المـــــوجــــــزفــــــي ألآوراق التجارية
وفقا للقانون القطري
أعــــــداد
د.هاني محمد صالح الحديثي
د.إسراء جاسم العمران
2006-2007م
- تعريف الأوراق التجارية :
"صكوك تتضمن التزاما بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين أو قابل للتعيين أو بمجرد الإطلاع عليها . وتقبل التداول بالطرق التجارية".
أو
" صكوك قابلة للتداول بالطرق التجارية وتتضمن حقا لحاملها أو للمستفيد منها موضوعه دفع مبلغ من النقود يدفع من قبل الملتزم في تأريخ معين أو قابل للتعيين أو عند الآطلاع".
- خصائص الأوراق التجارية :
تتمثل خصائص الأوراق التجارية بجميع أنواعها ، في ثلاث خصائص هي :
(الأولى) الأوراق التجارية صكوك تتضمن بيانات معينة تجعلها كافية بذاتها لتحديد الالتزامات الثابت فيها على وجه نهائي.
(الثانية) الأوراق التجارية تمثل مبلغا محددا من النقود مستحق الدفع بمجرد الإطلاع عليها أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين.
(الثالثة) الأوراق التجارية تقبل التداول بالطرق التجارية (التظهير).
- وظائف الأوراق التجارية :
(أولا) الأوراق التجارية أداة للوفاء :
أنها تقوم مقام النقود في الوفاء بالديون .
(ثانيا) الأوراق التجارية وسيلة للائتمان.
إذا اقترنت الورقة التجارية بأجل للوفاء بها ، سواء كان قصيرا ، وهذا هو الغالب، أو طويلا، فإنها تصبح وسيلة للائتمان وليست مجرد أداة للوفاء .
- الفرق بين الآوراق التجارية والاوراق المالية والاوراق النقدية:
الآوراق التجارية:
1- تمثل مبلغا من النقود مستحق الدفع في ميعاد أو تأريخ قصير أو عند الآطلاع تقوم المصارف بخصمها, وهي أداة وفاء تقوم مقام النقود في المبادلات التجارية.
2- كل موقع على الورقة التجارية كالساحب أو المظهر يكون ضامنا لقيمتها بحكم القانون لقيمة الورقة التجارية عند عدم الوفاء.
3- تدفع في ميعاد أستحقاقها.
بينما الاوراق المالية:
1- هي الآسهم والسندات وهذه الاخيرة (السندات) تصدرها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وتمثل قروضا طويلة الآجل.
2- من حيث الضمان, فبائع السند أو السهم في شركات المساهمة لا يضمن ملاءة الشركة التي أصدرته.
3- تصدر بمجموعات لا تختلف كل واحدة عن الآخرى, الا برقمها حيث تصدر بأرقام متسلسلة وبقيمة متساوية ويتم وفاء قيمتها عادة بطريق القرعة.
- الفرق بين الآوراق التجارية والاوراق النقدية:
1- الورقة النقدية تكون صادرة عادة من البنك المركزي, ولا يجوز رفضها من قبل الافراد. بينما هذا الالتزام غير وارد في الآوراق التجارية, فللافراد حق رفض الورقة التجارية في معاملاتهم كبديل عن النقد.
2- جواز الفائدة في بعض أنواع الآوراق التجارية بنسبة المبلغ الذي تتضمنه, بينما لا يمكن أشتراط الفائدة في الآوراق النقدية.
3- أن الدعوى عن الحق الثابت في الورقة التجارية يمكن ان يسقط بالتقادم.
بينما في الآوراق النقدية فأن المطالبة بالحق يبقى فيها ثابتا.
(Bill Of Exchange)
تعريف الكمالبية :
الكمالبية هي صك مكتوب وفقا لشكل معين أوجبه القانون متضمنا بيانات محددة يتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا من النقود في تاريخ محدد أو قابل للتحديد لأمر أو إذن شخص ثالث يسمى المستفيد .
وتحرر الكمبيالة بالصورة الآتية :
أن الكمبيالة تفترض وجود ثلاثة أشخاص هم :
1- الساحب ، وهو محرر الصك ومصدره ، وهو في المثال المذكور السيد / جاسم راشد عيسى .
2- المسحوب عليه ، وهو الموجه إليه الأمر من الساحب بدفع مبلغ الكمبيالة إلى المستفيد منها ، وهو في المثال المذكور السيد / محمد علي أحمد .
3- المستفيد ، وهو من صدر الصك لمصلحته أو لأمره وهو في المثال المذكور السيد/ ناصر فهد حسين .
كما تتضمن الكمبيالة تاريخ سحبها أو تحريرها ( أول أكتوبر سنة 2004) وكذلك تاريخ استحقاقها( أول يناير سنة 2005) . كذلك تشتمل على مبلغ الكمبيالة (مليون ريال قطري) ومكان إصدارها ومكان الوفاء بها (وهو الدوحة) .
العلاقات التي تجمع أطراف الكمبيالة الثلاثة :
الساحب والمسحوب عليه والمستفيد ، وتفترض ثلاث علاقات سابقة تجمع بينهم على النحو التالي :
1- العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه (مقابل الوفاء ) .
2- العلاقة السابقة بين الساحب والمستفيد (بوصول القيمة).
3- العلاقة بين المستفيد والمسحوب عليه.
الفصل الأول
إنشاء الكمبيالة وتداولها
الفرع الأول
إنشاء الكمبيالة
أولا: الأركان الموضوعية لإنشائها
1- الرضا فيجب أن يكون صحيحا منزها عن العيوب وهي الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال. كما يجب أن يكون الرضاء صادرا عن ذي أهلية كاملة .
2- المحل : محل التزام موقع الكمبيالة ينحصر دائما في دفع مبلغ من النقود ، ولذا فهو دائما ممكن ومشروع ، ويستحيل أن يكون غير ذلك .
4- السبب: أن سبب التزام موقع الكمبيالة هو العلاقة الأصلية التي أدت إلى إنشاء الكمبيالة .
ثانيا: الشروط الشكلية لإنشائها
1- ضرورة الكتابة.
2- البيانات الإلزامية في الكمبيالة
يجب أن تشتمل على بيانات معينة: ووفقا للمادة (350) من قانون المواد المدنية والتجارية القطري :
تشتمل الكمبيالة على البيانات الآتية :
1- لفظ "كمبيالة" مكتوبا في متن الصك ، وباللغة التي كتب بها.
2- تاريخ إنشاء الكمبيالة ومكان إنشائها .
3- اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه)
4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره .
5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود .
6- ميعاد الاستحقاق .
7- مكان الوفاء
8- توقيع من أنشأ الكمبيالة (الساحب).
ونتناول تباعا شرح هذه البيانات الإلزامية:
1- لفظ "كمبيالة" مكتوبا لفظ "كمبيالة" في متن (أي عبارة) الصك فيقال : "ادفعوا بموجب هذه الكمبيالة".
2- تاريخ إنشاء الكمبيالة ومكان إنشائها.
3- اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه).
وهو الذي يصدر إليه أمر الساحب (أو من أنشأ الكمبيالة) بسداد قيمة الكمبيالة . ويكون ذلك بذكر اسمه عليها وفقا لنص القانون.
4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره (المستفيد).
والمستفيد هو الدائن الأول في الكمبيالة الذي يحق له مطالبة المسحوب عليه بقيمتها في ميعاد الاستحقاق.
5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود.
ومعنى ذلك أنه يجب أن يتضمن صك الكمبيالة أمرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود إلى المستفيد وهذا الأمر يجب أن يكون نهائيا, ولا يتوقف على شرط أيا كان نوعه.
6- ميعاد الاستحقاق
ويقصد به التاريخ الذي يلزم فيه حامل الكمبيالة بتقديمها إلى المسحوب عليه لاستيفاء قيمتها .
وقد تعرضت المادة 391 مدني تجاري قطري لكيفية تحديد ميعاد الاستحقاق فقالت : "ميعاد استحقاق الكمبيالة يكون على أحد الوجوه الآتية :
أ- لدى الاطلاع ب- بعد مضي مدة معينة من الاطلاع ج- بعد مضي مدة معينة من تاريخ الكمبيالة د- في يوم معين.
7- مكان الوفاء.
يجب أن يذكر بصك الكمبيالة المكان الذي يجب فيه الوفاء بقيمتها ، حتى يعرف المستفيد (أو الحامل) منذ البداية المحل الذي يتعين عليه أن يقدم فيه الكمبيالة للوفاء .
8- توقيع من أنشأ الكمبيالة (الساحب).
توقيع من أنشأ الكمبيالة (الساحب) هو البيان الجوهري فيها.
الوكالة في التوقيع على الكمبيالة:
كأن يقال "بالوكالة عن فلان". آو كذكر عبارة "نيابة عن شركة السليطي" أو " بالتوكيل عن شركة النعيمي" حتى يتبين الغير صفته كوكيل وليس أصيلا .
إنشاء (أو سحب) الكمبيالة لحساب الغير
يظهر في هذه الحالة من يوقع الكمبيالة بوصفه ساحبا لها كما لو كان هو الساحب الحقيقي في مواجهة جملة الكمبيالة.
ويتم إنشاء الكمبيالة لحساب الغير لاعتبارات عملية لدى هذا الغير, كما لو كان موظفا عموميا محظورا عليه ممارسة الأعمال التجارية.
فيوجد في هذه الحالة ساحبان : ساحب ظاهر وهو الذي يوقع الكمبيالة ، ويسمى "الساحب لذمة الغير أو لحساب الغير" وساحب حقيقي وهو الذي يأمر بسحب الكمبيالة أو تسحب لحسابه, ويسمى "الساحب المستتر أو الآمر بالسحب " .
وقد نصت المادة 352 مدني تجاري قطري على هذه الصورة بقولها: "ويجوز سحبها (الكمبيالة) لحساب شخص آخر" .
جزاء تخلف البيانات الإلزامية في الكمبيالة
قد يحدث أن يتخلف بيان من البيانات الإلزامية في الكمبيالة السابق ذكرها, فما أثر ذلك على صحة الكمبيالة؟
أجابت على ذلك المادة 351 مدني تجاري قطري بقولها : "الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة السابقة لا يعتبر كمبيالة إلا في الأحوال الآتية :
أ) إذا خلت الكمبيالة من بيان أتشائها, أعتبرت منشأة في المكان المبين بجانب أسم الساحب.
ب) وإذا خلت من بيان ميعاد الاستحقاق ، اعتبرت مستحقة الوفاء لدى الاطلاع عليها .
ج) وإذا خلت من بيان مكان الوفاء ، فالمكان الذي يذكر بجانب اسم المسحوب عليه يعد مكانا للوفاء وموطنا للمسحوب عليه في الوقت ذاته ، وتكون الكمبيالة مستحقة الوفاء في موطن المسحوب عليه إذا لم يشترط وفاؤها في مكان آخر ".
تصحيح الكمبيالة الباطلة
يشترط لذلك أن يتم إكمال البيانات الناقصة طبقا لما اتفق عليه بين الساحب والمستفيد.
ومتى صححت الكمبيالة فإنها تأخذ حكم الكمبيالة الصحيحة منذ إنشائها ، وتنتج جميع آثارها بالنسبة إلى كل حامل تلقاها بعد التصحيح ولو كان يعلم بالعيب الاصلي ومعنى ذلك أن للتصحيح أثر رجعي .
تحريف بيانات الكمبيالة
يشترط لذلك أن يتم إكمال البيانات الناقصة طبقا لما اتفق عليه بين الساحب والمستفيد
يقصد بتحريف بيانات الكمبيالة كل تغيير يقع في البيانات المدونة بها أصلا ، سواء بالكشط أو المحو أو الشطب أو التحشير او غير ذلك .
فما أثر ذلك على الالتزام بالكمبيالة ؟
نصت المادة 359 مدني تجاري قطري "إذا وقع تحريف في متن الكمبيالة التزم الموقعون اللاحقون لهذا التحريف بما ورد في المتن المحرف ، أما الموقعون السابقون فيلزمون بما ورد في المتن الأصلي "
المطلب الثالث
تعدد نسخ الكمبيالة وصورها
أولا : تعدد نسخ الكمبيالة
الأصل أن الكمبيالة لا تحرر إلا من نسخة واحدة ، ولكن يجوز تحريرها من عدة نسخ متطابقة وهذا التعدد مفيد من جانبين .
(الأول) تفادي خطر الضياع أو السرقة . لاسيما إذا كانت الكمبيالة معدة للإرسال إلى الخارج ، حيث جرت العادة في العلاقات الدولية على تحرير الكمبيالة من عدة نسخ وإرسالها بطرق مختلفة لضمان وصول إحداها إلى الجهة المقصودة .
(الثاني) تيسير تداول الكمبيالة خلال الفترة التي ترسل فيها إلى المسحوب للقبول, حيث يمكن لحاملها التعامل بأحدى نسخها في هذه الفترة, وارسال نسخة أخرى للمسحوب عليه لقبولها.
ولذلك فإن المادة 355 مدني تجاري قطري ، بعد أن أجازت سحب الكمبيالة من نسخ متعددة يطابق بعضها بعضا أوجبت أن يوضع في متن كل نسخة منها رقمها وإلا اعتبرت كل نسخة منها كمبيالة مستقلة .
فلو حررت الكمبيالة من أربع نسخ مثلا وجب أن يذكر في النسخة الأولى عبارة "ادفعوا بمقتضى هذه النسخة الآولى " وأن يذكر في النسخة الثانية عبارة "أدفعوا بمقتضى هذه النسخة الثانية" وهكذا في بقية النسخ وإذا لم تعين أرقام النسخ اعتبرت كل منها كمبيالة مستقلة والتزم المسحوب عليه بدفع قيمتها جميعا.
وتعرضت المادة 356 للوفاء بالكمبيالة بموجب احدى نسخهافنصت :
"وفاء الكمبيالة بموجب احدى نسخها مبرئ للذمة ، ولو لم يكن مشروطا فيها أن هذا الوفاء يبطل حكم النسخ الأخرى ، غير أن المسحوب عليه يبقى ملزما بالوفاء بموجب كل نسخة مقبولة منه لم يستردها... ".
(ثانيا) صور الكمبيالة
تختلف نسخ الكمبيالة عن صورها (المادة 358 مدني تجاري قطري) :
فالنسخ من صنع الساحب دائما ، سواء عند إنشاء الكمبيالة أو خلال تداولها بناء على طلب المستفيد الأصلي أو الحامل ، وتشتمل بالتالي ، على توقيعات أصلية للساحب.
أما الصور فتصدر من المستفيد أو من أي حامل لاحق ، ولا تصدر من الساحب ، ولا تحمل توقيعات أصلية وإنما مجرد تصوير لها أو ذكر لها فقط . ويجوز تظهير الصورة أو كفالتها كالأصل.
ويكون لها ماله من آثار. ولصور الكمبيالة فائدتان ، مثلما هو الحال في تعدد نسخها:
(أولهما) أنها تجعل الحامل بمأمن من مخاطر ضياع أو سرقة أصل الكمبيالة .
(وثانيهما) أنها تيسر تداول الكمبيالة ، فإذا حددت الكمبيالة من نسخة واحدة وأرسلها المستفيد إلى المسحوب عليه للقبول ، وأراد نقلها إلى الغير قبل القبول أمكنه إنشاء صورة لها وتظهيرها دون حاجة إلى مطالبة الساحب بنسخة منها مما يحقق اقتصاد في الوقت والإجراءات .
الفرع الثاني
تداول الكمبيالة
انتقال الكمبيالة بالحوالة وبالتظهير :
نظم القانون طريقا آخر لتداول الكمبيالة أكثر سرعة وسهولة وأمنا ، ويستجيب لضرورات الحياة التجارية ، وهو التظهير وقد نظمه قانون المواد المدنية والتجارية القطري في المواد من 360 إلى 369 .
وتنص الفقرة الأولى من المادة 360 على أن "كل كمبيالة ، ولو لم يصرح فيها أنها مسحوبة لأمر ، يجوز تداولها بالتظهير ، ولا يجوز تداول الكمبيالة التي يضع فيها ساحبها عبارة "ليست لأمر" أو اية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى ، إلا باتباع أحكام حولة الحق..."
وتضيف الفقرة الثانية من المادة 360 أنه "ويجوز التظهير للمسحوب عليه ، سواء قبل الكمبيالة أو لم يقبلها كما يجوز التظهير للساحب أو لأي ملزم آخر ، ويجوز لجميع هؤلاء تظهير الكمبيالة من جديد".
تعريف التظهير وأنواعه :
التظهير هو بيان يدون عادة على ظهر صك الورقة التجارية (الكمبيالة في هذا الخصوص) بما يفيد انتقالها من المظهر وهو الذي يقوم بالتظهير إلى المظهر إليه (وهو من يستفيد من التظهير) .
والتظهير على أنواع ثلاثة بحسب الغرض المقصود منه :
(الأول) تظهير ناقل للكمبيالة ، وهو الذي يقصد به نقل الحق الثابت بالكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه .
(الثاني) تظهير توكيلي ، وهو الذي يقصد به كمجرد توكيل الغير في تحصيل وقبض قيمة الكمبيالة من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق واتخاذ الإجراءات القانونية للمحافظة على الحق الثابت فيها عند امتناع المسحوب عليه عن الوفاء.
(الثالث) تظهير تأميني ، وهو الذي يقصد به تقديم الكمبيالة كرهن ضمانا لدين على صاحبها (المستفيد أو الحامل) للغير .
ولم ينظم القانون القطري التظهير التأميني واقتصر على تنظيم التظهير الناقل للملكية والتظهير التوكيلي .
المبحث الأول
التظهير الناقل للملكية
يقصد بالتظهير الناقل للملكية (أو التظهير التام) كما سبق ان قلنا : التظهير الذي ينقل ملكية الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه .
ويتطلب هذا التظهير لصحته شروطا موضوعية وأخرى شكلية.
المطلب الأول
الشروط الموضوعية
الشروط الموضوعية هي التي لابد من توافرها لصحة التزام المظهر في مواجهة المظهر إليه (والمظهرين اللاحقين له) بضمان قبول الكمبيالة من جانب المسحوب عليه والوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق .
(الشرط الأول) صدور التظهير من الحامل الشرعي للكمبيالة .
ومعنى ذلك أن التظهير لن يكون صحيحا ولن يرتب آثاره إلا إذا قام به الحامل الشرعي للكمبيالة وقد حددت المادة 367 مدني تجاري قطري هذا الحامل بقولها: "يعتبر حائز الكمبيالة حاملها الشرعي متى اثبت أنه صاحب الحق فيها بتظهيرات غير منقطعة ولو كان آخرها تظهيرا على بياض . والتظهيرات المشطوبة تعتبر في هذا الشأن كأن لم تكن وإذا أعقب التظهير على بياض تظهير آخر ، اعتبر الموقع على هذا التظهير الأخير أنه هو الذي آل إليه الحق في الكمبيالة بالتظهير على بياض .
"وإذا فقد شخص حيازة كمبيالة على أثر حادث ما ، ما لم يلزم حاملها بالتخلي عنها متى أثبت حقه فيها على مقتضى الأحكام السابقة ، إلا إذا كان قد حصل عليها بسوء نية أو ارتكب في سبيل الحصول عليها خطأ جسيما " .
ويؤكد ذلك ما ورد في النص من أنه "إذا أعقب التظهير على بياض تظهير آخر. اعتبر الموقع على هذا التظهير الأخير أنه هو الذي آل إليه الحق في الكمبيالة بالتظهير على بياض"
وتضيف هذه المادة أن "التظهيرات المشطوبة تعتبر في هذا الشأن كأن لم تكن"
(الشرط الثاني) صدور التظهير عن رضاء صحيح
يشترط في التظهير أن يصدر عن رضاء صحيح به من الحامل الشرعي للكمبيالة (أو المظهر).
وهذا يفترض: أولا أن تتوافر في المظهر أهلية التوقيع على الكمبيالة كما هو الحال بالنسبة للساحب تماما. وثانيا ، أن يكون رضاء المظهر منزها عن عيوب الرضاء.
- الوكالة في التظهير
وكما يجوز التوكيل عن الساحب في التوقيع على الكمبيالة (عند إنشائها) فإنه يجوز التوكيل عن حامل الكمبيالة عند تظهيرها ولا يكون التظهير عن الحامل صحيحا إلا في حدود السلطة الممنوحة منه للوكيل .
(الشرط الثالث) أن يستند التظهير إلى سبب حقيقي ومشروع
يكمن سبب التظهير في العلاقة السابقة فيما بين المظهر والمظهر إليه.
والدين الذي هو سبب التطهير يسمى (وصول القيمة) كما هو الحال في إنشائها على نحو ما ذكرنا سلفا .
ولا يشترط القانون بيان وصول القيمة عند تظهير الكمبيالة (وكذلك عند إنشائها) ولكن لا مانع من ذكر هذا البيان في الكمبيالة أو في صيغة التظهير ، بأن يذكر مثلا أن "القيمة وصلت نقدا" أو أن "القيمة وصلت بضاعة" أو أن "القيمة وصلت حسابا" أو ان القيمة وصلت دون بيان نوعها .
(الشرط الرابع) أن يكون محل التطهير هو مبلغ الكمبيالة بأكمله ، وغير معلق على شرط. (منع التظهير الجزئي والتظهير الشرطي) .
وبالإضافة إلى ذلك ، يجب أن يكون التظهير خاليا من كل شرط يجعل التزام المظهر بضمان مبلغ الكمبيالة معلقا على شرط- أي أمر مستقبل غير محقق الوقوع – (وهو ما يسمى بالتظهير الشرطي). لأن ذلك يجعل تداول الكمبيالة متعذرا ويعطلها عن القيام بوظيفتها كأداة للوفاء ووسيلة للائتمان .
على أن التظهير الشرطي لا يقع باطلا ، وإنما يبطل فقط الشرط الذي يعلق عليه.
وقد عبرت عن ذلك المادة 364 مدنى تجاري قطري بقولها : "لا يجوز تعليق التظهير على شرط ، وكل شرط يعلق عليه التظهير يعتبر كأنه لم يكن .. ".
المطلب الثاني
الشروط الشكلية
يلزم لصحة التظهير أن يقع بالكتابة وأن تتوافر فيه بيانات معينة وهو ما نتناوله على التوالي :
(الشرط الأول) كتابة التظهير :
الكتابة شرط لوجود التطهير وليس فقط لإثباته ، فبدون الكتابة لا وجود للتظهير فلا يصح التظهير الشفوي بأي حال .
غير أنه إذا تعددت التظهيرات الواردة على الكمبيالة حتى استغرقت كل الفراغ المتبقى في الصك بعد بيانات الكمبيالة ، جاز أن يكتب التظهير على ورقة أخرى متصلة وملصقة بها ، وتسمى الوصلة أو الورقة الأضافية .
وقد نصت المادة 361 مدني تجاري قطري على ان "يكتب التظهير على الكمبيالة ذاتها أو على ورقة أخرى متصلة بها ويوقعه المظهر ... "
(الشرط الثاني) بيانات التظهير :
لم يشترط القانون القطري لصحة التظهير الناقل للملكية ذكر بيانات معينة في صيغة التظهير مكتفيا فقط بضرورة اقتران هذه الصيغة بتوقيع المظهر .
فإن ورد اسم المظهر إليه في صيغة التظهير كان إسميا وإن كان المظهر إليه هو حامل الكمبيالة دون بيان اسمه كان التظهير لحامله ، وإن اقتصر على توقيع المظهر كان التظهير على بياض .
وهذا ما نصت عليه المادة 363 مدني تجاري قطري بقولها : "يجوز ألا يكتب في التظهير اسم المستفيد ، كما يجوز أن يقتصر التظهير على توقيع المظهر (التظهير على بياض ..." وأضافت المادة 364 أنه " .... ويعتبر التظهير للحامل تظهيرا على بياض".
وهذا ما نوضحه على التوالي ، ثم نتكلم عن تاريخ التظهير وأهميته بالرغم من أنه بيان اختياري وليس إلزامي .
1- التظهير الإسمي :
التظهير الاسمي هو الذي يعين فيه اسم المستفيد من التظهير (المظهر إليه) فترد صيغة التظهير على النحو التالي "ادفعوا لمحمد علي أحمد أو لأمره" (على سبيل المثال) وبعدها يوقع المظهر .
2- التظهير للحامل (أو لحامله)
التظهير للحامل (أو لحامله) هو الذي لا يعين فيه اسم المستفيد من التظهير ، ويكون المستفيد هو حامل الكمبيالة أيا كان ، أي بغض النظر عن شخصيته فيذكر في التظهير "ادفعوا لحامله".
ويلاحظ أن القانون القطري لم يجز إنشاء الكمبيالة "لحامله" ولكنه أجاز تظهيرها لحامله، واعتبر هذا التظهير بمثابة التظهير على بياض (م 364) .
3- التظهير على بياض :
التظهير على بياض هو الذي يقتصر على توقيع المظهر دون أي بيان آخر .
وقد اشترط القانون لصحة التظهير على بياض "أن يكتب على ظهر الكمبيالة أو على الورقة المتصلة بها" (م 363 مدني تجاري قطري).
كما خولت المادة 365 مدني تجاري قطري للحامل عدة خيارات أخرى وهي :
1- أن يملأ البياض بكتابة اسمه ، فينقلب التظهير على بياض إلى تظهير اسمي لصالحه.
2- أن يملأ البياض باسم شخص آخر كمظهر اليه . وحينئذ يعامل هذا الشخص الذي ذكر اسمه كما لو كان مظهر إليه ابتداء من المظهر على بياض .
3- أن يظهر الكمبيالة من جديد ، سواء على بياض أو لشخص آخر (تظهير اسميا).
5- أن يسلم الكمبيالة إلى شخص آخر دون أن يملأ البياض, ودون أن يظهرها (فلا يوقع عليها), وحينئذ تتداول الكمبيالة بالتسليم أو المناولة كما لو كانت لحاملها ، ولا يسأل عن الوفاء بقيمتها إلا المظهر الأول الذي تحمل الكمبيالة توقيعه .
تاريخ التظهير :
لا يشترط لصحة التظهير بيان تاريخه ، فيمكن أن يرد التظهير بدون ذكر تاريخه ويكون صحيحا . فهو إذن بيان اختياري وليس إلزامي .
ولكن من الذائع ذكر تاريخ التظهير ، ويأتي ذلك قبل أو بعد توقيع المظهر على صك الكمبيالة .
وقد نصت المادة 362 مدني تجاري قطري على أنه :
" لا يجوز تقديم تاريخ التظهير ، وإن وقع ذلك اعتبر تزويرا ".
التظهير بعد تأريخ الاستحقاق :
التظهير كقاعدة عامة يمكن أن يأتي على الكمبيالة في أي وقت حتى تاريخ استحقاقها, أي طوال مدة حياتها التي تبدأ من تاريخ تحريرها حتى تاريخ استحقاقها.
لقد نصت المادة 361 مدني تجاري قطري بقولها : ".... والتظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق ينتج أحكام التظهير السابق له ، أما التظهير اللاحق لبرتستو عدم الوفاء ، أو الحاصل بعد انقضاء الميعاد القانوني المحدد لعمل البروتستو فلا ينتج إلا آثار حوالة الحق,"ويفترض في التظهير الخالي من التاريخ أنه حصل قبل انقضاء الميعاد المحدد لعمل البرتستو, إلا إذا أثبت خلاف ذلك ".
المطلب الثالث
آثار التظهير الناقل للملكية
الموضوعية والشكلية السابق ذكرها ، ترتبت عليه ثلاثة آثار هي :
1- نقل الحق الثابت بالكمبيالة إلى المظهر إليه .
2- التزام المظهر تجاه المظهر إليه بضمان قبول الكمبيالة ووفاءها .
3- تظهير الكمبيالة من الدفوع (أو العيوب) التي تشوبها. ونتناولها تباعا .
1- نقل الحق الثابت بالكمبيالة إلى المظهر إليه :
ورد النص على هذا الأثر في المادة 368 مدني تجاري قطري حيث قالت : "ينقل التظهير جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة".
2- التزام المظهر تجاه المظهر إليه بضمان قبول الكمبيالة ووفاءها .
ورد النص على هذا الأثر في المادة 366 مدني تجاري قطري بقولها :
"يضمن المظهر قبول الكمبيالة ووفاءها ، ما لم يشترط غير ذلك ، ويجوز له حظر تظهيرها من جديد. وفي هذه الحالة لا يكون ملزما بالضمان تجاه من تؤول إليهم الكمبيالة بتظهير لاحق".
شرط عدم الضمان :
ويجدر التنويه في هذا الصدد إلى أن شرط عدم الضمان الذي يشترطه المظهر يختلف عن شرط عدم الضمان الذي يشترطه الساحب . فشرط عدم الضمان الذي يدرجه المظهر في الكمبيالة قد يرد على ضمان القبول أو على ضمان الوفاء أو عليهما معا ، أما شرط عدم الضمان الذي يدرجه الساحب في الكمبيالة فلا يترتب عليه إلا الإعفاء من ضمان القبول دون ضمان الوفاء الذي يظل قائما ولا يجوز أن يمتد الإعفاء إليه ، إذا من غير المقبول أن ينشئ الساحب كمبيالة ويعلن في الوقت نفسه بمقتضى شرط يدرجة فيها أنه لا يضمن الوفاء بقيمتها للحامل ، فأي قيمة لها بعد ذلك ؟!
شرط عدم تظهير الكمبيالة من جديد :
وهذا الشرط يعني أنه لا يجوز للمظهر إليه أن يظهر الكمبيالة بعد ذلك .
ولا يترتب على هذا الشرط منع المظهر إليه من تظهير الكمبيالة من جديد ، بل كل ما يترتب عليه هو أن المظهر لا يكون ملزما بالضمان تجاه الأشخاص الذين تظهر إليهم الكمبيالة فيما بعد ، مع بقائه ملتزما تجاه الشخص الذي ظهر إليه الكمبيالة .
وهذا ما نصت عليه المادة 366 بقولها " .... ويجوز له (أي المظهر) حظر تظهيرها من جديد . وفي هذه الحالة لا يكون ملزما بالضمان تجاه من تؤول إليهم الكمبيالة بتظهير لاحق".
3- تطهير الكمبيالة من الدفوع (أو العيوب) التي تشوبها :
يترتب على التظهير الناقل للملكية أيضا تطهير الكمبيالة من الدفوع (أو العيوب) التي تشوبها. ويقصد بذلك أن الحق الثابت بالكمبيالة ينتقل إلى المظهر إليه مبرءا من الدفوع التي كان للمدين أن يتمسك بها ليتنصل من التزامه بالوفاء بهذا الحق.
نطاق تطبيق قاعدة تطهير الدفوع
(أولا) الدفوع التي يطهرها التظهير بالنسبة للحامل حسن النية :
توجد دفوع يطهرها التظهير إذا كان حامل الكمبيالة حسن النية ، أي أنه لا يحتج بها عليه . أما الحامل سيء النية فيحتج بها عليه جزاء لسوء نيته .
وقبل أن نبين ماهية تلك الدفوع يجب أن نحدد المقصود بحسن النية في هذا المقام .
توجد ثلاث نظريات في هذا الخصوص وهي :
(النظرية الأولى) تذهب إلى أن حسن النية يعني جهل الحامل (المظهر إليه) بالدفع الذي يشوب الورقة وقت التظهير وأن سوء النية ينحصر في علم الحامل بالدفع في هذا الوقت.
(النظرية الثانية) تذهب إلى أنه لا يكفي مجرد علم الحامل بالدفع العالق بالورقة وقت تظهيرها إليه ليعد حاملا سيء النية ، وإنما يشترط تواطؤه مع المظهر للإضرار بالمدين . أي الاتفاق بينهما على حرمان المدين من التمسك بالدفع عن طريق التظهير .
(النظرية الثالثة) وهي وسط بين النظريتين السابقتين ، فتقول إن العلم بالدفع لا يكفي لاعتبار الحامل سيء النية ، كما أنه لا يشترط لذلك التواطؤ بين المظهر والمظهر إليه للإضرار بالمدين ، وإنما يتحقق سوء النية بتوافر أمرين هما :
1- علم الحامل بالدفع بالورقة التجارية
2- إدراك الحامل للضرر الذي سيلحق بالمدين.
ثانيا : الدفوع التي لا يطهرها التظهير حتى ولو كان الحامل حسن النية :
1- الدفع بنقص الأهلية أو انعدامها :
إذا كان الموقع على الكمبيالة ناقص الأهلية أو عديمها جاز له أن يحتج بنقص أهليته أو انعدامها في مواجهة كل حامل للكمبيالة ولو كان حسن النية للتحلل من التزامه بالوفاء بها .
2- الدفع بانعدام الرضا (الإرادة):
لا يقوم الالتزام ، بوجه عام ، إلا بالرضاء الصادر من الشخص ، ومن ثم فإنه إذا انعدم الرضاء (أو الإرادة) لدى الشخص فلا يوجد الالتزام أصلا .
ويتوافر انعدام الرضا في عدة حالات منها .
أ) تزوير التوقيع على الكمبيالة أو أحد بياناتها.
ب) انتفاء سلطة التوقيع أو تجاوزها.
ج) الإكراه المادي الذي يعدم الإرادة (الإكراه الملجئ).
د) التوقيع على الكمبيالة في حالة غيبوبة أيا كان سببها.
3- الدفع الناشئ عن عيب شكلي بالكمبيالة :
يقصد بالعيب الشكلي بالكمبيالة تخلف أحد بياناتها الإلزامية ، مثل لفظ "كمبيالة" الذي يجب أن يرد في متنها أو تاريخ إنشائها ، أو مبلغها الخ...
4- الدفع المستمد من مضمون الكمبيالة.
5- الدفع المستمد من العلاقة الشخصية المباشرة بين الحامل والمدين في الكمبيالة.
المبحث الثاني
التظهير التوكيلي
يقصد به توكيل المظهر اليه في تحصيل قيمة الكمبيالة عند الآستحقاق, وليس نقل ملكية الحق الثابت بها اليه.
وتنظم التظهير التوكيلي المادة 369 مدني تجاري قطري بقولها :
"إذا اشتمل التظهير على عبارة (القيمة للتحصيل) أو (القيمة للقبض) أو (بالتوكيل) أو أي بيان آخر يفيد التوكيل, جاز للحامل مباشرة جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة ، وإنما لا يجوز له تظهيرها إلا على أساس التوكيل . وليس للملتزمين في هذه الحالة الاحتجاج على الحامل إلا بالدفوع التي يجوز الاحتجاج بها على المظهر .
ولا تنقضي الوكالة التي يتضمنها التظهير التوكيلي بوفاة الموكل أو بحدوث ما يخل بأهليته "
المطلب الأول
شروط التظهير التوكيلي
أولا : الشروط الموضوعية :
يقصد بهذه الشروط ما يجب توافره في المظهر والمظهر إليه حتى يكون التظهير صحيحا .
ثانيا : الشروط الشكلية :
يجب أن يرد في عبارة تفيد صراحة أن إرادة المظهر لم تنصرف على نقل الحق الثابت بالكمبيالة إلى المظهر إليه ، وإنما إلى مجرد توكيله في قبض قيمتها فيذكر في صيغة التظهير – كما ورد بالنص- أن (القيمة للتحصيل) أو (القيمة للقبض) أو (بالتوكيل) أو أي عبارة أخرى تفيد التوكيل وليس نقل الملكية (المادة 369 مدني تجاري قطري) .
