بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

كيفية صياغة البحوث

إن الحاجة إلى الدراسات و البحوث و التعلم لهي اليوم اشد منها في أي وقت مضى. فالعلم و العالم في سباق للوصول إلى اكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تكفل الرفاهية للإنسان، وتضمن له التفوق على غيره. وإذا كانت الدول المتقدمة تولي اهتماما كبيرا للبحث العلمي فذلك يرجع إلى أنها أدركت أن عظمة الأمم تكمن في قدرات أبنائها العلمية و الفكرية و السلوكية. والبحث العلمي ميدان خصب ودعامة أساسية لاقتصاد الدول وتطورها وبالتالي تحقيق رفاهية شعوبها والمحافظة على مكانتها الدولية. وقد أصبحت منهجية البحث العلمي وأساليب القيام بها من الأمور المسلم بها في المؤسسات الأكاديمية و مراكز البحوث، بالإضافة إلى انتشار استخدامها في معالجة المشكلات التي تواجه المجتمع بصفة عامة، حيث لم يعد البحث العلمي قاصرا على ميادين العلوم الطبيعية وحدها بل تعداها إلى غاية مجالات العلوم القانونية. لكن أحيانا يقع الباحث في دوامة الحيرة والشك في قدراته ويريد التأكد من أنه نجح في كتابة بحثه..فما هي الصورة النمطية لهيكلة بحث علمي والطريقة المنهجية المتبعة في ذلك؟ للإجابة على التساؤل يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة وبسيطة، استنادا بالدرجة الأولى ببعض المراجع العربية المتوفرة عن هذا الموضوع ومن خلال الإرشادات داخل الحصة من طرف الأستاذة. وبالنسبة لعناصر البحث فقد قمنا بتقسيمها إلى ست مباحث، خصصنا المبحث الأول لكيفية صياغة العنوان، وبينا فيه الجانبين الموضوعي والشكلي. وفي المبحث الثاني تعرضنا للمقدمة وتحديد مشكلة البحث، و شرحنا عناصر المقدمة وكيفية صياغة المشكلة. أما في المبحث الثالث فقد تطرقنا فيه إلى الفروض وأوضحنا الأهمية منها وكيفية صياغتها وكذا اختبار الفروض. وخصصنا الفصل الرابع للتقسيمات التي تقوم على طريقتين التبويب التاريخي والطريقة البنيوية. وفي المبحث الخامس عالجنا الخاتمة وشرحنا مميزاتها والفرق بينها وبين الخلاصة. وانصب تفكيرنا في المبحث السادس على ترتيب المراجع وفهرست الموضوع مبينين كيفية ترتيب المراجع وكتابة بياناتها وكذا الفهرس.

ونرجو أن يكون هذا العمل المتواضع مفيد للطلبة الذين يعتبرون السبيل الوحيد لتطوير البلاد وتقدمها وازدهارها. فالتعليم الجيد والاعتماد على العلم الذي هو وسيلة الإنسان للوصول على الحقائق وتوظيف المعرفة لخدمة المجتمع، هي أفضل الوسائل لتنمية القدرات العقلية للإنسان العربي على أكمل وجه لتمكينه من مواجهة التحديات.



المبحث الأول

كيفية صياغة العنوان



يشير العنوان إلى موضوع البحث ومجاله، ويكون عنوان البحث المقترح في مخطط البحث، هو نفس عنوان البحث عند الانتهاء من إجراءاته وغالبا ما يراعى في العنوان ما يلي:

 أن يكون محددا ومتضمنا أهم عناصر البحث.

 أن يكتب بعبارة مختصرة ولغة سهلة.

 أن يبدأ بالكلمات المحورية مثل: مشكلات التحصيل عند طلبة المرحلة الثانوية في الجزائر. ومحور العنوان هنا هو مشكلات التحصيل.

 أن يعبر عن جميع التغيرات المستقلة والتابعة.

 يفضل أن لا يزيد عدد كلمات العنوان عن خمسة عشرة كلمة(1).

