منتدي المحامين العرب -المنتدى العام - نظريات فقهية في المسئولية الدولية
النظريات الفقهية التي تحدد المسئولية الدولية للدولة والأفراد أبان النزاعات المسلحة
دراسة مقارنة
تمهيد
أن القواعد الدولية الحديثة وقانون الحرب والنزاعات المسلحة الحالية تحرم اللجوء إلى القوة المسلحة في العلاقات الدولية ، كما فرضت العديد من الالتزامات التي يجب على الدول عدم مخالفتها عند نشوب الحرب بين الدول ، إلا أن الرغبة في الانتصار من قبل الدول المتحاربة ، والرغبة في إضعاف قوة الطرف الأخر تلجأ بعض الدول عمدا أو اضطراراً لمخالفة قوانين وأعراف الحرب لتحقيق كسب عسكري لذا كان لابد من إيجاد نظام يحدد مسئولية الطرف الذي يلجأ إلى اقتراف هذه المخالفات ، وذلك للحفاظ على حقوق الإنسان أبان النزاعات المسلحة . والشريعة الإسلامية وهي شريعة كل زمان ومكان لم تغفل عن وضع أحكام تحكم المسئولية الدولية للدولة عن الأضرار التي تصيب المدنيين أبان القتال ، والشريعة الإسلامية أحكامها تكاليف واجبة التنفيذ على معتنقيها فاعلها مثاب وتاركها آثم يعاقب على فعله ، ومن هذا المنطلق فإن مخالفة قوانين الحرب الإسلامية من قبل الدولة الإسلامية ورعاياها توجب المسئولية على من يخالفها مجتمعين أو منفردين ، وأي ضرر ينتج عن مخالفة الدولة الإسلامية لأحكام العلاقات الدولية وأحكام القتال يستوجب إصلاح الضرر أو ضمانه ، كما أن مخالفة أحكام عقود الأمان والاتفاقيات التي تبرمها الدولة الإسلامية مع الدول الاجنبية تستوجب المسئولية وجبر الضرر المترتب عنه مع ملاحظة أن هذه العقود عند إبرامها يجب إلا تكون مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ، والقرآن يوجب الوفاء بالعهد والرسول يوصي في غير موضع بضرورة الوفاء بالعقود والعهود ولتبيان ذلك سأتناول المسئولية الدولية للدولة عن الإضرار التي تصيب المدنيين أبان النزاعات المسلحة لتكون تكملة لما سبق وأن تناولناه في مشاركة سابقة لمسئولية الفرد عن الإضرار التي تصيب المدنيين إبان النزاعات المسلحة في القانون الوضعي وفي مشاركة لاحقة سأتناول مسئولية الفرد في الشريعة الإسلامية ونستهل المشاركة بتناول المسئولية الدولية في القانون الوضعي وذلك على النحو التالي :
مسئولية الدولة عن الأضرار التي تصيب المدنيين أبان المنازعات المسلحة في القانون الدولي العام :
أولاً : تعريف المسئولية الدولية :
عرفها شارل رسوا بأنها : " وضع قانوني بمقتضاه تلتزم الدولة المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقا للقانون الدولي بتعويض الدولة التي وقع هذا العمل في مواجهتها"(1)
كما عرفها الدكتور عمر باخشب بأن المسئولية الدولية نظام قانوني يقضي بالتزام الدولة بإصلاح النتائج المترتبة على عمل غير مشروع منسوب إليها(2)
وعرفها الدكتور رشاد عارف بأن المسئولية الدولية هي المسئولية التي تترتب عندما يأتي أحد أشخاص القانون الدولي فعلا إيجابيا محظورا أو يمتنع عن القيام بواجب تفرضه قواعد القانون الدولي عليه ويترتب عن ذلك ضرر لشخص آخر (3)
كما وقد عرفتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي انعقد في عام 1930 لتدوين قواعد القانون الدولي مسئولية الدولة بما يلي " تتضمن هذه المسئولية الالتزام بإصلاح الضرر الواقع إذا نتج عن إخلال الدولة بالتزاماتها الدولية ، ويمكن أن تتضمن تبعا للظروف وحسب المبادئ العامة للقانون الدولي الالتزام بتقديم الترضية للدولة التي أصابها الضرر في أشخاص رعاياها في شكل اعتذار يقدم بصورة رسمية وعقاب المذنبين" (4)
وعلى ضوء هذه التعاريف تقع على عاتق الدولة المسئولية الدولية في النزاع المسلح عند ارتكابها أفعال تعد خرقا لقواعد و أعراف الحرب أو عند ارتكابها جرائم حرب .
وضع الفقه الدولي ثلاثة نظريات يمكن بموجبها تحديد مسئولية الدولة عن أفعالها الغير مشروعة ، وهذه النظريات هي نظرية الخطأ ، ونظرية التعسف في استعمال الحق ، ونظرية تحمل المخاطر ، وحيث أن نظريتي الخطأ والتعسف في استعمال الحق هما النظريتان اللتين يمكن تطبيقهما كمعيار لتحديد مسئولية الدولة عن أفعالها الغير مشروعة أبان النزاعات المسلحة ، ستناول النظريتين بشيء من التفصيل مع الإشارة المؤجزة للنظرية الثالثة تكملة للبحث وذلك على النحو التالي :
أولا: مسئولية الدولة ونظرية الخطأ :
تتلخص نظرية الخطأ في مجال المسئولية الدولية في أن الدولة لا يمكن أن تعتبر مسئولة ما لم تخطئ ، ومن ثم لا تترتب المسئولية على الدولة ما لم يصدر منها فعل خاطئ يضر بغيرها من الدول ويترتب على قيام المسئولية الدولية التزام بإصلاح الأضرار أو دفع تعويض كاف عنها(5)
تعتبر هذه النظرية الأساس الأول للمسئولية الدولية ، ويرى أصحاب هذه النظرية إضافة الى الأساس المبدئي للمسئولية الدولية والتي تتمثل في الفعل الغير مشروع والمتمثل في خرق التزام من الالتزامات الدولية أن يكون نتيجة خطأ أو إهمال أو غش أو تقصير(6)
كما أن الخطأ يمكن أن يكون ناتجا عن الامتناع أو غياب التصرف أو عن عدم التحرك وسرعة التصرف فعدم حماية الأجنبي المهدد بحياته أو ماله والكائن على إقليم الدولة ، وعدم التعرض لمعسكرات التدريب الخاصة بالمرتزقة على أراضى الدولة ، والسماح باستخدام أراضى الدولة لشن هجوم عدواني على دولة أخرى يعد عملاً غير مشروعاً .
وعليه فمناط المسئولية في الحروب هو مخالفة قاعدة من قواعد الحرب الواجبة الاتباع مثل شن حروب عدوانية وتدمير ممتلكات رعايا العدو والأعيان المدنية من غير ضرورة عسكرية أو إتيان الأفعال التي حددتها الاتفاقيات ومبادئ المحاكمات الدولية بأنها جرائم حرب(*) والمسئولية تترتب في هذه الحالة لاتخاذ الشخص الدولي سلوك إيجابي بإتيانه لتلك الأفعال المحرمة دولياً ، كما أن الدولة أيضا تتحمل المسئولية عند التقصير والإهمال وعدم اتخاذ الحيطة والحذر الواجبين , واليقظة المطلوبة مثل أن يتضرر الأجانب من فعل متمردين أو ثوار لم تتخذ الدول من الوسائل ما تمنع وتحول دون وقوع تمردهم وهذا السلوك يعد شكلا سلبيا تتخذه الدولة وتكون تبعاتها تحمل المسئولية الدولية .
