الشرط الجزائي في العقود التجارية الدولية
حصريا من شروقي محترف لمنتديات الشروق د. بن تومي
المقدمة:
إذا كانت العقود تبرم لتنفذ في الأصل تنفيذا عينيا , فلا يعني هذا بالضرورة أن يتم التنفيذ على الوجه الذي يرضي جميع الأطراف فقد يمتنع أحد الأطراف عن عدم تنفيذ التزامه العقدي أو قد يتسبب بخطئه في ذلك مما يؤدي إلى عرقلة السير الحسن للعقد , فإذا ترتب على عدم التنفيذ أو التأخر في التنفيذ ضررا للطرف الآخر التزم من كان سببا في ذلك بتعويضه مكان التنفيذ العيني للالتزام و هذا ما يصطلح عليه بالتنفيذ بطريق التعويض , و في هذا الإطار نجد ثلاثة طرق لتقدير التعويض هذا التعويض :
• التعويض القانوني (الفوائد).
• التعويض القضائي.
• التعويض الإتفاقي (الشرط الجزائي).
و إذا كانت الطريقة الأولى قانونية و الثانية قضائية فإن الطريقة الثالثة مستوحاة من إرادة الأطراف و بعبارة أدق من إرادة المتعاقدين , يلجأ المتعاقدون لإدراجها كوسيلة فنية، لضمان تنفيذ العقود، وذلك ضمانا للتنفيذ المتبادل للالتزامات و عدم وقوع نزاعات مستقبلية فيقومون بتقدير مسبق للتعويض ومن هنا تبرز أهمية إدراج مثل هذه الشروط فيتجنبون بها اللجوء إلى القضاء وما يستتبع ذلك من مصاريف قضائية و طول الإجراءات هذا ما دفعنا إلى القول أن هذا الشرط أصله اتفاقي.
إلا أن المشرع الجزائري كنظيره الفرنسي الذي تنبه لهذه النقطة سمح للأفراد بإدراج شرط في العقد يقدر من خلاله التعويض في حالة إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التعاقدية , وقد تعدت هذه التقنية مجال القانون الداخلي و ارتقت لتصل إلى غاية العقود الدولية و خاصة التجارية منها.
ففيما يتمثل هذا الشرط يا ترى؟
و ما هي شروط استحقاقه؟ و هل للقاضي سلطة الرقابة على صحة و تقدير هذا الشرط؟
مبحث تمهيدي: تعريف الشرط الجزائي
قبل أن نبين أنواع الشرط الجزائي وخصائصه يستوجب علينا أولا أن نعطي فكرة واضحة عن هذا النظام وذلك بتعريفه انطلاقا من التعريف القانوني وإنتهاءا بالتعريف الفقهي.
الفرع الأول: التعريف القانوني.
ونقصد بالتعريف القانوني ذلك التعريف الذي يعطيه المشرع للنظام القانوني الذي يفرضه على الأفراد فقد عرفه على سبيل المثال المشرع الفرنسي في مادتين ، المادة 1126 والتي تنص : " الشرط الجزائي هو الشرط الذي بموجبه يتعهد أحد الأشخاص ضمانا لتنفيذ اتفاق بتقديم شيء في حالة عدم التنفيذ "، أما المادة 1229: " تعويض الدائن عن الأضرار التي تلحقه من جراء عدم تنفيذ الالتزام الأصلي " غير أن التعريف الأول يعتبر عام وناقص إذ اقتصر على عدم التنفيذ وأما الثاني فقد لقي معارضة شديدة من قبل الفقهاء اللذين يعتبرون الشرط الجزائي تقوية .
وما يمكن ملاحظته أن المشرع الفرنسي بإعطائه هذا التعريف المزدوج قد فتح مجال الخلاف أمام الفقه حول الطبيعة القانونية لهذا الشرط.
وحسنا فعل المشرع الجزائري الذي لم يعرف الشرط الجزائي بل اكتفى بتأكيد مشروعيته في المادة 183 وبيان أحكامه في المواد 184 و 185 ق.م.
الفرع الثاني: التعريف الفقهي.
عرفه الأستاذ أنور سلطان بأنه: اتفاق يقدر فيه المتعاقدان سلفا التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه أو تأخر في تنفيذه.
وعرفه الأستاذ TOULLIERبأنه: ذلك الشرط الذي يفرض على الشخص ضرورة أداء مبلغ أو شيء كجزاء لعدم قيامه بتنفيذ التزامه أو لتأخره في تنفيذه.
الهدف من الشرط الجزائي : هو تجنب المتعاقدين من اللجوء إلى القضاء وتفادي النزاع الذي يثور بشأن إثبات الضرر .
المبحث الأول : خصائصه و أنواعه و طبيعته القانونية
المطلب الأول: خصائص الشرط الجزائي وتمييزه عما يشابهه.
الفرع الأول: خصائص الشرط الجزائي
يتميز الشرط الجزائي بخصائص استخلصها الفقه من الوظيفة التي يقوم بها.
أولا: الشرط الجزائي اتفاق.
وهذا ما نصت عليه المادة 183: " يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق...".
فلا يمكن تصور شرط جزائي مصدره القانون وتتجلى الإدارة كمصدر للإلتزام في شكلين هما العقد و الإرادة المنفردة.
• الشرط الجزائي العقدي: وله صورتين إما:
1- أن يدرج في العقد الأصلي.
2- أن يوضع في اتفاق لاحق: فليس من الضروري وجوب وضع الشرط الجزائي ضمن العقد الأصلي إذ انه قد يكون الشرط الجزائي في اتفاق لاحق للعقد و لكن بشرط ان يكون هذا الاتفاق اللاحق قبل وقوع الضرر الذي يقدر الشرط الجزائي التعويض عنه .
• الشرط الجزائي الصادر بإرادة منفردة: ويمكن تصور قيامه في حالتين:
1- الشرط الجزائي المدرج في الإيجاب:
قد يصدر الموجب إيجابا وضمنه شرطا جزائيا لعدوله ويجب هنا التفرقة بين حالتين:
- إذا كان الإيجاب لا يتضمن أجلا للقبول فيمكن للموجب العدول في أي وقت.
- إذا تضمن الإيجاب أجلا لصدور القبول فلا يمكن للموجب العدول عم إيجابه قبل الأجل.
2- الشرط الجزائي المدرج في إيجاب موجه للجمهور.
ثانيا: الشرط الجزائي تقدير جزائي للتعويض:
لقد مر بنا الشرط الجزائي اتفاق مسبق على تقدير التعويض حيث أن الأطراف بإرادتهم يحددون بصفة مسبقة المبلغ الذي يدفعه المدين في حالة إخلاله بإلتزامه أو عند تأخره في تنفيذه، فهو إذن تقدير جزافي للتعويض كما يرى ذلك الأستاذ جاكوميته في قوله: " إن الشرط الجزائي باعتباره تسوية اتفاقية يحدد بصفة مسبقة وجزافية قيمة التعويض "، ويترتب على كون الشرط الجزائي تقديرا جزافيا للتعويض أنه يمكن للقاضي أن يعدل في هذا التقدير زيادة أو نقصانا وذلك لكي يتناسب الحجم الحقيقي للتعويض
تالتا: الشرط الجزائي طريق إحتياطي:
إن المبدأ العام الذي يقتضي بأن الأصل في التنفيذ أن يكون عينيا ولا يحكم بالتعويض إلا في حالة استحالة التنفيذ أو التأخر وهو الذي يطبق على الشرط الجزائي وذلك باعتباره تعويضا ومن هنا تبرز الصفة الاحتياطية للشرط الجزائي فباعتباره تعويض لا يجوز المطالبة به أو إعماله إلا إذا كان التنفيذ العيني للالتزام غير ممكن ويبرز الطابع الاحتياطي بصورة أكثر وضوحا في حالة ما إذا كان التنفيذ العيني ممكنا إذ لا يمكن للدائن عندئذ أن يجمع بين التنفيذ العيني والشرط الجزائي إلا إذا مقرر للتأخير في التنفيذ فالأصل العام هو المطالبة بالتنفيذ العيني أولا فإذا كان غير ممكن ( الاستحالة ) جاز المطالبة بالشرط الجزائي غير أن المشرع الألماني خرج عن هذه القاعدة وأجاز المطالبة بالشرط الجزائي حتى ولو كان التنفيذ العيني ممكنا ولكن يجب عليه أن يتنازل عن التنفيذ العيني ( م 340 ق م أ ).
ومن المتفق عليه أن الشرط الجزائي المقرر لعدم التنفيذ لا يحول دون مطالبة الدائن بالتنفيذ العيني للالتزام الأصلي فله أن يختار بين هذا وذاك.
ويرى بعض الفقهاء أنه مستمد من القواعد العامة حيث يمكن للدائن أن يطالبه بدلا من التعويض بتنفيذ الالتزام عينا. في حين يرى البعض الآخر أن هذا الحق ينتج عن الطبيعة القانونية للشرط الجزائي، حيث لو لم يتقرر هذا الحق للدائن واستحق الشرط الجزائي عقد عدم التنفيذ لكنا بصدد تجديد الالتزام الأصلي عينا والشرط الجزائي، يتبين لنا بكل وضوح أن هناك التزامين أحدهما أصلي يرد عليه التنفيذ العيني والآخر تبعي يكتفي به الدائن إذا لم ينفذ الالتزام الأصلي.
رابعا: الشرط الجزائي التزام تابع :
الشرط الجزائي اتفاق غايته تقدير التعويض الذي يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين التزامه أو تأخره في ذلك إذن فالشرط الجزائي التزام تابع للإلتزام الأصلي لا يكون له وجود بدونه ولا بقاء بعده وعلى هذا الأساس يبطل الشرط الجزائي إذا كان الإلتزام الأصلي باطلا وإن كان بطلان الشرط الجزائي لا يؤدي إلى بطلان الإلتزام الأصلي.
فالملتزم بالعقد أو الملتزم بمصدر من المصادر الأخرى من مصادر الالتزام ، كان يلتزم بنقل ملكية أو بعمل أو بالامتناع عن عمل فإذا اتفق الطرف الآخر على مبلغ معين بقدر أن به التعويض فيما إذا أخل من عليه الالتزام بإلتزامه يترتب عليه:
1- أن العبرة بالالتزام لا بالشرط الجزائي.
2- أن بطلان الالتزام الأصلي يستتبع بطلان الشرط الجزائي دون العكس.
فصاحب الشرط يطالب المشروط عليه بالتنفيذ لما إلتزم به أولا و لا يجوز له أن يطالب بالشرط الجزائي أولا، لأن الشرط الجزائي تعويض، وكذا المشروط عليه ليس له إلا العمل على تنفيذ ما ألتزم به، ولا يجوز أن يعدل من تنفيذ التزامه – إذا كان ممكن –إلى الشرط الجزائي، لأن الشرط الجزائي ليس بديلا للالتزام الأولي، بل هو تعويض فيما إذا صار الالتزام الأصلي مستحيلا بخطأ المشروط عليه وحصل ضرر من جراء الخطأ تكفل الشرط الجزائي بتقديره، وإذا بطل الشرط الجزائي فلا مبرر لبطلان العقد كما إذا اشترط المرتهن أنه عند عدم سداد الدين يكون الرهن ملكا له ، فيبطل الشرط دون الرهن.
إذا فما يميز الشرط الجزائي بأنه ليس هو السبب في استحقاق التعويض، فلا يتولد عنه التزام اصلي بالتعويض ولكن يتولد عبه التزام تبعي بتقدير التعويض بمبلغ معين.
الفرع الثاني: تمييز الشرط الجزائي عما يشتبه به من أوضاع.
أولا: تمييز الشرط الجزائي عن العربون:
إذا كانت دلالة العربون هي جواز العدول عن العقد فإنه يجوز لكل من المتعاقدين أن يرجع في العقد بعد إبرامه لقاء دفع مبلغ العربون، فيشتبه العربون بالشرط الجزائي، وقد يحمل على أنه شرط جزائي لتقدير التعويض في حالة العدول عن العقد.
ولكن الفرق الكبير بين العربون و الشرط الجزائي يظهر من الوجوه التالية:
1- العربون هو المقابل لحق العدول عن العقد، فمن أراد من المتعاقدين أن يعدل في العقد كان له ذلك في مقابل دفع العربون، أما الشرط الجزائي فتقدير لتعويض عن ضرر قد وقع ويترتب على ذلك أن الالتزام بدفع العربون قائم حتى لو لم يترتب على العدول عن العقد أي ضرر أما الشرط الجزائي فلا يستحق إلا إذا وقع ضرر للدائن.
2- العربون لا يجوز تخفيضه، سواء كان الضرر الذي أصاب المتعاقد الآخر من جراء العدول عن العقد مناسبا للعربون أو غير مناسب، بل أنه يجب دفع مبلغ العربون كما هو حتى ولو لم يلحق هذا الطرف الآخر أي ضرر من العدول عن العقد، اما الشرط الجزائي فيجوز تخفيضه حتى يتناسب مع الضرر.
3- يمكن تكييف العربون بأنه البدل في التزام بدلي، ففي البيع مع العربون مثلا يلتزم المشتري التزاما أصليا بدفع الثمن في مقابل أخذ المبيع، وله إذا شاء أن يعدل عن هذا المحل الأصلي – دفع الثمن في مقابل أخذ المبيع –إلى محل بدلي هو دفع مبلغ العربون في غير مقابل. أما الشرط الجزائي فتكييفه القانوني هو تكييف التعويض كما قدمنا: لا هو إلتزام تخييري ولا هو إلتزام بدلي ومن ثم لا يكون المدين حرا .
بخلاف المشتري فلا يمكن له العدول عن تنفيذ إلتزامه الأصلي إذا كان هذا التنفيذ ممكنا إلى تنفيذ الشرط الجزائي، بل يتعين عليه أن يقوم بتنفيذ إلتزامه الأصلي إذا طلب إليه الدائن ذلك.
ثانيا: تمييز الشرط الجزائي عن التهديد المالي (الغرامة التهديدية)
ان التهديد المالي هو حكم قضائي على الملتزم المتعنت من تنفيذ التزامه أو تأخيره، فهو عقوبة من قبل المحكمة. ولكن يمكن لأحد المتعاقدين ان يجعل الشرط الجزائي مبالغا فيه كثيرا بحيث ينطوي في الواقع على عقوبة فرضها الدائن على المدين. وعلى هذا الذي تقدم يوجد فرق أساسي بين الشرط الجزائي والتهديد المالي في الفقه الوضعي، حيث يكون التهديد المالي تحكميا لا يقاس بالضرر،فهو يكون فيما اذا كان هناك التزام امتنع عن تنفيذه الملتزم مع ان تنفيذه العيني لا يزال قائما، وان يكون التدخل الشخصي من الملتزم له دخل في التنفيذ العيني، وان يطالب الملتزم له بالتهديد المالي.
وميدان التهديد المالي واسع، مثل: الالتزام بعمل فني، اوالالتزام بتقديم الخدمات للمشتركين في شركة الكهرباء والماء والتلفون، والالتزام باخلاء عين مؤجرة أو تسليمها. وحتى في نطاق الاحوال الشخصية، حيث يمكن ان يلتجأ للتهديد المالي في الالتزام بتسليم الأولاد إلى من له حق حضانتهم، وفي التزام الزوجة بالذهاب إلى محل الطاعة، ومثل أن يلتزم الممثل بالا يمثل في مسرح معين، والتزام المهندس بالا يعمل في مصنع منافس، والتزام بائع المتجر بالامتناع عن منافسة المشتري.
وقد قلنا: ان التهديد المالي تحكمي لا يقاس بالضرر، ولا يقدر التهديد المالي مبلغا دفعة واحدة؛ وذلك حتى يتحقق التهديد، فالملتزم يحس بانه كلما طال وقت التاخير عن التنفيذ زاد مبلغ الغرامة التهديدية المحكوم بها. والتهديد المالي ليس عقوبة، ولا ينفذ إلا عندما يتحول إلى تعويض نهائي، وإذا تحول إلى تعويض نهائي فقد ينقص وقد يلغى.
ومن هنا يفهم ان الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على الملتزم والتغلب على عناده، ليحمل على تنفيذ التزامه، فهي وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري، ولهذا فهي تتفق مع الاكراه البدني على تنفيذ الالتزام، ولذلك فهذا التهديد المالي قد ينجح وقد لا ينجح تبعا لما انتهى اليه المدين من تنفيذ التزامه أو الإصرار على عدم التنفيذ.
