مصطلح أو مفهوم الشريعة الاسلامية و دوائرها المختلفة ومقارنتها بالمصطلحات الاخرى





الأستاذ: أحمد بروال / جامعة باتنة / الجزائر 
وفي هذا السياق فإن مصطلح أو مفهوم الشريعة الاسلامية يأتي في مقدمة هذه المفاهيم التي نحاول استعادة أصالتها وشمولها وتكاملها. ومن اجل ذلك قمنا بدراستها في شقين: 

الأول هو الشريعة الاسلامية في اللغة والاصطلاح، والثاني الشريعة الاسلامية في دوائرها المختلفة وفي مقارنتها بالمصطلحات الأخرى. 

في سياق تحديد مفهوم الشريعة الاسلامية ومضامينه المفهومية تناولنا في الحلقة الأولى مناقشة التعاريف اللغوية للمصطلح ثم بعض الاستعمالات والتعاريف الاصطلاحية. 

وفي هذه الحلقة بحول الله نقوم بتحديد وتصنيف العناصر المشكلة لمنظومة الشريعة الإسلامية وكذلك تمييز مصطلح الشريعة عن بعض المصطلحات الأخرى. 

ج. بنية منظومة الشريعة إن الحديث عن بنية منظومة الشريعة، من شأنه أن يعرفنا على أنواع الأحكام الشرعية ومجموعاتها التي تتكامل فيما بينها لتكون المنظومة الكلية وبناء على التعريف الاصطلاحي الذي اخترناه يتبين أن هناك تسع دوائر أساسية من الأحكام الشرعية وهي التي تتعلق بالمنظومات التالية: 

العقيدة- العبادة -والأخلاق والآداب والعلم والمعرفة- والتربية والدعوة والاجتماع- والاقتصاد والسياسة – والقضاء 

الدائرة الأولى: أحكام النظام العقدي


العقيدة هي التصور العام للوجود أي العالم العلوي من جهة، والعالم السفلي من حيث الدور والوظيفة، ومن حيث المأتى والمسار والمصير من جهة أخرى. وأحكام العقيدة هي الأحكام الشرعية التي تنظم هذا التصور وتحدده وتهدي إليه. وهي الأحكام التي تدعو إلى الإيمان بوجود الله وبتوحيده، والإيمان بأسمائه وصفاته، وملائكته وكتبه ورسله والإيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء. 

والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره ووجوب الإيمان بكل الغيب الذي أخبرنا الله تعالى به. ووجوب الإيمان بالإسلام كدين ارتضاه الله لنا. وأنه الرسالة الخاتمة وكلمته للناس كافة إلى يوم القيامة. ومن أحكامها أيضا تحريم الكفر والشرك والنفاق. ومن أحكام العقيدة أيضا الإيمان بأن هذا الوجود من صنع الله تعالى، وتحكمه قوانين ثابتة لا تتغير، وقد سخره الله للناس كافة عبر اكتشاف هذه القوانين. 

الدائرة الثانية: أحكام نظام العبادة


وهي الأحكام الشرعية التي تنظم علاقة المرء بربه. فتبين ما يجب عليه نحو خالقه من فعل الطاعات وترك المحرمات. كإقامة الصلاة والصيام والزكاة والحج وقراءة القرآن والدعاء وأداء الكفارات …وغيرها، وكترك تناول المحرمات كالميتة ولحم الخنزير وشرب الخمر… وغيرها. 

الدائرة الثالثة: أحكام نظام الأخلاق والآداب


وهي الأحكام التي تدعو إلى التحلي بالآداب والسلوكات الحسنة، والتخلي عن السلوكات المشينة وهي فردية وجماعية: 

- أما الفردية: فمنها القلبية كالنهي عن الحسد والغيرة والرياء، والأمر بالإخلاص والطهارة النفسية، والأمر بمحبة الله وخشيته. ومنها ما يتعلق بأفعال الجوارح كالنهي عن الكذب والتطلع إلى عورات الناس، والغش والخيانة والسرقة، وكالأمر بالصدق والأمانة والوفاء بالعهد وغيرها. 