وهذه النظرية تقوم في الأساس على فكرة التعارض بين السلوك الفعلي للدولة والسلوك الواجب عليها اتباعها ، وهذا التعارض يعد خرق لالتزامات الدولة تجاه المجتمع الدولي ، كما أن هذا التعارض يمثل العنصر الموضوعي للخطأ وهو يمثل جوهر الخطأ الدولي .
وتعتبر الدولة وفقا لهذه النظرية مسئولة عن كافة الأضرار التي تلحق بالغير إذا لم تسر في سلوكها وفق نمط معين أو لم تراعي في تصرفها لمقياس أدنى من المعاملة المتعارف عليها ، وبشكل آخر فهي لا تعتبر مسئولة لمجرد وقوع الضرر ما لم يقم الدليل على انها لم تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة والتدابير الضرورية لمنع وقوعها ، ومن هنا نشأت نظرية الحذر أو العناية الواجبة أي القائمة على واجبات الدولة المترتبة على ممارستها لسيادتها الإقليمية (7)، وهذه الرابطة أكدتها عدة محاكمات دولية(*) ، ورغما عن ذلك فمازال مفهوم الحذر الواجب كمفهوم للمقياس الأدنى للمعاملة لا يزال غامضا وصعب التعريف وهذا ما أدعى بعض الفقهاء الى توجيه انتقادات لهذه النظرية
الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية :
وجه أنصار نظرية المخاطر ومنهم انزيللوتي وتريبل عدة انتقادات لهذه النظرية حيث يرون أنها تغالي في تشبيه الدولة والوحدات ذات الشخصية القانونية الدولية بالشخص الطبيعي الذي يمكن أن يقع في الخطأ أو أن يضمر نية الإضرار بالغير عن تعمد وسابق تصور . كما يرون أن فكرة الخطأ فكرة نفسية لا تتناسب مع نظام قانوني المخاطب به أشخاص اعتبارية ، كما يرون أن هذه النظرية تؤدي فى كثير من الأحيان إلى تنصل الدولة من المسئولية(8) .
ثانياً : مسئولية الدولة ونظرية التعسف في استعمال الحق :
مضمون هذه النظرية في مجال العلاقات الدولية تعني عدم إساءة استخدام الدول لحقها بغرض إلحاق ضرر بالدول الأخرى أو مواطنيها ، وطبقا لهذه النظرية يمكن مساءلة الدولة عند استعمالها لحقوقها ولكن بطريقة تعسفية قاصدة بها الأضرار بالدول الأخرى أو الأجانب وأن تكون الفائدة الكلية التي تعود عليها من استعمالها لحقها من الضآلة بحيث لا تتناسب مع الأضرار البالغة التي تلحق بالأجانب (9) .
ظهر مصطلح التعسف في استعمال الحق لأول مرة فى كتابات الفقيه البلجيكي لوران الذي قرر أن استعمال الحق لا يجوز إلا فيما وضع له وأن مباشرة الحق بقصد الإضرار بالغير تعتبر استعمالاً للحق بل إساءة استعمال له ولا ينبغي أن يحبذها القانون(10) . ومن ثم طبقتها المحاكم الدولية في عدة قضايا و أرست مبادئها كما نصت بعض الاتفاقيات الدولية على أعمال حسن النية في العلاقات .
معيار التعسف في استعمال الحق :
اختلف أصحاب هذه النظرية في المعيار الذي يمكن التحديد به إلى فريقين ، فريق يرى الأخذ بمعيار القصد ويقرروا أن التعسف يكون عندما يستعمل الحق بقصد الإضرار بالغير ، والفريق الأخر يرى أن المعيار المادي ويرون أن العبرة في تحديد التعسف هي بالظروف التي يتم فيها استعمال الحق وبالأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي وجدت من أجلها(11).
وفي إطار المنازعات المسلحة تجد هذه النظرية مجالاً للتطبيق في حالة تعسف الدولة في استعمال الحقوق الثابتة لها بموجب نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن المنازعات المسلحة وكذلك الحقوق الثابتة بموجب قوانين وأعراف الحرب والنزاعات المسلحة مثال تجاوز حق الدفاع الشرعي ، المصادرة للأملاك والأموال دون توفر حالة الضرورة الملجئة .
ثالثا : مسئولية الدولة ونظرية المخاطر أو التبعية :
إن تطور التكنولوجيا واختراع الآليات الفضائية واكتشاف الفضاء ، وبناء المفاعل الذرية سواء للاستخدام السلمي أو الحربي وحيث أن أحكام النظريات الموضوعة كأساس للمسئولية الدولية لا يمكن تطبيقها فى هذا المجال اتجه الفقهاء إلى وضع نظرية تتلاءم مع التطورات و تجابه الأمور المستحدثة والأنشطة الخطرة التي يصعب معها إثبات الخطأ أو التعسف في استعمال الحق ، فكان أن اتجهت الدول إلى الأخذ بنظرية المسئولية المطلقة في قوانينها الداخلية لمواجهة الأضرار الناجمة عن استخدام هذه الأجهزة الخطرة دون الحاجة لإثبات وقوع خطأ من المسئول ثم اتجهت القوانين والاتفاقيات الدولية إلى الأخذ بالمسئولية المطلقة مثل اتفاقية روما لعام 1925 المتعلقة بالمسئولية عن الأضرار التي تصيب الغير على سطح الأرض من الطائرات التي تحلق في الجو ، وكذلك اتفاقية بروكسل لعام 1962 الخاصة بالمسئولية عن السفن النووية كما أخذت بها اتفاقية فينا لعام 1963 الخاصة بالمسئولية عن الأضرار النووية(12)
وتتلخص مضمون هذه النظرية في أن الشخص يجب أن يتحمل المسئولية في بعض الأحيان دون حاجة الى إقامة الدليل على خطأ الشخص المسئول وذلك على افتراض وقوع مثل هذا الخطأ أو على افتراض وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر ، فالمسئولية طبقاً لهذه النظرية إنما تبنى على مجرد وجود علاقة السببية التي تقوم بين نشاط الدولة وبين الفعل المخالف للقانون الدولي ، فهي مسئولية ذات صفة موضوعية وتستند الى فكرة أن المستفيد من النشاط الخطر يجب أن يتحمل مسئولية الأضرار الناجمة عن هذا النشاط حتى ولو كان الفعل المقترف مشروعا (13)
وهذا يعني أن المتضرر عليه فقط أن يثبت وجود العلاقة السببية بين الضرر الذي وقع به وبين فعل الشخص المتهم ، وليس على هذه الأخيرة التنصل من مسئوليته استنادا إلى أن تصرفه كان مشروعاً ، والمسئولية هنا تنطلق من فكرة ضمان تعويض المفهوم الذاتي للضرر ، ومن السوابق الدولية التي أخذت بهذه النظرية الحكم الصادر في 7/6/1929عن التحكيم فرز يجل في قضية إعدام أحد المواطنين الفرنسيين من قبل بعض أفراد القوات المكسيكية . فقد طُلِبت الحكومة المكسيكية تعويض هذا الضرر على الرغم من أن الإعدام حصل على أيدي جنود متمردين ودون أية أوامر صادرة عن قيادتهم الشرعية المفروض أن يتبعوها (14)
وعموما فان هذه النظرية لا تجد مجالاً خصبا في المسئولية عن أفعال الدولة أبان النزاعات المسلحة ، لذا فأننا نكتفي بهذا العرض استكمالا للبحث .