فإذا لم تتضمن عبارة التظهير ما يفيد أنه توكيل أو تفويض للمظهر إليه في قبض أو تحصيل قيمة الكمبيالة اعتبر التظهير ناقلا للملكية .
المطلب الثاني
آثار التظهير التوكيلي
نبين آثار التظهير التوكيلي فيما بين طرفيه وهما المظهر والمظهر إليه ، ثم بالنسبة إلى غير طرفيه .
أولا – آثار التظهير فيما بين المظهر والمظهر إليه .
1- فيجب على المظهر إليه أن يتوجه إلى المسحوب عليه للحصول على توقيعه بقبول الكمبيالة إذا وجد شرط بذلك وأن يطالبه بقيمتها عند الاستحقاق.
2- ويجب على المظهر إليه أن يقدم للمظهر حسابا عن وكالته ، يبين فيه ما أجراه بخصوص هذا التوكيل ، وعليه أن يرد للمظهر المبالغ التي قبضها من المدين في الكمبيالة.
ثانيا : آثار التظهير بالنسبة لغير طرفيه :
يعتبر المظهر إليه في تعامله مع الغير مجرد وكيل عن المظهر في تحصيل قيمة الكمبيالة وليس مالكا للحق الثابت بها .
ويترتب على ذلك :
1- أنه يجوز للمدين وأيضا سائر الملتزمين بالوفاء بقيمة الكمبيالة (الضامنين) أن يدفعوا في مواجهة المظهر إليه (الوكيل) بكافة الدفوع التي يملكون الاحتجاج بها على المظهر (الموكل) كالدفع ببطلان الالتزام لعدم وجود السبب أو عدم مشروعيته بغية التنصل من الوفاء .
2- أنه لا يجوز للمدين أو الضامنين أن يحتجوا على المظهر إليه (الوكيل) بالدفوع المستمدة من علاقاتهم الشخصية به ، لأنه لا يعمل لحساب نفسه وإنما لحساب الموكل (المظهر) .
وهذا ما عبرت عنه المادة 369 بقولها " ... وليس للملتزمين في هذه الحالة (التظهير التوكيلي) الاحتجاج على الحامل (المظهر إليه) إلا بالدفوع التي يجوز الاحتجاج بها على المظهر " .
3- أنه لا يجوز للمظهر إليه أن يقوم بتظهير الكمبيالة للغير تظهيرا ناقلا للملكية ، إنما يستطيع تظهيرها إليه على سبيل التوكيل فقط .
وهذا ما عبرت عنه المادة 369 بعد أن أجازت للحامل (المظهر إليه في التظهير التوكيلي) مباشرة جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة ، حيث قالت "وإنما لا يجوز له تظهيرها (أي الكمبيالة) ".
الفصل الثاني
ضمانات الوفاء بالكمبيالة
نص القانون القطري على بعض الضمانات للوفاء بالكمبيالة:
1- حق الحامل في تملك ما يسمى مقابل الوفاء الموجود لدى المسحوب عليه دون غيره من دائني الساحب .
2- حق الحامل في الحصول على قبول المسحوب عليه للكمبيالة قبل ميعاد استحقاقها فيصبح هو المدين الأصلي فيها بعد أن كان أجنبيا عنها .
3- حق الحامل في اشتراط ضمان إضافي إلى الكمبيالة إلى جانب الموقعين عليها, ويسمى الضمان الاحتياطي .
ونعالج هذه الضمانات على التوالي ، كلا في مبحث مستقل
المبحث الأول
مقابل الوفاء (المؤونة)
1- تعريف مقابل الوفاء وتمييزه عن غيره :
مقابل الوفاء هو دين من النقود مساو على الأقل لمبلغ الكمبيالة يكون للساحب لدى المسحوب عليه في تاريخ استحقاقها ، نتيجة علاقة بينهما خارجة عن الكمبيالة وسابقة عليها والذي على أساسه يصدر الساحب أمره للمسحوب عليه بدفع قيمتها .
ويسمى مقابل الوفاء في العمل ب "المؤونة"
ويتميز مقابل الوفاء بهذا المعنى عن كل من غطاء مقابل الوفاء ووصول القيمة.
فمقابل الوفاء هو كما ذكرنا مبلغ من النقود يكون للساحب لدى المسحوب عليه في تاريخ استحقاق الكمبيالة .
وأما غطاء مقابل الوفاء فهو مصدر مقابل الوفاء ، أي الاتفاق الذي يربط الساحب بالمسحوب عليه والذي قد يكون عقد بيع أو قرض أو مقاولة أو عمل ، والذي كانت نتيجته وجود مقابل الوفاء .
وأما "وصول القيمة" فيوجد في العلاقة بين الساحب والمستفيد ، ويكون هو سبب التزام الساحب في مواجهة المستفيد ، ولذلك يسحب الكمبيالة لمصلحته. وقد تكون هذه القيمة نقودا أو بضاعة أو غير ذلك ، ويشار إليها بعبارة "القيمة وصلتنا".
2- الملزم بتقديم مقابل الوفاء :
الأصل أن الساحب (وهو الذي ينشئ الكمبيالة أو يحررها) هو الملزم بتقديم مقابل الوفاء إلى المسحوب عليه (وهو شخص أجنبي عن الكمبيالة) حتى يتمكن من أداء قيمتها للحامل في تاريخ الاستحقاق.
3- أهمية مقابل الوفاء :
لمقابل الوفاء أهمية كبيرة بالنسبة لأطراف الكمبيالة :الساحب ، والمسحوب عليه ، والحامل . ويتضح ذلك مما يلي :
1- فيختلف مركز الساحب في مواجهة الحامل بحسب ما إذا كان قد قدم مقابل الوفاء للمسحوب عليه أم لم يقدمه .
2- وفي العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه يختلف الأمر بحسب ما إذا كان الساحب وفر لدى الأخير مقابل الوفاء أو لم يوفره.
3- أما بالنسبة للحامل فإن وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه يضمن له استيفاء حقه.
سنتناول في دراسة مقابل الوفاء المسائل الآتية :
1- شروط مقابل الوفاء 2- إثبات وجوده 3- حق الحامل عليه
المطلب الأول
شروط مقابل الوفاء
حددت المادة 371 مدني تجاري قطري شروط مقابل الوفاء فقالت : "يعتبر مقابل الوفاء موجودا إذا كان المسحوب عليه مدينا للساحب أو الآمر بالسحب في ميعاد استحقاق الكمبيالة بمبلغ معين من النقود واجب الأداء ومساو على الأقل لمبلغ الكمبيالة"
يؤخذ من هذا النص أنه يجب أن تتوافر في مقابل الوفاء شروط أربعة هي :
(الشروط الأول) أن يكون المقابل موجودا في ميعاد استحقاق الكمبيالة.
وفي هذا يختلف مقابل الوفاء في الكمبيالة عنه في الشيك فمقابل الوفاء في الشيك يجب أن يتوافر وقت إنشائه (م 433 مدني تجاري قطري) ولا يلزم ذلك في الكمبيالة ، ويكفي أن يوجد في ميعاد استحقاقها ، والسبب في هذا الاختلاف أن الشيك واجب الدفع دائما بمجرد الاطلاع (م 457) أما الكمبيالة فغالبا ما يكون لها تاريخ معين تستحق فيه كما بينا من قبل ، ولا يجب دفع قيمتها قبل هذا التاريخ. فإن كانت واجبة الدفع بمجرد الاطلاع انطبق عليها حكم الشيك .
(الشرط الثاني) أن يكون المقابل مبلغا من النقود.
فمقابل الوفاء يجب أن يكون مبلغا من النقود ، ولا يصلح أن يكون شيئا آخر كبضاعة أو أوراق مالية. وهذا الشرط يعتبر نتيجة منطقية لكون الكمبيالة ذاتها لا تمثل إلا مبلغا من النقود.
(الشرط الثالث) أن يكون المقابل واجب الأداء في تاريخ استحقاق الكمبيالة.
ويبرر هذا الشرط أنه لا يمكن إجبار المسحوب عليه على الدفع قبل أن يكون الدين الموجود في ذمته واجب الأداء .
(الشرط الرابع) أن يكون المقابل مساويا على الأقل لمبلغ الكمبيالة.
فلابد أن يكون الدين النقدي الموجود طرف المسحوب عليه كافيا للوفاء بقيمة الكمبيالة .
المطلب الثاني
إثبات وجود مقابل الوفاء
أهمية إثبات وجود مقابل الوفاء :
توجد مصلحة لكل من الساحب والحامل في إثبات وجود مقابل الوفاء
1- فللساحب مصلحة في هذا الإثبات في مواجهة كل من المسحوب عليه والحامل.
فالساحب الذي يكون قد قدم مقابل الوفاء الى المسحوب عليه قبل ميعاد استحقاق الكمبيالة تكون له مصلحة أكيدة في إثبات وجود هذا المقابل إذا ما رفض المسحوب عليه قبول الكمبيالة أو دفع قيمتها, لأن من شأن عدم القبول أو الدفع في ميعاد الاستحقاق تعريض سمعة الساحب إلى التشهير والإضرار به .
2- وللحامل مصلحة في إثبات وجود مقابل الوفاء في حالة عدم قبول المسحوب عليه للكمبيالة ، إذا أنه لا يملك الرجوع على هذا الأخير إلا إذا أثبت أنه تلقى مقابل الوفاء من الساحب .
عبء الإثبات :
طبقا للقواعد العامة فإنه يجب على المدعي إثبات صحة دعواه . والمدعي هنا هو الساحب باعتباره منشئ الكمبيالة والمسؤول عن توفير مقابل وفائها .
فإذا أنكر المسحوب عليه وجود المقابل اعتبر ، طبقا للقواعد العامة ، أنه غير مدين به إلى أن يثبت الساحب العكس .
وهذا ما قررته المادة 372 فقرة ثانية بقولها :
"وعلى الساحب ، دون غيره ، أن يثبت في حالة الإنكار ، سواء حصل قبول الكمبيالة أو لم يحصل ، أن المسحوب كان عنده مقابل وفائها في ميعاد الآستحقاق فأن لم يثبت ذلك , كان ضامنا للوفاء ولو عمل البروتستو بعد الميعاد المحدد قانونا. فأذا أثبت الساحب وجود المقابل واستمرار وجوده حتى الميعاد الذي كان يجب فيه عمل البروتستو, برئت ذمته بمقدار هذا المقابل , ما لم يكن قد أستعمل في مصلحته."
المطلب الثالث
حق الحامل على مقابل الوفاء
تملك الحامل لمقابل الوفاء :
تنص المادة 373 مدني تجاري قطري على أن "تنتقل ملكية مقابل الوفاء بحكم القانون إلى حملة الكمبيالة المتعاقبين .
وإذا كان مقابل الوفاء أقل من قيمة الكمبيالة ، كان للحامل على هذا المقابل الناقص جميع الحقوق المقررة له على المقابل الكامل. ويسرى هذا الحكم إذا كان مقابل الوفاء دينا متنازعا عليه أو غير محقق أو غير حال عند استحقاق الكمبيالة "
مقتضى هذا النص أن المشرع قرر أن مقابل الوفاء لا يظل ملكا للساحب ، بل إن ملكيته تنتقل ، وبقوة القانون ، إلى المستفيد والحملة المتعاقبين تبعا لسحب الكمبيالة أو تظهيرها .
وقت تملك الحامل لمقابل الوفاء :
إن حق الحامل على مقابل الوفاء قبل تاريخ استحقاق الكمبيالة هو حق محتمل, ولا يستقر هذا الحق إلا عندما يحل ميعاد استحقاق الكمبيالة ويكون المقابل طرف المسحوب عليه ، حينئذ يتملك الحامل هذا المقابل .
واستثناء من هذا الأصل ، قد يتملك الحامل مقابل الوفاء قبل ذلك ، بمعنى أن حقه قد يتأكد بصفة نهائية قبل ميعاد استحقاق الكمبيالة . ويتحقق ذلك في الحالات الآتية :
1- قبول المسحوب عليه للكمبيالة.
2- تخصيص حق معين للوفاء بقيمة الكمبيالة.
قد يتفق الحامل مع الساحب على تخصيص ، حق معين للساحب لدى المسحوب عليه للوفاء بقيمة الكمبيالة بغية ضمان وجود مقابل الوفاء في ميعاد استحقاقها.
3- تجميد مقابل الوفاء لصالح الحامل.
يستطيع الحامل حتى قبل حلول ميعاد استحقاق الكمبيالة أن يجمد مقابل الوفاء طرف المسحوب عليه لصالحه دون حاجة إلى حجز ما للمدين لدى الغير.
نتائج تملك الحامل لمقابل الوفاء :
1- يجوز للحامل أن يطالب المسحوب عليه بمقابل الوفاء في ميعاد استحقاق الكمبيالة وله أن يستعمل في ذلك دعويين :
دعوى الصرف في حالة قبول المسحوب عليه للكمبيالة, وهي تخضع لقانون الصرف, أو دعوى ملكية مقابل الوفاء, وهي دعوى غير صرفية ولا تخضع لأحكام قانون الصرف وإنما تطبق عليها القواعد العامة.
2- لا يجوز لدائني الساحب توقيع الحجز على مقابل الوفاء تحت يد المسحوب عليه .
3- إذا أفلس الساحب قبل حلول ميعاد استحقاق الكمبيالة ، فإن أجلها يسقط بسبب الإفلاس ويتأكد حق الحامل على مقابل الوفاء. وهذا ما عبرت عنه المادة 375 مدني تجاري قطري بقولها " إذا أفلس الساحب ، ولو قبل ميعاد استحقاق الكمبيالة ، فلحاملها دون غيره من دائني الساحب استيفاء حقه من مقابل الوفاء الموجود على وجه صحيح عند المسحوب عليه".
4- وإذا أفلس المسحوب عليه ، تجب التفرقة بين ما إذا كان مقابل الوفاء دينا نقديا في ذمته ، أم أنه لا يزال بضائع أو أوراق تجارية أو مالية أو أعيان أخرى لم تصبح بعد دينا نقديا :
ففي الحالة الأولى ، يختلط مقابل الوفاء بذمة المسحوب عليه المالية ، أي الأموال الأخرى ويصعب تمييزه عنها ، وتبعا لذلك يمتنع على الحامل استرداد هذا المقابل من موجودات التفليسه ويتقدم فيها بوصفه دائنا عاديا يزاحم باقي دائني المسحوب عليه ويخضع لقاعدة قسمة الغرماء شأنه في ذلك شأن الدائنين العادليين للمفلس .
وفي الحالة الثانية ، حيث يكون مقابل الوفاء لا يزال بضائع أو أوراق تجارية أو مالية أو أعيان أخرى سلمت للمسحوب عليه لتحصيلها أو بيعها وأداء مبلغ الكمبيالة من قيمتها.
وهذا ما نصت عليه المادة 376 حيث قالت "إذا أفلس المسحوب عليه وكان مقابل الوفاء دينا في ذمته ، دخل هذا الدين في موجودات التفليسة .
أما إذا كان للساحب لدى المسحوب عليه بضائع أو أوراق تجارية أو أوراق مالية أو غير ذلك من الأعيان التي يجوز استردادها طبقا لأحكام الإفلاس ، وكانت هذه الأعيان مخصصة صراحة أو ضمنا لوفاء الكمبيالة ، فللحامل الأولوية في استيفاء حقه من قيمتها "
التزاحم على مقابل الوفاء :
إذا وجدت عدة كمبيالات مسحوبة على مقابل وفاء واحد ومستحقة الدفع في تاريخ واحد ، فإنه يراعي ترتيب تواريخ سحبها في الوفاء بها . بمعنى أن تدفع قيمة الكمبيالة التي أنشئت أولا بالأفضلية على غيرها من الكمبيالات اللاحقة (المادة 377).
المبحث الثاني
قبول الكمبيالة
تعريف الكمبيالة :
يراد بقبول الكمبيالة تعهد المسحوب عليه كتابة بدفع قيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق.
سنعالج قبول الكمبيالة في عدة نقاط على النحو التالي :
1- حرية الحامل في تقديم الكمبيالة للقبول أو عدم تقديمها
2- حرية المسحوب عليه في قبول الكمبيالة أو رفضها
3- إجراءات تقديم الكمبيالة للقبول
4- شروط القبول
5- آثار القبول
ونخصص لكل من هذه النقاط مطلبا على حده
المطلب الأول
حرية الحامل في تقديم الكمبيالة للقبول أو عدم تقديمها
المبدأ : تقديم الكمبيالة للقبول اختياري للحامل :
يعتبر الحامل حرا من حيث المبدأ ، في طلب قبول الكمبيالة أو عدم طلبه. فالقبول ضمان إضافي اختياري للحامل ، حيث يضيف ملتزما جديدا إلى الكمبيالة وكلما تعدد الملتزمون فيها كلما زادت فرصة حاملها في استيفاء حقه وتيسير خصمها ومن ثم فهو حر في طلب هذا الضمان أو رفضه ، ولا يعتبر مهملا ولا يتعرض لخطر سقوط حقه إذا أغفل مطالبة المسحوب عليه بالقبول .
وفي ذلك تقول المادة 378 مدني تجاري قطري إنه "يجوز لحامل الكمبيالة أولآي حائز لها ، حتى ميعاد الآستحقاق, تقديمها الى المسحوب عليه في موطنه لقبولها " .
