الأوراق التجارية
" سند السحب – الكمبيالة – الشيك "
مقدمة :
إن الحديث عن التجارة والقانون التجاري والتجار يعتبر من الأمور الصعبة والشائكة بالنظر لاتساع هذا الموضوع وتشعبه، ذلك أن التجارة تعتبر واحدة من القطاعات الاقتصادية الهامة فهي تشكل إلى جانب الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات الأخرى الإطار المتكامل للاقتصاد بمفهومة الواسع، وإن هناك اتجاهاً حديثاً يميل إلى تغيير تسمية القانون التجاري ليصبح الاسم القانون الاقتصادي وأن مهمة التاجر وعمله الأساسي هو أنه يعتبر وسيطاً بين المنتج والمستهلك، وإن القانون التجاري هو وليد البينة التجارية وقد نشأ وتطور وفقاً للحاجات الاقتصادية والضرورات العملية، لذلك لا يمكن اعتبار القواعد الحالية للقانون التجاري قد وجدت فجأة، بل إن نشأتها تعود إلى عصور قديمة أوجدتها حاجات التجارة ثم أخذت تتطور مع الزمن نتيجة لتطور تلك الحاجات، لهذا فإن الأعراف والعادات التجارية تسبق التشريع التجاري إذ أن الأخير يلحقها بعد تكوينها فينظمها بوضع القواعد القانونية لها، وإن نشأة القانون التجاري اتسمت بالصفة الدولية، ولقد كان القانون التجاري في الأصل جزء من القانون المدني، ثم بدأ الانسلاخ والفصل ما بين القانونين وفقاً لضغط الحاجات التجارية وما تتطلبه من أحكام خاصة بها وتقوم الأحكام الخاصة بالأعمال التجارية على اعتبارين هما السرعة، وتقوية الائتمان، فالعمليات التجارية تتسم بطابع السرعة والمرونة، وإن عامل السرعة فرض على المشرع تخصيص أحكام قانونية تنفرد بها الأعمال التجارية لتلبية حاجة السرعة، لهذا فقد وضعت أحكام خاصة للإثبات تتصف وتتميز بسهولة الإثبات كما نتج أيضاً عن عامل السرعة وضع أحكام خاصة للإثبات تتصف وتتميز بسهولة الإثبات كما نتج أيضاً عن عامل السرعة وضع أحكام خاصة بالتقادم التجاري وكذلك تميزت الأحكام التجارية بالقسوة في منح المدين مهلة للوفاء، أما الأحكام التي قررها المشرع لتقوية الائتمان فتتناول في ضمنها التضامن بين المدينين والفوائد المترتبة على الديون التجارية ونظام الإفلاس الذي يختص به التجار دون غيرهم. وامتدت خصوصية العمل التجاري بحيث تناولت الصكوك التجارية التي أصبحت تنفرد بأحكام خاصة بها تختلف تماماً عن الصكوك المدنية كل ذلك بهدف المواءمة بين العمل التجاري والقواعد القانونية التي تحكم هذا العمل ولهذا انفردت الأوراق التجارية بقواعد وأحكام تختلف تماماً عما هو منصوص عليه في القانون المدني. وإن موضوع الأوراق التجارية يعتبر بمثابة العمود الفقري في العمل التجاري بشكل عام والعمل المصرفي بشكل خاص فقد لعبت الأوراق التجارية دوراً كبيراً في تسهيل حركة الرساميل وانتقالها بين الدول كما أنها ساعدت في تقليل مخاطر حمل النقود وحلت محلها في الوفاء وخلقت وسيلة هامة للائتمان بين التجار والأفراد الآخرين من غير التجار.
أن الوظيفة الأساسية للورقة التجارية هي قيامها مقام النقود، ولكي تؤدي هذه الوظيفة يجب أن يكون تداولها سهلاً، وإن تتوافر فيها الضمانات التي تكفل لكل من تلقاها حقه في استيفاء قيمتها في ميعاد الاستحقاق، لهذا اسبغ القانون على الالتزامات الثابتة بها صفات خاصة من شأنها أن تحقق هذا الغرض.
ويسمى الالتزام الناشئ عن توقيع الورقة التجارية بالالتزام الصرفي والذي يمكن تعريفه :
بأنه التزام حرفي مستقل عن غيره من الالتزامات الثابتة بالورقة التجارية ومجرد عن العلاقات التي كانت سبب إنشائه.
وللالتزام الصرفي عدة صفات أساسية هي :
1. هو أن الالتزام حرفي.
2. الالتزام الصرفي مستقل بذاته.
3. الالتزام الصرفي التزام مجرد.
4. قسوة الالتزام الصرفي على المدين رعاية لحقوق الحامل.
وتقوم عادة بين أطراف هذا الالتزام علاقات سابقة لإنشائه، كعلاقة المحرر أو الساحب بالمستفيد وعلاقة المظهر بالمظهر له المباشر، فينشئ السند أو يظهر لأجل الوفاء بهذا الدين ويظل الالتزام الصرفي متصلاً بهذه العلاقة ومتأثراً بها بحيث يمكن المدين به أن يتذرع في مواجهة دائنة المباشر بالدفوع الناشئة عن بطلان أو انقضاء العلاقة المذكورة.
ولكن تنشأ عن السند التجاري أيضاً علاقات بين أشخاص لم تكن بينهم رابطة سابقة لتاريخ إنشاء هذا السند، كما هي الحال في التزام المسحوب عليه القابل تجاه الحامل، وفي التزام الساحب أو المحرر تجاه المظهر له الأخير أو الحامل، وفي التزام المظهر تجاه المظهر له غير المباشر، ففي هذه الأحوال، لا توجد بين طرفي الالتزام الصرفي علاقات سابقة لإنشائه بل تنحصر الصلة بين هذين الطرفين بحيث لا يمكن المدين أن يتذرع تجاه الحامل بالدفوع التي كان يحق له التمسك بها في مواجهة دائنة المباشر.
وقد كانت وما تزال طبيعة الالتزام الصرفي والعلاقات الناشئة عن الإسناد التجارية بوجه عام مدار بحث واسع من قبل الفقهاء وموضوع خلاف حاد بينهم ومن أهم هذه النظريات النظرية التي تقول بأن السند التجاري لا ينشئ التزاماً جديداً إنما هو مجرد صك يقصد من تحريره إثبات التزام سابق، وتحاول هذه الفئة بالتالي تفسير العلاقات القانونية الناشئة عن السند التجاري بالاستناد إلى القواعد العامة للالتزامات.
أما النظريات المرتكزة على القواعد العامة للالتزامات فتعتبر أن السند لا ينشئ التزاماً جديداً على عاتق الموقع، بل يبقى الالتزام السابق قائماً، ولكن يتفق موقع السند أو مظهرة مع المستفيد أو المظهر له على إفراغ هذا الالتزام في السند التجاري، وعلى ذلك يكون مصدر التزام الموقع على السند الاتفاق الذي تم بينه وبين دائنة على تحرير السند أو تظهيره ليكون وسيلة لإثبات الالتزام القائم بينهما، ولكن الموقع لا يلتزم تجاه دائنة المباشر فقط بل ينتقل هذا الالتزام لصالح الحملة المتعاقبين للسند.
أن وجوب فصل السند عن العلاقات القانونية السابقة لإنشائه أو لتظهيره إنما يقصد بها تمكين السند من تأدية وظيفته بصورة مستقلة، فإذا أتقنت هذه العلاقات السابقة أو انطوت على سبب يؤدي إلى بطلانها أو فسخها أو انقضائها فلا يؤثر ذلك على الالتزام الصرفي الذي يظل صحيحاً ومنتجاً لآثاره.
وفي الغالب يتم إنشاء السند التجاري أو تظهيره لتسوية علاقات سابقة بين محرر السند أو ساحبه والمستفيد أو بين المظهر والمظهر له، كأن ينشأ السند أو يظهر وفاء لثمن بضاعة أو تسديد لقرض، فتقوم عندئذ علاقة مزدوجة بين الدائن والمدين، فبالإضافة إلى العلاقة الأصلية التي بموجبها أصبح المشتري مديناً بالثمن والمقترض مديناً بقيمة القرض والتي تخضع للقواعد العامة، تنشأ بعد تحرير السند التجاري علاقة جديدة يترتب عليها قيام الالتزام الصرفي الذي يتمتع بخصائص ذاتية ويخضع لأحكام قانون الصرف، أن عدداً من الفقهاء ذهبوا إلى أن السند التجاري هو مجرد صك يقصد به إثبات التزام سابق بين الموقع والمستفيد فلا يترتب عليه نشوء التزام جديد بل يبقى الالتزام الأصلي على حالة وينتقل إلى السند التجاري فيندمج فيه ويصبح خاضعاً لأحكام قانون الصرف بعد أن كان خاضعاً للقواعد العامة، وفي الخلاصة يكون ثمة دين واحد هو الدين الأصلي الذي ارتدى ثوباً جديداً أي السند التجاري.
وليس هناك أي مانع قانوني من أن يلتزم المدين بطريقين مزدوجين للقيام بالتزام واحد تجاه الدائن، وأن تكون من ثم لهذا الدائن دعويان لإرغام المدين على الوفاء، بحيث إذا نال الوفاء باتباع أحد الطريقين فقد حقه في الرجوع بالطريق الآخر، ويجوز للمدين المتضامن، بعد أن يوفي كامل المبلغ للدائن أن يرجع على بقية المدينين إما بدعوى شخصية تستند إلى الوكالة أو الفضول وإما بدعوى الاستبدال أو الحلول محل الدائن.
هذا، وقد تضمن قانون التجارة نصاً خاصاً يقضي بعدم التجديد في هذه الحال فقد ورد في المادة ( 273) من قانون التجارة.
( لا يتجدد الدين بقبول الدائن تسلم شيك استيفاء لدينه، فيبقى الدين الأصلي قائماً بكل ما له من ضمانات إلى أن توفى قيمة هذا الشيك ).
ومن مظاهر استقلال الدين الصرفي عن الدين الأصلي :
1. عدم تأثر الدين الأصلي ببطلان الدين الصرفي.
2. بقاء الدين الأصلي رغم سقوط الدين الصرفي بالإهمال أو بمرور الزمن.
3. احتفاظ الدين الأصلي بمميزاته الخاصة.
تعريف الأوراق التجارية وبيان خصائصها :
وضع الفقهاء تعاريف كثيرة للأوراق التجارية، إلا أن أغلبها يدور حول خصائص معينة لابد من توفرها فيها، فالورقة التجارية : محرر مكتوب وفقاً لأوضاع شكلية يحددها القانون، قابل للتداول بالطرق التجارية، ويمثل حقاً موضوعة مبلغ من النقود يستحق الوفاء بمجرد الإطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين، ويستقر العرف على قبوله كأداة لتسوية الديون شأنها شأن النقود.
ومن هذا التعريف يمكننا استخلاص الخصائص التالية للورقة التجارية :
أ - الورقة التجارية محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية يحددها القانون :
فالأوراق التجارية تتضمن نوعاً من الشكلية لا بد منها لسهولة تداولها والاطمئنان إلى استيفائها في ميعاد الاستحقاق.
ب - والورقة التجارية تمثل حقاً موضوعة مبلغ معين من النقود مستحق الوفاء في أجل معين :
وعلى ذلك لا يمكن أن يعتبر ورقة تجارية، الصك الذي يمثل بضاعة كسند الشحن البحري أو صك الإيداع في المخازن العامة فالورقة التجارية تمثل أذن حقاً موضوعة مبلغاً معيناً من النقود، ويجب أن يكون المبلغ معيناً وغير معلق على شرط أو مقترن بأجل غير محدد.
ج - الورقة التجارية قابلة للتداول بالطرق التجارية :
ويجب أن تتضمن الورقة التجارية ما يمكن من تداولها بالتظهير، أو أن تكون لحاملها حتى يمكن تداولها بالتسليم أما إذا كانت باسم شخص معين مقترنة بشرط عدم تداولها فأنها تخرج من زمرة الأوراق التجارية ويجب أن لا تختلط الورقة التجارية بورق البنكنوت التي يصدرها بنك الإصدار (البنك المركزي عادة) وهي العملة الورقية، ذلك أن ورقة البنكنوت لا تمثل دينا بمبلغ من النقود على بنك الإصدار كما هو الحال في الورقة التجارية إذ تستمد ورقة البنكنوت قوتها من فرض المشرع لها باعتبارها قوة إبراء مطلقة، ولا يجوز لأي فرد أن يمتنع عن قبولها في الوفاء كما أن الورقة النقدية (البنكنوت) لا تحمل تاريخا للاستحقاق بل يستمر تداولها إلى أن يقوم المشروع بسحبها من التداول كما يجب أن لا نخلط بين الورقة التجارية والورقة المالية.
د - وأخيراً فإن الورقة التجارية يجب أن يقبلها العرف كأداة ائتمان وأداة وفاء بديلاً عن النقود :
تقوم الأوراق التجارية بين التجار مقام النقود، وعلى هذا فأنه لا بد أن تكون هنالك ثقة عرفية معينة بها ويقبلون بها فيما بينهم بغير عائق.
- سند السحب أو السفتجة.
- سند الأمر (السند الإذني) (الكمبيالة).
- الشيك.
- السند لحاملة أو القابل للانتقال بالتظهير.
تقوم الأوراق التجارية بوظائف أساسية ثلاثة هي :
أ. الأوراق التجارية هي أداة لإبرام : عقد الصرف ونقل النقود من مكان إلى أخر.
ب. الأوراق التجارية هي أداة وفاء : يعتبر الوفاء بالأوراق التجارية كالوفاء بالنقود بحكم القانون، وهي قابلة عن طريق الخصم في أحد البنوك لأن تتحول فوراً إلى نقود.
ج. الأوراق التجارية أداة ائتمان : فهي عادة تتضمن آجلاً للاستحقاق، ويستفيد المدين من هذا الائتمان إذ أنه لا يلزم بالوفاء إلا في ميعاد الاستحقاق، كما لا يضار الدائن أيضاً إذ أنه يستطيع أن يخصم الورقة التجارية إذا احتاج إلى نقود عاجلة، كما يستطيع أن يظهرها إلى دائنه فوراً.
والواقع أن الأهمية الجوهرية للأوراق التجارية تكمن في أنها أداة للائتمان والوفاء في ذات الوقت.
كي تقوم الورقة التجارية بوظائفها الحيوية فقد اشترط القانون وجوب توفر بيانات إلزامية معينة وأن تكون هذه البيانات واضحة ومحددة ولا تعتمد على عنصر خارجي عنها، وهذه الأسس هي :
3- تطهير الدفوع واستقلال التوقيعات :
يعتبر مبدأ تطهير الدفوع ومبدأ استقلال التوقيعات من أهم الأسس التي يقوم عليها قانون الصرف. ذلك أن مقتضى القواعد العامة أن الدائن الذي يحيل حقه إلى شخص أخر إنما يحيل هذا الحق بما يلحقه من عيوب ودفوع وما يشوبه من أسباب الفسخ أو البطلان، لأن المحيل لا يستطيع أن يعطي أكثر مما يملك. لذلك تقضي قواعد القانون المدني بأن للمدين الحق في أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه.
ولو طبق هذا المبدأ على حامل الورقة التجارية لكان من الممكن مواجهته بالدفوع الناشئة عن جميع العلاقات المتتابعة التي نتجت من تعدد انتقالها. ويترتب على ذلك أنه كلما انتقلت الورقة كلما زاد ما يتعرض له الحامل من أسباب الانقضاء أو البطلان وهو أمر لا شك بأنه يحول دون تداول الورقة التجارية.
لذلك كان لا بد من تطهير هذه الدفوع أولا بأول كلما ظهرت الورقة لحامل جديد، طالما أن هذا الأخير حسن النية ولا يعلم بما يشوب العلاقة السابقة والتي لم يكن هو طرفا فيها باستثناء الدفوع المتعلقة بالأهلية والتزوير، ولكن مبدأ استقلال التوقيعات يتدخل هنا أيضاً ليجعل كل توقيع مستقلا بكيانه ومدى صحته، بحيث لا يمكن أن يحتج صاحب أحد التوقيعات بدفع يتعلق بتوقيع أخر، فلا يحتج بانعدام الأهلية مثلا إلا من إنعدمت أهليته دون غيرة.
4- الموازنة بين المصالح المختلفة في السفتجة :
يقرر قانون الصرف تضامن جميع الموقعين على الورقة التجارية في الوفاء بقيمتها للحامل وفي قبولها من المسحوب عليه والتضامن بين الموقعين ينتج من مجرد التوقيع على الورقة التجارية ولكن التضامن هذا الذي وضع لحماية الحامل يفترض أيضا أن الالتزام المصرفي يفترض الوفاء به بعد مضي خمس سنوات من استحقاق الورقة. لذا فقد فرض القانون واجبات مشددة على الحامل القيام بها وأن ينشط في المطالبة بالوفاء من المدين الأصلي في الميعاد لأن الوفاء من المدين الأصلي يبرئ هؤلاء الموقعين السابقين. فإذا امتنع، فإن ذلك لا يكفي لكي يرجع الحامل على الموقعين إلا إذا اثبت الامتناع بورقة رسمية هي "البروتستو" فإذا تراخى الحامل، اصبح مهملا ويترتب على هذا الإهمال أن يسقط الضمان عن عاتق المظهرين السابقين ومن يكفلونهم.
إن الحديث عن التجارة والقانون التجاري والتجار يعتبر من الأمور الصعبة والشائكة بالنظر لاتساع هذا الموضوع وتشعبه، ذلك أن التجارة تعتبر واحدة من القطاعات الاقتصادية الهامة فهي تشكل إلى جانب الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات الأخرى الإطار المتكامل للاقتصاد بمفهومة الواسع، وإن هناك اتجاهاً حديثاً يميل إلى تغيير تسمية القانون التجاري ليصبح الاسم القانون الاقتصادي وأن مهمة التاجر وعمله الأساسي هو أنه يعتبر وسيطاً بين المنتج والمستهلك، وإن القانون التجاري هو وليد البينة التجارية وقد نشأ وتطور وفقاً للحاجات الاقتصادية والضرورات العملية، لذلك لا يمكن اعتبار القواعد الحالية للقانون التجاري قد وجدت فجأة، بل إن نشأتها تعود إلى عصور قديمة أوجدتها حاجات التجارة ثم أخذت تتطور مع الزمن نتيجة لتطور تلك الحاجات، لهذا فإن الأعراف والعادات التجارية تسبق التشريع التجاري إذ أن الأخير يلحقها بعد تكوينها فينظمها بوضع القواعد القانونية لها، وإن نشأة القانون التجاري اتسمت بالصفة الدولية، ولقد كان القانون التجاري في الأصل جزء من القانون المدني، ثم بدأ الانسلاخ والفصل ما بين القانونين وفقاً لضغط الحاجات التجارية وما تتطلبه من أحكام خاصة بها وتقوم الأحكام الخاصة بالأعمال التجارية على اعتبارين هما السرعة، وتقوية الائتمان، فالعمليات التجارية تتسم بطابع السرعة والمرونة، وإن عامل السرعة فرض على المشرع تخصيص أحكام قانونية تنفرد بها الأعمال التجارية لتلبية حاجة السرعة، لهذا فقد وضعت أحكام خاصة للإثبات تتصف وتتميز بسهولة الإثبات كما نتج أيضاً عن عامل السرعة وضع أحكام خاصة للإثبات تتصف وتتميز بسهولة الإثبات كما نتج أيضاً عن عامل السرعة وضع أحكام خاصة بالتقادم التجاري وكذلك تميزت الأحكام التجارية بالقسوة في منح المدين مهلة للوفاء، أما الأحكام التي قررها المشرع لتقوية الائتمان فتتناول في ضمنها التضامن بين المدينين والفوائد المترتبة على الديون التجارية ونظام الإفلاس الذي يختص به التجار دون غيرهم. وامتدت خصوصية العمل التجاري بحيث تناولت الصكوك التجارية التي أصبحت تنفرد بأحكام خاصة بها تختلف تماماً عن الصكوك المدنية كل ذلك بهدف المواءمة بين العمل التجاري والقواعد القانونية التي تحكم هذا العمل ولهذا انفردت الأوراق التجارية بقواعد وأحكام تختلف تماماً عما هو منصوص عليه في القانون المدني. وإن موضوع الأوراق التجارية يعتبر بمثابة العمود الفقري في العمل التجاري بشكل عام والعمل المصرفي بشكل خاص فقد لعبت الأوراق التجارية دوراً كبيراً في تسهيل حركة الرساميل وانتقالها بين الدول كما أنها ساعدت في تقليل مخاطر حمل النقود وحلت محلها في الوفاء وخلقت وسيلة هامة للائتمان بين التجار والأفراد الآخرين من غير التجار.
الالتزام الأصلي والالتزام الصرفي
أن الوظيفة الأساسية للورقة التجارية هي قيامها مقام النقود، ولكي تؤدي هذه الوظيفة يجب أن يكون تداولها سهلاً، وإن تتوافر فيها الضمانات التي تكفل لكل من تلقاها حقه في استيفاء قيمتها في ميعاد الاستحقاق، لهذا اسبغ القانون على الالتزامات الثابتة بها صفات خاصة من شأنها أن تحقق هذا الغرض.
ويسمى الالتزام الناشئ عن توقيع الورقة التجارية بالالتزام الصرفي والذي يمكن تعريفه :
بأنه التزام حرفي مستقل عن غيره من الالتزامات الثابتة بالورقة التجارية ومجرد عن العلاقات التي كانت سبب إنشائه.
وللالتزام الصرفي عدة صفات أساسية هي :
1. هو أن الالتزام حرفي.
2. الالتزام الصرفي مستقل بذاته.
3. الالتزام الصرفي التزام مجرد.
4. قسوة الالتزام الصرفي على المدين رعاية لحقوق الحامل.
وتقوم عادة بين أطراف هذا الالتزام علاقات سابقة لإنشائه، كعلاقة المحرر أو الساحب بالمستفيد وعلاقة المظهر بالمظهر له المباشر، فينشئ السند أو يظهر لأجل الوفاء بهذا الدين ويظل الالتزام الصرفي متصلاً بهذه العلاقة ومتأثراً بها بحيث يمكن المدين به أن يتذرع في مواجهة دائنة المباشر بالدفوع الناشئة عن بطلان أو انقضاء العلاقة المذكورة.