- أما الجماعية: كالأمر بالتعاون، والتكافل الاجتماعي، وصلة الأرحام ووجوب أداء الحقوق العامة للمسلمين 

- الآداب العامة: كالتسمية على الطعام وغيره، والاستئذان، والتحية بين الناس، وأحكام الهندام واللباس، وأحكام النظافة، والنظام العام... إلى غير ذلك من الآداب 

الدائرة الرابعة: أحكام النظام التربوي والدعوى


وهي الأحكام العامة التي تحث على تربية النفس وتزكيتها وتربية الأولاد وتنشئتهم على مكارم الأخلاق كما يشمل أيضا أحكام الدعوة العامة، وأحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تشمل أحكام تربية الإرادة في النفس الإنسانية وذلك بممارسة العبادات والأخلاق. 

الدائرة الخامسة: أحكام طلب العلم والمعرفة

وهي الأحكام العامة التي تدعو إلى العلم والتعلم والفقه والفهم،والى السير في الأرض والنظر في التاريخ الإنساني،بهدف اكتشاف السنن الإلهية في الكون والحياة.كما تشمل أحكام التفكر في خلق الله،والتأمل في مظاهر قدرته، وتدبر مختلف الظواهر الكونية والاجتماعية والنفسية. 

الدائرة السادسة: أحكام النظام الاجتماعي


وهي الأحكام التي تنظم العلاقات المدنية بين الناس. وتتضمن أساسا أحكام الأسرة، من زواج، وولاية وقوامة ونفقة وكفالة وطلاق وميراث... وطاعة الوالدين وكل الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة الواحدة... كما تتضمن أيضا أحكام ذوي القربى والأرحام وأحكام الجار ثم الحقوق العامة بين المسلمين وأحكام جماعة المسلمين وحقوق الأخوة بين المسلمين كافة. 

الدائرة السابعة: أحكام النظام الاقتصادي


وهي الأحكام التي تهتم بشؤون المال والثروة وتنظيم الملكية، وأحكام الكسب والعمل، وأحكام الزكاة، والنفقات، وكذلك الاستثمار والتعمير والإنتاج والتوزيع، وتنظم إليها أحكام الصناعة والتجارة والزراعة والمساقاة والمغارسة وغيرها، وكل الأحكام التي تنظم تسخير الكون لصالح الإنسان تدعو إليه. 

الدائرة الثامنة: أحكام النظام السياسي


وهي الأحكام التي تهتم بشؤون الحكم والسلطان، أو ما يسمى بالسياسة الشرعية أو الأحكام السلطانية، وتتضمن أحكام تولي سلطات الحكم، وأحكام الشورى، وحقوق وواجبات السلطان والرعية هذا من جهة السياسة الداخلية، أما من جهة السياسة الخارجية فإن أحكام النظام السياسي تشمل حتى أحكام العلاقات الدولية، وأحكام السلم والحرب، والمعاهدات، وتضاف إلى ذلك أحكام الذميين والمستأمنين، والأقليات والجاليات. 

الدائرة التاسعة: أحكام النظام القضائي


وهي الأحكام التي تعالج المنازعات والخصومات وتشمل أحكام تولي مناصب القضاء، وأحكام الادعاء والتجريم وأحكام الإثبات وأدلته كالشهود واليمين والبينات والقرائن... كما تشمل أحكام العقاب والحدود والتعازير وغيرها ومضامين كل نظام من هذه الأنظمة. 

إن محتويات الأنظمة التي ذكرناها هي: 

أولا: أحكام تشريعية تتضمنها نصوص الوحي المعصوم وهي بمثابة الأساس لكل نظام من هذه الأنظمة، فهي التي تحدد التصور العام له، وتضع الخطوط العريضة لأنشطته وأعماله، 

ثانياً: ثم يأتي الفقه كمركب ثانٍ من مركبات النظام حيث يفسر الفقه النصوص التشريعية ويفرع الأصول، ويفصل المجمل، ويوصل بين مختلف أنواع أجزاء ومركبات النظام. 

ثالثاً: ثم يأتي القانون كمركب ثالث يضبط محتويات النظام في مواد قانونية واضحة ومحددة. ومن ثم فإننا عندما نذكر أحكام نظام معين فإننا نتحدث فقط عن المركب الأول منه وهو الأحكام التشريعية التي تتضمنها نصوص الوحي. 

