الإثبات في المسائل الجزائية
الكاتب المحامي : جمال عبد الناصر المسالمة
الإثبات بوجه عام
((الإثبات هو كل ما يؤدي إلى ظهور الحقيقة - وفي الدعاوى الجزائية هو كل ما يؤدي إلى ثبوت إجرام المتهم)).
عبء الإثبات في الدعاوى الجزائية
- يقع عبء الإثبات في الدعاوى الجزائية على عاتق الاتهام ويجب أن يتناول وقوع الجريمة وتدخل المتهم في ارتكابها وعلى النيابة أن تثبت توفر جميع العناصر المكونة للجريمة سواء أكانت مادية أم معنوية.
- إذا اقتصر المتهم على إنكار الجريمة فلا يطالب بإقامة أي دليل على إنكاره إذ أن من حقه رفض الدفاع عن نفسه.
لكن إذا ادعى سببا من أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسئولية أو عذراً من الأعذار القانونية فهل يكلف بإثباته كالمدين المدعى عليه في دعوى مدنية إذا ادعى براءة ذمته من الدين.
الأمر مختلف بين الشراح:
برى جارو ألا يكلف المتهم مبدئيا بإثبات أوجه الدفع التي يقدمها للأسباب التالية: (الموسوعة الجنائية جندي عبد المالك ص 104 الجزء الأول)
أولاً: لأن النيابة ملزمة بإثبات الشروط اللازمة لوجود الجريمة ومسئولية فاعلها وبالتالي عدم وجود شيء من أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسئولية أو الأعذار القانونية أو غير ذلك.
ثانياً: لأن الصفة الاجتماعية للدعوى تلزم القاضي بأن يأخذ من تلقاء نفسه بأوجه الدفع التي يراها في مصلحة المتهم ولو لم يتمسك بها.
ثالثاً: لأن نظام الإثبات في المواد الجنائية يقضي بان يكون اقتناع القاضي أساس لحكمه.
رابعاً: لأن الشك يجب أن يؤول لمصلحة المتهم.
وتطبيقاً لهذه القاعدة يجب على النيابة أن تثبت توفر القصد الجنائي لدى المتهم في الأحوال التي يشترط فيها توفر هذا القصد.
- إلا أنه في بعض الأحوال يفترض توفر القصد الجرمي ويكون المتهم هو الملزم بنفيه ففي جريمة الذم والقدح المنصوص عليها في المواد من 568 إلى 570 قانون عقوبات يفترض وجود سوء النية لدى الفاعل إلا إذا أقام الدليل على سلامتها.
- وتطبيقا للقاعدة ذاتها في مسألة سقوط الدعوى العامة بالتقادم يجب على النيابة أن تثبت أن الدعوى لم تسقط وأنها أقيمت في الميعاد القانوني.
النتيجة المترتبة على عدم كفاية الإثبات:
يترتب على عدم تقديم الإثبات الكافي في أية دعوى كانت من جانب المكلف به إخراج المدعى عليه من الدعوى " وهذه القاعدة يجب إتباعها في المواد الجزائية بنوع خاص" فطالما أنه لم يقدم الدليل القاطع على إدانة المتهم لا يجوز الحكم عليه بعقوبة ما بل يجب الحكم ببراءته مادة 175 قانون أصول المحاكمات الجزائية ولا محل إلزامه بشيء من المصاريف، ومتى حكم ببراءة المتهم لا تجوز إقامة الدعوى عليه ثانية من أجل الجرم نفسه وهذا يطبق على ما يصدر من قرارات من جهات الحكم أما الأمر الذي يصدر من النيابة بحفظ الأوراق فلا يمنع من العود إلى إقامة الدعوى العامة إذا ألغى النائب العام هذا الأمر أو إذا ظهرت قبل انقضاء المواعيد المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى أدلة جديدة.
النتائج التي تنجم عن قاعدة " الشك يجب أن يفسر لصالح المتهم"
- إذا حكم ببراءة المتهم المحبوس حبسا احتياطيا يجب في الحال الإفراج عنه ولو استأنفت النيابة الحكم الصادر ببراءته مادة 312 قانون أصول محاكمات جزائية.
- إن طرق الطعن في الأحكام تفيد المتهم ولا تسيئه ما لم تطعن النيابة فيها.
- إن إعادة النظر لا تجوز إلا في الأحكام الصادرة بالعقوبة دون الأحكام الصادرة بالبراءة مادة 367 قانون أصول المحاكمات الجزائية.
الوقائع التي يجب أن يتناولها الإثبات
- يشترط أن تكون الوقائع المراد إثباتها بالدعوى منتجه في الإثبات يراعى في تطبيق هذا الشرط في المواد الجزائية الآتي:
أولاً: إن جميع الوقائع التي يمكن أن تؤثر عن قرب أو بعد على وجود الجريمة ومسئولية مرتكبها تعتبر متعلقة بالدعوى وبالتالي جائزة الإثبات.
ثانياً: أن جميع طرق الإثبات تقبل في إثبات هذه الوقائع.
طرق الإثبات
- طريقة الأدلة القانونية:
- طريقة الأدلة الاقناعية:
الطريقة الأولى: تقييد حرية القاضي في تكوين اقتناعه إذ تحتم عليه الأخذ بأدلة معينة إذا توافرت يبنى عليها حتما ثبوت الواقعة وإذا لم تتوافر تعتبر الواقعة غير ثابتة.