وتخضع عملية صياغة عنوان البحث لاعتبارات عديدة يجب أن يلتزم بها الباحث. وتنقسم هذه الاعتبارات إلى قسمين:



1- القسم الموضوعي: ويتمثل في الجوانب الآتية:

 يلزم أن يأتي العنوان معبرا عن مضمون البحث ومحتواه دون زيادة أو نقصان.

 يفضل أن يكون العنوان مبينا لنوع المنهج وطبيعة الأدوات المستخدمة فيه.

 يجدر أن يبرز العنوان أهمية الموضوع.

 يعكس العنوان بشكل مكثف إشكالية البحث.



2- القسم الشكلي: ويقصد به التركيب اللغوي للعنوان، ويلزم أن يكون:

 محددا، مركزا، بعيدا عن أي شكل من أشكال التعميم أو التطويل.

 واضحا، خاليا من الغموض.

 مباشرا يسهل فهمه، إلا إذا كان موضوع البحث قد بلغ من الابتكار حدا لا يمكن التعبير عنه بدقة إلا بنحت مصطلح أو تركيب لغوي جديد يتضمنه العنوان. وفي هذه الحالة يلزم إضافة عنوان فرعي تحت العنوان الرئيسي بهدف توضيح مقصد الباحث ومضمون البحث. وينبغي أن تتوافر في العنوان الفرعي الشروط الواجب توفرها في العنوان الرئيسي(2).

المبحث الثاني

المقدمة وتحديد مشكلة البحث



ليس هناك جدال، بأن المقدمة هي الباب الرئيسي الذي ندخل منه على صلب الموضوع، وبالتالي فهي تحفز الهمة لقراءة البحث، أو تحملها على وضعه جانبا، فهي التي تقدم فكرة عن نوايا الكاتب وعن الغاية من معالجة هذه الظاهرة، مع إبداء الأسباب الرئيسية التي دفعته على ذلك. ونظرا لأهمية المقدمة، فإن الكثيرين من الباحثين يعتبرونها بمثابة الفصل الأول في كتبهم المتكونة من عدة فصول(1)، وفي جميع الحالات لابد أن تتضمن المقدمة بعض النقاط الرئيسية في أي دراسة وهي:



1- عناصر المقدمة:

 الخلفية النظرية للدراسة (أدب الموضوع): ويستعرض الباحث هنا الإطار النظري والدراسات الخاصة بموضوع بحثه بصورة مختصرة ومفيدة فإذا كان البحث يتعلق بأثر طريقة الاكتشاف على التحصيل يستعرض الباحث هنا الخلفية النظرية لطرق التدريس المختلفة وعلاقتها بالتحصيل ويبين الآراء المختلفة للمختصين حول هذا الموضوع مع التركيز بصورة أكثر على طريقة الاكتشاف.

 توضيح أهمية الموضوع: تحدد المقدمة أهمية الموضوع وانعكاساته على تطوير العمل. ففي البحث الخاص بالتعلم عن طريق الاكتشاف تذكر أهمية هذه الطريقة مقارنة بغيرها من الطرق.

 استعراض الجهود السابقة التي قام بها الآخرون في هذا المجال: يبين الباحث هنا ما قام به الآخرون من دراسات حول الموضوع ثم يوضح جوانب النقص والقصور في هذه الجوانب. وكذلك الإشارة إلى طول الفترة الزمنية التي انقضت بين الدراسات السابقة وبين هذه الدراسة وما حصل من تغير في الظروف وتطور المعرفة والتقنيات، الأمر الذي يقتضي تحديث الدراسات السابقة والتأكد من ارتباط نتائجها بالظروف والمعلومات الجديدة. ويشير الباحث إلى الجوانب التي سيتناولها في دراسته مما أغفلته الدراسات السابقة ويبين أوجه التميز في دراسته عن غيرها من الدراسات. ويعتبر استطلاع الدراسات السابقة هاما من أجل تجنب الأخطاء والمشاكل التي تعرضت لها البحوث السابقة وعدم التكرار غير المفيد وعدم إضاعة الجهود في دراسة مواضيع بحثت بشكل جيد في دراسات سابقة(2).