استثناءات على المبدأ :
إن مبدأ حرية الحامل في طلب القبول أو عدم طلبه ليس مطلقا ، بل ترد عليه بضعة استثناءات: في بعضها يلتزم الحامل بطلب القبول ، وفي بعضها الآخر يمتنع عليه طلب القبول ، على التفصيل التالي :
أولا : الحالات التي يجب فيها على الحامل طلب القبول
يلتزم الحامل بتقديم الكمبيالة للقبول في حالتين:
1- إذا تضمت الكمبيالة شرط التقديم للقبول
أشارت المادة 379 إلى هذه الحالة بقولها : "يجوز لساحب الكمبيالة أن يشترط وجوب تقديمها للقبول في ميعاد معين أو بغير ميعاد ....ولكل مظهر أن يشترط تقديم الكمبيالة للقبول في ميعاد أو بغير ميعاد ، ما لم يكن الساحب قد اشترط عدم تقديمها للقبول" .
فيلتزم الحامل بتقديم الكمبيالة للقبول إذا اشترط الساحب ذلك في الكمبيالة ويسمى هذا الشرط بشرط القبول, وهو أحد الشروط الاختيارية التي يمكن إدراجها بالكمبيالة .
وإذا لم يقم الحامل بتقديم الكمبيالة للقبول على مقتضى الشرط ، فإنه يعد حاملا مهملا ويسقط حقه في الرجوع على الموقعين على الكمبيالة عند عدم الوفاء في ميعاد الاستحقاق.
2- إذا كانت الكمبيالة مستحقة الدفع بعد مدة معينة من الاطلاع عليها :
نصت المادة 380 على هذه الحالة بقولها : "الكمبيالة المستحقة الوفاء بعد مضي مدة معينة من الاطلاع عليها ، يجب تقديمها للقبول خلال سنة من تاريخها ، وللساحب تقصير هذا الميعاد أو إطالته . ولكل مظهر تقصير هذا الميعاد "
ويعتبر الحامل مهملا ويسقط حقه في الرجوع على الضامنين متى أخل بالمواعيد المحددة لتقديم الكمبيالة للقبول .
(ثانيا) الحالات التي لا يجوز فيها للحامل تقديم الكمبيالة للقبول :
لا يجوز للحامل تقديم الكمبيالة للمسحوب عليه لقبولها في حالتين
( الأولى) إذا تضمت الكمبيالة شرط عدم القبول :
أشارت المادة 379 إلى هذه الحالة بقولها " ... وله (أي الساحب) أن يشترط عدم تقديمها (أي الكمبيالة) للقبول ما لم تكن مستحقة الدفع عند غير المسحوب عليه أو في جهة أخرى غير موطنه ، أو مستحقة الدفع بعد مدة معينة من الاطلاع عليها .
وله أن يشترط عدم تقديمها للقبول قبل أجل معين".
وشرط عدم القبول قد يكون مطلقا غير محدد بوقت معين ، فلا يجوز للحامل تقديم الكمبيالة للقبول على الإطلاق ، وقد يكون مقيدا بفترة زمنية معينة كشهر من تاريخ سحب الكمبيالة, يسترد الحامل بعدها حريته في طلب القبول. وحرية الساحب في اشتراط عدم القبول ليست مطلقة حيث لا يجوز له إدراج مثل هذا الشرط في ثلاث حالات هي:
1- إذا كانت الكمبيالة مستحقة الدفع عند غير المسحوب عليه .
2- إذا كانت الكمبيالة مستحقة الدفع في جهة أخرى غير موطن المسحوب عليه.
3- إذا كانت الكمبيالة مستحقة الدفع بعد مدة معينة من الإطلاع عليها .
والحكمة في منع الساحب من إدراج شرط عدم القبول في الحالتين الأولى والثانية هي حماية الحامل وبث الطمأنينة في نفسه للحصول على حقه .
وأما الحالة الثالثة : فالحكمة في منع إدراج شرط عدم القبول في الكمبيالة واضحة ، حيث أنه لابد من تقديمها للمسحوب عليه للإطلاع عليها لتحديد ميعاد استحقاقها . فإدراج مثل هذا الشرط يتنافى وطبيعة بيانات هذه الكمبيالة .
(الثانية) إذا كانت الكمبيالة واجبة الدفع بمجرد الإطلاع:
إذا كانت الكمبيالة واجبة الدفع بمجرد الإطلاع فإنه يمتنع على حاملها تقديمها إلى المسحوب عليه لقبولها, لأن مجرد تقديمها للمسحوب عليه يجعلها واجبة الأداء فورا, فلا معنى إذن لاقتضاء قبولها ، ولا مصلحة للحامل في ذلك .
وقد نصت المادة 392 على ذلك بقولها : "الكمبيالة المستحقة الوفاء لدى الإطلاع تكون واجبة الوفاء بمجرد تقديمها ... "
المطلب الثاني
حرية المسحوب عليه في قبول الكمبيالة أو رفضها
المبدأ : قبول الكمبيالة اختياري للمسحوب عليه :
استثناءات على المبدأ :
رغم مبدأ حرية المسحوب عليه في قبول الكمبيالة أو رفضها إلا أن هناك حالتين استقر عليهما الفقه يلتزم فيهما بقبول الكمبيالة وهما :
(الحالة الأولى) تعهد المسحوب عليه بقبول الكمبيالة بمقتضى أتفاق خاص مع الساحب.
(الحالة الثانية)
استقرار العرف التجاري على التزام المسحوب عليه بقبول الكمبيالة.
ويجرى العرف التجاري على أن الدائن التاجر يستطيع تحصيل دينه التجاري عن طريق سحب كمبيالة على مدينه التاجر . ويقصد بذلك الحالة التي يكون فيها كل من الساحب والمسحوب عليه تاجرا.
المطلب الثالث
إجراءات تقديم الكمبيالة للقبول
سنتناول إجراءات تقديم الكمبيالة للقبول من النواحي الآتية :
1- صاحب الحق في طلب القبول
2- ممن يصدر القبول
3- وقت القبول
4- مكان القبول
ونعالجها على التوالي
1- صاحب الحق في طلب القبول :
حددت المادة 378 صاحب الحق في طلب قبول الكمبيالة فقالت :
"يجوز لحامل الكمبيالة أو لآي حائز لها ، حتى ميعاد الاستحقاق ، تقديمها إلى المسحوب عليه في موطنه لقبولها".
طبقا لهذه المادة يجوز تقديم الكمبيالة للقبول من حاملها أو من مجرد حائز لها. ويقصد بالحائز هنا أي شخص يعهد إليه الحامل بتقديم الكمبيالة للقبول كقريبه أو صديقه أو عامل لديه .
2- ممن يصدر القبول :
يصدر القبول من المسحوب عليه ، أو من وكيله المفرض بالقبول . وللحامل أن يطلب من الوكيل إثبات صفته وسلطته في التوقيع عن المسحوب عليه .
3- وقت القبول :
لم تقيد المادة 378 حرية الحامل في خصوص الوقت الذي يطلب فيه القبول ، فيجوز له تقديم الكمبيالة للقبول في أي وقت يشاء بين تاريخ إنشاء الكمبيالة وتاريخ استحقاقها .
ولكن المادة 379 أجازت تقييد هذه الحرية ، حيث سمحت للساحب ولكل مظهر أن يشترط تقديم الكمبيالة للقبول في ميعاد معين ، أو عدم تقديمها للقبول قبل أجل معين. كما أن المادة 380 أوجبت على حامل الكمبيالة المستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الاطلاع عليها أن يقدمها للقبول خلال سنة من تاريخ إنشائها أو المدد الأخرى التي يحددها ساحبها أو مظهرها .
4- مكان القبول :
طبقا للمادة 378 التي ذكرنا نصها سابقا ، فإن الكمبيالة تقدم للقبول في موطن المسحوب عليه ، سواء كان موطنه العام أو موطن أعماله.
المطلب الرابع
شروط القبول
يجب أن تتوافر في القبول شروط موضوعية وأخرى شكلية
(أولا) الشروط الموضوعية :
1- الرضاء :
يجب أن يصدر الرضاء من شخص أهل للتوقيع على الكمبيالة, وهي الأهلية اللازمة للقيام بالأعمال التجارية .
2- المحل :
يجب أن ينصب القبول على مبلغ الكمبيالة بأكمله أو بتمامه .
وقد نصت المادة 383 بقولها : "يجب أن يكون القبول غير معلق على شرط ، ومع ذلك يجوز للمسحوب عليه قصره على جزء من مبلغ الكمبيالة.
وأي تعديل لبيانات الكمبيالة يقع في صيغة القبول يعتبر رفضا لها ، ومع ذلك يظل القابل ملزما بما تضمنته صيغة القبول".
3- السبب :
يجب أن يكون لقبول المسحوب عليه سبب حقيقي ومشروع . دفعه على الساحب الذي جامله بالتوقيع عليها بالقبول .
(ثانيا) الشروط الشكلية :
وفي ذلك تنص الفقرة الثانية من المادة 382 على أن : "يكتب القبول على الكمبيالة ذاتها، ويؤدي بلفظ "مقبول" أو بأية عبارة أخرى تدل على هذا المعنى ، ويوقعه المسحوب عليه. ويعتبر قبولا مجرد وضع المسحوب عليه توقيعه على صدر الكمبيالة ...". فالشكل وفقا لهذا النص يتمثل فيما يلي:
1- الكتابة :
من هذا النص يجب أن يتم قبول الكمبيالة من المسحوب عليه كتابة ، فلا يترتب على القبول الشفهي التزام المسحوب عليه التزاما صرفيا بدفع مبلغ الكمبيالة تجاه الحامل .
2- صيغة القبول :
لا يشترط القانون صيغة معينة للقبول ، فيمكن أن يرد بلفظ "مقبول" أو أي لفظ آخر أو أية عبارة تدل على هذا المعنى مثل لفظ "سأدفع" أو عبارة "أتعهد بالدفع" أو "نظر وسأدفع".
3- توقيع المسحوب عليه القابل :
يجب أن يتضمن القبول توقيع المسحوب عليه ، أو ما يعادل هذا التوقيع كالختم أو بصمة الإصبع ، حتى يعتد به. فالتوقيع هو الذي يدل على صدور القبول من المسحوب عليه ورضائه بالالتزام .
ومن ثم إذا وردت صيغة القبول بدون توقيع المسحوب عليه فلا قيمة لها ولا يترتب عليها أي التزام .
4- تاريخ القبول :
أشارت المادة 382 إلى تاريخ القبول بقولها :
"..... وإذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الإطلاع عليها ، أو كانت واجبة التقديم للقبول في مدة معينة بناء على شرط خاص ، وجب بيان تاريخ القبول في اليوم الذي حصل فيه ، إلا إذا أوجب الحامل بيان تاريخ القبول في يوم تقديم الكمبيالة ، فإذا خلا القبول من التاريخ ، جاز للحامل حفظا لحقوقه في الرجوع على المظهرين أو على الساحب ، إثبات هذا الخلو ببرتستو يعمل في وقت يكون فيه مجديا".
مفهوم هذا النص أنه لا يلزم بيان تاريخ القبول إلا في حالتين هما :
1- إذا كانت الكمبيالة واجبة الدفع بعد مدة من الإطلاع عليها . ففي هذه الحالة يعتبر ذكر تاريخ القبول على هذه الكمبيالة ضروري لتحديد المدة التي تصبح بعد انقضائها واجبة الدفع.
2- إذا تضمنت الكمبيالة شرطا يوجب تقديم الكمبيالة للقبول في مدة معينة ، حيث يجب ذكر تاريخ القبول للتحقق من أن الكمبيالة قدمت للقبول خلال تلك المدة .
المطلب الخامس
آثار القبول
يترتب على القبول عدة آثار وهي تختلف في العلاقة ما بين المسحوب عليه والحامل, عنها في العلاقة ما بين المسحوب عليه بالساحب والمظهرين ، وذلك على النحو التالي:
(أولا) آثار القبول في العلاقة بين المسحوب عليه والحامل:
إذا ما قبل المسحوب عليه الكمبيالة اصبح بمقتضى توقيعه عليها بالقبول ملتزما التزاما صرفيا بدفع قيمتها للحامل . وهو التزام تجاري مجرد غير قابل للرجوع فيه في مواجهة الحامل .
نصت المادة 386 بقولها :
"إذا قبل المسحوب عليه الكمبيالة ، صار ملزما بوفاء قيمتها في ميعاد استحقاقها.
وفي حالة عدم الوفاء يكون للحامل ، ولو كان هو الساحب ذاته ، مطالبة المسحوب عليه القابل بدعوى مباشرة ناشئة عن الكمبيالة بكل ما تجوز المطالبة به بموجب المادتين (413) و (414)".
(ثانيا) آثار القبول في علاقة المسحوب عليه بالساحب والمظهرين:
إذا دفع المسحوب عليه على المكشوف ، أي دون أن يتلقى مقابل الوفاء ، افترض أنه أقرض الساحب وجاز له مطالبة الأخير برد المبلغ الذي دفعه للحامل مع الفوائد المستحقة.
المبحث الثالث
الضمان الاحتياطي
تعريف الضمان الاحتياطي :
الضمان الاحتياطي هو كفالة الدين الثابت في الكمبيالة ويتم هذا الضمان من شخص ، يسمى الضامن الاحتياطي ، يتعهد بالوفاء بقيمة الكمبيالة على وجه التضامن مع من ضمنه.
ونعالج على التوالي شروط الضمان الاحتياطي وآثاره .
المطلب الأول
شروط الضمان الاحتياطي
(أولا) الشروط الموضوعية:
1- من يجوز أن يكون ضامنا احتياطيا ؟
نصت المادة 387 عل أنه "يجوز ضمان وفاء مبلغ الكمبيالة كله أو بعضه من ضامن احتياطي ، ويكون هذا الضمان من أي شخص ، ولو كانوا ممن وقعوا الكمبيالة".
طبقا لهذا النص يجوز أن يكون الضامن الاحتياطي شخص أجنبي عن الكمبيالة ، أو أحد الموقعين عليها .
2- من يجوز ضمانه ضمانا احتياطيا ؟
يجوز أن يكون الضمان الاحتياطي عن أي موقع على الكمبيالة ومسئول صرفيا عن الوفاء بقيمتها ايا كان مركزه فيها ، كالساحب أو المسحوب عليه القابل أو أحد المظهرين .
3- موضوع الضمان الاحتياطي:
حددت المادة 387 موضوع الضمان الاحتياطي بأنه "وفاء مبلغ الكمبيالة كله او بعضه".
(ثانيا) الشروط الشكلية :
الكتابة :
يجب أن يكون الضمان الاحتياطي مكتوبا ، والأصل أن ترد الكتابة على الكمبيالة ذاتها أو على ورقة متصلة بها ، ولكن يجوز أن ترد على ورقة مستقلة.
1- كتابة الضمان الاحتياطي على ذات الكمبيالة أو على ورقة متصلة بها :
نصت المادة 388 على أن : "يكتب الضمان الاحتياطي على الكمبيالة ذاتها أو على الورقة المتصلة بها ، ويؤدي بصيغة "مقبول كضمان احتياطي" أو بأية عبارة أخرى تفيد معناها ، ويوقعه الضامن . ويذكر في الضمان اسم المضمون ، وإلا اعتبر الضمان حاصلا للساحب .
ويستفاد هذا الضمان من مجرد توقيع الضامن على صدر الكمبيالة ، ما لم يكن هذا التوقيع صادرا عن المسحوب عليه ، أو من الساحب".
ويستوي أن ترد الكتابة على صدر الكمبيالة أو على ظهرها .
(أ) فإن وردت الكتابة على ظهر الكمبيالة ، فيجب أن تشتمل على عبارة تدل على قصد الضمان مثل "مقبول كضمان احتياطي" أو أية عبارة أخرى مماثلة ، كعبارة "صالح للضمان" وأن يوقع الضمان بعد هذه العبارة .
(ب) وأما إذا وردت الكتابة على صدر الكمبيالة ، فيكفي توقيع الضامن دون بيان الصفة التي يوقع بها أو أية عبارة تدل على قصده . فالضمان في هذه الحالة يستفاد من مجرد التوقيع لا أكثر .
2- إعطاء الضمان الاحتياطي على ورقة مستقلة عن الكمبيالة :
نصت المادة 390 على أنه "يجوز إعطاء الضمان الاحتياطي على ورقة مستقلة يبين فيها الجهة التي تم فيها هذا الضمان ، والضامن الاحتياطي بورقة مستقلة لا يلزم إلا تجاه من أعطى له الضمان".
المطلب الثاني
آثار الضمان الاحتياطي
حددت المادة 389 آثار الضمان الاحتياطي بقولها : "يلتزم الضامن الاحتياطي على الوجه الذي يلتزم به المضمون ، ويكون التزام الضامن صحيحا ، ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلا لآي سبب آخر غير عيب في الشكل .
وإذا وفى الضامن الاحتياطي الكمبيالة ، آلت إليه الحقوق الناشئة عنها ، وذلك تجاه مضمونه وتجاه كل ما ملتزم نحو هذا الأخير بموجب الكمبيالة " .
في ضوء هذا النص نحدد آثار الضمان الاحتياطي في علاقة الضامن الاحتياطي بالحامل, وفي علاقة الضامن الاحتياطي بالمضمون والملتزمين نحوه ثانيا .
أولا : علاقة الضامن الاحتياطي بالحامل :
يعتبر الضامن الاحتياطي بمثابة كفيل متضامن مع مضمونه تجاه الحامل على الوجه الذي يلتزم به المضمون.
(ثانيا) علاقة الضامن الاحتياطي بالمضمون والملتزمين نحوه :
الضامن الاحتياطي يعتبر كفيلا متضامنا للملتزم المضمون.
الفصل الثالث
انقضاء الالتزام الثابت بالكمبيالة
ونقسم دراستنا في هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث ، ندرس في الأول الوفاء بالكمبيالة ، ونخصص الثاني لبحث الامتناع عن الوفاء ورجوع الحامل على الملتزمين بالكمبيالة ، ونكرس الثالث لمعالجة موضوع التقادم .