ولكن تنشأ عن السند التجاري أيضاً علاقات بين أشخاص لم تكن بينهم رابطة سابقة لتاريخ إنشاء هذا السند، كما هي الحال في التزام المسحوب عليه القابل تجاه الحامل، وفي التزام الساحب أو المحرر تجاه المظهر له الأخير أو الحامل، وفي التزام المظهر تجاه المظهر له غير المباشر، ففي هذه الأحوال، لا توجد بين طرفي الالتزام الصرفي علاقات سابقة لإنشائه بل تنحصر الصلة بين هذين الطرفين بحيث لا يمكن المدين أن يتذرع تجاه الحامل بالدفوع التي كان يحق له التمسك بها في مواجهة دائنة المباشر.
وقد كانت وما تزال طبيعة الالتزام الصرفي والعلاقات الناشئة عن الإسناد التجارية بوجه عام مدار بحث واسع من قبل الفقهاء وموضوع خلاف حاد بينهم ومن أهم هذه النظريات النظرية التي تقول بأن السند التجاري لا ينشئ التزاماً جديداً إنما هو مجرد صك يقصد من تحريره إثبات التزام سابق، وتحاول هذه الفئة بالتالي تفسير العلاقات القانونية الناشئة عن السند التجاري بالاستناد إلى القواعد العامة للالتزامات.
أما النظريات المرتكزة على القواعد العامة للالتزامات فتعتبر أن السند لا ينشئ التزاماً جديداً على عاتق الموقع، بل يبقى الالتزام السابق قائماً، ولكن يتفق موقع السند أو مظهرة مع المستفيد أو المظهر له على إفراغ هذا الالتزام في السند التجاري، وعلى ذلك يكون مصدر التزام الموقع على السند الاتفاق الذي تم بينه وبين دائنة على تحرير السند أو تظهيره ليكون وسيلة لإثبات الالتزام القائم بينهما، ولكن الموقع لا يلتزم تجاه دائنة المباشر فقط بل ينتقل هذا الالتزام لصالح الحملة المتعاقبين للسند.
أن وجوب فصل السند عن العلاقات القانونية السابقة لإنشائه أو لتظهيره إنما يقصد بها تمكين السند من تأدية وظيفته بصورة مستقلة، فإذا أتقنت هذه العلاقات السابقة أو انطوت على سبب يؤدي إلى بطلانها أو فسخها أو انقضائها فلا يؤثر ذلك على الالتزام الصرفي الذي يظل صحيحاً ومنتجاً لآثاره.
وفي الغالب يتم إنشاء السند التجاري أو تظهيره لتسوية علاقات سابقة بين محرر السند أو ساحبه والمستفيد أو بين المظهر والمظهر له، كأن ينشأ السند أو يظهر وفاء لثمن بضاعة أو تسديد لقرض، فتقوم عندئذ علاقة مزدوجة بين الدائن والمدين، فبالإضافة إلى العلاقة الأصلية التي بموجبها أصبح المشتري مديناً بالثمن والمقترض مديناً بقيمة القرض والتي تخضع للقواعد العامة، تنشأ بعد تحرير السند التجاري علاقة جديدة يترتب عليها قيام الالتزام الصرفي الذي يتمتع بخصائص ذاتية ويخضع لأحكام قانون الصرف، أن عدداً من الفقهاء ذهبوا إلى أن السند التجاري هو مجرد صك يقصد به إثبات التزام سابق بين الموقع والمستفيد فلا يترتب عليه نشوء التزام جديد بل يبقى الالتزام الأصلي على حالة وينتقل إلى السند التجاري فيندمج فيه ويصبح خاضعاً لأحكام قانون الصرف بعد أن كان خاضعاً للقواعد العامة، وفي الخلاصة يكون ثمة دين واحد هو الدين الأصلي الذي ارتدى ثوباً جديداً أي السند التجاري.
وليس هناك أي مانع قانوني من أن يلتزم المدين بطريقين مزدوجين للقيام بالتزام واحد تجاه الدائن، وأن تكون من ثم لهذا الدائن دعويان لإرغام المدين على الوفاء، بحيث إذا نال الوفاء باتباع أحد الطريقين فقد حقه في الرجوع بالطريق الآخر، ويجوز للمدين المتضامن، بعد أن يوفي كامل المبلغ للدائن أن يرجع على بقية المدينين إما بدعوى شخصية تستند إلى الوكالة أو الفضول وإما بدعوى الاستبدال أو الحلول محل الدائن.
هذا، وقد تضمن قانون التجارة نصاً خاصاً يقضي بعدم التجديد في هذه الحال فقد ورد في المادة ( 273) من قانون التجارة.
( لا يتجدد الدين بقبول الدائن تسلم شيك استيفاء لدينه، فيبقى الدين الأصلي قائماً بكل ما له من ضمانات إلى أن توفى قيمة هذا الشيك ).
ومن مظاهر استقلال الدين الصرفي عن الدين الأصلي :
1. عدم تأثر الدين الأصلي ببطلان الدين الصرفي.
2. بقاء الدين الأصلي رغم سقوط الدين الصرفي بالإهمال أو بمرور الزمن.
3. احتفاظ الدين الأصلي بمميزاته الخاصة.
تعريف الأوراق التجارية وبيان خصائصها :
وضع الفقهاء تعاريف كثيرة للأوراق التجارية، إلا أن أغلبها يدور حول خصائص معينة لابد من توفرها فيها، فالورقة التجارية : محرر مكتوب وفقاً لأوضاع شكلية يحددها القانون، قابل للتداول بالطرق التجارية، ويمثل حقاً موضوعة مبلغ من النقود يستحق الوفاء بمجرد الإطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين، ويستقر العرف على قبوله كأداة لتسوية الديون شأنها شأن النقود.
ومن هذا التعريف يمكننا استخلاص الخصائص التالية للورقة التجارية :
أ - الورقة التجارية محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية يحددها القانون :
فالأوراق التجارية تتضمن نوعاً من الشكلية لا بد منها لسهولة تداولها والاطمئنان إلى استيفائها في ميعاد الاستحقاق.
ب - والورقة التجارية تمثل حقاً موضوعة مبلغ معين من النقود مستحق الوفاء في أجل معين :
وعلى ذلك لا يمكن أن يعتبر ورقة تجارية، الصك الذي يمثل بضاعة كسند الشحن البحري أو صك الإيداع في المخازن العامة فالورقة التجارية تمثل أذن حقاً موضوعة مبلغاً معيناً من النقود، ويجب أن يكون المبلغ معيناً وغير معلق على شرط أو مقترن بأجل غير محدد.
ج - الورقة التجارية قابلة للتداول بالطرق التجارية :
ويجب أن تتضمن الورقة التجارية ما يمكن من تداولها بالتظهير، أو أن تكون لحاملها حتى يمكن تداولها بالتسليم أما إذا كانت باسم شخص معين مقترنة بشرط عدم تداولها فأنها تخرج من زمرة الأوراق التجارية ويجب أن لا تختلط الورقة التجارية بورق البنكنوت التي يصدرها بنك الإصدار (البنك المركزي عادة) وهي العملة الورقية، ذلك أن ورقة البنكنوت لا تمثل دينا بمبلغ من النقود على بنك الإصدار كما هو الحال في الورقة التجارية إذ تستمد ورقة البنكنوت قوتها من فرض المشرع لها باعتبارها قوة إبراء مطلقة، ولا يجوز لأي فرد أن يمتنع عن قبولها في الوفاء كما أن الورقة النقدية (البنكنوت) لا تحمل تاريخا للاستحقاق بل يستمر تداولها إلى أن يقوم المشروع بسحبها من التداول كما يجب أن لا نخلط بين الورقة التجارية والورقة المالية.
د - وأخيراً فإن الورقة التجارية يجب أن يقبلها العرف كأداة ائتمان وأداة وفاء بديلاً عن النقود :
تقوم الأوراق التجارية بين التجار مقام النقود، وعلى هذا فأنه لا بد أن تكون هنالك ثقة عرفية معينة بها ويقبلون بها فيما بينهم بغير عائق.
أنواع الأوراق التجارية :
وضحت المادة (123) من قانون التجارة الأردني أنواع الأوراق التجارية وهي :- سند السحب أو السفتجة.
- سند الأمر (السند الإذني) (الكمبيالة).
- الشيك.
- السند لحاملة أو القابل للانتقال بالتظهير.
وظائف الأوراق التجارية :
تقوم الأوراق التجارية بوظائف أساسية ثلاثة هي :
أ. الأوراق التجارية هي أداة لإبرام : عقد الصرف ونقل النقود من مكان إلى أخر.
ب. الأوراق التجارية هي أداة وفاء : يعتبر الوفاء بالأوراق التجارية كالوفاء بالنقود بحكم القانون، وهي قابلة عن طريق الخصم في أحد البنوك لأن تتحول فوراً إلى نقود.
ج. الأوراق التجارية أداة ائتمان : فهي عادة تتضمن آجلاً للاستحقاق، ويستفيد المدين من هذا الائتمان إذ أنه لا يلزم بالوفاء إلا في ميعاد الاستحقاق، كما لا يضار الدائن أيضاً إذ أنه يستطيع أن يخصم الورقة التجارية إذا احتاج إلى نقود عاجلة، كما يستطيع أن يظهرها إلى دائنه فوراً.
والواقع أن الأهمية الجوهرية للأوراق التجارية تكمن في أنها أداة للائتمان والوفاء في ذات الوقت.
الأسس التي يقوم عليها قانون الصرف :
كي تقوم الورقة التجارية بوظائفها الحيوية فقد اشترط القانون وجوب توفر بيانات إلزامية معينة وأن تكون هذه البيانات واضحة ومحددة ولا تعتمد على عنصر خارجي عنها، وهذه الأسس هي :
1- الشكلية في الورقة التجارية :
ينص القانون على أن الورقة التجارية هي محرر مكتوب، ويجب أن تتضمن هذه الكتابة بيانات معينة بحيث إذا تخلف أحدها فقد المحرر صفته كورقة تجارية ولم يعد هنالك محل لتطبيق قانون الصرف عليه، وإنما يرتد أمره إلى القواعد العامة.2- الكفاية الذاتية :
ومبدأ الكفاية الذاتية، أن الورقة التجارية مستقلة بنفسها فلا تحيل أو تستند إلى واقعة خارجية أو علاقة قانونية سابقة أو لاحقة لإنشائها.3- تطهير الدفوع واستقلال التوقيعات :
يعتبر مبدأ تطهير الدفوع ومبدأ استقلال التوقيعات من أهم الأسس التي يقوم عليها قانون الصرف. ذلك أن مقتضى القواعد العامة أن الدائن الذي يحيل حقه إلى شخص أخر إنما يحيل هذا الحق بما يلحقه من عيوب ودفوع وما يشوبه من أسباب الفسخ أو البطلان، لأن المحيل لا يستطيع أن يعطي أكثر مما يملك. لذلك تقضي قواعد القانون المدني بأن للمدين الحق في أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه.
ولو طبق هذا المبدأ على حامل الورقة التجارية لكان من الممكن مواجهته بالدفوع الناشئة عن جميع العلاقات المتتابعة التي نتجت من تعدد انتقالها. ويترتب على ذلك أنه كلما انتقلت الورقة كلما زاد ما يتعرض له الحامل من أسباب الانقضاء أو البطلان وهو أمر لا شك بأنه يحول دون تداول الورقة التجارية.
لذلك كان لا بد من تطهير هذه الدفوع أولا بأول كلما ظهرت الورقة لحامل جديد، طالما أن هذا الأخير حسن النية ولا يعلم بما يشوب العلاقة السابقة والتي لم يكن هو طرفا فيها باستثناء الدفوع المتعلقة بالأهلية والتزوير، ولكن مبدأ استقلال التوقيعات يتدخل هنا أيضاً ليجعل كل توقيع مستقلا بكيانه ومدى صحته، بحيث لا يمكن أن يحتج صاحب أحد التوقيعات بدفع يتعلق بتوقيع أخر، فلا يحتج بانعدام الأهلية مثلا إلا من إنعدمت أهليته دون غيرة.
4- الموازنة بين المصالح المختلفة في السفتجة :
يقرر قانون الصرف تضامن جميع الموقعين على الورقة التجارية في الوفاء بقيمتها للحامل وفي قبولها من المسحوب عليه والتضامن بين الموقعين ينتج من مجرد التوقيع على الورقة التجارية ولكن التضامن هذا الذي وضع لحماية الحامل يفترض أيضا أن الالتزام المصرفي يفترض الوفاء به بعد مضي خمس سنوات من استحقاق الورقة. لذا فقد فرض القانون واجبات مشددة على الحامل القيام بها وأن ينشط في المطالبة بالوفاء من المدين الأصلي في الميعاد لأن الوفاء من المدين الأصلي يبرئ هؤلاء الموقعين السابقين. فإذا امتنع، فإن ذلك لا يكفي لكي يرجع الحامل على الموقعين إلا إذا اثبت الامتناع بورقة رسمية هي "البروتستو" فإذا تراخى الحامل، اصبح مهملا ويترتب على هذا الإهمال أن يسقط الضمان عن عاتق المظهرين السابقين ومن يكفلونهم.
السفتجة ( سند السحب )
عرفت السفتجة بالمادة (123) من قانون التجارة الأردني ومن هذا التعريف يستنتج أن أطراف العلاقة في السفتجة هم ثلاثة : الساحب والمسحوب عليه والمستفيد وبهذه العلاقة الثلاثية فإن السفتجة تختلف عن الكمبيالة وتتفق مع الشيك مع بعض الفروق وهناك شروط لصحة السفتجة كورقة تجارية منها :
1. أن يكون الساحب أهلا لمباشرة الأعمال التجارية.
2. الرضاء والمحل والسبب بالنسبة لعلاقة الساحب بالمستفيد.
3. ضرورة تسليم السفتجة للمستفيد، وأن الشروط التي ذكرناها سابقاً هي شروط موضوعية لصحة السفتجة إلا أن هناك شروط شكلية لا بد أن تتوفر في هذا المحرر المكتوب إذ لا بد من توفر بيانات معينة نصت عليها المادة 124 وهذه البيانات هي :
أ- كلمة سفتجة أو سند سحب أم بوليصة مكتوبة في متن السند وبنفس اللغة المستعملة في كتابتها أما إذا تخلف هذا البيان أو أخطأ محرر السفتجة في تسميتها فلا تعتبر السفتجة كذلك إلا إذا كان المعنى المستخلص من المتن يدل على أنها سفتجة.
ب- أمر صريح بالدفع غير معلق على شرط، وأن يكون موضوع الدفع نقوداً ويحرر المبلغ عادة بالحروف والأرقام فإن تباينا فالعبرة للحروف لا للأرقام.
ج- تاريخ ومكان إنشاء السفتجة، فلا بد من كتابة تاريخ السفتجة لما للتاريخ من أهمية فيما يتعلق بالقواعد التي تنطبق على السفتجة فمن تاريخ إنشاء السفتجة نستطيع أن نعرف سن الساحب وقتئذ لنعرف مدى أهليته، ولا بد أن يكون تاريخ التحرير واحدا ولو تعدد الساحبون ويعتبر التاريخ المكتوب حجة على الغير وعلى أطراف السفتجة أما مكان السحب فليست له أهمية كتاريخ السحب وأن تخلف هذا البيان لا يؤدي إلى بطلان السفتجة بل يعتبر في هذه الحالة بأن السفتجه قد أنشئت في المحل المذكور بجانب اسم الساحب.
د- اسم المسحوب عليه، أي من يلزمه الأداء فالمسحوب عليه هو شخص من أشخاص السفتجه الثلاثة ولكنه لا يلتزم إلا إذا وقع عليها بالقبول وفي هذه الحالة يعتبر بمثابة المدين الأصلي والأمر الصادر من الساحب إلى المسحوب عليه يفترض علاقة سابقة بينهما يكون فيها الأول دائنا للثاني وهذا الدين هو الذي نسميه مقابل الوفاء ويجوز أن يكون المسحوب عليه شخصا واحدا كما يجوز أن يكون الساحب والمسحوب عليه شخصا واحدا.
ه- اسم المستفيد، وهو بيان ضروري إذ أن القانون لا يجيز إنشاء السفتجة لحاملها كما أن القانون الأردني يجيز أيضاً أن تسحب السفتجة لأمر الساحب نفسه وتكون الصيغة كما يلي :
ادفعوا لأمرنا مبلغ...... ويقصد الساحب من ذلك هو أن يحصل على قبول المسحوب عليه أولاً ثم يظهرها بعد ذلك إلى المستفيد الحقيقي.
و- مبلغ السفتجة، فقد ذكرنا فيما سبق بأنه لا بد أن يكون محل السفتجة مبلغاً من النقود ويحب أن يكون هذا البيان محدداً واضحاً وبالنسبة لاشتراط الفائدة في السفتجة فانه موضوع خلاف إلا أن قانون التجارة الأردني حسم هذا الخلاف بأن أجاز شرط الفائدة في السفتجة المستحقة للوفاء لدى الإطلاع أو بعد مدة من الإطلاع.
ط- توقيع الساحب، الساحب هو منشئ السفتجة فلا قيمة للسفتجة إلا بتوقيعه على سائر البيانات الواردة فيها ويجب أن يكون التوقيع دالا على شخص الساحب وغير مطموس أو غامض فإذا كان الساحب أميا فيجوز الاكتفاء ببصمة الإصبع شريطة وجود شاهدين.
ى- ذكر عدد وأرقام النسخ، وقد أجازت المادة 208 من قانون التجارة الأردني سحب السفتجة من عدة نسخ متطابقة ومرقمه وأن تعين هذه الأرقام في صلب السفتجه ذاتها وإلا اعتبرت كل واحدة منها سفتجة مستقلة وقد جرت العادة على ذكر عدد النسخ المحررة من السفتجة في كل نسخة حتى يكون ذوو المصلحة على علم بحقيقة النسخ وعددها وأرقامها.
البيانات الاختيارية في سند السحب :
من الجائز أن لا يقتصر ساحب السفتجة على كتابة البيانات الإلزامية، بل يضيف إليها بيانات أخرى يتوخى فيها تحقيق مصلحة لواحد أو أكثر من أطراف السفتجة الثلاثة. والبيانات الاختيارية غير محصورة، وهي لا تتقيد إلا باحترام القواعد الآمرة وبعدم الخروج بالسفتجة عن خصائصها الأصلية. وفيما يلي أهم هذه الشروط :
1- شرط عدم ضمان القبول :
القاعدة هي أن كلا من الساحب وسائر الموقعين على سند السحب يلتزمون بضمان القبول والوفاء من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق. إلا أن قانون التجارة أجاز للساحب أن يتملص من كفالة القبول، إلا أن أي تملص من كفالة الوفاء يعد لغوا. ويترتب على ذلك أنه يجوز للساحب أن يضع شرط عدم ضمان القبول، إلا أنه لا يستطيع أن يضع شرط عدم ضمان الوفاء.
2- شرط محل الدفع المختار :
قد يعين الساحب للسفتجة مكانا للوفاء محل شخص أخر غير المسحوب عليه ولاعتبارات متعلقة بمصلحة المسحوب عليه، كما إذا كان هنالك خشية من تغيب الأخير عند ميعاد الاستحقاق أو كان له حساب في بنك وسيقوم البنك بالوفاء نيابة عن المسحوب عليه عند حلول الأجل.
3- شرط إخطار أو عدم إخطار المسحوب عليه :
وإذا وضع الساحب هذا الشرط فلا يجوز للمسحوب عليه أن يقبل السفتجة أو يوفي بها قبل أن يخطره الساحب بها.
4- شرط القبول والوفاء الاحتياطي :
قد يعين الساحب ( أو أحد المظهرين ) شخصا أخر لقبول السفتجة أو للوفاء بها إذا امتنع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء، يسمى القابل أو الموفي الاحتياطي.
5- شرط الرجوع بدون مصاريف أو " بدون نفقة " أو " بدون احتجاج " :
أجازت المادة (184) تجاري للساحب أو أي مظهر أو ضامن احتياطي أن يعفي حامل السند عند المطالبة من تقديم احتجاج لعدم القبول أو لعدم الوفاء متى كتب على السند " المطالبة بلا مصاريف " أو بدون احتجاج.
والواقع أن أثر هذا الشرط يختلف فيما إذا وضعه الساحب أو أحد المظهرين. فإذا وضعة الساحب جاز للحامل الاحتجاج به على كل الموقعين على السفتجة لأن الساحب منشئ السند، ويعتبر الشرط الذي أورده داخلا في كيان الورقة ذاتها، أما إذا وضعه أحد المظهرين، فإن الحامل لا يعفى من تحرير البروتستو إلا بالنسبة لواضع الشرط فقط.
6- شرط وصول القيمة :
إن بيان وصول القيمة يشير إلى العلاقة بين الساحب والمستفيد. ورغم أن بيان وصول القيمة غير لازم في السفتجة إلا أن التجار جروا على إضافته بحكم العادة ويذكر عادة أن " القيمة وصلت نقداً " أو " بضاعة " ولا يؤثر ذلك في صحة السفتجة ما دامت قد استوفت سائر البيانات الإلزامية.
السفتجة مهيأة بطبيعتها للتداول وعلى ذلك تنص المادة 141 من القانون التجاري الأردني بقولها :
سند السحب قابل للتداول بطريق التظهير ولو لم يذكر فيه صراحة كلمة (الأمر).
وسند السحب الذي يدون فيه صاحبة عبارة ( ليس لأمر ) أو أية عبارة أخرى مماثلة يخضع تداوله لأحكام حوالة الحق المقرر في القانون المدني دون غيرها.
فهناك أذن طريق واحد لتداول السفتجة هو التظهير، والتظهير قد يكون تاماً ناقلا للملكية وقد لا يكون كذلك.
التظهير الناقل للملكية هو بيان يكتبه المظهر على السفتجة ينقل بواسطته ملكية الحق الثابت بها لإذن المظهر له ولا بد أن تتوافر الشروط التالية في التظهير لكي يرتب أثاره.