والملاحظة أن كافة هذه النظريات تتحدث عن مسئولية الدولة عن الأضرار التي تسببها لدولة أخرى ورعاياها ولم تتطرق إلى مسئولية الفرد في ارتكابه للأفعال التي تشكل مخالفة للأحكام الدولية ولقوانين الحرب وعاداتها ، فهل يجوز أن يتحمل الفرد المسئولية الدولية عن أفعاله المخالفة للالتزامات الدولية وقبل ذلك هل الفرد مخاطب بالأحكام الدولية ؟ وللإجابة على ذلك لابد من مناقشة مركز الفرد الدولي من الناحية القانونية ، ومن ثم مدى مسئوليته عن الأفعال التي يرتكبها أبان النزاعات المسلحة . لا سيما أن القانون الدولي الحديث قد تجاوز تلك السمة التي اتسم بها القانون الدولي التقليدي من كونه نظاما قانونيا قائما بين الدول بمنحه الفرد حقوقا والتزامات بشكل متزايد في السلم والحرب (15) .
هل يعد الشخص الطبيعي شخصا من أشخاص القانون الدولي العام ؟ مما لا خلاف عليه أن القانون الدولي العام قد وضع حماية خاصة للفرد أثناء النزاعات المسلحة وخاطبته بصفته هذه وجعلت له حقوقا والتزامات وحظرت عليه بعض التصرفات لحماية المجتمع منه ، وهذه النقلة في مركز الفرد في القانون الدولي جعل الفقهاء يتساءلون إن كان الفرد يتمتع بهذه العناية الدولية لذاته وباعتباره شخصية دولية أم أنه ليس من أشخاص القانون الدولي . وفي هذا انقسم الفقه الدولي إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية هي : (16)
(أ) المذهب الإرادي : ينكرون أصحاب هذا المذهب تمتع الفرد بالشخصية القانونية الدولية ويرون أن الحقوق التي يمنحها القانون الدولي العام للأفراد إنما تمنحها لهم القوانين الداخلية لأن مباشرتها تكون بالنص عليها في القانون الداخلي ودور القانون الدولي العام في نظرهم لا يتجاوز إلزام الدول لتقرير هذه الحقوق في قوانينها الداخلية . والأمر كذلك بالنسبة إلى الواجبات فالذي يفرضها القانون الداخلي وليس الدولي العام .
(ب) المذهب الموضوعي : يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى اعتبار الفرد شخص من أشخاص القانون الدولي العام ، بل يرون أنه الشخص الحقيقي الوحيد المخاطب بكل القواعد القانونية الداخلية والدولية ، والدولة في نظرهم مجرد وسيلة قانونية لإدارة المصالح الجماعية لشعب معين .
(ج) الاتجاه الحديث : وهو السائد في مجال التطبيق العملي ويرون أن الفرد أصبح محلا للاهتمام من جانب القانون الدولي ، وليس فردا من أفرادها ، ويرون أن مخاطبة القانون الدولي للفرد في بعض الحالات مباشرة وكأن له شخصية دولية قانونية بالمعنى الصحيح ، لا يعني أنه أقر به كشخصية دولية قانونية ، ويرون أن الحالات الاستثنائية التي يُخاطب فيها مباشرة لا تعطي الفرد صفة الشخصية الدولية ، ولا يؤثر على مركزه باعتباره من غير أشخاص القانون الدولي العام ، وإن كان محلا لاهتمام هذا القانون في كثير من الأحيان .
وبعد عرض هذه النظريات التي تحدد علاقة الفرد بالقانون الدولي ومدى تمتعه بالشخصية الدولية نرى مناقشة مدى مسؤولية الفرد الدولية فيما يرتكبه من أفعال مخالفة لقواعد الحرب والنزاعات المسلحة ، ومخالفة لالتزاماته الدولية أبان النزاعات المسلحة فيما يلي
المسئولية الدولية في الشريعة الإسلامية
سبق أن أوضحنا أن الإسلام وضع أحكام خاصة تحدد العلاقة بين دار الإسلام ودار الحرب ، وأحكام الأجانب ، كما أوضحنا القواعد الخاصة بأحكام القتال في الفقه الإسلامي ، والشريعة الإسلامية أحكامها تكاليف واجبة التنفيذ على معتنقيها فاعلها مثاب وتاركها آثم يعاقب على فعله ، ومن هذا المنطلق فإن مخالفة قوانين الحرب الإسلامية من قبل الدولة الإسلامية ورعاياها توجب المسئولية على من يخالفها مجتمعين أو منفردين ، وأي ضرر ينتج عن مخالفة الدولة الإسلامية لأحكام العلاقات الدولية وأحكام القتال يستوجب إصلاح الضرر أو ضمانه ، كما أن مخالفة أحكام عقود الأمان والاتفاقيات التي تبرمها الدولة الإسلامية مع دار الحرب تستوجب المسئولية وجبر الضرر المترتب عنه مع ملاحظة أن هذه العقود عند إبرامها يجب إلا تكون مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ، والقرآن يوجب الوفاء بالعهد والرسول يوصي في غير موضع بضرورة الوفاء بالعقود والعهود .
وبناء على ذلك عرفت المسئولية الدولية في الشريعة الإسلامية بأنها التزام الدولة الإسلامية بإصلاح الأضرار الناشئة عن انتهاكها لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالمعاملة الواجبة نحو الدول الغير إسلامية ورعاياها(17)
معلوم أن الإسلام يخاطب الفرد كما يخاطب الأمة مجتمعة ، والمخاطب بتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية الفرد والأمة والدولة مجتمعين أو منفردين ، والمتضرر من سلوكهم المخالف لأحكام الشريعة عليه الرجوع على الحاكم بصفته الشخصية للمطالبة بإصلاح الضرر الذي أصابه أو على الأمة بمقتضى قواعد النيابة .
وإن من سماحة الإسلام أنها جعلت للأمة الحق في محاكمة الحاكم الذي انتهك حدود الله وحرماته ، أو المنتهك لحقوق العباد مسلمين كانوا أو أجانب ، ومحاكمته وفقا لأحكام الشرع الإسلامي ومن هذا المنطلق أيضا يوطد الإسلام قاعدة تحمل القائد العسكري في الميدان المسئولية عن المخالفات التي تحصل في ساحات القتال أبان المعارك من أفراده ومن ثم عليه إصلاح الوضع وإرجاعه الى الخط الشرعي ، كما على العسكر أن يقوموا القائد أن رأوا في سلوكه اعوجاجاً ومخالفة للشرع ، كما أن أفراد في القوات الإسلامية لا يجوز لهم ارتكاب الأفعال التي تعد مخالفة لأحكام الشرع بحجة إطاعة أولى الأمر ، أو القائد الميداني ، ذلك أن المبادئ الإسلامية الثابتة أنه لا يجوز مخالفة الشارع لطاعة المخلوق ، ويقول في ذلك رسول الله e لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
ومن أمثال على ذلك صنيع ابوعبيدة عامر بن الجراح مع من كانوا يأتون بالحطب من العبيد عند ما كان ينتظر انتهاء العهد الذي كان بينه وبين أهل قنسرين حيث نهاهم عن الاحتطاب من شجر الزيتون والرمان وغيره من الشجر التي تطعم الثمار القريب من المعسكر وقال لهم " عزيمة مني على كل حر أو عبد قطع شجرة لها طعم وثمار لأجازينه ولأنكلن به . فلما سمع الحطابين ذلك جعلوا يأتون بالاحتطاب من أقصى الديار" (18) .