المبحث الأول
الوفاء بالكمبيالة
الوفاء هو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام الثابت بالكمبيالة ، وبهذا الوفاء تنقضي حياة الكمبيالة ويتسلمها المسحوب عليه متضمنة توقيع الحامل بما يفيد التخالص من الدين الثابت بها ، وبذاك تبرأ ذمة المسحوب عليه وذمم سائر المدينين فيها.
المطلب الأول
ميعاد استحقاق الكمبيالة
تحديد ميعاد الاستحقاق
ويقصد به التاريخ الذي يلزم فيه حامل الكمبيالة بتقديمها إلى المسحوب عليه لاستيفاء قيمتها .
ميعاد الاستحقاق في الكمبيالة المستحقة الدفع لدى الإطلاع :
تقضي المادة 392 بأن الكمبيالة المستحقة الوفاء لدى الإطلاع تكون واجبة الوفاء بمجرد تقديمها للمسحوب عليه .
ميعاد الاستحقاق في الكمبيالة المستحقة الدفع بعد مدة من الإطلاع :
تنص المادة 393 بأن "يبدأ ميعاد استحقاق الكمبيالة الواجبة الوفاء بعد مدة الإطلاع من تاريخ قبولها ، أو من تاريخ البروتستو ". ومعنى ذلك أنه يتعين على الحامل عرض الكمبيالة على المسحوب عليه لقبولها حتى يتحدد ميعاد استحقاقها ، وأن ميعاد استحقاقها يبدأ من تاريخ توقيع المسحوب عليه عليها بالقبول ، أو من تاريخ البرتستو (احتجاج عدم القبول ) عند رفض المسحوب عليه قبول الكمبيالة .
وتضيف المادة المذكورة أنه "إذا لم يعمل البرتستو ، اعتبر القبول غير مؤرخ حاصلا بالنسبة إلى القابل في اليوم الأخير من الميعاد المقرر لتقديم الكمبيالة للقبول طبقا للمادة "380".
ميعاد الأستحقاق في الكمبيالة المستحقة الدفع بعد مضي مدة معينة من تأريخ أنشائها أو تأريخ الآطلاع عليها:
تنص المادة 394 على أن " كمبيالة المسحوبة لشهر أو أكثر من تاريخها ، أو من تاريخ الإطلاع عليها يقع استحقاقها في التاريخ المقابل من الشهر الذي يجب فيه الوفاء . فإذا لم يوجد للتاريخ مقابل في الشهر الذي يجب فيه الوفاء ، وقع الاستحقاق في اليوم الأخير من الشهر .
وإذا سحبت الكمبيالة لشهر ونصف ، أو لعدة شهور ونصف شهر من تاريخها ، أو من تاريخ الإطلاع عليها وجب بدء الحساب بالشهور كاملة ، وتعني عبارة "نصف شهر" خمسة عشر يوما .
ولا تعني عبارة "ثمانية أيام" أو "خمسة عشر يوما" أسبوعا أو أسبوعين ، وإنما ثمانية أيام, أو خمسة عشر يوما بالفعل".
وتحتوي هذه المادة على الأحكام التالية :
1- فمثلا إذا سحبت الكمبيالة يوم 15 يناير لمدة شهر كان تاريخ استحقاقها يوم 15 فبراير التالي، وإذا سحبت الكمبيالة يوم أول يناير لمدة ثلاثة أشهر ، فإن تاريخ استحقاقها يقع أول أبريل التالي .
على أنه إذا لم يوجد تاريخ مقابل لتاريخ الإنشاء في الشهر الذي يجب فيه الوفاء ، وقع تاريخ استحقاق الكمبيالة في اليوم الأخير من هذا الشهر . فإذا سحبت الكمبيالة يوم 31 يناير لمدة شهر فأن أستحقاقها يقع في أخر شهر فبراير, وهو أما 28 أو 29 يوما ولا يكون أبدا 30 أو 31 يوما .
وتنطبق نفس الأحكام على الكمبيالة المستحقة الدفع بعد مدة معينة من تاريخ الإطلاع عليها.
2- وطبقا للفقرة الثانية فإنه إذا سحبت الكمبيالة لشهر ونصف أو لعدة شهور ونصف من تاريخ سحبها أو من تاريخ الإطلاع عليها ، وجب بدء الحساب بالشهور الكاملة ثم يضاف بعد ذلك خمسة عشر يوما ، لأن عبارة "نصف شهر" تفيد خمسة عشر يوما . وعلى ذلك تكون الكمبيالة المسحوبة يوم أول يناير لثلاثة شهور ونصف يقع استحقاقها يوم 16 أبريل التالي .
3- وطبقا للفقرة الثالثة فإنه إذا سحبت الكمبيالة لعدة أيام من تاريخ سحبها أو من تاريخ الإطلاع عليها ، فلا يعتد إلا بعد الأيام المذكورة في الكمبيالة بغض النظر عن عدد الأسابيع التي تمثلها فعبارة "ثمانية أيام" أو خمسة عشر يوما" لا تعني أسبوعا او أسبوعين بل ثمانية أيام أو خمسة عشر يوما بالفعل .
ميعاد الاستحقاق في الكمبيالة المستحقة في يوم معين :
تحديد ميعاد استحقاق الكمبيالة في يوم معين هو الغالب في العمل مثل يوم 10 أو 15 يناير.
وفي ذلك تنص المادة 395 على أنه "إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في يوم معين, وكان الاستحقاق في أول الشهر أو في منتصفه أو في آخره ، كان المقصود من هذه التعبيرات اليوم الأول أو الخامس عشر أو الأخير من الشهر".
ويلاحظ في هذا الشأن أن أيام العطلات الرسمية تدخل في حساب المواعيد عموما . ولكن إذا صادف آخر الميعاد عطلة رسمية امتد الاستحقاق إلى أول يوم عمل بعدها . ولا يدخل في حساب المواعيد المتعلقة بالكمبيالة اليوم الأول منها ، ما لم ينص على خلاف ذلك (م 404 مدني تجاري قطري).
المطلب الثاني
أحكام الوفاء
1- التزام الحامل بتقديم الكمبيالة للوفاء في ميعاد الاستحقاق :
تقضي الفقرة الأولى من المادة 396 بأنه "على حامل الكمبيالة أن يقدمها للوفاء في يوم استحقاقها . ويعتبر تقديمها إلى إحدى غرف المقاصة المعترف بها قانونا بمثابة تقديم للوفاء".
مفهوم هذه الفقرة أنه على حامل الكمبيالة ، وهو الدائن فيها ، أن يسعى إلى استيفاء قيمتها من المدين في يوم استحقاقها ، وليس من واجب المسحوب عليه أن يحمل مبلغ الكمبيالة إليه في هذا الميعاد .
2- التزام المسحوب عليه بالوفاء في ميعاد الاستحقاق :
إذا حل ميعاد استحقاق الكمبيالة وجب على المسحوب عليه أن يبادر إلى الوفاء بها للحامل.
وفي ذلك تقول المادة 397 "لا يجبر حامل الكمبيالة على قبض قيمتها قبل ميعاد الاستحقاق, واذا وفى المسحوب عليه قيمة الكمبيالة قبل ميعاد الآستحقاق تحمل تبعة ذلك".
ومعنى ذلك أن الأجل في الكمبيالة لا يكون لمصلحة المدين وحده بل لمصلحة الدائن أيضا ، فقد تكون للأخير مصلحة في الاحتفاظ بالكمبيالة لغاية ميعاد الاستحقاق حتى يتمكن من الحصول على الائتمان بمقتضاها أو استعمالها في الوفاء .
3-مكان الوفاء :
يلزم الحامل بتقديم الكمبيالة إلى المسحوب عليه للوفاء بقيمتها في المكان المبين بها.
وإذا امتنع عن الوفاء وجب على الحامل توجيه الاحتجاج إلى المسحوب عليه في محل أقامته.
4- محل الوفاء :
محل الوفاء أو موضوعه ، هو المبلغ النقدي الموضح بالكمبيالة ، وهو الذي به يكون الوفاء ، فلا يجبر الحامل على قبول شيء آخر ، ولو كان هذا الشيء مساويا له في القيمة أو كانت له قيمة أعلى. ويلزم المسحوب عليه بدفع المبلغ المحدد بالكمبيالة دون ان يكون لارتفاع قيمة النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر .
ويجوز للحامل أن يقبل الوفاء بشيك يحرره المسحوب عليه لصالحه ، ولكن الوفاء في هذه الحالة لا يبرئ ذمة المسحوب عليه إلا إذا تم تحصيل قيمة الشيك فعلا ، لأن الشيك أداة وفاء ليست لها قوة إبراء مثل النقود .
5- الوفاء الجزئي :
الأصل أنه لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاء جزئيا لحقه ، وذلك لأن الوفاء الجزئي يضر بالدائن إذ يحرمه من الانتفاع بحقه على الوجه الأكمل .
ومع ذلك فإن المادة 398 نصت في فقرتها الثانية على أنه : "لا يجوز للحامل الامتناع عن قبول الوفاء الجزئي ، ويجوز للمسحوب عليه أن يطلب إثبات هذا الوفاء الجزئي على الكمبيالة وإعطاء مخالصة به ، وكل ما يدفع من اصل قيمة الكمبيالة تبرأ منه ذمة ساحبها ومظهريها وغيرهم من الملتزمين بها . وعلى حاملها أن يعمل برتستو عن القدر غير المدفوع من قيمتها ".
وإذا دفع المسحوب عليه جزءا من قيمة الكمبيالة ، فلا يحق له استرداد الكمبيالة ، لأن الحامل في حاجة إليها للمطالبة بمقتضاها بالقدر الباقي ، ولكن يجوز للمسحوب عليه أن يطلب إثبات هذا الوفاء على الكمبيالة و ويكون ذلك بالتأشير على الكمبيالة بهذا الوفاء بالإضافة إلى أخذ ايصال بالقدر المدفوع .
وعلى الحامل في حالة الوفاء الجزئي عمل بروتستو (احتجاج عدم الوفاء) عن القدر غير المدفوع من قيمة الكمبيالة .
6- إيداع مبلغ الكمبيالة في خزانة المحكمة :
طبقا للمادة 399 فإنه إذا لم تقدم الكمبيالة للوفاء في ميعاد الاستحقاق جاز لكل مدين بها إيداع مبلغها خزانة المحكمة التي يقع في دائرتها مكان الوفاء ، وذلك على نفقة الحامل وتحت مسئوليته. ومن ثم يجوز لكل من الساحب ، والمسحوب عليه القابل, والمظهر والضامن الاحتياطي ، أن يودع مبلغ الكمبيالة خزانة المحكمة المختصة. ويقوم الإيداع بالنسبة للمودع مقام الوفاء.
7- المعارضة في الوفاء بالكمبيالة :
الأصل أنه لا يجوز للمسحوب عليه الامتناع عن الوفاء بالكمبيالة إعمالا لنص المادة 400 حتى لو حدث اعتراض على هذا الوفاء. والاعتراض يحدث عادة من دائن الحامل إذا كان دينه محقق الوجود وحال الأداء وغير متنازع فيه بهدف منع المسحوب عليه من الوفاء بقيمة الكمبيالة للحامل .
وخروجا على هذا الأصل ، أجاز المشرع الاعتراض على الوفاء بالكمبيالة ، ومن ثم الامتناع عن هذا الوفاء في حالتين :
(الحالة الأولى) ضياع الكمبيالة :
رأى المشرع ضرورة حماية الحامل الذي تضيع منه الكمبيالة ، فأجاز له إخطار المسحوب عليه بواقعة فقد الكمبيالة والمعارضة في الوفاء بقيمتها لمن يتقدم بها في ميعاد الاستحقاق. فإذا تلقى المسحوب عليه هذه المعارضة التزم بعدم الوفاء للحامل, وإلا كان وفاؤه غير صحيح وغير مبرئ لذمته .
(الحالة الثانية) إفلاس الحامل :
يترتب على إفلاس حامل الكمبيالة غل يده عن إدارة أمواله والتصرف فيها أو استيفاء حقوقه قبل الغير ، ويصبح أمين التفليسة هو صاحب الصفة في إدارة أمواله والتصرف فيها.
8- الوفاء في حالة ضياع الكمبيالة :
تنص المادة 401 على أنه : "إذا ضاعت كمبيالة غير مقبولة ، وكانت محررة من عدة نسخ, جاز لمستحق قيمتها أن يطالب بوفائها بموجب إحدى نسخها الأخرى".
وتنص المادة 402 على أنه : "يجوز لمن ضاعت منه كمبيالة ، سواء أكانت مقترنة بالقبول أم لا ، ولم يتمكن من تقديم احدى نسخها الأخرى أن يستصدر من المحكمة أمرا بوفائها ، بشرط أن يثبت ملكيته لها وأن يقدم كفيلا".
9- آثار الوفاء :
يترتب عل وفاء المسحوب عليه بقيمة الكمبيالة انقضاء الالتزام الصرفي الثابت فيها وبراءة ذمة جميع الموقعين عليها من التزامهم القانوني بالضمان . وتنتهي حياة الكمبيالة بهذا الوفاء الطبيعي لها .
وفي هذا تنص المادة 398/1 على أنه "إذا وفى المسحوب عليه الكمبيالة ، جاز له طلب تسلمها من الحامل موقعا عليها بما يفيد الوفاء".
المبحث الثاني
الامتناع عن الوفاء
ورجوع الحامل على الملتزمين بالكمبيالة
أن القانون حدد موضوع (محل) الرجوع وكيفيته .
وعلى ذلك نتناول ثلاثة نقاط في هذا الصدد هي :
1- رجوع الحامل على الملتزمين بالكمبيالة
2- التزام الحامل بعمل بروتستو عدم القبول أو عدم الوفاء, وإخطار الملتزمين بالكمبيالة بامتناع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء .
3- موضوع الرجوع وكيفيته
ونخصص لكل من هذه النقاط مطلبا مستقلا .
المطلب الأول
رجوع الحامل على الملتزمين بالكمبيالة
أولا : رجوع الحامل في ميعاد الاستحقاق
قررت المادة 403 أنه" لحامل الكمبيالة ، عند عدم وفائها له في ميعاد الاستحقاق, الرجوع على مظهريها وساحبيها وغيرهم من الملزمين بها".
ثانيا – رجوع الحامل قبل ميعاد الاستحقاق :
أجازت المادة 403 في فقرتها الثانية رجوع الحامل على الملتزمين بالوفاء بقيمة الكمبيالة قبل ميعاد الاستحقاق في الأحوال الآتية :
1- حالة الامتناع الكلي أو الجزئي عن القبول :
هذه الحالة تفترض أن المسحوب عليه امتنع عن قبول الكمبيالة كليا أو جزئيا (اي في حدود قدر من مبلغها فقط) حينما عرضها عليه الحامل لقبولها.
2- حالة إفلاس المسحوب عليه أو توقفه عن الدفع أو حجز أمواله حجزا غير مجد :
يجيز القانون للحامل الرجوع على الملتزمين بالوفاء بقيمة الكمبيالة قبل ميعاد استحقاقها في حالة إفلاس المسحوب عليه ، سواء كان قد قبل الكمبيالة أو لم يكن قد قبلها .
3- إفلاس الساحب في حالة اشتراط عدم تقديم الكمبيالة للقبول .
إذا كانت الكمبيالة غير صالحة للقبول لأن الساحب اشترط عدم تقديمها للقبول (وهو شرط جائز), فإن الحامل لا يستطيع تقديمها للمسحوب عليه لقبولها ، ويظل الساحب هو المدين الأساسي أو الرئيسي في مواجهته ، فإذا أفلس هذا الساحب ضعفت ضمانات الحامل وسقط أجل الكمبيالة.
المطلب الثاني
بروتستو عدم القبول أو عدم الوفاء
والإخطار بامتناع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء
(أولا) واجب عمل البرتستو (الآحتجاج).
(ثانيا) واجب الإخطار.
(أولا) واجب عمل البرتستو (الآحتجاج):
نصت المادة 405 على أن "يكون ِإثبات الامتناع عن قبول الكمبيالة أو عن وفائها في بروتستو عدم القبول أو عدم الوفاء .... "
والبرتستو ورقة رسمية يراد بها تنبيه المدين إلى خطورة رفضه قبول الكمبيالة المسحوبة عليه وإلى جسامة النتائج المترتبة على امتناعه عن الوفاء بها في تاريخ الاستحقاق .
شكل البروتستو وبياناته وقيده :
البروتستو ورقة رسمية يحررها كاتب العدل وتتضمن البيانات الآتية :
1- صورة حرفية للكمبيالة ولما أثبت فيها من عبارات القبول والتظهير .
2- إنذار موجه للمدين بوفاء قيمة الكمبيالة ، ويعد هذا البيان بمثابة إعذار للمسحوب عليه بالدفع .
3- إثبات حضور أو غياب الملتزم بالقبول أو بالوفاء .
4- الأسباب التي يسوقها الملتزم لتبرير امتناعه عن القبول أو الوفاء (م 405 مدني تجاري قطري).
ميعاد تحرير البروتستو :
نفرق في هذا الخصوص بين بروتستو عدم القبول وبروتستو عدم الوفاء.
1- بروتستو عدم القبول :
نصت المادة 406 على أنه "يجب عمل بروتستو عدم القبول في المواعيد المحددة لتقديم الكمبيالة للقبول . فإذا وقع التقديم الأول للقبول وفقا للمادة (381) في اليوم الأخير من الميعاد المحدد للتقديم جاز عمل البروتستو في اليوم التالي".
2- بروتستو عدم الوفاء :
نصت المادة 407 على أنه "يجب عمل بروتستو عدم الوفاء عن الكمبيالة المستحق وفاؤها في يوم معين أو بعد مدة من تاريخها ، أو من تاريخ الإطلاع عليها ، في أحد يومي العمل التاليين ليوم استحقاقها .
وإذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء لدى الإطلاع, وجب عمل بروتستو عدم الوفاء وفقا للشروط المبينة في المادة السابقة بشأن بروتستو عدم القبول".