شروط التظهير :
1. أن يكون التظهير مكتوباً وقد يكون التظهير اسمياً بكتابة اسم المظهر له وقد يكون على بياض فإذا كان التظهير على بياض أصبحت السفتجة وكأنها للحامل على الرغم بأن القانون يحظر أن تكون السفتجة للحامل.
2. أن يكون التظهير موقعاً فقد أوجب القانون أن تشتمل السفتجة على توقيع المظهر.
3. يجب أن يكون التظهير شاملا لكل قيمة السفتجة. فالتظهير الجزئي باطل وأما التظهير المعلق على شرط يبطل الشرط ويبقى التظهير صحيحاً.
4. عدم اشتراط بيان التاريخ الذي تم فيه التظهير وهناك بعض البيانات قد تضاف إلى التظهير كشرط الوفاء الاحتياطي أو شرط الرجوع بلا مصاريف أو شرط عدم الضمان، وجميع تلك البيانات ينطبق عليها مبدأ استقلال التواقيع فلا يستفيد من البيان الاختياري إلا المظهر الذي يضعه ولا يستفيد منه بقية المظهرين من السابقين أو اللاحقين.
1- نقل ملكية السفتجة للمظهر له :
فيصبح المظهر له هو المالك لمقابل الوفاء الموجود لدى المسحوب عليه ويكون له الحق بالتقدم إلى المسحوب عليه غير القابل مطالباً إياه بالقبول وأن يتقدم إليه مطالباً بالوفاء في موعد الاستحقاق.
2- التزام المظهر بضمان القبول والوفاء :
يعتبر المظهر ضامنا للقبول والوفاء متضامنا مع من سبق من المظهرين ومع الساحب والمسحوب عليه.
3- مبدأ تطهير الدفوع :
وهذا الأمر هو أهم الآثار التي تترتب على التظهير الناقل للملكية وأكثرها خروجاً على المبادئ العامة. ذلك أن القاعدة العامة هي أن الشخص لا يستطيع أن يعطي لغيره أكثر مما يملك، لذلك فإن المحيل في الحوالة المدنية لا ينقل للمحال له إلا ذات الحق الذي له قبل المحال عليه بكل ما يشوبه من عيوب وما يرد عليه من دفوع فيستطيع المحال عليه أن يدفع في مواجهة المحال له بكل الدفوع التي كان يتمسك بها في مواجهة المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه. إلا أن تطبيق هذا المبدأ على الأوراق التجارية يعرقل تداولها ويشل وظيفتها كأداة ائتمان ووفاء. لهذا فإن مبدأ تطهير الدفوع قد أقر ليحمي الحامل حسن النية من هذه الدفوع، ومؤدى هذا المبدأ أنه لا يجوز للمدين في الورقة التجارية أن يتمسك تجاه الحامل حسن النية بالدفوع التي كان يستطيع أن يتمسك بها في مواجهة حامل سابق، فكأن التظهير قد طهر الورقة التجارية مما كان بها من دفوع. ومن أجل تطبيق مبدأ تطهير الدفوع يجب أن تتوفر ثلاثة شروط هي ما يلي :
1. لا بد أن يكون التظهير ناقلا للملكية أما التظهير التوكيلي فأنه لا يرتب هذا الأثر الهام.
2. يجب أن يكون الحامل الذي يستفيد من تطهير الدفوع حسن النية.
3. يجب أن لا يكون دخل للحامل بالدفوع التي يطهرها التظهير.
أما التظهير التأميني فيقصد به رهن الحق الثابت بالسفتجة إلى دائن المظهر فيظهرها إلى هذا الدائن تظهيراً تأمينياً. وهذا التظهير يحظر على المظهر إليه تظهير السفتجة تظهيراً ناقلا للملكية.
1- مقابل الوفاء :
وهو الدين النقدي الذي يكون للساحب بذمة المسحوب عليه وهو يمثل علاقة مستقلة خارجة عن تحرير السفتجة. ويمكن إثبات مقابل الوفاء من قبل كل شخص صاحب مصلحة.
وقبول المسحوب عليه للسفتجة يعتبر قرينة على وجود المقابل لديه وهي قرينة لا تقبل إثبات العكس أمام الغير ولكن تقبل إثبات العكس فيما بين الساحب والمسحوب عليه ولوجود مقابل الوفاء لا بد من توافر ثلاثة شروط وهي ما يلي :
1. أن يكون دين الساحب على المسحوب عليه مبلغاً نقدياً.
2. أن يكون مقابل الوفاء موجوداً وقت استحقاق السفتجة.
3. أن يكون مقابل الوفاء محققاً ومقدراً ومستحق الوفاء وقت استحقاق السفتجة.
إذا كانت هناك عدة سفاتج مسحوبة على نفس المسحوب عليه من الساحب ولم يكن مقابل الوفاء كافياً للوفاء بها جميعاً فأنه يتبع الآتي في وفائها.
1. تاريخ إنشاء السفتجة يعتبر أحد عوامل التفضيل في الوفاء.
2. السفاتج المقبولة تفضل على غيرها.
3. السفاتج المخصص لها مقابل وفاء مقدمه على غيرها.
2- الضمان الثاني لوفاء السفتجة هو القبول :
القبول هو تعهد المسحوب عليه كتابة بالوفاء بالسفتجة في ميعاد استحقاقها ذلك أن المسحوب عليه غير القابل يظل أجنبياً عن السفتجة ولا يستطيع الحامل إلا أن يطالبه بمقابل الوفاء الذي للساحب عنده.
يحق للساحب أن يمنع المستفيد من تقديم السفتجة للقبول قبل موعد معين كما يحق للساحب إلزام المستفيد بضرورة تقديمها للمسحوب عليه لقبولها في موعد محدد وهناك سفاتج لا تقدم للقبول إذا اشترط عدم تقديمها للقبول وكذلك السفاتج المستحقة لدى الإطلاع.
شروط القبول :
أ. أن يقع القبول كتابة وعلى ذات السفتجة.
ب. أن يتضمن صبغة تدل على القبول.
ج. يجب أن يتضمن القبول توقيع المسحوب عليه أو بصمته.
د. أن يكون القبول غير معلق على شرط موقف أو فاسخ أو معدل للبيانات الواردة في السفتجة إلا في الحالات الاستثنائية التالية :
1- يجوز للمسحوب عليه أن يقرن قبوله بتحفظ يفيد أنه قبل السفتجة على المكشوف.
2- يجوز للمسحوب عليه أن يعدل من محل الوفاء المختار.
3- يجوز للمسحوب عليه أن يقبل السفتجة قبولاً جزئياً.
أثار القبول :
يؤدي القبول إلى تغيير جوهري في مركز الساحب وفي مركز المسحوب عليه إذ بعد القبول يصبح المسحوب عليه هو المدين الأصلي في السفتجة ويصبح التزام الساحب في المرتبة الثانية وبعد قبول المسحوب عليه يمتنع عليه الاحتجاج بمواجهة الحامل بالعيوب أو الدفوع التي كان يمكن أن يدفع بها في مواجهة الساحب ومن جهة ثانية فإن قبول المسحوب عليه للسفتجة يبرئ ذمة الساحب وسائر المظهرين قبل الحامل. كما ينتج القبول أثرا مهما هو وجود قرينة على تلقي المسحوب عليه مقابل الوفاء.
1. لدى الإطلاع.
2. لمهلة ما بعد الإطلاع.
3. لمهلة تبتدئ من تاريخ معين.
4. ليوم معين.
مكان الوفاء :
يجب أن يتم الوفاء في مكان استحقاق السفتجة المبين فيها وقد يكون مكان الاستحقاق هو موطن المسحوب عليه وقد يكون موطنا مختاراً وفي كلا الأحوال، يجب أن يتم في المكان المحدد للوفاء.
وغالباً ما يقع الوفاء من المسحوب عليه ويجب أن تتوفر في المسحوب عليه أهلية التصرف في المبلغ المطلوب الذي يوفي به فإذا كان الموفي فاقد الأهلية بطل الوفاء، كذلك إذا قام المسحوب عليه بالوفاء بعد صدور الحكم بإفلاسه فإن هذا الوفاء لا يسري على جماعة الدائنين ويجب أن يقع الوفاء للدائن أو لنائبه فإذا حصل الوفاء لغير الدائن أو نائبه فلا تبرأ ذمة المدين.
محل الوفاء :
محل الوفاء هو المبلغ النقدي المبين بالسفتجة ويجب إيفاء الشيء المستحق نفسه ولا يجبر الدائن على قبول غيره وإن كان أعلى منه قيمة فإذا كان مبلغ السفتجة محدداً بعملة أجنبية غير تلك المتداولة في مكان الاستحقاق فإن للمسحوب عليه الخيار بين أن يدفع قيمة السفتجة بهذه العملة الأجنبية وبين أن يدفعها بالعملة المتداولة في مكان الوفاء على أساس سعرها في تاريخ الاستحقاق ويجوز للساحب عند تحديد المبلغ بالعملة الأجنبية أن يشترط أن يتم الوفاء بها فعلا وليس بغيرها وهذا الشرط جائز ومعتبر، ويجوز الوفاء الجزئي في السفتجة وذلك أن الوفاء الجزئي يحقق مصلحة الساحب وسائر المظهرين الذين يضمنون الوفاء وعلى الموفي أن يسترد السفتجة حين الوفاء بها تلافياً لمطالبته من شخص أخر حسن النية ظهرت له السفتجة.
المعارضة في الوفاء :
لا يجوز المعارضة في الوفاء إلا في حالتي الضياع والإفلاس ففي هاتين الحالتين أوجب القانون على المسحوب عليه أن يمتنع عن الوفاء بالسفتجة حتى يفصل القضاء بين الحامل المتقدم وبين من يدعي ملكية السفتجة وضياعها أما في حالة إفلاس الحامل فإن المعارضة في الوفاء تأتي من وكيل التفليسة فإذا لم يفعل وكيل التفليسة ذلك قام المسحوب عليه بالوفاء للحامل المفلس وأن وفاءه يكون صحيحاً مبرئاً للذمة. ولم يشترط القانون شكلا معيناً للمعارضة بالوفاء فيصح أن تتم المعارضة ببرقية أو بخطاب مسجل أو بخطاب عادي أو حتى شفاهة إلا أنه من الأفضل أن تتم المعارضة بالوفاء بالسفتجة عن طريق الكاتب العدل حتى يعفي نفسه من عبء إثبات المعارضة إذا أنكرها من وجهت إليه.
أثار الوفاء :
إذا تم الوفاء على الوجه الطبيعي من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي للسفتجة دون معارضة من أحد فقد انتهت حياة السفتجة، ويترتب على هذا الأثر الهام براءة ذمة سائر الموقعين عليها من ضمان الوفاء للحامل على وجه التضامن.
إذا خرجت السفتجة عن حيازة المالك الشرعي لها بغير إرادته كما في حالتي الفقدان أو السرقة فأنه يتعرض لخطرين كبيرين، الأول أنه لن يستطيع أن يتقدم إلى المسحوب عليه مطالباً بالوفاء بعد أن فقد حيازة السفتجة، والثاني هو احتمال أن يتقدم من عثر عليها أو سرقها فيحصل على الوفاء، ولذلك فإن مصلحة المالك الشرعي أن يبادر بالمعارضة لدى المسحوب عليه حتى يمتنع عن الوفاء لمن يتقدم إليه بالسفتجة في ميعاد الاستحقاق.
ويجب التفريق في حالة الفقدان أو السرقة بين حالتين :
الحالة الأولى : عندما تكون السفتجة غير مقترنة بالقبول.
الحالة الثانية : إذا كانت السفتجة مقترنة بالقبول.
ففي الحالة الأولى يجوز لصاحبها التشبث باستيفائه بناء على إصدار نسخة ثانية أو ثالثة ... الخ. أما إذا كانت السفتجة مقترنة بالقبول فلا بد لصاحبها في هذه الحالة من مراجعة المحكمة للحصول على قرار بتحصيلها بعد تقديم كفالة يلتزم بموجبها بدفع قيمة السفتجة فيما إذا ظهر فيما بعد بأنه ليس مالكاً للسفتجة ويظل هذا الالتزام قائماً لمدة ثلاث سنوات. وإذا تنازع على ملكية السفتجة مالكها وحائزها فأنه يفضل مالك السفتجة على الحائز إذا كان الحائز سيئ النية سواء كان هو السارق أو من عثر عليها أو من تلقاها عنه مع علمه بواقعة السرقة، أما إذا كان الحائز حسن النية، كما إذا تلقى السفتجة بتظهير ظاهر الصحة من شخص كان يظن أنه الحامل الشرعي للسفتجة، وقد نص قانون التجارة الأردني على تفضيل الحامل حسن النية.
الامتناع عن الوفاء :
إذا امتنع المسحوب عليه عن الوفاء في موعد الاستحقاق ففي هذه الحالة يحق للحامل الرجوع على سائر الموقعين الذين يضمنون هذا الوفاء على وجه التضامن، ولكن يتوجب عليه قبل الرجوع أن يبدأ بإثبات امتناع المسحوب عليه إثباتا رسمياً بتحرير احتجاج يسمى احتجاج عدم الوفاء يتم توجيهه بواسطة الكاتب العدل. ويجوز للحامل الرجوع على سائر المظهرين قبل موعد استحقاق السفتجة في الحالات التالية :
1- إذا امتنع المسحوب عليه عن قبول السفتجة كلياً أو جزئياً.
2- إذا أفلس المسحوب عليه سواء كان قابلاً للسفتجة أو لا، أو إذا توقف عن الإيفاء أو إذا حجزت أمواله وفضل الحجز نظراً لعدم كفاية الأموال.
3- إذا أفلس الساحب وكانت السفتجة غير صالحة للقبول.
الرجوع بالسفتجة :
إذا لم يحصل حامل السفتجة على الوفاء من المسحوب عليه أو من الموفي بالواسطة فلا مفر له من الرجوع القضائي بالسفتجة على سائر الملتزمين بها حتى يحصل مقابل الوفاء. ومتى قام الحامل بتحرير البروتستو في الميعاد، جاز له بعد ذلك أن يباشر الرجوع، وللحامل حق الرجوع القضائي على جميع الموقعين دون مراعاة ترتيب معين في الرجوع على الملتزمين باعتبارهم جميعاً متضامنين في الوفاء.
أما موضوع الرجوع : فالحامل يستطيع أن يرجع على الملتزم بالضمان طالباً ما يلي :
1. مبلغ السفتجة مع الفوائد الاتفاقية إذا وجد نص بذلك.
2. الفوائد القانونية.
3. نفقات تحرير البروتستو والإشعارات.
أما إجراءات الرجوع : فهي إخطار الملتزمين بالضمان وبواقعة الامتناع ويجب إرسال إشعار بعدم القبول أو عدم الإيفاء إلى من ظهر له السند وإلى الساحب في أيام العمل الأربعة التي تلي يوم الاحتجاج.
السقوط والتقادم :
لقد رتب القانون على حامل السفتجة واجبات معينة عند حلول ميعاد الاستحقاق، ورتب على إهمال هذه الواجبات سقوط حقه في الضمان أما الواجبات التي يترتب عليها في حالة إهمال الحامل سقوط حقه فهي :
أولاً :
1. إذا لم يتقدم الحامل للمسحوب عليه بالسفتجة المستحقة الأداء لدى الإطلاع أو بعد مدة معينة من الإطلاع في طلب الوفاء أو طلب القبول خلال الميعاد المقرر في القانون، وهو في الأصل ميعاد سنة من تاريخ إنشاء السفتجة.
2. ويعتبر الحامل مهملا إذا لم يقم بتحرير بروتستو عدم القبول حين يكون تحريره واجباً في مدة محددة، كما هو الشأن بالنسبة للسفتجة المستحقة بعد مدة معينة من الإطلاع، ووجوب عرضها للقبول خلال سنة من تاريخ إنشائها، والسفتجة التي يشترط ساحبها عرضها للقبول في ميعاد معين فيجب على الحامل عرضها للقبول في الميعاد الذي حدده الساحب، فإذا رفض المسحوب عليه وجب على الحامل تحرير البروتستو خلال هذا الميعاد وإلا أعتبر مهملا.
3. كذلك يعتبر الحامل مهملا إذا لم يقم بتحرير البروتستو لعدم الوفاء في الميعاد القانوني وهو أحد يومي العمل التاليين ليوم الاستحقاق.
والسقوط مقرر مصلحة الملتزم بالضمان، ولذا فهو لا يتعلق بالنظام العام ويترتب على ذلك أنه يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً، ولا يحكم به القاضي من تلقاء نفسه بل لا بد أن يحتج به صاحب المصلحة فيه.
ثانياً : التقادم :
إلى جانب السقوط الذي قرره القانون لصالح الملتزمين لضمان الوفاء في مواجهة الحامل المهمل، وضع القانون تقادماً قصيراً خاصاً يستفيد منه سائر الملتزمين المصرفيين. وهذا التقادم القصير يستند إلى قرينة الوفاء. ويقصد بالتقادم مرور الزمن الذي يمنع من المطالبة أو الرجوع، إلا أن المنع من المطالبة بالسفتجة التي مضى عليها التقادم لا يمنع صاحب الحق من المطالبة بالدين الأصلي الذي من اجله أنشئت السفتجة، بل يظل الدين الأصلي قائماً يمكن المطالبة به خلال فترة التقادم العادي الطويل.
وقد حدد قانون التجارة الأردني في المادة (214 ) ثلاث مدد للتقادم فيما يتعلق بالحقوق الناتجة عن السفتجة وهذه الآجال هي :
1) تتقادم الحقوق على المسحوب عليه القابل بعد مضي خمس سنوات من تاريخ استحقاق السفتجة. وإذا كانت السفتجة مستحقة الوفاء بمجرد الإضلاع فتبدأ من تاريخ تقديمها مثلا للوفاء.
2) تتقادم الدعاوى التي يرفعها الحامل على الساحب والمظهرين بمرور سنتين من تاريخ تحرير الاحتجاج المقدم في المدة القانونية.
3) تتقادم دعاوى المظهرين بعضهم على بعض بعد مرور سنة تبدأ في اليوم الذي دفع فيه المظهر مبلغ السفتجة.
وينقطع التقادم الصرفي بصدور حكم، أو الاعتراف بالدين في صك مستقل أو بتسديد الملتزم جزءاً منه، وفي ذلك تنص المادة (215) من قانون التجارة " ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بالتقادم الصرفي من تلقاء نفسها، بل لا بد أن يتمسك به المدين، ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو أمام المحكمة الاستئنافية ".
1. أن يكون الساحب أهلا لمباشرة الأعمال التجارية.
2. الرضاء والمحل والسبب بالنسبة لعلاقة الساحب بالمستفيد.
3. ضرورة تسليم السفتجة للمستفيد، وأن الشروط التي ذكرناها سابقاً هي شروط موضوعية لصحة السفتجة إلا أن هناك شروط شكلية لا بد أن تتوفر في هذا المحرر المكتوب إذ لا بد من توفر بيانات معينة نصت عليها المادة 124 وهذه البيانات هي :
أ- كلمة سفتجة أو سند سحب أم بوليصة مكتوبة في متن السند وبنفس اللغة المستعملة في كتابتها أما إذا تخلف هذا البيان أو أخطأ محرر السفتجة في تسميتها فلا تعتبر السفتجة كذلك إلا إذا كان المعنى المستخلص من المتن يدل على أنها سفتجة.
ب- أمر صريح بالدفع غير معلق على شرط، وأن يكون موضوع الدفع نقوداً ويحرر المبلغ عادة بالحروف والأرقام فإن تباينا فالعبرة للحروف لا للأرقام.
ج- تاريخ ومكان إنشاء السفتجة، فلا بد من كتابة تاريخ السفتجة لما للتاريخ من أهمية فيما يتعلق بالقواعد التي تنطبق على السفتجة فمن تاريخ إنشاء السفتجة نستطيع أن نعرف سن الساحب وقتئذ لنعرف مدى أهليته، ولا بد أن يكون تاريخ التحرير واحدا ولو تعدد الساحبون ويعتبر التاريخ المكتوب حجة على الغير وعلى أطراف السفتجة أما مكان السحب فليست له أهمية كتاريخ السحب وأن تخلف هذا البيان لا يؤدي إلى بطلان السفتجة بل يعتبر في هذه الحالة بأن السفتجه قد أنشئت في المحل المذكور بجانب اسم الساحب.
د- اسم المسحوب عليه، أي من يلزمه الأداء فالمسحوب عليه هو شخص من أشخاص السفتجه الثلاثة ولكنه لا يلتزم إلا إذا وقع عليها بالقبول وفي هذه الحالة يعتبر بمثابة المدين الأصلي والأمر الصادر من الساحب إلى المسحوب عليه يفترض علاقة سابقة بينهما يكون فيها الأول دائنا للثاني وهذا الدين هو الذي نسميه مقابل الوفاء ويجوز أن يكون المسحوب عليه شخصا واحدا كما يجوز أن يكون الساحب والمسحوب عليه شخصا واحدا.
ه- اسم المستفيد، وهو بيان ضروري إذ أن القانون لا يجيز إنشاء السفتجة لحاملها كما أن القانون الأردني يجيز أيضاً أن تسحب السفتجة لأمر الساحب نفسه وتكون الصيغة كما يلي :
ادفعوا لأمرنا مبلغ...... ويقصد الساحب من ذلك هو أن يحصل على قبول المسحوب عليه أولاً ثم يظهرها بعد ذلك إلى المستفيد الحقيقي.
و- مبلغ السفتجة، فقد ذكرنا فيما سبق بأنه لا بد أن يكون محل السفتجة مبلغاً من النقود ويحب أن يكون هذا البيان محدداً واضحاً وبالنسبة لاشتراط الفائدة في السفتجة فانه موضوع خلاف إلا أن قانون التجارة الأردني حسم هذا الخلاف بأن أجاز شرط الفائدة في السفتجة المستحقة للوفاء لدى الإطلاع أو بعد مدة من الإطلاع.
ز- تاريخ الاستحقاق، وهو الموعد الذي يستحق فيه دفع قيمة السفتجة ويتحدد ميعاد الاستحقاق باليوم والشهر والسنة ويجوز أن تكون السفتجة مستحقة الدفع في ميعاد قابل للتعيين. أو لمجرد الإطلاع أو بعد فترة محدده من وقت الإطلاع أو من تاريخ معين على أنه في جميع الأحوال لا بد من وحدة ميعاد الاستحقاق والسفتجة التي لم يبين فيها تاريخ الاستحقاق تعد مستحقة الدفع لدى الإطلاع.