ومثلما يقع على عاتق القائد الميداني المسئولية عن المخالفات التي يرتكبها العسكر أثناء القتال من غير اضطرار فأن على الحاكم أيضا المسئولية على ما يرتكبه القائد ومحاربوه من أخطاء أثناء إدارة القتال كتدابير حرب ومن أمثلة ذلك تحمل رسول الله e الدية والتعويض عن الأموال فيمن قتلهم خالد بن وليد من بني جزيمة من كنانة بعد فتح مكة لقولهم صبأنا قاصدين بها أسلمنا فالتبس ذلك على خالد بن الوليد فضُرب رؤوسهم خطأ (19) .
ونخلص إلى أن الشريعة الإسلامية تحمل الفرد والأمة والدولة الإسلامية ممثلة في شخص الحاكم المسئولية عن كافة المخالفات الشرعية التي يرتكبها العسكر أثناء الحروب ، على إلا يكون الفعل المرتكب قد أقدم عليه اضطرارا ، إما الدول التي لا تدين بالإسلام وكذلك عساكرهم فإن الشريعة الإسلامية لا تحملهم المسئولية فيما يقومون به من أفعال مخالفة لأحكام الشرع الإسلامي في القتال وكل ما هناك أن الشريعة تجيز للمسلمين معاملتهم بالمثل فيما لا يكون فيه مخالفة لأساسيات الإسلام ، أي أنه يجوز في هذه الحالة مخالفة الأحكام الخاصة بتدابير القتال ، وإن كان يجوز للدولة الإسلامية المطالبة بالأضرار التي تصيب الدولة الإسلامية أو رعاياها عند مخالفة دار الحرب أو رعاياها لأحكام أي اتفاقية مبرمة معهم استنادا لنصوص الاتفاقية وليس بموجب أحكام الشريعة .
كما نخلص الى أنه لا يجوز في المقابل للدولة الغير إسلامية محاكمة المخالفين لأحكام القتال من القوات الإسلامية ذلك أن الله لم يجعل للكافرين على المسلمين سبيلا ، وهذا يتطلب إنشاء محكمة جنايات إسلامية مختصة بالفصل في جرائم الحروب وفقا للقواعد الإسلامية على أن تكون قضاتها من فقهاء الأمة الإسلامية للنظر في محاكمة الأفراد الذين يأتون أفعال تشكل جريمة حرب وفقا للقواعد الإسلامية ولا يشترط أن يكون المتهم بجريمة الحرب مسلما لكي تختص المحكمة في النظر في الدعوى وذلك معاملة بالمثل على قرار المحاكم الجنائية الدولية التي أصبحت سيفا مسلطا على مجرمي الحرب ، وإن كانت هذه المحاكم تقدم لها البعض دون البعض
الهوامش
(1) نقلاً عن عبدالغني محمود ـ المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية ـ دار الطباعة الحديثة القاهرة ـ الطبعة الأولى 1986م ص 2
(2) د. عمر بن أبو بكر باخشب ـ القانون الدولي العام ـ ص 289
(3) د. رشاد عارف يوسف السيد ـ المسئولية الدولية عن أضرار الحروب العربية والإسرائيلية (جزئين ) ، دار الفرقان ، الطبعة الأولى 1404هـ ـ1984م ـ ج 1ص 19
(4) د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ـ ج 1ص 21
(5) المرجع السابق ـ ج 1 ص 46
(6) د. عمر بن أبوبكر باخشب ـ مرجع سابق ـ ص 294 ، د. أحمد سرحال ـ قانون العلاقات الدولية ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت ـ الطبعة الثانية 1413هـ/1993م ـ ص 353 .
(*) نصت اتفاقيات جنيف على عدة أفعال تعد ارتكابها جرائم حرب نصت عليها المواد 50 و 53 من الاتفاقية الأولى والمادتين 44 و 51 من الاتفاقية الثانية والمادة 13 من الاتفاقية الثالثة والمادة 147 من الاتفاقية الرابعة وهي الجرائم التالية القتل العمد والتعذيب وإجراء التجارب البيولوجية ، أحداث آلام كبرى مقصودة ، الاعتداء ت الخطيرة ضد السلامة الجسدية والصحية ، المعاملة غير الإنسانية ، تخريب الأموال والاستيلاء عليها بصورة لا تبررها الضرورات الحربية والتي تنفذ على نطاق واسع غير مشروع وتعسفي ، إكراه شخص على الخدمة في القوات العسكرية لقوات العدو ، حرمان شخص محمي من حقه في محاكمة عادلة ، إبعاد الأشخاص ونقلهم من أماكن تواجدهم بصورة غير مشروعة ، الاعتقال غير المشروع ، اخذ الرهائن ، سوء استخدام علم الصليب الأحمر أو إشارته والأعلام المماثلة ، كما أضافت اللحقان الأول والثاني لاتفاقيات جنيف الجرائم التالية جعل السكان المدنين هدفا للهجوم ، الهجوم العشوائي الذي يصيب المدنيين والمناطق المدنية ، الهجوم على المنشآت الهندسية التي تحوي قوة خطرة ، الهجوم على المناطق غير المدافع عنها ، الهجوم على الشخص العاجز عن القتال ، نقل الأفراد من منطقة الاحتلال إلى أراضى أخرى ، التأخير الغير مبرر لإعادة الأسرى ، ممارسة التفرقة بسبب اللون أو الجنس أو الدين ، شن الهجوم على الآثار التاريخية وأماكن العبادة ودور العلم والمنشات المخصصة للأعمال الخيرية " للاستزادة والتفصيل راجع عبد الواحد الفار الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ص 218 وما بعدها الطبعة المشار إليها سابقاً"
(7) د. أحمد سرحال ـ مرجع سابق ـ ص 354
(*) راجع قرار الصادر عام 1928 عن البروفسير ماكس هيوبر فى الحكم التحكيمي جزر البالمباس كذلك قضية الآلاباما وقضية مضيق كورفو لعام 1949 بين بريطانيا والبانيا
(8) د. أحمد سرحال ـ مرجع سابق ص 354 ، د. رشاد عارف ـ مرجع سابق ـ ج 1 ص 54
(9) د. عمر بن أبو بكر باخشب ـ مرجع سابق ـ ص 292
(10) د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ـ ج 1 ص 57
(11) المرجع السابق ـ ج 1 ص 57
(12) د.عمربن ابوبكر باخشب ـ مرجع سابق ص 293، د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ص 69 وما بعدها
(13) نقلاً عن د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ـ ص 69 و70
(14) د. احمد سرحال ـ مرجع سابق ـ ص 356
(15) Dinstein.Y. op.cit p.345
(16) لخصت هذه النظريات من مؤلف الدكتور عبد الواحد محمد الفار ـ القانون الدولي العام ـ ص 80 ومابعدها
(17) عبدالغني محمود ـ المرجع السابق ص 17
(18) د ضوء مفتاح غمق ـ نظرية الحرب في الإسلام وأثرها في القانون الدولي العام ـ دار الكتب الوطنية بنغازي الناشر جمعية الدعوة الإسلامية العالمية الطبعة الأولى 1997م ـ ص 222
(19) ابن كثير ـ السيرة النبوية ـ ج 3 ص 598
النظريات الفقهية التي تحدد المسئولية الدولية للدولة والأفراد أبان النزاعات المسلحة
