التشريع كمصدر اساسي للقانون.

المصادر الأصلية للقاعدة القانونية.

1/ الدستور.

 الدستور هو التشريع الأساسي أو التأسيسي للدولة ، فهو قمة التشريعات فيها ويتميز بخاصيتي الثبات والسمو ويتضمن القواعد الأساسية والمبادئ العامة التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها ، ويحدد الهيئات والمؤسسات العامة واختصاصاتها وعلاقاتها ببعضهما ، وينص على حريات الأفراد وحقوقهم في خطوط رئيسية عريضة ، ومنه تأخذ كافة القوانين الأخرى ، مستوحية مبادئه وأحكامه التي لا يجوز لأي قانون أن يخالفها . وأما الثبات يعني أن الدستور لا يتغير ولا يتعدل إلا في مناسبات قومية كبرى ولا يحدث ذلك إلا في فترات زمنية متباعدة ، في حالات التغييرات الجوهرية في شكل الدولة أو هيكلة مؤسساتها العامة أو تبديل نظام الحكم أو النظام الاقتصادي فيها . أما السمو يعني أنه يعلو على باقي قوانين الدولة ولا يجوز لأي قانون آخر أن يتضمن نصوصا تخالف المبادئ والقواعد الأساسية التي ينص عليها الدستور عادة ، وإلا اعتبر ذلك القانون المخالف له باطلا أي غير دستوري .
الدستور الجزائري: صدر أول دستور جزائري الذي عمل به فعلا ، بالأمر رقم 76 - 97 في 22 نوفمبر 1976 بناء على موافقة الشعب الجزائري على مشروع الدستور المقترح من طرف جبهة التحرير الوطني ، بعد الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية للاستفتاء في 19 نوفمبر 1976. ثم عدل هذا الدستور في سنة 1989، ومرة ثانية في نوفمبر 1996 .
ويتكون الدستور الحالي من 182 مادة موزعة على أربعة أبواب وكل منهما مقسم إلى عدة فصول ..الباب الأول : يتضمن النصوص المتعلقة بالمبادئ الأساسية لتنظيم المجتمع الجزائري ويشمل خمسة فصول، وهي: الفصل الأول : في الجزائر الفصل الثاني : في الشعب .الفصل الثالث : في الدولة الفصل الرابع : في الحقوق والحريات .الفصل الخامس : في الواجبات .الباب الثاني : في تنظيم السلطات .
الفصل الأول : في السلطة التنفيذية .
 الفصل الثاني : في السلطة التشريعية .
الفصل الثالث : في السلطة القضائية
.الباب الثالث : في المراقبة والهيئات الاستشارية .
الفصل الأول : في المراقبة .
الفصل الثاني : في الهيئات الاستشارية .
الباب الرابع : في التعديل الدستوري .
ثانيا :

 طرق وضع الدساتير.

 تختلف الدول في طريقة إصدار دساتيرها ، وذلك بحسب ظروف كل دولة وبحسب الطرق التي أتبعت في إصدارها من الناحية الشكلية ، وطرق إصدار الدساتير هي خمسة:

أ ـ المنحة : 

يصدر الدستور في شكل منحة عندما يرى الملك أو السلطان وهو صاحب السيادة المطلقة في دولة معينة ، أن يتنازل عن بعض سلطاته لأفراد شعبه أو لبعض الهيئات الشعبية،فيصدر قانونا أساسيا يحد من بعض سلطاته ويمنحها لرعاياه .)الدستور المصري في سنة 1923. ملك فؤاد).

ب ـ التعاقد :

 يجتمع السلطان مع بعض الأفراد الذين يمثلون الشعب ويتفقون فيما بينهم على أن يتنازل الملك ( أو السلطان ) عن بعض سلطاته لصالح الشعب .

ج ـ الجمعية التأسيسية :

 ينتخب الشعب عددا من أفراده فيجتمعون في شكل لجنة أو جمعية أو هيئة ويراد بهم وضع دستور للدولة ، وما تقرره هذه الجمعية يصبح دستورا واجب النفاذ.