ح- مكان الاستحقاق، ولهذا البيان أهمية كبيرة إذ أن مكان الاستحقاق هو الذي يطالب فيه حامل السفتجه بالوفاء على أنه قرر في القانون التجاري الأردني بأنه إذا لم يذكر محل الدفع فيعتبر المحل الذي يذكر بجانب اسم المسحوب عليه محلا للدفع ومن الجائز في هذه الحالة اعتبار محل إقامة المسحوب عليه هو محل الدفع.ط- توقيع الساحب، الساحب هو منشئ السفتجة فلا قيمة للسفتجة إلا بتوقيعه على سائر البيانات الواردة فيها ويجب أن يكون التوقيع دالا على شخص الساحب وغير مطموس أو غامض فإذا كان الساحب أميا فيجوز الاكتفاء ببصمة الإصبع شريطة وجود شاهدين.
ى- ذكر عدد وأرقام النسخ، وقد أجازت المادة 208 من قانون التجارة الأردني سحب السفتجة من عدة نسخ متطابقة ومرقمه وأن تعين هذه الأرقام في صلب السفتجه ذاتها وإلا اعتبرت كل واحدة منها سفتجة مستقلة وقد جرت العادة على ذكر عدد النسخ المحررة من السفتجة في كل نسخة حتى يكون ذوو المصلحة على علم بحقيقة النسخ وعددها وأرقامها.
البيانات الاختيارية في سند السحب :
من الجائز أن لا يقتصر ساحب السفتجة على كتابة البيانات الإلزامية، بل يضيف إليها بيانات أخرى يتوخى فيها تحقيق مصلحة لواحد أو أكثر من أطراف السفتجة الثلاثة. والبيانات الاختيارية غير محصورة، وهي لا تتقيد إلا باحترام القواعد الآمرة وبعدم الخروج بالسفتجة عن خصائصها الأصلية. وفيما يلي أهم هذه الشروط :
1- شرط عدم ضمان القبول :
القاعدة هي أن كلا من الساحب وسائر الموقعين على سند السحب يلتزمون بضمان القبول والوفاء من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق. إلا أن قانون التجارة أجاز للساحب أن يتملص من كفالة القبول، إلا أن أي تملص من كفالة الوفاء يعد لغوا. ويترتب على ذلك أنه يجوز للساحب أن يضع شرط عدم ضمان القبول، إلا أنه لا يستطيع أن يضع شرط عدم ضمان الوفاء.
2- شرط محل الدفع المختار :
قد يعين الساحب للسفتجة مكانا للوفاء محل شخص أخر غير المسحوب عليه ولاعتبارات متعلقة بمصلحة المسحوب عليه، كما إذا كان هنالك خشية من تغيب الأخير عند ميعاد الاستحقاق أو كان له حساب في بنك وسيقوم البنك بالوفاء نيابة عن المسحوب عليه عند حلول الأجل.
3- شرط إخطار أو عدم إخطار المسحوب عليه :
وإذا وضع الساحب هذا الشرط فلا يجوز للمسحوب عليه أن يقبل السفتجة أو يوفي بها قبل أن يخطره الساحب بها.
4- شرط القبول والوفاء الاحتياطي :
قد يعين الساحب ( أو أحد المظهرين ) شخصا أخر لقبول السفتجة أو للوفاء بها إذا امتنع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء، يسمى القابل أو الموفي الاحتياطي.
5- شرط الرجوع بدون مصاريف أو " بدون نفقة " أو " بدون احتجاج " :
أجازت المادة (184) تجاري للساحب أو أي مظهر أو ضامن احتياطي أن يعفي حامل السند عند المطالبة من تقديم احتجاج لعدم القبول أو لعدم الوفاء متى كتب على السند " المطالبة بلا مصاريف " أو بدون احتجاج.
والواقع أن أثر هذا الشرط يختلف فيما إذا وضعه الساحب أو أحد المظهرين. فإذا وضعة الساحب جاز للحامل الاحتجاج به على كل الموقعين على السفتجة لأن الساحب منشئ السند، ويعتبر الشرط الذي أورده داخلا في كيان الورقة ذاتها، أما إذا وضعه أحد المظهرين، فإن الحامل لا يعفى من تحرير البروتستو إلا بالنسبة لواضع الشرط فقط.
6- شرط وصول القيمة :
إن بيان وصول القيمة يشير إلى العلاقة بين الساحب والمستفيد. ورغم أن بيان وصول القيمة غير لازم في السفتجة إلا أن التجار جروا على إضافته بحكم العادة ويذكر عادة أن " القيمة وصلت نقداً " أو " بضاعة " ولا يؤثر ذلك في صحة السفتجة ما دامت قد استوفت سائر البيانات الإلزامية.
تداول السفتجة :
السفتجة مهيأة بطبيعتها للتداول وعلى ذلك تنص المادة 141 من القانون التجاري الأردني بقولها :
سند السحب قابل للتداول بطريق التظهير ولو لم يذكر فيه صراحة كلمة (الأمر).
وسند السحب الذي يدون فيه صاحبة عبارة ( ليس لأمر ) أو أية عبارة أخرى مماثلة يخضع تداوله لأحكام حوالة الحق المقرر في القانون المدني دون غيرها.
فهناك أذن طريق واحد لتداول السفتجة هو التظهير، والتظهير قد يكون تاماً ناقلا للملكية وقد لا يكون كذلك.
أولا - التظهير الناقل للملكية :
التظهير الناقل للملكية هو بيان يكتبه المظهر على السفتجة ينقل بواسطته ملكية الحق الثابت بها لإذن المظهر له ولا بد أن تتوافر الشروط التالية في التظهير لكي يرتب أثاره.
شروط التظهير :
1. أن يكون التظهير مكتوباً وقد يكون التظهير اسمياً بكتابة اسم المظهر له وقد يكون على بياض فإذا كان التظهير على بياض أصبحت السفتجة وكأنها للحامل على الرغم بأن القانون يحظر أن تكون السفتجة للحامل.
2. أن يكون التظهير موقعاً فقد أوجب القانون أن تشتمل السفتجة على توقيع المظهر.
3. يجب أن يكون التظهير شاملا لكل قيمة السفتجة. فالتظهير الجزئي باطل وأما التظهير المعلق على شرط يبطل الشرط ويبقى التظهير صحيحاً.
4. عدم اشتراط بيان التاريخ الذي تم فيه التظهير وهناك بعض البيانات قد تضاف إلى التظهير كشرط الوفاء الاحتياطي أو شرط الرجوع بلا مصاريف أو شرط عدم الضمان، وجميع تلك البيانات ينطبق عليها مبدأ استقلال التواقيع فلا يستفيد من البيان الاختياري إلا المظهر الذي يضعه ولا يستفيد منه بقية المظهرين من السابقين أو اللاحقين.
آثار التظهير :
إن التظهير الناقل للملكية يرتب أثاراً رئيسية ثلاثة وذلك وفقاً لأحكام المواد 144،145،146 من قانون التجارة الأردني وهذه الآثار هي ما يلي :1- نقل ملكية السفتجة للمظهر له :
فيصبح المظهر له هو المالك لمقابل الوفاء الموجود لدى المسحوب عليه ويكون له الحق بالتقدم إلى المسحوب عليه غير القابل مطالباً إياه بالقبول وأن يتقدم إليه مطالباً بالوفاء في موعد الاستحقاق.
2- التزام المظهر بضمان القبول والوفاء :
يعتبر المظهر ضامنا للقبول والوفاء متضامنا مع من سبق من المظهرين ومع الساحب والمسحوب عليه.
3- مبدأ تطهير الدفوع :
وهذا الأمر هو أهم الآثار التي تترتب على التظهير الناقل للملكية وأكثرها خروجاً على المبادئ العامة. ذلك أن القاعدة العامة هي أن الشخص لا يستطيع أن يعطي لغيره أكثر مما يملك، لذلك فإن المحيل في الحوالة المدنية لا ينقل للمحال له إلا ذات الحق الذي له قبل المحال عليه بكل ما يشوبه من عيوب وما يرد عليه من دفوع فيستطيع المحال عليه أن يدفع في مواجهة المحال له بكل الدفوع التي كان يتمسك بها في مواجهة المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه. إلا أن تطبيق هذا المبدأ على الأوراق التجارية يعرقل تداولها ويشل وظيفتها كأداة ائتمان ووفاء. لهذا فإن مبدأ تطهير الدفوع قد أقر ليحمي الحامل حسن النية من هذه الدفوع، ومؤدى هذا المبدأ أنه لا يجوز للمدين في الورقة التجارية أن يتمسك تجاه الحامل حسن النية بالدفوع التي كان يستطيع أن يتمسك بها في مواجهة حامل سابق، فكأن التظهير قد طهر الورقة التجارية مما كان بها من دفوع. ومن أجل تطبيق مبدأ تطهير الدفوع يجب أن تتوفر ثلاثة شروط هي ما يلي :
1. لا بد أن يكون التظهير ناقلا للملكية أما التظهير التوكيلي فأنه لا يرتب هذا الأثر الهام.
2. يجب أن يكون الحامل الذي يستفيد من تطهير الدفوع حسن النية.
3. يجب أن لا يكون دخل للحامل بالدفوع التي يطهرها التظهير.
ثانياً – التظهير غير القابل للملكية ( التظهير التوكيلي والتأميني ) :
ويكون عندما لا يقصد المظهر نقل ملكية السفتجة إلى المظهر إليه إنما مجرد توكيله في تحصيل قيمتها لحسابه ويكون كذلك عندما تشمل عبارة التظهير على أن القيمة ( للتوكيل ) أو القيمة للتحصيل أو القيمة ( للقبض ) فيجب أن يتضمن التظهير التوكيلي إلى جانب التوقيع عبارة واضحة تفيد معنى التوكيل.أما التظهير التأميني فيقصد به رهن الحق الثابت بالسفتجة إلى دائن المظهر فيظهرها إلى هذا الدائن تظهيراً تأمينياً. وهذا التظهير يحظر على المظهر إليه تظهير السفتجة تظهيراً ناقلا للملكية.
ضمانات الوفاء في السفتجة :
لقد نص قانون التجارة الأردني على وجود عدة ضمانات لحامل السفتجة تطمئنه إلى الحصول على الوفاء الكامل للقيمة في ميعاد استحقاقها وأهم هذه الضمانات هي ما يلي :1- مقابل الوفاء :
وهو الدين النقدي الذي يكون للساحب بذمة المسحوب عليه وهو يمثل علاقة مستقلة خارجة عن تحرير السفتجة. ويمكن إثبات مقابل الوفاء من قبل كل شخص صاحب مصلحة.
وقبول المسحوب عليه للسفتجة يعتبر قرينة على وجود المقابل لديه وهي قرينة لا تقبل إثبات العكس أمام الغير ولكن تقبل إثبات العكس فيما بين الساحب والمسحوب عليه ولوجود مقابل الوفاء لا بد من توافر ثلاثة شروط وهي ما يلي :
1. أن يكون دين الساحب على المسحوب عليه مبلغاً نقدياً.
2. أن يكون مقابل الوفاء موجوداً وقت استحقاق السفتجة.
3. أن يكون مقابل الوفاء محققاً ومقدراً ومستحق الوفاء وقت استحقاق السفتجة.
التزاحم على مقابل الوفاء :
إذا كانت هناك عدة سفاتج مسحوبة على نفس المسحوب عليه من الساحب ولم يكن مقابل الوفاء كافياً للوفاء بها جميعاً فأنه يتبع الآتي في وفائها.
1. تاريخ إنشاء السفتجة يعتبر أحد عوامل التفضيل في الوفاء.
2. السفاتج المقبولة تفضل على غيرها.
3. السفاتج المخصص لها مقابل وفاء مقدمه على غيرها.
2- الضمان الثاني لوفاء السفتجة هو القبول :
القبول هو تعهد المسحوب عليه كتابة بالوفاء بالسفتجة في ميعاد استحقاقها ذلك أن المسحوب عليه غير القابل يظل أجنبياً عن السفتجة ولا يستطيع الحامل إلا أن يطالبه بمقابل الوفاء الذي للساحب عنده.
يحق للساحب أن يمنع المستفيد من تقديم السفتجة للقبول قبل موعد معين كما يحق للساحب إلزام المستفيد بضرورة تقديمها للمسحوب عليه لقبولها في موعد محدد وهناك سفاتج لا تقدم للقبول إذا اشترط عدم تقديمها للقبول وكذلك السفاتج المستحقة لدى الإطلاع.
شروط القبول :
أ. أن يقع القبول كتابة وعلى ذات السفتجة.
ب. أن يتضمن صبغة تدل على القبول.
ج. يجب أن يتضمن القبول توقيع المسحوب عليه أو بصمته.
د. أن يكون القبول غير معلق على شرط موقف أو فاسخ أو معدل للبيانات الواردة في السفتجة إلا في الحالات الاستثنائية التالية :
1- يجوز للمسحوب عليه أن يقرن قبوله بتحفظ يفيد أنه قبل السفتجة على المكشوف.
2- يجوز للمسحوب عليه أن يعدل من محل الوفاء المختار.
3- يجوز للمسحوب عليه أن يقبل السفتجة قبولاً جزئياً.
أثار القبول :
يؤدي القبول إلى تغيير جوهري في مركز الساحب وفي مركز المسحوب عليه إذ بعد القبول يصبح المسحوب عليه هو المدين الأصلي في السفتجة ويصبح التزام الساحب في المرتبة الثانية وبعد قبول المسحوب عليه يمتنع عليه الاحتجاج بمواجهة الحامل بالعيوب أو الدفوع التي كان يمكن أن يدفع بها في مواجهة الساحب ومن جهة ثانية فإن قبول المسحوب عليه للسفتجة يبرئ ذمة الساحب وسائر المظهرين قبل الحامل. كما ينتج القبول أثرا مهما هو وجود قرينة على تلقي المسحوب عليه مقابل الوفاء.
الوفاء بالسفتجة :
عندما يحين ميعاد استحقاق السفتجة فإن الحامل الأخير لها يتقدم إلى المسحوب عليه مقدماً السفتجة مطالباً بالوفاء فإذا أوفى المسحوب عليه بقيمتها وفاء صحيحاً فقد انقضت حياة السفتجة انقضاء طبيعياً مما يستتبع براءة جميع المسؤولين فيها من التزامهم بضمان الوفاء إلا أن الحامل الشرعي للسفتجة قد يفقد حيازتها بالضياع أو السرقة لذلك نظم القانون لصالحة اقتضاء حقه حتى لا يخل باطمئنان المسحوب عليه الموفى وفيما يلي إيجاز لموضوعات الوفاء من ناحية زمانه ومكانه ومحلة بالنسبة لزمان الوفاء. فإنه يجب أن يتم الوفاء بالسفتجة في ميعاد استحقاقها ولا يجوز للقاضي أن يمنح المسحوب عليه مهلة زيادة عن الموعد المحدد لاستحقاق السفتجة حتى أنه يجوز للحامل باعتباره دائن أن يرفض الوفاء الذي يعرضه المسحوب عليه قبل الميعاد إلا أنه من واجب الحامل أن يطالب بالوفاء في موعد استحقاقها دون تراخ منه أو تسامح وتاريخ الاستحقاق كما علمنا يجب أن يكون محدداً على وجه يقيني لا يحتمل الشك إلا أنه يكون تاريخ الاستحقاق محدداً على الوجوه التالية :1. لدى الإطلاع.
2. لمهلة ما بعد الإطلاع.
3. لمهلة تبتدئ من تاريخ معين.
4. ليوم معين.
مكان الوفاء :
يجب أن يتم الوفاء في مكان استحقاق السفتجة المبين فيها وقد يكون مكان الاستحقاق هو موطن المسحوب عليه وقد يكون موطنا مختاراً وفي كلا الأحوال، يجب أن يتم في المكان المحدد للوفاء.
وغالباً ما يقع الوفاء من المسحوب عليه ويجب أن تتوفر في المسحوب عليه أهلية التصرف في المبلغ المطلوب الذي يوفي به فإذا كان الموفي فاقد الأهلية بطل الوفاء، كذلك إذا قام المسحوب عليه بالوفاء بعد صدور الحكم بإفلاسه فإن هذا الوفاء لا يسري على جماعة الدائنين ويجب أن يقع الوفاء للدائن أو لنائبه فإذا حصل الوفاء لغير الدائن أو نائبه فلا تبرأ ذمة المدين.
محل الوفاء :
محل الوفاء هو المبلغ النقدي المبين بالسفتجة ويجب إيفاء الشيء المستحق نفسه ولا يجبر الدائن على قبول غيره وإن كان أعلى منه قيمة فإذا كان مبلغ السفتجة محدداً بعملة أجنبية غير تلك المتداولة في مكان الاستحقاق فإن للمسحوب عليه الخيار بين أن يدفع قيمة السفتجة بهذه العملة الأجنبية وبين أن يدفعها بالعملة المتداولة في مكان الوفاء على أساس سعرها في تاريخ الاستحقاق ويجوز للساحب عند تحديد المبلغ بالعملة الأجنبية أن يشترط أن يتم الوفاء بها فعلا وليس بغيرها وهذا الشرط جائز ومعتبر، ويجوز الوفاء الجزئي في السفتجة وذلك أن الوفاء الجزئي يحقق مصلحة الساحب وسائر المظهرين الذين يضمنون الوفاء وعلى الموفي أن يسترد السفتجة حين الوفاء بها تلافياً لمطالبته من شخص أخر حسن النية ظهرت له السفتجة.
المعارضة في الوفاء :
لا يجوز المعارضة في الوفاء إلا في حالتي الضياع والإفلاس ففي هاتين الحالتين أوجب القانون على المسحوب عليه أن يمتنع عن الوفاء بالسفتجة حتى يفصل القضاء بين الحامل المتقدم وبين من يدعي ملكية السفتجة وضياعها أما في حالة إفلاس الحامل فإن المعارضة في الوفاء تأتي من وكيل التفليسة فإذا لم يفعل وكيل التفليسة ذلك قام المسحوب عليه بالوفاء للحامل المفلس وأن وفاءه يكون صحيحاً مبرئاً للذمة. ولم يشترط القانون شكلا معيناً للمعارضة بالوفاء فيصح أن تتم المعارضة ببرقية أو بخطاب مسجل أو بخطاب عادي أو حتى شفاهة إلا أنه من الأفضل أن تتم المعارضة بالوفاء بالسفتجة عن طريق الكاتب العدل حتى يعفي نفسه من عبء إثبات المعارضة إذا أنكرها من وجهت إليه.
أثار الوفاء :
إذا تم الوفاء على الوجه الطبيعي من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي للسفتجة دون معارضة من أحد فقد انتهت حياة السفتجة، ويترتب على هذا الأثر الهام براءة ذمة سائر الموقعين عليها من ضمان الوفاء للحامل على وجه التضامن.
الوفاء بالسفتجة في حالة الفقدان أو السرقة :
إذا خرجت السفتجة عن حيازة المالك الشرعي لها بغير إرادته كما في حالتي الفقدان أو السرقة فأنه يتعرض لخطرين كبيرين، الأول أنه لن يستطيع أن يتقدم إلى المسحوب عليه مطالباً بالوفاء بعد أن فقد حيازة السفتجة، والثاني هو احتمال أن يتقدم من عثر عليها أو سرقها فيحصل على الوفاء، ولذلك فإن مصلحة المالك الشرعي أن يبادر بالمعارضة لدى المسحوب عليه حتى يمتنع عن الوفاء لمن يتقدم إليه بالسفتجة في ميعاد الاستحقاق.
ويجب التفريق في حالة الفقدان أو السرقة بين حالتين :
الحالة الأولى : عندما تكون السفتجة غير مقترنة بالقبول.
الحالة الثانية : إذا كانت السفتجة مقترنة بالقبول.
ففي الحالة الأولى يجوز لصاحبها التشبث باستيفائه بناء على إصدار نسخة ثانية أو ثالثة ... الخ. أما إذا كانت السفتجة مقترنة بالقبول فلا بد لصاحبها في هذه الحالة من مراجعة المحكمة للحصول على قرار بتحصيلها بعد تقديم كفالة يلتزم بموجبها بدفع قيمة السفتجة فيما إذا ظهر فيما بعد بأنه ليس مالكاً للسفتجة ويظل هذا الالتزام قائماً لمدة ثلاث سنوات. وإذا تنازع على ملكية السفتجة مالكها وحائزها فأنه يفضل مالك السفتجة على الحائز إذا كان الحائز سيئ النية سواء كان هو السارق أو من عثر عليها أو من تلقاها عنه مع علمه بواقعة السرقة، أما إذا كان الحائز حسن النية، كما إذا تلقى السفتجة بتظهير ظاهر الصحة من شخص كان يظن أنه الحامل الشرعي للسفتجة، وقد نص قانون التجارة الأردني على تفضيل الحامل حسن النية.
الامتناع عن الوفاء :
إذا امتنع المسحوب عليه عن الوفاء في موعد الاستحقاق ففي هذه الحالة يحق للحامل الرجوع على سائر الموقعين الذين يضمنون هذا الوفاء على وجه التضامن، ولكن يتوجب عليه قبل الرجوع أن يبدأ بإثبات امتناع المسحوب عليه إثباتا رسمياً بتحرير احتجاج يسمى احتجاج عدم الوفاء يتم توجيهه بواسطة الكاتب العدل. ويجوز للحامل الرجوع على سائر المظهرين قبل موعد استحقاق السفتجة في الحالات التالية :
1- إذا امتنع المسحوب عليه عن قبول السفتجة كلياً أو جزئياً.
2- إذا أفلس المسحوب عليه سواء كان قابلاً للسفتجة أو لا، أو إذا توقف عن الإيفاء أو إذا حجزت أمواله وفضل الحجز نظراً لعدم كفاية الأموال.
3- إذا أفلس الساحب وكانت السفتجة غير صالحة للقبول.