إن البحث الذي يخلو من إشكالية محددة، هو بحث غير جدير بصفة العلمية، فنقطة الارتكاز الأساسية التي يدور حولها أي بحث علمي هي "مشكلة" محددة تتطلب حلا.



2- صياغة المشكلة: إن صياغة المشكلة في عبارات واضحة ومفهومة ومحددة تعبر عن مضمون المشكلة ومجالها، وتوجه الباحث إلى العناية المباشرة بمشكلته، وجمع المعلومات والبيانات المتعلقة بها وترشد الباحث إلى مصادر المعلومات المتعلقة بمشكلته التي تتطلب من الباحث اختيار الألفاظ والمصطلحات لعبارات المشكلة أو الأسئلة التي تطرحها للبحث بصورة تعبر عن مضمون المشكلة بدقة بحيث لا تكون موسعة متعددة الجوانب كثيرة التفاصيل أو ضيقة محددة للغاية ويصعب فهم المقصود منها بدقة ووضوح.

وتصاغ المشكلة بأحد الأسلوبين التاليين:

 الصيغة التقريرية أو اللفظية: وتكون بالتعبير عن المشكلة بجملة خبرية مثل:

- علاقة الذكاء بالتحصيل الدراسي عند طلبة المرحلة الأساسية.

- كيفية مساعدة المعلمين على الاهتمام بالنمو المهني المستمر...

2. الصيغة الاستفهامية أو صيغة السؤال: وتتم صياغة المشكلات بهذه الصيغة على النحو التالي:

- ما اثر الذكاء على التحصيل الدراسي لطلبة المرحلة الأساسية ؟.

- ما هي أنماط الميول المهنية عند طلبة المرحلة الثانوية الأكاديمية ؟...

إن صياغة المشكلة في صورة سؤال تبرر بوضوح العلاقة بين المتغيرين الأساسيين في الدراسة. وهذه الصياغة تعني أن جواب السؤال هو الغرض من البحث العلمي، ولذلك تساعدنا هذه الصياغة في تحديد الهدف الرئيسي للبحث.



• معايير صياغة المشكلة:

- صياغة المشكلة بشكل محدد وواضح بحيث يمكن التوصل إلى حل لها.

- أن تعبر المشكلة عن علاقة بين متغيرين أو أكثر.

- أن تصاغ المشكلة بصيغة سؤال.

- أن تتضمن المشكلة إمكانية لاختبارها وتجريبها.

أما بالنسبة لأنواع المشكلات التي يواجهها الباحث فهي تتمثل في:

- المشكلات الملحة والمهمة والتي تلقى بالضرورة أولوية عالية.

- المشكلات غير الملحة والأقل أهمية والتي تلقى أولوية اقل.

- المشكلات الملحة ولكن أهميتها متدنية (أو العكس صحيح) وهي مشكلات تتحدى قدرة الفرد فيتخذ القرار في ترتيبها وتحديد أولويتها(1).







المبحث الثالث

الفروض



طالما وجدت إشكالية بحث حقيقية فلابد أن يكون هناك عدد كبير من "الفروض" لحلها، فإبداع الفروض فعل غريزي من أفعال العقل الإنساني. اطرح أسئلة..ستحصل دائما على أجوبة..

وأطرح مشكلات..ستجد غالبا دون عناء كميات هائلة من الحلول. فعلى الباحث أن يذكر في خطته مجموعة الفروض التي يظن أنها ستحل الإشكالية وستجيب عن الأسئلة المطروحة.

1- أهمية الفروض: يمكن إبراز أهمية الفروض في البحث العلمي فيما يلي:

- تزيد من قدرة الباحث على فهم المشكلة أو الظاهرة المدروسة من خلال تفسير العلاقات بين المتغيرات والعناصر المختلفة المكونة لهذه المشكلة أو الظاهرة.