د ـ الاستفتاء :

 تقوم هيئة أو لجنة سواء إن كانت تشريعية أم تنفيذية أم سياسية تعينها الحكومة القائمة لتقوم بوضع النصوص الدستورية في شكل مشروع للدستور ويعرض المشروع على الشعب ليبدي رأيه فيه عن طريق الاستفتاء.

هـ ـ الطريقة الخاصة :

 تجمع هذه الطريقة بين مزايا الطريقتين السابقتين ، بمعنى أن الجمعية التأسيسية التي يختارها الشعب تضع مشروع الدستور ولكنه لا يصبح دستورا نافدا إلا بعد موافقة الشعب عليه في استفتاء عام .

طرق تعديل الدساتير:

تنقسم الدساتير من حيث تعديلها إلى نوعين : مرنة وجامدة

أ ـ الدساتير المرنة :

 وهي التي يمكن تعديل نصوصها بالإجراءات التي تعدل بها القوانين العادية .

ب ـ الدساتير الجامدة :

 وهي التي يشترط لتعديلها اتحاد إجراءات خاصة ، ومنها اشتراط أغلبية كبيرة لاقتراح التعديل ، أو لإقرار ذلك التعديل .
طريقة تعديل الدستور الجزائري: نص الدستور على طرق تعديله في المواد 174 إلى 178. ـ لرئيس الجمهورية اقتراح تعديل الدستور . ـ لثلاثة أرباع الغرفتين للبرلمان الحق في اقتراح تعديل الدستور . ـ لرئيس الجمهورية الحق في التعديل المباشر للدستور دون وضع مشروع التعديل إلى استفتاء شعبي كما هو الحال في النقطتين السابقتين ، ولكن هذا بعد موافقة 3/4 الغرفتين . ـ وأخيرا نص الدستور على أن رئيس الجمهورية يصدر القوانين المتعلقة بتعديل الدستور.
ثانيا :

 القانون.

:يقصد بالقانون ( أو القوانين العادية ) كل التشريعات التي يطلق عليها لفظ المدونة ، أو لفظ التقنين ، أو القانون ، والذي تقوم عادة بوضعه السلطة التشريعية ( البرلمان ) في الدولة وهذا في شكل نصوص تنظم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة في جميع المجالات الاجتماعية المختلفة ( مثل : القانون المدني ، قانون الأسرة ، قانون العمل، قانون العقوبات ،القانون التجاري ، قانون الانتخابات ، قانون الخدمة الوطنية.)...
فالتشريع العادي يمر عادة بعدة مراحل إجرائية وهي :

أ ـ مرحلة الاقتراح :

 يقصد بها أن يتقدم المجلس الشعبي الوطني أو الحكومة بعرض فكرة عن مشكلة تهم الأشخاص أو الدولة وتحتاج إلى تنظيم قانوني ، حيث تنص المادة 119 من الدستور على أن " لكل من رئيس الحكومة وأعضاء المجلس الشعبي الوطني حق المبادرة بالقوانين " .
وعادة يطلق على اقتراح النواب ( 20 نائب على الأقل) اسم " اقتراح قانون " ، ويطلق على اقتراح الحكومة إسم " مشروع قانون " . والفارق الوحيد بينها هو أن الاقتراح بقانون يحال إلى لجنة الاقتراحات بالمجلس لكي تصوغه في شكل قانوني لأن أغلب أعضاء المجلس لا تتوافر لديهم خبرة المصايغة القانونية أما المشروع بقانون المقدم من طرف السلطة التنفيذية فيحال مباشرة إلى المجلس ولكن بعد فتوى مجلس الدولة .