دراسة مقارنة
تمهيد
أن القواعد الدولية الحديثة وقانون الحرب والنزاعات المسلحة الحالية تحرم اللجوء إلى القوة المسلحة في العلاقات الدولية ، كما فرضت العديد من الالتزامات التي يجب على الدول عدم مخالفتها عند نشوب الحرب بين الدول ، إلا أن الرغبة في الانتصار من قبل الدول المتحاربة ، والرغبة في إضعاف قوة الطرف الأخر تلجأ بعض الدول عمدا أو اضطراراً لمخالفة قوانين وأعراف الحرب لتحقيق كسب عسكري لذا كان لابد من إيجاد نظام يحدد مسئولية الطرف الذي يلجأ إلى اقتراف هذه المخالفات ، وذلك للحفاظ على حقوق الإنسان أبان النزاعات المسلحة . والشريعة الإسلامية وهي شريعة كل زمان ومكان لم تغفل عن وضع أحكام تحكم المسئولية الدولية للدولة عن الأضرار التي تصيب المدنيين أبان القتال ، والشريعة الإسلامية أحكامها تكاليف واجبة التنفيذ على معتنقيها فاعلها مثاب وتاركها آثم يعاقب على فعله ، ومن هذا المنطلق فإن مخالفة قوانين الحرب الإسلامية من قبل الدولة الإسلامية ورعاياها توجب المسئولية على من يخالفها مجتمعين أو منفردين ، وأي ضرر ينتج عن مخالفة الدولة الإسلامية لأحكام العلاقات الدولية وأحكام القتال يستوجب إصلاح الضرر أو ضمانه ، كما أن مخالفة أحكام عقود الأمان والاتفاقيات التي تبرمها الدولة الإسلامية مع الدول الاجنبية تستوجب المسئولية وجبر الضرر المترتب عنه مع ملاحظة أن هذه العقود عند إبرامها يجب إلا تكون مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ، والقرآن يوجب الوفاء بالعهد والرسول يوصي في غير موضع بضرورة الوفاء بالعقود والعهود ولتبيان ذلك سأتناول المسئولية الدولية للدولة عن الإضرار التي تصيب المدنيين أبان النزاعات المسلحة لتكون تكملة لما سبق وأن تناولناه في مشاركة سابقة لمسئولية الفرد عن الإضرار التي تصيب المدنيين إبان النزاعات المسلحة في القانون الوضعي وفي مشاركة لاحقة سأتناول مسئولية الفرد في الشريعة الإسلامية ونستهل المشاركة بتناول المسئولية الدولية في القانون الوضعي وذلك على النحو التالي :
مسئولية الدولة عن الأضرار التي تصيب المدنيين أبان المنازعات المسلحة في القانون الدولي العام :
أولاً : تعريف المسئولية الدولية :
عرفها شارل رسوا بأنها : " وضع قانوني بمقتضاه تلتزم الدولة المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقا للقانون الدولي بتعويض الدولة التي وقع هذا العمل في مواجهتها"(1)
كما عرفها الدكتور عمر باخشب بأن المسئولية الدولية نظام قانوني يقضي بالتزام الدولة بإصلاح النتائج المترتبة على عمل غير مشروع منسوب إليها(2)
وعرفها الدكتور رشاد عارف بأن المسئولية الدولية هي المسئولية التي تترتب عندما يأتي أحد أشخاص القانون الدولي فعلا إيجابيا محظورا أو يمتنع عن القيام بواجب تفرضه قواعد القانون الدولي عليه ويترتب عن ذلك ضرر لشخص آخر (3)
كما وقد عرفتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي انعقد في عام 1930 لتدوين قواعد القانون الدولي مسئولية الدولة بما يلي " تتضمن هذه المسئولية الالتزام بإصلاح الضرر الواقع إذا نتج عن إخلال الدولة بالتزاماتها الدولية ، ويمكن أن تتضمن تبعا للظروف وحسب المبادئ العامة للقانون الدولي الالتزام بتقديم الترضية للدولة التي أصابها الضرر في أشخاص رعاياها في شكل اعتذار يقدم بصورة رسمية وعقاب المذنبين" (4)
وعلى ضوء هذه التعاريف تقع على عاتق الدولة المسئولية الدولية في النزاع المسلح عند ارتكابها أفعال تعد خرقا لقواعد و أعراف الحرب أو عند ارتكابها جرائم حرب .
وضع الفقه الدولي ثلاثة نظريات يمكن بموجبها تحديد مسئولية الدولة عن أفعالها الغير مشروعة ، وهذه النظريات هي نظرية الخطأ ، ونظرية التعسف في استعمال الحق ، ونظرية تحمل المخاطر ، وحيث أن نظريتي الخطأ والتعسف في استعمال الحق هما النظريتان اللتين يمكن تطبيقهما كمعيار لتحديد مسئولية الدولة عن أفعالها الغير مشروعة أبان النزاعات المسلحة ، ستناول النظريتين بشيء من التفصيل مع الإشارة المؤجزة للنظرية الثالثة تكملة للبحث وذلك على النحو التالي :
أولا: مسئولية الدولة ونظرية الخطأ :
تتلخص نظرية الخطأ في مجال المسئولية الدولية في أن الدولة لا يمكن أن تعتبر مسئولة ما لم تخطئ ، ومن ثم لا تترتب المسئولية على الدولة ما لم يصدر منها فعل خاطئ يضر بغيرها من الدول ويترتب على قيام المسئولية الدولية التزام بإصلاح الأضرار أو دفع تعويض كاف عنها(5)
تعتبر هذه النظرية الأساس الأول للمسئولية الدولية ، ويرى أصحاب هذه النظرية إضافة الى الأساس المبدئي للمسئولية الدولية والتي تتمثل في الفعل الغير مشروع والمتمثل في خرق التزام من الالتزامات الدولية أن يكون نتيجة خطأ أو إهمال أو غش أو تقصير(6)
كما أن الخطأ يمكن أن يكون ناتجا عن الامتناع أو غياب التصرف أو عن عدم التحرك وسرعة التصرف فعدم حماية الأجنبي المهدد بحياته أو ماله والكائن على إقليم الدولة ، وعدم التعرض لمعسكرات التدريب الخاصة بالمرتزقة على أراضى الدولة ، والسماح باستخدام أراضى الدولة لشن هجوم عدواني على دولة أخرى يعد عملاً غير مشروعاً .
وعليه فمناط المسئولية في الحروب هو مخالفة قاعدة من قواعد الحرب الواجبة الاتباع مثل شن حروب عدوانية وتدمير ممتلكات رعايا العدو والأعيان المدنية من غير ضرورة عسكرية أو إتيان الأفعال التي حددتها الاتفاقيات ومبادئ المحاكمات الدولية بأنها جرائم حرب(*) والمسئولية تترتب في هذه الحالة لاتخاذ الشخص الدولي سلوك إيجابي بإتيانه لتلك الأفعال المحرمة دولياً ، كما أن الدولة أيضا تتحمل المسئولية عند التقصير والإهمال وعدم اتخاذ الحيطة والحذر الواجبين , واليقظة المطلوبة مثل أن يتضرر الأجانب من فعل متمردين أو ثوار لم تتخذ الدول من الوسائل ما تمنع وتحول دون وقوع تمردهم وهذا السلوك يعد شكلا سلبيا تتخذه الدولة وتكون تبعاتها تحمل المسئولية الدولية .