الطريقة الثانية: تطلق الحرية للقاضي في تكوين اقتناعه وتسمح له بإثبات الواقعة بجميع الطرق المؤدية لذلك.
مبدأ حرية الاقتناع
في المواد الجزائية فالأصل إتباع طريقة الأدلة الاقناعية فالقاضي غير مقيد فيها بأدلة معينة قانوناً بل له أن يكون اعتقاده من جميع ظروف الدعوى ومن كافة الوقائع التي تعرض عليه أو يستخلصها من أقول المتهمين والشهود.
وبما أن تقدير الأدلة يرجع فيه إلى اقتناع القاضي فهو من المسائل الموضوعية التي لا تدخل تحت رقابة محكمة النقض. ولكن هذا لا يمكنه من وجوب اشتمال الحكم على بيان الواقعة والأسباب التي بنى عليها القاضي اقتناعه المادة (310) أصول محاكمات جزائية.
إن حرية الاقتناع معناها استبعاد الأدلة القانونية أي تلك الأدلة المصطنعة التي تقدر بها مقدما قيمة كل عنصر من عناصر الإثبات ولكنها لا تعني أن القاضي يحكم بشعوره ووجدانه بل يجب عليه أن يكون اقتناعه بعمل ينطوي على البحث والتفكير ويخضع فيه هو نفسه لقواعد المنطق والاستنتاج الطبيعي.
اجتهاد قضائي
- بينات استجواب الطرفين ـ شهادات الشهود ـ تكوين قناعة المحكمة:
وان كان لمحكمة الموضوع تكوين قناعتها في الدعوى من استجواب الطرفين ومن الشهود، إلا أن هذه القناعة ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بضرورة استنادها إلى وقائع صحيحة وأسباب كافية مما يوجب تعليل الحكم بهذا الصدد بدليل ما ورد في الفقرة 132 من المذكرة الإيضاحية لقانون البينات التي أوجبت على المحكمة تعليل القرار الذي يصدر في تقدير قيمة الشهود تعليلا كافيا بإظهار العوامل والأسباب التي استند إليها القاضي.
(قرار 1387 أ 2653 تاريخ 17/12/1985المحامون 86 ص 1128) .
- إن الاستيلاء على أموال الغير باستعمال الدسائس والوسائل الاحتيالية والخدع ينطبق على أحكام المادة 641 عقوبات.
حيث أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وناقشت الأدلة المساقة فيها وخاصة القرار المدعى عليه الطاعن ... الصريح والمؤول، وكونت قناعتها في صحة ارتكاب المدعى عليهما ... و... الجرم المعزو إليهما.
ومن حيث أن الأفعال المرتكبة من قبل الطاعنين وهي الاستيلاء على أموال الغير باستعمال الدسائس والوسائل الاحتيالية والخداع إنما تنطبق على أحكام المادة 641 عقوبات وما استقر عليه اجتهاد هذه المحكمة.
(قا 2994 الملحق الدوري الأول لعام 1981 المجموعة الجزائية). مما يجعل السبب المثار من الطاعنين بهذه الناحية حرياً بالرد.
وحيث أن تقدير الأدلة والقناعة بها من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب سيما وأن أسبقيات الطاعنين توحي بتلك القناعة.
مما يجعل القرار الطعين يغدو في منأى من أن ينال منه أسباب الطعنين ويقتضي بالتالي رفضهما.
(نقض سوري ـ جنحة 987 قرار 391 تاريخ 15 / 3 / 1987)
هدف القانون من بيان المحكمة للواقعة الجرمية
هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة مع إثبات ما خرج عن هذه الأركان مما له شأن هام يترتب عليه نتائج قانونية كتاريخ الواقعة ومحل حدوثها ومأخذ الظروف المشددة للعقاب فأن أهمل قاضي الموضوع إثبات فعل أو مقصد أو مأخذ لظرف مشدد مما يخل بركن من الأركان التي لا تقوم الجريمة إلا على توافرها جميعاً أو مما لا يسوغ الزيادة في العقوبة التي فرضها كان من حق المحكوم عليه أن يطعن في حكمه لمخالفته القانون.
أما تقدير الأدلة التي توصل بها إلى تكوين عقيدته وإثباتها في الحكم ذلك الإثبات الذي هو مراد القانون من عبارة (بيان الواقعة) فأمر هو وحده ذو الحق فيه ولا رقابة لأحد عليه لكون هذا التقدير أمر نفسي يتفاوت فيه القضاة كما يتفاوت في مثله كل الناس بل قد يختلفون لدرجة العناد ويستحيل أن يدعي أحد أن تقدير قاض في هذا الصدد هو الحق دون تقدير قاض آخر.
وقاضي الموضوع حر يأخذ الحقيقة التي ينشدها من أي موطن يراه:
- فقد تأبى نفسه الأخذ باعتراف متهم لما يدخله من الشك في صحته وقد يأخذ ببعض الاعتراف وينبذ بعضه.
- قد يأخذ ببعض الشهادة وينبذ بعضها الأخر.
- قد يأخذ بقول ما قاله الشاهد في التحقيق دون قول قاله بجلسة المرافعة أو بالعكس.
