه الإطار العام النظري لنماذج مدرسة ستانفورد والاجتهادات النظرية المطورة لها والتي تحاول أن تظهر وجود علاقة إيجابية سببية بين التحرير المالي والنمو الاقتصادي.
ثانياً: المناخ العام للصناعة المصرفية في العالم في ظل المستجدات العالمية
يعد القطاع المصرفي من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها تأثيراً واستجابة للمتغيرات سواء الدولية أو المحلية. وتتمثل أهم تلك التغيرات في التطورات التكنولوجية، عالمية الأسواق المالية، والتحرر من القيود التي تعوق كل الأنشطة المصرفية، إزالة الحواجز التي تمنع بعض المؤسسات المالية، من العمل في قطاعات معينة، والاتجاه إلى تطوير وإدارة مخاطر الإقراض كل هذا في ظل تزايد حدة المنافسة الدولية في هذا القطاع مع السعي لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية مع ظهور الكيانات المصرفية العملاقة(19).
وتتمثل أهم مظاهر هذه المستجدات فيما يلي:
1. التقدم في مجال الاتصالات والمعلومات: عزز قدرة البنوك والأسواق المالية في استخدام الفرص المتاحة في ظل مناخ التحرر المالي وأدى أيضاً النمو السريع في سوق الأوراق المالية، وساعد التقدم التكنولوجي – كذلك – على إلغاء القيود بين القطاعات والدول وإلى الحد من القيود الرسمية بتدفقات رؤوس الأموال وإلى ابتداع عدد من المنتجات التمويلية الحديثة.
2. تراجع أهمية المصارف: لازدياد حركة نشاط الأسواق المالية والبورصات والمؤسسات المالية غير المصرفية.
3. توسع البنوك في تقديم الخدمات غير التقليدية التي تتواءم مع إيقاع العصر الحديث فظهرت المشققات المالية بأنواعها وتطورت مفاهيم إدارة المخاطر وغيرها من التحولات التي أدت إلى تنوع في أنشطة البنوك عامة.
4. أدت التطورات الحديثة إلى تغير العديد من المفاهيم التقليدية السائدة وخاصة فيما يتعلق بالتقسيم التقليدي للبنوك وفق أنشطتها وزاد عدد البنوك التي تعمل في كل من مجالي العمليات التجارية ومجالات الاستثمار والأعمال على حد سواء وذلك بالإَضافة إلى قائمة طويلة من الخدمات المتطورة المعتمدة على تكنولوجيا الحاسبات في الاتصالات والمعلومات التي يمكن للعميل من خلالها تنفيذ كل معاملاته من منزله أو سيارته عن طريق الحاسبات الشخصية المتصلة بالبنوك.
5. تزايد دور المؤسسات ذات الصفة العالمية مثل بنك التسويات الدولية BIS في الإشراف على المؤسسات المصرفية العالمية بدءاً من مقررات بازل عام 1988 وما بعدها بإصدار كثير من التوجيهات الخاصة بالرقابة والإشراف والإفصاح والشفافية والحد من المخاطر التمويلية وغيرها(20).
ثالثاً: أثر التحولات والمستجدات العالمية على العمل المصرفي
شهدت السنوات الأخيرة من القرن الكثير من المستجدات التي تركت آثارها بشكل كبير على العمل المصرفي والتي من أهمها :
1. تعرض البنوك المنافسة من المؤسسات المالية غير المصرفية:
تشمل المؤسسات المالية غير المصرفية كلاً من شركات التأمين بأنواعها من بيوت التمويل وشركات وصناديق الاستثمار وصناديق الادخار، ومؤسسات التأمين الاجتماعي وصناديق التأمين والمعاشات، وبورصات الأوراق المالية والشركات العاملة فيها وصناديق توفير البريد... ونتيجة للتطورات الجديدة في عملية التمويل أصبحت الفروق بين المؤسسات المالية ضيقة ولم تعد البنوك المتخصصة هي مصدر التمويل الوحيد للاستثمار والنفقات الجارية في القطاعات التي تخصها وتلاشت الفرصة بين الودائع وغيرها من أوعية الادخار والاستثمار والأوراق المالية التي تصدرها هذه المؤسسات من حيث درجة السيولة والعائد وآجال عملية التمويل ذاتها.
وأصبحت المؤسسات الكبرى التي تحتاج إلى تمويل المقترضين الكبار تلجأ إلى مصادر غير البنوك وعن طريق السندات وغيرها واختلفت درجة المنافسة من دولة لأخرى حسب درجة نمو السوق المالية بها، خاصة بعد السماح لمثل هذه المؤسسات بإمكانية الإقراض لعملائها ولغيرها.
بالإضافة إلى تمتع هذه المؤسسات ببعض المزايا مثل نسبة الاحتياطي النقدي وخضوعها للرقابة المصرفية، مع نمو أسواق رأس المال أدى ذلك إلى تعرض البنوك للمنافسة من هذه المؤسسات بدرجة مختلفة مما استدعى ضرورة تطويرها لأنشطتها وأعمالها وخاصة بعد تعرضها لمخاطر متعددة نتيجة تقلبات أسعار الصرف والفائدة في السنين الأخيرة.
2. تزايد المنافسة العالمية بين المؤسسات المصرفية:
منذ بداية السبعينيات شهد العالم عدة تحولات من أهمها السعي لإلغاء كل القيود والقوانين والإجراءات التي كانت تعوق حركة الجهاز المصرفي. بدءاً بتحرير أسعار الفائدة وإلغاء التحديد الجامد لأسعار العمولات والمصاريف البنكية وتخفيف القيود على الائتمان وعلى فتح الفروع الجديدة وبدأت الدول تتجه إلى تعويم أسعار الصرف واختلفت درجة التحرر من القيود في البداية من دولة إلى أخرى حيث بدأت في الاتساع في كل من هولندا، المملكة المتحدة، سويسرا، ثم امتدت إلى كل دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى دول أوروبا الشرقية سابقاً. وبدأت أمريكا في إلغاء القيود المتعلقة بالفصل بين الأنشطة التجارية والاستثمار وكذلك اليابان وكانت تهدف إلى منع البنوك التجارية من ممارسة أعمال الأوراق المالية والتي بدأت عام 1993.
وأدى التحرر من القيود الداخلية إلى اتساع المنافسة بين البنوك في الداخل ثم انتقلت إلى الخارج مع ثورة الاتصالات والمواصلات وبالتالي توسعت المنافسة عالمياً. وسوف يؤدي التطبيق الكامل لاتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية الموقعة في عام 1997 إلى مزيد من حرية النفاذ إلى الأسواق وخاصة أسواق الدول النامية باعتبارها سوقاً واسعة أمام البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية ويعد اتساع المنافسة بين البنوك العالمية والمحلية من أهم آثار حرية الأسواق والعولمة الاقتصادية.
3. التوسع في عمليات الاندماج المصرفي:
يعد الاندماج المصرفي من أبرز التحولات التي يشهدها القطاع المالي عالمياً، ويعد أحد أوجه التكيف مع المستجدات العالمية ولتعزيز القدرات التنافسية للبنوك سواء الداخل أو الخارج إذ لم يقتصر على البنوك في دولة واحدة بل امتد ليشمل بنوكاً من دول مختلفة ويتيح تحقيق وفورات الحجم الكبير والقدرة على النفاذ إلى الأسواق وتقديم خدمات مصرفية سريعة ذات جودة عالية وتمويل كبير الحجم لنوعيات متميزة من العملاء مع تكنولوجيا متطورة وغيرها.
ويعد تكوين الكيانات المصرفية العملاقة من أهم السمات المعاصرة للعمل المصرفي العالمي في ظل العولمة الاقتصادية ، وأحد أبرز مظاهرها. وبنظرة سريعة إلى التقارير العالمية التي تصدرها مجلة الـ Banker وخاصة في خلال السنوات الأخيرة عن أكبر ألف بنك في العالم من حيث رأس ا لمال والاعتبارات الأخرى سنجد أن شكل القائمة يتغير كل عام بسبب بسيط وهو الاندماج بين المؤسسات المالية المصرفية الكبرى فيما بين البنوك في الدولة نفسها أو بين البنوك في دولة أخرى.
ولذلك يعد الاندماج ليس فقط بين المصارف وبعضها بعضاً بل في كل الاتجاهات هو السمة البارزة للبنوك في العالم ولقد وصلت حقوق الملكية بين البنوك المندمجة إلى مبالغ ضخمة تتخطى حاجز التريليون دولار بالنسبة لحجم الأعمال.
4. الاتجاه نحو توحيد قواعد الرقابة على المصارف عالمياً:
في ظل اتساع دوائر الأعمال المصرفية وسيادة المنافسة بين البنوك وتأثر الجهاز المصرفي العالمي بتسارع خطي العولمة المالية، وتعرض البنوك في كثير من دول العالم لمخاطر متعددة سواء المتقدمة أو النامية. شهد عقد التسعينيات أزمات مالية عديدة لدول مثل المكسيك ودول جنوب شرق آسيا والبرازيل وروسيا وأخيراً اليابان وتركيا بالإضافة إلى الدول الأوروبية مثل هولندا وإسبانيا وغيرها، وفي ظل هذه الأجواء بدأ الاتجاه نحو وضع قواعد آمنة وآليات مشتركة بين البنوك المركزية في دول العالم تقوم بالتنسيق بين السلطات الرقابية لتقليل المخاطر التي تتعرض لها البنوك لأن الخلل في البنوك يؤدي إلى خلل في أداء الاقتصاد الكلي وأن الأزمات المصرفية تنتقل من دول لأخرى ويكون لها تأثير على أداء الاقتصاد العالمي ككل.
لقد كان لأزمة المديونية العالمية في الثمانينيات وتوقف عدد من الدول المدينة عن الدفع مما ألحق الضرر بالبنوك الدائنة أن سعت الدول العشر الصناعية الكبرى عن طريق بنك التسويات الدولية BIS إلى السعي لوضع قواعد تضمن سلامة الأعمال المصرفية وكانت البداية بأشهر هذه القواعد والخاصة بالملاءة المصرفية للبنوك في عام 1988 والتي تعرف باتفاقية بازل للملاءة Basle Accord ثم تبعتها عدة قواعد منظمة أخرى تتضمن التوصيات الخاصة بسلامة الأجهزة المصرفية وتأمين استقرارها من خلال اجتماع وزراء مالية الدول السبع الكبرى في إبريل عام 1998 وانطلاقاً من هذه الدعوة قام بنك التسويات الدولية وصندوق النقد الدولي والمجموعات الرقابية الإقليمية بدراسة وضع القواعد المنظمة للرقابة والسلامة المصرفية على أن تطبق على جميع الدول.
5. التوسع في الإقراض قصير الأجل:
من أهم الظواهر التي شهدها الاقتصاد العالمي منذ السبعينيات التوسع في الإقراض الخارجي وبصفة خاصة الإقراض قصير الأجل الذي لا يتجاوز سنة ولقد عرف ذلك في الثمانينيات بأزمة المديونية العالمية والتي توقفت فيها عدة دول عن سداد الديون التي حصلت عليها مثل المكسيك والبرازيل والأرجنتين مما سبب بعض الصعاب للبنوك الدولية الدائنة حينئذ ثم سعت الدول والمنظمات الدولية إلى تسوية هذه المعاملات.
وبدأت الدول في التوسع مرة أخرى في الإقراض وخاصة قصير الأجل (القروض التجارية) وذلك نتيجة سهولته والتوسع في أعمال البورصات والأسواق المالية العالمية وعرف باسم ظاهرة الـ (Hot Money) وهي الأموال سريعة الدخول والخروج وهي لا تتناسب مع التنمية المطلوبة. والتي ساعدت على حدوث الأزمات التي حلت بدول جنوب شرق آسيا في عام 1997(21).
رابعاً: الاتجاهات الحالية والقضايا الاستراتيجية التي تواجه البنوك(22)
من المتوقع خلال السنوات القليلة القادمة، أن تواجه البنوك تغييرات ملحوظة، وكذا عدداً من القضايا الاستراتيجية وذلك نتيجة تزايد تأثير القوى الرئيسية التالية:
1. النزعة نحو التدويل(23):
وفي هذا المجال نقصد بالتدويل تزايد التعاون بين الدول والمؤسسات المختلفة المتواجدة بتلك الدول في المجال الاقتصادي، ويمكن أن نضرب مثالاً على ذلك بالزيادة الهامة والكبيرة في تواجد البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خارج أسواقها المحلية اي في الدول الأجنبية. ويلاحظ أن التدويل له ثلاثة آثار هامة في العديد من الدول، وتلك الآثار الثلاثة أدت إلى ما يلي:
- زيادة أهمية الأصول والالتزامات الأجنبية في البنوك المحلية.
- زيادة عدد البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية العاملة في اسواق الأعمال المصرفية محلياً.
- تزايد أصول البنوك الأجنبية العاملة في أسواق الأعمال المصرفية المحلية.
وفي الوقت الحاضر، هناك عدد من الدلائل تشير إلى أن البنوك الأجنبية سوف تمثل تهديداً على أسواق الأعمال المصرفية المحلية، وفي أوروبا على سبيل المثال ففي خلال السنوات القليلة القادمة، يُتوقع أن البنوك الأجنبية الكبيرة فقط سوف تشكل التهديد التنافسي الرئيسي في سوق الأعمال المصرفية بالتجزئة (Retail Banking Market) طالما كانت الفرص متاحة، وأن تكون تلك البنوك الأجنبية لديها القدرة على أن تستحوذ (Acquire) على المؤسسات المالية ذات الأعداد الكبيرة من العملاء (Large Customers Bases).
ومن الجدير بالذكر، أنه في عدد لا بأس به من الدول العربية يلاحظ أن ثمة توسعاً للبنوك الأجنبية منذ عدة سنوات في الأسواق المصرفية المحلية، حيث ارتفعت حصة البنوك الأجنبية في عدد من الدول العربية إلى نسب مرتفعة وصلت على سبيل المثال إلى ما يزيد عن 20% في لبنان والإمارات، ومن المتوقع أن يزداد توسع البنوك الأجنبية في ظل انضمام عدد من الدول العربية إلى منظمة التجارة العالمية WTO والتوقيع على اتفاقية تحرير التجارة في الخدمات المالية(24).
2. الشمولية : (Universaliation) (25)
ويعد هذا أحد التطورات المصرفية الرئيسية التي ظهرت في أوروبا ومن بعدها في العديد من دول العالم خلال العقدين الماضيين، إذ بدأت البنوك في تلك الدول في البعد عن التخصص المصرفي وكذا تقليل التركيز على الأشكال التقليدية للإقراض والاستثمار، وبذا أصبحت تلك البنوك تقوم بتقديم تشكيلة شاملة من الخدمات المالية.
وعليه ففي كافة أنحاء أوروبا الآن، تتحرك البنوك باتجاه النظم المصرفية الشاملة والتي تمكنها من ممارسة نشاطها في أسواق كانت من قبل محظورة عليها، كما أن سرعة تآكل الفواصل التقليدية بين العمل المصرفي وتقديم الخدمات الأخرى يعتبر انعكاساً لتزامن تآكل تلك الفواصل في أسواق المال الدولية خاصة بين أسواق التمويل المصرفية وأسواق التمويل من خلال السندات، وبالإضافة إلى ذلك فإن ظاهرة التسنيد (Securitisatisation) سوف تغذى باستمرار اضمحلال وانهيار الخطوط الفاصلة (Demarcation Lines) بين العمل المصرفي وأسواق رأس المال وأسواق النقد.
3. التسنيد: (Securitisation) (26)
وهذه الظاهرة بزغت في السبعينات والثمانينات، وصارت تشكل واحداً من أهم ملامح أسواق المال الدولية هذا ويشير مصطلح "التسنيد" في معناه الأساسي إلى الأساليب الفنية والتي يمكن من خلالها تحويل الأصول أو تغيير شكلها الخارجي إلى أصول مالية وبحيث يمكن إعادة بيعها إلى المستثمرين في أسواق المال، هذا وقد نشأت ظاهرة "التسنيد" في البنوك التي فقدت ميزتها النسبية بالقياس إلى أسواق الأوراق المالية، في مجال الوساطة المالية في عمليات الائتمان الدولية (International Credits). كما حمل أسلوب "التسنيد" معه تغيراً ذات مغزى هام في الدور الذي يقوم به المصرفيون، حيث أن الربحية الآن تحولت من كونها تعتمد على إجراء الدراسات والأبحاث فيما يتعلق بهامش أسعار الفائدة، إلى التركيز باتجاه تحقيق الإيرادات من العمولات عن الأنشطة الخاصة بتقديم أدوات دين (Debt Instruments) للمستثمرين.