- ترشد الباحث في جمع البيانات ذات الصلة بالموضوع أو المشكلة.

- تساعد الفروض على تحديد الأساليب والإجراءات وطرق البحث المناسبة لاختبار الحل المقترح للمشكلة.

- تساهم الفروض في تقديم تفسيرات للأحداث والظروف والظواهر وتمدنا بالأسباب المسؤولة عن هذه الأحداث والظواهر وهكذا تنصهر الحقيقة والخيال بفن ومهارة في فروض تزود الإنسان بأكثر الأدوات نفعا في استكشاف المجهول وتفسيره.

- تساعد الفروض على تنظيم وتقديم النتائج بطريقة ذات معنى، فالفرض هو تفسير أولي لظاهرة معينة، وهو يحتفظ بطابع التخمين حتى توجد الحقائق المناسبة التي تؤيده، وإذا كانت نتيجة اختبار الفرض لا تؤيده يرفض ولا يعتمد في حل المشكلة.

- إن تفسير الفروض يمكن أن يستثير تكوين عدد من الفروض الأخرى، وهذه الفروض يمكن أن تؤدي إلى تفسيرات جديدة، ومن ثم على اكتشاف معرفة أكثر.

2- صياغة الفروض: يمكن أن تصاغ الفروض بطريقتين هما:

 طريقة الإثبات: تعرف هنا بالفرضيات المباشرة وتصاغ على شكل يؤكد وجود علاقة سالبة أو موجبة بين متغيرين أو أكثر وقد تكون هذه العلاقة متجهة عندما يملك الباحث أسبابا محددة يتوقع من خلالها العلاقة بين متغيرين مثل "الفرضية"، يكون مستوى القلق عند الطلبة الذين يملكون درجات ذكاء عالية أعلى من مستوى القلق عند الطلبة الذين يملكون درجات ذكاء منخفضة.

 طريقة النفي: تعرف الفرضيات في هذه الحالة بالفرضيات الصفرية وتصاغ بأسلوب ينفي وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر. إن الباحث هنا ينفي وجود الفروق لأنه ليس لديه علم بوجود هذه الفروق. ولا يستطيع التحدث عنها منذ بداية بحثه، ولكنه يعطي نفسه الحق في متابعة البحث. والفرض الصفري أكثر سهولة لأنه أكثر تحديدا وبالتالي يمكن قياسه والتحقق من صدقه.



3- اختبار الفروض: تبقى الفرضية مجرد تخمين وتكهن على أن يتوصل الباحث إلى أدلة حية تؤيد صحة أو عدم صحة الفرضية. ولكي يتم التأكد من ذلك في أي دراسة فإنه يمكن إتباع أساليب وطرق عديدة أهمها:

 طريقة الحذف: في هذه الطريقة لابد للباحث من حصر جميع العوامل والأسباب ذات العلاقة بالمشكلة أو الظاهرة، ثم يبدأ باختبار هذه العوامل والأسباب عاملا عاملا، وكل عامل يثبت عدم تأثيره في المشكلة أو الظاهرة أو ضعف وانعدام دوره يتم حذفه، إلى أن يتم التوصل إلى العوامل ذات التأثير الكبير في المشكلة. وهذه الطريقة تعتبر أبسط طرق اختبار الفرضيات.

 استنباط المترتبات: يمكن التحقق من صحة بعض الفروض بسرعة وبطريقة مباشرة مثل معرفة الشخص الذي قرع جرس الباب، فبمجرد فتح الباب نستطيع أن نتأكد من صحة تخميننا للشخص الذي قرع الجرس، أما البعض الآخر وخاصة التفسيرات العلمية، فيمكن اختبارها بطريقة غير مباشرة. ويتم اختبار الفرضيات هنا عن طريق معرفة القضايا التي تترتب على فرض ما.

