بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

ملخص كتاب ( الوساطة العقارية وتطبيقاتها القضائية للدكتور / عبدالله السيف )

 بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص كتاب ( الوساطة العقارية وتطبيقاتها القضائية للدكتور / عبدالله السيف ) 

1- الوساطة العقارية : عقد على عوض معلوم , مقابل السعاية , بين عاقدين في عقار , لا نيابة عن أحدهما.

2- التسويق : وهو معلوم.

3- السمسار : هو من يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع.

4- الدلال : قيل إنه هو السمسار , وقيل بأن الدلال هو من يزايد في الأسواق على السلعة , بخلاف السمسار الذي يتولى البيع والشراء لغيره , وقيل : بأنه لا فرق بين الدلال والسمسار وإنما العرف هو من يفرق بينهما.

5- السعي : هو العوض الذي يأخذه الوسيط مقابل عمله.

6- المناداة : وهي في الاصطلاح الفقهي يقصد بها السمسرة.

7- المكاتب العقارية : هي منشأة تقوم بالتوسط بين طرفين , بغية استفادة أحدهما من عقار.

8- أنواع الوساطة العقارية : 1- الوساطة بالبيع والشراء. 2- الوساطة بالتأجير وإدارة الأملاك. 3- الوساطة بالتطوير العقاري. 4- الوساطة بالتمويل العقاري.

9- حكم عقد الوساطة : اتفق العلماء على إباحة عقد الوساطة في الجملة , وأنها مهنة رائجة على مر العصور الإسلامية , وقد أقرها النبي صلى الله عليه وسلم , فعن قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه قال : كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نسمى السماسرة , فمر بنا فسمانا باسم هو أحسن منه , فقال ( يا معشر التجار , إن البيع يحضره اللغو , والحلف , فشوبوه بالصدقة) , وقد سئل عطاء عن السمسرة فقال : لا بأس بها .

10-  حكم عقد الوساطة العقارية المرتبط بالزمن : وهو ربط عوض الوسيط بقيامه بعمل معين في زمن معين , وعليه فيستحق العوض بانتهاء الزمن , متى أدى العمل الذي طلب منه , سواء وجد أثره من بيع ما توسط به أم لا ؟ فهذا النوع من الوساطة جائز عند المذاهب الأربعة ويكيف على أنه عقد إجارة بين الوسيط وطالب العمل , فالعوض معلوم , والعاقدان معلومان , والزمن معلوم , ودليل جواز هذا العقد عموم أدلة جواز الإجارة  ؛ لأن هذا النوع من قبيل الإجارة لا الجعالة.

11- حكم عقد الوساطة العقارية المرتبط بالعمل : عقد الوساطة العقارية المرتبط بالعمل له عدة صور : 

12- الصورة الأولى : أن يربط العوض المعين على حصول البيع أو الشراء , وهذه أشهرها , فالعوض مربوط بعمل لكنه ليس كله داخلا ضمن مقدرة العامل , بل خاضع لرغبة الغير , وهو إرادة الغير لإتمام البيع والشراء , فهذا من قبيل الجعالة , وقد اختلف العلماء في هذه الصورة على أربعة أقوال : أ- المنع : وهو المذهب عند الحنفية , ويجعلون للوسيط أجرة المثل , واستدلوا : بأنه إذا ربط أجرة الوساطة بالقيام بعمل كبيع سلعة فقد يحصل الأثر بزمن يسير , وقد لا يحصل مع قيام الوسيط بعمل كثير لتسويق السلعة ؛ لأن تمامه معلق برغبة الغير , بخلاف الإجارة على عمل فهو داخل تحت إرادة العامل. , ب- الجواز : وهو قول عند الحنفية , وهو مذهب الحنابلة , واستدلوا : بحديث قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه قال : كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نسمى السماسرة , فمر بنا فسمانا باسم هو أحسن منه , فقال ( يا معشر التجار , إن البيع يحضره اللغو , والحلف , فشوبوه بالصدقة) , وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس ( لا يبيع حاضر لباد , قال ( لا يكون له سمسارا) , فأقر النبي صلى الله عليه وسلم أصل جواز السمسرة ومنع صورة من صورها , والسمسرة في الحديثين شاملة لما كان مقدرا بزمن أو ما كان مقدرا بعمل. ج – الجواز إذا توفر شرطان , وهو قول المالكية , واشترطوا : 1- إذا كان البيع والشراء كثيرا فإنه يشترط في عوض العمل أنه يقسط حسب مقدار البيع , فلو لم يبع إلا النصف استحق نصف الجعل. 2- أن يكون قرار البيع والشراء بيد السمسار , أو يسمي البائع له ثمنا يبيع به إذا توافر , واستدلوا : بأنه إذا تخلف أحد هذين الشرطين حصل الغرر وعظم , كما يزداد أن يكون عمل الوسيط لا مردود له. , د: جواز الوساطة إذا كان العمل فيها متعب له أثر في اختلاف سعر السلعة , وهو قول الشافعية , واستدلوا : بأن العمل عموما لا يستحق الإنسان العوض عليه إلا إذا كان متعبا , وإذا كانت الوساطة بكلمة لا تتعب فليست عملا متقوما فلا يستحق الوسيط بها العوض , والراجح هو القول الثاني ؛ لأن عمومات النصوص النوية يظهر منها جواز السمسرة مطلقا , ولأن الأصل في المعاملات الحل.

13- الصورة الثانية : أن يكون العوض مقدرا من الربح حال حصوله , ويكون ذلك غالبا في حالة التطوير العقاري , فهذا من قبيل المضاربة التي أجمعت الأمة على جوازها , وقد وقع الخلاف في بعض التفاصيل وستأتي.

14- الصورة الثالثة : العمل الذي يدخل كله تحت قدرة الإنسان , كالتسويق بصفة معينة أو بعدد إعلانات معين ونحوه من غير شرط إيجاد مشتر أو بائع , فهذه الصورة جائزة عند الفقهاء لأنها من قبيل الإجارات الجائزة.

15- التخريج الشرعي لعقد الوساطة العقارية : عقد الوساطة العقارية في الجملة دائر بين الجعالة , والإجارة , والمضاربة , والوكالة بأجر , ولكل نوع من أنواع الوساطة تخريج خاص به.

16- تخريج الوساطة العقارية المتعلقة بالبيع والشراء : الوساطة العقارية المتعلقة بالبيع والشراء هي أن تكون بطلب موجه إلى الوسيط بتسويق عقار , أو جلب عقار بمواصفات معينة , والطلب على صورتين : 

17- الصورة الأولى : أن يكون العوض مقرونا بتحصيل الطلب وتمام الصفقة , فإذا ما تمت الصفقة استحق الوسيط العوض , وإذا لم تتم لم يستحق الوسيط شيئا , فقد اختلف العلماء في تخريجها , فالجمهور على أنها جعالة , وذهب بعض الحنفية على كونها إجارة , والراجح كونها جعالة.

18- الصورة الثانية : ما يكون الطلب فيه مؤقتا بزمن معين على أن للوسيط مقدارا معينا من العوض تحصّل للطالب بغيته أو لا , فالتخريج هنا على أنه إجارة.

19- تخريج الوساطة العقارية المتعلقة بالتأجير وإدارة الأملاك : الوساطة العقارية المتعلقة بالتأجير وإدارة الأملاك له عدة صور , والتخريج يختلف باختلاف الصور : 

20- الصورة الأولى : أن يعهد مالك العقار إلى الوسيط العقاري أن يقوم بتأجير عقاره على الراغبين , ويكون حظ الوسيط منقسما إلى قسمين : 1- العوض الذي يأخذه إزاء قيامه بالتأجير أول مرة. 2- العوض الذي يأخذه إزاء قيامه بمتابعة العقار واحتياجاته , ونحو ذلك إذا عهد إليه المالك , فما يأخذه الوسيط أول مرة بسبب قيامه بالوساطة في التأجير فهو من قبيل عوض الجعالة , وذلك لأنه لا يستحق إلا بتمام العمل , وهو تمام عقد الإجارة , ويحق لطالب العمل قبل تمامه أن يفسخ العقد وهذه صفات عقد الجعالة , أما العوض الثاني وهو عوض إدارة الأملاك فهو من قبيل الوكالة بأجر , التي ترجع إلى كونها إجارة ؛ لأنه قائم على عقد زمني بين مالك العقار والوسيط , يقوم الوسيط بموجبه بعمل معين في زمن معين نظير عوض معين وهذه صفات عقد الإجارة.

21- الصورة الثانية : أن يدفع عقاره إلى من يقوم بتأجيره وتسويقه إزاء نسبة من الربح حال حصوله , كحال بعض ملاك الفنادق زمنا معينا وتخريج هذه الصورة أنها من قبيل المضاربة , إذ إن العامل يعمل ولا يستحق العوض إلا حال حصول ربح , فلو لم يحصل ربح لم يستحق الوسيط شيئا , وهذا من صفات عقد المضاربة.

22- تخريج الوساطة العقارية المتعلقة بالتطوير العقاري : وهي ما تعارف عليه العقاريون من قيام الوسيط العقاري بإصلاحات في عقار محدد بغية الاستفادة من زيادة رغبة الناس فيه , سواء كانت تلك العين لشخص أو لمجموعة أشخاص , ولها صور : 

23- الصورة الأولى : أن يأخذ عوضا معلوما إزاء عمله , فهذا من قبيل الوكيل بأجر , وهو في حقيقة الأمر أجير مشترك.

24- الصورة الثانية : أن يكون حظه نسبة من الربح حال حصوله , فهذا من باب المضاربة إذ إن رأس المال قد وجد من قبل طالب التطوير والعمل وجد من الوسيط وحظه من العوض إنما هو حصة شائعة من الربح حال حصوله.

25- تخريج الوساطة العقارية المتعلقة بالتمويل العقاري : عقود الوساطة المتعلقة بالتمويل العقاري نجد أنها تكون بطلب من العميل موجه إلى شخص أو جهة بطلب إيجاد من ييسر له شراء عقار ما , كأن يوجد له من يشتري العقار من المالك بثمن حال ثم يبيعه عليه بثمن مؤجل , فيرتكز عمل الوسيط على إيجاد هذا التاجر وإقناعه بالقيام بالصفقة , وتخريج هذه الصورة أنها من قبيل الجعالة ؛ لأن العوض مرهون استحقاقه بتمام العمل.

26- التخريج النظامي لعقد الوساطة العقارية : بعد الاطلاع على لائحة تنظيم المكاتب العقارية يظهر أن المنظم جعل الوساطة مرتبطة بتمام العمل وهذا يجعله من باب الجعالة , ولم ينظر إلى التكييفات الأخرى.

27- أركان عقد الوساطة العقارية : لعقد أركان خمسة , وهي : الصيغة , العاقدان , العمل , العوض , العقار.

28- حكم الوساطة العقارية بالمزاد : الأصل في بيع المزاد هو الصحة , والجواز , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا وقال ( من يشتري هذا الحلس والقدح) فقال رجل : أخذتهما بدرهم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟) فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه , وروي عن عطاء أنه قال ( أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد ) وقد حكى الإجماع في الجواز جماعة من المسلمين كابن قدامة وابن عبدالبر.

29- مدى لزوم العقد على من وقع عليه السوم : لو أن شخصا دخل في مزاد عقاري ثم ساوم العقار بمبلغ فوق سوم الناس فلم يزد أحد على ما قال فهل يلزم السائم العقد أم لا؟ الخلاف في هذه المسألة عائد للخلاف في مسألة خيار المجلس , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- أنه يلزم البيع بمجرد وجود القبول للسوم من البائع , ولا يحق للمشتري التراجع بعد ذلك ولو كان في المجلس , وهو قول الحنفية والمالكية , واستدلوا : بقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة .. ) فقد أباح الله الأكل بالتجارة عن تراض مطلقا عن قيد التفرق عن مكان العقد, وكذلك أن البيع من العاقدين صدر مطلقا عن شرط , والعقد المطلق يقتضي ثبوت الملك في العوضين في الحال فالفسخ من أحد العاقدين يكون تصرفا في العقد الثابت بتراضيهما أو في حكمه بالرفع والإبطال من غير رضا الآخر وهذا لا يجوز , ولهذا لم ينفرد أحدهما بالفسخ والإقالة بعد الافتراق كذا هذا. , ب- أنه لا يلزم السائم البيع مادام في مجلس العقد وله الخيار لأن بيع المزاد نوع من أنواع البيع , والبيوع عموما يثبت فيها خيار المجلس وهو قول القائلين بخيار المجلس , وهم الشافعية والحنابلة , واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) فالنبي صلى الله عليه وسلم أثبت للمشتري الخيار ما دام في مجلس العقد وأولى منه السائم الذي لم يعقد البيع , وهذا هو الراجح , لكن لو تم الاتفاق قبل دخول المزاد على لزوم البيع بمجرد قبول البائع فإن الاتفاق حينئذ صحيح لأنه اتفاق على إسقاط حق المشتري من الخيار وهو سائغ , وهو مفاد قوله صلى الله عليه وسلم ( أو يخير أحدهما الآخر).

30- إذا افتتح الوسيط المزايدة بثمن معين ليزيد الماس عليه من غير تغرير بالمشتري ووضوح الحال له , فهذا جائز.

31- حكم المزايدة على السلعة ممن لا يريد الشراء : هذا من النجش المحرم.