وتجدر الإشارة إلى أن "التسنيد" من الظواهر التي اعتمدت على التقدم التكنولوجي وتزايد استخدامات الكمبيوتر، حيث أتاح ذلك للمؤسسات المالية من أن تقوم وبتكاليف قليلة بتجميع حزمة تشكل محفظة قروض بإصدارات صغيرة وبيع هذه الحزمة في صورة ورقة مالية إلى طرف ثالث (حامل الورقة)، وتقوم تلك المؤسسة المالية بتحويل أقساط وفوائد هذه الحزمة إلى حامل الورقة وبذا تكون قد حققت فائدتين من عملية "التسنيد" الأولى هي تحويل أصل غير سائل إلى سيولة تساعد على سد الفجوة التمويلية والثانية الحصول على رسوم نظير تحويل مدفوعات خدمة القروض إلى حامل الورقة، هذا وقد أمكن من من خلال التطور التكنولوجي تطبيق هذا الأسلوب على العديد من أنواع القروض من رهونات وقروض شراء سيارات ومتحصلات بطاقات الائتمان طالما أنه يمكن تجميع هذه القروض في شكل حزم متجانسة ذات قيمة محددة ويتم بيعها في سوق رأس المال كورقة مالية.
4. العولمة : (Globalisation) (27)
تشير العولمة إلى عمليات التوحيد والتكامل عالمية النطاق لكل من أسواق رأس المال وأسواق النقد، أي التوحيد والتكامل بين الأسواق المالية عالمياً، وذلك من خلال آلية المبادلات (Swaps Mechanism) وعمليات الموازنة (Arbitraging) المصاحبة لها وذلك لفروق الأسعار العالمية، هذا وقد أدت عمليات العولمة إلى إمكانية قيام البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بإدارة محافظ استثمارات عالمية (Global Investment Portfolios)، كذلك فإن سلسلة كاملة وشاملة من المنتجات والأساليب الجديدة أصبحت متاحة الآن، بحيث يستطيع اللاعبون الرئيسيون في السوق (المؤسسات المالية الدولية) القيام بأنشطتهم في الاسواق المالية المختلفة في كافة أنحاء العالم، في نفس الوقت أي بصورة متزامنة .
5. التجمع والاندماجية: (Conglomeration) (28)
نظراً لعدد من العوامل والمتغيرات في كل من سوق الخدمات المالية وكذا البيئة الاقتصادية العالمية، فإن من المتوقع في المستقبل أن يتم تقديم الخدمات المالية من خلال أربعة أنماط رئيسية من المؤسسات وهي : (Conglomerates)، والمتخصصين (Specialists)، والوكلاء (Agents)، والمؤسسات التي تمارس أنشطتها تحت مظلة امتياز من مؤسة أخرى (Franchisers).
وعلى الأرجح فإن "التجمع والاندماجية" يعد الاتجاه الأكثر أهمية من بين الاتجاهات التي تلائم العمل المصرفي في أوروبا، بل في العديد من دول العالم المختلفة، ولعل حركة "التجمع والاندماجية" تحددت ملامحها واكتسبت خصائصها وصفاتها المميزة من خلال رغبة البنوك التي تعمل على نطاق واسع في الحفاظ على تواجدها عالمياً. ويذكر أن عدداً كبيراً من عمليات الدمج (Mergers) وكذا عمليات السيطرة (Takeovers) في سوق الخدمات المالية الأوروبية تمت عام 1986، هذا ويمكن القول إن من أهم الأسباب الرئيسية التي تفسر حدوث عمليات الدمج والسيطرة، ترجع إلى الدوافع الاستراتيجية (Strategic Motives) والمرتبطة بالتنويع (Diversification) وكذا الدوافع الاقتصادية ذات العلاقة بالعمل والتعاون معاً (Synergy) والنمو.
وتجدر الإشارة إلى أن "استراتيجية الدمج والاستحواذ" (Merger and Acquisition Strategy) في مجال العمل المصرفي، لا تختلف عن تلك الاستراتيجية في الشركات الصناعية الأخرى. كما أن أحد الأسباب التي تدفع الشركات للاستثمار في خارج دولها، هو تشبع السوق المحلي بدرجة كبيرة، وهذا ينطبق بصفة خاصة على البنوك الألمانية حيث ان ما يزيد عن 90% من السكان لديهم نوع ما من أشكال الحسابات في أحد البنوك وأن السوق المصرفي في ألمانيا يتميز بظاهرة "وجود بنوك أكثر من اللازم" (Over banked). أما الدوافع الاستراتيجية بالنسبة لكل من البنوك في المملكة المتحدة وكذا في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى والتي توسعت في الخارج (فيما وراء البحار) فقد تم تبريرها وتفسيرها بالحجج الخاصة بالتنويع "سياسة اتبع العميل" (Follow the Customer) هذا ومن المتوقع أن اتجاه التجمع والاندماجية سوف يستمر بلا شك طالما كانت المؤسسات المالية الكبيرة ترغب في التوسع في تقديم منتجات متعددة، وكذا الهيمنة على الأسواق جغرافياً (Geographical Coverage) أي السيطرة على أسواق جغرافية جديدة، خارج نطاق دولها، وطالما أن تلك المؤسسات لديها مزيد من رؤوس الأموال التي تكفي لابتلاع ضحاياها من المؤسسات المالية الأصغر. ومن القوى الدافعة الرئيسية باتجاه "التجمع والاندماجية" هي النمو الواضح في أعمال مصرفي الاستثمار (Investment Banking)، وكذا النمو في أنشطة أسواق الأوراق المالية.
وأخيراً نشير إلى أنه "من أهم التوجهات التي شهدتها السنة المالية 97/1998، انتشار عمليات الاندماج بين الشركات العملاقة، وأغلبها في قطاقات الاتصالات والسيارات والمال، خاصة بين المؤسسات المالية الكبرى. وتستهدف عمليات الاندماج تحسين مستوى أداء الشركات والمؤسسات المندمجة وتدعيم قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية(29).
6. التركز: (Concentration)
إن التركز في أسواق العمل المصرف يعد أيضاً أحد الملامح الهامة للتغييرات الهيكلية في عالم البنوك، والتركز ليس بأي حال ظاهرة حديثة، حيث أن النظم المصرفية في العديد من دول العالم يهيمن ويسيطر عليها عدد قليل من البنوك الكبيرة وذلك منذ نصف قرن على الأقل، هذا وتختلف النظم المصرفية في درجة تركزها التنافسية (Competitive Degree of concentration).
أما بالنسبة للطريقة الأكثر شيوعاً لقياس التركز المصرفي فهي تعتمد على احتساب نسبة أصول أو ودائع القطاع المصرفي في دولة ما والتي يسيطر عليها ويديرها أكبر ثلاثة أو خمسة بنوك. ولكن تجدر الإشارة إلى أنه هناك صعوبة في أن تقيّم بدقة كل من فعالية ومدى التركز في داخل النظم المصرفية بمفردها، كما أنه أصبح أيضاً من الصعوبة بدرجة كبيرة قياس التركز المصرفي بالقياسات المعاصرة (Contemporary measures) وذلك بسبب عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين أسواق العمل المصرفي والأسواق المالية الأخرى، ومع ذلك فإنه من الواضح أن هناك اتجاهاً لتفضيل الحجم الكبير لدى العديد من البنوك في عدد كبير من دول العالم المختلفة.
هذا وتتسم الأسواق المصرفية في عدد من الدول العربية بظاهرة التركز المصرفي، ولعل أبلغ مؤشر على التركز المصرفي في الوطن العربي أن حصة أول 20 بنكاً عربياً من موجودات القطاع المصرفي قد قاربت 50% في عام 1995، 90% بالنسبة لحصة أول 100 بنك عربي، الأمر الذي يعني أن أكثر من 200 بنك عربي تنافسي على حصة قدرها 10% فقط من نشاط السوق المصرفية العربية(30).
الفصل الثاني
الرقابة المصرفية وإدارة المخاطر والاتجاهات الجديدة في الصيرفة المركزية في ظل المستحدثات المصرفية والتحولات الدولية
أولاً: نظم الرقابة المصرفية وأهدافها.
ثانياً: إدارة المخاطر المصرفية والتعثر المصرفي.
ثالثاً: الفصل بين وظائف الرقابة على البنوك ووظائف رسم وتنفيذ السياسة النقدية.
رابعاً: استقلال البنوك المركزية.
الفصل الثاني
الرقابة المصرفية وإدارة المخاطر والاتجاهات الجديدة في الصيرفة المركزية في ظل المستحدثات المصرفية والتحولات الدولية
تعد الصناعة المصرفية من أكثر الصناعات التي تنطوي على مخاطر، وقد لوحظ تعاظم هذه المخاطر في السنوات القليلة الماضية بالإضافة إلى تغيير طبيعتها، فالمخاطر الائتمانية لم تعد التهديد الوحيد لاستقرار البنك حيث أضيفت إليها مخاطر السوق والسيولة وأسعار الفائدة والمخاطر الاستراتيجية وغيرها مما دعا إلى إعادة تقييم البنوك للمخاطر التي قد تواجهها وكيفية إدارتها مما يدعو إلى ضرورة تبني النظم الفعالة لإدارة المخاطر المصرفية خاصة في ضوء اتجاه العديد من البنوك نحو التعامل في المستحدثات المصرفية ذات المخاطر المرتفعة. ويرجع تشعب المخاطر المصرفية أساساً إلى التغير الذي طرأ على مصادر إيرادات البنوك والتي لم تعد مقصورة على الهامش المحقق لفروق أسعار الفائدة الدائنة والمدينة بل يمكن القول بأن إيرادات البنوك من رسوم الخدمات والتعاقدات تنمو باستمرار على حساب الإيرادات من فارق سعر الفائدة حيث ارتفعت الأولى من 7% إلى 24% خلال الفترة من 1980 حتى 1994 مقابل تراجع الثانية من 93% إلى 76% خلال نفس الفترة(31).
أولاً: نظم الرقابة المصرفية وأهدافها:
لعبت لجنة بازل للرقابة المصرفية دوراً هاماً لتنسيق أنظمة الرقابة على البنوك حيث وضعت اللجنة توصيات اتخذت كمعايير دولية للرقابة المصرفية تطبق في الدول الأعضاء بها. ولذلك تحرص الحكومات على وضع نظم للرقابة المصرفية والإشراف على البنوك بهدف تحقيق الاستقرار في النظام المالي وضمان كفاءة النظام المصرفي وحماية المودعين بما يتواءم مع التطورات والتحولات والمستجدات العالمية التي جعلت معايير الرقابة تتخطى الحواجز المحلية لتصبح معاييراً دولية تسعى كافة دول العالم للتواؤم معها(32).
ويوضح استعراض نظم الرقابة المصرفية في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (G7) تطبيق ما يسمى النموذج البديل للرقابة المصرفية والعمل به على نطاق واسع. إذ يمثل التعاون بين البنوك المركزية والهيئات الرقابية الخاصة ووزارة المالية في العديد من بلدان تلك الدول (إنجلترا – أمريكا – فرنسا – ألمانيا) حجر الأساس للرقابة الفعالة واللازمة لضمان سلامة النظام المالي، وذلك مع الأخذ في الاعتبار اختلاف أهمية الدور الرقابي للبنك المركزي من دولة إلى أخرى في تلك المجموعة. وقد بلغ هذا الدور أقصاه في إيطاليا وأدناه في اليابان وكندا بينما اختفى تماماً في إنجلترا.
أهداف الرقابة المصرفية(33):
على الرغم من اختلاف نظم الرقابة في دول العالم، إلا أنه يوجد اتفاق عام على أهداف محددة رئيسية للرقابة المصرفية:
1. الحفاظ على استقرار النظام المالي والمصرفي:
ويتضمن ذلك تجنب مخاطر إفلاس البنوك من خلال الإشراف على ممارسات المؤسسات المصرفية، وضمان عدم تعثرها حماية للنظام المصرفي والنظام المالي ككل. كما يتضمن ذلك أيضاً وضع القواعد والتعليمات الخاصة بإدارة الأصول والخصوم في البنوك سواء بالنسبة للعمليات المحلية أو الدولية.
2. ضمان كفاءة عمل الجهاز المصرفي:
ويتم ذلك من خلال فحص الحسابات والمستندات الخاصة بالبنوك للتأكد من جودة الأصول وتجنب تعرضها للمخاطر، وتقييم العمليات الداخلية بالبنوك وتحليل العناصر المالية الرئيسية وتوافق عمليات البنوك مع الأطر العامة للقوانين الموضوعة، وتقييم الوضع المالي للبنوك للتأكد من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، بهدف الحفاظ على تمويل بعض الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات الحيوية والهامة والتي لا يستطيع القطاع الخاص تدبير تمويلها بالكامل.
3. حماية المودعين:
ويتم ذلك من خلال تدخل السلطات الرقابية لفرض سيطرتها واتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي المخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها الأموال في حالة عدم تنفيذ المؤسسات الائتمانية التزاماتها تجاه المودعين وخاصة المتعلقة بسلامة الأصول.
ثانياً: إدارة المخاطر المصرفية و"التعثر المصرفي":
أ. إدارة المخاطر المصرفية:
تعد الصناعة المصرفية من أكثر الصناعات تعرضاً للمخاطر كما سبق القول وقد لوحظ تعاظم هذه المخاطر في السنوات القليلة الماضية بالإضافة إلى تغيير طبيعتها، وخاصة مع التطورات الشاملة في مجال العمل المصرفي. مما استدعى ضرورة وجود متابعة وتفهم كاملين من جانب الجهات الرقابية لهذه التطورات وحصر مخاطرها الرئيسية لوضع الضوابط الفعالة لحماية المصارف من المخاطر الحالية والمستقبلية.
ويعتقد معظم خبراء البنوك أن "المخاطرة والائتمان تؤم" بمعنى ارتباط كل منهم بالآخر. وهذا يعني أن البنوك لا تستطيع تفادي المخاطر وتعثر الديون بنسبة 100%. كما أن المخاطرة يجب أن تكون محسوبة من كافة الجوانب لضمان تحقق الأمان في العمل المصرفي. ونظراً لارتباط المخاطر بالائتمان وذلك ما أكدته الدراسات الائتمانية التي تقوم بقياس حجم المخاطرة التي قد يتعرض لها البنك فإن البنك يستطيع أن يتخذ بعض الإجراءات للحد من المخاطر من خلال تحري الدقة في اختيار العملاء واتخاذ الضمانات الكافية. ويلعب البنك المركزي دوراً هاماً في الحد من مخاطر الائتمان من خلال أدوات الرقابة على الائتمان(34). وضبط أداء البنوك على النحو الذي يضمن سلامة مراكزها المالية ويحول دون تعرضها للانهيار وهو ما تكفلت به لجنة بازل في بنك التسويات الدولية بوضع معايير وقواعد موحدة لضبط أداء العمل المصرفي.
كما تكفل كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين بمراقبة التزام الدول بتلك المعايير والقواعد من خلال إدماجها في برامج التثبيت والتكيف الهيكلي التي يتم إبرامها مع الدول التي تلجأ إلى أي منهما(35).
أنواع المخاطر المصرفية:
1. مخاطر ائتمانية: تنشأ عن عدم التزام العميل بشروط التعاقد مع البنك.
2. مخاطر أسعار الفائدة: تنشأ عن تحركات وتقلبات أسعار الفائدة.
3. مخاطر السيولة: تنشأ عن عدم قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته عند استحقاقها.
4. مخاطر الأسعار: تنشأ عن التغير في قيمة محافظ الأدوات المالية.
5. مخاطر النقد الأجنبي: تنشأ عن تحركات وتقلبات أسعار الصرف.
6. مخاطر العمليات: تنشأ عن المشاكل المتعلقة بأداء خدمات البنك للعملاء.
7. مخاطر الالتزام: تنشأ عن الإخلال أو عدم الالتزام بالقوانين والتشريعات السائدة.
8. مخاطر الاستراتيجية: تنشأ عن اتخاذ قرارات خاطئة أو سوء تنفيذ استراتيجيات البنك.
9. مخاطر السمعة: تنشأ عن تكون صورة سيئة عن البنك لدى الرأي العام.
أهداف إدارة المخاطر:
يمكن القول بداية أن أي نظام لإدارة المخاطر يجب أن يعمل على تحقيق العناصر التالية:
- إعطاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين فكرة كلية عن جميع المخاطر التي يواجهها البنك.
- وضع نظام للرقابة الداخلية وذلك لإدارة مختلف أنواع المخاطر في جميع وحدات البنك.
- الحيلولة دون وقوع الخسائر المحتملة.
- التأكد من حصول البنك على عائد مناسب للمخاطر التي قد يواجهها.
- استخدام إدارة المخاطر كسلاح تنافسي.
وتجدر الإشارة إلى أن إدارة المخاطر يجب أن تركز بشكل خاص على المخاطر المتوقعة التي تتسم بدرجة عالية من التقلبات.
جهود تحجيم المخاطر:
لا يقتصر الدور الرقابي في المجال المصرفي على نظم تحقق السيطرة على المخاطر الحالية بل يمتد إلى تطوير الوسائل والنظم الفعالة لمواجهة المخاطر على النحو الذي يكفل قيام البنك بممارسة نشاطه بأسلوب مناسب وذلك في إطار التقييم الدوري للمراقبين لمدى مناسبة المعايير الرقابية القائمة للتطورات المستجدة على الساحة المصرفية وآثارها على المستوى الإجمالي لمخاطر كل نشاط على حدة والمخاطر المتداخلة ووضع كافة الضوابط الرقابية.