 طريقة التلازم النسبي: وهي إحدى الطرق الاستقرائية لإثبات أو نفي وجود علاقة سببية بين ظاهرتين، حيث يقوم الباحث بالمقارنة بين ظاهرتين وتحديد التغيرات التي تطرأ عليها بشكل مستمر من أجل التأكد من وجود علاقة بينهما. كمثال على ذلك: - انخفاض معدل المواليد عند المشتغلين في قطاع الصناعة.

- ارتفاع معدل المواليد كلما انخفض مستوى معدل دخل الأسرة.

 إختبار الفروض بطرق إحصائية: وتتطلب هذه الطريقة من الباحث استخدام أدوات واختبارات ومقاييس واستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة لاختبار فرضياته.



إن فحص الفروض واختبارها يهدف إلى إمكان قبول هذه الفروض أو رفضها، فالفروض تعتبر مقبولة إذا استطاع الباحث أن يجد دليلا واقعيا ملموسا يتفق مع جميع المترتبات على هذه الفروض. أما إذا وجد الباحث أدلة تعارض هذا الفرض وتثبت عدم صحته، فإنه مضطر لأن يعلن عن عدم صحة هذا الفرض، وبالتالي يجب أن يتخلى عنه، ولايستطيع الباحث أن يتمسك بفروض خاطئة حتى ولو كانت هذه الفروض مغرية(1).







المبحث الرابع

التقسيمات



توجد طرق متعددة لتقسيم موضوع البحث إلى أبواب وفصول، أهم هذه الطرق وأكثرها شيوعا طريقتان هما:

1- طريقة التبويب التاريخي:

وهي الطريقة التي يقوم فيها الباحث بتبويب الموضوع من حيث تطوره عبر التاريخ، سواء كان هذا الموضوع ظاهرة طبيعية أم إنسانية. فهذه الطريقة تتطلب النظر في الأشياء والظواهر وتقسيمها في ضوء الظروف التاريخية الملموسة لنشوئها وتطورها.

2- الطريقة البنيوية:

وهي طريقة رائجة في عدد من العلوم الإنسانية: علم النفس، الفلسفة، علم الاجتماع، فقه اللغة...

وتركز في المحل الأول على دراسة "بنية" الموضوع المدروس، من خلال دراسة مكوناته ومبادئه والعلاقات القائمة بينهما. وتميز البنيوية بين تطور الموضوع المعقد وبين عمله وأدائه لوظيفته، وتؤكد على هرمية مثل هذا الموضوع، وعلى رصد منظومة روابطه الخارجية والداخلية، وتحليل ما بين جوانبه من علاقات وقوانين وروابط وحلقات وتفاعلات، وبالتالي يتم تقسيم الموضوع طبقا لمكوناته وعناصره وطبيعة العلاقات الداخلية والخارجية والتفاعلات القائمة بينها(2).

وبطبيعة الحال يمكن المزج بين الطريقتين في تناول الموضوع، وهذا هو الأفضل، والتقسيم المنهجي المتبع في هذه الطريقة هو كالآتي:

• مـقـدمــة.

• الـباب.

- الفصـل.

- المـبحث.

- المـطلب.

- الفـرع.

- .

- .

- .

• خــاتمــة.







المبحث الخامس

الخاتمة



تأتي الخاتمة في النهاية لكي تقدم للقارئ بشكل مكثف نتائج البحث، وما أسفر عنه من جديد في ميدان المعرفة، وطبيعة الحلول التي قدمها للإشكالية الأساسية والإشكاليات الفرعية، بل وما يثيره البحث من إشكاليات جديدة وأسئلة غير مسبوقة،

فأهمية البحث لا تتوقف فقط على تقديم الحلول، وغنما على إثارة الأسئلة، وفتح آفاق جديدة لبحوث قادمة.

والباحث المتمكن النزيه هو الذي يعي جوانب القصور التي قد تكون في بحثه، وبالتالي يقوم في الخاتمة بنوع من "النقد الذاتي"، ليس الهدف منه أن يبين للآخرين تواضعه! وإنما توكيد وعيه بموضوعه وما يتضمنه من مشاكل(1).