وليس عليه في كل ذلك حرج لأنه طالب حقيقة ينشدها حيث يجدها ويستخلص ثمينها مما يزين عليه من غيث الأباطيل، وما كان للشارع أن يضيق عليه في ذلك بل أنه وكل الأمر فيه لضميره وجعله وحده الرقيب عليه فيه ومتى كان الآمر كذلك علم بالبداهة أن الخوض في أمر خاص بتقدير الدليل هو أمر موضوعي لا محل لعرضه على محكمة النقض.
- أن تحقيق توفر أركان الجرائم من اختصاص قاضي الموضوع وحده ومتى اقتنع بهذا التوفر وبينه في حكمه مدللاً عليه بما صح عنده من وجوه الاستدلال وجب على قاضي النقض احترام رأيه إلا إذا خالف قاضي الموضوع طريقة استدلال معينة تكون مرسومة في القانون بصفة خاصة للجريمة المنظورة فيها.
الاستثناءات من مبدأ حرية الاقتناع في المواد الجزائية
هناك بعض الاستثناءات وهي:
1- الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا حسب نص المادتين (473 و474) من قانون العقوبات هي:
- فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها.
- للزوجة نفسها فيجوز إثبات الزنا بجميع طرق الإثبات القانونية كذلك يجوز إثبات زنا الزوج وشريكته في منزل الزوجية بجميع الطرق القانونية.
اجتهاد قضائي
ـ إن إثبات الزنا على المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقاً للقواعد العامة، وأما إثبات هذا الجرم ضد شريكها الذي لا يقصد به إلا الرجل وحده فيكون بإحدى الطرق التي ذكرها القانون على سبيل الحصر وهي الإقرار القضائي والجنحة المشهودة والرسائل والوثائق الخطية.
(جنحة أساس 2201 قرار 2308 تاريخ 2 / 8 / 1976)
2- تعتبر بعض المحاضر والأوراق حجة بما فيها إلى أن يثبت ما ينفيها المواد من (178 إلى 180) قانون أصول المحاكمات الجزائية:
- يعمل بالضبط الذي ينظمه ضباط الضابطة العدلية ومساعدو النائب العام في الجنح والمخالفات المكلفون باستثنائها حتى يثبت العكس.
- ويشترط في إثبات العكس أن تكون البينة كتابية أو بواسطة شهود.
لكي تكون للضبط قوة اثباتية يجب :
- أن يكون قد نظم ضمن حدود اختصاص الموظف وأثناء قيامه بمهام وظيفته.
- أن يكون الموظف قد شهد الواقعة بنفسه أو سمعها شخصيا.
- أن يكون الضبط صحيحا في الشكل.
- لا قيمة للضبوط الأخرى ألا كمعلومات عادية.
- لا يجوز إثبات العقود التي تستلزمها بعض الجرائم ألا بالطرق المقررة في القانون المدني:
في جريمة اليمين الكاذبة إذا كانت الواقعة التي تناولها اليمين لا تقبل الإثبات بالبينة فلا يجوز إثبات كذب اليمين إلا بالكتابة ذلك أن قواعد الإثبات لا تتعلق بنوع المحكمة المرفوعة لها الدعوى بل بطبيعة المسألة المراد إثباتها.
جمع الأدلة
وضع المشرع أصول خاصة لقبول وجمع الأدلة وفرق في ذلك بين أدوار الدعوى الثلاثة وهي دور جمع الاستدلالات معرفة الضابطة العدلية ودور التحقيق الابتدائي بمعرفة النيابة أو قاضي التحقيق ودور التحقيق النهائي في الجلسة.
الدور الأول: لا يجري تحقيق بالمعنى القانوني بل يقتصر دور مأمور الضابطة العدلية حسب الأصل على جمع الإيضاحات وإجراء التحريات الموصلة للحقيقية مادة (49) من قانون أصول المحاكمات المدنية إلا في بعض الأحوال الاستثنائية كحالة الجرم المشهود مادة (46) من قانون أصول المحاكمات المدنية وحالة الانتداب مادة (48) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
الدور الثاني: يكون التحقيق تحريا والعلنية محدودة وحتى المواجهة محدودة كذلك.
الدور الثالث: فالتحقيق في الأصل شفهي وعلني وفي المواجهة.
طرق الإثبات الأدلة التي يجوز الأخذ بها في المواد الجزائية وهي:
1- الاعتراف.
2- الشهادة.
3- الكتابة أي الوراق والمحاضر.
4- الخبرة.
5- الانتقال إلى محل الواقعة.
6- القرائن.
أولاً: الاعتراف:
الاعتراف هو إقرار المتهم بكل أو بعض الوقائع المنسوبة إليه وبعبارة أخرى هو شهادة المرء على نفسه بما يضرها.
ولما كان إقرار المتهم على نفسه أقرب إلى الصدق من شهادته على غيره كان الاعتراف أقوى من الشهادة بل هو سيد الأدلة كلها، ومع ذلك فهو خاضع في المواد الجزائية كغيره من الأدلة إلى تقدير القاضي.
طرق الحصول على الاعتراف
يندر أن يعترف المتهم على نفسه تلقائيا لذا عنى المشرع برسم الطريقة الموصلة للاعتراف فأجاز أخذه من المتهم بطريق الاستجواب.
- لا تكون للاعتراف قيمة إذا انتزع من المتهم بطريق الإكراه المادي أو الأدبي.