د. الفرق بين الشريعة والفقه والقانون


هناك أهمية بالغة للتمييز بين هذه المصطلحات الثلاثة وتتمثل هذه الأهمية أساسا في الوقوف على العلاقة بين الفقه والشريعة من جهة، وبين الفقه والقانون من جهة أخرى. 

1. الشريعة الإسلامية


بالإضافة إلى التعاريف الاصطلاحية التي أوردناها سابقا، يمكن إيراد بعض التعاريف الأخرى التي من شأنها أن تُبْرِزَ الفوارق الأساسية بين الشريعة والفقه. فيمكن تعريف الشريعة بأنها مجموعة الأحكام التي نزل بها الوحي على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم(1). 

ويقول عبد الكريم زيدان: "الشريعة الإسلامية في الاصطلاح ليست إلا هذه الأحكام الموجودة في القرآن الكريم، والسنة النبوية والتي هي وحي من الله إلى نبيه محمد ليبلغها إلى الناس (2)، بمعنى أن الشريعة هي الأوامر والنواهي الثاوية في نصوص الوحي، كتابا وسنة، وليست الأحكام التي استنبطها المجتهدون من خلال فهمهم للنصوص، وبهذا المعنى فإن الشريعة الإسلامية تتصف بوصفين أساسيين: 

أولهما: أنها أحكام معصومة ومنزهة عن الخطأ والوهم والنقص لأنها صادرة من الله تعالى الموصوف بكل الصفات الكمال والتنزيه. 

وثانيهما: أنها أحكام خالدة وصالحة لكل زمان ومكان، لأن الشريعة نصوص عامة ومجردة بإمكانها إمداد المجتهدين والمكلفين بثروة من الأحكام الفقهية لكل الوقائع المعيَّنة والتصرفات المشخصة ووفق كل الظروف والملابسات. 

وبهذين الوصفين تتمايز الشريعة عن الفقه الذي يعني مفاهيم المجتهدين لنصوص الشريعة، بيد أن المتتبع لاستخدام الفقهاء لمصطلح -الشريعة- يجد أن هذا الاستخدام غير مضطرد، بل يعاني من الاضطراب وعدم الدقة. 

فمن ناحية يؤكد الفقهاء على أن الشريعة ليست إلا هذه الأحكام الموجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية وأنها أحكام عامة لجميع البشر، وصالحة لكل زمان ومكان... ومن ناحية ثانية يعتمد الفقهاء في تطوير الأحكام الشرعية مصادرَ أخرى إلى جانب نصوص الوحي كالإجماع والقياس والاستحسان والاستصلاح والعرف والمصالح المرسلة وسد الذرائع والاستصحاب ومذهب الصحابي وغيرها وتعتبر الأحكام المستفادة من هذه المصادر جزء من الشريعة باعتبار أن مصادرها مشهود لها بالحجية من قبل الشريعة نفسها(3). 

حيث يعرف البعض الشريعة بأنها جملة الأحكام المشروعة، فإن كان مصدرها السماء بأن نزل بها الوحي، سميت شريعة سماوية، وإن كانت من وضع البشر سميت شريعة وضعية(4). 

وهنا لابد من التوضيح، فالشريعة بمعنى نصوص الوحي تتصف بكل أوصاف القداسة والعصمة والتنزه عن النقص والخطأ، وأنها عامة لجميع البشر وصالحة لكل زمان ومكان ولا تضيق بحاجات الناس. وأن هذه الأوصاف لا تنطبق على الأحكام المستنبطة باعتماد المصادر المضافة وخاصة أن بعضا منها كالعرف والمصالح المرسلة مرتبطة بخصوصيات اجتماعية وتاريخية، ومن ثم "فالشريعة المتكونة من مجموعة الأحكام الثاوية في نصوص الوحي لا تستوي من حيث القيمة والدلالة والشريعة المتشكلة من الأحكام المستفادة من مصادر مضافة إلى نصوص الوحي، وإن شهدت نصوص الوحي لها بالحجية" (5). 