ب ـ مرحلة التصويت :

 عند إحالة الاقتراح إلى المجلس فإنه يعرض على لجنة متخصصة من لجان المجلس لتقوم بدراسته وكتابة تقرير عن محتواه وغايته وتوصي بعرضه على المجلس لمناقشته .
ثم يعرض الاقتراح على المجلس الشعبي الوطني لمناقشته مادة بمادة حيث يجوز إدخال بعض التعديلات عليه وبعد المناقشة والتعديل يعرض على المجلس الشعبي الوطني للتصويت عليه ، وعند الإقرار يحال الاقتراح على مجلس الأمة للتصويت عليه بأغلبية 3/4 أعضائه ( م.120 دستور.).

ج ـ مرحلة الإصدار :

 بعد موافقة البرلمان على نص الاقتراح ، يحال ذلك النص إلى رئيس الجمهورية ذلك النص إلى رئيس الجمهورية ليصادق عليه ومع ذلك لا يكون لهذا القانون نافذ المفعول إلا بإصداره . ويقصد
بالإصدار أن يقوم رئيس الجمهورية بإصدار أمر إلى رجال السلطة التنفيذية التي يرأسها ويوجب عليهم فيه تنفيذ ذلك القانون على الواقع حيث أن السلطة التنفيذية مستقلة عن السلطة التشريعية التي لا تملك حق إصدار أوامر إلى رجال السلطة التنفيذية .

د ـ مرحلة النشر :

 بعد كل هذه المراحل التي مر بها القانون ، يلزم لسريانه أن يمر بمرحلة النشر .
فالنشر إجراء لازم لكي يصبح القانون ساري المفعول في مواجهة كافة الأشخاص ، ولن يكون كذلك إلا بإعلانه للعامة ، وذلك عن طريق نشره بالجريدة الرسمية ، وبمجرد نشره يعتبر العلم به مفروضا ، حتى بالنسبة لمن لم يطلع عليه أولم يعلم به . وحسم المشرع هذا الأمر بقاعدة عامة أوردها في المادة الرابعة (04) من القانون المدني بقولها :
" تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية ."
" تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها وفي النواحي الأخرى في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة . "
ملاحظة : تترتب من جراء هذه المادة الرابعة (04) قاعدة عامة وهي : " الجهل بالقانون ليس عذرا " ومعنى ذلك أنه لا يجوز لأي شخص أن يعتذر عن مخالفته للقانون بعدم علمه بصدورها .
أما بخصوص إنهاء العمل بقانون ،يتم هذا عن طريق الإلغاء ، أي إزالة نص قانوني للمستقبل وذلك باستبداله بنص قانوني جديد يتعارض معه صراحة أو ضمنا .
ثالثا :

 التشريعات الاستثنائية. 

في حالة الضرورة الملحة يقرر رئيس الجمهورية حالة الطوارئ أو الحصار ويتخذ كل التدابير اللازمة لاستثبات الوضع ( م.91 دستور.)
وإذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم ... يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية في اجتماع للهيئات العالية للدولة ، أي بعد استشارة رئيس البرلمان ( م.ش.و+ م.أ ) والمجلس الدستوري وبعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء . وتحول الحالة الاستثنائية لرئيس الجمهورية أن تُتَخذ الإجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة والمؤسسات الجمهورية ( م.93 دستور.)
وفي حالة الحرب يوقف الدستور ويتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات( م.96 دستور.)
ومفاد هذه النصوص أن رئيس الجمهورية يباشر بنفسه السلطة التشريعية في كل هذه الحالات وتكون له بالتالي سلطة وضع القوانين وإقرارها وإصدارها .
رابعا:

 التشريعات التفويضية .

كما نشير إلى أنه في حالة شعور البرلمان أو فيما بين دورة وأخرى من دورات البرلمان يجوز لرئيس الجمهورية أن يشرع بإصدار أوامر تعرض على البرلمان في أول دورة مقبلة ( م.124 دستور.).
ومفاد ذلك أن الدستور يفوض رئيس الجمهورية في إصدار أوامر تكون لها قوة القانون وهذا في فترات غياب السلطة التشريعية عن العمل ، ويجب أن تقدم هذه الأوامر ساقة وباطلة الاستعمال. وتعتبر هذه الأوامر الأخيرة لرئيس الجمهورية من التشريعات التفويضية .
خامسا:

التشريعات الفرعية

يطلق على التشريع الذي يصدر من السلطة التنفيذية في الظروف العادية ، الذي يصدر من السلطة التشريعية كمبدأ عام ،أو من رئيس الجمهورية كتشريع تفويضي.
وتكون هذه التشريعات الفرعية في شكل لرائح تنفيذية لا تفترق عن القانون الصادر من السلطة التشريعية لأنها قواعد اجتماعية عامة ومجردة وملزمة لجميع الأشخاص المخاطبين بها الذين تنطبق عليهم الشروط الموضوعية التي تنص عليها اللائحة بناء على قانون .
ويختلف القرار اللائحي عن القرار الفردي الذي يتعلق هو بشخص معين بذاته ( كتوظيفه في عمل) كما يختلف القرار اللائحي عن القرارات التنظيمية التي تتعلق بأفراد معينين أو أشخاص معينين (كفتح محلات تجارية) أو بتنظيم حالة معينة وموقف (تنظيم المرور في الشارع ) وتعتبر هي كلها إدارية .
أما اللوائح التنفيذية وما في حكمها فيمكن حصرها في ثلاثة أنواع ،هي اللوائح التنظيمية ، واللوائح التنفيذية، ولوائح الأمن والشرطة .
أولا :

 اللوائح التنظيمية .

يقصد بها اللوائح والقرارات والأوامر التي تصدرها السلطة التنفيذية باعتبارها صاحبة الاختصاص في وضع القواعد العامة لتنظيم المرافق العامة التي تديرها أو تشرف عليها الدولة.
وتستند السلطة التنفيذية في إصدارها إلى نص دستوري يجيز لها ذلك ومثلها ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 125 من الدستور بقولها : " يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون ."
وهذه المسائل المخصصة للقانون ( أي البرلمان) تنص عليها المادة 122 و123 من الدستور.
ويقوم رئيس الجمهورية بعمله التشريعي عن طريق المراسيم الرئاسية ( م.77 ف.6 وم.77ـ78 دستور.)
ومن المعلوم أن رئيس الجمهورية لا يباشرها بنفسه بل يضطلع بها رئس الحكومة ، ( م.87 دستور : كتعيين أعضاء الحكومة ،ورؤساء الهيئات الدستورية ،الصلاحيات المنصوص عليها في المواد :77ـ 78ـ91 ـ93 إلى 95 ـ97 ـ124 ـ126 ـ 127و 128)، وبدوره قد يضطلع بها رئس الحكومة كل وزير حسب اختصاصه
( قرار وزاري ـ أو قرار مشترك) .
ثانيا :

 لوائح الأمن والشرطة:

 يطلق عليها لوائح الضبط أو لوائح البوليس ، ويقصد بها تلك القواعد التي تضعها السلطة التنفيذية بغرض صيانة الأمن والسكينة والصحة وتمثلها لوائح تنظيم المرور ولوائح المحلات العامة ، ولوائح مراقبة الأغذية ، ولوائح المحافظة على الصحة العامة .... وتصدر هذه اللوائح من رئيس السلطة التنفيذية أو من رئيس الحكومة أو من الوزراء ، أو مديري إدارات الأمن والصحة .... كل في دائرة اختصاصه طبقا لنصوص دستورية .
ثالثا :

 اللوائح التنفيذية .

لا يمكن للسلطة التنفيذية إصدار هذه اللوائح تلقائيا وإنما تقوم بإصدارها في حالة صدور قانون عادي وضعته السلطة التشريعية ونصت في ذلك القانون على تحويل الوزير المختص بإصدار اللائحة التنفيذية لذلك القانون ، لأنه أقدر على تفصيل القواعد العامة التي تضمنها القانون بحسب الواقع العملي الذي يدخل في اختصاصه.

ابحث عن موضوع