- فرض القانون عقابا صارما لكل موظف أو مستخدم عمومي يأمر بتعذيب متهم أو يفعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف.
- أجاز القانون موظفو الضابطة العدلية سماع أقوال المتهم عند القبض عليه.
- أجاز للنيابة ولقاضي التحقيق استجواب المتهم في التحقيق الابتدائي بل أوجب عليهما استجوابه في ظرف أربعة وعشرين ساعة من وقت تنفيذ أمر ضبطه وإحضاره أو الأمر الصادر بحبسه احتياطيا.
- في التحقيق النهائي أمام المحكمة بعد أن يتلوا الكاتب أوراق التحقيق ويقدم عضو النيابة طلباته يسأل القاضي المتهم عما إذا كان معترفا بارتكاب الفعل المسند إليه أم لا فإذا أجاب بالإيجاب يحكم بغير مناقشة.
- يجوز استجواب المتهم ألا إذا طلب ذلك وللمتهم حق رفض الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه.
- إذا طلب المتهم أن يستجوب أثناء نظر الدعوى فعلى المحكمة أن تستجوبه وألا عد امتناعها وجها مهما لبطلان الإجراءات.
- عدم سؤال المتهم عن التهمة في محكمة الدرجة الثانية لا يترتب عليه بطلان الإجراءات لأن المحكمة الاستئنافية غير ملزمة بسؤال المتهم عن التهمة.
قوة الاعتراف في الإثبات
أنواع الاعتراف:
- اعتراف صريح: وهو الاعتراف بمعنى الكلمة.
- اعتراف ضمني: أي مستنتج من بعض الظروف وفي هذه الحالة يدخل في حكم القرائن.
- الاعتراف القضائي: الذي يصدر من المتهم أمام المحكمة يحق للقاضي أن يبحث فيما إذا كانت ظروف الدعوى تفيد صحة الاعتراف ومطابقته للحقيقية أم لا.
- الاعتراف غير القضائي: الذي يصدر خارج مجلس القضاء، إما أن يكون مدوننا في محضر أو ورقة وتخضع كغيرها من المستندات لتقدير القاضي وإما أن يكون شفهيا أي حاصلاً أمام الشهود وهو إثبات البينة ويخضع لنفس القواعد التي تتبع في إثبات الواقعة التي ينصب عليها الاعتراف.
يستخلص من ذلك أن الاعتراف القضائي وغير القضائي خاضع كغيره من الأدلة لتقدير القاضي.
اجتهادات
قرار 40 لعام 1992
تاريخ 28/1/1992
المبدأ: اختلاس ـ أشياء ـ أموال ـ موظف.
ـ ليس كل نقض في الأشياء أو الأموال التي توضع تحت إدارة الموظف وإشرافه يعد اختلاسا للأموال العامة.
ـ إلا أن اعتراف الطاعن اعترافا قضائيا يثبت قصد الاختلاس.
ـ قلب الحيازة الناقصة للمال العام إلى حيازة كاملة وتصرف الموظف بالمال تصرف المالك في ملكه،يؤلف الركن المعنوي لجناية اختلاس الأموال العامة.
- لئن كان الاعتراف أو الإقرار هو سيد الأدلة في القضايا المدنية إلا أنه ليس كذلك في القضايا الجزائية فهو لا يعدو أن يكون دليلاً من أدلة الدعوى يخضع في تقديره لمحكمة الموضوع فلها أن تطرحه إذا لم تقتنع بصحته ومطابقته للحقيقة إذ العبرة باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي تتم في الدعوى بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يجادل قاضي الموضوع أمام محكمة النقض بهذه القناعة.
(جناية أساس 925 قرار 1032 تاريخ 9 / 11 / 1928)
اعتراف متهم على أخر:
لما كان تقدير قيمة الأدلة يتعلق باقتناع القاضي فمن الجائز الأخذ باعتراف متهم على أخر انه وإن كان من المصطلح عليه عموما أن اعتراف متهم على متهم لا يصح في حد ذاته أن يكون دليلا يقضي بموجبه غير أن هذه القاعدة ليست في الحقيقة بقاعدة قانونية واجبة الأتباع على إطلاقها وإنما حجة الاعتراف متهم على متهم هي في الواقع مسألة تقديرية متروكة لرأي قاضي الموضوع وحده فللقاضي أن يأخذ بالاعتراف الذي من هذا القبيل إذا اعتقد صدقه أو أن يستبعده إذا لم يثق بصحته.
تجزئة الاعتراف:
مبدأ عدم تجزئة الاعتراف لا يمكن تطبيقه في المواد الجزائية حيث الأدلة في الأصل اقتناعية.
إن للمحكمة الحق بأن تأخذ من اعتراف المتهم الجزء الذي تراه صحيحا وتترك ما يثبت التحقيق كذبه.
وان قاعدة عدم تجزئة الاعتراف في المسائل المدنية ليست متبعة في المسائل الجزائية حيث للقاضي كامل الحرية في أن يكون عقيدته بحسب جميع عناصر التقدير التي تعرض عليه وأن يكونها على الأخص بحسب أقوال وإقرارات وبيانات المتهمين بالذات فله أن يأخذ ويستبعد ما يشاء بحسب ما يراه من مطابقتها أو مخالفتها للواقع في نظره.