فالشريعة إذن هي الأوامر والنواهي والأحكام الواردة في نصوص الوحي المعصوم، أما ما استُنْبِطَ من هذه النصوص بالنظر العقلي فهو فقه وفهم لها، وهذا الفهم للنصوص قد يقترب من حيث القيمة إلى درجة الصواب إذا أجمعت عليه الأمة وتواطأ العمل به، وقد تكون الأفهام المستنبطة من النصوص ملزمة للناس ما لم يظهر اجتهاد أصوب وفهم أعمق للنص. ذلك أن نصوص الشريعة ليست كلها على درجة واحدة من الثبوت والدلالة، وحتى إذا سلمنا أننا لا نتعامل إلا مع النصوص القطعية الثبوت فإنه تبقى دلالة النصوص على الأحكام المستفادة منها تتفاوت في درجات الوضوح والخفاء. فمنها ما هو قطعي الدلالة، ومنه ما هو ظني الدلالة(6). 

ومما سبق يمكن أن نعتبر أن الشريعة هي الأحكام المعصومة المستفادة من النصوص القطعية الثبوت،والدالة دلالة قطعية على المراد الإلهي فيها. 

2. الفقه


جاء في لسان العرب الفقه العلم بالشيء والفهم له(7)، وقال ابن القيم: "الفقه أخص من الفهم لأن الفقه فهم مراد المتكلم من كلامه" (8)، وقال الراغب الأصفهاني: "الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم"(9)، وقال ابن الجوزي: "والفقيه هو من نظر في الأسباب والنتائج وتأمل المقاصد"(10). 

أما في الاصطلاح فقد كان الفقه في الصدر الأول يطلق على أحكام الدين كله، عقائد، عبادات، ووجدانيات وأخلاق ومعاملات، وذلك قبل أن تتمايز العلوم ، حتى إذا وجدت ظاهرة الاختصاص والتمايز فيما بعد أصبح الفقه -اصطلاحا علميا يطلق على الأحكام الشرعية العملية (الفرعية) المتعلقة بالعبادات والمعاملات الخاصة دون العقائد (علم التوحيد) والوجدانيات (التصوف)(11)، حيث أصبح الفقه فيما بعد يطلق ويراد به معرفة الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، وقد يطلق الفقه على مجموعة الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة(12). 

وفي الحقيقة أن الفقه بالمعنى الذي يطلق على كل أحكام الدين هو الذي قصده القرآن الكريم، حيث أن القرآن ذكر مادة -ف ق هـ- في سوره المكية "قبل أن تنزل الأوامر والنواهي التشريعية التفصيلية وقبل أن تفرض الفرائض، وتحد الحدود وتفصل الأحكام، وحتى في السور المدنية"(13) وردت مادة -ف ق هـ- ليس بمعنى الأحكام العملية فقط، بل بمعنى الفقه في سنن الله في النفس والمجتمع والتشريع. 

فالفقه في لغة القرآن ليس هو الفقه بمعناه الاصطلاحي بل هو فقه في آيات الله وفي سننه في الكون والحياة والمجتمع(14) والنفس، كما جاء أيضا بمعنى الفهم. 

ووردت مادة (ف ق هـ) أيضا في السنة الشريفة تدل على أن الفقه هو فهم جميع أحكام الدين وليس فقط الأحكام العملية. 

كما قال صلى الله عليه وسلم: «من يرد به الله خيرا يفقهه في الدين»(15). 

فالفقه هنا هو في الدين كله كما عرَّفه أبو حنيفة حين قال: "الفقه معرفة النفس مالها وما عليها"(16)؛ أي مالها من الحقوق وما عليها من الواجبات المختلفة. 

فإذا كانت الشريعة هي الأحكام الواردة في القرآن والسنة في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات، فإن الفقه هو فهم هذه الأحكام ومعرفة مقاصدها، يقول فتحي الدريني: "التشريع الإسلامي هو -في الواقع- النصوص المقدسة كتابا وسنة، وأما الفقه فهو التفهم العميق لهذه النصوص واستثمار طاقتها في الدلالة على كافة معانيها، وأحكامها العامة والجزئية والإدراك الشامل لما تستهدفه من مقاصد وغايات"(17). 