والسند القانوني لهذا التهديد المالي لا يوجد في التقنين المدني الفرنسي ولا يوجد في التقنين المدني المصري السابق، بل استند القضاء الفرنسي بطريق غير مباشر إلى المادة (1036) من تقنين المرافعات الفرنسي، وقد جاء فيها:
«فالحكم الصادر بالغرامة التهديدية هو أمر يصدر من المحكمة بما لها من سلطة الامر لا بما لها من ولاية الحكم للمدين المتعنت الممتنع عن تنفيذ التزامه بتنفيذ هذا الالتزام، فان لم يفعل فجزاؤه على العصيان غرامة تهديدية».
وهذا النص الذي استند اليه القضاء الفرنسي قصد به بسط سلطة القاضي في ادارة الجلسة، وهو قضاء اجتهادي لا سند له في النصوص التشريعية، فنظرية التهديد المالي نظرية خلقها القضاء لا المشرع.
ولكن القانون المصري الجديد اوجد السند التشريعي لنظرية التهديد المالي، فقد ذكر في المادة (213): «1 - إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن ان يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ، وبدفع غرامة تهديديه إن امتنع عن ذلك.
2 - وإذا رأى القاضي إن مقدار الغرامة ليس كافيا لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ، جاز له ان يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة».
ونصت المادة (214) على ما ياتي: «اذا تم التنفيذ العيني أواصر المدين على رفض التنفيذ، حدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين، مراعيا في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين».
أما بالنسبة للقانون الجزائري فقد نص على هذه الغرامة التهديدية في المادة 174 :" - اذا كان تنفيذالالتزام عينا غير ممكن او غير ملائم إلا اذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن ان يحصل على حكم بالزام المدين بهذا التنفيذ، وبدفع غرامة إجبارية إن امتنع عن ذلك.
واذا رأى القاضي ان مقدار الغرامة ليس كافيا لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ، جاز له ان يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة." يتضح أن المشرع الجزائري قد استعمل مصطلح الغرامة الإجبارية بدلا من الغرامة التهديدية .
المطلب الثاني: أنواع الشرط الجزائي.
يستخلص من المادة 176 ق م ج أن التعويض الذي يحكم به القاضي على المدين في حالة استحالة التنفيذ العيني يكون إما لعدم التنفيذ أو للتأخير في التنفيذ فالأول يطلق عليه التعويض لعدم التنفيذ والثاني التعويض عن التأخير.
والشرط الجزائي كتعويض أيضا يمكن أن يتخذ إحدى الصورتين:
الفرع الأول: الشرط الجزائي لعدم التنفيذ. (clause pénale compensatoire)
ويهدف هذا النوع إلى تعويض الضرر المترتب عن عدم التنفيذ النهائي للإلتزام الأصلي فهو إذا يحل محل التنفيذ، ونكون بصدد عدم التنفيذ متى أصبح التنفيذ مستحيلا وقد يكون عدم التنفيذ جزئيا أو كليا.
ويكفي في هذا الصدد أن تصنع الظروف للدائن أمل الحصول على التنفيذ مثل فقدان أو هلاك محل العقد وقد يكون محل التنفيذ جزئيا أو كليا وفي الحالتين وبحسب مسؤولية المدين عن ذلك يتحول عدم التنفيذ إلى تعويض.
الفرع الثاني: الشرط الجزائي المقرر للتأخير.
ويهدف هذا الشرط المقرر للتأخير إلى تعويض الدائن عن الضرر المترتب على تأخر المدين في التنفيذ.
ويقدر هذا التعويض في شكل نسبة مئوية يتقاضها الدائن عن كل يوم تأخير أو أسبوع أو شهر، ويكثر إستعمال هذا النوع من التعويض في مجال القانون الإداري وعلى الخصوص في العقود الادارية التي تبرمها الادارة مع المتعاقد معها.
وباعتباره استثناء من القواعد العامة التي تحكم التعويضات القضائية، فإذا تأخرالمدين في تنفيذ التزامه فلا يمكن المطالبة به في حالة عدم التنفيذ الكلي للالتزام لأنه يصبح بدون محل، فمثلا: لو عهد رجل أعمال إلى مقاول ببناء مصنع واتفقا على شرط جزائي لتأخير في تسليم مفاتيح المصنع فلا يمكن لصاحب المصنع أن يطالب بالشرط الجزائي لتهديم المصنع لأن سوء البناء يمكن اعتباره كعدم تنفيذ للالتزام وليس تأخيرا في التنفيذ، و العكس صحيح إذا تقرر شرط جزائي لضمان عدم التنفيذ فلا يجوز المطالبة بهذا الشرط لتعويض الضرر الناتج عن التأخير في تنفيذ هدا الالتزام ومثال ذلك: أن يتفق الطرفان على شرط جزائي لضمان سلامة سلعة معينة فلا يمكن المطالبة به إذا وصلت السلعة متأخرة.
ونذكر فيما يأتي أمثلة عن دلك:
-الشرط الجزائي في عقد المقاولة بإلزام المقاول بدفع مبلغ معين عن كل يوم أو عن كل أسبوع أو عن كل مدة أخرى من الزمن يتأخر فيها المقاول عن تسليم العمل المعهود إليه انجازه .
-وقد يكون الشرط الجزائي اشتراط حلول جميع الأقساط عند التخلف عن أداء قسط في وقته.
-أو تملك الزراعة القائمة على الأرض عند انتهاء مدة إجارتها عند الإخلال بتسليم الارض خالية عند انتهاء مدة اجارتها.
الفرع الثالث: أثار التمييز بين نوعي الشرط الجزائي.
إن إتفاق الأطراف هو الذي يحدد نوع الشرط الجزائي لكن إذا لم يحددوا نوعه فالقضاء الفرنسي قرر أن معرفة الشرط الجزائي إذا كان مقررا لعدم التنفيذ أو للتأخير في اللتنفيذ في مسألة واقع ولقضاء الموضوع البحث عن النية المشتركة للطرفين.
واقترح الفقه معيارا للتمييز بينهما يقوم على قيمة الشرط الجزائي فهو مادي مقتضاه أنه إذا كان مبلغ الشرط الجزائي يقارب قيمة الإلتزام الأصلي فهو تعويض عن عدم التنفيذ لأنه يهدف إلى حلوله محل التنفيذ العيني للإلتزام العيني و للإلتزام الأصلي.
أما إذا كان مبلغ الشرط يقل عن مبلغ الإلتزام الأصلي بدرجة كبيرة فيمكن إعتباره مقرر للتأخير في التنفيذ وما يميزه أنه يقدر بنسبة مئوية عن فترة زمنية يحددها الطرفان مع الإشارة أنه يمكن الجمع بين النوعين في ذات الشرط.
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للشرط الجزائي.
يهدف الدائن من وراء تقرير الشرط الجزائي في اتفاقه مع المدين إلى الاطمئنان على الحصول على حقه اما بالتنفيذ العيني للإلتزام أو بمقابل أي عن طريق الشرط الجزائي .
وذهب فريق من الفقه إلى اعتبار الشرط الجزائي تعويضاَ،هذا ما أدى بفريق آخر إلى اعتباره عقوبة وهي التي كان يتميز بها في العصور القديمة وانتشر بعد ذلك في القانون المدني الفرنسي سنة 1804.
حيث نص المشرع في المادة 1152 على مبدأ ثبات الشرط الجزائي وقد عدل المشرع الفرنسي أحكام الشرط الجزائي بموجب قانون 9 يوليو1975 ولكن هذا لم يخفي على الوظيفة العقابية في النظر بعين القضاء وهذا أثار جدالاً فقهي حول وظيفتي التعويض والعقوبة لتحديد وظيفة الشرط الجزائي وبالرغم من الحجج والأسانيد التي قدمها كل فريق لم يستطيع أي منهما تغليب وجهة نظره مما أدى بفريق (3)إلى القول بأن الشرط الجزائي ذو طبيعة مركبة.
الفرع الأول :الشرط الجزائي تعوض :
يرى جانب من الفقه أن الشرط الجزائي له طابع تعويضي ولا يمكن أن يكون عقوبة،إلا أنهم اختلفوا حول طبيعة التعويض فنمهم من اعتبره جزافي ومنهم من يرى أنه تقدير مسبق للتعويض.
الفرع الثاني :الشرط الجزائي عقوبة :
يرى جانب من الفقه أن اعتبار الشرط الجزائي عقوبة يفرضها الدائن على مدينه ففي هذا الصدد يقول الأستاذ لـــومبــيار "الشرط الجزائي كعقوبة لجريمة مدنية يحقق للمتعاقدين الضمان والأمن".
الأستاذ مــــيتو :" الشرط الجزائي جزء يذكر بالعقوبة " ويؤكد الأستاذ ديــــموج " أن الوظيفة العقابية للشرط الجزائي هي التي تعطيه أهميته وأصالته وتميزه عن نظرية التعويض.
أما بـــلانـــيول :هو الذي حدد الوظيفة العقابية للشرط الجزائي تتوقف على المبلغ المتفق عليه عما اذا كان مرتفعاً أو تافهاً والوظيفة العقابية يقصد بها الضغط والتهديد الذي يحدث المبلغ المرتفع في روح المدين ويدعه إلى تنفيذ التزامه عينياً.
الفرع الثالث:الشرط الجزائي ذو طبيعة مركبة:
يرى جانب من الفقهاء ان الشرط الجزائي ذو طبيعة مزدوجة أي تعويضاَ وعقوبة التي تبناه الفقيه الألماني (كوزاش).
غير أن الأستاذ (بيرانو فاشيو) يرى بأن الشرط الجزائي يكون إما تعويضا وإما عقوبة ولا يمكن الجمع بينهما .
موقف المشرع الجزائري من هذه النظريات :
يتضح من خلال النصوص الخاصة بالشرط الجزائي أن المشرع الجزائري قد أضفى طابع التعويض متجاهلاً الفكرة العقابية بدليل أنه اشترط الضرر لاستحقاق الشرط الجزائي،وهذا ما نصت عليه المادة 184 من القانون المدني الجزائري ( لا يكون التعويض المحدد في الإتفاق مستحقاً إلا اذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر).وطيق أيضاَ أحكام التعويض بمقابل الشرط الجزائي المواد 181-183-176 .
موقف القانون المصري :
يستخلص من المواد 223-224-225 القانون المدني المصري الذي اعتبر الشرط الجزائي تعويضاَ واشترط وقوع الضرر لإستحقاقه وطبق أحكام التعويض بمقابل.
وقد عرفه قاموس القانون الخاص على أنه :" إن عدم تنفيذ أو التأخر في تنفيذ الالتزامات والحاصل من أحد المتعتقدين ويحدث من جراءه ضرر أو تفويت فرصة لربح يجبر عن طريق التعويض و الذي يرجع للقاضي تحديده، فإدا قامت الاطراف المتعاقدة بتحديد تعويض فيطلق عليه حينئد الشرط الجزائي وبالرغم من اصطلاح الجزاء pénale فهو يعتبر عقوبة مدنية وليست جزائية.
المبحث الثاني:شروط إستحقاق الشرط الجزائي وسلطات القاضي في فرض الرقابة
المطلب الأول :شروط استحقاق الشرط الجزائي.
ان شروط استحقاق الشرط الجزائي هي نفس شروط استحقاق التعويض، وهذا معنى إحالة المادة 183 على المواد 176إلى181 وهذه الشروط هي:
1 - وجود خطا من احد المتعاقدين الذي اشترط عليه الشرط الجزائي.
2 – وجود ضرر أصاب المشروط له.
3 - وجود علاقة بين الخطأ والضرر.
4 - اعذار من يكون لصالحه الشرط الجزائي للآخر في الأحوال التي يجب فيها الاعذار، اما إذا لم تكن ضرورة للاعذار فلا يشترط الاعذار.
الفرع الأول: الخطــأ.
ويعني وجود خطأ من أحد المتعاقدين الذي اشترط عليه الشرط الجزائي، فلا يستحق الشرط الجزائي إذن إلا إذا كان هناك خطأ من المدين والغالب أن يكون هذا الخطأ عقديا فإذا لم يكن هناك خطأ من المدين، فلا مسؤولية في جانبه، ولا يكون التعويض مستحقا ومن ثم لا محل لإعمال الشرط الجزائي، فما هو إلا تقدير لتعويض قد استحق ولم يستحق التعويض.
و يتمثل الخطأ في مجال الشرط الجزائي في عدم تنفيذ المدين التزامه أو تأخره في ذلك ويشترط أن يكون هذا ألخطأ منسوبا إلى المدين نفسه.
و يعتبر الخطأ ركنا جوهريا لاستحقاق الشرط الجزائي لذلك يتحتم علينا البحث عن مضمونه وإثباته.
مضمون الخطأ:
ان الرأي الغالب في الفقه يقيم الخطأ على أساس موضوعي بحت هو عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد اذ مجرد عدم التنفيذ يجعله مخطئا إلا إذا كان الأمر يخرج عن إرادته.
ولقد قسم الفقهاء بصدد الخطأ العقدي إلى نوعين فهي التزامات بتحقيق نتيجة أو ببذل عناية:
النوع الأول هو الالتزام الذي لا يتم تنفيذه إلا بالوصول إلى النتيجة المرجوة و إلا بقي الالتزام غير منفذ، و الشرط الجزائي الذي يضمن مثل هذه الالتزامات يستحق ما دام أن النتيجة لم تتحقق .
أما النوع الثاني أي الالتزام ببذل عناية فهو الالتزام الذي يجب تنفيذه ببذل عناية معينة قد يحددها القانون أو الاتفاق .
و الشرط الجزائي المقرر لمثل هذه الالتزامات يستحق طالما لم يبذل المدين العناية المطلوبة منه، وهكذا يكون الخطأ مبنيا على أساس موضوعي قوامه الاعتداد بواقعة مادية بحتة هي عدم تنفيذ الالتزام، ويجب أن يتوافر في عدم التنفيذ خاصيتان هما:
• يجب أن يكون عدم التنفيذ نهائيا.
• يجب أن يكون عدم التنفيذ كليا.
اثبات الخطأ:
تعتبر مسألة إثبات واقعة التنفيذ مسألة حساسة ودقيقة لأنها تتعلق بتحديد من يقع عليه عبء الإثبات.
وخلا فا للقاعدة القائلة بان البينة على من ادعى ففي حالة وجود الشرط الجزائي فلا وجه لتحميل الدائن إثبات خطا المدين في عدم التنفيذ أو التأخير في تنفيذ العقد بل هي قرينة تقوم على أساس أن المدين لم ينفذ التزامه و السبب المنطقي لعدم التنفيذ يكمن في خطا من جانب المدين. فالقرينة قوم على ضرورة عملية ولا يمكن لنظرية الشرط الجزائي أن تستغني عن هذه القرينة لأنها مرتبطة بفكرة تنفيذ الالتزام الأصلي.
الفرع الثاني: الضــرر.
أي وجود ضرر أصاب المشروط له ومع ذلك فإن هذا الحكم غير مستقر في القضاء الفرنسي فقد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن الشرط الجزائي يستحق حتى ولو لم يثبت الدائن أن هناك ضررا أصابه، فإن إتفاق الطرفين على شرط جزائي وتقديرهما مقدما للتعويض المستحق ، معناه أنهما مسلمان بأن إخلال المدين بإلتزامه يحدث ضررا اتفقا على المقدار اللازم لتعويضه وقد قامت معظم التشريعات بنقل بدء الإثبات من الدائن إلى المدين في التعويض الإتفاقي أي أن على المدين أن يثبت أن الدائن لم يلحقه أي ضرر وهذا يتفق مع أهم خصائص الشرط الجزائي أي أنه إتفاق بين الطرفين مما يستلزم أنهما مسلمات على أن إرتكاب الخطأ يؤدي إلى وقوع الضرر.
إذا فلا يمكن للدائن ان يطالب به اذا لم يلحقه أي ضرر، وحكمة ذلك أن الضرر شرط لاستحقاق التعويض، والشرط الجزائي ما هو إلا طريقة من طرق التعويض.