32- حكم المزايدة على السلعة ممن لا يريد الشراء لتبلغ قيمتها : اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- الجواز , رفعا للغبن عن البائع. , ب- التحريم ؛ لدخولها في النجش المحرم , ولأن السلع عادة لها هامش تزيد فيه وتنقص حسب رغبة الناس فيها وحسب العرض والطلب , وهو الراجح.

33- حكم مزايدة الوسيط لنفسه أو لكونه وكيلا أو شريكا : حين يطلب من الوسيط المزايدة على العقار يوكل إليه البيع على صاحب أعلى سعر , فقد يعن له أن يشتري هذا العقار لنفسه أو له ولشريكه أو لوكيله , فما الحكم في هذه المسألة ؟ هذه المسألة متعلقة بحكم شراء الوكيل من موكله أو بيعه على موكله , فقد اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال : أ- أنه لا يجوز له حتى لو أذن له الموكل , وهو قول الحنفية , والشافعية , واستدلوا : بأن الوكيل متهم في بيعه وشرائه من نفسه , وكذلك عدم انتظام الإيجاب والقبول من شخص واحد , والبيع فعل شرعي متعد إلى مبتاع ومبيع فلا يقوم بمفعولين. , ب- أنه إذا علم بذلك رب المال جاز , وكذلك إذا اشتراه الوكيل بعد تناهي الرغبات , وهو قول المالكية , ورواية عند الحنابلة , واستدلوا : أنه بالإذن تنتفي التهمة , ومثله إذا تناهت الرغبات., ج- أنه ليس للوسيط المزايدة والشراء في هذه الحال إلا بإذن وعلم الموسط , وهو قول بعض المالكية , والمذهب عند الحنابلة , واستدلوا : بأن العرف في العقد أن يعقد مع غيره فحمل التوكيل عليه , ولأن عقد التوكيل مع نفسه تلحقه به تهمة , ويتنافى عنده الغرضان فلم يجز كما لو نهاه , وهو الراجح.

34- حكم الاتفاق بين الوسطاء والمشترين على ترك المزايدة لتحصيل العقار بسعر معين : لهذه المسألة صورتان :

35- الصورة الأولى : أن يتفق جميع المزايدين أو من لهم تأثير على السوق كشيخ السوق ونحوه على ترك المزايدة , فهذا محرم لما فيه من الإضرار بصاحب السلعة , والضرر مزال في الشريعة.

36- الصورة الثانية : أن يتفق اثنان أو بعض المزايدين ممن ليس لهم تأثير على السوق على الباقين فهذا ليس بمحرم ؛ لأنه ليس به غلق لباب المزايدة.

37- حكم اشتراط مبلغ معين غير مسترد من دخول المزاد : ولهذا المسألة حالان : 

38- الحال الأولى : أن يكون المقصد من المبلغ المدفوع أن يكون جزء من الثمن لمن وقع عليه السوم , وضمانا لجديته وأما من لا يقع عليه السوم فيرد له المال المدفوع بعد المزاد فهذا جائز.

39- الحال الثانية : أن يكو المال المدفوع يفوت على دافعه , وقع عليه السوم أم لا , فإن كان على مقدار التكلفة الفعلية للدفاتر المخولة لدخول المزاد فيها فهذا جائز , وأما إن كان فوق التكلفة الفعلية فهو من قبيل الغرر الذي يحتمل الغنم بالعقد أو الغرم.

40- استحقاق الوسيط في حال تعدد الوسطاء : إذا قام الوسيط العقاري بوساطة عقارية لشراء عقار أو بيعه بناء على طلب مقدم من شخص , ثم فيما بعد تحصل لهذا الشخص بغيته ببيع العقار أو شرائه عن طريق وسيط آخر , بعيدا عن آثار عمل الأول , فهل للوسيط الأول المطالبة بعوض وساطة ؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- أن للوسيط العقاري الأول جزء من العوض بقدر جهده وعنائه , وهو قول لبعض الحنفية والحنابلة , واستدلوا : بأن العامل الأول قد عمل , فلا ينبغي أن يضيع جهده سدى بعد أن تم البيع ., ب- أن الوسيط الأول لا يستحق شيئا , وقال به بعض فقهاء الحنفية والحنابلة , واستدلوا : بأن الجعالة لا يجب فيها العوض إلا بتمام العمل , ولم يتم العمل من قبل الأول , فلا يستحق شيئا وإنما تم من قبل الثاني , وكذلك أن أهل الخبرة والتجار لا يرون لهذا أجرا , وهو الراجح.

41- إذا رفض البائع البيع عن طريق الوسيط الأول قاصدا حرمانه من العوض فتم البيع من نفس المشتري : فإنه في الحال يثبت له العوض ؛ لأن في ترك ذلك إضرارا بالأول وحرمانه من الحق الذي انعقد سببه , والضرر مزال في الشريعة.

42- إذا كانت وساطة الثاني مكملة لوساطة الأول : فلو قام اثنان أو أكثر بأعمال وساطة عقارية بين بائع ومشتر فتمت الصفقة فكان عمل بعضهم مكملا للآخر , فقد ذهب جمهور العلماء على أن العوض بينهما بالسوية ؛ لأن العمل في أصله مجهول فلا يمكن رعاية مقداره في التقسيط. .

43- إذا تعدد الوسطاء وكان بعض الوسطاء أصحاب شخصية معنوية : مثل لو قام مكتبان بأعمال وساطة عقارية بين بائع ومشتر فتمت الصفقة , فكان عمل بعضهما مكملا للآخر , لكن أحد المكتبين يعمل فيه اثنان بشخصية معنوية واحدة , بينما المكتب الآخر يعمل فيه شخص واحد , فالنظر يقتضي أن الثلاثة قد عملوا فجمعيهم مستحق للعوض , لكن اختلف في تقسيم العوض على نظرين عرفيين : أ- أن يقسم العوض بين شخصيتين فقط , وعلل لذلك : بأن المكتب الذي يعمل في اثنان بشخصية واحدة كالكيان الواحد فهو مستقل بكيانه , والآخر كيان مستقل كذلك , وكذلك أن هذا هو ما عليه العرف. , ب- أن العوض يقسم على ثلاثة رؤوس , وعلل لذلك بأن العمل كان من الثلاثة جميعا جميعا , ولا مزية لواحد عن اثنين , والأول هو الراجح.

44- المستحق للعوض حال تفاوت الجهد البدني بين الوسطاء : لو قام اثنان بأعمال وساطة عقارية بين بائع ومشتر , فتمت الصفقة , وكان عمل بعضهم يسيرا مقابل عمل الآخر , فمن المستحق للعوض ؟ هذه المسألة لها ثلاثة أحوال : 

45- الحالة الأولى : أن يشترط المجتهد قبل تمام العقد على بقية الوسطاء العقاريين أن له مزية عنهم في الجعل حال حصوله , فهذا له شرطه على الصحيح , وسيأتي.

46- الحالة الثانية : ألا يشترط , ويكون طلبه بعد تمام الصفقة , ويرضى بقية الأطراف تقديرا لجهوده , فهم على ما تراضوا عليه.

47- الحالة الثالثة : ألا يشترط , ويكون طلبه بعد تمام الصفقة , ولا يرضى بقية الأطراف , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- أن العوض يقسم بينهما بحسب عنائهما , وهو قول عند الحنفية , وقول المالكية , والظاهر عند الشافعية , وقول عند الحنابلة , واستدلوا : بأن العوض في مقابل العمل , فإذا تجزأ العمل بين أفراد , تقسط العوض بمقدار عملهم. , ب- أن العوض يقسم بينهما بالسوية , وهو قول لبعض الشافعية , والمذهب عند الحنابلة , واستدلوا بأن العمل في أصله مجهول , فلا يمكن رعاية مقداره في التقسيط , وكذلك أن عملهم شبيه بشركة الأبدان , والأصل فيها القسمة على التساوي ما لم يقض شرط بخلافه , والراجح أن يقال : إن افترقا بعناء يسير فلا عبرة به , والأصل عدم الالتفات إليه , أما لو كان عناء كبيرا فيعتبر إذ إن بعض العناء قد يكون سببا كبيرا لتمام الوساطة , ويكون جهده أشد من جهد الوساطة.

48- المستحق للعوض حال تفاوت الجهد المالي بين الوسطاء : فلو أن مجموعة من الوسطاء قاموا بالتوسط لإتمام صفقة عقارية إلا أن بعضهم كان منه أن تكلف بمصاريف مالية لإتمام الصفقة أكثر من بعض كتذاكر طيران وإقامة فندق ونحوه ؟ الحكم في المسألة كالحكم في المسألة السابقة.

49-  المستحق للعوض حال توسط وسيط بسعر , ثم توسط وسيط غيره بسعر أقل , لهذه المسألة أحوال : 

50- الحال الأولى : أن يكون عمل الثاني من غير تحديد للعقار من راغب الشراء , فهنا العوض مستحق للثاني , لأن عمل الثاني منفك عن الأول , وليس في ظاهر الحال , ما يوحي بوجود حيلة لمنع الوسيط الأول من حقه.

51- الحال الثانية : أن يكون عمل الثاني بإيعاز من راغب الشراء وتحديد للعقار , فإن الوسيط الأول له دور في حصول الصفقة , فلولاه لما رغب بالشراء , فالواجب على راغب الشراء أن يكون طلبه موجها للوسيط الأول بطلب المفاوضة وتقليل السعر , وله في ذلك احتمالات : 1- أن يأبى الوسيط الأول محاولة تقليل السعر إعراضا عن الصفقة , فهنا يسقط حق الأول لتفريطه ؛ ولأن عوض الوساطة في هذه الحال إنما هو عوض جعالة لا يستحق إلا بتمام العمل., 2- إذا كان الوسيط الأول يظن عجزه عن تقليل السعر , فقام به الوسيط الثاني , فهنا يقسم العوض بينهما لاشتراكهما في العمل. 3- إذا كان راغب الشراء قد طلب من وسيط آخر الوصول إلى المالك, بعيدا عن الوسيط الأول , فيظهر والحالة هذه أن مقصده إسقاط حق الوسيط الأول بعد قيامه بجزء كبير من العمل , و لا يحق لراغب الشراء هذا العمل , وعليه فإن الوسيط الأول مستحق للعوض , وللثاني أجرة المثل ؛ لأن حق الأول انعقد سببه , وقيام المشتري بالالتفاف عليه إضرار بالوسيط , والضرر مزال في الشريعة.

52- المستحق للعوض حال توسط وسيط من غير إقناع , ثم توسط غيره بإقناع : كما لو أن وسيطا عقاريا توسط لإتمام صفقة بين بائع ومشتر إلا أنه لم يوفق بإقناع المشتري , فتوسط فيما بعد وسيط عقاري آخر لنفس العقار وبنفس السعر لكنه امتاز عن الأول بأن أقنع أطراف عقد الوساطة , وبالأخص المشتري فإلى من يؤول عوض الوساطة؟ هذه المسألة تحتمل نظرين : أ- أن الوسيط الأول ليس له حق في العوض , وعلل لذلك بأن الوساطة الأولى انتهت بعرض الوسيط الأول وعدم رغبة المشتري بالشراء., ب- أن الوسيط الأول له حق في العوض , وعلل لذلك بأن الوسيط الأول قد قام بجمع من أركان الوساطة من تحصيل العقار للمشتري , وربطه بالمالك ونحوه , فإذا ما أخفق في إقناع المشتري أو البائع بالبيع فإن هذا لا يعني ذهاب جهده في بقية العمل سدى فحقه ثابت , والراجح من الناحية الفقهية أن المشتري إن عدل عن الصفقة كليا فإن الأول لا يستحق شيئا ؛ لأنه جعالة وعوض الجعالة لا يرتب إلا إذا تم العمل عن طريق العامل , أما إذا كانت الصفقة في نفس راغب الشراء ولكنه متردد فجاء الوسيط الثاني فأقنعه فإنه يظهر والحالة هذه أنهما يشتركان في العوض., أما من واقع عمل أهل الخبرة فإنهم يقسمون العوض بينهما في كلتا الحالتين سواء صرف راغب الشراء النظر أم لا ؛ لقيام الأول بالدلالة ولربط الثاني بين النيتين , وما رجحه الباحث هو ما عليه أهل الخبرة ؛ لأن عدم الأخذ بهذا يؤدي إلى إشكالات كثيرة فكثير من الناس لا يتحمض قصده بالعدول من عدمه , بل يبقى في قلبه بقية رغبة ثم إن ذلك يؤدي أحيانا إلى التضييع المتعمد لكامل حق الأول من قبل المشتري بدعوى عدم الاقتناع.

53- المستحق للعوض إذا دُل على عقار من قبل وسيطين متفاوتين في وقت متقارب , فأراد الصفقة عن طريق الثاني برا به : فلو أن شخصا يرغب في شراء عقار , فجاءه وسيطان في زمنين مختلفين متقاربين بعقار واحد يحمل تلك المواصفات , والوسيطان لا صلة بينهما فأراد راغب الشراء التواصل مع المالك عن طريق الوسيط الثاني برا به لقرابته أو صداقته أو نحو ذلك فإلى من يكون العوض ؟ الظاهر من كلام أهل العلم أن الوسيط الأول الذي أحضر العقار هو الأحق بأن يتم البيع عن طريقه ؛ لأنه قام بعمل الوساطة على أتم وجه , وسبق غيره بذلك , ولا يحق لراغب الشراء إضاعة جهده سدى بغية بر غيره.