هذه المادة تفرق بين طائفتين من الكمبيالات:
(الأول) الكمبيالات المستحقة الدفع في يوم معين ، أو بعد مدة معينة من تاريخ إنشائها, أو من تاريخ الإطلاع عليها .
هذه الكمبيالات يتعين تقديمها للوفاء في ميعاد الاستحقاق ، ويلزم تحرير بروتستو عدم الوفاء خلال اليومين التاليين ليوم الاستحقاق.
(الثانية) الكمبيالات الواجبة الدفع بمجرد الإطلاع.
في هذه الكمبيالات يجب عمل بروتستو عدم الوفاء خلال المواعيد المحددة لعمل بروتستو عدم القبول, وهي المواعيد المحددة لتقديم الكمبيالة للقبول كما ذكرت المادة 406 السابق الإشارة إليها .
ومن ثم يجب عمل بروتستو عدم الوفاء في هذه الكمبيالات خلال سنة من تاريخ إنشائها، أو أية مدة أخرى متفق عليها بين أطرافها .
بروتستو عدم القبول يغني عن تقديم الكمبيالة للوفاء وعن بروتستو عدم الوفاء
نصت المادة 408 على أنه "يغني بروتستو عدم القبول عن تقديم الكمبيالة للوفاء, وعن عمل بروتستو عدم الوفاء".
شرط الرجوع بلا مصروفات أو بدون بروتستو :
لقد جرى العمل على إضافة شرط في الكمبيالة يعفي الحامل من اتخاذ إجراءات البروتستو في مواجهة المسحوب عليه يسمى شرط "الرجوع بلا مصروفات" أو "بدون بروتستو". وفي هذه الحالة لا يعتبر الحامل مهملا ولا يفقد حقه في الرجوع على الضامنين بسبب عدم القيام بعمل البروتستو المطلوب .
وفي هذا تنص المادة 410 على أنه : "يجوز للساحب ولأي مظهر أو ضامن احتياطي أن يعفي حامل الكمبيالة من عمل بروتستو عدم القبول أو عدم الوفاء عند مباشرة حقه في الرجوع إذا كتب على الكمبيالة وذيل بتوقعه شرط "الرجوع بلا مصروفات" أو "بدون بروتستو" أو أية عبارة أخرى تؤدي هذا المعنى .
ولا يعفي هذا الشرط الحامل من تقديم الكمبيالة في المواعيد المقررة ، ولا من عمل الإخطارات اللازمة وعلى من يتمسك قبل الحامل بعدم مراعاة هذه المواعيد إثبات ذلك.
وإذا كتب الساحب هذا الشرط ، سرت آثاره على كل الموقعين ، أما إذا كتبه أحد المظهرين, أو أحد الضامنين الاحتياطيين ، سرت آثاره عليه وحده.
وإذا كان الساحب هو الذي وضع الشرط ، وعمل الحامل بروتستو رغم ذلك ، تحمل وحده المصروفات . أما إذا كان الشرط صادرا من مظهر أو من ضامن احتياطي ، فإنه يجوز الرجوع على جمع الموقعين بمصروفات البروتستو إن عمل".
(ثانيا) واجب الإخطار :
أوجبت المادة 411 على الحامل إخطار من ظهر له الكمبيالة والساحب والضامن الاحتياطي لكل منهما إن وجد بعدم قبولها أو بعدم وفائها حتى يتسنى لأي منهم اتخاذ الموقف المناسب.
- ويجب أن يتم الإخطار خلال أربعة أيام العمل التالية ليوم عمل البروتستو ، أو ليوم تقديم الكمبيالة للقبول أو للوفاء إن اشتملت على شرط الإعفاء من عمل البروتستو .
- وعلى كل مظهر خلال يومي العمل التاليين ليوم تسلمه الإخطار أن يخطر بدوره من ظهر له الكمبيالة بتسلمه هذا الإخطار ، مبينا له من قاموا بالإخطارات السابقة وعناوينهم .
- وهكذا يتم هذا الإخطار من مظهر إلى مظهر حتى الساحب ، ويبدأ الميعاد بالنسبة لكل مظهر من التاريخ الذي تسلم فيه الإخطار من المظهر السابق عليه.
أثر الحادث القهري على تقديم الكمبيالة للقبول أو الوفاء أو عمل البروتستو :
- طبقا للمادة 417 فإنه إذا حال حادث قهري لا يمكن التغلب عليه ، مثل انقطاع المواصلات بسبب حرب أو كوارث طبيعية كالسيول والزلازل وغيرها ، دون تقديم الكمبيالة للقبول أو الوفاء أو عمل البروتستو في المواعيد المقررة . فإن هذه المواعيد تمتد إلى ما بعد زوال الحادث القهري.
- وتضيف هذه المادة أنه إذا استمر الحادث القهري أكثر من ثلاثين يوما مسحوبة من يوم استحقاق الكمبيالة (أي وجوب الوفاء بها) جاز للحامل الرجوع على الملتزمين بغير الحاجه إلى تقديم الكمبيالة أو عمل بروتستو .
المطلب الثالث
موضوع (محل) الرجوع في الكمبيالة وكيفيته
(أولا) موضوع الرجوع في الكمبيالة :
حددت المادتان 413 و 414 موضوع (محل) الرجوع في الكمبيالة في حالتي رجوع الحامل ورجوع من وفى له من الملتزمين بالكمبيالة .
1- رجوع الحامل :
حددت المادة 413 موضوع الرجوع في حالة رجوع الحامل على من له حق الرجوع عليه وهو كما يلي :
(أ) أصل مبلغ الكمبيالة غير المقبولة أو غير المدفوعة مع فوائد هذا المبلغ إن كانت مشترطة في الكمبيالة. وتحسب هذه الفوائد من تاريخ إصدار الكمبيالة ما لم يتفق على تاريخ آخر .
(ب) الفوائد محسوبة بالسعر القانوني (5%) من تاريخ الاستحقاق وهذه الفوائد مقررة بنص القانون دون حاجة للاتفاق بشأنها كجزاء للتأخير في الوفاء .
(ج) مصروفات البروتستو والإخطارات وغير ذلك من المصروفات. وهذه المصروفات لا ترجع إلى حامل الكمبيالة بل إلى موقف المدين الرافض لقبول الكمبيالة أو الوفاء بها.
2- رجوع الموفي بالكمبيالة على الضامنين له :
طبقا للمادة 414 يجوز لمن وفى بقيمة الكمبيالة وفوائدها والمصاريف عند رجوع الحامل عليه إعمالا لحكم المادة السابقة (413) أن يقوم بدوره بمطالبة ضامنيه بالمبالغ الآتية :
(أ) المبلغ الذي أوفاه بكامله شاملا الفوائد والمصروفات ايا كانت طبيعتها .
(ب) فوائد المبلغ الذي وفاه محسوبة من يوم الوفاء بالسعر القانوني (5%).
(ج) المصروفات التي تحملها.
إثبات الوفاء من قبل من وفي الكمبيالة عند الرجوع :
نصت المادة 416 على أنه "لكل ملتزم طولب بكمبيالة على وجه الرجوع ، أو كان مستهدفا للمطالبة بها ، أن بطلب في حالة قيامه بالوفاء تسلم الكمبيالة مع البروتستو ومخالصة بما وفاه. ولكل مظهر وفي الكمبيالة أن يشطب تظهيره والتظهيرات اللاحقة له".
(ثانيا) كيفية الرجوع (كمبيالة الرجوع):
سبق القول بأنه إذا امتنع المسحوب عليه عن دفع مبلغ الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق جاز للحامل الرجوع على الملتزمين فيها (الضامنين) ليطالبهم بالوفاء له . ولهذا قرر القانون طريقا أكثر يسرا وسهولة لاستيفاء حقه ، وهو سحب كمبيالة جديدة على أحد ضامنيه تسمى "كمبيالة الرجوع".
فقد نصت المادة 418 على أن "لكل من له حق الرجوع على غيره من الملتزمين بالكمبيالة أن يستوفي حقه بسحب كمبيالة جديدة قبل احد ضامنيه تكون مستحقة الوفاء لدى الإطلاع وواجبه الوفاء في موطن هذا الضامن, ما لم يشترط خلاف ذلك" .
وقد نصت المادة 419 :
" تشتمل كمبيالة الرجوع على المبالغ الوارد بيانها في المادتين (413) و (414) مضافا إليها ما دفع من عمولة ورسم دمغة" .
أما المادة 418 فقد نصت: " وإذا كان ساحب كمبيالة الرجوع هو الحامل ، حدد مبلغها على الأساس الذي تحدد بموجبه قيمة كمبيالة مستحقة الوفاء لدى الإطلاع مسحوبة من المكان الذي استحق فيه وفاء الكمبيالة الأصلية على المكان الذي فيه موطن الضمان .
وإذا كان ساحب كمبيالة الرجوع هو أحد المظهرين ، حدد مبلغها على الأساس الذي تحدد بموجبه قيمة كمبيالة مستحقة الوفاء لدى الإطلاع مسحوبة من المكان الذي فيه موطن الضامن ".
المبحث الثالث
تقادم الالتزام الثابت بالكمبيالة
(التقادم الصرفي)
ألزم المشرع حامل الكمبيالة بأن يطالب بحقه الثابت بها خلال مدة معينة ، وإلا خضع هذا الحق للتقادم جزاء لإهماله .
ونعالج هذا التقادم على النحو التالي .
(أولا) الدعاوي الخاضعة للتقادم الصرفي.
(ثانيا) مدة التقادم وكيفية حسابها.
(ثالثا) وقف التقادم الصرفي وانقطاعه.
(رابعا) آثار التقادم الصرفي.
(أولا) الدعاوي الخاضعة للتقادم الصرفي:
نصت المادة 421 على أن " كل دعوى ناشئة عن الكمبيالة تجاه قابلها تتقادم بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق وتتقادم دعاوي الحامل تجاه المظهرين أو الساحب بمضي سنة من تاريخ البروتستو المحرر في الميعاد القانوني أو من تاريخ الاستحقاق أن اشتملت الكمبيالة على شرط الإعفاء من البروتستو. وتتقادم دعاوي المظهرين بعضهم تجاه بعض أو تجاه الساحب بمضي ستة شهور من اليوم الذي وفي فيه المظهر الكمبيالة، أو من يوم إقامة الدعوى عليه".
يستفاد من هذه المادة أنه لا يخضع للتقادم الصرفي:
- سوى الدعاوي التي تنشأ مباشرة عن الكمبيالة ويرتد مصدرها إلى توقيع المدين عليها. مثل الدعوى المقررة للحامل تجاه المسحوب عليه القابل ، أو أحد الضامنين للوفاء, كالساحب أو المظهر أو الضامن الاحتياطي ،
- ودعوى الرجوع المقررة للمظهر الذي أدى قيمة الكمبيالة للحامل تجاه غيره من المظهرين أو تجاه الساحب .
وأما الدعاوي التي تنشأ بمناسبة الكمبيالة ، ولا تنشأ عنها ، فلا تخضع للتقادم الصرفي، بل للتقادم العادي.
(ثانيا) مدة التقادم وكيفية حسابها :
وبخصوص مدة التقادم الصرفي ، فلم تضع المادة المذكورة مدة واحدة له بل مددا مختلفة باختلاف الملتزم الذي يراد الرجوع عليه وذلك على النحو التالي :
1- الدعاوي تجاه المسحوب عليه القابل :
هذه الدعاوي تتقادم بمضي ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ الاستحقاق وتنطبق هذه المدة ايا كان رافع الدعوى.
ويبدأ سريان هذه المدة من تاريخ استحقاق الكمبيالة
وإذا لم تقدم الكمبيالة للوفاء أو القبول ، أو لم يحرر بروتستو بشأنها خلال الميعاد الاتفاقي أو القانوني (وهو سنة من تاريخ سحب الكمبيالة كما سبق أن ذكرنا) فإن المدة تسري:
- ابتداء من تاريخ إنشاء الكمبيالة إذا كانت واجبة الدفع بمجرد الإطلاع .
- ومن يوم انقضاء الميعاد المنصوص عليه فيها محسوبا من يوم الإنشاء إذا كانت واجبة الدفع بعد مدة من الإطلاع .
2- دعاوى الحامل تجاه المظهرين أو الساحب :
هذه الدعاوي تتقادم بمضي سنة واحدة ابتداء من تاريخ البروتستو المحرر في الميعاد القانوني ، أو من تاريخ الاستحقاق إن اشتملت الكمبيالة على شرط الإعفاء من البروتستو.
3- دعاوى المظهرين بعضهم تجاه بعض أو تجاه الساحب :
هذه الدعاوي تتقادم بمضي ستة شهور فقط تبدأ من اليوم الذي وفي فيه المظهر الكمبيالة، أو من يوم إقامة الدعوى عليه للوفاء بقيمتها إذا لم يقم بوفائها مختارا .
- كيفية حساب المدة :
تطبيقا للقواعد العامة في هذا الشأن فإن المدة تحسب بالأيام لا بالساعات ، ولا يحسب اليوم الأول منها ، وتكتمل بانقضاء اليوم الأخير ، إلا إذا صادف عطلة رسمية فتمتد إلى اول يوم عمل بعدها .
(ثالثا) وقف التقادم الصرفي وانقطاعه:
يقصد بوقف التقادم أن يتوقف سريان مدة التقادم لفترة ما لسبب معين ، فإذا زال السبب عادت المدة لسريانها كما كانت.
وعلى ذلك ، يوقف التقادم:
- بين الزوجين في مدة الزواج ، وبين الأب والأم وأولادهم.
- بين فاقد الأهلية أو ناقصها والوصي أو القيم.
- بين الشخص المعنوي والنائب عنه (المدير),
- وبالنسبة للحامل المحكوم عليه بالسجن خلال تنفيذ العقوبة ، ما لم يوجد له نائب يمثله ،
- في كل حالة يتسحيل عليه فيها قطع التقادم لسبب مادي ، كحدوث حرب أو حدوث زلزال .
وأما بالنسبة لانقطاع التقادم الصرفي ، فقد نصت المادة 422 ، في خصوص الكمبيالة على أنه : "لا تسري مواعيد التقادم في حالة إقامة الدعوى إلا من يوم آخر إجراء فيها. ولا يسري التقادم إذا صدر حكم بالدين ، أو أقر به المدين في صك مستقل إقرارا يترتب عليه تجديد الدين".
أن المادة المذكورة أوردت استثناء على هذا الأصل ، يتحول فيها التقادم الصرفي المنقطع إلى تقادم عادي تكون مدته خمس عشرة سنة ، وهما حالة صدور حكم بالدين ، وحالة إقرار المدين بالدين في صك مستقل .
1- صدور حكم بالدين :
يترتب على صدور حكم على المدين بالدين الثابت بالكمبيالة وضرورته نهائيا وحائزا لقوة الأمر المقضي به أن يتجدد هذا الدين بتغيير مصدره ، فيصبح المدين ملتزما لا بمقتضى الكمبيالة ، بل بناء على الحكم الصادر ضده. ويخضع هذا الدين الجديد للتقادم العادي ، لا للتقادم الصرفي ، ومدته خمس عشرة سنة.
2- إقرار المدين بالدين في صك مستقل :
إقرار المدين بالدين يعني اعترافه بوجوده ، وهو نوعان :
- إقرار عادي يستفاد من عبارة صريحة صدرت عن المدين ، أو يستخلص من تصرف قام به ، كالوفاء بجزء من الدين أو طلب أجل معين للوفاء به . ويجوز إثبات هذا الإقرار بكافة الطرق.
- إقرار في صك مستقل ، أي سند منفرد عن الكمبيالة يعترف فيه المدين بالدين ، وهذا السند لا يشترط فيه شكل معين ، فيمكن أن يكون رسميا أو عرفيا, ومن ثم يصلح الخطاب العادي في هذا الشأن.
(رابعا) آثار التقادم الصرفي :
يترتب على التقادم الصرفي انقضاء الالتزام الثابت بالكمبيالة ومعه ملحقاته من فوائد ومصروفات .
غير أنه يجب على المدين أن يتمسك به ، ولا يقع التقادم بقوة القانون ، كما لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام ، بل يجوز للمدين أن يتنازل عنه بعد ثبوت الحق فيه تطبيقا للقواعد العامة .
نصت المادة 424 على أنه :
" يجب على المدعى عليهم بالدين ، رغم انقضاء مدة التقادم ، أن يقرروا باليمين براءة ذمتهم من الدين إذا طلب إليهم حلفها ، وعلى ورثتهم أو خلفائهم الآخرين أن يحلفوا اليمين على أنهم لا يعلمون أن مورثهم مات وذمته مشغولة بالديون".
ويترتب على حلفهم اليمين براءة ذمتهم. أما إذا انكلوا عن الحلف سقطت دلالة قرينة الوفاء التي يقوم عليها التقادم الصرفي ووجب عليهم الوفاء بالدين رغم اكتمال مدة التقادم . وإذا نكل أحدهم دون الآخرين تعين عليه وحده سداد الدين .
الباب الثاني
السند لأمر (السند الإذني)
(Promissory Note)
تعريف :
السند لأمر ، أو السند الإذني ، هو صك مكتوب وفقا لبيانات نص عليها القانون ، يتعهد بمقتضاه شخص يسمى المحرر بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ محدد لشخص آخر يسمى المستفيد ، أو لأمره (لإذنه).
ويأخذ هذا السند الصورة الآتية :
أن السند لأمر يتضمن شخصين فقط هما : محرر السند وهو الملتزم بدفع المبلغ الثابت به ، والمستفيد وهو الدائن الذي حرر هذا السند لصالحه . ومن ثم لا توجد به سوى علاقة واحدة بين هذين الشخصين.