وفي هذا الصدد يختلف القانون المدني الجزائري عن نظيره الفرنسي الذي لا يشترط وقوع الضرر للدائن لاستحقاق الشرط الجزائي، فقبل قانون 09 يوليو1975 المتعلق بتعديل لأحكام الشرط الجزائي كان القضاء الفرنسي لا يشترط وقوع الضرر للحكم بالشرط الجزائي، وكان يستند في ذلك إلى نص المادة 1152 التي أرست مبدأ ثبات الشرط الجزائي، ولكن بعد 1975 أضاف المشرع الفرنسي فقرة ثانية للمادة 1152 وبمقتضاها أصبح القاضي يمارس رقابة قضائية على شرط جزائي وهنا لم ينص المشرع الفرنسي في هذه الفقرة الجديدة على ركن الضرر فاختلف القضاء حول اشتراطه لاستحقاق الشرط الجزائي أما بالنسبة إلى عبء اثبات الضرر فمن البديهي ما قامت به معظم التشريعات العالمية بنقل هذا العبء من الدائن إلى المدين اذ أن الاتفاق يصبح أساسا بدون سبب إذا تبين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر وبما أن المدين هو الذي يدعي عدم حدوث ضرر للدائن فعليه أن يثبت ذلك.
وهكذا نرى ان مسلك المشرع الجزائري – في ربطه الشرط الجزائي بوقوع الضرر – يتماشى مع أساس المسؤولية العقدية ، وتعتبر هذه القاعدة من النظام العام التي لا يجوز مخالفتها . وبصفة عامة يعتبر الشرط الجزائي شرطا عقديا ومن ثم يملك القاضي سلطة التفسير التي له على كل شرط في مجال المسؤولية العقدية و على هذا الأساس يجوز له تقدير خطأ المدين و كذالك خطأ الدائن للتخفيف من مسؤولية المدين أو إعفائه منها ، كما له ملاحظة ان اعذرا المدين لم يتم . وأخيرا فان القاضي قد لا يتقيد بالوصف الذي يعطيه الطرفان للشرط الجزائي بل عليه ان يستخلصه من الاتفاق و الظروف الملابسة به و النية المشتركة للطرفين
أخيرا يجب أن يكون هذا الضرر محققا ومباشرا ومتوقعا وذلك طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية.
الفرع الثالث: وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
فلا يستحق الشرط الجزائي إلا إذا قامت علاقة السببية بين الخطأ و الضرر ، أما إذا انتفت هذه العلاقة بثبوت السبب الأجنبي، أو انتفت بأن كان الضرر غير مباشر أو كان في المسؤولية العقدية مباشرا و لكنه غير متوقع فعند ذلك لا تتحقق ولا يستحق التعويض فلا محل إذن لإعمال الشرط الجزائي.
الفرع الرابع: الإعذار
الإعذار شرط لإستحقاق الشرط الجزائي في جميع الأحوال التي يجب فيها إعذار المدين. أما في الأحوال التي لا يجب فيها الإعذار فإنه لا يشترط، فإذا لم يقم الدائن بإعذار المدين في الأحوال التي يجب فيها الإعذار لم يستحق التعويض.
ومجرد وجود هذا الإتفاق لا يعفي من الإعذار، ولا يعتبر وجود هذا الشرط اتفاقا صريحا أو ضمنيا على إعفاء الدائن من إعذار المدين.
هذه الحالات ترجع إما إلى الاتفاق وإما إلى حكم القانون وإما إلى طبيعة الأشياء:
• فقد يتفق الطرفان مقدما على أن المدين يكون معذرا لمجرد حلول أجل الالتزام دون حاجة إلى أي إجراء، ويكون هذا الاتفاق صريحا أو ضمنيا.
ومثل الاتفاق الضمني أن يوجب رب العمل على المقاول إتمام البناء في تاريخ معين ويجب أن يكون الاتفاق الضمني غير محل لشك،فوضع الشرط الجزائي في العقد لا يفهم منه الإعفاء من الاعذار.
وقد يوجد اتفاق على عدم الحاجة إلى الاعذار ولكن الدائن ينسخ هذا الاتفاق بتصرفه، كما اذا اشترطت شركة التامين على المؤمن عليه عدم الحاجة إلى الاعذار في اقتضاء أقسام التامين ثم تتعود بعد ذلك ان تعذره كلما تأخر.
• هذا وقد يقضي القانون بعدم الحاجة إلى الاعذار مثلما نصت عليه المادة 220 القانون المدني المصري. فعلى سبيل المثال الحالة التي يكون فيها محل الالتزام رد شيء يعلم المدين انه مسروق، او رد شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك ففي هده الحالة يكون المدين سيء النية ويكون واجبا عليه إن يرد الشيء إلى الدائن وليس في حاجة إلى إعذاره، و من ثم يجب على المدبن أن يبادر فورا إلى رد الشيء للدائن.
• أما ما يرجع إلى طبيعة الأشياء فتتمثل فيما يأتي :
إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين, و هذا ما تقتضي به طبيعة الأشياء , لأن الإعذار هو دعوة المدين إلى تنفيذ إلتزامه و قد أصبح هذا التنفيذ غير ممكن أو غير مجد بفعله فاستحق عليه التعويض دون حاجة إلى الإعذار مثال ذلك :
أن يلتزم مقاول ببناء مكان في معرض لأحد العارضين , و ينتهي المعرض قبل أن ينفذ المقاول إلتزامه , وفي العقود المستمرة لا ضرورة للإعذار إذا تأخر المدين في تنفيذ إلتزامه الزمني , لأن ما تأخر فيه لا يمكن تداركه لفوات الزمن .
• إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه , فبعد هذا التصريح الثابت بالكتابة لا جدوى في إعذاره , فهو قد رد سلفا أنه لا يريد القيام بالتزامه.
هذه الشروط بصفة عامة اللازم توفرها لاستحقاق الشرط الجزائي باعتباره تعويضا كما أسلفنا, أما الآن نطرح الإشكالية التالية: هل توفر هذه الشوط تؤدي إلى التعويض تلقائيا أم أن للقاضي سلطات تتجلى في فرض رقابة عليه ؟ نجيب على هذه الإشكالية في المطلب الثاني .
المطلب الثاني : سلطات القاضي في فرض الرقابة
ظل القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 مطبقا في الجزائر كقانون وضعي إلى صدر التقنين المدني الجزائري في سنة 1975 ، وقبل صدور هذا الأخير كان القاضي يمارس سلطته في مجال الشرط الجزائي – في ظل مبدأ ثبات هذا الشرط – على النحو الذي كانت عليه سلطة القاضي الفرنسي قبل قانون 9 يوليو 1975 .
وفي التقنين المدني هجر المشرع الجزائري الاتجاه القديم و اخضع الشرط الجزائي باعتباره تعويضا للرقابة القضائية مسايرا في ذلك القوانين العربية فضلا عن القوانين الأجنبية السابق دراستها ، وان كان تنظيم المشرع الجزائري للرقابة القضائية على الشرط الجزائي يختلف نوعا ما عن تنظيم تلك القوانين لهذه الرقابة .
الفرع الأول:الرقابة على شرعية الشرط الجزائي
لقد منع المشرع في بعض الحالات الاستثنائية استعمال الشرط الجزائي و مثال ذلك قانون العمل و القانون البحري.
في قانون العمل : نصت المادة 78 من قانون العمل على انه لا يجوز في حال ان ينص في النظام الداخلي على غرامات.
لقد ألزم المشرع الجزائري كل وحدة تستخدم 20 عاملا على الأقل ان تعد نظاما لها.
ويعتبر النظام الداخلي من خطة الالتزامات التي يتعين على العامل احترامها ولهذا يجوز لرب العمل ان يضمن هذا النظام الداخلي بجزاءات مالية لكفالة احترامه .
ومن صور هذه الجزاءات الشرط الجزائي الذي يدفعه العامل عند إخلاله بهذا النظام غير ان المشرع الجزائري منع رب العمل من استعمال الشرط الجزائي الذي يأخذ شكل غرامة تستقطع من راتب العامل . و الهدف من هذا التحريم يرجع إلى ضمان الحد الأدنى لراتب العامل وخاصة ان استقطاع مبلغ الشرط الجزائي قد يؤثر عليه ويجعله لا يصل إلى الحد الأدنى الذي يضمنه القانون .
في القانون البحري : نصت المادة 811 القانون البحري على انه يعد باطلا وعديم المفعول كل شرط يكون هدفه او اثره المباشر او غير المباشر ما يلي :
أ ) إبعاد او تحديد مسؤولية الناقل الناجمة عن الماد 770 و 773 و 802 و 804 من هذا الكتاب , وقد حددت المادة 805 بحري جزائري.
ب) تحديد المسؤولية بمبلغ يقل عن المبلغ الذي حدد في المادة 805 اعلاه ما عدا في حالة ما جاء في المادة808ق.ب.
ج) منع الناقل الاستفادة من التامين على البضائع .
يتبين من هذه المادة انه لا يجوز التحديد المسبق – بمبلغ مالي – لمسؤولية الناقل البحري الناجمة عن افعاله المحددة في المواد السالفة الذكر ، ويترتب على ذلك بطلان كل شرط جزائي يستعمل في هذا المجال ، كما يبطل الشرط الجزائي الذي يقل مقداره عن المبلغ المحدد في المادة 805 ، وما تجدر الاشارة اليه ان المشرع – في هذه المادة – لم يحدد الحد الادنى للمبلغ الذي لا يجوز للأطراف الاتفاق على اقل منه بل أحال إلى اتفاقية بروكسل المبرمة في 10/10/1957 ، المتعلقة بتحديد مسؤولية ملاك السفن و التي اقرتها الجزائر .
الفرع الثاني :الرقابة القضائية على قيمة الشرط الجزائي
طبقا للمادة 184 مدني يسمح المشرع للقاضي ان يعدل من قيمة التعويض الذي اتفق عليه الطرفان .
• تبرير الرقابة القضائية : لا تحتاج الرقابة القضائية لشرعية الشرط الجزائي وشروط تطبيقه وتكييفه لأي تبرير إذ هي رقابة عادية يمارسها القاضي على كافة الشروط العقدية . أما الرقابة القضائية علي قيمة الشرط الجزائري فهي بحاجة إلى تبرير لكونها تمس بالحرية التعاقدية للطرفين وما يترتب على هذه الأخيرة من تقدير للتعويض . ويمكن تبرير هذه الرقابة بما يلي :
1_ الرقابة من حيث أساس الشرط الجزائي : يتمثل الشرط الجزائي في إرادة الطرفين ، وفي ظل الوضع السابق على العمل بالتقنين المدني كان القاضي مغلول اليدين لا يستطيع – بدعوى تحقيق العدالة – ان يعدل مبلغ الشرط الجزائي ولا يوجد لذلك أي سبب خاص دفع المشرع لتبني ذلك الاتجاه و إنما لكون القانون الفرنسي بقي مطبقا في الجزائر كقانون وضعي بالرغم من عدم تلاؤمه مع الواقع الجزائري سياسيا و اقتصاديا . وعلى هذا الأساس كانت الحرية التعاقدية مطلقة في مجال الشرط الجزائي حيث يمكن للطرفين تقدير التعويض وفقا لرغباتهم ودون أي قيد .
أما عن وضع التقنين المدني الجديد حاول المشرع ان يجعل القانون مرآة لاتجاهه السياسي و الاقتصادي حيث ادخل فيه التيار الاشتراكي ومن هذا المنطلق حد من مغالاة مبدأ سلطان الإدارة ، وبصفة عامة وقف المشرع من المذاهب الاجتماعية موقفا وسطا فأقر الحرية التعاقدية ولكن جعل العدل رقيبا عليها و لهذا منح القاضي سلطة الرقابة ليصلح بالعدل ما تفسده الحرية في العقد وعلى هذا الأساس يبقى الشرط الجزائي محتفظا بطابعه الاتفاقي ما لم يؤد هذا التوازن ، وفي هذا الصدد نشير إلى قول الأستاذ -عبد السلام الترمانيني- فالعقد السليم ليسر هو الذي يتم فيه اتفاق إرادتي الطرفين على إنشاء التزام فحسب وإنما هو الذي تتساوى فيه منافع الطرفين ، ذلك ان العقد أضحى وظيفة اجتماعية لا يقتصر أثره على المتعاقدين بل يرتد أثره على المجموع ، فكان من حق الدولة ان تراقبه .
2_ مناط الشرط الجزائي الضرر : رأينا سابقا ان المشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى يشترط وقوع الضرر لاستحقاق الشرط الجزائي ، فيترتب على هذا نتيجة منطقية وهي ألا يكون الشرط الجزائي مبالغا فيه بالنسبة للضرر الذي يقع و إلا كان الدائن مثريا ولهذا لا بد من تخفيض الشرط الجزائي المغالي فيه من طرف القاضي تحقيقا للعدالة بين أطراف الالتزام .
• نطاق الرقابة القضائية
تنص الفقرة الثانية من المادة 184 مدني على انه يجوز للقاضي ان يخفض المبلغ المتفق عليه اذا كان مبالغا فيه أو كان الالتزام قد نفذ في جزء منه .
كما تنص المادة 185 مدني على انه اذا جاوز الضرر قيمة التعويض المحدد في الاتفاق فلا يجوز للدائن ان يطالب باكثر من هذه القيمة إلا اذا اثبت ان المدين قد ارتكب غشا او خطأ جسيما . يتبين من هذين النصين ان القاضي يتمتع بسلطة التعديل التي يستعملها للحد من مغالاة الحرية التعاقدية ، غير ان هذه السلطة ليست مطلقة اذ لا يمكن للقاضي ان يتدخل إلا في مجال محدد ومتى توافرت شروط استخلاصها من روح الفقرة الثانية للمادة 184 هذا من جهة ، ومن جهة أخرى منح المشرع الجزائري القاضي السلطة التقديرية للتدخل في تعديل الشرط الجزائي .
يستخلص من نص المادة 184و185 من القانون المدني سالفي الذكر ان المشرع قد أجاز للقاضي تخفيض الشرط الجزائي كقاعدة عامة وزيادته على سبيل الاستثناء .
ونتناول أولا تخفيض الشرط الجزائي ثم ثانيا زيادته .
1. سلطة القاضي في تخفيض الشرط الجزائي:
و ذلك في الحالات التالية:
• حالة المبالغة في تقدير الشرط الجزائي إلى درجة ٍ كبيرة ٍ في خفض الشرط الجزائي إلى الحد المعقول .
• حالة التنفيذ الجزئي للالتزام يتدخل القاضي لإعادة تقدير الشرط الجزائي بما يتلاءم مع ما نفذ من الالتزام فعلا ً.
لقد حدد المشرع في الفقرة الثانية من المادة 184 السابق الذكر الإشارة إليها ، حالتين يمكن للقاضي فيها ان يخفض الشرط الجزائي : وأولهما المبالغة الكبيرة في تقدير الجزاء وثانيهما تنفيذ المدين بجزء من التزامه الأصلي ، وهنا نلاحظ ان المشرع الجزائري قد حذا في ذلك حذو القانون المدني المصري و التقنينات العربية الأخرى .
و منه نتناول الحالتين على التوالي :
تخفيض الشرط الجزائي بسبب المبالغة الكبيرة في تقديره الأصل: ان الشرط الجزائي اتفاق ، و القانون يحترم ارادة المتعاقدين فيما اتفقا عليه من تحديد لمقدار التعويض الذي يستحقه الدائن اذا اخل مدينه بالتزامه . ولايمكن للقاضي ان يتدخل لتعديل الجزاء المتفق عليه إلا اذا كان مبالغا فيه او مفرطا كما يسميه القانون الجزائري . وما يلاحظ على النص الجزائري بصدد هذه الحالة انه اكتفي بتحديد حالات تدخل القاضي دون ان يرشده بكيفية تقدير المبالغة و طريقة تخفيضها.
المقصود بالمبالغة :
نظرا لعدم وضع المشرع ضابطا ونسبة يمكن على ضوئها تحديد المقدار المبالغ ،فقد أدى دلك إلى اختلاف الفقه في تحديد المبالغة و بصفة عامة يمكن تعريفها بعدم التناسب الكبير بين المبلغ المتفق عليه و الضرر الذي وقع بسبب عدم التنفيذ بحيث يترتب على دلك نوع من المضاربة.
حالة التنفيذ الجزئي للالتزام : اذا نفذ المدين الالتزام الاصلي في جزء منه وكان تقدير التعويض على عدم التنفيذ اصلا، فالقاضي يخفض الشرط الجزائي بنسبة ما نفذ المدين من التزامه، اما اذا كان الشرط الجزائي في صورة عدم التنفيذ الكامل، فحينئذ ينفذ الشرط الجزائي باكمله وان اقدم المشترط عليه على تنفيذ بعض التزاماته.
-2سلطة القاضي في زيادة الشرط الجزائي :
و ذلك في الحالات التي تكون فيها زيادة الضرر راجعة إلى:
• غش المدين
• خطئه الجسيم
و لقد نص المشرع الجزائري على الحالات التي يمكن فيها أن يزداد في الشرط الجزائي في نصوص القانون المدني و منها نص المادة 185 بأنه لايمكن للدائن طلب زيادة الشرط الجزائي إلا في حالة غش المدين أو خطئه الجسيم.