الرجوع بالسفتجة :
إذا لم يحصل حامل السفتجة على الوفاء من المسحوب عليه أو من الموفي بالواسطة فلا مفر له من الرجوع القضائي بالسفتجة على سائر الملتزمين بها حتى يحصل مقابل الوفاء. ومتى قام الحامل بتحرير البروتستو في الميعاد، جاز له بعد ذلك أن يباشر الرجوع، وللحامل حق الرجوع القضائي على جميع الموقعين دون مراعاة ترتيب معين في الرجوع على الملتزمين باعتبارهم جميعاً متضامنين في الوفاء.
أما موضوع الرجوع : فالحامل يستطيع أن يرجع على الملتزم بالضمان طالباً ما يلي :
1. مبلغ السفتجة مع الفوائد الاتفاقية إذا وجد نص بذلك.
2. الفوائد القانونية.
3. نفقات تحرير البروتستو والإشعارات.
أما إجراءات الرجوع : فهي إخطار الملتزمين بالضمان وبواقعة الامتناع ويجب إرسال إشعار بعدم القبول أو عدم الإيفاء إلى من ظهر له السند وإلى الساحب في أيام العمل الأربعة التي تلي يوم الاحتجاج.
السقوط والتقادم :
لقد رتب القانون على حامل السفتجة واجبات معينة عند حلول ميعاد الاستحقاق، ورتب على إهمال هذه الواجبات سقوط حقه في الضمان أما الواجبات التي يترتب عليها في حالة إهمال الحامل سقوط حقه فهي :
أولاً :
1. إذا لم يتقدم الحامل للمسحوب عليه بالسفتجة المستحقة الأداء لدى الإطلاع أو بعد مدة معينة من الإطلاع في طلب الوفاء أو طلب القبول خلال الميعاد المقرر في القانون، وهو في الأصل ميعاد سنة من تاريخ إنشاء السفتجة.
2. ويعتبر الحامل مهملا إذا لم يقم بتحرير بروتستو عدم القبول حين يكون تحريره واجباً في مدة محددة، كما هو الشأن بالنسبة للسفتجة المستحقة بعد مدة معينة من الإطلاع، ووجوب عرضها للقبول خلال سنة من تاريخ إنشائها، والسفتجة التي يشترط ساحبها عرضها للقبول في ميعاد معين فيجب على الحامل عرضها للقبول في الميعاد الذي حدده الساحب، فإذا رفض المسحوب عليه وجب على الحامل تحرير البروتستو خلال هذا الميعاد وإلا أعتبر مهملا.
3. كذلك يعتبر الحامل مهملا إذا لم يقم بتحرير البروتستو لعدم الوفاء في الميعاد القانوني وهو أحد يومي العمل التاليين ليوم الاستحقاق.
والسقوط مقرر مصلحة الملتزم بالضمان، ولذا فهو لا يتعلق بالنظام العام ويترتب على ذلك أنه يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً، ولا يحكم به القاضي من تلقاء نفسه بل لا بد أن يحتج به صاحب المصلحة فيه.
ثانياً : التقادم :
إلى جانب السقوط الذي قرره القانون لصالح الملتزمين لضمان الوفاء في مواجهة الحامل المهمل، وضع القانون تقادماً قصيراً خاصاً يستفيد منه سائر الملتزمين المصرفيين. وهذا التقادم القصير يستند إلى قرينة الوفاء. ويقصد بالتقادم مرور الزمن الذي يمنع من المطالبة أو الرجوع، إلا أن المنع من المطالبة بالسفتجة التي مضى عليها التقادم لا يمنع صاحب الحق من المطالبة بالدين الأصلي الذي من اجله أنشئت السفتجة، بل يظل الدين الأصلي قائماً يمكن المطالبة به خلال فترة التقادم العادي الطويل.
وقد حدد قانون التجارة الأردني في المادة (214 ) ثلاث مدد للتقادم فيما يتعلق بالحقوق الناتجة عن السفتجة وهذه الآجال هي :
1) تتقادم الحقوق على المسحوب عليه القابل بعد مضي خمس سنوات من تاريخ استحقاق السفتجة. وإذا كانت السفتجة مستحقة الوفاء بمجرد الإضلاع فتبدأ من تاريخ تقديمها مثلا للوفاء.
2) تتقادم الدعاوى التي يرفعها الحامل على الساحب والمظهرين بمرور سنتين من تاريخ تحرير الاحتجاج المقدم في المدة القانونية.
3) تتقادم دعاوى المظهرين بعضهم على بعض بعد مرور سنة تبدأ في اليوم الذي دفع فيه المظهر مبلغ السفتجة.
وينقطع التقادم الصرفي بصدور حكم، أو الاعتراف بالدين في صك مستقل أو بتسديد الملتزم جزءاً منه، وفي ذلك تنص المادة (215) من قانون التجارة " ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بالتقادم الصرفي من تلقاء نفسها، بل لا بد أن يتمسك به المدين، ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو أمام المحكمة الاستئنافية ".
سند الأمر ( السند الإذني )
أو الكمبيالة
كما ذكرنا سابقاً فإن السند الإذني أو سند الأمر ورقة تتضمن تعهد محررها بدفع مبلغ معين لإذن شخص أخر هو المستفيد بمجرد الإطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعين. ومن هذا التعريف يتبين بأن الكمبيالة أو سند الأمر هي ورقة ثنائية الأطراف ليس فيها إلا محرر يتعهد لمصلحة المستفيد بينما السفتجة ورقة ثلاثية الأطراف هم ساحب يصدر الأمر إلى المسحوب عليه ومستفيد يصدر الأمر لمصلحته. وهذا هو الفارق الجوهري بين السفتجة وسند الأمر. وحيث أن سند الأمر أبسط وأقل تعقيداً من السفتجة لذا فإن بيانات سند الأمر أقل من بيانات السفتجة أو تنقص عنها في بيان اسم المسحوب عليه وعند إنشاء الكمبيالة وسند الأمر أو السند الإذني فإنه لا بد من توفر البيانات التالية فيها :
1. شرط الأمر أو ذكر عبارة سند الأمر في نص السند نفسه وباللغة المستعملة في كتابة.
2. تعهد غير معلق على شرط بدفع مبلغ معين.
3. تاريخ الاستحقاق.
4. مكان الأداء.
5. اسم المستفيد.
6. تاريخ ومكان إنشاء السند.
7. إمضاء الشخص مصدر السند ( المحرر ) الموقّع.
أشارت المادة ( 225 ) من قانون التجارة الأردني إلى أن الأحكام المتعلقة بالسفتجة فيما يختص بتظهيرها واستحقاقها ووفائها والرجوع بسبب عدم الوفاء والاحتجاج والوفاء بالواسطة والصور والتحريف والتقادم وأيام العطل الرسمية وحساب المهل والمواعيد، وحظره منح المهل القضائية والحجز الاحتياطي تتبع جميعاً في سند الأمر وذلك كله بالقدر الذي لا يتعارض مع ماهيته، كما أشارت المادة ( 226 ) من قانون التجارة الأردني إلى أنه تسري على سند الأمر الأحكام المتعلقة بسند السحب المستحق الأداء في موطن أحد الأغيار أو أية جهة أخرى غير الجهة التي بها موطن المسحوب عليه واشتراط الفائدة والاختلاف في البيانات الخاصة بالمبلغ الواجب دفعة والنتائج المترتبة على التوقيع وعلى توقيع شخص لا صفة له أو شخص جاوز حدود نيابته.
وهذا التعداد الذي حاولت به المادتان المذكورتان أعلاه أن تحصر به مواضع الإحالة، إلا أنه باعتقادنا أن هذا التعداد هو على سبيل المثال لا الحصر. ومما سبق يتبين أن القواعد المطبقة في سند السحب أو السفتجة جميعها تطبق على سند الأمر، إلا ما كان منها يتعارض مع ماهية سند الأمر.
ضمانات الوفاء في سند الأمر :
حيث أن سند الأمر هو ورقة ثنائية الأطراف فإن هذا السند لا يحتاج إلى القبول ولا إلى مقابل الوفاء، وبالتالي فإن ضمانات الوفاء تنحصر في تضامن الموقعين والضمان الاحتياطي. وبالنسبة لوفاء الكمبيالة فإن ذات الأحكام التي تسري على وفاء السفتجة تطبق على سند الأمر من حيث أطراف الوفاء وزمانه ومكانه والمعارضة فيه وتقديم احتجاج عدم الوفاء.
تقادم سند الأمر :
تتقادم الدعوى على محرر سند الأمر بمضي خمس سنوات على تاريخ استحقاق السند الإذني أو سند الأمر كما تتقادم دعوى الحامل على المظهرين بعد مضي سنتين، أما دعاوى المظهرين بعضهم على بعض فتتقادم بمضي سنة واحدة.
نشأته :
الشيك أحدث الأوراق التجارية عهدا ومع ذلك فقد ذاع استعماله ذيوعاً كبيراً لا في المعاملات التجارية فحسب بل وفي المعاملات المدنية أيضاً ويشبه الشيك في شكله سند السحب أو السفتجه إذ يتضمن ثلاثة أشخاص هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد. وأصل كلمة الشيك مستمد من اللغة الإنجليزية من اصل كلمة check ومعناها راجع أو افحص أي أن واجب البنك أن يراجع حسابات العميل قبل صرف الشيك وفي اللغة الفرنسية تكتب cheque لها نفس المعنى باللغة الإنجليزية وقد بدأ استعمال الشيك في بريطانيا ومنها تسرب إلى البلاد الأخرى وأقدم قانون بحث في الشيك ونظم قواعده وهو قانون التجارة الهولندي الصادر عام 1838 ثم صدر القانون الفرنسي في 14 حزيران 1865 والقانون البلجيكي في 20 حزيران 1873 ومما هو جدير بالملاحظة أن قانون الشيك العثماني الذي أطلق عليه اسم قانون الشيك المؤقت صدر بإرادة السلطان محمد رشاد وقد ورثت سوريا ولبنان هذا القانون المؤقت عن الدولة العثمانية وبقى هذا القانون مطبقاً حتى صدور قانون التجارة الجديد الذي عالج أحكام الشيك مستمداً من القانون الموحد الذي أقر في جنيف عام 1931، وهكذا الحال في المملكة الأردنية الهاشمية إلى أن صدر قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 الذي تضمن أحكاماً خاصة بالشيك.
أما الأركان الموضوعية فهي التي يجب توافرها في كل العقود وتعتبر بمثابة أركان عامة ونكتفي بتعداد هذه الأركان دون الدخول في تفصيلاتها لأن محل هذه الدراسة هو القانون المدني الذي يضمن تفصيلا لهذه الأركان وهي 1) الأهلية 2) الرضا 3) المحل 4) السبب، وبإيجاز سريع نقول أن الأهلية يمكن تعريفها بأنها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق والالتزامات له وعليه، وسن الرشد بحسب القانون الأردني هو ثمانية عشر سنة وكل من بلغ هذه السن يعتبر راشداً وكامل الأهلية إلا إذا كان مصاباً بآفة عقلية أو جسمية تحد من أهليته كالجنون والعته والسفه والغفلة.
أما الرضا فهو صدور العقد عن طوع واختيار من الشخص بحيث تكون إرادته سليمة وغير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا وهي الغلط والتدليس والإكراه أما الركن الثالث وهو المحل وهو المعقود عليه والذي يجب أن يكون محلا ممكنا ومشروعاً. أما الركن الرابع وهو السبب إنما يعنى الغرض المباشر المطلوب من العقد ويجب أن يكون سبب العقد دائماً موجوداً وصحيحاً ومشروعاً وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة. هذه هي الأركان الموضوعية العامة.
أما الأركان الخاصة وهي ما يجب توافرها في الشيك بشكل خاص وهي التي يعبر عنها ببيانات الشيك وهذه سنأتي على ذكرها فيما بعد لأنه يجب أن نشير قبل ذلك إلى خصائص الشيك ووظائفه.
أ- يؤدي الشيك إلى إيداع النقود في المصارف بدلا من اكتنازها في الخزائن الخاصة وما قد تتعرض له من أخطار السرقة والضياع.
ب- أن الوفاء بطريق الشيك يعتبر بمثابة أداة إثبات عند المنازعة لما يتطلبه الوفاء به من إجراء بعض القيود الكتابية لدى المصارف قد يحتج بها عند الحاجة.
ج- يحقق الشيك ضماناً جدياً للحامل بالنظر لما يتوفر به من حماية جزائية أضفاها المشرع على الشيك لتدعيم الثقة به وحماية له من العبث والتلاعب.
د- يقلل الشيك من استعمال النقود الورقية والمعدنية تمشياً مع التطور المالي الذي طرأ في العالم بما يتطلبه من سرعة في التعامل واختصار للوقت وتوفيرا للجهد.
1- أن الشيك لا يسحب إلا على بنك فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمليات المصرفية.
2- أن الشيك هو أداة وفاء فقط يجب دفع قيمته بمجرد الإطلاع بينما لا تدفع قيمة سند السحب إلا في موعد استحقاقه الأمر الذي يجعل من سند السحب أداة وفاء وائتمان معاً.
3- يجب أن يكون للشيك مقابل وفاء قائم ومعد للدفع بمجرد إصدارة بينما لا يشترط وجود مقابل للوفاء في سند السحب إلا بتاريخ الاستحقاق.
4- لا يجوز تقديم الشيك للقبول لأنه بطبيعته أداة وفاء بخلاف سند السحب الذي يقدم للقبول قبل موعد الاستحقاق إلا إذا اشترط في متن سند السحب خلاف ذلك.
5- أن الشيك لا يشكل عملا تجارياً إلا إذا كان محرراً لغايات تجارية أما إذا كان قد جرى التعامل بالشيك لغايات مدنية فيكون إعطاء الشيك في هذه الحالة عملا مدنياً في حين يعتبر سند السحب وكذلك الكمبيالة عملا تجارياً. ومن الجدير بالذكر بان الأعمال التجارية تخضع لأحكام قانون التجارة في حين تخضع الأعمال المدنية لأحكام القانون المدني ولكل من الأحكام المدنية والأحكام التجارية قواعد خاصة يختلف كل منهما عن الآخر سواء من حيث قواعد الإثبات أو الإفلاس أو التقادم أو النفاذ المعجل أو إعطاء المهلة القضائية.
6- أن عدم وجود رصيد للشيك لدى المسحوب عليه يشكل جريمة جزائية أما في سند السحب فإن عدم وجود رصيد لدى المسحوب عليه لا يشكل جريمة جزائية.
أولاً : كلمة شيك مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها ويقصد بهذا البيان درء الخلط بين الشيك وبين سند السحب إذا كان الأخير مستحق الأداء لدى الإطلاع ومع ذلك فأنه إذا خلا السند من ذكر كلمة شيك وكان مظهره المتعارف عليه يدل على أنه شيك فأنه يظل شيكاً صحيحاً مرتباً لكافة الآثار القانونية المتعلقة به وفقاً لنص الفقرة ( د ) من المادة 229 من قانون التجارة الأردني.
ثانياً : أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود وهذا البيان يحتوى على ثلاثة شروط هي :
أ- أمر بالدفع ويرد هذا الأمر كما جرت العادة بالصيغة التالية:
( ادفعوا بموجب هذا الشيك ... ).
ب- أن يكون هذا الأمر غير معلق على شرط فإذا علق الأمر بأداء المبلغ المعين في الشيك على شرط معين فلا يعتبر شيكاً بالمعنى القانوني كما ورد في قرار محكمة التمييز رقم 44/72 سنة 1972 مجلة نقابة المحامين ( ص 760 ) أما إذا علق التظهير على شرط فإن هذا الشرط يعتبر كأن لم يكن مع بقاء الشيك على صفته القانونية.
ج- أن يكون الأمر بأداء قدر معين من النقود، ويتطلب ذلك أن يكون موضوع الأداء في الشيك نقوداً، وأن تكون هذه النقود محددة القيمة ومعينة تعييناً كافياً لا يكتنفها لبس أو جهالة فلا يجوز أن يذكر في الشيك عبارات مثل " ادفعوا ما يتوجب لي بذمتكم " أو " ادفعوا رصيد حسابي لديكم " وإن ذكر مبلغ الشيك يجب أن يكون بالأرقام والحروف وإذا اختلفت القيمة ما بين الأرقام والحروف فأنه لا يجوز الوفاء بالشيك من قبل المسحوب عليه إذ أنه لا يجوز إعمال القياس في هذه الحالة بين الشيك وسند السحب من حيث اعتماد المبلغ المذكور بالحروف بل الأفضل إعادة الشيك لاختلاف القيمة ما بين الأرقام والحروف.
ثالثاً : أسم من يلزمه الأداء " المسحوب عليه " :
يشترط في المسحوب عليه أن يكون مصرفاً عملا بالمادة 230/1 من قانون التجارة الأردني التي تنص على أنه "لا يجوز سحب الشيكات إلا على مصارف وأن الصكوك الصادرة في المملكة الأردنية المستحقة الوفاء فيها والمسحوب على غير المصارف في صورة شيكات لا تعتبر شيكات صحيحة" ولفظة المصرف تعنى جميع الأشخاص والمؤسسات المرخص لها بأعمال المصارف وفقاً لأحكام قانون البنوك وتعاقب المادة 275/2 من قانون التجارة كل من سحب شيكا على غير مصرف بغرامة لا تتجاوز خمسون ديناراً وقد أجاز القانون الأردني أن يكون الساحب والمسحوب عليه نفس الشخص عندما يكون الشيك مسحوباً من مؤسسة على أخرى كلتاهما للساحب نفسه وبشرط أن لا يكون الشيك لحاملة ( المادة 234/3 ) من قانون التجارة وقد قصد المشرع بهذا الشرط أن يمنع المصارف من إصدار شيكات لحاملها كي لا تستعمل كبديل للأوراق النقدية ( البنكنوت ) التي يختص بإصدارها البنك المركزي.
رابعاً : مكان الأداء :
إن ذكر مكان الأداء إنما يهدف إلى تعريف الحامل بمكان المسحوب عليه الذي يجب أن يقدم فيه الشيك للوفاء كما أنه يساعد على تحديد المحكمة ذات الاختصاص عند وقوع النزاع كما أنه يحدد القانون الواجب التطبيق في حالة تداول الشيك بين بلدان مختلفة كما يحدد عمله الوفاء عند وقوع التباس بشأنها.
على أنه لا يترتب على إغفال ذكر مكان الأداء بطلان الشيك بل يظل الشيك صحيحاً ومرتباً لآثاره القانونية وفي هذه الحالة يكون المكان الذي بجانب اسم المسحوب عليه هو مكان الدفع وإذا خلا الشيك من أي بيان لمكان الدفع فأنه يكون واجب الوفاء في المكان الذي يقع فيه المحل الرئيسي للمسحوب عليه.
خامساً : تاريخ ومكان إنشاء الشيك :
أن ذكر تاريخ إنشاء الشيك له أهمية كبيرة تتجلى فيما يلي :
أ. التحقق من أهلية الساحب.
ب. احتساب مواعيد التقادم.
ج. تعيين القانون الواجب التطبيق في حال تنازع القوانين من حيث الزمان.
د. معرفة فترة الريبة في حالة إفلاس الساحب وإصدار شيكات أثناء فترة الريبة.
ه. معرفة وجود رصيد للساحب لدى المسحوب عليه عند إنشاء الشيك.
ومن الجدير بالذكر بأن موضوع تاريخ الشيك تترتب عليه الأحكام التالية :
1. حالة كون الشيك لا يحمل تاريخاً على الإطلاق. وفي في هذه الحالة فإن الشيك يفقد صفته القانونية ولا يكون محلاً للحماية الجزائية، كما أنه لا يجوز للمستفيد أن يدون تاريخاً للشيك إذا تسلمه بدون تاريخ إلا إذا كان المستفيد مفوضاً بذلك خطياً ويشترط في هذه الحالة أن يكون التفويض معاصراً لتسليم الشيك أو يكون قبل إعطاء الشيك.
2. حالة ذكر تاريخ إنشاء على غير الحقيقة.
إن الصورية في الشيك أكثر ما ترد على تاريخ إنشائه والأصل أن الصورية لا تنهض سبباً لبطلان الشيك إلا إذا كان المقصود بها الغش والتحايل على أحكام القانون، والصورية في تاريخ الشيك تكون إما بتقديم تاريخه على خلاف الحقيقة وإما بتأخير تاريخه ويهدف الساحب من تقديم تاريخ الشيك إبعاده عن فترة الريبة أو لجعله سابقاً على قرار الحجز على الساحب كما يهدف الساحب بتأخير تاريخ الشيك التحايل على أحكام الأهلية، ومن المعروف أنه يجوز إثبات الصورية بالنسبة للغير بكافة طرق الإثبات أما إثباتها بين المتعاقدين فلا يجوز إلا بالأدلة الكتابية.
ولعل الغالب في أن الساحب يلجأ إلى تأخير تاريخ الشيك بقصد تمكين نفسه من إيجاد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه في التاريخ المستقبل المثبت في الشيك وهو ما يعرف بالشيكات الآجلة التي كانت سبباً في دمار سوق المناخ في الكويت وبالتالي فإنه لا يجوز تحويل الشيك عن وظيفته الحقيقية باعتباره أداة وفاء من خلال تأخير تاريخه لاستخدامه كأداة ائتمان لما في ذلك من تعطيل لمهمة الشيك الأساسية وقد اعتبر قانون التجارة الأردني الشيك صحيحاً ومنتجاً لكافة أثاره القانونية مرتبا للحماية الجزائية ولو تم تأخير تاريخه، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 245 من قانون التجارة بقولها ( يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كان لم يكن وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره واجب الوفاء في يوم تقديمه ).
كما تعاقب المادة ( 275/6) من قانون التجارة بغرامة لا تتجاوز 50 ديناراً كل من يثبت في الشيك تاريخا غير صحيح ويحكم بالغرامة نفسها على المظهر الأول للشيك أو حاملة إذا كتب في الشيك تاريخا لاحقا لتاريخ تظهيره أو تقديمه.
سادساً : توقيع الساحب :
أن توقيع الساحب هو بيان إلزامي ضروري لكي يكتسب الصك صفة الشيك وأن فقدان الشيك لهذا البيان يسلخ عنه صفته القانونية كشيك ويجوز أن يتم التوقيع بخط اليد أو بالخاتم أو ببصمة الإصبع وفي هذا بعض التفصيل.