وبذلك يختلف السند لآمر عن الكمبيالة- وكذلك عن الشيك - والتي تتضمن ثلاثة أشخاص: الساحب والمسحوب عليه والمستفيد, وتوجد بها علاقتين بالضرورة: واحدة بين الساحب والمسحوب عليه يكون فيها الآول دائنا للثاني, واخرى بين الساحب والمستفيد يكون فيها الآول مدينا للثاني.
والسند لأمر ، مثل الكمبيالة ، أداة وفاء ووسيلة ائتمان .
التنظيم القانوني للسند لأمر :
عالج المشرع القطري السند لأمر في المواد من 425 إلى 428 من قانون المواد المدنية والتجارية الصادر في سنة 1971 .
نصت المادة 427 صراحة بقولها:
"الأحكام المتعلقة بالكمبيالة فيما يختص بتعدد نسخها وصورها وبتظهرها واستحقاقها, ووفائها ، والرجوع بسبب عدم الوفاء ، وعدم جواز منح مهلة للوفاء ، والبروتستو وحساب المواعيد وايام العمل ، والرجوع بطريق إنشاء كمبيالة رجوع ، والتقادم ، تسرى على السند لأمر, بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته .
وكذلك تسري على السند لأمر الأحكام المتعلقة بالضمان الاحتياطي ، مع مراعاة أنه إذا لم يذكر في صيغة هذا الضمان اسم المضمون ، اعتبر الضمان حاصلا لمصلحة محرر السند ".
الفصل الأول
إنشاء السند لأمر وتداوله
نعالج إنشاء السند لأمر في مبحث أول ، وتداوله في مبحث ثاني.
المبحث الأول
إنشاء السند لأمر
السند لأمر تصرف قانوني شكلي يتم بإرادة واحدة هي إرادة محرره.
(أولا) الشروط الموضوعية (إحالة)
يجب أن تتوافر في السند لأمر ذات الشروط الموضوعية المطلوبة في التصرفات القانونية عموما وهي : الرضا والمحل والسبب وتنطبق هنا الأحكام السابق دراستها في إنشاء الكمبيالة وبالأخص أحكام الأهلية اللازمة لإنشاء الكمبيالة ، وهي الأهلية الواجبة لممارسة الأعمال التجارية.
(ثانيا) الشروط الشكلية (إحالة)
لكي يكون السند لأمر صحيحا كورقة تجارية يلزم أن يكون مكتوبا. وهو نفس الحكم في الكمبيالة .
وفيما يتعلق بالبيانات الواجب أن يتضمنها السند لأمر فقد نصت عليها المادة 425 بقولها :
"يشتمل السند لأمر على نفس البيانات اللازة في الكمبيالة فيما عدا اسم المسحوب عليه ، لأن محرر السند يقوم فيه بدوري الساحب والمسحوب عليه:
1- شرط الأمر ، أو عبارة "سند لأمر" مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها.
2- تاريخ إنشاء السند ومكان إنشائه
3- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره .
4- تعهد غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود .
5- ميعاد الاستحقاق .
6- مكان الوفاء .
7- توقيع من أنشأ السند" .
ولنا هنا فقط بعض الملاحظات وهي:
(أولا) اشترطت المادة المذكورة أن يذكر في السند "شرط لأمر" كأن يقال "أتعهد بأن أدفع لأمر فلان" أو أن تذكر عبارة "سند لأمر" في متن السند نفسه. وقد قلنا في الكمبيالة إنه يجب أن يتضمن الصك لفظ "كمبيالة" .
(ثانيا) أن السند لأمر يتضمن تعهدا من المحرر غير معلق على شرط بدفع مبلغ معين من النقود (البيان رقم 4 في المادة المذكورة أعلاه) في حين أن الكمبيالة تتضمن أمرا من الساحب إلى المسحوب عليه بالدفع للمستفيد.
(ثالثا) أن السند لأمر يجب أن يذكر فيه اسم المستفيد الذي يتم الوفاء له أو لأمره . ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن يكون السند لأمر لحامله وهو نفس الحكم في الكمبيالة .
جزاء تخلف البيانات الإلزامية في السند لأمر :
نصت المادة 426 على أن :
"الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة السابقة لا يعتبر سندا لأمر ، إلا في الحالتين التاليتين .
(أ) إذا خلا السند من مكان إنشائه ، اعتبر منشأ في المكان المبين بجانب اسم المحرر.
(ب) وإذا خلا من بيان ميعاد الاستحقاق ، اعتبر الوفاء لدى الإطلاع عليه".
تعدد نسخ السند لأمر وصورة (إحالة)
اشارت المادة 427 إلى تطبيق أحكام الكمبيالة فيما يتعلق بتعدد نسخها وصورها على السند لأمر. فلا جديد يضاف هنا في هذا الشأن (راجع المطلب الثالث من المبحث الثاني من الفرع الأول في الفصل الأول الخاص بالكمبيالة).
المبحث الثاني
تداول السند لأمر (إحالة)
يتداول السند لأمر بطريق التظهير ، ويخضع في ذلك للقواعد المتعلقة بالكمبيالة في هذا الخصوص, ومن ثم يجوز تظهير السند لأمر تظهيرا ناقلا للملكية ، وينشئ هذا التظهير في ذمة المظهر التزاما صرفيا بضمان الوفاء بقيمة السند لأمر في تاريخ الاستحقاق. وهذا التظهير يطهر السند لأمر من الدفوع العالقة به. وكذلك يجوز تظهير هذا السند تظهيرا توكيليا يراد به مجرد توكيل المظهر إليه في تحصيل قيمته في تاريخ الاستحقاق. وكل ذلك على التفصيل السابق بيانه عند دراسة الكمبيالة (الفرع الثاني من الفصل الأول الخاص بالكمبيالة) .
الفصل الثاني
ضمانات الوفاء بالسند لأمر (إحالة)
لا محل في السند لأمر لمقابل الوفاء ولا للقبول ، إذ أنهما يتعارضان مع ماهيته ، لعدم وجود مسحوب عليه كما سبق القول .
وليس لحامل السند إلا الضمان الاحتياطي إن وجد. وقد أشارت المادة 427 إلى أنه تسري على السند لأمر الأحكام المتعلقة بالضمان الاحتياطي التي ذكرناها من قبل في الكمبيالة . (راجع المبحث الثالث من الفصل الثاني الخاص بالكمبيالة).
وإلى جانب الضمان الاحتياطي يعتبر جميع الموقعين ملتزمين بالتضامن تجاه حامل السند لأمر بالوفاء ، وتجاه بعضهم البعض مثلما هو الحال في الكمبيالة .
الفصل الثالث
انقضاء الالتزام الثابت بالسند لأمر(إحالة)
الوفاء هو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام الثابت بالسند لأمر ، وقد يمتنع محرر السند عن الوفاء في ميعاد استحقاق السند ، وحينئذ يجوز للحامل الرجوع على الضامنين واتخاذ الإجراءات القانونية لذلك .
كما ينقضي الالتزام الثابت بالسند لأمر بالتقادم مثلما هو الحال في الكمبيالة .
وقضت المادة 427 بتطبيق الأحكام المتعلقة بالكمبيالة الخاصة بالاستحقاق ، والوفاء, والرجوع بسبب عدم الوفاء ، وعدم جواز منح مهلة للوفاء ، والبروتستو ، وحساب المواعيد وأيام العمل ، والرجوع بطريق إنشاء كمبيالة رجوع ، والتقادم ، على السند لأمر ، بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته .
وعلى هذا فالسند لأمر يكون مستحق الدفع لدى الإطلاع ، أو بعد مدة معينة من الإطلاع ، أو بعد مدة معينة من تحريره, أو في تأريخ معين.
الباب الثالث
الشيك
(Cheque)
تعريف
الشيك هو صك مكتوب وفقا لبيانات حددها القانون يتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه (وهو دائما بنك) بأن يدفع بمجرد الإطلاع عليه مبلغا معينا من النقود لشخص ثالث يسمى المستفيد أو لأمره أو للحامل.
ويأخذ الشيك الصورة التالية :
والشيك يشبه الكمبيالة من حيث الشكل (وعلى خلاف السند لأمر) حيث يتضمن مثلها ثلاثة أشخاص هم : الساحب والمسحوب عليه والمستفيد .
كما أنه يفترض مثلها وجود علاقتين قانونيتين سابقتين على تحريره :
- الأولى بين الساحب والمسحوب عليه وتسمى الرصيد أو مقابل الوفاء والذي على أساسه يستطيع الساحب تحرير الشيك لصالح الغير،
- والثانية بين الساحب والمستفيد وتسمى بوصول القيمة ، وهى تمثل سبب التزام الساحب قبل المستفيد والتي من أجلها حرر الشيك لصالحه .
ورغم التشابه بين الشيك والكمبيالة على هذا النحو ، فإنه يوجد بينهما أوجه اختلاف تتمثل فيما يلي :
1- أن الشيك لا يسحب إلا على بنك ، ويكتب عادة على نماذج يحددها البنك المسحوب عليه وهذا ما نصت عليه المادة 432 بقولها : "الشيكات الصادرة في قطر والمستحقة الوفاء فيها لا يجوز سحبها إلا على بنك ، والصكوك المسحوبة في صورة شيكات على غير بنك لا تعتبر شيكات صحيحة".
أما الكمبيالة فلا يشترط فيها هذا الشرط ، فقد تسحب على بنك أو غيره وليس لها نماذج محددة من قبل المسحوب عليه, وإن كان العمل قد جرى على ذلك كما بينا من قبل .
2- أن الشيك يكون مستحق الوفاء دائما بمجرد الإطلاع عليه (أي بمجرد الطلب), ومن ثم يعتبر أداة وفاء فحسب ، وليس أداة ائتمان أو ضمان. وهذا ما نصت عليه المادة 475 بقولها "يكون الشيك مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع عليه ، وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن".
أما الكمبيالة فكما تكون مستحقة الدفع لدى الإطلاع ، تكون أيضا مستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الإطلاع أو من الإنشاء أو في تاريخ معين, ولذلك فهي تجمع بين كونها أداة وفاة ووسيلة ائتمان في نفس الوقت .
3- أن الشيك يجب أن يكون له مقابل وفاء (رصيد) وقت إنشائه ، لأنه مستحق الدفع دائما بمجرد الإطلاع عليه ، وهذا ما نصت عليه المادة 433 بقولها " لا يجوز إصدار شيك ما لم يكن للساحب لدى المسحوب عليه ، وقت إنشاء الشيك ، نقود يستطيع التصرف فيها بموجب شيك طبقا لاتفاق صريح أو ضمني . وعلى ساحب الشيك أو الآمر غيره بسحبه لحسابه أداء مقابل وفائه . ومع ذلك يظل الساحب لحساب غيره مسئولا شخصيا نحو المظهرين والحامل دون غيرهم". ويعتبر إصدار شيك بدون رصيد جريمة جنائية .
أما الكمبيالة فيجب أن يكون مقابل الوفاء بقيمتها موجود في تاريخ استحقاقها ، وليس في تاريخ إنشائها ، ما لم تكن مستحقة الدفع لدى الإطلاع مثل الشيك. ولا يعتبر عدم وجود مقابل الوفاء فيها جريمة جنائية لعدم النص على ذلك, إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
4- أن الشيك لا يجوز تقديمه إلى المسحوب عليه للقبول ، لأنه واجب الدفع بمجرد الإطلاع عليه ، ومن ثم يقدم للمسحوب عليه للوفاء لا للقبول .
أما الكمبيالة فتقدم عادة للقبول ، ويعتبر هذا القبول أحد الضمانات الهامة للوفاء بها حيث يكون المسحوب عليه بقبوله الكمبيالة المدين الأصلي فيها ويمثل قرينة على تلقيه مقابل الوفاء بقيمتها من الساحب .
5- أنه لا يجوز في الشيك اشتراط فوائد على مبلغه ، حيث نصت المادة 437 على أن "اشتراط فائدة في الشيك يعتبر كأن لم يكن" أما الكمبيالة فيجوز فيها ذلك.
أهمية الشيك ومزاياه العملية :
أن استخدام الشيك كأداة وفاء بدلا من النقود له مزايا عدة :
أولا- يجنب حامله خطر ضياع النقود أو سرقتها .
ثانيا- يوفر للساحب دليلا قانونيا يثبت وفاءه بدينه للمستفيد إذ يقيد في دفاتر البنك أن الشيك قد دفع لشخص معين (المستفيد) فلا يستطيع الأخير الإنكار.
ثالثا- يعتبر ضمانا جديا لحامله لما يقرره القانون من جزاء جنائي عند عدم الوفاء بقيمته بسبب انعدام الرصيد أو استرداده.
رابعا- يقلل من استخدام النقود في التعامل.
التنظيم القانوني للشيك :
نصت المادة 429 على أنه ".......... ، تسرى على الشيك أحكام الكمبيالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته". وهذا هو نفس الحكم الذي رأيناه من قبل بالنسبة للسند لأمر ، حيث أن أحكام الكمبيالة هي الشريعة العامة للأوراق التجارية مادامت هذه الأحكام لا تتعارض مع ماهيتها .
سنتتبع في دراسة الشيك نفس الخطة التي اتبعناها في دراسة الكمبيالة حتى يسهل الرجوع إلى أحكامها التي تنطبق عليه في نفس الوقت . فنبدأ بإنشاء الشيك وتداوله ، ثم ضمانات الوفاء به ، وأخيرا انقضاء الالتزام الثابت به بالوفاء أو بالتقادم .
الفصل الأول
أنشاء الشيك وتداوله
نعالج في فرع أول إنشاء الشيك ثم تداوله في فرع ثان.
الفرع الأول
أنشاء الشيك
(أولا) الشروط الموضوعية (إحالة)
يجب أن يتوافر في الشيك الشروط اللازمة لصحة التصرف القانوني عموما ، وهي الرضا والمحل والسبب, والتي سبق لنا شرحها عند دراسة الكمبيالة ، ولذلك نكتفي هنا بالإحالة عليها .
(ثانيا) الشروط الشكلية (إحالة)
(أ) الكتابة
الشيك صك مكتوب مثله مثل الكمبيالة والسند لأمر .
(ب) البيانات الإلزامية في الشيك :
حددت المادة 430 البيانات الإلزامية في الشيك فقالت : "يشتمل الشيك على البيانات الآتية:
1- لفظ "شيك" مكتوبا في متن الصك ، وباللغة التي كتب بها .
2- تاريخ إنشاء الشيك ومكان إنشائه
3- اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه) .
4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره .
5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود
6- مكان الوفاء
7- توقيع من أنشأ الشيك (الساحب)".
وقد بحثنا هذه البيانات عند دراسة الكمبيالة فنحيل ِإليها ونكتفي هنا بالملاحظات الآتية:
(أولا) أن القانون فرض هنا ذكر لفظ "شيك" في متن الصك تجنبا للخلط بينه وبين الكمبيالة التي يجب أن يذكر في متنها لفظ "كمبيالة" كما سبق أن ذكرنا .
(ثانيا) أن المسحوب عليه يجب أن يكون بنكا. وقد نصت المادة 455 على أن يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة ريال كل من سحب شيكا على غير بنك .
ويفترض الشيك انفصال شخص الساحب عن المسحوب عليه ، إلا في حالة سحبه من منشأة على منشأة أخرى مملوكة لنفس الساحب, ويشترط ألا يكون هذا الشيك لحامله حتى لا يختلط بأوراق النقد .
وقد نصت على ذلك المادة 436 فقرة ثانية بقولها : "و لا يجوز سحبه (الشيك) على ساحبه نفسه إلا في حالة سحبه من منشأة أخرى كلتاهما للساحب نفسه بشرط ألا يكون مستحق الوفاء لحامله". وهذا هو الحال في سحب البنك شيكا على أحد فروعه ، أو من فرع على فرع آخر لنفس البنك .
(ثالثا) أن الشيك يكون صحيحا ولو لم يبين فيه اسم المستفيد ، بخلاف الكمبيالة والسند لأمر اللذين يجب فيهما هذا التعيين ، ولا يترتب على غياب هذا البيان بطلان الشيك بل يعتبر شيكا لحامله. فالشيك بخلاف الورقتين السابقتين, يجوز أن يصدر لحامله منذ البداية ، ويتداول هذا الشيك بالتسليم أو المناولة .
وقد حددت المادة 435 من يجب الوفاء له بقولها :
"يجوز اشتراط وفاء الشيك :
أ- إلى شخص مسمى مع النص صراحة على شرط الأمر أو بدونه .
ب- إلى شخص مسمى مع ذكر شرط "ليس لأمر" أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى.
ج-الى حامل الشيك.
والشيك المشتمل على شرط "عدم القابلية للتداول" لا يدفع إلا لحامله الذي تسلمه مقترنا بهذا الشرط ".
كما أجازت المادة 436 فقرة أولى للساحب أن يقيم من نفسه مستفيدا في الشيك ، فيسحب الشيك لأمر نفسه حيث قالت : "يجوز سحب الشيك لأمر ساحبه نفسه ويجوز سحبه لحساب شخص آخر".
(رابعا) أن تاريخ إنشاء الشيك يمثل أهمية كبيرة في عدة أمور تتمثل في : تقدير أهلية الساحب ، والتحقق من وجود مقابل الوفاء (الرصيد) ، وحساب مواعيد تقديم الشيك للوفاء ، وحل مشكلة التزاحم على مقابل الوفاء عند تعدد الشيكات المسحوبة على مقابل وفاء واحد لا يكفي لوفائها جميعا ، وحساب ميعاد تقادم الالتزام الثابت بالشيك.
(خامسا) أن مكان إنشاء الشيك له أهمية من جانبين :
1- مواعيد تقديم الشيك للوفاء, تختلف بحسب ما إذا كان الشيك مسحوبا في قطر ومستحق الوفاء فيها ، أو مسحوبا خارج قطر ومستحق الوفاء فيها .