وذلك أيضا ما ذهب اليه المشرع الفرنسي في نص المادة 1152بأنه يمكن للقاضي أن يرفع من قيمة الشرط الجزائي و دلك راجع إما إلى لخطأ جسيم في العقد وقع من أحد المتعاقدين أو بسبب غش المدين .
بحيث أنه إذا جاوز الضرر قيمة التعويض المقدر و أثبت الدائن ان المدين قد ارتكب غشا او خطأ جسيما فيجوز للقاضي ان يزيد في تقدير التعويض حتي يصبح معادلا للضرر الذي وقع لان الدائن الذي اتفق مع المدين علي تقدير التعويض لم يدخل في حسابه غش المدين او خطأه الجسيم و انه كذلك يقع باطل كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على العمل الغير مشروع وبيان ذلك انه لا يجوز ان يتفق الطرفان على إعفاء المدين من مسؤوليته التقصيرية ففي هذه الحالة يجوز للقاضي ان يحكم بتعويض أزيد بكثير من التقدير التافه الذي ورد في الشرط الجزائي لأجل تطبيق القواعد العامة في التقدير القضائي للتعويض.
فلذلك لابد من الفصل بين كون الشرط هو تقدير الضرر المتوقع من قبل المتعاقدين قبل وقوعه حسما للاختلاف و بعد ذلك فللقاضي ان يزيد فيه أو ينقصه إذا ثبت كونه مبالغا فيه او تافها .
أما إذا كان الشرط الجزائي غير مرتبط بالضرر أصلا بل كان مطلقا ( سواء وجد الضرر ام لم يوجد ) فحيئذ يكون الشرط نافذا إلا في حالة ما إذا فهمنا من الشرط سفاهة المشترط عليه أو المشترط ، فيبطل العقد من أساسه ويبطل الشرط تبعا له .
فيتفق المشرع الجزائري في مجال العقود مع جل التشريعات في تخفيض الشرط الجزائي المبالغ فيه حيث كلها تسمح للقاضي أن يخفض الشرط الجزائي المغالى في تقديره, أما فيما يخص زيادة الشرط الجزائي يختلف عن بعض القوانين بحيث لم يجز المشرع الجزائري رفع قيمة الشرط الجزائي كقاعة عامة إلا في الحالات الاستثنائية التي بيناها سابقا . وبصفة عامة يعتبر الشرط الجزائي شرطا عقديا ومن ثم يملك القاضي سلطة التفسير التي له على كل شرط في مجال المسؤولية العقدية و على هذا الأساس يجوز له تقدير خطأ المدين و كذالك خطأ الدائن للتخفيف من مسؤولية المدين أو إعفائه منها ، كما له ملاحظة ان اعذرا المدين لم يتم . وأخيرا فان القاضي قد لا يتقيد بالوصف الذي يعطيه الطرفان للشرط الجزائي بل عليه ان يستخلصه من الاتفاق و الظروف الملابسة به و النية المشتركة للطرفين ، فمن المتصور أن يصف الطرفان شرطا بأنه تعويض اتفاقي في حين أن حقيقته شرط لتحديد المسؤولية .
3- بطلان الشرط الجزائي:
قالوا: إذا كان الشرط الجزائي مبالغا فيه وكان المتعاملان على علم بهذه المبالغة وقد قصدا اليها، كان الشرط الجزائي هنا شرطا تهديديا (وليس واقعيا) لحمل المدين على عدم الاخلال بالتزامه.
وقد ذكر السنهوري: ان مؤدى ذلك ان يكون الشرط الجزائي المبالغ فيه ينطوي في الواقع من الامر على عقوبة فرضها الدائن على المدين، فيكون باطلا، وحينئذ يعمد القاضي الى تقديرالتعويض وفقا للقواعد العامة في تقديره.
ثم ذكر السنهوري تبريرا آخر للبطلان، حاصله: ان الشرط الجزائي هو تقدير التعويض المستحق من الطرفين وفقا للاعتبارات والظروف، فإذا اتضح بعد ذلك ان الضرر الذي وقع لم يكن بالمقدار الذي ظنه الطرفان قبل وقوعه وان تقديره كان مبالغا فيه كثيرا، فحينئذ لا يخلو الامر: من غلط وقع فيه الطرفان، او ضغط وقع على احدهما فقبل شرطا يعلم انه مجحف به، وفي كلتا الحالتين يكون الواجب تخفيض الشرط الجزائي الى الحد الذي يناسب الضرر .
الفرع الثالث:الرقابة القضائية على شروط تطبيق الشرط الجزائي في العقود الدولية
لا يقتصر استعمال الشرط الجزائي على المستوى الداخلي أي في العقود الوطنية بل استعملت هده الوسيلة القانونية حتى في العقود الدولية ودلك قصد ضمان سرعة تنفيذها و لقد نظمت بعض الاتفاقيات الدولية أحكام الشرط الجزائي مثل اتفاقية البينلوكس و لائحة المجلس الأوروبي الموقع عليها في 26 نوفمبر 1973.
و في الجزائر التي تبرم عدة عقود دولية مع مختلف الشركات التجارية الأجنبية لنقل التكنولوجية و دلك عن طريق استيراد الأجهزة التي لا تملكها , و هده العقود الدولية يتم انعقادها وفقا لقانون الصفقات العمومية إذ تنص المادة 68 منه: (تطبق أحكام هدا القانون على صفقات التوريد المبرمة مع المؤسسات الأجنبية ).
و قد حددت المادة 9 من نفس القانون البيانات التي يجب أن تتضمنها الصفقة العمومية و من بين هده البيانات معدل عقوبة التأخير, و هكذا نجد كل العقود الدولية المبرمة من طرف الجزائر تتضمن شرطا يسمى غرامات التأخير Pénalité de retard و هدا الشرط الذي يحرر على الشكل الأتي في حالة تأخر المورد في تنفيذ التزامه يدفع غرامة تأخير نسبتها كدا من قيمة الصفقة و في جميع الأحوال لا يمكن ان تتجاوز هده النسبة مبلغ كدا من القيمة الإجمالية للصفقة .و نلاحظ ان شرط غرامات التأخير ما هو إلا شرط جزائي مقرر لضمان عدم التأخير و قد يتأخر المورد الأجنبي في تنفيد التزامه مما يؤدي إلى استحقاق التعويض الاتفاقي المتفق عليه و بما أننا على مستوى دولي و أحد الطرفين أجنبي فانه يجب الرجوع إلى القانون الدولي الخاص لمعرفة القانون الذي يحكم الشرط الجزائي باعتباره اتفاقا و كيفية تطبيقه من طرف القاضي .
فالشرط الجزائي يخضع للقانون الذي يختاره الأطراف كقاعدة عامة وفي هذا الصدد نلاحظ أن الجزائر في اتفاقاتها مع الشركات الأجنبية غالبا ما تشترط تطبيق القانون الجزائري لحل النزاع الذي قد يثور بينهما ومع ذلك في بعض العقود وخاصة ذات القيمة الكبيرة نجد أنها تخضع لقوانين أجنبية أخرى غير القانون الجزائري وفي اعتقادنا هذا يرجع إلى القوة الاقتصادية للمتعاقد معها ولكن من الناحية القانونية هذا مقبول ما دام المشرع الجزائري لم يقيد الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على اتفاقهما، وعلى هذا الأساس فالشرط الجزئي المدرج في العقود الدولية المبرمة من طرف الجزائر قد يخضع للقانون الجزائري أو لقانون أجنبي يختاره المتعاقدان.
ان وجود الشرط الجزائي في العقد يفترض معه أن تقدير التعويض فيه يتناسب مع الضرر الذي لحق الدائن و على القاضي أن يعمل هدا الشرط إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فعندئذ لا يكون التعويض مستحقا أصلا أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة و في هده الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه .و ان الشرط الجزائي هو التزام تابع للالتزام الأصلي اد هو اتفاق على جزاء الإخلال بهدا الالتزام فادا سقط الالتزام الأصلي بفسخ العقد سقط معه الشرط الجزائي فلا يعتد بالتعويض المقدر بمقتضاه فان استحق تعويض للدائن تولى القاضي تقديره وفقا للقواعد العامة التي تجعل عبء إثبات الضرر و تحققه و مقداره على عاتق الدائن و هذه القاعدة وان كانت تجد تطبيقها في القانون الداخلي فإنها تطبق أيضا في المجال الدولي فيما اذا وقع نزاع حول هذا التقدير
الخاتمة:
ونستخلص مما سبق ذكره في هذا البحث، أن الشرط الجزائي في العقود هو تقنية من التقنيات التي تدرج لتقدير مقدار التعويض المستحق في حالة إخلال احد الطرفين بالتزامه التعاقدي. ولقد قام المشرع الجزائري كما رأينا بتكريس هذا المبدأ احتراما وتطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة ومحافظة على الحقوق و السير العادي لمجرى الالتزام التعاقدي إلا أنه لم يتركه على إطلاقه بل فرض عليه الرقابة وذلك تجنبا لتعسف الطرف القوي وبذلك فهذا الشرط قد يدخل عليه القاضي إما زيادة أو نقصانا بغية الوصول للتقدير المناسب لهذا الضرر.
المدرب دراجوسلاف يتمسك بالعرض النيجيري وإدارة الزمالك في حيرة :
التدخل في عمل الأجهزة الفنية أول صدام للمدير اليوغسلافي في حالة استمراره
جاء العرض الذي تلقاه دراجوسلاف المدير الفني الجديد لنادي الزمالك من الاتحاد النيجيري ليتولي تدريب منتخب بلادهم الأول كالصاعقة علي مجلس إدارة نادي الزمالك برئاسة الدكتور كمال درويش.. خاصة في ظل الظروف السيئة التي يعيشها المجلس حاليا بعد الضربة التي تلقاها من النادي الأهلي وانتقال إسلام الشاطر لاعب النادي للعب في صفوف الأهلي.
وكان دراجوسلاف قد أعلن قبل سفره إلي ألمانيا الأسبوع ا لماضي لمجلس إدارة النادي عن وجود نية لديه لفسخ عقده مع الزمالك خاصة في ظل العرض المغري الذي تلقاه من المنتخب النيجيري وينص علي حصوله علي راتب شهري ضعف ما سيحصل عليه بنادي الزمالك بالإضافة إلي حصوله علي مقدم عقد أضعاف ما سيحصل عليه من نادي الزمالك. وهو ما جعل المدرب الألماني يتحدث من موقف ثبات مع مجلس إدارة نادي الزمالك إضافة إلي إعلان الاتحاد النيجيري له عن نيتهم في دفع الشرط الجزائي مع الزمالك حتي ولو وصل الأمر إلي دفع راتب سنة بأكملها بالإضافة إلي المقدم الذي حصل عليه من الزمالك وهو 40 ألف دولار وبهذا يصل المجلس إلي 280 ألف دولار. هذا وبالرغم من إعلان الاتحاد النيجيري استعداده لدفع هذا المبلغ بأكمله إلا أن المدرب الألماني أبدي تمسكه بدفع مبلغ الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد وهو قيمة راتب شهرين فقط أي ما يعادل 40 ألف جنيه.
وفي المقابل أعلن مجلس إدارة نادي الزمالك تمسكه بالمدرب الألماني وكان عزمي مجاهد سكرتير عام النادي قد صرح لنا بأنه لم يحدث أي شيء من هذا القبيل والمدير الفني عائد إلي القاهرة في بداية شهر أغسطس لكنه في الوقت نفسه ألمح إلي أنه في حالة رغبة دراجوسلاف في فسخ عقده مع النادي عليه دفع مبلغ 280 ألف دولار لنادي الزمالك وهي قيمة المقدم الذي حصل عليه بالإضافة إلي راتب سنة كاملة وهو ما نص عليه عقد المدرب الألماني مع النادي أنه في حالة فسخ أي طرف من الطرفين للعقد قبل بدء المهمة فعليه دفع راتب سنة كاملة.
2.- Les clauses pénales dans les contrats de l’informatique :
Permettant de fixer forfaitairement, dès la conclusion du contrat, le montant des dommage-intérêts dus en cas de retard ou d'inexécution, la clause pénale, régie par les articles 1152 et 1126 à 1233 du Code civil, trouve de fréquentes applications en matière informatique. Aussi, la clause pénale présente des avantages particulièrement appréciables en ce qu'elle permet d'éluder les difficultés d'évaluation judiciaire des dommages-intérêts et prévient l'inexécution du contrat par la menace que représente la sanction contractuellement fixée. Toutefois, au delà de ces avantages, la clause pénale présente certains dangers, particulièrement lorsqu'elle aura été imposée par la partie la plus forte. Les abus commis ont conduit à la réforme réalisée par la loi du 9 juillet 1975. En principe, la clause pénale doit être exécutée telle qu'elle a été voulue par les parties. « Néanmoins, le juge peut, même d'office, modérer ou augmenter la peine qui avait été convenue, si elle est manifestement excessive ou dérisoire. Toute stipulation contraire sera réputée non-écrite » (C. civ. art. 1152 al.2). L'intervention du juge ne doit constituer qu'une exception. Le caractère manifestement excessif ou dérisoire de la peine apparaît par comparaison avec la valeur du préjudice résultant de l'inexécution, le jour où le juge statue. Faisant une application de cette disposition dans le cadre des contrats informatiques, la pratique montre que les espèces dans lesquelles les juges ont réduit les pénalités manifestement excessives sont plus fréquentes. Reste, encore, la question importante en pratique, de l'incidence de l'extinction du contrat sur l'efficacité de la clause pénale. S'il ne fait aucun doute que la nullité du contrat emporte celle de la clause qui s'y trouvait insérée, la question de l'efficacité de cette clause est plus délicate en cas de résolution du contrat.
DECISION(S) COMMENTEE(S) Cour de cassation, première Chambre civile, 29 octobre 2002, D Lebeaux contre Société Matélec,
AUTEUR(S):
REFERENCE: Contrats Concurrence Consommation, n° 3, 01/03/2003, pp. 36-37
MOTS CLEFS: contrat d'abonnement de télésurveillance, résiliation du contrat, clause pénale, clause abusive,
DECISION(S) COMMENTEE(S): Cour de cassation, 1ère chambre civile, 12 juillet 2001, Epoux Philippon contre Breugnot ; Cour de cassation, chambre commerciale, 10 juillet 2001, Société Spontex contre Société Le Nigen Industries (ex Société NLN)
AUTEUR(S): Leveneur, Laurent
REFERENCE: La semaine juridique, Edition entreprise, n° 11, 14 mars 2002, pp. 482-483
MOTS CLEFS: Contrats et obligations, clause pénale, principe d'intangibilité, révision judiciaire, article 1152 du Code civil, caractère manifestement dérisoire, augmentation de la peine
Les juges du fond n'ont pas à motiver spécialement leur décision lorsque, faisant application pure et simple des conventions, ils refusent de modérer la peine forfaitairement convenue (1ère espèce).
En vertu de l'article 1152 du Code civil, le juge ne peut augmenter la peine convenue que si celle-ci est manifestement dérisoire (2ème espèce).
MOTS CLEFS: Contrat et obligations. Cession de clinique privée et transfert du contrat d’exercice médical
Le caractère moins avantageux des contrats souscrits à titre individuel par deux anesthésistes auprès de la clinique cessionnaire n’étant pas personnel à leur SCP et la clause du contrat les liant à la clinique cédante, portant opposabilité dudit contrat à tout cessionnaire de l’établissement, ne mettant, en définitive, à la charge de la clinique cédante qu’une obligation de prudence et de diligence à laquelle aucun manquement n’était établi au cours des difficiles négociations de cession, et qui a abouti notamment à l’obtention des conventions d’exercice individuel au profit des deux associés, justifient que la clinique cédante ne soit pas condamnée à servir des dommages-intérêts à la SCP pour inexécution du contrat. Le juge ne peut, d’office, ni qualifier une stipulation en clause pénale ni en modifier le montant sans recueillir les explications des parties.