ثانيا: الشهادة أو البينة الشخصية:
تعريف الشهادة:
الشهادة أو البينة هي تقرير المرء لما يعلمه شخصيا إما لأنه رآه أو لأنه سمعه.
- الشهادة طريقة إثبات ضرورية لكنها في نفس الوقت طريقة ضعيفة وخطرة لتركزها على المشاعر والحواس وذاكرة الشهود وهي عرضة للزلل، ومن جهة أخرى ترتكز على قرينة مشكوك فيها من الصدق والإخلاص وعليه لا تقبل الشهادة في المواد المدنية فيما يخالف أو يجاوز الدليل الكتابي أو في الالتزامات التعاقدية و التي تزيد قيمتها عن 500 ليرة إلا إذا كان هناك مانع أدبي من الحصول على كتابة أو كان الدين أو التخلص منه صار قريب الاحتمال بورقة صادرة عن الخصم أو إذا وجد دليل قطعي على ضياع السند مما يستفاد منه أن الإثبات بالبينة الشخصية في المواد المدنية طريقا غير عادي بل هو طريق استثنائي.
- إما في المواد الجزائية حيث يقتضي الحال إثبات وقائع لا يمكن الحصول مقدما على أدلة عليها فالشهادة هي الطريقة العادية لإظهار الحقيقة وإثباتها.
- أجاز المشرع سماع الشهود لموظفي الضابطة العدلية وللنيابة العامة وقاضي التحقيق والإحالة ومحاكم المخالفات والجنح ومحاكم الجنايات.
- يشترط لقبول الإثبات بالبينة الشخصية أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى وجائزة القبول وتكون الوقائع غير متعلقة بالدعوى إذا لم تكن مؤثرة في إثبات التهمة أو نفيها وكذلك إذا كانت مما لا يصح إثباته قانونا.
- يجوز أن تكون الشهادة على سمعة المتهم وحالته الأدبية لأن ذلك مما يتوصل به إلى إثبات وقائع الدعوى.
- والأصل أن يشهد الشاهد بما أدركه بحواسه ولكن يصح أن يشهد بما سمعه من غيره وأن كانت شهادة النقل ليست موضع ثقة تامة لأن الأقوال تتعرض دائما للتحريف بانتقالها من شخص لآخر.
- يمكن أن يكون موضوع الشهادة إشاعة تداولها الناس ولا يمكن معرفة منشئها وهي أضعف أنواع الشهادات ولكن القانون لم يمنعها فيمكن إذن قبولها وللقاضي أن يقدرها حق قدرها.
- يجوز للقاضي الامتناع عن سماع الشهادة إذا كانت الوقائع المطلوب سماعهم عنها غير متعلقة بالدعوى ولا جائزة القبول، وكذلك إذا كانت أقوال الشهود قد ثبتت بشهادة غيرهم أو باعتراف المتهم.
دعوة الشهود
1- في دور الضابطة العدلية:
2- في دور التحقيق:
3- في دور المحاكمة:
- ميعاد تبليغ الشهود للحضور أمام محاكم الجنايات يكون قبل انعقاد الجلسة بثلاثة أيام على الأقل غير مواعيد المسافة.
- لم يحدد القانون ميعادا للحضور أمام محاكم المخالفات والجنح ويكفي أن يترك الوقت الكافي للحضور ويمكن أن يعطى ميعاد يوم للحضور غير مواعيد المسافة.
- الشهود ملزمون قانونا بالحضور وأداء الشهادة وقول الحق.
نصت المادة (82) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على الأتي:
1- كل من يدعى لأداء الشهادة مجبر على الحضور أمام قاضي التحقيق وأداء شهادته وألا استهدف لغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة ليرة سورية يفرضها عليه قاضي التحقيق بعد استطلاع رأي النائب العام بموجب قرار نافذ في الحال.
2- ولقاضي التحقيق أن يقرر إحضار الشاهد.
- يجب على الشاهد أن يكون صادقا في شهادته وإن على الشهود أن يحلفون على أنهم يقولون الحق ولا يشهدون بغيره حسب نص المادة (192) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
- ليس من الضروري ذكر صيغة اليمين في ضبط الجلسات بل يكفي أن ينوه أن الشاهد قد حلفها.
- إن الأصل في الأحكام اعتبار أن الإجراءات الشكلية قد روعيت وأن لمن يدعي إهمالها أو مخالفتها أن يثبت ذلك بكافة الطرق ولكن هذا الإثبات لا يقبل إلا إذا كانت تلك الإجراءات غير مذكورة بمحضر الجلسة ولا بالحكم.
- إن الامتناع عن حلف اليمين يعتبر بمثابة الامتناع عن الشهادة ويعاقب الشاهد عليه لكون الشهادة باطله ألا بعد حلف اليمين حسب نص المادة (286) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
- شهادة الزور – من يقرر أقوال كاذبة في تحقيقات الشرطة أو النيابة بقصد إعانة الجاني على الفرار من وجه العدالة يعاقب بمقتضى أحكام المادة (398) وما بعدها من قانون العقوبات وشهادة الزور أمام المحكمة من جرائم الجلسات التي يجوز الحكم فيها في نفس الجلسة التي وقعت فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة.