وهذه النظرية تقوم في الأساس على فكرة التعارض بين السلوك الفعلي للدولة والسلوك الواجب عليها اتباعها ، وهذا التعارض يعد خرق لالتزامات الدولة تجاه المجتمع الدولي ، كما أن هذا التعارض يمثل العنصر الموضوعي للخطأ وهو يمثل جوهر الخطأ الدولي .
وتعتبر الدولة وفقا لهذه النظرية مسئولة عن كافة الأضرار التي تلحق بالغير إذا لم تسر في سلوكها وفق نمط معين أو لم تراعي في تصرفها لمقياس أدنى من المعاملة المتعارف عليها ، وبشكل آخر فهي لا تعتبر مسئولة لمجرد وقوع الضرر ما لم يقم الدليل على انها لم تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة والتدابير الضرورية لمنع وقوعها ، ومن هنا نشأت نظرية الحذر أو العناية الواجبة أي القائمة على واجبات الدولة المترتبة على ممارستها لسيادتها الإقليمية (7)، وهذه الرابطة أكدتها عدة محاكمات دولية(*) ، ورغما عن ذلك فمازال مفهوم الحذر الواجب كمفهوم للمقياس الأدنى للمعاملة لا يزال غامضا وصعب التعريف وهذا ما أدعى بعض الفقهاء الى توجيه انتقادات لهذه النظرية
الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية :
وجه أنصار نظرية المخاطر ومنهم انزيللوتي وتريبل عدة انتقادات لهذه النظرية حيث يرون أنها تغالي في تشبيه الدولة والوحدات ذات الشخصية القانونية الدولية بالشخص الطبيعي الذي يمكن أن يقع في الخطأ أو أن يضمر نية الإضرار بالغير عن تعمد وسابق تصور . كما يرون أن فكرة الخطأ فكرة نفسية لا تتناسب مع نظام قانوني المخاطب به أشخاص اعتبارية ، كما يرون أن هذه النظرية تؤدي فى كثير من الأحيان إلى تنصل الدولة من المسئولية(8) .
ثانياً : مسئولية الدولة ونظرية التعسف في استعمال الحق :
مضمون هذه النظرية في مجال العلاقات الدولية تعني عدم إساءة استخدام الدول لحقها بغرض إلحاق ضرر بالدول الأخرى أو مواطنيها ، وطبقا لهذه النظرية يمكن مساءلة الدولة عند استعمالها لحقوقها ولكن بطريقة تعسفية قاصدة بها الأضرار بالدول الأخرى أو الأجانب وأن تكون الفائدة الكلية التي تعود عليها من استعمالها لحقها من الضآلة بحيث لا تتناسب مع الأضرار البالغة التي تلحق بالأجانب (9) .
ظهر مصطلح التعسف في استعمال الحق لأول مرة فى كتابات الفقيه البلجيكي لوران الذي قرر أن استعمال الحق لا يجوز إلا فيما وضع له وأن مباشرة الحق بقصد الإضرار بالغير تعتبر استعمالاً للحق بل إساءة استعمال له ولا ينبغي أن يحبذها القانون(10) . ومن ثم طبقتها المحاكم الدولية في عدة قضايا و أرست مبادئها كما نصت بعض الاتفاقيات الدولية على أعمال حسن النية في العلاقات .
معيار التعسف في استعمال الحق :
اختلف أصحاب هذه النظرية في المعيار الذي يمكن التحديد به إلى فريقين ، فريق يرى الأخذ بمعيار القصد ويقرروا أن التعسف يكون عندما يستعمل الحق بقصد الإضرار بالغير ، والفريق الأخر يرى أن المعيار المادي ويرون أن العبرة في تحديد التعسف هي بالظروف التي يتم فيها استعمال الحق وبالأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي وجدت من أجلها(11).
وفي إطار المنازعات المسلحة تجد هذه النظرية مجالاً للتطبيق في حالة تعسف الدولة في استعمال الحقوق الثابتة لها بموجب نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن المنازعات المسلحة وكذلك الحقوق الثابتة بموجب قوانين وأعراف الحرب والنزاعات المسلحة مثال تجاوز حق الدفاع الشرعي ، المصادرة للأملاك والأموال دون توفر حالة الضرورة الملجئة .
ثالثا : مسئولية الدولة ونظرية المخاطر أو التبعية :
إن تطور التكنولوجيا واختراع الآليات الفضائية واكتشاف الفضاء ، وبناء المفاعل الذرية سواء للاستخدام السلمي أو الحربي وحيث أن أحكام النظريات الموضوعة كأساس للمسئولية الدولية لا يمكن تطبيقها فى هذا المجال اتجه الفقهاء إلى وضع نظرية تتلاءم مع التطورات و تجابه الأمور المستحدثة والأنشطة الخطرة التي يصعب معها إثبات الخطأ أو التعسف في استعمال الحق ، فكان أن اتجهت الدول إلى الأخذ بنظرية المسئولية المطلقة في قوانينها الداخلية لمواجهة الأضرار الناجمة عن استخدام هذه الأجهزة الخطرة دون الحاجة لإثبات وقوع خطأ من المسئول ثم اتجهت القوانين والاتفاقيات الدولية إلى الأخذ بالمسئولية المطلقة مثل اتفاقية روما لعام 1925 المتعلقة بالمسئولية عن الأضرار التي تصيب الغير على سطح الأرض من الطائرات التي تحلق في الجو ، وكذلك اتفاقية بروكسل لعام 1962 الخاصة بالمسئولية عن السفن النووية كما أخذت بها اتفاقية فينا لعام 1963 الخاصة بالمسئولية عن الأضرار النووية(12)
وتتلخص مضمون هذه النظرية في أن الشخص يجب أن يتحمل المسئولية في بعض الأحيان دون حاجة الى إقامة الدليل على خطأ الشخص المسئول وذلك على افتراض وقوع مثل هذا الخطأ أو على افتراض وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر ، فالمسئولية طبقاً لهذه النظرية إنما تبنى على مجرد وجود علاقة السببية التي تقوم بين نشاط الدولة وبين الفعل المخالف للقانون الدولي ، فهي مسئولية ذات صفة موضوعية وتستند الى فكرة أن المستفيد من النشاط الخطر يجب أن يتحمل مسئولية الأضرار الناجمة عن هذا النشاط حتى ولو كان الفعل المقترف مشروعا (13)
وهذا يعني أن المتضرر عليه فقط أن يثبت وجود العلاقة السببية بين الضرر الذي وقع به وبين فعل الشخص المتهم ، وليس على هذه الأخيرة التنصل من مسئوليته استنادا إلى أن تصرفه كان مشروعاً ، والمسئولية هنا تنطلق من فكرة ضمان تعويض المفهوم الذاتي للضرر ، ومن السوابق الدولية التي أخذت بهذه النظرية الحكم الصادر في 7/6/1929عن التحكيم فرز يجل في قضية إعدام أحد المواطنين الفرنسيين من قبل بعض أفراد القوات المكسيكية . فقد طُلِبت الحكومة المكسيكية تعويض هذا الضرر على الرغم من أن الإعدام حصل على أيدي جنود متمردين ودون أية أوامر صادرة عن قيادتهم الشرعية المفروض أن يتبعوها (14)
وعموما فان هذه النظرية لا تجد مجالاً خصبا في المسئولية عن أفعال الدولة أبان النزاعات المسلحة ، لذا فأننا نكتفي بهذا العرض استكمالا للبحث .