54- إذا توسط وسيطان بزمنين مختلفين في عقار لشخص لم يتمكن من شرائه إلا في زمن عرض الأخير منهما : اختلف في هذه المسألة على رأيين : أ- أنه ليس للوسيط الأول عوض ؛ لأن الوسيط الأول قد انتهى عمله بانتهاء العرض الذي لم يوافقه قبول., ب- أنه يجب للوسيط الأول عوض ؛ لأنه قد قام بعمل الوساطة على ذات العقار الذي اشتراه المشتري., والراجح أن يقال بأن لهذه المسألة حالتين : 1- أن يكون المشتري ناسيا لعرض الوسيط الأول , فهنا ليس للوسيط الأول عوض ؛ لأن عمله انتهى بانتهاء العرض الذي لم يوافق على قبوله , ولم ينس المشتري العرض إلا لأنه قد صرف النظر عنه., 2- أن يكون المشتري ذاكرا لعرض الوسيط الأول فهنا لابد من إخبار الوسيط الثاني أنها معروضة عليه من قبل شخص آخر إثباتا لحقه ولا يلتفت إلى عرض الوسيط الثاني.

55- ربط الوسيط للمشتري بوسيط آخر لإتمام صفقة معينة , فأتما صفقة أخرى : لو أن شخصا طلب من وسيط عقاري تحصيل عقار فلم يكن عنده , وبغية الراغب في الشراء عند صاحب للوسيط , فتواصل الوسيطان واتفقا على أن يري الراغب عقارا معينا , فرآه ولم يعجبه , ثم عرض الثاني على الراغب عقارا آخر فأعجبه فتمت الصفقة , فمن المستحق للعوض ؟ اختلف في هذه المسألة على رأيين : أ- أن الوسيط الأول مستحق لجزء من العوض عن أول صفقة تتم ؛ لأنه لولا الوسيط الأول لما وصل المشتري إلى الوسيط الثاني , ولما تمت الصفقة , ومجرد إرسال راغب الشراء يعتبر عملا., ب- أن الوسيط الأول لا يستحق من العوض شيئا ؛ لأن الوسيط الأول وإن كان وسيلة لإتمام الصفقة في العقار إلا أنها لم تتم , وإنما تمت في عقار آخر لا علم له به فكان عمله وسيلة إلى وساطة وليس وساطة , والراجح هو الثاني ما لم يكن هناك عرف أو شرط.

56- ربط الوسيط للمشتري بوسيط آخر لإتمام صفقة فأتما صفقتين : فلو أن شخصا طلب من وسيط عقاري تحصيل عقار فأرسله إلى وسيط آخر عنده عقار يحمل مواصفات العقار , فتمت الصفقة على هذا العقار وعلى عقار آخر دله عليه الوسيط الثاني دون علم الأول , فهل للوسيط الأول عوض وساطة على العقار الثاني؟ . الحكم فيها كالحكم في المسألة السابقة , والراجح أن العوض يختص بالثاني باعتبار الجهد والعمل.

57- المستحق لعوض الوساطة إذا عرض الوسيط على الزبون عقارا فلم يعجبه , فعرض المالك على الزبون عقارا آخر : الحكم في هذه المسألة كالحكم في ما قبلها , والراجح أنه ليس للوسيط عوض وساطة لأن عمله لم يتم في العقار الذي توسط فيه.

58- ربط الوسيط للمشتري بوسيط آخر , لإتمام صفقة , فأتمها ورتب عليها تبعات مالية منفصلة : لو أن وسيطا أرسل مشتريا لإتمام صفقة فأتمها , ثم إن الوسيط الثاني رتب على العقار صفقة أخرى كتأجير أو إدارة أملاك , فهل للوسيط الأول عوض وساطة عن التبعات المالية المنفصلة , الخلاف في المسألة كالتي قبلها , والراجح أن العوض في الصفقة الثانية يختص بالوسيط الثاني ؛ لأن وساطة الأول إنما هي على الصفقة الأولى دون ما رتب لها.

59- المستحق للعوض إذا رأى المشتري علامة الوسيط العقاري الدالة على وساطته , لكن تواصل مع المالك من غير صاحب العلامة : فقد جرت عادة الوسطاء العقاريين أن يجعلوا علامة على العقارات المفوض إليهم تسويقها تحمل عنوانهم أو أرقامهم , فيعلم راغب الشراء إرادة المالك بيع العقار , فتواصل الراغب مع المالك مباشرة بغية سقوط عوض الوساطة , فهل لصاحب اللوحة – الوسيط – عوض ؟ اختلف في هذه المسألة على نظرين : أ- أن الوسيط مستحق للعوض ؛ لأن الوسيط قد قام بالعمل المنوط به , وهو التسويق للسلعة , وبذل لذلك جهدا من مظاهره وجود هذه العلامة أو غيره , وعلم المستفيد برغبة المالك بالبيع أو التأجير إنما كان عن طريق هذا الوسيط فهو مستحق للعوض ؛ لأنه قام بالعمل المنوط به., أنه غير مستحق للعوض ؛ لأنه لم يقم بالجمع بين ذات البائع وذات المشتري , ولم يحضر عقد البيع , وكذلك أن الوسيط قد فرط في حفظ حقه إذ يستطيع أن يبرم مع المالك حق التسويق الحصري فيستحق العوض مطلقا بمجرد بذله للجهد في التسويق , والراجح أن الوسيط مستحق لعوض الوساطة.

60- إذا علم وسيط بنية البيع عن طريق وسيط آخر , فتواصل مع المالك ليكون وسيطا مباشرا : فلو علم شخص برغبة المالك بالبيع عن طريق وسيط آخر , فتواصل مع المالك مباشرة لا لشرائه , بل ليكون وسيطا مباشرا بغية إسقاط حق الوسيط الأول من عوض الوساطة مع أنه لم يعلم بنية البائع إلا عن طريق الوسيط الأول , فمن المستحق للعوض ؟ الخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة , والراجح أن الوسيط الأول مستحق لجزء من عمل الوساطة لأنه اشترك في العمل بإخباره , والإخبار عمل.

61- استحقاق الوسيط لعوض الصفقة الثانية إذا عرض على المشتري أكثر من عقار لمالك اشترى أحدهما حالا , وبعد فترة تواصل مع المالك مباشرة لشراء غيره , فهل للوسيط عوض وساطة في الصفقة الثانية والثالثة أم لا ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن يختلف الحال بين ما لو كانت العقارات الأخرى قد تم عليها الوساطة سابقا من قبل الوسيط , وبين ما لو كانت العقارات الأخرى معروضة من المالك مباشرة ولم يتوسط بها الأول سابقا , فإن كانت العقارات قد تم عليها الوساطة سابقا من قبل الوسيط , فإن للوسيط حينئذ العوض ؛ لأن الوسيط قد قام بالواجب عليه وهو الدلالة فثبت له العوض , أما إن كانت العقارات قد عرضت عليه من المالك ولم تعرض عليه من الوسيط فلا حق للوسيط في عوض الوساطة ؛ لأنه لم يقم بالوساطة على العقار المشترى., ب- أنه ليس له العوض مطلقا في غير الصفقة الأولى ؛ لأن المشتري لما تواصل مع المالك لشراء أحد العقارات فإنه بذلك أصبح لصيقا به وبذلك تنتفي الوساطات بينهما حتى لو كانت على عقارات معروضة على المشتري من قبل , والراجح هو الأول.

62- المستحق لعوض الوساطة في وسيط أوصل شخصا إلى وسيط آخر , وجعله يتواصل معه مباشرة من غير تحديد سلعة : فلو أن وسيطا عقاريا أوصل راغبا للشراء إلى وسيط آخر , وقال لراغب الشراء : اذهب إلى فلان وستجد بغيتك , فذهب إليه ووجد بغيته وتمت الصفقة , فهل للأول حق في عوض الوساطة أم لا : هذه المسألة لها حالتان : أ- أن يكون بينهما اتفاق أو عرف , فيعمل به ., ب- ألا يكون بينهما اتفاق أو عرف ففي هذه الحال فلا يستحق الوسيط الأول أي عوض ؛ لأن الوسيط الثاني هو من قام بالوساطة الحقيقة , وعمل الوسيط الأول إنما هو دلالة على الوسيط الحقيقي.

63- استحقاق الشريك في الشراء لجزء من عوض الوساطة المدفوع من قبل شريكه لقيامه بعرض الشراكة عليه : فلو أن وسيطا عرض على شخص عقارا , فقال الراغب : لن أشتريه لوحدي بل سأدخل معي شريكا , فهل للشريك الأول حق في عوض الوساطة ؟ اختلف في هذه المسألة على رأيين : أ- أن للشريك الذي عرض على شريكه الدخول معه في الشراء جزء من عوض الوساطة ؛ لأن الشريك الثاني حينما أراد شراء الجزاء المشاع من العقار فإنه ما علم به ولا اقتنع إلا بجهد مبذول من الشريك الأول., ب- أن العوض للوسيط الأول وحده وليس للشريك حق الدخول في العوض ؛ لأن الشريكين كالذات الواحدة في الشراء والبيع , والأصل أن الشخص لا يأخذ عوض وساطة في شرائه لنفسه , والراجح الأول .

64- استحقاق العوض للوسيط الأجير لدى باذل العوض : فلو أن مشتريا طلب من عامل عنده يستحق نفعه زمنا معينا تحصيل عقار بمواصفات معينة , فقام هذا العامل بتحصيل العقار فهل لهذا العامل عوض إزاء وساطته ؟ اختلف في هذه المسألة على رأيين : أ-أنه ليس للوسيط عوض ؛ لأن منافع الوسيط مستحقة للمستأجر ؛ ولأنه إذا ساغ أخذ العوض فإنه سيقصر في عمله , وينصرف عن عمله الأساسي إلى أعمال الوساطة., ب- التفصيل فإذا كان مقتضى العمل الذي استأجره عليه يقتضي منه القيام بخدمة المستأجر ككونه قائما بشؤون المستأجر الميدانية أو ما شابه ذلك أو كان أجيرا لأمور أخرى وفرغ من عمله فترة للبحث عن عقار فإن العامل ليس له عوض وساطة وله عوض أجرته , أما إن كان مجرد أجير لعمل من الأعمال مستقل عن الوساطة ثم قام بالوساطة في غير وقت دوامه ففي هذه الحال يكون له عوض وساطة ؛ لأن عمله مستقل عما استؤجر لأجله , وهو الراجح.

65- استحقاق العوض للوسيط الأجير لدى الطرف الآخر : لو أن شخصا عُرض عليه عقار من قبل شخص يعمل أجيرا لدى مالك العقار , فهل لهذا العامل أجرة وساطة تجاه قيامه بالعمل وهو تحصيل العقار ؟ اختلف في هذه المسألة أربعة آراء : أ- إذا كان الوسيط مستأجرا لدى البائع لأعمال لا تتعلق بالوساطة فإنه مستحق لعوض الوساطة أما إن كان عمله في تسويق عقارات مالكه أصلا فلا يستحق عوض الوساطة ؛ لأن عمله في الحالة الأولى منفك عما استأجره المالك عليه , فلا تداخل بين العملين , أما في الحالة الثانية فإنه لما كان مستأجرا لدى المالك لتسويق العقارات فإنه بذلك أصبح وكيلا عن المالك في التسويق وربما البيع والوكيل بمنزلة الأصيل , والأصل أن الإنسان لا يستحق العوض في تسويق عقاره., ب- أن العامل يستحق العوض مطلقا ؛ لأن من سيبذل العوض ليس من استأجره فالعامل وإن كان أجيرا لدى البائع إلا أنه ليس بأجير لدى المشتري الذي سيبذل العوض عرفا., ج- أن الوسيط إن كان وكيلا بالبيع فلا يستحق , وإلا فإنه يستحق ؛ لأن الوسيط إذا كان وكيلا في البيع فإنه كالمالك والأصل أن المالك لا يستحق العوض , أما إن لم يكن وكيلا فإنه مستحق لأن الأصل أن عمله يقابل بعوض., د- أن العامل لا يستحق العوض مطلقا ؛ لأن القول باستحقاق العوض باعث له عن الانشغال عن عمله الأساسي وسبب لتقصيره., والراجح الأول.

66- استحقاق العوض لناظر الوقف : لو أراد ناظر الوقف شراء عقار تابع للوقف إما نقلا لمصلحة أو لأن الريع مخصص لشراء وقف جديد أو لغيره , فهل له الدخول في عوض الوساطة ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن ناظر الوقف يعامل كالمشتري فلا يستحق عوض الوساطة ؛ لأن الناظر في حقيقة الأمر نائب عن الواقف – المشتري- والمشتري لا يستحق من عوض الوساطة شيئا, ولأنه عادة ما يكون له جزء من ريع الوقف نظير القيام بمصالحه وتتبع الأفضل يعد من مصالح الوقف, ولأنا إذا فتحنا له باب حق التحصل على العوض كله أو المشاركة فيه فقد يكون ذريعة ألا يبحث عن العقار الأفضل وإنما ما فيه مصلحة له., ب- أن يعامل ناظر الوقف كوسيط وعليه فيستحق العوض فهو أحد أسباب إتمام الصفقة ؛ لأن أحكام الناظر تختلف عن أحكام المالك ؛ ولأن الأصل في الناظر الأمانة ولذا فإنه يؤجر ويقبض والحيل كثيرة لا يمنعها إلا تقوى الله., والراجح الأول.