من لا تجوز شهادتهم
الأصل أن كل إنسان يجوز له ويجب عليه أداء الشهادة ولكن هناك استثناءات وهي:
عدم الأهلية للشهادة:
- لا يجوز أداء الشهادة لمن كان غير قادر على التمييز سواء بسبب كبر السن أو صغره أو بسب المرض أو القوة العقلية أو غير ذلك من الأسباب التي من هذا القبيل ومنها السكر واليقظة النومية.
- يجوز لمن لا قدرة له على التكلم أن يؤدي الشهادة بالكتابة أو بالإشارة.
- الشهود الذين لم يتموا الخامسة عشر تسمع أقوالهم على سبيل الاستدلال فقط ذلك لأن الصغير لا يدرك قيمة اليمين فضلا عن ميله للكذب وسهولة التأثير عليه.
- العبرة بسن الشاهد وقت أداء الشهادة لا وقت حصول الواقعة المشهود بها.
- المحكوم عليه بعقوبة جنائية يعتبرون أنهم غير أهل للشهادة فلا يجوز لهم أن يشهدوا أمام المحكمة مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال.
المنع أو الإعفاء من أداء الشهادة:
حسب نص المادة (565) عقوبات الملزمون بكتمان الأسرار التي ائتمنوا عليها بسبب صناعتهم ولا على الأشخاص المعفيين من أداء الشهادة وفق نص القانون.
أحوال المنع: ما نصت عليه المادة (565) عقوبات لا يجوز للأطباء أو الجراحين إفشاء أسرار صناعتهم أو التي ائتمنوا عليها.
الإعفاء مقتصر على أداء الشهادة ولا يشمل الحضور أمام المحكمة إذا كلف الشاهد بالحضور وألا عرض نفسه للعقاب عن التخلف ومتى وجهت إليه أسئلة فله أن يقرر إذا كان يمكنه الإجابة عنها أم لا وعليه أن يطلع المحكمة على الأسباب التي تدعوه إلى امتناع وللمحكمة الرأي الأعلى في تقدير ما إذا كانت السباب التي يبديها الشاهد مما يبرر امتناعه عن أداء الشهادة.
- صفة الشاهد لا تتعارض مع صفة موظف الضابطة العدلية ولا عضو النيابة العامة ولا قاضي التحقيق ولا الإحالة.
- لا تتعارض صفة الشاهد مع صفة الخبير في الدعوى.
- يجوز سماع المدعي بصفة شاهد بعد تحليفه اليمين أو على سبيل الاستدلال فقط.
- يقضي القانون أحيانا بعفو عن بعض الجناة إذا بادر بإخبار الحكومة بالجريمة وفاعليها أو سهل لها القبض عليه ولا شيء يمنع في هذه الحالة من أن الجاني المعفي من العقاب يسمع بصفة شاهد على الباقين بعد تحليفه اليمين.
- يمكن أثناء المحاكمة وعقب سماع كل شاهد على انفراد مواجهة الشهود ببعضهم.
- يجب أن تكون الشهادة شفهية أمام المحكمة.
- لكل من الخصوم الحق في سماع الشهود فللنيابة والمدعي الشخصي الحق في سماع شهود الإثبات وللمتهم الحق في سماع شهود النفي.
- ليس للمحكمة أن تمتنع عن سماع الشهود وألا كان حكمها باطلاً لأن امتناعها عن سماعهم يعد إخلال بحق الاتهام أو الدفاع وبمبدأ شفهية التحقيق الذي يقضى بأن لا يستعاض عن الشهادات الشفهية بتلاوة الشهادات المكتوبة في محاضر التحقيق.
- لا يكون عدم سماع الشهود سببا للبطلان إلا إذا تمسك لمتهم بسماع شهادتهم وإذا رفض طلبه أمام المحكمة الابتدائية وجب تجديده أمام المحكمة الاستئنافية أما إذا لم يتمسك المتهم بسماع شهود النفي أو لم يجدد طلبه أمام المحكمة الاستئنافية فلا بطلان.
- للمتهم الحق في سماع شهود الإثبات وتوجيه الأسئلة أليهم ولا يجوز الاستعاذة عن سماع شهادتهم بتلاوة أقوالهم المدونة في المحضر وليس للمحكمة أن ترفض سماعهم وألا ترتب على ذلك بطلان الإجراءات.
الاستثناءات:
للمحكمة أن لا تسمع الشهود في الحالات التالية:
1- غياب المتهم لأنه سوف تحصل مرافعة جديدة بعد الاعتراض على الحكم الغيابي من قبل المتهم أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بالتقادم.
2- اعتراف المتهم إذا اعترف المتهم بالجريمة يحكم القاضي عليه بدون مناقشة أو مرافعة.
3- تنازل أحد الخصوم للمحكمة أن لا تسمع الشهود إذا تنازل أحد الخصوم أو محاميه عن سماع شهوده بشرط موافقة الخصم الآخر ولو ضمنا على هذا التنازل.
4- استغناء المحكمة عن بعض الشهود لا يجوز للمحكمة أن تصرف النظر عن سماع الشهود الذين سماهم الخصوم إلا أنها ليست ملزمة بأن تسمعهم كلهم بل يسوغ لها أن تستبعد منهم من ترى أن شهادته غير لازمة أو غير مجدية وذلك بأن يكون أوجه الدفاع الذي يبديه المتهم ويطلب من المحكمة تحقيقه غير متعلق بالموضوع ولا جائز القبول أو أن يكون القاضي قد وضحت لديه الواقعة المبحوث فيها وضوحا كافياً.
5- عدم حضور الشهود يجوز للمحكمة صرف النظر عن سماع الشهود إذا تعذر حضورهم.
6- في الاستئناف الأصل أن المحكمة الاستئنافية لا تجري تحقيقا ما بل تحكم بناء على أوراق القضية ومحضر جلسة محكمة أول درجة ولكن يسوغ لها أن تأمر بما ترى لزومه من استيفاء تحقيق أو سماع شهود ولا يترتب على رفض المحكمة سماع الشهود أي بطلان سواء أكان الشهود قد سمعوا سابقا أم كانوا شهودا جدد.
- يقدر القاضي شهادة الشهود فيأخذ منها بما يقنع ضميره ورأيه فيذلك لا تتناوله رقابة محكمة النقض.
فينظر القاضي إلى احتمال حصول الواقعة المشهود عليها وعدم مخالفتها للمعقول وينظر في حالة الشاهد النفسية والأدبية وتاريخ حياته وعوائده ومركز في الهيئة الاجتماعية ثم لكفاءته الحسية والعقلية ثم لعلاقته بالخصوم وما يربطه بهم من قرابة أو صداقه أو مصلحة.
- ليس القاضي مقيد بعدد معين ولا بنوع معين من الشهود وليست القرابة أو المصاهرة من أسباب رد الشهود وتجريحهم.
ثالثاً: الإثبات بالكتابة:
- الأوراق إما أن تكون جسم الجريمة أو الدليل عليها – جسم الجريمة كالورقة المزورة في دعاوى التزوير – دليل كعقد إيجار المحل المعد للعب القمار في جريمة فتح محل للعب القمار ويمكن أن تكون جسم الجريمة والدليل في أن واحد كالورقة المتضمنة وقائع القذف في جريمة القذف.
- يجوز الاستناد إلى تلك الأوراق شرط أن تضم إلى ملف الدعوى وأن تطرح للمرافعة والمناقشة الشفهية في الجلسة.
- إذا كونت الورقة جسم الجريمة فيكفي صدورها عن المتهم لتوفر الجريمة قبله أما إذا كانت دليلا على الجريمة فقط كما إذا كانت صادرة من المتهم وتضمنت اعترافه بالتهمة صراحة أو ضمنا أو كانت صادرة من غيره ولكنها تفيد وقوع الجريمة من المتهم فتكون الورقة محل تقدير المحكمة أو المحقق باعتبارها متضمنة على الأكثر اعترافا من المتهم أو شهادة عليه من الغير وللمحكمة الحرية التامة في هذا التقدير.
- كما أن للخصوم الحق في طلب سماع شهودهم ولهم الحق في طلب الإطلاع على مستنداتهم.
- أنواع الأوراق رسمية وعادية:
الأوراق الرسمية :
هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقاً للقواعد القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن.الأوراق العادية هي:
التي لم تستوفي الشروط المبينة في الأوراق الرسمية.
- الأوراق الرسمية بطبيعتها حجة بما قرر الموثق أنه رآه أو سمعه في حدود اختصاصه إلى أن يثبت ما ينفيه بطريق الطعن بالتزوير.
- المحاضر هي أوراق يحررها موظفون مختصون بإثبات الجرائم وظروفها والأدلة على مرتكبيها
ليس لكل المحاضر قوة واحدة في الإثبات فبعضها وهو القاعدة العامة ليس له سوى قيمة مستند عادي يستقي منه القاضي المعلومات التي من شأنها تكوين أو تثبيت عقيدته فهو عنصر من عناصر الاقتناع خاضع لمناقشة الخصوم ولحرية تقدير القاضي كمثل شهادة الشهود وقرائن الأحوال لا أكثر ولا اقل.
ويعتبر حجة بما فيه إلى أن يثبت ما ينفيه تارة بطريق الطعن بتزويره وتارة بالطرق العادية.
- لا تكون المحاضر حجة بما فيها إلا إذا كانت محررة بمعرفة موظف الضابطة القضائية المختص بتحريره.
- ليس للمحاضر قوة في الإثبات هذه إلا في المخالفات أما في الجنايات والجنح فلا تعتبر إلا مجرد استدلالات والموظف الذي حررها يجوز سماعه بصفة شاهد.
- لا يكون المحضر حجة إلا بالوقائع المادية المتعلقة بالجريمة والتي يكون محرره قد رآها أو سمعها أو حققها بنفسه.
رابعاً: الخبرة:
- الخبير هو كل شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل.
- فيلجأ إلى الخبرة كلما قامت في الدعوى مسألة تتطلب حلها معلومات خاصة لا يأنس القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية لها.
- يشبه الخبير الشاهد في أن كل منهما يقرر أمام القضاء الأمور التي شاهدها والتفاصيل التي لاحظها والظروف التي تأثر بها.
- الخبرة طريقة من طرق التحقيق تتخذ في الدور الابتدائي كما تتخذ في الدور النهائي للدعوى.
- للمحاكم الاستعانة بأهل الخبرة وهي كثيرا ما تلجأ إلى هذه الطريقة التي يبررها أنها طريقة ضرورية يتحتم اتخاذها كلما ظهر أنه يمكن الوصول بواسطتها إلى اكتشاف الحقيقة.