والملاحظة أن كافة هذه النظريات تتحدث عن مسئولية الدولة عن الأضرار التي تسببها لدولة أخرى ورعاياها ولم تتطرق إلى مسئولية الفرد في ارتكابه للأفعال التي تشكل مخالفة للأحكام الدولية ولقوانين الحرب وعاداتها ، فهل يجوز أن يتحمل الفرد المسئولية الدولية عن أفعاله المخالفة للالتزامات الدولية وقبل ذلك هل الفرد مخاطب بالأحكام الدولية ؟ وللإجابة على ذلك لابد من مناقشة مركز الفرد الدولي من الناحية القانونية ، ومن ثم مدى مسئوليته عن الأفعال التي يرتكبها أبان النزاعات المسلحة . لا سيما أن القانون الدولي الحديث قد تجاوز تلك السمة التي اتسم بها القانون الدولي التقليدي من كونه نظاما قانونيا قائما بين الدول بمنحه الفرد حقوقا والتزامات بشكل متزايد في السلم والحرب (15) .
هل يعد الشخص الطبيعي شخصا من أشخاص القانون الدولي العام ؟ مما لا خلاف عليه أن القانون الدولي العام قد وضع حماية خاصة للفرد أثناء النزاعات المسلحة وخاطبته بصفته هذه وجعلت له حقوقا والتزامات وحظرت عليه بعض التصرفات لحماية المجتمع منه ، وهذه النقلة في مركز الفرد في القانون الدولي جعل الفقهاء يتساءلون إن كان الفرد يتمتع بهذه العناية الدولية لذاته وباعتباره شخصية دولية أم أنه ليس من أشخاص القانون الدولي . وفي هذا انقسم الفقه الدولي إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية هي : (16)
(أ) المذهب الإرادي : ينكرون أصحاب هذا المذهب تمتع الفرد بالشخصية القانونية الدولية ويرون أن الحقوق التي يمنحها القانون الدولي العام للأفراد إنما تمنحها لهم القوانين الداخلية لأن مباشرتها تكون بالنص عليها في القانون الداخلي ودور القانون الدولي العام في نظرهم لا يتجاوز إلزام الدول لتقرير هذه الحقوق في قوانينها الداخلية . والأمر كذلك بالنسبة إلى الواجبات فالذي يفرضها القانون الداخلي وليس الدولي العام .
(ب) المذهب الموضوعي : يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى اعتبار الفرد شخص من أشخاص القانون الدولي العام ، بل يرون أنه الشخص الحقيقي الوحيد المخاطب بكل القواعد القانونية الداخلية والدولية ، والدولة في نظرهم مجرد وسيلة قانونية لإدارة المصالح الجماعية لشعب معين .
(ج) الاتجاه الحديث : وهو السائد في مجال التطبيق العملي ويرون أن الفرد أصبح محلا للاهتمام من جانب القانون الدولي ، وليس فردا من أفرادها ، ويرون أن مخاطبة القانون الدولي للفرد في بعض الحالات مباشرة وكأن له شخصية دولية قانونية بالمعنى الصحيح ، لا يعني أنه أقر به كشخصية دولية قانونية ، ويرون أن الحالات الاستثنائية التي يُخاطب فيها مباشرة لا تعطي الفرد صفة الشخصية الدولية ، ولا يؤثر على مركزه باعتباره من غير أشخاص القانون الدولي العام ، وإن كان محلا لاهتمام هذا القانون في كثير من الأحيان .
وبعد عرض هذه النظريات التي تحدد علاقة الفرد بالقانون الدولي ومدى تمتعه بالشخصية الدولية نرى مناقشة مدى مسؤولية الفرد الدولية فيما يرتكبه من أفعال مخالفة لقواعد الحرب والنزاعات المسلحة ، ومخالفة لالتزاماته الدولية أبان النزاعات المسلحة فيما يلي
المسئولية الدولية في الشريعة الإسلامية
سبق أن أوضحنا أن الإسلام وضع أحكام خاصة تحدد العلاقة بين دار الإسلام ودار الحرب ، وأحكام الأجانب ، كما أوضحنا القواعد الخاصة بأحكام القتال في الفقه الإسلامي ، والشريعة الإسلامية أحكامها تكاليف واجبة التنفيذ على معتنقيها فاعلها مثاب وتاركها آثم يعاقب على فعله ، ومن هذا المنطلق فإن مخالفة قوانين الحرب الإسلامية من قبل الدولة الإسلامية ورعاياها توجب المسئولية على من يخالفها مجتمعين أو منفردين ، وأي ضرر ينتج عن مخالفة الدولة الإسلامية لأحكام العلاقات الدولية وأحكام القتال يستوجب إصلاح الضرر أو ضمانه ، كما أن مخالفة أحكام عقود الأمان والاتفاقيات التي تبرمها الدولة الإسلامية مع دار الحرب تستوجب المسئولية وجبر الضرر المترتب عنه مع ملاحظة أن هذه العقود عند إبرامها يجب إلا تكون مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ، والقرآن يوجب الوفاء بالعهد والرسول يوصي في غير موضع بضرورة الوفاء بالعقود والعهود .
وبناء على ذلك عرفت المسئولية الدولية في الشريعة الإسلامية بأنها التزام الدولة الإسلامية بإصلاح الأضرار الناشئة عن انتهاكها لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالمعاملة الواجبة نحو الدول الغير إسلامية ورعاياها(17)
معلوم أن الإسلام يخاطب الفرد كما يخاطب الأمة مجتمعة ، والمخاطب بتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية الفرد والأمة والدولة مجتمعين أو منفردين ، والمتضرر من سلوكهم المخالف لأحكام الشريعة عليه الرجوع على الحاكم بصفته الشخصية للمطالبة بإصلاح الضرر الذي أصابه أو على الأمة بمقتضى قواعد النيابة .
وإن من سماحة الإسلام أنها جعلت للأمة الحق في محاكمة الحاكم الذي انتهك حدود الله وحرماته ، أو المنتهك لحقوق العباد مسلمين كانوا أو أجانب ، ومحاكمته وفقا لأحكام الشرع الإسلامي ومن هذا المنطلق أيضا يوطد الإسلام قاعدة تحمل القائد العسكري في الميدان المسئولية عن المخالفات التي تحصل في ساحات القتال أبان المعارك من أفراده ومن ثم عليه إصلاح الوضع وإرجاعه الى الخط الشرعي ، كما على العسكر أن يقوموا القائد أن رأوا في سلوكه اعوجاجاً ومخالفة للشرع ، كما أن أفراد في القوات الإسلامية لا يجوز لهم ارتكاب الأفعال التي تعد مخالفة لأحكام الشرع بحجة إطاعة أولى الأمر ، أو القائد الميداني ، ذلك أن المبادئ الإسلامية الثابتة أنه لا يجوز مخالفة الشارع لطاعة المخلوق ، ويقول في ذلك رسول الله e لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
ومن أمثال على ذلك صنيع ابوعبيدة عامر بن الجراح مع من كانوا يأتون بالحطب من العبيد عند ما كان ينتظر انتهاء العهد الذي كان بينه وبين أهل قنسرين حيث نهاهم عن الاحتطاب من شجر الزيتون والرمان وغيره من الشجر التي تطعم الثمار القريب من المعسكر وقال لهم " عزيمة مني على كل حر أو عبد قطع شجرة لها طعم وثمار لأجازينه ولأنكلن به . فلما سمع الحطابين ذلك جعلوا يأتون بالاحتطاب من أقصى الديار" (18) .