DECISION COMMENTEE Cour de cassation, 14 octobre 1997, Peuchet contre Société Nicolas et Compagnie SNC et autres
AUTEUR(S) Willmann, Christophe
Référence Recueil Dalloz Sirey, n° 7, 18/02/1999, pp. 103-106
Jurisprudence p. 101 à 114
MOTS CLEFS Clause pénale, faculté de dédit, distinction, portée, juge du fond, pouvoir modérateur, exclusion, diminution ou suppression d'indemnité, article 1150 du Code civil
حصريا من شروقي محترف لمنتديات الشروق د. بن تومي
المقدمة:
إذا كانت العقود تبرم لتنفذ في الأصل تنفيذا عينيا , فلا يعني هذا بالضرورة أن يتم التنفيذ على الوجه الذي يرضي جميع الأطراف فقد يمتنع أحد الأطراف عن عدم تنفيذ التزامه العقدي أو قد يتسبب بخطئه في ذلك مما يؤدي إلى عرقلة السير الحسن للعقد , فإذا ترتب على عدم التنفيذ أو التأخر في التنفيذ ضررا للطرف الآخر التزم من كان سببا في ذلك بتعويضه مكان التنفيذ العيني للالتزام و هذا ما يصطلح عليه بالتنفيذ بطريق التعويض , و في هذا الإطار نجد ثلاثة طرق لتقدير التعويض هذا التعويض :
• التعويض القانوني (الفوائد).
• التعويض القضائي.
• التعويض الإتفاقي (الشرط الجزائي).
و إذا كانت الطريقة الأولى قانونية و الثانية قضائية فإن الطريقة الثالثة مستوحاة من إرادة الأطراف و بعبارة أدق من إرادة المتعاقدين , يلجأ المتعاقدون لإدراجها كوسيلة فنية، لضمان تنفيذ العقود، وذلك ضمانا للتنفيذ المتبادل للالتزامات و عدم وقوع نزاعات مستقبلية فيقومون بتقدير مسبق للتعويض ومن هنا تبرز أهمية إدراج مثل هذه الشروط فيتجنبون بها اللجوء إلى القضاء وما يستتبع ذلك من مصاريف قضائية و طول الإجراءات هذا ما دفعنا إلى القول أن هذا الشرط أصله اتفاقي.
إلا أن المشرع الجزائري كنظيره الفرنسي الذي تنبه لهذه النقطة سمح للأفراد بإدراج شرط في العقد يقدر من خلاله التعويض في حالة إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التعاقدية , وقد تعدت هذه التقنية مجال القانون الداخلي و ارتقت لتصل إلى غاية العقود الدولية و خاصة التجارية منها.
ففيما يتمثل هذا الشرط يا ترى؟
و ما هي شروط استحقاقه؟ و هل للقاضي سلطة الرقابة على صحة و تقدير هذا الشرط؟
مبحث تمهيدي: تعريف الشرط الجزائي
قبل أن نبين أنواع الشرط الجزائي وخصائصه يستوجب علينا أولا أن نعطي فكرة واضحة عن هذا النظام وذلك بتعريفه انطلاقا من التعريف القانوني وإنتهاءا بالتعريف الفقهي.
الفرع الأول: التعريف القانوني.
ونقصد بالتعريف القانوني ذلك التعريف الذي يعطيه المشرع للنظام القانوني الذي يفرضه على الأفراد فقد عرفه على سبيل المثال المشرع الفرنسي في مادتين ، المادة 1126 والتي تنص : " الشرط الجزائي هو الشرط الذي بموجبه يتعهد أحد الأشخاص ضمانا لتنفيذ اتفاق بتقديم شيء في حالة عدم التنفيذ "، أما المادة 1229: " تعويض الدائن عن الأضرار التي تلحقه من جراء عدم تنفيذ الالتزام الأصلي " غير أن التعريف الأول يعتبر عام وناقص إذ اقتصر على عدم التنفيذ وأما الثاني فقد لقي معارضة شديدة من قبل الفقهاء اللذين يعتبرون الشرط الجزائي تقوية .
وما يمكن ملاحظته أن المشرع الفرنسي بإعطائه هذا التعريف المزدوج قد فتح مجال الخلاف أمام الفقه حول الطبيعة القانونية لهذا الشرط.
وحسنا فعل المشرع الجزائري الذي لم يعرف الشرط الجزائي بل اكتفى بتأكيد مشروعيته في المادة 183 وبيان أحكامه في المواد 184 و 185 ق.م.
الفرع الثاني: التعريف الفقهي.
عرفه الأستاذ أنور سلطان بأنه: اتفاق يقدر فيه المتعاقدان سلفا التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه أو تأخر في تنفيذه.
وعرفه الأستاذ TOULLIERبأنه: ذلك الشرط الذي يفرض على الشخص ضرورة أداء مبلغ أو شيء كجزاء لعدم قيامه بتنفيذ التزامه أو لتأخره في تنفيذه.
الهدف من الشرط الجزائي : هو تجنب المتعاقدين من اللجوء إلى القضاء وتفادي النزاع الذي يثور بشأن إثبات الضرر .
المبحث الأول : خصائصه و أنواعه و طبيعته القانونية
المطلب الأول: خصائص الشرط الجزائي وتمييزه عما يشابهه.
الفرع الأول: خصائص الشرط الجزائي
يتميز الشرط الجزائي بخصائص استخلصها الفقه من الوظيفة التي يقوم بها.
أولا: الشرط الجزائي اتفاق.
وهذا ما نصت عليه المادة 183: " يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق...".
فلا يمكن تصور شرط جزائي مصدره القانون وتتجلى الإدارة كمصدر للإلتزام في شكلين هما العقد و الإرادة المنفردة.
• الشرط الجزائي العقدي: وله صورتين إما:
1- أن يدرج في العقد الأصلي.
2- أن يوضع في اتفاق لاحق: فليس من الضروري وجوب وضع الشرط الجزائي ضمن العقد الأصلي إذ انه قد يكون الشرط الجزائي في اتفاق لاحق للعقد و لكن بشرط ان يكون هذا الاتفاق اللاحق قبل وقوع الضرر الذي يقدر الشرط الجزائي التعويض عنه .
• الشرط الجزائي الصادر بإرادة منفردة: ويمكن تصور قيامه في حالتين:
1- الشرط الجزائي المدرج في الإيجاب:
قد يصدر الموجب إيجابا وضمنه شرطا جزائيا لعدوله ويجب هنا التفرقة بين حالتين:
- إذا كان الإيجاب لا يتضمن أجلا للقبول فيمكن للموجب العدول في أي وقت.
- إذا تضمن الإيجاب أجلا لصدور القبول فلا يمكن للموجب العدول عم إيجابه قبل الأجل.
2- الشرط الجزائي المدرج في إيجاب موجه للجمهور.
ثانيا: الشرط الجزائي تقدير جزائي للتعويض:
لقد مر بنا الشرط الجزائي اتفاق مسبق على تقدير التعويض حيث أن الأطراف بإرادتهم يحددون بصفة مسبقة المبلغ الذي يدفعه المدين في حالة إخلاله بإلتزامه أو عند تأخره في تنفيذه، فهو إذن تقدير جزافي للتعويض كما يرى ذلك الأستاذ جاكوميته في قوله: " إن الشرط الجزائي باعتباره تسوية اتفاقية يحدد بصفة مسبقة وجزافية قيمة التعويض "، ويترتب على كون الشرط الجزائي تقديرا جزافيا للتعويض أنه يمكن للقاضي أن يعدل في هذا التقدير زيادة أو نقصانا وذلك لكي يتناسب الحجم الحقيقي للتعويض
تالتا: الشرط الجزائي طريق إحتياطي:
إن المبدأ العام الذي يقتضي بأن الأصل في التنفيذ أن يكون عينيا ولا يحكم بالتعويض إلا في حالة استحالة التنفيذ أو التأخر وهو الذي يطبق على الشرط الجزائي وذلك باعتباره تعويضا ومن هنا تبرز الصفة الاحتياطية للشرط الجزائي فباعتباره تعويض لا يجوز المطالبة به أو إعماله إلا إذا كان التنفيذ العيني للالتزام غير ممكن ويبرز الطابع الاحتياطي بصورة أكثر وضوحا في حالة ما إذا كان التنفيذ العيني ممكنا إذ لا يمكن للدائن عندئذ أن يجمع بين التنفيذ العيني والشرط الجزائي إلا إذا مقرر للتأخير في التنفيذ فالأصل العام هو المطالبة بالتنفيذ العيني أولا فإذا كان غير ممكن ( الاستحالة ) جاز المطالبة بالشرط الجزائي غير أن المشرع الألماني خرج عن هذه القاعدة وأجاز المطالبة بالشرط الجزائي حتى ولو كان التنفيذ العيني ممكنا ولكن يجب عليه أن يتنازل عن التنفيذ العيني ( م 340 ق م أ ).
ومن المتفق عليه أن الشرط الجزائي المقرر لعدم التنفيذ لا يحول دون مطالبة الدائن بالتنفيذ العيني للالتزام الأصلي فله أن يختار بين هذا وذاك.
ويرى بعض الفقهاء أنه مستمد من القواعد العامة حيث يمكن للدائن أن يطالبه بدلا من التعويض بتنفيذ الالتزام عينا. في حين يرى البعض الآخر أن هذا الحق ينتج عن الطبيعة القانونية للشرط الجزائي، حيث لو لم يتقرر هذا الحق للدائن واستحق الشرط الجزائي عقد عدم التنفيذ لكنا بصدد تجديد الالتزام الأصلي عينا والشرط الجزائي، يتبين لنا بكل وضوح أن هناك التزامين أحدهما أصلي يرد عليه التنفيذ العيني والآخر تبعي يكتفي به الدائن إذا لم ينفذ الالتزام الأصلي.
رابعا: الشرط الجزائي التزام تابع :
الشرط الجزائي اتفاق غايته تقدير التعويض الذي يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين التزامه أو تأخره في ذلك إذن فالشرط الجزائي التزام تابع للإلتزام الأصلي لا يكون له وجود بدونه ولا بقاء بعده وعلى هذا الأساس يبطل الشرط الجزائي إذا كان الإلتزام الأصلي باطلا وإن كان بطلان الشرط الجزائي لا يؤدي إلى بطلان الإلتزام الأصلي.
فالملتزم بالعقد أو الملتزم بمصدر من المصادر الأخرى من مصادر الالتزام ، كان يلتزم بنقل ملكية أو بعمل أو بالامتناع عن عمل فإذا اتفق الطرف الآخر على مبلغ معين بقدر أن به التعويض فيما إذا أخل من عليه الالتزام بإلتزامه يترتب عليه:
1- أن العبرة بالالتزام لا بالشرط الجزائي.
2- أن بطلان الالتزام الأصلي يستتبع بطلان الشرط الجزائي دون العكس.
فصاحب الشرط يطالب المشروط عليه بالتنفيذ لما إلتزم به أولا و لا يجوز له أن يطالب بالشرط الجزائي أولا، لأن الشرط الجزائي تعويض، وكذا المشروط عليه ليس له إلا العمل على تنفيذ ما ألتزم به، ولا يجوز أن يعدل من تنفيذ التزامه – إذا كان ممكن –إلى الشرط الجزائي، لأن الشرط الجزائي ليس بديلا للالتزام الأولي، بل هو تعويض فيما إذا صار الالتزام الأصلي مستحيلا بخطأ المشروط عليه وحصل ضرر من جراء الخطأ تكفل الشرط الجزائي بتقديره، وإذا بطل الشرط الجزائي فلا مبرر لبطلان العقد كما إذا اشترط المرتهن أنه عند عدم سداد الدين يكون الرهن ملكا له ، فيبطل الشرط دون الرهن.
إذا فما يميز الشرط الجزائي بأنه ليس هو السبب في استحقاق التعويض، فلا يتولد عنه التزام اصلي بالتعويض ولكن يتولد عبه التزام تبعي بتقدير التعويض بمبلغ معين.
الفرع الثاني: تمييز الشرط الجزائي عما يشتبه به من أوضاع.
أولا: تمييز الشرط الجزائي عن العربون:
إذا كانت دلالة العربون هي جواز العدول عن العقد فإنه يجوز لكل من المتعاقدين أن يرجع في العقد بعد إبرامه لقاء دفع مبلغ العربون، فيشتبه العربون بالشرط الجزائي، وقد يحمل على أنه شرط جزائي لتقدير التعويض في حالة العدول عن العقد.
ولكن الفرق الكبير بين العربون و الشرط الجزائي يظهر من الوجوه التالية:
1- العربون هو المقابل لحق العدول عن العقد، فمن أراد من المتعاقدين أن يعدل في العقد كان له ذلك في مقابل دفع العربون، أما الشرط الجزائي فتقدير لتعويض عن ضرر قد وقع ويترتب على ذلك أن الالتزام بدفع العربون قائم حتى لو لم يترتب على العدول عن العقد أي ضرر أما الشرط الجزائي فلا يستحق إلا إذا وقع ضرر للدائن.
2- العربون لا يجوز تخفيضه، سواء كان الضرر الذي أصاب المتعاقد الآخر من جراء العدول عن العقد مناسبا للعربون أو غير مناسب، بل أنه يجب دفع مبلغ العربون كما هو حتى ولو لم يلحق هذا الطرف الآخر أي ضرر من العدول عن العقد، اما الشرط الجزائي فيجوز تخفيضه حتى يتناسب مع الضرر.
3- يمكن تكييف العربون بأنه البدل في التزام بدلي، ففي البيع مع العربون مثلا يلتزم المشتري التزاما أصليا بدفع الثمن في مقابل أخذ المبيع، وله إذا شاء أن يعدل عن هذا المحل الأصلي – دفع الثمن في مقابل أخذ المبيع –إلى محل بدلي هو دفع مبلغ العربون في غير مقابل. أما الشرط الجزائي فتكييفه القانوني هو تكييف التعويض كما قدمنا: لا هو إلتزام تخييري ولا هو إلتزام بدلي ومن ثم لا يكون المدين حرا .
بخلاف المشتري فلا يمكن له العدول عن تنفيذ إلتزامه الأصلي إذا كان هذا التنفيذ ممكنا إلى تنفيذ الشرط الجزائي، بل يتعين عليه أن يقوم بتنفيذ إلتزامه الأصلي إذا طلب إليه الدائن ذلك.
ثانيا: تمييز الشرط الجزائي عن التهديد المالي (الغرامة التهديدية)
ان التهديد المالي هو حكم قضائي على الملتزم المتعنت من تنفيذ التزامه أو تأخيره، فهو عقوبة من قبل المحكمة. ولكن يمكن لأحد المتعاقدين ان يجعل الشرط الجزائي مبالغا فيه كثيرا بحيث ينطوي في الواقع على عقوبة فرضها الدائن على المدين. وعلى هذا الذي تقدم يوجد فرق أساسي بين الشرط الجزائي والتهديد المالي في الفقه الوضعي، حيث يكون التهديد المالي تحكميا لا يقاس بالضرر،فهو يكون فيما اذا كان هناك التزام امتنع عن تنفيذه الملتزم مع ان تنفيذه العيني لا يزال قائما، وان يكون التدخل الشخصي من الملتزم له دخل في التنفيذ العيني، وان يطالب الملتزم له بالتهديد المالي.
وميدان التهديد المالي واسع، مثل: الالتزام بعمل فني، اوالالتزام بتقديم الخدمات للمشتركين في شركة الكهرباء والماء والتلفون، والالتزام باخلاء عين مؤجرة أو تسليمها. وحتى في نطاق الاحوال الشخصية، حيث يمكن ان يلتجأ للتهديد المالي في الالتزام بتسليم الأولاد إلى من له حق حضانتهم، وفي التزام الزوجة بالذهاب إلى محل الطاعة، ومثل أن يلتزم الممثل بالا يمثل في مسرح معين، والتزام المهندس بالا يعمل في مصنع منافس، والتزام بائع المتجر بالامتناع عن منافسة المشتري.
وقد قلنا: ان التهديد المالي تحكمي لا يقاس بالضرر، ولا يقدر التهديد المالي مبلغا دفعة واحدة؛ وذلك حتى يتحقق التهديد، فالملتزم يحس بانه كلما طال وقت التاخير عن التنفيذ زاد مبلغ الغرامة التهديدية المحكوم بها. والتهديد المالي ليس عقوبة، ولا ينفذ إلا عندما يتحول إلى تعويض نهائي، وإذا تحول إلى تعويض نهائي فقد ينقص وقد يلغى.
ومن هنا يفهم ان الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على الملتزم والتغلب على عناده، ليحمل على تنفيذ التزامه، فهي وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري، ولهذا فهي تتفق مع الاكراه البدني على تنفيذ الالتزام، ولذلك فهذا التهديد المالي قد ينجح وقد لا ينجح تبعا لما انتهى اليه المدين من تنفيذ التزامه أو الإصرار على عدم التنفيذ.
والسند القانوني لهذا التهديد المالي لا يوجد في التقنين المدني الفرنسي ولا يوجد في التقنين المدني المصري السابق، بل استند القضاء الفرنسي بطريق غير مباشر إلى المادة (1036) من تقنين المرافعات الفرنسي، وقد جاء فيها:
«فالحكم الصادر بالغرامة التهديدية هو أمر يصدر من المحكمة بما لها من سلطة الامر لا بما لها من ولاية الحكم للمدين المتعنت الممتنع عن تنفيذ التزامه بتنفيذ هذا الالتزام، فان لم يفعل فجزاؤه على العصيان غرامة تهديدية».
وهذا النص الذي استند اليه القضاء الفرنسي قصد به بسط سلطة القاضي في ادارة الجلسة، وهو قضاء اجتهادي لا سند له في النصوص التشريعية، فنظرية التهديد المالي نظرية خلقها القضاء لا المشرع.
ولكن القانون المصري الجديد اوجد السند التشريعي لنظرية التهديد المالي، فقد ذكر في المادة (213): «1 - إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن ان يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ، وبدفع غرامة تهديديه إن امتنع عن ذلك.
2 - وإذا رأى القاضي إن مقدار الغرامة ليس كافيا لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ، جاز له ان يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة».
ونصت المادة (214) على ما ياتي: «اذا تم التنفيذ العيني أواصر المدين على رفض التنفيذ، حدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين، مراعيا في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين».
أما بالنسبة للقانون الجزائري فقد نص على هذه الغرامة التهديدية في المادة 174 :" - اذا كان تنفيذالالتزام عينا غير ممكن او غير ملائم إلا اذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن ان يحصل على حكم بالزام المدين بهذا التنفيذ، وبدفع غرامة إجبارية إن امتنع عن ذلك.
واذا رأى القاضي ان مقدار الغرامة ليس كافيا لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ، جاز له ان يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة." يتضح أن المشرع الجزائري قد استعمل مصطلح الغرامة الإجبارية بدلا من الغرامة التهديدية .
المطلب الثاني: أنواع الشرط الجزائي.
يستخلص من المادة 176 ق م ج أن التعويض الذي يحكم به القاضي على المدين في حالة استحالة التنفيذ العيني يكون إما لعدم التنفيذ أو للتأخير في التنفيذ فالأول يطلق عليه التعويض لعدم التنفيذ والثاني التعويض عن التأخير.
والشرط الجزائي كتعويض أيضا يمكن أن يتخذ إحدى الصورتين:
الفرع الأول: الشرط الجزائي لعدم التنفيذ. (clause pénale compensatoire)
ويهدف هذا النوع إلى تعويض الضرر المترتب عن عدم التنفيذ النهائي للإلتزام الأصلي فهو إذا يحل محل التنفيذ، ونكون بصدد عدم التنفيذ متى أصبح التنفيذ مستحيلا وقد يكون عدم التنفيذ جزئيا أو كليا.
ويكفي في هذا الصدد أن تصنع الظروف للدائن أمل الحصول على التنفيذ مثل فقدان أو هلاك محل العقد وقد يكون محل التنفيذ جزئيا أو كليا وفي الحالتين وبحسب مسؤولية المدين عن ذلك يتحول عدم التنفيذ إلى تعويض.
الفرع الثاني: الشرط الجزائي المقرر للتأخير.
ويهدف هذا الشرط المقرر للتأخير إلى تعويض الدائن عن الضرر المترتب على تأخر المدين في التنفيذ.
ويقدر هذا التعويض في شكل نسبة مئوية يتقاضها الدائن عن كل يوم تأخير أو أسبوع أو شهر، ويكثر إستعمال هذا النوع من التعويض في مجال القانون الإداري وعلى الخصوص في العقود الادارية التي تبرمها الادارة مع المتعاقد معها.
وباعتباره استثناء من القواعد العامة التي تحكم التعويضات القضائية، فإذا تأخرالمدين في تنفيذ التزامه فلا يمكن المطالبة به في حالة عدم التنفيذ الكلي للالتزام لأنه يصبح بدون محل، فمثلا: لو عهد رجل أعمال إلى مقاول ببناء مصنع واتفقا على شرط جزائي لتأخير في تسليم مفاتيح المصنع فلا يمكن لصاحب المصنع أن يطالب بالشرط الجزائي لتهديم المصنع لأن سوء البناء يمكن اعتباره كعدم تنفيذ للالتزام وليس تأخيرا في التنفيذ، و العكس صحيح إذا تقرر شرط جزائي لضمان عدم التنفيذ فلا يجوز المطالبة بهذا الشرط لتعويض الضرر الناتج عن التأخير في تنفيذ هدا الالتزام ومثال ذلك: أن يتفق الطرفان على شرط جزائي لضمان سلامة سلعة معينة فلا يمكن المطالبة به إذا وصلت السلعة متأخرة.
ونذكر فيما يأتي أمثلة عن دلك:
-الشرط الجزائي في عقد المقاولة بإلزام المقاول بدفع مبلغ معين عن كل يوم أو عن كل أسبوع أو عن كل مدة أخرى من الزمن يتأخر فيها المقاول عن تسليم العمل المعهود إليه انجازه .
-وقد يكون الشرط الجزائي اشتراط حلول جميع الأقساط عند التخلف عن أداء قسط في وقته.
-أو تملك الزراعة القائمة على الأرض عند انتهاء مدة إجارتها عند الإخلال بتسليم الارض خالية عند انتهاء مدة اجارتها.
الفرع الثالث: أثار التمييز بين نوعي الشرط الجزائي.
إن إتفاق الأطراف هو الذي يحدد نوع الشرط الجزائي لكن إذا لم يحددوا نوعه فالقضاء الفرنسي قرر أن معرفة الشرط الجزائي إذا كان مقررا لعدم التنفيذ أو للتأخير في اللتنفيذ في مسألة واقع ولقضاء الموضوع البحث عن النية المشتركة للطرفين.
واقترح الفقه معيارا للتمييز بينهما يقوم على قيمة الشرط الجزائي فهو مادي مقتضاه أنه إذا كان مبلغ الشرط الجزائي يقارب قيمة الإلتزام الأصلي فهو تعويض عن عدم التنفيذ لأنه يهدف إلى حلوله محل التنفيذ العيني للإلتزام العيني و للإلتزام الأصلي.
أما إذا كان مبلغ الشرط يقل عن مبلغ الإلتزام الأصلي بدرجة كبيرة فيمكن إعتباره مقرر للتأخير في التنفيذ وما يميزه أنه يقدر بنسبة مئوية عن فترة زمنية يحددها الطرفان مع الإشارة أنه يمكن الجمع بين النوعين في ذات الشرط.
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للشرط الجزائي.
يهدف الدائن من وراء تقرير الشرط الجزائي في اتفاقه مع المدين إلى الاطمئنان على الحصول على حقه اما بالتنفيذ العيني للإلتزام أو بمقابل أي عن طريق الشرط الجزائي .
وذهب فريق من الفقه إلى اعتبار الشرط الجزائي تعويضاَ،هذا ما أدى بفريق آخر إلى اعتباره عقوبة وهي التي كان يتميز بها في العصور القديمة وانتشر بعد ذلك في القانون المدني الفرنسي سنة 1804.
حيث نص المشرع في المادة 1152 على مبدأ ثبات الشرط الجزائي وقد عدل المشرع الفرنسي أحكام الشرط الجزائي بموجب قانون 9 يوليو1975 ولكن هذا لم يخفي على الوظيفة العقابية في النظر بعين القضاء وهذا أثار جدالاً فقهي حول وظيفتي التعويض والعقوبة لتحديد وظيفة الشرط الجزائي وبالرغم من الحجج والأسانيد التي قدمها كل فريق لم يستطيع أي منهما تغليب وجهة نظره مما أدى بفريق (3)إلى القول بأن الشرط الجزائي ذو طبيعة مركبة.
الفرع الأول :الشرط الجزائي تعوض :
يرى جانب من الفقه أن الشرط الجزائي له طابع تعويضي ولا يمكن أن يكون عقوبة،إلا أنهم اختلفوا حول طبيعة التعويض فنمهم من اعتبره جزافي ومنهم من يرى أنه تقدير مسبق للتعويض.
الفرع الثاني :الشرط الجزائي عقوبة :
يرى جانب من الفقه أن اعتبار الشرط الجزائي عقوبة يفرضها الدائن على مدينه ففي هذا الصدد يقول الأستاذ لـــومبــيار "الشرط الجزائي كعقوبة لجريمة مدنية يحقق للمتعاقدين الضمان والأمن".
الأستاذ مــــيتو :" الشرط الجزائي جزء يذكر بالعقوبة " ويؤكد الأستاذ ديــــموج " أن الوظيفة العقابية للشرط الجزائي هي التي تعطيه أهميته وأصالته وتميزه عن نظرية التعويض.
أما بـــلانـــيول :هو الذي حدد الوظيفة العقابية للشرط الجزائي تتوقف على المبلغ المتفق عليه عما اذا كان مرتفعاً أو تافهاً والوظيفة العقابية يقصد بها الضغط والتهديد الذي يحدث المبلغ المرتفع في روح المدين ويدعه إلى تنفيذ التزامه عينياً.
الفرع الثالث:الشرط الجزائي ذو طبيعة مركبة:
يرى جانب من الفقهاء ان الشرط الجزائي ذو طبيعة مزدوجة أي تعويضاَ وعقوبة التي تبناه الفقيه الألماني (كوزاش).
غير أن الأستاذ (بيرانو فاشيو) يرى بأن الشرط الجزائي يكون إما تعويضا وإما عقوبة ولا يمكن الجمع بينهما .
موقف المشرع الجزائري من هذه النظريات :
يتضح من خلال النصوص الخاصة بالشرط الجزائي أن المشرع الجزائري قد أضفى طابع التعويض متجاهلاً الفكرة العقابية بدليل أنه اشترط الضرر لاستحقاق الشرط الجزائي،وهذا ما نصت عليه المادة 184 من القانون المدني الجزائري ( لا يكون التعويض المحدد في الإتفاق مستحقاً إلا اذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر).وطيق أيضاَ أحكام التعويض بمقابل الشرط الجزائي المواد 181-183-176 .
موقف القانون المصري :
يستخلص من المواد 223-224-225 القانون المدني المصري الذي اعتبر الشرط الجزائي تعويضاَ واشترط وقوع الضرر لإستحقاقه وطبق أحكام التعويض بمقابل.
وقد عرفه قاموس القانون الخاص على أنه :" إن عدم تنفيذ أو التأخر في تنفيذ الالتزامات والحاصل من أحد المتعتقدين ويحدث من جراءه ضرر أو تفويت فرصة لربح يجبر عن طريق التعويض و الذي يرجع للقاضي تحديده، فإدا قامت الاطراف المتعاقدة بتحديد تعويض فيطلق عليه حينئد الشرط الجزائي وبالرغم من اصطلاح الجزاء pénale فهو يعتبر عقوبة مدنية وليست جزائية.
المبحث الثاني:شروط إستحقاق الشرط الجزائي وسلطات القاضي في فرض الرقابة
المطلب الأول :شروط استحقاق الشرط الجزائي.
ان شروط استحقاق الشرط الجزائي هي نفس شروط استحقاق التعويض، وهذا معنى إحالة المادة 183 على المواد 176إلى181 وهذه الشروط هي:
1 - وجود خطا من احد المتعاقدين الذي اشترط عليه الشرط الجزائي.
2 – وجود ضرر أصاب المشروط له.
3 - وجود علاقة بين الخطأ والضرر.
4 - اعذار من يكون لصالحه الشرط الجزائي للآخر في الأحوال التي يجب فيها الاعذار، اما إذا لم تكن ضرورة للاعذار فلا يشترط الاعذار.
الفرع الأول: الخطــأ.
ويعني وجود خطأ من أحد المتعاقدين الذي اشترط عليه الشرط الجزائي، فلا يستحق الشرط الجزائي إذن إلا إذا كان هناك خطأ من المدين والغالب أن يكون هذا الخطأ عقديا فإذا لم يكن هناك خطأ من المدين، فلا مسؤولية في جانبه، ولا يكون التعويض مستحقا ومن ثم لا محل لإعمال الشرط الجزائي، فما هو إلا تقدير لتعويض قد استحق ولم يستحق التعويض.
و يتمثل الخطأ في مجال الشرط الجزائي في عدم تنفيذ المدين التزامه أو تأخره في ذلك ويشترط أن يكون هذا ألخطأ منسوبا إلى المدين نفسه.
و يعتبر الخطأ ركنا جوهريا لاستحقاق الشرط الجزائي لذلك يتحتم علينا البحث عن مضمونه وإثباته.
مضمون الخطأ:
ان الرأي الغالب في الفقه يقيم الخطأ على أساس موضوعي بحت هو عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد اذ مجرد عدم التنفيذ يجعله مخطئا إلا إذا كان الأمر يخرج عن إرادته.
ولقد قسم الفقهاء بصدد الخطأ العقدي إلى نوعين فهي التزامات بتحقيق نتيجة أو ببذل عناية:
النوع الأول هو الالتزام الذي لا يتم تنفيذه إلا بالوصول إلى النتيجة المرجوة و إلا بقي الالتزام غير منفذ، و الشرط الجزائي الذي يضمن مثل هذه الالتزامات يستحق ما دام أن النتيجة لم تتحقق .
أما النوع الثاني أي الالتزام ببذل عناية فهو الالتزام الذي يجب تنفيذه ببذل عناية معينة قد يحددها القانون أو الاتفاق .
و الشرط الجزائي المقرر لمثل هذه الالتزامات يستحق طالما لم يبذل المدين العناية المطلوبة منه، وهكذا يكون الخطأ مبنيا على أساس موضوعي قوامه الاعتداد بواقعة مادية بحتة هي عدم تنفيذ الالتزام، ويجب أن يتوافر في عدم التنفيذ خاصيتان هما:
• يجب أن يكون عدم التنفيذ نهائيا.
• يجب أن يكون عدم التنفيذ كليا.
اثبات الخطأ:
تعتبر مسألة إثبات واقعة التنفيذ مسألة حساسة ودقيقة لأنها تتعلق بتحديد من يقع عليه عبء الإثبات.
وخلا فا للقاعدة القائلة بان البينة على من ادعى ففي حالة وجود الشرط الجزائي فلا وجه لتحميل الدائن إثبات خطا المدين في عدم التنفيذ أو التأخير في تنفيذ العقد بل هي قرينة تقوم على أساس أن المدين لم ينفذ التزامه و السبب المنطقي لعدم التنفيذ يكمن في خطا من جانب المدين. فالقرينة قوم على ضرورة عملية ولا يمكن لنظرية الشرط الجزائي أن تستغني عن هذه القرينة لأنها مرتبطة بفكرة تنفيذ الالتزام الأصلي.
الفرع الثاني: الضــرر.
أي وجود ضرر أصاب المشروط له ومع ذلك فإن هذا الحكم غير مستقر في القضاء الفرنسي فقد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن الشرط الجزائي يستحق حتى ولو لم يثبت الدائن أن هناك ضررا أصابه، فإن إتفاق الطرفين على شرط جزائي وتقديرهما مقدما للتعويض المستحق ، معناه أنهما مسلمان بأن إخلال المدين بإلتزامه يحدث ضررا اتفقا على المقدار اللازم لتعويضه وقد قامت معظم التشريعات بنقل بدء الإثبات من الدائن إلى المدين في التعويض الإتفاقي أي أن على المدين أن يثبت أن الدائن لم يلحقه أي ضرر وهذا يتفق مع أهم خصائص الشرط الجزائي أي أنه إتفاق بين الطرفين مما يستلزم أنهما مسلمات على أن إرتكاب الخطأ يؤدي إلى وقوع الضرر.
إذا فلا يمكن للدائن ان يطالب به اذا لم يلحقه أي ضرر، وحكمة ذلك أن الضرر شرط لاستحقاق التعويض، والشرط الجزائي ما هو إلا طريقة من طرق التعويض.
وفي هذا الصدد يختلف القانون المدني الجزائري عن نظيره الفرنسي الذي لا يشترط وقوع الضرر للدائن لاستحقاق الشرط الجزائي، فقبل قانون 09 يوليو1975 المتعلق بتعديل لأحكام الشرط الجزائي كان القضاء الفرنسي لا يشترط وقوع الضرر للحكم بالشرط الجزائي، وكان يستند في ذلك إلى نص المادة 1152 التي أرست مبدأ ثبات الشرط الجزائي، ولكن بعد 1975 أضاف المشرع الفرنسي فقرة ثانية للمادة 1152 وبمقتضاها أصبح القاضي يمارس رقابة قضائية على شرط جزائي وهنا لم ينص المشرع الفرنسي في هذه الفقرة الجديدة على ركن الضرر فاختلف القضاء حول اشتراطه لاستحقاق الشرط الجزائي أما بالنسبة إلى عبء اثبات الضرر فمن البديهي ما قامت به معظم التشريعات العالمية بنقل هذا العبء من الدائن إلى المدين اذ أن الاتفاق يصبح أساسا بدون سبب إذا تبين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر وبما أن المدين هو الذي يدعي عدم حدوث ضرر للدائن فعليه أن يثبت ذلك.
وهكذا نرى ان مسلك المشرع الجزائري – في ربطه الشرط الجزائي بوقوع الضرر – يتماشى مع أساس المسؤولية العقدية ، وتعتبر هذه القاعدة من النظام العام التي لا يجوز مخالفتها . وبصفة عامة يعتبر الشرط الجزائي شرطا عقديا ومن ثم يملك القاضي سلطة التفسير التي له على كل شرط في مجال المسؤولية العقدية و على هذا الأساس يجوز له تقدير خطأ المدين و كذالك خطأ الدائن للتخفيف من مسؤولية المدين أو إعفائه منها ، كما له ملاحظة ان اعذرا المدين لم يتم . وأخيرا فان القاضي قد لا يتقيد بالوصف الذي يعطيه الطرفان للشرط الجزائي بل عليه ان يستخلصه من الاتفاق و الظروف الملابسة به و النية المشتركة للطرفين
أخيرا يجب أن يكون هذا الضرر محققا ومباشرا ومتوقعا وذلك طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية.
الفرع الثالث: وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
فلا يستحق الشرط الجزائي إلا إذا قامت علاقة السببية بين الخطأ و الضرر ، أما إذا انتفت هذه العلاقة بثبوت السبب الأجنبي، أو انتفت بأن كان الضرر غير مباشر أو كان في المسؤولية العقدية مباشرا و لكنه غير متوقع فعند ذلك لا تتحقق ولا يستحق التعويض فلا محل إذن لإعمال الشرط الجزائي.
الفرع الرابع: الإعذار
الإعذار شرط لإستحقاق الشرط الجزائي في جميع الأحوال التي يجب فيها إعذار المدين. أما في الأحوال التي لا يجب فيها الإعذار فإنه لا يشترط، فإذا لم يقم الدائن بإعذار المدين في الأحوال التي يجب فيها الإعذار لم يستحق التعويض.
ومجرد وجود هذا الإتفاق لا يعفي من الإعذار، ولا يعتبر وجود هذا الشرط اتفاقا صريحا أو ضمنيا على إعفاء الدائن من إعذار المدين.
هذه الحالات ترجع إما إلى الاتفاق وإما إلى حكم القانون وإما إلى طبيعة الأشياء:
• فقد يتفق الطرفان مقدما على أن المدين يكون معذرا لمجرد حلول أجل الالتزام دون حاجة إلى أي إجراء، ويكون هذا الاتفاق صريحا أو ضمنيا.
ومثل الاتفاق الضمني أن يوجب رب العمل على المقاول إتمام البناء في تاريخ معين ويجب أن يكون الاتفاق الضمني غير محل لشك،فوضع الشرط الجزائي في العقد لا يفهم منه الإعفاء من الاعذار.
وقد يوجد اتفاق على عدم الحاجة إلى الاعذار ولكن الدائن ينسخ هذا الاتفاق بتصرفه، كما اذا اشترطت شركة التامين على المؤمن عليه عدم الحاجة إلى الاعذار في اقتضاء أقسام التامين ثم تتعود بعد ذلك ان تعذره كلما تأخر.
• هذا وقد يقضي القانون بعدم الحاجة إلى الاعذار مثلما نصت عليه المادة 220 القانون المدني المصري. فعلى سبيل المثال الحالة التي يكون فيها محل الالتزام رد شيء يعلم المدين انه مسروق، او رد شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك ففي هده الحالة يكون المدين سيء النية ويكون واجبا عليه إن يرد الشيء إلى الدائن وليس في حاجة إلى إعذاره، و من ثم يجب على المدبن أن يبادر فورا إلى رد الشيء للدائن.
• أما ما يرجع إلى طبيعة الأشياء فتتمثل فيما يأتي :
إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين, و هذا ما تقتضي به طبيعة الأشياء , لأن الإعذار هو دعوة المدين إلى تنفيذ إلتزامه و قد أصبح هذا التنفيذ غير ممكن أو غير مجد بفعله فاستحق عليه التعويض دون حاجة إلى الإعذار مثال ذلك :
أن يلتزم مقاول ببناء مكان في معرض لأحد العارضين , و ينتهي المعرض قبل أن ينفذ المقاول إلتزامه , وفي العقود المستمرة لا ضرورة للإعذار إذا تأخر المدين في تنفيذ إلتزامه الزمني , لأن ما تأخر فيه لا يمكن تداركه لفوات الزمن .
• إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه , فبعد هذا التصريح الثابت بالكتابة لا جدوى في إعذاره , فهو قد رد سلفا أنه لا يريد القيام بالتزامه.
هذه الشروط بصفة عامة اللازم توفرها لاستحقاق الشرط الجزائي باعتباره تعويضا كما أسلفنا, أما الآن نطرح الإشكالية التالية: هل توفر هذه الشوط تؤدي إلى التعويض تلقائيا أم أن للقاضي سلطات تتجلى في فرض رقابة عليه ؟ نجيب على هذه الإشكالية في المطلب الثاني .
المطلب الثاني : سلطات القاضي في فرض الرقابة
ظل القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 مطبقا في الجزائر كقانون وضعي إلى صدر التقنين المدني الجزائري في سنة 1975 ، وقبل صدور هذا الأخير كان القاضي يمارس سلطته في مجال الشرط الجزائي – في ظل مبدأ ثبات هذا الشرط – على النحو الذي كانت عليه سلطة القاضي الفرنسي قبل قانون 9 يوليو 1975 .
وفي التقنين المدني هجر المشرع الجزائري الاتجاه القديم و اخضع الشرط الجزائي باعتباره تعويضا للرقابة القضائية مسايرا في ذلك القوانين العربية فضلا عن القوانين الأجنبية السابق دراستها ، وان كان تنظيم المشرع الجزائري للرقابة القضائية على الشرط الجزائي يختلف نوعا ما عن تنظيم تلك القوانين لهذه الرقابة .
الفرع الأول:الرقابة على شرعية الشرط الجزائي
لقد منع المشرع في بعض الحالات الاستثنائية استعمال الشرط الجزائي و مثال ذلك قانون العمل و القانون البحري.
في قانون العمل : نصت المادة 78 من قانون العمل على انه لا يجوز في حال ان ينص في النظام الداخلي على غرامات.
لقد ألزم المشرع الجزائري كل وحدة تستخدم 20 عاملا على الأقل ان تعد نظاما لها.
ويعتبر النظام الداخلي من خطة الالتزامات التي يتعين على العامل احترامها ولهذا يجوز لرب العمل ان يضمن هذا النظام الداخلي بجزاءات مالية لكفالة احترامه .
ومن صور هذه الجزاءات الشرط الجزائي الذي يدفعه العامل عند إخلاله بهذا النظام غير ان المشرع الجزائري منع رب العمل من استعمال الشرط الجزائي الذي يأخذ شكل غرامة تستقطع من راتب العامل . و الهدف من هذا التحريم يرجع إلى ضمان الحد الأدنى لراتب العامل وخاصة ان استقطاع مبلغ الشرط الجزائي قد يؤثر عليه ويجعله لا يصل إلى الحد الأدنى الذي يضمنه القانون .
في القانون البحري : نصت المادة 811 القانون البحري على انه يعد باطلا وعديم المفعول كل شرط يكون هدفه او اثره المباشر او غير المباشر ما يلي :
أ ) إبعاد او تحديد مسؤولية الناقل الناجمة عن الماد 770 و 773 و 802 و 804 من هذا الكتاب , وقد حددت المادة 805 بحري جزائري.
ب) تحديد المسؤولية بمبلغ يقل عن المبلغ الذي حدد في المادة 805 اعلاه ما عدا في حالة ما جاء في المادة808ق.ب.
ج) منع الناقل الاستفادة من التامين على البضائع .
يتبين من هذه المادة انه لا يجوز التحديد المسبق – بمبلغ مالي – لمسؤولية الناقل البحري الناجمة عن افعاله المحددة في المواد السالفة الذكر ، ويترتب على ذلك بطلان كل شرط جزائي يستعمل في هذا المجال ، كما يبطل الشرط الجزائي الذي يقل مقداره عن المبلغ المحدد في المادة 805 ، وما تجدر الاشارة اليه ان المشرع – في هذه المادة – لم يحدد الحد الادنى للمبلغ الذي لا يجوز للأطراف الاتفاق على اقل منه بل أحال إلى اتفاقية بروكسل المبرمة في 10/10/1957 ، المتعلقة بتحديد مسؤولية ملاك السفن و التي اقرتها الجزائر .
الفرع الثاني :الرقابة القضائية على قيمة الشرط الجزائي
طبقا للمادة 184 مدني يسمح المشرع للقاضي ان يعدل من قيمة التعويض الذي اتفق عليه الطرفان .
• تبرير الرقابة القضائية : لا تحتاج الرقابة القضائية لشرعية الشرط الجزائي وشروط تطبيقه وتكييفه لأي تبرير إذ هي رقابة عادية يمارسها القاضي على كافة الشروط العقدية . أما الرقابة القضائية علي قيمة الشرط الجزائري فهي بحاجة إلى تبرير لكونها تمس بالحرية التعاقدية للطرفين وما يترتب على هذه الأخيرة من تقدير للتعويض . ويمكن تبرير هذه الرقابة بما يلي :
1_ الرقابة من حيث أساس الشرط الجزائي : يتمثل الشرط الجزائي في إرادة الطرفين ، وفي ظل الوضع السابق على العمل بالتقنين المدني كان القاضي مغلول اليدين لا يستطيع – بدعوى تحقيق العدالة – ان يعدل مبلغ الشرط الجزائي ولا يوجد لذلك أي سبب خاص دفع المشرع لتبني ذلك الاتجاه و إنما لكون القانون الفرنسي بقي مطبقا في الجزائر كقانون وضعي بالرغم من عدم تلاؤمه مع الواقع الجزائري سياسيا و اقتصاديا . وعلى هذا الأساس كانت الحرية التعاقدية مطلقة في مجال الشرط الجزائي حيث يمكن للطرفين تقدير التعويض وفقا لرغباتهم ودون أي قيد .
أما عن وضع التقنين المدني الجديد حاول المشرع ان يجعل القانون مرآة لاتجاهه السياسي و الاقتصادي حيث ادخل فيه التيار الاشتراكي ومن هذا المنطلق حد من مغالاة مبدأ سلطان الإدارة ، وبصفة عامة وقف المشرع من المذاهب الاجتماعية موقفا وسطا فأقر الحرية التعاقدية ولكن جعل العدل رقيبا عليها و لهذا منح القاضي سلطة الرقابة ليصلح بالعدل ما تفسده الحرية في العقد وعلى هذا الأساس يبقى الشرط الجزائي محتفظا بطابعه الاتفاقي ما لم يؤد هذا التوازن ، وفي هذا الصدد نشير إلى قول الأستاذ -عبد السلام الترمانيني- فالعقد السليم ليسر هو الذي يتم فيه اتفاق إرادتي الطرفين على إنشاء التزام فحسب وإنما هو الذي تتساوى فيه منافع الطرفين ، ذلك ان العقد أضحى وظيفة اجتماعية لا يقتصر أثره على المتعاقدين بل يرتد أثره على المجموع ، فكان من حق الدولة ان تراقبه .
2_ مناط الشرط الجزائي الضرر : رأينا سابقا ان المشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى يشترط وقوع الضرر لاستحقاق الشرط الجزائي ، فيترتب على هذا نتيجة منطقية وهي ألا يكون الشرط الجزائي مبالغا فيه بالنسبة للضرر الذي يقع و إلا كان الدائن مثريا ولهذا لا بد من تخفيض الشرط الجزائي المغالي فيه من طرف القاضي تحقيقا للعدالة بين أطراف الالتزام .
• نطاق الرقابة القضائية
تنص الفقرة الثانية من المادة 184 مدني على انه يجوز للقاضي ان يخفض المبلغ المتفق عليه اذا كان مبالغا فيه أو كان الالتزام قد نفذ في جزء منه .
كما تنص المادة 185 مدني على انه اذا جاوز الضرر قيمة التعويض المحدد في الاتفاق فلا يجوز للدائن ان يطالب باكثر من هذه القيمة إلا اذا اثبت ان المدين قد ارتكب غشا او خطأ جسيما . يتبين من هذين النصين ان القاضي يتمتع بسلطة التعديل التي يستعملها للحد من مغالاة الحرية التعاقدية ، غير ان هذه السلطة ليست مطلقة اذ لا يمكن للقاضي ان يتدخل إلا في مجال محدد ومتى توافرت شروط استخلاصها من روح الفقرة الثانية للمادة 184 هذا من جهة ، ومن جهة أخرى منح المشرع الجزائري القاضي السلطة التقديرية للتدخل في تعديل الشرط الجزائي .
يستخلص من نص المادة 184و185 من القانون المدني سالفي الذكر ان المشرع قد أجاز للقاضي تخفيض الشرط الجزائي كقاعدة عامة وزيادته على سبيل الاستثناء .
ونتناول أولا تخفيض الشرط الجزائي ثم ثانيا زيادته .
1. سلطة القاضي في تخفيض الشرط الجزائي:
و ذلك في الحالات التالية:
• حالة المبالغة في تقدير الشرط الجزائي إلى درجة ٍ كبيرة ٍ في خفض الشرط الجزائي إلى الحد المعقول .
• حالة التنفيذ الجزئي للالتزام يتدخل القاضي لإعادة تقدير الشرط الجزائي بما يتلاءم مع ما نفذ من الالتزام فعلا ً.
لقد حدد المشرع في الفقرة الثانية من المادة 184 السابق الذكر الإشارة إليها ، حالتين يمكن للقاضي فيها ان يخفض الشرط الجزائي : وأولهما المبالغة الكبيرة في تقدير الجزاء وثانيهما تنفيذ المدين بجزء من التزامه الأصلي ، وهنا نلاحظ ان المشرع الجزائري قد حذا في ذلك حذو القانون المدني المصري و التقنينات العربية الأخرى .
و منه نتناول الحالتين على التوالي :
تخفيض الشرط الجزائي بسبب المبالغة الكبيرة في تقديره الأصل: ان الشرط الجزائي اتفاق ، و القانون يحترم ارادة المتعاقدين فيما اتفقا عليه من تحديد لمقدار التعويض الذي يستحقه الدائن اذا اخل مدينه بالتزامه . ولايمكن للقاضي ان يتدخل لتعديل الجزاء المتفق عليه إلا اذا كان مبالغا فيه او مفرطا كما يسميه القانون الجزائري . وما يلاحظ على النص الجزائري بصدد هذه الحالة انه اكتفي بتحديد حالات تدخل القاضي دون ان يرشده بكيفية تقدير المبالغة و طريقة تخفيضها.
المقصود بالمبالغة :
نظرا لعدم وضع المشرع ضابطا ونسبة يمكن على ضوئها تحديد المقدار المبالغ ،فقد أدى دلك إلى اختلاف الفقه في تحديد المبالغة و بصفة عامة يمكن تعريفها بعدم التناسب الكبير بين المبلغ المتفق عليه و الضرر الذي وقع بسبب عدم التنفيذ بحيث يترتب على دلك نوع من المضاربة.
حالة التنفيذ الجزئي للالتزام : اذا نفذ المدين الالتزام الاصلي في جزء منه وكان تقدير التعويض على عدم التنفيذ اصلا، فالقاضي يخفض الشرط الجزائي بنسبة ما نفذ المدين من التزامه، اما اذا كان الشرط الجزائي في صورة عدم التنفيذ الكامل، فحينئذ ينفذ الشرط الجزائي باكمله وان اقدم المشترط عليه على تنفيذ بعض التزاماته.
-2سلطة القاضي في زيادة الشرط الجزائي :
و ذلك في الحالات التي تكون فيها زيادة الضرر راجعة إلى:
• غش المدين
• خطئه الجسيم
و لقد نص المشرع الجزائري على الحالات التي يمكن فيها أن يزداد في الشرط الجزائي في نصوص القانون المدني و منها نص المادة 185 بأنه لايمكن للدائن طلب زيادة الشرط الجزائي إلا في حالة غش المدين أو خطئه الجسيم.
وذلك أيضا ما ذهب اليه المشرع الفرنسي في نص المادة 1152بأنه يمكن للقاضي أن يرفع من قيمة الشرط الجزائي و دلك راجع إما إلى لخطأ جسيم في العقد وقع من أحد المتعاقدين أو بسبب غش المدين .
بحيث أنه إذا جاوز الضرر قيمة التعويض المقدر و أثبت الدائن ان المدين قد ارتكب غشا او خطأ جسيما فيجوز للقاضي ان يزيد في تقدير التعويض حتي يصبح معادلا للضرر الذي وقع لان الدائن الذي اتفق مع المدين علي تقدير التعويض لم يدخل في حسابه غش المدين او خطأه الجسيم و انه كذلك يقع باطل كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على العمل الغير مشروع وبيان ذلك انه لا يجوز ان يتفق الطرفان على إعفاء المدين من مسؤوليته التقصيرية ففي هذه الحالة يجوز للقاضي ان يحكم بتعويض أزيد بكثير من التقدير التافه الذي ورد في الشرط الجزائي لأجل تطبيق القواعد العامة في التقدير القضائي للتعويض.
فلذلك لابد من الفصل بين كون الشرط هو تقدير الضرر المتوقع من قبل المتعاقدين قبل وقوعه حسما للاختلاف و بعد ذلك فللقاضي ان يزيد فيه أو ينقصه إذا ثبت كونه مبالغا فيه او تافها .
أما إذا كان الشرط الجزائي غير مرتبط بالضرر أصلا بل كان مطلقا ( سواء وجد الضرر ام لم يوجد ) فحيئذ يكون الشرط نافذا إلا في حالة ما إذا فهمنا من الشرط سفاهة المشترط عليه أو المشترط ، فيبطل العقد من أساسه ويبطل الشرط تبعا له .
فيتفق المشرع الجزائري في مجال العقود مع جل التشريعات في تخفيض الشرط الجزائي المبالغ فيه حيث كلها تسمح للقاضي أن يخفض الشرط الجزائي المغالى في تقديره, أما فيما يخص زيادة الشرط الجزائي يختلف عن بعض القوانين بحيث لم يجز المشرع الجزائري رفع قيمة الشرط الجزائي كقاعة عامة إلا في الحالات الاستثنائية التي بيناها سابقا . وبصفة عامة يعتبر الشرط الجزائي شرطا عقديا ومن ثم يملك القاضي سلطة التفسير التي له على كل شرط في مجال المسؤولية العقدية و على هذا الأساس يجوز له تقدير خطأ المدين و كذالك خطأ الدائن للتخفيف من مسؤولية المدين أو إعفائه منها ، كما له ملاحظة ان اعذرا المدين لم يتم . وأخيرا فان القاضي قد لا يتقيد بالوصف الذي يعطيه الطرفان للشرط الجزائي بل عليه ان يستخلصه من الاتفاق و الظروف الملابسة به و النية المشتركة للطرفين ، فمن المتصور أن يصف الطرفان شرطا بأنه تعويض اتفاقي في حين أن حقيقته شرط لتحديد المسؤولية .
3- بطلان الشرط الجزائي:
قالوا: إذا كان الشرط الجزائي مبالغا فيه وكان المتعاملان على علم بهذه المبالغة وقد قصدا اليها، كان الشرط الجزائي هنا شرطا تهديديا (وليس واقعيا) لحمل المدين على عدم الاخلال بالتزامه.
وقد ذكر السنهوري: ان مؤدى ذلك ان يكون الشرط الجزائي المبالغ فيه ينطوي في الواقع من الامر على عقوبة فرضها الدائن على المدين، فيكون باطلا، وحينئذ يعمد القاضي الى تقديرالتعويض وفقا للقواعد العامة في تقديره.
ثم ذكر السنهوري تبريرا آخر للبطلان، حاصله: ان الشرط الجزائي هو تقدير التعويض المستحق من الطرفين وفقا للاعتبارات والظروف، فإذا اتضح بعد ذلك ان الضرر الذي وقع لم يكن بالمقدار الذي ظنه الطرفان قبل وقوعه وان تقديره كان مبالغا فيه كثيرا، فحينئذ لا يخلو الامر: من غلط وقع فيه الطرفان، او ضغط وقع على احدهما فقبل شرطا يعلم انه مجحف به، وفي كلتا الحالتين يكون الواجب تخفيض الشرط الجزائي الى الحد الذي يناسب الضرر .
الفرع الثالث:الرقابة القضائية على شروط تطبيق الشرط الجزائي في العقود الدولية
لا يقتصر استعمال الشرط الجزائي على المستوى الداخلي أي في العقود الوطنية بل استعملت هده الوسيلة القانونية حتى في العقود الدولية ودلك قصد ضمان سرعة تنفيذها و لقد نظمت بعض الاتفاقيات الدولية أحكام الشرط الجزائي مثل اتفاقية البينلوكس و لائحة المجلس الأوروبي الموقع عليها في 26 نوفمبر 1973.
و في الجزائر التي تبرم عدة عقود دولية مع مختلف الشركات التجارية الأجنبية لنقل التكنولوجية و دلك عن طريق استيراد الأجهزة التي لا تملكها , و هده العقود الدولية يتم انعقادها وفقا لقانون الصفقات العمومية إذ تنص المادة 68 منه: (تطبق أحكام هدا القانون على صفقات التوريد المبرمة مع المؤسسات الأجنبية ).
و قد حددت المادة 9 من نفس القانون البيانات التي يجب أن تتضمنها الصفقة العمومية و من بين هده البيانات معدل عقوبة التأخير, و هكذا نجد كل العقود الدولية المبرمة من طرف الجزائر تتضمن شرطا يسمى غرامات التأخير Pénalité de retard و هدا الشرط الذي يحرر على الشكل الأتي في حالة تأخر المورد في تنفيذ التزامه يدفع غرامة تأخير نسبتها كدا من قيمة الصفقة و في جميع الأحوال لا يمكن ان تتجاوز هده النسبة مبلغ كدا من القيمة الإجمالية للصفقة .و نلاحظ ان شرط غرامات التأخير ما هو إلا شرط جزائي مقرر لضمان عدم التأخير و قد يتأخر المورد الأجنبي في تنفيد التزامه مما يؤدي إلى استحقاق التعويض الاتفاقي المتفق عليه و بما أننا على مستوى دولي و أحد الطرفين أجنبي فانه يجب الرجوع إلى القانون الدولي الخاص لمعرفة القانون الذي يحكم الشرط الجزائي باعتباره اتفاقا و كيفية تطبيقه من طرف القاضي .
فالشرط الجزائي يخضع للقانون الذي يختاره الأطراف كقاعدة عامة وفي هذا الصدد نلاحظ أن الجزائر في اتفاقاتها مع الشركات الأجنبية غالبا ما تشترط تطبيق القانون الجزائري لحل النزاع الذي قد يثور بينهما ومع ذلك في بعض العقود وخاصة ذات القيمة الكبيرة نجد أنها تخضع لقوانين أجنبية أخرى غير القانون الجزائري وفي اعتقادنا هذا يرجع إلى القوة الاقتصادية للمتعاقد معها ولكن من الناحية القانونية هذا مقبول ما دام المشرع الجزائري لم يقيد الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على اتفاقهما، وعلى هذا الأساس فالشرط الجزئي المدرج في العقود الدولية المبرمة من طرف الجزائر قد يخضع للقانون الجزائري أو لقانون أجنبي يختاره المتعاقدان.
ان وجود الشرط الجزائي في العقد يفترض معه أن تقدير التعويض فيه يتناسب مع الضرر الذي لحق الدائن و على القاضي أن يعمل هدا الشرط إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فعندئذ لا يكون التعويض مستحقا أصلا أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة و في هده الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه .و ان الشرط الجزائي هو التزام تابع للالتزام الأصلي اد هو اتفاق على جزاء الإخلال بهدا الالتزام فادا سقط الالتزام الأصلي بفسخ العقد سقط معه الشرط الجزائي فلا يعتد بالتعويض المقدر بمقتضاه فان استحق تعويض للدائن تولى القاضي تقديره وفقا للقواعد العامة التي تجعل عبء إثبات الضرر و تحققه و مقداره على عاتق الدائن و هذه القاعدة وان كانت تجد تطبيقها في القانون الداخلي فإنها تطبق أيضا في المجال الدولي فيما اذا وقع نزاع حول هذا التقدير
الخاتمة:
ونستخلص مما سبق ذكره في هذا البحث، أن الشرط الجزائي في العقود هو تقنية من التقنيات التي تدرج لتقدير مقدار التعويض المستحق في حالة إخلال احد الطرفين بالتزامه التعاقدي. ولقد قام المشرع الجزائري كما رأينا بتكريس هذا المبدأ احتراما وتطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة ومحافظة على الحقوق و السير العادي لمجرى الالتزام التعاقدي إلا أنه لم يتركه على إطلاقه بل فرض عليه الرقابة وذلك تجنبا لتعسف الطرف القوي وبذلك فهذا الشرط قد يدخل عليه القاضي إما زيادة أو نقصانا بغية الوصول للتقدير المناسب لهذا الضرر.
المدرب دراجوسلاف يتمسك بالعرض النيجيري وإدارة الزمالك في حيرة :
التدخل في عمل الأجهزة الفنية أول صدام للمدير اليوغسلافي في حالة استمراره
جاء العرض الذي تلقاه دراجوسلاف المدير الفني الجديد لنادي الزمالك من الاتحاد النيجيري ليتولي تدريب منتخب بلادهم الأول كالصاعقة علي مجلس إدارة نادي الزمالك برئاسة الدكتور كمال درويش.. خاصة في ظل الظروف السيئة التي يعيشها المجلس حاليا بعد الضربة التي تلقاها من النادي الأهلي وانتقال إسلام الشاطر لاعب النادي للعب في صفوف الأهلي.
وكان دراجوسلاف قد أعلن قبل سفره إلي ألمانيا الأسبوع ا لماضي لمجلس إدارة النادي عن وجود نية لديه لفسخ عقده مع الزمالك خاصة في ظل العرض المغري الذي تلقاه من المنتخب النيجيري وينص علي حصوله علي راتب شهري ضعف ما سيحصل عليه بنادي الزمالك بالإضافة إلي حصوله علي مقدم عقد أضعاف ما سيحصل عليه من نادي الزمالك. وهو ما جعل المدرب الألماني يتحدث من موقف ثبات مع مجلس إدارة نادي الزمالك إضافة إلي إعلان الاتحاد النيجيري له عن نيتهم في دفع الشرط الجزائي مع الزمالك حتي ولو وصل الأمر إلي دفع راتب سنة بأكملها بالإضافة إلي المقدم الذي حصل عليه من الزمالك وهو 40 ألف دولار وبهذا يصل المجلس إلي 280 ألف دولار. هذا وبالرغم من إعلان الاتحاد النيجيري استعداده لدفع هذا المبلغ بأكمله إلا أن المدرب الألماني أبدي تمسكه بدفع مبلغ الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد وهو قيمة راتب شهرين فقط أي ما يعادل 40 ألف جنيه.
وفي المقابل أعلن مجلس إدارة نادي الزمالك تمسكه بالمدرب الألماني وكان عزمي مجاهد سكرتير عام النادي قد صرح لنا بأنه لم يحدث أي شيء من هذا القبيل والمدير الفني عائد إلي القاهرة في بداية شهر أغسطس لكنه في الوقت نفسه ألمح إلي أنه في حالة رغبة دراجوسلاف في فسخ عقده مع النادي عليه دفع مبلغ 280 ألف دولار لنادي الزمالك وهي قيمة المقدم الذي حصل عليه بالإضافة إلي راتب سنة كاملة وهو ما نص عليه عقد المدرب الألماني مع النادي أنه في حالة فسخ أي طرف من الطرفين للعقد قبل بدء المهمة فعليه دفع راتب سنة كاملة.
2.- Les clauses pénales dans les contrats de l’informatique :
Permettant de fixer forfaitairement, dès la conclusion du contrat, le montant des dommage-intérêts dus en cas de retard ou d'inexécution, la clause pénale, régie par les articles 1152 et 1126 à 1233 du Code civil, trouve de fréquentes applications en matière informatique. Aussi, la clause pénale présente des avantages particulièrement appréciables en ce qu'elle permet d'éluder les difficultés d'évaluation judiciaire des dommages-intérêts et prévient l'inexécution du contrat par la menace que représente la sanction contractuellement fixée. Toutefois, au delà de ces avantages, la clause pénale présente certains dangers, particulièrement lorsqu'elle aura été imposée par la partie la plus forte. Les abus commis ont conduit à la réforme réalisée par la loi du 9 juillet 1975. En principe, la clause pénale doit être exécutée telle qu'elle a été voulue par les parties. « Néanmoins, le juge peut, même d'office, modérer ou augmenter la peine qui avait été convenue, si elle est manifestement excessive ou dérisoire. Toute stipulation contraire sera réputée non-écrite » (C. civ. art. 1152 al.2). L'intervention du juge ne doit constituer qu'une exception. Le caractère manifestement excessif ou dérisoire de la peine apparaît par comparaison avec la valeur du préjudice résultant de l'inexécution, le jour où le juge statue. Faisant une application de cette disposition dans le cadre des contrats informatiques, la pratique montre que les espèces dans lesquelles les juges ont réduit les pénalités manifestement excessives sont plus fréquentes. Reste, encore, la question importante en pratique, de l'incidence de l'extinction du contrat sur l'efficacité de la clause pénale. S'il ne fait aucun doute que la nullité du contrat emporte celle de la clause qui s'y trouvait insérée, la question de l'efficacité de cette clause est plus délicate en cas de résolution du contrat.
DECISION(S) COMMENTEE(S) Cour de cassation, première Chambre civile, 29 octobre 2002, D Lebeaux contre Société Matélec,
AUTEUR(S):
REFERENCE: Contrats Concurrence Consommation, n° 3, 01/03/2003, pp. 36-37
MOTS CLEFS: contrat d'abonnement de télésurveillance, résiliation du contrat, clause pénale, clause abusive,
DECISION(S) COMMENTEE(S): Cour de cassation, 1ère chambre civile, 12 juillet 2001, Epoux Philippon contre Breugnot ; Cour de cassation, chambre commerciale, 10 juillet 2001, Société Spontex contre Société Le Nigen Industries (ex Société NLN)
AUTEUR(S): Leveneur, Laurent
REFERENCE: La semaine juridique, Edition entreprise, n° 11, 14 mars 2002, pp. 482-483
MOTS CLEFS: Contrats et obligations, clause pénale, principe d'intangibilité, révision judiciaire, article 1152 du Code civil, caractère manifestement dérisoire, augmentation de la peine
Les juges du fond n'ont pas à motiver spécialement leur décision lorsque, faisant application pure et simple des conventions, ils refusent de modérer la peine forfaitairement convenue (1ère espèce).
En vertu de l'article 1152 du Code civil, le juge ne peut augmenter la peine convenue que si celle-ci est manifestement dérisoire (2ème espèce).
MOTS CLEFS: Contrat et obligations. Cession de clinique privée et transfert du contrat d’exercice médical
Le caractère moins avantageux des contrats souscrits à titre individuel par deux anesthésistes auprès de la clinique cessionnaire n’étant pas personnel à leur SCP et la clause du contrat les liant à la clinique cédante, portant opposabilité dudit contrat à tout cessionnaire de l’établissement, ne mettant, en définitive, à la charge de la clinique cédante qu’une obligation de prudence et de diligence à laquelle aucun manquement n’était établi au cours des difficiles négociations de cession, et qui a abouti notamment à l’obtention des conventions d’exercice individuel au profit des deux associés, justifient que la clinique cédante ne soit pas condamnée à servir des dommages-intérêts à la SCP pour inexécution du contrat. Le juge ne peut, d’office, ni qualifier une stipulation en clause pénale ni en modifier le montant sans recueillir les explications des parties.
DECISION COMMENTEE Cour de cassation, 14 octobre 1997, Peuchet contre Société Nicolas et Compagnie SNC et autres
AUTEUR(S) Willmann, Christophe
Référence Recueil Dalloz Sirey, n° 7, 18/02/1999, pp. 103-106
Jurisprudence p. 101 à 114
MOTS CLEFS Clause pénale, faculté de dédit, distinction, portée, juge du fond, pouvoir modérateur, exclusion, diminution ou suppression d'indemnité, article 1150 du Code civil