2- حل مشكلة تنازع القوانين في المعاملات الدولية ، إذ يخضع الشيك من حيث الشكل لقانون بلد إصداره .
ومع ذلك فإنه إذا خلا الشيك من بيان مكان إنشائه (إصداره) فلا يكون باطلا ، إذ يعتبر منشأ في موطن الساحب.
جزاء تخلف أحد البيانات الإلزامية :
حددت المادة 431 الجزاء الذي يترتب على تخلف أحد البيانات الإلزامية السابق ذكرها، فقالت إن الصك لا يعتبر حينئذ شيكا إلا في الحالتين الآتيين :
1- إذا خلا الشيك من بيان مكان الإنشاء اعتبر منشأ في المكان المبين بجانب اسم الساحب.
2- وإذا خلا من بيان مكان وفائه ، فالمكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان وفائه.
تعدد النسخ: وقد سبق بيان ذلك تفصيلا عند دراسة الكمبيالة.
نصت المادة 440 على أنه : "فيما عدا الشيك لحامله يجوز سحب الشيك نسخا متعددة يطابق بعضها بعضا ، إذا كان مسحوبا من بلد ومستحق الوفاء في بلد آخر ، أو في جزء من البلاد واقع عبر البحار أو بالعكس ، أو كان مسحوبا ومستحق الوفاء في جزء أو أجزاء مختلفة من البلد التي تقع عبر البحار ".
وأضافت المادة 441 أنه " إذا سحب شيك في أكثر من نسخة واحدة, وجب أن يوضع في متن كل نسخة منه رقمها والا أعتبرت كل نسخة شيكا مستقلا".
تزوير توقيع ساحب الشيك أو تحريف بياناته :
نصت المادة 442 على أن " يتحمل المسحوب عليه وحده الضرر المترتب على وفاء شيك زور فيه توقيع الساحب أو حرفت البيانات الواردة في متنه ، إذا لم تكن نسبة الخطأ إلى الساحب المبين اسمه في الشيك, وكل شرط على خلاف ذلك يعتبر كأن لم يكن . ويعتبر الساحب مخطئا بوجه خاص إذا لم يبذل في المحافظة على دفتر الشيكات المسلم إليه عناية الرجل العادي" .
ولبيان حكم هذا النص نقول : إن توقيع الساحب على الشيك يعبر عن رضائه بالالتزام بالشيك ، وهو من أهم البيانات التي يجب أن يتضمنها الشيك وإلا فقد قيمته القانونية كالتزام على الساحب .
الفرع الثاني
تداول الشيك
طرق تداول الشيك ( إحالة)
تتوقف طريقة تداول الشيك على الشكل الذي يتخذه :
1- فإذا كان الشيك باسم شخص معين سواء نص فيه صراحه على شرط الأمر أو لم ينص عليه, فإنه يكون قابلا للتداول بطريقة التظهير ( م 443/1).
2- وإذا كان الشيك باسم شخص معين, واشتمل على عبارة "ليس لأمر" أو أي عبارة أخرى مماثلة, فلا يجوز تداوله إلا بإتباع أحكام حوالة الحق ( م 443/2).
3- أما إذا كان الشيك لحامله, فإنه يتداول بطريق التسليم أو المناولة. ويعد الشيك لحامله إذا لم يبين فيه اسم المستفيد, أو إذا سحب لمصلحة شخص معين مع إضافة عبارة "أو لحامله" أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى ( م 435/2).
4- أما إذا اشتمل الشيك على شرط "عدم القابلية للتداول" فلا يدفع إلا لحامله الذي تسلمه مقترناً بهذا الشرط, أي لا يجوز نقله إلى شخص آخر ( م 435/3).
وتنطبق هنا أحكام التظهير التي درسناها في الكمبيالة سواء كان تظهيراً تاماً ناقلاً لملكية, أو كان تظهيراً توكيلياً, فنحيل إليها.
نضيف هنا بعض الأحكام الواردة بصفة خاصة بالنسبة لتظهير الشيك:
1- أن التظهير إلى المسحوب عليه في الشيك يعتبر مخالصة .إلا إذا كان المسحوب عليه عدة منشآت وحصل التظهير لمصلحة منشأة غير التي سحب عليها الشيك(م441).
ومعنى ذلك أنه لا يجوز للمسحوب عليه تظهير الشيك من جديد, و يعد هذا التظهير- عند وقوعه- باطلاً, وذلك لأن تلقي المسحوب عليه الشيك يفيد الوفاء به وانقضاءه, فلا يجوز بعد ذلك طرحه في التداول من جديد عن طريق تظهيره. وبالعكس, فإن تظهير الشيك للساحب أو لأي ملتزم آخر غير المسحوب عليه, لا يمنع هؤلاء من تطهيره من جديد لأن تظهيره إليهم لا يؤدي إلى انقضاء الالتزام الثابت به الوفاء ( م 443/3).
2- إن التظهير المكتوب على شيك لحامله يجعل المظهر مسئولاً عن الوفاء به ( طبقاً لأحكام الرجوع), ولكن لا يترتب على هذا التظهير أن يصير الصك شيكاً لأمر فيبقى شيكاً لحامله وينتقل بالتسليم أ المناولة (م447). وهذا الحكم لا يوجد له مقابل في الكمبيالة, لأنه لا يجوز إنشاء كمبيالة لحامله كما قلنا سابقاً .
3- أنه في حالة فقد الحائز للشيك, سواء كان لحامله أو قابلاً للتظهير فلا يلزم من آل اليه هذا الشيك بالتخلي عنه, إلا إذا قد كان حصل عليه بسوء نية أو ارتكب في سبيل الحصول عليه خطأ جسيماً ( م 448).
4- أن التظهير اللاحق لعمل بروتستو تستوجب عدم الوفاء بالشيك, أو بعد انقضاء ميعاد تقديمه للوفاء لا ينتج إلا آثار حوالة الحق المدنية ويعتبر التظهير بدون تاريخ حاصلا قبل عمل البروتستو أو قبل انتهاء ميعاد تقديم الشيك للوفاء, إلا إذا ثبت خلاف ذلك. ولا يجوز تقديم تواريخ التظهير وإن وقع ذلك اعتبر تزويراً( م 449).
الفصل الثالث
ضمانات الوفاء بالشيك(إحالة)
أن ضمانات الوفاء بالشيك تنحصر في اثنين فقط مقابل الوفاء والضمان الاحتياطي . وكل موقع على الشيك يلتزم بضمان الوفاء بقيمته على وجه التضامن مثل الكمبيالة. وتنطبق هنا جميع القواعد السابق دراستها في الكمبيالة فنحيل إليها.
نضيف فقط بعض الملاحظات المتعلقة بمقابل الوفاء في الشيك على النحو التالي:
(أولاً) أنه يشترط أن يكون مقابل وفاء الشيك موجوداً ومؤكداً وقت إنشائه لأنه واجب الدفع بمجرد تقديمه للمسحوب عليه, بخلاف الكمبيالة التي يجب أن يكون مقابل الوفاء بها موجوداً في تاريخ الاستحقاق وليس تاريخ إنشائها.
( ثانياً) أنه يجب أن يكون في مقدور الساحب التصرف في مقابل الوفاء (الرصيد) الموجود لدى البنك المسحوب عليه بموجب شيك.
( ثالثاً) يجب على الساحب أن يبقي على الرصيد لدى البنك حتى يدفع مبلغه, أو ينقضي الالتزام الثابت فيه بالتقادم.
(رابعاً) إن إثبات وجود مقابل الوفاء لدى البنك المسحوب عليه,عند الإنكار, يقع على الساحب دون غيره, على أساس أنه المسؤول عن توفيره. وفي ذلك تنص المادة 433/ 3 على انه " .. و على الساحب دون غيره أن يثبت في حالة الإنكار أنه من سحب عليه الشيك كان لديه مقابل وفاء وقت إنشائه, فإذا لم يثبت ذلك كان ضامناً وفاءه ولو عمل البروتستو بعد المواعيد المعينة ".
(خامساً) أن ملكية مقابل الوفاء الموجود لدى البنك المسحوب عليه تنتقل إلى المستفيد من الشيك بمجرد إصداره.
(سادساً) أنه يجب على كل مصرف لديه مقابل وفاء, وسلم لدائنه دفتر شيكات على بياض للدفع بموجبها من خزانته, وطبقاً للمادة 456 أن يكتب على كل شيك منها اسم الشخص الذي تسلمه.
(سابعاً) أن سحب شيك بدون رصيد كاف للوفاء بقيمته يرتب جزاء مدنياً وجنائياً على الساحب.
ونبين ذلك فيما يلي:
1- الجزاء المدني:
لا يترتب على انعدام الرصيد أو عدم كفايته بطلان الشيك, فلا يوجد نص يقرر هذا البطلان, كما أن القول بالبطلان يلحق الضرر بالحامل حسن النية لأن المظهر الخارجي للشيك لا يكشف عن انعدام او عدم كفاية الرصيد.
وطبقاً للمادة 452 يجوز للحامل أن يطلب من المحكمة الجزائية الحكم له بحقه في حالة رفع دعوى جزائية على الساحب.
2- الجزاء الجنائي:
فرض القانون جزاءاً جنائياً قاسياً على من يصدر شيكاً دون مقابل وفاء كاف للوفاء بقيمته. فتنص المادة 451 مدني تجاري على أن:
" كل من سحب بسوء نية شيكاً لا يكون له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب. أو يكون له مقابل وفاء أقل من قيمة الشيك. وكل من استرد بسوء نية بعد إعطاء البنك مقابل الوفاء أو بعضه بحيث أصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك, أو أمر وهو سيء النية المسحوب عليه الشيك بعدم دفع قيمته, يعاقب بالجزاء المقرر في قانون العقوبات".
وتنص المادة 244 من قانون عقوبات قطر رقم 14 لسنة 1971 في هذا الخصوص على أن:
" كل من أعطى بسوء قصد شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب, أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو كان الرصيد أو بعضه قد سحب بعد إعطاء الشيك بحيث أصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك, أو كان قد أمر المسحوب عليه الشيك بعدم الوفاء, يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال أو بالعقوبتين معاً".
من هذين النصين يتضح أن إصدار الشيك بدون رصيد يعتبر جريمة جنائية, وهذه الجريمة تفترض توافر ثلاث أركان هي :
أولاً: سحب الشيك
ثانياً: انتفاء مقابل الوفاء بهذا الشيك.
ثالثاً: سوء نية الساحب.
و نتناولها بإيجاز على التوالي:
أولاً: سحب الشيك ( أو إصداره )
وسحب الشيك يختلف عن إنشائه. فإنشاء الشيك هو تحريره أي كتابة بياناته كاملة. أما سحب الشيك فيعنى طرحه للتداول بتسليمه للمستفيد أو الحامل.
ويعاقب القانون على سحب الشيك بلا مقابل وفاء ( رصيد ).
( ثانياً ) أنتفاء مقابل الوفاء وقت سحب الشيك أو أصداره: والعبرة في ذلك التاريخ المذكور في الشيك كتاريخ إصداره ولو كان مذكوراً على غير الحقيقة, بأن قام الساحب بتأخير هذا التاريخ عن التاريخ الحقيقي لسحب الشيك.
ويتحقق انتفاء مقابل الوفاء في الصور الآتية:
1- عدم وجود مقابل الوفاء عند سحب أو إصدار الشيك.
2- عدم كفاية المقابل للوفاء بقيمة الشيك.
3- استرداد مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد سحب الشيك.
4- منع المسحوب عليه من الدفع, مما يفقد مقابل الوفاء شرط قابليته للتصرف فيه.
( ثالثا ) سوء نية الساحب:
ويقصد بسوء النية مجرد علم الساحب وقت سحب الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له, أو أن هذا المقابل أقل من قيمة الشيك, أو أن يسترد المقابل وهو يعلم بأن الشيك لم يدفع بعد, أو أن يأمر المسحوب عليه بعدم الدفع في غير الحالتين التي يجوز له فيهما الاعتراض على الوفاء بالشيك مع علمه بما يترتب على ذلك من عدم الوفاء بالشيك .
العقوبة
طبقا للمادة 244 من قانون العقوبات فإن عقوبة جريمة إصدار شيك بدون رصيد هي الحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو الغرامة التي لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال أو العقوبتين معاً.
وطبقاً للمادة 455 (د) مدني تجاري فإن كل من سحب شيكاً ليس له مقابل وفاء كامل سابق على سحبه يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة ريال. وهي تضاف إلى العقوبة المذكورة أعلاه.
تضمن قانون المواد المدنية والتجارية أحكاما تقرر المسئولية الجنائية للبنك المسحوب عليه في الحالتين الآتيتين:
الحالة الأولى : رفض البنك المسحوب عليه بسوء قصد وفاء شيك له مقابل وفاء ولم تقدم بشأنه أية معارضة:
فقد نصت المادة 453 على أن" يعاقب بغرامة لا تزيد على ألف ريال كل مسحوب عليه رفض بسوء قصد وفاء شيك مسحوب سحباً صريحا على خزانته, وله مقابل وفاء, ولم تقدم بشأنه أية معارضة, وهذا مع عدم الإخلال بالتعويض المستحق للساحب عما أصابه من ضرر بسبب عدم الوفاء وعما لحق ائتمانه من أذى".
الحالة الثانية: التصريح عن علم بوجود مقابل وفاء هو أقل بما لديه فعلاً. فقد نصت المادة 454 على أن "يعاقب بغرامة لا تزيد عن خمسمائة ريال كل مسحوب عليه صرح عن علم بوجود مقابل وفاء هو أقل مما لديه فعلاً".
الفصل الثالث
انقضاء الالتزام الثابت بالشيك( إحالة)
ينقضي الالتزام الثابت بالشيك- كما في الكمبيالة- بواحد من طريقتين الوفاء والتقادم.
وقد جاء التنظيم القانوني للوفاء بالشيك, والامتناع عن الوفاء به مطابقاً إلى حد كبير لأحكام الكمبيالة في هذا الخصوص.
ولهذا فإننا نكتفي هنا بعرض الأحكام التي يختلف فيها الشيك عن الكمبيالة ونحيل فيما يشتبه بها إلى ما سبق دراسته في الكمبيالة.
وسنبدأ بدراسة الوفاء بالشيك, ثم الامتناع عن الوفاء به ورجوع الحامل على الملتزمين به وأخيرا التقادم.
المبحث الأول
الوفاء بالشيك
ميعاد تقديم الشيك للوفاء :
سبق و أن ذكرنا أن الشيك, خلافا للكمبيالة, يكون مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع.
وقد حدد القانون ميعاداً قصيراً يتعين تقديم الشيك خلاله للوفاء, مراعياً في ذلك أن الشيك أداة وفاء وليس وسيلة ائتمان. وهذا الميعاد يختلف بحسب ما إذا كان الشيك مسحوبا في قطر ومستحق الوفاء فيها, أم كان مسحوباً خارج قطر ومستحق الوفاء فيها.
ففي الحالة الأولى يجب تقديمه للوفاء خلال ستة أشهر على الأكثر.
وفي الحالة الثانية يجب تقديمه للوفاء خلال ثمانية أشهر على الأكثر. ويبدأ الميعاد في الحالتين من تاريخ الإصدار المبين بالشيك ( م 458 ). ولا يدخل يوم الإصدار في حساب هذا الميعاد. وإذا صادف اليوم الأخير في الميعاد عطلة رسمية امتد الميعاد إلى أول يوم ما بعدها, أما أيام العطلة التي تتخلل الميعاد فتدخل في حسابه.
التزاحم على مقابل الوفاء:
تنص المادة 462 على انه إذا قدمت عدة شيكات في وقت واحد, وكان مقابل الوفاء غير كاف لوفائها جميعاً وجب مراعاة تواريخ سحبها,
- يجب تفضيل الشيك الأسبق فى تاريخ سحبه عن باقي الشيكات.
- وإذا كانت الشيكات المقدمة مفصولة من دفتر واحد وتحمل تاريخ إصدار واحد, اعتبر الشيك الأسبق رقماً مسحوباً قبل غيره من الشيكات. أي يجب تفضيل الشيك الأسبق في رقمه على الشيكات الأخرى وكأنه أسبق منهم في تاريخ السحب. وهذا الحكم يجوز مخالفته باتفاق الأطراف.
معارضة الساحب في الوفاء بالشيك ( إحالة )
نصت المادة 460 / 2 على انه " لا تقبل المعارضة من الساحب في وفاء الشيك إلا في حالة ضياعه أو إفلاس حامله". وهاتان الحالتان تطابقان حالتي الاعتراض على الوفاء بالكمبيالة وقد سبق لنا دراستهما تفصيلا فنحيل إليهما منعاً للتكرار.
وطبقا للمادة 461 فإنه إذا توفي الساحب أو فقد أهليته أو أفلس بعد إنشاء الشيك, فإن هذا لا يحول دون الوفاء به للحامل وفاءاً صحيحاً.
معارضة مالك الشيك لحامله في حالة ضياعه أو هلاكه:
- لا خطر على مالك الشيك الأسمى في حالة ضياعه أو هلاكه, لأن البنك لن يدفع قيمته لأي حائز, بل لصاحب الحق فيه وعليه أن يتأكد من ذلك وإلا كان مسئولاً عن الوفاء لغيره.
- أما الشيك الإذني ( أو الأمر ) الذي يضيع أو يهلك فتنطبق عليه أحكام الوفاء بالكمبيالة الضائعة السابق ذكرها.
- ولكن ضياع الشيك لحامله أو فقده يمثل خطورة كبيرة لمالكه, تتمثل في إمكانية فقد قيمته نتيجة الوفاء به من جانب البنك لحائزه بمجرد أن يقدمه إليه, وهو ملزم بذلك ولا يستطيع الامتناع عن الوفاء .