ولا يعني ذلك إحلال الدور الرقابي محل الدور الإداري في التعامل مع مخاطر العمل المصرفي، بل تعاون وتنسيق كامل بين الدورين ودعم متواصل من الجهاز الرقابي للعملية الإدارية وقراراتها وبما يجنبها التعرض لأي نوع من المخاطر.
يحدد الشكل رقم (1) أدوات تحجيم المخاطر لكل فئة. فيمن الاستعانة بجميع تلك الأدوات بالنسبة للمخاطر ذات الخسائر المنخفضة، أما بالنسبة للأنشطة ذات المخاطر العالية شديدة التقلب، فمن الملاحظ أنه لا يمكن اللجوء إلى التأمين وذلك لأنه إما يكون غير متاح أو باهظ التكلفة، ومن ثم اللجوء بالنسبة لهذه الأنشطة إلى التوريق أو التحوط أو تكوين مخصصات.
شكل (1)
أدوات تحجيم المخاطر
- التحوط (التغطية). - الخروج من مجال العمل. | 2 - التوريق. - التحوط. | ||
3 - التأمين. - الاستيعاب. - المخصصات. | 4 - التوريق. - التأمين. - المخصصات. |
- تحديد إجمالي مستويات المخاطر لكل نشاط من أنشطة البنك.
- تحديد المخاطر المتداخلة أو أثر نشاط ما على باقي أنشطة البنك.
- استخدام مقاييس كمية وكيفية.
- التوافق مع قدرة نظم معلومات الإدارة على الحصول على المعلومات اللازمة وتقييمها. ويتم اللجوء في هذا الإطار إلى أساليب تقييم المخاطر التي تستخدمها المراجعة الداخلية بالبنك وهيئات تقييم الجدارة الائتمانية(36).
تقييم المخاطر:
تنطوي جميع الجوانب المتعلقة بالبنوك على درجات متباينة من المخاطر كما سبق أن ذكرنا وبالتالي من الخسائر المحتملة. ويأتي على رأس القائمة من حيث حجم المخاطر النشاط الائتماني والالتزام بالقوانين السارية ثم يليها سعر الفائدة والسيولة، وتنتهي القائمة بنظام التشغيل والاستراتيجية واللذين يحظيان بأقل درجة من المخاطر. على أن درجات المخاطر تختلف داخل كل نشاط، فمثلاً ينطوي الائتمان العقاري لأغراض تجارية على مخاطر أكبر من الائتمان لأغراض الإسكان، كما يتضمن التعامل في الأوراق المالية المضمونة برهن عقاري على مخاطر أكبر من الأوراق المالية المضمونة من الحكومة. ويجب عند تقييم مخاطر أنشطة البنك دراسة العناصر التالية:
- التطورات التي تطرأ على الصناعة واتجاهات التكنولوجيا والتشريعات والمنافسة.
- الربحية الحالية والمتوقعة للصناعة الحالية.
- هيكل إيرادات البنك ومدى تقلبه.
- الوضع الاقتصادي والمرحلة الحالية ودورة العمل.
- التوقعات الخاصة بالمستقبل طبقاً لتقارير المؤسسات الدولية مثل Moody's.
ويمكن القول أن الصناعة المصرفية تكون عالية المخاطر عندما تعاني إيرادات شديدة التقلب والتعرض الدائم لتغييرات في النشاط الاقتصادي أو أسعار الفائدة أو التغيرات السريعة في الأسعار أو فنون الإنتاج أو تفضيلات العملاء. على الجانب الآخر، فإن الصناعة المصرفية منخفضة المخاطر لا تخدم كثيراً تدعيم القاعدة الرأسمالية للبنك أو استقرار إيراداته أو سمعته.
أساليب الرقابة البنكية المتطورة(37):
يتلخص الإطار العام للرقابة المتطورة وفقاً لرؤية لجنة بازل للرقابة البنكية في النقاط التالية:
1. يجب أن يتكون أي نظام رقابي فعال من مقومات كل من الرقابة الداخلية (داخل البنك) والرقابة الخارجية (من جهات خارجية).
2. ضرورة وجود اتصال رسمي وبصورة منظمة بين المراقبين وإدارة البنك وذلك في إطار تفهمهم لعمليات تلك المؤسسات المصرفية.
3. امتلاك المراقبين للوسائل اللازمة لتجميع ومراجعة وتحليل التقارير لحصيفة والبيانات الإحصائية من البنوك وفقاً لقواعد موحدة.
4. يجب توافر الاستقلالية التامة للمراقبين المصرفيين في الحصول على المعلومات، سواء تعلق الأمر بالفحص الداخلي أو من خلال المراجعين الخارجيين.
5. يجب أن يكون المراقبون مؤهلين وقادرين على مراقبة مجموعة الأعمال البنكية وفقاً لقواعد موحدة.
وتنعكس تلك النقاط عند التطبيق في مجال الفحص الداخلي والخارجي كما يلي:
أ. في مجال الفحص الداخلي:
تتم أعمال الرقابة الداخلية إما من خلال فريق المشرفين المكون من جهاز الرقابة البنكية أو بتفويض مراجعين خارجيين، في القيام بفحص ومراقبة العديد من القضايا الهامة التي تغطي جوانب متعددة من أنشطة البنوك وأساليب عملها وهي تشتمل على ما يلي:
- دقة البيانات المقدمة من البنك.
- كفاءة عمليات البنك ومركزه المالي.
- كفاءة نظام إدارة المخاطر وإجراءات الرقابة الداخلية بالبنك.
- جودة محفظة القروض وكفاية مخصصاتها والاحتياطيات.
- كفاءة الإدارة.
- كفاءة الحسابات ونظم المعلومات الإدارية.
- كفاءة الرقابة الداخلية.
- الالتزام بالقوانين والتشريعات والشروط التفصيلية المتصلة بمنح التراخيص لإنشاء البنوك.
ومن الأشياء الجديرة بالملاحظة ضرورة قيام جهاز الرقابة البنكية بوضع القواعد الإرشادية الداخلية لأعمال المشرفين بالإضافة إلى سياسات وإجراءات الإشراف التي يجب أن يتم تطويرها لخدمة أهداف واضحة ومحددة.
كما يجب عند استخدام جهاز الرقابة المصرفية – بصورة كلية أو جزئية – لمراجعين خارجيين، مراعاة أن يكونوا متخصصين ومعروفين ولديهم المهارات اللازمة لإنجاز ما يوكل إليهم من مهام، هذا بالإضافة إلى فهمهم الواضح والعميق لقواعد العمل وعدم إفشائهم للمعلومات، ويجب التأكد من وجود الآليات التي تيسر عملية المناقشة بين المراقبين والمراجعين الخارجيين.
ب. في مجال الفحص الخارجي:
يجب أن يتوافر لدى المراقبين الأساليب المناسبة لتجميع ومراجعة وتحليل التقارير الحصيفة والنتائج الإحصائية من البنك وفقاً لقواعد موحدة ومحددة، وفي الوقت المناسب. وتغطى هذه المراجعة القوائم المالية المدعمة بجداول تفصيلية أكبر عن مدى التعرض لمختلف أنواع المخاطر وغيرها من القضايا الهامة في العمل المصرفي وبما يتضمن المخصصات والأنشطة خارج نطاق الميزانية.
ومن الأشياء الجديرة بالملاحظة في ذلك المجال، ضرورة توافر المقدرة أو السلطة لدى المراقبين للحصول على البيانات عن الوحدات التابعة غير المصرفية، وإعداد التقارير التي توضح مدى التزام البنك بالمتطلبات الحصيفة مثل كفاية رأس المال – حدود ائتمان موحدة للمدين وما يرتبط به من أطراف (Single Debtor Limits)، ويمكن استخدام تلك التقارير في المجالات التي لا يغطيها التفتيش الداخلي، وتحديد الاتجاهات للنظام البنكي ككل وليس لمؤسسة معينة أو بعينها. ويمكن اعتبار هذه التقارير أساساً للمناقشة مع إدارة البنك وذلك بصفة دورية أو عند ظهور المشكلات.
وبذلك يتضح أن الرقابة المصرفية الفعالة تتطلب أن يلم المراقبون المصرفيون بكافة الهياكل المؤسسية للمصارف أو المجموعات المصرفية عند تطبيق أساليبهم الرقابية، وأن تتوافر لهم القدرة على مراجعة كافة الأنشطة التي تجريها تلك المؤسسات وشركاتها التابعة سواء كانت أنشطة مصرفية أو غير مصرفية، باعتبارها مصادر محتملة للمخاطر، كما أنهم يجب أن يحددوا المتطلبات والقواعد الحصيفة التي يتعين أن يقوم البنك بتطبيقها سواء منفرداً أو على أسس موحدة، هذا بالإضافة إلى ضرورة توافر القدرة لدى المراقبين على التعاون مع السلطات الرقابية الأخرى داخل الهيكل المؤسسي إذا ما اقتضى الأمر. وسوف نتعرض فيما يلي لقضية هامة ذات ارتباط وثيق بموضوع إدارة المخاطر المصرفية وهي قضية التعثر المصرفي وطرق الوقاية منه.
التعثر المصرفي وطرق الوقاية:
التعثر ظاهرة عالمية يعانيها كثير من دول العالم والبنوك لا تستطيع تفادي التعثر بنسبة 100%، كما أن المخاطرة هذه يجب أن تكون محسوبة ومدروسة من جميع الجوانب لضمان أكبر قدر من الأمان للعمل المصرفي. واستمرار حالات التعثر بالبنوك دون وضع حل لها يزيد من المشكلات المترتبة على هذا التعثر والتي تمتد آثارها إلى الاقتصاد بجميع قطاعاته. مما يتطلب ضرورة إيجاد الحلول المناسبة "لمشكلة الديون المتعثرة".
والاقتصاد العالمي مقبل على فترة من الركود، وهذه الظواهر معروفة في الأدبيات الاقتصادية، بدءاً من كينز (1936) وعلاجها يدور حول تنشيط الطلب الفعال للتغلب على الركود والكساد. والركود والكساد يعكس أثره السلبي على الجهاز المصرفي ويؤدي إلى ازدياد حالات التعثر في النشاط المصرفي(38).
التعثر المصرفي في البنوك المصرية:
ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد في مصر أرقام منشورة لحجم الديون المتعثرة لدى الجهاز المصرفي أو لتوزيعها بين القطاعات المقترضة. إلا أن تقديرات صندوق النقد الدولي ووزارة الاقتصاد توضح أن نسبة الديون المشكوك فيها إلى جملة القروض قد بلغت نحو 14.7% في يونيو 1996، وتراجعت إلى 13.4% في يونيو 1997 ثم إلى 11.7% في يونيو 1999. كما بلغت نسبة المخصصات إلى الديون المتعثرة في ذلك التاريخ نحو 82.2%. ومن ناحية أخرى تشير المعلومات المتوافرة إلى أن جملة العوائد الهامشية (الفوائد غير المحصلة) عن الديون المتعثرة لدى الجهاز المصرفي ككل قد ارتفعت من 19.6 مليان جنيه في مارس 1999 إلى 23 مليار جنيه في مارس 2000، وأن 76.5% من تلك الفوائد في تاريخي المقارنة كانت تتعلق بقروض القطاع الخاص.
وتجدر الإشارة إلى أن رصيد القروض الممنوحة للقطاع الخاص قد بلغ نحو 150.4 مليار جنيه في يونيو 2000 (مقابل 44.5 ملياراً للحكومة والقطاع العام) ليصل نصيبه من جملة القروض إلى 66.3% (مقابل نحو 64.6% منها في نهاية العام السابق). بل إن نصيب القطاع الخاص من الزيادة السنوية في القروض قد ارتفع من 79.1% في عام 96/1997 إلى 109.9% (بما يمثل إزاحة مطلقة للقطاعات الأخرى لصالح القطاع الخاص) في عام 97/1998، و 83.9% في عام 98/1999، ثم 81.5% من الزيادة في القروض خلال 99/2000 كما يتضح من الجدول التالي:
جدول (1)
تطور تدفقات القروض الممنوحة للقطاع الخاص
خلال عام | 96/1997 | 97/1998 | 98/1999 | 99/2000 |
1. قروض القطاع الخاص | 18.5 | 22.2 | 26.6 | 18.5 |
2. إجمالي القروض | 23.4 | 20.2 | 31.7 | 22.7 |
3. إجمالي الودائع | 25.3 | 16.3 | 19.3 | 23.7 |
نصيب القطاع الخاص من جملة القروض 1 :2% | 79.1 | 109.9 | 83.9 | 81.5 |
نسبة القروض إلى الودائع 2 : 3% | 92.5 | 123.9 | 164.2 | 95.7 |
نسبة قروض القطاع الخاص إلى الودائع 1 : 3% | 73.1 | 136.2 | 137.8 | 78.1 |
المصدر: محسوب من واقع التقارير السنوية للبنك المركزي، والتقرير المقدم لمجلس الشعب عن السنة المالية 1999/2000.
وتشير التجربة المصرية إلى أن التحول في هيكل القروض لصالح القطاع الخاص قد أسفر عن تصاعد ظاهرة الديون المتعثرة وكان المفروض أن يؤدي إلى ازدياد كفاءة الوساطة المالية، طبقاً لما تذهب إليه أدبيات التحرير المالي، ويرجع ذلك لعدد من العوامل من أهمها:
1. سوء إدارة محفظة القروض، ومحفظة الأوراق المالية.
2. ارتفاع درجة التركز في القروض الممنوحة للقطاع الخاص.
3. وجود قدر كبير من التركز لقروض القطاع الخاص في بعض المجالات التي تتسم بدرجة عالية من المخاطرة (قطاع البناء والتشييد).
4. النمو الكبير في القروض الممنوحة لعملاء القطاع الخاص بالعملات الأجنبية التي وصلت نسبتها 68% من قيمة الدوائر عام 1999.
5. صعوبة تحويل الأصول العينية والمالية إلى نقدية عند الحاجة.
6. حصول القطاع الخاص على نسبة هامة تصل إلى نحو 53% من قروضه بدون ضمان عيني (وفي ظل الركود تصعب تحويل الضمانات العينية إلى سيولة دون خسائر كبيرة).
7. سوء إدارة الموارد والاستخدامات.
8. القصور في الكفاءة الإدارية والتنظيمية.
ويمكن تفسير تلك الظواهر بما يشار إليه في العديد من الأدبيات المصرفية من أن المراحل الأولى "للتحرير المالي" عادة ما تقترن باتجاه البنوك إلى قبول درجة أعلى من المخاطرة، سواء لتعظيم الربح أو نتيجة الافتقار إلى الخبرات والمهارات الفنية القادرة على التقييم الصحيح للمخاطر الائتمانية والمتابعة الدقيقة للقرض خلال مدة سريانه. وهو الأمر الذي تشير إليه كتابات وتقارير البنك المركزي(39).
حيث يتضمن تقرير البنك المركزي المرفوع إلى مجلس الشعب عن السنة المالية 99/2000 – التوصيات التالية في شأن الوقاية من التعثر المصرفي:
- تأسيس شركات متخصصة في تقييم الضمانات المقدمة إلى البنوك من العملاء الراغبين في الاقتراض.
- رفع كفاءة العاملين في مجال الاستعلام عن العملاء.
- إنشاء كيان مستقل لتوفير الاستعلامات عن عملاء البنوك.
- تقوية وتدعيم نظم المعلومات في وحدات الجهاز المصرفي.
- ربط المراكز الرئيسية للبنوك بفروعها بنظام كفء للاتصالات لتسهيل نقل المعلومات.
- تدعيم دور المراكز الرئيسية في الرقابة على أعمال الفروع.
ويمكن القول بأن قضية الديون المتعثرة للقطاع الخاص تثير العديد من القضايا والحلول لعل من أهمها:
القواعد الحالية بشأن الحد الأقصى للتمويل الممنوح للعميل الواحد ومدى الحاجة إلى تعديلها. وإعادة النظر في مديونيات العملاء المتعثرين الجادين بمنحهم تسهيلات جدية وجدولة المتأخرات وتخفيض أسعار الفائدة للخروج من هذه الأزمة.
جوانب القصور في العملية الائتمانية وسبل معالجتها. ووضع أسس جديدة وقواعد وضوابط محددة لمنح الائتمان وجدية دراسات الجدوى وتوفير البيانات والمعلومات عن الأنشطة الاقتصادية.
- أثر النفوذ السياسي المتزايد لكبار رجال الأعمال على القرار الائتماني.
- السعي لابتكار أوعية ادخارية جديدة لتنشيط سوق الادخار في ظل التراجع في نشاط البورصة.
- دور البنك المركزي في الرقابة والإشراف على الجهاز المصرفي.
- تشجيع عمليات الاندماج والتطوير وسياسات التحول إلى المصرفية الشاملة.
- كيفية تدعيم آليات الإنذار المبكر التي تساعد على اكتشاف ومواجهة الممارسات التي تهدد سلامة العمل المصرفي.
- تقليل المخاطر الائتمانية والتعثر يتوقف على الرقابة الحاسمة وتنفيذ القواعد المصرفية بدقة(40).