1- مميزات الخاتمة: تتميز الخاتمة عن بقية أجزاء البحث العلمي، بأنها حصيلة البحث بأكمله، إذ أنها تجسيد للنتائج النهائية التي توصل إليها الباحث من خلال استقصاءاته ودراسته للموضوع. والخاتمة مرتبطة –إلى حد ما- بالمقدمة في أول البحث، لأن الكاتب يحاول أن يجيب على بعض الفرضيات والتساؤلات التي تطرح في المقدمة. وفي العادة تستخدم الخاتمة لإبراز أهم النتائج التي استخلصها الكاتب من بحثه. ولهذا: فهي ليست بالضرورة ترديدا وتكرارا لما جاء في المتن، وإنما تستعمل لربط عناصر الموضوع بعضها ببعض، واستخلاص النتائج من البحث.



2- الفرق بين الخاتمة والخلاصة: من مميزات الخاتمة نلاحظ أن الخاتمة مختلفة عن الخلاصة، التي هي عبارة عن تلخيص حرفي للدراسة. والخلاصة تستعمل لأغراض أخرى، غير أغراض الخاتمة، فهي مطلوبة من المجلات، ومراكز جمع الرسائل الجامعية التي تقوم بتخصيص صفحات محددة، للتعريف بالمقالات أو الرسائل التي تتجمع لديها، بحيث يمكن للقارئ أن يأخذ فكرة مصغرة عن فحوى الدراسة، والجوانب التي تعالجها الدراسة أو البحث(1).







المبحث السادس

ترتيب المراجع وفهرست الموضوع



تعتبر قائمة المصادر والمراجع السند الأساسي الذي تستند إليه عملية التوثيق في البحث العلمي. وهي بلا شك من أول الأشياء التي يطلع عليها القارئ مع الفهرست والمقدمة، ولذا فهي ذات أهمية كبيرة في تكوين الانطباع الأول عنده، وبالإضافة إلى أن قائمة المصادر والمراجع هي إحدى الوسائل التي يتحقق بها القارئ من مدى جدية البحث والدراسة، فإنها تمكنه أيضا من أن يعرف مجالات التوسع في الموضوع إذا أراد ذلك...يبقى أن نحدد ماذا نضع في قائمة المصادر والمراجع:

- كل المصادر والمراجع التي عاد غليها الباحث وتم الإحالة عليها فعلا في هوامش البحث – إن كتابة الهوامش، تعبر عن الموضوعية والروح العلمية، لأن الباحث عندما يشير إلى المصدر الذي استعان به، فإنه يثبت بذلك الأمانة العلمية والتفريق بين أفكاره والأفكار التي أخذها عن غيره. ثم عن ذلك يساعد باحثا آخر على التعرف والإلمام بالمصدر المشار غليه، والاعتماد عليه في أبحاث أخرى(2)-

- كل الدراسات التي استفاد منها الباحث ولكنه لم يشر إليها في الهوامش.

ويجدر بكل باحث أمين أن يذكر المصادر والمراجع التي استفاد منها استفادة حقيقية، وأن يتجنب أسلوب التضليل الذي يستخدمه بعض الباحثين، حيث يذكرون أسماء مصادر أو مراجع لم يستفيدوا منها، بل ولم يطلعوا عليها، إيهاما للقارئ بأنهم واسعوا الإطلاع.



1- ترتيب قائمة المراجع: توجد طرق متعددة لكيفية تنظيم قائمة المصادر والمراجع لكن يجب أولا أن نفرق بين المصدر والمرجع، مثلا إذا كان موضوع البحث يتعلق بشخصية من الشخصيات، فإن المصادر تكون هي مؤلفات هذه الشخصية، أما المراجع فتكون هي مجموعة الدراسات التي كتبها آخرون عن هذه الشخصية. هذه الطرق هي:

1. طريقة الترتيب الألفبائي حسب أسماء المؤلفين.