67- حكم المشاركة بين أصحاب المكاتب العقارية : بحيث يتشاركون في العوض سواء وقع العمل منهم أو من واحد منهم , هذا النوع من الشركات هو ما يسميه الفقهاء شركة الدلالين وهي نوع من أنواع شركة الأبدان , فقد اختلف العلماء على ثلاثة أقوال : أ- أن شركة الدلالين غير جائزة , وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة , واستدل الحنفية بأن أخذ الأجر على تمام البيع والشراء لا يجوز من حيث الأصل فكيف تجوز المشاركة فيه, واستدل الشافعية  بقوله تعالى ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها) وأن مبنى الشركة على اختلاط المالين وإذا سوغ للإنسان أن يأخذ كسب غيره وقع في الغرر., واستدل الحنابلة بأن فيها توكيلا من المتقبل للوساطة لغيره من غير إذن المالك وهذا لا يسوغ., ب- أن شركة الدلالين جائزة إذا كانوا مجتمعين في العمل أما إذا انفرد واحد بالعمل فلا تجوز وهو قول المالكية , واستدلوا : بأن في تجويز الشركة مع افتراقهم في العمل مزيد غرر , أما حال الاجتماع فهو مبني على الأصل في شركة الأبدان وهو الجواز., ج- أن شركة الدلالين جائزة مطلقا , وهو وجه عند الشافعية وقول عند الحنابلة , واستدلوا : بعموم قوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ) , وأثر عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ( اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر فلم أجئ أنا وعمار بشيء وجاء سعد بأسيره) وهذا دليل على أن شركة الأبدان جائزة , وهو الراجح.

68- استنابة الوسيط لغيره فيما فوض إليه من حيث الأصل : إذا طُلب من الوسيط العقاري القيام بوساطة ما , فهل له أن يوكل إلى غيره مهمة العمل الذي أسند إليه؟ هذه المسألة لا تخلو من أحوال : أ- أن يوجد شرط بين الطرفين يفيد تمكين الوسيط من توكيل غيره أو عدمه , فقد لا يسمح وقت الوسيط بالعمل فيشترط تمكينه من إيكال المهمة إلى غيره لأنه أدعى لحصول المقصود , فهنا يعمل بالشرط., ب- ألا يوجد شرط بين الطرفين وإنما توجد قرائن أو أعراف وعادات فهذه حكمها حكم الشرط , وتدخل في باب الجعالة., ج- ألا يوجد شرط ولا عادة ففي هذه الحالة يختلف الحكم تبعا لاختلاف تكييف العقد لما يلي : 1- إن كان تعاقدهما يكيف على أنه أجير خاص – كأن يستأجر شخص للقيام بالوساطة مدة معلومة لا يستحق أحد فيها نفعه , ففي هذه الحالة لا يجوز له إنابة غيره ؛ لأن التعاقد على عمله بعينه., 2- أن يكيف التعاقد على أنه أجير مشترك , فهنا له أن ينيب غيره لأن العمل واجب في الذمة., 3- أن يكون التعاقد على سبيل الجعالة فهنا له أن ينيب غيره لأن الجعالة تدخلها النيابة., 4- أن يكون التعاقد على سبيل المضاربة : فيسوغ للمضارب على الراجح أن يوكل غيره بالعمل لأن المضارب أمين, وهو قول الحنفية والحنابلة , خلافا للمالكية والشافعية الذين يعللون بأن رب المال رضي بخبرة الوسيط الأول وأمانته فليس له أن يوكل غيره.

69- شهادة الوسطاء العقاريين : شهادة الوسيط العقاري تختلف من حال لحال , أ- إن كانت شهادة الوسيط لا تجر لأنفسهم نفعا , ولا تدفع عنهم ضرا , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : 1- أن الأصل عدم قبول شهادتهم إلا من علم عدالته منهم وهو قول الحنفية , واستدلوا بأن الكذب جار على ألسنتهم كثيرا ولذا لا تقبل شهادتهم., 2- أن الأصل قبول شهادتهم إلا من علم عدم عدالته , وهو قول عند الحنفية , وقول المالكية والحنابلة , واستدلوا : بأن الأصل في المسلم العدالة و لا نخرج عن هذا الأصل إلا بدليل , وهو الراجح., ب- إذا كانت شهادة الوسيط العقاري تجر لنفسه نفعا أو تدفع عنه ضرا , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : 1- أنها غير معتبرة , وهو قول الحنفية , وأكثر المالكية , وقول الشافعية والحنابلة , واستدلوا : بأن الدلال متهم بالحرص على ما فيه حصول العوض أو كثرته بالنسبة له فيشهد به., 2- أنها معتبرة ولو جرت لنفيه نفعا أو دفعت عنه ضرا وهو قول عند المالكية , واستدلوا : بأنه ما دام الوسيط عدلا فقوله معتبر , والراجح الأول.

70- شروط العمل في عقد الوساطة العقارية : يشترط للعمل وهو ركن في الوساطة التجارية ما يلي : 1- أن يكون العمل – وهو الوساطة – دائرا في فلك العقارات., 2- تأكد الوسيط من سلامة العقد الذي يراد منه التوسط لإيقاعه., 3- أن يكون العمل معلوما., 4- أن يكون العمل مباحا., 5- أن يكون العمل متقوما بأن تكون منفعة الوسيط متقومة ؛ لأن الوساطة شرعت لحاجة الناس وما كان غير متقوم فلا حاجة للناس به.

71- باذل عوض الوساطة في تجديد العقد : جرت العادة أن يأخذ الوسيط عوضا في تجديد العقد قدره عادة أقل من عوض التأجير أول مرة ؛ لأن جهد الوسيط في أقل , ويبذل العوض من قضى بالعرف بذلك , والعرف في بلادنا أن عوض التوثيق يدفعه المستأجر.

72- عوض الوساطة في الاستثمار لمدد طويلة : لو أن وسيطا ربط بين مستثمر ومالك للعقار لمدة طويلة , نظير مبلغ يتفقان عليه إما معجلا أو مقسطا على سنوات , فما المبلغ المستحق للوسيط , هل ينظر لمجموع المبالغ أم أجرة سنة واحدة ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن الوسيط يستحق عمولته من الصفقة باعتبار السنة الأولى فحسب ؛ لأن عقد الإجارة فيما بقي وإن كان لازما من حيث الأصل لكنه محتمل للفسخ , ولأنه ربما كان مجموع المبالغ التي وقع عليه عقد التأجير أعلى من قيمة العقار لو تم بيعه , وهذا كائن في المدد الطويلة ومعلوم عادة أن عمولة الوسيط من البيع أعلى من عمولته من التأجير مما يؤكد أنه إنما يستحق من العوض عوض السنة الأولى فقط , وهو ما نصت عليه المادة الخامسة من لائحة تنظيم المكاتب العقارية., ب- أن الوسيط يستحق عمولة الصفقة باعتبار جميع السنوات ؛ لأن الصفقة تمت على مجموع السنوات و لا فرق بين السنة الأولى وما بعدها , وهو الذي يميل إليه المؤلف.

73- حكم عقود إدارة الأملاك : عقد الأملاك : هو عقد بين مالك ووسيط , يقوم الثاني بموجبه باحتياجات العقار وجلب الكراء من المستأجرين نظير عوض يتفقان عليه, والأصل في هذا العقد الجواز ؛ لأن الأصل في المعاملات الحل والإباحة ؛ ولأن العوض المبذول في العادة معلوم.

74- صفة الوسيط في عقد إدارة الأملاك : وفيه ثلاث حالات : أ- إذا كانت الصيانة على الوسيط العقاري , فيكيف العقد على أنه عقد صيانة , فحينما يكون الوسيط مسؤولا عن صيانة العقار فإن ذلك يحتمل حالتين : 1- أن يكون مسؤولا عن الصيانة المعتادة فقط كإصلاح الإنارة وأدوات السباكة الظاهرة ونحوه وهذه جائزة ؛ لأن الغرر فيها يسير وهي من قبيل الإجارة., 2- أن يكون مسؤولا زيادة على ما سبق عن جميع التلفيات سواء كانت معتادة أم غير معتادة مما يعظم فيه الغرر , فهذه من قبيل التأمين التجاري المحرم ؛ لعظم الغرر., ب- إذا كانت الصيانة على المالك فيكون دور الوسيط عبارة عن إشراف ومتابعة , ويكيف على أنه عقد إجارة , والأصل في الإجارة الإباحة., ج- إذا كانت الصيانة على المستأجر , فإن كان المقصود بالصيانة اليسيرة المتوقعة مما الغرر فيه يسير فهذه جائزة , وإن كانت كبيرة كإصلاح ما نهدم من البناء ونحوه فهذه لا تجوز  لأن ما استؤجر عليه مجهول , والغرر فيه كبير.

75- صفة الوسيط في التطوير العقاري : التطوير العقاري : هو قيام الوسيط العقاري بإصلاحات على عقار محدد ؛ بغية الاستفادة من زيادة رغبة الناس فيه سواء كان العقار المطور لشخص أو مجموعة أشخاص ., وصفته تختلف من حال إلى حال , فإذا طلب من الوسيط العقاري تحديدا القيام بعملية التطوير وفق مواصفات معينة وأجرة معينة فهذا العقد من قبيل الإجارة , وإن قال المالك : من قام بتطوير أرضي من الوسطاء فله كذا من غير تحديد للعامل فهي من قبيل الجعالة , وإن دفع مالك الأرض إلى الوسيط العقاري الأرض بعد تقييمها ليقوم الوسيط بتطويرها وللوسيط نسبة من الربح حال حصوله فهي من قبيل المضاربة.

76- إدخال الوسيط العقاري مشاركين بأموالهم في عملية التطوير : ولها صور : أ- أن تكون مهمة الوسيط العقاري هي جمع الأموال من الناس , فيكون منهم المال ويكون منه العمل وهو شراء الأرض ومن ثم التطوير ويكون عوضه جزء مشاعا من الربح فهذه جائزة ؛ لأنها من قبيل المضاربة., ب- أن يكون الوسيط العقاري شريكا بماله وعمله فيشترون الأرض جميعا ويختص هو بعمل التطوير ؛ وهذه جائزة لأنها من قبيل المضاربة والعنان., ج- أن يشتري الوسيط العقاري الأرض ثم يبيعها على الناس بنفس سعر مشتراه ويكون شريكا لهم بعمله إذ يقوم بتطويرها , فهذه جائزة ؛ لأنها جمعت بين البيع والمضاربة وكلها عقود جائزة., د- أن يشتري الوسيط العقاري الأرض ثم يدخل الناس شركاء معه بربح ويخبرهم بأنه ربح منهم , أو يعلمون من قرائن الحال أنه باع لهم حسب السعر المناسب وليس حسب مشتراه ويرضون بذلك , فهذه جائزة ؛ لأنها جمعت بين البيع والعنان والمضاربة وكلها عقود جائزة., ه- أن يشتري الوسيط العقاري الأرض ثم يدخل الناس شركاء معه بربح , ولا يخبرهم بأنه ربح منهم , وهم يظنون أنه أدخلهم بنفس سعر مشتراه , وهذه الصورة محرمة  ؛ لأنها داخلة تحت التدليس فهو لم يخبرهم بواقع الحال , ولأن فتح هذا الباب يؤدي إلى الغبن والنزاع بين الناس , ولأن الوسيط في هذه الحال سيكون وكيلا عن المساهمين وليس للوكيل أن يبيع لموكله أو يشتري  منه بغير إعلامه بحقيقة الحال.

77- هل يجوز للوسيط أن يأخذ من المشاركين عوضا للوساطة نظير قيامه بعرض الشراكة عليه : يأخذ بعض الوسطاء المطورين من المشاركين معه عوضا تحت بند ( عوض وساطة ) , وعوض الوساطة يحتمل أمرين : أ- العوض الذي بذله هو لشراء الأرض , فهنا له أن يأخذه منهم على أنه رأس مال., ب- العوض الذي يطلبه بعض الوسطاء نظير إدخالهم في الأرض , فهنا يحتمل أمرين : 1- أن يبين لهم ذلك ويشترط عليهم أو يوجد عرف عام منتشر بذلك فهذا جائز فالمسلمون على شروطهم., 2- ألا يبين لهم ذلك و لا يوجد عرف بذلك , فهنا لا يجوز له أن يأخذ عوضا عن الوساطة لأنه هو البائع حقيقة ولا يحق للبائع أن يأخذ عوض الدلالة ما لم يشترط أو يقضي بذلك عرف.

78- إذا دخل المطور على أنه مضارب فما حكم ربح رأس المال الحاصل قبل بدء العمل في التطوير : فلو أن وسيطا عقاريا أقنع أناسا بشراء أرض ثم دفعها إليه ليقوم بتطويرها كمضارب على أن له نسبة من الربح حال حصوله , وبعد شراء الأرض وقبل البدء في التطوير ارتفع سعر الأرض , فقرروا بيعها من غير تطوير فهل للوسيط نصيب من الربح؟ الخلاف في هذه المسألة عائد للخلاف في مسألة المضاربة بالعروض , فقد اختلف فيها العلماء على قولين : أ- حرمة المضاربة بالعروض وهو قول الجمهور ؛ لأنه إما أن يكون الربح مختصا بصاحب رأس المال وحده ؛ لأن النماء مستحق بالمال والعمل , وقد وجد المال , ولم يوجد عمل , فاستحق من وجد فيه أحد أسباب الربح دون من لم يوجد فيه., وإما أن يشتركا الربح وهذا داخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن., ب- إباحة المضاربة بالعروض وهو رواية عند الحنابلة ؛ لإمكان تقييمه عند العقد فليس ثمة ما يمنع من استحقاق العامل للربح حينئذ لأن العامل يغرم التلف الحاصل للمال قبل البدء بالعمل بأن يجبر هذا النقص من الربح المستقبلي إن حصل , فكما غرم هنا فلا مناص من غنمه هناك عملا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( الخراج بالضمان ) وهو الراجح.