وبما أن الفقه هو فهم الناس للنصوص التشريعية فإن هذه الفهوم ما دامت صادرة عن اجتهادات بشر قد يصيبون وقد يخطئون فهي ليست معصومة إلا ما أجمعت الأمة عليه لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة أو خطأ، ومن ثم فهذه الاجتهادات قد تكون ليست صالحة لكل زمان ومكان وغير صالحة لكل الناس. فنصوص الوحي هي فقط المقدسة والمعصومة أما فهوم الناس لهذه النصوص فهي ليست مقدسة ولا معصومة، بل قد تتجدد من زمان إلى آخر. 

وباستقراء الشريعة نجد أنها فصلت في أحكام العقيدة والعبادات والأخلاق وأصول الشريعة مما لا يدع مجالا واسعا للاجتهاد والفقه، ذلك أن هذا الصنف من الأحكام ثابت ولا يتغير من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان، وهذا عكس مجالات الحياة المتغيرة كالسياسة والاقتصاد وغيرها فنجد أن الشريعة نصت على قواعد عامة دون التفصيل فيها مما يجعل مجال الاجتهاد فيها واسعا ومتغيرا. 

يقول حسن الترابي: "فمن الأحكام الفقهية ما يتصل بالشعائر وهي العبادات المسنونة... والمعروف من الاستقراء أن هذه العبادات قد فصلت في أحكامها تفصيلا دقيقا، وتتكثف فيها النصوص بدرجة تجعل مجال التقدير والاجتهاد محدودا جدا لا يتعدى فقه الفقيه أن يجمع النصوص ويملأ الثغرات المحدودة حتى يصل بين نص ونص، وليؤلف الصورة العامة والكلية للعبادة أما النصوص الشرعية في مجالات الحياة العامة فهي أقل عددا وأوسع مرونة وهى نصوص مقاصد أقرب منها نصوص أشكال، فلا نجد في باب الإمارة مثلا ما نجده في الصلاة من أحكام كثيرة ومنضبطة، ولا نجد في الاقتصاد ما نجده في الطهارة والنكاح"(18). 

3. القانون


ينصرف اصطلاح القانون إلى كل قاعدة مطردة مستقرة، وهو لفظ يطلق في جميع المجالات الطبيعية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها فيقال مثلا: قانون الجاذبية وقانون الغليان وقانون العرض والطلب(19). 

ويطلق القانون في مجال العلوم الاجتماعية على مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الأفراد في الجماعة والتي يتعين عليهم الخضوع لها ولو بالقوة إذا لزم الأمر(20). 

ويعرفه آخر بأنه "مجموعة القواعد والمبادئ والأنظمة التي يصنعها أهل الرأي في أمة من الأمم لتنظيم شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية استجابة لمتطلبات الجماعة وسدا لحاجاتها(21). 

كما يعرفه آخر فيقول: "القانون هو مجموعة من القواعد التي تحدد الأنساق العامة للسلوك"(22). 

فالقانون يحكم علاقات الناس ومعاملاتهم مع بعضهم البعض، دون أن يحيط بكل جوانب حياة الإنسان، فهو ينظم فقط معاملات الناس فيما بينهم، ومن ثم فهو يشمل مساحة أقل من المساحة التي يشملها الفقه ومن ثم المساحة التي تؤطرها الشريعة. 

فالفقه الإسلامي -بالإضافة إلى أحكام المعاملات- يشمل أحكام العقيدة والعبادة والأخلاق وغيرها. 

وبناء على ما سبق يمكننا أن نقول أن المقارنة بين الشريعة والقانون التي يروج لها بعض الناس، وبالمضامين التي اصطلحنا عليها لكل من الشريعة والقانون تبدو غير منطقية. لأن المقارنة تكون بين شيئين متشابهي ن أو متقاربين، ولا تكون بين شيئين مختلفين تماما أو أحدهما جزء بسيط من الآخر، وإذا أردنا أن نقيم مقارنة فهي بين القانون الإسلامي والقانون الوضعي، وليست حتى بين الفقه والقانون لأن القانون هو جزء من الفقه ومن غير الممكن أن نقارن بين الكل وجزء من أجزائه. 

ابحث عن موضوع