بالنسبة للتوقيع بخط اليد فقط جرت العادة أن البنوك عندما تفتح حسابات لعملائها فأنها تعمد إلى أخذ عدة نماذج من توقيع صاحب الحساب لتتمكن من مضاهاتها على التوقيع الموجود على الشيك عند تقديمه للوفاء وفي هذه الحالة يجب أن يكون توقيع الساحب مطابقاً للنماذج الموجودة لدى البنك وعلى البنك أن يتأكد من صحة توقيع عميله الذي يجب أن يكون مطابقاً للنماذج المحفوظة لدى البنك.
فإذا خالف البنك ذلك كان مسؤولاً أمام العميل عن صرف الشيكات التي لا يتطابق فيها توقيع العميل مع نموذج توقيعه المحفوظ لدى البنك إلا أنه لا يلزم البنك في هذا التحقق بما يلزم به خبير في تحقيق الخطوط بل يكفيه أن يبذل في المضاهاة ما ينتظر من موظف للبنك مخصص لذلك وله خبرة في العملية.
أما إذا كان توقيع العميل بالختم أو البصمة فأنه يجب التنبيه في هذه الحالة إلى أن الختم أو البصمة يجب أن تكون مقترنة بشهادة شاهدين عالمين بالختم أو البصمة كما يجب التنبيه هنا بأنه يجب على البنوك أن لا تقبل الشيكات الموقعة بالختم أو البصمة إلا بعد حضور العميل شخصياً أمام موظف البنك المختص والتوقيع أمامه ذلك أن الختم والبصمة يسهل تزويرهما مما يعرض البنك لمخاطر في حالة الوفاء بشيك موقع بالختم أو البصمة دون التأكد من حضور العميل لأن الختم والبصمة لا يمكن مضاهاتهما أو التحقق من صحتهما من قبل موظف البنك.
1- أن لا يكون الشيك لحامله، فإذا كان الشيك لحاملة امتنع سحبه على عدة نسخ لأنه عند وفائه لا يستطيع المسحوب عليه معرفة الشخص الذي تكون بيده النسخ الأخرى.
2- أن يوضع في متن كل نسخة من نسخ الشيك رقمها وإلا اعتبرت كل نسخة منها شيكاً مستقلاً.
3- أن يكون مسحوباً من قطر ومستحق الوفاء في قطر أخر.
ويعتبر وفاء الشيك بمقتضى إحدى نسخه مبرئاً للذمة إلا أن المسحوب عليه يبقى ملتزما بالوفاء بمقتضى كل نسخة مصدقة منه ولم يستردها عند الوفاء في إحدى النسخ.
1. لشخص مسمى مع النص صراحة على شرط الأمر أو بدونه.
2. لشخص مسمى مع ذكر شرط ليس لأمر.
3. لحامل الشيك.
أما النوع الأول أي الذي يصدر لشخص مسمى فإنه يكون قابلا للانتقال بطريقة التظهير سواء تضمن كلمة لأمر أم لم يتضمنها. أما النوع الثاني وهو الذي يتضمن أداءه لشخص مسمى مع ذكر شرط وليس لأمر فلا تنتقل ملكية الشيك في مثل هذه الحالة إلا بطريق الحوالة المدنية ومثل هذا الشرط يضعه الساحب لضمان عدم الوفاء بقيمته إلا للشخص المستفيد الذي استلم الشيك مقترنا بهذا الشرط أما النوع الثالث وهو الشيك لحامله فأنه ينتقل بطريق التسليم ويعتبر الشيك في هذه الحالة بمثابة النقود وإذا اقترن الشيك على اسم المستفيد مع ذكر عبارة أو لحاملة فأن الشيك يعتبر في مثل هذه الحالة شيكاً لحاملة.
والتظهير معناه توقيع حامل الشيك على ظهر الشيك ومن هنا جاءت هذه الكلمة إما التوقيع على وجه الشيك إنما يعني التزام الموقع مع الساحب والتظهير يكون على ثلاثة أنواع :
الأول : تظهير ناقل للملكية وهو الذي تنتقل بموجبه ملكية الشيك من المظهر إلى المظهر إليه.
الثاني : التظهير التوكيلي وهو الذي لا تنتقل ملكية الحق الثابت بالشيك إلى المظهر إليه وإنما يعني التفويض بتحصيل قيمة الشيك ليس إلا ورد ما يتم تحصيله إلى المظهر ويد المظهر إليه تكون على الشيك في هذه الحالة يد الأمين ولا يجوز تظهير الشيك تظهيراً تأمينياً مثل باقي الأوراق التجارية لأن طبيعة الشيك كأداة وفاء تتنافى مع تظهيره تظهيرا تأمينياً إلا أنه في واقع الحال وفي ضوء التطبيق العملي فقد جرت العادة على إعطاء شيكات مؤجلة التاريخ ترفق مع الكمبيالات التي تخصمها البنوك لتكون ضماناً لتسديد تلك الكمبيالات. والتظهير إما أن يكون على بياض وفي هذه الحالة يعتبر الشيك بمثابة شيك للحامل إذ ينتقل من شخص إلى شخص بالمناولة، والتسليم كما قد يكون التظهير اسمياً كأن يقال وعني لأمر السيد فلان وفي هذه الحالة فإن الحامل الأخير يجب أن يكون هو الشخص المسمى بموجب التظهير أو أن يكون هذا الشخص ظهر الشيك لشخص آخر، والتظهير يجب أن يكون بكامل قيمة الشيك ذلك أن التظهير الجزئي يعتبر تظهيراً باطلا. كما يجب أن يكون التظهير غير معلق على شرط وكل شرط علق عليه التظهير يعتبر كأن لم يكن أي أن الشرط يلغى في هذه الحالة والتظهير إلى المسحوب عليه يعتبر من قبيل المخالصة كما يجوز أن يكون التظهير مؤرخاً أو غير مؤرخ فإذا كان مؤرخا فأنه لا يجوز تقديم تاريخ التظهير فإن حصل ذلك فأنه يعد تزويراً.
وفاء الشيك :
الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ إصداره فإنه واجب الوفاء في يوم تقديمه، ومكان الوفاء هو المكان الذي يذكر بجانب اسم المسحوب عليه وإذا لم يذكر مكان الأداء فإنه يكون واجب الأداء في المركز الرئيسي للمسحوب عليه ويجب أن يتم الوفاء بالنقود المبينة بالشيك نوعا ومقداراً إلا إذا كانت العملة غير متداولة في الأردن فأنه يجوز للمسحوب عليه أن يوفي بالعملة الأردنية وفقاً لأحكام المادة 254 من قانون الشيك والأصل أن يتم الوفاء بكامل قيمة الشيك إلا أن القانون أجاز للمسحوب عليه الوفاء الجزئي، هذا ومن الجدير بالذكر أنه يجوز للساحب معارضة المسحوب عليه في وفاء الشيك وذلك في حالتي ضياع الشيك أو سرقته أو إفلاس حامله كما يجوز للساحب المعارضة في غير تلك الحالات إلا أن مثل هذه المعارضة تعتبر غير قانونية ويجوز للحامل مراجعة المحكمة من أجل رفع تلك المعارضة.
فإذا أوفى المسحوب عليه قيمة الشيك فإنه يحصل على مخالصة من حامله الأخير وفي هذه الحالة تعتبر ذمة المسحوب عليه بريئة من المطالبة، وبالوفاء الصحيح تنتهي حياة الشيك.
تقادم الشيك :
نصت المادة 271 من قانون التجارة الأردني على ما يلي :
1- تسقط بالتقادم دعوى حامل الشيك تجاه المسحوب عليه بمضي خمس سنوات محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء.
2- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع الحامل على المظهرين والساحبين والملتزمين الآخرين بمضي ستة شهور محسوبة من تاريخ انقضاء ميعاد التقديم.
3- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع مختلف الملتزمين بوفاء الشيك بعضهم تجاه البعض بمضي ستة شهور محسوبة من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم.
4- ولا تسقط بمضي المواعيد المتقدمة الدعوى على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم سحبه كلاً أو بعضا والتقادم يعتبر قرينة على الوفاء ويشترط لسقوط الحق بالتقادم الصرفي ما يلي :
أ- أن يكون هناك شيك صحيح مستجمع لشروط صحته من حيث الشكل والموضوع.
ب- أن تكون الحقوق والالتزامات ناشئة مباشرة عن إصدار الشيك أما أصل الحق فلا يسقط إلا بالتقادم الطويل وهو خمسة عشر عاما إذ أنه يجوز للدائن المطالبة بالدين الأصلي ما دام أنه لم ينقض بالتقادم العادي ولو انه انقضي حقه بالتقادم الصرفي، وغني عن البيان أن التقادم ينقطع في بعض الحالات كما يقف في حالات أخرى وهذه الأحكام المتعلقة بانقطاع التقادم ووقفه إنما محلها القانون المدني ولا حاجة لتفصيلها في هذا المجال.
الطوابع :
أن قانون رسوم الطوابع قد أوجب في الجدول رقم (1) الملحق بالقانون ضرورة استيفاء رسم مقطوع على الشيكات المسحوبة على الشركات والمؤسسات العامة بمقدار خمسين فلس على كل ورقة شيك أما شيكات الأفراد فهي معفاة من رسوم طوابع الواردات وفقاً للجدول رقم (2) الملحق بقانون رسوم طوابع الواردات.
إصدار الشيك المصدق أو إنشاؤه :
لا يختلف الشيك المصدق عن غيره من الشيكات فهو يتضمن نفس البيانات التي أشارت إليها المادة ( 228) من قانون التجارة الأردني فهو يتطلب ضرورة توفر البيانات التالية فيه :
1- ذكر كلمة شيك في متن السند وباللغة التي كتب بها.
2- أداء مبلغ من النقود.
3- اسم المسحوب عليه الذي يجب أن يكون مصرفا.
4- تاريخ إنشاء الشيك ومكانه.
5- مكان أداء الشيك.
6- توقيع الساحب.
وبالإضافة لتلك البيانات فتطبق عليه نفس أحكام التداول فهو ينتقل بطريق التظهير بنوعيه :
أ- التظهير الناقل للملكية.
ب- التظهير التوكيلي.
هذا كله إذا لم يرد في صلب الشيك ما يمنع تظهيره كذكر عبارة لا يصرف إلا للمستفيد أو عبارة ( ادفعوا ليس لأمر ) وأن الشيكات لا تعرف التظهير التأميني كبقية الأوراق التجارية كما سبق إيضاحه. وكذلك فإن الشيك المصدق يخضع لذات الأحكام المتعلقة بالتقادم.
ولا حاجة لتفصيل جميع الأحكام المتعلقة بالشيكات وإنما سنكتفي بالأحكام التي تنفرد بها الشيكات المصدقة وفق ما يجري عليه العمل والعرف المصرفي وأهم هذه الأحكام ما يلي :
أن الشيك المصدق لا يصدره البنك بمحض أرادته إذ لا يوجد لهذا النوع من الشيكات نماذج خاصة وشائعة في التعامل وإنما يصدر الشيك المصدق بناء على طلب خطي يقدمه العميل إلى البنك الذي يتعامل معه ويتضمن هذا الطلب على وجه الخصوص الأمور التالية :
أ. طلب اعتماد الشيك من قبل البنك الذي يتعامل معه الساحب.
ب. تضمين الشيك عبارة المستفيد الأول منعا لتداول هذا الشيك وانتقاله من شخص إلى أخر.
ج. بيان رقم الشيك وتاريخه وقيمته.
د. تفويض البنك بقيد قيمة الشيك على حساب طالب إصدار الشيك المصدق.
ه. تحويل قيمة الشيك المصدق إلى حساب خاص لهذه الغاية يسمى حساب شيكات مصدقة.
ومن خلال هذه الإجراءات والقيود على إصدار الشيكات المصدقة نلاحظ بأن تلك الشيكات تتميز بإحكام وصفات خاصة بها تختلف بعض الشيء عن الشيكات العادية بحيث تجعل الشيكات المصدقة أقرب إلى الكفالة ذلك أن البنك بمجرد تصديقه أو اعتماده للشيك فأنه يصبح ملزما بوفاء قيمته إلى المستفيد ويعتبر بمثابة الضامن الاحتياطي للشيك ولا يجوز للبنك التحلل من التزامه لأي سبب من الأسباب ويظل التزامه قائماً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلا. ومن هنا تأتي قوة الشيك المصدق في الوفاء وهذا هو مبعث الثقة فيه ولهذا فإن إطلاقه في التداول يجعل منه شبيها بورقة البنكنوت أي العملة النقدية ومن هنا تأتي خطورة قابلية الشيك المصدق للتظهير إذ أن ذلك من شأنه أن يجعل من البنوك جهة قادرة على خلق النقود مع أن هذه الوظيفة هي حصرا من واجبات الدولة دون غيرها من الجهات، الأمر الذي يستدعي سرعة تدخل المشرع في إصدار النصوص القانونية التي تنظم إجراءات إصدار وشروط وأحكام الشيكات المصدقة.
ويمكن القول بأن الشيك المصدق قد فرض وجوده في التعامل فاصبح شيئاً من الأمر الواقع التي لا تستطيع البنوك الاستغناء عن اتباع هذا الأسلوب كمنهج لعملها كما لا تستطيع تجاهل هذا الواقع لأن مبدأ المنافسة ما بين البنوك يحتم على كل منها اتباع كل ما هو جديد وما ييسر العمل ويجتذب المزيد من جمهور المتعاملين مع البنوك وكل منها يسعى بوسائله الخاصة على تحقيق كل الوسائل والإمكانات التي تسهل التعامل المصرفي وتحقق السرعة واليسر عن طريق تقديم الخدمات الفضلى للعملاء وسرعان ما يشيع عمل البنوك وينتشر ويستقر بحيث يصبح عرفا أو عادة تشكل قاعدة ملزمة للبنوك، وأن الشيك المصدق وإن كان لا يمكن الجزم بأنه قد اصبح قاعدة عرفية بالمعنى القانوني لأنه حديث العهد ولم يستقر بعد في التعامل كما أنه يتعارض مع النصوص القانونية الصريحة إلا أنه إذا صح التعبير فانه يجوز لنا أن تقول بأن الشيك المصدق قد دخل الساحة المصرفية دون سمة دخول أو جواز سفر وبالتالي فإن بقاء إقامته ومشروعية هذه الإقامة تظل قلقة غير ثابتة. ولإضفاء صفة المشروعية فإنه لا بد من صدور قواعد قانونية تنظم أحكام الشيك المصدق أو صدور اجتهادات قضائية ترسخ وجود الشيك المصدق وتزيل عنه الغموض والإبهام، لهذا فإن المشاكل التي سنعرضها تاليا تظل محل تساؤل واستفهام حتى يصدر بشأنها تشريع أو حكم قضائي ويمكن عرض أهم المشاكل التي يمكن أن تثور بخصوص الشيك المصدق بما يلي :
1. هل تجوز معارضة الساحب في وفاء الشيك المصدق بسبب ضياعه أو إفلاس حاملة ؟ والإجابة تظل حائرة حول هذا السؤال وتتوقف على مدى اعتبار الشيك المصدق شيكا بالمعنى القانوني أم أنه بمثابة كفالة من البنك يلتزم بموجبها بوفاء قيمة الشيك للمستفيد فإذا غلبنا الصفة الأخيرة فإنه يمكن القول بأنه لا تجوز معارضة الساحب في وفاء الشيك بسبب ضياعه أو سرقته أما إذا اعتبرناه شيكا بالمعنى المقصود فإن المعارضة في هذه الحالة جائزة ومقبولة ويجب على البنك الاستجابة لها.
2. أما المسألة الثانية فهي هل يجوز حجز قيمة الشيك المصدق من قبل الغير كدائن الساحب أو دائن المستفيد ؟ وهذه المسألة أيضا تتوقف على تحديد ماهية الشيك المصدق فإذا رجحنا القول بأن قيمة الشيك أصبحت حقا خالصا للمستفيد الأول فأنه بهذه الحالة يمكن لدائني المستفيد الحجز على قيمة هذا الشيك لا سيما إذا كان صادرا لأمر المستفيد الأول حيث انه بهذه الصفة لا يمكن انتقاله من شخص لأخر وإنما يعتبر ملكا خالصا للمستفيد وبالتالي يسلم دائن المستفيد من خطر تظهيره إلى شخص أخر لتحصينه من الدفوع تحت قاعدة التظهير يطهر الدفوع أما الحجز من قبل دائن الساحب فأنه لا يجوز في كل الأحوال.
3. هل الشيك المصدق يخضع للمواعيد المحددة للتقديم التي حددها قانون التجارة بثلاثين يوما من تاريخ إنشاء الشيك بالنسبة للشيكات المسحوبة في الأردن والواجبة الوفاء فيه ؟ وهل يخضع الشيك المصدق أيضاً لأحكام التقادم الخاصة بالشيك وهو التقادم القصير؟
4. هل يجوز رهن الشيك المصدق ضمانا لدين على المستفيد قياسا على ما هو متبع في رهن الديون أو رهن السندات ؟
وعلى أية حال تظل تلك الأسئلة بلا إجابة شافية وقاطعة كما تبقى محل خلاف في وجهات النظر طالما بقيت النصوص القانونية غائبة وطالما لم يصدر بشأنها اجتهاد قضائي يرسم الطريق ويحدد معالم الشيك المصدق مما يقطع الشك باليقين وبما يمنع الجدل الفقهي حول تلك المسائل العائمة.
طبيعة الشيك السياحي :
اختلفت الآراء في تحديد طبيعة الشيك السياحي في الناحية الجزائية وفي الناحية المدنية فقال البعض أن الشيك السياحي يعتبر شيكا كاملا ولو كان مسحوبا على فروع البنك الذي أصدره وبالتالي فإن مثل هذا الشيك يخضع لأحكام جريمة إصدار الشيك بدون رصيد إلا أن البعض الأخر وهو الرأي الأغلب فأنه يستبعد الشيك السياحي من صفته كشيك حيث لا يتضمن هذا النوع من الشيكات تاريخ السحب ومكان الإصدار واسم المسحوب عليه وعلى أية حال فإن الشيك السياحي يظل ورقة هامة ابتكرها العرف وأقر أحكامها بعيدا عن الأحكام التي وصفها التشريع للأوراق التجارية.
وإجابة على ذلك فإنه من الرجوع إلى نص الفقرة (8) من المادة ( 256 ) نجد أنها تنص على ما يلي : ( " ويعد كأن لم يكن كل شطب للتسطير أو لاسم المصرف المعين " ) ومن هذا النص يتبين عدم جواز شطب التسطير من قبل أي شخص كان، إلا أن أراء الفقهاء تميل إلى جواز إلغاء التسطير العام إذا كان هذا التسطير موضوع بمعرفة الساحب إذ يمكن للساحب نفسه أن يقوم بإلغائه بذكر عبارة ملغى مقترنة بتوقيع الساحب الكامل طبقاً للنموذج المحفوظ لدى البنك ولعل هذا الرأي هو الأرجح.
وإذا لم يراع المصرف المسحوب عليه الأحكام المتعلقة بالتسطير فأنه يكون ملتزماً بتعويض الضرر بقدر لا يجاوز قيمة الشيك.
1. شرط الأمر أو ذكر عبارة سند الأمر في نص السند نفسه وباللغة المستعملة في كتابة.
2. تعهد غير معلق على شرط بدفع مبلغ معين.
3. تاريخ الاستحقاق.
4. مكان الأداء.
5. اسم المستفيد.
6. تاريخ ومكان إنشاء السند.
7. إمضاء الشخص مصدر السند ( المحرر ) الموقّع.
تطبيق قواعد السفتجة على سند الأمر :
أشارت المادة ( 225 ) من قانون التجارة الأردني إلى أن الأحكام المتعلقة بالسفتجة فيما يختص بتظهيرها واستحقاقها ووفائها والرجوع بسبب عدم الوفاء والاحتجاج والوفاء بالواسطة والصور والتحريف والتقادم وأيام العطل الرسمية وحساب المهل والمواعيد، وحظره منح المهل القضائية والحجز الاحتياطي تتبع جميعاً في سند الأمر وذلك كله بالقدر الذي لا يتعارض مع ماهيته، كما أشارت المادة ( 226 ) من قانون التجارة الأردني إلى أنه تسري على سند الأمر الأحكام المتعلقة بسند السحب المستحق الأداء في موطن أحد الأغيار أو أية جهة أخرى غير الجهة التي بها موطن المسحوب عليه واشتراط الفائدة والاختلاف في البيانات الخاصة بالمبلغ الواجب دفعة والنتائج المترتبة على التوقيع وعلى توقيع شخص لا صفة له أو شخص جاوز حدود نيابته.
وهذا التعداد الذي حاولت به المادتان المذكورتان أعلاه أن تحصر به مواضع الإحالة، إلا أنه باعتقادنا أن هذا التعداد هو على سبيل المثال لا الحصر. ومما سبق يتبين أن القواعد المطبقة في سند السحب أو السفتجة جميعها تطبق على سند الأمر، إلا ما كان منها يتعارض مع ماهية سند الأمر.
ضمانات الوفاء في سند الأمر :
حيث أن سند الأمر هو ورقة ثنائية الأطراف فإن هذا السند لا يحتاج إلى القبول ولا إلى مقابل الوفاء، وبالتالي فإن ضمانات الوفاء تنحصر في تضامن الموقعين والضمان الاحتياطي. وبالنسبة لوفاء الكمبيالة فإن ذات الأحكام التي تسري على وفاء السفتجة تطبق على سند الأمر من حيث أطراف الوفاء وزمانه ومكانه والمعارضة فيه وتقديم احتجاج عدم الوفاء.
تقادم سند الأمر :
تتقادم الدعوى على محرر سند الأمر بمضي خمس سنوات على تاريخ استحقاق السند الإذني أو سند الأمر كما تتقادم دعوى الحامل على المظهرين بعد مضي سنتين، أما دعاوى المظهرين بعضهم على بعض فتتقادم بمضي سنة واحدة.
الشيك
نشأته :
الشيك أحدث الأوراق التجارية عهدا ومع ذلك فقد ذاع استعماله ذيوعاً كبيراً لا في المعاملات التجارية فحسب بل وفي المعاملات المدنية أيضاً ويشبه الشيك في شكله سند السحب أو السفتجه إذ يتضمن ثلاثة أشخاص هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد. وأصل كلمة الشيك مستمد من اللغة الإنجليزية من اصل كلمة check ومعناها راجع أو افحص أي أن واجب البنك أن يراجع حسابات العميل قبل صرف الشيك وفي اللغة الفرنسية تكتب cheque لها نفس المعنى باللغة الإنجليزية وقد بدأ استعمال الشيك في بريطانيا ومنها تسرب إلى البلاد الأخرى وأقدم قانون بحث في الشيك ونظم قواعده وهو قانون التجارة الهولندي الصادر عام 1838 ثم صدر القانون الفرنسي في 14 حزيران 1865 والقانون البلجيكي في 20 حزيران 1873 ومما هو جدير بالملاحظة أن قانون الشيك العثماني الذي أطلق عليه اسم قانون الشيك المؤقت صدر بإرادة السلطان محمد رشاد وقد ورثت سوريا ولبنان هذا القانون المؤقت عن الدولة العثمانية وبقى هذا القانون مطبقاً حتى صدور قانون التجارة الجديد الذي عالج أحكام الشيك مستمداً من القانون الموحد الذي أقر في جنيف عام 1931، وهكذا الحال في المملكة الأردنية الهاشمية إلى أن صدر قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 الذي تضمن أحكاماً خاصة بالشيك.
أركان الشيك :
إن أركان الشيك تنقسم إلى نوعين (1) أركان موضوعية (2) أركان شكلية.أما الأركان الموضوعية فهي التي يجب توافرها في كل العقود وتعتبر بمثابة أركان عامة ونكتفي بتعداد هذه الأركان دون الدخول في تفصيلاتها لأن محل هذه الدراسة هو القانون المدني الذي يضمن تفصيلا لهذه الأركان وهي 1) الأهلية 2) الرضا 3) المحل 4) السبب، وبإيجاز سريع نقول أن الأهلية يمكن تعريفها بأنها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق والالتزامات له وعليه، وسن الرشد بحسب القانون الأردني هو ثمانية عشر سنة وكل من بلغ هذه السن يعتبر راشداً وكامل الأهلية إلا إذا كان مصاباً بآفة عقلية أو جسمية تحد من أهليته كالجنون والعته والسفه والغفلة.
أما الرضا فهو صدور العقد عن طوع واختيار من الشخص بحيث تكون إرادته سليمة وغير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا وهي الغلط والتدليس والإكراه أما الركن الثالث وهو المحل وهو المعقود عليه والذي يجب أن يكون محلا ممكنا ومشروعاً. أما الركن الرابع وهو السبب إنما يعنى الغرض المباشر المطلوب من العقد ويجب أن يكون سبب العقد دائماً موجوداً وصحيحاً ومشروعاً وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة. هذه هي الأركان الموضوعية العامة.
أما الأركان الخاصة وهي ما يجب توافرها في الشيك بشكل خاص وهي التي يعبر عنها ببيانات الشيك وهذه سنأتي على ذكرها فيما بعد لأنه يجب أن نشير قبل ذلك إلى خصائص الشيك ووظائفه.
خصائص الشيك ووظائفه :
لعله غني عن البيان أن نذكر بأن الشيك يلعب دوراً هاماً في حياتنا الاقتصادية وفي معاملاتنا المالية نظراً لما يحققه الشيك من مزايا عديدة باعتباره أداة من أدوات السوق المصرفي فهو يؤدي وظائف هامة في التعامل منها دوره في تسهيل التعامل بين الأفراد وسرعة تسوية الديون كما انه يستعمل كأداة للوفاء تحل محل النقود وتقوم مقامها لكونه مستحق الأداء لدى الإطلاع، وللوفاء بطريق الشيك مميزات عديدة نجملها بما يلي :أ- يؤدي الشيك إلى إيداع النقود في المصارف بدلا من اكتنازها في الخزائن الخاصة وما قد تتعرض له من أخطار السرقة والضياع.
ب- أن الوفاء بطريق الشيك يعتبر بمثابة أداة إثبات عند المنازعة لما يتطلبه الوفاء به من إجراء بعض القيود الكتابية لدى المصارف قد يحتج بها عند الحاجة.
ج- يحقق الشيك ضماناً جدياً للحامل بالنظر لما يتوفر به من حماية جزائية أضفاها المشرع على الشيك لتدعيم الثقة به وحماية له من العبث والتلاعب.
د- يقلل الشيك من استعمال النقود الورقية والمعدنية تمشياً مع التطور المالي الذي طرأ في العالم بما يتطلبه من سرعة في التعامل واختصار للوقت وتوفيرا للجهد.
تعريف الشيك :
لقد خلت معظم القوانين العربية من تعاريف للشيك وكذلك فعل القانونان السوري والمصري اللذان استمدا أحكامهما من القانون الفرنسي غير أن قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 أورد تعريفاً للشيك في المادة 123/ج حيث نص على ( أن الشيك هو محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن أمراً صادر من شخص هو الساحب إلى شخص أخر يكون مصرفاً وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمر أو لحامل الشيك وهو المستفيد مبلغا معينا بمجرد الاطلاع على الشيك ) ومن هذا التعريف نجد أن الشيك يتشابه من حيث الشكل بسند السحب ( السفتجه ) إذ أنه يتضمن وجود أطراف ثلاثة الساحب والمسحوب عليه والمستفيد أو الحامل، كما أنه يفترض وجود علاقتين قانونيتين، الأولى علاقة سابقة بين الساحب والمسحوب عليه تسمى بدين المؤونة (أو الرصيد) والثانية علاقة سابقة بين الساحب والمستفيد وتسمى بوصول القيمة إلا أن الشيك يفترق عن سند السحب في أمور عديدة أهمها :1- أن الشيك لا يسحب إلا على بنك فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمليات المصرفية.
2- أن الشيك هو أداة وفاء فقط يجب دفع قيمته بمجرد الإطلاع بينما لا تدفع قيمة سند السحب إلا في موعد استحقاقه الأمر الذي يجعل من سند السحب أداة وفاء وائتمان معاً.
3- يجب أن يكون للشيك مقابل وفاء قائم ومعد للدفع بمجرد إصدارة بينما لا يشترط وجود مقابل للوفاء في سند السحب إلا بتاريخ الاستحقاق.
4- لا يجوز تقديم الشيك للقبول لأنه بطبيعته أداة وفاء بخلاف سند السحب الذي يقدم للقبول قبل موعد الاستحقاق إلا إذا اشترط في متن سند السحب خلاف ذلك.
5- أن الشيك لا يشكل عملا تجارياً إلا إذا كان محرراً لغايات تجارية أما إذا كان قد جرى التعامل بالشيك لغايات مدنية فيكون إعطاء الشيك في هذه الحالة عملا مدنياً في حين يعتبر سند السحب وكذلك الكمبيالة عملا تجارياً. ومن الجدير بالذكر بان الأعمال التجارية تخضع لأحكام قانون التجارة في حين تخضع الأعمال المدنية لأحكام القانون المدني ولكل من الأحكام المدنية والأحكام التجارية قواعد خاصة يختلف كل منهما عن الآخر سواء من حيث قواعد الإثبات أو الإفلاس أو التقادم أو النفاذ المعجل أو إعطاء المهلة القضائية.
6- أن عدم وجود رصيد للشيك لدى المسحوب عليه يشكل جريمة جزائية أما في سند السحب فإن عدم وجود رصيد لدى المسحوب عليه لا يشكل جريمة جزائية.
بيانات الشيك الإلزامية :
لعل الواجب يقتضي منا أن نتعرض للبيانات التي ينبغي أن يتضمنها الشيك كي يعتبر كذلك، حتى إذا تخلف بعض هذه البيانات عن الشيك فأنه يفقد صفته كشيك بالمعنى القانوني وقد عددت المادة 228 من قانون التجارة الأردني هذه البيانات بما يلي :أولاً : كلمة شيك مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها ويقصد بهذا البيان درء الخلط بين الشيك وبين سند السحب إذا كان الأخير مستحق الأداء لدى الإطلاع ومع ذلك فأنه إذا خلا السند من ذكر كلمة شيك وكان مظهره المتعارف عليه يدل على أنه شيك فأنه يظل شيكاً صحيحاً مرتباً لكافة الآثار القانونية المتعلقة به وفقاً لنص الفقرة ( د ) من المادة 229 من قانون التجارة الأردني.
ثانياً : أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود وهذا البيان يحتوى على ثلاثة شروط هي :
أ- أمر بالدفع ويرد هذا الأمر كما جرت العادة بالصيغة التالية:
( ادفعوا بموجب هذا الشيك ... ).
ب- أن يكون هذا الأمر غير معلق على شرط فإذا علق الأمر بأداء المبلغ المعين في الشيك على شرط معين فلا يعتبر شيكاً بالمعنى القانوني كما ورد في قرار محكمة التمييز رقم 44/72 سنة 1972 مجلة نقابة المحامين ( ص 760 ) أما إذا علق التظهير على شرط فإن هذا الشرط يعتبر كأن لم يكن مع بقاء الشيك على صفته القانونية.
ج- أن يكون الأمر بأداء قدر معين من النقود، ويتطلب ذلك أن يكون موضوع الأداء في الشيك نقوداً، وأن تكون هذه النقود محددة القيمة ومعينة تعييناً كافياً لا يكتنفها لبس أو جهالة فلا يجوز أن يذكر في الشيك عبارات مثل " ادفعوا ما يتوجب لي بذمتكم " أو " ادفعوا رصيد حسابي لديكم " وإن ذكر مبلغ الشيك يجب أن يكون بالأرقام والحروف وإذا اختلفت القيمة ما بين الأرقام والحروف فأنه لا يجوز الوفاء بالشيك من قبل المسحوب عليه إذ أنه لا يجوز إعمال القياس في هذه الحالة بين الشيك وسند السحب من حيث اعتماد المبلغ المذكور بالحروف بل الأفضل إعادة الشيك لاختلاف القيمة ما بين الأرقام والحروف.
ثالثاً : أسم من يلزمه الأداء " المسحوب عليه " :
يشترط في المسحوب عليه أن يكون مصرفاً عملا بالمادة 230/1 من قانون التجارة الأردني التي تنص على أنه "لا يجوز سحب الشيكات إلا على مصارف وأن الصكوك الصادرة في المملكة الأردنية المستحقة الوفاء فيها والمسحوب على غير المصارف في صورة شيكات لا تعتبر شيكات صحيحة" ولفظة المصرف تعنى جميع الأشخاص والمؤسسات المرخص لها بأعمال المصارف وفقاً لأحكام قانون البنوك وتعاقب المادة 275/2 من قانون التجارة كل من سحب شيكا على غير مصرف بغرامة لا تتجاوز خمسون ديناراً وقد أجاز القانون الأردني أن يكون الساحب والمسحوب عليه نفس الشخص عندما يكون الشيك مسحوباً من مؤسسة على أخرى كلتاهما للساحب نفسه وبشرط أن لا يكون الشيك لحاملة ( المادة 234/3 ) من قانون التجارة وقد قصد المشرع بهذا الشرط أن يمنع المصارف من إصدار شيكات لحاملها كي لا تستعمل كبديل للأوراق النقدية ( البنكنوت ) التي يختص بإصدارها البنك المركزي.
رابعاً : مكان الأداء :
إن ذكر مكان الأداء إنما يهدف إلى تعريف الحامل بمكان المسحوب عليه الذي يجب أن يقدم فيه الشيك للوفاء كما أنه يساعد على تحديد المحكمة ذات الاختصاص عند وقوع النزاع كما أنه يحدد القانون الواجب التطبيق في حالة تداول الشيك بين بلدان مختلفة كما يحدد عمله الوفاء عند وقوع التباس بشأنها.
على أنه لا يترتب على إغفال ذكر مكان الأداء بطلان الشيك بل يظل الشيك صحيحاً ومرتباً لآثاره القانونية وفي هذه الحالة يكون المكان الذي بجانب اسم المسحوب عليه هو مكان الدفع وإذا خلا الشيك من أي بيان لمكان الدفع فأنه يكون واجب الوفاء في المكان الذي يقع فيه المحل الرئيسي للمسحوب عليه.
خامساً : تاريخ ومكان إنشاء الشيك :
أن ذكر تاريخ إنشاء الشيك له أهمية كبيرة تتجلى فيما يلي :
أ. التحقق من أهلية الساحب.
ب. احتساب مواعيد التقادم.
ج. تعيين القانون الواجب التطبيق في حال تنازع القوانين من حيث الزمان.
د. معرفة فترة الريبة في حالة إفلاس الساحب وإصدار شيكات أثناء فترة الريبة.
ه. معرفة وجود رصيد للساحب لدى المسحوب عليه عند إنشاء الشيك.
ومن الجدير بالذكر بأن موضوع تاريخ الشيك تترتب عليه الأحكام التالية :
1. حالة كون الشيك لا يحمل تاريخاً على الإطلاق. وفي في هذه الحالة فإن الشيك يفقد صفته القانونية ولا يكون محلاً للحماية الجزائية، كما أنه لا يجوز للمستفيد أن يدون تاريخاً للشيك إذا تسلمه بدون تاريخ إلا إذا كان المستفيد مفوضاً بذلك خطياً ويشترط في هذه الحالة أن يكون التفويض معاصراً لتسليم الشيك أو يكون قبل إعطاء الشيك.
2. حالة ذكر تاريخ إنشاء على غير الحقيقة.
إن الصورية في الشيك أكثر ما ترد على تاريخ إنشائه والأصل أن الصورية لا تنهض سبباً لبطلان الشيك إلا إذا كان المقصود بها الغش والتحايل على أحكام القانون، والصورية في تاريخ الشيك تكون إما بتقديم تاريخه على خلاف الحقيقة وإما بتأخير تاريخه ويهدف الساحب من تقديم تاريخ الشيك إبعاده عن فترة الريبة أو لجعله سابقاً على قرار الحجز على الساحب كما يهدف الساحب بتأخير تاريخ الشيك التحايل على أحكام الأهلية، ومن المعروف أنه يجوز إثبات الصورية بالنسبة للغير بكافة طرق الإثبات أما إثباتها بين المتعاقدين فلا يجوز إلا بالأدلة الكتابية.
ولعل الغالب في أن الساحب يلجأ إلى تأخير تاريخ الشيك بقصد تمكين نفسه من إيجاد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه في التاريخ المستقبل المثبت في الشيك وهو ما يعرف بالشيكات الآجلة التي كانت سبباً في دمار سوق المناخ في الكويت وبالتالي فإنه لا يجوز تحويل الشيك عن وظيفته الحقيقية باعتباره أداة وفاء من خلال تأخير تاريخه لاستخدامه كأداة ائتمان لما في ذلك من تعطيل لمهمة الشيك الأساسية وقد اعتبر قانون التجارة الأردني الشيك صحيحاً ومنتجاً لكافة أثاره القانونية مرتبا للحماية الجزائية ولو تم تأخير تاريخه، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 245 من قانون التجارة بقولها ( يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كان لم يكن وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره واجب الوفاء في يوم تقديمه ).
كما تعاقب المادة ( 275/6) من قانون التجارة بغرامة لا تتجاوز 50 ديناراً كل من يثبت في الشيك تاريخا غير صحيح ويحكم بالغرامة نفسها على المظهر الأول للشيك أو حاملة إذا كتب في الشيك تاريخا لاحقا لتاريخ تظهيره أو تقديمه.
سادساً : توقيع الساحب :
أن توقيع الساحب هو بيان إلزامي ضروري لكي يكتسب الصك صفة الشيك وأن فقدان الشيك لهذا البيان يسلخ عنه صفته القانونية كشيك ويجوز أن يتم التوقيع بخط اليد أو بالخاتم أو ببصمة الإصبع وفي هذا بعض التفصيل.
بالنسبة للتوقيع بخط اليد فقط جرت العادة أن البنوك عندما تفتح حسابات لعملائها فأنها تعمد إلى أخذ عدة نماذج من توقيع صاحب الحساب لتتمكن من مضاهاتها على التوقيع الموجود على الشيك عند تقديمه للوفاء وفي هذه الحالة يجب أن يكون توقيع الساحب مطابقاً للنماذج الموجودة لدى البنك وعلى البنك أن يتأكد من صحة توقيع عميله الذي يجب أن يكون مطابقاً للنماذج المحفوظة لدى البنك.
فإذا خالف البنك ذلك كان مسؤولاً أمام العميل عن صرف الشيكات التي لا يتطابق فيها توقيع العميل مع نموذج توقيعه المحفوظ لدى البنك إلا أنه لا يلزم البنك في هذا التحقق بما يلزم به خبير في تحقيق الخطوط بل يكفيه أن يبذل في المضاهاة ما ينتظر من موظف للبنك مخصص لذلك وله خبرة في العملية.
أما إذا كان توقيع العميل بالختم أو البصمة فأنه يجب التنبيه في هذه الحالة إلى أن الختم أو البصمة يجب أن تكون مقترنة بشهادة شاهدين عالمين بالختم أو البصمة كما يجب التنبيه هنا بأنه يجب على البنوك أن لا تقبل الشيكات الموقعة بالختم أو البصمة إلا بعد حضور العميل شخصياً أمام موظف البنك المختص والتوقيع أمامه ذلك أن الختم والبصمة يسهل تزويرهما مما يعرض البنك لمخاطر في حالة الوفاء بشيك موقع بالختم أو البصمة دون التأكد من حضور العميل لأن الختم والبصمة لا يمكن مضاهاتهما أو التحقق من صحتهما من قبل موظف البنك.
شكل الشيك :
أن الشكلية هي إحدى خصائص الأوراق التجارية جميعها بما فيها الشيك وتعني الشكلية أنه يجب أن تتضمن ورقة الشيك بيانات حددها القانون فإذا فقد الشيك إحدى هذه البيانات يكون قد فقد شكله القانوني ولهذا يعتبر الشيك سنداً عادياً إذا خلا من إحدى بياناته التي ذكرناها وأحياناً يفقد صفته كشيك إذا فقد بعضا من تلك البيانات كالتوقيع مثلا أو عدم ذكر تاريخ الإنشاء، وبعد أن يصدر الشيك متضمناً سلامته القانونية والشكلية يعتبر أن إصداره قد تم من قبل الساحب، إلا أن مرحلة الإصدار تتبعها خطوة أخرى وهي تسليم الشيك وخروجه من يد الساحب إلى يد المستفيد، فمتى سلم إلى المستفيد أصبح هو الحائز الشرعي للشيك إذا كان هذا التسليم رضائياً لأن القاعدة القانونية تقول ( إن حيازة المنقول بحسن نية سند للملكية ) وبهذه الحيازة فإن ملكية الشيك تصبح من حق حائزه الأخير، إلا أن ملكية رصيد الشيك تنتقل إلى المستفيد لمجرد إصدار الشيك أي قبل تسليمه إلى المستفيد ويصبح الرصيد حقاً خالصاً للمستفيد منذ اللحظة التي يتم بها إصدار الشيك.تعدد النسخ في الشيك :
أجاز القانون إصدار الشيك على نسخ متعددة وذلك ضمن الشروط التالية :1- أن لا يكون الشيك لحامله، فإذا كان الشيك لحاملة امتنع سحبه على عدة نسخ لأنه عند وفائه لا يستطيع المسحوب عليه معرفة الشخص الذي تكون بيده النسخ الأخرى.
2- أن يوضع في متن كل نسخة من نسخ الشيك رقمها وإلا اعتبرت كل نسخة منها شيكاً مستقلاً.
3- أن يكون مسحوباً من قطر ومستحق الوفاء في قطر أخر.
ويعتبر وفاء الشيك بمقتضى إحدى نسخه مبرئاً للذمة إلا أن المسحوب عليه يبقى ملتزما بالوفاء بمقتضى كل نسخة مصدقة منه ولم يستردها عند الوفاء في إحدى النسخ.
تداول الشيك :
ينتقل الشيك من شخص إلى شخص بحسب الصيغة التي حرر بها وقد حددت المواد ( 239 إلى 343 ) من قانون التجارة الأردني طرق تداول الشيك وبحسب أحكام تلك المواد فإن الشيك يمكن أن يصدر بأحد الأشكال التالية :1. لشخص مسمى مع النص صراحة على شرط الأمر أو بدونه.
2. لشخص مسمى مع ذكر شرط ليس لأمر.
3. لحامل الشيك.
أما النوع الأول أي الذي يصدر لشخص مسمى فإنه يكون قابلا للانتقال بطريقة التظهير سواء تضمن كلمة لأمر أم لم يتضمنها. أما النوع الثاني وهو الذي يتضمن أداءه لشخص مسمى مع ذكر شرط وليس لأمر فلا تنتقل ملكية الشيك في مثل هذه الحالة إلا بطريق الحوالة المدنية ومثل هذا الشرط يضعه الساحب لضمان عدم الوفاء بقيمته إلا للشخص المستفيد الذي استلم الشيك مقترنا بهذا الشرط أما النوع الثالث وهو الشيك لحامله فأنه ينتقل بطريق التسليم ويعتبر الشيك في هذه الحالة بمثابة النقود وإذا اقترن الشيك على اسم المستفيد مع ذكر عبارة أو لحاملة فأن الشيك يعتبر في مثل هذه الحالة شيكاً لحاملة.
والتظهير معناه توقيع حامل الشيك على ظهر الشيك ومن هنا جاءت هذه الكلمة إما التوقيع على وجه الشيك إنما يعني التزام الموقع مع الساحب والتظهير يكون على ثلاثة أنواع :
الأول : تظهير ناقل للملكية وهو الذي تنتقل بموجبه ملكية الشيك من المظهر إلى المظهر إليه.
الثاني : التظهير التوكيلي وهو الذي لا تنتقل ملكية الحق الثابت بالشيك إلى المظهر إليه وإنما يعني التفويض بتحصيل قيمة الشيك ليس إلا ورد ما يتم تحصيله إلى المظهر ويد المظهر إليه تكون على الشيك في هذه الحالة يد الأمين ولا يجوز تظهير الشيك تظهيراً تأمينياً مثل باقي الأوراق التجارية لأن طبيعة الشيك كأداة وفاء تتنافى مع تظهيره تظهيرا تأمينياً إلا أنه في واقع الحال وفي ضوء التطبيق العملي فقد جرت العادة على إعطاء شيكات مؤجلة التاريخ ترفق مع الكمبيالات التي تخصمها البنوك لتكون ضماناً لتسديد تلك الكمبيالات. والتظهير إما أن يكون على بياض وفي هذه الحالة يعتبر الشيك بمثابة شيك للحامل إذ ينتقل من شخص إلى شخص بالمناولة، والتسليم كما قد يكون التظهير اسمياً كأن يقال وعني لأمر السيد فلان وفي هذه الحالة فإن الحامل الأخير يجب أن يكون هو الشخص المسمى بموجب التظهير أو أن يكون هذا الشخص ظهر الشيك لشخص آخر، والتظهير يجب أن يكون بكامل قيمة الشيك ذلك أن التظهير الجزئي يعتبر تظهيراً باطلا. كما يجب أن يكون التظهير غير معلق على شرط وكل شرط علق عليه التظهير يعتبر كأن لم يكن أي أن الشرط يلغى في هذه الحالة والتظهير إلى المسحوب عليه يعتبر من قبيل المخالصة كما يجوز أن يكون التظهير مؤرخاً أو غير مؤرخ فإذا كان مؤرخا فأنه لا يجوز تقديم تاريخ التظهير فإن حصل ذلك فأنه يعد تزويراً.
شرط حظر التظهير :
ويجوز للمظهر أن يمنع تظهير الشيك وفي هذه الحالة فأنه لا يكون ملزماً بالضمانة تجاه من ينتقل إليهم الشيك بتظهير لاحق.وفاء الشيك :
الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ إصداره فإنه واجب الوفاء في يوم تقديمه، ومكان الوفاء هو المكان الذي يذكر بجانب اسم المسحوب عليه وإذا لم يذكر مكان الأداء فإنه يكون واجب الأداء في المركز الرئيسي للمسحوب عليه ويجب أن يتم الوفاء بالنقود المبينة بالشيك نوعا ومقداراً إلا إذا كانت العملة غير متداولة في الأردن فأنه يجوز للمسحوب عليه أن يوفي بالعملة الأردنية وفقاً لأحكام المادة 254 من قانون الشيك والأصل أن يتم الوفاء بكامل قيمة الشيك إلا أن القانون أجاز للمسحوب عليه الوفاء الجزئي، هذا ومن الجدير بالذكر أنه يجوز للساحب معارضة المسحوب عليه في وفاء الشيك وذلك في حالتي ضياع الشيك أو سرقته أو إفلاس حامله كما يجوز للساحب المعارضة في غير تلك الحالات إلا أن مثل هذه المعارضة تعتبر غير قانونية ويجوز للحامل مراجعة المحكمة من أجل رفع تلك المعارضة.
فإذا أوفى المسحوب عليه قيمة الشيك فإنه يحصل على مخالصة من حامله الأخير وفي هذه الحالة تعتبر ذمة المسحوب عليه بريئة من المطالبة، وبالوفاء الصحيح تنتهي حياة الشيك.
الوفاء في حالة ضياع الشيك :
يجوز لمستحق قيمة الشيك الضائع المطالبة بوفائه إذا كان حائزاً على إحدى نسخه الأخرى أما إن كان الشيك محرراً على نسخة واحدة وضاعت هذه النسخة الوحيدة فقد أجاز المشرع للحامل أن يلجأ للمحكمة لاستصدار الأمر بالوفاء وإلزامه بتقديم كفيل مليء وبشرط أن يثبت الحامل ملكية الشيك ويجوز له الإثبات بكافة وسائل الإثبات أما إذا عجز حامل الشيك عن إثبات ملكيته جاز له الحصول على نسخة بديلة للشيك المفقود وذلك بطريق الرجوع يكون ذلك عن طريق الاتصال بالشخص الذي ظهر له الشيك المفقود حتى يصل إلى الساحب ويكون بهذه العملية قد حصل على تواقيع المظهرين والساحب، إلا أنه في الواقع العملي فإن مسألة الرجوع للحصول على نسخة بدل ضائع أمر ليس متيسر الحصول لا سيما في الحالات التي تصادف أشخاص سيئي السمعة فإنهم يمتنعون عن إعطاء توقيعهم على نسخ بديلة للشيك الضائع لذلك تبقى هذه المسألة من الناحية الواقعية أمرا صعباً ولا بد للحامل أن يلجأ في نهاية المطاف إلى المحكمة للحصول على حقه.تقادم الشيك :
نصت المادة 271 من قانون التجارة الأردني على ما يلي :
1- تسقط بالتقادم دعوى حامل الشيك تجاه المسحوب عليه بمضي خمس سنوات محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء.
2- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع الحامل على المظهرين والساحبين والملتزمين الآخرين بمضي ستة شهور محسوبة من تاريخ انقضاء ميعاد التقديم.
3- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع مختلف الملتزمين بوفاء الشيك بعضهم تجاه البعض بمضي ستة شهور محسوبة من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم.
4- ولا تسقط بمضي المواعيد المتقدمة الدعوى على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم سحبه كلاً أو بعضا والتقادم يعتبر قرينة على الوفاء ويشترط لسقوط الحق بالتقادم الصرفي ما يلي :
أ- أن يكون هناك شيك صحيح مستجمع لشروط صحته من حيث الشكل والموضوع.
ب- أن تكون الحقوق والالتزامات ناشئة مباشرة عن إصدار الشيك أما أصل الحق فلا يسقط إلا بالتقادم الطويل وهو خمسة عشر عاما إذ أنه يجوز للدائن المطالبة بالدين الأصلي ما دام أنه لم ينقض بالتقادم العادي ولو انه انقضي حقه بالتقادم الصرفي، وغني عن البيان أن التقادم ينقطع في بعض الحالات كما يقف في حالات أخرى وهذه الأحكام المتعلقة بانقطاع التقادم ووقفه إنما محلها القانون المدني ولا حاجة لتفصيلها في هذا المجال.
الطوابع :
أن قانون رسوم الطوابع قد أوجب في الجدول رقم (1) الملحق بالقانون ضرورة استيفاء رسم مقطوع على الشيكات المسحوبة على الشركات والمؤسسات العامة بمقدار خمسين فلس على كل ورقة شيك أما شيكات الأفراد فهي معفاة من رسوم طوابع الواردات وفقاً للجدول رقم (2) الملحق بقانون رسوم طوابع الواردات.
أنواع الشيكات :
1- الشيكات الخطية :
وهي الشيكات البيضاء التي لا تكون صادرة عن البنك وهذه الشيكات يمكن الحصول عليها من أي مكتبة ولا تحمل اسم مصرف مطبوع عليها ولا اسم الساحب ورقم حسابه كما يعني الشيك الخطي ورقة الشيك التي تحمل اسم مصرف معين مطبوع عليه وصادر عن البنك لعميل معين ولكن يتم شطب اسم الساحب ورقم حسابه ويستبدل باسم محرره ورقم حسابه وفرع البنك الذي يتعامل معه وأن القانون لا يشترط للشيك شكلا معيناً أو لونا معينا وإنما أجاز أن يتم تحرير شيكات على أوراق بيضاء شريطة توفر البيانات التي نص عليها القانون وبالتالي فإن القانون أجاز للساحب إصدار الشيكات الخطية ولا يجوز للبنوك أن تمتنع عن قبول الشيكات الخطية إلا أن الواقع العملي في العمل المصرفي أن البنوك ترفض قبول الشيكات الخطية وذلك بسبب انتشار ظاهرة الشيكات المرجعة في الآونة الأخيرة الناتجة عن سوء استعمال الشيكات الخطية من قبل بعض العملاء للمصارف أو من قبل أشخاص ليسوا بعملاء للمصارف وأنه وإن كان لهذا التطبيق العملي ما يبرره في العمل المصرفي إلا أن القانون لا يسعف البنوك في هذا السبيل ولا زال القضاء يعترف بقانونية الشيكات، الخطية ولا يقر البنوك في رفضها لهذا النوع من الشيكات وتفادياً لمساءلة البنوك قضائياً فإنها تلجأ في الوقت الحاضر إلى إيراد نص في شروط الحسابات التي تفتح للعملاء يمنع على العميل سحب شيكات خطية على المصارف التي يتعامل معها وإن هذا النص وأن كان يخفف من استعمال الشيكات الخطية إلا أنه لا يقضي على المشكلة برمتها ولا يعفي البنك من التزامه القانوني بقبول الشيكات الخطية المقدمة إليه من قبل أشخاص ثوالث لم يكونوا طرفا في الاتفاقية التي يبرمها البنك مع عملائه عند فتح حسابات لهم.2- الشيكات المصرفية :
الشيك المصرفي هو أمر يحرره البنك لأمر المستفيد بوفاء مبلغ معين لدى الإطلاع ويكون المسحوب عليه في العادة هو نفس الساحب أو أحد فروعة ويأتي إصدار مثل هذه الشيكات بناء على طلب عميل البنك الذي يريد تقديمه لشخص ثالث وهذا النوع من الشيكات لا يعتبر شيكا بالمعنى الدقيق لاجتماع صفتي الساحب والمسحوب عليه ولأنه غالباً لا يقبل التظهير والرأي الراجح في هذا النوع من الشيكات أنها تعتبر من قبيل السندات العادية سواء أكانت إذنيه أو للحامل أو إسمية لأنها لا تتضمن أمرا بالدفع بل تعهدا من البنك وقد تضيع مثل هذه الشيكات، والعادة أن البنوك لا تقبل طلب وقفها إلا إذا حضر المستفيد منها إلى البنك وأقر أنه لم يظهر الشيك وفي هذه الحالة فإن البنك يرفض وفاء هذا الشيك بعبارة ( لوجود معارضة بفقدان الشيك ).إصدار الشيك المصدق أو إنشاؤه :
لا يختلف الشيك المصدق عن غيره من الشيكات فهو يتضمن نفس البيانات التي أشارت إليها المادة ( 228) من قانون التجارة الأردني فهو يتطلب ضرورة توفر البيانات التالية فيه :
1- ذكر كلمة شيك في متن السند وباللغة التي كتب بها.
2- أداء مبلغ من النقود.
3- اسم المسحوب عليه الذي يجب أن يكون مصرفا.
4- تاريخ إنشاء الشيك ومكانه.
5- مكان أداء الشيك.
6- توقيع الساحب.
وبالإضافة لتلك البيانات فتطبق عليه نفس أحكام التداول فهو ينتقل بطريق التظهير بنوعيه :
أ- التظهير الناقل للملكية.
ب- التظهير التوكيلي.
هذا كله إذا لم يرد في صلب الشيك ما يمنع تظهيره كذكر عبارة لا يصرف إلا للمستفيد أو عبارة ( ادفعوا ليس لأمر ) وأن الشيكات لا تعرف التظهير التأميني كبقية الأوراق التجارية كما سبق إيضاحه. وكذلك فإن الشيك المصدق يخضع لذات الأحكام المتعلقة بالتقادم.
ولا حاجة لتفصيل جميع الأحكام المتعلقة بالشيكات وإنما سنكتفي بالأحكام التي تنفرد بها الشيكات المصدقة وفق ما يجري عليه العمل والعرف المصرفي وأهم هذه الأحكام ما يلي :
أن الشيك المصدق لا يصدره البنك بمحض أرادته إذ لا يوجد لهذا النوع من الشيكات نماذج خاصة وشائعة في التعامل وإنما يصدر الشيك المصدق بناء على طلب خطي يقدمه العميل إلى البنك الذي يتعامل معه ويتضمن هذا الطلب على وجه الخصوص الأمور التالية :
أ. طلب اعتماد الشيك من قبل البنك الذي يتعامل معه الساحب.
ب. تضمين الشيك عبارة المستفيد الأول منعا لتداول هذا الشيك وانتقاله من شخص إلى أخر.
ج. بيان رقم الشيك وتاريخه وقيمته.
د. تفويض البنك بقيد قيمة الشيك على حساب طالب إصدار الشيك المصدق.
ه. تحويل قيمة الشيك المصدق إلى حساب خاص لهذه الغاية يسمى حساب شيكات مصدقة.
ومن خلال هذه الإجراءات والقيود على إصدار الشيكات المصدقة نلاحظ بأن تلك الشيكات تتميز بإحكام وصفات خاصة بها تختلف بعض الشيء عن الشيكات العادية بحيث تجعل الشيكات المصدقة أقرب إلى الكفالة ذلك أن البنك بمجرد تصديقه أو اعتماده للشيك فأنه يصبح ملزما بوفاء قيمته إلى المستفيد ويعتبر بمثابة الضامن الاحتياطي للشيك ولا يجوز للبنك التحلل من التزامه لأي سبب من الأسباب ويظل التزامه قائماً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلا. ومن هنا تأتي قوة الشيك المصدق في الوفاء وهذا هو مبعث الثقة فيه ولهذا فإن إطلاقه في التداول يجعل منه شبيها بورقة البنكنوت أي العملة النقدية ومن هنا تأتي خطورة قابلية الشيك المصدق للتظهير إذ أن ذلك من شأنه أن يجعل من البنوك جهة قادرة على خلق النقود مع أن هذه الوظيفة هي حصرا من واجبات الدولة دون غيرها من الجهات، الأمر الذي يستدعي سرعة تدخل المشرع في إصدار النصوص القانونية التي تنظم إجراءات إصدار وشروط وأحكام الشيكات المصدقة.
ويمكن القول بأن الشيك المصدق قد فرض وجوده في التعامل فاصبح شيئاً من الأمر الواقع التي لا تستطيع البنوك الاستغناء عن اتباع هذا الأسلوب كمنهج لعملها كما لا تستطيع تجاهل هذا الواقع لأن مبدأ المنافسة ما بين البنوك يحتم على كل منها اتباع كل ما هو جديد وما ييسر العمل ويجتذب المزيد من جمهور المتعاملين مع البنوك وكل منها يسعى بوسائله الخاصة على تحقيق كل الوسائل والإمكانات التي تسهل التعامل المصرفي وتحقق السرعة واليسر عن طريق تقديم الخدمات الفضلى للعملاء وسرعان ما يشيع عمل البنوك وينتشر ويستقر بحيث يصبح عرفا أو عادة تشكل قاعدة ملزمة للبنوك، وأن الشيك المصدق وإن كان لا يمكن الجزم بأنه قد اصبح قاعدة عرفية بالمعنى القانوني لأنه حديث العهد ولم يستقر بعد في التعامل كما أنه يتعارض مع النصوص القانونية الصريحة إلا أنه إذا صح التعبير فانه يجوز لنا أن تقول بأن الشيك المصدق قد دخل الساحة المصرفية دون سمة دخول أو جواز سفر وبالتالي فإن بقاء إقامته ومشروعية هذه الإقامة تظل قلقة غير ثابتة. ولإضفاء صفة المشروعية فإنه لا بد من صدور قواعد قانونية تنظم أحكام الشيك المصدق أو صدور اجتهادات قضائية ترسخ وجود الشيك المصدق وتزيل عنه الغموض والإبهام، لهذا فإن المشاكل التي سنعرضها تاليا تظل محل تساؤل واستفهام حتى يصدر بشأنها تشريع أو حكم قضائي ويمكن عرض أهم المشاكل التي يمكن أن تثور بخصوص الشيك المصدق بما يلي :
1. هل تجوز معارضة الساحب في وفاء الشيك المصدق بسبب ضياعه أو إفلاس حاملة ؟ والإجابة تظل حائرة حول هذا السؤال وتتوقف على مدى اعتبار الشيك المصدق شيكا بالمعنى القانوني أم أنه بمثابة كفالة من البنك يلتزم بموجبها بوفاء قيمة الشيك للمستفيد فإذا غلبنا الصفة الأخيرة فإنه يمكن القول بأنه لا تجوز معارضة الساحب في وفاء الشيك بسبب ضياعه أو سرقته أما إذا اعتبرناه شيكا بالمعنى المقصود فإن المعارضة في هذه الحالة جائزة ومقبولة ويجب على البنك الاستجابة لها.
2. أما المسألة الثانية فهي هل يجوز حجز قيمة الشيك المصدق من قبل الغير كدائن الساحب أو دائن المستفيد ؟ وهذه المسألة أيضا تتوقف على تحديد ماهية الشيك المصدق فإذا رجحنا القول بأن قيمة الشيك أصبحت حقا خالصا للمستفيد الأول فأنه بهذه الحالة يمكن لدائني المستفيد الحجز على قيمة هذا الشيك لا سيما إذا كان صادرا لأمر المستفيد الأول حيث انه بهذه الصفة لا يمكن انتقاله من شخص لأخر وإنما يعتبر ملكا خالصا للمستفيد وبالتالي يسلم دائن المستفيد من خطر تظهيره إلى شخص أخر لتحصينه من الدفوع تحت قاعدة التظهير يطهر الدفوع أما الحجز من قبل دائن الساحب فأنه لا يجوز في كل الأحوال.
3. هل الشيك المصدق يخضع للمواعيد المحددة للتقديم التي حددها قانون التجارة بثلاثين يوما من تاريخ إنشاء الشيك بالنسبة للشيكات المسحوبة في الأردن والواجبة الوفاء فيه ؟ وهل يخضع الشيك المصدق أيضاً لأحكام التقادم الخاصة بالشيك وهو التقادم القصير؟
4. هل يجوز رهن الشيك المصدق ضمانا لدين على المستفيد قياسا على ما هو متبع في رهن الديون أو رهن السندات ؟
وعلى أية حال تظل تلك الأسئلة بلا إجابة شافية وقاطعة كما تبقى محل خلاف في وجهات النظر طالما بقيت النصوص القانونية غائبة وطالما لم يصدر بشأنها اجتهاد قضائي يرسم الطريق ويحدد معالم الشيك المصدق مما يقطع الشك باليقين وبما يمنع الجدل الفقهي حول تلك المسائل العائمة.
4- الشيك السياحي أو شيك المسافرين :
ظهر نظام الشيك السياحي سنة 1891 بسبب رحلة قام بها رئيس شركة أميركان أكسبرس للسياحة إلى أوروبا صادفته فيها متاعب راجعة إلى كيفية حصوله على نقود في المدن التي زارها فابتكر نظام الشيكات السياحية وصورتها الغالبة هي أن يصدر الشيك بفئات نقدية معينة ويوجد في هذه الشيكات مكان يوقع فيها العميل عند استلام الشيك ومكان أخر يوقع فيه عند قبض قيمته أمام البنك الذي يدفع هذه القيمة ليتحقق من تطابق التوقيعين وبعد الوفاء بقيمة الشيك السياحي تسوى العملية بين البنوك المشتركة في إصداره وتنفيذه بطريق المقاصة.طبيعة الشيك السياحي :
اختلفت الآراء في تحديد طبيعة الشيك السياحي في الناحية الجزائية وفي الناحية المدنية فقال البعض أن الشيك السياحي يعتبر شيكا كاملا ولو كان مسحوبا على فروع البنك الذي أصدره وبالتالي فإن مثل هذا الشيك يخضع لأحكام جريمة إصدار الشيك بدون رصيد إلا أن البعض الأخر وهو الرأي الأغلب فأنه يستبعد الشيك السياحي من صفته كشيك حيث لا يتضمن هذا النوع من الشيكات تاريخ السحب ومكان الإصدار واسم المسحوب عليه وعلى أية حال فإن الشيك السياحي يظل ورقة هامة ابتكرها العرف وأقر أحكامها بعيدا عن الأحكام التي وصفها التشريع للأوراق التجارية.
5 - الشيك المسطر :
بهدف التقليل من المخاطر التي قد تنتج عن ضياع الشيك أو سرقته فقد أجاز القانون تسطير الشيك بوضع خطين متوازيين على وجهة ونتيجة لهذا التسطير فإن وفاء الشيك يكون لأحد البنوك أو لأحد عملاء البنك وقد يدون بين الخطين اسم البنك الذي يتم الوفاء إليه ويكون التسطير في هذه الحالة خاصا أما إذا خلا التسطير من أية إضافة فيكون عاما ولا يجوز شطب التسطير الوارد على الشيك أو إلغائه فإذا حصل ذلك وجب على البنك الامتناع عن وفائه كما لا يجوز للبنك أن يوفي شيكا مسطرا تسطيرا خاصا إلا إلى المصرف المعين أو إلى عميلة كما لا يجوز للمصرف أن يحصل على شيك مسطر إلا من أحد عملائه أو من مصرف أخر، وقد يتساءل البعض فيما إذا كان من الجائز إلغاء التسطير أم أن ذلك غير جائز؟وإجابة على ذلك فإنه من الرجوع إلى نص الفقرة (8) من المادة ( 256 ) نجد أنها تنص على ما يلي : ( " ويعد كأن لم يكن كل شطب للتسطير أو لاسم المصرف المعين " ) ومن هذا النص يتبين عدم جواز شطب التسطير من قبل أي شخص كان، إلا أن أراء الفقهاء تميل إلى جواز إلغاء التسطير العام إذا كان هذا التسطير موضوع بمعرفة الساحب إذ يمكن للساحب نفسه أن يقوم بإلغائه بذكر عبارة ملغى مقترنة بتوقيع الساحب الكامل طبقاً للنموذج المحفوظ لدى البنك ولعل هذا الرأي هو الأرجح.
وإذا لم يراع المصرف المسحوب عليه الأحكام المتعلقة بالتسطير فأنه يكون ملتزماً بتعويض الضرر بقدر لا يجاوز قيمة الشيك.
6- الشيك المقيد في الحساب :
يجوز لساحب الشيك وحاملة أن يمنعا وفاءه نقداً بوضع العبارة الآتية " لقيده في الحساب أو ما يشابهها على ظهر الشيك وفي هذه الحالة لا يجوز وفاء الشيك من قبل المسحوب عليه إلا عن طريق قيده في السجلات " اعتماد في الحساب أو نقل أو مقاصة " وقيد الشيك في السجلات يقوم مقام الدفع ويقع باطلا كل شطب لعبارة للقيد في الحساب ويترتب على عدم مراعاة المسحوب عليه للأحكام المتقدمة مسؤولية بالتعويض عن الضرر الذي يترتب للساحب بما لا يجاوز قيمة الشيك.