79- المصاريف الإدارية والإعلامية لعملية التطوير : يجوز للوسيط العقاري المطور للأرض أن يأخذ كلفة المصاريف الإدارية والإعلامية من المبالغ المرصودة للتطوير ؛ لأن هذا جزء من التطوير إلا أن يقضي شرط أو عرف أو قرائن أو نحو ذلك.

80- صفة الوسيط العقاري في إيجاد التمويل العقاري : فنظرا لأن أغلب طالبي الشراء لا يتمكنون من شراء العقارات من أموالهم الخاصة فيبحثون عمن ييسر لهم شراء العقار فتكون مهمة الوسيط هي إيجاد قناة يستطيع من خلال المستفيد أو طالب الشراء القدرة على الشراء بثمن مؤجل مقسط ويأخذ الوسيط نظير قيامه بهذا العمل مبلغا مقطوعا أو نسبة من مبلغ التمويل, وصفة هذه المعاملة أنها من قبيل الجعالة لأن استحقاق العوض مرهون بتمام العمل , والسؤال هل المجاعل عليه من الأعمال الجائزة أم لا ؟ عند النظر في هذه المعاملة نجدها لا تخرج عن مسألة مرابحة الآمر بالشراء , والراجح جوازها ما لم يكن الوعد ملزما.

81- استحقاق عوض الوساطة بتمام العمل أم بمجرد العقد : لو أن شخصا طلب من وسيط عقاري القيام بعمل نظير عوض معين فهل الوسيط يملك العوض بمجرد العقد أم بتمام العمل؟ هذه المسألة لها ثلاثة أحوال : أ- إذا طلب منه القيام بعمل معين ورتب العوض على حصول العمل , فهنا عدم العمل يعني عدم العوض ؛ لأنها من قبيل الجعالة., ب- إذا طلب منه العمل زمنا معينا ورتب العوض على مجرد العمل الذي يقدر عليه الوسيط كالتسويق من غير نظر إلى حصول ما لا قدرة عليه كالبيع والشراء أو كان العوض مرتبا على الوساطة زمنا معينا , ففي هذه الحالة اختلف العلماء في هذه المسألة : تحرير محل النزاع : إذا وجد شرط أو ما ماثله من تعجيل الأجر أو تأجيله وجب العمل بمقتضى ذلك , أما إذا لم يوجد شيء من ذلك , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : 1- أن العوض لا يملك بالعقد بل بتمام العمل , وهو قول الحنفية والمالكية , واستدلوا : قوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) فالله سبحانه أمر بإيتائهن بعد الإرضاع , وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر , ورجل باع حرا فأكل ثمنه , ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجرا) فالله سبحانه وتعالى توعد على الامتناع من دفع الأجر بعد العمل , فدل على أنها حالة الوجوب., 2- أن العوض يملك بالعقد , وهو قول الشافعية والحنابلة , واستدلوا : بالقياس على المستأجر فكما يملك المستأجَر بالعقد على المنفعة فكذا المؤجر , وكذلك أن الإجارة عقد لو شرط في عوضه التعجيل أو التأجيل اتبع فكان مطلقه حالا كالثمن في البيع , وكذا القياس على الصداق فإنه يملك بالعقد., ج – عوض الوساطة إذا كانت على سبيل المضاربة : فالأصل في الشركات وخاصة المضاربة عدم تقسيم الربح إلا بعد التصفية والتنضيض ؛ إذ به يتبين الربح من عدمه , أما قبل ذلك فالمال معرض للتلف والخسارة.

82- عوض الوساطة إذا أقال البائع المشتري من الصفقة بعد تمامها : فلو أن وسيطا عقاريا توسط بين اثنين لإتمام صفقة متعلقة بعقار فتمت الصفقة واستحق بتمامها العوض ثم إن أحد المتبايعين طلب من الآخر إقالته فأقاله من غير ظهور عيب في السلعة فهل يرجع على الوسيط ؟ هذه المسألة لها أحوال : أ- إن كانت الوساطة على سبيل الإجارة فإن الإجارة تستحق بمضي الزمن في الأجير الخاص , وبوجود العمل في الأجير المشترك., ب- إذا كانت الوساطة على سبيل الجعالة فلا يرد الجعل ؛ لأن العوض أخذ بناء على عمل صحيح وقد تم بتمام العقد فلا يؤثر فسخه فيما بعد , ويتحمل عوض الوساطة من طلب الإقالة.

83- إذا فسخ البيع لا بسبب الإقالة وإنما لأن أحدهما استعمل حقه في الخيار أو لعيب ونحوه : فلو أن وسيطا عقاريا توسط في عقار ثم تبين للمشتري أن العقار معيب , فهل يرد الوسيط العوض المأخوذ بسبب وساطته أم لا ؟ تحرير محل النزاع : إن كانت الوساطة على سبيل الإجارة فإن الإجارة تستحق بمضي الزمن في الأجير الخاص وبوجود العمل في الأجير المشترك , وإن كانت على سبيل الجعالة فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : أ- أن عوض الجعالة مستحق للوسيط العقاري ما لم يكن البيع موقوفا وهو مذهب الحنفية وقول عند المالكية , واستدلوا : بأن الوسيط استحق العوض بتمام العمل وقد حصل فثبت له العوض., ب- أن الأصل أنه ما دام أن البيع فسخ بسبب عيب أو خيار وحكم القاضي بالرد فإنه يرد , ما لم يكن الرد بسبب تدليس من البائع لم يعلم به الوسيط فإن البائع حينئذ يعامل بأضيق الأمرين ويتحمل العوض و هو مذهب المالكية , واستدلوا : بأنه لا يستحق شيئا لأنه لم يتم السبب الموجب لحصوله العوض وهو العيب المانع من لزوم البيع بالنسبة للمشتري ومثله الخيار , وأما استحقاقه حال التدليس فلأن المدلس يعامل بأضيق الأمرين., ج- أن العوض يرد مطلقا ؛ لأن البيع لم يتم , وهو مذهب الحنابلة , واستدلوا : بأن البيع وقع مترددا بين اللزوم وما دام كذلك فلا يستحق من تسبب به شيئا , وكذلك اعتمادا على قاعدة ( إذا تبين فساد العقد بطل ما بني عليه وإن فسخ فسخا اختياريا لم تبطل العقود الطارئة قبل الفسخ), والراجح الثاني ؛ لما فيه من عدل.

84- صفة الوسيط في قبض العربون : الوسيط حينما يقبض من راغب الشراء أو الاستئجار عربونا , فإنما يقبضه بصفته وكيلا عن المالك في ذلك , أو وكيلا عن راغب الشراء أو الاستئجار , فيكون وكيلا عن المالك إذا رضي المالك بالبيع بالسعر المتفاهم عليه ودفع المشتري أو المستأجر العربون بناء على ذلك , ويكون وكيلا عن راغب الشراء أو الاستئجار إذا قبض الوسيط العربون ليثبت له وللمالك جدية راغب الشراء أو الاستئجار.

85- المستحق للعربون حال عدم إتمام المشتري للصفقة : حينما يطلب راغب الشراء حبس الصفقة لصالحه مدة من الزمان ويدفع عربونا لذلك على أنه إذا أحضر بقية المبلغ وإلا فالعربون يفوت عليه , ففي حال لم يتم المبلغ فإلى من يئول العربون ؟ هذه المسألة لا ترد إلا عند من يقول بصحة بيع العربون , واختلف في ذلك على ثلاثة آراء : أ- أن كل العربون يذهب إلى البائع ولا يستحق الوسيط منه شيئا ؛ لأن العربون كان مقابل حبس سلعته مدة من الزمن فعوضا عن هذا الضرر استحق العربون , ولا يستحق الوسيط شيئا ؛ لأن الصفقة لم تتم., ب- أن يكون مآل العربون مناصفة بين البائع وبين المكتب العقاري ؛ لأن البائع استحق النصف عوضا عن حبس السلعة أما الوسيط فيستحق النصف عن ذهاب جهده., ج- أن جميعه يذهب للمالك , وعليه أن يدفع للمجاعل عوضا عن جعالته ؛ لأن الأصل في العربون أن يكون للبائع لكن لا ينبغي أن ذهاب جهد الوسيط سدى بل إن له مقدارا من العوض خصوصا وأن جهده كان لأجل رواج سلعة البائع , وهو الراجح.

86- استحقاق العوض بقيام الوسيط بتوثيق الصفقة : وهذه المسألة يتفرع عنها مسائل : 

87- المسألة الأولى : حكم أخذ العوض على كتابة الوثيقة مستقلا عن عوض الوساطة ؟ اتفق العلماء على جواز أخذ الأجرة على كتابة الوثيقة ؛ لقوله تعالى ( وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد ) ؛ ولأنها من قبيل الإجارات الجائزة.

88- المسألة الثانية : دخول كاتب الوثيقة في عوض الوساطة : سواء قلنا بأن الوساطة هي جعالة أو إجارة فإن الموثق لا يستحق شيئا من عوض الوساطة وليس له المطالبة بالدخول شريكا فيها ؛ لأن التقريب بين إيجاب البائع وقبول المشتري لم يحصل من قبله وإنما كان عمله محصورا في التوثيق لذا فهو لا يستحق سوى الأجرة المتفق عليها وإن لم يتفق فأجرة المثل.

89- المسألة الثالثة : إذا كان كاتب الوثيقة هو الوسيط هل له أن يشترط عوضا لكتابة الوثيقة منفصلا عن عوض الوساطة ؟ : اختلف في ذلك على رأيين : أ- أن للموثق المطالبة قبل التوثيق بعوض للتوثيق منفصل عن عوض الوساطة ولهما حينئذ القبول وإعطاؤه ما طلب أو الرد وفض الصفقة أو توثيقها عند غيره مع استحقاق الوسيط الأول لعوض الوساطة ؛ لأن عمل التوثيق منفصل وزائد على عمل الجعالة الذي هو التقريب بين إيجاب بائع وقبول مشتر., ب- أن الوسيط لا يستحق المطالبة بمزيد من العوض نظير قيامه بالتوثيق خصوصا إذا كان عوض الوساطة هو الحد الأعلى الذي سعره ولي الأمر وهو 2.5% ؛ لأن عمل الوساطة له عدة مهام مثل التقريب بين البائع والمشتري وبين إرادتيهما والوقوف على الأرض ,ومن ذلك التوثيق , كما أن ولي الأمر جعل من مهام الوسطاء القيام بالتوثيق كما في المادة السادسة من تنظيم المكاتب العقارية , وهو الراجح.

90- استحقاق العوض بقيام الوسيط بنقل أوراق الصفقة : حينما تتم مبايعة في الأوساط العقارية يتطلع كل من له علاقة بهذه الصفقة إلى الارتباط بعوضها ومن ذلك محاولة الذين لم يقوموا بعمل سوى نقل أوراق الصفقة للاستفادة من عوض الوساطة فهل لهم حق الاستفادة من هذه الصفقة ؟ الكلام في هذه المسألة على حالتين : أ- إذا كان هناك مريد للبيع ومشتر محتمل وبينهما وسيط يحاول إقناع الطرفين بإتمام الصفقة ,وفي أثناء ذلك طلب من أحد من الماس أن ينقل أوراقا متعلقة بالصفقة كصورة الصك أو الرفع المساحي ونحوه , فالناقل في هذه الحال إنما هو قائم بعمل محدد طلبه منه الوسيط وهو مجرد النقل ففي هذه الحال ليس له دخل بالوساطة العقارية وإنما هو أجير لدى الوسيط وله حق المطالبة بعوض أجرة المثل سواء تمت الصفقة أم لا., ب- أن يكون الناقل للأوراق قد حف نقله بأعمال تتعلق بالوساطة سواء كان هو الوسيط الأساسي أو مرسل من وسيط وطلب منه الوسيط الأساسي القيام بأعمال الإقناع والشرح ونحوه ففي هذه الحال يظهر أنه قام بعمل الوساطة فله الحق بالاستفادة من عوض الوساطة وليس له المطالبة بأجرة المثل على عمله.

91- استحقاق العوض بكون الوسيط مقيمّا للعقار : فلو أن وسيطا من الوسطاء طُلب منه القيام بتقييم عقار لرغبة أحدهم في الشراء دون أن يكون له علاقة بإيصال المشتري للعقاري أو لمالكه فهل له المطالبة بجزء من عوض الوساطة نظير قيامه بالتقييم؟ اختلف في هذه المسألة على رأيين : أ- أن له حق الدخول في عوض الوساطة ؛ لأن تقييم المقيم من متممات الشراء في كثير من الأحيان ولولا حصول التقييم من قبل شخص ثقة ؛ لامتنع كثير من المشترين من الشراء فالتقييم أحد أسباب الشراء وأسباب الشراء من الوساطة., ب- ليس للمقيم حق الدخول في عوض الوساطة وإنما له الحق في طلب أجرة التقييم ؛ لأن عمل المقيم حصل بعد وصول طالب العقار للعقار , ومحط عمل الوساطة هو التوسط لإيصال المشتري إلى العقار ومالكه بغية إتمام الصفقة أما التقييم فهو أمر زائد على الوساطة , وهو الراجح.

92- استحقاق العوض بكونه أقنع أطراف عقد الوساطة بإتمام الصفقة : فلو أن وسيطا عقاريا لم يكن له من العمل في إتمام الصفقة إلا أنه أقنع طرفي عقد البيع , فهل لهذا الإقناع الذي حصل بعد وصول المشتري إلى المالك ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن له حقا في عوض الوساطة ؛ لأن فعله من أفعال الوسطاء العقاريين , وكذلك أن الأصل في عمل الوسيط أنه تم بنظر من دافع العوض ولو شاء لأوقفه من عمله والأصل في مثل هذا أن تكون هذه الأعمال بمقابل إلا أن تدل قرائن على التبرع., ب- أنه ليس للوسيط حق في عوض الوساطة : لأن أصل الوساطة هي الربط بين المتعاقدين , والإقناع أمر زائد عليه , والربط حصل قبل فعله.

93- استحقاق الوسيط العوض إذا لم يقم بعمل سوى إيصال طالب العقار إلى المالك : فلو أن شخصا رأى عقارا وطلب شراءه ولم يتمكن من الوصول إلى المالك إلا عن طريق شخص أوصله إليه , وليس لهذا الشخص أثر في دلالة المشتري على ذات العقار فهل له حق في عوض الوساطة ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن الوسيط الموصل لا يستحق شيئا من عوض الوساطة وإنما له أجرة المثل في الإيصال ؛ لأن راغب الشراء وصل إلى العقار بنفسه فلم يكن من الموصل عمل في إيصال راغب الشراء إلى العقار وإنما وصل بنفسه , وإيصاله للمالك أمر زائد عن القدر الأساسي من عمل الوساطة., ب- أنه يجب للموصل قدر من العوض بقدر عنائه منسوب إلى أصل العمل ؛ لأنه لولا وجود الوسيط وإيصاله المشتري إلى المالك لما تحصل لراغب الشراء تملك العقار ومن أهم أعمال الوساطة ربط راغب الشراء بالمالك , والأول أقرب.

94- استحقاق الوسيط للعوض إذا دل المشتري على عقار ثم رفض الوسيط فيما بعد التواصل مع راغب الشراء : فلو أن وسيطا قام بتحصيل عقار لراغب الشراء , ثم لم يتواصل مع راغب الشراء قصدا لظنه عدم جديته ونحو ذلك فتواصل راغب الشراء مع المالك وأتم الصفقة , فهل للوسيط عوض , اختلف فيها على رأيين : أ- أن الوسيط مستحق للعوض ؛ لأنه قام بالعمل الأساسي للوساطة , وهو إيصال راغب الشراء إلى العقار., ب- أن الوسيط غير مستحق للعوض ؛ لأن الوساطة العقارية من مقتضياتها الوقوف مع الصفقة حتى إتمامها أما أن يعرض عنها ويرفض التواصل لظنه عدم الجدية ثم يطالب بالعوض فإنه ليس له ذلك , فالمجاعل إن لم يتم العمل فلا شيء له.

95- استحقاق الوسيط إذا عرض عقارا ثم عابه وحاول صرف همة المشتري عن شرائه إلى شراء غيره فاشتراه الزبون : فلو أن وسيطا تواصل مع راغب الشراء وأراه عقارا وأبدى استعداده لربطه بالمالك لكنه لعد أن أوصله حاول صرف همة المشتري عن شرائه إلى شراء غيره إما لكونه يملك العقار الثاني أو لكون عمولته في العقار الثاني أكثر , فهل يكون هذا مسوغا لحرمانه من الجعل ؟ الذي يظهر أن له العوض كاملا ؛ لأن عمله غالبا لا يدرى أعلى سبيل المشورة أم غيره , ثم إنه قام بأركان الوساطة من إيصال المشتري وربطه بالمالك , وكونه لم يتعامل بمهنية كاملة مع الصفقة لا يعني نقصان عوضه منها.

96- إذا دُل المشتري من قبل شخص على عقار فلم يعجبه فرأى الذي بجانبه وأعجبه : فهل للوسيط الحق في المطالبة بعوض الوساطة ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن الوسيط مستحق للعوض ؛ لأنه لولا عمل الوسيط لما وصل المشتري إلى العقار الذي نال إعجابه , فعمل الوسيط كان سببا لحصول المشتري على بغيته., ب- أن الوسيط غير مستحق للعوض ؛ لأن عمل الوسيط كان موجها إلى العقار الذي دل المشتري عليه أما وصول المشتري إلى العقار الآخر فلا علاقة مادية للوسيط بها وإنما هي علاقة قدرية , وهو الراجح.

97- شروط العوض في عقد الوساطة : 1- أن يكون العوض معلوما للمتعاقدين علما تنتفي معه الجهالة ويمتنع معه النزاع مستقبلا سواء كان علمه برؤية أو صفة. 2- أن يكون العوض مملوكا لدافعه أو مأذونا له التصرف فيه , فلا يجوز أن يجعل عوض الوساطة عينا مملوكة لغيره بغير إذنه. 3- أن يكون المدفوع متقوما شراع بأن يكون مباحا طاهرا , فلا يجوز دفع العوض من الأشياء التي أهدرت الشريعة قيمتها. 4- القدرة على تسليم العوض ؛ لأن ما لا يقدر على تسليمه لا يصح جعله عوضا في باب الوساطة لشبهه بالمعدوم ويفضي إلى النزاع والشقاق.

98- تكييف العوض في الوساطة العقارية : العوض في الوساطة العقارية يختلف تكييفه حسب صورة العقد وهو لا يخرج عن ثلاثة أحوال : 

99- الحالة الأولى : أن تكون صورة العقد على سبيل الجعالة , كأن يقول : من باع لي أو اشترى فله كذا وكذا , ولا يستحق العامل العوض إلا بحصول البيع , فالعوض في هذه الحالة عوض جعالة يأخذ أحكامها.

100- الحالة الثانية : أن تكون صورة العقد على سبيل الإجارة , كأن يقول : من عمل لي وساطة عقارية مدة كذا وكذا , أو لو ربط العوض بعمل معين وحدد العامل وكان العمل داخلا كله ضمن قدرة العامل , فالعقد في هذه الحال عقد إجارة وهو لازم من حيث الأصل , والعوض في هذه الحال عوض إجارة.

101- الحالة الثالثة : أن تكون صورة العقد على سبيل المضاربة , كأن يدفع مالك الأرض إلى الوسيط الأرض بعد أن يقوم بتقييمها على أن يقوم الوسيط بتطويرها أو تسويقها على أن له الربح الزائد عن رأس المال نسبة مشاعة , فهذا من قبيل المضاربة ويأخذ أحكامها.

102- تقدير العوض بمبلغ معين : فلو أن باذلا للعوض قال للوسيط العقاري : إن قمت بكذا فلك كذا وكذا مبلغا مقطوعا فما الحكم ؟ الحكم في هذه المسألة راجع إلى تكييف العقد على النحو التالي : 

103- أولا : إن كان تكييف العقد جعالة : كأن يربط العوض بحصول البيع والشراء مما لا يقدر عليه الوسيط كله , فالخلاف في هذه المسألة راجع إلى الخلاف في مسألة الجعالة والتي أجازها الجمهور ومنع منها الحنفية.

104- ثانيا : إن كان تكييف العقد إجارة : كأن يربط العوض المعين بالوساطة زمنا معينا أو بعدد معين من الإعلانات , فهذا العمل من قبيل الإجارة , ويجب هنا أن يكون العوض معلوما وهذا جائز عند الأئمة الأربعة.

105- ثالثا : إن كان تكييف العقد مضاربة : كأن يقول : طور أرضي التي تقيًّم الآن بكذا , فإن ظهر ربح فلك منه كذا وكذا - مبلغا معينا- فهذا غير جائز بالاتفاق لأنه ربما يؤدي إلى أن يختص أحدهما بالربح دون الآخر , علاوة على أن من شرطت له دراهم معلومة ربما توانى في طلب الربح لعدم استقادته من الربح.

106- تقدير العوض بنسبة معينة : فلو أن شخص قال للوسيط : بع هذا العقار , وعوض وساطتك هو عمولة قدرها 2.5 من قيمة البيع أو اتفقا على غير هذه النسبة فما الحكم ؟ اختلف في هذه المسألة على قولين : أ- التحريم , وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ؛ لأن في العقد جهالة , فلا يدري الوسيط العقاري كم عوضه تحديدا., ب- الإباحة , وقال به بعض المالكية ورواية محتملة عند الحنابلة , واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها. فدلالة الحديث أنهم لا يعلمون مقدار الارج فقد يزيد وقد ينقص ولكنهم يعلمون مقدار مالهم إن زاد أو نقص , وهو الراجح.

107- تقدير العوض بما زاد عن الثمن المسمى : فإذا طلب مالك عقار من وسيط عقاري القيام ببيع عقار أو تأجيره بسعر كذا وما زاد عن الثمن المسمى فهو للوسيط العقاري عوضا عن وساطته , فما حكم أن يكون هذا الفارق بين الثمن المسمى والثمن الحقيقي عوضا عن الوساطة ؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- أن تسمية العوض بهذه الطريقة غير سائغ وللعامل أجرة المثل على عمله , وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية , وقول الحنفية مبني على أصلهم بفساد الجعالة , أما المالكية والشافعية فاستدلوا بأن الأجر مجهول ويدخله الغرر في جوده وعدمه فضلا عن مقداره , فالوسيط لا يدري هل يوجد فارق أو لا وإذا وجد فكم مقداره وهذا من الغرر المنهي عنه., ب- أن تسمية العوض بهذا الطريقة سائغ , وهو مذهب الحنابلة , واستدلوا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : بع هذا الثول فما زاد على كذا وكذا فهو لك. والراجح في ذلك التفريق فإن كانت السلعة تساوي الثمن المسمى أو أكثر فأراد أن يحثه ويبره فالقول بالجواز سائغ , وإن كانت السلعة تساوي أقل من الثمن المسمى لكن أراد المالك أن يربح قدرا معينا وأن يجعل فضل الربح إن حصل للوسيط فهذا لا يجوز.

108- اشتراط مشاركة البائع للوسيط بما زاد عن الثمن المسمى : كأن يقول صاحب السلعة للوسيط : بعها بكذا وأزيد , فإن بعته بأزيد فالزيادة بيني وبينك فما الحكم ؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- أن العقد فاسد وهذه الصورة ممنوعة , وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية ومقتضى قول الشافعية , فالحنفية بناء على أصلهم بفساد الجعالة , واستدل المالكية والشافعية بأن الأجر مجهول ويدخله الغرر في وجوده وعدمه فضلا عن مقداره فالوسيط لا يدري هل يوجد فارق أو لا وإذا وجد فكم مقداره وهذا من الغرر المنهي عنه., ب- جواز هذه الصورة , وهو قول مخرج على مذهب الحنابلة وقول لابن سيرين , واستدلوا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : بع هذا الثول فما زاد على كذا وكذا فهو لك , والجواز في هذه الصورة أولى من المسألة السابقة لتحديد العوض , والراجح في ذلك كالترجيح في المسألة السابقة.

109- ترك تقدير العوض : يشترط في عقود المعاوضات تقدير العوض منعا للنزاع وسدا لباب الخصومات , فإذا ترك تقدير العوض فما الحكم ؟ لهذه المسألة أحوال : 

110- الحال الأولى : أن يتفقا على أن المعاملة كانت على سبيل المعاوضة , فهنا له أجرة المثل عند أهل العلم.

111- الحال الثانية : الاختلاف إذا كان بدعوى التبرع , بأن يدعي العامل أن عمله للحصول على الأجرة , بخلاف العميل الذي يقول : ظننته متبرعا , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أربعة أقوال : أ- أن العامل لا يستحق شيئا مطلقا , ولا يعتبر إجارة وإنما هو تبرع , وهو قول أبي حنيفة والشافعية  وقول عند الحنابلة , واستدلوا : بأنه لم يلتزم عوضا فصار كقوله : أطعمني فأطعمه., ب- أن له أجرة المثل مطلقا , وهو قول المالكية ووجه عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة ؛ لأن العامل عمل ابتغاء الأجر , فإذا لم يسم الأجر لا يذهب عمله سدى , بل يرد إلى أجر العادة التي هي أحرى شيء بتحقيق العدالة ورفع النزاع., ج- أن العامل له أجرة المثل إذا كان منصبا للعمل , وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية وقول عند الشافعية والحنابلة , واستدلوا : بأن العرف في هذه الحالة أن العامل يعمل بالأجر , والمعروف عرفا كالمشروط شرطا., د- إذا كان العامل هو الذي طلب العمل فلا أجرة له وإن كان طُلب منه العمل فله أجرة المثل , وهو قول عند الشافعية , واستدلوا : بأن مبادرة العامل بالعمل يظهر منا التبرع أما إذا طلب منه فلا يظهر من عمله إلا ابتغاء الأجر ؛ لأنه إذا أمره فقد ألزمه بالأمر والعمل لا يلزم من غير أجرة فلزمته وإذا لم يأمره لم يوجد ما يوجب الأجرة فلم تلزم , والراجح هو القول الثالث.

112- الاختلاف بين باذل العوض والمستفيد منه في قدر العوض , بأن ادعى كل منهما قدرا غير ما ادعاه الآخر : فلو أن شخصا طلب الوساطة من آخر وبعد العقد اختلفا في قدر العوض , فادعى كل واحد منهما أنهما اتفقا على قدر من العوض يختلف عما ادعاه الآخر , مثل أن يدعي زيد – الوسيط – أنهما اتفقا على عشرة آلاف , ويدعي خالد – طالب الوساطة- أنهما اتفقا على ثلاثة آلاف , فما الحكم ؟ - تحرير محل النزاع : 1- إن كان مع أحدهما بينة عمل بها. 2- إذا كان العقد جعالة أو مضاربة قبل البدء بالعمل تفاسخت لأنهما من العقود الجائزة. 3- إن كان إجارة واختلفا قبل البدء في العمل تحالفا وتفاسخا , إذن فالاختلاف إذا كانت الوساطة بعد البدء بالعمل , فقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال : أ- أن العبرة بقول المستأجر , وهو قول الحنفية , واستدلوا : بأنهم اتفقوا على قدر الثمن الذي ادعاه المستأجر واختلفوا فيما زاد عنه والأصل براءة ذمته منه ما لم تقم بينة., ب- أن القول قول من ادعى الأجر المناسب , فإن كان كلا الأجرين مناسبا , فالقول قول الوسيط , وإن كان كلاهما غير مناسب تحالفا واعتبر أجرة المثل , وهو قول المالكية , واستدلوا : بأن العبرة بقول من ادعى الأجر المناسب لأن ذلك قرينة على صدقه فإن لم يكن فأجرة المثل لأنها أقرب للعدل وإن ادعى كل منهما مناسبا فالظاهر مع العامل لأنه لا يعمل عادة إلا بما يناسبه وستسوء سمعته بالسوق لو كان كاذبا وهو أحرص على حفظ سمعته., ج- أنها يتحالفان و يفسخان وللعامل أجرة المثل لجميع العقد إن أتمه ولبعض العقد إن لم يتمه وهو قول الشافعية والمذهب عند الحنابلة , واستدلوا : بأن أجرة المثل هي أقرب ما يكون للعدل بين الطرفين ؛ ولأنها عقد يجب المسمى في صحيحه فوجبت أجرة المثل في فاسده , وهو الراجح.

113- اختلاف الشركاء في استحقاق الجزء الأعلى المشروط من الربح : الأصل في الشركة أن تكون مبنية على الوضوح في مآل الربح لمن وما نصيب كل شريك منه لكن لأن ذلك قد يعتريه اللبس خصوصا في المستحق للنصيب الأوفر في حال جعل ذلك لأحدهما كأن يقولا : ويقسم الربح بيننا ثلثين وثلثا فاتفقا على القسمة ثم اختلفا فيما بعد في المستحق للثلثين فما الحكم ؟ تحرير محل النزاع : إن كان ثمة بينة لأحدهما رجع إليها , وإلا فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : أ- أن القول قول رب المال في قدر الربح مع يمينه , وهو قول الحنفية والمذهب عند الحنابلة , واستدلوا : بأن الربح بما ملك رب المال وإنما يستحقه المضارب بالشرط فهو يدعي الزيادة فيما شرط له ورب المال منكر , فالقول قوله مع يمينه., ب- أن القول قول العامل لأنه أمين , وهو قول المالكية ورواية عند الحنابلة , واستدلوا : بأن العامل مؤتمن , وما دامت دعواه في إطار حق المثل فهو مصدق فإن زاد فلا , ج- أنهما يتحالفان ويفسخ العقد وللمضارب أجرة المثل , وهو قول الشافعية , واستدلوا : بالقياس على اختلاف المتبايعين في ثمن السلعة , والراجح أن القول قول مدعي قراض المثل فإن لم يكن رد إلى قراض المثل بحسب اجتهاد الحاكم لأنه أقرب إلى تحقيق العدل بين الطرفين.

114- شروط العقار العامة الواجب توافرها بالعقارات التي تقع عليها عقود الوساطة : 1- أن يكون العقار مستوفيا لشروط بيعه فقها ونظاما , فلا يجوز مثلا التوسط في عقار يوجد نزاع في ملكيته من غير علم المشتري.2- أن يكون الغرض من الشراء أو الاستئجار مباحا.

115- طلب الوسيط العقاري نسبة في العوض فوق النسبة المعتادة : الأصل في ذلك الإباحة , لكن في المملكة العربية السعودية قد حددت نسبة العوض بـ 2.5 فلا تجوز الزيادة عليها لأن الزيادة فيها مخالفة لتحديد ولي الأمر.

116- طلب الوسيط العقاري مبلغا مقطوعا لوساطته بغض النظر عن قيمة العقار : يختلف الحكم تبعا لاختلاف طريقة التعاقد , فإن كان التعاقد على سبيل الإجارة أو الجعالة فطلب مبلغ معين جائز لأنه سيبذل عملا يرجو من ورائه عوضا , والعوض يجوز أن يكون محدد  بمال معين وهو الأصل ويجوز أن يكون نسبة من قيمة العقار , أما إن كان التعاقد على سبيل المضاربة فإنه لا يجوز أن يكون العوض مبلغا مقطوعا.

117- دفع الباذل في العوض نسبة أقل من النسبة المعتادة : يختلف الحال بين ما يكون من تحديد للأجرة قبل العقد وبين ما يكون من حال بعده , فالتحديد إذا كان قبل العقد فالأصل أن الأجرة لا يجب فيها إلا ما تم الاتفاق عليه بين المستأجر والأجير, أما إذا تم العقد وسكت الباذل للعوض وهو المشتري – غالبا- فإن الوسيط مستحق لأجر المثل كاملا عوضا عن عمله وجرت العادة في بلادنا أن يكون مقداره 2.5 ما لم يسقطه الوسيط.

118- رفض الوسيط لعرض الباذل عوضا أقل من عرف المثل ورضا غيره به بعد ذلك : فلو أن وسيطا سعى بين اثنين ليقوما بإبرام عقد في عقار عن مبايعة أو استئجار فرغب المشتري بالعرض إلا أنه استكثر عوض الوساطة فطلب من الوسيط أن يكون عوض الوساطة أقل من المعتاد فرفض الوسيط ولم تتم الصفقة , ثم توسط وسيط آخر بنفس العقار لنفس المشتري ورضي بأن يكون عوض وساطته أقل من المعتاد فتمت الصفقة بناء على ذلك , فهل للوسيط الأول عوض في الوساطة ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- ليس للوسيط الأول أي حق في الوساطة مطلقا ؛ لأن الوسيط الثاني هو من توسط وتمت الصفقة على يديه., ب- التفريق بين ما لو أتى الوسيط الثاني من تلقاء نفسه وبين ما لو أوعز إليه المشتري بالذهاب , فالأولى لا يستحق الأول أي شيء من العوض ؛ لأن الثاني تفرد بالعمل , والثانية فالأول يستحق العوض كاملا وللثاني أجرة المثل ؛ لأن الوسيط الثاني سيرضى حتما بالأقل لأنه تم بإيعاز لا عن عمل , وهو الراجح.

119- أخذ الوسيط عوضا للوساطة من البائع زيادة على ما أخذه من المشتري : لهذه المسألة أحوال : 1- أن يوهم الوسيط البائع أن المشتري لم يعطه عوض وساطة البتة أو يدعي أنه أعطي أقل من المبلغ الحقيقي فيعطيه البائع بناء على ذلك , وهذا لا يجوز لأنه كذب من أجل الحصول على المال. 2- أن يبين أن المشتري أعطاه ولكن يطلب من البائع المزيد , ففي هذه الحالة اختلف فيها على قولين : أ- أنه يجوز للوسيط أن يأخذ من البائع ومن المشتري إن أجاز العرف ذلك عملا به , ب- أنه لا يجوز للوسيط أن يأخذ عوضا من غير الآمر , وهو قول عند بعض المالكية , وإن أخذ كان للآمر , والراجح الجواز إن كان صادقا مع الطرفين على ألا يزيد ما أخذه عن 2.5 عبرة بتحديد ولي الأمر.

120- اشتراط المشتري لنفسه جزء من عوض الوساطة : إذا اشترط المشتري لنفسه جزء من عوض الوساطة فإن كان قبل العقد فهو بمثابة طلب أن يكون عوض الوساطة أقل من المعتاد وهما على ما يتفقان عليه وهو جائز , وإن كان بعد العقد فهو بمثابة طلب تنازل الوسيط عن بعض حقه المفروض له بحكم الشرع والمقدر له بحكم العرف والنظام , فإن تنازل عن طيب نفس منه وإلا وجب على المشتري بذل العوض كاملا.

121- اشتراط البائع لنفسه جزء من عوض الوساطة : إذا اشترط البائع لنفسه جزء من عوض الوساطة فإن كان قبل العقد فهو بمثابة طلب البائع ثمنا لأرضه يزيد عن الثمن المعلن وعدم رضاه ببيع الأرض بأقل من ذلك فإن قبل الوسيط بهذا الشرط فهو تنازل منه عن حق له وإن رفض فكذا من حقه ولا تتم الصفقة وهذا سائغ , وإن كان بعد العقد فهو بمثابة طلب التنازل فإن تنازل بطيب نفس منه وإلا لم يجز إلزامه ووجب العوض كاملا.

122- اشتراط أحد الوسطاء نسبة من العوض أعلى من نصيب بقية الوسطاء : بأن توصيف هذه المعاملة أنها شركة أبدان , فالخلاف فيها عائد للخلاف في شركة الأبدان , فمن أجازها بإطلاق وهم الجمهور فهم يرون جواز اتفاق الوسطاء على أن تكون نسبة أحدهم أعلى من الآخر , وأما من منع هذه الشركة فإنهم يجعلون هذا العقد فاسدا وأن لكل منهما أجرة عمله لأنها بدل عمله فاختص بها , والراجح الأول ؛ لأن الاعتبار في تحديد نسبة الربح تختلف من نواح متعددة كجودة العمل ونوعه وسمعة صاحبه وذات العمل.

123- اشتراط أحد الوسطاء مبلغا مقطوعا من مجمل عوض الوساطة : هذا الاشتراط محرم باتفاق جماهير العلماء ؛ لأنه يحتمل ألا يربح إلا ذلك المقدار المعين فيفوت نصيب الآخر.

124- اشتراط الوسيطين المتشاركين أن العوض الأول لفلان والثاني للآخر : فلو أن وسطاء وسطاء متشاركين فيما يتحصل لهم من عوض وساطة اتفقوا على ترتيب بعضهم في الحصول على العوض بعضهم بعد بعض فما الحكم ؟ هذه المسألة كسابقتها وأن هذا الاشتراط محرم باتفاق جماهير العلماء لما ذكر سابقا و حتى لا يستأثر بعض الشركاء بالعوض دون بعض.

125- اشتراط أحد الشريكين على الآخر مبلغا مقطوعا كأجرة , غير نسبته من عوض الوساطة : فلو أن وسيطا اتفق مع وسيط على المشاركة فيما يتحصل لهم من عوض وساطة لكن وجد في العقد يلتزم من خلاله أحد الشركاء بدفع مقدار محدد من المال ونحوه إلى أحد الشركاء إضافة إلى نصيبه المشاع من الربح , فما الحكم ؟ ما دام أنهم شركاء فإن هذه المعاملة محرمة ؛ لأنهما سيتشاركان في الربح ويختص أحدهما بأجر مقطوع فقد لا يتحصل إلا الأجر المقطوع فيختص أحدهما بالربح.

126- لا يدخل في التحريم في المسألة السابقة ما يلي : 1- لو كان أحدهما  موظفا أجيرا لدى الوسيط ويأخذ أجرا معلوما وأراد تشجيعه بنسبة معينة على كل أجر لقاء أي وساطة ؛ لأن العامل سيجمع بين أجرة وجعالة لا أجرة ونصيب من الربح , 2- لو كان رب العمل يعطي نصيبا من الربح على سبيل المكافأة وأنه غير ملزم بها . 3- لو كان العامل شريكا في الربح على سبيل الإلزام ولكن نسبته في الربح ضئيلة بالنسبة إلى راتبه فيظهر أن العامل أجير وليس بشريك والنسبة المتفق عليها زيادة على الأجرة فيها غرر لكن لأنها يسيرة وهي على سبيل التبعية والمقصود منها التشجيع , أما إن كانت النسبة كبيرة مقصودة فلا.

127- اشتراط أحد الوسطاء المشتركين على أن ما بيع خارج مقر الوساطة فله عوض الوساطة وحده : هذا الشرط في أصله صحيح لعموم الأدلة , ولكن في التطبيق تحصل من جرائه مشاكل كثيرة لذا فالمنع منه أقرب سدا للذريعة.

128- الأصل فيمن يدفع عوض الوسيط : اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : أ- أن الأجرة على البائع إذا تولى السمسار عقد البيع بنفسه ؛ لأنه هو العاقد حقيقة ,  أما لو كان مجرد وسيط وتم البيع عن طريق المالك الحقيقي فإن المعتبر العرف في هذه الحال , وهو قول الحنفية., ب- أن المعتبر في العوض أن يكون حسب الشرط ثم العرف فإلا فيكون على البائع , وهو قول المالكية والحنابلة., ج- أن أجرة الوسيط على البائع ولا يصح أن تكون على المشتري وهو قول الشافعية , والراجح أن المعتبر الشرط لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون على شروطهم ) فإن لم يكن فالعرف لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا فإن لم يكن فعلى من وسطه منهما.

129- اشتراط العوض على أحد المتعاقدين : الأصل في ذلك الصحة والوجوب ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون على شروطهم ) . 

130- استحقاق العوض إذا كان مالك العقار هو الوسيط العقاري : إن كان المالك قد اشترط لنفسه عوض الوساطة فالشرط صحيح ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون على شروطهم ) , أما إذا لم يشترط حتى تمت الصفقة ثم طالب بعوض الوساطة فالذي يظهر أنه لا يستحق عوض الوساطة ؛ لأن الشرط بعد نفاذ البيع لا يتوقف عليه البيع , وعليه فللطرف الآخر عدم الموافق عليه ولا سبيل للبائع حينئذ عليه.

131- استحقاق العوض إذا كان البائع شريكا مع غيره في القيام بعملية الوساطة : فلو أن شخصا يعمل بمهنة الوساطة العقارية مع شخص آخر ويملك الأول عقارا وقاما بتسويق العقار حتى تم بيعه فهل يملك المالك – الوسيط الأول- شيئا من العوض أم لا ؟ الذي يظهر أن المالك إن اشترط فله ذلك وإلا فلا شيء له – كالمسألة السابقة – أما الشريك فهو مستحق للنصف مطلقا.

132- استحقاق العوض إذا كان باذل العوض شريكا في العقار أصالة : فلو أن وسيطا أقنع أحد الشريكين في عقار ببيع حصته على الطرف الآخر وأقنع الطرف الثاني بشرائه , فهل له في هذه الحال عوض وساطة ؟ اختلف فيها على رأيين : أ- أن للوسيط عوضا ؛ لأن الوسيط قد قام بأعمال الوساطة كلها من عرض وإقناع ونحوه., ب- أنه لا يستحق شيئا ؛ لأن الشريكين بعضا من ذي قبل وقد تشاركا في العقار محل الوساطة , والراجح الأول.

133- مسؤولية الوسيط في تكاليف المزاد عند الفسخ : فلو أن وسيطا عقاريا تكلف مصاريف لإقامة مزاد عقاري إلا أن الصفقة لم تتم فهل يذهب عناؤه المالي والبدني سدى ؟ الوسيط في المزاد إما أن يكون مستأجرا أو مجاعلا فإن كان مستأجرا بمبلغ مقطوع فإن عوضه يثبت بعقد الاستئجار تم البيع أو لم يتم البيع , وإن كان مجاعلا فالمسألة لا تخلو من أحوال : 1- أن يكون عدم تمام البيع نتيجة فسخ للعقد ؛ لوجود عيب في السلعة , فهذه المسألة سبق دراستها وفرق فيها بين ما إن كان عالما أو جاهلا بالعيب. 2- أن يكون عدم تمام الصفقة نتيجة حصول إقالة من أحد المتبايعين لآخر , فهذه المسألة سبق دراستها. 3- أن يكون عدم تمام الصفقة نتيجة عدم وجود مشتر جاد أو عدم مناسبة سوم السائمين للبائع فإن الجهد البدني في هذه الحال يفوت على الوسيط بلا شك ؛ لأنه عمل جعالة لم يتم.

134- مسؤولية الوسيط عن المبيع المستحق : فلو أن وسيطا توسط في عقار فتمت الصفقة وأخذ عوضه ثم ظهر للمشتري فيما بعد أن العقار أو بعضه مستحق للغير , فإن المشتري بلا شك سيرجع على الوسيط بالعوض المدفوع كعوض وساطة , وسيرجع على البائع بالثمن , لكن إن عسر عليه أخذ حقه من البائع لسبب أو آخر فهل يرجع على الوسيط ؛ لأنه غره ؟ هذه المسألة لا تخلو من حالين : 1- إن كان الوسيط جاهلا بالحال , وقد أدى ما تتطلبه مهنته من أعمال على أكمل وجه وراعى الأنظمة فإنه غير ضامن ؛ لأن ما ترتب على المأذون غير مضمون. 2- إذا كان الوسيط عالما بالحال وكتم ذلك عن المشتري أو قصر الوسيط في أداء ما وجب عليه من التأكد من العقار فإن المشتري يرجع على البائع , فإن لم يستطع الرجوع فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : أ- أن على الوسيط الضمان , وهو قول الحنفية تخريجا ؛ لأن الوسيط فرط فيما وجب عليه فيجب عليه الضمان. ب- أنه لا عهدة على الوسيط وأن عليه الرجوع على البائع فقط وهو قول المالكية ؛ لأن الوسيط مجرد أجير أجر نفسه وبدنه , والواجب على المشتري أن يتحرى بنفسه., ج- أن العهدة في الرد على الوسيط ما لم يشترط , وهو قول أصبغ من المالكية ؛ لأن الوسيط إن اشترط فقد أبرأ ذمته ووجب على المشتري التحري ؛ لصعوبة تحري الوسيط , والراجح أن الوسيط إن فرط في مهنته وجب عليه ضمان تفريطه خصوصا إذا أخطأ من عمد.

135- مسؤولية الوسيط عن أجرة العين المؤجرة وما ترتب على العين من التزامات : فلو أن وسيطا عقاريا توسط في تأجير عقار لمستفيد فهل علاقته تنتهي بمجرد العقد أم أنه مسؤول عن هذا المستأجر في أجرة العقار وما قد يترتب على هذا المستأجر من التزامات كفواتير ماء أو كهرباء ؟ إذا وجد شرط أو عرف قضي به , أما إذا لم يوجد عرف فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : أ- يلزم الوسيط القيام بمثل هذه الأمور وهو قول الحنفية ؛ لأنه لما كان عاملا بأجر فيجب عليه أن يتم عمله والاستيفاء من تمام العمل. ب- أن الوسيط لا يلزم بذلك ؛ لأن عمله محصور في الوساطة , وهو قول المالكية والشافعية ؛ لأن عمل الوسيط هو الوساطة والقبض أمر زائد على الوساطة , وهو الراجح.

136- مسؤولية الوسيط إذا فوت على أحد المتبايعين فرصة البيع لعدم مهنيته العالية في التبايع : فلو أن مشتريا اتفق مع وسيط للتوسط في شراء عقار لكن لكون الوسيط غير جاد أو غير حاذق في أمور الوساطة أو مسوف ففوت على المشتري الصفقة , فهل من حق المشتري مقاضاته على الضرر الذي حل به أم لا ؟ الظاهر والله أعلم أنه ليس له ذلك ؛ لأن الوسيط والحالة هذه أمين , فلا يؤاخذ بقصور مهنيته . 

137- مسؤولية الوسيط إذا كذب على أحد المتبايعين في تقييم العقار : فلو أن وسيطا عقاريا كذب على المشتري في تقييم عقار بأن زعم أنه يستحق عوضا فوق قيمته الحقيقية في السوق فاشتراه المشتري بناء على قول الوسيط فهل من حق المشتري فسخ الصفقة أم لا ؟ حق المشتري في الفسخ يفرق فيه بين ما لو علم البائع بالحال وواطأ أو كان الوسيط وكيلا عن البائع , وبين ما لو كان جاهلا : 

138- فإن كان عالما وواطأ أو وسيطا عن البائع : فحكم المسألة كحكم النجش في السلعة ممن لا يريد شراءها فإذا صاحبه النجش , وعلم بذلك البائع , فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : أ- أن العقد صحيح , ولازم بالثمن المتفق عليه , وهو قول الحنفية والظاهر من مذهب الشافعية , واستدلوا بأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش لم يذكر فيه بطلان البيع ؛ ولأن النهي لا يعود إلى أصل البيع وإنما يعود إلى معنى خارج وهو النجش فكان في البيع في أصله مشروعا , كما أن المشتري شريك في الخطأ ؛ لأنه ترك التأمل والتدبر ولم يراجع أهل الخبرة., ب- أن العقد صحيح وللمشتري الخيار بين الإتمام والفسخ , وهو قول المالكية وبعض الشافعية والمذهب عند الحنابلة ؛ لأن النهي عاد إلى غير العقد فلم يؤثر فيه ؛ ولأنه مدلس عليه فيثبت له الرد ؛ لعموم أدلة التدليس التي تثبت الخيار., ج- أن العقد باطل , وهو رواية عن أحمد , لأن الأحاديث جاءت بالنهي والنهي يقتضي الفساد , والراجح القول الثاني.

139- وإن كان البائع جاهلا بالحال : وكان المبيع لا يتحقق به الغبن الذي يستحق المشتري به الفسخ , فهل للمشتري الفسخ لمجرد التغرير أم لا ؟ اختلف في هذه المسألة على قولين : أ- أن للمشتري حق الرد وهو قول الحنفية , لأن المشتري لم يعلن رضاه إلا بناء على صدق المقيّم فإذا فسدت المقدمة فسدت النتيجة وهي الرضا وتمام العقد., ب- أنه لا يستحق الرد , وهو قول المالكية ؛ لأن البائع قد أدى ما عليه ولم يخالف أمر الله في تعامله فلا نبطل بيعه لفعل كان من غيره , وهو الراجح.

140- مسؤولية الوسيط إذا فوت على أحد المتبايعين فرصة البيع للإضرار به : فلو أن مشتريا اتفق مع وسيط للتوسط في شراء عقار , لكن رغبة من الوسيط في النكاية براغب الشراء فإنه فوت عليه الصفقة فهل للمشتري مقاضاة الوسيط عن الضرر الذي حل به أم لا ؟ الظاهر أنه ليس له ذلك ؛ لأن ثمة أفعالا في الشريعة الإسلامية رتب عليها وعيد أخروي ولم يرتب عليها ضمان دنيوي لعدم انضباطه شأن ذلك شأن مطل المليء.

141- مسؤولية الوسيط فيما لو باع العقار بغير السعر المحدد : فلو أن وسيطا عقاريا وكل إليه مهمة بيع عقار بمليون ريال مثلا إلا أنه باعه بتسعمائة ألف ريال فهل يلزم البائع السعر أم لا ؟ اتفق الفقهاء على أن الوكيل لا يجوز له أن يتعدى ما وكل فيه إلى غيره , وعليه فلا ينفذ تصرفه إن باع بأقل أما إن باع بأعلى فينفذ ؛ لأن فيه تتبعا لمصلحة الموكل.

142- مسؤولية الوسيط في تصرفه بالمال المودع عنده : فلو أن شخصا وكل وسيطا عقاريا بقبض ثمن عقاره المبيع أو أجره المؤجر ثم لم يستل الثمن منه إلا بعد مدة وحصل أن الوسيط استغل هذا التأخر بالمتاجرة في مال موسِّطه فربح , فهل الربح للوسيط أم للمالك , وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أربعة أقوال : أ- أنه يجب على المالك أن يتصدق بالربح , وهو قول الحنفية ورواية عند الحنابلة , وحجة الحنفية أنه ربح حصل له بكسب خبيث , ولأنه عند المتاجرة كذب بإضافة المال لنفسه وفي الحديث ( يا معشر التجار إن تجارتكم هذه يحضرها اللغو والكذب فشوبوها بالصدقة ) , وحجة الحنابلة في التصدق ؛ لوجود الخلاف فيه., ب- أن الربح يكون للعامل وهو المودع , وهو قول أبي يوسف وقول المالكية و والشافعية في الجديد ؛ لأنه بالضمان قد ملكه مستندا إلى وقت وجوب الضمان , ولهذا نفذ بيعه فكان هذا ربحا حاصلا على ملكه وضمانه , فيطيب له كما في حصة ملكه., ج- أن الربح للمالك , وهو قول الشافعية في القديم وقول الحنابلة ؛ لأن الربح نماء لمال المالك فاختص به., د- أن الربح يكون مشتركا بين صاحب المال والعامل على قدر النفعين حسب تقدير أهل الخبرة , وهو قول لبعض الحنابلة ؛ لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ذهب ابناه في جيش إلى العراق وعند رجوعهما مرا على أبي موسى الأشعري فأعطاهما مالا خاصا ببيت مال المسلمين ليؤدياه إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأن يتاجرا به بالشراء من العراق ثم بيع السلعة بالمدينة وإعطاء عمر رأس المال والربح لهما , ثم أتيا المدينة فباعا ما معهما واختلفا في أداء المال كاملا مع ربحه أو أداء رأس المال فأشار أحد جلساء عمر رضي الله عنه على عمر أن يجعل المال قراضا وأن يأخذ رأس المال ونصف الربح ولهما نصف الربح فأخذ به , وهذا هو الراجح.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ؛؛


هناك تعليقان (2):

  1. Vous êtes super dieu vous protège je suis un guide touristique et religieux hadj et Omra et technesien supérieur agence tourisme et voyage et agence immobilière et bureau je cherche un emploi je maîtrise les langues étrangères je suis motivé appte a tous déplacement tous terrains et je cherche un associé financier pour ouvrir une agence immobilière et bureau d'affaire j'ai des produits immobilier rentable en Algérie et a l'étranger aider moi svp dieu vous bénisse je suis un pauvre ni père ni mère je suis un SDF j'ai 54 ans Mohamed maadi 06 rue de la surprise Annaba 23000 Algérie email mohamedmaadi539@gmail.com tel+213660311772

    ردحذف
  2. J'attends votre aide dieu vous protège je cherche un emploi je maîtrise les langues étrangères je suis motivé appte a tous déplacement tous terrains aider moi svp dieu vous bénisse je suis un pauvre ni père ni mère je suis un SDF j'ai 54 ans Mohamed maadi 06 rue de la surprise Annaba 23000algerie email mohamedmaadi539@gmail.com tel+213660311772

    ردحذف