- للمحكمة تعيين الخبراء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم.
- ومتى قدم الطلب من احد الخصوم فلا يسوغ للمحكمة أن ترفضه إلا إذا رأت أن الوجه المطلوب تحقيقه غير متعلق بالموضوع ولا جائز القبول أو أن الواقعة المبحوث فيها واضحة وضوحاً كافياً.
- يكون تعيين الخبير أو الخبراء بحكم تمهيدي أو تحضيري على حسب الأحوال وتذكر في الحكم الذي يصدر بالتعيين المواد المقتضى أخذ قول أهل الخبرة عنها مع بيان ما يصرح لهم بعمله من الإجراءات المستعجلة.
- لم يحدد القانون الخبراء الذين يجوز للمحكمة الاستعانة بهم فيجوز لها أن تختار لهذا الغرض أي شخص ترى فيه الكفاية اللازمة.
- صفة الخبير لا تتعارض مع صفة الشاهد بالرغم من أنها تتعارض مع صفة القاضي فقد يحصل أن الشخص الواحد يعين خبير في الدعوى بصفة خبير ثم يطلب لسماع أقواله بصفته شاهد أو العكس.
- يجوز رد أهل الخبرة إذا كان زوجا أو قريبا أو صهرا لأحد الخصوم على عمود النسب أيا كانت الدرجة وكذلك القريب من الحواشي إلى الدرجة الرابعة بدخول الغاية.
- أوجب القانون على الخبير أن يحلف يمينا قبل أداء مأموريته سواء أمام موظف الضابطة العدلية أو النيابة أو التحقيق أو المحكمة وألا كان العمل لاغيا يجب أن يحلف اليمين قبل أداء المهمة.
- يجب على الخبير أن يؤدي مهمته في زمن لائق ويجوز تحديده في الحكم الصادر بتعيينه كما أنه لا يجوز للخبير أن ينيب عنه غيره بالمهمة ولكن هذا لا يمنعه من أن يعهد لشخص أخر بعمل مادي لا ينطوي على شيء من التقدير أو الرأي.
- يجب أن يشتمل محضر الخبير على المقدمة وتشمل اسم الخبير ومن كلفه بالمهمة نقلا عن الحكم الصادر ومحاضر الأعمال وتشمل جميع الإجراءات والمباحث والتحقيقات التي أجراها الخبير والنتيجة وتشتمل على وأية في المسائل التي ندب لها.
- رأي الخبير يعطى دائما بصفة استشارية ولا تتقيد به المحكمة فهو ليس بحكم وليس له قيمة أكثر من شهادة الشهود ولا يمنع القاضي من حقه التام في تقدير الوقائع التي تعرض عليه حق قدرها والمحكمة ليست مقيدة رأي الخبير في معرفة التلازم بين الفعل والنتيجة وفي نوع الأدلة المستخدمة وللمحكمة أن تختار ما ترى الأخذ به كما أن لها تفضيل تقرير على تقرير أخر ولها أن تبحث في مسالة وتفصل فيها بدون اخذ رأي الخبراء.
- إذا لم تقتنع المحكمة بتقرير الخبير يجوز لها أن تعين خبيراً أو خبراء آخرين ولا شيء يمنع من أن يكون من بينهم أحد الخبراء الأولين.
خامساً: الانتقال على محل الواقعة:
- يحصل أن يتم الانتقال إلى محل الواقعة سواء في الدور الابتدائي للدعوى بمعرفة موظفو الضابطة العدلية وقاضي التحقيق أو في الدور النهائي بمعرفة المحكمة أو أحد أعضائها منتدبا منها لهذا الغرض.
- محضر المعينة نصت المادة (46) من قانون ألأصول على موظف الضابطة العدلية عندما ينتقل إلى محل الواقعة يحرر ما يلزم من المحاضر.
- انتقال المحكمة ليس هناك ما يمنع من انتقال المحكمة إلى محل الواقعة للمعاينة وتأمر المحكمة بالانتقال في حكم تصدره في جلسة علنية سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم.
سادساً: القرائن:
- الاستدلال بالقرينة هو استنتاج واقعة مجهولة من واقعة معلومة.
تقبل القرائن كطريقة للإثبات في القانون الجزائي حيث الأدلة اقتناعية.
القرائن نوعين :
قرائن اقتناعية:
يترك أمرها للقاضي فيختار منها ما يشاء ويستنتج ما يطابق فكره ويقنع ضميره وهي الأصل.قرائن قانونية:
التي يقررها الشارع مقدما ويلزم القاضي أو يجيز له الأخذ بها لا توجد القرائن القانونية ألا بنص والقرائن القانونية أما مؤقتة أو بسيطة أو قطعية أو مطلقة فالمؤقتة والبسيطة تقبل إثبات العكس وتبقى قائمة إلى أن يقوم الدليل على عكسها أما القطعية أو المطلقة لا تقبل إثبات العكس كمسألة السن.
- لا يجوز للقاضي أن يحكم بناء على المعلومات الشخصية التي حصل عليها خارج مجلس القضاء لأنه لا يصح أن يكون شاهدا وحكما في آن واحد ولأنه لا يجوز الحكم في الدعوى إلا بناء على التحقيقات التي تحصل في الجلسة في حضور الخصوم.