2. تقسيم القائمة قسمين: أحدهما – يحتوي على المصادر حسب الترتيب الأبجدي لأسماء مؤلفيها، وثانيهما – يحتوي على المراجع حسب الترتيب الألفبائي لأسماء مؤلفيها أيضا.

3. طريقة تصنيف المصادر والمراجع حسب الموضوعات التي تعالجها، وترتيبها داخل كل تصنيف وفقا للترتيب الألفبائي.

4. طريقة الترتيب حسب نوع المصدر أو المرجع، وهذه الطريقة لها أساليب متعددة كالآتي:

أولا: الكتب.

ثانيا: الدوريات.

ثالثا: متنوعات.

أو وفقا للأسلوب الآتي:

أولا: المستندات العامة.

ثانيا: الكتب.

ثالثا: الدوريات.

رابعا: التقارير.

خامسا: الأبحاث غير المنشورة.

سادسا: مصادر أخرى.

وإذا كانت المراجع أو المصادر بعدة لغات، فينبغي ذكر كل مجموعة بشكل مستقل عن المجموعة الأخرى، فمثلا:

- المصادر والمراجع باللغة العربية.

- المصادر والمراجع باللغة الإنجليزية.

- المصادر والمراجع باللغة الفرنسية...

2- كتابة بيانات المراجع: إذا كان المرجع كتابا فإن بياناته تكتب على النحو التالي:

1. لقب المؤلف أو اسم الجد، يلي ذلك فاصلة (،).

2. ثم اسم المؤلف الشخصي فاسم أبيه، يلي ذلك نقطة (.).

3. وإذا كان للكتاب أكثر من مؤلف، فتذكر أسماؤهم حسب ترتيب ورودها على الغلاف.

4. إذا كان مؤلف الكتاب غير معروف، فإنه يكتب مكان الاسم كلمة "مجهول".

5. بعد اسم المؤلف يذكر اسم المرجع ببنط أسود أو بحروف مائلة أو يوضع تحته خط، ثم يليه نقطة (.).

6. رقم الطبعة، يليه فاصلة منقوطة (؛).

7. مكان النشر، يليه نقطتان رأسيتان (:).

8. الناشر، يليه فاصلة (،).

9. سنة النشر، يليها نقطة إذا كان الكتاب ليس له أجزاء متعددة، أما إذا كان له عدة أجزاء فإنه يتم وضع فاصلة (،).

10. رقم الجزء إذا كان للكتاب أكثر من جزء، يليه نقطة (.).

11. إذا كان نفس المؤلف له أكثر من كتاب تم الرجوع إليه، فإنه لا ينبغي إعادة كتابة اسم المؤلف، وغنما يكتفي بذكره مرة واحدة فقط، على أن يترك المكان خاليا تحت اسمه، أو يوضع تحته خط، ثم يذكر اسم المرجع الثاني أو الثالث.

أما إذا كان المرجع مقالا، فإن بياناته تأخذ الشكل الآتي:

1. اسم المؤلف وفقا للطريقة المذكورة أعلاه.

2. عنوان المقال موضوعا بين شولتين مزدوجتين ” “.

3. اسم المجلة مكتوبا ببنط اسود، أو حروف مائلة، أو يوضع تحته خط.

4. رقم العدد.

5. تاريخ صدور العدد موضوعا بين قوسين ( )، يلي ذلك فاصلة (،).

6. رقم الصفحة أو الصفحات من مبتدأ المقال حتى منتهاه.

إذا كان المرجع مقالا واردا في كتاب يشتمل على مقالات لمجموعة من الباحثين، فإن بياناته تكتب وفقا للطريقة السابقة مباشرة، إلا أنه يتم وضع عنوان المؤلف الجماعي في مكان اسم المجلة أو الدورية.

وفي حالة تدوين بيانات الرسائل الجامعية يتم الأتي:

1. اسم المؤلف وفق الطريقة المذكورة أعلاه.

2. عنوان الرسالة ببنط اسود، أو حروف مائلة، أو يوضع تحته خط، يلي ذلك نقطة (.).