ثالثاً: الفصل بين وظائف الرقابة على البنوك ووظائف رسم وتنفيذ السياسة النقدية:
تختلف وجهات النظر بشأن تحديد الجهة المسئولة عن الرقابة المصرفية – وذلك نظراً لاختلاف الظروف المؤسسية والثقافية الإدارية ومدى التقدم الاقتصادي وانفتاح أسواق المال في كل دولة – حيث يرى البعض قيام البنك المركزي بالإشراف التام على البنوك واستقلاليته في أداء هذه المهمة. بينما يرى البعض الآخر إمكانية قيام جهات وهيئات رقابية أخرى (عامة أو خاصة) بالإشراف على البنوك بهدف إتاحة المجال للبنك المركزي للقيام بوظيفته الأساسية ألا وهي رسم وتنفيذ السياسة النقدية.
في حين يختلف البعض عن الآراء السابقة موضحين ضرورة وجود تعاون وثيق بين كل من البنوك المركزية المحلية والهيئات الرقابية استناداً إلى التداخل بين كل من وظيفة الرقابة المصرفية وتحديد وصياغة السياسة النقدية التي يجب أن تتسق إلى حد كبير مع السياسة الاقتصادية للدولة. وفي ذلك الإطار انقسمت دول العالم فميا يتعلق بتحديد الجهات المنوط بها عملية الرقابة إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
المجموعة الأولى : مجموعة الدول التي يقوم فيها البنك المركزي (مستقلاً) بالإشراف والرقابة المصرفية، وهو ما يسمى بنموذج البنك المركزي Central Bank Model.
المجموعة الثانية: مجموعة الدول التي تقوم فيها هيئات رقابية متخصصة بالإشراف على البنوك بالتعاون مع البنك المركزي ووزارة المالية، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف أهمية دور البنك المركزي وصور تدخله كجهة رقابية من دولة إلى أخرى.
المجموعة الثالثة: مجموعة الدول التي تقوم فيها وزارة المالية أو هيئات متخصصة فقط بالإشراف على البنوك، ويطلق على المجموعتين الثانية والثالثة النموذج البديل للرقابة المصرفية Alternative Model(41).
ويشير تتبع ممارسات السلطات النقدية في الدول الصناعية المتقدمة إلى وجود اتجاه للفصل بين سلطة رسم وتنفيذ السياسة النقدية وبين سلطة الإشراف على أداء الجهاز المصرفي، والواقع أن 50% فقط من الدول الصناعية المتقدمة هي التي تضمن هاتين المجموعتين من الوظائف تحت لواء البنك المركزي(42).
ومن الجدير بالذكر أنه في جميع الدول الصناعية المتقدمة يعهد بالوظائف المتعلقة بالسياسة النقدية للبنك المركزي، أما وظائف الإشراف على الجهاز المصرفي فيمكن أن تكون من نصيب البنك المركزي كما هو الحال في أستراليا ونيوزيلندا أو من نصيب سلطة أخرى تتبع وزارة المالية أو هيئة فنية متخصصة كما هو الحال في اليابان وكندا والنمسا وسويسرا وبلجيكا والدانمارك والنرويج وألمانيا والمملكة المتحدة. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيتقاسم مهمة الإشراف على الجهاز المصرفي كل من مجلس الاحتياطي الاتحادي ووزارة المالية والهيئة الاتحادية للتأمين على الودائع(43).
ويوضح هذا الاختلاف في نظم الرقابة المصرفية في الدول الصناعية المتقدمة تطبيق ما يسمى بالنموذج البديل للرقابة المصرفية والعمل به على نطاق واسع. حيث يمثل التعاون بين البنوك المركزية والهيئات الرقابية الخاصة ووزارة المالية في العديد من الدول المتقدمة (إنجلترا – أمريكا – فرنسا – ألمانيا) حجر الأساس للرقابة الفعالة واللازمة لضمان سلامة النظام المالي، وذلك مع الأخذ في الاعتبار اختلاف أهمية الدور الرقابي للبنك المركزي من دولة إلى أخرى في تلك المجموعة، وقد بلغ هذا الدور أقصاه في إيطاليا وأدناه في اليابان وكندا بينما اختفى تماماً في إنجلترا(44).
رابعاً: استقلال البنوك المركزية
أصبح موضوع استقلال البنوك المركزية من الموضوعات الشاغلة للفكر الاقتصادي في الآونة الأخيرة وهو يعني جدية البنك المركزي في تحديد أهدافه واستخدام ما يراه مناسباً من أدوات الرقابة المصرفية(45). ويعد استقلال البنوك المركزية من أهم العوامل الاستراتيجية الدافعة إلى الاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي.
حيث ينسب الاقتصاديون والسياسيون إلى ممارسة البنوك المركزية لاختصاصاتها، كسلطة مستقلة عن الحكومة، الفضل الكبير في شيوع الاستقرار الاقتصادي والسياسي في إطار من النمو المطرد Sustained Growth خلال الربع الأخير من القرن العشرين على وجه الخصوص. وينسب الفضل إلى النقوديون، أو مدرسة شيكاغو، في إعادة اكتشاف السياسة النقدية كقاطرة للاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي. وتجسيداً لنجاح البنك الاحتياطي الفيدرالي في تطبيق الفكر النقودي وفي تحقيق الاستقرار النقدي والنمو المطرد. وأطلق على جرينسبان Greenspan محافظ بنك الاتحاد الفيدرالي لقب الأب الروحي God Father للنهضة Renaissance الاقتصادية الأمريكية. وعلى العكس من ذلك تماماً يحمّل الاقتصاديون والسياسيون الغياب المؤسسي للسلطة النقدية المستقلة مسئولية اضطراب الأحوال في البلاد النامية(46). وينطوي مفهوم استقلال البنوك المركزية على حرية البنك المركزي في تحديد أهدافه واستخدام ما يراه مناسباً من أدوات لتحقيق هذه الأهداف، بعيداً عن التدخل السياسي المباشر من قبل الحكومة(47).
وتشير بعض الدراسات التطبيقية إلى أن مجرد استقلال البنك المركزي من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض معدلات التضخم في الدول النامية، ويعتبر ذلك اختزالاً للحقائق الاقتصادية وقفزاً للنتائج لا يعتمد على براهين ثابتة وذلك لأن التضخم في الدول النامية لا يرجع فقط لكونه ظاهرة نقدية يمكن القضاء عليها بالتحكم في عرض النقود والطلب عليها وإطلاق الحرية للبنك المركزي في تحقيق ذلك. لأن هناك عوامل هيكلية ومالية تدفع بمعدلات التضخم إلى الارتفاع.
وهناك اتجاه عام يحبذ إعطاء حرية للبنوك المركزية في استخدام الأدوات النقدية المباشرة وغير المباشرة التي تراها مناسبة لتحقيق أهداف يتم الاتفاق عليها سلفاً مع السلطات الاقتصادية الأخرى حتى لا يحدث تعارض بين المكونات المالية والنقدية للسياسات الاقتصادية. ويعتبر هذا الاتجاه هو الأوفق بالنسبة لظروف الدول النامية في ظل تعقد أهدافها الاقتصادية ومحدودية الوسائل الاقتصادية المتاحة لها(48).
الفصل الثالث
معايير لجنة بازل لتطوير الرقابة المصرفية وتقليل مخاطر الائتمان
أولاً: جهود لجنة بازل لتطوير الرقابة المصرفية.
ثانياً: المتطلبات الأساسية الواجب توافرها لممارسة رقابة مصرفية فعالة.
ثالثاً: مبادئ لجنة بازل للرقابة المصرفية الفعالة.
رابعاً: المعايير الجديدة للجنة بازل وإعادة النظر في مفهوم الكفاية.
الفصل الثالث
معايير لجنة بازل لتطوير الرقابة المصرفية وتقليل مخاطر الائتمان
في ظل الاتجاه نحو مزيد من العولمة (Globalization)، أصبح الاستقرار المالي من الأمور التي تحظى بأولوية كبرى في إطار السياسات الاقتصادية الكلية، إذ لم يصبح تأثير المشاكل التي تواجه النظام المالي في بلد ما مقصوراً على الحدود القطرية، بل صار أفق التأثير يمتد إلى الأسواق الخارجية في العالم.
وقد تناول اجتماع القمة لمجموعة السبع (G-7) الذي عقد في يونيو 1996 هذا الأمر، ووجهت المجموعة نداء بأن تأخذ التدابير اللازمة للمحافظة على استقرار النظام المالي. وبناء عليه، عكفتت مؤسسات وأجهزة رسمية عديدة على البحث في وسائل تعزيز الاستقرار المالي، وبوجه خاص في الاقتصادات ذات الأسواق الصاعدة Emerging Market Economies.
ومن المعلوم أن لجنة بازل المختصة بالإشراف المصرفي. والتي أنشئت عام 1970 بقرار من محافظي البنوك المركزية لمجموعة الدول الصناعية العشرة (G-10) تقوم منذ عدة سنوات ببحث أفضل السبل لتوقيع نطاق الإشراف المصرفي في كل الدول ولتقويته بوجه خاص في الدول الأعضاء.
هذا وتعتبر البنوك والتعليمات الرقابية Bank Regulations بمثابة العناصر الأساسية للتنمية والاستمرار المالي في الدول، حيث أن ضعف الإدارة وعدم فعالية الرقابة يؤدي لحدوث أزمات عالية تؤثر على النظام بكامله(49).
ويتولى هذا الفصل مناقشة جهود لجنة بازل لتطوير الرقابة المصرفية والمتطلبات الأساسية الواجب توافرها لممارسة رقابة مصرفية فعالة والمبادئ الأساسية للإشراف المصرفي الفعال، والمعايير الجديدة للجنة بازل وإعادة النظر في مفهوم الكفاية.
أولاً: جهود بازل لتطوير الرقابة المصرفية:
اكتسب موضوع كفاية رؤوس أموال البنوك أهمية كبرى في السنوات الأخيرة في ضوء التطورات المالية والمصرفية المتلاحقة وانفتاح الأسواق في الدول الصناعية التي عملت على توحيد أنظمة الرقابة ووضع الحدود الدنيا لرؤوس أموال البنوك في محاولة للحد من المنافسة غير المتكافئة في الأسواق المصرفية العالمية من قبل المصارف اليابانية تجاه البنوك الأمريكية والأوروبية بسبب تدني رؤوس أموالها كنسبة من الأصول(50). وقد اقترنت تلك التطورات برغبة الدول الصناعية في تلافي انتقال مخاطر العمل المصرفي سواء كان من بعضها البعض أو من الدول الأخرى كما سبق أن ذكرنا بعد تصاعد المخاطر الناجمة عن العمليات الائتمانية وتفاقم أزمة المديونية الخارجية وتراجع قدرة بعض الدول النامية عن الوفاء بأعباء تلك المديونيات مما أثر بشكل سلبي على عمليات الاقتراض المصرفي على الصعيد الدولي وزعزعة الاستقرار في النظام المصرفي العالمي(51).
وقد قامت لجنة بازل(52) عام 1988 موضع معدل موحد لكفاية رأس المال تم من خلاله وضع حد أدنى للعلاقة بين رأس المال وبين الأصول والالتزامات العرضية الخطرة مرجحة بأوزان تبلغ 8% على الأقل على أن تلزم البنوك بالوصول إلى هذا الحد بنهاية عام 1992. وعلى الرغم من الانتقادات العديدة التي وجهت للاتفاقية نظراً لانحايازها للدول الصناعية على حساب باقي الدول فقد أصبح من المتعارف عليه أن تقييم ملاءة البنوك في مجال المعاملات الدولية يرتبط بدرجة كبيرة بمدى استيفائها لحدود معيار كفاية رأس المال.
وقامت لجنة بازل في عام 1995 بإجراء بعض التعديلات لتطوير أسلوب حساب معدل كفاية رأس المال انطلاقاً من كون المخاطر التي تتعرض لها البنوك لا تقتصر على المخاطر الائتمانية ومخاطر الدول فقط وإنما تتعرض بدورها للعديد من المخاطر الأخرى مثل مخاطر تقلبات أسعار الأدوات المالية ومخاطر تقلبات أسعار الصرف(53).
وقد أصدرت لجنة بازل للرقابة المصرفية العديد من التوصيات التي تسهم في تحسين الأساليب الفنية للرقابة على أعمال البنوك بحيث تتناسب مع صيرفة القرن الحادي والعشرين، ومن أهم هذه التوصيات ما صدر عن اللجنة خلال سبتمبر 1997م بشأن المتطلبات الواجب توافرها لإجراء رقابة مصرفية فعالة والمبادئ الأساسية لممارسة هذه الرقابة والعديد من الإصدارات بشأن إدارة المخاطر الائتمانية، وما صدر مؤخراً بشأن معايير كفاية رأس المال(54).
ثانياً: المتطلبات الأساسية الواجب توافرها لممارسة رقابة مصرفية فعالة:
أشارت لجنة بازل إلى أن الرقابة المصرفية تعد جزءاً من نظام متكامل يساعد على تحقيق الاستقرار المالي ويتكون ذلك النظام من العناصر الخمسة التالية:
1. سياسات اقتصاد كلي مستقرة وسليمة.
2. بنية أساسية متطورة تشمل:
أ. قوانين منظمة للشركات، وحماية المستهلك والملكية الخاصة.
ب. قواعد ومبادئ محاسبية معترف بها دولياً.
ج. نظام مستقل لمراجعة ميزانيات الشركات ذات الحجم الهام.
د. رقابة مصرفية فعالة، وذلك وفقاً للتفصيل الوارد فيما بعد.
هـ. قواعد محددة لتنظيم أعمال المؤسسات المالية الأخرى بخلاف البنوك.
و. نظام لتسويات المدفوعات.
3. الانضباط الفعال للسوق Effective Market Discipline الذي يعتمد على تدفق المعلومات من المقترضين إلى المستثمرين والدائنين. وعدم التدخل الحكومي في صناعة قرارات هذه الأطراف وبصفة خاصة منح الائتمان.
4. صلاحية للسلطة الرقابية في اتخاذ الإجراءات التصحيحية لإقالة البنوك المتعثرة أو إعادة هيكلة/تصفية هذه البنوك في الحالات الحرجة.
5. آليات لتوفير مستوى ملائم من التدخل الحكومي بهدف حماية النظم المصرفي عندما يتعرض لعقبات Systemic Protection(55).
ثالثاً: مبادئ لجنة بازل للرقابة المصرفية الفعالة(56):
أعدت لجنة بازل وثيقتين: إحداهما تمثل مجموعة شاملة للمبادئ الأساسية للإشراف المصرفي الفعال (مبادئ بازل الأساسية Basle Core Principles of Banking Supervision والتي يمكن أن تطبق في مجموعة العشر والدول الأخرى، وثانيتهما تتضمن ملخص توصيات وأطر معايير اللجنة المطبقة فعلاً. وتشمل المبادئ الأساسية للجنة بازل 25 مبدأ، تغطي كافة جوانب الإشراف المصرفي وتندرج هذه المبادئ في 7 مجموعات رئيسية هي:
1. الشروط الواجب توافرها لتطبيق النظام الرقابي المصرفي الفعال:
يجب أن يكون لكل مؤسسة تخضع لهذا النظام:
- مسؤوليات وأهداف محددة وواضحة.
- استقلالية الإدارة، فضلاً عن توافر موارد مالية كافية.
- وجود إطار قانوني للرقابة المصرفية.
- نظام لتبادل المعلومات (مبني على الثقة) بين المؤسسة والمراقبين.
2. منع التراخيص والهياكل المطلوبة للبنوك:
- يجب تحديد الأنشطة المسموح بها للمؤسسات التي تخضع للنظام الرقابي، ويجب عدم إطلاق كلمة بنك
على المؤسسة إلا إذا كانت تمارس فعلاً العمل المصرفي.
- من حق السلطات التي تمنح تراخيص العمل المصرفي أن توافق على أو ترفض أي طلبات لتأسيس البنوك إذا اتضح لها عدم الالتزام بالمعايير الموضوعة، ويتمثل الحد الأدنى المطلوب توافره لمنح الترخيص في وجود هيكل محدد لملكية وإدارة البنك، وخطة العمل، ونظم الرقابة الداخلية، هذا فضلاً عن الوضع المالي المقترح بما فيه قاعدة رأس المال، كذلك يجب الحصول على موافقة من قبل الجهات الإشرافية في البلد الأم في حالة وجود بنك أجنبي شريك في البنك المزمع إقامته.
- يجب توافر السلطة الكافية للمراقبين المصرفيين لمراجعة ورفض أي مقترحات لنقل ملكية البنك.
- يجب أن تعطى للمراقبين المصرفيين السلطة في وضع معايير لمراجعة الحيازات والاستثمارات لدى البنوك، والتأكد من أنها لا تعرض البنك لمخاطر أو تعوق الرقابة الفعالة.
3. الرقابة والمتطلبات الفعالة:
- يجب أن يقوم المراقبون المصرفيون بتحديد الحد الأدنى لمتطلبات رأسمال البنك ومكوناته ومدى قدرته
على امتصاص الخسائر، علماً بأنه يجب ألا تقل هذه المتطلبات عن ما هو محدد طبقاً لاتفاقية لجنة بازل
(معيار كفاية رأس المال).
- استقلالية النظام الرقابي في تقييمه لسياسات البنك والإجراءات المرتبطة بمنح وإدارة القروض والمحافظ
وتنفيذ الاستثمارات.
- يجب أن يكون المراقبون متأكدين من تبني البنوك سياسات كافية وإجراءات فعالة لتقييم جودة الأصول،
وكذلك وجود مخصصات كافية لمقابلة الديون المشكوك في تحصيلها فضلاً عن توافر احتياطات مناسبة.
- يجب أن يكون لدى المراقبين القناعة بأن البنك لديه نظام للمعلومات يمكن الإدارة من تحديد مركز التركز
في المحافظ المالية والقروض. يجب أن يقوم المراقبون بوضع حدود حصيفة لعملية إقراض البنوك
للشركات والأفراد، بحيث يعتبر أي تجاوز عن هذه الحدود مؤشراً للمراقبين على ازدياد المخاطر التي
يمكن أن يتعرض لها البنك.
4. أساليب الرقابة البنكية المستمرة:
- يجب أن تجمع الرقابة البنكية الفعالة ما بين الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية.
- يجب أن يكون المراقبون على اتصال منظم بإدارة البنك وأن يكونوا على علم بكافة أعماله.
- يجب أن يكون لدى المراقبين وسائل لتجميع وفحص وتحليل التقارير والنتائج الإحصائية التي تعرضها البنوك على أسس منفردة أو مجمعة.
- يجب أن يكون لدى المراقبين السلطة التي تمنحهم صلاحية الحصول على المعلومات الرقابية بصورة مستقلة إما من خلال الفحص الداخلي أو عن طريق الاستعانة بالمراجعين الخارجيين.
- تمثل قدرة المراقبين على مراقبة الجهاز المصرفي في مجموعه عنصراً أساسياً للرقابة المصرفية.
5. الاحتياجات المعلوماتية (توافر المعلومات):
يجب أن يتأكد المراقبون من احتفاظ كل بنك بسجلات كافية عن السياسات المحاسبية وتطبيقاتها مما يمكن المراقب من الحصول على نظرة ثاقبة وعادلة عن الوضع المالي للبنك ونتائج أعماله، كذلك يجب التأكد من قيام البنك بنشر ميزانيته التي تعكس مركزه المالي بصورة منتظمة.
6. السلطات الرسمية للمراقبين:
- يجب أن يتوافر لدى المراقبين المصرفيين السلطات الرسمية التي تمكنهم من اتخاذ الإجراءات التصحيحية الكافية لمراجعة فشل البنك في الالتزام بأحد المعايير الرقابية مثل توافر الحد الأدنى لكفاية رأس المال، أو عندما تحدث انتهاكات بصورة منتظمة، أو في حالة تهديد أموال المودعين بأي طريقة أخرى.
7. العمليات المصرفية عبر الحدود:
- يجب أن يطبق المراقبون المصرفيون الرقابة العالمية الموحدة، واستعمال النماذج الرقابية الحصيفة لكافة الأمور المتعلقة بالعمل المصرفي على النطاق العالمي وبصفة خاصة بالنسبة للفروع الأجنبية والبنوك التابعة.
- تستلزم الرقابة الموحدة وجود قنوات اتصال وتبادل للمعلومات مع مختلف المراقبين الذين تشملهم العملية الرقابية وبصفة أساسية في البلد المضيفة.
- يجب على المراقبين المصرفيين أن يطالبوا البنوك الأجنبية العاملة في الدولة المضيفة بأداء أعمالها بنفس مستويات الأداء العالية المطالب بها البنوك المحلية وإلزامها بتوفير المعلومات المطلوبة لتعميم الرقابة الموحدة(57). ولا شك أن وجود نظام مصرفي قوي يتطلب إشرافاً فعالاً على وحداته وبالصورة الشاملة المبينة في المبادئ الأساسية سالفة الذكر. إذ أن سلامة النظام المصرفي تدعم من قوة البيئة الاقتصادية بوجه عام. فالنظام المصرفي يلعب دوراً رئيسياً في تنفيذ المدفوعات لجميع المعاملات وفي تعبئة وتوزيع المدخرات القومية. وأهمية الإشراف المصرفي هو التأكد من أن الوحدات المصرفية تعمل بصورة سليمة وصحية بما يقلل من المخاطر وأن لديها من حقوق الملكية (Capital and Reserves) والمخصصات (Provisions) القدر الكافي لتغطية المخاطر التي تواجهها .
وبوجود الإشراف الشامل الفعال والسياسات الاقتصادية الكلية الفعالة. يكون هناك الأساس لاستقرار مالي فعال. ومن جهة أخرى، من المهم في الإشراف المصرفي تقييم المخاطر لكل بنك على حدة والتأكد من أن الأجهزة القائمة على الإشراف لديها الموارد البشرية اللازمة لهذا التقييم ولتنفيذ الإجراءات المطلوبة لأية إصلاحات لازمة وأهمها وجود مستوى مناسب لرأس المال، وإدارة مصرفية قوية ونظام مراقبة داخلي فعال وسجلات محاسبية سليمة معدة على معايير المحاسبة الدولية(58).
هذا وقد أعلنت لجنة بازل أنها سوف تتابع مدى تطبيق تلك المبادئ من جانب الدول المختلفة لا سيما في الاقتصاديات الناشئة. كما أعلن صندوق النقد الدولي أن الحفاظ على سلامة الجهاز المصرفي يجب أن يأتي في مقدمة أهداف السلطات المصرفية في العالم(59).
رابعاً: المعايير الجديدة للجنة بازل وإعادة النظر في مفهوم الكفاية
أصدرت لجنة بازل للرقابة المصرفية يوم 16 يناير 2001 مقترح "اتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال"، والذي سيحل بعد إقراره محل الاتفاق المعمول به منذ عام 1988 حيث يقوم بتطبيق الاتفاق الحالي أكثر من مائة دولة. وقد تم تحديد شهر مايو 2001 كموعد نهائي لتقديم البنوك المركزية والسلطات الرقابية لملاحظاتها بشأن المعايير الجديدة المقترحة لكفاية رأس المال التي وضعتها تلك اللجنة. ومن المنتظر أن يتم تنفيذ تلك المعايير عام 2005.
فعلى الرغم من سعي المسئولين بلجنة بازل – من خلال المقررات الأصلية المعمول بها منذ عام 1988 – لإجبار البنوك على الاحتفاظ باحتياطيات كافية من رؤوس الأموال إلا أن نظرتهم تجاه مفهوم الكفاية كانت مبسطة للغاية، حيث افترضت اللجنة أن نسبة رأس مال البنك لإجمالي قروضه سوف تكشف عما إذا كان رأس المال كافياً لمواجهة المخاطر الائتمانية أم لا.
غير أنه ومع التطورات السريعة والمتلاحقة التي شهدتها صناعة الخدمات المالية على مستوى العالم، لم تعد المتانة المالية للبنوك يسهل الحكم عليها بتلك النظرة المبسطة. فمع استخدام المشتقات Derivatives، يمكن لأي بنك التخلص من مخاطر الائتمان لديه (مثل مخاطر توقف المقترض عن سداد الفائدة أو أصل القرض) وهكذا يصبح – من منظور المقررات الحالية – متمتعاً بفائض من احتياطيات رؤوس الأموال قد يدفعه لتحمل المزيد من المخاطر الائتمانية من خلال منحه لمزيد من الائتمان. كما أدى ظهور عمليات توريق القروض Securitizations إلى تمكين البنوك من تخفيض حجم القروض التي تظهر في سجلاتها سعياً للتخلص من مخاطر الائتمان لديها ونقلها للمستثمرين (رغم أن الواقع العملي قد أثبت أن البنك المنشئ للقرض قد يظل معرضاً للعديد من المخاطر الائتمانية التي يصعب اكتشابها من قبل كافة الأطراف بما فيها الأجهزة الرقابية). وهكذا يتضح أن المقررات الحالية لمعيار كفاية رأس المال. في ظل التوسع في المشتقات وعمليات التوريق – قد أدت إلى نتائج عكسية دفعت بالبنوك إلى تحمل المزيد من المخاطر الائتمانية(60).
من ناحية أخرى يرى مسئولو الأجهزة الرقابية أن المقررات الحالية للجنة بازل لم تراع الموضوعية في تصنيف المخاطر، فعلاوة على أنها تساوي بين عمليات الإقراض لكافة الشركات سواء كانت عالية أو منخفضة المخاطر، فإنها تطالب البنوك عند قيامها بإقراض إحدى الشركات العالمية الكبرى أن تحتفظ بقدر من احتياطيات رؤوس الأموال يفوق ما يجب أن تحتفظ به في حالة إقراض إحدى حكومات الدول الفقيرة(61).
وقد تقدمت لجنة بازل ببعض المقترحات الجديدة في منتصف عام 1999 أدرجت في ثناياها العديد من الأفكار الجديدة خلافاً للمبادئ المطبقة بها، حيث تعتمد بصورة أساسية على إدراج عدد أكبر من المخاطر التي تتعرض لها البنوك – بجانب المخاطر الائتمانية – مع الاعتماد بصفة أساسية على مؤسسات التقييم الائتماني والتي سيكون لها اليد العليا سواء في تقييم الدول والشركات أو حتى البنوك ذاتها، هذا بالإضافة إلى منح عمليات التقييم الداخلي أهمية كبرى مع وضع قواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بأسس الإفصاح والشفافية(62).
أ. العناصر الرئيسية للمقترحات الجديدة(63):
أدت التغيرات الهامة التي شهدتها هياكل وأنشطة الأسواق المالية العالمية في الآونة الأخيرة إلى اتجاه السلطات الرقابية إلى مراجعة وتقييم المنهجية الأصلية لمقررات لجنة بازل والتي سبقت الإشارة إليها في اتفاقية 1988.
وقد اتجهت لجنة بازل نحو التفكير في معايير جديدة لكفاية رأس المال بعد أن اتضح لها قصور المعايير الحالية عن توفير حد أدنى ملائم لرأس المال لدى البنك لمواجهة كافة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها. فقد اصبحت تلك المخاطر لا تقتصر فحسب على مخاطر منح الائتمان، وإنما امتدت لتشمل العديد من المخاطر الأخرى كتلك المتعلقة بالتعامل في المشتقات المالية، وتوريق القروض المصرفية، أي تحويلها إلى سندات قابلة للتداول Securitization. ومن ثم فإن التزام البنك بالحد الأدنى المقرر لمعدل كفاية رأس المال وفقاً لمعايير 1988 (نسبة الـ 8%) لا يعني بالضرورة كفاية رأس ماله لمواجهة المخاطر المحتمل التعرض لها. ويؤكد ذلك الأزمات التي تواجهها بعض البنوك في اليابان وأوروبا والولايات المتحدة رغم التزام تلك البنوك بالحد الأدنى المقرر لمعدل كفاية رأس المال (8.0%) وقد تمثل المقترحات الجديدة والتي تم الإعلان عنها في 16 يناير 2001 في توسيع قاعدة وإطار كفاية رأس المال بما يضمن تحقيق الأهداف التالية:
1. المزيد من معدلات الأمان وسلامة ومتانة النظام المالي العالمي.
2. تحقيق العدالة في المنافسة وتدعيم التساوي والتوازن في المنافسة بين البنوك ودولية النشاط وضان تكافؤ الأنظمة والتشريعات وعدم التعارض بين الأهداف السياسية والأهداف العامة.
3. إدخال منهج أكثر شمولية لمعالجة المخاطر من خلال إدراج العديد من المخاطر – لم تكن متضمنة من قبل – وإيجاد نماذ اختبار جديدة أكثر ملاءمة للتطيق في البنوك على كافة مستوياتها.
4. إيجاد طريقة جديدة قابلة للتطبيق على البنوك بكافة مستوياتها.
وضماناً لتحقيق تلك الأهداف أرست اللجنة عدداً من القواعد لتطوير وتنمية الثلاث دعائم الرئيسية والمتوازية لاحتساب رأس المال طبقاً للمعايير المقترحة وذلك على النحو التالي:
الدعامة الأولى : الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال Minimum Capital Requirements
تحقق درجى أكبر من التناسب بين رأس مال البنك وأصوله الخطرة من خلال أسلوب مرن وتتضمن المعايير الجديدة في هذا الخصوص عدة بدائل تحل محل المعايير الموحدة التي يتضمنها اتفاق بازل الحالي (1988) بما يتناسب مع حجم المخاطر التي تتحملها البنوك ويمكن من السيطرة على مخاطر الائتمان – والتوريق ومشتقات الائتمان. و يركز التعديل على تحسين طرق قياس المخاطر.
الدعامة الثانية: الفحص الرقابي لكفاية رأس المال: Supervisory Review of Capital Adequacy
أي إحكام ورقابة الأجهزة الرقابية والإشرافية على مخاطر الائتمان للتأكد من أن كل بنك لديه نظم داخلية سليمة لتقدير ملاءمة رأس ماله بالاعتماد على تقييم مخاطره .
الدعامة الثالثة: انضباط السوق Market Discipline
من خلال تدعيم عنصري الشفافية والإفصاح من جانب البنوك بما يكفل القدرة على فهم أفضل للمخاطر التي تواجه البنوك لذلك تطالب اللجنة الإفصاح عن هيكل رأس المال والمخاطر وملاءمة رأس المال.
أهم ما جاء بالمقترحات الجديدة التي اعتمدتها اللجنة:
- إمكانية حصول البنوك والشركات العاملة في الأسواق الصاعدة على تقييمات أعلى من التقييمات السيادية التي تحصل عليها الدول نفسها التي تعمل بها تلك البنوك والشركات.
- إمكانية رفع الأوزان الترجيحية لمخاطر القروض المنخفضة الجودة من 100% إلى 150%.
- ضرورة تدعيم رؤوس أموال البنوك في حالة تقديمها لقروض مسندة (مورقة) Securitised Loans، إلا أذا تم تجنب تلك المخاطر بنقلها إلى خارج عمليات البنك.
- إمكانية تخفيض أوزان المخاطر المتعلقة بالقروض طبقاً لما يتمتع به من ضمانات وكفالات، وهي من ضمن النقاط الهامة التي أثير حولها العديد من المناقشات حول مدى جدوى الضمانة وكذا تعريفها القانوني والفني.
- إدراج أنواع جديدة من المخاطر وذلك لأول مرة ضمن متطلبات رأس المال مثل مخاطر التشغيل، والخسائر الناتجة عن أخطاء العاملين، وعدم كفاءة الأنظمة، فضلاً عن الخسائر الناتجة عن أحداث غير متوقعة ومن المقدر أن تستحوذ تلك المخاطر على نحو 20% من متطلبات رأس المال.
- إن عملية الإقراض من قبل البنك لن تتوقف فقط على تقييمات المقترض، بل تتسع لتشمل تقديم البنك للمقترض Single Borrower بوجه خاص وللقطاع Sector الذي يعمل فيه بوجه عام.
- تزايد أهمية دور وكالات التقييم من خلال الأنظمة سواء في عملية تقييم العملاء أو في تقييم البنوك ذاتها.
- إمكانية تمتع البنوك الكبيرة ذات الأنظمة المتطورة لإدارة المخاطر – والتي تحظى بالتالي بأوزان مخاطر منخفضة – بمتطلبات رأسمال أقل من تلك المطالبة بها البنوك الأقل حجماً.
- إمكانية قيام السلطات الرقابية المحلية بإلزام أجهزتها المصرفية (أو بعض البنوك) بمعدلات لكفاية رأس المال أعلى من الحد الأدنى المطلوب عالمياً، إذا رأت ضرورة لذلك.
- ضرورة قيام البنوك بالإفصاح والشفافية عن المزيد من المعلومات المتعلقة باستراتيجيات المخاطر ومتطلبات رأس المال وذلك لمجابهة ضغوط السوق وكذا للسعي لتدبير متطلبات العملية الإقراضية.
- ضرورة التعاون والتنسيق بين لجنة بازل والجهات الرقابية المحلية Regulator بما يكفل لتلك الجهات حسن أداء وظائفها.
ب. أهم الاختلافات بين المعايير المطبقة والمعايير المقترحة(65):
هناك العديد من الاختلافات بين المعايير المطبقة في الوقت الحاضر وبين المعايير المقترحة، وفيما يلي أهم سمات المعايير المقترحة بالمقارنة بالمعايير المستخدمة حالياً:
1. مفهوم رأس المال طبقاً لمقررات لجنة بازل:
من المقرر أن تطبق البنوك المعايير الجديدة فيما يتعلق بالحد الأدنى لمتطلبات رأس المال فضلاً عن إدخال تعديلات جوهرية على طرق استخدام التصنيف الائتماني بحيث يتم تصنيف المخاطر لتشمل كل القروض الممنوحة وبحيث تتضمن كافة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها البنك دون الاكتفاء بالمخاطر الائتمانية فقط وهو المعيار المستخدم حالياً بجانب مخاطر الدول.
وأشارت اللجنة عن اعتزامها اتخاذ إجراءات سيتم بمقتضاها السماح للبنوك باستخدام التصنيف الائتماني الخارجي للوكالات المتخصصة مثل (Fitch Moody S & Ps) ضماناً لدقة قاعدة البيانات المستخدمة وتوفير عنصر الثقة بها.
ومن الجدير بالذكر أن النظام الحالي يقضي بحساب المعيار على مستوى المجموعة (البنك الأم والشركات التابعة التي تمارس نشاطاً مماثلاً) ويجوز للسلطة الرقابية حساب المعيار على مستوى كل بنك على حدة، بينما تتضمن المقترحات الجديدة ضرورة أن يتم حساب المعيار على مستوى كل بنك على حدة.
2. الأوزان الترجيحية الحالية والمستحدثة:
يتم في الوقت الحالي تطبيق أوزان ترجيحية تتراوح ما بين صفر – 100% وذلك طبقاً لنوع العملة (محلية – أجنبية) وكذا آجالها المختلفة، أو وفقاً لكون هذه الدول عضواً داخل منظمة الـ OECD أم لا. ووفقاً للتعديل المقترح سوف يتم تعديل أوزان المخاطر فيما يتعلق بالتقييم السيادي للدول وتقييم البنوك والمؤسسات لتتراوح بين (صفر% - 20% - 50% - 100% - 150%).
3. دور مؤسسات التقييم الائتماني الدولية:
تزايد دور مؤسسات التقييم الائتماني الخارجية، والتي سيكون لها وفقاً لهذه المقترحات اليد العليا سواء في عملية تقييم الدول أو البنوك أو الشركات وهو ما سوف يلقي بأعباء مالية على تلك الأطراف خاصة الشركات والتي ستكون مجبرة على اللجوء لتلك المؤسسات لتقييمها حتى يمكنها الحصول على التمويل اللازم.
4. تعظيم دور التقييم والرقابة الداخلية والخارجية:
تقترح اللجنة على كل مؤسسة مالية عمل نظام مناسب يضمن كفاية رأس المال داخلياً مع توفير الاحتياجات المالية المستقبلية في ضوء حجم المخاطر وخطة العمل. وقد اهتمت المعايير الجديدة بمراعاة الموضوعية في تصنيف المخاطر حيث ستتمتع البنوك بالقدرة على الاختيار بين عدة وسائل لقياس مخاطر الائتمان.
الفصل الرابع
الانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال ومستقبل العمل المصرفي في ظل الإطار الجديد للجنة بازل
أولاً: مضمون الإطار الجديد للجنة بازل في ظل الآراء المؤيدة له.
ثانياً: الآراء المعارضة والانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد.
ثالثاً: مستقبل العمل المصرفي في ظل الإطار المقترح للجنة بازل.
رابعاً: القواعد الرقابية الجديدة للجنة بازل وأثرها على الجهاز المصرفي المصري.
الفصل الرابع
الانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال ومستقبل العمل المصرفي في ظل الإطار الجديد للجنة بازل
أوضح استعراض اتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال خلال الفصل السابق أن غرض لجنة بازل من تطبيق المقترحات الجديدة هو إطار شامل ومرن لكفاية رأس المال وذلك لضمان سلامة وأمان النظام المصرفي.
وقبل أن نتعرض للانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد والآراء المعارضة ومستقبل العمل المصرفي في إطاره سوف نلقي نظرة سريعة على هذا الإطار الجديد.
أولاً: مفهوم الإطار الجديد للجنة بازل في ظل الآراء المؤيدة لها(66):
- إن هذه الأسس التي طرحتها "لجنة بازل" للرقابة على البنوك في 16 يناير 2001 تأتي في إطار عمل هذه اللجنة من خلال متابعتها لأداء البنوك على المستوى الدولي والتي اتضح لها أن مخاطر الائتمان تمثل أهم المخاطر التي تتعرض لها البنوك على مستوى العالم، خاصة أن مخاطر الائتمان هي السبب الرئيسي في معظم حالات تعثر البنوك والأزمات.
- إن الكثير من الأسس التي أشارت إليها اللجنة الجديدة في هذه الوثيقة تمثل حزمة متكاملة، أي أن البنك يجب أن يطبق الأسس جميعاً لضمان أن تكون سياسة الائتمان سياسة جيدة، وأن تبعده عن المخاطر إلى أقصى حد ممكن.
- ويستند الإطار المقترح لمتطلبات معيار كفاية رأس المال إلى أن أي نظام لمراقبة المخاطر والتحوط لها يجب أن يقوم على تحديد جميع المخاطر وإدارتها، وبالتالي فإن التحديد الكامل لجميع المخاطر التي تواجهها البنوك وكميتها يكون التزاماً على البنوك والمراقبين، لذلك أبقت المقترحات على راس المال وفقاً للاتفاق الحالي، ولكن التعديل ينصب على المخاطر حيث تستهدف اللجنة أن يغطى رأس المال جميع المخاطر وليس الاقتصار على نوع واحد فقط منها، مع إعطاء حوافز للبنوك التي تدير مخاطرها بكفاءة وفعالية.
- وتستهدف المقترحات توفير المنافسة العادلة بين البنوك ذات النشاط الدولي.
- المراجعة الرقابية وانضباط السوق يعملان كمتمم إضافي لمتطلبات الحد الأدنى لرأس المال.
- تقترح اللجنة تخصيص 20% تقريباً من إجمالي رأس المال لتغطية مخاطر التشغيل.
- بالرغم من أن المقترحات تشير إلى أن الإطار الجديد لمتطلبات معيار كفاية رأس المال ينصب على البنوك ذات التعامل الدولي، إلا أن المبادئ والأسس التي يقوم عليها تعتبر (وفقاً لرأي اللجنة) ملائمة للتطبيق على جميع البنوك بمختلف مستوياتها من التطور، أي أن النظام الجديد قابل للتطبيق على البنوك التي تتعامل بعمليات الإيداع والإقراض المحلي إضافة إلى تلك البنوك التي تقوم بأنشطة محلية وخارجية.
- يعطى الإطار المقترح خيارات موحدة للبنوك عند تقدير مخاطرها منها أساليب تعتمد على التصنيفات الداخلية للبنوك إذا توافرت لها النظم الداخلية القادرة على ذلك، أو أساليب تعتمد على تصنيفات وكالات التقييم الخارجية.
- يمتد تطبيق الإطار المقترح إلى الشركات القابضة للمجموعات المصرفية بالإضافة إلى التطبيق المنفصل لكل بنك داخل المجموعة المصرفية على أساس منفرد.
- حاولت اللجنة جعل عملية تصنيف المخاطر أكثر دقة من خلال تعديل فئات الأصول وفق مخاطر كل نوع منها، بما يجعل عملية تصنيف الأصول أكثر حساسية على الرغم من الصعوبة في تحديد المعايير التي سيتم قياس فئات مخاطر الأصول على أساسها.
- يتم تصنيف الا لتزامات على الحكومات والالتزامات على البنوك والشركات ضمن ستة فئات لتصنيف المخاطر هي (صفر%، 20%، 50%، 100%، 150%، 100%) حسب تقويم مؤسسات التصنيف العالمية التي تشترط معايير محددة كحد أدنى.
- يعطى الإطار المقترح خيارين لتحديد مخاطر الالتزامات على البنوك، إما بالاعتماد على تصنيف الدولة المسجل بها البنك أو بالاعتماد على تصنيف البنك ذاته.
- يعالج الإطار المقترح مشكلة التصنيف مرتفع المخاطر للدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (دول المجموعة الثانية) Non OECD والذي يؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض، ومن ثم تستفيد هذه الدول إلى حد كبير من حيث تخفيض تكلفة مواردها التي تحصل عليها عن طريق الاقتراض.
- خفضت لجنة بازل – وفقاً لأوزان المخاطر المقترحة – بعض نسب المخاطر لبعض الأصول إلا أنها اتجهت إلى زيادة النسب إلى 100% لبعض الأصول الأخرى، التي تواجه انكماشاً متتالياً في قيمتها، ومثال ذلك تطبيق وزن مخاطر 150% على الأصول ذات التصنيف المنخفض من قبل مؤسسات التصنيف العالمية.
- يراعى الاطار المقترح أن عملية توريق الأصل Asset Securitisation تؤدي إلى إعادة توزيع المخاطر وبالتالي خفضها.
- التأكيد على استمرار مراجعة الإجراءات الرقابية على كفاية رأس المال باعتبار أن كفاية رأس المال هي ضمانة ضرورية للاستقرار المصرفي .
- ضرورة أن يتوافر لدى كل بنك أنظمة داخلية جيدة تراقب كفاية رأسماله ولا شك أن هذه الأ نظمة ستكون مختلفة من بنك إلى بنك آخر وفقاً لحجم البنك وحجم أعماله.
- ضرورة قيام المراقبين على البنوك بمراجعة وتقويم كفاية رأس المال باستخدام أسلوب أو أكثر من الأساليب المعترف بها في هذا المجال، والغرض من هذه المراجعة الرقابية هو التأكد من قوة جميع إجراءات الرقابة الداخلية للبنك.
- تشجيع السلطة الرقابية على مراجعة إجراءات الرقابة واتخاذ الأساليب المناسبة للتدخل واتخاذ الإجراءات التصحيحية وتجنب حدوث الأزمات المصرفية.
- توافر نظام للإفصاح والشفافية يدفع البنوك إلى الاهتمام بتحسين إدارة الأصول والخصوم واكتساب ثقة العملاء، الأمر الذي يدعم معيار كفاية رأس المال وعملية المراجعة الرقابية.
- ضرورة نشر معلومات دقيقة وصحيحة في أوقات محددة وبالقدر الذي يجعل المتعاملين مع البنك على دراية بوضعه وخصوصاً من حيث المخاطر التي يتعرض لها ومدى قدرته على الاستمرار.
ثانياً: الآراء المعارضة والانتقادات التي وجهت لاتفاق بازل الجديد
قام المسئولون عن وضع القواعد والتشريعات المصرفية، خاصة في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان، بمطالبة لجنة بازل للرقابة المصرفية بمنحهم فترة أطول لدراسة مقترح اتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال" الذي أصدرته تلك اللجنة. وجدير بالذكر أنه سيبدأ العمل به اعتباراً من عام 2005 وتستند المطالبة بفترة أطول لدراسة الاتفاق المذكور إلى عدم وضوح بعض النقاط التي تضمنها، فضلاً عن الانتقادات الموجهة لتلك النقاط من جانب بعض المصرفيين والمحليين. وتتمثل أهم تلك النقاط فيما يلي(67):
- مخاطر التشغيل Operational Risk:
يبدي المسئولون في البنوك الكبرى تخوفاً شديداً بشأن مطالبة المقترحات الجديدة بتجنيب رؤوس أموال إضافية لمواجهة مخاطر التشغيل. ذلك ان من أهم الانتقادات الموجهة لاتفاق بازل الجديد في هذا الخصوص عدم تحديده بشكل واضح لتلك المخاطر. فقد تضمن الاتفاق أن المقصود بها الخسائر المباشرة أو غير المباشرة التي يمكن أن تترتب على عدم كفاية (أو أعطال) عمليات التشغيل الداخلي، وضعف أداء العاملين والأنظمة المطبقة، فضلاً عن الخسائر المباشرة أو غير المباشرة المتصلة بتأثير البيئة الخارجية. ويرى العديد من المحللين والمسئولين بالبنوك أن هذا التعريف لم يوضح على وجه التحديد المقصود بالخسائر غير المباشرة بما يصعب معه قياس تلك الخسائر كمياً. كما يرى البعض الآخر أن هذا التعريف لمخاطر التشغيل يجب أن يتسع ليشمل المخاطر المتعلقة بالأضرار التي قد تلحق بسمعة البنك.
كذلك ترى البنوك الكبرى أن النسبة المقترح تخصيصها من رأس مال البنك لمواجهة مخاطر التشغيل (20%) تعتبر بالغة الارتفاع. ويؤيد ذلك تأمين البنوك بالفعل تجاه جزء كبير من مخاطر التشغيل لدى شركات التأمين. ومن أمثلة المخاطر التي يتم التأمين ضدها تلك المتعلقة باستخدام الحاسب الالي في عمليات التزوير والاحتيال. وهو ما يقتضي تخفيض شريحة رأس المال المقترحة لتغطية مخاطر التشغيل.
وبالإضافة إلى ما تقدم، يرى العديد من القائمين بالرقابة على البنوك في الاقتصادات الناشئة أنه يجب تخفيض الشريحة المخصصة من رأس المال لتغطية تلك المخاطر بالنسبة للبنوك في هذه الاقتصادات عن نظيرتها بالنسبة للبنوك في الاقتصادات المتقدمة. ويستند هذا الرأي أساساً إلى تطبيق البنوك في الاقتصادات الناشئة لأساليب تكنولوجية، ونظم للمقاصة وتسوية المدفوعات، أبسط وأقل تقدماً بالمقارنة بنظيرتها في البنوك العاملة في الاقتصادات المتقدمة. وهو ما يحدد من مخاطر التشغيل التي يمكن أن تتعرض لها البنوك في الاقتصادات الناشئة عن تلك التي يمكن أن تواجهها البنوك في الاقتصادات المتقدمة.
- الاعتماد على تقييم مؤسسات التصنيف الائتماني الدولي كأحد المحددات الرئيسية لتحديد الأوزان النسبية المستخدمة في ترجيح مخاطر أصول البنوك:
وقد تعرض هذا الاقتراح لعدة انتقادات يتمثل أهمها في أن مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية قد لا تتمكن من تقدير مخاطر الائتمان الممنوح للقطاع الخاص في الاقتصادات الناشئة على نحو دقيق. كما أنه من الأفضل أن يتم تقدير تلك المخاطر من خلال مؤسسات تصنيف ائتماني محلية (أو إقليمية) في تلك الاقتصادات. غير أنه يلاحظ أن الاقتصادات الناشئة غالباً ما تفتقر إلى وجود هذا النوع من المؤسسات.
- الانضباط في السوق:
ومن ناحية أخرى هناك مخاوف بشأن كيفية تحقيق الانضباط في السوق عن طريق تدعيم عنصر الشفافية والإفصاح والذي يمثل الدعامة أو الركيزة الثالثة للمعايير الجديدة. حيث يفترض أن تتضمن معايير الإفصاح شرحاً تفصيلياً حول كيفية عمل أنظمة التقييم الداخلية للبنوك كما ينبغي أن تتضمن كذلك ضرورة الكشف عن المخاطر الائتمانية التي قد تتعرض لها البنوك وألا تتحمل الأجهزة الرقابية وحدها ذلك العبء بل لا بد من المشاركة الفاعلة من جانب وكالات تقييم الائتمان مثل وكالتي – Moody's Investors Services Satndard & Poor's خاصة بعد الأداء الضعيف لهاتين الوكالتين في القدرة على التنبؤ بأزمات البنوك في الماضي(68).
- كما يرى البعض أن الاعتماد على عمليات التقييم الداخلي لمخاطر الائتمان بالبنوك قد يؤدي إلى تفاقم مخاطر دورة النشاط الاقتصادي حيث سيعمل القائمون بعملية التقييم بالبنوك على منح الائتمان بشروط ميسرة في حالة وجود انتعاش اقتصادي بينما سيتخذون موقفاً متشدداً ضد منح الائتمان في حالات الركود الاقتصادي. كذلك يؤخذ على السماح بإجراء عمليات التقييم الداخلي صعوبة الحكم الدقيق على مدى سلامة المعايير التي سيتبعها مختلف البنوك داخل الدولة الواحدة نظراً لعدم وجود معايير موحدة للتقييم. كما يزداد الأمر صعوبة عند إجراء مقارنة بين المعايير التي تتبعها البنوك في دول مختلفة حيث تتباين النظم المحاسبية والرقابية.
- يرى بعض المعارضين للمقررات الجديدة أن وضع مقررات نظامية لرؤوس أموال البنوك لا يرتبط بما تقوم البنوك بتجنيبه فعلياً من أموالها كاحتياطي رأسمالي. إذ أن البنوك التي تتمتع بإدارة حذرة ليست في حاجة لمشورة الأجهزة الرقابية فيما يتعلق بالاحتفاظ برؤوس أموال احتياطية ضد المخاطر الائتمانية، إذ أن الحذر يدفعها إلى تجنيب الاحتياطيات على حساب خفض الأرباح التي تحققها. ومن ناحية أخرى لن تحول المقترحات الجديدة دون تحايل البنوك عليها شأنها في ذلك شأن المقررات الحالية وخير مثال على ذلك البنوك الأمريكية الكبرى التي تحملت – بتحايلها على المقررات الحالية – مخاطر جسيمة لا تتناسب مع حجم رؤوس أموالها المجنبة لمواجهة تلك المخاطر(69).
- على الرغم من أن هذا الإطار يؤدي إلى توحيد وتنميط طرق تحديد متطلبات رأس المال وجعلها أكثر عدالة، إلا أنه يربط مصير القطاع المصرفي بمجموعة محدودة من وكالات التصنيف التي لا تخضع لأي جهة رقابية ولا يمكن الجزم بحيادها.
- في حالة تطبيق الإطار المقترح، يتوقع إنشاء وكالات تصنيف جديدة ولا سيما وكالات تصنيف محلية الأمر الذي يتطلب توافر رقابة شديدة على أداء وكالات التقييم الأجنبية والمحلية العاملة في السوق المحلي مع ترشيد منح تراخيص لإنشاء وكالات التصنيف الائتماني ووفق معايير وضوابط محددة.
- الحاجة إلى مزيد من الحوافز لدفع البنوك إلى تبني نظم وإجراءات داخلية أكثر تقدماً لتقييم المخاطر (المخاطر الاتئمانية ومخاطر السوق ومخاطر التشغيل).
- يستند تحديد أوزان المخاطر (وفقاً للإطار المقترح) على التصنيف الائتماني للمدينين الذي تحدده وكالات تصنيف متخصصة في هذا المجال، والتي تنتشر في الدول المتقدمة خلافاً للوضع في الدول النامية، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع وزن مخاطر الالتزام على حكومات الدول النامية إلى 100% باعتبارها لم تخضع للتقييم من قبل وكالات التصنيف الائتماني بصرف النظر عن مدى جودة الالتزام من عدمه.
- يتضمن الإطار المقترح بأن يتوافر لدى البنك نظام لتقدير مدى كفاية رأس ماله بالنسبة لكل سوق أو نشاط يرتبط به، ويتطلب ذلك توافر تقنيات حديثة غير متوافرة لدى معظم البنوك في الدول النامية.
- يشترط الإطار المقترح أنه لحصول البنك المدين على وزن مخاطرة أقل من 100% أن تطبق السلطة الرقابية للدولة المسجل بها ذلك البنك المبادئ الأساسية لتحقيق رقابة مصرفية فعالة وهو الأمر الذي يثير التساؤل عن الجهة التي تقرر مدى توافر تقنيات حديثة غير متوافرة لدى معظم البنوك في الدول النامية.
- يشترط الإطار المقترح أنه لحصول البنك المدين على وزن مخاطرة أقل من 100% أن تطبق السلطة الرقابية للدولة المسجل بها ذلك البنك المبادئ الأساسية لتحقيق رقابة مصرفية فعالة وهو الأمر الذي يثير التساؤل عن الجهة التي تقرر مدى توافر ذلك الشرط، ونطاق تحقق فعالية الرقابة.
- لا زالت هناك مخاوف من أن يؤدي ارتفاع التكلفة المترتبة على زيادة رأس المال إلى ضعف الموقف التنافسي للبنوك في مواجهة المؤسسات المالية الأخرى التي تقدم الخدمات المصرفية ولا تخضع لنفس القواعد والمعايير.
- إن تحديد حجم رأس المال المناسب عن طريق جمع كل المخاطر مع بعضها ربما يؤدي في النهاية إلى مطالبة البنوك بالوفاء بحد أدنى من رأس المال لا يأخذ في الاعتبار تأثيرات المخاطر المختلفة في بعضها البعض مما يؤدي إلى تكرار المخاطر.
- لاستيفاء نسبة معيار ملاءة رأس المال، ستضطر البنوك إلى احتجاز نسبة عالية من الأرباح بغرض زيادة رأس المال لمواجهة الزيادة في المخاطر، الأمر الذي يعني عدم توزيع الأرباح على المساهمين.
- ارتفاع تكلفة الوحدة الواحدة من الخدمات المصرفية نتيجة لارتفاع تكلفة الحصول على مصادر التمويل وزيادة حجم المخصصات نتيجة للوزن العالي للمخاطر في أصول البنك، هذا بالإضافة إلى تحقيق الخسائر بسبب التصفية الجبرية لبعض الأصول وقبل مواعيد استحقاقها بغرض خفض المخاطر التي تنطوي عليها محفظة الأصول.
- ومن الانتقادات التي تم توجيهها لتلك المعايير إنها لا تتيح، وعلى عكس معايير 1988، أساساً موحداً للمقارنة بين تقديرات مخاطر الائتمان بالنسبة للبنوك المختلفة.
- مدى ملائمة السماح للبنوك التي تتميز بكفاءة النظم التي تقوم بتطبيقها في مجال تقييم وإدارة المخاطر بحرية تحديد الحد الأدنى من رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به لمواجهة مخاطر التوظيف. وإن كان بعض المسئولين بالبنوك يروا أن التوسع في أعمال مثل هذا الاقتراح قد يكون يترتب عليه احتفاظ البنوك المشار إليها برؤوس أموال تقل عن الحدود الدنيا الملائمة التي يتعين الاحتفاظ بها لمواجهة المخاطر.
- مطالبة بعض البنوك، خاصة البنوك الأوروبية، بتخفيض شريحة رأس المال التي يجب أن يحتفظ البنك بها لمواجهة مخاطر إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وترى تلك البنوك أن الالتزام بهذه الشريحة قد يضطر البنك إلى إقراض تلك المشروعات بتكلفة عالية. وهو ما قد يضعف بدرجى كبيرة من قدرتها على تلبية احتياجاتها التمويلية. وقد صرحت لجنة بازل بأنها ستبحث تخفيض شريحة رأس المال التي يجب تخصيصها لكل من مخاطر إقراض تلك المشروعات، وكذا مخاطر التشغيل.
- انتقال رؤساء البنوك في بعض دول أمريكا اللاتينية للمستوى المرتفع لشريحة رأس المال التي يتعين على البنك الاحتفاظ بها لمقابلة مخاطر إقراض الاقتصادات الناشئة. فقد يؤدي ذلك، وفقاً لوجهة نظرهم، إلى توقف البنوك الكبرى عن إقراض الدول الأكثر فقراً. وتشير إحدى الدراسات الأكاديمية إلى أن تنفيذ اتفاق بازل في هذا الخصوص قد يترتب عليه تصاعد أسعار الفائدة على القروض الممنوحة لدول مثل البرازيل والهند، وذلك بما يقدر بنحو 100 نقطة مئوية(70).
ثالثاً: مستقبل العمل المصرفي في ظل الإطار المقترح(71)
يمثل الإطار الجديد منعطفاً هاماً في مستقبل عمل القطاع المصرفي، وهو ما سوف يكون محل مشاورات واسعة المدى خلال الفترة المقبلة حتى دخول تلك المقترحات حيز التنفيذ بحلول عام 2005، وعلى ذلك فإنه يمكن وضع تصور وإطار للأسس التي سيتم العمل بها من خلال النقاط التالية:
1. مستقبل القطاع المصرفي سواء العالمي أو المحلي سوف يرتبط بمجموعة محدودة من وكالات التصنيف التي لا تخضع لأي رقيب ولا يمكن التيقن من حيادها على الإطلاق، أو إساءة استخدام البيانات الخاصة بالبنوك.
2. على الرغم من المردود الإيجابي لعملية إعادة التقييم الذي تقترحه اللجنة كل فترة لضمان نزاهة التقييم، إلا أنها ستكون مكلفة من الناحية المالية خاصة بالنسبة للبنوك والمؤسسات الصغيرة الحجم.
3. لا يوجد مبرر لمعالجة التقييم لأقل من فئة الاستثمار Below Investment عند وزن مخاطر بنسبة 150%، في حين أن الديون غير الحاصلة على تقييم أو ترتيب Unrated Debt ستحصل على وزن مخاطر 100%. وهو قد يدفع بالبنوك والشركات الصغيرة إلى عدم اللجوء إلى عملية التقييم.
4. يجب إعادة النظر في معاملة مشروعات القطاع العام نفس معاملة البنوك نظراً لاختلاف وظيفة وطبيعة أداء كل منها، كما يجب مراعاة أن التطورات ومراحل النمو الاقتصادي تختلف من دولة إلى أخرى.
5. يعكس استخدام اللجنة لأساس التقييم الداخلي (IRB) Internal Rating Base مدى الاهتمام بأسس الرقابة الداخلية – بجانب تقوية دور المراقبين الخارجيين – مما يؤكد ضرورة الالتزام بتطوير دور وأنظمة المراجعة الداخلية والخارجية وتأهيلها بالأساليب المناسبة كماً وكيفاً.
6. ليس محدداً على وجه الدقة المقصود بما جاء بالمقترحات الجديدة والخاصة بتدليل البنوك على فاعلية الأهداف الداخلية لرأس المال وذلك في نطاق المراجعة الإشرافية التي حددتها اللجنة.
7. وضوح تصاعد دور إدارة المخاطر في البنوك خلال المرحلة القادمة وهو ما يؤكد ضرورة الاهتمام بتلك الإدارات وتدعيمها في البنوك، مع التفكير في إنشاء وحدات التنبؤ وإدارة الأزمات داخل البنوك.
8. إدراج العديد من العوامل الإضافية عند تحديد الحد المناسب لرأس المال (مثل الخبرة – نوعية الإدارة – الأسواق المناسبة – نوعية الإيرادات - ...) سوف يحفز من أداء مجالس الإدارات، إلا أن اقتراح حضور السلطة الإشرافية لاجتماعات مجلس الإدارات والاطلاع على الخطط العامة والاستراتيجيات المستقبلية قد يمثل عبئاً على قدرة تلك المجالس في حرية اتخاذ قراراتها.
9. على الرغم من أهمية قيادة العمل المصرفي لأسس وأساليب الإفصاح والشفافية، إلا أنه ليس من اليسير الالتزام بتلك الأساليب على إطلاقها حيث قد يتعارض هذا وسرية العمل المصرفي مما قد يعرض مصالح البنوك والعملاء للخطر.
10. وضوح أهمية الاشتراك في نظام نشر الإحصاءات بصندوق النقد الدولي، فيما يتعلق بمعالجة المخاطر Claims on Sovereigns حتى يقل وزن المخاطر عن 100%.
11. التأكد من مدى إخضاع شركات الأوراق المالية للالتزام بمبادئ المنظمة الدولية لهيئات الأ وراق المالية (IOSCO) حتى يمكن تخفيض وزن المخاطر لأقل من 100%.
رابعاً: القواعد الرقابية الجديدة للجنة بازل وأثرها على الجهاز المصرفي المصري(77):
يحتوي النظام الرقابي المصرفي المصري على المقومات الأساسية للرقابة المصرفية التي تقترحها لجنة بازل حيث:
- يملك البنك المركزي المصري سلطة اتخاذ الإجراءات التصحيحية لمواجهة الخلل في العمل المصرفي.
- تتوافر المعلومات عن وحدات الجهاز المصرفي المصري حيث يلزم البنك المركزي كافة البنوك العاملة في مصر بتقديم بيانات دورية عن أعمالها.
- بالنسبة لأساليب الرقابة البنكية في مصر فهي تتم بالتشاور مع البنك المركزي المصري والجهاز المركزي للمحاسبات.
- تتمتع السلطات الرقابية بالاستقلالية في مواجهة أية تغيرات سياسية.
- تتمتع السلطات الرقابية بقدرة الحصول على المعلومات والتعاون مع السلطات الأخرى بما يدعم قوة النظام الرقابي.
وهذا يعني إمكانية فرض بعض المعايير الرقابية التي يتعين إضافتها إلى ما هو قائم، فإن توافر المقومات الأساسية للنظام المقترح من قبل لجنة بازل يعني أن قبوله لن يشكل "صدمة" للجهاز المصرفي بل ربما يمثل ضرورة لإضفاء مصداقية أكثر ليس فقط لأداء الجهاز المصرفي بل للاقتصاد المصري ككل لا سيما من قبل المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، مؤسسات التقييم المختلفة Rating Agencies ..ألخ)
كما يمكن تعظيم المنافع الإيجابية من الموافقة على تلك المعايير من خلال التأكيد على التزام لجنة بازل بتوفير المساعدات التدريبية لقاعدة عريضة من المراقبين المصريين كفرصة لإعداد الكوادر الرقابية ذات الخبرات العالمية في ذلك المجال.
ومع ذلك فإنه يجب من الآن الاستعداد لتطبيق ذلك النظام بتحقيق درجة أعلى من الشفافية بالنسبة لما تعلنه البنوك المصرية من بيانات عن أدائها، وتعزيز رقابة البنك المركزي سواء "المكتبية" من واقع البيانات المقدمة إليه، أو "الميدانية" باستخدام سلطته في التفتيش على البنوك.
ومن ناحية أخرى يؤكد النظام المقترح على استقلالية السلطات الرقابية على الاضطرابات السياسية مما يطرح قضية "استقلالية" البنك المركزي، فضلاً عن قضية الفصل بين الوظيفة الإشرافية أو الرقابية على الجهاز المصرفي من ناحية ووظيفة رسم السياسة النقدية والائتمانية من ناحية أخرى وهو الاتجاه الذي اتضح مؤخراً في إنجلترا حين انتزعت مهمة الإشراف على الجهاز المصرفي (وقطاع المال ككل) من البنك المركزي البريطاني Bank of England وأوكلت إلى مجلس الاستثمارات والأوراق المالية Securities and Investments Board وذلك في 20 مايو 1997. وقد يكون من الملائم البدء في بحث القضايا من قبل السلطات النقدية والرقابية والوصول إلى تصور بشأنها.
الخاتمة
أدى تزايد سرعة عجلة العولمة المالية في السنوات الأخيرة، إلى تزايد الأزمات المالية وانتشارها وتأثر بعض الدول بأزمات دول أخرى، وأشارت الدراسات التي بحثت أسباب تلك الأزمات وأساليب علاجها إلى أن أزمات البنوك كانت قاسماً مشتركاً في معظم حالات الأزمات المالية سواء في الدول النامية أو المتقدمة، ولقد كانت المخاطرة الناتجة عن الائتمان، بالإضافة إلى سوء الإدارة من أهم الأسباب التي أدت إلى تعثر البنوك وحدوث الأزمات.
هناك شبه إجماع بين الخبراء المصرفيين بأن مخاطر الائتمان تأتي على قمة المخاطر المصرفية، ومن هنا كان اهتمام لجنة بازل للرقابة (الإشراف) المصرفية بإصدار أسس إدارة مخاطر الائتمان وذلك في 16 يناير 2001 وهي تعتبر أحدث النتائج والدراسات التي أنجزتها اللجنة أخيراً(72).
ومن الواضح أن المقترحات الجديدة للجنة بازل التي من المقدر لها أن تصبح سارية المفعول بحلول عام 2005 – وذلك في حالة إذا لم يطرأ عليها أية تعديلات مقترحة جديدة من قبل البنوك - ستمكن الشركات ذات الملاءة المالية القوية باقتراض الأموال التي تحتاج إليها بصورة أكثر يسراً من ذي قبل، حيث ستصبح عميلاً ذات جدارة ائتمانية عالية وهو ما يعني متطلبات رأس مال أقل من جانب البنوك في حالة إقراضها لتلك النوعية من الشركات، على حين ينبغي على ذات البنوك زيادة رؤوس أموالها في حالة قيامها بإقراض شركات ذات ملاءة وقدرات مالية أقل. كما قد تؤدي تلك المقترحات إلى تراجع التدفقات النقدية إلى الأسواق الناشئة(73).
ومن جهة أخرى فإن المخاطر التي سوف يتم تضمينها وفقاً للقرارات الجديدة تشمل مدى أوسع للمخاطر المصرفية مقارنة بالمخاطر التي تضمنتها اتفاقية بازل عام 1988 والتي طبقت حينئذ في أكثر من 100 دولة وهو ما يعنى قيام البنوك خاصة الكبيرة منها بدراسات دقيقة وشاملة لأنظمة إدارة المخاطر حتى تستطيع تدعيم موقفها التنافسي عند تطبيق تلك المقترحات.
وعلى الرغم أن المقترحات الجديدة لم ترفع الحد الأدنى لمعدل كفاية رأس المال عن مستوى المعمول به حالياً (8%) إلا إن إدراج أنواع جديدة من المخاطر يمكن أن يؤدي بذاته إلى زيادة كبيرة في الحجم المطلق لمتطلبات رأس المال.
ولا شك أن هذا يعني ضرورة دراسة البنوك لتلك القواعد بصورة متأنية نظراً لإدراجها أنواع جديدة من المخاطر لم تكن موجودة من قبل، وهو ما يعني ضرورة الالتزام بتطوير النظم والإدارات الخاصة بالمراجعة الداخلية والتفتيش من جهة، مع الأخذ بالأساليب الفنية المتقدمة في إدارة المخاطر من جهة أخرى نظراً لارتباط ذلك بصورة مباشرة بحجم رأس مال البنك وكذا مستويات تقييماته.
ويذكر أن عمليات التقييم المستمرة للبنك حتى يكون له تقييم معلن سوف تزيد من مستوى تكاليفه نظراً لأهمية ودورية تلك التقييمات لتحديد درجة جدارة البنك، كما أن منح السلطات الرقابية الحق في الاستناد إلى العديد من العوامل الإضافية عند تحديد رأس المال المناسب للبنك (مثل الخبرة – نوعية الإدارة ....) يستدعي الاهتمام بتدعيم هذه العناصر خلال المرحلة القادمة.
ومن ناحية أخرى فإن الأمر يستوجب الوضع في الاعتبار إمكانية دراسة رفع رؤوس أموال البنوك سواء بطريق مباشر من خلال بورصة الأوراق المالية أو من خلال عمليات الاندماج – على المدى القريب نظراً لعدم اعتياد المنشآت العاملة في مصر وكذا العملاء على الأخذ بأساليب التقييم المقررة من جهة وكذا عدم تنامي أعمال المؤسسات العاملة في هذا المجال في مصر من جهة أخرى، مما سيلقي بعبء أكبر على رأس مال البنك نظراً لأن عدم تقييم العملاء سوف يرفع من أوزان مخاطرهم إلى 100% على أقل تقدير، علاوة على ما سيتم منحه للمراقبين من سلطة على البنوك لإجبارهم على الاحتفاظ براس مال أعلى من الحدود الدنيا المطلوب الاحتفاظ بها.
وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن التقارير العالمية الحالية تشير إلى صعوبة توفيق العديد من البنوك خاصة الصغير منها لأوضاعها بحلول عام 2005 لاتضح لنا مدى أهمية الجهد الذي يجب أن يبذل حتى يمكن الوصول للعمل بتلك المقررات في الموعد المحدد وبالكفاءة اللازمة(74).
وقد كان من المقرر أن يتم التوصل إلى إتفاق بشأن هذه المقترحات الجديدة في نهاية يونيو 2001، ولكن نظراً للخلافات التي أثرت حول الإطار المقترح، فقد تم التأجيل لمدة عام آخر لمزيد من الدراسات والمناقشات على أن يتم إقرار التعديلات بالإطار الجديد عام 2002 وبحيث يبدأ التطبيق في عام 2005 بدلاً من 2004.
وخلاصة القول أن المقترحات الجديدة التي تقدمت بها لجنة بازل – شأنها في ذلك شأن كل جديد – ما زالت مطروحة للنقاش من جانب البنوك وسوف يظل الباب مفتوحاً أمامها لإبداء تعليقاتها بشأن تلك المقترحات.
الهوامش
1. – مجلة البنوك – اتحاد بنوك مصر "مقترحات لجنة بازل للرقابة على البنوك... نظرة تحليلية" العدد (30) يوليو أغسطس 2001 ص 68.
- اتحاد المصارف العربية "للقطاع المالي من المنطقة العربية الوضع العام ومتطلبات التقوية والتطوير" سلسلة أوراق مركزة للعام 2002 (11) – كانون الثاني/ يناير 2002 ص1.
2. - Shaw, E. (1973), Financial Deepening in Economic Development, New York, Oxford University Press.
- McKinnon R. (1973), Money and Capital in Economic Development, Washington D.C. Brookings Institution.
- McKinnon R. (1989) "Financial Liberalization and Economic Development: a Reassessment of Interest – Rate Policies in Asia and Latin America". Oxford Review of Economic Policy 5 (H). (4)
نقلاً عن: د. محمود محيي الدين "من التنمية المالية وأثرها على النمو الاقتصادي – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – قسم الاقتصاد – سلسلة أوراق بحثية – العدد (15) مايو 2001 ص 2-4.
3. وردت هذه الآراء في كتاب Schumpeter (1934) بعنوان "نظرية التنمية الاقتصادية بحث في الربح ورأس المال والائتمان وسعر الفائدة والدورة الاقتصادية" الصادر بالألمانية عام 1912 وترجم إلى الإنجليزية عام 1934.
- Schumpeter, J.A. (1934), "The Theory of Economic Development". 1912, Translated by Redvers Opie. Cambridge. MA: Harvard University Press.
4. – Romer, P. (1986), "Increasing Returns and Long Run Economic Growth" Journal of Political Economy, 94 (5). Pp. 1002-1037.
- Lueas, R. (1988), "On the Mechanics of Economic Development," Journal of Monetary Economics Vol. 22, pp. 2-42.
راجع د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 2.
5. Solow, R.M. (1994), "Perspective on Growth Theory". The Journal of Economic Perspectives. 8 (1). Pp. 45-54.
راجع د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 3-4.
6. راجع د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 10-014
7. Mckinnon, R. (1989) "Financial Liberalization and Economic Development", OP. Cit P. 29.
- Fry, M. (1995), "Money, Interest and Banking in Economic Development, First Edition, Baltimore and London: Johns Hopkins. P. 6.
كما جاء في : د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 10.
8. Killick, T. (1993), "The Adaptive Economy: Adjustment Policies in Small, Low-Income Countries", Washington D.C: The Word Bank P. 254-258.
- Mohieldin, M. (1995), "Causes, Measures and Impact of State Intervention in the Financial Sector: The Egyptian Example", Working Paper No. 9507, Economic Research Forum for Arab Countries, Iran and Turkey. P. 1-4.
كما جاء في د. محمود محيي الدين – ص 10.
9. Spiegel, H. (1971), "The Growth of Economic Thought, New Jersey", Prentice – Hall P. 63-65.
10. Keynes, J.M., (1936), "The General Theory of Employment, Interest and Money" London, Macmillan. P.351.
11. Kulkarni, R. (1966), Deficit Financing and Economic Development, Asia Publishing House, London. P. 16-17.
12. Arestis, P. and P. Demetriades (1996), "Finance and Growth: Institutional Considerations and Causality", University of London, Depar of Economics.
13. Hanson, J. and Neal, C. (1986), "Interest Rate Plicies in Selected Developing Countries 1970-82", WPS 753, World Bank, Washington.
- Frg, M. (1995), OP-Cit.
- Morris, F; Dorfman; J.P. Ortiz and M.C France (1990), "Latin America's Financial Systems in the 1980s: A Cross Country Comparison, "The World Bank Discussion Paper No. 81, The World Bank, Washington, D.C.
كما جاء في د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 11.
14. Hardy, C. (1993), "Reserve Requirements and Monetary Management: An Introduction", IMF Working Paper, WP/93/35.
15. Tobin, J, (1984), "On the Efficiency of the Financial System", Lloyds Bank Review, July, pp. 1-15.
16. راجع : د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 12.
17. El-Erian, M. (1988), "Currency Substitution in Egypt and the Yemen Arab Republic. A comparative Quantitative Analysis, "IMF Staff Papers, Vol, Pp. 35, 85-103, Pp. 92-93.
18. Hoff, K. And J. Stiglitz (1993), "Imperfect Information and Rural Credit Markets: Organization: Theory, Practice and Policy, A, Braverman and J. Stiglitz, Oxford: Oxford University Press.
- Mohieldin, M. and P. Wright (2000), "Formal and Informal Credit Markets in Egypt", Economic Development and Cultural Change, Vol. 48 (3).
كما جاء في د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 13-14.
19. راجع : رشدي صالح "العولمة والبنوك" – مجلة البنوك – اتحاد بنوك مصر – العدد ا لثالث والثلاثون إبريل – مايو 2002 ص 49.
20. راجع: رشدي صالح – المرجع السابق ص 49-50.
21. راجع : رشدي صالح – المرجع السابق ص 50-51.
22. راجع : أوراق بنك مصر البحثية "التخطيط الاستراتيجي في البنوك في عالم متغير – مركز البحوث – بنك مصر. العدد (6) 1999 ص 39-43.
23. Philip Molyneux, Banking, Macmillan Education Ltd, London 1991.
24. د. عدنان هندي، المصارف العربية على مشارف القرن الحادي والعشرين: التحديات والفرص، مجلة المصارف العربية، اتحاد المصارف العربية يناير 1997. (بتصرف).
25. Philip Molyneux, Op. Cit.
26. Philip Molyneux, Op. Cit.
27. Philip Molyneux, Op. Cit.
28. Philip Molyneux, Op. Cit.
كما جاء في أوراق بنك مصر البحثية – مرجع سابق.
29. البنك المركزي المصري، التقرير السنوي 97/1998
- Philip Molyneux, Op. Cit.
30. د. عدنان هندي، مرجع سابق.
31. – النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري "الرقابة على المخاطر المصرفية في إطار رؤية لجنة بازل" – العدد الأول المجلد الحادي والخمسون 1998 ص 23.
- اتحاد بنوك مصر – إدارة المخاطر المصرفية.. كيف؟ إعداد قطاع البحوث بالبنك الأهلي المصري – مجلة البنوك – العدد السابع والعشرين – يناير فبراير 2001، ص 53.
32. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري "نظم الرقابة المصرفية في الدول المتقدمة" العدد الرابع – القاهرة,2001، ص11.
33. المرجع السابق، ص12.
34. راجع كل من: النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – "القواعد الرقابية الجديدة للجنة بازل وأثرها على الجهاز المصرفي المصري" – العدد الثالث المجلد الخمسون – القاهرة 1997، ص 14.
- أ. يحيي بيصار "ندوة تعثر الديون في البنوك" – المنظمة العربية للتنمية الإدارية – جامعة الدول العربية – مجلة البنوك – العدد الثامن والعشرون – مارس إبريل 2001.
35. د. سلوى العنتري "الاتجاهات الحالية للصناعة المصرفية في إطار التقسيم الدولي الجديد للعمل" قضايا التنمية – مركز دراسات وبحوث الدول النامية – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – القاهرة 1998 ص 54-55.
36. - النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – مرجع سابق ص 25-26.
- اتحاد بنوك مصر – إدارة المخاطر المصرفية..كيف؟
- Basle Committee on Banking Supervision. "Core Principles for Effective Banking Supervision" Basle, September 1997.
37. نقلاً عن – النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – مرجع سابق ص 31- 33.
38. – مجلة البنوك – "الديون المتعثرة ما هو العلاج الأمثل لها" – اتحاد بنوك مصر – العدد الثامن والعشرون – مارس إبريل 2001 ص 28-29.
- IMF, Egypt beyond Stabilization. Op. Cit, P. 62 Ministry of Economy, Quarterly Economic Digest, April 2001, P. 51.
- راجع د. محمد عبد الحليم عمر" الجوانب الائتمانية والمحاسبية لأزمة القروض المصرفية مع إطلالة شرعية" – المنتدى الاقتصادي السابع – مركز صالح كامل – جامعة الأزهر "القروض المصرفية: الأزمة والحل" 12 أكتوبر 2002.
39. – مجلة البنوك – المرجع السابق ص 22-23.
- د. سلوى العنتري – مرجع سابق ص 9-10.
40. – د. سلوى العنتري – مرجع سابق ص 10.
- مجلة البنوك – المرجع السابق ص 10.
41. – النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري "نظم الرقابة المصرفية في الدول المتقدمة" – العدد الرابع – المجلد الرابع والخمسون – القاهرة 2001 ص 12.
- د. غسان العباس "المصرفي المركزي والدولية في التشريع العربي والدولي" – اتحاد المصارف العربية 1998 ص 17-180.
- Robert C. Efforts Current Legal Issues Affecting Central Banks, International Monetary Fund, March 1997, P. 307-336.
كما جاء في النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – المرجع السابق.
42. د. سلوى العنتري – الاتجاهات العالمية للصناعة المصرفية في إطار التقسيم الدولي الجديد للعمل" – مرجع سابق. ص 57.
43. لمزيد من التفاصيل حول نظم الرقابة المصرفية في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (G7) راجع النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري "نظم الرقابة المصرفية في الدول المتقدمة" مرجع سابق. ص 14-24.
- د. سلوى العنتري – المرجع السابق – ص 57، 73.
- IMF, International Capital Markets, November 1997, P. 179.
44. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي – المرجع السابق ص 24.
45. د. محمود محيي الدين "استقلال البنوك المركزية" – مجلة البنوك – اتحاد بنوك مصر العدد الثالث والثلاثون – إبريل مايو 2002 ص 20.
46. د. أحمد الغندور "حول السياسة النقدية واستقلالية البنك المركزي في مصر" – سلسلة أوراق بحثية – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – قسم الاقتصاد – العدد (10) مايو 2000 ص 14-15.
47. راجع د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 20.
48. راجع د. محمود محيي الدين – المرجع السابق ص 21.
49. أ. سمير محمد الشاهد "الضوابط العامة للرقابة المصرفية أهميتها وأثرها" – الإطار الرقابي الفعال لصيرفة القرن الحادي والعشرين – اتحاد المصارف العربية – مصارف الغد – عام 2001 ص 259.
50. أ. سمير محمد الشاهد "الضوابط العامة للرقابة الجديد للجنة بازل لمعيار كفاية رأس المال" – العدد الأول والثاني – المجلد الرابع والخمسون – القاهرة 2001 ص 23.
51. المرجع السابق ص 23.
52. تأسست لجنة بازل من مجموعة الدول الصناعية العشر (Group of Ten) في نهاية عام 1974 – المكونة من بلجيكا وكندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، السويد، سويسرا ، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، لكسمبورج تحت إشراف بنك التسويات الدولية (BIS).
53. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – مرجع سابق ص 24.
54. أ. سمير محمد الشاهد "الضوابط العامة للرقابة المصرفية أهميتها وأثرها" – اتحاد المصارف العربية – مصارف الغد – مرجع سابق ص 268.
55. المرجع السابق ص 269.
56. – النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري "القواعد الرقابية الجديدة للجنة بازل وأثرها على الجهاز المصرفي – مرجع سابق ص 13-17.
- د. فائقة الرفاعي "عولمة الرقابة المصرفية" – مجلة البنوك – اتحاد بنوك مصر – مرجع سابق ص 27-29.
57. المرجع السابق ص 17.
58. د. فائقة الرفاعي – مرجع سابق ص 29.
59. د. سلوى العنتري – مرجع سابق ص 56.
- IIF, Roundtable on Supervision in Emerging Market Economies, The Institute of International Finance, Inc, Washington DC, September 1997, P. 51.
60. – بنك الاسكندرية – النشرة الاقتصادية – المجلد الثالث والثلاثون – القاهرة 2001 ص 43.
- مقترحات لجنة بازل للرقابة على البنوك – نظرة تحليلية – مجلة البنوك – اتحاد بنوك مصر – العدد 30 يوليو أغسطس القاهرة 2001 – ص 68.
61. المرجع السابق ص 44.
62. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – "الإطار المقترح الجديد للجنة بازل لمعيار كفاية رأس المال" – مرجع سابق ص 24.
63. – Press Release, Basel Committee on Banking Supervision, 16 Jan. 2001.
- The Economist 20 Jan. 2001.
- Financial Times, 17 & 18/1/2001.
64. المرجع السابق ص 31-32.
- Secretariat of the Basel Committee on Banking Supervision, Bank for International Settlements, "The New Basel Capital Accord" – January 2001.
- راجع النشرة الاقتصادية – بنك مصر – "حول الإطار الجديد لمعيار كفاية رأس المال (مقترحات لجنة بازل)" السنة الرابعة والأربعون – العدد الأول والثاني – القاهرة 2001 ص 114.
- محمود عبد العزيز محمد – "معدل كفاية رأس المال للبنوك وفقاً لاتفاقية بازل والتطبيق على جمهورية مصر العربية" – الورقة الثانية عشر – المعهد المصرفي – القاهرة – يناير 1996.
65. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي – مرجع سابق ص 33.
66. – النشرة الاقتصادية – بنك مصر – "حول الإطار الجديد لمعيار كفاية رأس المال" – مرجع سابق ص 114-116.
- د. فؤاد محمد شاكر – معيار قياس كفاية رأس المال (الملاءة) طبقاً لمقدرات لجنة بازل البنك المركزي المصري – معهد الدراسات المصرفية – ص 91-92.
67. راجع:
- The Economist, June 9th 2001.
- The Banker, June 2001.
- Financial Times, 4/6/2001.
68. بنك الاسكندرية – النشرة الاقتصادية – المجلد الثالث والثلاثون – مرجع سابق ص 47-48.
69. – Sweeter Basle, the Economist, Jan, 20, 2001.
- Basle Committee Banking Supervision – Working Papers.
- Capital Requirements and Bank Behavior: The Impact of the Accord.
- Supervision of Financial Conglomerates.
- Credit Risk Medaling: Current Practices and Applications.
- Recommendations for Public Disclosure of Trading and Derivatives Activities of Banks and Securities Firms.
نقلاً عن : النشرة الاقتصادية – بنك الاسكندرية – مرجع سابق ص 49.
70. النشرة الاقتصادية – بنك مصر – مرجع سابق ص 117-118.
71. Financial Times, 26/6/2001.
72. د. نبيل حشاد "وصفة بازل لتقليل مخاطر الائتمان" – مجلة البنوك – اتحاد بنوك مصر – العدد السابع والعشرون – يناير فبراير 2001 ص 31.
73. – The BANKER Supplement, Understanding Basel II, April 2001.
- IMF, FINANCE & DEVELOPMENT, March 2001.
- FINANCIAL TIMES, Various Issues.
- The Economist, Various Issues.
- Internet, Various Sites.
نقلاً عن: النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – مرجع سابق ص 35-37.
74. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – مرجع سابق ص 38.
75. يبلغ عدد البنوك الكبرى في دول مجموعة العشر (G10) التي شملتها قائمة أكبر 1000 بنك على مستوى العالم 557 بنك بنسبة 55.7% من إجمالي البنوك التي تضمنتها القائمة طبقاً لما جاء في مجلة THE BANKER الصادرة في يوليو 2001، ولذلك تطالب لجنة بازل دول مجموعة العشر على وجه الخصوص بالاستجابة السريعة لتطبيق المعايير.
76. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – مرجع سابق ص 39.
77. النشرة الاقتصادية – البنك الأهلي المصري – "القواعد الرقابية الجديدة للجنة بازل وأثرها على الجهاز المصرفي المصري" – العدد الثالث – المجلد الخمسون – 1997 ص 22.