ومثلما يقع على عاتق القائد الميداني المسئولية عن المخالفات التي يرتكبها العسكر أثناء القتال من غير اضطرار فأن على الحاكم أيضا المسئولية على ما يرتكبه القائد ومحاربوه من أخطاء أثناء إدارة القتال كتدابير حرب ومن أمثلة ذلك تحمل رسول الله e الدية والتعويض عن الأموال فيمن قتلهم خالد بن وليد من بني جزيمة من كنانة بعد فتح مكة لقولهم صبأنا قاصدين بها أسلمنا فالتبس ذلك على خالد بن الوليد فضُرب رؤوسهم خطأ (19) .
ونخلص إلى أن الشريعة الإسلامية تحمل الفرد والأمة والدولة الإسلامية ممثلة في شخص الحاكم المسئولية عن كافة المخالفات الشرعية التي يرتكبها العسكر أثناء الحروب ، على إلا يكون الفعل المرتكب قد أقدم عليه اضطرارا ، إما الدول التي لا تدين بالإسلام وكذلك عساكرهم فإن الشريعة الإسلامية لا تحملهم المسئولية فيما يقومون به من أفعال مخالفة لأحكام الشرع الإسلامي في القتال وكل ما هناك أن الشريعة تجيز للمسلمين معاملتهم بالمثل فيما لا يكون فيه مخالفة لأساسيات الإسلام ، أي أنه يجوز في هذه الحالة مخالفة الأحكام الخاصة بتدابير القتال ، وإن كان يجوز للدولة الإسلامية المطالبة بالأضرار التي تصيب الدولة الإسلامية أو رعاياها عند مخالفة دار الحرب أو رعاياها لأحكام أي اتفاقية مبرمة معهم استنادا لنصوص الاتفاقية وليس بموجب أحكام الشريعة .
كما نخلص الى أنه لا يجوز في المقابل للدولة الغير إسلامية محاكمة المخالفين لأحكام القتال من القوات الإسلامية ذلك أن الله لم يجعل للكافرين على المسلمين سبيلا ، وهذا يتطلب إنشاء محكمة جنايات إسلامية مختصة بالفصل في جرائم الحروب وفقا للقواعد الإسلامية على أن تكون قضاتها من فقهاء الأمة الإسلامية للنظر في محاكمة الأفراد الذين يأتون أفعال تشكل جريمة حرب وفقا للقواعد الإسلامية ولا يشترط أن يكون المتهم بجريمة الحرب مسلما لكي تختص المحكمة في النظر في الدعوى وذلك معاملة بالمثل على قرار المحاكم الجنائية الدولية التي أصبحت سيفا مسلطا على مجرمي الحرب ، وإن كانت هذه المحاكم تقدم لها البعض دون البعض
الهوامش
(1) نقلاً عن عبدالغني محمود ـ المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية ـ دار الطباعة الحديثة القاهرة ـ الطبعة الأولى 1986م ص 2
(2) د. عمر بن أبو بكر باخشب ـ القانون الدولي العام ـ ص 289
(3) د. رشاد عارف يوسف السيد ـ المسئولية الدولية عن أضرار الحروب العربية والإسرائيلية (جزئين ) ، دار الفرقان ، الطبعة الأولى 1404هـ ـ1984م ـ ج 1ص 19
(4) د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ـ ج 1ص 21
(5) المرجع السابق ـ ج 1 ص 46
(6) د. عمر بن أبوبكر باخشب ـ مرجع سابق ـ ص 294 ، د. أحمد سرحال ـ قانون العلاقات الدولية ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت ـ الطبعة الثانية 1413هـ/1993م ـ ص 353 .
(*) نصت اتفاقيات جنيف على عدة أفعال تعد ارتكابها جرائم حرب نصت عليها المواد 50 و 53 من الاتفاقية الأولى والمادتين 44 و 51 من الاتفاقية الثانية والمادة 13 من الاتفاقية الثالثة والمادة 147 من الاتفاقية الرابعة وهي الجرائم التالية القتل العمد والتعذيب وإجراء التجارب البيولوجية ، أحداث آلام كبرى مقصودة ، الاعتداء ت الخطيرة ضد السلامة الجسدية والصحية ، المعاملة غير الإنسانية ، تخريب الأموال والاستيلاء عليها بصورة لا تبررها الضرورات الحربية والتي تنفذ على نطاق واسع غير مشروع وتعسفي ، إكراه شخص على الخدمة في القوات العسكرية لقوات العدو ، حرمان شخص محمي من حقه في محاكمة عادلة ، إبعاد الأشخاص ونقلهم من أماكن تواجدهم بصورة غير مشروعة ، الاعتقال غير المشروع ، اخذ الرهائن ، سوء استخدام علم الصليب الأحمر أو إشارته والأعلام المماثلة ، كما أضافت اللحقان الأول والثاني لاتفاقيات جنيف الجرائم التالية جعل السكان المدنين هدفا للهجوم ، الهجوم العشوائي الذي يصيب المدنيين والمناطق المدنية ، الهجوم على المنشآت الهندسية التي تحوي قوة خطرة ، الهجوم على المناطق غير المدافع عنها ، الهجوم على الشخص العاجز عن القتال ، نقل الأفراد من منطقة الاحتلال إلى أراضى أخرى ، التأخير الغير مبرر لإعادة الأسرى ، ممارسة التفرقة بسبب اللون أو الجنس أو الدين ، شن الهجوم على الآثار التاريخية وأماكن العبادة ودور العلم والمنشات المخصصة للأعمال الخيرية " للاستزادة والتفصيل راجع عبد الواحد الفار الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ص 218 وما بعدها الطبعة المشار إليها سابقاً"
(7) د. أحمد سرحال ـ مرجع سابق ـ ص 354
(*) راجع قرار الصادر عام 1928 عن البروفسير ماكس هيوبر فى الحكم التحكيمي جزر البالمباس كذلك قضية الآلاباما وقضية مضيق كورفو لعام 1949 بين بريطانيا والبانيا
(8) د. أحمد سرحال ـ مرجع سابق ص 354 ، د. رشاد عارف ـ مرجع سابق ـ ج 1 ص 54
(9) د. عمر بن أبو بكر باخشب ـ مرجع سابق ـ ص 292
(10) د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ـ ج 1 ص 57
(11) المرجع السابق ـ ج 1 ص 57
(12) د.عمربن ابوبكر باخشب ـ مرجع سابق ص 293، د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ص 69 وما بعدها
(13) نقلاً عن د. رشاد عارف السيد ـ مرجع سابق ـ ص 69 و70
(14) د. احمد سرحال ـ مرجع سابق ـ ص 356
(15) Dinstein.Y. op.cit p.345
(16) لخصت هذه النظريات من مؤلف الدكتور عبد الواحد محمد الفار ـ القانون الدولي العام ـ ص 80 ومابعدها
(17) عبدالغني محمود ـ المرجع السابق ص 17
(18) د ضوء مفتاح غمق ـ نظرية الحرب في الإسلام وأثرها في القانون الدولي العام ـ دار الكتب الوطنية بنغازي الناشر جمعية الدعوة الإسلامية العالمية الطبعة الأولى 1997م ـ ص 222
(19) ابن كثير ـ السيرة النبوية ـ ج 3 ص 598