3. نوع الرسالة: ماجستير أم دكتوراه.

4. بيان إن كانت منشورة من عدمه، يلي ذلك فاصلة (،).

5. اسم الجامعة أو الهيئة العلمية المجيزة للرسالة، يلي ذلك فاصلة (،).

6. سنة إجازة الرسالة، يليها نقطة (.).

ودرج معظم الباحثين على وضع قائمة المصادر والمراجع في نهاية البحث أو الرسالة، ويفضل البعض أن يضع وراء كل فصل قائمة المصادر والمراجع الخاصة به، وقد يضعون علاوة على ذلك قائمة متكاملة في آخر البحث. ولكن الطريقة الأولى هي النسب والأكثر شيوعا(1).



3- كتابة الفهرس: يقوم الفهرس بدور المرشد الجغرافي لقارئ البحث، إذ يساعده على تكوين رؤية مبدئية شاملة عن محتواه، ويعطي فرصة الوصول من أقرب طريق إلى الموضوع الذي يهمه، وكلما كان الفهرس شاملا مستوعبا دقيقا واضحا، كان أفضل وأوقع عند القارئ. و يشمل ترتيب عناوين البحث وما يحتوي عليه من فصول وفروع ومباحث ومطالب حيث يوضع كل عنوان رئيسي أو فرعي ويقابله رقم الصفحات التي ورد فيها، أما عن المكان الذي ينبغي أن نضع فيه الفهرس: هل عند مطلع الدراسة أم في آخرها ؟، كلا الموضعين جائز ومعتمد، وإن كان من الأفضل من الناحية العملية وضعه في نهاية البحث، والمر كله لا يتجاوز نطاق التعود.



















































قال العماد الأصفهاني: "إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استياء النقص على جملة البشر"، ويقول ديكارت عن حديثه عن المبدأ الأخير من المبادئ التي يحرص عليها في بحثه: "والأخير: أن أعمل في كل الأحوال من الإحصاءات الكاملة، والمراجعات الشاملة، مما يجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئا". إذن فضرورة إعادة النظر في البحوث العلمية والدراسات أمر لا مفر منه لكل من يريد أن يقدم عمله خاليا من الأخطاء والهفوات بقدر المستطاع، وهذا ما يهدف إليه من وراء هذا الموضوع، من خلق لتقاليد علمية لدى الباحثين بحيث تكون هناك مقاييس علمية متعارف عليها بين الباحثين ويعتمد عليها عند كتابة البحوث العلمية، والإلمام بالمنهجية المتبعة في هيكلة البحث العلمي والأسلوب السليم في عرض القضايا الفكرية يسمحان للقارئ أن يركز على جوهر الموضوع بدلا من التركيز على الشكليات والهفوات التي تشغل باله. كما أن استخدام القواعد الصحيحة في كتابة البحوث والدراسات يعطي انطباعا حسنا ويزيد في تقدير مجهودات الباحث ويرفع من مستوى الثقة في كتاباته، وطبعا فإن إتقان مهارات البحث العلمي يعني أن الباحث يجيد فن استخدام تفكيره وتحديد الخطوات التي تساعده على مواجهة المشاكل التي تواجهه وإشباعها درسا ومناقشة بحيث يتمكن من وضع الحلول الملائمة والوصول إلى نتائج ملائمة ومرضية.











































 بوحوش، عمار. دليل الباحث في المنهجية وكتابة الرسائل الجامعية. الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1984.



 خروع، أحمد. المناهج العلمية وفلسفة القانون. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 2000.



 الخشت، محمد عثمان. فن كتابة البحوث العلمية وإعداد الرسائل الجامعية. الجزائر: دار رحاب للطباعة والنشر والتوزيع، 1997.



 عطوي، جودت عزت. أساليب البحث العلمي. الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع والدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع، 2000.



 فراج، خالد. ”الورقة البحثية والبحث الصفي“. www.geocities.com/farraj17/search.htm، 2005.

هناك تعليق واحد: